You are on page 1of 7

‫جامغة كربالء‬

‫كلية الطب ‪ /‬المرحلة االولى‬

‫االسم ‪ :‬علي كاظم ثامر‬


‫بحث اللغة العربية‬

‫"الحوار في الرواية"‬

‫العالم الروائيّ عال ٌم يمتاز بالغنى والثراء‪ ،‬ويت أ ّتى ل ه ذلكمن مق درة‬
‫الرواية االستيعابيّة‪ ،‬ال تي تعي د إنت اج األس اليب المختلف ة‪،‬لتظهره ا‬
‫بحلّتهاالروائيّة‪ ،‬فتتضمّن الشعر‪ ،‬والكثير من القصص‪ ،‬والتنظ يرات‬
‫األدبيّة والفكريّة‪،‬والتحليالت النفس يّة‪ ،‬والتكه ّن ات المس تقبليّة‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وك ّل ذلك يت ّم من خالل تلبيس الروائيّ م ا يري د أن ينقل ه إلى قارئ ه‪،‬‬
‫ُقحم ا ً أو مض افا ً في‬
‫لبوسا ً روائ ّياً‪،‬في سياق ال يبدوفيه أ ّنه ق د ج اء م َ‬
‫غير موضعه‪ ..‬وليس للرواية طريق ة تق ّي دها‪ ،‬أوأس لوبا ً يكبّله ا‪ ،‬ب ل‬
‫تأتي قوّ ته ا من االنفت اح على الط رق واألس اليب المتنوّ ع ة‪ ،‬حيث أنّ‬
‫ب اب االجته اد م ا ي زال مفتوح ا ً على مص راعيه‪ ،‬وه ذا م ا ي دأب‬
‫الروائ ّي ون بمختلفأجي الهم وانتم اءاتهم‪ ،‬على العم ل علي ه وبلوغ ه‪.‬‬
‫ُقصد‬
‫وكما يقول جاك بريفير‪ :‬إنّ الروايةتنمو كالعشبة البرّ يّة‪ ..‬وال ي َ‬
‫بها ذاك النموّ العشوائيّ ‪ ،‬بل أنّ التناميالروائيّ يكون من خالل تح ّكم‬
‫الك اتب الش ديد ببص ائر ومص ائر شخص يّاته‪ ،‬ال تي ق د التواف ق‬
‫توجّ هاته ا ورؤاه ا ه ذا الواق ع أو ذاك‪ ،‬لك ّنه ا بالنتيج ة تع ّب ر عن‬
‫وجهات نظرموج ودة‪ ،‬ومعم والً به ا‪ ،‬وم أخوذة على محم ل الج ّد‪،‬‬
‫ح ّتى تلك المستسخفة‪ ،‬تعود بجذرهاإلى الج ّديّة المبالغة أحياناً‪ ،‬فليس‬
‫بالضرورة أن يق ال ك ّل ش يء ه ا ّم بج ّديّةوص رامة‪ ،‬ب ل أنّ هنال ك‬
‫كثيراً من األمور التي تناقش قض ايا مص يريّة‪ ،‬تط رح بواقع ّي ةعلى‬
‫لس ان شخص يّات ال تع ّق د أيّ ش يء‪ ،‬وه ذا م ا ق د يولّ د نف وراً أو‬
‫استنكاراً من بعضالقرّ اء‪ ،‬حول وجوب تقديم تل ك القض ايا بأس اليب‬
‫تليق بها‪ ،‬وبحجمها وعظمتها‪ ،‬ال بتلكالطريقة التي تنال منه ا‪ ،‬تحت‬
‫ا ّدعاءات أو مسمّيات االنتص ار له ا‪ .‬تنب ني الرواي ة علىع ّدة أرك ان‬
‫رئيسة‪ ،‬إحدى أه ّم تلك األركان‪ :‬الحوار‪ .‬والحوار بشكل عام يعرَّ ف‬
‫علىأ ّن ه طريق ة من ط رق التواص ل هدف ه المراجع ة في الكالم‬
‫للوص ول إلى الص واب أو األكثرص واباً‪ .‬وفي ه حج ة ودلي ل‪ .‬وق د‬
‫يكون نقاشا ً وتبادالً للحديث بين ط رفين‪ .‬أ ّم ا فيالع الم ال روائيّ فإ ّن ه‬
‫يعتبر عنصراً أدب ّيا ً هاماً‪ ،‬يش ّكل م دماكا ً رئيس ا ً فيالعم ارة الروائ ّي ة‪،‬‬
‫ولكن أيّ م دماك يك ون‪ ،‬ه ل يك ون داعم ا ً مس انداً له ذه العم ارة‬
‫أويكون مضعضِ عا ً مُضعفا ً له ا‪ .‬نتس اءل عن الكيف ّي ة ال تي ق د ي أتي‬
‫بها‪ ،‬مُضمّنا ً فيالرواية‪ ،‬مقوالً على ألسنة الشخص يّات‪ ،‬وه ل يج وز‬
‫أن نتساءل عن إمكان ّي ٍة أو احتم الٍفي الع الم ال روائيّ ‪ ،‬أم أنّ الح دود‬
‫مفتوحة‪ ،‬وال قيود إال ّ ما تفترض ه العمليةاإلبداع ّي ة‪ ،‬ورؤي ة الك اتب‬
‫في كتابته؟‬

