You are on page 1of 152

‫امجلهورية اجلزائرية ادلميقراطية الشعبية‬

‫‪MINISTERE DE L'ENSEIGNEMENT SUPERIEUR‬‬


‫‪ET DE LA RECHERCHE SCIENTIFIQUE‬‬ ‫وزارة التـعلمي العــايل والبـــحــــث العــلمـــي‬
‫‪UNIVERSITE 8 MAI 1945 GUELMA‬‬ ‫جامــعــــة‪ 8‬ماي‪ 1945‬قـالـمــــة‬
‫‪Faculté des lettres et des langues‬‬ ‫لكية الآداب واللغات‬
‫‪Département du langue et lettre Arabe‬‬
‫قسم اللغة وا ألدب العرب‬

‫دروس يف لسانيات النص‬


‫موهجة لطلبة الس نة الثالثة ليسانس نظام جديد‬
‫ختصص‪ :‬دراسات لغوية‬
‫السدايس اخلامس‬

‫الس نة اجلامعية‪202/2019 :‬‬ ‫اعداد ادلكتور‪ :‬صويلح قايش‬


‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪2‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪3‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مقــــدمــة‬

‫‪5‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫بسم هللا والصالة والسالم عىل رسول هللا وبعد‪:‬‬

‫يبدو أأن تطور املفاهمي والتصورات خاضع ملبدا "اس تدراك الالحق ما فات السابق"‪ ،‬ذلكل ما ينفك‬
‫عمل أأن يس توي عىل سوقه حىت يس تدركه نشاط علمي أآخر من جنسه يوسع جماالت حبثه ويعمق‬
‫تصوراته وفق رؤى ومناجه واسرتاتيجيات يتومس فهيا أأحصابه القدرة عىل االجابة عىل ما شلك عىل‬
‫سابقهيم‪ .‬فينشأأ بذكل عمل جديد‪ ،‬وان اشرتك مع سابقه يف مادة البحث فانه خيتلف ال حماةل يف مهنج‬
‫البحث ومن مث‪ ،‬خيتلف يف النتاجئ وا ألهداف‪.‬‬
‫لعل ما انهتى اليه دارس اللسانيات أأهنا يف أأبسط تعريفها‪ ،‬كام ورد يف حمارضات "دي سوسري"‪،‬‬
‫"ادلراسة العلمية للساين البرشي يف ذاته و ألجل ذاته"‪ ،‬حبيث ينظر فهيا اىل طبيعة اللغة بوصفها‬
‫"شالك الجوهرا" (‪.)Une forme et non une substance‬‬
‫غري أأن التطور احلاصل يف كثري من املفاهمي اللسانية والنقدية احلديثة غداة حتليل اخلطاابت عىل‬
‫اختالف أأجناسها أأدى اىل ظهور اجتاه لساين جديد عرف بـ"لسانيات النص"( ‪)Linguistique textuelle‬‬

‫يسع اىل حتليل البىن النصية واكتشاف العالقات البنوية املسامهة يف اتساق النصوص وانسجاهما‪،‬‬
‫ومن مث الكشف عن أأغراضها التداولية انطالقا من وقائع لغوية و أأخرى غري لغوية اليت يتسع لها النص‪،‬‬
‫طاملا أأن "القراءة الانتاجية ال ختضع ملقروئية النص‪ ،‬بل حتاول تفكيك أأنساقه املكونة لنس يجه‪،‬‬
‫والكشف عن اش تغاهل ادلاليل املتواصل"(‪)1‬‬

‫تنظر اللسانيات النصية اىل النص من حيث هو بنية مامتسكة ذات نسق داخيل تربط بني عنارصه‬
‫عالقات منطقية وحنوية وداللية‪( ،‬عالقات أأفقية ومعودية) وهو ما وفر لهذه البنية نوعا من الثبات مما‬
‫جيعل دراس هتا دراسة علمية أأمرا ممكنا‪.‬‬
‫ان خصيصة النصوص الشمولية يه اليت حمتت عىل مهنج التحليل اللساين النيص أأن يس تدعي من‬
‫أليات ادلراسة ما يتوافق مع طبيعة البنية النصية ومن مث الوقوف عىل ش ىت مظاهر الاتساق‬
‫والانسجام فهيا‪ ،‬أأي أأن مهنج لسانيات النص يصف النظام ادلاخيل خملتلف أأنواع النصوص وطرائق‬
‫بناهئا‪ ،‬ابالضافة اىل الكشف عىل خمتلف القوانني واملعايري اليت ينتظم هبا النص‪ ،‬ومل يقف عند هذا احلد‬
‫بل جتاوزه اىل حتقيق غرض أأمشل يمتثل يف حتديد البنيات اجملردة خملتلف أأنواع النصوص‪ ،‬ويكون ذكل‬

‫‪ -1‬روالن ابرت‪ ،‬التحليل النصي‪ ،‬تطبيقات على نصوص من التوراة واالجنيل‪ ،‬ترمجة وتقدمي‪ :‬عبد الكبري الشرقاوي‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ، ،2001‬ص‪.6 :‬‬
‫‪6‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بدراسة لك نوع ورصد ما فيه من عنارص بنائية وشلكية قارة‪ ،‬وهو ما يفيض اىل تشكيل نظرية عامة‬
‫تعاجل يف ضوهئا خمتلف أأنواع النصوص (‪.)1‬‬
‫اذن‪ ،‬تنام البحث اللساين يف أأخرايت القرن العرشين‪ ،‬فأأحدث ظهور لسانيات النص ثورة يف‬
‫أأمناط التحليل اللساين اذلي جتاوز موضوع حتليل البنوي(امجلةل) اذلي ارتضاه البنويون معتقدين أأنه‬
‫أأقىص ما ميكن أأن يشلك جمال اش تغال اللسانيات احلديثة‪.‬‬
‫جاءت مفردات املقرر جمسدة لهذا املسع ‪ ،‬اذ ان انتظاهما يف نسق تراتيب فيه تأأكيد ذلكل الانتقال‬
‫السلس من امجلةل اىل النص؛ حيث ضبطت احملارضات ا ألربع ا ألوىل املفاهمي املتعلقة بلسانيات النص‪،‬‬
‫اذ الانتقال من حنو امجلةل اىل حنو النص‪ ،‬وهذا من شأأنه أأن يعزز التساؤل عن ظروف النشأأة والتطور‬
‫لهذا النشاط العلمي اجلديد‪ ،‬لتجيب احملارضة الرابعة عن هذا الانشغال؛ فلسانيات النص ليست‬
‫ابجلدة املطلقة عىل غري مثال سابق‪ ،‬بقدر ما يه تطوير للبحوث الرتاثية وتفعيل لليات البحث‪ .‬و أأما‬
‫احملارضات العرش املتبقية فعاجلت مفاهمي أأساس ية يف لسانيات النص ابماكهنا أأن تتيح للطالب اماكانت‬
‫أأوفر للتعرف عىل هذا النشاط ومتيزي موضوعاته وضبط حدوده‪ ،‬يف ظل اطالعه عىل ذكل التداخل‬
‫املفهويم اذلي مشل مصطلح النص‪ ،‬اضافة اىل اشاكالت تصنيفه‪ ،‬فالتطرق اىل معايري النصية‪ ،‬اليت يه‬
‫من ا ألمهية مباكن حبيث لو سقط معيار واحد مهنا فقد النص نصيته‪.‬‬
‫يالحظ أأن موضوعات هذا املقياس اذلي يدرج مضن الوحدة التعلميية ا ألساس ية‪ ،‬قد اختريت‬
‫بعناية فائقة‪ ،‬حبيث يؤسس تدرهجا وتسلسلها لتنظمي خربات التعامل مع النصوص قراءة وانتاجا‪ ،‬سعيا‬
‫لتكوين ملمح دلى الطالب زمتزيه هذه املؤرشات‪:‬‬
‫‪ .1‬تعميق املعارف اللسانية وتفعيلها‪ ،‬حبيث يصري الطالب قادرا عىل التواصل والتبليغ‪.‬‬
‫‪ .2‬متكني الطالب من التعامل مع النصوص‪ ،‬حبيث يصري قادرا عىل حتليلها ونقدها‪.‬‬
‫‪ .3‬متثل املعارف النظرية وتطبيقها يف املامرسات النقدية للنصوص‪.‬‬
‫‪ .4‬اكساب الطالب القدرة عىل البحث يف جمال ادلراسات اللسانية النصية قصد توس يع أآفاقه‪.‬‬
‫‪ .5‬اكساب الطالب أليات البحث اللساين اليت متكنه من املامرسات االجرائية يف خمتلف البحوث‪.‬‬
‫‪ .6‬اكتساب املفاهمي النظرية واالجراءات التطبيقية قصد تطوير أليات التحليل اللساين‪.‬‬
‫اذ يتوقع ابستيفاء مفردات املقرر أأن يسهم ذكل يف رمس صورة متاكمةل عن هذا النشاط (لسانيات‬
‫النص) من حيث هو ممارسة نقدية‪ ،‬كام يوحض مالمح الطالب الباحث اذلي ال يُلقزن املعارف دون‬
‫متحيص‪ ،‬وال يس تقبل النصوص دون أأن ميزي رديهئا من جيدها‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬الدار العربية للعلوم انشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.10 :‬‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يف مغرة تطور مناجه التحليل اللساين يف لك من أأوراب و أأمرياك وما صاحب ذكل من توسع يف أآفاق‬
‫ادلراسات وتعدد مناجه البحث وموضوعاته‪ ،‬ظلت البحوث العربية يف منأأى عن هذا التحول‪ ،‬اذ ما زال‬
‫الباحثون املتأأخرون يهتيبون لك أأس باب التجديد عىل الرمغ من أأن الرتاث العرب القدمي يزخر ابشارات‬
‫ودراسات ذات أأبعاد نصية تؤكد معق احساس املتقدمني مهنم خبصيصة الظاهرة النصية‪.‬‬
‫لنئ اكنت هذه االشارات مبثوثة هنا وهناك‪ ،‬فاهنا ال حتتاج سوى النتظام مهنجي يأأخذ مهنا ويدع‪،‬‬
‫ويضيف الهيا بقدر‪ ،‬يرتهبا أأو يعيد ترتيهبا وفق ما انهتت اليه علوم اللغة من نظرايت ومناجه حتليل‪،‬‬
‫الرث اذلي ظل ردحا غري يسري من الزمن حبيس كتب الرتاث اليت تبدو‬ ‫فتفك ربقة هذا الرتاث اللغوي ز‬
‫أأجساما غريبة يف نظر أأغلب ادلارسني احملدثني‪.‬‬
‫ان هذا الانعتاق س يخرج ال حماةل الرتاث اللغوي العرب يف ثوب جديد وحةل أأنيقة تس هتوي ادلارسني‬
‫من غري العرب قبل العرب‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مفهوم لسانيات النص ‪ :‬من امجلةل اىل النص‬ ‫ادلرس ا ألول‪:‬‬


‫متهيد‪:‬‬
‫لعل عدم كفاية امجلةل‪ ،‬حيث صعوبة تطبيق الكثري من مناجه التحليل اللساين احلديثة علهيا‪ ،‬جعل‬
‫بعض ادلارسني جينحون اىل رضورة توس يع جمال ادلراسة اللسانية حبيث تتجاوز اعتبار امجلةل بنية‬
‫كربى‪ ،‬فاكنت هناية الس تينيات وبداية الس بعينيات من القرن املايض مرحةل يؤرخ هبا لظهور هذا‬
‫التحول الكبري معرفيا واجرائيا‪ ،‬حبيث اختذ من النص مادته ا ألساسة‪ ،‬عرف يف البداية بـ"حنو النص‬
‫)‪ () (Grammaire de texte‬واكن هدفه ا ألساس بلورة مجموعة من القواعد تسهزل عىل ادلارس التعامل مع‬
‫النص وفق رؤية مشولية تتجاوز العناية اب ألداء اللغوي مبفهوم تشومسيك‪ ...‬فال تنهتىي هممته بوصف ما‬
‫هو قامئ ابلفعل يف الواقع اللغوي‪ ،‬أأو تكل املادة الفعلية اليت تقدهما أأبنية اللغة ‪ ...‬ألهنا مل تقدم سوى‬
‫تفسريات جمزتئة غري اكفية ولكهنا رضورية للتحليل النيص اذلي يس توعهبا ويضم الهيا تصورات متنوعة‬
‫عن معليات االنتاج والتلقي(‪ ،)1‬بل ينظر اىل النص من حيث هو ش بكة من العالقات النحوية‬
‫وادلاللية والتداولية تسهم لكها يف خلق النص وتكشف عن نصيته‪.‬‬
‫ضبط مفهويم‪:‬‬
‫يف معرض الوقوف عىل مؤيدات هذا الانتقال من امجلةل اىل النص‪ ،‬حري بنا أأن نضبط بعض املفاهمي‬
‫اليت تؤسس ملعرفة أأولية تضعنا يف صلب اهامتم هذا النشاط املعريف فتسهل علينا االحاطة ابجراءاته‪،‬‬
‫وعليه فالتعريف ابمجلةل والنص وبنحوهيام هو من ا ألمهية مباكن‪.‬‬
‫أأ‪.‬النحو‪ :‬ال ُيراد ابلنحو مجموع القواعد املعيارية ذات الطابع االلزايم‪ ،‬اليت جيب أأن يتقيد هبا مس تعمل‬
‫اللغة يف لك أأداءاته‪ ،‬بقدر ما يراد به تكل ادلراسة العلمية للغة قصد الوقوف عىل كفاءاهتا التعبريية اليت‬
‫متكن مس تعملهيا من التعبري عن انشغاالهتم دومنا عناء‪ ،‬فلكمة حنو هنا تعين لك القوانني اليت حتمك نظاما‬
‫ما(‪ ، )2‬فان أأضيفت هل امجلةل صار دالا عىل القواعد املعيارية اليت حتمك هذا النشاط اللغوي‪ ،‬وان نسب‬
‫اليه النص أأريد به اللسانيات من حيث يه العمل اذلي يدرس اللسان البرشي‪.‬‬

‫‪ )‬مل حيز هذا املصطلح على اتفاق منظريه وال انقليه‪ ،‬فهو عند "هارفج" (‪" " Textologie" )Harveg‬علم النص"وتبعه يف ذلك فان ديك‪ ،‬وتقبله سعيد‬
‫القبول احلسن‪ ،‬أما "درسلري" فقد استخدم للداللة على هذا العلم مصطلح "علم داللة النص" و"حنو النص" "‪ "Text Grammatik‬والتداولية النصية‪ ،‬ويقدم‬
‫"كالوس برينكر" ‪ "linguistis chetextanalyse‬أي التحليل اللغوي للنص‪ ،‬يف حني يرى "سونسكي"" ‪ " Swinskie‬أن املصطلح املتعلق ابلعلم الذي‬
‫جيمع كل البحوث املتعلقة ابلنص هو"لسانيات النص" "‪ "Texte Linguistique‬والشأن ذاته ابلنسبة للمرتمجني إذ املصطالح ذاته قوبل برتمجات عدة منها‪:‬‬
‫علم لغة النص‪ ،‬علم اللغة النصي‪ ،‬حنو النص‪ ،‬األلسنة النصية‪ ،‬علم النص‪ ،‬لسانيات اخلطاب‪ ،‬إال أن أنسبها هو لسانيات النص‪.‬‬
‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬اجتاهات لغوية معاصرة‪ ،‬من وظائف التحليل النصي‪ ،‬عالمات يف النقد‪ ،‬مج‪ ،10 :‬ج‪ ،2000 ،38 :‬ص‪.139 :‬‬
‫‪ -2‬األزهر الزاند‪ ،‬نسيج النص‪ ،‬حبث يف ما يكون به امللفوظ نصا‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1993 ،1‬ص‪.18 :‬‬
‫‪9‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ب‪ .‬امجلةل‪:‬‬
‫يقف املتتبع لتعريفات امجلةل عىل ذكل التباين الواحض بني اللغويني يف حتديد مفاهميها وضبط حدودها‬
‫ومرد ذكل يف الغالب اىل اختالف املنطلقات وتعدد املرتكزات‪" ،‬فبعضها يرتكز عىل منطلق داليل‬
‫حمض‪ ،‬وبعضها يرتكز عىل منطلق شلكي حمض‪ ،‬وبعضها الثالث يعمتد عىل املزج بني ادلالةل والشلك(‪.)1‬‬
‫ذكل أأن ادلراسات اللسانية تأأسست عىل مفهوم امجلةل اذلي يمتزي ابلتنوع والاختالف حىت انه توجد‬
‫تعريفات عديدة للجمةل عند العرب وغريمه‪.‬‬
‫مفهوم امجلةل عند العلامء العرب‪:‬‬
‫ان املتصفح لكتب الرتاث اللغوي العرب يدرك أأن امجلةل يف النحو العرب القدمي تداخلت مع الالكم‪،‬‬
‫يسوون بني امجلةل والالكم من مثل‬ ‫اىل احلد اذلي بدت فيه مرادفة هل‪ ،‬وهو ما جعل بعض علامء العربية ُّ‬
‫ابن الرساج (ت‪ 316‬هـ) يف كتابه "ا ألصول يف النحو" اذلي مل يفرق بني امجلةل والالكم وامنا اعتربهام‬
‫مرتادفني‪ ،‬عىل الرمغ من تأأكيده عىل أأن امجلةل يه النواة الرتكيبية سواء أأاكنت امسية أأم فعلية انجس ًا بذكل‬
‫عىل منوال املربد (ت‪285‬هـ) يف"املقتضب"اذلي اس تخدم مصطلح الالكم وامجلةل مرتادفني‪ ،‬وتبعه ابن‬
‫جين(ت ‪ 396‬هـ) اذلي اشرتط فهيا االفادة‪ ،‬فذكر أأثناء متيزيه بني الالكم والقول" أأن الالكم هو امجلل‬
‫املس تقةل بأأنفسها‪ ،‬الغانية عن غريها‪ ،‬و أأن القول ال يس تحق هذه الصفة(‪ ،)2‬وسار عىل خطاه عبد القاهر‬
‫املفصل‪ ،‬وحنا حنوهام ابن يعيش (ت ‪643‬هـ) يف رشح‬ ‫اجلرجاين (ت‪471‬هـ) والزخمرشي (ت‪538‬هـ) يف ز‬
‫مفصل الزخمرشي‪.‬‬ ‫ز‬
‫وظل ا ألمر عىل ما هو عليه ردحا غري يسري من الزمن اىل أأن جاء جامل ادلين بن هشام ا ألنصاري‬
‫(ت‪761‬هـ)‪ ،‬اذلي مزي بني امجلةل والالكم‪ ،‬فرد عىل من يدعي ترادفهام؛ يف حديثه عن امجلةل بقوهل‪":‬‬
‫والصواب أأهنا أأمع منه‪ ،‬اذ رشطه االفادة‪ ،‬خبالفها‪ ،‬ولهذا تسمعهم يقولون‪ :‬مجةل الصةل‪ ،‬ومجةل الرشط‪،‬‬
‫ومجةل اجلواب‪ ،‬ولك ذكل ليس مفيد ًا ‪ ،‬وليس بالكم"(‪.)3‬‬
‫لعل أأول من اس تعمل مصطلح"امجلةل"يف ادلرس اللغوي العرب القدمي‪ ،‬هو أأبو العباس املربد‬
‫(ت‪285:‬هـ)‪ ،‬وذكل يف معرض حديثه عن الفاعل اذ يقول‪":‬وامنا اكن الفاعل رفع ًا ألنه هو والفعل مجةل‬

‫‪ -1‬أمحد عفيفي‪ ،‬حنو النص‪ ،‬اجتاه جديد يف الدرس النحوي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ -2‬ابن جين (أبو الفتح عثمان‪ ،‬ت‪ 396 :‬هـ)‪ ،‬تقيق‪ :‬عبد احلكيم بن حممد‪ ،‬املكتبة التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪( ،‬دط)‪( ،‬دت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ -3‬ابن هشام األنصاري ‪،‬عبد هللا بن يوسف مجال الدين (ت ‪761‬هـ)‪ ،‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬تقيق ‪ :‬حممد حمي الدين عبد احلميد‪ ،‬املكتبة‬
‫العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪ ،1991 ،‬ج‪ ،2‬ص‪. 431 :‬‬
‫‪10‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫حيسن علهيا السكوت‪ ،‬وجتب هبا الفائدة للمخاطب" (‪ ،)1‬ويه عند سيبويه (ت‪ 180‬هـ) "االس ناد"‪ ،‬اذ‬
‫عقد يف بداية كتابه "الكتاب" ابب املس ند واملس ند اليه‪ ،‬وفيه قال‪ :‬وهام ما ال يغْىن واحد مهنام عن‬
‫الآخر‪ ،‬وال جيد املتلكم منه بدا‪ ،‬مفن ذكل الامس واملبين عليه (يعين اخلرب) (‪ ،)2‬غري أأن هذه االفادة قد‬
‫يتسع لها الالكم كام امجلةل‪.‬‬
‫واتفق املتأأخرون عىل أأن امجلةل يه موضوع ادلرس النحوي‪" ،‬ويه أأقل قدرا من الالكم يفيد السامع‬
‫معىن مس تق ًال بنفسه سواء تركب هذا القدر من لكمة واحدة أأو أأكرث"(‪ .)3‬معىن هذا أأن امجلةل وحدة‬
‫لغوية أأقل من الالكم بغرض افادة السامع معىن من املعاين يوجد فهيا وميزيها عن غريها من امجلل‬
‫ا ألخرى‪.‬‬
‫مفهوم امجلةل عند الغرب‬
‫يرجـع كثري مـن ادلارسني مقـوةل " امجلـةل يه أأكرب وحـدة قابةل للوصف النحـوي" اىل "بلـومفيــــدل"‬
‫(‪ )Bloomfield‬اذلي أأع زد امجلةل احلد ا ألقىص اذلي ينطلق منه اللسانيون‪ ،‬فقد عرفها بأأهنا" شلك لغوي‬
‫مس تقل‪ ،‬ال يتضمنه من خالل أأي تركيب حنوي شلك لغوي أأكرب منه"(‪)4‬ويه عند (هاريس) ‪ " :‬منط‬
‫تركييب ذو مكوانت شلكية خاصة"(‪.)5‬‬
‫امجلةل يف النحو التوليدي التحوييل‪:‬‬
‫رائد هذا املذهب اللساين ا ألمرييك تشومسيك اذلي ر أأى املناجه البنوية السابقة (منذ سوسري ابلنس بة‬
‫ألوراب وبلومفيدل ابلنس بة ألمرياك) مناجه وصفي ًة بُنِي ْت عىل مقاييس دقيقة من أأجل وصف أليات اللسان‬
‫وصف ًا علمي ًا دقيق ًا‪ ،‬وحققت من هذا اجلانب نتاجئ مقبوةل مقارنة ابلنحو التقليدي اذلي اكن يعمتد عىل‬
‫املنطق ا ألرسطي‪ ،‬غري أأن هذه املناجه يف ر أأي تشومسيك مل تعط أأمهية للتفسري والتعليل؛ فمل تفرس‬
‫كيفية ادراك الالكم واحداثه وذلكل فهىي من هذه الناحية فاشةل‪ ،‬وخباصة يف دراس هتا للمس توى‬
‫الرتكييب‪ ،‬ذلكل دعا تشومسيك اىل مناجه جديدة لتحليل هذا املس توى خاصة‪ ،‬واس تطاع بذكل أأن‬
‫حيول املهنج اللساين من السلوكية اىل اذلهنية و أأن جيعل الهدف من النظرية اللسانية التفسري والتحليل‬ ‫ز‬
‫أأكرث من الوصف والتقرير‪ ،‬حني ركز عىل ماميكن أأن يفعهل املتلكمون ابللغة ال عىل ما يقولونه‪.‬‬

‫‪ -1‬املربد (أبو العباس حممد بن يزيد (ت‪285 :‬هـ)‪ ،‬املقتضب‪ ،‬تقيق ‪ :‬حممد عبد اخلالق عضيمة‪ ،‬اجمللس األعلى للمنشورات اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ج‪ ،1‬ص‪. 146 :‬‬
‫‪ -2‬سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنرب‪ ،‬ت‪180 :‬هـ)‪ ،‬الكتاب‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪ ،‬ط‪ ،3،1988‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.23:‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم أنيس‪ ،‬من أسرار اللغة‪ ،‬مكتبة األجنلواملصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1966 ،3‬ص‪260 :‬و ‪.261‬‬
‫‪ - 4‬فولفجانج هاينه مان‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة ط‪ ،2004 ،1‬ص‪16 :‬‬
‫‪ -5‬أمحد حممد عبد الراضي‪ ،‬حنو النص بني األصالة واحلداثة‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪. 39:‬‬
‫‪11‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ان اليشء اجلديد يف نظره هو أأن اللغة أأداة خلق ال متناه؛ وعليه فالتحليل اللغوي ينبغي أأن يكون‬
‫تطرق مسعه قط‪ ،‬وهو ما‬ ‫رشحا وحتليال للعمليات اذلهنية اليت متكزن االنسان من التلكم جبمل جديدة مل ْ‬
‫اس تدع مصطلحات ومفاهمي جديدة مثل‪ :‬االبداعية (‪ )creativite‬والبنية السطحية ( ‪Structure de‬‬

‫‪ )Surface‬والبنية العميقة (‪ (Structure Profonde‬وامللكة والقدرة (‪ )Competence et Performance‬ويه‬


‫مفاهمي اكن لها ابلغ ا ألثر يف ادلراسات اللسانية فامي بعد‪.‬‬
‫امجلةل عند البنويني الوظيفيني‪:‬‬
‫ركز البنويون الوظيفيون عىل الوظيفة اليت تؤدهيا امجلةل أأو أأحد عنارصها يف الرتكيب‪ ،‬ففي ر أأي‬
‫"ديبوا"( ‪ ) Jean Dubois‬أأن مفهوم الوظيفة هو املزنةل اليت ميثلها أأي جزء من أأجزاء الالكم يف البنية‬
‫النحوية ابلنظر اىل الس ياق اذلي يرد فيه‪ ،‬ويتعلق هذا املفهوم يف نظر" أأندري مارتيين" )‪)A. Martinet‬‬
‫ابختيار املتلكم ألدواته التعبريية بوعي‪ ،‬فتتحدد وظيفة لك جزء من أأجزاء الالكم ابلشحنات االخبارية‬
‫اليت حي زمهل اايها املتلكم فتكون للوظيفة قمية متيزيية من الناحية ادلاللية العامة‪.‬‬
‫حدد مارتيين امجلةل بكوهنا لك عبارة ترتبط مجيع وحداهتا مبس ند وحيد أأو مبس ندات مرتابطة وحللها‬
‫ابلنظر اىل تقس مي وحداهتا اىل مجموعة من املوناميت والرتكيبات‪ ،‬مهنا ما ميثل نواة امجلةل وهو الرتكيب‬
‫االس نادي اذلي يتأألف من عنرصين أأساس يني هام املس ند (وميثل نواة امجلةل أأو اخلطاب أأو احلمك)‪،‬‬
‫واملس ند اليه اذلي ميثل عنرص ًا هام ًا لامتم امجلةل (احملكوم عليه) مفث ًال الرتكيب املكون من‪:‬‬
‫")‪ "Les enfants (du voisin) jouent (dans le jardin‬فالرتكيب املكون من" ا ألطفال يلعبون أأو يلعب‬
‫ا ألطفال" هو نواة الرتكيب االس نادي اذلي يشلك أأساس امجلةل‪ ،‬ال ميكن أأن يزول واذا زال فسدت‬
‫امجلةل‪ ،‬وهو تركيب مس تقل ألنه يدل بنفسه عىل وظيفته‪ ،‬أأما بقية العنارص مفتعلقة به ويه فضْ الت‬
‫تضاف لتحديد الزمان‪ ،‬واملاكن‪ ،‬أأو لتخصيص أأحد عنارص االس ناد فاذا حذفناها ال خيتل معين‬
‫امجلةل(‪.)1‬‬
‫الواحض أأن العلامء اذلين اهمتوا بلسانيات امجلةل(‪ )Linguistique Phrasique‬قد أأبعدوا العوامل‬
‫الاجامتعية والتبليغية واهمتوا يف املقابل ابلوصف دون النظر اىل الس ياق اللغوي يف عالقته بأأحوال‬
‫اخلطاب ومقتضيات التبليغ اللغوي ومالبس ته اخملتلفة‪.‬‬
‫ان ما يس تحق البحث اذ ًا‪ ،‬هو كيفية الانتقال من امجلةل اىل النص‪ ،‬ا ْذ ا زن هذا الانتقال ال يعود اىل‬
‫معايري التوسع بقدر ما يتصل بتغيري نوعي مسح بظهور تيار علمي جديد مسي بـ"حنو النص"‪ ،‬حيث‬
‫تأأكد أأن املعىن اللكي للنص واملعلومات الواردة فيه أأكرب من جمرد مجموع املعاين اجلزئية للجمل اليت‬

‫‪ -1‬نقال عن‪ :‬خولة طالب اإلبراهيمي‪ ،‬مبادئ يف اللسانيات‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2006 ،2‬ص‪.101 :‬‬
‫‪12‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تكونه‪ ،‬ذكل أأ زن اهامتم ادلراسات اللسانية يف البداية اكن موهجا اىل الوحدات اللغوية ادلنيا (املباحث‬
‫الصوتية والرصفية) مث عرف مرحةل انتقالية ركزت عىل مظاهر الرتكيب و أأقصاها امجلةل ومل يمت التفكري يف‬
‫جتاوز امجلةل اال يف أأواخر الس تينيات من القرن املايض‪.‬‬
‫وحض "فان ديك")‪ (Van Dijk‬أأوجه عدم كفاية حنو امجلةل لوصف ظواهر تتجاوز حدود امجلةل‪،‬‬ ‫ز‬
‫يقول‪":‬لقد توقفت القواعد واللسانيات التقليدية غالبا عند حدود وصف امجلةل‪ ،‬و أأما يف عمل النص فاننا‬
‫نقوم خبطوة اىل ا ألمام‪ ،‬ونس تعمل وصف امجلل بوصفه أأداة لوصف النصوص‪ ،‬وما دمنا نس تتبع هنا‬
‫املكوانت املعتادة للقواعد‪ ،‬ونس تعمل النصوص املس تخدمة بغية وصف امجلل‪ ،‬فاننانس تطيع أأن نتلكم‬
‫عن قواعد النص(‪ )1‬غري أأن ذكل ال يعين رفض مقوالت حنو امجلةل أأو التقليل من أأمهيهتا‪ ،‬فعىل الرمغ مما‬
‫وجه لها من نقد اال أأن ذكل ال ينفي س بق الرتاث النحوي بلك ما تضمنه من تصورات ومفاهمي وقواعد‬
‫ووصف وحتليل عُدزت ا ألساس الفعيل اذلي انبنت عليه الاجتاهات النصية احلديثة‪ ،‬فا ألمر ابلنس بة‬
‫لـ"فان ديك" ميكن يف تغيري االطار ا ألساس اذلي يضم امجلةل‪ ،‬بعد ادخال عنارص داللية وتداولية يف‬
‫الوصف والتحليل‪ ،‬ألن احلاجة أأصبحت ملحة لوضع مفاهمي جديدة تضم عنارص لغوية وغري لغوية مل جتد‬
‫لها ُمتزسعا يف امجلةل‪ ،‬وابلتايل حصل نوع من االتفاق عىل رضورة التغيري وفق رؤية مهنجية ال تغفل‬
‫امجلةل ويف املقابل ال تعدها أأكرب وحدة قابةل للتحليل اللساين‪ ،‬بل ينظر الهيا من زاوية عالقهتا ببقية امجلل‬
‫ا ألخرى املكونة للنص‪ ،‬وكذا من زاوية الس ياق اذلي ُأنْتِج ْت فيه ومبنتجها و ُمس ت ْقبِلها(ظروف االبداع‬
‫والتلقي)‪.‬‬
‫يرى أأحصاب هذا الاجتاه اجلديد (لسانيات النص) أأن كثريا من ادلراسات اللغوية ادلائرة يف فكل‬
‫امجلةل قد أأمهلت اجلانب ادلاليل أأومل تُ ْعن به العناية الاكفية‪ ،‬مما حدا بعلامء النص اىل جتنب هذا القصور‬
‫يف دراس هتم وميكن توضيح ذكل من خالل تعليل فان ديك بقوهل‪ ":‬يف لك ا ألحناء السابقة عىل حنو‬
‫النص وصف ل ألبنية اللغوية‪ ،‬ولكنه مل يُ ْعن ابجلوانب ادلاللية عناية اكفية مما جعل علامء النص يرون أأن‬
‫البحث الشلكي ل ألبنية – وخباصة اجلوانب ادلاللية‪ -‬ال ميكن أأن توصف اال يف اطار أأوسع لنحو‬
‫اخلطاب أأو حنو النص"(‪.)2‬‬
‫لكن الفارق بني حنو امجلةل وحنو النص ال يبعث عىل الانفصال‪ ،‬بل ميكن اجياد طرائق تتيح نوعا من‬
‫التاكمل بيهنام‪ ،‬اذ ان حنو امجلةل يقدم القواعد النحوية املعيارية اليت تشلك أأسس التحليل يف املس توى‬
‫ا ألول‪ ،‬انطالقا من اعتبار امجلةل وحدة نظامية‪ ،‬فتعقهبا بعد ذكل القواعد ادلاللية اليت تتبلور يف املس توى‬
‫‪ -1‬فان دايك‪ ،‬النص بىن ووظائف مدخل أويل إىل علم النص‪،‬تر‪:‬منذر عياشي‪ ،‬ضمن كتاب العلمانية وعلم النص‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪ ،2014‬ط‪ ،1‬ص‪.147 :‬‬
‫‪ -2‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬الشركة املصرية العاملية للنشر‪ ،‬لوجنمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1997 ،‬ط‪ ،1‬ص‪.136 :‬‬
‫‪13‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الثاين ابعتبار امجلل املس تعمةل وحدات نصية‪ ،‬أأما حنو النص فهيمت ابملس توى ادلاليل من خالل حبثه يف‬
‫العالقات املعنوية غري الظاهرة اليت تعمل عىل جتس يد متاسك النصوص وانسجاهما منطلقة من كون‬
‫النص وحدة داللية كربى ميكن حتليلها ابلنظر اىل مكوانهتا الصغرى‪ ،‬ابالضافة اىل عنايهتا ابلظروف‬
‫والس ياقات اخلارجية‪ ،‬فباتساع جمال البحث من خالل ادخال تصورات أأكرث مشولية صار من الرضورة‬
‫مباكن اخلروج ابلتحليل من مس توى امجلةل اىل التحليل عىل مس توى أأكرب وهو النص‪.‬‬
‫ان الانتقال من امجلةل اىل النص هو انتقال يف املهنج بأأدواته واجراءاته و أأهدافه‪ ،‬حيث متكنت‬
‫لسانيات النص من بلوغ حمطات متقدمة ما اس تطاعت لسانيات امجلةل الوصول الهيا‪ ،‬اذ متكنت من‬
‫حتديد العالقات اليت تربط بني امجلل وفقرات النصوص عىل مس توايت متعددة مهنا الصويت والرصيف‬
‫والنحوي وادلاليل والتداويل‪.‬‬
‫ج‪ .‬النص‪:‬‬
‫تعددت تعريفات مصطلح النص‪ ،‬فقد وجدها د‪ .‬سعيد حسن حبريي كثرية‪ ،‬بدا هل حيهنا أأن حظ‬
‫هذا املصطلح مل يكن" أأسعد حاال من مصطلح امجلةل‪ ،‬فمثة اختالف شديد بني هذه الاجتاهات يف‬
‫تعريف النص اىل حد التناقض أأحياان واالهبام أأحياان أأخرى"(‪ .)1‬وقد يعود هذا الاضطراب يف حتديد‬
‫مصطلح النص ومفهومه اىل أأس باب لعل أأمهها‪:‬‬
‫‪ -‬تقاطع لسانيات النص مع نشاطات أأخرى كعلوم ا ألدب والبالغة والشعر والفلسفة وغريها من‬
‫التخصصات اليت جتعل من النص اللغوي مادة حبهثا‪"،‬فقد تشعبت املنابع اليت اس تق مهنا مفاهميه‬
‫وتصوراته ومناهجه"(‪.)2‬‬
‫‪ -‬تعدد معايري تعريف النص ومداخهل ومنطلقاته؛ من حيث "وجوده الفزياييئ وما يتجسم به من‬
‫مكوانت‪ ،‬ومن حيث هو حدث أأو معل منجز يف الزمان واملاكن‪ ،‬ومن حيث هو بنية حتمكها عالقات‪،‬‬
‫ومن حيث هو مؤسسة اجامتعية حضارية " (‪. )3‬‬
‫‪ -‬يُضاف اىل ذكل أأن البحث اللساين معوما وما ارتبط منه بدراسة النصوص خصوصا مل ي زتضح بعد‬
‫خيطه ا ألبيض من خيطه ا ألسود‪.‬‬
‫‪ -‬ان جمال اش تغال اللسانيات النصية هو دراسة النصوص وحتليلها‪ ،‬حيث "يرتكز عىل النصوص يف‬

‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪101 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬املقدمة ‪ ،‬ص‪ :‬أ‪.‬‬
‫‪ -3‬األزهر الزاند‪ ،‬نسيج النص حبث فيما يكون به امللفوظ نصا‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط ‪ ،1993 ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪14‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ذاهتا؛ أأشاكلها‪ ،‬وقواعدها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬وتأأثرياهتا املتباينة"(‪ ،)1‬ذلا ع زد النص جمال اختالف ابلنس بة‬
‫للباحثني يف هذا امليدان‪ ،‬لكن هذا ال مينعنا من عرض بعض ال زتعريفات ومناقش هتا‪ ،‬مهنا ما يأأيت‪:‬‬
‫"النص هو مجموعة االشارات النصية اليت ترد يف تفاعل اتصايل‪ ،‬فهذا التعريف يضم اشارات اتصالية‬
‫غري لغوية‪...‬وجيب يف طرائق وصف النص عند وجود مثل هذا الفهم للنص تناول وصف االشارات‬
‫اليدوية املصاحبة للمنطوق‪ ،‬و أأشاكل التعبري من خالل حركة الوجه"لغة اجلسد"(‪)2‬‬

‫ر أأى فان ديك (‪ " )Van Dijk‬أأ زن أأي حتديد للنزص يقتيض نظريزة أأدب زية‪ ،‬وهذا مل حيدث االز يف س نوات‬
‫ا زلس زتينات وا زلس بعينات‪...‬فقد حاول يف كتابه "بعض أأحناء النز زص" السعي اىل اقامة تصور متاكمل حول‬
‫النص منذ ‪ 1972‬وظل عىل هذا املبد أأ يف كتابه "النص والس ياق" اذلي أأصدره س نة ‪ 1977‬حيث أأخذ‬
‫بعني الاعتبار لك ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية ‪ ...‬أأثناء دراسة أأي نص من النصوص اللغوية )‪.(3‬‬
‫وعىل الهنج ذاته سار هاليداي ورقية حسن (‪ )M. k. halliday and Ruqaia hasan.‬يف تعريفهام للنص‬
‫حني ر أأايه "وحدة لغوية يف طور الاس تعامل‪ ،‬وهو ال يتعلق ابمجلل‪ ،‬وامنا يتحقق بوساطهتا")‪ .(4‬يبدو من‬
‫خالل هذا التعريف الرتكزي عىل معياري الوحدة والانسجام وذكل من خالل االشارة اىل كون النص‬
‫وحدة داللية‪ ،‬وليست امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص(‪ .)5‬أأ زما تعريف جوليا كريستيفا فقد اكن‬
‫أأكرث معقا )‪،(6‬حيث ترى أأن زه "هجاز عرب لساين يعيد توزيع نظام اللسان(‪ )Langue‬عن طريق ربطه‬
‫ابلالكم (‪ )Parole‬التواصيل‪ ،‬راميا بذكل اىل االخبار املبارش مع خمتلف أأمناط امللفوظات ز‬
‫السابقة‬
‫واملعارصة)‪ ،(7‬من هذا التزعريف حيدزد النزص اكنتاجيزة ‪ Productivité‬حيث تكون عالقته ابللسان اذلي‬
‫حيصل فيه عالقة توزيع أأي عالقة بناء وهدم‪ ،‬كام يظهره من حيث هو تبادل نصوص أأي تناص اذ جند‬
‫يف فضاء النص عدة ملفوظات مأأخوذة من نصوص أأخرى غري النزص ا ألصيل)‪ .(8‬الواحض أأ زن هذا‬
‫التعريف يطعن يف كفاية النظر اىل السطح ويربز ما يف النص من ش باكت متــعالقــة‪ ،‬فهـي ترى أأن‬

‫‪ - 1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص "املفاهيم واالجتاهات " ص‪100:‬‬
‫‪ -2‬فولفجانج هاينه مان‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪ ،‬ص‪7 :‬‬
‫‪ -3‬سعيد يقطني‪ ،‬انفتاح النص الروائي (النص والسياق)‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء املغرب‪( ،‬ط‪ ،2001 ،)2‬ص‪14 :‬و‪. 15‬‬
‫‪ -4‬حممد عزام‪ ،‬النص الغائب‪ ،‬جتليات التناص يف الشعر العريب‪ ،‬منشورات أحتاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪ ،2001 ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ -5‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،2006 ،2‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ -6‬يعد تعريف الباحثة اللغوية البلغارية جوليا كريستيفا( ‪ ) Julia Kristiva‬من بني التعريفات اليت اهتم هبا الدارسون‪ ،‬ألنه يطعن يف كفاية النظر إىل‬
‫السطح اللغوي ويربز ما يف النص من شبكات متعالقة حيث جتعله أكثر من جمرد خطاب أو قول ألنه موضوع العديد من املمارسات السيميوطيقية اليت يعتد‬
‫هبا على أساس أهنا ظاهرة عرب لسانية‪ ،‬مبعىن أهنا مكونة بفضل اللغة لكنها غري قابلة لالحنصار يف مقوالهتا ‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر صالح فضل ‪،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مكتبة لبنان انشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪ 294 :‬و‪295‬‬
‫‪ -7‬سعيد يقطني‪ ،‬انفتاح النص الروائي (النص والسياق)‪ ،‬ص‪. 19 :‬‬
‫‪ -8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 19 :‬و ‪.20‬‬
‫‪15‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫النــص أأكرث من جمــرد خـطاب أأو قــول‪ ،‬ان زه موضـــوع لعديد من املمــارسات الس مييولوجية اليت يعتد‬
‫هبا عىل أأساس أأهنا ظاهرة عربلغوية(‪.)1‬‬
‫تصور "روالن ابرت" (‪ )Roland Barthes‬للنزص(‪ ،(2‬فقد تبلور يف معل قدزمه عام ‪1971‬‬ ‫أأ زما ز‬
‫يك ‪Déconstruire‬‬ ‫بعنوان"من العمل اىل النزص"وقدزم فيه نظريزة مركززة عن طبيعة النزص من مفهوم تفكي ز‬
‫متحوةل متارس‬‫ابدلز رجة ا ألوىل حيث يقول‪..." :‬ا زن مقوةل النزص تشري اىل نشاط وانتاج‪...‬ا زن النزص زقوة ز‬
‫ال زتأأجيل ادلز امئ‪ ،‬ان زه الهنا زيئ وال مغلق‪ ...‬ان زه عبارة عن استشهادات ال توضع بني أأقواس بل تبق‬
‫جمهوةل‪...‬وهو مجموعة من الاقتباسات اجملهوةل واملقروءة والاستشهادات ال زالشعورية والاس تنساخيزة‬
‫املأأخوذة من لغات وثقافات عديدة‪ ،‬ويه اليت تضمن انتاجيزته وممارس ته ادلز اةل عىل نس يجه املتشابك‪...‬‬
‫صور‬‫وهو كذكل مفتوح ينتجه القارئ أأثناء معلية القراءة لتكل ا ألبنيزة اللغويزة‪ ،(3)...‬وعىل ضوء هذا ال زت ز‬
‫الصدق‬ ‫يعرف النزص بأأن زه "النزس يج وبيت العنكبوت" حيث جنده غري أآبه بثنائيزة الكذب و ز‬ ‫وهذه ا ألفاكر ز‬
‫الس ياق عىل اللزغة‪ ،‬هذا املعىن ال ي زمت ادراكه االز من خالل النزص‬ ‫بل اكن مهزه هو املعىن اذلي يفرضه ز‬
‫الص زياغات وادلز وال‪ ،‬العالقات والوظائف‪ ،‬وتمتوقع ا زذلات وتنح زل‬ ‫واب زذلات يف زنصيته‪ :‬تشابك الشز فرات‪ ،‬ز‬
‫مثل عنكبوت هتكل يف خيوطها)‪ ،(4‬فنجده يش زبه الاكتب أأو النزاص ابلعنكبوت وبنية النزص بيهتا‬
‫ونس يجها‪.‬‬
‫ومن هنا فان النص عند لك من "روالن ابرت"(‪ )Roland Barthes‬و"جوليا كريستيفا" ( ‪Jullia‬‬

‫‪ )Cristiva‬هو معلية جتس يد لنظام اللغة‪ ،‬ذكل أأن املعىن ا ألدب ال تتحقق ملموسيته خارج اطار هذا‬
‫النظام(‪.)5‬‬
‫التحول من حنو امجلةل اىل حنو النص ومؤيداته‬
‫اعترب البنويون امجلةل أأكرب وحدة لغوية قابةل للوصف والتحليل‪ ،‬وظلت اىل حد قريب املوضوع‬
‫الرشعي والوحيد اذلي يشلك مادة البحث اللساين الس تقطاهبا مجيع مس توايت التحليل اللغوي‪.‬‬
‫وانطلق البنويون من " أأن لك بنية حنوية يه قياس و أأن دراسة لغة من اللغات تمتثل يف الكشف عن‬
‫مجموع العنارص اليت يتعاطاها أأفراد اجملموعة اللسانية مما يؤلف قياسات تكل اللغة اليت يس تعملوهنا"(‪)6‬؛‬

‫‪ -1‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مكتبة لبنان انشرون‪ ،‬الشركة املصرية العاملية للنشر‪ ،‬لوجنمان‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪294 :‬‬
‫‪-2‬مل خيرج تصور روالن ابرت(‪ )Roland Barth‬للنص عن اخلطوط العريضة اليت وضعتها البلغارية جوليا كريستيفا خاصة إنتاجية النص وانفتاحه وفكرة‬
‫التناص‪.‬‬
‫‪ -3‬عمر أوَكان‪ ،‬لذة النص أو مغامرة الكتابة لدى ابرت‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪( ،‬دط) ‪ ،1996‬ص‪30‬و‪.31‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪. 31 :‬‬
‫‪ -5‬عبد الناصر حسن حممد‪ ،‬نظرية التواصل وقراءة النص األديب‪ ،‬املكتب املصري لتوزيع املطبوعات‪ ،‬مصر‪( ،‬دط)‪ ،1999 ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ -6‬عبد السالم املسدي‪ ،‬اللسانيات وأسسها املعرفية‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪( ،‬دط)‪(،‬دت)‪ ،‬ص‪.144 :‬‬
‫‪16‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأي أأن النحو عمل تصنيفي هدفه ضبط الصيغ ا ألساس ية يف اللغة حبسب تواترها‪ .‬وعليه تقوم النظرية‬
‫اللسانية البنوية بتحليل اللغة ابعتبارها مجموعة من امجلل‪ ،‬لك مجةل تش متل عىل شلك صويت وعىل‬
‫تفسري داليل‪ ،‬وقواعد اللغة يه اليت توحض التوافق بني الصوت وادلالةل يف امجلةل‪ ،‬وذلكل تسم بقواعد‬
‫امجلةل ابعتبارها الوحدة ا ألساس ية يف التحليل اللساين اليت توقفت عندها اللسانيات البنوية ومل‬
‫تتجاوزها اىل وحدات لغوية أأكرث مهنا وذلكل مسيت بلسانيات امجلةل‪ .‬يف املقابل مل حتظ ابيق الوقائع‬
‫اللغوية اليت تفوق امجلةل بأأدىن اهامتم‪ ،‬وهو ما جعل امجلةل غرضا تس هتدفه سهام النقاد لقصورها عن‬
‫اش امتل ما اتسع هل النص من اماكانت لغوية حتقق هل الاكامتل‪ ،‬يف مقابل قصور امجلةل عن تقيق هويهتا‬
‫اال ابلنس بة اىل مجل أأخرى‪ ،‬ذلا وصف اخلطاب من خالل مجهل"اجراء غري محمود النتاجئ"(‪ ،)1‬ألن امجلةل‬
‫حسب"ميش يل مايري"( ‪ )Michel Myer‬ال وجود لها منعزةل يف الاس تعامل الفعيل للغة‪ ،‬فهىي دامئا حمتواة‬
‫يف س ياق للتلفظ‪ ،‬وعليه فامجلةل ال تتحقق وال تكتسب هويهتا احلقيقية اال يف اطار اخلطاب أأو‬
‫الس ياق(‪ ،)2‬ويف هذا الس ياق يشري "متام حسان" اىل مجموعة من املبادئ احلامكة اليت ختص حنو امجلةل‬
‫فقط ويه‪:‬‬
‫‪ .1‬االطراد‪ :‬وهو ثبات القاعدة يف احلمك عىل الفصح ‪ ،‬وما خرج عهنا فهو شاذ‪ .‬أأم حنو النص فينأأى عن‬
‫االطراد‪ ،‬ألنه يعرتف ابملؤثرات ا ألسلوبية‪ ،‬ويه ترصفات فردية يلجأأ الهيا منشئ النصليدل هبا عىل‬
‫لفتات ذهنية‪.‬‬
‫‪ .2‬املعيارية‪ :‬فالقاعدة يف حنو امجلةل يه أأساس الصحة أأو اخلطأأ‪ ،‬فاملعيارية سابقة عىل النص‪ ،‬ذلا ال يؤمن‬
‫حنو امجلةل بنص اال اذا اكن موافقا للقواعد اليت اس تنبطها‪ ،‬أأما حنو النص فهو حنو تطبيقي غري نظري‪،‬‬
‫فال ينشأأ اال بعد أأن يكمتل النص‪.‬‬
‫‪ .3‬االطالق‪ :‬أأن تطلق القاعدة عىل لك ما قيل أأو س يقال‪ ،‬فهىي احلمك اذلي يرد اليه لك الكم يف حنو‬
‫امجلةل‪ ،‬أأما يف حنو النص فيكون احلمك بعد انتاج النص‪ ،‬ويف حاةل التواصل االفعيل‪.‬‬
‫‪ .4‬الاقتصار‪ :‬عىل حبث العالقات يف حدود امجلةل الواحدة دون جتاوزها‪ ،‬اال عند ارادة معىن الارضاب‬
‫أأو الاس تدراك‪ .‬أأما حنو النص مفيدانه النص اكمال دون جتزئته‪.‬‬
‫ما خيتص به حنو النص‪:‬‬
‫النص حدث تواصيل تتحقق نصيته بتوافر معايري النصية الس بعة (الس بك واحلبك والقصد‪،‬‬
‫والقبول‪ ،‬االعالم‪ ،‬واملقامية والتناص)‪ ،‬مهنا مخسة معايري خيتص هبا حنو النص وال تعين حنو امجلةل يف‬

‫‪ -1‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬الدار العربية للعلوم انشرون‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.65 ،64 :‬‬
‫‪17‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يشء(‪ .)1‬يبدو اذن‪ ،‬أأن التحول من حنو امجلةل اىل حنو النص هو ادراك ل ألبعاد ادلاللية اليت تتوادل‬
‫ابس مترار ابعتبار املواقف التواصلية واليت ال تتسع لها امجلةل يف مجيع أأحوالها‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال يعين بأأية حال من ا ألحوال أأن نطرح مقوالت حنو امجلةل جانبا‪ ،‬فنحو النص يقوم أأساسا‬
‫عىل تصورات ومقوالت حنو امجلةل وقواعدها فباتساع جمال الرؤية اتق(رغب) ادلارسون اىل تقيق‬
‫هدف جديد يتجاوز قواعد انتاج امجلةل اىل قواعد انتاج النص‪ ،‬أأي حماوةل تقدمي صياغات لكية دقيقة‬
‫ل ألبنية النصية وقواعد ترابطها‪.‬‬
‫املبادئ العامة احلامكة للمنطني‪:‬‬
‫لنئ جاء "حنو النص‪ /‬لسانيات النص" يف أأثر "حنو امجلةل‪ /‬اللسانيات البنوية"‪ ،‬فمل يكن ذكل من‬
‫ابب الهدم فالبناء‪ ،‬أأي أأن حنو النص مل يكن مناوئا لنحو امجلةل‪ ،‬بل نراه يتيكء يف كثري من ا ألحيان عىل‬
‫مقوالته‪ ،‬ومع هذا التقاطع يظل للك من المنطني مبادؤه اليت ينفرد هبا‪.‬‬
‫ممزيات حنو امجلةل‪:‬‬
‫يقوم حنو امجلةل أأو النحو التقليدي املعياري عىل أأسس عامة ذات طابع الزايم‪ ،‬ال يتخطاها النحاة‪ ،‬ذكر‬
‫دي بوجراند (‪ )2()De Beaugrand‬اثنني مهنا ‪:‬‬
‫‪ -‬االرصار عىل اس تقالل النحو عن رعاية املواقف العملية‪ ،‬فيدرس هذا المنط امجلل مبعزل عن س ياقاهتا‬
‫ومالبسات انتاهجا وظروف تلقهيا‪ ،‬اذ من نتاجئ هذه النظرة الضيقة كام يرى "براون ويول" ( ‪G . Brown‬‬

‫‪ )G .Yule‬الرتكزي عىل مجل مصنوعة غري طبيعية ومعزوةل عن س ياقها التواصيل (‪ )3‬وان اكن هذا ا ألمر‬
‫نسبياذكل أأن حناة امجلةل يعمتدون بدورمه عىل خمرجات الس ياق التواصيل واملواقف اللغوية‪.‬‬
‫‪ -‬اخضاع لك امجلل املركبة جملموعة من الرتاكيب البس يطة‪ :‬وهو ماجيعل النحو التقليدي أأو" الافرتايض‬
‫يف مقابل النحو الفعال" ال يطالب بتعيني حد لعدد الرتاكيب املمكنة للجمل‪ ...‬اذ ميكن لشخص ما أأن‬
‫يضيف مجةل جديدة مبوجب البناء عىل انساق تركيبية تنسجم مع النظام اللساين للمجموعة اللغوية‪،‬‬
‫"فنحو امجلةل يؤمن ابس تقاللية امجلةل‪ ،‬وابلتايل فهو حنو حتليل ال تركيب(‪ ، )4‬ويشري دي بوجراند اىل أأن‬
‫هذين املبد أأين ميثالن عقبة أكداء أأمام نظرية الصياغة اللغوية؛ فهام يؤداين اىل منوذج للغة تمت فيه‬
‫العمليات بتحويل تراكيب اىل تراكيب أأخرى يف حدود النظام نفسه(‪ )5‬و أأدى هذان املبدأآن اىل عدم‬
‫‪ -1‬ينظر‪ :‬أمحد عفيفي‪ ،‬حنو النص‪ ،‬اجتاه جديد يف الدرس النحوي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص‪.77 ،76 ،75 :‬‬
‫حسان‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص‪.129 :‬‬ ‫‪ -2‬ينظر‪ :‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬تر‪ /‬متام ّ‬
‫‪ -3‬براون ويول‪ ،‬حتليل اخلطاب‪ ،‬ترمجة وتعليق‪ .‬حممد لطفي الزليطين ومنري الرتيكي‪ ،‬النشر العلمي واملطابع‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.27 :‬‬
‫‪ -4‬أمحد عفيفي‪ ،‬حنو النص اجناه جديد يف الدرس النحوي‪ ،‬ص‪.72 :‬‬
‫‪ - -5‬ينظر‪ :‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫‪18‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تفاعل النحو واملعىن يف أأثناء معلياهتام اخلاصة‪ ،‬وتس تدعي احلاجة أأن يكون املكون النحوي قامئا عىل‬
‫الرتابط أأكرث مما يقوم عىل التقطيع(‪ ،)1‬وبعبارة أأخرى حنن حباجة اىل فرض قيود الاس تعامل عىل النظام‬
‫النحوي الافرتايض للغة(‪.)2‬‬
‫ينحرص الفرق بني حنو امجلةل وبني حنو النص يف املوضوع واملهنج والغاية(‪ ،)3‬مفوضوع حنو امجلةل هو‬
‫امجلةل يف حد ذاهتا‪ ،‬يف حني موضوع حنو النص هو دراسة النص اذلي قد يكون دون مجةل أأو يطابقها‬
‫أأو يتجاوزها أأما املهنج فان حنو امجلةل يعمتد عىل معايري يف التنصيق أأكرث قرارا وجتريدا من املعايري‬
‫املعمتدة يف تصنيف حنو النص‪.‬‬
‫ومن مث فال مربر النفصال لسانيات النص عن لسانيات امجلةل‪ ،‬بل انه ال مربر لتطابق مباحهثام‬
‫(مبفهوم تداخل لك مهنام يف الآخر)‪ ،‬اننا ننطلق اىل حد بعيد من عالقة تاكملية بني لسانيات النص‬
‫وامجلةل‪ /‬علمي النص وامجلةل‪ ،‬حيث ينظر اىل حبوث عمل لغة امجلةل عىل أأهنا رشط جوهري لدلراسات‬
‫اللغوية النصية من هجة‪ ،‬بل ميكن أأن يس توعهبا عمل لغة النص الشامل من هجة أأخرى(‪ ،)4‬فامتم النبية‬
‫امجللية تعين بداية البنية النصية‪ ،‬كام يوحضه الشلك أأدانه‪.‬‬
‫متام البنية امجللية‬
‫اللكمة (الرصف) العبارة امجلةل الصغرى امجلةل ما بني امجلل الفقر النص‬
‫بداية البنية النصية‬
‫ان الانتقال من لسانيات امجلةل اىل لسانيات النص اذن‪ ،‬هو انتقال يف املهنج بأأدواته واجراءاته‬
‫و أأهدافه‪ ،‬حيث متكنت لسانيات النص من بلوغ حمطات متقدمة ما اس تطاعت لسانيات امجلةل الوصول‬
‫الهيا‪ ،‬اذ متكنت من حتديد العالقات اليت تربط بني امجلل وفقرات النصوص عىل مس توايت متعددة مهنا‬
‫الصويت والرصيف والنحوي وادلاليل والتداويل‪.‬‬
‫ممزيات النص‪:‬‬
‫للنص من الصفات ما يمتزي به عن امجلةل وتمتثل يف معايري النصية اليت تشلك جممتعة مباحث‬
‫لسانيات النص و أأمه خصائصها‪ ،‬حبيث لو سقط مهنا معيار واحد فقد املعط اللغوي نصيته‪ ،‬ويه كام‬
‫طرهحا "دي بوجراند" و"درايسلر" س بعة‪،‬اال أأن املعياريني ا ألولني مهنام يعدان من املباديء اليت‬

‫‪ -1‬أمحد عفيفي‪ ،‬حنو النص اجناه جديد يف الدرس النحوي‪ ،‬ص‪.74 :‬‬
‫‪ -2‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫‪ -3‬األزهر الزاند‪ ،‬نسيج النص‪ ،‬حبث يف ما يكون به امللفوظ نصا‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ -4‬فولفجانج هاينه مان‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬ص‪6 :‬‬
‫‪19‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يشرتك فهيام حنو امجلةل وحنو النص وهام الاتساق والانسجام‪ ،‬يف حني امخلسة الباقية مبادئ تفصل بني‬
‫جمايل امجلةل‬
‫والنص ويه (‪: )1‬‬
‫‪ -1‬االعالمية‬
‫‪ -2‬املقبولية‬
‫‪ -3‬املوقفية‬
‫‪ -4‬التناص‬
‫تأأكد أأن التحليل اللساين النيص مل يتخل لكيا عن التحليل امجليل‪ ،‬وامنا مت جتاوز امجلةل اىل الوصول‬
‫اىل نصية النص‪ ،‬وحاول "دي بوجراند" (‪ )De- Beaugrand‬بيان الفروق احلوهرية بني لسانيات امجلةل‬
‫ولسانيات النص اليت سوغت جتاوز التحليل امجليل‪.‬‬
‫‪ .1‬ان النص نظام فعال‪ ،‬يف حني جند امجلل عنارص من نظام افرتايض‪.‬‬
‫‪ .2‬امجلةل كيان قواهدي خالص يتحدد عىل مس توى النحو حفسب‪ ،‬أأما النص فيعرف تبعا للمعايري‬
‫الاكمةل للنصية‪.‬‬
‫‪ .3‬ميكن التعلب عىل القيود املعيارية املفروضة عىل البنية التجريدية للجمةل يف النص بوساطة املواقف‬
‫التواصلية وس ياقات املوقف‪.‬‬
‫‪ .4‬احلمك عىل اي تركيب بأأنه مجةل يمت مبقارنته اب ألمناط اليت تسمح هبا القواعد النحوية يف تكوين امجلةل‪،‬‬
‫أأما المتيزي بني االنص والالنص فيكون ابالس تحسان أأو الاس هتجان ويه درجة معقد تتجاوز التقابل‬
‫الثنايئ بني املعيار والاس تعامل اللغويني‪.‬‬
‫‪ .5‬يرتبط النص مبوقف خاريج يعرف بس ياق املوقف يعني عىل حسن الفهم والتأأويل‪ ،‬يف حني ترتبط‬
‫امجلةل بس ياق البنية‪ ،‬اذ تفهم يف اطار مقتضيات املعيار النحوي‪.‬‬
‫‪ .6‬ال ميكن النظر اىل النص بزمع أأنه جمرد صورة مكونة من الوحدات الرصفية أأو الرموز‪ ،‬ا زن النص‬
‫جت ِ زل لعمل انساين ينوي به خشص أأن ينتج نصا ويوجه السامعني به اىل أأن يبنوا عليه عالقات من‬
‫أأنواع خمتلفة ‪ ...‬وليست امجلةل معال؛ ولهذا اكنت ذات أأثر حمدود يف املوقف االنساين‪ ،‬ألهنا‬
‫تس تعمل لتعريف الناس كيفية بناء العالقات النحوية حفسب‪.‬‬

‫‪ - 1‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬تر‪ /‬متام حسان‪ ،‬ص‪.104 -103 :‬‬
‫‪20‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .7‬النص توال من احلاالت فاحلاةل املعلومية واحلاةل الانفعالية واحلاةل الاجامتعية ملس تعميل النص عرضة‬
‫للتغري بواسطة النص‪ ،‬ويأأيت انتاج النص يف صورة توال من الوقائع‪ ...‬يف املقابل جيري النظر بوصفها‬
‫عنارص من نظام اثبت مزتامن‪.‬‬
‫‪ .8‬ان ا ألعراف الاجامتعية تنطبق عىل النصوص أأكرث مما تنطبق عىل امجلل ‪ ،‬فالوعي الاجامتعي ينطبق‬
‫عىل الواقع ال عىل أأنظمة القواعد النحوية‪.‬‬
‫‪.9‬العوامل النفس ية أأوثق عالقة ابلنصوص مهنا ابمجلل‪.‬‬
‫‪ .10‬ان النصوص تشري اىل نصوص أأخرى‪ ،‬ختتلف عن اقتضاء امجلل لغريها من امجلل(‪)1‬‬

‫مما س بق تتجىل مؤيدات الانتقال من امجلةل اىل النص‪ ،‬ابعتبار ان امجلةل ال تكتفي بذاهتا لامتم معناها‬
‫بل حتتاج اىل ما قبلها واىل ما بعدها لهذا الغرض‪ ،‬خالفا للنص اذلي يع زد الك متاكمال‪ ،‬ال تقبل وحداته‬
‫التجزئة‪.‬‬
‫ومبا أأن املتخاطبني يتعاملون ابلنصوص ال ابمجلل املعزوةل‪ ،‬فان دالةل امجلةل يف النص تتوقف عىل امجلةل‬
‫السابقة وامجلةل الالحقة‪ ،‬وهو ما يعين أأن هناك فراغا يف التحليل امجليل مما اس تدع البحث عن بدائل‬
‫مللء هذا الفراغ فاكن النص‪ /‬اخلطاب‪.‬‬

‫‪ -‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬تر‪ /‬متام حسان‪ ،‬ص‪1.94 -89 :‬‬
‫‪21‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لسانيات النص النشأأة والتطور‬ ‫ادلرس الثاين‬


‫متهيد‪:‬‬
‫انكشف القرن العرشين عن ذكل الك زد املهنجي يف تعقب النص ا ألدب يف حماوةل الحاكم الس يطرة‬
‫عليه عرب أليات نقدية حديثة تكشف ماكمنه وتس تجيل قدراته التأأثريية أأثناء معلية التلقي‪ .‬تب ىىن هذه‬
‫الليات النقدية تيار علمي جديد عرف "بلسانيات النص")‪."Linguistique textuelle"(1‬‬
‫مفهوم لسانيات النص‪:‬‬
‫حفول جمرى ادلراسات‬ ‫لسانيات النص حقل معريف جديد جاء بديال ملناجه التحليل اللساين السابقة ز‬
‫اللسانية من لسانيات امجلةل‪/‬البنوية اىل لسانيات النص‪ .‬ظهر هذا التيار العلمي يف النصف الثاين من‬
‫الس تينيات اىل النصف ا ألول من الس بعينات من القرن‪ ،20‬واضطلع"بدراسة بنية النصوص وكيفية‬
‫اش تغالها‪ ،‬وذكل من منطلق مسلمة منطقية تقيض بأأن النص ليس جمرد تتابع مجموعة من امجلل‪ ،‬وامنا هو‬
‫وحدة لغوية نوعية (‪ )Une unité linquistique spécifique‬مزيهتا ا ألساس ية الاتساق والرتابط(‪ .)2‬واكن‬
‫بذكل بديال ملناجه التحليل الوصفية‪ ،‬حفدثت النقةل النوعية من لسانيات امجلةل اىل لسانيات النص‪.‬‬
‫مجع هذا التيار البدائل النقدية وجعلها تتقاطع فامي بيهنا وتتضافر للكشف عن الظاهرة ا ألدبية من‬
‫خالل التعامل معها من حيث يه لك متاكمل ال يقبل التجزئة‪ ،‬متجاوزا بذكل احلد الالكس ييك اذلي‬
‫وضعه البنويون واذلي قوامه وصف مس توى لساين حمدد دون التطرق اىل عالقة التضام اليت تربطه‬
‫بسائر املس توايت اللسانية ا ألخرى‪ ،‬منطلقا من رؤية مشولية تزنه النص عن أأن يكون جمرد تتابع من‬
‫امجلل تدرس مبعزل عن بنيته اللكية‪ .‬فصار لهذا التوجه اللساين اجلديد مالمح نقدية متثلت يف رصد‬
‫الروابط النصية من هجة وتأأكيد رضورة املزج بني املكوانت اللغوية اخملتلفة من هجة أأخرى‪ ،‬ألن املعىن‬
‫اللكي للنص يتأأىت من خالل التعامل معه بوصفه بنية كربى‪ .‬فالنص ينتج معناه اذن حبركة جدلية ال‬
‫تمتثل يف الانتقال من اجلزء اىل اللك‪ ،‬وامنا عىل وجه اخلصوص ابلتكييف ادلاليل يف ضوء البنية اللكية‬

