Professional Documents
Culture Documents
هن اك من الكت اب من يق ع اختي اره على العن وان قب ل الش روع في الكتاب ة ،ب ل إن العن وان
نفسه يكون أحد محفزاته لكتابة القصة ،ولكن عند تحرير ومراجعة النص الروائي ،يجب أن
يتم النظر إلى العنوان بعد االنتهاء من قراءة النص أو كتابته ،أو من أغلبه على األقل ،حيث
تتسع دائرة الخيارات حين يلم المحرر أو الكاتب ،بكافة األفكار والرؤى والشخصيات .ليقرر
أين سيقع اختياره ،بشرط أال يكشف العنوان عن فحوى الرواية ،بل يثير فقط فضول القارئ
ورغبته في كشف غموض العنوان :قد يكون العنوان معبرا عن الفكرة أو الثيمة الرئيسية:
الحب ،الم وت ،العزل ة ،الغرب ة (مئ ة ع ام من العزل ة -انقطاع ات الم وت -العمى -ي وم قت ل
ال زعيم – اللص والكالب) . ..أو عن مك ان (قش تمر -الكرن ك – خ ان الخليلي) ،أو عن
شخص ية (حض رة المح ترم -أوليف ر تويس ت -جاتس بي العظيم – الزي ني برك ات) أو عن وان
ح ول الح دث المح وري للقص ة (البحث عن ولي د مس عود) ،عن وان رم زي غ ير مباش ر
(الش حاذ -الس مان والخري ف -المراي ا) أو اس م ال عالق ة ل ه بالرواي ة ولكن مج رد مع ادل
موضوعي يحاول الكاتب من خالله إثارة االنتباه (العطر) .وال مانع من استلهام العنوان من
جملة داخل الرواية ،أو كلمة في قصيدة شعرية أو مسرحية ملهمة .مع مراعاة حجم العنوان
وإ يقاعه.
وفي كل األحوال يجب أال يتسرع الكاتب في اختيار العنوان ،وأن يمعن في النظر إليه،
حتى ال يحتوي على تناقض ما ،أو التباس ،أو ثقل على اللسان ..ويمكن أن نكتشف نوع من
األلتباس في العنوان التالي( :اغتصاب ولكن تحت سقف واحد) حيث ،أن ظاهر المعنى يقول
إن المقص ود ه و االغتص اب ال زوجي ،لكن بالت دقيق في العالق ة بين األلف اظ سنكتش ف أن
العنوان ال يحمل أية مفارقة ،فاالغتصاب ال يتم اصال إال تحت سقف واحد.
من أين أبدأ الرواية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دائما تعد البداية هي المرحلة األكثر صعوبة في مشوار كتابة الرواية ،وكثيرا ما يتردد:
أعرف عن ماذا سوف أكتب ،لكني ال أعرف من أين أبدأ؟!
إذا ك انت القص ة وشخوص ها وأح داثها (أو بعض ها) حاض رة ب ذهنك ،فال داعي للقل ق ح ول
البداي ة ،اخ تر ببس اطة أك ثر المش اهد إلحاح ا على ذهن ك واب دأ ب ه ،فه و غالب ا أكثره ا وض وحا
واكتماال ونضجا ،وغالبا هو أيضا أكثرها تعبيرا عن العالم الذي ستلج إليه.
ح تى إن كنت ت رى إن ت رتيب المش هد في الس ياق الزم ني لم يحن بع د ،ف الترتيب الزم ني
لألحداث تستطيع أن تتحكم به بإحدى الحيل الفنية البسيطة .كما أن بناء الحبكة وفق الترتيب
الزم ني التقلي دي لألح داث لم يع د أك ثر التقني ات جاذبي ة للق ارئ .ومن ثم يمكن ك الب دء من أي
نقطة داخل القصة؛ والعودة إلى ما قبلها في حالة الضرورة ،أو القفز الزمني إلى ما بعدها،
المهم أن تب دأ بمش هد جي د ،ق ادر على ج ذب الق ارئ ،واألخ ذ بي ده للول وج إلى الع الم ال روائي
الذي تبنيه.
هناك العديد من األساليب التي يلجأ إليها الكاتب من أجل إتمام مهمته ،بحسب ما مالئما لعالم
النص.
التلخيص الــدرامي :ويفض ل اس تخدامه عن د الحاج ة إلى تك رار الوص ف ،أو إجم ال األح داث
والعناصر التي يمكن إيرادها دون الحاجة إلى وصفها أو إبرازها على خشبة المسرح.
الشرح :وهو أبطأ أساليب السرد التي يعتمد عليها الكاتب ،ويتضمن إعط اء المعلوم ات بشكل
مباش ر ،وهي مج رد معلوم ات موس وعية .أو تفس يرات وت دخالت مباش رة من الك اتب ،غ ير
موظفة درامية ،إنما يعتبرها الكاتب وسيلة لتوضيح ما يراه غامضا أو ملتبسا داخل الرواية
الوصف المباشر :يماثل الشرح في اإليقاع الرتيب على الرغم من أهميته الوظيفية.
السرد :يقدم من خالله الشخصيات واألحداث على خشبة المسرح في نفس اللحظة.
الحوار :أحد أكثر األساليب حركية وتفاعال .وعلى الكاتب أن يجعله وسيلة للتكثيف الدرامي
والكشف عن الشخصية وثقافتها وطبيعتها.
وأيا كان األسلوب الذي يقع عليه اختيار الكاتب ،فالبد أن يتجنب عددا من األخطاء الكبيرة
التي يرتكبها الكثير من الروائيين ،خاصة في مرحلة البدايات ،ومنها:
-الحشو ..واإلسهاب في الوصف:
ملء السطور دون ترك المساحة لذهن القارئ لكي يمأل فراغات النص ،ويعمل ذهنه:
(أدرت المفتاح ،وأمسكت بمقبض الباب ودفعته لألمام ،تجاوزت المسافة الضيئلة بين مدخل
الشــقة والمصــعد الكهربــائي ،أضــأت المصــباح الكهربــائي ،واقــتربت من غرفــة المكتب ،حيث
تــركت كــل شــيء مرتبــا قبــل خــروجي ،الكتب المصــفوفة فــوق األرفــف ،واألوراق المرتبــة،
والمصباح المتحرك ،وآلة الطباعة ،والحاسوب .اقــتربت من الحاســوب وبال تفكــير ،ضــغطت
زر التشغيل ،وحين أضــاءت الشاشــة الســوداء فتحت صــفحة وورد جديــدة ،وأخــذت أفكــر في
كتابــة قصــة جديــدة ،قصــة عمــا مــررت بــه اليــوم منــذ خــرجت في الســابعة صــباحا ،ثم أغلقت
الشاشة مرة أخرى ،ونهضت متأففا وتوجهت للمطبخ وقد قررت إعداد كوب قهوة!)