‫كي ف يك ون الح وارفي الرواي ة؟ ه ل يع ّب ر عن ثقاف ة الشخص يّات‬


‫وآرائه ا‪..‬؟! ه ل ه و تقوي ل الك اتب أم أقوال أبطال ه؟ لم اذا يك ون‬
‫اللجوء إلى الحوار من قبل البعض‪ ،‬ولماذا الرغبة عنهوتهميش ه من‬
‫قبل آخرين؟ هل يستقيم البنيان ال روائيّ ب دون الح وار؟ ه ل يج وز‬
‫أنتكون الرواي ة كلّه ا ح واراً‪ /‬حوار ّي ة؟ ه ل اكتف اء ال روائيّ بس رد‬
‫الرواية على لسانراويه نيابة عن الحوار يقوّ ي أم يضعف الرواية؟‬

‫ك أ ّنالحوار ركن أساس يّ تتك ون عن طريق ه مالمح الشخص يّة‬


‫ال ش ّ‬
‫وتكتسب المواقف قوّ ة اإلقناع أوالتبرير‪ .‬ومن إح دى اإلش كاليّات أو‬
‫التح ّديات التي تواجه الروائيّ كيفيّة التعامل معاللغة‪ ،‬وكيفية إج راء‬
‫حوار بين الشخص يات‪ ،‬وه ل يعتم د اللهج ات وح دها أم الفص حى‬
‫أميزاوج بينهما لتكون هناك لغة وسطى‪ ..‬ي ردم من خالله ا الفج وة‬
‫بين الشخصيّة وعالمهاالروائيّ ‪ ،‬والقارئ وعالمه الواقعيّ ‪.‬‬

