You are on page 1of 47

‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫ماستر قانون المنازعات‬


‫عرض في وحدة القانون الدستوري المعمق‬
‫تحت عنوان‪:‬‬

‫سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫إنجاز الطلبة‪:‬‬ ‫إشراف الدكتورة‪:‬‬


‫أحالم لعموري‬ ‫‪-‬‬ ‫نادية جامع‬
‫لحسن بن موسى‬ ‫‪-‬‬
‫فؤاد ميس‬ ‫‪-‬‬
‫فوزي الهناوي‬ ‫‪-‬‬
‫الحسين زروال‬ ‫‪-‬‬

‫السنة الجامعية‪2024/ 20231‬‬


‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫الئحة المختصرات‬

‫م‪ .‬س‪ :‬مرجع سابق‬ ‫‪‬‬

‫ن‪ .‬م‪ :‬نفس المرجع‬ ‫‪‬‬

‫ص‪ :‬الصفحة‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪3‬‬
‫الئحة المختصرات‬

‫‪ ‬ن‪.‬م‪ :‬نفس المرجع‬

‫‪ ‬م‪.‬س‪ :‬مرجع سابق‬

‫‪ ‬ص‪ :‬الصفحة‬

‫‪P : Page‬‬ ‫‪‬‬


‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫مقدمة‬

‫ارتبط وجود الدستور بوجود المجتمع السياسي منذ القدم‪ ،‬فكل مجتمع سياس??ي يخض??ع‪ ،‬أي??ا‬
‫ك??ان نوع??ه‪ ،‬لنظ??ام سياس??ي معين يوض??ح نظ??ام الحكم في??ه‪ ،‬وينظم بالت??الي العالق??ة بين الح??اكم‬
‫‪1‬‬
‫والمحكوم‪ ،‬موفقا في ذلك بين السلطة والحرية‪.‬‬
‫وتبعا لذلك يعد الدستور حجر الزاوية في بناء الدولة القانونية‪ ،‬ويطلق على العلم ال??ذي يهتم‬
‫بدراسته اسم "القانون الدستوري"‪ ،‬وهو العلم الذي يتناول القواعد األساسية لش??كل الدول??ة (بس??يطة‬
‫أم مركبة)‪ ،‬ونظام الحكم فيها (ملكي أم جمهوري ‪ ،)...‬وشكل الحكومة (رئاس?ية أم برلماني??ة)‪ ،‬كم??ا‬
‫ينظم هذا القانون السلطات العامة في الدول??ة من حيت تكوينه??ا واختصاص??اتها‪ ،‬والعالق??ات القائم??ة‬
‫بينها ويقرر الحقوق والحريات األساسية لألفراد والجماعات‪.‬‬
‫وقد اختلف فق??ه الق??انون الدس??توري بخص??وص تعري??ف الدس??تور‪ ،‬منقس??ما في ذل??ك لثالث‬
‫اتجاهات أساسية‪ ،‬اتجاه يعرف الدستور وفقا لمفهوم شكلي‪ ،‬بحيث ال يضفي الصبغة الدس??تورية إال‬
‫على القواعد المضمنة في الدستور المكت??وب‪ ،‬واتج??اه آخ??ر يعرف??ه وفق??ا لمفه??وم موض??وعي بحيث‬
‫يعتبر كافة القواعد المرتبطة بنظام الحكم دس??تورية وإن لم تكن مض??منة في الوثيق??ة الدس??تورية‪ ،‬ثم‬
‫هناك اتجاه ينطلق من الداللة اللغوية لمصطلح الدستور‪ ،‬والذي يعني عموما مجموع القواع??د ال??تي‬
‫تحدد األسس العامة لطريقة تكوين الجماعة وتنظيمها‪.‬‬
‫غير أن الفقه الدستوري قد أجمع على سمو الدس?تور وعل?و قواع?ده على القواع?د القانوني?ة‬
‫األخرى الموجودة في الدولة‪ ،‬حيث يحت?ل الدس?تور قم?ة الت?درج اله?رمي للقواع?د القانوني?ة‪ ،‬ومن?ه‬
‫‪2‬‬
‫تستمد كافة القواعد األخرى كيانها وشرعيتها ونشاطها‪ ،‬ويعد كل ما يخالف أحكامه باطال‪.‬‬
‫فالدستور هو أساس النظام القانوني بل هو القانون األسمى في الدولة‪ 3‬وله مكان??ة الص??دارة‬
‫بالنسبة لكافة القواعد التي يتكون منها النظام القانوني‪ ،‬على اعتب??ار أن قواع??ده تح??دد اختصاص??ات‬
‫السلطات العامة‪ ،‬وتبين كيفية تشكيلها‪ ،‬وبذلك تخض??ع ل??ه جمي??ع ه??ذه الس??لطات‪ ،‬وي??ترتب عن ذل??ك‬
‫ض?رورة اح?ترام ك?ل الق?وانين الص?ادرة عن البرلم?ان للدس?تور وض?مان ع?دم مخالفته?ا ألحكام?ه‬
‫‪4‬‬
‫ومبادئه‪.‬‬
‫وخضوع الدولة بجميع س??لطاتها لمب??دأ س??مو الدس??تور أص??ل مق??رر وحكم الزم لك??ل نظ??ام‬
‫ديمقراطي سليم‪ ،‬وهو أساس قيام دولة قانونية‪ ،‬يكون لزامًا فيها على كافة األفراد والسلطات العامة‬
‫ـ أيًا كان شأنها وأّيًا كانت وظيفتها وطبيعة االختصاصات المسندة إليها ـ النزول عند قواعد القانون‬

‫‪ 1‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية "‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2020 ،‬ص‪1‬‬
‫‪ 2‬أحمد علي محمد مسعود البلوشي‪" ،‬مبدأ سمو الدستور وآلية الحفاظ عليه في دولة اإلمارات العربي??ة المتح??دة (دراس??ة تحليلي??ة)"‪،‬‬
‫أطروحة مقدمة الستكمال متطلبات الحص?ول على درج?ة الماجيس?تر في الق?انون الع?ام‪ ،‬جامع?ة اإلم?ارات العربي?ة المتح?دة‪ ،‬الس?نة‬
‫الجامعية ‪ ،2011/2022‬ص‪.1‬‬
‫‪ 3‬أحمد علي محمد مسعود البلوشي‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ 4‬مجدي عبد الحميد شعيب‪" ،‬القانون الدستوري ونظام الحكم في دول?ة اإلم??ارات العربي??ة المتح?دة"‪ ،‬دار النهض?ة العربي??ة‪ ،‬الطبع??ة‬
‫الثانية‪ ،2012 ،‬ص‪.183‬‬
‫‪1‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫وبالتالي الخضوع للدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده‪ ،‬فنج??د الدس??تور المغ??ربي لس??نة ‪20115‬‬
‫ينص ص??راحة في الفص??ل الس??ادس من??ه على أن " الق??انون ه??و أس??مى تعب??ير عن إرادة األم??ة‪.‬‬
‫والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬بما فيهم السلطات العمومي??ة‪ ،‬متس??اوون أمام??ه‪ ،‬وملزم??ون‬
‫باالمتثال له‪".‬‬
‫فالدولة التي توصف بالقانونية‪ ،‬هي تلك التي تخضع فيها جميع السلطات العامة للقانون في‬
‫جميع أعمالها ونشاطاتها‪ ،‬بحيث تخضع للقانون الذي وضعته وال تسمو عليه‪.‬‬
‫تجد فكرة سمو الدستور أساسها في كتاب??ات مفك??ري نظري??ة العق??د االجتم??اعي في الق??رنين‬
‫السابع عشر والثامن عشر‪ ،‬إال أنها لم تتبلور كمبدأ على مس??توى الواق??ع والق??انون إال بع??د انتص??ار‬
‫الثورتين األمريكية والفرنسية‪ ،‬وقد ظهر المبدأ ألول مرة في الدستور األمريكي لسنة ‪ 1787‬وذل??ك‬
‫في إطار المادة ‪ 6‬منه‪ ،‬كما نصت عليه العديد من دساتير العالم منها‪ ،‬دس??تور تشيكوس??لوفاكيا لس??نة‬
‫‪ ،1920‬ودستور إيطاليا لسنة ‪ ،1947‬ودستور ألمانيا الديمقراطية لسنة ‪ ،1968‬على أن مبدأ السمو‬
‫من المبادئ المسلم بها في فقه القانون الدستوري‪ ،‬حتى في حالة عدم التنص??يص علي??ه ص??راحة في‬
‫صلب الوثيقة الدستورية‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‬
‫يمكن لمس أهمية هذا الموضوع من خالل عدد من المجاالت منها‪:‬‬
‫المجال القانوني‪ :‬تعتبر علوية الدستور في الدولة ضمانة لعدم انحراف الس??لطات العام??ة عن إرادة‬
‫الش??عب المكرس??ة في ه??ذا الدس??تور‪ ،‬بع??دم االبتع??اد عن المب??ادئ والقيم االجتماعي??ة واالقتص??ادية‬
‫والسياسية التي تعد تجسيدا للشرعية التي يؤمن بها الشعب‪ ،‬على اعتب??ار أن ه??ذا األخ??ير ه??و ال??ذي‬
‫يحدد المبادئ األساسية لدولة القانون وبالتالي فإن سموه يضمن استقرارا القواعد القانونية الوطنية‪،‬‬
‫وخضوع الجميع (حكام ومحكومين) ألحكام القانون‪..‬‬
‫المجال السياسي‪ :‬يمكن اعتبار الدستور بمثابة عقد بين الشعب والس??لطة العام??ة‪ ،‬يقي??د س??لطاتها من‬
‫الوقوع في االنحرافات‪ ،‬كما أن قوة النظام السياسي أو ض??عفه‪ ،‬تح??دد أساس??ا بقيم??ة الدس??تور ال??ذي‬
‫يعتبر مرآة للدولة‪.‬‬
‫المجال االجتماعي‪ :‬إن سمو الدستور وخض??وع كاف??ة الس??لطات داخ??ل ال??دول ألحكام??ه ي??ؤدي إلى‬
‫حماية الحقوق والحريات لألفراد‪ ،‬وبالتالي تعزيز االس??تقرار االجتم??اعي داخ??ل الدول??ة ويمن??ع ك??ل‬
‫مظاهر القالقل والثورات الشعبية‪.‬‬
‫األهمية االقتصادية‪ :‬تكمن في كون الدستور يتضمن مب??ادئ وتوجه??ات ته??دف إلى تحقي??ق التنمي??ة‬
‫على مختلف األصعدة بما فيها الجانب تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ 5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( ،1432‬يوليوز ‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪28‬شعبان ‪( 1432‬يوليو ‪ ،)2011‬ص‪.3600‬‬
‫‪2‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫إشكالية الموضوع‬

‫يثير موضوع البحث إشكالية محورية تتمثل في‪ :‬ما مدى مساهمة مبدأ س‪0‬مو الدس‪0‬تور في‬
‫تحقيق دولة القانون؟ وتنبثق عن هذه اإلشكالية عدة تساؤالت الفرعية تتمثل في‪:‬‬
‫ما المقصود بمبدأ سمو الدستور وكيف نشأ؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماهي صور سمو الدستور؟‬ ‫‪-‬‬
‫أين يتجلى سمو الدستور في إطار العالقات الدولية خاصة فيما يتعلق باالتفاقيات الدولية؟‬ ‫‪-‬‬
‫أين يتمركز سمو الدستور بالنسبة للقانون الداخلي؟‬ ‫‪-‬‬
‫وهل مبدأ سمو الدستور يقيد سلطات الدولة بشكل مطلق ودائم؟‬ ‫‪-‬‬

‫فرضيات البحث‬
‫من أجل الوصول إلى إجابات عن ه?ذه األس?ئلة‪ ،‬الب?د من وض?ع ع?دة فرض?يات ق?د تك?ون‬
‫صحيحة كما قد تكون خاطئة‪ ،‬ومن هذه الفرضيات ما يلي‪:‬‬
‫الدستور هو أساس كل النشاطات القانونية التي تمارس??ها الدول??ة‪ ،‬ويس??مو على كاف??ة‬ ‫‪-‬‬
‫القواعد القانونية التي يتشكل منها نظامها القانوني‪.‬‬

‫سمو الدستور يثبت لكافة أنواع الدساتير‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الدستور يسمو على االتفاقيات الدولية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تطبيق سمو الدستور بشكل مطلق يقيد الس??لطات العام??ة في اتخ??اذ ت??دابير ض??رورية‬ ‫‪-‬‬
‫لمواجهة الحاالت االستثنائية التي قد تواجهها الدولة‬

‫المناهج المعتمدة‪:‬‬
‫لتحليل الموضوع واإلجابة عن اإلشكاليات التي يطرحها تم االعتماد على المناهج التالية‪:‬‬
‫المنهج الوص??في التحليلي‪ :‬من أج??ل اإلحاط??ة بجمي??ع ج??وانب الموض??وع‪ ،‬فق??د تم اس??تخدام‬ ‫‪-‬‬
‫المنهج الوص??في التحليلي لوص??ف مظ??اهر س?مو الدس?تور من خالل النص??وص الدس?تورية‬
‫وتحليل آراء الفقه الدستوري وبعض األحكام القضائية‪.‬‬
‫المنهج التاريخي‪ :‬وذلك من خالل الحديث عن نشأة وتطور سمو الدستور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المنهج المقارن‪ :‬من خالل المقارنة بين القواعد الدستورية والقواع??د األخ??رى وك??ذا م??ا بين‬ ‫‪-‬‬
‫السمو الموضوعي والشكلي للدستور‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫خطة البحث‬
‫لمحاولة اإلجابة على اإلشكالية المحورية التي يطرحها هذا الموض??وع وم??ا ينتج عنه??ا من‬
‫تساؤالت‪ ،‬فإننا سنعتمد التقسيم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام لمبدأ سمو الدستور‬ ‫‪‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر مبدأ سمو الدستور‬ ‫‪‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام لمبدأ سمو الدستور‬

‫يعتبر مبدأ سمو الدستور من أهم المبادئ التي تقوم عليها الدولة القانونية‪ ،‬والدستور بش??كل‬
‫أساسي هو مجموع القواعد القانونية التي تحدد وضع الدولة‪ ،‬وتبين شكل الحكومة وتنظم الس??لطات‬
‫المختلفة فيها من حيث االختصاص‪ ،‬مع بيان مدى العالقة بينه?ا وموق?ف األف?راد منه?ا‪ ،‬وتق?رر م?ا‬
‫‪4‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫للفرد من حقوق وحريات أساسية وما عليه من واجبات‪ ،‬ومن أجل التطرق له??ذا المب??دأ من زاويت??ه‬
‫الداللية والتاريخية سنخصص هذا المبحث لدراسة مفهوم مب??دأ س??مو الدس??تور (المطلب األول)‪ ،‬ثم‬
‫الوقوف على صور هذا السمو (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدلول مبدأ سمو الدستور‬

‫تعتبر القواعد المنصوص عليها دستوريا المصدر األول من مصادر الشرعية‪ ،‬وهي أسمي‬
‫القواعد القانونية في الدولة‪ ،‬إذ أنها ومن حيث اهميتها تأتي على قمة اله??رم الق??انوني‪ ،‬ويع??ني س?مو‬
‫الدستور أن النظام القانوني للدولة بأكمله يك??ون محكوم??ا بالقواع??د الدس??تورية‪ ،‬وأن أي??ة س??لطة من‬
‫سلطات الدولة يمكن أن تمارس االختصاصات التي خولها إياها الدس??تور وبالح??دود ال??تي رس??مها‪،‬‬
‫وللتطرق إلى هذا المبدأ بنوع من الدقة‪ ،‬سنتناول في الفقرة األولى مفهوم مبدأ سمو الدس??تور‪ ،‬بينم??ا‬
‫سنخصص الفقرة الثانية لألساس والجذور التاريخية لهذا المبدأ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم مبدأ سمو الدستور‬

‫لما كان القانون الدستوري يعنى من حيث األصل بنظـام الحكـم في الدولة‪ ،‬فهو الذي ينشئ‬
‫السلطات العامة ويرسم نطاق نشاطها‪ ،‬ومن تـم فالبـد مـن تقيـد تلك السلطات بالقواعد الدس??تورية‪،‬‬
‫ألن مخالفتها يعني بال شك التنكر لسند وجودها‪ ،‬وبالتالي فالدستور يعلو على الحكام وعلى القوانين‬
‫التي يضعونها‪ ،‬بل ويلزمهم باحترام قواعده في كل ما يصدر عنهم من تصرفات‪.‬‬
‫ويجمع الفق?ه عـلى اإلقـرار بمب?دأ سـمو الدسـتور وعلـو أحكامـه عـلى كافـة القواعـد‬
‫القانونية النافذة في الدولة‪ ،‬فهو يسمو ويعلو ويسود على كل ما عـداه مـن قـوانين‪ ،‬ولتوض??يح ه??ذا‬
‫المبدأ أكثر البد لن??ا من وض??ع تعري??ف ل??ه (أوال) ثم التط??رق إلى أهم المتطلب??ات ال??واجب توافره??ا‬
‫لضمان سيرورته (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف مبدأ سمو الدستور‬

‫يقصد بمبدأ سمو الدستور علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية المطبقة‬
‫في الدولة‪ ،‬وهذا يعني أن أي قانون تص??دره الدول??ة يجب أال يك??ون مخالف??ا للدس??تور‪ ،‬وال ف??رق في‬
‫كون الدستور مكتوبا كان أم مدونا‪ ،‬ويعد مبدأ سمو الدستور من خصائص الدولة القانونية‪ ،‬فهو من‬
‫األسس الرئيسية التي يقوم عليها نظامها القانوني‪ ،‬إذ أنه ال سبيل إلى تحقيق خضوع الدولة للق??انون‬
‫وتقييد الحكام بقواعد عليا تحد من سلطانهم بدونه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫كما يفيد مبدأ سمو الدستور خضوع القوانين العاديـة للقـاعدة الدسـتورية‪ ،‬عــلى اعتب??ار أن‬
‫هنالــك تــدرجا بـين القواعــد المعيارية في الدولـة‪ ،‬وبمقتضــاه يعلــو الدستور على جميع القواع??د‬
‫القانوني??ة األخ??رى مم??ا ينبغي أن تل??تزم سـلطات الدولـة جميعهـا بالتقي??د بأحكام??ه‪ ،‬وإال ع??دت‬
‫تص??رفاتها غ??ير مش??روعة‪ ،‬ه??ذا الخض??وع الـذي يؤسـس عـلى تـدرج يمنح األولوي??ة للق??وانين‬
‫الدستورية على القوانين العادية‪ ،‬وذلك حسب تدرج الهرم القانوني وف??ق تص??ور المفك??ر النمس??اوي‬
‫‪6‬‬
‫كلسن‪.‬‬
‫وق??د ع??رفت المص??طلحات المس??تخدمة من ط??رف فقه??اء الق??انون الدس??توري اختالف??ا عن??د‬
‫ترجمة المصطلح الفرنسي "‪ ،"la suprématie de la constitution‬فبينم??ا اس??تعمل البعض‬
‫مصطلح "سيادة الدستور " استعمل البعض األخر مص??طلح " عل??و الدس??تور"‪ ،‬بينم??ا ذهب غالبي??ة‬
‫‪7‬‬
‫الفقه إلى األخذ بعبارة "سمو الدستور"‪.‬‬
‫وفي تفسير هذا المبدأ تق??ول المحكم??ة الدس??تورية العلي??ا المص??رية أن "القواع??د الدس??تورية‬
‫تحتل من القواعد القانونية مكانا عليا‪ ،‬ألنها تتوسد منها المقام األسمى كقواعد آمرة ال تبديل فيها إال‬
‫بتعديل الدستور ذاته"‪ 8،‬وتقول أيض??ا في حكم أخ??ر "‪...‬وحيث أن رقاب??ة ه??ذه المحكم??ة للنص??وص‬
‫التشريعية المطعون عليها‪ ،‬إنما تتغيا ردها إلى أحك??ام الدس??تور تغليب??ا له??ا على م??ا دونه??ا وتوكي??دا‬
‫لسموها على ما عداها ‪ ،‬لتظل الكلمة العليا للدستور باعتباره القانون األساسي األعلى ال??ذي يرس??ي‬
‫القواعد واألصول التي يقوم عليه??ا نظ??ام الحكم‪ ،‬فيح?دد للس?لطات التش?ريعية والتنفيذي??ة والقض??ائية‬
‫صالحيتها‪ ،‬واضعا الحدود التي تقي??د أنش??طتها وتح??ول دون ت??دخل ك??ل منه??ا في أعم??ال األخ??رى‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫مقررا كذلك الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرتبا ضماناتها"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك كله أن قواعد الدستور تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة‪ ،‬وتتب?وأ‬
‫مقام الصدارة بين مجمل قواعد النظام العام‪ ،‬التي يتعين على الدول??ة التقي??د به??ا في تش??ريعاتها وفي‬
‫قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية‪ ،‬بوصفها أسمى القواعد اآلمرة داخل الدول??ة مم??ا يجعله??ا‬
‫أكثر ثباتا من القواعد القانونية العادية‪ ،‬التي يجب عليها أن تكون منسجمة معها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬متطلبات مبدأ سمو الدستور‬