‫‪ -1‬تعددت املصطلحات العربية املقابلة للمصطلح األجنيب (‪ ،)Linguistique textuelle‬فهو عند سعيد حسن حبريي‪ :‬علم لغة النص‪ .‬يف كتابه‪" :‬علم لغة‬
‫النص املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬وهو عند صبحي إبراهيم الفقي‪ :‬علم اللغة النصي‪ ،‬يف كتابه‪ :‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ .‬أما إبراهيم اخلليل فجمع بني‬
‫املصطلحني ؛ (اللسانيات وحنو النص) يف كتابه‪ :‬يف اللسانيات وحنو النص‪.‬‬
‫‪ - 2‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪22‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الشامةل للنص(‪.)1‬‬
‫املالحظ أأن تسميات هذا املهنج اللساين متعددة‪ ،‬وقد يرد ذكل اىل أأنه ما زال يتلمس طريقه حنو‬
‫النضج من هجة‪ ،‬مث ان نشأأته مل ترتبط ببدل بعيه من هجة اثنية‪ ،‬مفن الطبيعي أأن تتباين ترجامته بتباين‬
‫ا ألصول املرتمج عهنا‪ ،‬حىت ميكن مالحظة تعدد هذه ا ألسامء يف البحث الواحد‪ ،‬مفن لسانيات‬
‫النص‪ -linguistique textuelle‬اىل عمل لغة النص‪ ،‬اىل حنو النص ‪ ،grammaire du texte‬اىل عمل‬
‫النص‪ science du texte ،‬اىل حتليل اخلطاب ‪ ،discours du Analyse‬وان اكن بعض الباحثني ال يفرق‬
‫بني هذه املصطلحات‪ ،‬فان بعضهم الآخر يرى فهيا اختصاصات قامئة بذاهتا‪ ،‬فاملرتمجون عن ا ألصل‬
‫الفرنيس يفضلون اس تعامل عمل النص‪ science du texte‬واملرتمجون عن اللغة الانلكزيية يفضلون تداول‬
‫مصطلح ‪ discours analysis‬يف حني يفرق بعضهم بني املصطلحني من خالل تنوع املادة اللغوية اليت تقع‬
‫يف دائرة اهامتهما فتحليل اخلطاب يرتبط أأكرث ابللغة املنطوقة اكملداخالت املتأأصةل يف الشفاهية وحتليل‬
‫النص أأو عمل النص ترتبط ابللغة املكتوبة‪ ،‬والر أأي الشائع أأن لسانيات النص عمل يدرس النصوص‬
‫املكتوبة واملنطوقة عىل السواء وان ظلت لكمة نص أألصق ابملطبوع والكتابة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يرى محمد خطاب أأن "حنو النص" و"لسانيات النص" و"عمل النص"‪ ...‬وما يش هبها من "حنو‬
‫اخلطاب" و"لسانيات اخلطاب"‪ ...‬ليست مرتادفة‪ ،‬وامنا يه حميةل عىل التحوالت اليت اليت شهدهتا‬
‫املباحث اخملتلفة اليت عنيت ابلنص وأأس ئلته‪ ...‬دون أأن يغيب عن ابلنا أأن التحوالت ليست مثرة‬
‫انغالق املبحث عىل ذاته‪ ،‬وامنا تمت بتأأثري العلوم اجملاورة هل"(‪ )2‬اال أأن تعريفاته تاكد تتفق عىل أأنه" فرع‬
‫من فروع عمل اللغة يدرس النصوص املنطوقة واملكتوبة‪ ...‬وهذه ادلراسة تؤكد الطريقة اليت تنتظم هبا‬
‫أأجزاء النص وترتبط فامي بيهنا لتخرب عن اللك املفيد(‪ )3‬وان اكن "ديفيد كريس تال"(‪ )David Crystal‬يذكر‬
‫أأن حتليل اخلطاب يرتبط بتحليل اللغة املنطوقة‪ ،‬بيامن حتليل النص يرتبط بتحليل اللغة املكتوبة(‪ ،)4‬كام‬
‫هتمت لسانيات النص" بدراسة ممزيات النص من حيث متاسكه وحمتواه االبالغي التواصيل(‪ )5‬من خالل‬
‫دراسةالنص ابعتباره وحدة لغوية كربى‪ ،‬وذكل بدراسة جوانب عديدة أأمهها الرتابط أأو الامتسك ووسائهل‬
‫و أأنواعه واالحاةل أأو املرجعية و أأنواعها والس ياق النيص ودور املشاركني يف النص(املرسل واملس تقبل)‬
‫‪ -1‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪.137 :‬‬
‫‪ -2‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص وحتليل اخلطاب‪ ،‬حماولة‪ ،‬تساؤل وتدقيق‪ ،‬جملة عالمات يف النقد‪ ،‬النادي األديب الثقايف جبدة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ع‪،2004 ،41‬‬
‫ص‪.92 :‬‬
‫‪ -3‬صبح ي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ج‪ ،1‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ - 5‬ج‪.‬ب‪ .‬براون‪ ،‬ج‪ .‬يول‪ ،‬حتليل اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬حممد لطفي الزليطين ومنري الرتيكي‪ ،‬النشر العلمي واملطابع‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬الرايض‪ ،‬السعودية‪( ،‬دط)‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.30 :‬‬
‫‪23‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وهذه ادلراسة تتضمن النص املكتوب واملنطوق عىل السواء(‪ )1‬مع اعتبار أأثر الس ياق يف امللفوظات‬
‫اللغوية اليت تكفل للنص ترابطه وانسجامه ( أأدوات الربط‪ :‬االحاةل‪ ،‬التكرار‪ ،‬الاستبدال‪ ،‬التوازي‪)...‬‬
‫أأي دراسة خمتلف العالقات بني امجلل والنظر يف مدى انتظام هذه العالقات داخل النص‪ ،‬دون هتوين‬
‫دور املبدع واملتلقي يف النص عند انتاجه وتلقيه‪ ،‬سواء اكن منطوقا أأو مكتواب‪ .‬وهو ما يتوافق مع ما‬
‫ذهب اليه"نيلز" (‪ )Nils‬حني ر أأى أأن عمل لغة النص يعين ادلراسة ل ألدوات اللغوية للامتسك النيص‪،‬‬
‫الشلكي وادلاليل‪ .‬مع تأأكيد أأمهية الس ياق ورضورة وجود خلفية دلى املتلقي حني حتليل النص(‪ )2‬وهو‬
‫ما جيعل التحليل اللساين النيص يتسع لتصري مبوجبه اللسانيات النصية ذكل العمل اذلي"يراعي يف وصفه‬
‫وحتليالته عنارص أأخرى مل توضع يف الاعتبار من قبل‪ ،‬ويلجأأ يف تفسرياته اىل قواعد داللية ومنطقية اىل‬
‫جوار القواعد الرتكيبية وحياول أأن يقدم صياغات لكية دقيقة ل ألبنية النصية وقواعد ترابطها‪ .‬وبعبارة‬
‫موجزة قد حددت للنص همام بعيهنا ال ميكن أأن ينجزها بدقة اذا الزتم ح زد امجلةل(‪.)3‬‬
‫كشف هذا التعريف بوضوح زمعا متزي به لسانيات النص عن ابيق انشطة التحليل ا ألخرى من قواعد‬
‫اجرائية وأليات التحليل النيص واب ألخص لسانيات امجلةل اليت اخرجت اجلانب ادلاليل من جمال‬
‫اش تغالها‪ ،‬يف حني مل هتمت لسانيات النص ابلوقائع اللغوية املشلكة للبنية النصية حفسب بل تعدى اهامتهما‬
‫ابلوقائع غري اللغوية الكتشاف تكل العمليات املعرفية والاسرتاتيجيات اليت حتمك معليات انتاج النصوص‬
‫وفهمها(‪ ،)4‬ولعل ذكل ما يربر جتاوزها حدود امجلةل اىل دراسة الابنية النصية بلك مس توايهتا حنوية‬
‫اكنت أأو داللية من هجة‪ ،‬وحبثا ألشاكل التواصل واس تخداماهتا اللغة والس ياقات اخملتلفة من هجة‬
‫أأخرى(‪.)5‬‬
‫تأأكد مع "لسانيات النص" أأن النص ليس جمرد وعاء لوحدات معجمية‪ ،‬بقدر ما هو بنية وعالقات‬
‫لها دالالت معيقة يس تدعهيا الس ياق واملقام‪ ،‬كام أأن اللسانيات النصية يه من أأكرث املناجه اللسانية‬
‫املعارصة تبلورا وافادة من املقوالت اللسانية السابقة واستيعااب لها‪ ،‬حبيث مجع هذا املهنج بني العديد من‬
‫العلوم اليت تدرس يه ا ألخرى النصوص اللغوية بشلك من ا ألشاكل مهنا ‪ :‬الانرثوبولوجيا‪ ،‬وعمل‬
‫الاجامتع‪ ،‬وعمل النفس‪ ،‬والفلسفة وفقه اللغة‪ ،‬كام أأفاد هذا املهنج من مناجه ش ىت مهنا التوليدية‬
‫والتحويلية والتوزيعية والتداولية والوظيفية‪ ،‬حني أأخذ من لك مهنا بطرف اىل احلد اذلي مسي مبوجبه‬

‫‪ - 1‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ -3‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135 ،134 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220 :‬‬
‫‪24‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بــ" تداخل الاختصاصات" (‪ )interdisciplinaire‬حيث مجع ا ألفاكر والآراء وادلراسات النصية ووضعها‬
‫يف قالب واحد متوسال هبا تفكيك النصوص بصورة مشولية متجاوزا بذكل ما اكن سائدا من تقديس‬
‫للجمةل وقواعدها‪ ،‬مرتكزا أأثناء اش تغاالته ومقارابته العلمية اخلاصة‪ ،‬عىل مهنجية لغوية ممتزية‪ ،‬يعاجل من‬
‫خالهل اخلطاابت اخملتلفة ا ألجناس‪ .‬انه يؤسس طريقته عىل عدة مبادئ وعنارص انبثقت من معل معريف‬
‫ورثه عن مناجه سابقة‪.‬‬
‫املالحظ أأن لسانيات النص قد تطورت عن اللسانيات البنوية‪ ،‬انطالقا من أأعامل العامل السويرسي‬
‫فردينان دي سوسري(‪)1913-1857( )Ferdinand De Saussure‬؛ صاحب كتاب (حمارضات يف‬
‫اللسانيات العامة)‪ ،‬اذلي يعد معدة هذا العمل دون منازع‪ -‬ذلكل‪ ،‬مفن جاء بعد دي سوسري فهو مدين هل‬
‫سواء أأ زقر بذكل أأم حجد‪ ،‬اذ تبدو النقةل النوعية يف التوجه اجلديد ابخراج ادلراسات اللسانية للنصوص‬
‫ا ألدبية من الطابع املدريس‪ ،‬اذلي يسكل مسلاك حنواي معياراي‪ ،‬يثري بعض ا ألس ئةل البس يطة املزتامنة‬
‫حول العمل املدروس اىل مهنج جديد يتوىخ اس تخدام وسائل حتليل خاصة هتدف اىل فهم النص من‬
‫خالل رصد العالقات اليت تربط بني عنارصه ومعرفة كيفية اش تغال أأبنيته‪.‬‬
‫ان املتتبع لنشأأة وتطور هذا العمل جيد أأن ادلعوة اىل العناية ابلبعد النيص يف ادلراسات اللغوية احلديثة‬
‫اكن من اهامتمات القداىم فقد ورد عن"فردينان دي سوسري" أأن وصف عنارص اللغة ال ميكن أأن يمت‬
‫اال ابلنظر اىل عالقة لك عنرص مبا عداه من العنارص ا ألخرى‪ ،‬نظرا ألن أأحدا من هذه العنارص ال‬
‫ميتكل أأية قمية ذاتية اال بتقابهل مع ابيق العنارص(‪ ،)1‬كام أأشار يف الكم هل عن اخلطاب اىل " أأن االنسان‬
‫ال يعرب بلكامت منفصةل‪ ،‬و أأنه ال ميكن أأن يكون لهذه اللكامت معىن وال دالةل عىل أأفاكر معينة ما مل‬
‫توضع يف عالقات مع بعضها(‪ )2‬وليس"دي سوسري" أأول من وقف عىل أأمهية املظهر النيص أأو اخلطاب‬
‫للغة‪ ،‬بل ان هناك من الباحثني من يرجع بداية البحث يف النص اىل معل قام به (‪ )Phil‬س نة ‪،1887‬‬
‫حيث جعل تتابع اللفظ متعلقا بتتابع ا ألفاكر‪ ،‬مث الباحثة ا ألمريكية ‪ I.Nye‬قد تكون أأول من أأجنز معال‬
‫ميثل ارهاصا واحضا لعمل اللغة النيص أأو لسانيات النص يف أأطروحة ادلكتوراه اليت أأعدهتا س نة ‪،1912‬‬
‫حبثت فهيا عالمات عدم الاكامتل(‪ .)3‬فان حص هذا القول يكون للباحثني س بق التأأسيس لهذا املهنج‬
‫العلمي عن "هاريس"‪ ،‬غري أأن الس بق ال يقاس ابلتقدم الزمين بقدر ما يقاس بتقدمي معل تنظريي لهذا‬
‫النشاط‪.‬‬

‫‪ -1‬زكراي إبراهيم‪ ،‬مشكلة البنيية‪ ،‬مكتبة مصر‪( ،‬دط)‪( ،‬دت)‪ ،‬ص‪.47 :‬‬
‫‪ -2‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الدار العربية للعلوم انشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬‬
‫ص‪.60:‬‬
‫‪ -3‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪25‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫عىل الرمغ من االشارات املتفرقة اىل النص وتصنيفاته اخملتلفة وحتليالته‪ ،‬اال أأن البداية احلقيقية‬
‫للسانيات النص اكنت يف منتصف القرن املايض حيامن نرش"زليج هاريس" (‪ )Zellig Harris‬حبثا‬
‫عنوان‪ ":‬حتليل اخلطاب"( ‪ )Analyse du discours‬يف س نة ‪ ،1952‬جتاوز فيه عرثات ادلراسات اللغوية‬
‫اليت س بقته مبحاولته الوقوف عند بنية النص وربط اللغة ابلس ياق الاجامتعي‪.‬‬
‫ففي الوقت اذلي اكن أأعظم اهامتم اللسانيات ابمجلةل املفردة مبعزل عن س ياقها اذلي وردت فيه عىل‬
‫أأشده‪ ،‬اهمت "هاريس" بتوزيع العنارص اللغوية يف النصوص‪ ،‬والروابط بني النص وس ياقه الاجامتعي(‪)1‬‬

‫حيث قال‪ ":‬ميكن أأن نتصور حتليل اخلطاب انطالقا من رضبني من املسائل هام يف احلقيقة مرتابطان‪:‬‬
‫أأما ا ألول فيمتثل يف مواصةل ادلراسة اللسانية بتجاوز حدود امجلةل الواحدة يف نفس الوقت‪ ،‬و أأما الثاين‬
‫فيتعلق بني الثقافة واللغة ( أأي العالقة بني السلوك اللغوي وغري اللغوي)"(‪ )2‬و زبني أأن سبب قصور‬
‫ادلراسات اللسانية عىل دراسة امجلةل فقط مرده اىل الاهامتم ابللغة املنطوقة عىل حساب اللغة املكتوبة‬
‫من خالل دراسة النظام اللغوي‪ ،‬وهو ما يؤدي اىل "اغفال وجود مجةل طويةل وال متناهية يعجز النحو‬
‫عن االملام بقواعدها مامل يعمتد عىل الكتابة اليت تسلمنا حامت اىل دراسة النص"(‪. )3‬‬
‫ومل تكن حماوةل هاريس هذه تأأسيسا لعمل جديد بقدر ما اكنت تعديال لنظريته وخطوة لنقل املناجه‬
‫البنوية التوزيعية يف التحليل اىل مس توى النص‪ ،‬وذلكل فقد عُ زد معهل ارهاصا لهذا العمل اجلديد‪ ،‬ويكون‬
‫بذكل قد عبد الطريق للعديد من اللسانيني يف النصف ا ألول من القرن ‪ 20‬اذلين أأكدوا عىل رضورة‬
‫التأأسيس للسانيات تدرس النص‪ /‬اخلطاب‪ ،‬من بيهنم" هارجف (‪ )Harweg‬يف ‪ 1968‬اذلي حول وصف‬
‫التنظمي ادلاخيل للنصمن خالل رصد العالقات اليت تربط بني أأجزائه‪ ،‬فأأصبح النظر اىل املتتاليات‬
‫املرتابطة عىل أأهنا نس يج متشابك ال ميكن الفصل بني بني أأجزائه وهذا النس يج هو النص(‪ )4‬أأما"لويس‬
‫يلمسالف" (‪ ) Louis Hjelmslev‬فقد أأقر أأن حتليل النص جيب أأن ميثل أأحد الالزتامات اليت ال مناص‬
‫مهنا ابلنس بة للساين(‪ ،)5‬وهو يلتقي يف ذكل مع "ميخائيل ابختني"(‪ )Mikhaïl Bakhtin‬اذلي قال‪":‬ان‬
‫اللسانيات مل حتاول سرب أأغوار اجملموعات اللغوية الكربى اكمللفوظات (‪ )Enoncés‬الطويةل اليت نس تعملها‬
‫يف حياتنا العادية مثل احلوارات واخلطاابت وغريها‪ ،‬جيب تعريف هذه امللفوظات ودراس هتا يه أأيضا‬
‫دراسة لسانية ابعتبارها ظواهر لغوية‪...‬ان "حنو" الكتل اللغوية الكربى ال يزال ينتظر التأأسيس‪،‬‬
‫‪ -1‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ -2‬حممد الشاوش‪ ،‬أصول حتليل اخلطاب يف النظرية النحوية العربية‪ ،‬أتسيس"حنو النص"‪ ،‬جامعة منوبة كلية اآلداب‪ ،‬منوبة‪ ،‬تونس‪ ،‬ج‪ ،2001 ،1‬ص‪:‬‬
‫‪.38،39‬‬
‫‪ - 3‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ - 4‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ :‬ص‪ 29 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.60،61 :‬‬
‫‪26‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫فاللسانيات مل تتقدم علميا اىل حد الآن أأبعد من امجلةل املركبة اليت تعد أأطول ظاهرة لغوية طالهتا ادلراسة‬
‫العلمية‪ ،‬ابماكن اللسانيات ايصال التحليل اىل أأبعد من هذا املس توى (مس توى امجلةل) ‪...‬حىت وان‬
‫اقتىض ا ألمر الاس تعانة بوهجات نظر أأخرى غريبة عن اللسانيات(‪.)1‬‬
‫أأما املؤسس احلقيقي للسانيات النص‪-‬ابتفاق جل ادلارسني‪ -‬هو الهولندي"فان ديك"(‪ )Van Dijk‬اذلي‬
‫سع اىل اقامة تصور متاكمل حول النص منذ س نة ‪ ،1972‬حيث ظهر كتابه "بعض مظاهر أأحناء‬
‫النص" ( ‪ )Aspects of textgrammar‬س نة ‪ 1972‬اذلي دعا فيه احمللل أأن يسكل طرائق جديدة يف‬
‫التحليل بقف فهيا عىل حتليل املس توايت الصوتية والرتكيبية وادلاللية‪ ،‬أأما كتـــــــابه " النص والس ياق"‬
‫(‪ ،)Le Texte et le contexte‬انطلق فيه من حتليل س يكولساين للخطاب والنص رابطا بني ادلالةل‬
‫والتداولية حيث ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية‪ .‬يقول فان ديك "(‪ ": )Van Dijk‬لقد توقفت القواعد‬
‫واللسانيات غالبا عند حدود وصف امجلل ‪ ...‬و أأما يف عمل النص فاننا نقوم خبطوة اىل ا ألمام ونس تعمل‬
‫وصف امجلل بوصفه أأداة لوصف النصوص املس تخدمة بغية وصف امجلل‪ ،‬فان زنا نس تطيع أأن نتلكم عن‬
‫قواعد النص"(‪.)2‬‬
‫مث عرفت ادلراسات النصية بعد ذكل مزيدا من التطور والضبط املهنجي وظهرت العديد من املؤلفات‬
‫مهنا "بعض مظاهر أأحناء النص" و"النص والس ياق" و"عمل النص‪ :‬مدخل متداخل الاختصاصات"‬
‫لصاحهبا فان ديك‪ ،‬ابالضافة اىل ظهور أأعالم ابرزين من بيهنم‪" :‬س متبل"(‪" )Stempel‬جليسون"‬
‫(‪"،)Gleason‬دريسلر"(‪ ،)Dressler‬الكوس برينكر(‪ )3( ، (Klaus Brinker‬روبرت دي بوجراند( ‪Robert‬‬

‫‪.)De Beaugrand‬‬
‫وقد الحظ محمد الشاوش فامي ضبطته جمةل (‪ )Bulletin de linguistique‬أأن عدد ا ألعامل اليت صنفتتحت‬
‫عنوان‪ Analyse du discours ،Linguistique du texte :‬واليت نرشت بني ‪ 1978‬و‪ 1990‬ترتاوح بني ‪94‬‬
‫و‪ 298‬معال(‪ )4‬يف العام الواحد ومنه يذهب اىل أأنه مل يمت جتاوز حنو امجلةل اال يف هناية الس تينيات من‬
‫ق‪ ،20‬يف حني أأن س نة ‪ 1984‬متثل ذروة الاهامتم بنحو النص وحتليل اخلطاب حيث بلغت ا ألعامل‬
‫املنشورة فهيا ‪ 298‬معال"‪ ،‬ومنه فان عمل اللغة النيص ال يزال كام يقول سعيد حبريي ‪":‬علام بكرا مل‬

‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.61 :‬‬
‫‪ -2‬فان دايك‪ ،‬النص بين ووظائف مدخل أويل إىل علم النص‪ ،‬تر‪/‬منظر عياشي‪ ،‬ضمن كتاب العالماتية وعلم النص‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.147 :‬‬
‫‪ -3‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.63 :‬‬
‫‪ -4‬حممد الشاوش‪ ،‬أصول حتليل اخلطاب يف النظرية النحوية العربية‪ ،‬أتسيس"حنو النص"‪ ،‬ص‪.76 :‬‬
‫‪27‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تتشلك مالمح زمتزيه عن العلوم ا ألخرى اليت تتداخل معها تداخال شديدا اال يف الس نوات ا ألخرية من‬
‫القرن العرشين(‪ )20‬عىل أأحص تقدير"‪.‬‬
‫تكل اشارة اىل نشأأة لسانيات النص يف الغرب‪ ،‬أأما انتقالها اىل العرب‪ ،‬فقد اكن عن طريق الرتمجة‪،‬‬
‫ولعل أأول اشارة الهيا يف ا ألعامل العربية يه اشارة هناد رزق هللا يف حبثه (دراسات مهنجية يف حتليل‬
‫تعرف عىل كتاب عمل النص(مدخل متداخل‬ ‫النصوص)‪ ،‬ويقرر سعيد حبريي بعد ذكل أأنه ز‬
‫الاختصاصات) تأأليف فان ديك س نة ‪ 1985‬حني بد أأ يتحول اىل جمال عمل اللغة النيص أأو عمل لغة‬
‫النص" أأما أأول اشارة هممة اىل هذا العمل فقد اكنت يف حبث سعد مصلوح املوسوم بـ‪ ":‬من حنو امجلةل‬
‫اىل حنو النص"الصادر س نة ‪ 1989‬يف الكويت‪ .‬وميكن أأن يكون أأول حبث عرب يس تعمل أأدوات‬
‫لسانيات النص هو حبث‪ :‬انفتاح النص الروايئ لسعيد يقطني الصادر يف طبعته ا ألوىل س نة ‪1989‬‬
‫ابدلار البيضاء ابململكة املغربية‪ .‬مث توالت املرتجامت والبحوث املنشورة ابللغة العربية يف جمال لسانيات‬
‫النص‪.‬‬
‫وظيفة لسانيات النص‪:‬‬
‫تتعامل لسانيات النص مع النصوص قيد التحليل من خالل منظورين أأوهلام يتعلق ابلوصف النيص‬
‫ويتعلق اثنهيام ابلتحليل النيص‪.‬‬
‫‪.1‬الوصف النيص‪:‬‬
‫ومن خالهل توحض مكوانت النص ابتداء من العتبات النصية حيث العنوان فامجلل فالتطرق اىل‬
‫املوضوعات اليت مت تداولها يف النص‪ ،‬وتتعدى ادلراسة الوصفية اىل احصاء الروابط املوجودة يف النص‪،‬‬
‫وحماوةل تفسري بسب تواترها‪.‬‬
‫‪ .2‬التحليل النيص‪:‬‬
‫تتوزع اش تغاالت ومقارابت هذا العمل عىل املس توى النظري والعميل اىل موضوعات هممة جدا‪،‬‬
‫أأوجزها "صبحي ابراهمي الفقي")‪ (1‬يف ثالثة مراحل ويه‪:‬‬
‫أأ‪ -‬االحصاء ل ألدوات و زالروابط اليت تسهم يف التزحليل‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوصف لشلك النزص وموضوعاته والوصف لهذه ا ألدوات و زالروابط ‪.‬‬
‫ابلس ياق وال زتواصل‪ .‬املالحظ‬ ‫ج‪ -‬ال زتحليل اببراز دور هذه زالروابط يف تقيق ال زتامسك ز‬
‫النيص مع الاهامتم ز‬
‫أأ زن صبحي ابراهمي الفقي انطلق من ا ألدوات االجرائ زية للسانيزات ز‬
‫النصية لتبيني هماهما ووظيفهتا‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪. 56:‬‬
‫‪28‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ويرى ادلكتور"صالح فضل" أأن هم زمة اللزسانيات النزصية تمتث زل يف وصف العالقات ادلز اخلية‬
‫واخلارجية ل ألبنية النزصية مبس توايهتا اخملتلفة‪ ،‬ورشح املظاهر املتعدزدة ألشاكل ال زتواصل واس تخدام‬
‫اللزغة‪ ،‬كام ي زمت حتليلها يف العلوم اخملتلفة )‪ ،(1‬أأما ادلارس االيطايل دي بوجراند ‪ R. A.Debougrand‬فيقول‬
‫‪ ":‬أأما العمل ا أل زمه للسان زيات النزص فهو اب ألحرى دراسة مفهوم النزص زية ‪ Textuality‬من حيث هو عامل‬
‫انجت عن االجراءات االت زصالية امل زتخذة من أأجل اس تعامل النزص")‪.(2‬‬
‫وابلتايل تتحدد وظائف التحليل اللساين النيص انطالقا من وصف العالقات ادلاخلية واخلارجية‬
‫ل ألبنية النصية‪ ،‬مع رشح أأشاكل التواصل ومظاهر اس تخدام اللغة والوقوف عند جتليات الاتساق‬
‫والانسجام من أأجل حتديد القوانني واملعايري اليت حتمك البنية النصية وتضممن اس مترارها‪.‬‬
‫أأما محمد عبد اللطيف حامسة فيشرتط للتحليل النيص أأن"يؤسس عىل النص نفسه‪ ،‬وال ميكن أأن‬
‫يصبح النص نصا اال اذا اكن رساةل لغوية تشغل حزيا معينا‪ ،‬فهيا جدلية حممكة مضفورة من املفردات‪،‬‬
‫والبنية النحوية تؤلف س ياقا خاصا ابلنص نفسه‪ ،‬و ألبناء اللغة سليقة هتدهيم اىل معرفة النظام النحوي‬
‫بلك أأبعاده الصوتية واملعجمية والرتكيبية تساعد عىل ادراك وحدة النص(‪.)3‬‬
‫الفوائد التطبيقية للسانيات النص‪:‬‬
‫للسانيات النص فوائد تطبيقة يف لك اجملاالت اليت متثل اللغة عنرصا قارا وأأساس يا فهيا‪ ،‬ذكل أأن‬
‫النص ميثل احدى ادلعامئ ا ألساس ية يف التعلمي اذلي ال يتحقق بطريقة جيدة كام يرى دي بوجراند اال‬
‫من خالل نصوص حس نة التنظمي‪ ،‬ألن النصوص اليت ترد يف مقاطع نصية مفككة جتعل التعمل مضطراب‬
‫وشاقا(‪ .)4‬فلكام أأحاط الطالب خبصائص النص اذلي يدرسه متكن من تصنيفه ويتوقف ذكل عىل الوعي‬
‫بطريقة بنائه واش تغاهل‪ ،‬مبا يف ذكل طرائق الربط بني أأجزائه وكيفيات الانتقال من جزء زاىل أآخر(‪.)5‬‬
‫ذكل أأن البناء اجليد واملامتسك للنصوص من شأأنه أأن يسهم يف بناء عقلية منظمة قادرة عىل التعامل‬
‫املهنجي مع املعلومات وعىل اكتساب همارات نصية متعددة مكهارة احلجاج (‪)argumentation‬‬
‫والاس تدالل مثال‪ ،‬ابالضافة اىل اكتساب أأنواع التفكري املهنجي اكلتفكري التدرجيي والتفكري‬
‫التصنيفي‪ )6(...‬ويرى "فان ديك" (‪ )Van Dijk‬أأنه ابالماكن أأن يكون لعمل النص فوائد معلية يف جمال فهم‬
‫النصوص وانتاهجا‪ ،‬حني يدرك املتعمل أأنه" جيب أأال جتري معلية التفسري أأفقيا حفسب‪ ،‬بل بشلك مواز‬
‫‪ -1‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 319:‬‬
‫‪ -2‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95:‬‬
‫‪ -3‬حممد محاسة عبد اللطيف‪ ،‬اإلبداع املوازي – التحليل النصي للشعر‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ - 4‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪115 :‬‬
‫‪ - 6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.116 :‬‬
‫‪29‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأيضا‪ :‬حيلل مس تخدم اللغة الس ياق والبنية النحوية للنص يف الوقت ذاته ويركب جزءا من المتثيل‬
‫ادلاليل والرباغاميت للمنطوق(‪ ،)1‬ففهم النص ال ُي ْكتف فيه ابلوقوف عند مقتضيات البنية السطحية حيث‬
‫الوقائع اللغوية‪ ،‬بل جيب " أأن يرتبط فهم النص دوما بفهم أأحداث لغوية وتوجيه تفاعالت اتصالية(‪،)2‬‬
‫ذلكل " أأصبح حتليل النصوص والمترن عىل انتاهجا نشاطني هممني‪ ،‬فتودلت أأمهية الرتكزي عىل النص من‬
‫حيث هو دعامة (‪ )Support‬بيداغوجية بعد فشل الطرائق اليت اختذت من امجلةل مرتكزا لها‪ ،‬يقول فان‬
‫دايك‪ ":‬فال جيب أأن يفهم تلميذ ما مجال فقط‪ ،‬بل جيب أأن يتعمل أأيضا عىل أأي حنو تنتظم املعلومات‬
‫يف نص أأطول ‪ ،)3("...‬كام ميكن أأن يتعمل هذه املهارة بشلك ميكنه من تلخيص النصوص تلخيصا سلامي‬
‫وحصيحا‪ ،‬ليدرك كيفية ترابط البنية النزصية مع الوظائف الرباغامتية والاجامتعية للنصوص‪.‬‬
‫وعليه ال ميكن تعمل أأية لغة من خالل تدريس تراكيب ومجل معزوةل عن س ياقاهتا كام اكن عليه احلال‬
‫مع البنويني‪ ،‬بل يتحقق ذكل ابالنطالق من وحدات تواصلية أأوسع اكحلوارات والنصوص بأأنواعها وهو‬
‫ما يكسب املتعمل كفاية نصية (‪ )Compétence textuelle‬يس تطيع بوساطهتا أأن يفهم وينتج نصوصا تغطي‬
‫خمتلف منايح احلياة احمليطة به‪ ،‬ابالضافة اىل تيسري مقروئية النص(‪ )Lisibilité du texte‬وقد ارتكزت‬
‫هذه العملية يف املايض عىل معايري جزئية وسطحية تنظر يف طول اللكامت وغرابهتا وامجلل وتعقدها‪،‬‬
‫و أأمهلت ما تعلق بتنظمي النص والعوامل املتصةل ابحملتوى‪ ،‬فاكنت جل اجلهود مركزة يف تيسري املقروئية‬
‫عىل ختليص النص من اللكامت الصعبة وتبس يط امجلل املعقدة‪ ،‬ولكن تبني أأن اللجوء اىل أأسهل ا ألمناط‬
‫جيعل التلميذ ال يتعامل اال مع نصوص أأدبيهتا ضعيفة وهو ما جيعل مردودها البيداغويج دون املس توى‬
‫املطلوب‪ ،‬ألن التلميذ ال يبذل فهيا هجدا‪ .‬يقول دي بو جراند‪":‬و أأرى أأن مبد أأ الاقتصاد يف اجلهد قد‬
‫ُجعل عىل سبيل اخلطأأ معيارا ل ألنشطة االنسانية يف معوهما ولقراءة النصوص بوجه خاص‪ ..‬ولقد أأمدان‬
‫مبد أأ الاقتصاد يف اجلهد مبس تودع لكتب القراءة التافهة(‪.")4‬‬
‫ان هذا االجراء قد أأفقر النص وجرده من أأمه مغرايت القراءة اليت تمتثل فامي يكتنف النص من مغوض‬
‫وما حيتويه من أأساليب غري مأألوفة‪.‬‬
‫جتدر االشارة اىل أأن املامرسة النصية التقليدية تناولت حتليل النصوص من أأجل فهمها فاختاذها منطلقا‬
‫لامترين كتابية أأو شفوية و أأمهلت طريقة اش تغالها (‪ .)Fonctionnement‬فاللسانيات التقليدية هتمت مبفردات‬
‫الظواهر اللغوية يف غزلهتا‪ ،‬حىت ليتعذر الوصول اىل صورة واحضة لالتصال يف معومه‪ ،‬جند أأيضا‬

‫‪ - 1‬فان دايك‪ ،‬عل م النص‪ ،‬مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬دار القاهرة للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.332 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.333 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.334 :‬‬
‫‪ - 4‬روبري دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬ص‪.565 :‬‬
‫‪30‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الاهامتم ابلقطع املبعرثة من املعلومات يف التعمل جتعل التعمل شاقا بال رضورة(‪ )1‬ان اجلهل ابلبعد‬
‫وعاء من املفردات يتطلب بعضها الرشح والتفسري‬ ‫يكرس اعتبار النص ً‬ ‫النيص(‪ )Dimension Textuelle‬ز‬
‫من أأجل تدعمي الرصيد املعجمي للتلميذ مبفردات جديدة‪ ،‬أأو اعتباره أأيضا خزاان لصيغ وتراكيب ابالماكن‬
‫حفظها والنسج عىل منوالها(‪ .)2‬ال شك أأن لهذه العمليات فوائد غري أأهنا حترص التعامل مع النص يف‬
‫مس توى امجلةل وهتمل البعد النيص‪ ،‬فيحصل أأن يمتكن التلميذ من تكوين مجل سلمية وحتديد وظائف‬
‫اللكامت وقد يكتسب ثروة لفظية معتربة اال أأنه ال يس تطيع انتاج نص كتابة أأو مشافهة‪.‬‬
‫كام تعمتد الطرائق القدمية عىل تصنيف النصوص وفق ما يسم ابحملاور(حمو احلياة الاجامتعية‪ ،‬حمور‬
‫احلياة الثقافية) مما جيعل لك مجموعة من النصوص حتتوي عىل موضوع واحد أأو متقارب‪ ،‬والهدف من‬
‫ذكل اكساب التلميذ ا أللفاظ اليت يش يع اس تعاملها يف هذا احلقل أأو ذاك‪ ،‬غري أأن ما مل ينتبه اليه أأنصار‬
‫هذه الطريقة أأن اللغة ليست أألفاظا حفسب بل يه ابالضافة اىل ذكل تراكيب ونصوص حيدد ممزيات‬
‫لك واحد مهنا الس ياق اذلي ورد فيه والظروف اليت أأنتج فهيا‪ ،‬وعليه جيب أأ زال ينظر اىل نصوص يبدو‬
‫علهيا الانسجام بفعل اشرتاكها يف املوضوع فقط بقدر ما يؤخذ بعني الاعتبار يف مجع هذه النصوص‬
‫وتنظميها رشوط انتاهجا اليت تكون قد جعلهتا متشاهبة يف بنيهتا‪ ،‬و جيعل تراكيب معينة تتكرر فهيا‬
‫ابس مترار وهو ما ميكن التالميذ من المترن عىل ا أللفاظ والرتاكيب الأكرث تواترا وعىل بنية النص كلك‪.‬‬
‫وابملقابل يرى بعض البيداغوجيني أأنه ابالماكن اعامتد تصنيف للنصوص مغاير للتصنيف حسب‬
‫احملاور‪ ،‬ويمتثل ذكل يف تصنيف النصوص حسب املهارة النصية اليت نريد تعلميها للتلميذ‪ ،‬واملهارات‬
‫النصية حمدودة مقارنة ابلنصوص‪ ،‬وعليه ابالماكن تصنيف النصوص اكلآيت‪:‬‬
‫نصوص رسدية أأو يغلب علهيا الطابع الرسدي‪ ،‬نصوص وصفية أأو يغلب علهيا الطابع الوصفي‪ ،‬نصوص‬
‫تعبريية أأو يغلب علهيا الطابع التعبريي‪ ،‬نصوص اس تداللية ويغلب علهيا الطابع املنطقي الاس تداليل‪ .‬ان‬
‫الفائدة البيداغوجية احملققة من معرفة خصائص لك نص يه أأن التلميذ اذا اس توعب مياكنزمات نوع‬
‫معني من خالل تعامهل مع مناذج منه فانه يكتسب كفاية نصية تيرس هل التعامل مع أأي نص‪ ،‬حبيث‬
‫يتوقع أأش ياء يف النص قبل الوصول الهيا‪.‬‬

‫‪ - 1‬روبري دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬ص‪.559 :‬‬


‫‪- 2‬حم مد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.119:‬‬
‫‪31‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تقاطع لسانيات النص والعلوم ا ألخرى‬ ‫ادلرس الثالث‬


‫(االشارة اىل الظواهر النصية يف البالغة)‬
‫متهيد‪:‬‬
‫يشلك النص مادة حبث تعاورهتا كثري من التخصصات العلمية‪ ،‬فنُ ِظر اليه انطالقا من وهجات‬
‫نظرها املتباينة‪ ،‬ومن خالل معايريها الكثرية(‪ ،)1‬وطبقا ملناجهها اخملتلفة؛ فاملهنج النفيس يعت زد ابلشعور‬
‫والالشعور يف حتليل النصوص‪ ،‬و أأما املهنج الاجامتعي فينطلق من أأن ا ألدب مرأآة تعكس الوقائع‬
‫الاجامتعية ومن مث فالنص ا ألدب يشلك واقعا جامليا خيزتل الواقع الاجامتعي ويوازيه‪ .‬وتعاملت البنوية‬
‫مع النص من حيث هو بنية مغلقة مكونة من مجموعة عنارص تربط بيهنا عالقات االئتالف والاختالف‪،‬‬
‫مقصية "اخلارج" مبختلف رضوبه انبذة املؤلف ومتلقي النص عىل السواء‪"،‬وميكن يف اطار ذكل التصور‬
‫ادراك مواضع الامتس بينه وبني علوم ا ألدب والبالغة والشعر والاسلوب (‪ ،)2‬فتعددت بذكل مرتكزات‬
‫هذه التخصصات‪ ،‬حبيث يرتكز البحث يف بعضها عىل ا ألبنية النصية املتباينة‪ ،‬ويرتكز يف بعضها الآخر‬
‫عىل وظائف النصوص وتأأثرياهتا‪ .‬فال خالف حول اس تقائه أأكرث أأسسه ومعارفه من علوم تتداخل معه‬
‫تداخال شديدا (‪ )3‬يف مغرة هذا التداخل حري بنا أأن نوحض موقع لسانيات النص من هذه التخصصات‬
‫وحندد العالقات اليت تربطها ببعضها‪.‬‬
‫عالقة لسانيات النص ابلبالغة‪:‬‬
‫يؤكد كثرب من الباحثني ارتباط لسانيات النص الوثيق ابلبالغة‪ ،‬فقد ارتكزت يف أأغلب مباحهثا عىل‬
‫املعط البالغي‪ ،‬انطالقا من الصةل الوثيقة بيهنام‪ ،‬اىل احلد اذلي أأشاع الس بق التارخيي للبالغة عىل‬
‫لسانيات النصية‪ ،‬وان اختلفتا يف املهنج وا ألدوات والتحليل وا ألهداف(‪ .)4‬يقول"فان ديك" (‪:)Van Dijk‬‬
‫"ان البالغة يه السابقة التارخيية للسانيات النص اذ حنن أأخذان يف الاعتبار توهجها العام واملمتثل يف‬
‫وصف النصوص وحتديد وظائفها املتعددة‪ ،‬لكننا نؤثر مصطلح لسانيات النص أل زن لكمة بالغة ترتبط‬
‫حاليا بأأشاكل أأسلوبية خاصة كام اكنت ترتبط بوظائف االتصال العام ووسائل االقناع(‪.)5‬‬
‫تتقاطع البالغة مع اللسانيات حيث تقومان بوصف النصوص وحتديد وظائفها املتعددة‪ ،‬وان تبدو‬
‫البالغة أأكرث تركزيا عىل وصف ا ألبنية اخلاصة والوظائف امجلالية والربهانية أأو االقناعية لنصوص أأو‬

‫‪ -1‬تون فان دايك‪ ،‬علم النص‪ ،‬مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حبريي‪ ،‬دار القاهرة للكتاب‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.10:‬‬
‫‪ -2‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪ :‬أ‪.‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪ - 4‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪ - 5‬اينظر‪ :‬ملرجع نفسه‪ ،‬ص‪.326 :‬‬
‫‪32‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأقوال أأدبية‪ ،‬أأين "اهمت البالغيون بدراسة بعض املظاهر اخلطابية ابرازا لوعهيم بامتسك اخلطاب وارتباط‬
‫أأجزائه بعضها ببعض)‪ ،(1‬وهو ما يعين أأن هلام ا ألهداف نفسها‪ ،‬اال أأن البالغة تسع اىل الريق ابخلطاب‬
‫اىل مس توى تعبري قادر عىل شد انتباه املتلقي والتأأثري فيه(‪ ،)2‬انطالقا من وسائط عدة شلكت‬
‫منطلقات املعاجلة النصية يف عمل البالغة مثل‪ :‬االجياز‪ ،‬الفصل والوصل‪ ،‬فضال عام ذهب اليه عبد‬
‫القاهر اجلرجاين مما هل صةل وثيقة ابلتئام أأجزاء النص ومكوانته وفق ما يقتضيه حسن النظم بتويخ‬
‫معاين النحو فامي بني اللكم‪ .‬ذلكل يرى بعض ادلارسني يف البالغة املمهزد للسانيات النص؛ فاالنتقال من‬
‫الرتكزي عىل اجلانب املعياري للغة اىل الاهامتم ابجلانب الاس تعاميل التداويل هو من اهامتمات البالغني‪.‬‬
‫يف حني خيالف بعضهم هذا التوجه‪ ،‬اذ يرى ادلكتور"سعيد حسن حبريي" أأن البالغة تتفق مع لسانيات‬
‫النص يف املادة وختتلف معها يف املوضوع والهدف‪ ،‬مفن" أأهداف البالغة اقامة بعض ا ألبنية املتوافقة مع‬
‫بعض الاس تعامالت اللغوية‪ ،‬أأي أأهنا تعىن مبا هو معوم‪ ،‬يف مقابل عمل ا ألسلوب اذلي يعىن مبا هو‬
‫خصوص‪ ،‬اذ انه يعىن ابلبحث يف ا ألبنية اليت تندرج مهنا ا ألشاكل املس تخدمة‪ ،‬وحيلل بدقة كيفية قياهما‬
‫بوظائفها التواصلية و أأثرها امجلايل(‪.)3‬‬
‫ئتساء مبا أأثر عن كبار ا ألدابء واخلطباء‪ ،‬اذ‬
‫وابلتايل فالبالغة متكن املتلكم من طرائق الالكم املؤثر ا ً‬
‫"ينحرص هدفها يف توفري القواعد واعداد الامنذج اليت يس تطيع املتلكم مبساعدهتا اقناع سامعيه(‪ )4‬يف حني‬
‫تسع لسانيات النص اىل دراسة وحتليل مؤيدات التأأثري فامي حتقق من الاس تعامل اللغوي‪ .‬انطالقا من‬
‫مض "تكل القواعد والامنذج والاسرتاتيجيات املتاحة وجتاوزها اىل اماكانت أأخرى توفرت من خالل‬
‫االمتداد املعريف واتساع ا ألفق والتداخل التصوري –وهو ما مكهنا‪ -‬من ختطي الامتداد ا ألفقي اىل‬
‫أأبعاد داللية واشارية واحالية تس تعيص عىل النظر احملدود(‪.)5‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد أأدى تداخل البحوث اللغوية والبالغية وا ألسلوبية اىل صعوبة متيزي ما هو نيص مما هو‬
‫غري نيص؛ اذ اهنز ا لكها تعىن ابملضمون وان اكنت تتوصل اليه بطرق خمتلفة‪ ،‬حىت أأدوات هذه املناجه‬
‫تداخلت وصار الربط بني مس توايت اللغة اخملتلفة من صوتية ورصفية وحنوية وداللية مسة مشرتكة(‪.)6‬‬
‫وبغض النظر عن الر أأي الصائب‪ ،‬فان العلوم يتأأثر بعضها ببعض وخباصة اذا تقاطعت بيهنا؛ اما يف‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬انشرون‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪.318 :‬‬
‫‪ -2‬نعمان بوقرة‪ ،‬أضواء على نظرية حتليل اخلطاب يف الفكر اللساين احلديث‪ ،‬جملة العلوم االنسانية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ع‪ ،2017 ،29‬ص‪50 :‬‬
‫‪ - 3‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ - 6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪33‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مادة ادلراسة أأو املهنج‪ ،‬وهو حال لسانيات النص‪ ،‬مما حدا بـ"فان ديك" (‪ )Van Dijk‬أأن يعتربها علام‬
‫متداخل الاختصاصات‪.‬‬
‫عالقة اللسانيات ابالنرثوبولوجيا‬
‫اضافة اىل مساعي البالغيني هناك روافد معرفية أأخرى أأسهمت بنصيب وافر يف دراسة النص‬
‫تشلك النص واش تغاهل‪ ،‬كونه نظاما تواصليا هل من‬ ‫ا ألدب وفق رؤى وتوهجات بغية الوقوف عىل كيفية ز‬
‫اخلصائص البنوية ما جيعهل كياان قامئا بذاته‪ ،‬حيث" أأدىل الانرثوبولوجيون بدالهئم يف هذا الس ياق‪ .‬من‬
‫هؤالء "مالنيوفسيك"(‪ )Maliowisky‬و"فالدمري بروب" و"شرتاوس"(‪ )Strauss‬و أأتباعه‪ .‬فقد متزيت‬
‫دراسة الانرثوبولوجيني ابالفادة من عمل اللغة البنيوي‪ ،‬يف حتليل الامنذج‪ ،‬وا ألمناط السائدة‪ ،‬يف ا ألدب‬
‫الشعيب‪ ،‬وا ألسطوري‪ ،‬الجياد ما أأصبح معروفا بـ"البىن" وتفكيك الرموز اللقاء الضوء عىل ا ألسس‬
‫املؤثرة يف قدرة الناطقني بلغة من اللغات عىل تأأليف النصوص‪ ،‬واس تعاملها لالتصال بني ا ألشخاص(‪.)1‬‬
‫و أأما املعنيون بدراسة احلياة الاجامتعية فقد اس تخدموا اللسانيات للكشف عن الكثري من القواعد اليت‬
‫تتحمك يف أأداء النصوص عىل اختالف وظائفها التثقيفية والاعالمية‪ .‬اذا اكن عمل ا ألنرتوبولوجيا خيتص‬
‫بدراسة العالقة االنسانية من حيث متزيها‪ ،‬فاللسانيات تلتقي مع هذا العمل من حيث كون اللغة الوعاء‬
‫احلاوي للثقافة‪ ،‬فدارسة الثقافة من منظور لغوي قد تؤدي اىل نتاجئ معيقة وكذكل ا ألمر ابلنس بة للساين‬
‫فهو حيتاج يف بعض ا ألحيان اىل معرفة خاصة ابلبنيات الثقافية جملمتع ما‪.‬‬
‫عالقة اللسانيات ابلفليلولوجيا‪:‬‬
‫للفيلولوجيني مساع كثرية يف البحث عن قواعد لعمل النص و أأشهر من سع للكشف عن الروابط بني‬
‫طور لغويو"براغ" (‪ )Prague‬أآراءه‬ ‫دراسة النحو ودراسة املعىن "هانري فايل"(‪ ) Henre Weil‬اذلي ز‬
‫برتكزيمه عىل املنظور الوظيفي للجمةل وهو منظور حهثز م عىل مالحظة الصةل بني مجلتني أأو أأكرث وتأأثر‬
‫لحيان)‪(2‬‬ ‫وظيفة امجلةل هبذه العالقة القامئة عىل التقدمي والتأأخري يف أأكرث ا أ‬
‫"وتعزى اىل "هارجف"(‪ 1968 )Harweng‬أأول حماوةل جادة لوصف التنظمي اذلايت‪ ،‬ادلاخيل للنص من‬
‫خالل احلديث عن بعض العالقات اليت تسوده‪ ،‬مثل‪ :‬عالقة االحاةل والاستبدال مشريا اىل التكرار‬
‫والرتادف والعطف والرتتيب وهذه الليات اليت ذكرها تقع يف دائرة الرتابط والاتساق ادلاخيل للنص‪.‬‬
‫كام وجدت هذه ا ألفاكر صداها يف أأعامل "ايزنبورغ" "‪ "Iscenperg‬س نة ‪ 1998‬اذلي اعتىن ابلبحث يف‬
‫العوامل املتحمكة يف اختيارات صاحب النص‪ ،‬ويه مجموع ا ألدوات اليت تنظم عالقات امجلل بعضها‬

‫‪ -1‬إبراهيم خليل‪،‬األسلوبية ونظرية النّص‪،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1997 ،1‬ص‪.128:‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫‪34‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ببعض ؛ اكلضامئر وحروف التعريف والتنكري والتعممي بعد التخصيص والاقرتان بعالئق س ببية‪ ،‬أأو‬
‫غائية أأو أأي عالقة أأخرى(‪.)1‬‬
‫عالقة لسانيات النص بعمل النفس‬
‫ان اختصاص عمل النفس برشح طبيعة العمليات اللغوية وأليات انتاهجا وتلقهيا‪ ،‬طلام أأن الظاهرة‬
‫اللغوية يف جانهبا النفيس تتضمن معلييت االجناز والفهم‪ ،‬هو ما أأدى اىل نشوء لسانيات النص اليت‬
‫تتكفل بدراسة بنية النصوص وترصد كيفيات اش تغالها انطالقا من البواعث النفس ية اليت تتحمك يف‬
‫انتاج الالكم وفهمه‪ ،‬وهو ما جعل هذا العمل يتقاطع مع لسلنيات النص‪ ،‬ألن الظاهرة ا ألدبية لن تكون‬
‫أأشد تعقيدا وال خصوبة وال خصوصية من العامل ادلاخيل للنفس االنسانية اليت تبدعها وتتلقاها(‪.)2‬‬
‫وميكن حتديد اسهامات عمل النفس يف تمنية البحوث اللغوية والبالغية من خالل تكل اليت أأخذ حيلل‬
‫فهيا أليات التلقي والتذكر‪ ،‬وتكوين ا ألخيةل ابملعطيات احلس ية‪ ،‬وطرق اكتساب اللغة ومتثلها معرفيا‪،‬‬
‫وذكل ابكتساب املعلومات ادلقيقة عن مس توايت الوعي وطبيعة ا ألبنية اللغوية املاثةل يف الالشعور‪ ...‬مما‬
‫يلقي أأضواء غامرة عىل مشالكت انتاج اخلطاب ا ألدب‪ ،‬وعالقته ابملبدع‪ ،‬وموقف املتلقي يف اعادة‬
‫انتاجه(‪ ،)3‬ذلا اكن اهامتم لك من عمل النفس وعمل الرتبية موهجا حنو الطرائق اخملتلفة لفهم النصوص ومعق‬
‫استيعاهبا واعادة صياغهتا‪ .‬كام تقوم علوم االتصال احلديثة ابلبحث عن التأأثريات اليت حتدهثا النصوص‬
‫عىل أآراء وسلوك املتلقني وطرائق تفاعلها لتحديد ا ألشاكل النصية للتواصل يف خمتلف املوافق‬
‫واملؤسسات‪.‬‬
‫عالقة اللسانيات ابلتداولية‪:‬‬
‫التدولية أأو اذلرائعية أأو النفعية أأو الرباغامتية أأو الس ياقية‪ ،‬ويه يف املقابل ا ألجنيب(‪)Pragmatique‬‬
‫ذات ا ألصل اليوانين (‪ )Pragma‬وتعين" الفعل" أأو "احلدث"‪ ،‬اال أأن أأكرث املصطلحات تداوال بني‬
‫ادلارسني يه‪ :‬التدولية‪ ،‬الرباغامتية‪ ،‬وختتص بتحليل ا ألفعال الالكمية ووظائف منطوقات لغوية وسامهتا‬
‫يف معليات االتصال بوجه عام(‪ ،)4‬ذلا فاهنا مرتبطة بتحليل ما يعنيه الناس بأألفاظهم أأكرث من ارتباطها مبا‬
‫ميكن أأن تعنيه لكامت أأو عبارات هذه ا أللفاظ منفصةل(‪ )5‬هذا العمل اذلي بد أأ تطوره عىل حنو حصيح منذ‬
‫الس نوات العرشين ا ألخرية‪ ،‬هل خاصية التداخل مع عدة ختصصات أأخرى‪ .‬عىل ر أأسها لسانيات النص‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪129 :‬و‪.130‬‬


‫‪ - 2‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30 ،29 :‬‬
‫‪ - 4‬تون فان دايك‪ ،‬علم النص‪ ،‬مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬ص‪.114 :‬‬
‫‪ - 5‬جورج يول‪ ،‬التداولية‪ ،‬تر‪ /‬قصي العتايب‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬انشرون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص‪.19 :‬‬
‫‪35‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫عالقة لسانيات النص اب ألدب‪:‬‬


‫ال تعود عالقة ا ألدب جبميع أأجناسه؛ (ابداعا ونقدا) ابللسانيات اىل وقت قريب‪ ،‬بل يه قدمية قدم‬
‫عالقة االنسان ابللغة‪ ،‬وان مل يرش"دي سوسري" اىل هذه العالقة‪ ،‬فان "شارل ابيل" قد م زد جسورا‬
‫بني اللسانيات ومناجه ا ألدب من خالل دعوته اىل دراسة مس توى الالكم اذلي أأغفهل "سوسري"‪ ،‬غري‬
‫أأن العالقة بني اللسانيات وا ألدب مل تكن من خالل التطبيق احلريف ملا تقدمه اللسانيات من مفاهمي‪،‬‬
‫بل ان كثريا من منظري ا ألدب انطلقوا مما انهتت اليه اللسانيات‪ ،‬من مثل الثنائيات اليت تعد طرحا‬
‫اجرائيا انقصا ما مل خترج يف شلك جديد يتالءم وطبيعة البحث ا ألدب‪ ،‬فشارل ابيل انطالقا من فهمه‬
‫لطبيعة الالكم مقابل اللسان هو ما حذا به اىل اقرتاح ا ألسلوبية(‪.)1‬‬
‫غري أأن اللسانيات ارتبطت يف بداية عهدها بأأصول الفكر الوضعي وهو ما يفرس رفضها التعامل مع لك‬
‫ما يتعلق ابلفرد املتلكم (اذلاتية واالحيائية) مما ترفضه اللسانيات‪ ،‬لكهنا عىل املس توى ا ألدب أأساس‬
‫االبداع والفهم والتلقي(‪ ،)2‬ففي الوقت اذلي أأكدت فيه ا ألحباث ا ألدبية بزعامة روالن ابرث عىل رضورة‬
‫اعامتد االحياء من حيث هو بعد س مييولويج‪ ،‬رفضه أأندري مارتيين يف بعض أأحباثه اللسانية‪،‬‬
‫لمريكية حيث قال"بلومفيدل"‪":1933‬ان ادلالةل يه نقطة الضعف يف اللسانيات"(‪.)3‬‬ ‫وتأأكد مع البنوية ا أ‬
‫غري أأن هذا ال يعين أأن اللسانيات مل تعط شيئا للبحث ا ألدب‪ ،‬فاسرتاتيجية التعامل مع النصوص‬
‫ا ألدبية يه نفسها اسرتاتيجية لسانية‪ ،‬مث ان تعامل البحث ا ألدب مع اللسانيات مل يتوقف عند حدود‬
‫ا ألطروحات النظرية اللسانية‪ ،‬بل ان بعض الباحثني ا ألدبيني طوروا أأهجزهتم املفاهميية بتطوير البحث‬
‫اللساين‪ ،‬من مثل توظيف بعض مفاهمي النحو التوليدي (التحويل‪ ،‬البنية السطحية‪ ،‬البنية العميقة‪)...‬‬
‫اذا اكنت هذه العلوم تتفق يف فكرة املادة ا ألساس ية اليت يبىن علهيا البحث والتحليل والفهم أأال ويه‬
‫النصوص من حيث يه مادة مشرتكة بيهنا مجيعا‪ ،‬فاهنز ا ختتلف يف وهجة النظر الهيا وحتليلها وكيفية‬
‫توظيفها واس تخالص النتاجئ مهنا‪ .‬بيد أأن التطور اذلي حدث يف العقدين ا ألخريين من القرن املايض‬
‫جعل مشالكت النصوص و أأهدافها يف فروع علمية خمتلفة موضوعا دلراسة متاكمةل شلكت بصورة‬
‫حمتية موضوعا جديدا مسي بـ‪":‬لسانيات النص" (‪ .)Linguistique textuelle‬تمكن السمة اجلوهرية املمزية‬
‫للسانيات النص عن ابيق البحوث ا ألخرى فامي أأطلق عليه "التداخل املعريف" ألن النص يتطلب دراسة‬
‫واسعة يف فروع خمتلفة‪ ،‬فقد تشعبت املنابع اليت اس تق مهنا مفامهه وتصوراته ومناهجه‪ ،‬واتسم البحث‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬مصطفى غلفان‪ ،‬حتليل املكون اللغوي للنص األديب بني اللسانيات ومناهج التحليل األديب‪ ،‬أعمال ندوة مكوانت النص األديب‪ ،‬جامعة احلسن‬
‫الثاين‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1988 ،‬ص‪.220،221،222 :‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.222 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.223 :‬‬
‫‪36‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫النيص بقدرة فائقة عىل استيعاب لك ذكل اخلليط املتباين‪ ،‬بل وتشكيل بنية منسجمة قادرة عىل‬
‫احلفاظ عىل ذكل التداخل من هجة وابراز جوانب التفارق بينه وبني العلوم ا ألخرى من هجة اثنية‪،‬‬
‫وشلكت اخلواص الرتكيبية وادلاللية واالتصالية للنصوص صلب البحث النيص مبعىن أأن البحث يتحقق‬
‫عىل مس توايت ثالثة أأساس ية ويه‪ :‬املس توى النحويوادلالليوالتداويل ابملفهوم الواسع هل‪.‬‬
‫بعض الظواهر النصية يف البالغة العربية‪:‬‬
‫أأسهم البالغيون يف بيان ترابط النص ومتاسكه من خالل عدد من املعطيات اليت تشعبت يف معاجلهتم‬
‫و أأمهها‪:‬‬
‫الفصل والوصل‪.‬‬
‫الفصل‪ :‬االتيان ابمجلةل الثانية بدون العطف‪.‬‬
‫الوصل ‪ :‬عطف مجةل عىل أأخرى ابلواو‪ ،‬والبالغة يف الوصل أأن تكون ابلواو‪ ،‬دون سائر العواطف‪.‬‬
‫لعل أأقدم اشارة اىل أأمهية الفصل والوصل يف اخلطاب ما ورد يف كتاب "البيان والتبيني" حني رسد‬
‫اجلاحظ تعريفات للبالغة‪ ،‬وجاء يف تعريفه أأنه قال للفاريس‪":‬ما البالغة؟ " فقال‪":‬معرفة الفصل من‬
‫الوصل"(‪ .)1‬ذكل لغموضه ودقة مسلكه‪ ،‬و أأنه ال يمكل الحراز الفضيةل فيه أأحد‪ ،‬اال مكل لسائر معاين‬
‫البالغة (‪)2‬حيث يعترب اجلرجاين والساكيك الفصل والوصل أأصعب و أأدق مبحث يف البالغة لكها اذ يرى‬
‫اجلرجاين أأن من أأتقن الفصل والوصل سهل عليه امتالك بقية ا ألبواب‪.‬‬
‫الفصل والوصل من منظور اجلرجاين‬
‫يمتحور هجد اجلرحاين يف ابب الوصل والفصل حول" ما ينبغي أأن يضع يف امجلل من عطف بعضها‬
‫عىل بعض أأو ترك العطف فهيا واجمليء هبا منثورة تس تأأنف واحدة مهنا بعد ا ألخرى"(‪ )3‬و أأبرز املبادئ‬
‫اليت تتحمك يف وصف وحتليل الفصل والوصل عند اجلرجاين ما ييل‪:‬‬
‫أأوال‪ :‬ا ألساس النحوي(‪ :)4‬حيث انطلق اجلرجاين من مجموعة من القواعد والقيود النحوية اليت بلورها‬
‫النحاة من أأجل ضبط العطف (اكمتناع ذكر الواو بني الوصف واملوصوف‪ ،‬أأو بني التأأكيد واملؤكد‪ ،‬أأو‬
‫امتناع عطف مجةل عىل أأخرى ال حمل لها من االعراب‪ ،‬ومتيزيمه بني عطف املفرد عىل املفرد وبني‬
‫عطف امجلةل عىل امجلةل)‪.‬‬
‫‪ -1‬اجلاحظ (أبو عثمان عمرو بن حبر‪ ،‬ت‪ 255‬هـ)‪ ،‬البيان والتبيني‪ ،‬تقيق عبد السالم حممد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪ ،‬ط‪ ،1998 ،7‬ج‪ ،1‬ص‪:‬‬
‫‪.88‬‬
‫‪ -2‬اجلرجاين (أبو بكر عبد القادربن عبد الرمحان بن حممد ت ‪471‬هـ) دالئل االعجاز‪ ،‬قرأه وعلق عليه‪ :‬أبو فهر حممود حممد شاكر‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪،‬‬
‫ص‪.222 :‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪222 :‬‬
‫‪ - 4‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل النسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.100 :‬‬
‫‪37‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫عطف املفرد عىل املفرد‪ :‬تبدو فائدته حسب اجلرجاين يف اشرتاك الثاين مع ا ألول يف االعراب‪ ،‬وبذكل‬
‫تنقل الواو العاطفة احلمك االعراب اىل الثاين فيطابق ا ألول يف مجيع حاالته االعرابية‪:‬جاء زي ٌد ٌ‬
‫وعيل‪،‬‬
‫أأكرمت زيدً ا وعل ًيا‪ ،‬ومررت بزيد وعيل‪ .‬ذكل أأنه ليس للواو معىن سوى االرشاك يف احلمك اذلي يقتضيه‬
‫االعراب اذلي أأتب ْعت فيه الثانية ا ألول(‪.)1‬‬
‫عطف امجلةل عىل امجلةل‪ :‬ميزي اجلرجاين يف هذا الباب بني حالتني‪:‬‬
‫احلاةل ا ألوىل‪ :‬أأن يكون للمعطوف علهيا حمل من االعراب‪ ،‬فعطف الثانية عىل ا ألوىل مزنل مزنةل املفرد‪،‬‬
‫كقوكل ‪ :‬مررت برجل ُخلُ ُقه حسن وخلْ ُقه قبيح‪ ،‬فلكتا امجللتني صفة للنكرة وانتقل احلمك االعراب للثانية‬
‫بوساطة الواو‪.‬‬
‫احلاةل الثانية‪ :‬يه عطف مجةل عىل أأخرى ال حمل لها من االعراب‪ ،‬حنو ‪ :‬زيد قامئ وعيل قاعد‪ ،‬يعلق‬
‫اجلرجاين قائال‪ ":‬ال سبيل لنا اىل ادعاء أأن الواو أأرشكت الثانية يف اعراب قد وجب ل ألوىل بوجه من‬
‫الوجوه(‪ ،")2‬وعليه نس تخلص رشوط عطف مجةل عىل أأخرى و اليت يه(‪:)3‬‬
‫‪ -‬أأن يكون حمكها حمك املفرد‪.‬‬
‫‪ -‬أأن يكون ل ألوىل حمل من االعراب‪.‬‬
‫‪ -‬أأن تنقل الواو اىل الثانية حكام وجب ل ألوىل‪.‬‬
‫مما تقدم نس تنتج أأن اجلرجاين انطلق من عطف املفرد عىل املفرد أكصل يبين عليه عطف امجلةل عىل‬
‫امجلةل‪ ،‬ويوحض ذكل قوهل‪ ":‬اذ ال يكون للجمةل موضع من االعراب حىت تكون واقعة موقع املفرد‪ ،‬واذا‬
‫اكنت امجلةل ا ألوىل واقعة موقع املفرد‪ ،‬اكن عطف الثانية علهيا جاراي جمرى عطف املفرد عىل املفرد(‪.)4‬‬
‫ا ألسامء الواصفة واملؤكدة(‪ :)5‬ال حتتاج اىل رابط يربطها مبوصوفها أأو مؤكدها‪ ،‬كقوكل‪" :‬جاءين زيد‬
‫الظريف"و"جاءين القوم لكزهم" فان"الظريف"و"لكزهم" ليسا غري"زيد" و"القوم" فا ألول صفة لزيد والثاين‬
‫تأأكيد للقوم ذلا مل حيتاجا اىل رابط يربط بيهنام‪ ،‬أأي يربط بني التابع واملتبوع‪.‬‬
‫امجلل الواصفة واملؤكدة‪ :‬ان ما يرسي عىل املفرد يف هذه احلال هو ما يرسي عىل امجلةل أكن تكون‬
‫اب ال ريب ِفي ِه﴾البقرة‪2‬‬ ‫مؤكدة لليت قبلها أأو مب زينة لها‪ ،‬ز‬
‫وحض اجلرجاين ذكل بقوهل تعاىل"﴿ أأمل ذ ِكل ال ِكت ُ ْ‬
‫اب﴾ وهو مبزنةل أأن تقول‪ ":‬ذكل الكتاب‪،‬‬ ‫قوهل﴿ ال ريْب ِفي ِه ﴾ بيان وتوكيد وتقيق لقوهل ﴿ أأمل ذ ِكل ال ِكت ُ‬