‫وقد اجتهدكثيرون من ال روائيّين في ه ذا الحق ل ال روائيّ ‪ ،‬وأب دعوا‬


‫في ه‪ ،‬من دون أن يلغ وا غ يرهم‪،‬أو أن يس تب ّدوا ب رأيهم‪ .‬فق د تم ّكن‬
‫نجيب محفوظ من تقديم إنجازات الفتة ومهمّة فيلغ ة الح وار‪ ،‬حيث‬
‫أنّ الشخص يّة في كث ير من أعمال ه‪ ،‬تتكلّم وف ق ثقافته ا‪ ،‬ح ّتى‬
‫َليظنالقارئ أ ّنه ال دخل أو ّ‬
‫تدخل للروائيّ فيم ا يحص ل‪ ،‬وذل ك وف ق‬
‫واع‪ ..‬وق د عِ يب علي ه ذل ك من قب ل‬
‫استراتيجيّة مدروسة‪،‬وتخطي ط ٍ‬
‫بعض الن ّق اد‪ ..‬وه ذا أيض ا ً يحتم ل األخ ذوالر ّد‪ ،‬لك ّن ه لن يك ون من‬
‫منطلق اإلقصاء يقيناً‪ .‬كما نجد الحوار عن د آخ رين يأتيبلغ ة الس رد‬
‫نفسها‪ ،‬بتلك السويّة العالية‪ ،‬كالحوار في روايات سليم بركات‪ ،‬إذ ال‬
‫فرقبين أيّ متح ّدث وآخر‪ ،‬من حيث السويّة‪ ،‬فكالم اإلنس ان البس يط‬
‫يأتي ككالم العالم أوالمث ّقف‪ّ ،‬‬
‫مكثفا ً مفعما ً باللغة الجزلة التي ال تلي ق‬
‫وثقاف ة الشخص يّة‪ ،‬ألنّ الس اردهو ال ذي يأخ ذ على عاتق ه تفك ير‬
‫الشخص يّات بفك ره‪ ،‬رغم محاول ة أيّ ك اتب تقمّص شخص يّاتهحين‬
‫كتابتها‪ ،‬ذل ك ح ّتى تك ون دالّ ة على الش ريحة ال تي تع ّب ر عنه ا‪ ،‬أو‬
‫تمثلها‪ ..‬وقديأتي الح وار متأرجح ا ً بين بين بحس ب تطوي ع الك اتب‬ ‫ّ‬
‫للغته‪ ،‬ونجد هذا االجتهاد في بعضمن روايات رشيد الضعيف ال ذي‬
‫يخل ط بين أك ثر من لغ ة حين الح ديث‪ ،‬كم ا في روايت ه «أوكيم ع‬
‫السالمة»‪ ،‬التي يستخدم فيها ع ّدة مستويات وس ويّات‪ ،‬تتكام ل فيم ا‬
‫بينها مشهداًمشهداً‪ ،‬منتجة المشهد العا ّم‪.‬‬

‫كل مطل ق لبن اء روايت ه‪،‬‬


‫وهناك منالروائيّين من اعتم د الح وار بش ٍ‬
‫ك الروائيّ اللبن انيّ ش ربلداغر في روايت ه «وص يّة هابي ل»‪ ،‬ال تي‬
‫جاءت على شكل حوار بينه وبين نفس ه‪ ،‬أناهالمنقس مة على نفس ها‪،‬‬
‫المح اورة لهواجس ها وآماله ا ط وال الرواي ة‪ ،‬إذ تق ترب الرواي ة‬
‫منال َمسْ رحة‪ ،‬ذل ك أنّ الح وار ال روائيّ ال ذي يف ترض ب ه أن يكس ر‬
‫بعضا ً من الملل الذييتولّ د ج رّ اء اس تطالة الس رد‪ ،‬يتمس رح‪ ،‬ويك اد‬
‫الق ارئ يش تاق إلى ق راءة بعض الس رد بينط ّي ات الح وار ال ذي ال‬
‫ينتهي إال ّ بانتهاء الرواية نفسها‪ .‬وقد يعتمد بعض الك ّت ابعلى الح وار‬
‫في بن اء فص ول بعينه ا‪ ،‬من دون أن يك ون ل ه الح ّي ز كلّ ه‪ ،‬وج اء‬
‫استخدام ذلكب ذكاء من قب ل ال روائيّ مح ّم د أب و معت وق في روايت ه‬
‫«القمقم والج ّنيّ »‪ ،‬حيث نقرأفص والً‪ ،‬ش به كامل ة‪ ،‬حوار ّي ة‪ ،‬حيث‬
‫الجم ل تك ون طويل ة‪ ،‬من دون أن تنقط ع الفك رة‪ ،‬إذيغ دو الح وار‬
‫سرداً لألحداث‪ ،‬وشرحا ً وتفصيالً لبعض الح وادث األخ رى‪ ،‬وذل ك‬
‫من دون أنيطغى على السياق العا ّم‪ .‬أي يتر ّقى الحوار لي ؤ ّدي عم ل‬
‫السرد أحياناً‪ ،‬ويبادل بينهوبين السرد في المهمّة‪ ،‬يغني روايته بهم ا‬
‫معا ً‪ ،‬من دون أن يستغني عن أحدهماباإلضافة إلى التقنيات األخرى‬
‫المستخدمة من قبله بحِرفيّة‪.‬‬