‫إن سمو الدستور برنامج متكامل‪ ،‬ينبني على ثالث أركان أساسية ال غ??نى عنه??ا لقي??ام ه??ذا‬
‫المبدأ وضمان ديمومته‪:‬‬

‫‪ 6‬عبد الحميد متولي‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬دار المعارف اإلسكندرية‪ ،1992 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 7‬نادية جامع‪" ،‬الوجيز في القانون الدستوري" مطابع الرباط نت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2020‬ص ‪.158‬‬
‫‪ 8‬أنظر حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية الصادر بالجلسة المنعق?دة ي?وم الس?بت ف?براير ‪ 1997‬في القض?ية رقم ‪ 23‬لس?نة ‪14‬‬
‫قضائية‪ ،‬دستورية منشور بالجريدة الرسمية العدد‪ 9‬تابع في ‪.1997\03\303‬‬
‫‪ 9‬حكم المحكمة العليا المصرية بالجلسة المنعقدة يوم السبت ‪ 7‬يوليوز سنة ‪ 2000‬في القض??ية رقم ‪ 11‬لس??نة ‪ 13‬قض??ائية‪ ،‬دس??تورية‬
‫منشور بالجريدة الرسمية العدد ‪( 29‬مكرر) في ‪.2000\08\28‬‬
‫‪6‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫الركن األول‪ :‬هو ثقاف??ة الديمقراطي??ة ‪ 10‬واإليم??ان به??ا ألن الح??ديث عن س??مو الدس??تور في‬
‫األنظمة الشمولية التي يسود فيها حكم الفرد الواحد‪ ،‬وتتخذ الحزب الواحد نظاما لها‪ ،‬يعد عبث??ا إذ ال‬
‫شيء محص??ن فيه??ا س?وى الح?اكم ال??ذي يتخ?ذ المنظوم??ة التش?ريعية مج?رد أداة لتك??ييف األوض??اع‬
‫لمص??لحته ولض??مان بقائ??ه في الحكم‪ ،‬عكس ال??دول الديمقراطي??ة ال??تي ت??ؤمن بالمش??روعية وحكم‬
‫القانون‪ ،‬فهنا يمكن لنا الحديث عن السمو الفعلي للدستور‪ ،‬حيث ال شيء يسير خارج إطاره ومنافي‬
‫‪11‬‬
‫لمبادئه فهو األسمى وما دونه أدنى‪.‬‬
‫الركن الثاني‪ :‬يتعلق بالشكل‪ ،‬فوضع هذه القواعد في قالب قانوني أم??ر ال غ??نى عن??ه للح??ديث‬
‫عن العلوية‪ ،‬ويقينا أن فكرة الس??مو تتحق??ق أك??ثر في الدس??اتير المدون??ة والجام??دة‪ ،‬ألن هن??اك تالزم‬
‫حتمي بينهما‪ ،‬والعبرة هنا من الجمود هو استقرار القاعدة ‪ ،‬غير أن ه??ذا الجم??ود ه??و جم??ود نس??بي‬
‫وليس مطلق‪ ،‬ألن هذا االخير يؤدي إلى وفاة الدستور ال إلى سموه‪.‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬لن يكتمل هذا البرنامج إال بتحقق ركن أساسي‪ ،‬والمتمثل في قواع??د موض??وعية‬
‫محددة‪ ،‬فالدس??تور لم يس??تقر على قم??ة اله??رم إال ألن??ه يتن??اول موض??وعات تمس الدول??ة وهيكلته??ا‪،‬‬
‫ويحدد طبيعة نظام الحكم فيها‪ ،‬وينظم مؤسساتها الدستورية والعالقة بينها‪ ،‬فه??و يتط??رق إلى فلس??فة‬
‫الدولة ويرسي القواعد واألصول ال??تي تق??وم عليه??ا‪ ،‬وبالت??الي ح??ق لقواع??ده أن تس??توي على القم??ة‬
‫‪12‬‬
‫وتتبوأ مقام الصدارة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس مبدأ سمو الدستور‬

‫يعد مبدأ سمو الدستور أصال مقررا وحكما الزما لكل نظام ديمقراطي سليم‪ ،‬كما يعد أيض??ا‬
‫من أهم خصائص الدول?ة القانوني?ة‪ ،‬ويقص?د ب?ه عل?و القواع?د الدس?تورية على غيره?ا من القواع?د‬
‫القانونية المطبقة في الدول‪ ،‬ويرجع الفقه السمو الدستور إلى فكرتين أساس??يتين‪ ،‬إح??داهما اعتم??دت‬
‫على العامل التاريخي(أوال) واألخرى اعتمدت أساسا حديث يقوم على مأسسة الدول??ة واالنتق??ال من‬
‫فكرة دولة األشخاص إلى فكرة دولة المؤسسات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األساس التاريخي لمبدأ سمو الدستور‬

‫يعود أصل هذا المبدأ حسب رواد هذا االتجاه‪ ،‬إلى فكرة ظهرت في القرنين السابع والثامن‬
‫عشر في أوروبا‪ ،‬والتي ت??رى أن الدس??تور س??ابق في وج??وده عن الدول??ة‪ ،‬وبالت??الي ال وج??ود له??ذه‬
‫األخيرة قبل وجود الدستور‪ ،‬بل إن هذا األخ??ير ه??و ال??ذي أوج??دها وأنش??أها‪ ،‬ومن أب??رز رواد ه??ذه‬
‫االتجاه نجد كروش يوس ‪،‬فندروف ‪،‬توماس‪ ،‬وجون جاك روس‪00‬و‪ ،‬ويتأس??س مب??دأ س??مو الدس??تور‬

‫‪ 10‬للتوسع أكثر راجع‪ :‬تش?ارلز تيللي‪" ،‬الديمقراطي??ة"‪ ،‬مرك??ز دراس?ات الوح?دة العربي??ة‪ ،‬ب??يروت‪ ،‬الطبع??ة األولى‪ ،‬يولي??وز ‪،2010‬‬
‫ترجمة فاضل طباخ‪ ،‬مراجعة حيدر حاج إسماعيل‪ ،‬ص ‪ 3‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ 11‬علي يوسف الشكري‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري " منشورات مطبعة زين الحقوقي?ة واألدبي?ة‪ ،‬ب?يروت‪ ،‬ب?دون ذك?ر الطبع?ة‬
‫والسنة‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ 12‬علي يوسف الشكري‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪7‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫حسب هذا االتجاه على فكرة السابق والالحق وجدلية من أوج??د األخ??ر‪ ،‬فعلى حس??ب ه??ذه النظري??ة‬
‫فإن الدستور وثيقة نشأت عن عق??د اجتم??اعي‪ ،‬وبالت??الي ه??و ال??ذي أوج??د الدول??ة وأس??س له??ا و نظم‬
‫السلطات داخلها‪ ،‬ومنح لكل ذي حق حقه وضمن حمايتها‪ ،‬فهو عقد اجتم??اعي يخض??ع الجمي??ع ل??ه‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫مما جعله يتصف بالعلو و السمو‪.‬‬
‫إال أن هذه الفكرة لم تتبلور في عالم الق??انون والواق??ع إال بع??د انتص??ار الث??ورتين األمريكي??ة‬
‫‪ 1787‬والفرنسية س?نة ‪ ،1789‬وق?د تم التنص??يص على ه??ذا المب??دأ أول م??رة في دس?تور الوالي?ات‬
‫‪14‬‬
‫المتحدة األمريكية في الفقرة الثانية من مادته السادسة‪.‬‬
‫حسب هذه النظرية فالدستور هو نتاج عقد اجتماعي وثمرته‪ ،‬وإلي??ه يع??ود الفض??ل في نش??أة‬
‫الدولة‪ ،‬وقبل وجود هذه الوثيقة ال يمكن الحديث عن كيان قانوني مستقل يسمى الدول??ة‪ ،‬فإلي??ه تع??ود‬
‫نشأة السلطات بتفرعاتها الثالث‪ ،‬وهو أساس شرعيتها وقانونيته?ا‪ ،‬وقب?ل ه?ذا من ي?دعي الحكم ه?و‬
‫مجرد غاصب للصالحيات‪ ،‬مستبد في مواجهة األفراد‪ ،‬ال أساس لحكمه سوى مب??دأ الق??وة وش??ريعة‬
‫‪15‬‬
‫الغاب‪.‬‬
‫باعتبار الدستور القانون األسمى واألعلى‪ ،‬كانت له أولوي?ات تمثلت في التأس?يس للدول?ة ثم‬
‫إنشاء السلطات ثم منح لكل س??لطة مه??ام ال يمكن تجاوزه??ا وح??دود ال يمكن تخطيه??ا‪ ،‬اح??ترازا من‬
‫حالتي التناقض والتنافي‪ ،‬ف?البطالن ج?زاء األولى واإلقال?ة مص?ير الثاني?ة‪ ،‬وبالت?الي فالدس?تور ه?و‬
‫‪16‬‬
‫أساس شرعية الدولة ومنه تستمد المؤسسات مشروعيتها‪.‬‬
‫ولم تسلم هذه النظرية من بعض االنتقادات نجملها فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬التناقض مع الحقائق التاريخية في مجموعها‪ ،‬ألنه إذا كان التاريخ قد شهد قيام مجتمع??ات‬
‫إنسانية بدائية‪ ،‬فإنه لم يثبت بالدليل وجود حالة الفطرة التي تمتع فيها االنسان بحرية كاملة ومطلقة‪،‬‬
‫ولكن بالعكس كان محصور داخل قواعد خرافية ودينية واقتصادية صارمة‪ ،‬كم??ا أن??ه ال يوج?د أث??ر‬
‫على اإلطالق على إب??رام عق??د اجتم??اعي إلنش??اء دول??ة معين??ة‪ ،‬ويس??تحيل ك??ذلك وج??ود عق??د مل??زم‬
‫لإلنسان على مر السنين وتتعاقب عليه االجيال أن يظل إلى األبد منتج??ا ألث??اره‪ ،‬إض??افة إلى أن??ه ال‬
‫يجوز ان تكون الحقوق والحريات محال للتعاقد أصال‪.17‬‬
‫‪-‬ومن ناحية واقعية وقانونية وِّج ه لرواد هذه النظرية عدة تساؤالت‪ ،‬من هم أطراف العق??د؟‬
‫وهل العقد نشأ خارج القانون؟ يقينا أن العقد يولد في ظل الق??انون وليس العكس‪ ،‬كم??ا أن??ه ال وج??ود‬
‫لدولة ناتجة عن عقد اجتماعي أصال كما أسلفنا الذكر‪ ،‬وأخذا بفك??رة أن الدس??تور مؤِس س والدول??ة‬

‫‪ 13‬عبد الحميد متولي‪" ،‬الوجيز في النظريات واألنظمة السياسية ومبادئها الدستورية "‪ ،‬مطبع??ة دار المع??ارف‪ ،‬مص??ر‪ ،1958 ،‬ص‬
‫‪.291 -290‬‬
‫ًا‬
‫‪ 14‬ورد في المادة السادسة من دستور الواليات المتح?دة م?ا يلي‪" :‬ه?ذا الدس?تور‪ ،‬وق?وانين الوالي?ات المتح?دة ال?تي تص?در تبع? ل?ه‪،‬‬
‫وجميع المعاهدات المعقودة أو التي تعقد تحت سلطة الواليات المتحدة‪ ،‬هو القانون األعلى للبالد‪ ،....‬وال يعت??د ب??أي نص في دس??تور‬
‫أو قوانين أية والية يكون مخالفًا لذلك"‪.‬‬
‫‪ 15‬للتوسع أكثر راجع‪ :‬حنان محمد القايسي‪" ،‬النظرية العامة في القانون الدستوري"‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2015‬ص ‪ 150‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 16‬يوسف حاشي‪" ،‬في النظرية الدستورية "‪ ،‬ابن النديم للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 17‬أزهار عبد الكريم عبد الوهاب‪ ،‬مقال تحت عن??وان "مب??دأ س?مو الدس?تور من منظ?ور نق?دي"‪ ،‬منش?ورات مجل?ة الف?ارابي للعل?وم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ 2‬المجلد الثاني‪ ،2023 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪8‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫مؤَسَس ة‪ ،‬فالمنطق يقول أن الدستور ثابت والدولة متغيرة‪ ،‬الشيء الذي يتنافى مع منطق العقل‪ ،‬وإذا‬
‫سلمنا أن الدستور هو األسبق وجودا من الدولة فتعديله أو استبداله بدستور جدي??د يع??ني ميالد دول??ة‬
‫جديدة‪ ،‬وربما بحدود جديدة وإيديولوجية وفلس??فة جدي??دتين‪ ،‬وه??ذا يبقى منافي??ا للعق??ل والمنط??ق ألن‬
‫‪18‬‬
‫انتهاء الدستور و ميالد دستور جديد ال يعني مطلقا المساس بالدولة ككيان سياسي وقانوني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األساس الحديث لمبدأ سمو الدستور‬

‫بعد فشل النظرية التاريخية في تبرير سمو الدستور وبي??ان أساس?ه‪ ،‬ان??برى الفق??ه في ط??رح‬
‫نظرية جديدة لتعليل أساس سمو الدستور‪ ،‬كان من أهم روادها "جورج ب‪00‬يردو" الذي يع??د من أهم‬
‫فقه??اء الق??انون الدس??توري‪ ،‬وتتأس??س ه??ذه النظري??ة على ذات األس??اس ال??ذي ق??امت علي??ه النظري??ة‬
‫التاريخية‪ ،‬فكما اعتبر أنصار نظرية العقد االجتماعي أن الدس?تور ه?و من أنش?أ الدول?ة‪ ،‬س?ار على‬
‫هديهم كذلك رواد نظرية األساس الح??ديث‪ ،‬معت??برين أن الدس??تور مؤِس س ال??دول ومنش??ئها‪ ،‬إال أن‬
‫االختالف يكمن في مفهوم السلطة‪ ،‬فإذا كان أنص??ار األس??اس الت??اريخي يعت??برون أن الس??لطة تنش??أ‬
‫بانقسام المجتمع إلى حاكم ومحك??وم‪ ،‬يف??رض األول س??طوته على الث??اني عن??وة ويخض??ع ل??ه خش??ية‬
‫بطش??ه‪ ،‬ف??إن رواد األس??اس الح??ديث اعت??بروا أن الس??لطة مؤسس??ة تس??تند في أساس??ها إلى الق??انون‬
‫‪19‬‬
‫األسمى‪ ،‬والذي هو الدستور الذي حدد آليات توليتها واعتالئها وصالحيتها وكيفية ممارستها‪.‬‬
‫فعملية نقل السلطة من مالكها القدماء إلى الكيان المعن??وي (الدول??ة)‪ ،‬تمت بفض??ل الدس??تور‬
‫الذي يكون قد خلق وأنشأ الدولة ليجعلها صاحبة السلطة‪ ،‬وبما أن الدولة كيان معنوي غير ملم??وس‬
‫ال يمكن لها أن يمارس السلطة بنفسه‪ ،‬فال بد له من عنصر بشري متمث?ل أساس?ا في الحك?ام‪ ،‬ال?ذين‬
‫أصبحوا بعد نشأتها وكالء لممارسة سلطتها وفق القواعد والش??كليات المنص??وص عليه??ا دس??توريا‪،‬‬
‫‪20‬‬
‫مما يجعل هذا األخير يتبوأ قمة الهرم‪.‬‬
‫وحسب أنصار ه?ذه النظري?ة الحديث?ة م?رت الس?لطة بمرحل?تين‪ :‬المرحل?ة األولى ك?انت ال‬
‫تستند الى أي أساس شرعي تنتهي بزوال الحاكم‪ ،‬والمرحلة الثانية اتسمت بنوع من المأسس??ة حيث‬
‫أصبحت السلطة تستمد شرعيتها من الدس??تور وال تق??ترن باألش??خاص‪ ،‬لتص??بح بع??د ذل??ك ذات بع??د‬
‫موضوعي وليس شخصي‪ ،‬وتبقى قائمة حيث الدولة قائمة ككي?ان سياس?ي منظم‪ ،‬والف?ارق هن?ا ه?و‬
‫الدس??تور‪ ،‬أي أن الس??لطة انتقلت من المرحل??ة االولى إلى مرحلته??ا الثاني??ة بفض??ل الدس??تور ال??ذي‬
‫أوجدها أوال ثم أوجد السلطة بمفهومها المؤسساتي ال??تي أض??حت منظم??ة ومحكوم??ة بق??وانين ونظم‬
‫‪21‬‬
‫دستورية‪.‬‬
‫وقد لقيت هذه النظرية مجموعة من االنتقادات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ 18‬علي يوسف الشكري‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ 19‬منذر الشاوي‪" ،‬القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية "‪ ،‬مطبعة دمشق‪ ،‬بغداد‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1977 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 20‬كمال الغالي‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية"‪ ،‬المطبعة الجديدة‪ ،‬دمشق‪ ،1997،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ 21‬علي يوسف الشكري‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري "‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬الصفحة ‪.108‬‬
‫‪9‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪-‬إن االخذ بهذه النظرية على إطالقها ال يتوافق مع اإلجم??اع الفقهي‪ ،‬ال??ذي ي??رى أن الدول??ة‬
‫تتأسس باألركان الثالثة التالية‪ :‬اإلقليم _ الش??عب ‪ -‬الس??لطة‪ ، 22‬فاجتم??اع ه??ذه األرك??ان مع??ا ك??اف‬
‫بذاته لوالدة دولة جديدة تحاول جاهدا انتزاع شرعيتها الدولية بشتى الطرق الممكنة أهمها المنظمة‬
‫الدولية‪ ،‬ومن جهة أخرى وأخذا بمنط?ق ه?ذه النظري?ة ف?إن ال ش?رعية للس?لطة القائم?ة على انقالب‬
‫عسكري‪ ،‬اعتبارا أن السلطة انتقلت نتيجة القوة وليس الدس?تور‪ ،‬وأن ه?ذا األخ?ير ه?و ال?ذي ينش?ئ‬
‫دستورا جديدا وليس العكس‪ ،23‬ونفس الشيء ينطبق على الدولة التي تستعمر أراضي دول أخ??رى‬
‫وتغتصب حقوقها‪ ،‬كم??ا ه??و الح??ال بالنس??بة للكي??ان الص??هيوني المحت??ل‪ ،‬وب??الرجوع إلى المحط??ات‬
‫التاريخية‪ ،‬فالدستور إنما نجده تولد بفعل ثورات شعبية مناهضة تس?عى لتقيي?د الح?اكم وإقام?ة دول?ة‬
‫المؤسسات‪ ،‬وبالتالي يفهم أن الدس??تور من مخلوق??ات الدول??ة وليس العكس‪ ،‬وفي نفس ال??وقت منظم‬
‫لصالحيات السلطة ومحدد لها‪ ،‬فمن هنا يستمد الدستور أعلويته وسموه‪ ،‬مما يجعل أي نص قانوني‬
‫مخالفا لها باطال ومجردا من أي أثر‪ ،‬وبالتالي كل قاعده قانوني??ة ال تك??ون ص??حيحة إال إذا ال??تزمت‬
‫‪24‬‬
‫بالضوابط والحدود التي تفرضها القواعد األعلى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور مبدأ سمو الدستور‬

‫يفيد هذا المبدأ‪ ،‬أن الدس??تور يتموض??ع في أعلى الهرمي??ة القانوني??ة‪ ،‬بحيث تس??مو القواع??د‬
‫الدس??تورية على م??ا ع??داها من قواع??د‪ ،‬ونتيج??ة ل??ذلك ال يمكن مخالف??ة أحكام??ه من قب??ل الح??اكم‬
‫والمحك??ومين‪ .‬وق??د أض??حى س??مو الدس??تور مب??دأ قائم??ا‪ ،‬س??واء ج??رى التنص??يص علي??ه في ص??لب‬
‫الدستور‪ ،‬أو لم ترد اإلشارة إلي??ه‪ ،‬وتنص??رف دالل??ة مب??دأ س??مو الدس??تور إلى أم??رين اث??نين‪ ،‬الس??مو‬
‫الموضوعي والسمو الشكلي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع مبدأ سمو الدستور‬


‫كما أسلفنا الذكر‪ ،‬فالقواعد الدستورية‪ ،‬مرنة كانت أم جامدة‪ ،‬مدونة أو غير مدونة‪ ،‬تتربع‬
‫على قائمة النظام القانوني في الدولة‪ ،‬وسمو القواعد الدستورية على ما عدها من قواعد قانونية‪ ،‬قد‬
‫يستند من ناحية إلى الشكل الذي تظهر فيه هذه القواع?د‪ ،‬وه?و م?ا يس?مى بالس?مو الش?كلي للدس?تور‬
‫(أوال)‪ .‬وقد يستند من ناحية أخرى إلى محتوى القواعد الدستورية وما تتضمنه من احكام‪ ،‬وه??و م??ا‬
‫يسمى بالسمو الموضوعي للدستور (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السمو الشكلي‬