‫‪ -1‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪.223 :‬‬


‫‪ - 2‬الرجع نفسه‪ ،‬ص‪.223 :‬‬
‫‪ - 3‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل النسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.101 :‬‬
‫‪ -4‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪.223 :‬‬
‫‪ -5‬الرجع نفسه‪ ،‬ص‪.227 :‬‬
‫‪38‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ذكل الكتاب" وادلاعي اىل جعهل خاليا من العاطف هو أأنه" ال يشء يمتزي به عنه فيحتاج اىل ضا زم‬
‫يض زمه اليه وعاطف يعطفه عليه"(‪ .)1‬و أأليك هذا اجلدول املوحض ل ألساس النحوي‪:‬‬
‫الواسطة‬ ‫عطف مجةل عىل مجةل‬ ‫الواسطة‬ ‫عطف مفرد عىل مفرد‬
‫الواو‬ ‫الاشرتاك يف احلمك االعراب‬ ‫الواو‬ ‫الوصل الاشرتاك يف احلمك االعراب‬
‫التأأكيد‬ ‫موصوف ـ صفة‬
‫معنوية‬ ‫معنوية‬ ‫الفصل مؤكد ـ مؤ ِكد‬
‫البيان‬ ‫بيان ـ ختصيص‬

‫اثنيا‪ :‬ا ألساس املعنوي(‪:)2‬‬


‫معىن امجلع ‪ :‬اقرتح اجلرجاين هذا املبد أأ ليفرس العطف احلاصل بني مجلتني ال حمل للمعطوف علهيا من‬
‫االعراب اذ ملا اكن مربر العطف بني مجلتني هو وجود حمك مشرتك بيهنام واحلمك يف هذه احلال منعدم‬
‫حبث اجلرجاين عن عةل تربر العطف وقد وجدها فامي سامه"معىن امجلع" واس تدل ابملثال‪" :‬زيد قامئ‬
‫ومعرو قاعد" ومربر العطف هو اما أأن زيدا اكئن بسبب من معرو واما أأن زيدا ومعرا اكلنظريين‬
‫والرشيكني(‪ )3‬حبيث اذا عرف السامع حال ا ألول عناه أأن يعرف حال الثاين(‪ )4‬القرتاهنام يف ذهنه وهذا‬
‫مربر من مربرات العطف‪ ".‬وكل عىل ذكل ان جئت فعطفت عىل ا ألول شيئا ليس منه بسبب وال‬
‫هو مماال يذكر بذكره ويتصل حديثه حبديثه مل يس تقم "(‪.)5‬‬
‫النظري والش به والنقيض(‪ :)6‬وهذا املبد أأ هو جموز العطف معنواي حني امتناعه معياراي‪ ،‬ويسميه اجلرجاين‬
‫"االخبار عن ا ألول وعن الثاين" والقيد اجملوز أأو املسوغ للعطف هو أأن يكون اخلربان شبهيني أأو‬
‫نقيضني أأو نظريين ويتضح ذكل يف ما ييل‪:‬‬
‫‪ -‬زيد طويل القامة ومعرو شاعر اخلربان ينمتيان اىل حقلني داللني خمتلفني ــ (نقيضني)‬
‫‪ -‬زيدطويل القامة ومعرو قصري انزتعت الصفتان من صفة واحدة(طول القامة وقرصها)(نظريين)‬
‫انزتعت الصفتان من نشاط متشابه ـــــ (شبهيني)‬ ‫‪ -‬زيد شاعر ومعرو اكتب‬
‫اثلثا‪ :‬التضام النفيس والتضام العقيل(‪ :)1‬اذا اكن املبد أأ السابق يربر العطف تربيرا معنواي‪ ،‬فا زن هذا املبد أأ‬
‫يربر العطف تربيرا تداوليا‪ ،‬ألن اجلرجاين نظر اىل اخلطاب من زاوية التلقي‪ ،‬أأي من خالل عالقة‬
‫‪ - 1‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،،‬ص‪.227 :‬‬
‫‪ -2‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل النسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.102 :‬‬
‫‪ -3‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪.224 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪224 :‬‬
‫‪-5‬املرجع نفسه ص‪176:‬‬
‫‪-6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.225 :‬‬
‫‪39‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫املتلقي ابخلطاب‪ ،‬فتعود مقبولية العطف اىل أأس باب تداولية‪ ،‬وتوضيحا ذلكل رضب اجلرجاين هذا‬
‫املثال‪" :‬معرو قامئ وزيد قاعد" فالشخصان يف ذهن املتلقي ال يفرتقان حىت اذا عرف حال أأحدهام اتق‬
‫اىل معرفة حال الثاين‪ ،‬لكن اقرتان ا ألشخاص يف ذهن املتلقي خمتلف من طرف اىل أآخر ذلكل فان‬
‫مبد أأ التزضام النفيس نس يب‪ ،‬يف حني أأن مبد أأ التزضام العقيل عام ألنه مرتبط ابلوقائع (املعاين يف اصطالح‬
‫اجلرجاين) يف مثل قولنا‪ - :‬العمل حسن واجلهل قبيح – العدل محمود والظمل مذموم – الاجهتاد حسن‬
‫والكسل قبيح‪.‬‬
‫فاملربر ادلاليل للعطف كون اخلرب عن الثاين مضادا عن ا ألول‪ ،‬و أأما املربر التداويل فكون الواقعتني‬
‫متضامتني عقليا ابلنس بة جملموعة لغوية متجانسة‪.‬‬
‫خنلص مما سلف اىل أأن العطف بني امجلل ال حيمكه فقط مبد أأ حنوي وهو الاشرتاك يف احلمك‬
‫االعراب‪ ،‬وانزام حتمكه مبادئ متنوعة جنو‪ :‬معىن امجلع = الشبيه والنظري والنقيض‪ ،‬التضام النفيس=‬
‫ابلنس بة ل ألشخاص وهو مبد أأ نس يب‪ ،‬التضام العقيل = ابلنس بة للوقائع وهو عام‪ .‬وميكن أأن ختزتل هذه‬
‫املبادئ يف مبد أأ عام هو [الاشرتاك يف‪)2(]...‬‬

‫الفصل‪ :‬التأأكيد‪:‬‬
‫اذا اكن اجلرجاين قد اهمت ابرتباط امجلل بعضها ببعض بوساطة الواو‪ ،‬فان زه هيمت هنا ابلعالقة اخلفية‬
‫القامئة بني امجلل املشلكة للخطاب‪ ،‬ويه عالقة ال تعمتد عىل رابط شلكي ظاهر سطحيا‪ ،‬وقد أأورد‬
‫اجلرجاين لتوضيح هذه العالقة أأمثةل من القرأآن الكرمي مهنا مثال‪ :‬قوهل تعاىل‪ ﴿ :‬ا زن ا ِذلين كف ُروا سوا ٌء‬
‫هللا عىل قُلُوهبِ ِ ْم وعىل ْمس ِعهِ ْم وعىل َأبْصا ِر ِ ْمه ِغشاو ًة ولهُ ْم‬ ‫علهيْ ِ ْم َأ َأنْذ ْر ُهت ْم َأ ْم ل ْم تُ ْن ِذ ْر ُ ْمه ال يُ ْؤ ِمنُون خمت ُ‬
‫اب ع ِظ ٌمي﴾ البقرة‪ .7.6‬فقوهل﴿ال يُ ْؤ ِمنُون﴾ تأأكيد لقوهل‪ ﴿:‬سوا ٌء علهيْ ِ ْم َأ َأنْذ ْر ُهت ْم َأ ْم ل ْم تُ ْن ِذ ْر ُ ْمه﴾ وقوهل‪:‬‬ ‫عذ ٌ‬
‫هللا عىل قُلُوهبِ ِ ْم وعىل ْمس ِعهِ ْم ﴾ تأأكيد اثن أأبلغ من ا ألول‪ ،‬ألن من اكن حاهل اذا أأنذر مثل حاهل اذا‬ ‫﴿خمت ُ‬
‫مل ينذر اكن يف غاية اجلهل‪ ،‬واكن مطبوعا عىل قلهبال حماةل(‪.)3‬‬
‫وقوهل‪﴿ :‬واذا تُ ْتىل عل ْي ِه أآايتُنا و ىىل ُم ْس ت ْك ِربا َك ْن ل ْم ي ْسم ْعها َك ىن ِيف ُأ ُذن ْي ِه و ْقرا﴾ لقامن‪ .7‬فالتشبيه الثاين مل‬
‫عىل ا ألول ألن املقصود من التشبيه مبن يف أأذنيه وقر هو بعينه املقصود من التشبيه مبن مل‬ ‫يعطف ِ‬
‫يسمع‪ ،‬بيد أأن التشبيه الثاين وان اكن يؤكد ا ألول أأقوى من ا ألول يف اذلي ُأريد(‪ .)4‬ذلا تعترب تأأكيد مجةل‬

‫‪ -1‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.104 :‬‬
‫‪ -3‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجااز‪ ،‬ص‪.228 :‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.229 :‬‬
‫‪40‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ألخرى وس يةل هامة من وسائل متاسك اخلطاب رمغ أأن كيفية االتصال معنوية غري معمتدة عىل رابط‬
‫شلكي‪.‬‬
‫الفصل ‪:‬‬
‫صيغة اخلطاب)‪ :(1‬يقول اجلرجاين‪ ":‬ومما هو أأصل يف هذا الباب أأن زك ترى امجلةل وحالها مع اليت قبلها‬
‫حال ما يعطف ويقرن اىل ما قبهل‪ ،‬مث تراها قد وجب فهيا ترك العطف ألمر فهيا صارت به أأجنبية مما‬
‫قبلها"(‪.)2‬‬
‫وعىل هذا النحو ينتقل اجلرجاين اىل حبث مظهر أآخر من مظاهر اخلطاب اليت توجب الفصل عىل‬
‫خالف ما قد يعتقد وقد أأطلق عليه محمد خطاب يف كتابه "مدخل اىل لسانيات النص" مصطلح"‬
‫بناء عىل حتليل اجلرجاين لآي اذلكر احلكمي واليت مهنا قوهل تعاىل‪﴿ :‬واذا ل ْقوا ا ِذلين‬ ‫صيغة اخلطاب"(‪ً )3‬‬
‫هللا ي ْس هتْزِئُ هبِ ِ ِ ْم وي ُّمدُ ُ ْمه ِيف‬
‫أآمنُوا قالُوا أآمنىا واذا خل ْوا اىل ش يا ِطيهنِ ِ ْم قالُوا اانى مع ُ ْمك ان ىما ْحن ُن ُم ْس هتْ ِز ُئون ُ‬
‫آ‬ ‫ِ أ ِ‬ ‫ِ البقرة ِ‬
‫ظاهرها بوجوب‬ ‫ُ‬ ‫هل‬ ‫يويح‬ ‫قد‬ ‫ية‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫هذه‬ ‫مل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ىل‬ ‫ا‬ ‫اجلرجاين‬ ‫يذهب‬ ‫‪.‬‬ ‫‪15.14‬‬ ‫ُط ْغياهنِ ِ ْم ي ْعمهُون﴾‬
‫هللا ي ْس ْهتزِئُ هبِ ِ ْم﴾ عىل قوهل‪ ﴿:‬ان ىما ْحن ُن ُم ْس ْهت ِز ُئون﴾ ألنه ليس أأجنبيا عنه وهل يف القرأآن‬ ‫عطف ﴿ ُ‬
‫ِ‬
‫نظائر جاءت معطوفة عىل ما قبلها‪ ،‬مهنا قوهل تعاىل‪ُ ﴿:‬خيا ِدعُون هللا وهْو خا ِد ُعهُ ْم﴾ النساء ‪ 4‬وقوهل‬
‫هللا﴾أل معران ‪ ،3‬مفا داعي فصل قوهل تعاىل‪﴿:‬هللا يس هتزئ هبم﴾ عام قبهل؟‬ ‫أأيضا‪﴿:‬مك ُروا ومكر ُ‬
‫املربر اذلي يقدمه اجلرجاين هو اختالف صيغة اخلطاب يف الآية‪ ،‬فقوهل تعاىل﴿ ان ىما ْحن ُن ُم ْس هتْ ِز ُئون﴾‬
‫ِ‬
‫هللا ي ْس ْهتزِئُ هبِ ِ ْم﴾ خرب من هللا تعاىل أأنه‬ ‫حاكية عن املنافقني وليس خبرب من هللا تعاىل وقوهل﴿ ُ‬
‫س يجازهيم عىل كفرمه واس هتزاهئم‪ ،‬ذلا امتنع عطف ما هو خرب من هللا تعاىل عىل ما هو حاكية عن‬
‫الاكفرين‪ .‬يقال اليشء ذاته عن قوهل تعاىل‪﴿:‬واذا ِقيل لهُ ْم ال تُ ْف ِسدُ وا ِيف ا َل ْر ِض قالُوا ان ىما ْحن ُن‬
‫ِ‬ ‫ُم ْص ِل ُحون‪َ ،‬أال اهنى ُم ُ ُمه امل ُ ْف ِسدُ ون ول ِك ْن ال ي ْش ُعر ِ‬
‫ون﴾البقرة‪ .12،11‬فقوهل‪﴿:‬اهنى ُ ْم ُ ُمه امل ُ ْف ِسدُ ون﴾ خرب من هللا‬ ‫ُ‬ ‫ِ ْ‬
‫ِ‬
‫عهنم‪ ،‬وقوهل‪﴿:‬ان ىما ْحن ُن ُم ْص ِل ُحون﴾ حاكية عهنم‪ ،‬هذا موجب الفصل‪ ،‬مفا مسوغ العطف يف نظائر هذه‬
‫ِ‬
‫الآايت؟‬
‫فلو تأأملنا قوهل تعاىل﴿ ُخيا ِد ُعون هللا و ْهو خا ِد ُعهُ ْم﴾النساء ‪ 142‬لوجدان مسوغ العطف كون صيغة اخلطاب‬
‫واحدة‪ ،‬أأي أأن اخلطاب أأخرج يف صيغة واحدة وهو اخلرب عهنم وليس يف صيغتني؛ خرب وحاكية‪.‬‬
‫بناء عىل ما س بق ذكره ميكن أأن نعترب أأن أأحد املبادئ اليت حتمك فصل اخلطاب أأو وصهل هو‬
‫صيغته؛ فاذا اكنت الصيغة مامتثةل حاكية أأو خربا وصل اخلطاب وان اكنت خمتلفة فصل‪.‬‬
‫‪ -1‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل النسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.231 :‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪41‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وصل‬ ‫خرب ‪ /‬خرب‬ ‫فصل‬ ‫خرب ‪ /‬حاكية‬


‫وصل‬ ‫حاكية ‪ /‬حاكية‬ ‫فصل‬ ‫حاكية ‪ /‬خرب‬
‫تعد نظرية النظم لعبد القاهر اجلرجاين من أأمه ادلراسات املهنجية املتصةل بلسانيات النص عند القدماء‬
‫واليت تتعلق ابلتضام (الرتابط) حيث يقول‪ ":‬ليس الغرض بنظم اللكم أأن توالت أألفاظها يف النطق‪ ،‬بل‬
‫أأن تناسقت داللهتا وتالقت معانهيا عىل الوجه اذلي اقتضاه العقل(‪...)1‬واعمل أأنك اذا رجعت اىل نفسك‬
‫علمت‪ ...‬أأن ال نظم يف اللكم وال ترتيب حىت يعلزق بعضها ببعض ويبىن بعضها عىل بعض‪ ،‬وجتعل هذه‬
‫بسبب من تكل‪ ...‬واذا اكن كذكل فبنا أأن ننظر اىل التعليق فهيا والبناء وجعل الواحدة مهنا بسبب من‬
‫صاحبهتا ما معناه وما حمصوهل"(‪.)2‬‬
‫لعل أأمه ما ميزي نظرية النظم هو فكرهتا اجلوهرية املمتثةل يف التعالق والربط بني أأجزاء اللكم‪ ،‬كثريا‬
‫ما مث زل عبد القاهر اجلرجاين لهذه الفكرة بصناعة ادليباج حيث اخليوط الكثرية مهنا ما يذهب طوال‬
‫ومهنا ما يذهب عرضا ومهنا ما يبد أأ به ومهنا ما يثىن به حىت تتشابك مجيعا وتبدو أكهنا خيط واحد‪ .‬كام‬
‫أأكدت نظرية النظم التضام والاتساق بني اللكامت حيث يقول‪ ":‬وذكل أأن نظم احلروف هو توالهيا يف‬
‫النطق‪ ...‬أأما نظم اللكم فليس ا ألمر فيه كذكل ألنك تقتفي يف نظمها أآاثر املعاين وترتيهبا عىل حسب‬
‫ترتيب املعاين يف النفس‪ ،‬فهو اذن تعترب فيه حال املنظوم بعضه مع بعض‪ ،‬وليس هو النظم اذلي معناه‬
‫مض اليشء اىل اليشء كيف جاء واتفق وكذكل اكن عندمه نظري النسج والتأأليف والصياغة والبناء‬
‫والويش والتحبري‪ ،‬وما أأش به ذكل مما يوجب اعتبار ا ألجزاء بعضها مع بعض حىت يكون لوضع لك‬
‫حيث وضع عةل تقتيض كونه هناك وحىت لو وضع يف ماكن غريه مل يصلح"(‪ ،)3‬يفرق اجلرجاين اذا بني‬
‫نظم اللكمة املفردة ونظم امجلل والعبارات اليت تقتيض رشط االفادة اذ جيب مراعاة اجلانب ادلاليل ال‬
‫الشلكي فقط‪.‬‬
‫أأشار اجلرجاين اىل أأمهية الامتسك ادلاليل والرتابط بني أأجزاء النص والتعالق كام أأشار اىل عالقة ويه‬
‫من عالمات الامتسك النيص‪ .‬و أأشار أأيضا اىل دور املتلقي يف احلمك عىل متاسك النص‪ ،‬ذكل أأن‬
‫التواصل اليمت بني أأجزاء النص ادلاخلية فقط بل يتعداه اىل التواصل بني املنتج والنص واملتلقي اضافة‬
‫اىل البيئة احمليطة وهذا ما يربر كون املتلقي ركنا أأساس يا من أأراكن التحليل النيص‪ .‬ولن يؤىت هذه‬
‫الصفة اال اذا عىل درجة من الكفاءة اليت متكنه من استيعاب النص وتفكيكه وتمتثل تكل الكفاءة يف‬
‫معرفة لغة النص و أأسلوبه وس ياقه‪ ،‬فهو يعد مشاراك يف النص وهذه املشاركة ال تضمن قطيعة بني البنية‬
‫‪ -1‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪50 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪-3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.49 :‬‬
‫‪42‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫والقراءة وانزام تعين اندماجا يف معلية داللية واحدة‪ ،‬مفامرسة القراءة اسهام يف التأأليف‪ ،‬اىل احلد اذلي‬
‫يبدو فيه املتلقي مبدعا اثنيا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بذور النصية يف الرتاث‬ ‫ادلرس الرابع‪:‬‬


‫متهيد‪:‬‬
‫هناك تساؤل يفرض نفسه ابحلاح مفاده‪ :‬هل ميكن اعتبار ادلراسات اللسانية احلديثة فتحا جديدا يف‬
‫جمال ادلراسات اللغوية؟ أأم أأهنا جمرد اس تدراك وتوس يع جلهود سابقة؟ وما حمل هجود العرب اللغوية من‬
‫لك هذا احملصول العلمي؟‬
‫زيقر بعض ادلارسني العرب بأأن ادلراسات اللسانية يه صنيع غرب رصف(‪ )‬تعاطاها العرب عن‬
‫طريق النقل والرتمجة‪ ،‬وقد يكون هؤالء ممن اخندع بهبارج احلضارة الغربية اليت سلبتنا كثريا مما هو‬
‫متأأصل فينا‪ ،‬اذ يكفي أأن نعيد النظر يف تراثنا اللغوي والثقايف معوما حىت يثبت دلينا أأن الغرب مه من‬
‫تقف خطاان وبىن حضارته عىل أأنقاذ حضارتنا بعد أأحسن هدهما واهيام أأحصاهبا بس بقه وتفرده‪.‬‬
‫عىل لك‪ ،‬لو اس تحرضان اعرتاف"فان ديك"املتعلق ابلس بق التارخيي للبالغة عىل لسانيات النصية‪،‬‬
‫ألدركنا أأن لدلراسات اللغوية العربية قصب الس بق‪ ،‬فالعرب مه أأرابب البالغة‪ ،‬لواثقة صلهتا بفهم‬
‫العقيدة و أأحاكهما‪ ،‬مما حدا اببن خدلون أأن يربط ظهور عمل البيان ابملةل (العقيدة)‪.‬‬
‫ال يبدو الرتاث اللغوي العرب يف حاجة اىل اثبات غىن مباحثه يف علوم اللغة مجعا ودراسة‪ ،‬بل يه‬
‫من التنوع بني التفسري والبالغة والنقد ما يؤكد معق ادراك علامء العربية لقمية اللكمة منعزةل أأو يف‬
‫عالقهتا مبا سواها يف النص؛ اذ نلحظ أأول ممارسة نصية يف تفسري أآي اذلكر احلكمي‪ ،‬وتمتثل يف الوقوف‬
‫عىل الآية القرأآنية وحتليلها حتليال يقرتب كثريا من التحليل النيص(‪ ،)1‬ذلا ميكن أأن نتحدث عن مالمح‬
‫اللسانيات النصية يف الرتاث اللغوي العرب عند مجموعة من النقاد والبلغاء واملفرسين؛ أأمثال‪" :‬ابن‬
‫طباطبا"‪ ،‬و"ابن رش يق القريواين"‪ ،‬و"ابن حزم القرطاجين"‪ ،‬و"الزخمرشي"‪ ،‬و"خفر ادلين الرازي"‪،‬‬
‫احلس النقدي يف قول "ابن قتيبة" يف "الشعر والشعراء"‬ ‫و"الزركيش"‪ ،‬و"الس يوطي"‪...‬ويتأأكد هذا ز‬
‫ِ‬
‫منك"قال‪":‬وب ذكل؟"قال‪ ":‬ألنين‬ ‫متحداث عن اتساق ا ألبيات الشعرية وترابطها‪ ،‬قيل لفالن‪ ":‬أأان أأشعر‬
‫أأقول البيت و أأخاه‪ ،‬و أأنت تقول البيت وابن معه"(‪ ،)2‬هذه احملاورة دليل عىل مدى ادراك الشعراء‬
‫والنقاد قمية الوحدة العضوية والوحدة املوضوعية يف البنية الشعرية‪ ،‬وما يرتتب علهيا من ترابط وتناسق‬
‫ا ألبيات‪ ،‬وهو ما تعززه فكرة الربط والارتباط يف اللسانيات النصية‪.‬‬
‫‪ ) ‬إن إغفال أربعة عشر قران من العمل اجلاد يف جمايل البالغة والتفسري‪ ،‬مث يف جمال اللغة‪ ،‬يعد أمرا غاية يف اخلطورة‪ ،‬ومن مث فإننا نؤمن أن البدء من الصفر‬
‫امل نهجي يف هذا املقام يعين إهدار أربعة عشر قران من النتاج اللساين املتميز‪ ،‬الذي هو إجناز قوم من أعلم الناس بفقه العربية وأسرار تراكيبها وذخائر تراثها‬
‫‪...‬فلن يتحقق طموح يف وضع نظرية علمية دون إحياء األفكار الصاحلة يف الرتاث واإلفادة من الدراسات احلديثة‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪83 :‬‬
‫‪ -1‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪84 :‬‬
‫‪ -2‬اجلاحظ‪ ،‬البيان والتبيني‪ ،‬ص‪.206 :‬‬
‫‪44‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ويبدو أأن "ابن طباطبا"(ت‪322:‬هـ) هو أأول من تبزنه اىل رضورة توفري الوحدة الفنية يف القصيدة‬
‫عرب الامتسك الفين والرتابط اللغوي‪ ،‬وهو منطلق حمكه عىل الشاعر‪ ،‬يقول‪ ":‬وينبغي للشاعر أأن يتأأمل‬
‫تأأليف شعره وتنس يق أأبياته‪ ،‬ويقف عىل حسن جتاورها أأو قبحه‪ ،‬فيالمئ بيهنا لتنتظم هل معانهيا‪ ،‬ويتصل‬
‫الكمه فهيا وال جيعل بني ما ابتد أأ وصفه بني متامه فضال من حشو ليس من جنس ما هو فيه‪ ،‬فينىس‬
‫السامع املعىن اذلي يسوق القول اليه‪ ،‬كام أأنه حيرتز من ذكل يف لك بيت‪ ،‬فال يباعد لكمة عن أأخهتا‪،‬‬
‫وال حيجز بيهنا وبني متاهما حبشو يشيهبا‪ ،‬ويتفقد لك مرصاع‪ ،‬هل يشألك ما قبهل؟ فرمبا اتفق للشاعر‬
‫بيتان يضع مرصاع لك واحد مهنام يف موضع الآخر‪...‬كقول امرئ القيس‬
‫ومل أأتبطن اكعبا ذات خلخال‬ ‫أكين مل أأركـب جــــــــــوادا لذلة‬
‫خلييل كــ زري كــ زرة بعد اجفال‬ ‫وي ومل أأقل‬
‫ومل أأس با الرزق زالر ز‬
‫‪ ...‬وهام بيتان حس نان‪ ،‬ولو وضع مرصاع لك واحد مهنام يف موضع الآخراكن أأشلك و أأدخل يف اس تواء‬
‫النسج(‪.)1‬‬
‫ويرى"ابن طباطبا" أأن أأجود الشعر ما اكنت القصيدة فيه اكللكمة الواحدة حىت خترج أكهنا مفرغة‬
‫افراغا‪ ،‬ال تناقض يف معانهيا‪ ،‬وال ويه يف مبانهيا‪ ،‬وال تلكف يف نسجها‪ ،‬تقتيض لك لكمة ما بعدها‬
‫ويكون ما بعدها متعلقا هبا‪ ،‬مفتقرة الهيا‪ .‬فاذا اكن الشعر عىل هذا املثال س بق السامع اىل قوافيه قبل‬
‫قبل أأن ينهتىي الهيا راويه(‪ .)2‬وبذكل عرف الامتسك النيص عيل يديه انطالقة حامسة عرب حديثه عن‬
‫حسن التخلص والانتقال من موضوع لآخر مما اتسع هل كتابه"عيار الشعر"‪ ،‬اذ يرى أأن للشعر فصوال‬
‫كفصول الرسائل فيحتاج الشاعر اىل أأن يصل الكمه‪ ،‬عىل ترصفه يف فنونه‪ ،‬فيتخلص من الغزل اىل‬
‫املدحي اىل الشكوى بأألطف ختلص و أأحسن حاكية بال انفصال للمعىن الثاين عام قبهل(‪)3‬‬

‫و أأما عىل صعيد البالغة والنقد‪ ،‬فقد طلع "اجلرجاين" عىل الناس بكتابه "دالئل الاجعاز" اذلي‬
‫تناسب أأجزء الالكم لبعضه‪ ،‬يقول‪":‬واذا عرفت هذا المنط من‬ ‫ُ‬ ‫صب فيه جام اهامتمه عىل النظم‪ ،‬حيث‬
‫ز‬
‫الالكم‪ ،‬وهو ما تتحد أأجزاؤه حىت يوضع وضعا واحدا‪ ،‬فاعمل أأنه المنط العايل والباب ا ألعظم(‪ ،)4‬فهذا‬
‫الالكم يشري اىل أأمهية اكامتل البنية النصية‪ ،‬وهو ما ينسجم مع ادلراسة النصية اليت ترى النص وحدة‬
‫واحدة‪ .‬ويه رؤية تتفق مع ما ذهب اليه اجلاحظ (ت ‪255‬هـ) سابقا‪ ،‬فهو يعتقد أأن أأجود الشعر ما‬

‫‪ -1‬ابن طباطبا (حممد أمحد العلوي‪،‬ت‪322:‬هـ)‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬تقيق عباس الساتر‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت‪ ،‬ط‪ ،2005 ،2‬ص‪.129 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.131 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ :‬ص‪44 :‬‬
‫‪ -4‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل االعجاز‪ ،‬ص‪.95 :‬‬
‫‪45‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ر أأيته متالمح ا ألجزاء‪ ،‬سهل اخملارج‪ ،‬فتعمل بذكل أأنه قد أأفرغ افراغا واحدا‪ ،‬فهو جيري عىل اللسان كام‬
‫جيري ادلهان(‪.)1‬‬
‫و أأما"حازم القرطاجين" (ت‪685‬هـ) فبحث يف الوسائل اليت يصري هبا النص مامتسك ا ألجزاء‪،‬‬
‫فتحدث عن متاسك القصيدة وتناسب معانهيا‪ ،‬يقول‪ ":‬وينبغي أأن تكون النقةل من أأحد املعنيني اىل‬
‫الآخر فامي قصد فيه التفريع متناس بة‪ ،‬و أأن يكون املعىن الثاين مما حيسن اقرتانه اب ألول ويفيد الالكم‬
‫حسن موقع يف النفس(‪.)2‬وهذا يتفق مع أأبرز ما ميزي النص عن الالنص مبا يتوفر عليه النص من متاسك‬
‫شديد بني وحداته‪ ،‬حىت يبدو قطعة واحدة متناسقة ا ألجزاء‪ .‬وهو ما زعرب عنه احملدثون ابلتشكيل‬
‫اخلطاب‪.‬‬
‫لنئ اس تعريت هذه الفكرة من الباحث الفرنيس"ميشال فوكو"اذ التشكيل عنده عبارة عن مجموع‬
‫العالقات اليت تربط حمتوى اخلطاب و أأجزاءه من مفاهمي وغريها‪...‬وعالقة الفرد وما يصدره من خطاب‬
‫مع عامله الاجامتعي والس يايس وادليين(‪ .)3‬وابلتايل فان تأأثر الفرد (املبدع) ابلكون احمليط به وتفاعهل معه‬
‫يكس به القدرة عىل جتس يد موقفه منه‪ ،‬حبيث يشلك واقعا جامليا خمزتال للواقع املادي وموازاي هل‪.‬‬
‫وعليه يبدو التشكيل اللغوي مج ًةل من العنارص املتشابكة املفضية اىل نتاج فين مجيل‪ ،‬يتوىل املبدع‬
‫ادارة توزيعها يف نطاق عالقات الرتابط والامتسك اليت خترج الالكم من كونه تأأليفا مرجعيا مأألوفا اىل‬
‫معل فين جياري جتربة الشاعر ومي ألها ابحليوية والانتعاش‪ ،‬فيبدو النص ا ألدب كغريه من النصوص‬
‫ا ألخرى نس يجا لغواي "ال ختتلف فيه قواعد الربط‪ ،‬ولكنه يمتزي عن سائر النصوص بطـرق توظيف‬
‫هـذه القواعـد ومثيـالهتا فيه"(‪،)4‬اذ "ليس من لوازم الافتنان يف الشعر ابتاكر املعاين‪ ،‬بل االحاطة هبا‬
‫(‪) 5‬‬
‫مع دقة ابرازها" ‪.‬‬
‫ال يع زد هذا الطرح س بقا يف جمال ادلراسات النقدية‪ ،‬طاملا أأن بواكريه محلهتا نظرية النظم لـ"عبد‬
‫القاهر اجلرجاين"(ت‪ 471‬هـ) اذلي يعد السابق اترخييا لتحديد مفهوم التشكيل وخباصة ملــزا جعل النظم‬
‫نظري النسج والصياغة والبناء والويش والتحبري وما أأش به ذكل مما يوجب اعتبار ا ألجزاء بعضها مع‬
‫بعض حىت يكون لوضع لك حيث وضع عةل تقتيض كونه هناك‪ ،‬وحىت لو وضع يف ماكن غريه مل يصلح(‪)6‬‬

‫‪ -1‬اجلاحظ‪ ،‬البيان والتبيني‪ ،‬ج‪.67: ً،1‬‬


‫‪ -2‬حازم القرطاجين (أبو احلسن) منهاج البلغاء وسراج األدابء‪ ،‬تح‪ :‬حممد احلبيب ابن اخلوجة‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،2008 ،3‬ص‪.54:‬‬
‫‪ - 3‬بندر اهلذال ويعقوب الشوردي‪ ،‬الرباكسيماتيكية ورحلة البحث عن املعىن‪ ،‬كتاب العربية املفاهيم (‪ ،)1‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.103 ،102 :‬‬
‫‪ -4‬األزهر الزاند‪ ،‬نسيج النص(حبث يف ما به يكون امللفوظ نصا) املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪7:‬‬
‫‪ -5‬أمحد ضيف‪ ،‬بالغة العرب يف األندلس‪ ،‬دار املعارف للطباعة والنشر‪ ،‬سوسة‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،1998 ،2‬ص‪.198 :‬‬
‫‪ -6‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪49 :‬‬
‫‪46‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫حبيث ا زن هذه ا ألجزاء تكتسب قميها ودالالهتا جراء تقابل بعضها ببعض‪ ،‬فال قمية ألي جزء مبعزل عن‬
‫ابيق ا ألجزاء‪ ،‬وعليه"فا أللفاظ املفردة اليت يه أأوضاع اللغة مل توضع لتعرف معانهيا يف أأنفسها ولكن ألن‬
‫يضم بعضها اىل بعض‪ ،‬وبضمها تكون الفائدة"(‪ ،)1‬ذكل أأن التشكيل اللكي للبنية ليس رشطا حمتيا‬
‫النتاج النص‪ ،‬بل أأيضا عامل حامس للغاية لفهم املفرس للنص(‪.)2‬‬
‫ومنه يبدو النظم عند"اجلرجاين"نظرة تشكيلية تعىن ابلعالقات اخلاصة اليت تؤلف بني اللكامت‬
‫فتحصل ادلالةل‪ ،‬ذلا يرى"اجلرجاين" أأن قمية املفردات ليست يف رصفها كيفام اكن‪ ،‬وانزام يف منطها‬
‫التشكييل اذلي مينح ا أللفاظ الفائدة (دالالت خاصة)‪ ،‬ويرتتب عىل ذكل أأن الفصاحة ال تكون يف أأفراد‬
‫اللكامت‪ ،‬بل يف مض بعضها اىل بعض‪ ،‬وليس املقصود بضم بعضها اىل بعض أأن تأأيت يف النطق اثر‬
‫بعض‪ ،‬بل تعليق معانهيا بعضها ببعض(‪.)3‬‬
‫واحلال ذاته ابلنس بة لـ"سيبويه" يف كتابه"الكتاب"‪ ،‬اذ اش متل عىل بعض الظواهر النصية‪ ،‬واليت ان‬
‫لتشلك منظومة متاكمةل لنحو النص كام هو يف ادلراسات احلديثة‪ ،‬فهىي عىل ا ألقل دليل مادي‬ ‫مل ت ْرق ز‬
‫عىل أأن فكرة النص اكنت خممترة يف الفكر اللغوي العرب قدميا‪ ،‬رمغ أأن هجود العلامء وقتئذ اكن منصبة‬
‫عىل حنو امجلةل‪ ،‬ومتثلت هذه االشارات النصية يف املظاهر اللغوية من مثل احلذف اذلي اعتربه احملدثون‬
‫من أأدوات الربط النيص غري املذكورة‪ ،‬اذ يعمل عىل تقيق الامتسك والانسجام من خالل تكفل املتلقي‬
‫مبلء الفراغات البنوية لكام قام علهيا دليل يف النص‪ ،‬اذ اتفق النحاة والبالغيون عىل أأن ال حذف يف‬
‫الالكم اال بدليل يدل عليه لقرائن وعالقات مقالية وتركيبية‪ .‬وكذا احلال املؤكدة للجمةل؛ فاحلال يف عرف‬
‫يبني هيئة صاحبه أأثناء وقوع الفعل‪ ،‬وقد خيرج ملا يرى من حال اخملاطب‬ ‫النحاة هو وصف نكرة ز‬
‫وس ياق احلال هبدف التوضيح والتوكيد ولفت الانتباه بعد أأسامء االشارة والضامئر‪ ،‬الواحض أأن سيبويه‬
‫يضع يف الاعتبار طبيعة املقام احلايل وظروف اخملاطب و أأحواهل‪ ،‬ألن هذه الرتاكيب مل تأأت عىل ما‬
‫تعارف عليه النحاة من تباين هيئة صاحب احلال عند حدوث الفعل‪ ،‬فال فعل حاصل‪ .‬وقد أأشار اىل‬
‫مسائل لغوية كثرية مل يعاجلها كام عاجلها من س بقه من مثل التوابع اليت لها دور فاعل يف الامتسك النيص‬
‫وحتقيق الانسجام اىل حد بدت فيه التوابع أكهنا لكمة واحدة مع متبوعها‪ ،‬مكزنةل الصفة من املوصوف‬
‫والتأأكيد من املؤكد فال يدخلها عطف أأو ربط‪ ،‬لشدة الامزتاج بيهنام حىت يصبحا اكالمس الواحد(‪ )4‬عىل‬

‫‪ -1‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪. 539:‬‬


‫‪ -2‬فوفجانج هاينه مان وديرت فيهقجر‪ ،‬النص نوعه ومنطه‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬عالمات يف النقد‪ ،‬النادي األديب الثقايف جبدة‪ ،‬مج‪ ،13‬ع‪،51 :‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.148 :‬‬
‫‪ -3‬عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،،‬ص‪359 :‬‬
‫‪ -4‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.421 :‬‬
‫‪47‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫حد تعبري"سيبويه"‪ ،‬يقول يف (ابب جمرى النعت عىل املنعوت والرشيك عىل الرشيك والبدل عىل‬
‫املبدل منه وما أأش به ذكل)‪ .‬ومن النعت‪ :‬مررت برجل ال قامئ وال قاعد‪ُ ،‬ج زر ألنه نعت‪ ،‬أكنك قلت ‪:‬‬
‫مررت برجل قامئ‪ ،‬و أكنك حتدث من يف قلبه أأن ذاك الرجل قامئ أأو قاعد‪ ،‬فقلت ال قامئ وال قاعد‬
‫لتخرج ذكل من قلبه(‪.)1‬‬
‫مل يكن علامء العربية القداىم مبنأأى عن عامل النص وال عن الظواهر النصية‪ ،‬عرب حماوالهتم جتاوز‬
‫مس توى امجلةل املعزوةل والبحث يف اللك املفيد‪ ،‬ولعل أأقدم ما وصلنا من اشارات للنصية ما انهتى‬
‫خيص"الكتاب" بعمل النحو‪،‬‬‫اليه"سيبويه" يف كتابه" الكتاب" اذ جيمع دارسو هذا ا ألثر أأن سيبويه مل زِ‬
‫وامنا مجع عمل ا ألصوات والنحو والبالغة والقراءات وغريها من علوم عرصه اليت دارت حول فصاحة‬
‫القرأآن حىت وان ع زد الكتاب يف النحو فقط‪ ،‬فقد اكن النحو" دراسة لنظم الالكم وكشفا عن أأرسار‬
‫تأأليف الرتاكيب وبياان ملا يعرض هل من ظروف‪ ،‬وتوصال اىل ربط املعىن ابلس ياق(‪ ،)2‬علام أأنه ليس من‬
‫اليسري الوقوف عىل لك االشارات النصية يف كتب الرتاث‪ ،‬بل يف ما ذكران تأأكيد عىل أأن الرتاث اللغوي‬
‫العرب حيمل يف طياته بذور لسانيات النص من حيث يه فكرة أأو مفهوم‪.‬‬

‫‪ - 1‬املرجع نفسه‪ ،‬ج‪،1‬ص‪.429 :‬‬


‫‪ - 2‬صاحل بلعيد‪ ،‬الرتاكيب النحوية وسياقاهتا املختلفةعند اإمام عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1994 ،‬ص‪.72 :‬‬
‫‪48‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مفاهمي أأساس ية يف لسانيات النص‬ ‫ادلرس اخلامس‪:‬‬

‫متهيد‪:‬‬
‫لعل أأمه ما يعت زد به الباحث اللساين يف معرض تعامهل مع النصوص حتليال وتصنيفا‪ ،‬هو أأن ز‬
‫يتعرف‬
‫اىل مجمل املبادئ واملفاهمي اليت زمتزي جمال حبثه عن ابيق اجملاالت ا ألخرى وان اشرتكت يف موضوع‬
‫ادلراسة (النص)‪ ،‬فتوحيد املفاهمي بني املش تغلني يف احلقل املعريف الواحد من شأأنه أأن يوحد أليات‬
‫البحث والتحليل ومن مث توافق النتاجئ املتحصل علهيا‪.‬‬
‫مس ادلراسات اللسانية اثر ذكل‬ ‫ان رضورة الضبط املفهويم يه اس تجابة طبيعية للتحول اذلي ز‬
‫الانتقال من لسانيات امجلةل اىل لسانيات النص‪ ،‬بعد أأن جتاوز التحليل اللساين النيص النظرة اليت‬
‫أأطرت التحليل البنوي‪ ،‬اذلي راهن عىل اعتبار اللغة"شالك ال جوهرا" اىل الرتكزي عىل دراسة التواصل‬
‫اللغوي وكيفياته ورشوطه‪ ،‬ويكون بذكل قد أأعاد اىل"بؤرة" ادلرس اللساين ما عافته البنوية سلفا‪ ،‬حني‬
‫دعت اىل موت املؤلف‪ ،‬غري أآهبة ابلالكم كونه اجنازا فرداي‪ ،‬ال تصلح نتاجئ دراس ته للتعممي‪ ،‬يف حني‬
‫ركززت اللسانيات النصية عىل عنارص العملية االبداعية (املبدع‪ ،‬النص‪ ،‬القارئ) وما حييط هبا من‬
‫ظروف ومالبسات سواء غداة االنتاج أأو التلقي‪ ،‬و أأبرزت دور املتلقي يف بث ادلينامية يف النصوص‬
‫من خالل البناء واعادة الانتاج والفهم‪ ،‬حبيث يكون املؤلف هو املنتج ا ألول والقارئ هو املنتج‬
‫الثاين(‪.)1‬‬
‫تتناول كثري من العلوم االنسانية (عمل ا ألدب البالغة‪ ،‬عمل النفس‪ ،‬عمل الاجامتع‪ ،‬عمل التارخي‪،)...‬‬
‫النص اللغوي مادة دراس هتا‪ ،‬اال أأن هذا الاشرتاك ال يعين ابلرضورة تطابق نتاجئ أأحباهثا‪ ،‬وما ذاك اال‬
‫الختالف مناجه ادلراسة وتباين وهجات النظر اىل مادة ادلرس انطالقا مما متليه ا ألسس النظرية‬
‫ومرتكزات لك نشاط اليت تشلك مفاهميه)‪.(‬‬
‫طور اذلي حدث يف العقدين ا ألخريين‬ ‫شلك النزص الل ز ز‬
‫غوي مادزة اش تغال هذه العلوم‪ ،‬اال أأن ال زت ز‬ ‫لنئ ز‬‫ز‬
‫من القرن املايض هو اذلي أأدزى اىل أأن تصبح مشالكت التزحليل النزيص و أأهدافه ز‬
‫املوزعة عىل تكل‬
‫العلوم اخملتلفة وعلوم أأخرى‪ ،‬موضوعا دلراسة متاكمةل جديدة مشرتكة بني تكل العلوم حبيث زكرست‬
‫وبعمق ما يس زم تضافر الاختصاصات‪ ،‬أأو التداخل املعريف ‪ ،Interdisciplinaire‬هذه ادلز راسة يه‬

‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.162:‬‬


‫الصفات واخلصائص اليت حت ِّّدد املوضوعات اليت ينطبق عليها اللفظ ً‬ ‫ِّ‬
‫حتديدا يكفي لتمييزها عن املوضوعات األخرى؛‬ ‫‪‬‬
‫) واملفهوم يف معناه العام هو جمموع ّ‬
‫مثال ‪ -‬هو أنَّه حيوان انطق‪ ،‬وماصدقاته هم‪ :‬أمحد وحممد‪ ،‬وسائر أفراد الناس" – ينظر‪ :‬إبراهيم البيوين وآخرون‪ ،‬بناء‬
‫فمفهوم اإلنسان ابملعىن األرسطي ‪ً -‬‬
‫املفاهيم'دراسة معرفية ومناذج تطبيقية' املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ج‪ ،1‬ص‪.31 :‬‬
‫‪49‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اللزسان زيات النز زصية (‪ ،)1( )Linguistique textuelle‬اليت يه سليةل التطور اذلي حدث يف كثري من‬
‫املفاهمي النقدية واللسانية املعمتدة يف التعامل مع اخلطاابت عىل اختالف أأشاكلها وخباصة ما تعلق مهنا‬
‫بتحليل النصوص ا ألدبية‪.‬‬
‫مجع هذا التيار العلمي اجلديد املناجه النقدية وجعلها تتقاطع يف ما بيهنا للكشف عن نصية العمل‬
‫ا ألدب ألنه يف الهناية نص لغوي‪ ...‬وفهم لغته يف لكيته خطوة أأساس ية حنو تقيميه جامليا أأو ابراز قميته‬
‫امجلالية(‪ ،)2‬من خالل التعامل معه من حيث هو لك متاكمل ال يقبل التجزئة‪ ،‬اذ"يس هتدف التحليل‬
‫اللغوي النيص أأن جيعل البنية‪ ،‬أأي البناء النحوي واملوضوعي‪ ،‬وكذكل الوظيفة االتصالية لنصوص‬
‫حمددة‪ ،‬شفاف ًة‪ ،‬و أأن يعرضها عىل حنو ميكن التحقق منه‪ ،‬وميكنه من خالل ذكل أأن يوفر نظرات معيقة‬
‫يف الامتسك القاعدي لبناء النص (تكوين النص)‪ ،‬وفهمه (تلقيه)‪ ،‬ويسهم كذكل يف فهم الكفاءة النصية‬
‫اخلاصة‪ ،‬أأي تمنية القدرة عىل فهم نصوص غري معروفة وانتاج نصوص مناس بة(‪ ،)3‬متجاوزا بذكل احلد‬
‫الالكس ييك اذلي وضعه البنويون واذلي قوامه وصف مس توى لساين حمدد دون التطرق اىل عالقة‬
‫التضام اليت تربطه بسائر املس توايت اللسانية ا ألخرى‪ ،‬جاعال من النص موضوعه الرشعي والوحيد‪،‬‬
‫منطلقا من رؤية مشولية تزنه النص عن أأن يكون جمرد تتابع من امجلل اليت تدرس مبعزل عن بنيته‬
‫اللكية‪ .‬فصار لهذا التوجه اللساين اجلديد مالمح نقدية متيزيية متثلت يف رصد الروابط النصية من هجة‬
‫وتأأكيد رضورة املزج بني املس توايت اللغوية اخملتلفة من هجة أأخرى‪ ،‬لتتدرج ادلراسة حىت تصل اىل‬
‫الاتساق اذلي يتبدى من خالل النظرة اللكية للنص دون الفصل بني أأجزائه‪ ،‬ألن املعىن اللكي للنص‬
‫يتأأىت من خالل التعامل معه بوصفه بنية كربى‪ ،‬وعليه فالنص يف اطار هذا التصور بنية أأو تشكيل أأو‬
‫تكوين ينتج معناه من خالل حركة جدلية أأو تفاعل مس متر بني أأجزائه‪ ،‬ومن مث ال يتحمت حبث الرتابط‬
‫الرتكييب بني مكوانته حفسب‪ ،‬بل البد ان ننفذ منه اىل الكشف عن أأوجه الانسجام ادلاخيل بني‬
‫دالالته اجلزئية وابراز مظاهر التساوق بني مضامينه اجلزئية أأو ايضاح أأوجه التعالق بني أأبنيته الصغرى‬
‫و أأشاكل الامتسك بني أأبنيته الكربى‪ ،‬ابعتباره بنية لكية متالمحة ا ألجزاء(‪.)4‬‬
‫يتضح من هذا التحديد أأن النص ال ينحرص يف مجمل املكوانت اللغوية كونه بنية لغوية بقدر فقط ما‬
‫هو بنية غري لغوية عرب الوقائع غري اللغوية املرافقة للحدث اللساين‪.‬‬
‫‪ -1‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬الشركة املصرية العاملية للنشر لوجنمان‪ ،‬ط‪ 1996 ،‬ص‪318‬و‪.319‬‬
‫‪ -2‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬املقدمة‪ ،‬ص‪ :‬د‪.‬‬
‫‪ -3‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬مؤسسة املختار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،2010 ،2‬‬
‫ص‪.21 :‬‬
‫‪ - 4‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬اجتاهات لغوية معاصرة يف حتليل النص‪ ،‬جملة عالمات يف النقد‪ ،‬النادي األديب الثقايف‪ ،‬جدة‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العدد‪،2000 ،38 :‬‬
‫ص‪.168 ،167 :‬‬
‫‪50‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لسانيات النص اذ ْن‪ ،‬يه أأحدث فروع اللسانيات تعىن بدراسة النص من حيث حدُّه وابراز ممزياته‬
‫ومتاسكه واتساقه والبحث عن حمتواه االبالغي التواصيل‪...‬حيث حتتل مسأأةل النصـية (‪)Textualité‬‬
‫ماكان مرمـوقا يف البحث اللساين‪ ،‬ألهنا جتري عىل تـحديد الكيفيات اليت ينسـجم هبا النص (‪)Texte‬‬
‫وتكشـف عن ا ألبنية اللغوية وكيفية متاسكها وجتاورها‪ ،‬من حيث يه وحدات لسانية؛ تتحمك فهيا قواعد‬
‫انتاج متتاليات مبنينة(‪ ،)1‬كام تبحث أأيضا يف الكيفيات اخلاصة يف التعامل مع ا ألداة العامة (اللغة)‪،‬‬
‫متوسال هبا‬ ‫ذلكل مجع هذا التوجه اجلديد خمتلف مناجه ادلز راسات النزصية ووضعها يف قالب واحد‪ ،‬ز‬
‫تفكيك وحتليل النزصوص بصورة مشول زية‪ ،‬من حيث مس توايهتا‪ :‬النزحوية واملعجم زية وادلز الل زية والتزداول زية‪،‬‬
‫متجاوزا بذكل ما اكن سائدا من تقديس للجمةل وقواعدها عند البنويني‪.‬‬
‫تأأسست املفاهمي النصية انطالقا من جوانب دراسة اللغة؛ اذ نظر اىل اللغة من جانيب ادلرس‬
‫والاس تعامل‪ ،‬فأأما ادلرس فقد سع اىل الكشف عن تكوين لك لغة بواسطة النظر اىل عنارصها عىل‬
‫مس توى امجلةل وما دوهنانظرا حتليليا يعمتد عىل التبويب والتصنيف والتأأصيل‪ .‬واكن البد لهذا الاجتاه‬
‫التأأصييل أأن يعمتد عىل جتريد املفاهمي وافرتاضها عند عدم وجود ما يقابلها يف الاس تعامل(‪ ،)2‬ألن دواعي‬
‫الالزتام ابملعيار اللغوي حتمل ادلارس اللغوي عىل أأن خيضع الواقع اللغوي اىل مقتضيات املعيار‪ ،‬وان‬
‫تلمس اىل المتحل والتلكف يف ذكل سبيال‪،‬حىت قيل قدميا‪ :‬أأهوى من جحة حنوي‪ ،‬أكن يقدر العامل يف‬
‫الاش تغال عىل الافرتاض ال عىل الواقع النطقي‪ ،‬وهو ما يدعو اىل وصف هذا النظام اللغوي بأأن زه نظام‬
‫افرتاضييقيض بأأمور يفرضها عىل تفسري الاس تعامل(‪ ،)3‬و أأمثةل ذكل كثرية يف الرتاث اللغوي العربمين‬
‫خالل النصوص الأكرث تأأثريا عىل القراء والسامعني؛ كقوهل تعاىل‪﴿:‬ا ىن هذ ِان لسا ِحر ِان﴾طه‪﴿،63‬ا ىن ا ِذلين‬
‫الصا ِب ُئون والنىصارى﴾البقرة‪﴿،62‬وقالتا أآتيْنا طائِ ِعني﴾فصلت‪ ،11‬وقوهل ‪":‬ال ىن ق ْعر هجَّنى‬ ‫أآمنُوا وا ِذلين ها ُدوا و ى‬
‫س ْب ِعني خ ِريفا"‪"،‬م ْن صام رمضان ُ ىمث َأتْبع ُه ِس ًتا ِم ْن ش ىوال"‪،‬وقول العرب‪ُ ":‬م ْكر ٌه َأخاك ال بط ٌل"‪ ،‬وقول‬
‫امرئ القيس‪:‬‬
‫أكن ثبري ًا يف عرانني و ِ ِبهل ‪ُ ...‬‬
‫كبري أأانس يف ِجباد ُمز ىم ِل‬
‫وحمك نظام اللغة يف ذكل أأن يقال‪" :‬هذين‪ ،‬الصابئني‪ ،‬طائعتني‪ ،‬س بعون‪ ،‬أأخوك‪ ،‬مز زم ٌل"‪ ،‬هذا هو‬
‫معىن افرتاضية النظام وقيامه عىل أأساس من التجريد والتصنيف والتقعيد للحمك عىل الاس تعامل(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬أأمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص حنو مهنج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬اربد ‪ -‬ا ألردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪.3‬‬
‫‪ - 2‬روبري دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.3 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.3 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.3 :‬‬
‫‪51‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأما اجلانب الثاين للنشاط اللغوي وهو الاس تعامل‪ ،‬فهل مرتكزاته ال تتفق دامئا مع املعايري الافرتاضية ‪...‬‬
‫فللمتلكم من ا ألغراض ما ال يتقف أأحياان مع احملافظة عىل القاعدة‪ ،‬تكل يه ا ألغراض اليت تدعو‬
‫للخروج من احلقيقة اىل اجملاز ومن املطابقة اىل الرتخص يف معايري االجراء بوسائل اكلنقل واحلذف‬
‫والزايدة وخمالفة القاعدة والتعويل عىل ادلالالت الصوتية والعقلية والتقدمي والتأأخري واالمياءات اجلسدية‬
‫والتعويل عىل دالةل املوقفأأثناء االتصال وعىل القرائن التارخيية واجلغرافية‪ ،‬وغريها مما خيرج عن جمال‬
‫دراسة القواعد النحوية(‪.)1‬‬
‫تبدو مفاهمي التحليل اللساين النيص أأكرث وضوحا ابملوازنة مع النحو الافرتايض اذلي يركز توهجه عىل‬
‫التحليل بغرض الوصف‪ ،‬يف حني يسع التحليل النيص يف دراسة الاس تعامل اىل الرتكيب بغرض‬
‫الوقوف عىل ما يتحقق من دالالت مصاحبة لعملية التواصل قد تعجز الاس تعامالت اللغوية عىل‬
‫استيفاهئا منفردة‪ .‬ذكل" أأن االتصال ال يمت بوصف الوحدات الصغرى صوتية ورصفية وال بعرض‬
‫العالقات النحوية‪ ،‬وامنا يمت ابس تعامل اللغة يف موقف أأدايئ حقيقي(‪ ،)2‬مث ان هممة لسانيات النص‪ /‬عمل‬
‫لغة النص يه"وصف الرشوط والقواعد العامة لتكوين نص‪ ،‬اليت تعد أأساس النصوص الفعلية‪ ،‬وصفا‬
‫منظام؛ و أأن يوحض أأمهيهتا لتلقي النص‪ ،‬وهو يف ذكل ال يفرق بني وظيفة النص وبنيته(‪.)3‬‬
‫ومبوجب ضبط املفاهمي ميكن المتيزي بني حدود ما هو نص وما هو خطاب وبني عاملهيام‪ ،‬اذ ان الصفة‬
‫املمزية للنص يه اس تعامهل يف االتصال‪ ،‬و أأن اخلطاب مجموعة من النصوص ذات العالقات املشرتكة‪ ،‬أأي‬
‫أأنه تتابع مرتابط من صور الاس تعامل النيص ميكن الرجوع اليه يف وقت الحق‪ .‬واذا اكن عامل النص هو‬
‫املوازي املعريف للمعلومات املنقوةل واملنشطة بعد الاخزتان يف اذلاكرة من خالل اس تعامل النص‪ ،‬فا زن‬
‫عامل اخلطاب هو مجةل أأحداث اخلطاب ذات العالقات املشرتكة يف جامعة لغوية أأو جممتع ما(‪ ،)4‬وقد قدزم‬
‫علامء اللغة عدة تعريفات ملفهوم النص‪ ،‬ميكن تقس ميها اىل قسمني‪ :‬ا ألول يصف املكوانت اللغوية للنص‪،‬‬
‫وكيفية تنظميها مما يشلك نصا مامتساك‪ /‬من هذه التعريفات أأن النص"وحدة داللية ترتبط أأجزاؤها معا‬
‫بواسطة أأدوات ربط رصحية" أأو هو وحدة لغوية داللية تنتج عن مجموعة من امجلل ترتبط فامي بيهنا من‬
‫خالل وسائل اخلطال‪ ،‬بعضها حنوية‪ ،‬وبعضها داللية‪ ،‬و أأخرى منطقية" أأو"هو تتابع من امجلل املرتابطة‪.‬‬
‫التعريف الثاين يرتكز عىل النصباعتباره حداث تواصليا أأو تفاعال لغواي يش متل عىل ثالثة أأبعاد رئيس ية‬

‫‪ - 1‬روبري دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.4 :‬‬


‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ - 3‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ - 4‬روبري دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪52‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يه‪ :‬كيفية اس تخدام اللغة‪ ،‬ومعلية انتاج النص‪ ،‬والتفاعل يف الس ياقات الاجامتعية(‪.)1‬‬
‫وما ميكن أأن ننهتىي اليه يف حديثنا عن املفاهمي ا ألساس ية للسانيات النص‪ ،‬هو‪ :‬عىل الرمغ مما يمكن‬
‫خلف هذا النشاط املعريف من اجتاهات لغوية نصية كثرية ذات تصورات متباينة‪ ،‬اال أأهنا تتفق مجيعا‬
‫يف املفهوم القائل ان أأعىل وحدة خمتصة للتحليل اللغوي ليست امجلةل بل النص‪.‬‬

‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص‪ :‬ط‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫النص وتعريفاته‬ ‫ادلرس السادس‪:‬‬


‫متهيد‪:‬‬
‫يبدو النص يف شلكه املادي أأقرب ش هبا ابملكعب ذي ا ألسطح املتجاورة اترة واملتقابةل اترة اثنية‪،‬‬
‫وعليه‪ ،‬فا زن ما يتبدى من مظاهر نصية لهذا الباحث ال يتبدى ابلشلك ذاته ملن سواه من ادلارسني‪،‬‬
‫وهو ما يؤجج اماكنية تعدد الرؤى واختالف املفاهمي بني املش تغلني يف احلقل الواحد اىل درجة تباين‬
‫التعريفات للنشاط الواحد‪ ،‬ان عىل مس توى الضبط املفهويم أأو عىل مس توى حتديد الوظائف أأو ما‬
‫سواها من احلدود المتزيية بني ا ألنشطة‪ .‬ذلا تعددت تعريفات مصطلح النص‪ ،‬فقد وجدها "سعيد‬
‫حسن حبريي" كثرية‪ ،‬بدا هل حيهنا أأن حظ هذا املصطلح مل يكن" أأسعد حاال من مصطلح امجلةل‪ ،‬فمثة‬
‫اختالف شديد بني هذه الاجتاهات يف تعريف النص اىل حد التناقض أأحياان واالهبام أأحياان أأخرى"(‪.)1‬‬
‫ان جمال اش تغال اللسانيات النصية هو دراسة النصوص وحتليلها‪ ،‬حيث "يرتكز عىل النصوص يف‬
‫ذاهتا؛ أأشاكلها‪ ،‬وقواعدها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬وتأأثرياهتا املتباينة"(‪ ،)2‬ذلا ع زد النص بؤرة اهامتم الباحثني يف هذا‬
‫امليدان‪ ،‬لكن هذا ال مينعنا من عرض بعض التزعريفات ومناقش هتا‪:‬‬
‫مصطلح النص يف املعجم العرب‪:‬‬
‫تعددت دالالت لفظ (نص)‪ ،‬واكتسبت أأبعاد حس ية يف الغالب‪ -‬طاملا أأن أأصل اللغة حيس‪ -‬فقد‬
‫جاء يف كتاب العني للخليل بن أأمحد الفراهيد(ت‪ 175‬هـ) ما نصه‪ " :‬نصصت احلديث اىل فالن نصا‪،‬‬
‫أأي رفعته‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فان الوثِيقة ِيف ن ِص ِه (‪)3‬‬ ‫ون ُ زِص احل ِديث اىل َأ ْه ِ ِهل‬
‫ز‬ ‫ى‬
‫‪ 711‬هـ) "هو ر ِ‬ ‫ِ‬
‫لك ما أأظهر‬‫ينصه زنصا‪ :‬رفعه‪ ،‬و ز‬ ‫اليشء‪ ،‬زنص احلديث ز‬ ‫فعك ز‬ ‫والنزص عند ابن منظور (ت‬
‫فقد زنص‪ ،‬وقال معرو بن دينار‪ :‬ما ر أأيت رجال أأ زنص للحديث من زالزهري‪ ،‬أأي أأرفع هل وأأس ند‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫زنص احلديث اىل فالن أأي رفعه‪ ،‬وكذكل نصصته اليه‪ ،‬و زنصت ا زلظبية جيدها‪ :‬رفعته ")‪ ،(4‬فهذه املعاين‬
‫اليشء أأو أأقصاها)‪.(5‬‬ ‫مكوانت ز‬‫لكزها تعود اىل جامع واحد هو"الارتفاع" وهو أأظهر ز‬
‫ميكن أأن جنمل ما انهتى اليه التطور ادلاليل لهذه املادة فامي ييل‪:‬‬

‫‪ -1‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات ص‪101 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪100 :‬‬
‫‪ -3‬اخلليل ابن أمحد الفراهيدي (أبو عبد الرمحن ت‪ 175‬هـ)‪ ،‬كتاب العني‪ ،‬تقيق حممد املخزومي‪ ،‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫(دط)‪( ،‬دت)‪ ،‬ابب‪ :‬الصاد والنون‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪86 :‬‬
‫‪ -4‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر بريوت‪( ،‬ط‪ ،)3‬اجمللد ‪( ، 07‬مادة نصص)‪ ،1994 ،‬ص‪. 97 :‬‬
‫‪-5‬األزهر الزاند‪ ،‬نسيج النص "حبث فيما يكون به امللفوظ نصا"‪ ،‬ص‪. 12 :‬‬
‫‪54‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .1‬االظهار‪ :‬جاء يف لسان العرب‪ ":‬ولك ما أأظهر فقد زنص‪ ...‬ووضع عىل املنصة‪ ،‬أأي عىل غاية الفضيحة‬
‫والشهرة والظهور‪ ،‬واملنصة ما تظهر عليه العروس لرتى‪ ،‬ولك يشء أأظهرته فقد نصصته(‪ ،)1‬قال امرؤ‬
‫القيس[الطويل]‪:‬‬
‫و ِجيد كجِ ي ِد ال ز ِر ِمي ليْس بِفا ِحش ِاذا ِ ى‬
‫يه ن ىص ْت ُه وال ِب ُمع ىط ِل‬
‫ن ىص ْت ُه ‪ :‬أأي أأظهرته‪.‬‬
‫النص‪ :‬التوقيف‪ ،‬والنص التعيني عىل يشء ما‪...‬و زنص الرجل‬ ‫‪ .2‬التعيني والتحديد‪ :‬جاء يف اللسان‪ ":‬و ز‬
‫لك يشء منهتاه(‪.)2‬‬ ‫زنصا‪ ،‬اذا سأأهل عن يشء حىت يس تقيص ما عنده‪ ،‬و ُّنص ز‬
‫بفعل التطور ادلاليل‪ ،‬اكتسبت اللكمة ادلالةل اجملازية‪ ،‬حيث أأصبح لفظ "نص" دالا عىل صيغة‬
‫الالكم ا ألصلية اليت وردت من املؤلف(‪.)3‬‬
‫مصطلح النص يف لسانيات النص‪:‬‬
‫أأكرث ما يواجه لسانيات النص من تعقيدات‪ ،‬هو تعدد التعريفات ملصطلح النص‪ ،‬حبيث يتعذر وجود‬
‫مفهوم جامع مانع يؤلف بني الباحثني‪ ،‬وهو ما شلك عقبة أكداء أأمام أأهل هذا الاختصاص‪" ،‬اذ ال‬
‫توجد مصاعب تواجه علام من العلوم مثلام يه احلال ابلنس بة اىل عمل لغة النص‪ ،‬حيث ان زه حىت الآن‬
‫وبعد ما يربو عىل ثالثة عقود عىل نشأأته الفعلية مل يتحدد بدرجة اكفية‪ ،‬بل ان زه مسم الجتاهات‬
‫وتصورات غاية يف التباين وفروع علمية غاية يف الاختالف" (‪.)4‬‬
‫وهذه مجموعة من التعريفات اليت أأسدى هبا بعض علامء النص‪:‬‬
‫عند الغربيني‪:‬‬
‫ر أأى "فان ديك" )‪ " (Van Dijk‬أأ زن أأي حتديد للنزص يقتيض نظريزة أأدب زية‪ ،‬وهذا مل حيدث االز يف‬
‫س نوات ا زلس تزينات وا زلس بعينات‪ ...‬فقد حاول يف كتابه "بعض أأحناء النز زص" السعي اىل اقامة تصور‬
‫متاكمل حول النص منذ ‪ 1972‬وظل عىل هذا املبد أأ يف كتابه "النص والس ياق" اذلي أأصدره س نة‬
‫‪ 1977‬حيث أأخذ بعني الاعتبار لك ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية ‪ ...‬أأثناء دراسة أأي نص من‬
‫النصوص اللغوية )‪.(5‬‬
‫وعىل الهنج ذاته سار"هاليداي ورقية حسن" ( ‪ )M.Halliday  R. Hassan‬يف تعريفهام للنص حني‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬امج ‪( ، 07‬مادة نصص)‪ ،‬ص‪.97 :‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.98:‬‬
‫‪ -3‬جممع اللغة العربية ابلقاهرة‪،‬ااملعجم الوجيز‪ ،‬هليئة العامة لشؤون املطابع األمريية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ 1991 :‬ص‪.619 :‬‬
‫‪ -4‬سعيد حسن حبريي ‪،‬علم لغة النص "املفاهيم واالجتاهات " ص‪.115:‬‬
‫‪ -5‬سعيد يقطني‪ ،‬انفتاح النص الروائي (النص والسياق)‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء املغرب‪( ،‬ط‪ ،2001 ،)2‬ص‪14 :‬و‪.15‬‬
‫‪55‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأعدز اه"وحدة يف طور الاس تعامل"(‪ .)1‬يبدو من خالل هذا التعريف الرتكزي عىل معياري الوحدة‬
‫والانسجام واحضا من خــالل االشارة اىل كون النص وحــدة داللية وليست امجلـل اال الوسيــــةل اليت‬
‫يتحقق هبا النص(‪ .)2‬فالنص عندهام ليس وحدة حنوية مثل امجلةل وليس مجموعة متتالية من امجلل‪ ،‬بل‬
‫هو وحدة داللية‪ ،‬أأي وحدة معىن‪.‬‬
‫يركز هاليدي حبمك انامتئه اىل اجتاه لساين يعرف ابلوظيفية عىل أأن ادلالةل ال تقف عند حد التحليل‬
‫اللساين مبعناه التواصيل‪ ،‬اهنا تتجاوز ذكل اىل اعتبار الوظائف معلية أأوىل وسابقة(‪ ،)3‬يتحدد مبوجهبا‬
‫شلك النص‪ ،‬حيث ان"النص شلك لساين للتفاعل الاجامتعي‪ ...‬وملا اكن النص ال يتحقق اال يف س ياق‬
‫مقام معني‪...‬فانه يتشلك من خالل ثالثة عنارص متغرية يه‪ :‬اجملال والعالقة واملنح ‪ ...‬ويقوم هاليدي‬
‫بربط لك وظيفة بلك عنرص عىل الشلك التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬الوظيفة التجريبية‪ :‬اجملال؛ ويقصد به اختاذ النص وظيفته ادلاللية من خالل الهدف اذلي يريم املتلكم‬
‫اىل تبليغه‬
‫‪ .2‬الوظيفة التواصلية‪ :‬العالقة؛ العالقات القامئة بني املتلكم‪ /‬السامع‪.‬‬
‫‪ .3‬الوظيفة النصية‪:‬املنح ؛ يريم من خالهل اىل االشارة اىل ا ألداة الرمزية‪ ،‬والقنوات البالغبة املس تعمةل‬
‫للتواصل‪)4(.‬‬