‫وال نع دم وج ودبعض ممّن ي رون في الح وار ال روائيّ فرص ة من‬


‫الك ّت اب ل دسّ أفك ارهم بين ثناي ا أقوالوأفك ار الشخص يّات‪ ،‬وأنّ‬
‫اصطناع أو إقحام الحوار م ا ه و إال ّ التف اف مكش وف من قبلهم‪،‬أو‬
‫هو ضعف في امتالك األدوات‪ ،‬إذ ال يج وز أن يفلت النصّ من بين‬
‫ي دي كاتب ه‪ ،‬ويجبعلي ه أن يك ون حريص ا ً وواعي ا ً السترس اله أو‬
‫إسهابه‪ ،‬عندها ال يكون في حاجة إلىاالستعانة بالحوار لكس ر رتاب ة‬
‫الس رد‪ ،‬أو تش كيل منعط ف من ّب ه إلى أنّ هن اك تنويعاًملموس ا ً في‬
‫الرواية‪.‬‬
‫يبقى نجاحوتفعيل الحوار الروائيّ ش رط ّيا ً غ ير مكتم ل إالّ باكتم ال‬
‫العناصر كلّها‪ ،‬ذلك أل ّنهقد يؤ ّدي عكس المراد من ه‪ ،‬عن دما ال يج اد‬
‫استخدامه وتجييره‪ ،‬فال عبث وال مصادفة فيالرواية‪ ،‬ك ّل ما يتسرّ ب‬
‫إليها‪ ،‬الب ّد أ ّنه يكون بناء على تخطيط كاتبها‪ ،‬ورغبتهواجتهاده‪.‬‬

‫هل يجوز تقعي د أو إيج اب في الرواي ة؟ أليس ت من إح دى فض ائل‬


‫الرواية أ ّنها ال تقف عند ح واجز أو تنظ يرات تح اول تقيي دها‪ ،‬وال‬
‫تنقاد لمزاعم تربكها وتقلّل من هيبتها بتضييق شساعة عوالمها‪ ،‬ب ل‬
‫تختط ك ّل ي وم‪ّ ،‬‬
‫خطه ا ال ذي ينفتح في الف راغ ويمت ّد في ه‪ ،‬ذل ك أنّ‬ ‫ّ‬
‫وضع نهاية لالجتهادات يعني قت ل ك ّل المب دعين‪ ،‬كم ا أنّ اس تالب‬
‫المبدعين وجهات نظرهم يعتبر تع ّديا ً على حرّ ّي ة التفك ير والتعب ير‬
‫التي تؤمّنها الرواية كميدان عص يّ على اإلحاط ة والتس وير‪ .‬وه ذا‬
‫من بعض ما يقوّ ي قواع د الرواي ة ويب ني أسس ا ً متين ة يق وم عليه ا‬
‫البنيان الروائيّ الذي يتهندس تبعا ً للروائيّ ونظرته إلى العالم‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫(ملحق "الثورة" الثقافي‪ ،‬دمشق‪.)2008-12-23 ،‬‬


‫د‪ .‬ط ه عب د الفت اح مقل د‪ :‬الح وار في القص ة والمس رحية واإلذاع ة‬
‫والتليفزيون‪ ،‬مكتبة الشباب‪ ،‬القاهرة ‪1975‬م‪،‬‬
‫يوس ف إدريس‪ :‬جمهوري ة فرح ات‪ ،‬سلس لة الكت اب ال ذهبي‪ ،‬الق اهرة‬
‫‪1954‬م‪( ،‬المقدمة لطه حسين)‪ ،‬‬

You might also like