‫‪ 22‬للتوسع أكثر راجع‪ :‬بيار بورديو‪" ،‬عن الدولة دروس في ك?وليج دوف?رانس ‪ ،"1992-1989‬المرك?ز الع?ربي لألبح?اث ودراس?ة‬
‫السياسات‪ ،‬بدون ذكر السنة‪ ،‬قطر‪ ،‬ترجمة نصيرة مروة‪ ،‬بيروت‪ ،2016 ،‬ص ‪ 281‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 23‬عبد الغني سيوفي عبد هللا‪" ،‬المبادئ العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1975 ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪ 24‬نادية جامع‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪10‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫يرتب??ط س??مو القاع??دة الدس??تورية في ه??ذا الن??وع‪ ،‬بش??كل القاع??دة واإلج??راءات المتبع??ة في‬
‫وضعها‪ .‬إنه بهذا المعنى ينصرف فقط إلى الدساتير المكتوبة والجامدة‪ 25.‬أما الدساتير المرن??ة فإنه??ا‬
‫ال تتمتع إال بالسمو الموضوعي‪.‬‬
‫وذلك ألن الدساتير الجام??دة تختل??ف عن الدس??اتير المرن??ة في أنه??ا تتطلب لتع??ديل أحكامه??ا‬
‫إتباع شروط واجراءات خاصة‪ ،‬تك?ون أك?ثر ش?دة وتعقي?دا من ش?روط وإج?راءات تع?ديل الق?وانين‬
‫العادية‪.26‬‬
‫وهذا االختالف في إجراءات التعديل هو الذي يضفي على الدس??تور م??يزة الس??مو الش??كلي‪،‬‬
‫ويضعه في مركز أسمى من القوانين العادية‪ ،‬ويؤدي إلى التفرقة بين القواعد الدس??تورية والق??وانين‬
‫‪27‬‬
‫العادية‪.‬‬
‫ويتحقق الس??مو الش??كلي لجمي??ع أحك??ام الدس??تور الجام??د‪ ،‬بص??رف النظ??ر عن موض??وع أو‬
‫مضمون هذه األحكام‪ ،‬فالسمو الشكلي للدستور يش??مل جمي??ع األحك??ام ال??واردة في الدس??تور‪ ،‬س??واء‬
‫أكانت دستورية من حيث جوهرها وموضوعها أم لم تكن‪ ،‬وال تشمل األحكام الصادرة من المشرع‬
‫العادي وإن كانت أحكام??ا دس??تورية من حيث جوهره??ا وموض??وعها‪ ،‬ف??العبرة من ه??ذا الس??مو ه??و‬
‫للشكل ال للموضوع والجوهر‪.28‬‬
‫فالجمود الشكلي هو ال??ذي يعطي للقواع??د الدس??تورية مرك??زا أس??مى ووض??عا أعلى بين م??ا‬
‫عداها من القواعد القانونية النافذة‪ ،‬فصفة الجمود – إذا تسمو بقدر الدساتير وتجعلها الق??وانين العلي??ا‬
‫‪29‬‬
‫في البالد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السمو الموضوعي‬

‫يتص??ل الس??مو الموض??وعي بمض??مون القاع??دة وطبيعته??ا‪ ،‬فالقواع??د القانوني??ة ال??تي تنظم‬
‫موضوعات دستورية تتصل بأساس الدولة ونظام الحكم فيها‪ ،‬وتحديد الفلسفة التي يسير على هديها‬
‫النظام السياسي في الدولة‪ ،‬فهي قواعد دس??تورية تس??مو على كاف??ة القواع??د القانوني??ة الموج??ودة في‬
‫الدولة‪30 ،‬يستوي في ذلك أن تكون القواعد الدستورية مكتوبة أم عرفية‪ ،‬ويسمى ه??ذا العل??و بالس??مو‬
‫الموضوعي‪ ،‬لكونه يتأتى من طبيعة الموضوعات التي ينظمها الدستور‪ ،‬والتي تتم??يز بأهميته??ا في‬

‫‪ 25‬أحمد ادعلي‪" ،‬المختصر في النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة الكرامة ‪ ،4‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2020 ،‬ص‪.87‬‬
‫‪ 26‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري"‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2013 ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ 27‬حسن مصطفى البحري‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ 28‬حنان محمد القيسي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫‪ 29‬حنان محمد القيسي‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ 30‬محمد قدري حسين‪" ،‬القانون الدستوري مع شرح النظام الدستوري لدولة اإلم?ارات العربي?ة المتح?دة"‪ ،‬مكتب?ة األف?اق المش?رقة‪،‬‬
‫طبعة‪ ،2011‬ص ‪.138‬‬
‫‪11‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫مجال بيان األسس التي تقوم عليها الدولة‪ ،‬وكيفية ممارسة السلطة فيها‪ ،‬فيعد الدستور األصل ال??ذي‬
‫تنبثق عنه كافة مظاهر النشاط القانوني في الدولة‪ ،‬ويرتبط مبدأ سمو الدستور بمب??دأ ت??درج القاع??دة‬
‫القانونية‪ ،‬ومقتضى ذلك أن تعتبر القاعدة الدستورية هي المصدر األساسي لكل قاعدة أدنى منها‪.‬‬
‫أ‪ :‬ويتجسد السمو الموضوعي للدستور في مظهرين هما‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إنشاء السلطات العامة في الدولة وتحديد اختصاصاتها‪ :‬الدستور هو الق??انون األساس??ي ال??ذي‬
‫يضع األسس التي يستند عليها نظام الحكم‪ ،‬ويحدد الس?لطات العام?ة في الدول?ة وي?بين اختصاص?اتها‪،‬‬
‫وينص على حق??وق و حري??ات األف??راد األساس??ية‪ ،‬وي??بين ض??مانات حمايته??ا ومن تم تتس??م القواع??د‬
‫الدستورية‪ ،‬بطبيعة خاصة تضفي عليها السيادة والسمو باعتباره األساس الذي تشيد عليه الدولة وحق‬
‫لقواعده أن تحتل قمة التدرج القانوني للقواعد القانونية في الدولة‪.31‬‬
‫إذا الدستور هو الذي أنشأ الهيئات الحاكمة وحدد اختصاصاتها‪ ،‬فه??و بمثاب??ة الس??ند الش??رعي‬
‫لها‪ ،‬وخروج هذه الهيئات عن االختصاصات المحددة لها دستوريا‪ ،‬يفقدها وجوده??ا ويفق??د تص??رفاتها‬
‫السند الشرعي ‪ 32‬وترجع أفضلية القواعد الدستورية على ما عدها من القواعد القانونية إلى األس??باب‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫يعد الدستور بمثابة اإلطار القانوني العام لكافة أنشطة الدولة‪ ،‬فه?و ال?ذي يجس?د فك?رة الق?انون‬
‫السائد في الدولة ويحدد فلس?فة الدول?ة السياس?ية واالجتماعي?ة ل?ذلك يبط?ل أي نش?اط أو إج?راء يخ?الف‬
‫‪33‬‬
‫األهداف واالتجاهات التي حددها الدستور‪ ،‬أو يتجاوز الحدود المرسومة في الدستور‬
‫يعد الدستور أساس وجود السلطات العامة في الدولة‪ ،‬نظرا لكونه هو الذي ينشئ هذه السلطات‬
‫ويحدد اختصاصاتها‪ ،‬فهذه السلطات وإن كانت تمارس العديد من االختصاصات‪ ،‬فهي تمارسها ليس??ت‬
‫لكونها حقا ذاتيا لها أو امتيازا شخصيا‪ ،‬وإنم?ا تمارس?ها باس?م الدول?ة‪ ،‬ل?ذلك ف?إن ه?ذه الهيئ?ات تخض?ع‬
‫للدستور ألنه السند القانوني لوجودها وأساس شرعية تصرفاتها القانونية‪ ،‬ومن األصول المتف??ق عليه??ا‬
‫لألخذ بمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬ومقتضى ذلك أن تستقل كل سلطة في مزاولة الوظيف??ة ال??تي أس??ندها‬
‫لها الدستور‪ ،‬فال يجوز تجاوزها إلى وظيفة سلطة أخرى‪ ،‬كما ال يج??وز تف??ويض االختصاص??ات ال??تي‬
‫منحها الدستور‪ ،‬وهذه األخيرة تعد من النتائج المترتبة على مبدأ السمو الموضوعي للدستور كما سيرد‬
‫‪34‬‬
‫ذلك الحقا‪.‬‬
‫ب تحديد الفلسفة التي تم تأسيس السلطة السياسية على هديها‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ال تقتصر مهمة الدستور على إنش?اء الس?لطات العام??ة للدول??ة‪ ،‬وبي??ان اختصاص??اتها وإنم??ا‬
‫يتولى عالوة على ذلك تحديد الفكرة القانونية التي يتم تأسيس السلطة السياسية على ه??ديها‪ ،‬وتل??تزم‬
‫سلطات الدولة بعدم الخروج على روح الدس?تور‪ ،‬وه??و م??ا يع??ني وج?وب أن تض??ع س?لطات الحكم‬
‫نصب أعينها على الفلسفة أو فكرة القانون التي تم على نهجها تأسيس السلطة السياسية في المجتمع‬
‫‪ 31‬سام سلمان دله‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية"‪ ،‬منشورات جامعة حلب‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬ص ‪ 100‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 32‬مجدي عب?د الحمي?د ش?عيب‪" ،‬الوج?يز في الق?انون الدس?توري ونظ?ام الحكم في دول?ة اإلم?ارات العربي?ة المتح?دة"‪ ،‬دار النهض?ة‬
‫العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 2012 ،‬ص ‪ 61‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 33‬سام سليمان دله‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫‪ 34‬مجدي عبد الحميد شعيب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪186-185‬‬
‫‪12‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫بمعنى وجوب أن تلتزم سلطات الدولة‪ ،‬في كافة ما يص??در عنه??ا من تص??رفات بع??دم الخ??روج عن‬
‫األحك?ام الدس?تورية وأن تتص?رف في ض?وء األط?ر العام?ة ال?تي يجس?دها الدس?تور في المج?االت‬
‫السياس??ية االقتص??ادية واالجتماعي??ة‪ ،‬فيجس??د الدس??تور األيدولوجي??ة ال??تي تعتم??دها الدول??ة في ه??ذه‬
‫المجاالت والتي تشكل اإلطار الواجب أن يعمل في ظلها‪ ،‬ليست فقط أنشطة الدولة المختلف??ة وإنم??ا‬
‫األنش??طة الفردي??ة أيض??ا ‪،‬حيث تمث??ل نص??وص الدس??تور األص??ل بالنس??بة لس??ائر القواع??د القانوني??ة‬
‫األخرى التي تتفرع عنها‪ ،‬فالدستور هو الذي ينشئ‪ ،‬س?لطات الدول?ة ويح?دد اختصاص?اتها وألي?ات‬
‫عملها‪ ،‬ومن تم فإنها ترتبط به ارتباط الفرع باألصل أو الجزء بالكل ‪.35‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقدير سمو الدستور وفق المنظور الشكلي والموضوعي‬

‫يمكن القول إن سمو الدستور وفق أحد المعيارين السالفين الذكر‪ ،‬يرتبط بالمنظورين‬
‫األساسيين لتعريف الدستور‪ ،‬بحيث يرتبط السمو الشكلي للدستور بالتعريف الشكلي للقانون‬
‫الدستوري‪ ،‬ويرتبط السمو الموضوعي بالتعريف الموضوعي لهذا األخير‪ ،‬وهو ما نظن معه لزاما‬
‫التطرق إلى تقدير كال منظوري تعريف الدستور للوقوف على مميزات وعيوب كل منهما‪.‬‬

‫‪-‬اوال‪ :‬تقدير المعيار الشكلي في تعريف الدستور‬

‫ينصرف المعيار الشكلي في تعريف القانون الدستوري‪ ،‬إلى شكل القاعدة القانونية‪ ،‬وكذلك‬
‫شكل الجهة التي اصدرتها‪ ،‬واإلجراءات التي أتبعت في وضعها وتعديلها‪ ،‬وبناء على ذلك يقصد‬
‫بالقانون الدستوري مجموع القواعد القانونية التي تتضمنها الوثيقة الدستورية والتي تضعها هيئة‬
‫خاصة‪ ،‬يختلف تكوينها باختالف الدساتير‪ ،‬ويطلق عليها السلطة التأسيسية‪.‬‬
‫يتسم المعيار الشكلي بعدد من المميزات منها التحديد والوضوح في تعريف القانون‬
‫الدستوري‪ ،‬إذ يلزم أن تكون هذه القواعد التي تتضمنها الوثيقة الدستورية مكتوبة وصادرة عن‬
‫سلطة مختصة‪ ،‬هي السلطة التأسيسية األصلية‪ ،‬وبإجراءات خاصة تختلف عن تلك التي تتبع بشأن‬
‫القواعد العادية التي تصدر عن المشرع العادي‪ ،‬كما يسهل هذا المعيار التميز بين القواعد‬
‫الدستورية وهي القواعد المدونة في وثيقة الدستور‪ ،‬وغيرها من القواعد القانونية االخرى‪ ،‬وهي‬
‫غير المنصوص عليها في هذه الوثيقة‪ ،‬ويفرض بالتالي على المشرع العادي عدم مخالفة نصوص‬
‫الدستور‪ ،‬فيما يصدره من قوانين‪.36‬‬
‫غير أن هذا المعي??ار لم يلقى استحس?انا ل??دى غالبي??ة الفق??ه الدس?توري‪ ،‬ألن هن??اك كث??ير من‬
‫الموضوعات ذات الصبغة الدستورية ال تتضمنها وثيقة الدستور كقواعد إجراء االنتخابات الخاصة‬
‫بأعضاء البرلمان اذ ال يتضمن الدستور سوى االسس العامة منها‪ ،‬وعلى العكس قد تتض??من وثيق??ة‬

‫‪ 35‬احمد علي محمد مسعود البلوشي‪ ،‬م‪.‬س‪.28 ،‬‬


‫‪ 36‬حسن مصطفى بحري‪" ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪13‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫الدس??تور أحيان??ا بعض القواع??د ال??تي ال تع??د دس??تورية ب??الجوهر‪ ،‬لكنه??ا حس??ب ه??ذا التعري??ف تع??د‬
‫دستورية ألنها جزء من القانون الدستوري‪ 37.‬كما ال يعطي المعيار الشكلي تعريف??ا ص??حيحا ش??امال‬
‫للقانون الدستوري في دول الدساتير المدون??ة ‪،‬إذ أن نظ??ام الحكم في أي??ة دول??ة ال تح??دده النص??وص‬
‫المكتوبة في الوثيقة الدستورية فقط ‪،‬وإنما تشترك في هذا التحديد قواعد أساسية أخرى ذات طبيع??ة‬
‫‪38‬‬
‫دستورية ‪،‬ولكنها منظمة في قانون عادي أو مردها عرف مستقر داخل الدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقدير المعيار الموضوعي في تعريف الدستور‬

‫يعرف الدستور من الناحية الموضوعية بأنه مجموع القواع??د القانوني??ة المنظم??ة‪ ،‬لطريق??ة‬
‫مباشرة وممارسة وانتق??ال الس??لطة في المجتم??ع السياس??ي المنظم في نط??اق الدول??ة‪ ،‬وس??واء ك??انت‬
‫مكتوبة أو عرفية‪ ،‬ويقوم هذا التعريف المادي للدستور على أساس اعتبار جوهر الم??ادة الدس??تورية‬
‫‪39‬‬
‫دون االعتناء بشكلها واإلجراءات التي اتبعت لوضعها‪.‬‬
‫وال شك في أن التعري??ف الموض??وعي للدس?توري يتم??يز بالعمومي??ة والدق?ة‪ ،‬فه??و ال يرب??ط‬
‫القانون الدستوري بدستور دولة معينة‪ ،‬وال يقتصر على ظروفه??ا الخاص??ة‪ ،‬كم??ا أن??ه ي??ؤدي إلى أن‬
‫يكون لكل الدول بغير استثناء قانون دستوري خاص بها‪ ،‬فض??ال عن ذل??ك فإن??ه ي??ؤدي إلى اس??تبعاد‬
‫القواعد الغير الدستورية من دراسة الق??انون الدس??توري‪ ،‬ح??تى ول??و تم التنص??يص عليه??ا في وثيق??ة‬
‫الدستور‪ ،‬ويعتد لذلك بجوهر وطبيعة المسائل التي تعالجها القاعدة الدس??تورية‪ ،‬س??واء ك??انت واردة‬
‫‪40‬‬
‫في وثيقة الدستور أو لم ترد فيها‪.‬‬
‫ورغم أن معظم فقهاء القانون الدستوري سواء في فرنسا أو مصر‪ ،‬يأخ??ذون به??ذا المعي??ار‬
‫في تعريف القانون الدستوري ويرجحونه على المعي??ار الش??كلي‪ ،‬إال أن الفق??ه لم يتف??ق ح??ول نط??اق‬
‫القانون الدستوري بطبيعته‪ ،‬فعلى الرغم من اتفاقهم تقريبا حول اعتبار نظ??ام الحكم وتنظيم الس??لطة‬
‫السياسية حجر الزاوية في تحديد مدلول هذا القانون‪ ،‬إال أنهم قد اختلفوا بص??دد الطبيع??ة الدس??تورية‬
‫لبعض الموضوعات‪ ،‬ويكاد ينحصر الخالف بينهم في موضوعين أساسيين نبينها بإيجاز فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬موضوع الدولة‪ :‬اختلف الفقه الدستوري حول طبيعة نظرية الدول??ة‪ ،‬وم??ا إذا ك??انت ت??دخل‬
‫ض??من نط??اق موض??وعات الق??انون الدس??توري أم ال؟ حيث ذهب فري??ق كب??ير من ش??راح الق??انون‬
‫الدستوري‪ ،‬إلى إدراج موضوع الدولة ض??من م??ا يع??د دس??توريا بطبيعت??ه‪ ،‬واس??تند على أن الق??انون‬
‫الدستوري هو أحد فروع القانون العام الداخلي‪ ،‬ومن ثم تبرز فيه الدولة بوصفها ص??احبة الس??لطان‬
‫العام‪ 41،‬في حين رفض البعض اآلخر هذا ال??رأي‪ ،‬ألن في??ه توس??عة بغ??ير مقتض??ى لنط??اق الق??انون‬
‫الدستوري‪ ،‬وخلص إلى القول بأن نظرية الدولة‪ ،‬وأركانها‪ ،‬وجوهره?ا‪ ،‬وش?كلها‪ ،‬واختالف نظمه?ا‬
‫‪ 37‬حسن مصطفى بحري‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 38‬ومن ذلك على سبيل المثال ما جرى عليه العمل في لبنان في ان يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا‪ ،‬ورئيس مجلس‬
‫الوزراء مسلما سنيا‪ ،‬ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا‪ ،‬فهذه قاعدة عرفية استقر عليها العمل على الرغم من انه لم ينص عليها ال‬
‫في وثيقة الدستور اللبناني الحالي وال في أي قانون عادي‪.‬‬
‫‪ 39‬علي يوسف الشكري‪" ،‬الرقابة على دستورية القوانين"‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 40‬رمزي طه الشاعر‪" ،‬القانون الدستوري‪ :‬النظرية العامة والنظام الدستوري المصري"‪ ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.43‬‬
‫‪14‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫السياسية‪ ،‬ليست من قبيل الموضوعات ذات الطبيعة الدستورية‪ ،‬ألن الدس??تور ليس ه??و ال??ذي ينش??أ‬
‫الدولة‪ ،‬فهي سابقة علي?ه‪ ،‬ب?ل هي ش?رط وج?وده‪ ،‬بمع?نى أن الدول?ة تنش?أ كواقع?ة مادي?ة وكظ?اهرة‬
‫‪42‬‬
‫طبيعية‪ ،‬بمجرد اكتمال العناصر األساس??ية لوجوده??ا‪ ،‬ثم ينش??أ بع??د ذل??ك الدس??تور لينظم ش??ؤنها‪،‬‬
‫وينتهي أنصار هذا االتجاه إلى تعريف القانون الدستوري بأن??ه مجم??وع القواع??د القانوني??ة الخاص??ة‬
‫‪43‬‬
‫بنظام الحكم في مجتمع سياسي معين في وقت معين‪.‬‬
‫‪ -‬االتجاه??ات السياس??ية واالقتص??ادية واالجتماعي??ة ال??تي يس??تند إليه??ا نظ??ام الحكم‪ :‬اختل??ف‬
‫الفقهاء كذلك بشأن الطبيعة الدستورية للقواع??د المتعلق??ة بتحدي??د االتجاه??ات السياس??ية واالقتص??ادية‬
‫‪44‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬التي يستند إليها نظام الحكم في الدولة‪.‬‬
‫حيث ذهب ج??انب من الفق??ه إلى الق??ول أن األه??داف والمب??ادئ ‪،‬واالتجاه??ات السياس??ية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬التي يوجهها المشرع الدس?توري للس?لطات العام?ة في الدول?ة كي تس?ير‬
‫على هديها‪ ،‬في رسم السياسة العامة للدولة في وقت معين ‪ ،‬التعد من قبيل الموضوعات الدستورية‬
‫بطبيعتها‪ ،‬فهي مجرد مب?ادئ ال تنتمي ب?ذاتها إلى أحك?ام الق?انون الوض?عي‪ ،‬ومن ثم ال تع?د بالت?الي‬
‫قواعد ملزمة‪ ،‬كما أنها باإلضافة إلى ذلك ال عالق?ة له?ا بنظ?ام الحكم في الدول?ة‪ ،‬وال تتص?ل بتنظيم‬
‫السلطات العامة‪ ،‬وعلى ذلك فإن مضمون القواع??د الدس??تورية يجب أن ينحص??ر في نط??اق الس??لطة‬
‫‪45‬‬
‫العامة‪ ،‬من حيث تأسيسها وتنظيمها وتحديد اختصاصاتها ‪،‬وكيفية ممارستها لوظائفها‪.‬‬
‫و ذهب جانب آخر من الفقه ‪،‬إلى القول أن النصوص التي تتضمنها الدساتير ع??ادة وتجس??د‬
‫االتجاهات السياسية واالقتصادية واالجتماعية ال??تي تسترش??د به??ا الس??لطات العام??ة عن??د مباش??رتها‬
‫لوظائفها‪ ،‬إنما هي نصوص دستورية مما يندرج في إطار القانون الدس??توري في معن??اه الم??ادي أو‬
‫الموضوعي‪ ،‬وذلك ألن قواعد القانون الدستوري ال تقتصر على تنظيم السلطات العام??ة في الدول??ة‬
‫وكيفية مباشرة كل منها الختصاصاتها فقط ‪،‬وإنما تحدد أيضا عناصر األيديولوجية ال??تي ي??دين به??ا‬
‫الدستور‪ ،‬أو التي صدر في ظلها‪ ،‬سواء أكانت أيديولوجية اجتماعية أو سياس??ية أو اقتص??ادية‪ ،‬تل??ك‬
‫األيديولوجية تعد بمثابة الموجه أو المرشد لنشاط الدولة ككل‪ ،‬كما تعد بمثابة اإلطار القانوني الذي‬
‫تفسر أو يجب أن تفسر من خالله أو على هديه نصوص الدس??تور ‪،‬وله??ذا ف??إن الس??لطات العام??ة ال‬
‫‪46‬‬
‫تستطيع أن تحيد عنها‪ ،‬وإال اعتبر ذلك انتهاكا لنصوص الدستور ولروحه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر مبدأ سمو الدستور‬