‫يبدو أأن هاليداي ورقية حسن قد ركزا عىل جانيب الوحدة والانسجام من خالل االشارة اىل كون‬
‫النص وحدة داللية(‪ )5‬حتددها الوظائف اليت تعد معلية أأوىل وسابقة‪ ،‬يقوالن يف هذا الصدد‪" :‬حنن‬
‫نس تطيع حتديد النص‪ ،‬بطريقة مبسطة ابلقول ان زه اللغة الوظيفية‪ ،‬ونعين ابلوظيفية اللغة اليت تفعل أأو‬
‫تؤدي بعض الوظائف يف بعض الس ياقات(‪ ،)6‬وابلتايل فان أأي حدث لغوي يس تويف هذه الوظائف وهل‬
‫بنية داللية منسجمة مع مقام معني‪ ،‬فهو يشلك نصا‪ ،‬ومن مث فالنص هو الكيفيات اللغوية اليت تس تويف‬
‫لكيات داللية وفق انسجام عنارص بنيته اللكية‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد عزام‪ ،‬النص الغائب‪ ،‬جتليات التناص يف الشعر العريب‪ ،‬منشورات احناد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪ ،2001 ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ -2‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ -3‬سعيد يقطني‪ ،‬انفتاح النص الروائي (النص والسياق)‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ -6‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.30 :‬‬
‫‪56‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأ زما تعريف "جوليا كريستيفا" )‪ (Julia Kristeva‬فقد اكن أأكرث معقا)‪ ،(1‬العتقادها أأن ما س بق من‬
‫تعريفات اكنت تركز عىل مس توى واحد من النص هو بنيته السطحية (الشلكية) ألهنا ترى" أأن النص‬
‫أأكرث من جمرد خطاب أأو قول؛ اذ انه موضوع لعديد من املامرسات الس مييولوجية اليت يعتد هبا عىل‬
‫أأساس ظاهرة عربلغوية مبعىن اهنا مكونة بفعل اللغة(‪ ،)2‬حيث ترى أأ زن النص"هجاز عرب لساين يعيد‬
‫توزيع نظام اللسان(‪ )Langue‬عن طريق ربطه ابلالكم (‪ )Parole‬التواصيل‪ ،‬راميا بذكل اىل االخبار‬
‫السابقة واملعارصة)‪ ،(3‬من هذا ال زتعريف حيدزد النزص من حيث هو‬ ‫املبارش مع خمتلف أأمناط امللفوظات ز‬
‫انتاجيزة ‪ Productivité‬حني تكون عالقته ابللسان اذلي حيصل فيه عالقة توزيع أأي عالقة بناء وهدم‪،‬‬
‫كام يظهره من حيث هو تبادل نصوص أأي تناص اذ جند يف فضاء النص عدة ملفوظات مأأخوذة من‬
‫نصوص أأخرى غري النزص ا ألصيل)‪ .(4‬الواحض أأ زن هذا التعريف ال يأأبه ابملظهر السطحي للنص بقدر ما‬
‫يربز ما يف النص من ش باكت متعالقة‪ ،‬فهىي ترى أأن النص أأكرث من جمرد خطاب أأو قول‪ ،‬اذ ان زه‬
‫موضوع لعديد من املامرسات الس مييولوجية اليت يعتد هبا عىل أأساس أأهنا ظاهرة عرب لغوية(‪.)5‬‬
‫تصور "روالن ابرت"(‪ )Roland .Bartheses‬للنزص(‪ ،(6‬فقد تبلور يف معل قدزمه عام ‪1971‬‬ ‫أأ زما ز‬
‫يك ‪Déconstruire‬‬ ‫بعنوان"من العمل اىل النزص" وقدزم فيه نظريزة مركززة عن طبيعة النزص من مفهوم تفكي ز‬
‫متحوةل متارس‬‫ابدلز رجة ا ألوىل حيث يقول‪..." :‬ا زن مقوةل النزص تشري اىل نشاط وانتاج‪...‬ا زن النزص زقوة ز‬
‫التزأأجيل ادلز امئ‪ ،‬ان زه الهنا زيئ وال مغلق‪ ...‬ان زه عبارة عن استشهادات ال توضع بني أأقواس بل تبق‬
‫جمهوةل‪...‬وهو مجموعة من الاقتباسات اجملهوةل واملقروءة والاستشهادات ال زالشعورية والاس تنساخيزة‬
‫املأأخوذة من لغات وثقافات عديدة‪ ،‬ويه اليت تضمن انتاجيزته وممارس ته ادلز اةل عىل نس يجه املتشابك‪...‬‬
‫صور‬ ‫وهو كذكل مفتوح ينتجه القارئ أأثناء معلية القراءة لتكل ا ألبنيزة اللغويزة‪ ،(7)...‬وعىل ضوء هذا التز ز‬
‫الصدق‬ ‫يعرف النزص بأأن زه "النزس يج وبيت العنكبوت" حيث جنده غري أآبه بثنائ زية الكذب و ز‬ ‫وهذه ا ألفاكر ز‬
‫الس ياق عىل اللزغة‪ ،‬هذا املعىن ال ي زمت ادراكه االز من خالل النزص‬ ‫بل اكن زمهه هو املعىن اذلي يفرضه ز‬

‫‪ -1‬يعد تعريف الباحثة اللغوية البلغارية جوليا كريستيفا من بني التعريفات اليت اهتم هبا الدارسون‪ ،‬ألن ه يطعن يف كفاية النظر إىل السطح اللغوي ويربز ما يف‬
‫النص من شبكات متعالقة حيث جتعله أكثر من جمرد خطاب أو قول ألنه موضوع العديد من املمارسات السيميوطيقية اليت يعتد هبا على أساس أهنا ظاهرة‬
‫عرب لسانية‪ ،‬مبعىن أهنا مكونة بفضل اللغة لكنها غري قابلة لالحنصار يف مقوالهتا ‪ - .‬ينظر صالح فضل ‪،‬بالغة اخلطاب وعلم النص ‪،‬ص‪ 294 :‬و‪. 295‬‬
‫‪ -2‬سعيد حسن حبريي ‪،‬علم لغة النص "املفاهيم واالجتاهات " ص‪.112:‬‬
‫‪ -3‬سعيد يقطني‪ ،‬انفتاح النص الروائي (النص والسياق)‪ ،‬ص‪. 19 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 19 :‬و ‪. 20‬‬
‫‪ -5‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪294 :‬‬
‫‪ -6‬مل خيرج تصور روالن ابرت للنص عن اخلطوط العريضة اليت وضعتها البلغارية جوليا كريستيفا خاصة إنتاجية النص وانفتاحه وفكرة التناص‪.‬‬
‫‪ -7‬عمر أوَكان‪ ،‬لذة النص أو مغامرة الكتابة لدى ابرت‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪( ،‬دط) ‪ ،1996‬ص‪30‬و‪.31‬‬
‫‪57‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الص زياغات وادلز وال‪ ،‬العالقات والوظائف‪ ،‬وتمتوقع ا زذلات وتنح زل‬‫واب زذلات يف زنصيته‪ :‬تشابك الشز فرات‪ ،‬ز‬
‫مثل عنكبوت هتكل يف خيوطها)‪ ،(1‬فنجده يش زبه الاكتب أأو النزاص ابلعنكبوت وبنية النزص بيهتا‬
‫ونس يجها‪ .‬ومن هنا فان النص عند لك من روالن ابرت وجوليا كريستيفا هو معلية جتس يد لنظام اللغة‪،‬‬
‫ذكل أأن املعىن ا ألدب ال تتحقق ملموسيته خارج اطار هذا النظام(‪.)2‬‬
‫يتضح أأن النص عند "ابرت" معلية انتاجية‪ ،‬وبذكل فانه ميارس معلية التأأجيل ادلامئ‪ ،‬فهو ليس‬
‫مغلقا‪ ،‬انه ال هنايئ‪ ،‬كام أأشار اىل دور القارئ اذلي ال يقل أأمهية عن دور املبدع‪ .‬فالقارئ يف (جامليات‬
‫التلقي) قوة مس يطرة متنح النص احلياة‪ ،‬وتعيد ابداعه من جديد‪ ،‬وهبذا تصبح القراءة معلية انتاجية‪ ،‬ال‬
‫جمرد معلية تلق واس هتالك حفسب(‪.)3‬‬
‫أأ زما الباحث الس مييولويج الرويس"لومتان"(‪ )Lotman‬فمل ترقه تكل التعريفات القصرية‪ ،‬فصدر يف‬
‫تعريفه للنص من منطلق أأكرث مشولية واتساعا‪ ،‬حني قيده خبصائص ال يصري من دوهنا نصا‪ ،‬فريى أأن‬
‫حتديد النص يعمتد عىل املكوانت التالية)‪:(4‬‬
‫‪ .1‬التزعبري‪ :‬فالنص يمتثل يف عالقات حمددة‪ ،‬ختتلف عن ا ألبنية القامئة خارجه والتعبري همام اكن نوعه هو‬
‫اذلي يفرض علينا أأن نعترب النص تقيقا وجتس يدا ماداي هل‪.‬‬
‫‪ .2‬التحديد‪ :‬ان لك نص همام اكن نوعه (قصيدة أأو قصة أأو وثيقة‪ )...‬حيتوي عىل دالةل غري قابةل للتجزئة‬
‫وهذا يعين أأنه حيقق وظيفة معينة وينقل دالالهتا الاكمةل‪ ،‬والقارئ يعرف هذه ا ألنواع من النصوص‬
‫مبجموعة من السامت‪ ،‬ولهذا السبب فان نقل مسة ما اىل نص أآخر هو وس يةل جوهرية لتكوين دالالت‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ .3‬اخلاصية البنوية‪ :‬ان النص ليس جمرد متوالية(‪ )séquence‬من مجموعة عالمات تقع بني حدين فاصلني‪،‬‬
‫لنص ما يشء واجب‪ ،‬ذلكل اكنت البنية رشطا أأساس زيا‬ ‫فالتنظمي ادلاخيل اذلي ز‬
‫يودل البنية املو زحدة ز‬
‫لتكوين النزصوص‪.‬‬
‫أأ زما"روبرت أالن دي بوجراند" (‪ )Alain Robert de beaugrand‬و"ولفجاجن أألرخ درسلر" (‪Wolfgang‬‬

‫اصيل(‪ )Occurrence communicative‬يلزم لكونه زنصا‬ ‫النص بأأن زه"حدث تو ز‬ ‫‪ )Ulrich dreasslar‬فقد زعرفا ز‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص‪. 31 :‬‬


‫‪ -2‬عبد الناصر حسن حممد‪ ،‬نظرية التواصل وقراءة النص األديب‪ ،‬املكتب املصري لتوزيع املطبوعات‪ ،‬مصر‪ ،1999 ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ -3‬حممد عزام‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬النص املفتوح يف املناهج النقدية‪ ،‬جملة أدبية شهرية‪ ،‬يصدرها إحتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬العدد‪ ،2004 ،398 :‬ص‪.52:‬‬
‫‪ -4‬ينظر‪ :‬صالح فضل بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪300‬و‪. 301‬‬
‫‪58‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأن تتوفزر هل س بعة معايري)‪ (1‬للنز زصية جممتعة‪ ،‬ويزول عنه هذا الوصف اذا ختلزف واحد من هذه‬
‫املعايري")‪ ،(2‬وهذه املعايري يه‪:‬‬
‫(الس بك‪ ،‬الامتسك الشلكي)(‪.)Cohésion‬‬ ‫‪ .1‬الاتزساق ز‬
‫‪ .2‬الانسجام (احلبك‪ ،‬الامتسك ادلاليل) (‪.)Cohérence‬‬
‫‪ .3‬القصد ( ‪.)Intonation‬‬
‫‪ .4‬الاس تحسان(‪.)Acceptabilité‬‬
‫‪ .5‬املقامية (‪.)Situationalité‬‬

‫‪ .6‬التناص (‪.)Intertextualité‬‬
‫‪ .7‬االعالمية (‪.)Informativité‬‬
‫‪ 3‬ـ النص عند بعض العرب احملدثني ‪:‬‬
‫مل يكتف الباحثون العرب مبا انهتت اليه ادلراسات الغربية‪ ،‬ومل يقفوا عند تداول ما خلصت اليه من‬
‫مفاهمي وحتديدات‪ ،‬وان متثلوها يف البداية‪ ،‬بل يالحظ أأهنم تفاعلوا مع هذه املعطيات ابلكيفية اليت‬
‫أأكسبت مواقفهم شيئا من المتزي من خالل الاس تفاد من املأأثور اللغوي العرب ومعاجلته وفق مقتضيات‬
‫اللسانيات احلديثة‪ .‬وهذه زمرة اللسانيني العرب ممن أأدىل بدولوه يف هذا اجملال‪:‬‬
‫‪ -‬سعيد حسن حبريي‪:‬‬
‫بعد أأن أأ زقر أأن مصطلح النص مل يكن أأفضل حال من مصطلح امجلةل‪ ،‬لتعدد ا ألشاكل النصية ليس‬
‫يف صورها الكربى‪ ،‬بل يف صورها الصغرى اجلزئية حيول دون تعريف دقيق للنص‪ ،‬ومل يكن اجلانب‬
‫المكي وحده مسؤوال عن هذا الاخفاق‪ ،‬بل يسهم اجلانب الكيفي بقدر اكف يف ذكل‪ ...‬ففي النص‬
‫راكئز مادية فس يولوجية وعنارص متخالفة قامئة عىل حمور الاختيار‪ ،‬وعالئق استبدالية قامئة عىل حمور‬
‫الرتكيب‪ ،‬ودالالت اشارية‪ ،‬و أأخرى احيائية‪ ،‬اىل غري ذكل من مكوانت النص املستندة اىل تداخل‬
‫اجلوانب الرأأس ية وا ألفقية وتعدد ادلالالت وتعقد الشفرات اىل حد يسمح معه بتعدد القراءات(‪ ،)3‬ذلكل‬
‫ال ميكن أأن تتحدد عالمات البناء اال ألمناط نصية أأو أأشاكل نصية حمددة (‪ ،)4‬فالنصية اذن‪ ،‬تلزم‬
‫احلدث اللغوي اذلي متاسك املبىن واكامتل ادلالةل‪.‬‬

‫‪ -1‬هذه املعايري السبعة هي نفسها ما يطلق عليه مصطلح النصانية ‪ Textualité‬وهي كما يبدو متثل قواعد صياغة أي نص‪.‬‬
‫‪ -2‬سعد مصلوح‪ ،‬حنو أجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" جملة فصول‪ ،‬مج‪ ،1991 ،10‬ع‪1 :‬و‪ ،2‬ص‪.154‬‬
‫‪ -3‬سعيد حسن حبريي ‪،‬علم لغة النص املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.3 :‬‬
‫‪59‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ -‬محمد اخلطاب‪:‬‬
‫اذا اكن النص يتكون من مجل‪ ،‬فانه خيتلف عهنا نوعيا‪ ،‬ذكل أأن النص وحدة داللية وليست‬
‫امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص‪ ،‬أأضف اىل هذا أأن لك نص يتوفر عىل خاصية كونه نصا ميكن‬
‫أأن يطلق علهيا النصية‪ ،‬وهذا ما ميزيه عام ليس نصا‪ ،‬فليك تكون ألي نص نصية ينبغي أأن يعمتد عىل‬
‫مجموعة من الوسائل اللغوية اليت ختلق النصية‪ ،‬حبيث تسامه هذه الوسائل يف وحداته الشامةل‪ ،‬ويضيف‬
‫محمد خطاب بأأن النص مبدئيا هو تشلك لك متتالية من امجلل ‪ -‬رشيط أأن تكون بني هذه امجلل‬
‫عالقات أأو عىل ا ألحص بني عنارص هذه امجلل عالقات‪ ،‬تمت هذه العالقات بني عنرص وأآخر وارد يف‬
‫مجةل سابقة أأو يف مجةل الحقة‪ ،‬أأو بني عنرص وبني متتاليات برمهتا سابقة أأو الحقة(‪ .)1‬فال يتحقق النص‬
‫بتوايل امجلل يف أأثر بعضها دون النظر اىل عالقات الرتابط اليت حتمك السابقة ابلالحقة مهنا‪ ،‬فال ينظر‬
‫دلالالت امجلل منعزةل بقدر ما يعتد ابملعين اللكي اذلي يتودل عن البنية اللكية للنص‪.‬‬
‫‪ -‬عبد املاكل مراتض‪ :‬يش يع عنده مصطلح النص ا ألدب ويربر ذكل بقوهل‪":‬اذا اكن "ابرط" يزمع أأن‬
‫جاملية الذلة يف النص املنسوج يه الكتابة ذات الصوت العال‪ ،‬أأو يه الكتابة متعالية الصوت‪ ،‬فان‬
‫النص يف ر أأينا هو نسج أأنيق من ا أللفاظ الصامتة اليت حتمتل املعاين يف ذاهتا‪ ...‬النص هو نس يج ا أللفاظ‬
‫جباملية الانزايح‪ ،‬و أأانقة النسج وعبقرية التصوير‪ ...‬وذلكل تراان نذكر النص يف الغالب مع صفته‬
‫ا ألدبية(‪ .)2‬وقد أأشار مراتض اىل دور القارئ يف استنطاق ا أللفاظ الصامتة‪ ،‬اليت ال تشلك قالبا معياراي‬
‫يويح بدالةل واحدة‪ ،‬بقدر ما يتباين القراء يف توليد ادلالالت ابختالف اخللفيات املعرفية للك‪.‬‬
‫عبد السالم املسدي‪:‬‬
‫الالكم يف التصور القدمي يعد اجامال اكلوعاء تنصهر فيه مضامني الفكر وما يصدر عنه من جتليات‬
‫واستنادا اىل هذه املنطلقات اعترب ا ألسالفون أأن اماطة اللثام عن خمزون الفكر يه عةل وجود اللغة‬
‫وغايهتا القصوى يف نفس الوقت‪ ،‬وكذا يرتاءى مدار التصور القدمي للغة اكمنا يف اعتبار احلدث الالكيم‬
‫مرأآة تنعكس خاللها صور التفكري مث تنكرس عىل سطحها منافذ الفكر االنساين الساعي اىل ادراك‬
‫مضامني ذكل الفكر ـ و هبذا المنط تنكشف اللغة عن معليتني‪:‬‬
‫ـ معلية تصوير الفكر املتلكم‪.‬‬
‫ـ معلية الفكر املتفهم ملادة الفكر املبلغة‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر حممد اخلطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.13:‬‬
‫‪ -2‬عبد امللك مراتض‪ ،‬نظرية النص األديب دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.47 :‬‬
‫‪60‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫فقد تصور القدماء أأن اللغة لوحة ترمس منعطفات الفكر االنساين يف ابالغه وتقبهل(‪ .)1‬وهو ما جعلهم‬
‫يعتقدون أأن املرء خمبوء حتت لسانه‪.‬‬
‫عبد هللا الغدايم‪:‬‬
‫يرى أأن"النص ا ألدب عامل همول من العالقات املتشابكة يلتقي فهيا الزمن بلك أأبعاده‪ ،‬حيث يتأأسس‬
‫يف رمح املايض وينبثق يف احلارض‪ ،‬ويؤهل نفسه اكماكنية مس تقبلية للتداخل مع نصوص أآتية‪ ...‬والنص‬
‫كذكل عالقات متشاهبة من عنارص االتصال اللغوية ي زتحد فهيا الس ياق مع الشفرة لتكوين الرساةل‪،‬‬
‫ويتالىق الباعث مع املتلقي يف حتريك احلياة يف هذه الرساةل وبعهثا من جديد يف تفسريها واس تقبالها (‪.)2‬‬
‫فهذه العالقات املتشابكة يف انتظام يه اليت تودل الوظيفة ا ألدبية للنص‪.‬‬
‫جتدر االشارة اىل أأن وجود تعريف جامع مانع للنص أأمر بعيد املنال‪ ،‬ويؤكد ذكل الاختالف‬
‫املوجود بني علامء اللغة اذلين ينمتون اىل مدارس لغوية خمتلفة حول حدود املصطلحات اليت ترتكز علهيا‬
‫حبوهثم)‪ ،(3‬و أأمام هذه الاختالفات حياول محمد مفتاح أأن يركب بيهنا مجيعا ليس تخلص املقومات اجلوهرية‬
‫لقيام نص ما وهذه املقومات يه‪:‬‬
‫‪ -‬النص مدونة الكمية‪ ،‬يعين أأنه مؤلف من الالكم وليس صورة فوتوغرافية أأو رسام أأو عامرة أأو زاي وان‬
‫اكن ادلارس يس تعني برمس الكتابة وفضاهئا وهندس هتا يف التحليل‪.‬‬
‫‪ -‬حدث‪ :‬ان لك نص هو حدث يقع يف زمان وماكن معينني ال يعيد نفسه اعادة مطلقة مثهل يف ذكل‬
‫مثل احلدث التارخيي‪.‬‬
‫اصيل‪ :‬هيدف اىل توصيل معلومات ومعارف ونقل جتاربومشاهدات وانطباعات و أأحاسيس‬ ‫‪ -‬تو ز‬
‫وانفعاالت‪ ...‬اىل املتلقزي‪.‬‬
‫لك يشء‪ ،‬فهناك وظائف أأخرى للنزص‬ ‫تفاعيل‪ :‬عىل أأ زن الوظيفة التزواصل زية يف اللزغة ليست يه ز‬ ‫‪ -‬ز‬
‫اللزغوي‪ ،‬أأ زمهها ال زتفاعل زية اليت تقمي عالقات اجامتع زية بني أأفراد اجملمتع وحتافظ علهيا‪.‬‬
‫‪ -‬مغلق أأي أأ زن هل بداية وهناية هذا من النزاحية الكتاب زية ا أليقون زية ولكنزه من النزاحية املعنويزة هو توادلي‪،‬‬
‫متودل من أأحداث اترخي زية واجامتعية ونفس زية ولغويزة‪...‬‬ ‫فاحلدث اللزغوي ليس منبثقا من عدم وانزام هو ز‬
‫الكيم ذي وظائف متعدزدة ")‪.(4‬‬ ‫مدونة حدث ز‬ ‫وتتناسل منه أأحداث لغويزة الحقة هل‪ .‬فالنز زص اذن هو‪ " :‬ز‬

‫‪ 1‬عبد السالم مسدي اللسانيات و أسسها املعرفية‪ ،‬املكتبة الفلسفية‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪،‬تون‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬طبعة ‪ ،1986‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 2‬ينظر حممد عبد هللا الغدامي اخلطيئة والتفكري‪ ،‬اندي األدب الثقايف‪ ،‬جدة السعودية طبعة األوىل ‪ ،1985‬ص‬
‫‪ -3‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪. 107‬‬
‫‪ -4‬حممد مفتاح‪ ،‬حتليل اخلطاب الشعري "إسرتاتيجية التناص" املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪( ،‬ط‪ ،2005 )4‬ص‪119 :‬و‪. 120‬‬
‫‪61‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ -‬خوهل طالب االبراهميي‪ :‬ترى أأن" النص منتوج مرتابط متسق ومنسجم وليس تتابع عشوايئ أللفاظ‬
‫ومجل وقضااي و أأفعال الكمية‪ ،‬النص لك حت ُّده مجموعة من احلدود تسمح لنا أأن ندركه بصفاته الك مرتابطا‬
‫بفعل العالقات النحوية الرتكيبية بني القضااي وداخلها وكذكل ابس تعامل أأساليب االحاةل والعائد اخملتلفة‬
‫والروابط واملنضامت العديدة‪ ،‬ولكن النص ال يكون مرتابطا حفسب بل ينبغي أأن يتصف ابالتساق‪ ،‬بل‬
‫أأن الاتساق من الرشوط ا ألساس ية لبناء نصية املعىن وينتج هذا الاتساق ابس تعامل النظائر ادلاللية أأو‬
‫املتجانسات ادلاللية(‪ .)1‬فتتحقق مؤرشات النصية بزتاوج اجلوانب الشلكية وادلاللية والتداولية‪.‬‬
‫يشوش عليه فكره‪ ،‬ويفسد‬ ‫صورات اخملتلفة للنزص‪ ،‬ما ز‬ ‫وهكذا يصادف الباحث من التزعريفات والتز ز‬
‫عليه ر أأيه‪ ،‬وما دام هذا واقع احلال‪ ،‬علينا أأن نمتسك مبا نراه حمققا للنصية وهو أأمران ‪ :‬الامتسك(‪)2‬‬

‫والاكامتل(‪)3‬؛ أأما الامتسك فيس تفاد ابلرتابط النحوي والرتابط ادلاليل‪ ،‬وهام أأول ما اشرتطه الباحثان‬
‫دي بوجراند ودريسلر‪ ،‬اذ النص يف ا ألصل الكم مفيد‪ ،‬فهو مامتسك حنوا‪ ،‬وال يبىن من أألفاظ ليس‬
‫بيهنا روابط‪ ،‬بل هو نظم يتوىخ فيه معاين النحو‪ ،‬مث ان النص حيتاج بعد تقيق الامتسك النحوي اىل‬
‫الامتسك ادلاليل‪ ،‬فالنص ليس متتالية مجلية أأو مجموعة من املقاطع‪ ،‬بل ينظر اليه من حيث هو وحدة‬
‫لكية مرتابطة ا ألجزاء‪ ،‬ذلا ع زد الامتسك النيص رشطا رضوراي واكفيا للتعريف عىل ما هو نص‪ ،‬وعىل ما‬
‫ليس نصا (‪ .)4‬وهو ما يبينه الشلك التايل(‪:)5‬‬
‫خصائص ممزية‬ ‫مقطع لغوي (‪)1‬‬
‫نص‬ ‫لك موحد‬
‫وسائلالاتساق‬
‫مرسل‬
‫ال نص‬ ‫مجل غري مرتابطة‬ ‫؟؟؟؟؟؟؟؟‬ ‫مقطع لغوي (‪)1‬‬

‫الواحض من اخملطط أأن الاتساق هو جحر الزاوية يف البنية النصية‪ ،‬اذ لكام توفرت أأدواته يف عينة‬
‫لغوية حمك لها بأأهنا بنية نصية‪ ،‬وابنعدامه صار املقطع اللغوي نتفا ممزقة‪ ،‬وابلتايل يفقد مقومات الوجود‬
‫النيص حيث الاتساق والتناسق‪ .‬ومع ذكل يالحظ عىل هذا الشلك اهامهل دور املتلقي يف احلمك عىل‬

‫‪ -‬ينظر خوله طالب اإلبراهيمي مبادئ يف اللسانيات دار القصبة للنشر اجلزائر ‪2000‬ص‪1 169‬‬
‫‪ -2‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪116 :‬و‪117‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ :‬د‪ .‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬مكتبة لبنان انشرون‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪.298 :‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬صبحي إبراهيم الفقي‪ ،‬علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق‪ ،‬دراسة تطبيقية على الصور املكية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.99 :‬‬
‫‪ -5‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص ‪ -‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪62‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الامتسك النيص‪ ،‬اذ ما يفتأأ النص أأن خيرج اىل العامل حىت يتلقفه املتلقي‪ ،‬ليخلع عليه من خصائصه‬
‫المتيزيية ما جيعهل امتدادا هل‪ ،‬اىل احلد اذلي يبدو فيه املتلقي مبدعا اثنيا‪.‬‬
‫وعليه ميكن تصور الشلك احملدد للامتسك النيص وفق هذه الرؤاي‪ ،‬اذ ليس من هممة املرسل أأن‬
‫حيدد ا ألهداف التبليغية للنص‪ ،‬بل يكفي أأن ينتج أأثرا حياول أأن يضمنه خصائص ممزية يتومس فهيا تقيق‬
‫الامتسك النيص‪ ،‬مث يلقي به اىل القارئ اتراك هل احلمك ابلنصية أأو عدهما عىل ذكل احلدث اللساين‪ .‬ومن‬
‫مث ميكن تصور شلك الامتسك النيص عىل هذا النسق‪.‬‬

‫نص‬ ‫لك موحد‬ ‫خصائص ممزية‬ ‫مقطع لغوي‬


‫املرسةل‬ ‫وسائل متاسك‬ ‫(‪)1‬‬
‫املتلقي‬ ‫املرسل‬

‫(؟؟؟؟) ال نص‬ ‫مقطع لغوي (‪ )2‬مجل غري مرتابطة‬


‫و أأما الاكامتل‪ ،‬فهو اكامتل يف لفظ النص واكامتل يف داللته‪ ،‬حبيث حيقق مقصدية قائهل يف معلية التواصل‬
‫اللغوية‪ ،‬من خالل اكتفائه بذاته‪ ،‬من حيث هو بنية منتظمة ال حتتاج اىل ما سواها من عوامل رديفة‬
‫تقل املعاين وتعني عىل فهم املراد‪.‬‬
‫جحم النص‪:‬‬
‫مل يعد همام ‪ -‬يف ضوء توفر معايري النصية ‪ -‬طول النص أأو قرصه‪ ،‬امنا اخلاصية ا ألوىل لتحديد النص‬
‫يه الاكامتل‪ ،‬وليس الطول أأو احلجم املعني(‪)1‬حىت وان متظهر يف شلك مجةل واحدة قصرية‪ ،‬بيامن تظل‬
‫امجلةل أأو اجملموعة من امجلل‪ -‬وان حققت معىن حيسن السكوت عليه ‪ -‬فرعا من أأصل تتعلق به‪،‬‬
‫وتكتسب داللهتا الس ياقية جراء التقابالت مع ما سواها من امجلل داخل النص‪ ،‬وان اكن لها خارج‬
‫النص وجود خمتلف‪ .‬وقد اكن اللغوي هيلمسليف يقول ان أأبعاد العالمة ال متثل منظورا مناس با‬
‫لتحديدها‪ ،‬حبيث جند أأن لكمة واحدة مثل"انر" ميكن أأن تكون عالمة يف مقابل معل روايئ خضم‬
‫مثال‪ ،‬فلك مهنا ميكن اعتباره "نصا" وذكل بفضل اكامتهل واس تقالهل بغض النظر عن مدى طوهل(‪.)2‬‬
‫ويف هذا الصدد يرفض"فان ديك" فكرة تقييد النص بطول معني‪ ،‬اذ يقول‪ ":‬لن حنرتم هذا التقيـيد‪،‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬د‪ .‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪63‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫فميكن أأن يرتكب النص من مجةل واحدة‪ ،‬أأو حىت مـن لكمــة واحدة‪ ،‬كام يف حال ا ألمر"تعال" مثال‪،‬‬
‫وليس من العسري أأن نالحظ بشلك عام أأن حاكية أأو رواية تكون نصا واحدا (‪.)1‬‬
‫وبعد أأن زنزه الباحثان؛ "هاليداي ورقية حسن" النص من كونه مجموعة من امجلل‪ ،‬أأجازا اماكنية أأن‬
‫يكون أأ ىي يشء؛ من مثل واحد حىت مرسحية بأأمكلها‪ ،‬من نداء اس تغاثة حىت مجموع املناقشات احلاصةل‬
‫طوال اليوم(‪ .)2‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬غدا النص تكل الوحدة الكربى اليت تشمل معىن ال يقبل التجزئة‬
‫ويؤدي وظيفة ثقافية ما‪ .‬وعليه ال ينظر اىل النص من حيث جحمه يف سبيل الوصول اىل النص‬
‫املس تدير(‪ )3‬املكمتل‪ ،‬وهو ما يؤكده تعريف "صالح فضل" للنص اذ "هو القول اللغوي املكتفي بذاته‬
‫واملكمتل يف داللته(‪ .)4‬وابلتايل اليشرتط يف النص الطول أأو القرص‪ ،‬بقدر ما يشرتط فيه الاكامتل‬
‫والنضج ادلاليل‪ ،‬ابالضافة اىل ظاهرة التالمح والامتسك فيه‪ ،‬وكذكل العالقات الوثيقة بني املس توايت‬
‫اللغوية السطحية والعميقة‪ .‬وعليه ال أأرى النص اال بذرة يشرتط لمنوها أأن تكون مكمتةل‪ ،‬وانجضة‪،‬‬
‫وحية‪.‬‬
‫يف مغرة تعدد هذه التعريفات واختالفها اىل احلد اذلي تبدو فيه متعارضة يف بعض الاحيان‪ ،‬يُلف‬
‫ادلارس املبتدئ يف حرية من أأمره‪ ،‬فبأأي التعريفات يأأخذ وبأأي الليات يش تغل؟وقد هيون ا ألمر قليال‬
‫اذا عرف أأن منشأأ هذا الاختالف مرده اىل تباين املرتكزات اليت صدر مهنا لك ابحث‪ ،‬اضافة اىل‬
‫الاختالف يف ضبط حدود النص نظري تعدد الاهامتمات والتوهجات والرؤى للمش تغلني يف احلقل‬
‫الواحد‪.‬‬
‫وهمام اختلفت تعريفات النص وتعددت‪ ،‬فالثابت أأنه حيرز من اخلصائص ما جتعهل يتجاوز حد امجلةل‪،‬‬
‫مهنا أأن حتقق املعىن العام للنص يتجسد ابكامتل البنية اللكية للنص‪ ،‬ويرتبط ابلتغريات اليت تتعلق بعملية‬
‫بناء النص وفهمه‪ ،‬كام تتحمك فيه روابطه ادلاخلية وعالقاته اخلارجية ابلس ياقات املرافقة هل‪.‬‬
‫مفهوم اخلطاب"‪:"Discours‬‬
‫لنئ مل حيظ "النص"‪ ،‬عىل كرثة تدارسه‪ ،‬بتعريف جامع شامل‪ ،‬فا زن مصطلح "اخلطاب" ليس‬
‫مبنأأى عن ذكل االشاكل‪ ،‬ولعل هذا الاضطراب يف ضبط احلدود‪ ،‬مرده اىل التزداخل بيهنام يف املفهوم‬

‫‪ -1‬فان ديك‪ ،‬النص بنيانه ووظائفه‪ ،‬تر‪ /‬حممد العمري‪ ،‬ضمن كتاب يف نظرية األدب‪ ،‬مقاالت ودراسات‪ ،‬سلسلة كتاب الرايض‪ ،‬ط‪ ،1،1997‬ص‪:‬‬
‫‪.61،62‬‬
‫‪ -2‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ -3‬أي املنغلق على ذاته‪ ،‬وتستخدم هذه الفكرة لتحديد اكتماله واستقالله واكتفائه بذاته‪ ،‬أي حتديده املادي مبجال معلوم [بداية وهناية]‪ ،‬وال يقصد هبذه‬
‫الصفة االستغالق والتحجر‪ ،‬حيث عدم قبوله لتعدد التأويل‪.‬‬
‫‪ -4‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪299 :‬‬
‫‪64‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫والاس تعامل)‪.(1‬‬
‫يعد هاريس)‪ (2‬أأول من دعا اىل جعل اخلطاب املوضوع الرشعي لدلرس اللساين‪ ،‬ذلكل من الطبيعي‬
‫أأن نبد أأ بعرض تعريفه لهذا املصطلح‪ ،‬فهو عنده ‪":‬ملفوظ طويل‪ ،‬أأو متتالية من امجلل تكون مجموعة‬
‫منغلقة ميكن من خاللها معاينة بنية سلسةل من العنارص بواسطة املهنجية التوزيعية وبشلك جيعلنا نظ زل‬
‫يف جمال لسا زين حمض")‪ .(3‬اليراد ابالنغالق حتجر داللته‪ ،‬بقدر مايراد به انسجامه بنيته واكامتلها‪ ،‬أأ زما‬
‫"بنفنست"(‪ )E. Benveniste‬فقد اكن لتعريفه ا ألثر الكبري يف ادلراسات ا ألدبية اليت تقوم عىل دعامئ‬
‫لسانية‪ ،‬فقد اعتربه "امللفوظ منظورا اليه من وهجة أليات ومعليات اش تغاهل يف التواصل‪ ،‬أأو هو جمال‬
‫معني يف مـقام‬ ‫من جماالت االتصال‪ "...‬واملقصود بذكل ‪ :‬الفعل احليوي النتاج ملفوظ بوساطة متلكزم ز‬
‫فلك عـبارة أأو تلفزـظ يفرتض متلكزام ومس متعا كام‬
‫مـعني‪ ،‬وهذا الفـعل هو معل زية ال زتلفزظ ومبعىن أأوسع ‪ ":‬ز‬ ‫ز‬
‫أأهنز ا تفرتض نيزة املتلكزم يف التزأأثري عىل املس متع بطريقة أأو بأأخرى")‪.(4‬‬
‫تنوع وتعدزد اخلطاابت الشز فوية اليت متت زد من اخملاطبة اليومية اىل اخلطبة‬‫يعزز هذا التزعريف أأطروحة ز‬
‫شفواي مثل‬ ‫ال زراقية‪ ،‬واىل جانب تكل اخلطاابت جند أأيضا اخلطاابت املكتوبة والزيت يعاد انتاهجا ز‬
‫لك ا ألنواع اليت خياطبهبا‬ ‫املراسالت‪ ،‬واملذكزرات‪ ،‬واملرسح والكتاابت الرتبويزة‪...‬وابختصار فهو يشلك ز‬
‫أأحدمه نفسه مكتحدزث)‪ ،(5‬نس تنتج من تعريف "بنفنست"(‪ ) E. Benveniste‬أأ زن اخلطاب هو النزص‬
‫املكتوب أأثناء تأأديته الكم ًا يف موقف معني‪ ،‬اضافة اىل معل زية اخملاطبة همام اكن نوعها بني متحدث‬
‫ومس متع‪.‬‬
‫أأ زما "مشال فوكو" (‪ )M. Foucault‬فقد زعرف اخلطاب عدزة تعريفات زادت من تعقيد ومغوض‬
‫للك العبارات واترة اثنية من حيث هو‬ ‫املصطلح بدل توضيحه‪ ،‬ملا عاجله اترة من حيث هو جمال عام ز‬
‫تفرس و زتربر العديد من العبارات‪،‬‬ ‫منظمة ز‬ ‫اخلاصة‪ ،‬واترة اثلثة من حيث هو ممارسة ز‬ ‫مجموعة من العبارات ز‬
‫لك ما يكتب‬ ‫للك العبارات‪ ،‬هو تعريف واسع جيعل ز‬ ‫فال زتعريف ا أل زول اذلي اعترب فيه اخلطاب جماال عا زما ز‬
‫‪ -1‬أمحد املتوكل‪ ،‬قضااي اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية "بنية اخلطاب من اجلملة إىل النص"‪ ،‬دار األمان للنشر والتوزيع‪ ،‬الرابط‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪:‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪ -2‬يعترب هاريس ( تلميذ بلوم فيلد وأستاذ تسومسكي) من أنصار االجتاه التوزيعي لذلك حياول حتليل اخلطاب وفق التصورات واألدوات نفسها اليت حيلل هبا‬
‫اخلطاب كان انطالقا من تعريف بلوم فيلد ‪ Bloomfield‬للجملة‪،‬‬
‫َ‬ ‫اجلملة‪ ،‬حني كان مهتما بتوزيع العناصر اللغوية يف النصوص املطولة‪ ،‬ودليل ذلك أن حتديده‬
‫من خالل أتكيده على وجود اخلطاب رهينا بنظام متتالية من اجلمل‪ .‬فأنتج العمل وفقا للتقاليد "البولومفيلدية" طرقا شكلية لتحليل اخلطاب أو الكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪ :‬سعيد يقطني ‪،‬حتليل اخلطاب الروائي (الزمن‪ ،‬السرد‪ ،‬التبئري )‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪( ،‬ط‪ ،1997 ،)3‬ص‪.17 :‬‬
‫وينظر أيضا مجعان بن عبد الكرمي‪ ،‬إشكاالت النص‪ ،‬دراسة لسانية نصية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪( ،‬ط ‪ ،2009 ،)1‬ص‪. 19:‬‬
‫‪ -3‬سعيد يقطني ‪،‬حتليل اخلطاب الروائي‪ ،‬ص‪17‬‬
‫‪4 130 -(E) Benvenite ; Problème de linguistiquegénérale, édit : Gallimard, 1966,‬‬
‫‪ -5‬ساره ميلز‪ ،‬اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬يوسف بغول‪ ،‬منشورات خمرب الرتمجة يف األدب واللسانيات جامعة منتوري قسنطينة (ط‪ 2000 )4‬ص‪ 03‬و‪. 04‬‬
‫‪65‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يتفوه به ويكون هل معىن ومفعول يف العامل احلقيقي خطااب‪ ،‬أأ زما التزعريف الث زاين فهو مجموعة من العبارات‬
‫أأو ز‬
‫اخلاصة اليت هتيلك اخلطاب حبيث يسع اىل متيزي اخلطاابت أأو مجموعة‬ ‫اخلاصة‪ ،‬فهو يتناول البىن ز‬ ‫ز‬
‫وقوة واحدة مثل خطاب ا ألنوثة‬ ‫منظمة بطريقة معيزنة ومنسجمة ولها مفعول مشرتك ز‬ ‫العبارات اليت تبدو ز‬
‫تفرس و زتربر العديد من‬ ‫وخطاب الامربايل زية‪ ...‬أأ زما التزعريف الث زالث اذلي يعترب اخلطاب ممارسة ز‬
‫منظمة ز‬
‫ابلرتاكيب والقواعد اليت حتمك اخلطاب أأكرث من اهامتمه ابلعبارات‬ ‫العبارات فيبدو أأ زن فوكو هي زمت من خالهل ز‬
‫والنزصوص النزاجتة عهنا‪ ،‬فأأ زمه يشء يف هذا ال زتعريف أأ زن اخلطاب خيضع لقواعد وضوابط مع زينة)‪.(1‬‬
‫لك التزعدد اذلي‬ ‫أأ زما ديبورا ش يفرين (‪ )Deborah Shiffrin‬فقد عرض ثالث تعريفات متثل يف مجملها ز‬
‫لك تعريف اىل مهنجه‪ ،‬فقد ورد اخلطاب عند الباحثني بوصفه‬ ‫حلق مبصطلح اخلطاب وتعريفه مع نس هبا ز‬
‫واحدا من ثالثة‪ :‬بوصفه أأكرب من امجلةل‪ ،‬أأو بوصفه اس تعامال أأي وحدة لغويزة‪ ،‬أأو بوصفه امللفوظ)‪.(2‬‬
‫وعليه‪ ،‬فلنئ تعددت مدلوالت مصطلح (اخلطاب)‪ ،‬فال يعين ذكل ابلرضورة تعارضها‪ ،‬بل تتزفق لكزها‬
‫ميس‬‫عىل أأن زه ممارسة مللكة اللزغة‪ ،‬غري أأهنز ا ختتلف يف زاوية النزظر اىل هذه املامرسة‪ ،‬مبعىن أأ زن اخلالف ال ز‬
‫شلك املضمون اذلي تؤدزيه هذه اللزفظة)‪ .(3‬وابلتايل فشأأن اخلطاب هو شأأن النص ابلامتم‪ ،‬وعليه ال‬
‫يعين الاختالف البتة اخلالف‪.‬‬
‫خنلص اىل اس تنتاج مفاده؛ أأن النص هو لك ما يقال أأو يكتب عىل نية االتصال‪ ،‬وعامل النص فهو‬
‫مجةل املفاهمي املنقوةل اىل املس متعني أأو القراء‪ ،‬و أأما اخلطاب فهو مجموعة من النصوص ذات املوضوعات‬
‫والعالقات املشرتكة بني مجموعة لغوية متجانسة‪.‬‬

‫‪ -1‬ساره ميلز‪ ،‬اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬يوسف بغول‪ ،‬ص‪. 05 :‬‬


‫‪ -‬وينظر ايضا‪ :‬عبد العزيز العيادي‪ ،‬ميشال فوكو‪ ،‬املعرفة والسلطة‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1‬ص‪.19‬‬
‫‪-2‬عبد اهلادي بن ظافر الشهري‪ ،‬إسرتاتيجيات اخلطاب"مقاربة لغوية تداولية"‪ ،‬دار الكتاب اجلديد املتحدة‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪. 37:‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم صحراوي‪ ،‬حتليل اخلطاب األديب‪ ،‬دراسة تطبيقية (رواية جهاد احملبني جلرجي زيدان منوذجا)‪ ،‬دار اآلفاق‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2003 ،2‬ص‪. 17‬‬
‫‪66‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اشاكلية تصنيف النصوص‪01‬‬ ‫ادلرس السابع‪:‬‬


‫متهيد‪:‬‬
‫ثبت دلينا أأن النص ليس جمرد تتابع من امجلل وامنا هو وحدة لغوية نوعية أأو خاصة مزيهتا ا ألساسة‬
‫الاتساق والانسجام‪ ،‬غري أأن الاكتفاء برشوط الامتسك النحوية واملوضوعية ال يغين يف يشء طاملا أأن‬
‫هذا التكوين اللغوي ال يضطلع بوظيفة تواصلية اليت جتعل من هذا التتابع من العالمات اللغوية نصا‪،‬‬
‫لميثل يف الوقت نفسه نوعا نصيا معينا (تعليق تلفزيوين‪ ،‬خرب حصفي‪ ،‬وصفة طبخ أأو اعالن)(‪.)1‬‬
‫غري أأن تباين ا ألسس اليت يمت من خاللها تصنيف النصوص‪ ،‬واختالف املنطلقات النزظرية وا ألسس‬
‫املعرفيزة واالجراءات املهنج زية اليت تقتضيه‪ ،‬هو ما أأجج اخلالف بني علامء اللغة وعلامء تدريس اللغات‪.‬‬
‫جتدر االشارة أأن معلية التصنيف ال ختلو من صعوابت يودلها سببان؛ يتعلق أأوهلام بكرثة النصوص‬
‫املتداوةل حبيث يتعذر حرصها‪ ،‬اذ تتسع لتشمل حسب"فان ديك" احملاداثت اليومية وا ألحاديث‬
‫العالجية‪ ،‬واملواد الصحفية‪ ،‬واحلاكايت والقصص‪ ،‬والقصائد ونصوص ادلعاية واخلطب وارشادات‬
‫الاس تعامل والكتب املدرس ية والكتاابت والنقوش ونصوص القانون والتعلاميت وما أأش به(‪.)2‬‬
‫و أأما السبب الثاين اذلي يعيق معلية التصنيف هو أأ زن النزص الواحد‪ ،‬همام اكن نوعه أأو صنفه اذلي‬
‫الرسد والوصف‬ ‫ينمتي اليه يندر جدز ا أأن يكون متجانسا اذ غالبا ما يش متل عىل مقاطع خمتلفة ترتاوح بني ز‬
‫والرشح(‪ .)3‬ومع ذكل ميكن للقارئ أأن يتوصل اىل معرفة منط النص‪ ،‬من خالل"الكشف عن عالقات‬
‫البناء املعقدة والعالقات الوظيفية يف النصوص(‪ " ،)4‬أكن يعرف أأن ا ألمر متعلق حباكية‪ ،‬وذكل من‬
‫خالل الطريقة اليت يبد أأ هبا النص(يف يوم من ا ألايم‪،‬اكن اي ماكن‪ )...‬أأو مبقال حصفي من خالل بعض‬
‫املؤرشات الرتكيبية واملعجمية‪ ،‬أأو مبقاةل علمية من خالل مجموعة املصطلحات املعمتدة وطريقة الاس تدالل‬
‫فهيا(‪ ،)5‬اذ ميكن للقارئ أأن يكتسب همارة التصنيف عن"طريق الاس تقراء" اليت حتصل ابلمترن عىل‬
‫التحليل النسقي لعينات النصوص‪ ،‬فيتعرف عىل مظاهر البناء الشمويل(‪ )6‬اليت تسع لسانيات النص‬
‫اىل الكشف عهنا‪ ،‬حيث القوانني واملعايري اليت يس تقمي هبا النزص‪ ،‬ابالضافة اىل حماوةل حتديد البنيات‬

‫‪ -1‬تنظر‪ ،‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬مؤسسة املختار للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2010 ،2‬ص‪:‬‬
‫‪.183‬‬
‫‪ -2‬فان دايك‪ ،‬علم النص مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬دار القاهرة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ - 3‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.105 :‬‬
‫‪ - 4‬فان دايك‪ ،‬علم النص مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬ص‪.115:‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 105 :‬و‪.106‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.175 :‬‬
‫‪67‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اجملردة اليت تتودل وفقها خمتلف أأنواع النزصوص‪ ،‬ويكون ذكل بدراسة لك نوع‪ ،‬ورصد ما فيه من عنارص‬ ‫ز‬
‫قارة‪ .‬عىل أأن يفيض ذكل اىل تشكيل نظرية عا زمة تصنزف عىل أأساس خمتلف النزصوص‬ ‫بنائية وشلكية ز‬
‫وطرائق بناهئا‪ ،‬وكذكل بيان وظائفها و أأنواع العالقات املتبادةل بيهنا‪.‬‬
‫رمغ لك هذه ا ألمور‪ ،‬فان ذكل المينع من االقرار بأأن انامتء النزصوص اىل أأنواع مامتيزة أأمر ال شك فيه‪.‬‬
‫ومن هنا حبث بعض ادلراسني يف خصوصيات النزصوص‪ ،‬مفهنم من ركزز عىل الشلك‪ ،‬ومهنم من ركز‬
‫عىل احملتوى (‪)1‬ومن مث زاجته ال زتحديد اىل زالرتكزي عىل عامل داخيل نيص أأو عامل خاريج نيص أأيضا‪ ،‬بل‬
‫لوحظ امليل اىل رضورة التزوفيق بيهنام يف بعض الاجتاهات النزص زية‪.‬‬
‫ويرى بعضهم أأن بنية النزص ليست حمايدة وال يه قامئة عىل أأسس عالميزة خالصة‪ ،‬وانزام تتأأثزر بنوع زية‬
‫النزص ابدلز رجة ا ألوىل‪ ،‬معىن ذكل أأن النزص هو جامع معليتني انتاجيتني‪ .‬حيث تتعلزق ا ألوىل مبا يقتضيه‬
‫مبكوانت النزص ادلاخليزة من‬ ‫الس يايق" كام يسميه بعضهم‪ ،‬وتتعلزق الثزانية ز‬ ‫االطار العام للنزص أأو"الظرف ز‬
‫مجل وكيفيزة تتابعها وفق ا ألسس اليت يقتضهيا االطار العام للنزص‪ ،‬وهبذا فان العمليتني متاكملتان‪ .‬اذ‬
‫ينبغي أأن تفهم أأنواع النصوص ابتداء عىل أأهنا مناذج مركبة لتواصل لغوي تنشأأ داخل امجلاعة اللغوية يف‬
‫أأثناء التطور التارخيي الاجامتعي عىل أأساس احتياجات تواصلية(‪.)2‬‬
‫مث يذهب اىل أأن النزصوص تتأأسس بناء عىل تفاعل املقتضيات التزواصل زية والس مييائ زية والتزداولية ويه‬
‫ينظم الكيفيزة اليت يسري علهيا تتابع امجلل‬ ‫اليت ميكننا بناء علهيا حتديد االطار النزوعي للنزص اذلي ز‬
‫والفقرات يف داخل النزص والهنز اية اليت ميكن أأن ينهتىي الهيا(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬بعض مناذج تصنيف النزصوص‪:‬‬
‫ان تصنيف النزصوص اىل أأنواع سعي أأاكدميي لتسهيل ادلراسة ليس اال‪ ،‬ابعتبار أأن للك معرفة‬
‫نصوصها(‪"،)‬فأأنواع النصوص يه مناذج سائدة عرفيا ألفعال لغويزة مركبة‪ ،‬وميكن أأن توصف بأأهنز ا روابط‬
‫منط زية يف لك مهنا سامت س ياقيزة (موقفيزة)‪ ،‬ووظيفيزة‪ -‬تواصل زية‪ ،‬وتركيبيزة (حنويزة‪-‬موضوع زية)‪ ،‬وقد‬
‫تطورت من النزاحية التزارخي زية يف امجلاعة اللزغويزة‪ ،‬وتتبع املعرفة اللزغويزة ألحصاب اللزغة‪ ،‬ولها تأأثري معياري‪،‬‬‫ز‬
‫غري أأهنز ا ت زيرس يف الوقت نفسه التزعامل التزواصيل بأأن تقدزم املتواصلني بدرجة أأكرث أأو أأقل توجهيات‬

‫‪ - 1‬بشري إبرير‪ ،‬تعليمية النصوص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،‬اململكة األردنية‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 2‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬ص‪.184 ،183 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬يوسف نور عوض‪ ،‬نظرية النقد األديب احلديث‪ ،‬دار األمني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1994 ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪ ) ‬إن القول أبن نصوص اإلعالن حافلة ابلصفات‪ ،‬أو أبن التقارير االخبارية تشتمل على حشد من األفعال‪ ،‬ميثل تعبريا عن أغراض مليول متأصلة يف هذا‬
‫النوع ولكنه ال يشرح األنواع ذاهتا‪ .‬ينظر‪ :‬دي بوجراند‪ :‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.412 :‬‬
‫‪68‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يعرف النزمط" بأأنه الطريقة املس تخدمة يف اعداد النزص‬ ‫حممكة النتاج النزصوص وتل زقهيا(‪ .)1‬يف حني ز‬
‫واخراجه من أأجل حتقيق غاية الاكتب‪ ،‬و ز‬
‫للك منط بنية تتالءممع املوضوع املطروح "(‪.)2‬‬
‫ان دراسة أأبنية النزصوص و أأنواعها زودل ما يعرف بـ"عمل أأنواع النزصوص اللزغوي"(‪ )3‬اذلي ميكن أأن زيفرق‬
‫فيه ‪ -‬تقريبا ‪ -‬بني زاجتاهني حبثيني رئيس يني‪:‬‬
‫املؤسس عىل نظام اللزغة‪ ،‬واذلي حياول بناء عىل سامت تركيبيزة‪ ،‬أأي سامت حنويزة يف‬ ‫أأ)‪ -‬الهنز ج البحيث ز‬
‫املقام ا ألول(مثل‪ :‬صور زالربط الضمريي للجمل‪ ،‬واس تعامل عنارص اشارية‪ ،‬وتوزيع ا ألزمنة‪....‬اخل)‬
‫وصف أأنواع النصوص وحدها‪.‬‬
‫يوهجه التزواصل اذلي يس هتدف حل اشاكلية أأنواع النزصوص انطالقا من‬ ‫ب)‪ -‬الهنز ج البحيث اذلي ز‬
‫جوانب موقفيزة وتواصل زية وظيفيزة(‪.)4‬‬
‫املؤسسة عىل النزظام اللزغوي مل توفزق يف تأأسيس أأوجه تفريق أأكرث‬ ‫لكن املالحظ أأن البحوث زالرتكيبيزة ز‬
‫دقزة ممزية ألنواع النزصوص‪ ،‬فأأوجه التزميزي املقرتحة بناء عىل سامت حنويزة‪ ،‬عىل سبيل املثال يف نصوص‬
‫علم زية وغري علم زية لن تبلغ مدى بعيدا‪.‬‬
‫توهجه نظريزة ال زتواصل أأو الفعل بأأن زه‬‫وعىل العكس من ذكل ميكن أأن حيمك عىل الهنز ج البحيث اذلي ز‬
‫هنج واعد ابلنزجاح اىل حد بعيد‪ ،‬وهو يناسب بقدر ابلغ املدى أأيضا معرفتنا احلدس زية(اللزغويزة‪-‬اليوميزة)‬
‫بأأنواع النزصوص‪.‬‬
‫الاجتاهني البحثيني ظهرت بعض التزصنيفات النزص زية‪ ،‬ومهنا نذكر‪:‬‬ ‫وعىل ضوء هذين ز‬
‫‪ -1.2‬تصنيف جلنس(‪:)5()H.Glenz‬‬
‫يقوم تصوره عىل أأسس تواصل زية دالل زية تربز الوظيفة ا ألساس زية‪ ،‬وهكذا ميكن أأن تكون أأمناط النزص‬
‫الرئيسة كام يـيل‪:‬‬
‫‪ -‬نصوص ربط(وعد‪،‬عقد‪ ،‬قانون‪ ،‬ارث‪ ،‬أأمر)‪.‬‬
‫‪ -‬نصوص ارشاد(الامتس‪ ،‬خطاب‪ ،‬دفاع‪ ،‬نصوص عادية‪ ،‬خطاب س يايس‪ ،‬كتب تعالمي وارشاد)‪.‬‬
‫‪ -‬نصوص اخزتان(مالحظات‪ ،‬فهرس‪ ،‬دليل‪ ،‬تلفون‪ ،‬يوميات‪ ،‬ختطيط‪ ،‬مسودزات)‪.‬‬
‫‪ -‬نصوص ال تنرش عالن زية (تقدير‪،‬عرض‪ ،‬رساةل‪ ،‬بطاقة)‪.‬‬

‫‪ - 1‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬ص‪.173 :‬‬
‫‪ - 2‬حيي حسن عمر‪ ،‬كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية‪ ،‬العريب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2019 ،1‬ص‪.332 :‬‬
‫‪ - 3‬كالوس برينكر‪ ،‬التحليل اللغوي للنص‪ ،‬مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج‪ ،‬ص‪190 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.191-190 :‬‬
‫‪ - 5‬بشري إبرير‪ ،‬إشكالية تصنيف النصوص‪ ،‬معاجلة تعليمية‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة حممد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ع‪.126 ،2003 ،05‬‬
‫‪69‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ -‬نصوص تنرش عالن زية(خرب‪ ،‬كتاب‪ ،‬دراسة‪ ،‬رواية‪ ،‬قصة‪ ،‬مرسحية‪ ،‬شعر)‬
‫نالحظ من تصنيف"جلنس"‪ :‬وان اكن مستندا عىل أأشاكل التزواصل اال أأن زنا ال منيزي فيه بدقة بني‬
‫ا ألشاكل النزص زية‪ ،‬فبعض النزصوص نس تطيع أأن جنعلها يف عدزة أأصناف مثل‪:‬كتاب‪ ،‬عرض‪....‬اخل‪.‬‬
‫‪ -2.2‬تصنيف اجينفاليد (‪: )1()Eigenvald‬‬
‫ينظم اجينفاليد (‪ )Eigenvald‬النصوص يف مخسة أأمناط‪ ،‬تتناسب مع جماالت النشاط الشمولية‪:‬‬
‫أأمثةل نصية‬ ‫منط النص‬
‫ن زص خربي‪ ،‬تقرير‪ ،‬افتتاحية‪ ،‬تعليق‬ ‫‪ -‬نص حصفي‬
‫اجلزء الاقتصادي يف حصيفة‬ ‫‪ -‬نص اقتصادي‬
‫خطبة س ياس ية‪ ،‬قرار‪ ،‬منشور‪ ،‬بيان تنديد‪ ،‬قول حائطي‬ ‫‪ -‬نص س يايس‬
‫رساةل حمام‪ ،‬نص دس توري‪ ،‬حمك قضايئ‪ ،‬نص معاهدة‬ ‫‪ -‬نص قانوين‬
‫نص من العلوم الطبيعية‪ ،‬نص من العلوم الاجامتعية‬ ‫‪ -‬نص علمي‬

‫املالحظ عىل هذا التصنيف أأن زه ال يتأأسس عىل معيار واحد والحي زقق خاص زية ال زتجانس كام ينبغي وان‬
‫اكن من الصعب أأن يتحقق ذكل‪.‬‬
‫‪ -3.2‬تصنيف جروسه (‪:)2()Grosse‬‬
‫ا ألمثةل‬ ‫وظيفة النص‬ ‫فئة النص‬
‫القوانني‪ ،‬اللواحئ‪ ،‬التوكيالت‪ ،‬شهادات امليالد‪،‬‬ ‫وظيفة معياريزة‪.‬‬ ‫‪ -‬نصوص معياريزة‬
‫واثئق الزواج املصدقة‪ ،‬العقود‬
‫كتاابت الهتز نئة‪ ،‬كتاابت املواساة‬ ‫وظيفة اتصالية‪.‬‬ ‫‪ -‬نصوص االتصال‬
‫ا ألانش يد امجلاع زية (النش يد الوطين)‬
‫‪ -‬النزصوص ادلاةل عىل مجموعة وظيفة ادلالةل عىل مجموعة‪.‬‬
‫القصيدة‪ ،‬الرواية‪ ،‬املرسحيزة الفاكهية‬ ‫وظيفة شعريزة‪.‬‬ ‫‪ -‬نصوص شعريزة‬
‫اليوميات‪ ،‬سرية احلياة‪ ،‬ترمجة ذات زية‪..‬‬ ‫‪ -‬نصوص قامئة عىل زاذلات وظيفة ذات زية‪.‬‬
‫اعالن‪ ،‬دعاية‪ ،‬برامج‪ ،‬الامتس‪ ،‬كتابة رجاء‬ ‫‪ -‬نصوص قامئة عىل الطلب الطلب‪.‬‬
‫وظيفتان مؤثراتن ابلقدر نصوص بوظائف طلب زية ونقل املعلومات‬ ‫فئة التزحول‬
‫اخلرب‪ ،‬التنبؤ ابلطقس‪ ،‬النزص العلمي‬ ‫‪ -‬نصوص قامئة عىل اخلرب نفسه‪.‬‬
‫نقل املعلومات‪.‬‬ ‫املوضعي‬

‫‪ - 1‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬تر‪ /‬فاحل بن شبيب العجمي‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،1999 ،‬ص‪.192 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.193 :‬‬
‫‪70‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لعل ما يالحظ عىل تصنيف "جروسه" أأن زه ركزز عىل الوظيفة اليت يؤدهيا النزص‪ ،‬لكن هذا يبدو غري‬
‫اكف ألن الوظائف كثرية ويصعب حرصها‪ ،‬مفثال ان الوظيفة ال زتواصل زية ال تقترص عىل كتابة الهتز نئة‬
‫واملواساة فقط‪ ،‬بل توجد يف اكمل النزصوص‪ ،‬ذلا فان هذا ال زتصنيف يفتقر اىل التزجانس كسابقه‪.‬‬
‫ان التزصنيفات السابقة اذلكر كام ال تستند اىل معايري موضوع زية دقيقة‪ ،‬بل ان الشخص العادي يس تطيع‬
‫أأن زميزي بني نص وأآخر حبمك زمترسه يف ال زتعامل معها‪ ،‬أأو عن طريق معايري متعارف علهيا دلى املتلكزمني‬
‫بلغة مع زينة‪ ،‬فيعرف ان اكن النزص هتنئة أأو مواساة‪ ،‬ان اكن علميا أأو أأدبيا‪.‬‬
‫لكن عمل النص حاول الابتعاد عن هذا التزصنيف الفطري وسع اىل وضع معايري أأكرث دقة تصنزف عىل‬
‫أأساسها خمتلف النزصوص واخلطاابت‪ ،‬واحملاوالت يف هذا اجملال كثرية نذكر مهنا‪:‬‬
‫التزصنيف عىل أأساس وظيفي تواصيل(‪:)1‬‬
‫وهو يركز عىل الوظيفة اللزغويزة املهمينة يف النزص‪ ،‬واملرجع ا ألسايس لهذا ال زتصنيف هو "رومان‬
‫جاكسون" اذلي زمزي بني خمتلف النزصوص حبسب الوظيفة الأكرث بروزا فهيا‪:‬‬
‫نصوص هتمين فهيا الوظيفة املرجع زية (‪ ،)Fonction Référenctielle‬ويه اليت يأأيت فهيا عرض ملعلومات أأو‬
‫أأخبار‪ ،‬فهىي نصوص اعالمية اخبارية بدرجة أأوىل‪.‬‬
‫نصوص ذات طابع تأأثريي‪ ،‬ويه اليت يكون زالرتكزي فهيا عىل املتلقي من أأجل اقناعه والتأأثري فيه‪ ،‬وتكرث‬
‫فهيا صيغ اخلطاب والطلب‪.‬‬
‫نصوص ذات طابع تنبهيىي(‪ ،)Phatique‬ويه هتدف أأساسا اىل احلفاظ عىل اس متراريزة ال زتواصل ومراقبة‬
‫خاصة اىل تسلسل النزص وترابطه حىت يمتكن املتلقي من متابعته‪.‬‬ ‫مدى فعال زيته وجناعته كام تويل عناية ز‬
‫نصوص ذات طابع معجمي أأو لغوي رصف (‪ ،)Fonction métalinguistique‬ويه اليت يأأيت زالرتكزي فهيا‬
‫تجسد يف رشح املتلكم وتبس يطه‬ ‫عىل وس يةل االت زصال من حيث وضوهحا‪ ،‬وحسن أأداهئا لوظيفهتا‪ ،‬وت ز‬
‫لبعض عباراته أأو لكامته‪.‬‬
‫نصوص ذات طابع انشايئ(‪ ،)Fonction poétique‬ويه النزصوص اليت يكون الاهامتم منص زبا فهيا عىل‬
‫اجلانب الشز لكي‪ ،‬كتحسني زالرتاكيب وانتقاء اللكامت مبا يكس هبا طابعا جامليا وفنيا زممزيا‪.‬‬
‫وظفا تصنيف‬ ‫الاجتاه الوظيفي التزواصيل‪ ،‬قد ز‬ ‫الاجتاه البنوي‪ ،‬ومن بعده ز‬ ‫وجتدر االشارة هنا اىل أأن ز‬
‫"جاكسون" يف ال زتميزي بني النزصوص وحتليلها‪.‬‬
‫الس يايق أأو ز‬
‫املؤسسايت(‪:)1‬‬ ‫ال زتصنيف ز‬
‫وهذا التزصنيف ذو طابع اجامتعي‪ ،‬ابعتباره يركزز عىل الوظيفة اليت يؤدزهيا النزص‪ ،‬وقد متخزض عن هذا‬