‫‪ 41‬من أنصار هذا االتجاه الفقيه الفرنسي جوليان الفريير‪ ،‬إذ عرف القانون الدستوري طبقا للمعيار الموضوعي‪" ،‬بأنه عبارة عن‬
‫مجموعة القواعد التي تحدد طبيعة أو شكل الدولة (موحدة ام مركبة) ونظام الحكم فيها (جمهوري ام ملكي)‪ ،‬والقواعد الدي تحدد‬
‫المبادئ األساسية الخاصة بتكوين‪ ،‬واختصاصات ونشاط السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬وما يقوم بينهما من عالقات"‬
‫‪ 42‬رمزي طه الشاعر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 43‬عبد الفتاح ساير داير‪" ،‬القانون الدستوري‪ ،‬النظرية العامة المشكلة للقانون الدستوري الوضعي"‪ ،‬مطابع دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بمصر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2003‬ص ‪43‬‬
‫‪ 44‬رمزي طه الشاعر‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪44‬‬
‫‪ 45‬محسن خليل‪" ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون ذكر السنة‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ 46‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬تحليل النظام الدستوري المصري‪ ،‬اإلسكندرية منشأة المعارف‪،‬‬
‫طبعة ‪2000‬ص ‪.51‬‬
‫‪15‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫يعد مبدأ سمو الدستور هو األصل‪ ،‬أي أن الدستور يس??مو على كاف??ة الق??وانين األخ??رى‪ ،‬و إذا ك??ان‬
‫الدستور هو مرآة الدولة و المعبر عن كينونتها‪ ،‬فإن سموه هو ضمان لمبدأ آخر ال يقل أهمي??ة وه??و‬
‫مبدأ السيادة‪ ،‬خاصة في مواجه??ة العالق??ات و االتفاقي??ات الدولي??ة‪ ،‬ولكن ه??ذا المب??دأ و إن ك??انت ل??ه‬
‫أهمية بالغة في الظروف العادية – كما سيقت اإلشارة إليها‪ -‬إال أن ما بترتب عنه من تقييد لسلطات‬
‫الدولة‪ ،‬قد يجعل هذه األخيرة عاجزة عن مواجه?ة الظ?روف االس?تثنائية ال?تي ق?د تواجهه?ا الدول?ة‪،‬‬
‫لذلك سنحاول دراسة مكانة الدستور بالنسبة للق??انون ال??دولي خاص??ة م??ا يتعل??ق باالتفاقي??ات الدولي??ة‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬ثم الوقوف بعد ذلك على مكانة الدستور بالنسبة للقوانين الداخلية (المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغربي‬

‫دٔاب المغرب منذ حص??وله على االس??تقالل على االنخ??راط في المنظوم??ة الكوني??ة لحق??وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وذلك بمصادقته وانضمامه إلى العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية‪ ،‬مؤمنا ب??أن ه??ذه‬
‫المواثيق تعتبر كسبا ديمقراطيا وحقوقيا كبيرا له ولغ?يره من البل?دان ال?تي تنش?د تحقي?ق ديمقراطي?ة‬
‫‪47‬‬
‫فعلية في جميع المجاالت‪.‬‬
‫ولعل دستور المملكة لسنة ‪ 2011‬كان أول دس??تور يمنح مكان??ة عالي??ة لالتفاقي??ات الدولي??ة‪،‬‬
‫السيما تلك التي تتعلق بحقوق اإلنس??ان والحري??ات العام??ة‪ ،‬فق??د نص??ت الفق??رة األخ??يرة من ديباج??ة‬
‫الدستور‪ ،‬التي تعتبر ج??زءا ال يتج??زأ من??ه على أن??ه "جع‪00‬ل االتفاقي‪00‬ات الدولي‪00‬ة كم‪00‬ا ص‪00‬ادق عليه‪00‬ا‬
‫المغرب‪ ،‬وفي نطاق أحكام الدستور‪ ،‬وقوانين المملكة‪ ،‬وهويتها الوطني‪00‬ة الراس‪00‬خة‪ ،‬تس‪00‬مو‪ ،‬ف‪00‬ور‬
‫نش‪00‬رها‪ ،‬على التش‪00‬ريعات الوطني‪00‬ة‪ ،‬والعم‪00‬ل على مالئم‪00‬ة ه‪00‬ذا التش‪00‬ريعات‪ ،‬م‪00‬ع م‪00‬ا تتطلب‪00‬ه تل‪00‬ك‬
‫المصادقة‪".‬‬
‫ه??ذه الفق??رة ص??راحة تط??رح إش??كااًل ح??ول س??مو االتفاقي??ات الدولي??ة‪ .‬ه??ل هي تس??مو على‬
‫الدستور؟ ام أن الدستور هو األسمى؟ وهذا ما سنتطرق إليه في الفقرة الثانية من هذا المطلب‪.‬‬

‫وإن كانت هذه الفقرة تحمل إشكاال وما هو غامض حول س??مو االتفاقي??ات الدولي??ة‪ ،‬إال أنه??ا‬
‫في المقابل تحمل ما هو واضح‪ ،‬وهو السمو المشروط لالتفاقيات الدولية‪ ،‬فسواء أك??انت االتفاقي??ات‬
‫الدولية المصادق عليها من طرف المغرب‪ ،‬تسمو على الدستور أو أنها تسمو في الدستور ال علي??ه‪،‬‬
‫فهذا السمو يتوقف على توفر عدة ش?روط‪ ،‬حص?رتها الفق?رة م?ا قب?ل األخ?يرة من ديباج?ة الدس?تور‬
‫المذكورة سلفا‪ ،‬وهذا هو موضوع الفقرة األولى‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط سمو االتفاقيات الدولية‬

‫‪ 47‬عادلة الوردي‪" ،‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغربي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية‪ ،‬سلس??لة االع??داد الخاص??ة‪،‬‬
‫عدد ‪ 2012 ،5‬ص‪.324‬‬
‫‪16‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫إن الق??راءة المتأني??ة لمقتض??يات الفق??رة الس??ابقة‪ ،‬تجعلن??ا نق??ف على مجموع??ة من األحك??ام‬
‫المؤطر لكيفية تعاملنا مع االتفاقيات الدولية‪ ،‬فقد حدد ه??ذا المقتض??ى الدس??توري مح??ددات وش??روط‬
‫يجب مراعاتها للعمل بما تقتضيه المصادقة على أي مقتضى دولي‪ ،‬سواء أك?ان وج?وده متحقق?ا في‬
‫اتفاقية دولية أو عهد دولي‪.‬‬
‫وهك??ذا‪ :‬ف??إن أول م??ا يمكن أن يث??ير االنتب??اه في ه??ذا المقتض??ى الدس??توري ه??و تقيي??د س??مو‬
‫‪48‬‬
‫االتفاقيات الدولية بوجود شروط أساسية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النشر‬
‫وفي ذلك حد من إمكانية االلتجاء التلقائي لالتفاقيات الدولية بمج??رد المص??ادقة عليه??ا‪ ،‬وق??د‬
‫أورد المشرع الدستوري هذا الشرط انسجاما مع مسطرة التشريع التي تبناها‪ ،‬وما يمكن أن تفض??ي‬
‫إليه من رقابة دستورية قبلية لمضمون االتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫وهكذا؛ فإن العالقة بين أحكام االتفاقيات الدولية وأية مؤسسة تشريعية أو قضائية لن تتضح‬
‫إال من خالل المقتض??يات ال??تي تؤس??س لإلج??راءات الواجب??ة االح??ترام من قب??ل الهيئ??ات والجه??ات‬
‫القضائية الموكول إليها أمر إنفاذ القانون داخل التراب الوطني والتي تتض??منها تل??ك االتفاقي??ات؛ إال‬
‫أن القضاء يكون ملزم‪00‬ا ب‪00‬احترام المس‪00‬طرة الدس‪00‬تورية ال‪0‬تي وض‪00‬عها الدس‪00‬تور نفس‪00‬ه قب‪00‬ل األخ‪0‬ذ‬
‫بأحكام تلك االتفاقيات‪.‬‬
‫وإذا أخذنا بعين االعتبار بأن الطبيعة القانونية لألحكام الواردة في االتفاقيات الدولية‪ ،‬تعتبر‬
‫في حقيقتها أحكاما تشريعية‪ ،‬أي أحكاما تدخل من حيث األصل في دائرة القانون الواجب التط??بيق‪،‬‬
‫فإن كل مقتضى وارد في االتفاقيات الدولية‪ ،‬وال??ذي ق??د ي??ؤثر على البني??ة الدس??تورية له??ذا المفه??وم‬
‫يجب أن يخض??ع لمقتض??يات الفق??رة الثاني??ة من الفص??ل ‪ 55‬من الدس??تور‪ ،‬على اعتب??ار أن تل??ك‬
‫المعاهدات أو االتفاقيات يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية من جهة‪ ،‬ومن جه??ة أخ??رى فهي تهم‬
‫حقوق وحريات المواطنين والمواطنات‪ ،‬وبالتالي فإن المصادقة على تلك االتفاقيات ال يمكن أن تتم‬
‫إال بعد الموافقة عليها بقانون‪ ،‬وهو ما يجعل عملية المصادقة رهينة بالمسطرة واإلجراءات المتبعة‬
‫في إصدار القانون نفسه؛ والتي من أهمها عملية النشر في الجريدة الرسمية كما هو وارد في الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 50‬من الدستور ‪.‬‬
‫وعليه فإن القضاء ال يك??ون ملزم??ا باألخ??ذ باألحك??ام ال??واردة في االتفاقي??ات الدولي??ة إال في‬
‫حدود ما تم نشره في الجريدة الرسمية بعد استكمال شروط النشر واتخاذ اإلجراءات الالزم ترتيبها‬
‫على ذلك النشر‪.‬‬

‫‪ 48‬عبد الحكيم حكماي‪ ،‬مقال بعنوان "قيود سمو االتفاقيات الدولية على التشريع الوطني وحدودية تفعيل القضاء لها"‪ ،‬منشور بمجل??ة‬
‫مغرب القانون على موقعها اإللكتروني ‪www.maroc droit.ma‬بدون ذكر ت??اريخ النش??ر تم االطالع علي??ة ي??وم ‪2024\01\22‬‬
‫على الساعة ‪.23:42‬‬
‫‪17‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫ومن المالحظ أن المشرع الدستوري‪ ،‬جعل سمو االتفاقيات الدولية ينتج أثره بمجرد النشر‪،‬‬
‫وهو ما ع?بر عن?ه بالفوري?ة‪ ،‬أي أن القض?اء يجب أن يعم?ل على تط?بيق األحك?ام ال?واردة في تل?ك‬
‫االتفاقيات متى تم نشرها واستوفت كافة الشروط الملزمة لتطبيقها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مالئمة التشريع الوطني مع ما تتطلبه المصادقة‬

‫هذا الشرط يستشف من عبارة” تسمو‪ ،‬فور نشرها‪ ،‬على التشريعات الوطنية‪ ،‬والعمل على‬
‫مالئمة هذه التشريعات‪ ،‬مع ما تتطلبه تلك المصادقة” هنا يمكن استكمال الصورة ال??تي تص??بح به??ا‬
‫االتفاقيات الدولية نافذة‪ ،‬ذل??ك أن المش??رع هن??ا وض??ع لن??ا أم??رين متالزمين‪ ،‬أولهم??ا األث??ر الف??وري‬
‫لالتفاقية الدولية من حيث السمو على القانون الوطني‪ ،‬وثانيهما ضرورة التدخل التشريعي من أجل‬
‫مالءمة التشريعات الوطنية مع المقتضيات الواردة في االتفاقيات الدولية المصادق عليها‪.‬‬
‫لذلك فإن المصادقة على االتفاقية الدولية بمفردها ال تكفي لوحدها من أج??ل نفاذه??ا وجعله??ا‬
‫ملزمة لألفراد والقضاء‪ ،‬وإنما زيادة على نشرها كما سبق‪ ،‬يتعين مالءمة التش??ريعات الوطني??ة م??ع‬
‫المقتضيات الواردة في االتفاقية‪.‬‬
‫ومن خالل اتحاد الشرطين المذكورين‪ ،‬يتض‪00‬ح أن المش‪00‬رع ق‪00‬رن س‪00‬مو االتفاقي‪00‬ات الدولي‪00‬ة‬
‫على التشريعات الوطنية بالنشر ومالءمة التشريعات الوطنية مع ما تقتضيه المص‪00‬ادقة‪ ،‬ح??تى إذا‬
‫ما اختل أحد الشرطين تبقى المقتضيات التشريعية ال??واردة في الق??انون ال??داخلي ناف??ذة على غيره??ا‬
‫إلى حين التدخل التشريعي من أجل المالءمة‪ .‬وهنا يطرح السؤال لماذا جع‪00‬ل المش‪00‬رع الدس‪00‬توري‬
‫السمو مقرونا بالشرطين المذكورين؟‬
‫إن المستقر ألحكام الفق??رة م??ا قب??ل األخ??يرة من تص??دير الدس??تور‪ ،‬ال يج??د عن??اء كب??يرا في‬
‫التعرف على بعض المحددات التي وضعها المشرع من أجل المصادقة على تل?ك االتفاقي?ات‪ ،‬وه?و‬
‫م??ا يش??كل ج??وهر الش??رط الث??الث لس??مو االتفاقي??ة الدولي??ة على الق??انون ال??داخلي‪ ،‬وبالت??الي تط??بيق‬
‫المقتضيات واألحكام الواردة بها على النوازل والقضايا محل النزاع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬احترام احكام الدستور وقوانين المملكة والهوية الراسخة‬

‫هذا الشرط يستمد قوته من سيادة الدولة المغربي??ة‪ .‬ذل??ك أن ه??ذه األخ??يرة باعتباره??ا س??يدة‬
‫نفسها‪ ،‬في إطار قواع??د الق??انون ال??دولي الع??ام‪ ،‬له??ا بكام??ل إرادته??ا أن تص??ادق أو ال تص??ادق على‬
‫المعاهدات أو االتفاقيات‪ ،‬كما لها أن تنسحب منها بمحض إرادتها‪ ،‬وبالتالي ف??إن أي??ة مص??ادقة على‬
‫أي اتفاقية أو معاهدة ال يجب أن يمس بس??يادة الدول??ة المغربي??ة‪ ،‬ويج??رد مؤسس??اتها الدس??تورية من‬
‫شرعية الممارسة التشريعية‪ .‬ول??ذلك ف??إن أي??ة مص??ادقة يجب أن تخض??ع لش??كليات وإج??راءات تل??ك‬
‫المصادقة‪ ،‬وفق ما قرره الدستور نفسه وفي نط??اق م??ا يج??ري ب??ه العم??ل في ق??وانين المملك??ة‪ ،‬كم??ا‬
‫يتعين أن تأخذ المصادقة بعين االعتبار الثوابت المكونة للهوية الوطنية الراسخة‪ .‬تل??ك الهوي??ة ال??تي‬
‫‪18‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫أسس لها المشرع الدستوري في الفقرة الثانية من التص??دير‪ ،‬وحماه??ا بمقتض??يات الفص??ل ‪ 175‬من‬
‫الدستور عندما استثنى أحكامها من أية مراجعة‪.‬‬
‫وبالتالي يتضح أن هناك قيودا قد تعترض مسألة المصادقة على االتفاقيات الدولية‪ ،‬وهذا ما‬
‫يبرر إمكانية اللجوء لمسطرة التحفظ عند المصادقة‪ ،‬وهو أمر البد من أن يؤخذ بعين االعتبار عن??د‬
‫األخذ بفكرة السمو بعد تحقق شروطها‪.‬‬
‫إن مسألة التحفظ على مقتض??ى من مقتض??يات إح??دى االتفاقي??ات الدولي??ة تعت??بر من ص??ميم‬
‫العمل والقرار السياديين للدولة وال يمكن ب??أي ح?ال من األح?وال التغاض??ي عنه??ا وتج?اوز الح?دود‬
‫المتصلة بالنظام الدستوري ومقومات الهوية القائمة على المبادئ الثقافية الحاكمة للضمير الجمعي‪.‬‬
‫وخالصة القول في هذا الس?ياق أن المب?ادئ والمح?ددات ال?تي تحكم تعاملن?ا م?ع االتفاقي?ات‬
‫والمعاهدات الدولية مباشرة‪ ،‬أمر غير دستوري خاصة من طرف القضاء الموكول ل??ه أم??ر تط??بيق‬
‫‪49‬‬
‫التشريع بدل ممارسة التشريع الموكول للسلطة التشريعية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جدلية سمو االتفاقيات الدولية في أو على الدستور‬

‫كما سبق وأشرنا ان ديباجة الدستور في فقرتها ما قبل األخيرة تحمل إشكاال نظرا لكثرة‬
‫الفواصل مما جعل المعنى غامضا‪ ،‬وبالتالي ك??انت هن??اك ص??عوبة في تحدي??د درج??ة الس??مو‬
‫المشار إليه في تل??ك الفق??رة‪ ،‬ه??ل ي??راد ب??ه س??مو االتفاقي??ات الدولي??ة على جمي??ع التش??ريعات‬
‫الوطني??ة من ض??منها الدس??تور‪ ،‬أم أنه??ا تس??مو على التش??ريعات الوطني??ة ال??تي ال ي??دخل في‬
‫نطاقها الدستور الذي ال يعتبر تشريعا وبالتالي يبقى الدستور هو األسمى‪.‬‬
‫وفيم??ا يخص النظم الدس??تورية المقارن??ة فهي تع??رف نم??اذج مختلف??ة لتحدي??د مرتب??ة‬
‫المعاهدات الدولية بين سائر القواعد القانونية داخل الدولة على النحو التالي‪:‬‬
‫دول خلت دساتيرها وتشريعاتها من نص يحدد مرتبة المعاهدات الدولية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫دول أخرى جعلت المعاهدات الدولية في مرتبة تسمو على الدستور ذاته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫دول ثالثة تجعل المعاهدات في ذات مرتبة القانون‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ودول رابعة تجعل من المعاهدات في مرتبة وسطى بين الدس??تور والق??انون‪ ،‬فهي أدني من‬ ‫‪‬‬
‫‪50‬‬
‫الدستور لكنها تعلو على التشريعات العادية‪.‬‬