‫‪ -1‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬الدار العربية للعلوم انشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪106 :‬و ‪.107‬‬
‫‪71‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫التزصنيف ما هو متداول حاليا من متيزي بني النزصوص االعالميزة وادلز ينيزة واالشهارية واالداريزة وغريها‪،‬‬
‫وكام هو واحض فلك نوع من هذه ا ألنواع ابالماكن ردزه اىل املؤسسة الاجامتع زية اليت يصدر عهنا‪.‬‬
‫املوظفة يف النزص(‪:)2‬‬ ‫‪ -3‬ال زتصنيف حسب العمل زية زاذلهن زية ز‬
‫يعترب هذا التزصنيف من أأكرث التزصنيفات وضوحا ودقزة‪ ،‬فهو التزصنيف اذلي زميزي بني أأنواع النزصوص‬
‫توظف يف النزص أأكرث من غريها‪ ،‬اكالس تدالل أأو ز‬
‫الرشح أأو‬ ‫حسب العمليات ا زذلهن زية أأو العقل زية اليت ز‬
‫الرسد وغريها‪ ،‬وعليه فقد زمزي بني ا ألنواع ال زتالية‪:‬‬ ‫العرض أأو ز‬
‫‪ -1.3‬النزص احلجايج( ‪:)3()texte argumentatif‬‬
‫ان الن زية أأو القصد يف هذا النوع من اخلطاب‪ ،‬هو تغيري اعتقاد يفرتض وجوده دلى املتلقي‪ ،‬ابعتقاد‬
‫أآخر يعتقد املرسل أأن زه ا ألحص‪ ،‬كام ينطلق احلجاج يف النزص من مبدا أأن للقارئ أأو ز‬
‫السامع ر أأاي حول‬
‫القضيزة املطروحة أأو موضوع الالكم‪ ،‬وهيدف يف الهنز اية اىل االقناع‪.‬‬
‫و زتطرد يف هذا النزوع من النزصوص عالقات مع زينة‪ ،‬مثل العل زية والتزعارض وغريها‪ ،‬و أأما الاتزساق فريتكز‬
‫فيه عىل التزكرير والتزوازي والتزبيني‪.‬‬
‫‪ -2.3‬النزص االعاليم(‪:)4()Texte informatif‬‬
‫معني يفرتض أأن املتلقي‬
‫ان الغاية يف هذا النزوع من النزصوص يه تقدمي معلومات ومعارف حول موضوع ز‬
‫الصحافة واالشهار‬ ‫جيهلها‪ ،‬أأو ليست دليه معلومات اكفية حوهل‪ ،‬وتمتث زل النزصوص االعالميزة يف ز‬
‫ونس متدزها من املكتبات والأكشاك واملراكز الث زقافيزة والاشرتأاكت‪ ،‬وتستند عىل مؤرشات مرئ زية مثل‬
‫الطباعة وتتو زجه اىل أأغلب امجلاهري لمتكزهنا من الفهم االجاميل‬ ‫العناوين يف كتابهتا ومضاميهنا و أأنواع ز‬
‫ل ألحداث اجلارية‪.‬‬
‫الرسدي (‪:)5()Texte narratif‬‬ ‫‪ -3.3‬النزص ز‬
‫الرسد اصطالحا هو اخبار من مصمي الواقع أأو نسج اخليال‪ ،‬أأو من لكهيام معا يف اطار زماين وماكين‬
‫يبني‬ ‫الرسد اذا‪ ،‬حييل عىل واقع جتري فيه أأحداث مع زينة يف اطار زماين ز‬
‫معني‪ ،‬ز‬ ‫حببكة فنية متقنة(‪ ،)6‬ف ز‬
‫تتطور عرب زالزمن‪ ،‬وعادة ما يش متل اخلطاب الرسدي‬ ‫تتحول ا ألحداث‪ ،‬وكيف ز‬ ‫فيه اذلي حييك كيف ز‬

‫‪ -1‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.107 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.107 :‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ -6‬حيي حسن عمر‪ ،‬كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية‪ ،‬العريب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2019 ،1‬ص‪.335 :‬‬
‫‪72‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫عىل ثالثة مراحل‪:‬احلاةل ا ألوىل (‪،)L’état unitial‬التزحوالت الطارئة‪ ،‬واحلاةل الهنز ائية) ‪ ( L’état final‬كام‬
‫تدرج معني(‪ )Progression‬تفرضه جمرايت ا ألحداث وتعاقهبا‪.‬‬ ‫يش متل أأيضا عىل ز‬
‫‪ -4.3‬النزص الوصفي(‪:)1()Texte descriptif‬‬
‫الوصف اصطالحا هو الرمس ابلالكم اذلي ينقل مشهدا حقيقيا أأو خياليا ل ألحياء أأو ا ألش ياء أأو‬
‫ا ألمكنة بتصوير خاريج أأو داخيل من خالل رؤية موضوعية أأو ذاتية أأو تأأملية(‪ ،)2‬أأما المنط الوصفي‬
‫املكونة لهذا الواقع‪ ،‬وكيف زية انتظاهما يف الفضاء أأو‬ ‫يعكس الوصف واقعا فيه ادراك لكزي وأآين للعنارص ز‬
‫املاكن اذلي توجد فيه‪ ،‬وقد يكون ا ألمر متعل زقا مبوجودات جامدية أأو بأأشخاص أأوبغريها‪ ،‬كام يمتثل‬
‫الوصف يف حماوةل نقل هذا الواقع جبزيئاته وتفاصيهل‪.‬‬
‫وما ميكن قوهل يف ا ألخري خبصوص حماوالت تصنيف النزصوص اىل أأنواع‪ ،‬أأن أأغلب علامء النزص‬
‫يؤكدون عىل صعوبة هذه العملية وذكل دليل يف ر أأهيم عىل ما يف اللغة من تعقيد وتداخل بني خمتلف‬
‫ظواهرها‪ ،‬ولقد اكن "رومان جاكسون" س زباقا اىل اس تنتاج ذكل عندما انهتى يف تصنيفه لوظائف‬
‫اللغة‪ ،‬اىل التزداخل اذلي حيصل بني هذه الوظائف يف أأثناء الالكم‪ .‬حبيث يتع زذر أأن جند زنصا حيتوي‬
‫عىل وظيفة لغوية واحدة‪ ،‬تأأثرييزة اكنت أأم تعبرييزة أأم مرجع زية أأم انشائ زية ‪.‬‬
‫والنتيجة نفسها تقريبا انهتى الهيا "ج‪.‬م‪.‬أآدم"( ‪ )Jean-Michel Adam‬خبصوص أأنواع النزصوص‪ ،‬حيث‬
‫يرى أأن هذه ا ألخرية غري متجانسة اطالقا‪ ،‬ويتجىل انعدام جتانسها يف أأننا جند أأن الفقرة الواحدة‪ ،‬بل‬
‫أأحياان يف امجلةل الواحدة‪ ،‬تداخال بني بنية رسدية وبنية وصفية‪.‬‬
‫فالنزمط الرسدي مثال قد يتض زمن النزمط الوصفي أأواحلواري أأولكهيام وهذان النزمطان (النزمط الوصفي‬
‫الرسدي‪.‬‬ ‫القصة املبنيزة عىل النزمط ز‬ ‫واحلواري) يساعدان عىل ابراز ز‬
‫وكذكل النزمط التزفسريي حيتوي عىل النزمط االبالغي ويتخطاه‪ ،‬ويساعد عىل توضيح ا ألفاكر ورشهحا‬
‫يف النزمط اذلي يغلب عليه النزمط الربهاين‪.‬‬
‫وخاصة ا ألدب زية مهنا ال ختضع النسجام اتم‬ ‫ولعل هذا ما جعل "محمد خطاب" يؤكد بأأن النزصوص‪ ،‬ز‬
‫اذ "كثريا ما جند نصوصا تتعايش فهيا وظائف وصفيزة‪ ،‬رسديزة‪ ،‬جحاجيزة‪ ،‬وال أأدزل عىل ذكل من‬
‫النزصوص ا ألدب زية اليت تتض زمن خليطا من الوصف والرسد واحلجاج ممزا يدعو اىل البحث عن معيار أآخر‬
‫للمتيزي‪ ،‬وهمام يكن فان ادلور اذلي يقوم به النص يف التواصل هو اذلي جيعلنا نصف منطا معينا بأأنه‬
‫نص‪ ،‬وليس شلكه السطحي حفسب"(‪.)3‬‬
‫‪ -1‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪،‬وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.110 :‬‬
‫‪ - 2‬حيي حسن عمر‪ ،‬كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية‪ ،‬ص‪.336 :‬‬
‫‪ -3‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخإلىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.314 :‬‬
‫‪73‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ذلكل يقرتح "أآدم" وهو أأحد أأكرث اللزغويني الغرب زيني اهامتما ابلبحث يف أأنواع النزصوص‪ ،‬حتديدً ا ً‬
‫مغايرا‬
‫ال يكون عىل أأساس النزظر يف البنية العا زمة للنزص‪ ،‬ولكن عىل أأساس النزظر يف طبيعة املقاطع ز‬
‫املكونة‬
‫هل‪ ،‬ومدى همينة أأحدها أأكرث من غريه عىل النزص(‪ ،)1‬اذ غالبا ما تتداخل ا ألمناط حبيث جيمع الاكتب عدة‬
‫أأمناط يف النص الواحد‪ ،‬حيث يندر وجود نص أأحادي المنط‪ ،‬أأما اطالق منط معني عىل نص ما‬
‫فيكون اشارة للمنط الغالب عليه(‪.)2‬‬
‫وذلكل فقد ترت زب عن ال زتحديد ادخال بعض ال زتعديل عىل ال زتصنيف اذلي س بق ذكره ليصبح كام ييل(‪)3‬‬

‫الطابع احلجايج‪ textes à dominante logico argumentative :‬اكملدخالت العلم زية‬ ‫‪ -‬نصوص يغلب علهيا ز‬
‫واحملارضات والتزقارير‪....‬‬
‫الطابع االعاليم أأواالخباري ‪ textes à dominante informative:‬اكملنشورات‬ ‫‪ -‬نصوص يغلب علهيا ز‬
‫والواثئق االداريزة والتزعلاميت االداريزة‪ ،‬ونصوص كيفيزات الاس تعامل‪....‬‬
‫السري واملذ زكرات‬
‫الطابع الرسدي‪ textes à dominante narrative:‬اكلرواايت و ز‬ ‫‪ -‬نصوص يغلب علهيا ز‬
‫والتحقيقات واحملارض‪.‬‬
‫‪ -‬نصوص يغلب علهيا الطابع الوصفي‪ textes à dominante descriptive :‬اكلقصص والروبوراتجات‪،‬‬
‫وعرض التزجارب واملذكزرات‪.‬‬
‫واذا انتقلنا اىل تصنيف النزصوص يف اجملال التزعلميي‪ ،‬جند أأن املشلكة كبرية أأيضا‪ ،‬فاذا أأردان أأن‬
‫تعني علينا‬‫نكسب املتعمل كفاية نص زية عالية ‪ compétente textuelle‬عىل املس تويني القرايئ والكتاب ز‬
‫اطالع التلميذ عىل ع زينة اكفية من لك نوع من ا ألنواع النزص زية مبا ميكزنه من متثزل واستيعاب اخلصائص‬
‫اللزغويزة والبنائ زية للك نوع‪ ،‬لكن ونظرا للتزشعب الكبري للنزصوص‪ ،‬فقد ر أأى بعض البيداغوجيني أأن زه من‬
‫ا ألفيد تصنيف النزصوص حسب املهارة النزص زية اليت نريد تعلميها للتزلميذ‪ ،‬واملهارات النزص زية حمدودة مقارنة‬
‫بأأنواع النزصوص ونذكر مهنا‪ :‬الرسد والوصف والاس تدالل وال زتعبري‪ ،‬وعليه فقد خلصوا اىل التزصنيف‬
‫ا ألخري اذلي اقرتحه "جون ميشال أآدم"( ‪.) Jean-Michel Adam‬‬
‫وجتدير االشارة يف النعاية اىل أأن ما أأتينا عىل ذكره من أأنواع نص زية ليس يف احلقيقة سوى ع زينة حمدودة‪،‬‬
‫اذ هناك أأنواع نص زية أأخرى وتصنيفات مغايرة ال يسع اجملال للتزوسع فهيا‪ ،‬وسواء أأاكن التزصنيف دقيقا أأم‬
‫غري دقيق‪ ،‬فان ما ليس فيه اختالف‪ ،‬هو وجود بعض اخلصائص الشز لك زية واملعجم زية والبنائ زية ز‬
‫القارة يف‬

‫‪1-Adam(J-M) Linguistique textuelle, P. 82.‬‬


‫‪ - 2‬حيي حسن عمر‪ ،‬كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية‪ ،‬ص‪..333-332 :‬‬
‫‪ - 3‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪،‬وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.112 :‬‬
‫‪74‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لك نوع‪ ،‬وهو ما يعين أأن للك نوع بنية جمردة‪ ،‬اذا اس تطعنا حتليلها والوقوف عىل خصائصها أأمكننا‬
‫توليد نصوص عديدة يف اطارها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اشاكلية تصنيف النصوص ‪02‬‬ ‫احملارضة الثامنة‪:‬‬


‫نقدم ملخص بعض أأمناط النزصوص ومؤرشاهتا يف خطوة اجرائية تعني احمللل عىل الاسرتشاد هبا‬
‫واس تدعاهئا أأثناء التعامل مع النصوص‪ ،‬ذكل أأن رصد مالمح النزوع من قبل القارئ يعين توفري اماكنية‬
‫معني من التزوقعات عىل أأساس معرفته ز‬
‫السابقة ببنية النص اللكية‪.‬‬ ‫تنظمي قراءته وفق نسق ز‬

‫ز‬
‫مؤرشاتـــــــه‬ ‫أأنواعــــــه‬ ‫المنط تعريفــــــه‬
‫الرسد اصطالحا هو نقل أأحداث أأو ‪ -‬الرسد الشخيص ‪ -‬ظروف الزمان واملاكن‬
‫‪ -‬امجلل اخلربية‬ ‫أأخبار من مصمي الواقع أأو نسج (سرية)‬
‫اخليال‪ ،‬أأو من لكهيام معا يف اطار ‪ -‬الرسد اخلاريج‪ - .‬أأفعال احلركة‪ ،‬ا ألحداث‬
‫زماين وماكين‪ ،‬حببكة فنية متقنة‪ - .‬الرسد البس يط‪ - .‬يس تعمل فيه الفعل املايض لرسد‬

‫السـردي‬
‫أأما المنط الرسدي‪ ،‬فهو الطريقة ‪ -‬الرسد املركزب‪ .‬ا ألحداث املاضية‪ ،‬أأما الفعل املضارع‬
‫فيضع القارئ يف خضم ا ألحداث‬ ‫التقنية املس تخدمة يف اعداد واخراج‬
‫‪ -‬كرثة الروابط‪.‬‬ ‫النص القصيص وغريه (حصف‪،‬‬
‫جمالت‪ )..‬بغية تقيق غاية املرسل‬
‫منه‪.‬‬

‫‪-‬النص االقناعي ‪ -‬اعامتد ا أل زدةل وا ألمثةل‪ ،‬واس تخدام مضري املتلكم البداء‬ ‫الربهان اصطالحا‪ :‬هو‬
‫أأسلوب تواصيل يريم اىل ‪-‬النص ادلز حيض الر أأي الشخيص‪ ،‬أأومضري جامعة املتلكمني لتأأييد الر أأي‬
‫اثبات قضية أأواالقناع بفكرة ‪-‬النص املقارن بشمولية وجحم أأكرب‪ ،‬ابالكثار من أأساليب النفي‬
‫واالثبات‪.‬‬ ‫أأوايصال ر أأي‪ ،‬أأوالسعي‬
‫‪ -‬تنايم ا ألفاكر‬ ‫لتعديل وهجة نظر من خالل‬
‫ا ألدةل والشواهد‪.‬‬
‫الربهاين احلجايج‬

‫‪ -‬اس تخدام الروابط الزمنية والاس تنتاجية والتعارضية‬


‫والرشطية‪،‬والغائية‪،‬واملتشاهبة مثل ‪( :‬ال‪،‬بل‪ ،‬امنا‪ ،‬ألن‬ ‫أأما المنط الربهاين‪ ،‬فهو‪:‬‬
‫ذلكل‪،‬هكذا‪ ،‬مثال‪ ،‬أأوال‪ ،‬أأخريا‪)...‬‬ ‫الطريقة التقنية املس تخدمة يف‬
‫‪ -‬اس تخدام النعوت ز‬
‫املعربة‪.‬‬ ‫اعداد النص الربهاين‬
‫‪ -‬اس تخدام اخلطاب املبارش‪.‬‬ ‫واخراجه‪ ،‬بغية تقيق غاية‬
‫‪ -‬اس تخدام امجلل القصرية‪.‬‬ ‫املرسل منه‬
‫‪-‬ا ألسلوب املوقع واملكثف ابلتكرار أأو االعارة أأو‬
‫التناوب رشط عدم االس تطراد‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ -‬اس تعامل امجلل االنشائية الطلبية‬ ‫‪ -‬البيـــانـات‬ ‫االيعاز اصطالحا‪ :‬هو أأسلوب تواصيل‬
‫(هنىي‪،‬نداء‪،‬أأمر‪،‬اس تفهام)‬ ‫‪ -‬الوصـفـات‬ ‫يريم اىل توجيه التعلاميت اىل فئة من‬
‫‪ -‬اس تخدام مضري املتلكم واخملاطب‪.‬‬ ‫‪ -‬التوصيــات‬ ‫الناس‪ ،‬ودعوهتم للقيام بعمل ز‬
‫معني‬
‫‪ -‬بعض أأنواع اخلطب‬ ‫أأوحركة أأواختاذ موقف أأوتنفيذ أأمر‪.‬‬

‫االيعـازي‬
‫‪ -‬النصوص ا ألدبية‬ ‫والمنط االيعازي‪ :‬هو الطريقة التقنية‬
‫املس تخدمة يف اعداد النص االيعازي‬
‫واخراجه بغية تقيق غاية املرسل منه‪.‬‬

‫‪ -‬اس تعامل امجلل اخلربية‬ ‫هو المنط اذلي يعرض فيه الاكتب ‪ -‬اجمتـــاعي‬

‫االعــاليم(االخبـــاري‬
‫‪ -‬اس تخدام مضري املتلكم و اخملاطب‪.‬‬ ‫املعلومات وا ألخبار اليت تريم اىل ‪ -‬سيـــايس‬
‫اعالم املتلقي ابملس تجدات والظهور ‪ -‬علمــــي‬
‫‪ -‬فنـــــي‬ ‫مبظهر احلياد‪.‬‬

‫الوصف اصطالحا‪ :‬هو الرمس ‪ .1‬الوصف من حيث ‪ -‬االكثار من الصفات (اخلرب‪،‬النعت‪،‬احلال)‬


‫عالقته ابملوصوف‪ :‬حيث يمتزي بوجود حقول معجم زية خاصة‪،‬‬ ‫ابلالكم اذلي ينقل مشهدا‬
‫مثل احلقل املعجمي لتجميل املوصوف أأو‬ ‫الوصف اخلاريج‪.‬‬ ‫حقيقيا أأو خياليا ل ألحياء‬
‫تقبيحه‪.‬‬ ‫أأوا ألش ياء أأو ا ألمكنة بتصوير الوصف ادلاخيل‪.‬‬
‫خاريج أأوداخيل‪ ،‬من خالل ‪ -2‬الوصف من حيث ‪ -‬اس تعامل املامثةل والتشبيه واجملاز‪.‬‬
‫‪ -‬اس تخدام الفعل املايض لدلالةل عىل‬ ‫عالقته ابلواصف‪:‬‬ ‫رؤية موضوعية أأوذاتية‬
‫الوصفي‬
‫‪ -‬الوصف املوضوعي وصف ما مىض والفعل املضارع لدلالةل‬ ‫أأوتأأملية‪.‬‬
‫عىل احليوية واحلركة واالس مترار‪.‬‬ ‫أأما المنط الوصفي فهو‪ :‬الطريقة ‪ -‬الوصف اذلايت‬
‫التقنية املس تخدمة ويقوم عىل‪ - :‬الوصف التأأميل‪ - .‬اس تعامل ا ألساليب الانفعالية (التعجب‪،‬‬
‫المتين‪ ،‬تأأ زوه‪ ،‬مبالغة‪ ،‬تفضيل‪ ،‬مدح‪ ،‬ذم)‬ ‫‪ -‬النظر الثاقب‬
‫‪ -‬املالحظة ادلقيقة‬
‫‪ -‬املهارة يف التعبري و الربط‬

‫أأمهية تصنيف النزصوص‪:‬‬


‫من البدهيىي أأن الانامتء اىل جنس ما‪ ،‬يقتيض من املنتسب اش امتل مجيع خصائص اجلنس املصنف‬
‫فيه‪ ،‬فاليشق بعد ذكل عىل لك واحد حتديد النوع يف ضوء توفر ملمحه العام يف العينة‪ ،‬يبدو احلال‬
‫‪77‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ذاته يف سعينا لتحديد خصائص أأنواع النصوص‪ ،‬اذ يكفي اس تدعاء القرائن من أأجل نس بة النصوص‬
‫خمتلفة التكوين اىل نوع ما‪ ،‬وهو ما جعل"ج‪ .‬فينيري" يشرتط للتعاممل املوضوعي مع النص لفهمه‬
‫وللوقوف عىل مظاهر االبداع فيه ( أأن) ال يمت اال اذا اكن هذا النص خاضعا يف اش تغاهل لقوانني أأو‬
‫مواصفات النوع ا ألدب اذلي ينمتي اليه(‪ ،)1‬ذلكل يتعذر فهم نص فيه خرق كبري لقواعد النزوع‪ ،‬فعملية‬
‫التصنيف يه من ا ألمهية مباكن يف لك اجملاالت وخباصة ما تعلق مهنا ابجملال البيداغويج‪ ،‬اذلي ُر ِكزز فيه‬
‫حديثا عىل التداول ومهنجيات الانتفاع به يف ظل تأأثره بنتاجئ البحوث اللسانية‪ .‬ذكل أأن من شأأن‬
‫معني من النزصوص اجياد اسرتاتيج زيات مع زينة للقراءة‪ ،‬والتحليل‬ ‫الوقوف عىل طريقة بناء واش تغال منط ز‬
‫حبسب طبيعة لك منط من النزصوص يسهزل الحماةل وضع مهنجية لتدريس النزصوص والانتفاع هبا‪ .‬ذلكل‬
‫يشرتط من "معايري النصية أأن يكون للنص هوية وانامتء‪ ،‬ومعىن ذكل أأن يكون هل نوع (‪ )Type‬ودليل‬
‫أأن التصوص أأنواع ما يراه "هاليداي"و"رقية حسن" من أأن الكفاية النصية العامة اليت تتوفر دلى‬
‫متلكمني بلغة معينة‪ ،‬تقرتن دامئا بكفاية نوعية تمتثل يف قدرة قارئ ما عىل المتيزي بني أأنواع من النصوص‬
‫بقطع النظر عن مضاميهنا‪ ،‬وهذا يقتيض ممن ميارس الكتابة أأن حيرتم خصائص لك نوع اذا أأراد أأن حيقق‬
‫للنص املنجز اتساقه(‪.)2‬‬
‫ان الفائدة البيداغوجية اليت ميكن أأن جننهيا من معرفة خصائص لك نوع من أأنواع النزصوص يه أأن‬
‫معني من خالل تعامهل مع مناذج عديدة منه‪ ،‬فان زه يكتسب كفاية‬ ‫التزلميذ اذا اس توعب أليات انتظام نوع ز‬
‫أأو همارة نص زية ت زيرس هل ال زتعامل مع ابيق النصوص حبيث يصبح ابماكنه توقع مأالت النزص قبل الوصول‬
‫الهيا‪.‬‬
‫وعليه تبدو الغاية من التعلمي يه اعداد الفرد للحياة‪ ،‬من خالل متكينه من قراءة وكتابة أأنواع متعددة‬
‫من النصوص‪ ،‬فهو حباجة اىل كتابة املراسالت االداريزة أأوالعمل زية‪ ،‬أأوكتابة التزقارير والعروض أأوالكتابة‬
‫عن مشاريع هت زمه‪...‬اخل‪ ،‬واذا مل يتعمل الفرد كيف يرت زب أأفاكره‪ ،‬وكيف يقدز هما للغري‪ ،‬وكيف يدافع عن‬
‫جحجه فان ذكل س يؤثر ال حماةل عىل مصاحله ومقاصده‪.‬‬
‫يغلب يف كتاابتنا أأو يف حماداثتنا أأن ننقل أأحدااث مقنا هبا أأو عايناها ابلكيفية اليت نروم مبوجهبا التأأثري يف‬
‫السامعني‪ ،‬حبيث نودل فهيم انطباعات مشاهبة لتكل اليت عايش ناها عن كثب‪ ،‬ولن يتأأىت لنا ذكل مامل‬
‫نتعمل كيفية بناء نص قصيص‪ ،‬وا ألمر ذاته اذا ما هتيأأان لدلفاع عن فكرة نعتقد حصهتا‪ ،‬فقد جنانب الاقناع‬
‫اذا مل نتعمل كيفية بناء نص جحايج‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص‪،‬وجماالت تطبيقه‪ ،‬ص‪.113 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪84 :‬و‪.85‬‬
‫‪78‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ولهذا فان تصنيف النزصوص ومعرفة قواها االجنازية خطوة هامة يف معل زية التزعلمي والتز زعمل‪ ،‬وتطبيقها لن‬
‫تليب أأذواق املتعلزمني‬
‫للمتعمل مناذج عديدة من أأنواع خمتلفة من النزصوص ز‬ ‫يكون ذا فعالية كبرية اذا مل تقدم ز‬
‫وميوهلم القرائ زية والتزعبرييزة املامتش ية مع مقتضيات العرص احلارض‪.‬‬
‫ويرى "دي بوجراند" أأن زه " لرمبا اكن يف اس تطاعة النزاس أأن يس تعملوا النزصوص دون أأن حيددوا‬
‫أأنواعها‪ ،‬غري أأن الكفاءة عندئذ تقل وطريقة ال زتفاعل بني املتلكزم أأو الاكتب وبني السامع أأو القارئ تظل‬
‫غامضة"(‪ .)1‬فا ألمناط اخملتلفة للنزصوص تساعد عىل ايصال الفكرة عندما حيسن لك من الاكتب والقارئ‬
‫السامع توظيفها‪.‬‬‫أأو ز‬
‫ومنه ميكن أأن نس تنتج أأن معرفتنا بأأنواع النصوص والوقوف عىل خصائصها وطرائق انتظاهما‬
‫واش تغالها‪ ،‬من شأأنه أأن ميكزننا من وضع واتباع اسرتاتيج زيات مع زينة للقراءة والكتابة حسب طبيعة لك‬
‫نوع‪ ،‬ومنه اىل وضع طرائق مالمئة لتعلمييزة النزصوص عىل املس تويني القرايئ واالنتايج(الكتاب)‪ ،‬فتحصل‬
‫للمتلقي ملكة نصية تؤههل ألن مي ززي بني أأنواع النصوص بناء عىل مؤرشاهتا النصية‪ ،‬كام ميكنه أأن ينتج‬
‫نصوصا يمتثل فهيا طرائق ا ألدابء الكبار يف اش تقاق املعىن من املادة اللغوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.419 :‬‬


‫‪79‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫احملادثة وحتليلها‬ ‫ادلرس التاسع‪:‬‬


‫متهيد‪:‬‬
‫جتاوز اللسانيون الاهامتم بطرائق التواصل اللساين وغري اللساين اىل العناية ابجلانب التفاعيل‬
‫اذلي حتققه التبادالت الفعلية بني املشاركني يف معلية التواصل‪ ،‬حيث اعتنت ادلراسات اللسانية يف‬
‫ا ألعوام ا ألخرية‪ ،‬ابملنطوقات(‪ )‬وبتحليل بنيهتا للكشف عن القدرات التواصلية ملس تعميل اللغة‪ ،‬وكذا‬
‫ابجلوانب التداولية لالس تعامالت املتداوةل بني أأفراد اجملموعة اللغوية املتجانسة‪ ،‬اذ تركز التداولية‪ ،‬يف‬
‫حتليلها للمنطوقات‪ ،‬عىل توضيح ا ألفعال اللغوية حيث القصدية واملقبولية اليت تؤدهيا تكل املنطوقات‪،‬‬
‫كام اعتنت علوم كثرية بتحليل احملاداثت‪ ،‬ابعتبارها أأمه أأشاكل التواصل‪ ،‬بل يه كام يعتربها"فان ديك"‪،‬‬
‫تتقدم عىل أأشاكل أأخرى للالكم‪ ،‬وبلك تأأكيد عىل أأشاكل االتصال الكتاب(‪ ،)1‬وهذا ما يقتيض‪ ،‬حس به‪،‬‬
‫عدم الرتكزي يف حتليل احملاداثت عىل بنية النص حفسب‪ ،‬بل نعتين أأيضا مبس توى التفاعل الاجامتعي‬
‫اذلي يعد املفهوم ا ألعىل لتخصيص احملادثة اليومية‪ ،‬والاهامتم بسامت التفاعل الاجامتعي عىل مس توى‬
‫التواصل املبارش‪/‬وهجا لوجه بني ا ألفراد‪ .‬فزالت بذكل احلواجز القامئة بني النص واحملادثة‪ ،‬و أأصبحت‬
‫هذه ا ألخرية موضوع اهامتم كثري من الباحثني‪.‬‬
‫‪ .1‬مفهوم احملادثة )‪:(la conversation‬‬
‫ورد مصطلح "احملادثة" بزنة "مفاعةل" وتدل هذه الصيغة يف اللغة العربية عىل املشاركة يف احلمك‪،‬‬
‫حيث مت زثل"تفاعال الكميا"(‪ ،)2‬وقد زعرفها السلوكيون بأأهنا "مجع بني مثري واس تجابة‪ ،‬مث حل حمل هذه‬
‫النظرة الضيقة حبث يف تبادل ا ألدوار وما يش متل عليه من نظرة اىل العمل احلواري مبا فيه من فعل ورد‬
‫فعل بوصفهام مكونيني لنظام احلديث(‪ ،)3‬الواحض أأن السلوكيني جعلوا احملادثة اس تجابة طبيعية ملثري‬
‫خاريج حيمل املتخاطبني عىل التحادث‪ ،‬منطلقني من أأن اللغة سلوك انساين ال يتحقق اال مبثري‪ ،‬بيد‬
‫أأنه بعد ما حلق ادلراسات اللسانية من تطور‪ ،‬صار ينظر اىل اللغة من حيث ار ُ‬
‫تباطها بتبادل ا ألدوار‬
‫الالكمية بني املتلكمني‪ ،‬فصار هذا التفاعل الالكيم أأشد وضوحا يف احملادثة ذلكل اشرتط فهيا "حتقق‬
‫لك طرف (فاعال ومفعوال به) يف الآن‬ ‫الفعل اللغوي املقصود من مجيع احملادثني واملداخلني‪ ،‬فيكون ز‬

‫‪ )‬توجد مصطلحات ابإلض افة إىل الصنف األساسي‪ :‬احملادثة‪ ،‬احلوار‪ ،‬احلديث‪ ،‬التعقيب‪ ،‬املناقشة‪ ،‬املداخلة‪ .‬ينظر‪ :‬فان ديك‪ ،‬علم النص مدخل متداخل‬
‫االختصاصات‪ ،‬ص‪ - .251 :‬مجعان بن عبد الكرمي‪ ،‬إشكاالت النص‪ ،‬دراسة لسانية نصية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،2009 ،‬ط‪،1:‬‬
‫ص‪.87 :‬‬
‫‪ -1‬تون أ فان دايك‪ ،‬علم النص مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬ص‪.374 :‬‬
‫‪ -2‬مجعان بن عبد الكرمي‪ ،‬إشكاالت النص‪ ،‬دراسة لسانية نصية‪ ،‬ص‪.88 :‬‬
‫‪ -3‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.491 :‬‬
‫‪80‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫نفسه"(‪ ،)1‬وهذا يعين أأن التفاعل بني املتحادثني مبارش ويف س ياق خاص يتيح اماكنيات الفهم واالفهام‬
‫تشلك وحدة‬ ‫مما ييش بأأن احملادثة نشاط لغوي منظم‪ .‬غري أأن املعيارين يقومان بدور نس يب‪ ،‬حيث ال ز‬
‫املاكن وكذكل االتصال وهجا لوجه ‪ ...‬رشطا ال ميكن الاس تغناء عنه‪ ،‬اذ ميكن للوسائل التقنية مثل‬
‫التلفون والتلفزيون وما عداهام أأن تقوم مبهمة بديةل(‪.)2‬‬
‫كام أأورد بعض الباحثني تعريفات خمتلفة للمحادثة؛ مفهنم من اعتربها"حمصةل النشاط اللغوي دلى‬
‫مشرتكني اثنني يف احلديث عىل ا ألقل(رشاكء التفاعل)(‪ ... )3‬أأما من أأجل تعريف احملادثة فقد مت اىل الآن‬
‫حتديد الصفات النوعية الآتية‪:‬‬
‫أأ‪ .‬عىل ا ألقل مشرتاكن يف التفاعل‪.‬‬
‫ب‪ .‬تبادل الكم الزايم‪.‬‬
‫ج‪ .‬موضوع احملادثة اذلي يوجد يف بؤرة الاهامتم يف الوعي االدرايك للمشرتكني يف احلدث‪)4(.‬‬

‫الواحض أأن صفات احملادثة تتحدد بتوافر هذه العنارص؛ وجود خشصني عىل ا ألقل‪ ،‬حدوث تبادل‬
‫الالكم‪ ،‬ابالضافة اىل مادة التخاطب‪ ،‬ومن الباحثني من أأضاف عنرص ا أللفة بني املتخاطبني‪ ،‬كام جاء‬
‫يف تعريف"دومنيك مانغومو" (‪ )Dominique Maingueneau‬اذ يقول ‪ :‬فاملشاركون اذلين ميكهنم أأن يكون‬
‫أأكرث من اثنني‪ ،‬مه قريبون يف الزمان واملاكن وبيهنم عالقات أألفة و أأنس(‪ ،)5‬ملا لهذه العالقة من أأثر يف‬
‫ضامن اس مترار احملادثة‪ ،‬حيث تبادل ا ألدوار يف الالكم‪ ،‬لوجود ما يشلك مواقف اتصالية مشرتكة‪.‬‬
‫‪ .2‬سامت احملادثة‪:‬‬
‫مشاركني عىل ا ألقل مؤيدا ابحلضور التخاطيب‬‫ْ‬ ‫تعرف احملادثة بأأهنا"تفاعل لفظي‪ ،‬تفرتض وجود‬
‫لمر بـ"مواقف اتصالية اثبتة نسبيا اكلطقوس واملباروات اللفظية والتقايض(‪)7‬‬ ‫الطبيعي(‪ ،)6‬وان تعلق ا أ‬
‫وهذا سبب اختالف احملادثة عن ا ألنواع ا ألخرى من النصوص وخباصة من حيث اعامتدها عىل تأأثري‬
‫املوقف سواء أأاكن املوقف حارضا أأم مشرتاك يف املايض‪ ،‬ويعني هذا التأأثري عىل حتديث ثري للتوقعات‬
‫وعىل اسرتجاع دامئ لتأأثري ما يقال(‪ )8‬اذ مينح هذا الطابع املبارش تفاعال عىل ادلوام‪ ،‬وابلتايل فللمحادثة‬

‫‪ -1‬مجعان بن عبد الكرمي‪ ،‬إشكاالت النص‪ ،‬دراسة لسانية نصية‪ ،‬ص‪.88 :‬‬
‫‪ -2‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.254 :‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.252 :‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.254 ،253 ، ،252 :‬‬
‫‪ -5‬دومنيك مانغومو‪ ،‬املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬حممد حيياتن‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ -6‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.491 :‬‬
‫‪ -7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.492 :‬‬
‫‪ -8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.494 :‬‬
‫‪81‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مظهر حواري يعزز اختالفها عن ابيق أأشاكل احلوار ا ألخرى‪ ،‬فعنارصها ال تتجه طبقا لغرض كام يف‬
‫املرسحية‪ ،‬بل اهنا "مواقف منوذجية خيضع الناس فهيا لعوامل اجامتعية من أأجل احلفاظ عىل اس مترارية‬
‫االتصال‪ ،‬وهذا الاس مترار يتطلب اس مترارا مناس با للموضوع"(‪ ،)1‬وتتناقض احملادثة مع اخلطاب‬
‫املنولويج من حيث عدد املشاركني واسهاماهتم‪ .‬واحملادثة يه يف الآن نفسه‪ ،‬تفاعل لفظي وخطاب‬
‫حواري وحوار‪ ،‬وان وجود التفاعل بني هذه املتطلبات هو املسؤول عن بنية احملادثة وليس فقط تغري‬
‫وتنوع مواقف هذه ا ألخرية)‪ .(2‬ومن السامت ا ألساس ية لهذا النشاط‪:‬‬
‫‪ -‬التفاعل‪ :‬التفاعل صورة من صور التواصل‪ ،‬وهو ذكل التأأثري املتبادل بني املشاركني يف معلية‬
‫التحدث‪ ،‬وتعرفه"ك‪ .‬أأركيوين"(‪ )K-Orecchioni‬بأأنه"الوحدة التواصلية اليت متثل اس مترارية داخلية مؤكدة‬
‫(اس مترارية امجلاعة واالطار الزماين واملاكين‪ ،‬اضافة اىل املواضيع املقتحمة) بيامن تكون مقطوعة عام س بقها‬
‫وما يلهيا(‪ .)3‬وميزي"فان ديك"بني حديث وحمادثة وحوار‪ ،‬ويرى أأن احملادثة وحدة تفاعل اجامتعية تتكون‬
‫من سلسةل متشعبة من أأحداث (لغوية)‪ ،‬وحتدد ارتباطا ابلس ياق الاجامتعي‪ .‬وعىل النقيض مفن ذكل‬
‫أأن يعد احلديث جتريدا لغواي أأو نظراي نصيا‪ ،‬اكلوحدة النصية اليت تتشلك يف سلسةل منتظمة من‬
‫املنطوقات اليت تتجىل يف احملادثة‪ ...‬بيامن تكون املصطلحات مثل الرتابط والتتابع يه خواص للحديث‪.‬‬
‫ا زن مصطلح احلوار شالك أأمع‪،‬و يتعلق ابحلديث‪ /‬ابحملادثة‪ ،‬وبأأشاكل أأخرى للتفاعل اللغوي‪ ،‬عىل سبيل‬
‫املثال حبوار بني قضاة ومدع علهيم‪ ،‬ويمتزي مصطلح احلوار بأأن ا ألمر فيه ال يتعلق بتفاعل أأحادي(‪.)4‬‬
‫‪ -‬تناوب ا ألدوار بني املتلكمني‪ ،‬حيث ان عدد املشاركني يف الفعل رضوري‪ ،‬لكنه غري اكف‪ ،‬فيفقد‬
‫بذكل هذا التفاعل صفة احملادثة؛ من مثل توقف املتلكمني عن احلديث بعد ما اكان متفاعلني‪ ،‬وذكل‬
‫لعارض ما‪ ،‬فتحل ا ألفعال غري اللغوية حمل ا ألفعال اللغوية املقرتنة فقط بنشاطهم‪ ،‬أأو اس تئثار أأحد‬
‫طريف احملادثة ابحلديث؛ أكن يتحدث الطرف ا ألول دلقائق عديدة والطرف الثاين يبق صامتا‪ ،‬وكذا‬
‫اذا مت تسجيل مشاركني يف الفعل‪ ،‬زفانه ال ميكن الالكم عن احملادثة يف هذه احلال‪ .‬مبعىن أأن رشط‬
‫تناوب ا ألدوار بني املتلكمني رضوري لتقيق نشاط احملادثة‪ .‬حيث "يكون حديهثم عن موضوع يوجد يف‬
‫بؤرة الاهامتم يف وعهيم االدرايك(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.505 :‬‬


‫‪2 -Christian Baylon et Xavier Mignot, La Communication, 2eme edition, Editio Nathan,France, 1994.P:‬‬
‫‪194,195.‬‬
‫‪3 -Kerbrat- Orecchioni ,C, La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996,p :36 .‬‬
‫‪ - 4‬تون فان دايك‪ ،‬علم النص مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪375 :‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪،‬ص‪.253 :‬‬
‫‪82‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يعترب"فان ديك" ا ألدوار" وحدات أأساس ية وظيفية ممزية للمحادثة‪ ،‬ترتابط هذه ا ألدوار منقوةل اىل‬
‫تتابعات املنطوق والفعل الالكيم ملتحدثني متتاليني عىل مس توايت خمتلفة‪ ...‬يتضمن مصطلح ادلور‬
‫تبادل ادلور أأي انتقال الالكم"(‪ )1‬اذ يتبادل املتلكمون أأدوارا معينة تنتظم أأفقيا وزمنيا‪ ،‬فال ميكن انتاج‬
‫املنطوقات ومن مث فهمها اال اذا انتظمت يف نسق خطي ممتد يف الزمن‪ .‬وهذه السامت يه‪ ،‬يف نظر‬
‫"ديرت فهيفيجر"(‪ ،)Dieter Viehweger‬موضوعية جدا‪ ،‬يف حني يذكر مستني أأخريني‪ ،‬لكهنام غري‬
‫موضوعيتني يف نظره‪ ،‬و زمها‪ :‬الفورية يف االتصال وهجا لوجه‪ ،‬والاحتفاظ هبوية االطار الزمين واملاكين(‪،)2‬‬
‫اال أأن هذين املعياريني" املاكن ووهجا لوجه" يقومان بدور نس يب ميكن الاس تغناء عنه‪ ،‬اذ ميكن أأن تقوم‬
‫وسائل تقنية اكلتليفون والتلفزيون مقاهمام‪.‬‬
‫وختتلف احملادثة‪ ،‬حسب"فان ديك"‪ ،‬عن بقية أأشاكل التواصل‪ ،‬يف معايري نظامية ‪:‬تركيبية ووظيفية‪،‬‬
‫حيث ا زن "عمل اللغة ميكن أأن يعىن ابجلوانب النحوية للنص والربط ادلاليل والرباجاميت‪ ،‬وعمل النفس من‬
‫خالل الرشوط االدراكية والانفعالية‪ ،‬وعمل الطب النفيس والتخصصات اخملتلفة للعالج النفيس من‬
‫خالل حتليل ا ألدوار اليت يلعهبا احلديث ابلنس بة للوضوح ‪...‬و أأخري عمل الاجامتع ابلنس بة للمحادثة‬
‫ابعتبارها صيغة من صيغ التفاعل الاجامتعياليت ترتبط مبفاهمي مثل‪ :‬ا ألدوار والوظيفة واحلاةل وعالقات‬
‫اجامتعية متشعبة(‪ ،)3‬يف حني ال توجد للحديث اليويم قيود تصنيفية للمشاركني‪ ،‬اذ لك مس تخدم للغة‬
‫ميكن أأن يشرتك يف مواقف حمددة بأأطر اجامتعية‪"،‬فا ألطر يه أأبنية اثبتة ألطر منطية أأو تقليدية‬
‫ألحداث اجامتعية‪ ،‬حيقق من خاللها املشاركون عادة تصنيفات خاصة(‪. )4‬‬
‫ابتداء ميكن أأن يدور حديث حول أأي موضوع برمغ من أأنه‬ ‫كام ال توجد قيود مضمونية اثبتة‪ ،‬حيث ً‬
‫توجد ابلنس بة ألحاديث معينة قيود داللية حمددة‪ .‬وقليال ما توجد قيود تداولية‪ ،‬اذ ميكن مع أأحاديث‬
‫ما أأن تتواىل‪ ،‬ويف الهناية ال توجد قيود خاصة ابلس ياق الاجامتعي‪ ،‬حيث يف أأغلب الس ياقات ميكن‬
‫أأن جتري أأحاديث‪ ،‬ومن هنا يصل فان ديك اىل أأن احلديث هو الشلك ا ألساس للتحاور وضبط أأبنية‬
‫اجامتعية يف التفاعل عىل املس توى ا ألصغر‪ ،‬أأي العالقات املبارشة بني املتلكمني‪.‬‬
‫ان اخلواص املذكورة تنطبق عىل احلديث اليويم واليت جتري يف س ياقات غري رمسية بني مشاركني‬
‫متساويني‪ ،‬يف الشارع‪ ،‬يف احلافةل‪ ،‬يف املطعم‪ ...،‬اخل‪.‬‬

‫‪ - 1‬فان ديك‪ ،‬علم النص"مدخل متداخل االختصاصات"‪ ،‬ص‪.396 :‬‬


‫‪ - 2‬فولفجانج هاين مهان ديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.254 :‬‬
‫‪ - 3‬فان ديك‪ ،‬علم النص"مدخل إىل علم اللغة النصي"‪ ،‬ص‪345 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.395 :‬‬
‫‪83‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لكن هناك أأحاديث أأكرث خصوصية‪ ،‬مثل ‪:‬احلديث الطيب‪ ،‬واملؤسسايت‪ ،‬والاختبار وادلرس‪ ،‬والبيع‪،‬‬
‫واالذاعة والتلفزييون‪ ...‬اخل‪ ،‬واليت تس تلزم قيود فئات املشاركني وا ألفعال الالكمية املمكنة‪ ،‬واملضامني‬
‫وا ألسلوب والس ياقات الاجامتعية‪ ،‬اذ يكتسب مصطلح احلديث هنا‪ ،‬كام يقول فان ديك‪ ،‬املعىن ا ألمع‬
‫للحوار (املنطوق)‪ ،‬ففي هذه احلاالت يكون احلديث خمططا‪ ،‬اذ تدور هذه ا ألحاديث يف ماكن معني‪،‬‬
‫ويف س ياق‪ /‬اطار اجامتعي معني‪ ،‬وتدور حول موضوع معني‪ ،‬يوجد مشاركون هلم الوظيفة ‪/‬ادلور‪،‬‬
‫وخاصية وهمنية‪ ،...‬ويلزتمون مبوضوع احلديث‪ ،‬ويثريون أأفعاال لغوية معينة‪...‬اخل ‪.‬وعليه‪ ،‬فان هذه‬
‫ا ألحاديث ميكن متيزيها بناء عىل معايري ‪:‬فئة املشاركني‪ ،‬وعالقاهتم املتبادةل‪ ،‬وموضوع احلديث‪،‬‬
‫والس ياق‪ ...،‬اخل ‪ .‬نصل اىل أأن من أأبرز سامت احملادثة تبادل ا ألدوار فهيا‪ ،‬وهذه ا ألدوار تتجه يف تتابع‬
‫خطي أأفقي‪ ،‬وادلور هو ما يقوهل املتحدث أأثناء اسهامه يف التفاعل‪.‬‬
‫‪ .3‬مكوانت احملادثة ‪ )1( :‬اختلف حمللو احملاداثت يف حتديد املكوانت ا ألساس ية للمحادثة؛ فـحرصها‬
‫"ادي رويل")‪ (E. Roulet‬و"جاك موشلر")‪ (J. Moeschler‬يف ثالثة عنارص‪ ،‬يه‪ :‬التبادل‪ ،‬والتد زخل‪،‬‬
‫والفعل الالكيم‪ ،‬اذ يرى "موشلر" أأن حتديد منوذج تسلسيل ووظيفي للمحادثة يفرتض عىل ا ألقل‬
‫ش يئني‪ :‬أأوهلام اماكنية حتليل حمادثة ما بوساطة نظام من وحدات ذات نسق تتابعي؛ اثنهيام وظيفية‬
‫العالقات اليت تربط بني هذه الوحدات(‪.)2‬‬
‫وتمتزثل الوحدات الأكرث تالءما لوصف تنظمي احملاداثت حسب "ك ‪ .‬أأوركيوين" )‪،(K. Orecchioni‬‬
‫لك من التفاعل والتبادل واملتوالية‬ ‫يف ‪ :‬التفاعل‪ ،‬التبادل‪ ،‬املتوالية‪ ،‬التدخل و أأفعال الالكم‪ ،‬فيشلك ز‬
‫وحدات احلوار‪ ،‬أأما التدخل و أأفعال الالكم فهىي وحدات مكونة للمونولوج ( أأحادي الالكم)‪.‬‬
‫تتناسق ا ألفعال الالكمية )‪ (les actes de langages‬لتشلك تدخالت)‪ (interventions‬هذه ا ألفعال‬
‫والتدخالت ينتجها املتلكم ذاته ومبفرده؛ ومبجرد أأن يتدخل متلكامن عىل ا ألقل‪ ،‬فان املسأأةل سوف‬
‫تتعلق ابلتبادل )‪ ،(échange‬مث تتناسق التبادالت لتشلك متواليات)‪ (séquences‬لتشلك هذه ا ألخرية‬
‫تفاعالت )‪ (interactions‬بعد تناسقها‪ ،‬وتشلك هذه التفاعالت وحدات عليا )‪(unités maximales‬‬
‫للتحليل‪ .‬ويعرف هؤالء الباحثون املكوانت السابقة كام ييل‪:‬‬
‫التفاعل )‪ :(interaction‬التفاعل هو صورة من صور التواصل‪ ،‬وهو ذكل التأأثري املتبادل بني املشاركني‬
‫يف معلية التحدث‪ ،‬وتعرفه"ك‪ .‬أأوركيوين" )‪ (K. Orecchioni‬بأأزنه" الوحدة التواصلية اليت مت زثل اس مترارية‬
‫داخلية مؤكدة (اس مترارية امجلاعية املشاركة واالطار الزماين واملاكين‪ ،‬اضافة اىل املواضيع املقتحمة) بيامن‬

‫‪ -1‬عليك كايسة‪ ،‬بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية‪ ،‬جملة‪ ،‬املمارسات اللغوية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬مج‪ ،7:‬ع‪ ،3 :‬ص‪،10 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.106 :‬‬
‫‪84‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تكون مقطوعة عام س بقها وما يلهيا(‪ ،)1‬ويعترب التفاعل الوحدة الكربى يف تتابع احملادثة‪ ،‬يتأأزلف من‬
‫متواليات‪ ،‬ويتشلك عرب ثالث مراحل متتالية ‪:‬الافتتاح‪ ،‬املوضوع‪ ،‬الاختتام‪ ،‬وتُعترب املرحةل ا ألوىل‬
‫والثانية مرحلتني هممتني الدراك مدى حتقيق املشاركني يف احملادثة لبنيات تفاعلية‪.‬‬
‫التبادل ‪ :‬وهو أأصغر وحدة حوارية مكونة للتفاعل‪ ،‬يرتكب عىل ا ألقل من اسهامني تبادليني حسب‬
‫ملتلكمني خمتلفني‪ ،‬فهو اذن مكون معقد‪ ،‬والتبادل اذلي ال يتضمن اال دورين تبادليني هو‬ ‫أأدوار الالكم ز‬
‫تبادل أأدىن(‪ )2‬بني نوعني أأساس يني‪ ،‬وميزي"قومفان"(‪ )Goffman‬بني نوعني من التبادالت يف معرض‬
‫توضيحه بنية التبادل‪ ،‬وهام ‪:‬‬
‫تبادالت تأأكيدية )‪ )3((confirmatifs‬ويه املالمئة لتبادالت الافتتاح والاختتام‪ ،‬وتتكون من تدخزالت‬
‫وظيفهتا ذات طبيعة تعبريية مثل التحيات‪ .‬كام يف(‪1‬و‪ )2‬فامي يأأيت‪:‬‬
‫ب‪ -‬عليمك السالم‬ ‫أأ‪ -‬السالم عليمك‬
‫ب‪ -‬خبري‪ ،‬شكرا ‪ ،‬و أأنت؟‬ ‫أأ‪ -‬كيف حاكل؟‬
‫هذا النوع من التبادل ذو بنية بس يطة‪ ،‬وثنايئ يف الغالب‪ .‬ويف الواقع‪ ،‬خيتمت التبادل عن طريق تبزين‬
‫اخملاطب سلواك مشاهبا لسلوك املتحدث ا ألول‪ ،‬ومرتبطا مبامرسة طقوس ية‪ .‬فالطبيعة الطقوس ية للتبادل‬
‫التأأكيدي توحضها من هجة وظيفهتا املمتثةل يف‪:‬‬
‫تأأكيد وجود عالقة اجامتعية بني ا ألفراد‪.‬‬
‫ومن هجة أأخرى الظروف اليت ينتج فهيا التبادل ‪ :‬فهو ينمتي اىل طقوس التحية ورد التحية عن طريق‬
‫القاء السالم( أأي اثبات التفامه االجياب‪ ،‬يؤكده تدخل اخملاطب)‪ ،‬وليس الرد احلريف‪ ،‬مثال‪ ،‬عىل طلب‬
‫معلومات عن الوضع الصحي(‪.)4‬‬
‫تبادالت اصالحية )‪: )5((réparateurs‬من التبادالت الطقوس ية‪ ،‬وتقوم عىل مبد أأ اصالح اهانة غري‬
‫متعمدة ‪:‬مثال‪ :‬رلك ( أأ) ِر ْجل (ب) عن غري قصد‪.‬‬
‫) أأ) ‪ :‬معذرة‪.‬‬
‫(ب)‪:‬ال تقلق‪.‬‬
‫ففكرة الاعتذار حسب قومفان‪ ،‬تسمح لـ ( أأ) ابصالح االهانة اليت اكن مصدرها ترصفه اخلاطئ‪.‬‬

‫‪1 - Kerbrat- Orecchioni ,C, La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996,p :36 .‬‬
‫‪ - 2‬نقال عن ‪ :‬عليك كايسة‪ ،‬بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية‪ ،‬جملة‪ ،‬املمارسات اللغوية‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪85‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫املتوالية‪ (séquence) :‬ويه عند " أأوركيوين" كتةل من التبادالت عىل قدر كبري من الانسجام ادلاليل‬
‫والتداويل‪ ،‬أأي تعاجل املوضوع ذاته وتركز عىل املهمة نفسها‪ .‬وتذهب املؤلفة اىل أأن معظم التفاعالت‬
‫جتري حسب اخملطط العام‪ ،‬وهو اكلتايل‪ :‬متوالية الافتتاح‪ ،‬هيلك التفاعل‪ ،‬متوالية الاختتام(‪.)1‬‬
‫وحتمل متواليات الافتتاح والاختتام وظائف خاصة (مفن أأجل الافتتاح ينبغي احداث متاس نفيس‬
‫وفزياييئ بني املتخاطبني" وظيفة انتباهية)‪ ،‬ابعامتد بعض الطقوس" التأأكيدية " كعبارات التحية‪ ،‬أأو‬
‫اظهار ترصفات ودية‪ ،‬والرسور اذلي نشعر به بسبب ذكل اللقاء‪) ...‬؛ أأما الاختتام‪ ،‬حيث تنظمي‬
‫هناية اللقاء بكيفية متنامغة‪ ،‬مع اس تخدام بعض التعابري مثل‪ :‬تقدمي اعتذار وتربير اذلهاب‪ ،‬تقدمي‬
‫تشكرات‪ ،‬حتيات الافرتاق‪ ،‬متنيات‪.‬‬
‫التدخزل‪ )2(:‬يه أأكرب وحدة أأحادية الالكم (مونولوجية) مكونة للتبادل‪ .‬والتدخزل ينتجه متلكم واحد‬
‫ونفسه؛ فهو ابلتايل اسهام متلكم خاص يف تبادل خاص‪ ،‬وال ينبغي‪ ،‬كام تقول" أأوركيوين" اخللط بينه‬
‫وبني دور الالكم‪ ،‬كام يظهر يف بداية احملادثة مثل‪:‬‬
‫السالم عليمك ‪ -2‬عليمك السالم ‪ -3‬هل أأنت خبري؟‬
‫خبري ‪./‬و أأنت؟ ‪ -5‬ال بأأس ‪ .../‬أأين جتري هكذا؟ ‪ -6‬اىل السيامن‪".‬‬
‫فهذه ا ألدوار الالكمية الس تة تتكون من أأربع تبادالت‪ ،‬يه‪:‬‬
‫و(‪ :)2‬هو تبادل التحية‪ ،‬وهو تطابقي‪ ،‬ومتكون من تدخزلني‪.‬‬
‫وبداية(‪ :)4‬هو تبادل تاكميل سؤال جواب‪.‬‬
‫هناية )‪ ( 4‬وبداية ‪ ( 5):‬سؤال جواب‪.‬‬
‫‪.‬هناية(‪ )5‬و(‪ )6‬سؤال جواب‪.‬‬
‫لك تدخزل‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬من أأفعال الالكم‪ ،‬لكنه ميكن أأن يصغزر اىل فعل الكيم واحد‪ .‬ومنه ميزي‬ ‫ويتكون ز‬
‫موشلر بني التدخل امل زعقد (وهو اذلي يتكون من أأكرث من فعل الكيم واحد)‪ ،‬والزتدخزل البس يط‪ .‬كام‬
‫أأن ا ألفعال الالكمية اليت يتكون مهنا التدخل ليست زلكها متعادةل وظيفيا‪ :‬اذ ميكن متيزي‪ ،‬يف التفاعل‬
‫اذلي يتكون من عدة أأفعال الكمية أأفعال موهجة (‪ )actes directeurs‬ويه اليت متنح التفاعل قميته‬
‫التداولية املهمينة‪ ،‬وفعل أأو عدة أأفعال اتبعة )‪ ،subordonné(s‬مثل الاعتذار أأو التربير‪ ،‬ويه ختدم‬
‫الفعل املوجه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Kerbrat- Orecchioni ,C, La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996,p :36 .‬‬
‫‪ - 2‬عليك كايسة‪ ،‬بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية‪ ،‬جملة‪ ،‬املمارسات اللغوية‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪86‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الفعل الالكيم‪ (acte de langage) :‬يه أأصغر وحدة أأحادية الالكم (مونولوجية) مكونة للتدخل‪ ،‬تؤدي‬
‫غرضا تواصليا‪ ،‬ويه مثل ‪ :‬أأمسي‪ ،‬أأعد أأتعهد‪ ،‬أأرفض‪ ،‬أأعلن‪ ،‬أأعتذر‪ ،‬أأهئن‪ ،‬أأعلن افتتاح اجللسة‪،‬‬
‫‪...‬اخل‪ ،‬حيث يعرب املتلكم من خالل هذه ا ألفعال عن مقاصده‪ ،‬وتؤدي هذه ا ألفعال وظائف اجامتعية‬
‫خمتلفة (اكالعتذار‪ ،‬والاعرتاض‪ ،‬والقبول‪ ،‬والوعد‪ ،‬والتعزية‪ ،‬والهتنئة‪...‬اخل)‪)1(.‬‬

‫‪ .4‬بنية احملادثة‬
‫وتنتظم احملادثة عىل مس تويني أأساس يني‪ ،‬هام ‪:‬البنية العليا والكربى‪:‬‬
‫تتكون بنية احملادثة حالها حال البنية النصية من بنية عليا(بنية هيلكية) وبنية كربى ( أأي بنية لكية‬
‫داللية)‪ ،‬ويقصد هنا ابلبنية العليا بنية احملادثة كلك‪ ،‬أأي وحدات حتليل أأكرب‪ .‬وميزي الباحثون يف البنية‬
‫العليا للمحادثة يف الغالب بني افتتاح احملادثة‪ ،‬وعرضها‪ ،‬واختتاهما‪.‬‬
‫تشلك هيالك لكيا‪ ،‬حيدد ما جيب أأن يقال ابتداء وكيف ينبغي أأن حيدث‬ ‫‪ -1‬البنية العليا‪ :‬ويه بنية لكية ز‬
‫هذا‪ ،‬وماذا جيب أأن ييل الحقا وكيف جيب أأن يمت‪ .‬وذلا فان زه يقوم يف الوقت نفسه بوظيفة هيلك ادرايك‬
‫لتسهيل الانتاج والفهم‪ ،‬وهيلك اجامتعي يشار من خالهل اىل المنط النيص العريف للتفاعل االتصايل‬
‫وهكذا ندرك أأن خشصا ما يريد أأن يرثثر وال يسأأل شيئا فقط‪ ،‬أأن يعطي أأمرا أأو ينجز أأحداث اطار‬
‫خاص(عند الش باك يف دائرة العمدة مثال)(‪ .)2‬وعىل لك فاحلديث يف الغالب ليس هل بنية هيلكية‬
‫واحضة‪ ،‬ألنه مل يكمتل توصيف احملاداثت بشلك اكف‪ ،‬اذ مت اعامتد مبد أأ تبادل املتلكمني فقط‪ ،‬مفن‬
‫خالهل ميكن الوصول اىل تصور خمترص قد ال يتواءم مع البناء متعدد اجلوانب يف احملاداثت(‪ ،)3‬حيث‬
‫ميكن أأن تنتظم وحدات احملادثة عىل الشلك الآيت‪:‬‬
‫أأ‪.‬الافتتاح‪ :‬تبد أأ احملادثة بسلسةل أأدوار تقوم بوظيفة الافتتاح اليت من صيغها المنطية عبارات التحية‪،‬‬
‫من مثل(السالم عليمك‪ ،‬أأهال‪ )...‬وتس بق هذه العبارات يف الغالب بمتهيد به عبارات تريم اىل ااثرة‬
‫الانتباه ومتهد لالتصال(هه‪ ،‬امسع‪ ،‬انظر‪ ،)...‬ومن مث فان أألفة رشاكء احلديث واملدة الزمنية اليت مل‬
‫يتحدثوا فهيا هلام أأمهية‪ ،‬فال حيتاج خشص يكون املرء معه دامئا اىل افتتاح مسهب للحديث يف العادة(‪.)4‬‬
‫فالمتهيد وظيفه ا ألساسة ربط االتصال بني رشاكء احلديث‪.‬‬
‫ب‪ .‬التوجيه‪ :‬وهو سلسةل ا ألدوار اليت لها وظيفة المتهيد ملوضوع احلديث ويتضمن شيئا أأو حاال أأو‬
‫حاداث يتعلق هبا احلديث يف احلال‪ .‬ومن خالهل يثار اهامتم رشاكء احلديث‪ ،‬أأما الاس تعامالت المنطية‬

‫‪ - 1‬عليك كايسة‪ ،‬بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية‪ ،‬جملة‪ ،‬املمارسات اللغوية‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ - 2‬فان ديك‪ ،‬علم النص"مدخل متداخل االختصاصات"‪ ،‬ص‪.404 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 405 :‬و‪.406‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.257 :‬‬
‫‪87‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫لبداية التوجيه‪ ،‬فهىي‪ :‬أأتعرف ماذا فعلت أأمس؟ أأتتصور ما حدث يل مرة أأخرى؟‪ .)1(...‬فيتحدد جمال‬
‫احلديث ليصري يشء أأو حال أأو حدث حمور التخاطب املتحادثني‪.‬‬
‫ج‪ .‬موضوع احلديث‪ :‬ويسم وسط احملادثة أأو مرحةل تقيق الهدف(‪ ،)2‬وهو املقوةل اليت يعاجلها‬
‫احلديث‪ ،‬وتعد أأساس وظيفته الرباغامتية ويتضمن موضوع احلديث تقدمي حاكية أأو تبليغ عن حدث‪ ،‬أأو‬
‫تعبري عن طلب أأو أأمر‪ ،‬لالشارة مثة أأحاديث كثرية ليس لها تمية وحيدة (‪ )3‬وهذا التعقيد"يمت حتديده‬
‫بشلك حامس متاما عن طريق س ياق احلديث أأو املوقف الاجامتعي(‪ .)4‬ألنه يوجد يف احملادثة كثري من‬
‫اشارات التقطيع اذلي يضعها املتلكم نفسه‪ ،‬اكلعبارات غري االتصالية مثل‪ ":‬أأود الآن بلك رسور أأن أأقول‬
‫عن (س)" اليت حتقق لفظيا جمرى احملادثة(‪ ،)5‬وهو ما يقابل يف النصوص ا ألحادية صلب املوضوع‪.‬‬
‫د‪ .‬النتيجة ‪ :‬وتتعلق بسلسةل أأدوار وظيفهتا امتام املوضوع‪ ،‬ويصاحب هذا االمتام مجل موجزة وتقديرات‬
‫رسدية معتادة مثل‪( :‬هذا ما عايش ته مرارا‪ ،‬اي نعم رمبا كنت خائفا) ومنطوقات الآخر اليت حتث عىل‬
‫اهناء املوضوع مثل(حس نا‪ ،‬عىل الرحب‪ ،‬وهو كذكل)(‪ ،)6‬وال تعين هذه الصيغ هناية احلديث ابلرضورة‪،‬‬
‫بل ميكن ملتحدث أأن يضيف شيئا‪ ،‬أأو يطرح موضوع حديث جديد‪.‬‬
‫هـ ‪ .‬الهناية‪ :‬من غري الالئق أأن ينهتىي احلديث بصفة مبتورة‪ ،‬بل ختضع الهناية بدورها مثل الافتتاح اىل‬
‫صيغ التحية‪ ،‬مثل(سالم‪ ،‬اىل اللقاء‪ ،)..‬وقبل ذكل جيوز ملتحدثأأن يعلن أأن احلديث س ينهتىي برسعة أأو‬
‫جيب أأن ينهتىي‪...‬حني يقاطع أآخر أأو يقول ان زه مل يعد دليه وقت‪ ،‬يف الغالب(استنادا اىل‪ :‬النظر اىل‬
‫الساعة واحداث انطباع دال عىل العجةل) ‪ .‬توجد صيغ افتتاح منطية للهناية من بيهنا‪ :‬حس نا اذن‪ ،‬فلمتر‬
‫عيل غدا‪ ،‬وهو كذكل‪ ،‬جيب أأن أأذهب‪.)7(...‬‬‫ز‬
‫كام ميكن للهنلية أأن تُقطع بدور حني يتذكر متحدث جفأأة أأنه جيب أأن يقول شيئا همام(قد نسيتلكية أأم‬
‫أأقول‪ ،‬حلظة‪ ،‬قد نسيت شيئا أآخر)‪ .‬وميكن أأن يكون للمضمون املركزي للهناية وظيفتان‪ :‬التعليق عىل‬
‫احملادثة بشلك مجمل‪ ...‬ووضع خطط لتفاعل أأو حمادثة مس تقبلية(حس نا‪ ،‬اذن‪ ،‬حىت الغد يف الساعة‬
‫كذا‪ ،‬لكه واحض‪ ،‬سأأنتظرك غدا)(‪.)8‬‬