‫وفيما يخص النموذج الذي تبناه النظام المغربي‪ ،‬وإن قد تضمن مقتض??يات تح??دد مرتب??ة االتفاقي??ات‬
‫الدولية فهي صراحة غير واضحة‪،‬‬
‫‪ 49‬عبد الحكيم حكماوي‪ ،‬مقال بعنوان "قيود سمو االتفاقيات الدولية على التشريع الوطني وحدودية تفعيل القضاء لها" م‪.‬س‪،‬‬
‫‪ 50‬عبد العزيز سلمان‪ ،‬مقال بعنوان "الرقابة على دس?تورية المعاه?دات الدولي?ة‪ ،‬منش?ور بمجل?ة "منش?ورات قانوني?ة" ع?بر موقعه?ا‬
‫اإللكتروني ‪ /https://manshurat.org‬بتاريخ الس?بت ‪ 11‬ديس?مبر‪ 2021‬تم االطالع علي?ه ‪ 23‬بت?اريخ \‪ 2024\01‬على الس?اعة‬
‫‪.23:54‬‬
‫‪19‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫هل جعل االتفاقيات الدولية تسمو على جميع التشريعات الوطنية من بينها الدستور؟‬
‫ام انها تأتي في مرتبة وسطى بين الدستور والقوانين العادية؟‬
‫ام أنها ال تسمو حتا على القوانين العادية‪ ،‬خصوصا عندما نتحدث عن االتفاقيات المنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ 55‬من الدستور‪.‬‬
‫وعلي??ه فق??د عم??دنا ص??راحة البحث في الق??رارات واالجته??ادات القض??ائية ال??تي يك??ون‬
‫موض??وعها تع??ارض بين بن??ود اتفاقي??ة دولي??ة وق?وانين المملك??ة من أج?ل استكش?اف موق?ف‬
‫القضاء المغ??ربي في ه??ذه المس??ألة‪ ،‬ه??ل ي??رجح االتفاقي??ات الدولي??ة‪ ،‬أم أن??ه ي??رجح الق??وانين‬
‫الوطنية‪ ،‬وجدنا بأن االجتهادات القضائية‪ ،‬في هذا الشأن بدورها سارت في اتجاهين‪ ،‬اتج??اه‬
‫يرجح االتفاقيات الدولية‪ ،‬وآخر يرجح القوانين الوطنية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه الذي يرجح االتفاقيات الدولية‬

‫هذا الموقف مبني باألساس على عدة قرارات واجتهادات قضائية‪ ،‬التي يالحظ من خاللها‬
‫أنها تسير في اتجاه ترجيح أحكام المعاهدات الدولية‪ ،‬سواء الثنائية منها او المتعددة األطراف‪ ،‬على‬
‫القانون الداخلي‪،‬‬
‫وهذه القرارات هي كالتالي‪:‬‬
‫في قرار للمجلس األعلى قضى فيه ب?رفض تط?بيق اإلك?راه الب?دني نتيج?ة العج?ز عن الوف?اء‬ ‫‪.1‬‬
‫بالرغم مما يقضي به ظهير ‪ 8‬فبراير ‪ 1961‬المتعلق بممارسة اإلكراه البدني في المادة المدنية‬
‫على الخصوص‪ ،‬حيث تشبت المجلس بتطبيق الفصل ‪ 11‬من ميثاق األمم المتحدة الم??ؤرخ في‬
‫‪ 16/12/1966‬المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من ط??رف المغ??رب بت??اريخ‬
‫‪ 18/11/1979‬والذي يقضي بانه ‪ " :‬ال يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوف??اء‬
‫ب??التزام تعاق??دي " ‪ ،‬فمن خالل ه??ذا االجته??اد القض??ائي تمت مناقش??ة الفص??ل ‪ 11‬من االتفاقي??ة‬
‫الدولية للحقوق المدنية والسياسية لسنة ‪ 1966‬والتي صادق عليها المغ??رب ونش??رت بالجري??دة‬
‫‪51‬‬
‫الرسمية سنة ‪.1980‬‬

‫وفي قرار اخ??ر‪ ،‬اعت??برت الغرف??ة اإلداري??ة االتفاقي??ة الدولي??ة من مص??ادر الق??انون ال??تي ينبغي‬ ‫‪.2‬‬
‫احترامه??ا فال يمكن إص??دار ق??رارات إداري??ة مخالف??ة ألحك??ام اتفاقي??ة دولي??ة وه??و األم??ر ال??ذي‬
‫يستدعي إلغاءها التسامها بعدم الشرعية‪. 52‬‬

‫‪ .‬حكم المحكمة االبتدائية بطنجة‪ ،‬حيث يؤخ??ذ من الفق??رة األولى من الم??ادة الثالث??ة من االتفاقي??ة‬ ‫‪.3‬‬
‫المتعلقة بحقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 20‬نوفمبر ‪،1989‬‬

‫‪ 51‬قرار عدد ‪ 426‬صادر عن المجلس األعلى‪ ،‬في الملف التج??اري‪ ،‬ع??دد ‪ ،1716/99‬ص??ادر بت??اريخ ‪ 22/03/2003‬منش??ور ع??بر‬
‫الموقع اإللكتروني ‪ www.marocdroit.com‬بدون ذكر تاريخ النشر وتم االطالع عليه يوم ‪ 2024\01\22‬على الساعة ‪12:54‬‬
‫‪ 52‬قرارعدد‪ 61‬صادر عن الغرفة اإلدارية‪ ،‬بالمجلس األعلى‪ ،‬بتاريخ ‪ 1992/02/13‬تم ذكره في ن‪.‬م‬
‫‪20‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫المصادق عليها من طرف المغرب في ‪ ،21/06/1993‬أن القضاء يتوجب عليه إيالء االعتبار‬
‫األول لمصالح الطفل الفضلي عند النظر في النزاعات المتعلقة باألطفال‪.53‬‬
‫من خالل األحك??ام والق??رارات المفص??لة س??ابقا يتض??ح أن القض??اء المغ??ربي رجح في العدي??د من‬
‫الحاالت االتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية‪ ،‬وهذا م??ا يعكس ال??دور الكب??ير للقض??اء في بل??ورة‬
‫القاعدة القانونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه الذي يرجح القوانين الداخلية على االتفاقيات الدولية‬

‫نج??د أن هن??اك العدي??د من الح??االت ال??تي س??ار فيه??ا القض??اء إلى ت??رجيح الق??انون الوط??ني على‬
‫االتفاقيات الدولية مؤمنا بمبدأ سمو التش??ريع ال??داخلي على االل??تزام ال??دولي ح??تى ول??و ك??انت البالد‬
‫مصادقة أو موقعة أو منضمة إلى تلك المعاهدة‪ .‬ومن بين الحاالت نذكر على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ .1‬قض?ية الس?يدة " كري?ر" «‪ ،‬حيث جنح المجلس األعلى إلى ت?رجيح الق?انون الوط?ني على االتفاقي?ة‬
‫الدولية بنصه على أنه‪ :‬لكن حيث أن ظهير ‪ 20‬فبراير ‪ 1961‬الذي ينظم تحديد اإلك??راه الب??دني ال‬
‫زال ساري المفعول ولم يصدر أي قانون يأمر بإلغائ??ه‪ ،‬والمحكم??ة ملزم??ة بتط??بيق الق??انون وليس‬
‫من اختصاص??ها تع??ديل الق??انون أو إلغ??اؤه وعلي??ه ف??إن م??ا قض??ت ب??ه المحكم??ة المص??درة للق??رار‬
‫‪54‬‬
‫المطعون فيه مرتكز على أساس قانوني "‬
‫‪55‬‬
‫‪ .2‬أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط جاء فيه ‪ " :‬حيث دف??ع الط??الب بع??دم‬
‫قانونية االعتقال ألن اإلكراه البدني إجراء يخالف مقتضيات المادة ‪ 11‬من الميثاق الدولي الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه ال يجوز سجن إنسان على أساس ع??دم قدرت??ه على‬
‫‪56‬‬
‫الوفاء بالتزام تعاقدي‪.‬‬
‫والواضح صراحة من خالل الشروط التي‪ ،‬ذكرناها في الفقرة األولى‪ ،‬التي يجب توفرها إذا أردن??ا‬
‫أن نتحدث عن سمو االتفاقيات الدولي??ة‪ ،‬ولع??ل ش??رط اح??ترام االتفاقي??ات الدولي??ة للدس??تور والهوي??ة‬
‫المغربية الراسخة‪ ،‬الذي يستفاد منه أنه ال يمكن المصادقة على أي اتفاقية دولية‪ ،‬تض??رب وتخ??الف‬
‫مبادئ الدستور و ثوابت الهوية المغربية الراسخة‪ ،‬وأنه حس??ب الفص??ل ‪ 55‬من الدس??تور إذا ك??انت‬
‫هناك اتفاقية دولية يوجد بها بند يخالف الدس??تور‪ ،‬ف??إن المص??ادقة على ه??ذه االتفاقي??ة ال تتم إال بع??د‬
‫مراجعة الدستور‪ ،‬هذا النص يحيلنا على نتيجة مهم‪00‬ة ال ج‪00‬دال فيه‪00‬ا‪ ،‬وهي ان الدس‪00‬تور يبق‪00‬ا ه‪00‬و‬
‫األسمى‪ ،‬وأن االتفاقيات الدولية تسمو في الدستور وليس على الدستور‪ ،‬أي انها تأتي في مرتب‪00‬ة‬

‫‪ 53‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية‪ ،‬بطنجة‪ ،‬بتاريخ‪ ،26/11/2009‬في الملف عدد ‪ 2495/08‬تم ذكره في ن‪.‬م‬
‫‪ 54‬قرار للمجلس األعلى‪ ،‬بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪ 1997‬وارد في كتاب لحسن بديهي‪ ،‬وهشام العبودي «اإلكراه البدني في الديون التعاقدية‬
‫بين اإلبقاء واإللغاء" مجلة القانون المغربي عدد‪ 09‬دجنبر ‪ 2005‬ص‪43‬‬
‫‪ 55‬أمر استعجالي رقم ‪ ،2394‬وارد عند لحسن لبيهي‪ ،‬وهشام العبودي " اإلكراه الب??دني في ال??ديون التعاقدي??ة بين اإلبق??اء واإللغ??اء"‬
‫مجلة القانون المغربي عدد ‪ 09‬دجنبر ‪ 2005‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪84‬‬
‫‪ 56‬هو الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬المبرم بنيويورك‪ ،‬يوم ‪ 03‬رمضان ‪ 1380‬المواف??ق ل ‪ 16‬دجن??بر ‪،1966‬‬
‫وقد صادقت المملكة المغربية عليه بتاريخ ‪ 27‬مارس ‪ ،1979‬ونشر بالجريدة الرسمية للملكة عدد ‪ 3525‬الص?ادرة بت?اريخ ‪ 6‬رجب‬
‫‪ 1400‬الموافق ل ‪ 21‬م?ايو ‪ ،1980‬بمقتض?ى ظه?ير ش?ريف‪ ،‬رقم‪ 1.79.186‬بت?اريخ ‪ 17‬ذي الحج?ة ‪ 1399‬المواف?ق ل ‪ 08‬نون?بر‬
‫‪1979‬‬
‫‪21‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫وس‪00‬ط بين الدس‪00‬تور وبين الق‪00‬وانين العادي‪00‬ة‪ .‬فهي أدني من الدس‪00‬تور مرتب‪00‬ة وأعلى من الق‪00‬وانين‬
‫العادية‪.‬‬
‫ونفس األمر بالنسبة لتوجه القضاء المغربي‪ ،‬ال??ذي س??ار في العدي??د من الق??رارات واألحك??ام‪ ،‬إلى‬
‫ترجيح االتفاقيات الدولية‪ ،‬على الق??وانين العادي??ة وليس على الدس??تور‪ ،‬مم‪00‬ا يفي‪00‬د أن ج‪00‬دال الس‪00‬مو‬
‫المطروح في مسألة االتفاقيات الدولية هو سموها على التشريعات الوطنية‪ ،‬التي ال يدخل ضمنها‬
‫الدستور‪ ،‬حيث يبقى هو األسمى وتأتي بعده االتفاقيات الدولية التي تسمو على القوانين الوطني‪00‬ة‬
‫العادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكانة الدستور بالنسبة للقوانين الداخلية‬

‫القواعد القانونية التي يتضمنها النظام القانوني للدولة ليست في مرتبة واحدة‪ ،‬وإنما هي‬
‫مراتب متدرجة‪ ،‬وينتج عن ذلك أن كل قاع??دة ينبغي أال تخ??الف القاع??دة ال??تي تعلوه??ا في المرتب??ة‪،‬‬
‫حيث يظهر مبدأ دستورية القوانين الذي يعد نتيجة متفرعة من مبدأ ســمو الدســتور‪ ،57‬ومن أج??ل‬
‫الوق??وف على مكان??ة القواع??د الدس??تورية بالنس??بة للق??انون ال??داخلي (ثاني??ا)‪ ،‬س??نميز بداي??ة الق??انون‬
‫الدستوري عن القوانين الداخلية األخرى (أوال)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التمييز بين القانون الدستوري والقوانين الوطنية األخرى‬

‫ظهر التمييز بين القوانين الدستورية والقوانين العادية في القرن السابع عشر‪ ،‬حيث أطلق‬
‫الفقه آنذاك على القوانين الدستورية "القوانين األساسية"‪ ،‬باعتبارها المظه??ر األساس??ي المع??بر عن‬
‫سيادة األمة‪ ،‬إضافة إلى أنها قوانين تتعلق بتنظيم السلطات العامة وصالحياتها‪ 58،‬وي?برز االختالف‬
‫بين القواعد الدستورية عن القوانين العادية في عدد من النقاط (أوال)‪ ،‬وهو ما يرتب بالتبعي??ة ع??ددا‬
‫من األثار والنتائج (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مظاهر التمييز‬

‫يمكن الح??ديث عن نق??ط االختالف بين القواع??د الدس??تورية والق??وانين العادي??ة من خالل‬
‫منظوري سمو الدستور (الموضوعي والشكلي)‪:‬‬
‫فمن حيث الس???مو الش???كلي للقاع???دة الدس???تورية ‪ -‬وال???ذي ال يتحق???ق إال بالنس???بة للدس???اتير‬
‫الجام??دة‪ 59،-‬نج??د أن نقط??ة االختالف األولى بين الق??وانين العادي??ة والدس??تورية هي فيم??ا يخص‬

‫‪ 57‬محمد رفعت عبد الوهاب‪" ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة أبو العزم‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪.509‬‬
‫‪ 58‬علي يوسف الشكري‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري"‪ ،‬طبع مؤسسة دار الصادق الثقافية‪ ،2011 ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ 59‬نذكر بأنه ال يتحقق السمو الشكلي للدساتير المرنة‪ ،‬بالرغم من تمتعها بالس?مو الموض?وعي‪ ،‬وذل?ك ب?النظر لع?دم وج?ود ف?رق بین‬
‫القواعد الدستورية المرنة والقانون العادي من الناحية الشكلية‪ ،‬ألن إجراءات تعديل الدستور المرن والقانون الع??ادي واح?دة‪ ،‬بمع??نى‬
‫‪22‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫اإلجراءات المتبعة في التشريع والتعديل‪ ،‬فالق??انون الدس??توري يج??ري تش??ريعه ع??ادة إم??ا بأس??لوب‬
‫المنحة أو العقد أو الجمعية التأسيس??ية أو االس??تفتاء الدس??توري‪ 60،‬في حين يج??ري وض??ع التش??ريع‬
‫العادي والفرعي من قبل السلطة المختصة طبقا للدستور‪ ،‬كما أن إج??راءات تع??ديل الدس??تور تك??ون‬
‫أكثر تعقيدا من تلك التي تعدل بها الق??وانين العادي??ة‪ .‬وعلى س?بيل المث??ال فالم??ادة ‪ 126‬من الدس?تور‬
‫األردني اشترطت إجراءات خاصة لتعديل الدستور تختلف عن اإلجراءات األق?ل تعقي?دا ال?تي نص‬
‫عليها في المادة ‪ 84‬منه‪ ،‬كما تطلب الدستور المغربي إجراءات خاصة كذلك تضمنها الباب الث??الث‬
‫عشر منه‪ 61‬تختلف عن المسطرة التشريعية العادية‪.‬‬
‫أم??ا من حيث الس??مو الموض??وعي‪ ،‬فتختل??ف طبيع??ة الموض??وعات ال??تي يعالجه??ا الق??انون‬
‫الدس??توري عن تل??ك ال??تي يعالجه??ا الق??انون الع??ادي‪ ،‬فالق??انون الدس??توري يح??دد اإلط??ار الفلس??في‬
‫واإليديولوجي والقانوني الذي تعمل في ظله سلطات الدولة والهيئات الحكومي??ة‪ ،‬كم??ا يح??دد تش??كيل‬
‫تلك الهيئات وص?الحياتها والعالق?ة بينه?ا‪ ،‬وينظم الحق?وق والحري?ات العام?ة وض?ماناتها‪ ،‬في حين‬
‫يعالج القانون العادي موضوعات ال عالقة لها بالنظام السياسي في الدولة كالقانون المدني والجنائي‬
‫‪62‬‬
‫والمجال التجاري وغيرها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن السمو الموضوعي يتحقق لجميع أنواع الدساتير‪ ،‬المكتوب??ة منه??ا والعرفي??ة‪،‬‬
‫وسواء كانت مكتوب??ة في نص??وص جام??دة ووفق?ًا إلج??راءات خاص??ة‪ ،‬أم ك??انت مق??ررة في ق??وانين‬
‫عادية‪ ،‬فالسمو الموضوعي يستند إلى موضوع النصوص ومضمونها وهو عام في جميع الدساتير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نتائج التمييز‬


‫تتمثل النتائج المترتبة على مبدأ السمو الموضوعي للدستور‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اح‪00‬ترام مب‪00‬دأ المش‪00‬روعية‪ :‬تدعيم مفه??وم مب??دأ س??يادة حكم الق??انون‪ ،‬بمع??نى ض??رورة أن‬
‫تتصرف السلطات العامة وفقًا لما تقضي به القواعد القانونية القائمة‪ ،‬بحيث تكون جمي??ع تص??رفات‬
‫السلطات العامة في الدولة متفقة وأحكام القانون بمدلوله العام‪ ،‬وتستوي في ذلك الس??لطة التش??ريعية‬
‫أو القض??ائية أو التنفيذي??ة‪ ،‬وبالت??الي تخض??ع الدول??ة بھیئاتھا وأفراده??ا جميعهم ألحك??ام الق??انون وال‬
‫تخرج عن حدوده‪ ،‬وإال عدت أعمالها خروجا عن مبدأ المشروعية‪ 63،‬وال ينعطف مبدأ المش??روعية‬
‫على تصرفات طائفة دون األخرى‪ ،‬بل يمتد ليشمل المحك??ومين في عالق??اتهم والحك??ام أو الرؤس??اء‬
‫في مزاولة سلطاتهم‪ ،‬بحيث يكون هؤالء وأولئك خاضعين ألحكام القانون على حد س??واء‪ ،‬وه??ذا ال‬

‫أن الدساتير الجامدة وحدھا تتمتع بالسمو الموضوعي والشكلي معًا أما الدساتير المرنة فال تتمت??ع إال بالس??مو الموض??وعي فق??ط دون‬
‫السمو الشكلي‬
‫‪ 60‬نادية جامع‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 61‬الباب الثالث عشر من الدستور المغربي لسنة ‪ ،2011‬الفصول من ‪ 172‬إلى ‪.175‬‬
‫‪ 62‬علي يوسف الشكري‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ 63‬للمزيد المرجو االطالع على‪ :‬أحمد أجعون‪" ،‬القضاء اإلداري"‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس ‪-‬المغرب‪ ،2013 ،-‬ص ‪ 6‬وما يليها‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫يتحقق إال في ظل الدولة القانونية‪ 64.‬وبناء على ذلك يؤدي سمو الدستور إلى إلزام الحك??ام ب??احترام‬
‫قواعده وأحكامه‪ ،‬وإال كانت التصرفات الصادرة عنهم والمخالفة ألحك??ام الدس??تور وقواع??ده باطل??ة‬
‫‪65‬‬
‫وليس لها أي قيمة قانونية‪.‬‬

‫‪-‬حظر تفويض االختصاصات التي منحها الدستور‪ :‬بما أن الدستور يح?دد الس?لطات بش?كل‬
‫مطلق بمعنى أن القاعدة الدستورية أساس السلطات كافة‪ ،‬وهذه الس??لطات س??واء ك??انت تش??ريعية أم‬
‫تنفيذية ال تمارس حقا شخصيا تتصرف به كما تشاء‪ ،‬بل تمارس وظيف??ة تح?ددها النص??وص وت??بين‬
‫شروطها ومداها‪ ،‬ذلك أن كل سلطة من السلطات العام??ة في الدول??ة إنم??ا تق??وم بأعماله??ا ووظائفه??ا‬
‫كمفوض??ة من األم??ة‪ ،‬وينتج عن ذل??ك ب??أن ه??ذه الس?لطات ال تس?تطيع تف??ويض غيره??ا في ممارس?ة‬
‫اختصاصاتها‪ 66،‬إال إذا سمح الدستور بذلك ووفق شروط يحددھا‪ ،‬فيعد التفويض مش??روعًا في ھذه‬
‫الحالة نظرًا لكون الدستور ھو الذي سمح به‪ ،67‬حیث يعد تصرف السلطة نابع ?ًا من الدس??تور نفس??ه‬
‫‪68‬‬
‫وال یتوقف على إرادة السلطة وحدھا‪.‬‬