‫‪ - 1‬فان ديك‪ ،‬علم النص"مدخل متداخل االختصاصات"‪ ،‬ص‪.406 :‬‬


‫‪ - 2‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.260:‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.406 :‬‬
‫‪ - 4‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.264 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.261 :‬‬
‫‪ - 6‬فان ديك‪ ،‬علم النص"مدخل متداخل االختصاصات"‪ ،‬ص‪.407 :‬‬
‫‪ - 7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.407 :‬‬
‫‪ - 8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.408 :‬‬
‫‪88‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪.2‬البنية اللكية البنية الكربى ‪:‬‬


‫تمكن البنية الكربى يف ذكل الرتابط ا ألفقي املتبادل للمنطوقات وا ألفعال الالكمية وموضوع احملادثة‪،‬‬
‫اذ تساعد عىل تفسري ما يسم ابخلواص النصية ( أأدوات الربط النحوي واملعجمي‪ ،‬وامجلل احملورية‪.)...‬‬
‫وتصور الرتابط اللكي ومعىن النص اذلي يس تقر عىل مس توى أأعىل من مس توى القضااي الفردية‪.‬‬
‫وبذكل ميكن أأن يشلك تتابعا لكيا أأو جزئيا لعدد كبري من القضااي وحدة داللية عىل مس توى أأكرث‬
‫معومية(‪.)1‬‬
‫ولتحديد وحدات البنية للمحادثة وللنصوص أأيضا‪ ،‬ينبغي النظر اىل املوضوع اذ يذهب" فهيفيجر"‬
‫)‪(Viehweger‬خبصوص مسأأةل املوضوع‪ ،‬اىل أأزنه ينبغي وجود فرضية مهنجية ذات أأولوية لتعريف مفهوم‬
‫املوضوع تعريفا دقيقا‪ ،‬وذكل لالجابة عن بعض أأس ئةل هممة ابلنس بة زحمللل احملاداثت‪ ،‬وذكل من قبيل‪:‬‬
‫هل يوجد للمحادثة موضوع واحد‪ ،‬أأم أأن ذكل جمرد حال خاصة؟ وحني يكون للمحاداثت موضوعات‬
‫عدة أأ جيب أأن تُوحض اذا ما اكن ميكن أأن تصنف حتت موضوع معقد أأو ال يربط بيهنا اال رابط؟‬
‫املهم أأن حملل احملادثة يصف البنية ادلاللية ملنطوقات احلديث ابلرتكزي عىل القواعد الكربى‪ ،‬وغالبا ما‬
‫ال خيطط للبنية الكربى يف ا ألحاديث اليومية‪ ،‬اال أأزنه توجد يف الغالب قوالب احلديث اليت تعود علهيا‬
‫املتحدثون ( أكحوال الطقس الصحة‪ ،‬ا ألرسة‪.)...‬‬
‫حتليل احملادثة‪:‬‬
‫تركز بعض ادلراسات يف حتليل بنية احملاداثت عىل سالسل التفاعل اللفظي‪ ،‬ويركز البعض الآخر‬
‫عىل وصف التنظمي العام للمحادثة‪.‬‬
‫‪ -‬أأصول حتليل احملادثة‪ :‬ان التحليل املفصل للبنيات التحاورية هو أأحد أأمه ا ألساليب املس تخدمة يف‬
‫عمل الاجامتع‪ ،‬ويعود الفضل يف ارساء جدور هذا التحليل اىل عامل الاجامتع ا ألمرييك"هارودل جارفنلك"‬
‫(‪ )Harold Garfinkel‬اذلي اكن يدرس يف بداية امخلسينات ا ألرشطة املسجةل اليت اكنت جترى يف غرف‬
‫هيئة احمللفني وهو حياولون الوصول اىل قراراهتم‪ ،‬أأدرك "جارفنلك" أأن هذه املسائل (اليت اكن يعتقد أأهنا‬
‫مسلامت ويه أأش ياء مأألوفة) قد تؤدي اىل املعرفة اليت يه مجموعة من الاسرتاتيجيات التفسريية اليت‬
‫يس تخدهما ا ألفراد ليس يف بناء عاملهم وجعهل مفهوما حفسب بل ويف خلقه فعال(‪ .)2‬فتحليل احملادثة مهنج‬
‫يف عمل الاجامتع يدرس القوة والتحمك يف احلياة الاجامتعية أأثناء تطورها‪ ،‬فهو ال ينظر اىل ا ألفراد من‬
‫حيث احرتاهمم ألعراف جممتعاهتم بقدر ما ينظر الهيم ومه يبنون قواعدمه وفئاهتم الاجامتعية اثناء‬

‫‪ - 1‬فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.75 :‬‬
‫‪ - 2‬ماريون أوين‪ ،‬االتصال والتفاعل‪ ،‬موقع‪ ، www.pdffactory.com :‬ص‪.355 :‬‬
‫‪89‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تطورمه‪ ،‬عندئذ جيب التفتيش عن برهان وجودها يف دقائق احلياة اليومية أأو حىت سفاسفها(‪ ،)1‬ألن‬
‫املعاين ال تنقلها منطوقات لغوية‪ ،‬بل تتشلك عىل حنو تفاعيل يف أأثناء معلية ا ألنشطة املرتبطة بعضها‬
‫ببعض بشلك متبادل دلى رشاكء احملادثة(‪.)2‬‬
‫من بني رواد "التحليل التحاوري" اذلي نشط يف أأمرياك يف أأواخر القرن ‪" : 20‬هريف ساكس"‬
‫(‪" )Harvey Sacks‬اميانويل ستيجلوف"(‪ )Emmanuel Schegloff‬والتحق هبم"جيل جيفرسون" ( ‪Gail‬‬

‫‪.)3()Jefferson‬‬
‫‪ -‬البداايت والاختتاميات‪:‬‬
‫تتأألف حياتنا الاجامتعية من تفاعالت الكمية مع الآخرين‪ ،‬ويركز حتليل احملادثة عىل أأنظمة أأخذ‬
‫ادلور اليت يس تخدهما املتلكمون لضبط هذه العملية‪ ،‬فكيف يبد أأ هذا التسلسل السلس ل أللفاظ عادة‬
‫وكيف خيمت؟ مع العمل أأن رشوط التلكم مع خشص( أأ) عن موضوع (ب) ال يبد أأ عىل حنو غري متوقع وال‬
‫يتوقف ببساطة‪ ،‬علام أأن أأغلب التحليالت اهمتت ابحملاداثت الهاتفية ملا متتاز به من التفاعل ألن فرتة‬
‫الالكم يه نفسها فرتة التواجد املشرتك؛ فمبجرد فتح اخلط يبق مفتوحا طاملا هناك الكم يقال‪ ،‬ينبه‬
‫"س يجلوف" عىل أأمر وهو أأن يف املاكملات الهاتفية يبد أأ اجمليب أأوال‪ ،‬غري أأن ا ألمر عادي اذا علمنا أأن‬
‫الاسهام ا ألويل يف فتح املاكملة ليس لغواي‪ ،‬انه جمرد رنني اجلرس‪ ،‬ان اجلرس ولكامت اجمليب ليست‬
‫سوى جمرد حاةل خاصة من ا ألزواج املتجاورة – طلب‪/‬رد‪ ،-‬اذ مبجرد انهتاء هذا الزوج‪ ،‬يطلب من‬
‫طالب املاكملة أأن يتلكم‪ ،‬حيث ال ميكنه أأن يلزتم الصمتو أألزم نفسه يف املقابةل ابالس امتع اىل ما س يقوهل‬
‫اجمليب وهبذه الطريقة تأأسس االطار العام للتحدث وبد أأ نظام أأخذ ادلور‪ ،‬فعىل طالب املاكملة أأن يعرف‬
‫عن نفسه‪ ،‬ويقدم أأس بابه الجراء املاكملة‪ ،‬وقبل اس تقدام موضوع املاكملة هناك بعض الاس تفسارات‬
‫الروتينية حول الصحة مثال‪ ،‬ومع ذكل يبق عىل طالب املاكملة أأن يقدم السبب ملاكملته وان طالت‬
‫أأدبيات الرتحاب‪ ،‬واال غلق املطلوب سامعته وهو يتساءل عن دواعي طلبه‪ ،‬يوحض هذا املقتطف بعض‬
‫هذه املعامل‪:‬‬
‫‪ (.1‬أأ) ‪0770-----‬‬
‫‪( .2‬ب) ألو‪ ،‬ماراي مرحبا أأان بول‬
‫‪ ( .3‬أأ) أأهال‪ ،‬اي بول مرحبا‬
‫‪(.4‬ب) مرحبا‬
‫‪ - 1‬ماريون أوين‪ ،‬االتصال والتفاعل‪ ،‬ص‪.356 ،355 :‬‬
‫‪ - 2‬فولفجانج هاين مهان‪ ،‬ديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83 :‬‬
‫‪ - 3‬ماريون أوين‪ ،‬االتصال والتفاعل‪ ،‬ص‪.356 :‬‬
‫‪90‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ ( .5‬أأ) كيف سارت ا ألمور مع احملايم؟‬


‫‪( .6‬ب) عىل ما يرام‬
‫‪ (.7‬أأ) حس نا‬
‫‪( .8‬ب) شكرا سأأخربك حول ذكل (يف الواقع‪)...‬‬
‫]‬
‫‪ (.9‬أأ) نعم‬
‫‪( .10‬ب) لقد تلفنت لس ببني‬
‫‪ ( .11‬أأ) نعم‬
‫[‬
‫‪( .12‬ب) أأوهلام‪ :‬ألقول اين مسعت أأن دلينا‬
‫‪ .13‬دعوة خسية‬
‫بعد عبارات التحية يف ‪ ،4،2‬يقدم متلقي املاكملة يف السطر اخلامس املوضوع ا ألول مبتدئا بذكل تبادال‬
‫من أأربعة أأجزاء‪ :‬تساؤل‪ -‬جواب (بأأخبار طيبة) – جواب ل ألخبار – امتنان‪ .‬اكن ابماكن (ب) أأن‬
‫يسمح بتطور املوضوع عند هذه النقطة‪ ،‬ولكنه أأ زجل ذكل يك يعطي الس باب الرمسية ملاكملته الهاتفية‪.‬‬
‫مبجرد انهتاء فرتة الافتتاح‪ ،‬يعطي طالب املاكملة أأس باب اجراء ماكملته‪ ،‬اذ ميكن أأن يزودان بأأرضية‬
‫"لفحوى املاكملة" ولكن يف لك ا ألحوال جيب أأن يهنىي املاكملة‪ ،‬بعد أأن يقتنع املتحداثن أأن الطرف‬
‫الآخر ليست دليه أأية موضوعات جديدة ملناقش هتا‪ ،‬هنا فقط ميكن لسلسةل عبارات الوداع أأن تبد أأ(‪)1‬‬

‫الرتتيب(الانتظام) ‪:‬جوهر التفاعل الالكيم‪ ،‬يصدره املشاركون يف احملادثة أأنفسهم‪ ،‬ألن املتحدثني‬
‫حياولون أأثناء ترتيب اسهاهمم تقدمي يشء ميكن النظر اليه عىل أأنه مبين بشلك دقيق‪ ،‬فالبنية احلوارية ال‬
‫ميكن اكتشافها عرب مراقبة النفس أأو التأأمل أأو التجربة املضبوطة‪ ،‬ولكن ميكن اكتشافها عرب ادلراسة‬
‫ادلقيقة للمحادثة التلقائية"طبيعية احلدوث"اضافة اىل ذكل يرى بعض حمليل اخلطاب أأن نقطة البداية‬
‫جيب أأن تكون الالكم املنتظم بشلك دقيق (مبعىن أأن ترتينه مفروجضزئيا من خالل القواعد الرمسية)‬
‫املوجودة مثال يف غرف ادلرس واملقابالت وقاعات احملامك‪ ،‬اال أأن حمليل احملادثة قد معلوا عىل املعطيات‬
‫العامية غري املربجمة أأساس‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬ماريون أوين‪ ،‬االتصال والتفاعل‪ ،‬ص‪ ،371 ،370 ،369 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تسلسل الالكم و أأخذ ادلور(‪:)1‬‬


‫رمغ نقص امحلاسة دلى اللغويني يف حتليل احملادثة اال أأن "ساكس" (‪ )Sacks‬و"ش يلجوف"‬
‫(‪ )Schelgoff‬و"جيفرسون"(‪ )Jeferson‬أأعدوا حبثا الحظوا فيه أأن أأنظمة أأخذ ادلور تعمل يف س ياقات‬
‫متعددة‪ ،‬وتتطلب أأن يكون خشص واحد منشغال يف الالكم‪ ،‬اذ لو تلكم اثنان يف أآن واحد ما مسع‬
‫أأحدهام صاحبه وفهم مراده‪ ،‬ويتوقع حدوث مثل هذا الالكم العفوي كثريا يف اجلدل احلايم‪ ،‬ألن الرغبة‬
‫يف سامع الآخر وفهمه تاكد تنعدم‪.‬‬
‫ان العنرص اجلوهري يف معل قواعد أأخذ ادلور هو مايسميه"ساكس"و"س يجلوف"و"جيفرسن"‬
‫"املكون الرتكييب لدلور"‪ .‬فعندما يبد أأ متحدث دوره يف الالكم يعطي املس متعني فكرة ما وتصبح أأكرث‬
‫وضوحا مبتابعة حديثة‪ ،‬حول نوعية االسهام اذلي يقدمه‪ ،‬وما هو املطلوب الكامل دوره‪ ،‬وهكذا‬
‫يس تطيع املس متع معرفة الوقت املناسب ليبد أأ دوره يف الالكم‪.‬‬
‫يبدو مما س بق أأن حتليل احملاداثت اجتاه جديد مل حيظ بكبري اهامتم من ادلراسات اللغوية لتعلقه ابللغة‬
‫املنطوقة واجلانب التفاعيل للمنطوقات وا ألدوار اليت يقوم هبا املشاركون يف احلديث‪ ،‬مما ال تضبطه قيود‬
‫معيارية حتتمك لقواعد اثبتة تشلك مناذج مثالية يبىن عىل نسقها الالكم‪ ،‬بل ختضع اىل مقتضيات‬
‫الضوابط التداولية وا ألعراف الاجامتعية وا ألحوال النفس ية وطبيعة موضوع التحادث ونوعه‪ ،‬مما هل من‬
‫فاعلية يف تنظم أأنساق الالكم وضامن اس مترار التحادث‪ .‬وهذا ما تسع لسانيات النص اىل الكشف‬
‫عليه‪ ،‬من خالل تتبع الكيفيات اليت يمت مبوجهبا تبادل أأدوار الالكم‪ ،‬وكذا البحث يف الكيفيات اليت‬
‫يس متر مبوجهبا التحادث‪ ،‬ابالضافة اىل الكشف عن وظائف أأفعال الالكم‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬ماريون أوين‪ ،‬االتصال والتفاعل‪ ،‬ص‪ ،359 :‬بتصرف‪.‬‬


‫‪92‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫النصية ومعايريها‬ ‫ادلرس العارش‪:‬‬

‫متهيد‪:‬‬
‫تولزت لسانيات النص دراسة مجموع املباحث اليت لها عالقة وثيقة ابلبنية النصية سواء ما تعلق مهنا‬
‫ابلوقائع اللغوية أأو ابلوقائع غري اللغوية‪ ،‬من مثل الاتساق والانسجام‪ ،‬والس ياق النيص ووصف بنيات‬
‫النص وتفسريها وتكل االضافات الحظها "دي بوجراند"(‪ )R .A.DeBeaugrand‬حني أأكد " أأن حتوال‬
‫أأساس يا حدث يف ادلراسات اللسانية املعارصة ابالنتقال من دراسة امجلةل املنعزةل اىل دراسة النصوص‬
‫اليت تعرب عن اللغة يف حاةل الاس تخدام الفعيل اليت يه مواقف االتصال‪ ،‬وال يعد هذا التحول جمرد‬
‫التحول للتعامل مع وحدات كربى‪ ،‬بل هو حتول يس هتدف يف أأساسه دراسة العمليات اليت يمت‬
‫بواسطهتا توظيف اللغة أكداة من أأدوات االتصال(‪.)1‬‬
‫معايري النصية‪:‬‬
‫ميكن اجامل املفاهمي ا ألساسة يف لسانيات النص يف ما اقرتحه"روبرت أالن دي بوجراند"‬
‫(‪ )R .A.DeBeaugrand‬و"ولفجاجن أألرخ درسلر"(‪ ) W .U. Dreasslar‬من معايري جلعل النصية أأساسا‬
‫مرشوعا الجياد النصوص واس تعاملها(‪ ،)2‬فقد جعال الربط النحوي املعيار ا ألول‪ ،‬ويعىن بربط مكوانت‬
‫النص السطحية‪ ،‬اللكامت‪ ،‬والامتسك ادلاليل املعيار الثاين؛ ويعنيان به الوظائف اليت تتشلك من‬
‫خاللها مكوانت عامل النص‪ .‬وهكذا فا ألول ربط بني عالمات لغوية‪ ،‬والثاين ربط بني تصورات وعامل‬
‫النص بأأن زه "حدث‬
‫النص(‪ .)3‬واشرتطا يف ثنااي تعريفهام للنص توفر س بعة معايري للنصية يوجزها قوهلام‪ :‬ز‬
‫اصيل ‪ Occurrence communicative‬يلزم لكونه زنصا أأن تتوفزر هل س بعة معايري)‪ (4‬للنز زصية جممتعة‪ ،‬ويزول‬ ‫تو ز‬
‫عنه هذا الوصف اذا ختلزف واحد من هذه املعايري")‪ ،(5‬وهذه املعايري يه‪:‬‬
‫‪ .1‬الربط النحوي‪ /‬الاتساق‪ /‬الس بك(‪)Cohesion‬‬
‫للسانيات النص شقان؛ شق لغوي يرمس ا ألبعاد اللغوية للنص‪ ،‬وتتشلك معه معرفة النص بلك‬
‫جوانهبا الرتكيبية وادلاللية‪ ،‬والشق الثاين براغاميت يتش ىو ُف الآفاق الاجامتعية والتارخيية والنفس ية للنص‬

‫‪ -1‬يوسف نور عوض‪ ،‬نظرية النقد األديب احلديث‪ ،‬ص‪.93:‬‬


‫‪ -2‬روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ -3‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.145 :‬‬
‫‪ -4‬هذه املعايري السبعة هي نفسها ما يطلق عليه مصطلح النصانية ‪ Textualité‬وه ي كما يبدو متثل قواعد صياغة أي نص‪.‬‬
‫‪ -5‬سعد مصلوح‪ ،‬حنو أجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" جملة فصول‪ ،‬مج‪ ،1991 ،10‬ع‪1 :‬و‪ ،2‬ص‪. 154‬‬
‫‪93‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫واليت تسهم يف تشلكه اللغوي وتتحدد من خالل مصطلح معرفة العامل(‪ .)1‬وهو ما يتحقق عرب أأدوات‬
‫الاتساق وأليات الانسجام‪.‬‬
‫يرتتب الاتساق عىل اجراءات تبدو هبا العنارص السطحية عىل صور وقائع يؤدي السابق مهنا اىل‬
‫الالحق‪ ،‬حبيث يتحقق لها الرتابط الرصفي‪ ،‬وحبيث ميكن اس تعادة هذا الرتابط‪ .‬ووسائل التضام‬
‫تش متل عىل هيئة حنوية للمركبات (‪ )phrases‬والرتاكيب(‪ )clauses‬وعىل أأمور مثل التكرار وا أللفاظ‬
‫الكنائية وا ألدوات واالحاةل واحلذف والروابط(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬الانسجام ‪ /‬الالتحام (‪ :)Coherence‬وهو يتطلب من الاجراءات ما تنشط به عنارص املعرفة الجياد‬
‫الرتابط املفهويم واسرتجاعه‪ ،‬وتش متل وسائل الالتحام‪/‬الانسجام عىل‪:‬‬
‫‪ .1‬العنارص املنطقية اكلس ببية والعموم واخلصوص‪.‬‬
‫‪ .2‬معلومات عن تنظمي ا ألحداث وا ألعامل واملوضوعات واملواقف‪.‬‬
‫‪ .3‬السعي اىل الامتسك فامي يتصل ابلتجربة الانسانية‪.‬‬
‫ويتدمع الالتحام‪/‬الانسجام بتفاعل املعلومات اليت يعرضها النص مع املعرفة السابقة ابلعامل(‪.)3‬‬
‫‪ .3‬القصد (‪ : )Intentionnalité‬ويه تعبري عن هدف النص(‪ )4‬ويتضمن موقف منشئ النص من كون‬
‫صورة ما من صور اللغة قصد هبا أأن تكون نصا يمتتع ابلس بك والالتحام‪ ،‬و أأن مثل هذا النص‬
‫وس يةل من وسائل متابعة خطة معينة للوصول اىل غاية بعيهنا(‪.)5‬‬
‫تكون نصا مامتساك‬ ‫‪ .4‬املقبولية (‪ :)Acceptabilité‬وتتعلق مبوقف املتلقي اذلي يقر بأأن املنطوقات اللغوية ز‬
‫مقبوال دليه‪ )6(.‬هو يتضمن موقف مس تقبل النصازاء كون صورة ما من صور اللغة ينبغي لها أأن‬
‫تكون مقبوةل من حيث يه نص ذو س بك والتحام‪.‬‬
‫‪ .5‬املقامية‪ /‬رعاية املوقف(‪ :)Situationalité‬ويه تتضمن العوامل اليت جتعل النص مرتبطا مبوقف سائد‬
‫ميكن اسرتجاعه‪ ...‬وقد ال يوجد اال القليل من الوساطة يف عنارص املوقف كام يف حاةل االتصال‬
‫ابملواهجة يف شأأن أأمور ختضع لالدراك املبارش‪ ،‬ورمبا توجد وساطة جوهرية كام يف قراءة نص قدمي‬

‫‪ - 1‬حسام أمحد فرح‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬رؤية منهجية يف بناء النص النثري‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪.16:‬‬
‫‪ -2‬دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 4‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪146 :‬‬
‫‪ -5‬دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 6‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.146 :‬‬
‫‪94‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ذي طبيعة أأدبية يدور حول أأمور تنمتي اىل عامل أآخر(مثل ا ألوديسا)‪ .‬ان مدى مراعاة املوقف يشري‬
‫دامئل اىل دور طريف االتصالولكن قد ال يدخل هذان الطرفاانىل بؤرة الانتباه بوصفهام خشصني(‪.)1‬‬
‫التناص(‪ :)Intertextualité‬وخيتص ابلتعبري عن تبعية النص لنصوص أأخرى‪ ،‬أأو تداخهل معها(‪،)2‬‬
‫يتضمن العالقات بني نص ما ونصوص أأخرى مرتبطة به وقعت يف حدود جتربة سابقة بوساطة أأم بغري‬
‫وساطة‪ ،‬فاجلواب يف احملادثة‪ ،‬أأو أأي ملخص يذكزر بنص ما بعد قراءته مبارشة ميثالن تاكمل النصوص‬
‫بال وساطة‪ ،‬وتقوم الوساطة بصورة أأوسع عندما تتجه ا ألجوبة أأو النقد اىل نصوص كتبت يف أأزمنة‬
‫قدمية (‪.)3‬‬
‫فالتناص ا ًذا‪ ،‬تفاعل بني نصني‪ ،‬ينتج معىن النص احلارض ابلتفاعل ادلينايم مع النص الغائب فيكتسب بعض‬
‫مالحمه الفنية العامة ليعيد تشكيلها وفق رؤى جديدة‪ ،‬تزنه النص اجلديد عن أأن يكون صورة مطابقة للنص‬
‫القدمي‪ ،‬كام تربئ صاحبه من أأن يكون مقتفيا خط السابق أأثر النعل ابلنعل‪ ،‬بل حياول النص الالحق أأن يقمي‬
‫حوارا مع النص السابق مبنيا عىل أأساس المتثيل فاجملاوزة اليت يس تدعهيا انسجام النص مع عامله‪.‬‬
‫‪ .6‬االعالمية (‪ :)Informativité‬وتتعلق بتحديد جدة النص‪ ،‬أأي توقع املعلومات الواردة فيه أأو عدم‬
‫توقعها(‪ ،)4‬ويه العامل املؤثر ابلنس بة لعدم اجلزم يف احلمك عىل الوقائع النصية أأو الوقائع يف عامل نيص يف‬
‫مقابل البدائل املمكنة‪ ،‬فاالعالمية تكون عالية ادلرجة عند كرثة البدائل وعند الاختيار الفعيل لبديل‬
‫من خارج الاحامتل‪ ،‬ومع ذكل جند للك نص اعالمية صغرى عىل ا ألقل(‪.)5‬‬
‫ميكن ادراج هذه املعايري الس بعة يف ثالثة جوانب يه‪:‬‬
‫اجلانب ا ألول‪ :‬وتمت فيه دراسة أأدوات الاتساق أأي ا ألدوات النحوية اليت تضمن للنص التحامه وترابطه‬
‫ومهنا‪ :‬عنارص الس بك النحوي وعنارص الس بك املعجمي وعنارص الس بك الصويت‪.‬‬
‫اجلانب الثاين‪ :‬وهيمت فيه ابدلالةل من خالل دراسة مبادئ الانسجام‪.‬‬
‫اجلانب الثالث‪ :‬وهو اجلانب التدوايل‪ ،‬حيث دور املتلقي واملوقف التداويل وقصدية املؤلف واملقام‪.‬‬

‫‪ -1‬دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.104 :‬‬


‫‪ -2‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪.146 :‬‬
‫‪ -3‬دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.104 :‬‬
‫‪ -4‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬علم لغة النص ‪ ،‬املفاهيم واالجتاهات‪ ،‬ص‪..146 :‬‬
‫‪ -5‬دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.105 :‬‬
‫‪95‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الاتساق والانسجام‬ ‫ادلرس احلادي عرشة‪:‬‬

‫‪ .I‬الاتساق‪:‬‬
‫(‪)Cohesion‬‬

‫نصدر يف البداية من سؤال حموري مفاده ‪ :‬ما اذلي يفرق النص عن مجموعة عشوائية من امجلل؟ أأو‬
‫ما اذلي جيعلنا نقر أأن مجموعة من التلفظات تشلك نصا؟‬
‫قد يقدم الس ياق بعض املؤرشات اليت تسهم يف تقريب الفهم للقارئ أأو السامع‪ ،‬اال أأن املتلكمني‬
‫والكتاب يقدمون مفاتيح داخلية تبني كيف تامتسك أأجزاء النص معا‪ ،‬هذه املفاتيح ادلاخلية يه الوسائل‬
‫النحوية واملعجمية اليت يس تخدهما الكتاب لبيان ترابط امجلل مع بعضها(‪.)1‬‬
‫انل الاتساق اللغوي و أأقسامه اهامتما كبريا من دلن علامء النص‪ ،‬ويُع زرف بكونه مجموع االماكنيات‬
‫املتاحة يف اللغة جلعل أأجزاء النص مامتسكة بعضها ببعض(‪ .)2‬يف حتقق الربط من خالل عالقات داللية‬
‫أأساس ية‪ ،‬حيث يعمتد تفسري أأحد العنارص يف النص عىل العنرص الآخر‪ ،‬لهذا قد يقع الربط داخل امجلةل‬
‫أأو بني امجلل(‪ )3‬وعليه فاالتساق هو ذكل الامتسك بني ا ألجزاء املشلكة لنص ما‪ ،‬وهيُ مت فيه ابلوسائل‬
‫اللغوية الشلكية اليت تصل بني العنارص املكونة للنص‪ ،‬كام يُ ْعىن ابلعالقات النحوية أأو املعجمية بني‬
‫العنارص اخملتلفة يف النص‪ ،‬وهذا يعين أأن الاتساق يتعلق ابلروابط الشلكية‪ ،‬حيث يسمح لنا التحليل‬
‫ابلوصول اىل حتديد البنيات الصغرى اليت يتشلك مهنا النص‪ ،‬اذ يبدو الاتساق انجتا عن العالقات‬
‫املوجودة بني ا ألشاكل النصية‪ ،‬أأما املعطيات غري اللسانية (مقامية‪ ،‬تداولية) فال دخل هل فهيا اطالقا‪.‬‬
‫ركز اللغويون عىل أأدوات الربط بني امجلل حمددين أأنواع العالقات املمكنة يف اخلطاب املامتسك‬
‫ابعتبارها أأساسا لنحو النص‪ ،‬ومن مث اكن البحث يف مصادر الامتسك ممزيا النص من الالنص‪ ،‬فالنص‬
‫ابعتباره وحدة داللية ترتبط أأجزاؤه بوساطة أأدوات ربط مبارشة وختتلف من نص اىل أآخر تبعا لنوعية‬
‫النص واختالف املؤلفني‪.‬‬
‫أأوال‪ :‬عنارص الاتساق النحوي‪:‬‬
‫تتكون عنارص الاتساق النحوي من أأدوات الربط اليت تشلك ش بكة من العالقات ادلاللية من خالل‬
‫ربط امجلل بعضها ببعض أأو الفقرات أأو وحدات اخلطاب وتسامه يف خلق النصية ويه‪:‬‬

‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق ص‪99 :‬‬
‫‪ - 2‬حممد الشاوش‪ ،‬أصول حتليل اخلطاب‪ ،‬يف النظرية النحوية العربية‪ ،‬أتسيس حنو النص‪ ،‬املؤسسة العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ج‪ ،1‬ص‪:‬‬
‫‪.124‬‬
‫‪ - 3‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪99 :‬‬
‫‪96‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫االحاةل (‪)Référence‬‬
‫يقصد هبا وجود عنارص لغوية ال تكتفي بذاهتا من حيث التأأويل(‪ ،)1‬اذ البد من العودة اىل ما تشري‬
‫اليه من أأجل تأأويلها‪ ،‬وتسم تكل العنارص عنارص ُم ِحيةل‪ ،‬ويه‪ :‬الضامئر و أأسامء االشارة‪ ،‬وا ألسامء‬
‫املوصوةل‪ ،‬فهذه اللكامت ليست لها معىن اتم يف ذاهتا(‪ )2‬ذلا تعود اىل عنارص مذكورة يف أأجزاء أأخرى‬
‫من النص‪ ،‬والامتسك عن طريق االحاةل يقع عند اسرتجاع املعىن يف اخلطاب‪ ،‬وهو ما حيقق الاقتصاد‬
‫يف اللغة‪،‬اذ ختترص الوحدات االحالية العنارص احملال الهيا وجتنزب مس تعملها اعادهتا‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬
‫حتفظ احملتوى دون احلاجة للترصحي به ومن مث تتحقق الاس مترارية‪.‬‬
‫وقد تناول علامء النص االحاةل من حيث يه وس يةل من وسائل الربط اللفظي واشرتطوا وجوب‬
‫خضوعها اىل قيد داليل يمتثل يف تطابق اخلصائص ادلاللية للعنرص احمليل والعنرص احملال اليه برصف‬
‫النظر عن موقع احمليل اليه سواء أأاكن سابقا هل أأم الحقا هل‪.‬وتنقسم االحاةل اىل احاةل مقامية (خارجية)‬
‫(‪ )Exophora‬وفهيا حييل عنرص يف النص اىل يشء خارج عن النص وال يدخل هذا النوع يف اطار‬
‫الاتساق – الس بك‪ -‬وامنا ينظر اليه يف اطار س ياق املوقف اخلاص ابلنص‪ ،‬أأما االحاةل النصية ويه‬
‫االحاةل ادلاخلية (‪ ،)Endophora‬فتتفرع اىل احاةل قبلية (‪ )Anaphora‬وفهيا يشري العنرص احمليل اىل‬
‫عنرص أآخر متقدم عليه‪ ،‬واحاةل بعدية (‪ )Cataphora‬وفهيا يشري العنرص احمليل اىل عنرص أآخر يلحقه‬
‫وتس تخدم اليضاح يشء جمهول أأو مشكوك فيه‪ .‬وقد وضع الباحثان‪ :‬هاليداي ورقية حسن رسام‬
‫االحاةل ‪Référence‬‬ ‫توضيحيا لهذا املبحث(‪:)3‬‬

‫‪textuelle‬‬ ‫(النصية)‬ ‫‪situationnel‬‬ ‫(املقامية)‬

‫‪Endophora‬‬ ‫احاةل اىل داخل النص‬ ‫‪Exophora‬‬ ‫احاةل اىل خارج‬


‫اىل الحق (بعدية)‬ ‫اىل سابق (قبلية)‬

‫ميكن أأن تكون عنارص االحاةل مقامية أأو نصية‪ ،‬اذا اكنت نصية فاهنا ميكن أأن حتيل اىل سابق أأو‬
‫الحق‪ ،‬أأي أأن لك العنارص متكل اماكنية االحاةل‪ ،‬والاس تعام ُل وحده هو اذلي حيدد نوعها من حيث‬
‫‪ -1‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬رؤية منهجية يف بناء النص النثري‪ ،‬ص‪.82 :‬‬
‫‪ -2‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬ص‪.119 :‬‬
‫‪ -3‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪97‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وجود عنرص مفرتض ينبغي أأن يس تجاب هل وكذا وجوب التعرف عىل اليشء احملال اليه يف ماكن ما‪.‬‬
‫يذهب الباحثان اىل أأن االحاةل املقامية تسامه يف خلق النص لكوهنا تربط اللغة بس ياق املقام اال أأهنا ال‬
‫تسامه يف اتساقه بشلك مبارش‪ ،‬بيامن تقوم االحاةل النصية بدور فعال يف اتساق النص‪.‬‬
‫أأنواع وسائل الاتساق االحايل‪:‬‬
‫وسائل الاتساق االحالية ثالث‪ :‬الضامئر و أأسامء االشارة و أأدوات املقارنة(‪.)1‬‬
‫‪ .1‬الضامئر (االحاةل الضمريية)‪ :‬تنقسم الضامئر اىل‪ :‬وجودية ( أأان‪ ،‬أأنت‪ ،‬حنن‪ ،‬هو‪ ،‬مه ‪،‬هن‪ )...‬واىل‬
‫ضامئر ملكية (كتاب‪ ،‬كتابك‪ ،‬كتابه‪ ،‬كتاهبم‪ ،‬كتابنا‪ .)...‬اذا نظر اىل الضامئر من زاوية الاتساق أأمكن‬
‫المتيزي فهيا بني أأدوار الالكم اليت تندرج حتهتا مجيع الضامئر ادلاةل عىل املتلكم واخملاطب ويه احاةل خلارج‬
‫النص وال تصبح احاةل دلاخل النص أأي اتساقية اال يف الالكم املستشهد به‪ ،‬أأو يف خطاابت مكتوبة‬
‫متنوعة من مضهنا اخلطاب الرسدي‪ ،‬ذكل أأن س ياق املقام يف اخلطاب الرسدي يتضمن س ياقا لالحاةل‬
‫النصية‪ ،‬ومع ذكل ال خيلو النص من احاةل س ياقية تس تعمل فهيا الضامئر املشرية اىل الاكتب ( أأان‪ ،‬حنن)‬
‫أأو اىل القارئ ابلضامئر( أأنت‪ ،‬أأنمت) أأما الضامئر اليت تؤدي دورها يف اتساق النص فهىي ضامئر الغيبة‬
‫افرادا أأو تثنية أأو مجعا (هو‪ ،‬يه‪ ،‬هام‪ ،‬مه‪ ،‬هن) ويه خالفا ل ألوىل حتيل قبليا‪ ،‬اذ تقوم بربط أأجزاء‬
‫النص‪.‬‬
‫‪ .2‬االحاةل االشارية‪ :‬يذهب الباحثان اىل أأن هناك عدة اماكنيات لتصنيفها‪ :‬اما حبسب الزمان( الآن‪،‬‬
‫غدا‪)...‬واملاكن (هنا‪ ،‬هناك) أأو حسب الانتقاء (هذا‪ ،‬هؤالء) أأو حسب البعد (ذاك‪ ،‬تكل) و القرب‬
‫( هذا‪ ،‬هذه)‪.‬‬
‫‪ .3‬االحاةل املقارنة‪ :‬و تتفرع اىل‪:‬‬
‫عامة مهنا التطابق ويمت ابس تعامل عنارص مثل‪( :‬نفس‪ ،‬عني‪ ،‬ذات) (‪ :)same‬اهنا القطة نفسها اليت‬
‫ر أأيناها البارحة‪.‬‬
‫والتشابه وفيه تس تعمل عنارص مثل‪( :‬مشابه‪ ،‬مثل‪ )similor( )..‬اهنا قطة مشاهبة لتكل اليت ر أأيناها‬
‫البارحة‪.‬‬
‫والاختالف ابس تعامل عنارص مثل‪( :‬خمتلف عن‪ ،‬غري‪ )otherwise- other( )...‬اهنا قطة خمتلفة عن تكل‬
‫اليت ر أأيناها البارحة‪.‬‬
‫خاصة‪ :‬وتتفرع اىل‪ :‬مكية وتمت بعنارص مثل‪ :‬أ(أكرث)‪ )more( ،‬وكيفية مثل‪ (:‬أأمجل من‪ ،‬مجيل)‪ .‬أأما من‬
‫منظور الاتساق فهىي ال ختتلف عن الضامئر و أأسامء االشارة يف كوهنا نصية فوظيفهتا ابلتايل اتساقية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.19،18،17 :‬‬
‫‪98‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪.2‬الاستبدال‪:‬‬
‫الاستبدال عنرص من عنارص الس بك النحوي‪ ،‬يتحقق ابحالل لكمة حمل أأخرى دون أأن يرتتب‬
‫عىل ذكل أأدىن تغيري يف الرتكيب‪ ،‬وهو ما جيعل اللكمة املستب ِدةل ق ِس ميًا لللكمة املستبدةل ال ِق ْس ًما مهنا‪،‬‬
‫حيث ان "اللكمة البديةل تكون لها نفس الوظيفة الرتكيبية"(‪ ،)1‬وعىل هذا ا ألساس" شاركت الضامئر‬
‫ا ألسامء يف الامسية ألهنا ت ُ ْستبدل هبا وتقوم مبثل وظائفها"(‪.)2‬‬
‫يرى هاليداي ورقية حسن أأن الاستبدال معلية تمت داخل النص‪ ،‬ان زه تعويض عنرص يف النص‬
‫بعنرص أآخر(‪ ،)3‬وهو من انحية اكالحاةل من حيث أأداؤه وظيفة اتساقية بني مكوانت النص‪ ،‬اال أأنه‬
‫خيتلف عهنا يف كونه عالقة تمت يف املس توى النحوي‪ -‬املعجمي بني اللكامت والعبارات‪ ،‬بيامن االحاةل تقع يف‬
‫املس توى ادلاليل(‪ ،)4‬ومن انحية اثنية هو اكحلذف اذ تربط بيهنام عالقة التضمني‪ ،‬فاالستبدال يتضمن‬
‫احلذف؛ مبعىن أأن احلذف ميكن تفسريه ابعتباره شالك من أأشاكل الاستبدال‪ ،‬أأين يكون أأي احلذف‬
‫"استبدالا ابلصفر"(‪.)5‬‬
‫لالشار فان معظم حاالت الاستبدال النيص قبلية أأي عالقة بني عنرص متأأخر وبني عنرص متقدم‪،‬‬
‫وعليه يعد الاستبدال مصدرا أأساس يا من مصادر اتساق النصوص(‪ ،)6‬ومثاهل‪:‬‬
‫‪ -‬فأأيس جد مثلومة جيب أأن أأقتين [فأأسا] أأخرى حادة ‪My axe is too blunt,Imust get a sharper one‬‬

‫? ‪You think Joan already knows‬‬ ‫‪ -‬هل تعتقد أأن جون يعرف مس بقا؟‬
‫‪I think every bady does‬‬ ‫أأعتقد أأن لك خشص يعرف‪.‬‬
‫غين عن البيان أأن (‪ )one‬يف امجلةل ا ألوىل حلت حمل (‪ ،)axe‬ويف اجلواب عن السؤال الوارد يف املثال‬
‫الثاين حل الفعل(‪ )does‬حمل الفعل ( ‪.)knows‬‬
‫ينقسم الاستبدال اىل ثالثة أأنواع ‪:‬‬
‫استبدال امسي‪ :‬ويمت ابس تعامل العنارص‪" :‬واحد‪ ،‬نفس‪ ،‬ذات "(‪ )one, ones, same‬فتحل حمل الامس أأو‬
‫العبارة الامسية‪ ،‬مثل‪ -:‬هل حتب أأن أأغري تكل الصورة يف جحرتك؟‪ -‬ال‪ ،‬أأحب أأن أأحتفظ هبا نفسها‪.‬‬
‫ب‪.‬استبدال فعيل‪ :‬و يعرب عنه ابلفعل البديل‪ /‬الكنايئ (فعل) (‪ ،)do‬حيث يأأيت اضامرا لفعل أأو حلدث‬
‫معني أأو عبارة فعلية ليحافظ عىل اس مترارية حمتوى الفعل ‪.‬‬
‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ 2007 ،1‬ص‪.113 :‬‬
‫‪ - 2‬عادل منّاع‪ ،‬حنو النص اجتاه جديد يف دراسة النصوص اللغوية‪ ،‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ 2011 ،1‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 3‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪ - 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪ - 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ -6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪99‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مثل‪ - :‬اين أأفهمك متام الفهم اي س يدي وهذا أأكرث مما أأفعهل بنفيس‪.‬‬
‫‪ -‬ا ألطفال يعملون جبدية يف احلديقة‪ ،‬جيب أأن يفعلوا‪.‬‬
‫يس تخدم الاستبدال الفعيل يف احملادثة عنه يف اخلطاب املكتوب‪.‬‬
‫استبدايل قويل‪/‬مجيل‪ :‬وهذا النوع ليس استبدالا للكمة داخل مجةل‪ ،‬ولكن مجلةل باكملها‪ ،‬حبيث تقع‬
‫مجةل الاستبدال مث تقع اللكمة املستبدةل خارج حدود امجلةل‪ :‬مثل اللكامت‪" :‬هذا‪ ،‬ذكل"ويقابلها ىف‬
‫" ‪"do so, do the same‬‬ ‫الانلكزيية اللكامت‪ "so, such":‬والتعبريات مثل‪:‬‬
‫رحلت بربرا؟ أأان أأعتقد ذكل‪.‬‬
‫مثل‪ -:‬هل س يكون هناك زلزال؟ يه قالت هذا‪ - .‬هل ْ‬
‫والاستبدال عالقة نصية سابقة حيث يمت الربط من خالل اس تخدام العنرص املستبدل أأوال مث‬
‫اس تخدام العنرص البديل بعد ذكل ‪ .‬مثل ‪ :‬هل دليك لكبسات ورق؛ ال‪ ،‬تريد واحدة مهنا؟ فلكمة‬
‫(واحدة) ترجع السامع اىل عنرص سابقفي النص من أأجل التفسري وهو (لكبسات ورق)(‪.)1‬‬
‫‪.3‬احلذف ‪:Ellipses‬‬
‫جينح املتلكم يف الغالب اىل الاقتصاد اللغوي بـحذف ما تعارف عليه املتخاطبان من الكم‪ ،‬توفريا‬
‫للوقت واجلهد ودرءا للملل اذلي يصيب السامع جراء اسهاب املتلكم‪،‬بذكره ماال يس تدعي اذلكر‪.‬‬
‫ابلس يف اذا رضبه فقطع منه قطعة‪،)2("...‬‬ ‫اليشء اسقاطه‪...‬وحذف ر أأسه ز‬ ‫فاحلذف لغة من‪":‬ح ْذ ُف ز‬
‫وهو" كعالقة اتزساق ال خيتلف عن الاستبدال االز بكون ا أل زول استبدال ز‬
‫ابلصفر أأي أأ زن عالقة‬
‫الاستبدال ترتك أأثرا و أأثرها هو وجود أأحد عنارص الاستبدال‪ ،‬بيامن عالقة احلذف ال ختلزف أأثرا(‪ ،)3‬وال‬
‫حي زل حم زل احملذوف أأي يشء‪ ،‬ومن زمث جند يف امجلةل الثزانية فراغا بنيواي هيتدي القارئ اىل ملئه اعامتدا‬
‫عىل ما ورد يف امجلةل ا ألوىل أأو النص السابق اذ ًا فهو ألية ال يس تغين عهنا أأي مبدع‪ ،‬تكون هل فاعليته‬
‫ما ُأ ْح ِسن اس تغالهل وت ُُو زِسل به يف املواضع اليت تس تدعيه‪ ،‬وهو اجراء يسقط من الالكم ما توفزر عليه‬
‫دلي ٌل‪ ،‬وهو حاجة اقتضهتا العرف اللغوي العرب نزوعا اىل الاس تخفاف وطلبا لالجياز‪ ،‬فاس تغنت عام‬
‫مل يكن معدة يف الالكم‪ ،‬أأو" مما يصطدم ابذلوق العرب اذلي يكره توايل ا ألمثال"(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪.113 :‬‬
‫‪ -2‬الرازي(حممد بن أيب بكر عبد القادر)‪ ،‬خمتار الصحاح‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪( ،‬دط)‪ ،1982 ،‬ص‪.54 :‬‬
‫‪ -3‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ - 4‬متام حسان‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط ‪ ،1994‬ص‪.298 :‬‬
‫‪100‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫واحلذف عند سعد مصلوح‪ :‬تكرار املبىن مع اسقاط بعض عنارص التعبري(‪.)1‬‬
‫وهو معلية يس ندها سيبويه اىل املتلكم حيث يقول‪ ":‬واعمل أأهنم حيذفون اللكم وان اكن ا ألصل يف‬
‫الالكم غري ذكل وحيذفون ويعوضون ويس تغنون ابليشء عن اليشء اذلي أأصهل يف الكهمم أأن يس تعمل‬
‫حىت يصري ساقطا"(‪.)2‬‬
‫اس تجىل قمية احلذف البالغية ومسحته الفنية عبد القاهر اجلرجاين (ت‪471‬ه) يف فصل القول يف‬
‫احلذف اذ يقول‪ ":‬هو ابب دقيق املسكل لطيف املأأخذ جعيب ا ألمر شبيه ابلسحر فانك ترى به ترك‬
‫اذلكر أأفصح من اذلكر‪ ،‬والصمت عن االفادة أأزيد لالفادة وجتدك انطق ما تكون اذا مل تنطق‪ ،‬و أأمت ما‬
‫تكون بياان اذا مل تنب"(‪ .)3‬وهو ما حدا بعلامء اللغة أأن يولوه من الاهامتم ما جعهل من أأجل املباحث يف‬
‫ادلراسات النحوية والبالغية وا ألسلوبية‪ ،‬فهذا ابن جين يفرد هل اباب أأسامه"ابب يف جشاعة العربية"(‪،)4‬‬
‫ألن"احلذف يؤدي اىل ظهور فراغ قاطع للرابط اللغوي اذلي يشد لفظة بأأخرى شدا ينشأأ عنه س ياق‬
‫يكون البنية الرتكيبية املأألوفة للجمةل العربية(‪.)5‬‬
‫متواصل حممك البناء ز‬
‫ال تعمل اللغة منعزةل بقدر ما تعمل ابعتبارها نصا يف س ياقات فعلية لالس تخدام‪ ،‬وهناك دامئا ما‬
‫يرشد السامع يف تفسري امجلةل أأكرث مما تقدمه امجلةل نفسها ففي بعض الس ياقات ميكن حذف لكمة أأو‬
‫عبارة بدال من تكرارها‪ ،‬وتسم هذه الوس يةل ابحلذف‪ ،‬كام يف قوهل تعاىل‪ ﴿:‬ان هللا بريء من املرشكني‬
‫ورسوهل﴾ والتقدير"ورسوهل بريء من املرشكني"‪ ،‬فيظهر احلذف عندما تش متل معلية فهم النص عىل‬ ‫ُ‬
‫اماكنية ادراك الانقطاع عىل مس توى سطح النص‪ ،‬حيث نفرتض عنرصا سابقا يعد مصدرا للمعلومة‬
‫املفقودة‪ ،‬فيرتك العنرص احملذوف جفوة عىل مس توى البنية الرتكيبية ميكن ملؤها من ماكن أآخر يف‬
‫النص(‪ .)6‬وميثل ذلكل الباحثان (هاليداي ورقية حسن) مبا ييل(‪)7‬‬

‫‪John is reading a poem, and catherine a story‬‬ ‫يقر أأ جون قصيدة واكترين قصة‬
‫عىل أأن احلذف يف هذا املس توى غري همم من حيث الاتساق‪ ،‬ذكل أأن العالقة بني طريف امجلةل عالقة‬
‫بنوية ال يقوم احلذف بأأي دور اتسايق‪ ،‬وعليه فاملهم هو البحث عن ادلور الاتسايق للحذف يف العالقة‬

‫‪ -1‬سعد مصلوح‪ ،‬حنو أجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية"‪ ،‬جملة فصول‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1991 ،‬مج‪ ،10‬ع‪:‬‬
‫‪ ،01‬ص‪.159 :‬‬
‫‪ -2‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.25، 24 :‬‬
‫‪ - 3‬اجلرجاين‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪.146 :‬‬
‫‪ - 4‬ينظر اخلصائص ج‪ ،2‬ص‪ 360 :‬وما بعدها‬
‫‪ - 5‬بومجعة مجي‪ ،‬ظاهرة احلذف يف شعر البحرتي دراسة بالغية إيقاعية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.47 :‬‬
‫‪ - 6‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪.116 ،115 :‬‬
‫‪ - 7‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.22 ،21 :‬‬
‫‪101‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بني امجلل وليس داخل امجلةل الواحدة‪ .‬وقسم الباحثان احلذف اىل امسي وفعيل وقويل‪.‬‬
‫فاحلذف الامسي هو حذف امس داخل املركب الامسي ‪:‬‬
‫‪ Which hat will you wear ? This is the best‬واحض‬ ‫أأية قبعة س تلبس؟ ـ هذه يه ا ألحسن‬
‫أأن "القبعة" قد حذفت يف اجلواب‪ ،‬وهو ما يؤكد أأن احلذف الامسي ال يقع اال يف ا ألسامء املشرتكة‪.‬‬
‫ويقصد ابحلذف الفعيل احلذف داخل املركب الفعيل ‪:‬‬
‫‪Have you been swming ? _ Yes, Ihave‬‬ ‫هل كنت تس بح؟ ـ نعم‪ ،‬فعلت‬
‫والقسم الثالث هو احلذف داخل ش به امجلةل‪:‬‬
‫‪How much does it cost ? _ Five pounds‬‬ ‫مك مثنه؟ ـ مخسة جنهيات‬
‫يتضح من خالل ما س بق أأن للحذف دورا يف اتساق النص‪ ،‬وان اكن خيتلف عام يؤديه لك من‬
‫الاتساق والاستبدال واالحاةل‪ ،‬ومرد ذكل اىل عدم وجود أأثر عن احملذوف فامي يلحق من النص‪.‬‬
‫‪.4‬الوصل‪ :‬الوصل هو الطريقة اليت يتصل ويرتبط هبا الالحق مع السابق بشلك منتظم‪ ،‬وتمتثل وظيفته‬
‫يف تقوية ا ألس باب بني امجلل وجعل املتتاليات مامتسكة‪ ،‬والوصل خالف الفصل‪ ،‬وصل اليشء ابليشء‬
‫يصهل وصال ُوصةل‪ :‬ألمه‪ ،‬واتصل اليشء ابليشء‪ :‬مل ينقطع‪ .‬والوصل يف البالغة الربط بني امجلل أأو‬
‫عطف بعض امجلل عىل بعض‪ ،‬واكن اجلاحظ من ا ألوائل اذلين تلكموا فيه‪ ،‬ووقف عنده أأبو هالل‬
‫العسكري وقفة طويةل وذكر أأقوالا كثرية تدل عىل أأمهية هذا ا ألسلوب‪ ،‬ويعد عبد القاهر اجلرجاين من‬
‫أأشهر اذلين حبثوه حبثا مفصال يقوم عىل التقس مي والتحديد وقد ربطه بباب العطف ويف هذا املقام‬
‫يقول‪ ":‬ا زن امجلل عىل ثالثة أأرضب‪ :‬مجةل حالها مع اليت قبلها حال الصفة مع املوصوف‪ ،‬والتأأكيد مع‬
‫املؤكد فال يكون العطف فهيا البتة لش به العطف فهيا لو عطفت بعطف اليشء عىل نفسه‪ ...‬ومجةل‬
‫حالها مع اليت قبلها حال الامس يكون غري اذلي قبهل‪ ،‬اال أأنه يشاركه يف حمك ويدخل معه يف معىن مثل‬
‫أأن يكون الك الامسني فاعال أأو مفعوال به أأو مضافا اليه فيكون حقها العطف‪"...‬‬
‫‪-5‬العطف (‪)1()Junction‬‬

‫تكون نصا مامتساك‪ ،‬تتنوع‬‫ملا اكن النص مجموعة من امجلل املتتابعة أأفقيا‪ ،‬وجب أأن تكون مرتابطة حىت ز‬
‫التعبريات العطفية فتنقسم اىل مخسة أأقسام‪ :‬الوصل‪ ،‬الفصل‪ ،‬الاس تدراك‪ ،‬التفريع‪ ،‬الربط الزمين‪.‬‬
‫وختتلف طبيعة العطف اب ألداة عن عالقات الربط ا ألخرى (االحاةل‪ ،‬احلذف)‪ ،‬فهىي ليست عالقات‬
‫احالية‪ ،‬وهذه العالقات ال تعمتد عىل عالقات معجمية رصحيةيف سطح النص‪ ،‬بل ميكن أأن تكون‬

‫‪ -1‬حسام أمحد فرح‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪.94 :‬‬


‫‪102‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫أأدوات العطف معلنة أأو مضنية‪ ،‬ويتحقق الرتابط يف النص حىت ولو مل توجد اشارة رصحية هل‪ .‬وميكن‬
‫تقس مي أأدوات الربط اىل‪:‬‬
‫أأدوات الوصل‪ :‬تربط بني الش يئني الذلين هلام احلاةل (املاكنة) نفسها‪ ،‬فالكهام حصيح(موجود) يف عامل‬
‫النص‪ .‬ويه عالقة اضافة سابق اىل الحق تربط بني صورتني أأو أأكرث من صور املعلومات ابمجلع بيهنا‪،‬‬
‫ومن تكل ا ألدوات‪( :‬و‪ ،‬كذكل‪ ،‬ابالضافة اىل ذكل‪ ،‬ابملثل‪ ،‬فضال عن ذكل‪ ،‬انهيك عن‪)...‬‬
‫أأدوات الفصل‪ :‬وتشري اىل أأن أأحد املعطوفني ميكن أأن يكون حصيحا (موجودا) يف عامل النص فـ ( أأو)‬
‫مثال تربط بني بديلني الكهام حارض يف موقع التخزين النشط (اذلاكرة الفعاةل)‪ ،‬وان اكن واحد فقط هو‬
‫اذلي يقع يف عامل النص‪ ،‬ومن تكل ا ألدوات أأيضا‪ :‬ا زما ‪ ...‬أأو‪ ،‬ا زما‪...‬وا زما‪.‬‬
‫أأدوات الاس تدراك‪ :‬وتربط بني ش يئني هلام املاكنة نفسها‪ ،‬ولكهنز ام يبدوان غري متسقني يف النص؛ أكن‬
‫لكن‪ ،‬بيد أأ زن‪ ،‬غري‬‫يكوان سببا ونتيج ًة غري متوقعة‪ ،‬فامجلع بيهنا يكون غري حممتل‪ ،‬ومن تكل ا ألدوات‪ :‬ز‬
‫أأ زن‪ ،‬وا زما‪ ،‬خالف ذكل‪ ،‬عىل العكس‪ ،‬يف املقابل‪.‬‬
‫أأدوات التفريع أأو االتباع‪ :‬وتربط بني عنرصين يعمتد أأحدهام عىل وجود الآخر‪ ،‬ومتثل تكل ا ألدوات عدة‬
‫أأنواع اكلسبب والنتيجة (ال تظهر النجوم هنارا ألن الشمس ساطعة)‪ ،‬ومن تكل ا ألدوات‪( :‬لـ ‪ ،..‬أل زن‪،‬‬
‫ليك‪ ،‬ذلكل‪ ،‬من أأجل)‪.‬‬
‫أأدوات الربط الزمين‪ :‬جيسد الوصل الزمين عالقة بني أأطروحيت مجلتني متتابعتني زمنيا‪ ،‬واذا اكن للزمن‬
‫تقس اميت‪ :‬ماض‪ ،‬مضارع‪ ،‬مس تقبل‪ ،‬فان هذا التقس مي يعمتد عىل اس تخدام املتحدث ووصف النص‬
‫وفقا للس ياق أأو تفاعل ا ألحداث‪ ،‬كام أأن اسرتاتيجية البىن يف النص تعكس بعض التأأثريات يف نظام‬
‫ترتيب ا ألزمنة وحاالهتا يف النص‪ .‬والقرب الزمين قد يكون تتابعيا اذا اكنت احلوادث مرتبط ًا أأحدُ ها‬
‫ابلقياس اىل ا ألخرى(مثل‪ :‬حفرش فنادى) أأو قد يكون زمان ما متضمنا يف زمان أآخر(مثل‪ :‬فقال‬
‫لصاحبه وهو حياوره)‪ ،‬وعالقة القرب الزماين جيب أأن تش متل عىل سلسةل من ا ألفعال بيهنا عالقة من‬
‫انحية الزمن‪ :‬تتابع أأو تداخل‪ .‬وقامئة التعبريات العطفية املعربة عن تكل العالقة كثرية مهنا‪ :‬الفاء‪ ،‬مث‪،‬‬
‫الواو‪ ،‬بعد‪ ،‬قبل‪ ،‬منذ‪ ،‬لكام‪ ،‬بيامن‪ ،‬يف حني‪.‬‬
‫‪ -6‬التوازي (‪.)Parallélisme‬‬
‫يتحقق ال زتوازي بتكرار نفس البنية الرتكيبية مع ملهئا مبحتوى خمتلف‪ ،‬فنحن نعيد سالسل متشاهبة‬
‫ولكن ا ألحداث فهيا متنوعة(‪ ،)1‬وهو عنرص أآخر من عنارص الاتزساق املشلكة لبنية القصيدة‪ ،‬يسامه يف‬
‫متاسك اخلطاب اضافة اىل أأمهيته امجلالية‪ ،‬حيث يضفي نوعا من التزنامغ بني زالرتاكيب وامجلل ز‬
‫املشلكة‬

‫‪ -1‬حسام أمحد فرح‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪.100 :‬‬


‫‪103‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫للخطاب‪ ،‬ألن زه ببساطة نوع من التزكرار ولكنزه ينرصف اىل تكرار املباين مع اختالف العنارص اليت‬
‫وعرفها بقوهل‪" :‬يه تساوي‬ ‫يتحقزق فهيا املبىن‪ ،‬وقد أأطلق عليه اخلطيب القزويين امس "املوازنة" ز‬
‫اب مبثُوث ٌة﴾ ‪.‬يؤدي‬
‫ارق مص ُفوف ٌة وزر ُّ‬
‫الفاصلتني يف الوزن دون التزقفية" ‪ ،‬ومث زل لها بقوهل تعاىل ‪﴿ :‬ونم ُ‬
‫التوازي دورا يف القصيدة ملا يقوم عليه من عنارص أأساس ية اكلتقطيع الصويت املس تفاد (ابلتكرار‬
‫والرتصيعواجلناس)(‪ ،)1‬وتوزيع ا أللفاظ يف امجلل (اكالرصاد (‪)2‬ورد العجز عىل الصدر) (‪ ،)3‬وتوظيف‬
‫املعىن عن طريق التضاد والتقابل بني ا أللفاظ املفردة وامجلل املركبة (اكلطباق واملقابةل)‪.‬‬
‫وفائدته أأن الاكتب قد يدرك أأن حمتوى تركيب ما غري مقبول دلى القارئ اذا أأىت منفصال‪ ،‬أأما اذا وضعه‬
‫وسط مجموعة لها الرتكيب نفسه‪ ،‬ولها قبول داليل‪ ،‬فان القارئ يقبهل املوازاة أأو التوازي من العنارص‬
‫النحوية املرتبطة ابالطار املوس يقي للس بك‪ ،‬فتكرار الرتكيب نفسه عىل مسافات متساوية خيلق ايقاعا‬
‫تأألفه أأذن السامع‪ ،‬واذا اكنت املوازاة احدى وسائل الس بك النحوي فهىي ال ختتص برشوط الصحة‬
‫النحوية يف امجلةل‪ ،‬بل تبحث يف كيفية وجود روابط من نوع خاص بني امجلل تمتثل يف التشابه الرتكييب‬
‫املدمع ابلامتثل الصويت لهناايهتا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬الاتساق املعجمي‪:‬‬
‫يراد ابالتساق(الس بك) املعجمي العالقة اجلامعة بني لكمتني أأو أأكرث داخل املتتابعات النصية‪ ،‬ويه‬
‫عالقة معجمية رصف ال حتتاج اىل عنرص حنوي يظهرها‪ ،‬وعنارص الاتساق املعجمي يه‪:‬‬
‫‪ .1‬التكرار(‪: )Recurrence‬‬
‫شلك من أأشاكل الاتساق املعجمي‪ ،‬يتطلب اعادة عنرص معجمي‪ ،‬أأو ورود مرادف هل أأو ش به‬
‫مرادف أأو عنرصا مطلقا أأو اسام عاما(‪.)4‬‬
‫ارتبط التكرار يف الرتاث النحوي ابلتوكيد اللفظي اذلي هو اعادة اللفظ ا ألول بعينه وارتبط التوكيد يف‬
‫الرتاث البالغي بتقوية املعىن واملبالغة فيه‪ ،‬والتكرار رضب من رضوب االحاةل اىل سابق مبعىن أأن الثاين‬
‫مهنا حييل اىل ا ألول‪ ،‬ومن مث حيدث الاتساق بيهنام‪ ،‬ويعد من أأظهر وسائل الاتساق و أأدانها اىل‬
‫املالحظة املبارشة‪ ،‬وقد عوجل يف البالغة العربية بوصفه أأصال من أأصول البديع عند ابن رش يق‬
‫القريواين وابن أأب االصبع املرصي وغريهام‪ ،‬لكن ميكن االشارة اىل أأن مثة مفارقات بني البالغيني العرب‬
‫وعلامء اللسانيات النصية يف معاجلة هذه الظاهرة‪ ،‬حيث جند البالغيني العرب قد عاجلوا هذه الظاهرة‬

‫شهاد اندية سرحان فتيان‬


‫ّ‬ ‫هبّاط أوديةمحّال ألوية‬ ‫‪ -1‬أن يكون تقطيع األجزاء مسجوعا أو شبيها ابملسجوع كقول اخلنساء‪:‬‬
‫‪ -2‬ويسمى أيضا التسهيم وهو أن يكون معىن البيت مقتفيا قافيته‪ ،‬وشاهدا هبا داال عليها‬
‫‪ -3‬أو التصدير وهو أن يدل أعجاز الكالم على صدوره‪ ،‬فيدل بعضه على بعض‪ ،‬ويسهل استخراج قوايف الشعر‬
‫‪ - 4‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪104‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫من منظور بالغي رصف‪ ،‬فاكن تركزيمه عىل الالكم ا ألدب والشعري خاصة‪ ،‬واهمتوا ابلقرأآن الكرمي من‬
‫جعازه البالغي‪ ،‬بيامن عوجلت هذه الظاهرة عند علامء لسانيات النص من منظور لساين رصف‪،‬‬ ‫حيث ا ُ‬
‫فشملت النصوص مبختلف أأنواعها‪ .‬مث ان معاجلة البالغيني العرب لهذه الظاهرة اكنت مقترصة –‬
‫وخباصة يف مرحةل التقعيد‪ -‬عىل امجلةل أأو البيت بيامن جتاوزت معاجلة علامء النص هذا املس توى لتشمل‬
‫امجلل والفقرات املشلكة للنص‪ .‬وجتدر االشارة اىل أأن التكرار وس يةل تعبريية وتقنية ابلغة القمية يف ا ألثر‬
‫بناء عىل حاجة الس ياق الهنديس والنفيس واخليايل اليه‪،‬‬ ‫اللغوي خباصة اذا اس تطاع املبدع التحمك فيه ً‬
‫ألن الارساف يف اس تخدامه يؤدي اىل خفض الكفاءة االعالمية للنص(‪ )1‬ومن مثة فان العبارة املكررة‬
‫ينبغي أأن تكون من قوة التعبري وجامهل ومن الارتباط بغريها س ياقا ما تصمد به أأمام الراتبة املقيتة‪ ،‬كام‬
‫أأن تكرار التعبري يبقي عىل املرجع نفسه‪ ،‬وهذا يعين أأنه يس متر يك يرمس الوجود نفسه يف عامل النص‬
‫وعندئذ يتدمع ثبات النص بقوة هذا الاس مترار الواحض‪ ،‬ويوظف التكرار أأيضا لتقيق العالقة املتبادةل بني‬
‫العنارص املكونة للنص‪ ،‬وذكل برشط أأن يكون للعنرص املكرر نس بة ورود عالية يف النص متزيه عن‬
‫نظرائه‪.‬‬
‫ان اكن للتكرار عيب وهو تقليص االعالمية‪ ،‬فان ش باكت التكرار تسمح بتحديد امجلل ا ألساس ية‬
‫والثانوية يف النص وحتديد اللكامت احملورية اليت مييل الاكتب غالبا اىل تكرارها‪ ،‬وعليه فان التكرار حيمل‬
‫طاقة وظيفية هممة تمتثل يف ادلمع ادلاليل ملفردات حمددة يف النص(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬الرتادف(‪ :)3()Synonyme‬الرتادف وس يةل ربط مشاهبة للتكرار‪ ،‬اال أأنه يمتزي عنه يف نفيه للشعور‬
‫ابلراتبة مع اضفائه تنوعا اىل احملتوى من حيث هو "وجود لكمتني هلام املعىن نفسه تقريبا(‪ ،)4‬وقد تناول‬
‫دي بوجراند ودريسلر املفهوم نفسه حتت مسم ‪ :‬اعادة الصياغة‪ ،‬ويعنيان به تكرار احملتوى ولكن‬
‫بوساطة تعبريات خمتلفة‪ ،‬علام أأن املسأأةل ال تقف عند هذا احلد بقدر ما يه خلق واس تحضار يشء ما‬
‫خمتلف يف عامل النص اذلي هو بدوره حمأاكة للعامل الفعيل‪ ،‬وعليه فان اعادة الصياغة يه تشكيل جديد‬
‫للعامل الفعيل‪.‬‬
‫‪ .3‬املصاحبات اللغوية ‪ /‬التضام (‪ : )Collocations()5‬ويراد هبا ورود زوج من اللكامت ابلفعل أأو ابلقوة‬
‫نظرا الرتباطهام حبمك هذه العالقة أأو تكل وهو ارتباط يعتاد أأبناء اجملموعة اللغوية املتجانسة وقوعه يف‬

‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪.106 ،105 :‬‬
‫‪ - 2‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪108 :‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪ ،109 :‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ -4‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪.109 :‬‬
‫‪ - 5‬ينظر‪ :‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪ ،111 :‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪109 :‬‬
‫‪105‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الالكم حبيث ميكن توقع ورود لكمة يف النص من خالل ورود لكمة أأخرى فيه‪ ،‬وتمتزي هذه الظاهرة‬
‫بعدم حاجهتا اىل مرجع سابق أأو الحق كام هو احلال مع عنارص الس بك النحوي‪.‬‬
‫هناك عالقات معجمية كثرية خاصة ابملصاحبة اللغوية‪ ،‬مهنا ما هو واحض مثل‪ :‬التضاد‪ ،‬عالقة اجلزء‬
‫ابللك‪ ،‬عالقة التالزم اذلكري‪ ...‬اال أأن بعضها حيتاج اىل همارة القارئ من خالل خلق س ياق ترتابط فيه‬
‫العنارص املعجمية معمتدا عىل حدسه اللغوي وعىل معرفته مبعاين اللكامت وغري ذكل‪ ،‬ومن أأمثةل تكل‬
‫املصاحبات‪ :‬احملاوةل‪ -‬النجاح‪ ،‬املرض‪ -‬الطبيب‪ ،‬النكتة‪ -‬الضحك‪ ،‬الشمس‪ -‬القمر‪ ...‬وميكن رصد‬
‫العالقات املعجمية اخلاصة ابملصاحبة اللغوية عىل النحو التايل‪:‬‬
‫عالقة تضاد‪ :‬مجع اليشء وضده يف الالكم ( أأبيض≠ أأسود‪ ،‬ليل ≠ هنار)‬
‫التدرج التسلسيل‪ :‬وختلق هذه العالقة وحدات لكية داخل النص الواحد ترتابط فامي بيهنا ترابطا منطقيا‬
‫قامئا عىل وجود أأبعاد زمانية تدمع فكرة التعاقب بني ا ألحداث املتسلسةل‪.‬‬
‫عالقة اجلزء ابللك‪ :‬من العالقات اليت ال تظهر اال مع موضوعات خاصة هيدف الاكتب اىل تقدمي وصف‬
‫خاص ملفهوم عام‪ ،‬من خالل ذكر بعض أأجزائه املكونة هل وصفاهتا املالزمة مما يمكل الصورة املقصودة‬
‫لهذا اليشء العام ‪.‬‬
‫عالقة اجلزء ابجلزء‪ :‬اذا اكن ذكر ا ألجزاء يف العالقة ا ألوىل متناس با مع الرؤية اليت يعرض من خاللها‬
‫اللك‪ ،‬فان هذا التحديد ينتفي مع هذه العالقة‪ ،‬اذ حياول الاكتب ذكر أأكرب عدد من ا ألجزاء هبدف‬
‫تقدمي صورة عامة ملا تشلكه من لك واحد‪ ،‬وال يسع الاكتب يف عرض العنارص اىل الرتكزي عىل‬
‫أأحدها‪ ،‬بل انه يعرضه ابعتباره جزءا من ا ألجزاء يقوم بوظيفة حمددة تذكر مالزمة هل‪.‬‬
‫عالقة التالزم اذلكري‪ :‬مثل‪ :‬املرض‪ -‬الطبيب‪ ،‬النكتة‪ -‬الضحك‪ .‬وقد عرض لها القدماء يف حديهثم عن‬
‫"مراعاة النظري" ويه أأن جيمع يف الالكم بني أأمر وما يناس به‪ ،‬وهذه العالقة تعمل يف اطار حمدد ال‬
‫يتجاوز حدود امجلةل اليت جتمع املتالزمني‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬عنارص الاتساق الصويت(‪:)1‬‬
‫توقف دي بوجراند أأمام مصطلح التنغمي واعتربه من احملاور الصوتية الرئيسة ملبحث الاتساق‪ ،‬اال أأن‬
‫هذا العنرص ال يتحقق يف غري النصوص املنطوقة نظرا لتكل القمية الوظيفية اليت حتققها تكل العنارص من‬
‫اقناع للمتلقي ووضوح يف أأداء الرساةل‪ .‬أأما عمل العروض فأأشار اىل عنارص صوتية أأخرى ويه الوزن‬
‫والقافية‪ .‬ومن عنارص الاتساق الصويت ما ييل‪:‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬حسام أمحد فرج‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬ص‪ ،112 :‬وما بعدها‪ ،‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪ 125 :‬وما بعدها‬
‫‪106‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .1‬السجع‪ :‬يقوم السجع عىل تكل املامثةل املعقودة بني لكمتني أأو أأكرث يف الوزن والتقفية واليت تنتج‬
‫"الرتصيع"‪ ،‬أأما املامثةل يف التقفية فقط مع الاختالف يف الوزن فتنتج "السجع املطرف"‪.‬‬
‫يصنع السجع مع عنارص أأخرى حنوية ومعجمية وداللية نوعا من الوحدة داخل النص؛ فاالطار ادلاليل‬
‫أأساس للتوازي املدمع بعنارص معجمية وداللية أأخرى اكلرتادف والتضاد جبانب احلذف‪ ،‬كام أأن الهناايت‬
‫املتشاهبة اليت خيلقها السجع تعطي هل ادلمع الصويت اذلي يشلك وس يةل قوية لالقناع‪.‬‬
‫‪ .2‬اجلناس‪ :‬حيدث بـ"اس تعامل لفظتني يرجعان اىل مادتني خمتلفتني‪ ...‬متقاربتني أأو متحدتني يف‬
‫ا ألصوات وخمتلفتني يف املعىن(‪ )1‬ومنه التام والناقص‪ ،‬وهو من ا ألشاكل الصوتية يف اخلطاب ا ألدب‪،‬‬
‫حيدث نوعا من املوس يق وااليقاع‪ ،‬ي زذل هل السمع وتطرب هل النفس ويظهر أأثره يف وحدة اجلرس‪...‬وذكل‬
‫ما يصبغ البيت لكه جبرس واحد جيعهل سهل النطق حلو السامع وتستس يغه ا ألذن(‪ )2‬وال تقف أأمهيته‬
‫عند هذا احلد‪ ،‬بل تتعداه اىل اظهار تكل اللكامت املتجانسة بشلك أأوحض‪ .‬وعليه اذا اكن السجع‬
‫يؤلف بني السامع والنص جراء احتاد تكل الفواصل املوس يقية‪ ،‬فان اجلناس يقوي دالالت اللكامت من‬
‫خالل شد انتباه السامع الهيا جراء ما تتوفر عليه من توافق لكي أأو جزيئ يف أأصواهتا‪.‬‬
‫‪ .3‬الوزن والقافية‪ :‬عنرصان صوتيان يسهامن يف اكامتل اجلانب الصويت مبا حيداثنه من تقارب بني لكامت‬
‫النص عىل أأساس مبد أأ املشاهبة أأو الوحدة االيقاعية‪ ،‬وليس هلام أأساس حنوي أأو معجمي‪ .‬تسامه عنارص‬
‫الاتساق الصويت جممتعة يف اشعار املتلقي بامتسك النص حلظة أأدائه‪.‬‬
‫‪ .II‬الانسجام (احلبك)‬
‫اذا اكن الاتساق‪ /‬الس بك خمتصا برصد الاس مترارية احملققة يف ظاهر النص حيث الربط الرصفي‬
‫بني مكوانت البنية السطحية‪ ،‬فان معيار الانسجام‪ /‬احلبك خيتص ابالس مترارية احملققة يف عامل النص(‪،)3‬‬
‫حبيث حيدد الانسجام تكل العالقات ادلاللية التحتية اليت تسمح للنص بأأن يفهم ويس تخدم‪ ،‬وهذه‬
‫العالقات ادلاللية يه من القوة حبيث تعطي للنص مظهره ووحدته‪ ،‬فوحدة أأي نص ال ميكن أأن توجد‬
‫بشلك اكف اال مبراعاة بناء قاعدته ادلاللية‪ ،‬أأما وسائل الربط الرتكيبية فهىي تسهل عىل السامع التعرف‬
‫عىل بناء القاعدة ادلاللية يف النصوص وفهم ذكل البناء‪ ،‬وقد عرب هاليداي ورقية حسن عن أأمهية البعد‬
‫ادلاليل بقوهلام ‪ ":‬ان النص وحدة داللية‪ ،‬وليست امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص"(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬حممد اهلادي الطرابلس ي‪ ،‬خصائص السلوب يف الشوقيات‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬منشورات اجلامعة التونسية‪ ،1981 ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ - 2‬حممود علي عبد املعطي‪ ،‬موسيقا الشعر"النظرية وآفاق التطبيق"‪ ،‬ديوان الشريف الرضي أمنوذجا‪ ،‬اندي مكة الثقايف األديب‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪ ،2013 ،1‬ص‪.370- 369 :‬‬
‫‪ - 3‬سعد مصلوح‪ ،‬حنو أجرومية للنص الشعري‪ :‬دراسة يف قصيدة جاهلية‪،‬فصول‪ ،‬مج‪ ،10 :‬ع‪ ،1 :‬ص‪.145 :‬‬
‫‪ - 4‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪107‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وياكد يتفق الباحثون عىل أأن الانسجام يف النص هو البنية التحتية ألدوات الربط الظاهرة‪ ،‬وقد‬
‫أأشار فان ديك اىل أأن أأدوات الربط (‪ )Cohesion‬ختلق فقط الامتسك احمليل‪ ،‬وغري قادرة منفردة عىل‬
‫خلق مس توى اخلطاب أأو املس توى العام لالنسجام‪.‬‬
‫يعين الانسجام ابملفهوم الس يكولويج مجموعة من العالقات املفهومية يس تخدهما القراء والكتاب يف‬
‫تعاملهم مع النص وهو ما يضفي البعد الرباغاميت لالنسجام‪ ،‬وهذا ما أأكده بييت ابمربج (‪)Betty Bamberg‬‬
‫عندما أأشار اىل الانسجام حيدده قصد الاكتب ومعرفة امجلهور‪ ،‬ومنه فاالنسجام يشرتط هل أأمران‪ :‬ا ألول‬
‫داخل النص(ظاهر) حتمهل ا ألدوات الظاهرة للربط والثاين خارج النص(تداويل‪ ،‬براجاميت)‪.‬‬
‫يبدو أأن الانسجام جزء من معلية فهم النص‪ ،‬فالقارئ عندما يعاجل النص يبين متثيال للمعلومات اليت‬
‫حيتوهيا النص يف ذهنه‪ ،‬واملظهر ا ألسايس لهذا المتثيل املعريف هو أأن يدمج القضااي املفردة اليت حيتوهيا‬
‫النص يف لك أأكرب‪ ،‬والانسجام بذكل يشء يقميه القارئ يف معلية القراءة ‪ ،‬كام أأنه جزء أأسايس عند‬
‫تشكيل الاكتب للنص‪ ،‬فهو ينطلق من موضوع أأسايس يمت توس يعه بطرائق ش ىت اعامتدا عىل املقصد‬
‫واحلاةل‪ ،‬وتساعده يف ذكل اجراءات التعبري من حيث يه مرجعيات لسانية‪.‬‬
‫مظاهر الانسجام (احلبك)‪:‬‬
‫لالنسجام مظهران مامتيزان ومرتابطان يف الآن ذاته‪ ،‬هام‪:‬‬
‫‪ -‬املظهر املضموين القضوي(‪ )1‬أأين ترصد القضية الكربى أأو موضوع اخلطاب‪.‬‬
‫‪ -‬املظهر الهيلكي‪ ،‬ويعاجل البناء النيص‪.‬‬
‫أأوال‪ :‬املظهر املضموين لالنسجام‪:‬‬
‫يدرس الانسجام‪ ،‬حسب دي بوجراند‪ ،‬ما تتصف به مكوانت عامل النص (تشكيةل املفاهمي‬
‫والعالقات اليت يستند الهيا ظاهر النص) من واثقة صةل بيهنا‪ ،‬يراد ابملفهوم احملتوى املعريف (تشكيةل من‬
‫املعرفة) يسهل اسرتجاعها ما اكنت متسقة يف اذلهن‪ ،‬أأما العالقات فهىي الروابط القامئة بني املفاهمي‪،‬‬
‫وتشلك املفاهمي والعالقات القاعدة ادلاللية للنص وتتكون من عنارص يه‪ :‬القضية ‪ :Proposition‬لك‬
‫قضية تتكون من خرب (محمول) ومقوةل (موضوع) أأو مقوالت ترتبط به مثال‪:‬‬
‫ابلفرشاة‬ ‫املاكن‬ ‫رمس‬ ‫املرشد‬
‫مقوةل(‪)3‬‬ ‫مقوةل(‪)2‬‬ ‫خرب‬ ‫مقوةل(‪)1‬‬

‫‪ - 1‬حممد خطايب‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إىل انسجام اخلطاب‪ ،‬ص‪ 128 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يدرس مضن مصطلحات القضااي حمتوايت امجلل املفردة وكذا روابط هذه الوحدات ودجمها مبركبات‬
‫قضوية أأخرى‪ ،‬تنتظم هذه القضااي املس تخرجة يف جشرة هرمية أأو بيان هريم يطلق عليه أأساس النص‪،‬‬
‫وطبقا لهذه الرؤية توجد قضية واحدة يف مقة الهرم وقضااي صغرى يف املس توايت ادلنيا‪.‬‬
‫ُأ ِخذ مفهوم القضية من جمال الفلسفة واملنطق واس تخدم ابملعىن العام يف دراسات اخلطاب لالشارة اىل‬
‫الوحدة ا ألدىن للمعىن‪.‬‬
‫" تتكون القضية من خرب يعد النواة وموضوع أأو أأكرث يرتبط بتكل النواة‪ ،‬ويقوم التحليل القضوي‬
‫للنص عىل الرتكزي عىل العالقات بني القضااي‪ ...‬حيث يكشف الروابط بني امجلل عن الطريقة اليت‬
‫تدرك هبا العالقات ادلاللية التحتية يف اخلطاب‪ .‬وعىل هذا فروابط اخلطاب قد تكون مضنية أأو ظاهرة‬
‫يف سطح النص تربط بني مجل متجاورة يف النص عىل حنو متتال أأو متداخل مبا ميكن معه متزي نوعني‬
‫من العالقات‪:‬‬
‫أأ‪.‬عالقة االضافة ‪ :‬تعرب عهنا أأدوات العطف مثل (الواو‪/‬عاطف اضايف‪ ،‬لكن‪ /‬عاطف مقابل‪ ،‬أأو‪/‬‬
‫عاطف فصل)‬
‫ب‪.‬عالقة الس ببية‪ :‬تربط ابلتبعية وتشمل س بعة أأمناط‪:‬‬
‫السبب ‪ :‬ويكون خارج جمال الاختيار(االرادة)‪ ،‬مثل‪ :‬جون مل يذهب اىل املدرسة انه اكن مريضا‪.‬‬
‫املربر(التفسري) ويشري اىل جانب الاختيار(االرادة) مثل‪ :‬جون مل يأأت معنا‪ ،‬هو يكره احلفالت‪.‬‬
‫الوس يةل ‪ :‬ويه اس تخدام مقصود لتقيق السبب‪ ،‬مثل‪ :‬هل متانع يف فتح الباب؟ هذا هو املفتاح‪.‬‬
‫التتابع‪ :‬وهو نوع من التبعية ‪ ،‬مثل‪ :‬جون مريض‪ ،‬هو لن يذهب اىل املدرسة‪.‬‬
‫الغرض‪:‬وهو تتابع اختياري‪ ،‬مثل‪ :‬التعلاميت جيب أأن تكون حبروف كبرية‪ ،‬هبذه الطريقة نأأمل يف جتنب‬
‫الصعوابت أأثناء قراءهتا‪.‬‬
‫الرشط‪:‬وهو سبب رضوري أأو ممكن لتتابع ممكن‪ ،‬مثل‪ :‬ميكنك احلصول عىل وظيفة هذا الصيف‪،‬‬
‫ولكنأأوال جيب أأن جتتاز الامتحان‪.‬‬
‫املسلمة‪ :‬ويه سبب أأو مربر ألي تتابع متوقع حدوثه‪ ،‬مثل‪:‬جون اكن غنيا‪ ،‬اىل أأن أأعط لك يشء‬
‫للجمعيات اخلريية‪)1( .‬‬

‫مما س بق يتضح أأن العالقات بني امجلل ذات طبيعة داللية تستند اىل معىن امجلل و أأدوات الربط اليت‬
‫ختلقها العالقات ادلاللية املسامهة يف بناء خطة معقوةل ميكن ادراكها‪ ،‬ويمت الرتكزي عىل هذه ا ألدوات‬
‫ابعتبارها أأساسالنحو الامتسك‪.‬‬

‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪187 :‬و‪.188‬‬
‫‪109‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ويشري فان ديك اىل أأن فهم النصوص اليقترص فقط عىل العالقات ادلاللية وامنا يعمتد أأيضا عىل‬
‫العالقات االحالية‪ ،‬حيث يفرتض وجود عالقات احالية بني منطوقات اللغة والوحدات يف الواقع‬
‫اخلاريج‪ ،‬ومن مث يفرتض أأن القضااي ترتبط بوقائع يف العامل اخلاريج‪ ،‬ويتيح ذكل اعادة بناء الواقع من‬
‫خالل اماكنية ربط وحدات جمردة يف اللغة (لكامت ومقوالت وعبارات) بوحدات جمردة يف الواقع‬
‫اخلاريج‪ ،‬وذكل من خالل املعاين املفهومية لوحدات اللغة‪ ،‬يطلق عىل تصور املنطوقات "املفهومات"‬
‫وعىل احمليالت الهيا يف عامل ما "ماصدقات"‪ ،‬ذلكل مفعرفة مس تخديم اللغة ابلعامل هامة يف وصف معلية‬
‫تفسري النص‪ ،‬ويضع فان ديك القيد التايل ابلنس بة لربط القضااي وهو‪":‬ترتبط قضيتان بعضهام ببعض‬
‫حني ترتبط معانهيام االحالية‪ ،‬أأي تكون الوقائع اليت حتيل الهيا القضااي يف تفسري ما مرتبطة بعضها‬
‫ببعض‪.‬مثل‪ :‬الطقس مجيل‪ ،‬القمر يدور حول ا ألرض‪ ،‬فالقضااي املعرب عهنا من خالل مجل التتابع الميكن‬
‫أأن ترتبط بعضها ببعض ألن الوقائع غري مرتبطة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬املظهر الهيلكي لالنسجام (البنية العليا)‬
‫مفهوم ا ألبنية العليا ودورها يف معلية الفهم‪:‬‬
‫تعد ا ألبنية العليا احدى الروابط النصية عىل املس توى ا ألعىل ابعتبارها أأداة تنظميية ألجزاء النص‬
‫ال تكشف يف النص عن بنية اتلية حفسب‪ ،‬بل اهنز ا حتدد النظام اللكي ألجزاء النص‪ ،‬وعليه فان اختيار‬
‫هيلك لتنظمي النص يعد أأحد القرارات احلامسة يف معلية صنع النص‪ ،‬فاخلطاب ال حيتوي فقط عىل بنية‬
‫املعىن بل حيتوي أأيضا بنية الشلك‪ ،‬أأو البنية العليا‪ ،‬أأو هيلك اخلطاب‪ ،‬وداخل هذه البنية ميكن أأن‬
‫يتنوع احملتوى‪.‬‬
‫يعود تشكيل ا ألبنية اىل القدرة اللغوية واالتصالية للمتلكم‪ ،‬ولهذا فهىي ذات طبيعة عرفية يتواضع علهيا‬
‫أأبناء اجملموعة اللغوية املتجانسة‪.‬‬
‫قدمت تعريفات كثرية ملصطلح ا ألبنية العليا مهنا اهنا‪ ":‬الهيألك العرفية اليت تقدم الشلك العام‬
‫حملتوى البنية الكربى للخطاب" أأو يه " نوع من اخملطط اجملرد اذلي حيدد النظام اللكي لنص ما ويرتكز‬
‫عىل قواعد عرفية" أأو" يه الهيلك العام اذلي تنتظم فيه أأجزاء النص" يفهم من مجموع هذه التعريفات أأن‬
‫البنية العليا يه الطريقة اليت ترتب هبا التفاصيل طبقا خلطة عامة مبا يساعد القراء عىل فهم وتذكر النص‬
‫مرة أأخرى‪ ،‬وهذا يعين أأهنا تتضمن خمطط انتاج يدركه املتلكم وخمطط تفسري يعرفه القارئ‪ ،‬ومن مث‬
‫فالبنية العليا يه" بناء ذهين ميثل معرفة املرء ابلشلك المنطي للنص‪.‬‬
‫البنية العليا والبنية الكربى‪ :‬البنية الكربى تتعامل مع احملتوى أأو مضمون النص أأو املعىن العام للنص‪ ،‬يف‬
‫حني تتعامل البنية العليا مع الشلك اذلي تنتظم فيه أأجزاء النص‪ ،‬معىن ذكل أأن ا ألبنية الكربى داللية‬

‫‪110‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ليست عرفية ال يس تغىن عهنا الجناز أأوجه ربط أأفقية بني امجلل لفهم النص‪ ،‬ذلكل فهىي ترتبط ارتباطا‬
‫وثيقا ابلرضورة املعرفية‪.‬‬
‫أأما ا ألبنية العليا شأأهنا يف ذكل شأأن ا ألبنية النحوية ترتكز عىل قواعد عرفية‪ ،‬ولهذا فان بنية احليك مثال‬
‫تعد بنية عليا ويه خمتلفة عن مضمون احليك ( أأي البنية الكربى)‪ ،‬ومجمل القول "ان البنية العليا يه منط‬
‫من شلك النص أأما البنية الكربى فهىي مضمون النص"‪ ،‬ولكن هناك مسة مشرتكة بني البنيتني يف كوهنام‬
‫ال تتحدان ابلنظر اىل مجةل مس تقةل أأو تتابعات من امجلل‪ ،‬بل ابلنس بة للنص بوصفه الك‪ ،‬وهذا ما‬
‫يسوغ احلديث عن أأبنية كربى يف مقابل أأبنية صغرى عىل مس توى امجلةل‪.‬‬
‫املفاتيح اىل ا ألبنية العليا‪:‬‬
‫هناك مفاتيح حتيل اىل ا ألبنية العليا تعرف بوسائل التنظمي ا ألعىل‪ ،‬تعطي املتلقي اشارات واحضة اىل‬
‫ا ألمناط ا ألساس ية بوساطة مؤرشات نصية؛ مثل العناوين الرئيسة والفرعية والعبارات الضمنية اليت تعود‬
‫عىل اكمل النص‪ ،‬ومثل النصوص املصاحبة اكلمتهيد واملقدمة واخلامتة اليت تقوم بوظيفة االعالن عن‬
‫النص‪ ،‬كام تقوم بعض العبارات املعجمية ‪ /‬النحوية اخلاصة مثل‪(:‬بذكل أأرغب يف أأن أأخربمك) و (نرجو‬
‫أأن) بتوضيح الوظيفة الرباغامتية للنص (خرب‪ ،‬رجاء‪)...‬‬
‫مناذج ا ألبنية العليا‪:‬‬
‫التوجد نظرية عامة حول ا ألبنية العليا‪ ،‬اال أأن زه قد توجد حول أأبنية حمددة اكحليك واحلجاج والوصف‪ ،‬ذلا‬
‫حاول بعضهم تقدمي منوذج للبنية العليا تنتظم فيه املعلومات يف النص مثل منوذج (‪ )BPSE‬اذلي قدمه‬
‫رفائيل ساليك (‪ )1995‬ويتكون من)‪:(1‬‬
‫اخللفية(‪: )Back ground‬وجييب ذكل اجلزء يف النص عن التساؤل حول (الوقت‪ ،‬املاكن‪ ،‬ا ألشخاص‪)...‬‬
‫أأي العنارص املتضمنة يف النص واليت حتتاج اىل معرفهتا لفهم اجلزء التايل من النص وهو املشلكة‪.‬‬
‫املشلكة (‪ :)Problem‬وهو اجلزء املفتاح‪ ،‬اذ يسهزل معرفة صةل ا ألجزاء ا ألخرى ابلنص وفهمها‪ ،‬وجييب‬
‫هذا اجلزء عن التساؤل‪:‬عن أأي يشء يتحدث النص بصورة أأساس ية؟ ما املعضةل أأو اللغز أأو العقبة‬
‫اذلي جيعل من هذا النص معربا؟‬
‫احلل (‪:)Solution‬ويعين حل املشلكة‪ ،‬أأي كيف نواجه وحنل املعضةل أأو اللغز‪ ،‬أأو نقيض عىل العقبة أأو‬
‫نعاجل النقص؟التقيمي (‪ :)Evaluation‬أأي تقيمي احلل‪ ،‬واذا اكن هناك أأكرث من حل‪ ،‬فأأهيا أأفضل؟‬
‫يشري رفائيل ساليك اىل أأن بعض أأجزاء هذا المنوذج قد ال يظهرها النص اذا اكنت واحضة من خالل‬
‫الس ياق‪ ،‬أأو اذا اكن ابماكن القارئ معرفهتا‪ ،‬كام أأن نظام ترتيب ا ألجزاء يف هذا المنوذج ميكن أأن يتنوع‪،‬‬

‫‪ - 1‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬اىلقاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.245 :‬‬
‫‪111‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫فكثري من القصص يبد أأ ابملوجز لتحصل عىل انتباه القارئ مث تأأيت االشارة اىل املشلكة مث تفاصيل احلل‪،‬‬
‫مث اخللفية و أأخري تقدم حال مثاليا أأو أأكرث‪ ،‬ومنه فان هذا التصنيف يتصف ابلعمومية اىل حد كبري‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫القصد والقبول‬ ‫ادلرس الثاين عرشة‪:‬‬


‫متهيد‬
‫شاع قدميا أأن الشاعر اذا رام قول الشعر أأمغي عليه ليتكفل ش يطان شعره بتحريك لسانه‪ ،‬فان‬
‫ُس ِؤل عن ما قال وكيف قال؟ تعلل بأأنه الكم اعمتل يف صدره فقذفه لسانه‪ .‬وسار يف الناس هذا‬
‫الاعتقاد دون أأن ميعنوا فيه النظر اىل أأن جاءت النظرايت اللغوية والفلسفية احلديثة لتؤكد أأن لك‬
‫معل هو حدث راجع اىل عامل داخيل يعززه قصد املتلكم‪.‬‬
‫ما ان أأطمأأن ادلارسون اىل تعريف دي بوجراند ودريسلر للنص من حيث هو "حدث تواصيل يلزم‬
‫لكونه نصا أأن تتوافر هل س بعة معايري للنصية جممتعة‪ ،‬ويزول عنه هذا الوصف اذا ختلف واحد من هذه‬
‫املعايري"(‪ ،)1‬حىت راحوا يتقرون مظاهر الس بك يف ما أأتيح هلم من نصوص قدمية وحديثة مطبقني‬
‫معايري النصية يف شقها املتعلق ابلنص حيث الاتساق والانسجام‪ ،‬مقللني الالتفات اىل ما اتصل مهنا‬
‫مبس تعميل النص سواء أأاكن املس تعمل منتجا أأم متلقيا‪ ،‬و أكهنم ما زالوا بذكل حتت تأأثري البنوية اليت ال‬
‫تنظر اىل اللغة اال من حيث يه شلك ال جوهر‪.‬‬
‫تتحدد طبيعة لك نشاط أأدب أأو علمي أأو غريهام من خالل ما يؤطر مباحثه ويرمس توهجاته من‬
‫مقاصد‪ ،‬ذلا تعددت مفاهمي "القصدية" من حيث يه مصطلح بتعدد هذه ا ألنشطة اليت تتداول‬
‫فهيا؛هيمنا يف هذا املقام ما تعلق مهنا ابدلراسات اللسانية احلديثة‪.‬‬
‫القصدية يف ادلراسات اللسانية احلديثة‪:‬‬
‫تتزنل القصدية(‪ )L’intentionnalité‬من حيث يه معيار من معايري تقيق النصية‪ ،‬مزنةل أأساسة يف‬
‫خمتلف أأنواع التواصل االنساين‪ ،‬اذ " التوجد أأفعال بال مقاصد"(‪there no actions whith out‬‬

‫‪ ،)2()intentions‬واال ع زد الالكم فارغا(‪ ،)3‬ذلكل يس متد هذا املفهوم "رشعية وجوده ‪ ...‬من أأن لك فعل‬
‫الكيم يفرتض فيه وجود ن زية للتواصل واالبالغ"(‪ ،)4‬وعليه"ال يتلكم املتلكم مع غريه‪ ،‬اال اذا اكن لالكمه‬
‫قصد‪...‬وهوذلكل يتخذ من الوسائل الالكمية واملقامية ما يعني السامع عىل ادراك ما يريد"(‪ ،)5‬فلكام‬
‫متكل املبدع أأداة التبليغ وطرائق بناهئا وفق نس يج دال‪ ،‬اس تطاع الس يطرة عىل نصه‪ ،‬فلطاملا اكنت هذه‬

‫‪ -1‬سعد عبد العزيز مصلوح‪ ،‬يف البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية آفاق جديدة‪ ،‬جملس النشر العلمي‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.225:‬‬
‫‪2 - J.E. Searle,Intentionality : an essayin the philosophy of mind. Cambridge, Cambridge University press,‬‬
‫‪1983, P82.‬‬
‫حسان‪ ،‬اجتهادات لغوية‪ ،‬علم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.380 :‬‬ ‫‪ -3‬متام ّ‬
‫‪ -4‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر العاصمة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.96 :‬‬
‫‪ -5‬حممد أمحد خنلة‪ ،‬آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪113‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الوسائل الالكمية "يه اليت تتحمك يف ا ألفعال الالكمية بتحديد أأشاكلها وخلق اماكنية معناها"(‪ ،)1‬ذلكل‬
‫ارتبطت دالةل أأكرث معاين "هذا املصطلح‪...‬عىل أأن منتج النص يقصد من أأيزة تشكيةل لغوية ينتجها أأن‬
‫تكون نصا متضاما متقاران"(‪ ،)2‬اذ غاية ما يتومس املبدع تقيقه‪ ،‬أأن يؤثر يف املتلقي و ز‬
‫يودل فيه انطباعا‬
‫موازاي ملا هو حتت تأأثريه‪ ،‬ولن يتأأىت هل ذكل يف غياب اسرتاتيجات صناعة النص(‪ ،)3‬اليت يه عند‬
‫سريل (رشوط النجاح) ودعاها كريس بــــ (قواعد احملادثة) و نعهتا ديكرو بـــ (قونني اخلطاب)(‪ .)4‬ويه‬
‫مجموع املعايري اليت حيمك مبوجهبا يف جناح الالكم أأو فشهل‪.‬‬
‫والقصدية عند محمد مفتاح‪ ،‬يه‪ :‬ادلالةل والفهم‪ ،‬فادلالةل تعين رضورة قصد التواصل من قبل املرسل‪،‬‬
‫والفهم يعين الاعرتاف من قبل املتلقي‪ ،‬بقصد تواصل املرسل(‪ .)5‬الواحض أأن القصدية تتحقق بأأمرين‬
‫اثنني هام؛ ادلالةل والفهم‪ ،‬أأي قصد منتج النص وقبول مس تقبل النص‪ ،‬ذكل أأن لك بنية لغوية تكتسب‬
‫داللهتا مبوجب العالقات ادلاخلية ملكوانهتا يف مس توى البنية السطحية اليت ختزتل جتربة املبدع لتضعها‬
‫بني يدي املتلقي‪ ،‬فيحدد هذا ا ألخري مواقفه ابزاهئا قبوال أأو رفضا‪ .‬ومن مث‪ ،‬مفعيارا القصدية والقبول‬
‫يؤداين وظيفة دينامية‪ ،‬يبدو يف اطارها "النص بنية أأو تشكيال أأو تكوينا ينتج معناه من خالل حركة‬
‫جدلية أأو تفاعل مس متر بني أأجزائه (‪ )6‬ابرادة املبدع اذلي يوجه النص حنو تقيق مقاصده وفق‬
‫اسرتاتيجية يقدر وحده كفاءهتا التأأثريية عىل املتلقي‪ ،‬ألن "النص يف حال ظهوره من خالل سطحه أأو‬
‫جتليه اللساين ميثل سلسةل من احليل التعبريية اليت ينبغي أأن يف زعلها املرسل اليه(‪ ،)7‬فيتزنل القارئ بذكل‬
‫مزنةل املبدع الثاين اذلي ال يكتفي ابس تدراك النصوص غري الاكمةل‪ ،‬بقدر ما يبث يف هذه الهيألك‬
‫التعبريية من ادلينامية ما جيعلها "حامةل أأوجه"‪.‬‬
‫يكتسب املعياران قميهتام من خالل ابراز "دور املتلقي يف فهم وتفسري احلذف أأو الانقطاع داخل‬
‫النص (‪ ،)8‬حني يتكفل مبلء الفراغات البنوية أأو "مناطق الصمت" يف النص غري املكمتل ليضمن هل‬
‫اس متراريته يف اطار اسرتاتيجية تبناها املؤلفون من خاللتوجيه أأبنيهتم ا ألسلوبية‪ ،‬واحالهتم املرجعية اىل‬
‫‪ -1‬حممد مفتاح‪ ،‬حتليل اخلطاب الشعري (اسرتاتيجية التناص)‪ ،‬ص‪.165 :‬‬
‫‪ -2‬روبريت ديبوغراند ولفغانغ دريسلر‪ ،‬مدخل إىل علم لغة النص‪ ،‬ص‪.152 :‬‬
‫‪ -3‬فولفجانج هاينه من وديرت فيهفيجر‪ ،‬مدخل إىل علم اللغة النصي‪ ،‬ص‪.311،312 :‬‬
‫‪ -4‬حممد مفتاح‪ ،‬حتليل اخلطاب الشعري (اسرتاتيجية التناص)‪ ،‬ص‪140:‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪140:‬‬
‫‪ -6‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬اجتاهات لغوية معاصرة يف حتليل النص‪ ،‬جملة عال مات يف النقد‪ ،‬النادي األديب الثقايف‪ ،‬جدة‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع‪ ،2000 ،38 :‬ص‪:‬‬
‫‪.168 ،167‬‬
‫‪ -7‬أمربتو إيكو‪ ،‬القارئ يف احلكاية التعاضد التأويلي يف النصوص احلكائية‪ ،‬تر‪ /‬أنطوان أبو زيد‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،1996‬ص‪61 :‬‬
‫‪ -8‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ص‪28:‬‬
‫‪114‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫قارئ قد حددوه سلف ًا‪ ،‬وجعلوه مبثابة لوحة اس تقبال هميئة للتجاوب مع النص املشحون برغبات املؤلفني‬
‫الاكتب القارئ‬
‫ُ‬ ‫وانفعاالهتم و أأفاكرمه(‪ ،)1‬وهو ما يعرب عنه ' أأمربتو ايكو' (بتأأهيل القارئ)‪ ،‬ملا حييط‬
‫ابحلجة من لك جانب‪ ،‬فيحمهل عىل اعتقاد حصة ما يدعيه‪ ،‬فتصري القصدية مبوجب هذا الطرح داةل‬
‫عىل "فن الوصول اىل تعديل موقف املس متع أأو القارئ"(‪ ،)2‬فأأ ُمره من بعد ذكل ألمر املبدع تب ٌع‪.‬‬
‫يتغي املتلكم حصوهل من سلواكت دلى اخملاطب عرب وسائط‬ ‫ذلكل ميكن اعتبار القصدية يه لك ما ز‬
‫لغوية همام اكنت أأمناطها و أأغراضها االجنازية (تقريرات‪ ،‬طلبيات‪،‬بوحيات‪ ،‬وعدايت‪ ،‬ترصحيات)‪ ،‬اذ‬
‫جتسد هذه الوقائع اللغوية أأفاكر النص ومقاصد الاكتب‪ ،‬ابالضافة اىل وقائع غري لغوية تدمع ا ألفعال‬
‫اللغوية وجتسد أأفاكر صاحب النص وتعزز مقاصده‪.‬‬
‫القصدية يف النص الشعري‪:‬‬
‫اكتسب النص الشعري فنيته من طرائق التعبري الفنية اليت يتوسل هبا الشاعر لنقل جتاربه الشعورية‬
‫وانطباعاته الفكرية نقال بعيدا عن المتثل الواقعي – ذلا قيل قدميا‪ :‬أأعذب الشعر أأكذبه‪ -‬ألن الشاعر‬
‫ليس أةل فوتوغرافية يتأأمن عىل الوقائع (خارجية اكنت أأم داخلية) كام يه يف صورها احلقيقية وبأأبعادها‬
‫املادية‪ ،‬بقدر ما ينقل تأأثره هبا ليودل الانطباع ذاته دلى مس تقبل النص‪ ،‬ذلا يأأيت اخلطاب الشعري‬
‫مرتعا بسامت صاحبه الشخصية اليت تتوارى خلف أأسوار ا ألبنية اللغوية‪ ،‬مفا أأتيح مهنا للقارئ ابلسهوةل‬
‫املتومهة‪ ،‬فهو سطحي ال يشلك مقاصد الشاعر‪ ،‬ألن املعاين احلقيقية واملقاصد الفعلية تنبجس من تكل‬
‫العالقات اجلدلية بني ا ألبنية اللغوية واليت تكشف بوضوح مدى متكل الشاعر ألداة االبداع (اللغة)‬
‫ومعرفة أليات اش تغالها‪ ،‬مفنشأأ الامتيز بني اخلطاابت الشعرية مرده اىل اختالف" طريقة استيعاهبا‬
‫ل ألفاكر واعادة توزيعها داخل بنية اخلطاب‪ ،‬أأضف عىل ذكل اللغة املس تخدمة واليت يعرب هبا صاحب‬
‫اخلطاب عن هذه ا ألفاكر(‪ ،)3‬ومن مث فقمية النص ال تمكن يف ما يكتزنه من أأفاكر طاملا أأهنا حصيةل تأأثري‬
‫ا ألنساق الثقافية اليت يتعارفها أأفراد اجملموعة اللغوية املتجانسة‪" ،‬ولكن يف طريقة التعبري ويف ما يدل‬
‫عليه يف حقبة أأخرى(‪ .)4‬وهو ما ييش بتعدد املعاين وتداخلها بتعدد ظروف اس تدعاهئا وما يصاحب‬
‫ذكل من مالبسات تعني املتلقي عىل حسن الفهم والتأأويل‪ .‬فتعد ُد املعاين واختالفها مرده اىل تعدد‬
‫أأساليب املبدعني يف طرائق صوغ املعاىن من املادة اللغوية ا ْذ "كثريا ما اش تىك الشعراء من اللكامت اليت‬
‫تسكهنا أأصوات الآخرين‪ ،‬وما أأكرث ما فتشوا عىل اللكمة العذراء‪ ،‬اهنم يريدون أأن جيدزدوا ش باب اللغة‬

‫‪ -1‬حممد عبد املطلب‪ ،‬النص املفتوح‪ ،‬النص املغلق‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬احتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬سوراي‪ ،‬ع‪ ،398 :‬حزيران ‪ ،2004‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ -2‬صالح فضل‪ ،‬بالغة اخلطاب وعلم النص‪ ،‬ص‪.123 :‬‬
‫‪ -3‬عبد الفتاح أمحد يوسف‪ ،‬لسانيات اخلطاب وأنساق الثقافة‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر العاصمة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص‪.161 :‬‬
‫‪ -4‬حسن محائز‪ ،‬النص األديب بني القراءة والتواصل‪ ،‬لسانيات النص وحتليل اخلطاب‪ ،‬ج‪ ،2‬دار كنوز املعرفة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2013 ،‬ص‪.739 :‬‬
‫‪115‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫و أأن يف زجروا طاقاهتا"(‪ ،)1‬ذلا اس تأأنسوا مبا أأاتحه النظام اللساين من اماكنيات العدول بعيدا عن التقيد‬
‫ابملعيار اللغوي‪ ،‬حيث ينأأى اخلطاب الشعري ابللغة الشعرية عن هذه املواضعات اليت"تكبح وبقوة‬
‫جسارة اللغة"(‪ ،)2‬تقيقا مجلالية املعىن الشعري يف اطار انفتاح النص وتعدد معانيه حيث التأأويل‬
‫الالمتنايه ملقصدية النص‪.‬‬
‫قصدية املؤلف و أأهلية القارئ ‪:‬‬
‫أأعادت نظرايت التحليل اللساين (ما بعد البنوية) اىل دائرة ادلرس اللساين ما عافته البنوية سلفا‪،‬‬
‫تبوء القارئ ماكنة فاعةل حيث اعتربته منتجا للنص‪ ،‬اذ يظل النص سوادا عىل‬ ‫فهذه "نظرية التلقي" ز‬
‫يبث فيه من روحه ما جيعهل يتشلك وفق رؤاه ويتلون‬ ‫بياض ما مل يتعهده القارئ ابلرشح والتأأويل‪ ،‬ملا ز‬
‫بأألوانه‪ ،‬وهكذا "انتقلت سلطة ا ألدب من الاكتب يف ا ألدب الالكيس والرومانيس اىل النص يف‬
‫البنيوية‪ .‬فالقارئ يف (جامليات التلقي) اليت جعلت القارئ قوة مس يطرة متنح النص احلياة‪ ،‬وتعيد ابداعه‬
‫من جديد‪ ،‬وهبذا تصبح القراءة معلية انتاجية‪ ،‬ال جمرد معلية تلق واس هتالك حفسب(‪ ،)3‬حيث يس تطيع‬
‫القارئ الكشف عن املعاين املتوارية وراء العبارات الظاهرة‪ ،‬للوقوف عىل حقيقة مقاصد املبدع اليت‬
‫يتسع لها النص املفتوح‪ ،‬حبيث ال ختزتل يف معىن أأحادي‪ "،‬ألن النص اجليد هو اماكن مفتوح عىل‬
‫اجتاهات كثرية"(‪ ،)4‬وعليه مفحاوةل تقييد معىن نص ما يف اطار حمدد أأمر جماف للصواب‪ .‬طاملا " أأن‬
‫الانفتاح يعين تعدد املعىن مع تعدد القراءة(‪.)5‬‬
‫يُعد اللساين االيطايل "امربتو ايكو" أأول من اس تعمل مصطلح "النص املفتوح والنص املغلق" يف‬
‫كتابه "العمل املفتوح" س نة ‪1962‬م(‪ ،)6‬وهذا ال يعدم ما تواتر يف الرتاث النقدي العرب من اشارات‬
‫اىل اتساع النص لأكرث من دالةل‪ ،‬اذ يراهن يف ذكل عىل حضور بدهية املتلقي وكفاءاته الفنية واللغوية‪،‬‬
‫ألن " أأي فعل للقراءة هو تفاعل مركب بني أأهلية القارئ (معرفة الكون اذلي يتحرك داخهل القارئ)‬
‫وبني ا ألهلية اليت يس تدعهيا النص ليك يقر أأ قراءة اقتصادية(‪ ،)7‬يس تطيع القارئ من خاللها "انطاق‬
‫الصوامت يعين (قراءة ما خلف السطور) أأو اس تنباط املسكوت عنه يف النص ا ألدب(‪ ،)8‬ذكل أأن‬

‫‪ -1‬وهب رومية‪ ،‬التشكيل اللغوي يف شعر األمري عبد القادر اجلزائري‪ ،‬الرتاث العريب‪ ،‬احتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،2006 ،‬ع‪ ،101:‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬جان كوهن‪ ،‬بنية اللغة الشعرية‪ ،‬تر‪/‬حممد الويل وحممد العمري‪ ،‬مكتبة األدب املغريب‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪،1986 ،1‬ص‪.21 :‬‬
‫‪-3‬حممد عزام‪ ،‬النص املفتوح يف املناهج النقدية‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬إحتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬سوراي‪ ،2004 ،‬ع‪ ،398 :‬ص‪.52:‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪ -5‬حممد عبد املطلب‪ ،‬النص املفتوح والنص املغلق‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬إحتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬سوراي‪ ،2004 ،‬ع‪ ،398 :‬ص‪.28 :‬‬
‫‪-6‬أمربتو إيكو‪ ،‬التأويل بني السيمائيات والتفكيكية‪ ،‬ص‪21 :‬‬
‫‪-7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.86 :‬‬
‫‪ -8‬حممد عزام‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬النص املفتوح يف املناهج النقدية‪ ،‬ص‪53:‬‬
‫‪116‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫دواعي الاقتصاد اللغوي تسدعي من املبدع كام املتلقي عرض وتلقي دالالت كثرية يف ما تيرس من‬
‫قوالب لغوية‪ ،‬يه يف احلقيقة "شكبة من الشفرات يقوم القارئ بفكها"(‪ ،)1‬ويعود فضل بلورة مفهوم‬
‫النص املفتوح اذلي ال يؤطره فهم أأحادي اىل ادلراسات الس مييائية اليت كشفت ما يتسع هل النص من‬
‫دالالت تشع من ثنااي النص دون أأبه مبا يطفو مهنا عىل السطح‪.‬‬
‫حييلنا احلديث عن القصدية والتأأويل عىل عالقة منشئ النص مبتلقيه‪ ،‬ا ْذ يلجأأ املبدع اىل اس تخدام‬
‫أأنساق تعبريية بقصد التأأثري يف املتلقي دون اكراه أأو تعنت‪ ،‬وال ميكل ذلكل سبيال‪ ،‬طاملا أأن نظرية‬
‫التلقي تتيح لك صالحيات التأأويل للقارئ يف معرض تفاعهل مع ا ألبنية النصية‪ ،‬الستنطاق ماكمهنا‬
‫فالوقوف عىل مقاصدها‪ ،‬ألن "النص كون مفتوح ابماكن املؤل أأن يكتشف داخهل سلسةل من الروابط‬
‫الالهنائية(‪ ،)2‬وهو ما يعرس هممة املبدع حيث يقع بني مطرقة معايري اللغة وس ندان القارئ‪.‬‬
‫ترجيح املقاصد‪:‬‬
‫ان قابلية النص للتأأويل تتيح ملتلقيه اماكنية حماورته‪ ،‬ابالعامتد عىل وقائعه اللغوية اليت تقوم أأد ًةل‬
‫يسرتشد هبا املتلقي يف حتديد التوجه العام للنص‪ ،‬وكذا الاعامتد عىل الوقائع غري اللغوية حيث الظروف‬
‫واملالبسات املصاحبة لعميةل التلقي اليت تعني املتلقي عىل استبطان العوامل اخلفية اليت ختزتل مقاصد‬
‫النص ليس مادة‬ ‫للنص‪ ،‬بل هناك فاعلون كرث‪ .‬و أأن ز‬ ‫املبدع‪"،‬وهذا يعين أأنه ال يوجد فاعل واحد ز‬
‫حتول وصريورة‪ ،‬وعامل متشابك متقاطع متواصل متنافر"(‪ .)3‬ويبق القارئ هو الفاعل‬ ‫سكونية‪ ،‬بل هو ز‬
‫ا ألساس‪ ،‬اذ يشارك املؤلف حمنة انتاج معىن النص (غري املكمتل) مبلء مناطق الصمت فيه ليضمن هل‬
‫الاس تواء ومن مث‪ ،‬الاس مترارية يف اطار املعارف التداولية اليت يتقامسها مع املبدع‪ ،‬اذ يف غيابه يبق‬
‫النص "جمرد دال منفتح‪ ،‬ال يكتسب مدلوالته اال من خالل تفاعهل مع قرائه‪ ،‬وبعملية التفاعل هذه‬
‫يصبح النص دليال"(‪.)4‬‬
‫الواحض أأن قراءة النص جتيل مقاصده وحتدد غاايته‪ ،‬اذ تتودل ابزاهئا مقاصد عىل قدر أأطراف العملية‬
‫االبداعية‪( :‬املؤلف النص‪ ،‬القارئ)‪ ،‬حبيث يشلك مقصد املؤلف دافعية التأأليف ومؤيداته‪ ،‬خيلهل‬
‫(املقصد) أأبنية لغوية فهيا من املهارة الفنية ما جيعلها أأمعق تأأثريا يف ذات املتلقي‪.‬‬
‫و أأما مقصدية النص‪ ،‬فهىي مقصدايت يتسع لها النص املفتوح‪ ،‬ويؤرخ للحظة ميالدها مبجرد الانهتاء‬
‫من كتابة النص‪ ،‬فيتجىل من هذه الناحية دور القصدية اليت"تسع جاهدة الس تكشاف بواعث الالكم‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص‪.53 :‬‬


‫‪-2‬أمربتو إيكو‪ ،‬التأويل بني السيميائيات والتفكيكية‪، ،‬ص‪42 :‬‬
‫‪ -3‬حممد عزام‪ ،‬املوقف األديب‪ ،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ -4‬حممد مساعدي‪ ،‬اتريخ تلقي الشعر العريب القدمي‪ ALNAYA ،‬للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص‪.55،56 :‬‬
‫‪117‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وألياته النفس ية واجلسدية"(‪.)1‬‬


‫أأما النوع الثالث فيحصل فور تلقي النص سامعا أأو قراءة‪ ،‬ألن القارئ طرف من أأطراف العملية‬
‫الابداعية‪ ،‬ليس جمرد عنرص سليب يقترص دوره عىل الانفعال اب ألدب‪ ،‬وهو ما أأكدته تنظريات‬
‫وحتليالت "جون بول سارتر"و"روالن ابرت"و"امربتو ايكو"و"ولفجاجن ايزر"اليت"ردت للمتلقي اكمل‬
‫أأهليته لتفعيل النص ا ألدب وتفجري مكونه ادلاليل(‪ ،)2‬ألن النص يلزم وضعية الثبات‪ ،‬أأما فعل القراءة‬
‫القراء ووفق مزاجية القارئ الواحد‪ ،‬ابالضافة اىل ما يتوفر عليه النص من دواعي‬ ‫مفتجدد بتجدد ز‬
‫الاس تدراج احملققة لذلة الفنية‪ ،‬وحسب"روالن ابرت" فان ذلة النص يه تكل"اللحظة اليت يسري فهيا‬
‫جسدي وراء أأفاكره اخلاصة‪ ،‬ذكل أأن جسدي ليس هل نفس أأفاكري(‪ ،)3‬وهو ما يسوغ اماكنية جتاوز‬
‫قصدية املؤلف لصاحل أأفاكر جديدة قد ال تكون من اهامتماته‪ .‬اذ ًا‪ ،‬فلك قراءة جديدة تس تدعي‬
‫ابلرضورة أأفاكرا جديدة تبعا لتداعيات احلاةل الراهنة من انحية‪ ،‬وتبعا اىل طرائق توظيف اللكامت‬
‫وتوطيد عالقاهتا يف ما بيهنا من انحية أأخرى‪ ،‬فاللكامت يف ذاهتا وحدات معجمية ساكنة‪ ،‬ال تتعدى‬
‫معناها املعجمي بأأصل الوضع‪ ،‬والاس تعامل وحده هو اذلي هيهبا ادلينامية ومنه فـ"الاس تعامل هو‬
‫التفسري اذلي مينحه العقل لللكامت؛ عقل املتلكم واملس متع عىل حد سواء(‪ ،)4‬فتداول الاس تعامالت‬
‫اللغوية يقوم مؤرشا عىل حسن الفهم والاستيعاب‪ ،‬من غري اغفال للزغة املس تعمةل؛ فلكام اكنت اللغة‬
‫مغرقة يف االحيائية واجملاز لكام اتسعت مناطق الصمت يف النص‪ ،‬وضاقت يف املقابل قامئة القراء حىت‬
‫تنحرص يف نوع بعينه هو عند"امربتو ايكو"(القارئ المنوذيج)‪ ،‬عندها يصري احلديث عن قصدية‬
‫النص"مرتبطا بتخمينات القارئ"(‪ ،)5‬ال مؤيدات االبداع‪ ،‬فدور املبدع ينهتىي عند حلظة ميالد النص‪.‬‬
‫مؤرشات القصد‪:‬‬
‫من ر أأفة اللغة – من حيث يه وس يةل تواصل‪ -‬مبس تعملهيا‪ ،‬أأهنا مل تلكفهم شطط ابتاكر اس تعمالت‬
‫لغوية جديدة للك مس تحدث حضاري‪ ،‬وال أأساليب جديدة تقوم ماكفئا رمزاي ملا ينتاب املس تعمل من‬
‫انطباعات ورغبات‪ ،‬بل أأاتح نظاهما اللساين اماكنيات ش ىت تُي ِ زرس التواصل دون أأن يتحسس املتلكم‬
‫عيا أأو حرصا‪ ،‬فرتاه يتنقل من اماكنية اىل أأخرى وفق مقتضيات املقام؛ مس تعمال أأرضب الاش تقاق‬

‫‪ -1‬حممد مفتاح‪ ،‬حتليل اخلطاب الشعري (اسرتاتيجية التناص)‪ ،‬ص‪.163 :‬‬


‫‪ -2‬هانس روبريت ايوس‪ ،‬مجالية التلقي من أجل أتويل جديد للنص األديب‪ ،‬تقدمي وترمجة‪ :‬رشيد بنحدو‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫ط‪ ،1916 ،1‬ص‪.12 :‬‬
‫‪-3‬روالن ابرت‪ ،‬لذة النص‪ ،‬تر‪ /‬فؤاد صفا واحلسني سبحان‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،1988 ،1‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ -4‬إمساعيل صالح‪ ،‬نظرية جون سريل يف القصدية‪ ،‬دراسة يف فلسفة العقل‪ ،‬حوليات اآلداب والعلوم االجتماعية‪ ،‬الكويت‪ ،‬احلولية ‪ ،27‬الرسالة‪،262 :‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪ -5‬أمربتو إيكو‪ ،‬التأويل بني السيميائيات والتفكيكية‪ ،‬ترمجة وتقدمي‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪ ،2004 ،2‬ص‪77:‬‬
‫‪118‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اترة‪ ،‬مقدما ومؤخرا اترة اثنية‪ ،‬مترصفا يف طبقات صوته بني النرب والتنغمي اترة اثلثة‪ .‬ذكل أأن الناس‬
‫يتبادلون يف تعامالهتم اليومية أأدوار الالكم‪ ،‬فعند حماوةل أأحدمه التعبري عام جيول يف خاطره أأو عام‬
‫جتيش به نفسه‪ ،‬فانه ال ينشئ بُىن حنوية بوحدات معجمية‪ ،‬بقدر ما ينجز أأفعاال عرب هذه ا أللفاظ‪،‬‬
‫يسم هذا املنجز بـــ" أأفعال الالكم"‪ ،‬وتُعط يف الانلكزيية والعربية غالبا أأوصافا أأكرث حتديدا مثل‪:‬‬
‫الاعتذار‪ ،‬الشكوى‪ ،‬االطراء‪ ،‬ادلعوة‪ ،‬الوعد‪ ،‬او الطلب"(‪.)1‬‬
‫حاز هذا املصطلح كونه من مشموالت النظرية العامة الس تعامل اللغة اهامتم علوم كثرية تعمتد اللغة‬
‫جمال حبهثا‪ ،‬من مثل‪ :‬عمل النفس والنقد ا ألدب والانرثوبولوجيا والفلسفة وعمل اللغة‪ ،‬أأما يف ادلرس‬
‫التداويل‪ ،‬فان ا ألفعال الالكمية تظل واحدا من أأمه اجملاالت فيه‪ ...‬بل ان التداولية يف نشأأهتا ا ألوىل‬
‫اكنت مرادفة ل ألفعال الالكمية‪ ،‬فليس بغريب أأن يع زد جون أأوسنت أأاب للتداولية(‪ .)2‬فقد تأأثر مبا‬
‫رأأه"فتجنش تاين" من أأن اللغة ال تقترص عىل تقرير الوقائع أأو وصفها‪ ،‬لكن للغة وظائف عديدة اك ألمر‬
‫والاس تفهام والمتين‪ ،‬والشكر والهتنئة ‪ ...‬وليست اللغة عنده حسااب منطقيا دقيقا‪ ،‬للك لكمة فهيا معىن‬
‫حمدد‪ ،‬وللك مجةل معىن اثبت‪...‬بل اللكمة الواحدة تتعدد معانهيا بتعدد اس تخدامنا لها يف احلياة اليومية‪،‬‬
‫وتتعدد معاين امجلةل حبسب الس ياقات اليت ترد فهيا(‪ ،)3‬فأأنكر أأوس تني وهجة نظر الفالسفة اليت ختزتل‬
‫وظيفة اللغة يف الوصف و زمساها "املغالطة الوصفية"‪ .‬وبرهن عىل أأنه "ال ينبغي للوصف اللغوي أأن يقوم‬
‫عىل أأساس ظاهر امجلل‪ ،‬بل جيب أأن يثبت أأنه مبنطوق لك مجةل منفردة تنجز يف الوقت ذاته أأحداث‬
‫خمتلفة=‪ /‬أأفعال‪ ،/‬مفزي بني نوعني من ا ألفعال‪:‬‬
‫‪ -‬أأفعال اخبارية ‪ : Constative‬ويه أأفعال تصف واقع العامل اخلاريج وتكون صادقة أأو اكذبة‪.‬‬
‫‪ -‬أأفعال أأدائية ‪ : Performative‬تنجز هبا يف ظروف مالمئة أأفعال أأو تؤدى‪ ،‬وال توصف بصدق وال‬
‫كذب‪ )4(.‬غري أأنه أأدرك أأن هذا المتيزي بني نوعي أأفعال الالكم غري حامس نظري التداخل يف ا ألدوار بيهنام‪،‬‬
‫فكثريا ما تقوم ا ألفعال االخبارية بوظيفة ا ألفعال ا ألدائية‪ ،‬ويف حماوةل منه لبيان حدود لك نوع‪ ،‬وجد أأن‬
‫لك فعل الكيم مركب من ثالثة أأفعال مرتبط بعضها ببعض يه(‪:)‬‬

‫‪ .1‬الفعل اللفظي(‪ :)Locutionary act‬وهو يتأألف من أأصوات لغوية تنتظم يف تركيب حنوي حصيح ينتج‬
‫عنه معىن حمدد وهو املعىن ا ألصيل‪.‬‬

‫‪ -1‬جورج يول‪ ،‬التداولية‪ ،‬تر‪ /‬قصي العتايب‪ ،‬الدار العربية للعلوم انشرون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص‪.81 :‬‬
‫‪-2‬ينظر حم مد أمحد خنلة‪ ،‬آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪، 2002 ،‬ص‪41 :‬و‪.42‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص‪41 :‬و‪.42‬‬
‫‪ -4‬حممد أمحد خنلة‪ ،‬آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪، 2002 ،‬ص‪43 :‬و‪.44‬‬
‫‪ )‬ترمجها د‪ .‬حممود أمحد خنلة‪ .1 :‬الفعل اللفظي ‪ .2‬الفعل اإلجنازي ‪ .3‬الفعل التأثريي‬
‫‪119‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪.2‬الفعل االجنازي( ‪ )Illocutionary act‬يبني ما ينبغي أأن يعمل ابملنطوق‪ ،‬ما ينبغي أأن حيدث؛ فهو حيدد‬
‫الهدف‪/‬اجناز املنطوق‪ ،‬مثل‪ :‬أأن حيذر أأحدا‪ ،‬أأو يرجو أأحدا معل يشء‪ ،‬أأو يعد أأحدا بيشء‪.‬‬
‫‪.3‬الفعل التأأثريي‪ /‬الاس تلزايم( ‪ )Perl ocutionary act‬اذلي حيدد أأثر املنطوق اللغوي عىل السامع‪ ،‬أأي‬
‫ما حيدث دلى السامع متجاوزا ما هو عريف ( أأن يسعد أأو يغضب مثال‪.)1()...‬‬
‫قدم " أأوسنت" تصنيفا ل ألفعال الالكمية ابعتبار قوهتا االجنازية‪ ،‬وتكون القوة االجنازية اما حرفية أأو‬
‫مس تلزمة‪"،‬وتتودل الثانية عن ا ألوىل طبقا ملقتضيات مقامات معينة(‪ ،)2‬ويشمل هذا التصنيف مخسة‬
‫أأنواع‪:‬‬
‫التقريرات ‪ :Exercitive‬وتفيد تأأكيد املتلكم واقراره لبعض الوقائع وا ألحداث يف الواقع اخلاريج‪،‬‬
‫مثل‪":‬انين اكتب وانقد وفيلسوف"‪.‬‬
‫الطلبيات أأو ا ألمرايت‪ :‬وحترض يف توجيه املتلكم طلبا للمخاطب الجناز الفعل‪ ،‬مثل‪" :‬هل سيسافر‬
‫أأمحد غدا؟"‬
‫البوحيات أأو االفصاحيات‪ :‬تعرب عن احلاةل النفس ية للمتلكم‪ ،‬مثل‪ " :‬أأحب أأن أأراك سعيدا" و"مللت‬
‫الانتظار"‬
‫الوعدايت ‪ : Commissines‬تفيد الزتام املتلكم ابجناز فعل يف الزمان املس تقبل‪ ،‬مثل‪ " :‬أأعدك بسفر رائع‬
‫اىل مرص"‪.‬‬
‫الترصحيات‪ :‬ويقصد هبا اعالن املتلكم عن اجناز فعل يفيد تغيريا مرتقبا عىل مس توى العامل اخلاريج‪،‬‬
‫مثل‪ :‬أأعلن أأهيا احلضور الكرمي عن برانجمي الانتخاب قريبا"(‪.)3‬‬
‫تأأسست نظرية أأفعال الالكم عىل أأنقاض املصادرة الوصفية اليت سامها "أأوس تني"بـ "املغالطة‬
‫الوصفية"‪ ،‬حني دحض الزمع القائل بأأن لك امجلل اخلربية حتمتل قمية صدق‪ ،‬انطالقا من امجلل اخلربية ال‬
‫توظف لوصف الواقع‪ ،‬وامنا الجناز أأفعال الكمية‪ ،‬ليعمم هذه املالحظة عىل لك امجلل النحوية املنطوق‬
‫هبا‪.‬‬
‫اس تطاع "سريل" ابسهاماته أأن ميد نظرية أأفعال الالكم جبهاز مفهويم‪ ،‬فبعد أأن زمزي "أأوس تني"‬
‫مس توايت أأفعال الالكم‪ ،‬وضع سريل رشوط أآداهئا‪ ،‬ليضع غرايس القواعد اخلطابية ألفعال الالكم‪.‬‬

‫‪ -1‬فولفجانج هاينه مان‪ ،‬ديرت فيهقجنر‪ ،‬مدخل إىل علم لغة النص‪ ،‬ترمجة وعلق عليه ومهد له‪ :‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.54،55 :‬‬
‫‪ -2‬أمحد املتوكل‪ ،‬آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ابلرابط‪ ،‬اململكة املغربية‪ ،‬ط‪ ،1،1993‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ -3‬مجيل محداوي‪ ،‬من احلجاج إىل البالغة اجلديدة‪ ،‬أفريقيا للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،2014 ،‬ص‪95‬و‪96‬‬
‫‪120‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫االعالم واملوقف والتناص‬ ‫ادلرس الثالث عرشة‪:‬‬

‫‪ .1‬االعالم (‪ :)Informativity‬أأو الاخبارية وترمجها بعضهم ابملعلوماتية‪ ،‬زعرفها دي بوجراند ودريسلر؛ بأأهنا‬
‫العامل املؤثر ابلنس بة لعدم اجلزم يف احلمك عىل الوقائع النصية أأو الوقائع يف عامل النص يف مقابل البدائل‬
‫املمكنة حيث جند يف لك نص مجموعة من املعلومات تسامه يف قبول أأو رفض ذكل النص حبسب قميهتا‬
‫االعالمية )‪ .(1‬وقد حددا موضوعه بـ"مدى التوقع اذلي حتظ به وقائع النص املعروضفي مقابل عدم‬
‫التوقع أأو املعلوم يف مقابل اجملهول"(‪ ،)2‬وابلتايل تدل االعالمية عىل اجلدة والتنوع اذلي توصف به‬
‫املعلومات اليت تشلك حمتوى املعلومات يف نص ما (‪ ،)3‬ويراد بعامل اجلدة حس هبام عىل (الاليقني‬
‫النس يب) لوقائع النص ابملقارنة مع الوقائع ا ألخرى احملمتةل احلدوث(‪ ،)4‬وهو ما يتطلب من القارئ‬
‫حضورا أأكرث وتيقظا دامئا‪ ،‬ألن معاجلة الوقائع ذات االعالمية املرتفعة تتطلب بذل هجد أأكرث من احلاةل‬
‫ا ألخرى‪ ،‬ذكل أأن أأخرتاق أأفق توقع القارئ هو ما جيعل املساحة امجلالية أأكرث اتساعا أأو ما يعرف بـ"‬
‫العدول امجلايل (‪ )Ecart esthetique‬ويطلق هذا املفهوم عىل املسافة الفاصةل بني أأفق التوقع السائد‬
‫وا ألثر ا ألدب اجلديد(‪ ،)5‬فيحصل التذلذ واالمتاع‪ ،‬يف حدود قدرة املتلقني عىل معاجلة املعلومات‪ ،‬وعىل‬
‫املؤلف أأن يراعي مس توايت املعنيني خبطاب‪ ،‬اذ لك اسفاف قد يعرض االتصال لالنقطاع‪ .‬واحلال ذاته‬
‫لكام اكن نصيب االعالمية ضعيفا يف النص‪ ،‬علام أأن للك نص نصيب من الاعالمية ق زل أأو كرث‪ ،‬فانه ال‬
‫مندوحة عن وجود بعض الوقائع املتغرية اليت يتعذر التنبؤ هبا (‪ ،)6‬واملثال الآيت عبارة عن مقطع افتتايح‬
‫من مقال بعنوان‪" :‬تعلموا كيف تصبحون عراب" ليوسف ادريس)‪.(7‬‬
‫‪" -‬حنن عرب والاجنلزي اجنلزي" لعل التساؤل مرشوع عن ادلفقة االعالمية املصاحبة لهذه العبارة‪،‬‬
‫فان الاكتب ما زاد أأن "مس ا ألش ياء بأأسامهئا"‪ ،‬بيد أأن النص هاميش‪ ،‬وال تتجىل سالمته اال بعد‬
‫الاطالع عىل سائره؛"حنن عرب والاجنلزي اجنلزي‪ ،‬ألن لنا خصائصنا وهلم خصائصهم وغناؤان أأحد‬
‫خصائصنا‪ ،‬وال ميكن أأن نصبح عامليني برتمجة خصائصنا العربية اىل خصائص اجنلزيية‪ ،‬ألننا هبذه‬