‫أما السمو الشكلي للدستور فيرتب بدوره عددا من النتائج منها ‪:‬‬

‫‪-‬ثبات القوانين الدس‪00‬تورية أك‪00‬ثر من الق‪00‬وانين العادي‪00‬ة‪ :‬من أهم مم??يزات ص??ياغة القاع??دة‬
‫الدستورية أنها تتسم بالعمومية واالقتضاب‪ ،‬مم??ا ينعكس على ثب??ات واس??تقرار تل??ك القواع??د نس??بيا‬
‫أكثر من القوانين العادية‪ ،‬بحيث تؤدي هذه الميزة ‪ -‬االقتض?اب ‪-‬إلى إمكاني?ة تطبيقه?ا ألط?ول ف?ترة‬
‫زمنية؛ ألنها ستكون قادرة على مواجهة واستيعاب كافة المتغيرات المتالحقة س??واء ك??انت سياس??ية‬
‫أو اقتصادية أو اجتماعية التي قد تحدث في الدولة‪.‬‬
‫وهذا الثبات نسبي وليس مطلق‪ ،‬وإال أدى إلى عدم إمكانية مالحقة هذه القواع??د للتط??ورات‬
‫المتتالية التي تشهدها الدولة في كافة الجوانب االقتصادية واالجتماعي??ة والسياس??ية‪ ،‬وأدى ذل??ك إلى‬
‫مصادرة حق األمة في تعديل دستورها‪ 69،‬فما من دس??تور في الع??الم إال ويمكن تعديل??ه‪ ،‬ب??ل إن من‬
‫الدساتير ما جرى تعديله حتى قبل نفاذه‪ ،‬مثل الدستور األمريكي الذي عدل قبل نفاذه‪ ،‬ولم يكن ذل??ك‬
‫يتعارض مع صفة الجمود التي يتسم بها‪ ،‬فهذا الدستور ظل ناف?دًا م?ا يرب?و على المئت?ان وعش?رون‬
‫‪70‬‬
‫سنة‪ ،‬ولم يعدل إال ستة وعشرون مرة فقط‪.‬‬

‫‪ 64‬عبد العزيز سعد ربيع‪" ،‬القيمة القانونية لمقدمات الدساتير"‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬اإلصدار ‪ 3‬من العدد ‪ ،38‬يوليو‬
‫‪ ،2023‬ص‪.195‬‬
‫‪ 65‬نزیه رعد‪" ،‬القانون الدستوري العام‪ ،‬المبادئ العامة والنظم السياسية"‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،1999 ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪ 66‬عصام سعيد عبد احمد‪" ،‬الرقابة على دستورية القوانين (دراسة مقارنة)‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.79‬‬
‫‪ 67‬ينص الفصل ‪ 91‬من الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬على أنه " يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية في اإلدارات‬
‫العمومية‪ ،‬وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬دون إخالل بأحكام الفصل ‪ 49‬من هذا الدستور‪ .‬يمكن‬
‫لرئيس الحكومة تفويض هذه السلطة‪ ،".‬كما ينص الفصل ‪ 70‬منه على أن " للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من‬
‫الزمن محدود‪ ،‬ولغاية معينة‪ ،‬بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها‪"...‬‬
‫‪ 68‬مجدي عبد الحميد شعيب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ 69‬عوض الليمون‪ " ،‬الوجيز في النظم السياسية ومبادئ القانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة دار النشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2016 ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ 70‬علي يوسف الشكري‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪24‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪ -‬عدم جواز مخالفة القوانين العادية للقوانين الدستورية ‪ :‬من بين ما يميز الدستور المرن‬
‫أو الجامد هو اإلجراءات والشكليات الخاصة الواجب اتباعه في التع??ديل‪ ،‬ف??إذا ك??ان الدس??تور مرن?ًا‬
‫فإن أي مخالفة ألحكام?ه من قب?ل المش?رع الع?ادي تعت?بر تع?ديًال ل?ه‪ ،‬في حين تع?د مخالف?ة الق?انون‬
‫العادي ألحك?ام الدس?تور الجام?د خرق?ًا لمب?دأ المش?روعية والت?درج الق?انوني ال?واجب مراعات?ه في‬
‫التشريع‪ ،‬وبالتالي يكون مصير القانون البطالن سواء نص الدستور على ذلك ص?راحة أم لم ينص‪،‬‬
‫‪71‬‬
‫باعتبار أن هذا الحكم نتيجة منطقية لعدم مراعاة مبدأ التدرج القانوني‪.‬‬
‫‪-‬عدم جواز تعديل القانون الدستوري إال بق‪00‬انون دس‪00‬توري آخ‪00‬ر‪ :‬إن من نتائج س??مو الق??وانين‬
‫الدستورية على القوانين العادية‪ ،‬ع??دم ج??واز تع??ديلها أو إلغائه??ا إال بق??وانين أخ??رى مماثل??ة له??ا في‬
‫المرتب??ة‪ ،‬فال يمكن إلغ??اء أو تع??ديل الق??وانين دس??تورية إال بق??وانين دس??تورية مماثل??ة‪ ،‬تتخ??ذ وف??ق‬
‫إجراءات وشكليات مماثلة‪ ،‬وبالتالي فإن القانون العادي ال يمكنه تعديل قانون دستوري‪ 72،‬والقاع??دة‬
‫في ذلك أن القانون األدنى ال يلغي أو يعدل القانون األعلى منه درجة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬علوية الدستور على القانون الداخلي‬


‫تحتل القواعد الدستورية قمة الهرم القانوني في الدولة‪ ،‬وتتميز بعلوها وسموها على م??ا ع??داها من‬
‫قواع??د‪ ،‬ولئن ك??انت بعض الدس??اتير تنص ص??راحة على بطالن الق??وانين ال??تي تخ??الف مقتض??يات‬
‫الدستور‪ ،‬فإن عدم التنصيص على ذلك ال يعني صحة تل??ك الق??وانين‪( 73‬أوال)‪ ،‬غ??ير أن مب??دأ س??مو‬
‫الدستور يرد عليه اسـتثناء يعرف "بنظرية الضرورة"‪ ،‬وتكتس??ب ه??ذه النظري??ة أهمي??ة خاص??ة في‬
‫األوقات العصيبة التي تمر بها الدولة‪( .‬ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬خضوع القانون الداخلي للدستور‬


‫تمثل قواعد الدستور القانون األساسي الذي يتحدد بمقتضاه النظام القانوني في الدول??ة‪ ،‬ويتعين على‬
‫أساسه وجود السلطات العامة وما تطلع به من وظائف واختصاصات‪ ،‬ويشكل مصدرًا لما تق??وم ب??ه‬
‫من أعمال وتصرفات‪ 74،‬وللحديث عن مكانة الدستور الداخلية يمكن التطرق إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ 71‬علي يوسف الشكري‪" ،‬ن‪ .‬م‪.320 ،‬‬


‫‪ 72‬عصام علي الدبس‪" ،‬القانون الدستوري"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،2011 ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ 73‬أحمد إدعلي‪" ،‬المختصر في النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة الكرامة الرباط‪-‬المغ??رب‪ ،-‬الطبع??ة الثاني??ة‪ ،2022 ،‬ص‬
‫‪.110‬‬
‫‪ 74‬محمد كاظم المشهداني‪" ،‬القانون الدستوري‪ :‬الدولة ‪-‬الحكومة ‪-‬الدستور"‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص‬
‫‪273‬‬
‫‪25‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪75‬‬
‫مقدمات الدساتير‪:‬‬
‫ج??رت ال??دول الحديث??ة ال??تي ق??امت بع??د الح??رب العالمي??ة األولى‪ ،‬على تض??مين مق??دمات‬
‫الدساتير عددا من المبادئ تحدد األسس السياسية واالجتماعية للنظام الجديد‪ 76،‬ومن أمثلة الدس??اتير‬
‫ال??تي تتض??من مق??دمات‪ ،‬نج??د الدس??تورين الفرنس??يين الص??ادرين في عه??د الجمهوري??تين الرابع??ة‬
‫‪78‬‬
‫والخامسة‪ ،77‬والدستور المغربي الحالي لسنة ‪.2011‬‬
‫وقد نشأ خالف بين فقه??اء الق??انون الدس??توري بش??أن م??ا يتعل??ق بالقيم??ة القانوني??ة لمق??دمات‬
‫الدس??اتير‪ ،‬بين من ي??ذهب إلى تجري??د مقدم??ة الدس??تور من أي قيم??ة قانوني??ة ومن أي ق??وة ملزم??ة‪،‬‬
‫فيعتبرها مجرد مبادئ وتوجهات وأهداف ذات قيمة سياسية أو فلسفية أو أخالقية‪ ،‬ومنه فهي تتمت??ع‬
‫بقيمة أدبية فقط‪ ،‬وذلك حتى في مواجهة المشرع العادي (البرلمان)‪ ،‬إذ بإمكان هذا األخير أن يضع‬
‫‪79‬‬
‫تشريعات وقوانين مخالفة لما تضمنته مقدمة الدستور من أحكام‪.‬‬
‫في حين أعطى اتجاه آخر لديباجة الدستور قيمة قانونية تعادل قيم??ة النص??وص الدس??تورية‬
‫األخرى التي يتضمنها الدستور‪ ،‬فهي جزء من بنيان الدولة الق?انوني‪ ،‬إذ أنه?ا ﻻ تص?در عبث?ا ‪-‬فهي‬
‫مثل الدستور‪ -‬ملزم?ة للمش?رع ويحظ?ر علي?ه مخالفته?ا‪ ،‬وبن?اء على ذل?ك فإن?ه يج?وز التمس?ك به?ا‬
‫‪80‬‬
‫والطعن بعدم دستورية أي قانون يخالف أحكامها‪.‬‬
‫على أن الرأي ال??راجح يع??ترف لمقدم??ة الدس??تور بالقيم??ة القانوني??ة اإللزامي??ة‪ ،‬خاص??ة وأن‬
‫االجتهاد القضائي الفرنسي قد حسم هذا األمر من خالل مقررات محاكم الموضوع ومحكمة النقض‬
‫‪81‬‬
‫وكذا مجلس الدولة الفرنسي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمغرب فإذا كانت القيمة القانونية لديباجة الدستور قد أثيرت فيم??ا س??بق‪ -‬وأم??ام‬
‫غياب قرار واض??ح من المجلس الدس??توري‪ -‬من قب??ل الفق??ه المغ??ربي‪ ،‬بين من يض??في عليه??ا قيم??ة‬
‫دستورية وبين من يجردها منها‪ ،‬إال أن هذا النقاش قد حسم في أمره بع??د التع??ديل الدس??توري ال??ذي‬
‫شهده المغرب في ‪ 29‬يوليو ‪ 2011‬حيث نص هذا األخير صراحة على أن??ه "يش??كل ه??ذا التص??دير‬
‫‪" 75‬يبدأ الدستور عادة بديباجة نظرية‪ ،‬تتضمن إشارة إلى منابع الدستور والمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها‪ ،‬واألهداف التي يسعى‬
‫المجتمع لتحقيقها وترسم الديباجة ‪-‬عادة‪ -‬الخط?وط الرئيس?ية ال?تي يبتغيه?ا الدس?تور‪ ،‬كمنهج لسياس?ة الدول?ة وإرادته?ا‪ ،‬وق?د تتض?من‬
‫الديباجة بيانات بالحريات العامة‪ ،‬وحقوق المواطنين السياسية واالقتصادية واالجتماعية"‪ ،‬للمزيد المرجو االطالع على إبراهيم أب??و‬
‫خزام‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪ ،2010 ،‬ص ‪68‬‬
‫‪ 76‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬الجامعة االفتراضية السورية‪ ،‬الطبع??ة األولى‪ ،‬لس??نة ‪ ،2009‬ص‬
‫‪93‬‬
‫‪ 77‬ورد في مقدمة دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الصادر في الرابع ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬م??ا يلي "يعلن الش??عب الفرنس??ي بص??فة‬
‫رسمية‪ ،‬تمسكه بحقوق اإلنسان ومبادئ السيادة الوطنية بالصورة التي حررت بها في إعالن ‪ ،1789‬وال?تي أك?دتها واكملته?ا مقدم?ة‬
‫الدستور سنة ‪ 1946‬وكذلك الحقوق والواجبات الوالدة في ميثاق البيئة لسنة ‪ 2004‬وبمقتضى هذه المبادئ ومبدأ حري??ة الش?عوب في‬
‫تقرير مصيرها ‪"...‬‬

‫‪ 78‬تضمن الدستور المغربي الصادر سنة ‪ ،2011‬تصديرا يعتبر بمثابة مقدمة للدستور ضمنه المشرع الدستوري بعض المبادئ‬
‫والقيم والتوجهات واألهداف األساسية‪ ،‬التي تعد في تقديره بمثابة الدعائم والمرتكزات األساسية التي تحكم وتضبط الخطة السياسية‬
‫العامة للدولة سواء على مستوى سياستها الداخلية أو الخارجية‪.‬‬
‫‪ 79‬عبد الرزاق عريش‪" ،‬قراءة أولية في مقدمة الدستور المغربي الجديد"‪ ،‬مقال منشور بموقع العلوم القانونية ‪ ،Maroc droit‬على‬
‫الراب??ط المختص??ر ‪ ،https://2u.pw/0EhXNJ3‬ت??اريخ النش??ر ‪ 19‬يوني??و ‪ ،2012‬تم االطالع في ‪ 21/01/2024‬على الس??اعة‬
‫‪.17:32‬‬
‫‪ 80‬مصطفى أبو زيد فهمي‪" ،‬الدستور المصري"‪ ،‬مطبعة نصر مصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1958 ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ 81‬للمزيد المرجو االطالع على‪ :‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 97‬وما يليها‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫جزء ال يتجزأ من هذا الدستور"‪.‬‬


‫ويترتب عن هذا ك?ون جمي?ع المقتض?يات ال?واردة في مقدم?ة الدس?تور‪ ،‬تتمت?ع بنفس القيم?ة‬
‫الدستورية المخولة لباقي فصول الدستور‪ ،‬وبالتالي فان المحكمة الدستورية‪ ،‬في ميدان رقابتها على‬
‫دس??تورية الق??وانين واالتفاقي??ات‪ ،‬ملزم??ة ب??أن تأخ??ذ في االعتب??ار المقتض??يات ال??واردة في ديباج??ة‬
‫‪82‬‬
‫الدستور‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫العرف الدستوري‪:‬‬

‫اختلف الفقه في منزلة العرف الدستوري‪ ،‬حيث يرى البعض أن للع?رف الدس?توري منزل?ة‬
‫تسمو على الدستور المدون‪ ،‬لكونه هو المعبر عن إرادة األمة‪ ،‬لكن هناك من يرى أن للع??رف نفس‬
‫مرتبة قواعد الدستور المدون‪ ،‬على أساس وحدة المصدر بينهما‪ ،‬ألن الس??لطة الحاكم??ة وهي تعت??اد‬
‫على اتباع سلوك معين إنما تعبر عن إرادة األمة كذلك‪ ،‬في حين يرى آخ?رون أن القاع??دة القانوني??ة‬
‫المدونة تس?مو على القاع??دة العرفي??ة بقط??ع النظ??ر عن الس?لطة ال??تي ش?رعتها (الس?لطة التـأسيسية‬
‫األصلية‪-‬البرلمان‪ )-‬ومك?ان وروده?ا (الدس?تور‪-‬الق?انون‪-‬الالئح?ة)‪ ،‬فك?ل قاع?دة مدون?ة تس?مو على‬
‫العرف‪ ،‬وه??ذا ال??رأي ي??ذهب بعي??دًا في مج??ال إقص??اء الع??رف الدس??توري ‪،‬وه??و األق??رب ألنص??ار‬
‫‪84‬‬
‫المدرسة الشكلية الذين ال يقرون القاعدة القانونية إال إذا كانت مدونة‪.‬‬

‫وعموما فإن الفقه يميز بين ‪ 4‬أنواع من العرف الدستوري‪:‬‬


‫‪-‬العرف المفسر الذي يقتصر أث??ره على تفس??ير نص من نص??وص الدس??تور‪ ،‬والعم??ل على‬
‫توضيحه‪ ،‬وبيان كيفية تطبيقه‪ ،‬وذلك من أجل إزالة غموضه‪ ،‬أي أنه ال ينشئ قواع?د جدي?دة‪ ،‬وإنم?ا‬
‫يعمل في دائرة النصوص وفي نطاقها‪ ،‬من أجل تحديد مدلولها‪ ،‬وتفسيرها تفسيرا يزيل غموضها‪.‬‬
‫وتتجلى أهمية العرف الدستوري المفسر في حالة إيجاز نصوص الوثيقة الدس??تورية‪ 85،‬وال‬

‫‪ 82‬ومن هذه القرارات التي استند فيها المجلس الدستوري على الديباجة‪ ،‬قرار عدد‪ 817‬بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر‪ 2011‬الصادر (قرار رقم‬
‫‪ 11/817‬صادر في ‪ 13‬أكتوبر‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 5987‬بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،)2011‬في ش??أن الق??انون التنظيمي لمجس الن??واب‪،‬‬
‫وظف فيه القاضي الدستوري تصدير الوثيقة الدستورية لعام ‪ ،2011‬استنادا على مبادئ دس??تورية جوهري??ة (مث??ل مب??دأ المس??اواة)‪،‬‬
‫وكرس الفقرة األخيرة من تصدير الوثيقة الدستورية ‪ 2011‬التي تنص على "حظ??ر ومكافح??ة ك??ل أش??كال التمي??يز بس??بب الجنس أو‬
‫الل??ون أو اإلعاق??ة أو الثقاف??ة‪ "...‬أنظ??ر ‪ :‬نعيم??ة الس??امري‪" ،‬ديباج??ة الدس??تور بين القيم??ة القانوني??ة و التطبيق??ات القض??ائية"‪ ،‬مخت??بر‬
‫الدراسات السياسية و القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬فاس‪ -‬المغرب‪ ،‬ص‪ 9‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 83‬يقصد بالعرف الدستوري‪ ،‬القاعدة غير المدونة التي يؤدي تكرارها ومزاولتها إلى أن تص?بح له??ا ق??وة القاع??دة القانوني??ة‪ ،‬وكمث??ال‬
‫على العرف الدستوري تحديد انتخاب رئيس األولياء في المتح??دة األمريكي??ة م??رة واح??دة ه??ذا الع??رف تم حرق??ه من ط??رف ال??رئيس‬
‫فرانكلين روزفلت‪ ،‬الذي تم تجديد انتخابه مرتين متواليتين‪ ،‬إال أنه ارتقى إلى مستوى القاعدة الدستورية المكتوب??ة بمقتض??ى التع??ديل‬
‫الدستوري لسنة ‪.1951‬‬
‫‪ 84‬للتفصيل المرجو االطالع على‪ :‬علي يوسف الش?كري‪" ،‬الوس?يط في فلس?فة الدس?تور'‪ ،‬مطبع?ة زين الحقوقي?ة واألدبي?ة‪ ،‬ب?يروت‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬بدون ذكر الطبعة والسنة‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ 85‬كما حصل مع دس?تور الجمهوري??ة الفرنس?ية الثالث??ة لع??ام ‪ ،1875‬حيث لعب الع??رف دورا هام??ا في تفس?ير وتوض?يح العدي??د من‬
‫نصوصه‪ ،‬وعلى سبيل المثال تفسير المادة الثالثة‪ ،‬التي تنص على أن "رئيس الجمهورية يكفل تنفي??ذ الق??وانين"‪ ،‬حيث تق??رر ل??رئيس‬
‫الجمهورية سلطة إصدار لوائح تنفيذي?ة‪ ،‬على ال?رغم من ع?دم وج?ود نص يق?ر ل?ه ص?راحة ه?ذا الح?ق‪ ،‬اس?تنادا إلى أن كفال?ة تنفي?ذ‬
‫القوانين ال تتأكد إال بإصدار اللوائح الالزمة لتنفيذها‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫خالف في أن العرف الدستوري المفسر يقيد ج?زءا من الدس?تور الم?دون ال?ذي يق?وم على تفس?يره‪،‬‬
‫‪86‬‬
‫فيأخذ تبعا لذلك تفس قيمته القانونية سواء كان الدستور مرنا أو كان جامدا‪.‬‬
‫‪-‬العرف المكمل الذي يكمل القصور أو النقص الذي قد يوجد في النصوص الدستورية‪ ،‬وق?د‬
‫اختلف الفقه بخص?وص قيمت?ه القانوني?ة‪ ،‬فغالبي?ة رج?ال الفق?ه الدس?توري يلحق?ون الع?رف المكم?ل‬
‫ب??العرف المفس??ر‪ ،‬ويخض??عونهما لنفس األحك??ام من حيث االع??تراف لك??ل منهم??ا بق??وة النص??وص‬
‫الدستورية‪ ،‬وس??بب ذل??ك أن الع??رف المكم??ل يرتك??ز في واق??ع األم??ر على تفس??ير س??كوت المش??رع‬
‫الدستوري عن الموضوعات التي أغفل تنظيمها‪ ،‬وطالما أن هذا العرف ال يتضمن مخالفة صريحة‬
‫لنص من نصوص الدستور وال يعدله‪ ،‬فإنه يلحق بالعرف المفسر ويأخذ حكمه وقيمته القانونية‪.‬‬
‫غير أن بعض الفقه ينكر على العرف المكمل أن تكون له قوة النصوص الدستورية استنادا إلى أن‬
‫المشرع ال يستطيع أن يضفي القوة الدس??تور على تش??ريعاته في ظ??ل دس??تور جام??د وإال ع??د عمل??ه‬
‫مخالفا للدستور‪ ،‬ونظرا لكون العرف يمثل إرادة المشرع أو إحدى الس?لطات العام?ة‪ ،‬فإن?ه يبقى في‬
‫‪87‬‬
‫مرتبة التشريع العادي‪ ،‬وال يرقى إلى مرتبة الدستور الموضوع من قبل السلطة التأسيسية‪.‬‬

‫العرف المعدل‪ :‬ال يقتصر دور العرف الدستوري على تفسير القواع?د الدس?تورية المكتوب?ة أو إكماله?ا‪ ،‬وإنم?ا ق?د‬
‫يصل إلى حد تعديل هذه النصوص‪ ،‬ف??العرف الدس??توري المع??دل ه??و ذل??ك الع??رف ال??ذي يع??دل حكم?ًا من أحك??ام‬
‫الوثيقة الدستورية‪ ،‬سواء بحذف حكم من أحكامها‪ ،‬أم بإضافة حكم جديد إليها كما هو حال العرف المكمل‪ ،‬ولكن??ه‬
‫يختلف عن العرف المكمل ألنه يعدل في أحكام الوثيقة الدستورية بإضافة حكم جديد‪ ،‬في حين أن العرف المكم??ل‬
‫ينحصر دوره في تنظيم األمور التي تناولتها الوثيق?ة الدس?تورية على نح?و ج?زئي‪ ،‬أم?ا الع?رف المع?دل بالح?ذف‬
‫فيكون بإسقاط حق أو اختصاص من االختصاصات المقررة في وثيقة الدستور؛ أي يك??ون دوره متمثال في ع??دم‬
‫تطبيق نص دستوري‪.‬‬

‫وقد انقسم الفقه في القيمة القانونية للعرف المعدل‪ ،‬حيث ذهب البعض إلى عدم االعتراف ب??أي قيم??ة قانوني??ة ل??ه‪،‬‬
‫فالعرف ال يمكنه تعديل أحكام الدستور المكتوبة وخاص??ة إذا ك??ان الدس??تور جام??دًا‪ ،‬وبه??ذا المنظ??ور يع??د الع??رف‬
‫المعدل خرقًا لنصوص الدستور‪ ،‬وإعالء إلرادة الهيئات الحاكمة منشئة العرف على إرادة األمة المع??بر عنه??ا في‬
‫الدستور‪ ،‬وهذا هو االتجاه السائد الذي يتبناه معظم الفقهاء‪.‬‬
‫في حين يقر اتجاه آخر بمشروعية العرف المعدل‪ ،‬على أساس أن العرف في حقيقته ليس سوى التعب??ير المباش??ر‬
‫عن إرادة األمة صاحبة السيادة التي تملك حق تعديل الدس??تور‪ ،‬ولكن أص??حاب ه??ذا ال??رأي انقس??موا إلى ف??ريقين‪،‬‬
‫فريق يرى أن للعرف المعدل قيمة قانونية تساوي قيمة القوانين العادية‪ ،‬وآخر يرى أن له قيمة نصوص الدستور‪.‬‬
‫أما االتجاه األخير فهو يم?يز في المش?روعية والقيم?ة القانوني?ة للع?رف المع?دل بين‪ :‬الع?رف المع?دل باإلض?افة‪،‬‬
‫والعرف المعدل بالحذف‪ ،‬حيث يعترفون بمشروعية األول‪ ،‬ويعطونه القيمة القانونية نفسها ألحكام الدس??تور‪ ،‬أم??ا‬
‫الثاني فال يعترفون بمشروعيته‪ ،‬وال بإمكان حدوثه عمليًا؛ ألن عدم استخدام الس?لطات الحاكم?ة لح?ق من حقوقه?ا‬
‫الدستورية ال يسقط هذا الحق مع مرور الزمن؛ ألنه يمكنها استخدامه متى شاءت‪.‬‬

‫القوانين األساسية‪:‬‬

‫القوانين األساسية هي القواعد المتعلقة ‪-‬بصفة عامة‪ -‬بنظام الحكم ومحله??ا الدس??تور‪ ،‬إال أن‬
‫السلطة التأسيسية تركت أمر إصدارها للسلطة التشريعية‪ ،‬متمثل??ة في البرلم??ان‪ ،‬لتحقي??ق أك??بر ق?در‬

‫‪ 86‬محمد كاظم المشهداني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.257‬‬


‫‪ 87‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري المقارن"‪ ،‬بدون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2021 ،‬ص‪.249‬‬
‫‪28‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫ممكن االستقرار للنصوص الدستورية‪ ،‬وتالفي تعديل هذه النصوص بصورة متالحقة‪ ،‬كونها قابل??ة‬
‫‪88‬‬
‫للتعديل والتغيير وكل ذلك يحسن معه إسناد سلطة إصدار القوانين األساسية للبرلمان‪.‬‬
‫وق??د اص??طلح الفق??ه الفرنس??ي على تس??مية تل??ك الق??وانين العادي??ة ال??تي تص??درها الس??لطة‬
‫التشريعية والتي تعالج مسائل تعد دستورية بطبيعتها التص??الها بنظ??ام الحكم من الناحي??ة السياس??ية‪،‬‬
‫وبتنظيم سير السلطات العامة في الدول??ة ب"‪( "les lois organiques‬واس?تخدام تعب??ير الق??انون‬
‫األساسي ناتج ببساطة عن الممارسة وليس له عواقب قانونية)‪ 89،‬وتختلف التس??ميات المح??ددة له??ا‬
‫في اللغة العربي??ة‪ ،90‬ويمكن أن ينص المش??رع الدس??توري في الورق??ة الدس??تورية على م??ادة معين??ة‬
‫يحيل تنظيمها وشرحها إلى المشرع العادي من خالل قانون أساسي‪ ،‬وقد يقوم المشرع العادي دون‬
‫تفويض المشرع الدس??توري‪ ،‬بإص??دار تش??ريعات ذات طبيع??ة دس??تورية‪ ،‬غ??ير أن غالبي??ة الق??وانين‬
‫األساس??ية في مختل??ف ال??دول‪ ،‬تص??در بن??اء على تكلي??ف من قب??ل المش??رع الدس??توري من خالل أن‬
‫النص في الدستور على قي?ام المش?رع الع?ادي بإص?دار ه?ذه الق?وانين لتنظيم مس?ائل وموض?وعات‬
‫‪91‬‬
‫معينة ذات طبيعة دستورية‪.‬‬
‫وتحت?ل الق?وانين األساس?ية في ظ?ل الدس?اتير المرن?ة نفس مرتب?ة الدس?تور‪ ،‬حيث تس?تطيع‬
‫السلطة التش?ريعية أن تص??در قانون??ا يع??الج موض??وعا من الموض??وعات المتص??لة بنظ??ام الحكم في‬
‫الدولة حتى ولو قرر أحكاما تخالف األحكام المقررة في الوثيقة الدس??تورية‪ ،‬حيث يع??د ذل??ك تع??ديال‬
‫ألحكام الوثيقة الدستورية‪ ،‬ما دامت الوثيقة الدستورية ال تتطلب إجراءات خاصة لتع?ديل قواع?دها‪،‬‬
‫وبالتالي يج?وز للس?لطة التش?ريعية عن طري?ق ه?ذه الق?وانين أن تع?دل الق?انون الدس?توري للدول?ة‪،‬‬
‫وبالتالي فال جدوى والحال كذلك التفرقة بين قانون دستوري وبين آخر أساسي أو عادي‪ ،‬فالكل في‬
‫‪92‬‬
‫مرتبة واحدة‪.‬‬
‫أما في ما يتعلق بالدساتير الجامدة فيتم التمييز بين القوانين األساسية التي ال ينص المش??رع‬
‫الدستوري على إجراءات خاصة إلصدارها وتعديلها‪ ،‬حيث تصدر وتعدل هذه القوانين س??واء ك??ان‬
‫صدورها تطبيقا لنص دستوري أو كانت صادرة تلقائي??ا عن الس??لطة التش??ريعية‪ ،‬بنفس اإلج??راءات‬
‫التي تصدر وتعدل وفقها القوانين العادية‪ ،‬وهكذا يتصدر التشريع الدس??توري س??لم ت??درج الق??وانين‪،‬‬
‫ويليه التشريع الصادر عن البرلمان‪ ،‬سواء تعلق األمر بقوانين عادية أو قوانين أساسية تنظم مسائل‬
‫الدستورية‪ ،‬لذلك ال يمكن لقانون أساسي أن يخالف الدستور‪ ،‬بينما يترتب عن مخالفة قانون أساسي‬

‫‪ 88‬حمود محمد القديمي‪" ،‬القوانين األساس?ية ودوره?ا في تنظيم المس?ائل الدس?تورية"‪ ،‬مجل?ة الق?انون الدس?توري والعل?وم اإلداري?ة‪،‬‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية‪ ،‬ألمانيا ‪-‬برلين‪ ،-‬العدد ‪ ،20‬غشت ‪ ،2023‬ص‪.248‬‬
‫‪89‬‬
‫‪Francis Hamon Et Michel Troper, "DROIT CONSTITUTIONNEL", Lextenso édition, 35 e‬‬
‫‪édition, p 51‬‬
‫‪ 90‬فهي تسمى في الجمهورية الجزائرية "القوانين العضوية" أخذا بالترجمة الحرفية للتعبير الفرنسي‪ ،‬ويسمونها في ك??ل من المملك??ة‬
‫المغربية والجمهورية اإلسالمية الموريتانية "القوانين التنظيمية" بينم??ا يطل??ق عليه??ا في الجمهوري??ة التونس??ية "الق??وانين األساس??ية‪،‬‬
‫انظر حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 91‬محمود ياسين النمروطي وعبد الرحمن أحمد أبو بنات‪ " ،‬رقابة المحكمة الدستورية على القوانين األساسية دراسة تحليلية وصفية‬
‫مقارنة بين دولة فلسطين ومصر"‪ ،‬مجلة جامعة الزيتونة للدراسات القانونية‪ ،‬المجلد ‪ 2‬اإلصدار ‪ ،2021 ،3‬ص ‪.38‬‬

‫‪ 92‬جابر جاد نصار ‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪ ،1998 ،-‬ص ‪.67‬‬
‫‪29‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪93‬‬
‫لقانون عادي أو العكس إلغاء القانون الالحق للقانون السابق له‪.‬‬
‫بينما إذا نص المشرع الدستوري على إج?راءات خاص?ة لوض?ع الق?وانين األساس?ية‪ ،‬فإنه?ا‬
‫تحت??ل في ه?ذه الحال??ة مكان??ة الدس?تور نفس?ه في حال??ة م??ا تطلب المش?رع لوض??عها و تع??ديلها نفس‬
‫اإلجراءات المتطلبة للدستور ويمكنها بالتالي أن تأتي بقواعد تخالف أو تع??دل ه??ذا األخ??ير‪ ،‬أم??ا إذا‬
‫تطلب وضعها و تعديلها إجراءات خاصة لكنها أقل تعقيدا من تلك المتطلبة لتع??ديل الدس??تور‪ ،‬فإنه??ا‬
‫تحت??ل مرتب??ة أدنى من الدس??تور وأعلى من الق??وانين العادي??ة‪ ،94‬كم??ا ه??و الح??ال بالنس??بة للدس??تور‬
‫المغ??ربي ال??ذي ف??رض إج??راءات خاص??ة لتش??ريع الق??وانين التنظيمي??ة‪ 95‬وه??و نفس الش??أن بالنس??بة‬
‫‪96‬‬
‫للمشرع الدستوري الفرنسي‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬نظرية الضرورة‪:‬‬

‫مفاد هذه النظرية‪ ،‬أن القواعد و المبادئ الدستورية إنما شرعت للظروف االعتيادية الطبيعية‪ ،‬ف??إذا‬
‫تعرضت الدولة لخطر جسيم أو ظروف استثنائية‪( ،‬كحرب خارجية أو داخلية أو لعملي??ات إرهابي??ة‬
‫منظم??ة أو مظ??اهرات عنيف??ة ته??دد كي??ان الدول??ة والمجتم??ع)‪ ،‬الش??يء ال??ذي يمكن أن يش??كل تهدي??دًا‬
‫وترويعًا ألمن السكان أو خطرًا على سالمتهم الجسدية‪ ،‬بل قد يمتد هذا الخطر ليشكل تهديدًا حقيقي??ًا‬
‫للوجود البيولوجي لمجموعة من الناس أو لكل الن?اس‪ ،‬الش?يء ال?ذي يف?رض أن ال يتم التعام?ل م?ع‬
‫هذه الظروف االستثنائية بنفس الكيفية واآلليات التي تتبع عادة في الظروف العادية‪ ،‬وتكون بالت??الي‬
‫هناك حاجة التخاذ ت??دابير اس??تعجالية وغ??ير مألوف??ة انطالق?ًا من القاع??دة الروماني??ة المعروف??ة ب??أن‬
‫"سالمة الشعب فوق القانون"‪ 97،‬والذي يج??وز وفق??ا له??ا وبن??اء على ش??روط وض??وابط‪ ،‬للس??لطات‬
‫العامة الخروج على مقتضى القواعد الدستورية والقانونية‪ ،‬إلعطائها قدرا من الحرية في التصرف‬
‫‪98‬‬
‫دون خشية الوقوع في الالمشروعية إلنقاذ الدولة من الخطر المحذق بها‪.‬‬

‫فإذا كانت النصوص الدستورية تبين اختصاصات الس??لطات الثالث في الدول??ة (التش??ريعية‬

‫أحمد إدعلي‪" ،‬المختصر في النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة الكرامة الرباط‪-‬المغ?رب‪ ،-‬الطبع?ة األولى‪ ،2020 ،‬ص‬ ‫‪93‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ 94‬حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ 95‬ينص الفصل ‪ 85‬من دستور ‪ " 2011‬ال يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب‪ ،‬إلى بعد‬
‫مضي ‪ 10‬أيام على وضعها لدى مكتبه‪... ،‬ال يمكن إصدار األمر بتنفيذ القوانين التنظيمية‪ ،‬إال بعد أن تصرح المحكمة الدستورية‬
‫بمطابقتها للدستور"‬
‫‪ 96‬المادة ‪ 61‬من الدستور الفرنسي " يجب عرض القوانين األساسية قبل إصدارها ومشروعات القوانين المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 11‬قبل عرضها على االستفتاء الشعبي والقواعد اإلجرائية لمجلسي البرلمان‪ ،‬قبل تطبيقهما‪ ،‬على المجلس الدستوري‬
‫الذي سيفصل في مدى مطابقتها للدستور‪."..‬‬
‫‪ 97‬أحمد بوز‪" ،‬الدستور وتذبير األزمات‪ :‬قراءة في القواعد المنظمة لحالة الطوارئ الص?حية"‪- ،‬دراس?ات محكم??ة‪ ،-‬مرك??ز تكام??ل‬
‫للدراسات واألبحاث‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 98‬من ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪" 1958‬إذا تعرضت مؤسسات الجمهورية أو استقالل الدولة أو وحدة‬
‫أراضيها أو تنفيذها اللتزاماتها الدولية لخطر داهم وجسيم‪ ،‬وفي حال توقفت السلطة الدستورية العامة عن حسن سير عملها‬
‫المنتظم‪ ،‬يتخذ رئيس الجمهورية التدابير التي تقتضيها هذه الظروف بعد استشارته الرسمية رئيس الوزراء ورئيسي مجلسي‬
‫البرلمان والمجلس الدستوري‪"...‬‬
‫‪30‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫والتنفيذية والقضائية)‪ ،‬ويتعين على كل سلطة االلتزام بصالحياتها وعدم تج??اوز ح??دودها‪ ،‬انطالق??ا‬
‫من مبدأ المشروعية الدستورية‪ ،‬فالسلطة التشريعية تختص بوضع القوانين والسلطة التنفيذية تعم??ل‬
‫على تنفيذها وتطبيقها‪ ،‬أما السلطة القضائية فإن مهمتها تكمن في تطبيق هذه الق??وانين على األف??راد‬
‫والسلطات العامة‪ ،‬إال أن الدولة أحيانا قد تواجه ظروفا اس??تثنائية يتعين مواجهاته??ا بطريق??ة تخ??رج‬
‫فيها على المبدأ المشروعية الدستورية وتخالف مبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬
‫واللج??وء إلى تط??بيق نظري??ة الض??رورة رهين بتحق??ق مجموع??ة من الش??روط ال??تي تجع??ل‬
‫اللجوء إليها مقيدا‪ ،‬حتى ال يكون هناك تعسف في استعمال هذه الوسيلة االستثنائية‪ ،‬لذلك اتفق الفق??ه‬
‫على عدد من الشروط و الضوابط تتمثل أساسا في‪:‬‬
‫‪-‬وجود خط‪00‬ر جس‪00‬يم يه‪00‬دد الدول‪00‬ة‪ 99:‬يعت??بر ه??ذا الش??رط من الش??روط األساس??ية ال??واجب‬
‫توافرها من أجل إعمال نظرية الضرورة‪ ،‬فتطبيقها يستلزم وجود هذا الخطر الذي يهدد الدولة أوال‬
‫وقبل كل شيء‪ ،‬ومصدر الخطر ق?د يك??ون طبيعي??ا ك??الكوارث وال??زالزل والفيض??انات‪ ،‬وق?د يك??ون‬
‫اقتصاديا كاإلضراب واالعتصام واألزمات المالية واالقتصادية‪ ،‬وأحيان??ا يك??ون داخلي??ا كالعص??يان‬
‫المسلح والتمرد والمظاهرات العنيفة والعمليات اإلرهابية‪ ،‬وقد يكون خارجيا كالحروب‪.‬‬
‫ويجب أن يخرج هذا الخطر عن المخاطر المتوقعة والعادية‪ ،‬وأن يكون غ??ير م??ألوف‪ ،‬وأن يك??ون‬
‫جس??يما وح??اال‪ ،‬على اعتب??ار أن حي??اة ال??دول ال تخل??و من المش??اكل واألخط??ار العادي??ة ال??تي يمكن‬
‫مواجهتها بالتشريعات العادية ‪،‬وال يكون في هذه الحالة مجال لتطبيق نظرية الض??رورة‪ ،‬كم??ا يجب‬
‫أن يكون الخطر ق??د وق??ع فعال أو على وش??ك الوق??وع ح??تى يك??ون ح??اال لتخ??رج عن مج??ال تط??بيق‬
‫‪100‬‬
‫النظرية األخطار المستقبلية أو التي وقعت و انتهت‪.‬‬
‫‪-‬تعذر اتباع القواعد العادية لمواجه‪00‬ة حال‪00‬ة الض‪00‬رورة‪ :‬حتى يمكن للدول??ة تط??بيق نظري??ة‬
‫الضرورة يجب أن تعجز الوس??ائل واإلج??راءات العادي??ة عن مواجه??ة ه??ذه الح??االت الش??اذة‪ ،‬فتج??د‬
‫الدولة نفسها مضطرة للجوء إلى الوسائل غ??ير العادي??ة لمواجه??ة الخط??ر‪ ،‬كونه??ا الوس??يلة الوحي??دة‬
‫الممكن لمواجهته‪.‬‬
‫ويتجه بعض الفقه للقول بأنه يشترط لتطبيق نظرية الضرورة‪ ،‬أن تج??د الدول??ة نفس??ها أم??ام‬
‫استحالة وعجز في الوسائل القانونية العادية‪ ،‬فإن وجدت وسيلة قانوني??ة أو دس??تورية ممكن??ة للتغلب‬
‫على هذه الظروف والحاالت الشاذة‪ ،‬فيجب الرجوع إلى تلك الوسيلة واحترام المشروعية‪.‬‬
‫ويتجه جانب فقهي آخر للقول بأنه يمكن تطبيق نظرية الض??رورة م??تى تع??ذر على الدول??ة مواجه??ة‬
‫هذه األخطار بقواعد مش??روعة عادي??ة دون أن تص??ل درج??ة االس??تحالة إلى مرتبته??ا المطلق??ة منع??ا‬
‫‪101‬‬
‫لتفاقم درجة الخطر و اإلضرار بالنظام العام‪.‬‬
‫‪ 99‬ومن الدساتير التي نصت على شرط الخطر الجسيم الحال‪ ،‬الدستور الفرنسي الصادر سنة ‪ 1950‬حيث نصت لمادة ‪ 16‬منه على‬
‫أنه " إذا أصبحت مؤسسات الجمهورية أو استقالل األمة أو سالمة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية‪ ،‬مهددة بخطر جسيم وعاجل‬
‫ترتب عليه القطاع السير المنتظم للسلطات الدستورية‪ ،‬كان لرئيس الجمهورية أن يتخذ من اإلجراءات ما تطلبه هذه‬
‫الظروف‪ ،"...‬وسار في نفس االتجاه الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬والدستور التونسي لسنة ‪2014‬‬
‫‪ 100‬عمر عبد هللا مبارك‪" ،‬التنظيم الدستوري لنظرية الضرورة في ليبيا"‪ ،‬مجلة دراسات قانونية‪ ،‬العدد ‪ ،2018 ،23‬ص ‪161‬‬
‫‪ 101‬تونصير إبراهيم‪" ،‬تشريعات الضرورة دراسة مقارنة بين الدستور الجزائري والمص?ري"‪ ،‬م?ذكرة لني?ل ش?هادة الماجس?تير في‬
‫الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الدستوري‪ ،- ،‬جامعة محمد خيدر بسكرة‪-‬الجزائر‪ ،-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪-‬قس??م الحق??وق‪ ،‬الس??نة‬
‫الجامعية ‪ 1220 /2013‬ص ‪.14‬‬
‫‪31‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪-‬أن تقدر الض‪00‬رورة بق‪00‬درها أي أن يك?ون هنال?ك ارتب?اط وتناس?ب بين حال?ة الض?رورة أو‬
‫االستثناء وبين اإلجراءات المتخذة لمواجهته?ا‪ ،‬حيث أن س?المة الدول?ة هي اله?دف من اإلج?راءات‬
‫االستثنائية‪ ،‬لذلك فإن هذه اإلجراءات يجب أن تقف عند حد المحافظة على هذا الهدف‪ ،‬وهو سالمة‬
‫الدول??ة و مؤسس??اتها‪ ،‬وه??و من أهم ش??روط تط??بيق نظري??ة الض??رورة‪ ،‬حيث ال يجب أن تتعس??ف‬
‫السلطات العامة في اتخاذ أعمال غير مشروعة دون وجود مبرر لذلك‪ ،‬ومن??ه نج??د الفص??ل ‪ 59‬من‬
‫الدستور المغربي ينص على أنه " ‪...‬ترفع حالة االستثناء بمجرد انتفاء األس??باب ال??تي دعت إليه??ا‪،‬‬
‫وباتخاذ اإلجراءات الشكلية المقررة إلعالنها‪."...‬‬

‫‪32‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫خاتمة‬
‫قبل أن نطوي الصفحات األخيرة لبحثنا هذا ارتأينا إدراج بعض النتائج والتوص??يات ال??تي توص??لت‬
‫إليها الدراسة وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫النتائج‪:‬‬
‫من بين النتائج التي توصلنا إليها نجد ما يلي‪:‬‬
‫تتم?يز القواع?د الدس?تورية بم?يزات خاص?ة وه?و م?ا يجعله?ا تس?مو وتتص?در على القواع?د‬ ‫‪-‬‬
‫القانونية األخرى‪.‬‬
‫يقصد بمبدأ سمو الدستور علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانوني??ة المطبق??ة‬ ‫‪-‬‬
‫في الدولة وهو ما يحقق انسجام المنظوم??ة القانوني??ة‪ ،‬حيث تخض??ع القواع??د األدنى للقواع??د‬
‫األعلى‪.‬‬
‫السمو الموضوعي يتحقق لجميع أنواع الدساتير س??واء ك??انت مكتوب??ة أو عرفي??ة‪ ،‬جام??دة أو‬ ‫‪-‬‬
‫مرن??ة‪ .‬فالس??مو الموض??وعي إذن يس??تند إلى موض??وع النص??وص ومض??مونها وال يمكن أن‬
‫يكون خاصا بدساتير معينة بل هو عام في جميع الدساتير‪.‬‬
‫الس??مو الش??كلي يتحق??ق فق??ط بالنس??بة للدس??اتير المكتوب??ة والجام??دة‪ ،‬ال??تي تتطلب ش??روطا‬ ‫‪-‬‬
‫وإجراءات خاصة‪ ،‬مغايرة للشروط واإلجراءات التي ينبغي اتباعها لتعديل القوانين العادية‪.‬‬
‫االتفاقيات الدولية بالنسبة للمغرب تسمو في الدستور وليس على الدستور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مبدأ س??مو الدس??تور يظه??ر في الظ??روف العادي??ة للدول??ة‪ ،‬ويمكن تج??اوزه كلم??ا ال اس??تدعت‬ ‫‪-‬‬
‫مصلحة الدولة ذلك‪ ،‬ألن سالمة الدولة فوق كل قانون‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫تتلخص مجمل التوصيات التي يمكن اإلدالء بها فيما يلي‪:‬‬
‫من أجل الحفاظ على علوية وسمو القواعد الدستورية على القواعد القانونية األخ??رى‪ ،‬ال ب??د‬ ‫‪-‬‬
‫من تقرير الوسيلة الفاعلة لضمان المكانة العليا والسمو للدستور‪ ،‬ألن إجازة مخالفة أحكام??ه‬
‫سيؤدي إلى انهيار نظام الدولة‪ .‬وتتمثل هذه الحماية المشار إليها فيم??ا يع??رف بالرقاب‪00‬ة على‬
‫دستورية القوانين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫ضرورة تكريس مبادئ الديمقراطية في وضع الدساتير وتعديلها‪ ،‬ح??تى تك??ون بح??ق مع??برة‬ ‫‪-‬‬
‫عن إرادة األمة‬

‫التنزيل الفعلي ألحكام الدستور خاصة فيما يتعلق بالقوانين التنظيمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مبدأ سمو الدستور رهين بتوفر الديمقراطية وسمو القانون‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫وتبعا لما سبق ذكره نأمل من السلطة التشريعية عند وضعها وسنها للمقتضيات القانونية أن ت??راعي‬
‫األحكام الدستورية وعدم الخروج عليها وإال سيكون عملها خروجا عن مبدأ الشرعية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫إبراهيم أبو خزام‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحدة ‪.2010‬‬ ‫‪‬‬
‫ابراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬تحليل النظام الدستوري‬ ‫‪‬‬
‫المصري‪ ،‬اإلسكندرية منشأة المعارف‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬
‫أحمد أجعون‪" ،‬القضاء اإلداري"‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس ‪-‬المغرب‪.2013 ،-‬‬ ‫‪‬‬
‫أحمد إدعلي‪" ،‬المختصر في النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة الكرامة الرباط‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫المغرب‪ ،-‬الطبعة األولى‪.2020 ،‬‬
‫أحمد إدعلي‪" ،‬المختصر في النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة الكرامة الرباط‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫المغرب‪ ،-‬الطبعة الثانية‪.2022 ،‬‬
‫بيار بورديو‪" ،‬عن الدول‪BB‬ة دروس في ك‪BB‬وليج دوف‪BB‬رانس ‪ "1992-1989‬المرك‪BB‬ز الع‪BB‬ربي‬ ‫‪‬‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات بدون ذكر الطبعة‪ ،‬قطر‪ ،‬ترجمة نصيرة بيروت ‪.2016‬‬
‫جابر جاد نصار‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري"‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.1998‬‬
‫حنان محمد القايسي "النظرية العامة في القانون الدستوري " المركز الق‪BB‬ومي لإلص‪BB‬دارات‬ ‫‪‬‬
‫القانونية القاهرة الطبعة األولى ‪2015‬‬
‫حسن مصطفى البحري‪" ،‬النظرية العامة للقانون الدستوري"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬لسنة‬ ‫‪‬‬
‫‪.2009‬‬
‫حس‪BB‬ن مص‪BB‬طفى البح‪BB‬ري‪" ،‬الق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري"‪ ،‬ب‪BB‬دون ذك‪BB‬ر المطبع‪BB‬ة‪ ،‬الطبع‪BB‬ة الثاني‪BB‬ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.2013‬‬
‫حسن مصطفى البحري‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2020 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫حسن مصطفى البحري‪" ،‬القانون الدستوري المقارن"‪ ،‬الطبعة األولى‪.2021 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫يوسف حاش‪B‬ي‪" ،‬في النظري‪BB‬ة الدس‪B‬تورية " ابن الن‪BB‬ديم للنش‪B‬ر للتوزي‪BB‬ع ب‪BB‬يروت ب‪BB‬دون ذك‪BB‬ر‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة‪.2009 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫حنان محمد القايسي‪" ،‬النظرية العامة في القانون الدستوري"‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات‬ ‫‪‬‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة الطبعة األولى ‪.2015‬‬
‫كمال الغالي‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياس‪BB‬ية" المطبع‪BB‬ة الجدي‪BB‬دة دمش‪BB‬ق ب‪BB‬دون‬ ‫‪‬‬
‫ذكر الطبعة ‪.1997،‬‬
‫مجدي عبد الحميد شعيب‪" ،‬الق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري ونظ‪BB‬ام الحكم في دول‪BB‬ة اإلم‪BB‬ارات العربي‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫المتحدة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2012 ،‬‬
‫مجدي عبد الحميد شعيب‪" ،‬الوجيز في القانون الدستوري ونظام الحكم في دولة اإلم‪BB‬ارات‬ ‫‪‬‬
‫العربية المتحدة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪2012 ،‬‬
‫محم‪B‬د ق‪B‬دري حس‪B‬ين‪" ،‬الق‪B‬انون الدس‪B‬توري م‪B‬ع ش‪B‬رح النظ‪B‬ام الدس‪B‬توري لدول‪B‬ة اإلم‪B‬ارات‬ ‫‪‬‬
‫العربية المتحدة"‪ ،‬مكتبة األفاق المشرقة‪ ،‬طبعة‪.2011‬‬

‫محمد كاظم المشهداني‪" ،‬القانون الدستوري‪ :‬الدولة ‪-‬الحكومة ‪-‬الدس‪BB‬تور"‪ ،‬مؤسس‪BB‬ة الثقاف‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬
‫محم‪BB‬د رفعت عب‪BB‬د الوه‪BB‬اب‪" ،‬النظم السياس‪BB‬ية والق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري"‪ ،‬مطبع‪BB‬ة أب‪BB‬و الع‪BB‬زم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫محسن خليل‪" ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري"‪ ،‬منشأة المع‪BB‬ارف‪ ،‬اإلس‪BB‬كندرية‪ ،‬ب‪BB‬دون‬ ‫‪‬‬
‫ذكر السنة‪.‬‬
‫منذر الشاوي‪" ،‬القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية " مطبعة دمش‪BB‬ق‪ ،‬بغ‪BB‬داد الطبع‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪.1977 ،‬‬
‫مصطفى أبو زيد فهمي‪" ،‬الدستور المصري"‪ ،‬مطبعة نصر مصر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1958‬‬ ‫‪‬‬
‫نادية جامع‪" ،‬الوجيز في القانون الدستوري" مطابع الرباط نت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2020‬‬ ‫‪‬‬
‫نزيه رعد‪" ،‬القانون الدستوري العام‪ ،‬المبادئ العامة والنظم السياسية"‪ ،‬المؤسسة الحديثة‬ ‫‪‬‬
‫للكتاب‪.1999 ،‬‬
‫سام سلمان دله‪" ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية"‪ ،‬منشورات جامعة حلب‪ ،‬كلية‬ ‫‪‬‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫عبد الغني سيوفي عب‪B‬د هللا‪" ،‬المب‪B‬ادئ العام‪B‬ة للق‪B‬انون الدس‪B‬توري"‪ ،‬ال‪B‬دار الجامعي‪B‬ة مص‪B‬ر‬ ‫‪‬‬
‫بدون ذكر الطبعة ‪.1975‬‬
‫عبد الحميد متولي‪" ،‬الوسيط في القانون الدستوري" دار المعارف اإلسكندرية‪ ،‬ب‪BB‬دون ذك‪BB‬ر‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة ‪.1992‬‬
‫عبد الحميد متولي "الوجيز في النظريات واألنظمة السياسية ومبادئها الدستورية " مطبع‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫دار المعارف بمصر بدون ذكر الطبعة‪.1958 ،‬‬
‫عبد الفتاح ساير داير‪" ،‬الق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري‪ ،‬النظري‪BB‬ة العام‪BB‬ة المش‪BB‬كلة للق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري‬ ‫‪‬‬
‫الوضعي"‪ ،‬مطابع دار الكتاب العربي‪ ،‬بمصر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2003‬‬
‫عصام سعيد عبد احمد‪" ،‬الرقابة على دستورية القوانين (دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫عصام علي الدبس‪" ،‬القانون الدستوري" دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2011 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫عوض الليمون‪ " ،‬الوجيز في النظم السياسية ومبادئ القانون الدستوري"‪ ،‬مطبعة دار‬ ‫‪‬‬
‫النشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2016 ،‬‬

‫علي يوس‪BB‬ف الش‪BB‬كري‪" ،‬الوس‪BB‬يط في فلس‪BB‬فة الدس‪BB‬تور"‪ ،‬مطبع‪BB‬ة زين الحقوقي‪BB‬ة واألدبي‪BB‬ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬بدون ذكر الطبعة والسنة‬
‫علي يوسف الشكري‪" ،‬الوسيط في القانون الدس‪BB‬توري " منش‪BB‬ورات مطبع‪BB‬ة زين الحقوقي‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫واألدبية‪ ،‬بيروت ‪-‬لبنان‪ ،-‬بدون ذكر الطبعة والسنة‪.‬‬
‫علي يوسف الشكري‪" ،‬مب‪BB‬ادئ الق‪BB‬انون الدس‪BB‬توري"‪ ،‬طب‪BB‬ع مؤسس‪BB‬ة دار الص‪BB‬ادق الثقافي‪BB‬ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.2011‬‬
‫رمزي طه الشاعر‪" ،‬القانون الدستوري‪ :‬النظري‪BB‬ة العام‪BB‬ة والنظ‪BB‬ام الدس‪BB‬توري المص‪BB‬ري"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪1997 ،‬‬

‫تش‪BB‬ارلز تيللي‪" ،‬الديمقراطي‪BB‬ة"‪ ،‬مرك‪BB‬ز دراس‪BB‬ات الوح‪BB‬دة العربي‪BB‬ة الطبع‪BB‬ة األولى ب‪BB‬يروت‬ ‫‪-‬‬
‫يوليوز ‪ 2010‬ترجمة فاضل طباخ مراجعة حيدر حاج إسماعيل‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫‪ -‬األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫أحمد علي محمد مسعود البلوشي‪ ،‬مبدأ سمو الدستور وآلية الحفاظ عليه في دولة اإلمارات‬ ‫‪‬‬
‫العربية المتحدة (دراسة تحليلية)‪ ،‬أطروحة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة‬
‫الماجيستر في القانون العام‪.‬‬
‫تونصير إبراهيم‪" ،‬تشريعات الضرورة دراسة مقارنة بين الدستور الجزائري‬ ‫‪‬‬
‫والمصري"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الدستوري‪،‬‬
‫جامعة محمد خيدر بسكرة‪ ،‬الجزائر كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪-‬قسم الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1220 /2013‬‬

‫‪ -‬المقاالت‬
‫أزهار عبد الكريم عبد الوهاب‪ ،‬مقال تحت عنوان "مبدأ سمو الدستور من منظور نق‪BB‬دي"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫منشورات مجلة الفارابي للعلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ 2‬المجلد الثاني‪.2023 ،‬‬
‫أحمد بوز‪" ،‬الدستور وتذبير األزمات‪ :‬قراءة في القواعد المنظمة لحالة الطوارئ‬ ‫‪‬‬
‫الصحية"‪- ،‬دراسات محكمة‪ ،-‬مركز تكامل للدراسات واألبحاث‪.‬‬
‫الحسن البليهي‪ ،‬وهشام العبودي مجل‪BB‬ة الق‪BB‬انون المغ‪BB‬ربي ع‪BB‬دد‪ ،09،‬دجن‪BB‬بر ‪ ،2005‬مق‪BB‬ال‬ ‫‪‬‬
‫بعنوان "اإلكراه البدني في الديون التعاقدية بين اإلبقاء واإللغاء"‪.‬‬
‫حمود محمد القديمي‪" ،‬القوانين األساسية ودورها في تنظيم المسائل الدستورية"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‪ ،‬إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات‬
‫االستراتيجية واالقتصادية‪ ،‬ألمانيا ‪-‬برلين‪ ،-‬العدد ‪ ،20‬غشت ‪2023‬‬

‫نعيم‪BB‬ة الس‪BB‬امري‪" ،‬ديباج‪BB‬ة الدس‪BB‬تور بين القيم‪BB‬ة القانوني‪BB‬ة والتطبيق‪BB‬ات القض‪BB‬ائية"‪ ،‬مخت‪BB‬بر‬ ‫‪‬‬
‫الدراسات السياسية والقانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬فاس‪ -‬المغرب‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫محمود ياسين النمروطي وعبد الرحمن أحمد أبو بنات‪ " ،‬رقابة المحكمة الدستورية على‬ ‫‪‬‬
‫القوانين األساسية دراسة تحليلية وصفية مقارنة بين دولة فلسطين ومصر"‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫الزيتونة للدراسات القانونية‪ ،‬المجلد ‪ 2‬اإلصدار ‪2021 ،3‬‬
‫عادلة الوردي‪" ،‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغ‪BB‬ربي"‪ ،‬مجل‪BB‬ة الحق‪BB‬وق المغربي‪BB‬ة‬ ‫‪‬‬
‫سلسلة عدد‪،5،2012‬‬
‫عبد الحكيم حكماوي‪ " ،‬قيود سمو االتفاقيات الدولية على التشريع الوطني وحدودية تفعي‪BB‬ل‬ ‫‪‬‬
‫القضاء لها " مجلة الجامعة‪.‬‬
‫عبد العزيز سلمان‪ " ،‬الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية "‪ ،‬مجلة منشورات قانونية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫السبت ‪ 11‬ديسمبر ‪2021‬‬
‫عمر عبد هللا مبارك‪" ،‬التنظيم الدستوري لنظرية الضرورة في ليبيا"‪ ،‬مجلة دراسات‬ ‫‪‬‬
‫قانونية‪ ،‬العدد ‪،2018 ،23‬‬
‫عبد العزيز سعد ربيع‪" ،‬القيمة القانونية لمقدمات الدساتير"‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون‬ ‫‪‬‬
‫بطنطا‪ ،‬اإلصدار ‪ 3‬من العدد ‪ ،38‬يوليو ‪2023‬‬

‫عبد الرزاق ع‪BB‬ريش‪" ،‬ق‪BB‬راءة أولي‪BB‬ة في مقدم‪BB‬ة الدس‪BB‬تور المغ‪BB‬ربي الجدي‪BB‬د"‪ ،‬مق‪BB‬ال منش‪BB‬ور‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،Maroc‬على الراب‪BBBBBBB‬ط المختص‪BBBBBBB‬ر‬ ‫بموق‪BBBBBBB‬ع العل‪BBBBBBB‬وم القانوني‪BBBBBBB‬ة ‪droit‬‬
‫‪ https://2u.pw/0EhXNJ3‬تاريخ النشر ‪ 19‬يونيو ‪2012‬‬

‫‪ -‬قوانين‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( ،1432‬يوليوز ‪)2011‬‬ ‫‪‬‬
‫بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪28‬شعبان ‪( 1432‬يوليو‬
‫‪ ،)2011‬ص‪.3600‬‬
‫دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الصادر في الرابع ‪ 4‬أكتوبر ‪1958‬‬ ‫‪‬‬
‫دستور الواليات المتحدة األمريكية لسنة ‪.1787‬‬ ‫‪‬‬

‫‪39‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫ مراجع أجنبية‬-
Francis Hamon Et Michel Troper, "DROIT 
CONSTITUTIONNEL", Lextenso edition, 35e edition

40
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪1 ..................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام لمبدأ سمو الدستور ‪5 ....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مدلول مبدأ سمو الدستور ‪5 .........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم مبدأ سمو الدستور ‪5 ......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف مبدأ سمو الدستور ‪6 .................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬متطلبات مبدأ سمو الدستور ‪7 ..............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس مبدأ سمو الدستور ‪7 .......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬األساس التاريخي لمبدأ سمو الدستور ‪8 ....................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬األساس الحديث لمبدأ سمو الدستور ‪9 .....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صور مبدأ سمو الدستور ‪10 .......................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع مبدأ سمو الدستور ‪11 .....................................................‬‬
‫أوال‪ :‬السمو الشكلي ‪11 ............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬السمو الموضوعي ‪12 .......................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تقدير سمو الدستور وفق المنظور الشكلي والموضوعي‪13 ..................‬‬
‫‪-‬اوال‪ :‬تقدير المعيار الشكلي في تعريف الدستور ‪13 ............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقدير المعيار الموضوعي في تعريف الدستور ‪14 ........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر مبدأ سمو الدستور ‪16 ........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغربي ‪16 .................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط سمو االتفاقيات الدولية ‪17 ...............................................‬‬
‫أوال‪ :‬النشر ‪17 ......................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مالئمة التشريع الوطني مع ما تتطلبه المصادقة ‪18 ......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جدلية سمو االتفاقيات الدولية في أو على الدستور‪19 .........................‬‬
‫أوال‪ :‬االتجاه الذي يرجح االتفاقيات الدولية ‪20 ..................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتجاه الذي يرجح القوانين الداخلية على االتفاقيات الدولية‪21 ........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكانة الدستور بالنسبة للقوانين الداخلية‪22 .....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التمييز بين القانون الدستوري والقوانين الوطنية األخرى‪23 .................‬‬

‫‪41‬‬
‫دور سمو الدستور في تحقيق دولة القانون‬

‫أوال‪ :‬مظاهر التمييز ‪23 ............................................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬نتائج التمييز ‪24 .............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬علوية الدستور على القانون الداخلي ‪26 ........................................‬‬
‫أوال‪ :‬خضوع القانون الداخلي للدستور ‪26 .......................................................‬‬
‫ثانيًا‪ :‬نظرية الضرورة‪30 ........................................................................ :‬‬
‫خاتمة ‪33 .................................................................................................‬‬
‫الئحة المراجع‪35 ...................................................................................... :‬‬

‫‪42‬‬

You might also like