‫‪ -1‬روبرت آالن دو بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪/ ،‬تر أ‪.‬د‪ :‬متام حسان‪ ،‬ص‪ 103‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر‪،‬مدخل إىل علم لغة النص‪ ،‬سابق‪ ،‬ص‪32 :‬و ‪.33‬‬
‫‪ -3‬روبرت آالن دو بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.249 :‬‬
‫‪ -4‬روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر‪،‬مدخل إىل علم لغة النص ‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ -5‬هانس روبريت ايوس‪ ،‬حنو مجالية للتلقي‪ ،‬اتريخ األدب حتد لنظرية األدب‪ ،‬تر‪ /‬حممذ مساعدي‪ ،‬النااي للدراسات والنشر‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ط‪،2014 ،1‬‬
‫ص‪.69:‬‬
‫‪ -6‬روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر‪،‬مدخل إىل علم لغة النص‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ -7‬نفسه‪ ،‬بتصرف‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪121‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫الرتمجة نلغي خصائصنا‪ ،‬نلغي كياننا‪ ،‬وال ميكن أأن نصبح عامليني وحنن بال كيان‪ ،‬متاما اكلزجني اذلي‬
‫يسلخ جدله ويركب لنفسه جدلا أأبيض ليصبح عامليا‪ ،‬فتكون النتيجة أأن يصبح مسلوخا مشوها"‪ ،‬ان‬
‫توكيد احلقيقة البدهيية يف [حنن عرب والاجنلزي اجنلزي] امنا يقوم بدور انطالق لتوكيد أأمر أأكرث‬
‫اعالمية‪ ،‬وليس دليل ظاهر النص يف واقع ا ألمر سوى مقدمة للتعديل الالحق وا ألقل نصيبا من‬
‫التوقع‪ ،‬مما يؤدي اىل رفع مس توى اعالمية الفقرة بأأرسها‪.‬‬
‫‪ .2‬املوقف أأو املقامية ‪ )Situationalité( :‬من معايري النصية عند "دي بوجراند" و"دريسل" وترتبط‬
‫املـــقامية مبفهـوم الس ياق‪ ،‬والسـياق سـياقان؛ سـياق لغوي (‪ )Contexte Linguistique‬وسـياق اجــــامتعي‬
‫(‪ )Social Contexte‬ويسم أأيضا س ياق املوقف‪ ،‬أأي الس ياق غري اللغوي‪"،‬ويه تش متل عىل العوامل‬
‫اليت جتعل النص ذا صةل مبوقف حايل أأو مبوقف قابل لالسرتجاع(‪)1‬واكتسبت املقامية قميهتا حبيث‬
‫أأصبحت منأأمه العنارص اليت تقوم علهيا النصية‪ ،‬ولقد ترتب عىل ذكل اقتناعبأأن "دراسة النص لن تكون‬
‫اكفية ابلوقوف فقط عند وصف البنية النحوية أأو ادلاللية ادلاخلية‪،‬بل البد من دراس ته عىل مس توى‬
‫اخلطاب‪ ،‬وهو ما يعين الاهامتم ببنيةالس ياقوالعالقات بيهنا وبني النص(‪ ،)2‬فدراسة امجلةل ذات أأثر‬
‫حمدوديف املواقف االنسانية‪ ،‬ألهنا تس تعمل لتعريف الناس كيفية بناء العالقات النحوية حفسب(‪.)3‬‬
‫بد أأ الاهامتم بأأثر الس ياق يف حتديد دالةل احلدث الالكيم مع فرديناندي سوسري‪ ،‬عندما أأدرك أأن‬
‫لكعنرص يكتسب قميته يف السانتامك ألنه يتقابل مع لك يس بقه أأو يأأيت بعده‪ ،‬أأو معهام يف وقت واحد(‪،)4‬‬
‫وهو ما أأشار اليه قبال اجلرجاين يف نظرية النظم‪.‬‬
‫وقد طور هذا املفهوم الانلكزيي"فريث"(‪ )Firth‬رائد املدرسة الس ياقية اذلي يرى أأن املعىن ال‬
‫ينكشف اال من خالل تسييق الوحدة اللغوية‪ ،‬أأي وضعها يف س ياقات خمتلفة‪ ،‬والس ياق عند"فريث"‬
‫ينقسم اىل قسمني‪ :‬الس ياق ادلاخيل‪ :‬ويمتثل يف العالقات الصوتية والرصفية والنحوية وادلاللية بني‬
‫اللكامت داخل الرتكيب الس ياق اخلاريج‪ :‬ويمتثل يف الس ياق الاجامتعي أأو س ياق احلال مبا حيتويه‪ ،‬وهو‬
‫يشلك االطار اخلاريج للحدث الالكيم(‪.)5‬‬
‫وممن تعرض للس ياق ابدلراسة كيت أأالن(‪ )Allan Keith‬اذلي قسم الس ياق اةل ثالثة أأقسام‪:‬‬
‫‪ -‬الس ياق الفزياييئ‪ :‬ويقصد به املاكن والزمان اخلاصني ابملتلكم واملس متع‪.‬‬

‫‪ -1‬روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر‪،‬مدخل إىل علم لغة النص ‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬حممد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقاته‪ ،‬ص‪.99:‬‬
‫‪ -3‬روبرت آالن دو بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫‪ -4‬فردينا ندي سوسري‪ ،‬علم اللغة العام‪ ،‬تر‪ /‬يوئيل يوسف عزيز‪ ،‬دار آفاق عربية‪ ،‬بغداد‪ ،1985 ،‬ص‪.142 :‬‬
‫‪ -5‬حسام أمحد فرح‪ ،‬نظرية علم النص‪ ،‬رؤية منهجية يف بناء النص النثري‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪.23:‬‬
‫‪122‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ -‬العامل املتحدث عنه يف الالكم‪ :‬وقد يكون العامل مأألوفا لنا مجيعا‪ ،‬بأأن يكون ترمجة للعامل‬
‫احلقيقي‪ ،‬أأوحلام‪...‬وخيتلف معىن اللكمة الواحدة ابختالف العامل املتحدث عنه‪.‬‬
‫‪ -‬البيئة النصية‪ ،‬ويظهر من خاللها أأمهية النص يف التفسري والتحليل وفهم الالكم وتقدير احملذوف(‪)1‬‬
‫‪ .3‬التناص‪)2()Intertextualité( :‬‬

‫ان حماوةل فهم النص وتفسريه‪ ،‬تس تدعي البحث يف الليات اليت تتحمك يف معلييت االنتاج والتلقي‪،‬‬
‫حيث التذكر(‪ )‬والاس تعادة والاس تعامل الرصحي أأو املقنع أأو االحيايئ الس تعامل الشواهد(‪ )3‬ويه‬
‫مؤيدات النصية واليت يعد التناص من أأمه سامهتا‪.‬‬
‫اتسع مصطلح التناص ملفاهمي كثرية يف ادلراسات العربية مهنا‪ :‬تداخل النصوص‪ ،‬توارد النصوص أأو‬
‫تفاعلها‪ ،‬احلوار بني النصوص‪ ،‬التناص‪ ،‬النصية‪ ،‬الرتاث‪ ،‬النص الغائب‪ ،‬الرسقات ا ألدبية‪...‬‬
‫التناص مصطلح حديث النشأأة يعود فضل ابتاكره اىل جوليا كريستيفا اليت تصفه بأأنه ‪ ":‬نصوص تمت‬
‫صياغهتا عرب امتصاص ويف نفس الآن عرب هدم النصوص ا ألخرى"‪ ،‬فتتشلك معلية التناص من خالل‬
‫حتويل النصوص واعادة بناهئا بعد هدهما‪ ،‬غري أأن هذا ال يعين احالل نص سابق يف نص الحق‪ ،‬بقدر‬
‫ما يراد ابلتناص تفاعل أأنظمة أأسلوبية من حيث يه ردود فعل طبيعية اس تدعهتا ظروف متشاهبة‬
‫تعرف جوليا كريستيفا النص من خالل كتاهبا "س مييوتيك" بقولها ‪ ":‬نعرف النص كجهاز عرب لغوي يعيد‬
‫توزيع نظام اللغة عن طريق الربط بني الكم تواصيل هيدف اىل االخبار املبارش وبني خمتلف أأمناط‬
‫امللفوظات السابقة عليه أأو املزتامنة معه" وهبذا فالنص انتاجية مما يعين‪ :‬أأن عالقته ابللغة اليت يمتوقع‬
‫داخلها يه عالقة اعادة توزيع (هدم‪ ،‬بناء)‪ ،‬انه حتوير لنصوص أأخرى‪" ،‬ففي فضاء نص ما تتقاطع‬
‫مجموعة من امللفوظات املأأخوذة من نصوص أأخرى"(‪ ،)4‬وتتـحدث عنه يف موضــع أآخر بقولها‪ ":‬لك نص‬
‫يتشلك كفس يفساء من الاستشهادات‪ ،‬لك نص هو امتصاص وحتويل لنص أآخر"(‪.)5‬‬
‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ -2‬ارتبط مفهوم التناص يف النقد الغريب مبفاهيم أخرى سابقة عليه وممهدة لظهوره‪ ،‬أمهها مفهوم احلوارية (‪ )Dialogisme‬عند ابختني‪ .‬وقد فهم يف أول‬
‫مراحل البحث فيه على أنه جمرد تق اطع لعدد من النصوص واألساليب داخل نص واحد أو أنه إرجاع النص إىل مصادره الثقافية أو املعاصرة ‪ ...،‬ومل أيخذ‬
‫بعني االعتبار اآلاثر املرتتبة عن هذا التقاطع بني النصوص سواء على مستوى داللة النص احلاضن أم على مستوى داللة النصوص احملضونة هلذا السبب ميز‬
‫ريفاتري بني مصطلحني تقاطع النصوص (‪ )intertexte‬والتناص (‪ .) intertextualité‬ينظر‪ :‬محيد حلمداين‪ ،‬التناص وإنتاجية املعاين‪ ،‬عالمات يف النقد‪،‬‬
‫النادي األديب الثقايف جبدة‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع‪ ،2001 ،40‬ص‪ 71 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫ينظر‪:‬‬ ‫‪ )‬عثر فريديريك ابرتيلد على دليل جترييب يدل على أن التذكر ليس جمرد إعادة استدعاء ملا يقع للناس من وقائع وإمنا هو إعادة بناء هلذه الوقائع‪.‬‬
‫روبرت دي بوجراند‪ ،‬النص واخلطاب والسياق‪ ،‬تر‪ .‬متام حسان‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص‪.454 :‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬عزة شبل حممد‪ ،‬علم لغة النص بني النظرية والتطبيق‪ /‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.74 :‬‬
‫‪ - 4‬جوليا كريستيفا‪ ،‬سيميوتيك‪ ،‬ص‪52 :‬‬
‫‪ - 5‬جونفسه‪ ،‬ليا كريستيفا‪ ،‬سيميوتيك‪ ،‬ص‪85 :‬‬
‫‪123‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫من خالل التعريفني تؤكد كريستيفا أأن النص هو جمال تنايص‪ ،‬أأي بؤرة لتفاعل مجموعة من النصوص‬
‫(السابقة عليه واملزتامنة معه) اليت يس تدعهيا يف س ياقه‪ .‬ويه بذكل جتهز عىل الاعتقاد الشالكين اذلي‬
‫بناء لغواي مغلقا‪.‬‬‫يراه ً‬
‫فالتناص ا ًذا‪ ،‬تفاعل بني نصني‪ ،‬ينتج معىن النص احلارض ابلتفاعل ادلينايم مع النص الغائب‬
‫فيكتسب بعض مالحمه الفنية العامة ليعيد تشكيلها وفق رؤى جديدة‪ ،‬تزنه النص اجلديد عن أأن يكون‬
‫صورة مطابقة للنص القدمي‪ ،‬كام تربئ صاحبه من أأن يكون مقتفيا خط السابق أأثر النعل ابلنعل‪ ،‬بل‬
‫حياول النص الالحق أأن يقمي حوارا مع النص السابق مبنيا عىل أأساس المتثيل فاجملاوزة اليت يس تدعهيا‬
‫انسجام النص مع عامله‪.‬‬
‫فغدت بعض القصائد جمال اس تقطاب عدد من النصوص سواء عن طريق الاستشهاد أأو عن‬
‫طريق الاقتباس‪ ،‬فهذا الشاعر ابن هاين ميدح املعز دلين هللا الفاطمي جاعال اايها أأصل ا ألش ياء؛ فهو‬
‫ُون‪ .‬يقول‪[ :‬الاكمل]‬
‫ظمل‪ ،‬وهو الرشف ولك رشف بعده د ُ‬ ‫النور وما دونه ُ‬
‫لك فوق دون [‪]106/77‬‬
‫ُ‬ ‫الفوق أأنت و ُّ‬
‫و ُ‬ ‫لك نور ظلمة ٌ‬‫النز ُور أأنت و ُّ‬
‫يبدو أأن اجلنوح ابملمدوح اىل مراتب خارقة أكن جيعهل أأصل ا ألش ياء ومرجعياهتا‪ ،‬فكرة مل يكن البن‬
‫هاين فهيا قصب الس بق‪ ،‬اذ نراه يسكل مسكل املتنيب حني أأعد بعض اخللق جممتعني ال يدرك مرتبة‬
‫ممدوحه س يف ادلوةل الفوقية‪ .‬يقول املتنيب [الاكمل]‬
‫لك فوق دُون (‪)1‬‬
‫ُ‬ ‫الربي ِة ف ْوق ب ْعض خا ِل ًيا فاذا ح ْ‬
‫رضت ف ُ ُّ ْ‬ ‫ب ْع ُض ِ‬
‫ِ‬ ‫التناص القرأآين‬
‫شلك" النص" ادليين مصدرا ثراي اس متد منه الشعراء مناذج وموضوعات الصور الشعرية‪ ،‬اما لتأأكيد‬
‫حصة ما يدزعونه أأو متثال لطرائق اس تخالص املعاين وبناء ا ألفاكر‪ ،‬ومل تكن قصائد املعزايت مبنأأى عن‬
‫هذا الرضب‪ ،‬فقد ختللهتا مجموعة من التعالمي ادلينية‪ ،‬حيث حاول ابن هاين يف أأكرث من موضع امتصاص‬
‫اخلطاب القرأآين ملا حيقق ذكل من أأهداف داللية‪ ،‬ويبدو أأنه قد جنح يف توظيف النص القرأآين ابلكيفية‬
‫املعززة للبعد ادلاليل من هجة واملمكنة لرؤيته يف املتلقني‪ ،‬ألن الكمه يتعلق ابشاعة ادلين وافشاء‬
‫ا ألفاكر االسامعيلية ومعتقداهتا يف اطار مذهب التش يع لل البيت‪ .‬ويعرتف رصاحة أأن ما تلمسه من‬
‫معاين املدحي هو مس تلهم من القرأآن الكرمي حسب تفاسري علامء الش يعة‪ ،‬يقول[الاكمل] حىت ر أأ ُ‬
‫يت‬
‫قصائدي منحوةل ً والقول يف أأ زِم ِ‬
‫الكتاب مقوال ‪78/82‬‬

‫‪ - 1‬ديوان املتنيب‪ ،‬اعتىن به وشرحه‪ :‬عبد الرمحن املصطاوي‪ ،‬دار املعرفة بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2012 ،7‬ص‪.129 :‬‬
‫‪124‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫حاصل املعىن أأن هللا قد س بقين اىل مدحمك فال أأقدر أأن أأزيد عليه شيئا‪ ،‬واال فاين مدزع لنفيس قوال‬
‫هو لغريي‪.‬‬
‫ومن مظاهر ذكل اس تلهامه فكرة الثنائية الضدية من نص الآية الكرمية ﴿ فس ْوف يأْ ِيت ُ‬
‫هللا بِق ْوم‬
‫ُ ِحيهبُ م ويـ ِحبون ُه َأ ِذةل عىل الـم ْؤ ِم ِنني َأ ِعزة عىل الاك ِف ِرين﴾ املائدة ‪54‬‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُ ُ‬
‫التناص ابحلديث الرشيف‬
‫ِ‬
‫املعضالت العظامئ ‪93/30‬‬ ‫فال ع ْبق ِر ٌّي اكن أأو هو اكئِ ٌن فرى فري ُه يف‬
‫هذا املعىن مس توىح من قول رسول هللا يف معر بن اخلطاب ريض هللا عنه"مل أأر عبقراي يفري‬
‫فريه"(‪ ،)1‬ملا ُع ِرف عنه من تيقظ فكر وحضور بدهية‪ ،‬وايتائه العجب العجاب‪.‬‬
‫التناص التارخيي‬
‫من مظاهر التناص توظيف الرتاث عرب ألية اسقاط املايض عىل احلارض من خالل اس تحضار‬
‫احلوادث التارخيية‪ ،‬واس تدعاء الشخصيات ذات الوزن التارخيي ملا لها من أأبعاد داللية تمني القدرة‬
‫االحيائية للنص الشعري‪.‬‬
‫فاس تحضار الشخصيات التارخيية هممة ترتك أآاثرا طيبة يف وجدان القارئ‪ ،‬اذ يكفي أأن تذكر‬
‫الشخصية حىت تتداع احلوادث واملواقف املرتبطة هبا لتضع املتلقي يف بؤرة احلوادث التارخيية وهو من‬
‫شأأنه أأن يعينه عىل حسن متثل ا ألفاكر وحسن تأأويلها‪ .‬ويتخذ التناص التارخيي أأشاكال مهنا‪:‬‬
‫تناص ابلعمل أأو الكنية‪ :‬يس تدعي هذا النوع من التناص خشصيات اترخيية ويذكرها اما ابالمس الرصحي أأو‬
‫ابلكنية‪ ،‬ففي معرض مدحه للمعز يس تحرض ابن هاين خشصية " الغنوي " يف قوهل [املتقارب]‬
‫ر أأى الغنوي هبا ما ر أأى ‪2/28‬‬ ‫ومن أأجل ذكل‪ ،‬ال غريه‬
‫الغنوي هو الطفيل بن عوف شاعر جاهيل من الفحول املعدودين ومن أأشعر شعراء قيس ومن‬
‫أأوصف العرب للخيل حىت زمسوه "طفيل اخليل" بكرثة وصفه اايها (‪ .)2‬لنئ جرى العرف العرب عىل‬
‫اعتبار طفيل أأعرف العرب ابخليل‪ ،‬فان املعز دلين هللا الفاطمي هو أأول من جعلها س نة للملوك يف‬
‫تفضيلها عىل غريها من املراكب‪ ،‬وذكل يف قوهل [املتقارب]‬
‫و أأبق لها أأثرا يف العال ‪2/31‬‬ ‫اسنت تفضيلها للملوك‬ ‫هو ز‬
‫أليات التناص(‪: )3‬‬
‫ينبغي للناقد أأو احمللل أأو القارئ أأن يعرف مجموعة من أليات التناص أأثناء مقاربته للنص ا ألدب؛ ألهنا‬
‫‪ - 1‬مسلم (أبو احلسني بن احلجاج)‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب فضائل السحابة‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.1123 :‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬زاهد علي‪ ،‬تبيني املعاين يف شرح ديوان ابن هاين‪ ،‬ص‪778 :‬‬
‫‪ -3‬مجيل محداوي‪ ،‬حماضرات يف لسانيات النص‪ ،‬األلوكة‪ ،‬ص‪ 97 :‬و‪ ،98‬بتصرف‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تساعده عىل اس تكناه النص‪ ،‬وسرب أأغواره ‪ .‬ونذكر من هذه الليات االجرائية املفاهمي التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬املس تنسخات النصية ) أألفاظ وشواهد وعبارات واقتباسات ابرزة ‪...(.‬‬
‫‪ .2‬العبارات املسكوكة ) أأمثال وحمك وعبارات مسكوكة يف نسقها اللغوي والبنيوي بطريقة لكية عضوية‬
‫ومتوارثة جيال عن جيل‪ ،‬مثل‪ " :‬أألكت يوم أألك الثور ا ألبيض‪ ،‬من جد وجد ومن زرع حصد"‪.‬‬
‫‪ .3‬الهوامش النصية ‪:‬يورد املبدع املنت يف معهل االبداعي‪ ،‬ويذيهل هبوامش احالية ومرجعية‪ ،‬وغالبا‪،‬‬
‫ماتوضع هذه الهوامش يف أأسفل النص أأو يف أآخر العمل‪ ،‬حيث تقوم بوظيفة الوصف والتفسري ملا‬
‫مغض من النص‪ ،‬وما حيمهل من اشارات نصية‪.‬‬
‫‪ .4‬احلوايش النصية ‪:‬قد يرفق املبدع نصه حبواش يف بداية العمل أأو يف هنايته أأو يف أآخره لتفسري‬
‫النص‪ ،‬من خالل حتديد س ياقه‪ ،‬أأو ابراز مناسبته‪ ،‬أأ ورشح بعض ا أللفاظ‪ ،‬أأو تفسري بعض أأسامء‬
‫ا ألعالم‪.‬‬
‫‪ .5‬الاقتباس ‪:‬هو أأن يأأخذ املبدع القرأآن والس نة‪ ،‬ويدرهجام يف الكمه بطريقة رصحية أأ وغري رصحية‪...‬‬
‫‪ .6‬التضمني ‪:‬ويعين أأن يضمن املبدع الكمه شيئا من مشهور الشعر أأو النرث لغريه من ا ألدابء‬
‫والشعراء‪...‬‬
‫‪ .7‬احملأاكة ‪:‬يلجأأ املبدع اىل توظيف املقتبس أأو املس تنسخ بطريقة حرفية دون أأن يبدع فهيا‪.‬‬
‫‪ .8‬االحاةل‪ :‬غالبا ما جند الاكتب يوظف بعض اللكامت أأو العبارات اليت تويح ابشارات أأو احاالت‬
‫مرجعية رمزية أأو أأسطورية‪...‬‬
‫‪ .9‬املناص(‪ :)Métatexte‬ينطلق املبدع من معل أأ وحدث أأ وفكرة أأ ومرجع أأ ومصدر ملبدع أآخر‪،‬‬
‫فيحاول حمأاكته أأ ونقده وحماورته‪.‬‬
‫‪ .10‬الاستشهاد‪ :‬يورد املبدع مجموعة من الاستشهادات اليت يضعها بني قوسني أأو بني عالمات‬
‫التنصيص بغية الاس تدالل‪ ،‬واالحاةل‪ ،‬وتدعمي قوهل‪.‬‬
‫‪ .11‬الهتجني أأو ا ألسلبة‪ :‬املزج بني لغتني اجامتعيتني يف ملفوظ لغوي و أأسلوب واحد‪ ،‬وهذا يعرب عن‬
‫البولوفونية (التعددية) اللغوية القامئة عىل تعدد ا ألصوات‪ ،‬واللغات‪ ،‬وا ألساليب‪ ،‬واخلطاابت‪،‬‬
‫واملنظورات الرسدية‪ .‬ويعرب هذا التعدد‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬عن التعددية الاجامتعية‪ ،‬واختالف الشخصيات‬
‫يف الوعي‪ ،‬واجلذور الاجامتعية والطبقية‪.‬‬
‫‪ .12‬احلوار التفاعيل ‪:‬يعد أأعىل مرتبة يف التواصل مع النصوص‪ ،‬والتعالق هبا‪ ،‬واس تنساخها‪ ،‬أأي ان املبدع‬
‫ال يقف عند حدود الامتصاص‪ ،‬والاجرتار‪ ،‬والاس تفادة‪ ،‬بل يعمد اىل ممارسة النقد واحلوار‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .13‬املعرفة اخللفية ‪ :‬يه تكل املعرفة اليت يتسلح هبا قارئ النص‪ ،‬اعامتدا عىل التشابه النيص‪،‬‬
‫والسيناريوهات‪ ،‬واخلطاطات‪ ،‬واملدوانت‪ ،‬اليت حيلل هبا النص‪ ،‬ويفككه ترشحيا‪ ،‬ويعيد تركيبه من‬
‫جديد‪.‬‬
‫‪-16‬النص املوازي ‪ :‬هو عبارة عن مجموعة من العتبات احمليطة داخليا وخارجيا‪ ،‬تسامه يف اضاءة النص‬
‫وتوضيحه‪ ،‬اكلعناوين‪ ،‬واالهداء‪ ،‬وا أليقون‪ ،‬والكتاابت‪ ،‬واحلوارات‪ ،‬واملقدمات‪ ،‬والتعيني اجلنيس ‪....‬‬
‫وعىل الرمغ من موقعها الهاميش‪ ،‬فاهنا تقوم بدور كبري يف مقاربة النص‪ ،‬ووصفه سواء من ادلاخل أأم‬
‫اخلارج‪.‬‬
‫هذه أأمه أليات التناص اليت تسعفنا يف فهم النص وتفسريه‪ ،‬وحتليهل وتركيبه‪ .‬وعلينا أأن نستبعد‬
‫الرسقات الشعرية‪ ،‬وما يتصل هبا من مفاهمي موروثة عن النقد العرب القدمي؛ ألن ذكل ال يدخل مضن‬
‫التناص اذلي يعد معلية ابداعية فنية حتصل عن وعي أأو عن غري وعي‪ ،‬الغرض من توظيفه هو تقيق‬
‫الوظيفة الشعرية وامجلالية‪ ،‬والتفاعل مع النص‪ ،‬والتعالق به نقدا وحوارا‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫حتليل لساين نيص لمنوذج خطاب‬ ‫ادلرس الرابع عرشة‪:‬‬

‫تقوم ادلراسة النصية ألي نص أأدب عىل ثالثة مس توايت؛ املس توى النحوي ادلاليل‪ ،‬مس توى بنية‬
‫عنارص الس بك النحوي وما يزخر به من مظاهر التكرار‬ ‫النص‪ ،‬املس توى الفكري‪ .‬ميزي املس توى ا ألول ُ‬
‫وخمتلف أأرضب الوصل وما يفيده من أأغراض بالغية‪ ،‬فالتطرق اىل االحاةل بأأنواعها‪ ،‬وكذا خمتلف أأنواع‬
‫الاستبدال‪ ،‬دون جتاوز ألية احلذف وما حتققه من حتسني س بك البنية النصية حني يتكفل القارئ مبلء‬
‫الفراغات البنوية‪ ،‬من غري أأن يغفل احمللل دور التقدمي والتأأخري والوصف والتوازي‪ ،‬وما حتدثه هذه‬
‫العنارص من انفصاالت داللية؛ حيث تفرغ ا ألشاكل اللغوية من معانهيا وحتمل دالالت جديدة‪.‬‬
‫ويتعلق املس توى الثاين بعنرص التطور اذلي يقوم عىل الرتابط الاس تداليل‪ ،‬كام يقوم عىل مقاطع‬
‫بناءيفرتض أأهنا تقوم عىل الرتابط الفكري داخل بنيات اخلطاب‪ ،‬مع‬ ‫خمتلفة نوعا متحدة منوذجا‪ ،‬مرتاصة ً‬
‫سد فراغات الفهم وتعيني اخملططات اذلهنية وحتديد الهدف التخاطيب‪.‬‬
‫ويس تقمي بذكل احلديث عن عدم التعارض يف ما بني البىن املقطعية اتفاقا بني البداايت والهناايت وما‬
‫بيهنام‪ ،‬مع اجياد ما يقوم ظاهرة التعارض ويربرها‪ ،‬لتكون يف ا ألخري ذكل اللك منسجم ا ألجزاء دالليا‬
‫واملرتابط شلكيا ومفهوميا‪.‬‬
‫وس نحاول تطبيق اجراءات التحليل اللساين النيص عىل قصيدة املساء اليليا أأب مايض(‪ ،)1‬حيت‬
‫يكشف النص عن مكنوانته‪ ،‬بدءا ابالتساق حيث الرتابط الرصفي يف مس توى البنية السطحية‪،‬‬
‫فاالنسجام حيث الرتابط ادلاليل يف مس توى البنسة املكونية‬

‫‪ - 1‬أمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪،248،249 :‬‬
‫‪.250،251‬‬
‫‪128‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪،‬‬
‫مك‬

‫‪129‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫تقوم القصيدة أأساسا عىل فكرة واحدة‪ ،‬ويه بذكل‬


‫حتمل أأمه مسة من سامت الشعر احلديث‪ ،‬وهو‬
‫الوحدة املوضوعية‪ ،‬اليت أأفرغت بقالب أأدب زودل لها‬
‫وحدة عضوية؛ فقد قسم الشاعر القصيدة اىل عرشة‬
‫مقاطع‪ ،‬لك مقطع و أكنه يشلك فقرة يف مقال يفيض‬
‫اىل اذلي يليه بسالسة وسهوةل‪ ،‬وترابط منطقي‬
‫يستند اىل فكرة الشاعر ا ألصلية اليت تشلك روح‬
‫القصيدة‪/‬املقال‪.‬‬
‫فقد بد أأت القصيدة بأأجواء من التشاؤم؛ ليضع القارئ‬
‫يف جو املشاعر االنسانية؛ ليدخل القارئ مع الشاعر‬
‫يف منظومة الفكرة اليت يتغي الشاعر مشاركة القارئ‬
‫فهيا ابالحساس ا ألويل من وراء تصوير الطبيعة هبذه‬
‫الصورة القامتة اليت تويح بلك ما هو مأأساوي وايئس‬
‫كام يويح به املقطع ا ألول‪ .‬وهكذا يصل الشاعر يف‬
‫هناية املقطع اىل نقطة تعد خامتة ملا قبلها‪ ،‬وبداية ملا‬
‫بعدها ليتابع الشاعر قراءة ما يف نفس سلم وما‬
‫يدوريف ذههنا‪ ،‬وما يعمتل يف مرجل أأحالهما من حرية‬
‫وقلق ملا أأصاهبا؛ ليسأألها عن حالهتا اليت يه علهيا‪،‬‬
‫فيأأيت تفسري الشاعر أأو حماوةل التفسري يف املقطع اذلي‬
‫يليه؛ فريى سلم و أكهنا واقفة عىل مفرتق طرق‬
‫‪130‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بني طفولهتا وش يخوخهتا‪ ،‬وقد أأحست بذكل‪ ،‬فغمرها ذكل االحساس ابلتشاؤم‪ ،‬اذلي بدا وضوحه يف‬
‫املقطع ا ألول‪ ،‬ولعل الشاعر قد أأدرك رس هذا ا ألمر‪ ،‬فأأخذ خياطهبا (ينظر املقطع الثاين)‪ ،‬انه حياول يف‬
‫هاتيك ا ألس ئةل اليت يقذف هبا يف وجه سلم أأن جيعلها تدرك وحدها أأن ما تعانيه من أأمل القلق عىل‬
‫املس تقبل الآيت‪ ،‬امنا يه مشلكة يف داخلها‪ ،‬ويه م ْن صنعت تكل ا ألوهام‪ ،‬ويه اليت تصورهتا‪،‬‬
‫وابلتايل فهىي ليست حقيقة واقعة؛ و ِل ُيثْ ِبت الشاعر ذكل‪ ،‬يتابع يف املقطع الثالث تأأكيد ذكل بأأسلوب‬
‫اخلرب مبتعدا هذه املرة عن ا ألسلوب االنشايئ ‪.‬‬
‫انه ربط عظمي ادلالةل بني خشصية سلم ‪ ،‬وهذا الفارس اذلي خاض عباب معركة قد تورط فهيا‪ ،‬ال‬
‫يس تطيع الانتصار‪ ،‬ومع ذكل ال يطيق الهزمية‪ ،‬اهنام توحدا يف حرية جتاه معركة املصري؛ سلم ومعركة‬
‫احلياة‪ ،‬والفارس ومعركة احلرب‪ ،‬ومع لك هذا يرد الشاعر مرة أأخرى مايف نفس سلم من حرية وقلق‬
‫املصري اىل نفسها‪ ،‬ولكن هذه املرة بواقعية شفافة ووضوح (املقطع الرابع)‬
‫وبعد لك هذا‪ ،‬ال بد أأن يقنع الشاعر سلم خبطأأ موقفها من احلياة يف نظرهتا املتشامئة‪ ،‬فيـعـرض يف‬
‫املقاطع الالحقة (‪ )8-5‬مشاهد من الطبيعة‪،‬تتجاورفهيا عنارص السعادة وعنارص الشقاء ولكنه يساوي‬
‫لب؛ فتجاورهام معا ال يؤثر‬ ‫بيهنا؛ فكأن هذه العنارص املتناقضة يف الطبيعة تريد تقدمي رساةل للك ذي ز‬
‫يف هبجة احلياة وروعة الطبيعة؛ فرتى الشاعر يساوي بني القرص والكوخ‪ ،‬والشوك يف نظره كزهر‬
‫اليامسني‪ ،‬ل ُيب ِ زني لسلم أأن دواعي السعادة والشقاء ليست خارجية وامنا يه تنبع من ادلاخل‪ ،‬ليرصح‬
‫بذكل عند تساؤهل املش بع اب ألىس عىل حالهتا عندما خياطهبا‪:‬‬
‫ولكن ملاذا جتزعني عىل الهنار‪ ،‬ولدلج‬
‫أأحالمه ورغائبه‬
‫وسامؤه وكواكب ْه‬
‫تلوح"‪ ،‬ولتكن حياهتا لكها أأمال يفوح ابلسعادة‬ ‫بل علهيا أأن تمتتع " ابلشهب يف ا ألفالك ما دامت ْ‬
‫والتفاؤل‪ ،‬ولمي أل احلب قلهبا‪ ،‬وتدع التفكري يف احلياة وشقاهئا‪ ،‬ولتسرتجع مرح الطفوةل‪ ،‬لتمتتع هبذا املرح‬
‫يف كهولهتا وش يخوخهتا‪:‬‬
‫فيه البشاشة والهبا ْء‬
‫ليكن كذكل يف املسا ْء‬
‫وبعد‪ ،‬فان ادلارس لهذه القصيدة يدركُ أأهنا لوحة فنية مرسومة بعناية‪ ،‬لتعرب عن فكرة واحدة‪ ،‬يصعب‬
‫اختصار مضموهنا‪ .‬اهنا الوحدة العضوية واملوضوعية اليت تعرب بلك بساطة عن موضوع انساين عام‪ ،‬ال‬
‫خيص سلم وحدها بل يعم الناس مجيعا بغض النظر عن أأدايهنم ومواطن عيشهم‪ ،‬اهنا قطعة فنية من‬

‫‪131‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ا ألدب االنساين اخلادل‪.‬‬


‫أأما من حيث البنية السطحية‪ ،‬فان البحث يف الاتساق يستند عىل الوصل واالحاالت‬
‫والاستبدال واحلذف‪ ،‬فاذا نظران يف قصيدة "املساء" اليليا أأب ماض‪ ،‬وجدان الوصل ابلعطف‬
‫والرشط و أأسلوب احلرص والاس تدراك‪.‬‬
‫وقع اس تخدام العطف ابلواو يف أأكرث ا ألحيان كام اس تخدم "الفاء" و"بل" و" أأم التخيري" رابطا بني‬
‫مجل و أأسامء املقطع الشعري الواحد‪ ،‬كام اس تخدم الاس تدراك يف بداية البيت الثالث"لكنزام" من املقطع‬
‫الشعري ا ألول‪ ،‬حيث اقتضاه الانتقال من وصف الطبيعة وصفا عاما اىل عيين سلم والرابط بيهنام‬
‫يويح ابسقاط احلال ا ألوىل عىل احلال الثانية كام اس تخدمه يف بداية البيت الثالث"لكن" من املقطع‬
‫الرابع‪ ،‬حيث اقتضاه وصف حال سلم يف الضح ارشاقا و أأمال اىل وصف حالها يف املساء أأىس وحزان‬
‫وقد اس تخدمه يف املوضع نفسه يف املقطع السادس‪ ،‬ليس تدرك عىل تسوية الليل بني ا ألش ياء وجود عامل‬
‫ا ألحالم‪ ،‬فيكون املتأأخر من الالكم مقدما عىل ما س بقه‪ ،‬واس تخدم احلرص بـ"انزام" يف هناية البيت الرابع‬
‫من املقطع الثاين ليحرص ما قبهل‪ ،‬وهو معرفته اب ألش ياء اليت تراها وال يس تطيع حتديدها فامي بعده‪ ،‬وهو‬
‫ما تبديه ا ألظالل يف انظرهيا‪ ،‬واس تخدم الرشط بـ"ان" يف بداية البيت ا ألول من املقطع الشعري‬
‫السابع ليأأيت فعل الرشط متبوعا جبواب الرشط وقد تعدد وامتد عىل عدة مجل شعرية‪ ،‬ويف هذا‬
‫الاس تخدام انسجام البناء من حيث الارتباط الشلكي والنحوي وادلاليل داخل لك مقطع عىل حدة‪،‬‬
‫ورمغ ذكل اليؤدي هذا الاس تخدام الاتساق التام لوجود مناطق نصية حتتاج اىل احاالت نصية تصلها‬
‫مبا حتيل عليه قبليا ‪ )Anaphore‬وبعداي (‪)1()Cataphore‬‬

‫يؤدي تتابع الضامئر داخل املقطع اىل متاسك أأجزائه‪ ،‬ففي املقطع ا ألول حييل"ك" يف ‪:‬عيناك" و"ت" يف‬
‫"خفت" عىل "اتء" اخملاطبة يف "تلمحني" ليحيل اللك عىل "ك" "انظريك"و"عليك" ويعود هذا‬
‫الاس تخدام عىل سلم ‪ .‬ويعود "ك" " أأراك" يف املقطع الشعري الثالث عىل لفظ "ساحئ" بعداي ويعود‬
‫عليه فاعل "هيوى" و"خياف‪ ،‬والضمري"ه" يف "ختدعه" قبليا‪ ،‬مث يربط بـ"بل" بني شطري املقطع‪،‬‬
‫ليساوي الضمري" أأنت" بـ"فارس" ويعود علهيام قبليافا ِعال"يس تطيع"و" يطيق"‪ ،‬ويقع الاستبدال اللساين‬
‫(‪ )Substitution‬بني ا أللفاظ‪ ،‬حيث تأأخذ قمية حنوية وتتحول قميهتا ادلاللية‪ ،‬وينطبق عىل املقطع الشعري‬
‫الرابع ما انطبق عىل سابقه‪ ،‬وبذكل تربط سلم لكفظ بني املقاطع الشعرية ا ألربعة‪)2((.‬‬

‫ويرتبط الفعل "خيفي" بلفظ "الليل" يف املقطع السادس قبليا و "ادلج" بعداي‪ ،‬والكهام يتعالق بعداي‬

‫‪ - 1‬أمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪.252 ،251 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.252 :‬‬
‫‪132‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫بـ" أأحالمه" و"رغائبه"و"سامؤه" و"كواكبه" بدالةل الضمري"ه" وتأأيت ا ألفعال "سرت" و"يسلب" و"منع"‬
‫يف م(‪ )7‬متعالقة قبليا بلفظ الليل بدالةل الضمري املنفصل "هو" العائد عليه‪ ،‬فهام منسجامن‪ ،‬وبني‬
‫"الليل"و"ادلج" استبدال لساين‪ ،‬كام هو بيهنام وبني لفظ"املساء"اذلي ترتدد أأربع مرات أأوالها يف‬
‫املقطع الشعري الرابع‪ ،‬س بقت بلفظ"ادلج" يف املقطع الثاين‪ ،‬ليتكرر لفظ"املساء" مرتني يف املقطع‬
‫اخلامس ويعود لفظ" الليل"يف بداية املقطع السادس ولفظ" ادلج" يف هنايته وأآخر"مساء" خمتت‬
‫اخلطاب(‪.)1‬‬
‫وقع استبدال يف مجمل اخلطاب عىل حنو تعويض اللفظ ابلضمري اذلي يناس به فلفظ"سلمي" يستبدل‬
‫ابلضمري املنفصل" أأنت"مرة واحدة يف املقطع الشعري الثالث مع بداية البيت الرابع واستبدل ابلضمري‬
‫املتصل[ت‪ :‬خفت] يف مواضع عدة عىل سبيل اخلطاب والارتباط ابلفعل املايض‪ ،‬وينوب عهنا الضمري‬
‫املتصل [ي اخملاطبة] مع الفعل املضارع كام يف " أأصغي"و"متتعي"و"تبرصين" وحنو ذكل مع الضمري‬
‫املتصل[ك] لكام تعلق االتصال ابالمس [الاضافة‪ :‬عيناك] واجلر [ش به امجلةل ‪ :‬كل] وقد تردد اللفظ كام‬
‫هو أأربع مرات فقط داخل س ياق النداء [اي سلم ] أأو التساؤل [سلم ‪ ...‬مباذا حتلمني؟]‪ ،‬وا ألمر‬
‫مرصوف اىل طريف الرصاع يف اخلطاب ‪ :‬املساء ‪ :‬الزمن أأو الاحتالل‪ /‬سلم ‪ :‬االنسان أأو النفس‪،‬‬
‫حيث ميكن اسقاط عنارص الطبيعة يف املقطع ا ألول عىل سلم ‪ ،‬وتكون صورة أأخرى لالستبدال(‪.)2‬‬
‫كام جيوز يف الاس تعامل اللغوي التكرار‪ ،‬جيوز احلذف‪ ،‬والكهام يدخل يف حتديد الاتساق حفاظا عىل‬
‫ايقاع الشعر وبالغة اخلطاب‪ ،‬وقد تعدد احلذف يف قصيدة املساء حىت غدا خاصية نصية تدخل يف‬
‫تشكيل اخلطاب واتساقه‪ ،‬وقد ورد احلذف عىل أأربعة أألوان‪:‬‬
‫أأ) حذف حرف من الرتكيب‪ :‬جاء يف املقطع الثاين اس مترارا للتساؤل يف املقطع ا ألول‪.‬‬
‫أأر أأيت أأحالم الطفوةل‪......‬؟‬
‫أأم [ أأ] أأبرصت عيناك‪.....‬؟‬
‫أأم [ أأ] خفت أأن يأأيت‪....‬؟‬
‫يقدر امللفوظ الشعري ابضافة [ أأ] الاس تفهامية يف لك مجةل شعرية بعد " أأم" وحذفها حييل عىل وجودها‬
‫يف البنية العميقة‪ ،‬جفاء احلذف عنرصا منظام للنصية‪ ،‬ولو أأن[ أأ]مل حتذف جلاء االيقاع فاسدا بفساد‬
‫التفعيةل‪ ،‬ولقل نبض الشعر وفقد اخلطاب مقوما من مقوماته ا أ‬
‫لساس ية‪)3(.‬‬

‫‪ - 1‬أمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص‪.252 :‬‬
‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.253 :‬‬
‫‪ - 3‬ملرجع نفسه‪ ،‬ص‪.254 :‬‬

‫‪133‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ب) حذف فعل من الرتكيب‪:‬‬


‫وقع يف املقطع السابع‪" :‬مازال يف الورق احلفيف ويف الصبا أأنفاسها" حفذف الفعل بعد واو الربط بني‬
‫امجللتني‪ ،‬والتقدير "مازال يف الورق احلفيف و[مازال]يف الصبا أأنفاسها"‪ ،‬كام وقع يف املقطع العارش‬
‫"فدعي الكآبة وا ألىس‪ "...‬ويقتيض التقدير حذف الفعل"دعي" بعد الواو ويكون امللفوظ اتما‪":‬فدعي‬
‫الكآبة و[دعي]ا ألىس‪"...‬‬
‫ج) حذف حرف وفعل من الرتكيب‪)1(:‬‬

‫ان امجلع بني حذف احلرف والفعل هو منط جديد يف احلذف‪ ،‬كام يف قوهل يف املقطع الرابع‪" :‬وجلست‬
‫يف عينيك أألغاز ويف النفس اكتئاب"يقدر عطف مجةل "وجلست يف عينيك أألغاز" عىل مجةل "يف‬
‫النفس اكتئاب"والرابط بيهنام "واو العطف" للتجانس احلاصل بيهنام نظري اشرتاكهام يف الفعل "جلست"‬
‫املس بوق "بواو احلال" والتقدير‪" :‬وجلست يف عينيك أألغاز‪[،‬وجلست] ويف النفس (نفسك)اكتئاب"‪.‬‬
‫وحنوه ما جاء يف املقطع اخلامس "اب ألرض كيف هوت‪...‬؟" ليقوم التقدير عىل اعامتد حذف الفعل‬
‫[تفكرين]الوارد يف أآخر املقطع الرابع يف صيغة سؤال"مباذا تفكرين" ويفرتض يف الرتكيب أأن يبد أأ هبمزة‬
‫الاس تفهام‬
‫الاس تفهام ليكون الالكم موصوال عىل هذا النحو‪:‬‬
‫[ أأتفكرين] اب ألرض كيف هوت عروش النور عن هضباهتا؟‬
‫أأم [ أأتفكرين]ابملروج اخلرض ساد الصمت‪...‬؟‬
‫أأم [ أأتفكرين] ابلعصافري اليت‪...‬‬
‫أأم [ أأتفكرين] ابملسا؟‬
‫ان املسا خيفي املدائن اكلقرى‪ .‬هنا يأأيت احلذف مزدوجا؛ ا ألول كام مت حتديده والثاين تقدير حذف‬
‫"املسا خيفي" بتقدمي املسا حفاظا عىل الرتكيب الشعري‪ ،‬وهو يف احلقيقة حذف مجةل اكمةل‪.‬‬
‫ج) حذف مجةل من الرتكيب‪ :‬وهل موضعان‪ ،‬أأوهلام يف املقطع اخلامس‪ ،‬فيكون التقدير‪:‬‬
‫و[املساء خيفي] الكوخ اكلقرص املكني‬
‫و[املساء خيفي] الشوك مثل اليامسني‬
‫واثنهيام يف املقطع الثامن‪":‬ولمت أل ا ألحالم نفسك يف الكهوةل والصبا" ويقدير احلذف هنا بعد الواو؛‬
‫فيقال‪ ":‬ولمت أل ا ألحالم نفسك يف الكهوةل و[ولمت أل ا ألحالم نفسك يف]الصبا"‪.‬‬

‫‪ - 1‬أمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬ص‪.254 :‬‬
‫‪134‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫وجاء احلذف (‪ )Ellipse‬غري اخملرب به مبنيا عىل الالوعي الرتباطه الوثيق اباليقاع‪ ،‬فلو أأنه أأبرز بعضه‬
‫قاصدا ااثرة دالالت معينة لفقد اخلطاب الشعري رونقه والوزن اتزانه‪ .‬ذكل أأن احلذف بنوعيه حيدث‬
‫اتزاان نصيا ويسامه اىل حد كبري يف اتساق بنية اخلطاب وجرب انكساراته مبعية أأدوات أأخرى اكلوصل‬
‫واالحاالت والاستبدالات‪.‬‬
‫فاذا أأراد املبدع أأن يرصف القارئ اىل دالالت بعيهنا توقف عن الالكم لالمياء بذكل‪ ،‬وبدا ا ألمر بعد‬
‫التدوين نقاطا(‪ )...‬مي أل القارئ فضاءها معىن يسوقه اليه الفهم اللكي‪ ،‬فيكون هذا احلذف خمربا عنه‪،‬‬
‫وهل يف خطاب"املساء" ثالثة مواضع‪:‬‬
‫سلم ‪ ...‬مباذا تفكرين؟‬
‫سلم ‪ ...‬مباذا حتلمني؟‬
‫سلم ‪ ...‬مباذا تفكرين؟‬
‫اهنا احلرية يف فهم ما يدور يف داخلها‪ ،‬عىل اعتبار سلم ذاته الثانية أأخرهجا من بني جنبيه ليسائلها عن‬
‫حقيقة الشعور اذلي يدامهه‪ ،‬وقد تساءل يف غري هذا املوضع عن أأش ياء بدت هل طالمس‪ ،‬وما النفس‬
‫اال موضوع يغشاه الشك ويرتبك عنده اليقني‪ ،‬ايصح هل أأن يعمل ما تفكر به النفس حقيقة؟ أأيصح هل أأن‬
‫يدرك أأحالهما؟ أأم هو يؤنهبا عىل موقفها السليب يوم غادر البالد اىل ما بدا هل حال أأفضل؟ أأال يساوي‬
‫العيش يف بالد الغري العيش حتت غطاء الاحتالل؟‬
‫لقد عاش الشاعر خياطب نفسه ويتساءل عن أأش ياء مهنا حلوا املساء الزمن [العمر] فوقع عىل جرح‬
‫املساء [الاحتالل] ويتقاطع ذكل مع الرغبة امللحة يف العودة اىل الوطن واحلنني اىل ا ألهل‪.‬‬
‫داخل هذا املقام يفهم هذا التساؤل‪ ،‬وندرك أأن الشاعر مثل دور اخملا ِطب واخملاطب معا يف تعدد‬
‫لذلات‪ ،‬ويبلغ رسالته لنفسه احلائرة‪ ،‬ولنفوس الكثريين من أأمثاهل اذلين رضبوا بعصهيم يف لك مرص حبثا‬
‫عن طمأأنينة النفس خارج أأوطاهنم‪ ،‬مفا انلوا من ذكل اال القلق والتوتر والندم‪ ،‬وما وقوف سلم أأمام‬
‫البحر اال موقف البداية عند الرغبة يف الهجرة وموقف الهناية عند الرغبة يف العودة‪ ،‬فلام متاثلت‬
‫الصوراتن جاء التساؤل يف بعض طياته الاستناكر‪ ،‬فهو اليريد جتربة جديدة هيمي فهيا مع هوى النفس‬
‫فريدعها ابلسؤال‪ ،‬ويسكهتا بأأمل اذلكرى ‪.‬‬
‫االحاةل يف قصيدة "املساء"‬
‫ان التنوع يف الظواهر االحالية اكن عامال أأساس يا يف ترابط النص من غري ما تكرار يضفي عليه‬
‫راتبة ويظهره أكنه مقاطع مس تقل بعضها عن بعض‪ ،‬وابملقابل مضن للنص توازنه‪ ،‬وجعل وحدات املقطع‬
‫متعالقة فامي بيهنا‪ ،‬ابالضافة اىل تنوع ودالةل هذه العنارص االحالية‪..‬‬

‫‪135‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫يبدو من خالل هذا النص الشعري‪ ،‬أأن سلم شلكت حموره الرئيس‪ ،‬فاكنت معظم االحاالت‬
‫النصية القبلية حتيل الهيا (ك‪،‬ت‪،‬ي)‪ ،‬وهو ما يوحضه جدول العنارص الاتساقية الآيت‪:‬‬
‫تواتره‬ ‫احملال اليه‬ ‫نوعه‬ ‫العنرص الاتسايق‬ ‫املقطع اللكمة‬
‫‪02‬‬ ‫وصل‬ ‫الواو‬ ‫‪01‬‬
‫‪01‬‬ ‫السحب‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫خلفها‬
‫‪01‬‬ ‫البحر‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫فيه‬
‫‪01‬‬ ‫اس تدراك‬ ‫لكن‬ ‫لكنزام‬
‫‪01‬‬ ‫اح ض بع‬ ‫الاكف‬ ‫عيناك‬
‫‪01‬‬ ‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫التاء(مضري)‬ ‫‪ 02‬ر أأيت‬
‫‪01‬‬ ‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫التاء(مضري)‬ ‫أأبرصت‬
‫‪01‬‬ ‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف (مضري)‬ ‫عيناك‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫التاء(مضري)‬ ‫خفت‬
‫املشاهد‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء (مضري)‬ ‫أأظاللها‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف (مضري)‬ ‫انظريك‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف (مضري)‬ ‫عليك‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف (مضري)‬ ‫أأراك‬ ‫‪03‬‬
‫الربوق‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫ضوءها‬
‫الساحئ‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫ختدعه‬
‫‪03‬‬ ‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫‪ 04‬مقلتيك‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫ر أأيتك‬
‫الضح‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫ر أأيته‬
‫عطف‬ ‫الواو‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫وجنتيك‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫وجدتك‬

‫‪136‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ا ألرض‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫هضباهتا‬ ‫‪05‬‬


‫‪03‬‬ ‫ا ألرض‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫جنباهتا‬
‫‪02‬‬ ‫العصافري‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫وكناهتا‬
‫عطف‬ ‫أأم‬
‫عطف‬ ‫الواو‬
‫‪05‬‬ ‫ادلج‬ ‫عطف‬ ‫الواو‬ ‫أأحالمه‬ ‫‪06‬‬
‫‪01‬‬ ‫"‬ ‫تشبيه‬ ‫الاكف‬ ‫رغائبه‬
‫‪01‬‬ ‫"‬ ‫تشبيه‬ ‫مثل‬ ‫سامؤه‬
‫‪04‬‬ ‫"‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫كواكبه‬
‫"‬ ‫"‬
‫"‬ ‫"‬
‫"‬ ‫"‬
‫‪02‬‬ ‫البالد‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫سهولها‬ ‫‪07‬‬
‫"‬ ‫"‬ ‫"‬ ‫وعورها‬
‫‪01‬‬ ‫املياه‬ ‫"‬ ‫"‬ ‫خريرها‬
‫‪01‬‬ ‫النسامئ‬ ‫اح ض قب‬ ‫"‬ ‫مسريها‬
‫‪01‬‬ ‫النسامئ‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫أأنفاسها‬
‫‪01‬‬ ‫العندليب‬ ‫ح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫صداحه‬
‫‪01‬‬ ‫العندليب‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫ظفره‬
‫‪02‬‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫جناحه‬
‫‪06‬‬ ‫عطف‬ ‫الواو‬
‫‪01‬‬ ‫عطف سبيب‬ ‫الفاء‬ ‫فأأصغي‬ ‫‪08‬‬
‫‪03‬‬ ‫اح ض قب‬ ‫الياء‬ ‫أأصغي‬
‫"‬ ‫"‬ ‫اس تنشقي‬
‫"‬ ‫"‬ ‫متتعي‬
‫التشبيه‬ ‫الاكف‬ ‫اكلضباب‬
‫‪02‬‬ ‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫حياتك‬ ‫‪09‬‬
‫‪137‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫احلياة‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫لكها‬


‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫نفسك‬
‫تشبيه‬ ‫مثل‬ ‫مثل الكواكب‬
‫تشبيه‬ ‫الاكف‬ ‫اك ألزاهر‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫قلبك‬
‫عامل‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫ذاته‬
‫عامل‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫أأزهاره‬
‫عامل‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫جنومه‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الياء‬ ‫تقويل‬ ‫‪10‬‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الياء‬ ‫فدعي‬
‫عطف سبيب‬ ‫الفاء‬ ‫فدعي‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الياء‬ ‫اسرتجعي‬
‫سلم‬ ‫اح ض قب‬ ‫الاكف‬ ‫وهجك‬
‫تشبيه‬ ‫مثل‬ ‫مثل الضح‬
‫وجه‬ ‫اح ض قب‬ ‫الهاء‬ ‫فيه‬
‫عطف‬ ‫الواو‬ ‫والهباء‬

‫الانسجام‬
‫جاء بناء اخلطاب الشعري "املساء" منسجام مبا تضمنه من تقابالت محلت مجةل انزايحات من‬
‫االجياب اىل السلب؛ اذ تعدى هذا اخلطاب "حلظات السكون والرتقب"(م ‪ )01‬اىل زمن "اخلوف‬
‫والاكتئاب" (م‪( )03/02‬بنية التأأمل والتساؤل)‪ ،‬لينتقل بعد ذكل اىل "بنية التشابه" حيث زمن‬
‫التسرت والتقنع(م‪ )06/05/04 :‬لينتقل اىل بنية "زمن الذلة والمتتع" مث يعود اىل بنية"التفاؤل وا ألمل"‬
‫اليت تضمنت حلظات ا ألحالم واملرح (م‪.)10/09:‬‬
‫يتبدى هذا الانزايح اذلي انتقل ابلرتاكيب من وضع دال عىل االجياب اىل وضع غارق يف السلبية‬
‫عرب التشكيالت الآتية‪:‬‬

‫‪138‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ميهد هذا الوضع للتساؤل عن العةل والسبب فيتجه الوضع حنو السلبية‪ .‬حتمل هذه التقلبات مجةل‬
‫انزايحات من االجياب اىل السلب‪ ،‬فاالس تغراق ميتد اىل تكوين صورة تشبهيية تنهتىي يف فضاء وسط‬
‫داخل الوضع السالب‬

‫لتبد أأ رحةل املقابةل بني زمنني حيمالن شعورين خمتلفني‪ ،‬ويعود التساؤل من جديد ليجيب عن سؤاهل‪":‬‬
‫ليكون بني الطبيعة وسلم وحدة شعورية يالمس طرفاها املاكن والزمان‪،‬‬
‫سلم ‪ ...‬مباذا تفكرين؟" ز‬
‫والكهام ظرف يالمئ لك احساس‪ .‬اليبتعد هذا احلس عن الطبيعة الانزايحية اليت جرت عىل‬
‫الرتاكيب محال حنو(‪)-‬‬

‫‪139‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫البد أأن يقنع الشاعر سلمىبخطأأ موقفها من احلياةفينظرهتااملتشامئة‪،‬فيـعـرضفي أآخر هذااملقطع مشاهد من‬
‫الطبيعة‪،‬تتجاورفهيا عنارص السعادة وعنارصالشقاء ولكنه يساوي بيهنامن غري ما تأأثري فيهبجةاحلياة‬
‫وروعة الطبيعة‪ .‬فلام خنضع هذه ا ألسطر اىل مقتضيات التحليل ابملقومات تنكشف هذه التقابالت‪:‬‬
‫والشوك مثل اليامسني‬ ‫والكوخ اكلقرص املكني‬ ‫املدائن اكلقرى‬
‫(‪ )+‬نبات (‪ )+‬نبات‬ ‫(‪ )+‬بناء (‪)-‬بناء‬ ‫(‪ )+‬حضارة (‪)-‬حضارة‬
‫(‪ )+‬أأذى (‪ )-‬أأذى‬ ‫(‪)-‬كرب (‪ )+‬كرب‬ ‫(‪ )+‬كرب (‪)-‬كرب‬
‫(‪)-‬شذى (‪ )+‬شذى‬ ‫(‪ )+‬فقر (‪)-‬فقر‬ ‫(‪ )+‬تنوع (‪)-‬تنوع‬
‫=‬ ‫=‬ ‫=‬
‫(‪)+( )-‬‬
‫سوى أأبو مايض بني املدائن والقرى‪ ،‬وبني الكوخ والقرص وبني الشوك واليامسني مثىن مثىن‪ ،‬ز‬
‫وسوى‬ ‫ز‬
‫بني املدائن والقرص واليامسني اجيااب وبني القرى والكوخ والشوك سلبا‪ .‬و أأن تكون املدائن بقصورها‬
‫ومجيل نبااتهتا حمل التسوية ابلقرى و أأكواخها و أأشواكها‪ ،‬فهذا أأمر ال يس تقمي اال اذا توفر ادلز اعي وهو هنا‬
‫املساء الوارد زمنا هل صوراتن كام يوحضهام التشكيل الآيت‪)1( .‬‬

‫الزمن‬
‫ادلج‬ ‫الليل‬

‫سامء‪/‬كواكب رغائب‬ ‫أأحالم‬ ‫تغييب‬ ‫تسوية‬ ‫اخفاء‬

‫املتعة والذلة‬ ‫دمع و توجع‬

‫‪ - 1‬أمحد مداس‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬ص‪.145 :‬‬
‫‪140‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫اخلامتة ‪:‬‬
‫ات زضح بعد معاجلتنا ألمه مباحث اللسانيات النصية‪ ،‬أأن النص من حيث هو موضوع حبث‬
‫تتعاوره أأطراف كثرية؛ مهنا البالغة والانرثوبولوجيا وعمل الاجامتع وفقه اللغة‪ ...‬حبيث أأخذ لك من‬
‫النص بطرف وفق ما ميليه عليه مهنج حبثه‪ ،‬وما يتومس تقيقه من نتاجئ‪ ،‬مفن الفروع العلمية ما توقف‬
‫عند حدود البنية السطحية ور أأى يف معاجلهتا االجابة عن انشغاالته‪ ،‬ومهنا ما جتاوز ذكل يف البحث يف‬
‫كيفية انتظام بنتيه السطحية والعميقة من مثل لسانيات النص‪.‬‬
‫فالبحث يف العالقات ادلاخلية املتشابكة للنص دعا اىل رضورة دراسة النص دراسة لسانية تنشد‬
‫الكشف عن خصوصيات ا ألثر ا ألدب وتفاعهل ادلاخيل‪ ،‬وما يكتزنه النص من ابعاد فكرية يتوصل الهيا‬
‫عن طريق التأأويل‪.‬‬
‫وانكشفت احملاوالت الرامية اىل وضع مهناج علمي حيدد العالقات النحوية يف النص ويدرس الرتتيب‬
‫والتنظمي ادلاخيل مع التنبيه عىل أأمه الروابط اليت تسهل عىل املبدع والقارئ ادراك الامتسك ادلاخيل‬
‫للعمل ا ألدب عن مهنج علمي يضطلع هبذه املهام جممتعة عرف بلسانيات النص‪.‬‬
‫من مجةل ما عرف عىل هذا املهنج غلبة الطابع الرباغاميت عليه‪ ،‬اذ نراه يتسع للك العلوم ويس تعني‬
‫مبناجه لك العلوم يف معرض حبثه عن اتساق النصوص وانسجاهما‪ ،‬فال يرتدد الباحث يف ا ألخذ بأأس باب‬
‫أأدوات التحليل وألياته مما يراه اكشفا عن مواضع اتساق البىن النصية احملققة للامتسك النيص يف مس توى‬
‫بنيته السطحية‪ ،‬حيث يرصد أأدوات الاتساق وحيدد أأدوارها يف تسوية البنية النصية واكامتلها‪ ،‬مدراك‬
‫أأن اس تدارة النص واكامتهل ال حتقق منفردة للنص قوته االجنازية يف غياب أليات الانسجام و أأدوارها‬
‫التوضيحية اليت تعني متلقي النص عىل جودة الفهم وحسن التأأويل‪ ،‬ابستامثر اخملارج اللسانية املناس بة‬
‫للربهنة عىل حصة ما يدعيه من فهوم‪ ،‬انطالقا من معرفة الس ياقات املرافقة لعملييت الانتاج والتلقي عىل‬
‫السواء واعتدادا ابخللفية املعرفية للمتلقي مما يعينه عىل ملء الفراغات البنوية للوصول اىل البنية اللكية‬
‫للنص‪ .‬وبناء عىل ذكل معد علامء النص اىل حتليل ووصف بنية النص للوقوف عىل لك وظيفة لك‬
‫عنرص فهيا‪ ،‬ورصد العالقات الرابطة بيهنا‪.‬‬
‫اس تدعت لسانيات النص من مناجه التحليل ما هو علمي وما هو ابداعي حبيث مجعت بني مناجه‬
‫التحليل البنوية وا ألسلوبية والس مييائية والتداولية ونظرية القراءة والتلقي‪ ،‬لتعاجل النصوص بأأية صيغة‬
‫اكنت منطوقة أأو مكتوبة‪ ،‬وهو ما انهتى اليه " أأمحد مداس" حني أأكد صالحية اللسانيات للتحليل‪،‬‬
‫فهىي مهنج ميزج بني العلمية والشعرية وجيعل النص‪/‬اخلطاب حمور البحث‪ ،‬وحيقق منه الرساةل ودالةل‬
‫االخبار‪ ،‬كام يعني طريف التخاطب ومقامه ووضعه‪ ،‬ومينطق بعلميته ا ألفعال‪ ،‬ويصور عوامل اخلطاب‪،‬‬

‫‪141‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫ويصنع أأفقا جديدا حيول املدراكت السابقة اىل حقائق جديدة ويش تغل عىل كشف جامليات التقدمي‬
‫وقوانني الرصف والبناء ( لسانيات النص‪ ،‬حنو مهنج لتحليل اخلطاب الشعري‪ ،‬ص‪.)316:‬‬
‫توصل اليه علامء النص ممن نتاجئ جراء حتليل النصوص وفق رؤى علمية وفنية كبري ا ألثر عىل‬ ‫اكن ملا ز‬
‫ابيق الفروع املعرفية اليت تتخذ النص مادة حبهثا‪ ،‬حفصل دلى نقاد ا ألدب ممن تأأثروا هبذه احلقائق اقتناع‬
‫بأأنه ال ميكن تأأويل النص وتفسري يف غياب ادراك وحدته اللكية ابلكشف عن طبيعة العالقات الرابطة‬
‫بني أأجزائه اخملتلفة‪ ،.‬اضافة اىل معرفة الس ياق املصاحب للنص حبيث يؤدي اىل فهم جديد لبعض‬
‫العنارص اللغوية املس تخدمة‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫قامئة املصادر واملراجع‬

‫‪143‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫القرأآن الكرمي (رواية ورش عن انفع)‬


‫أأوال‪ :‬الكتب الرتاثية‬
‫• ابن جين ( أأبو الفتح عامثن‪ ،‬ت‪ 396 :‬هـ)‬
‫‪ .1‬اخلصائص‪ ،‬تقيق عبد احلكمي بن محمد‪ ،‬املكتبة التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪(،‬دط)‪(،‬دت)‬
‫• ابن طباطبا (محمد أأمحد العلوي‪،‬ت‪322:‬هـ)‬
‫‪ .2‬عيار الشعر‪ ،‬تقيق عباس الساتر‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2005 ،2‬‬
‫• ابن منظور‬
‫‪ .3‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر بريوت‪ ،‬لبنان‪( ،‬ط‪.1994 ،)3‬‬
‫• ابن هشام ا ألنصاري ‪،‬عبد هللا بن يوسف جامل ادلين (ت ‪761‬هـ)‬
‫‪ .4‬مغين اللبيب عن كتب ا ألعاريب‪ ،‬تقيق ‪ :‬محمد حمي ادلين عبد امحليد‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪.1991 ،‬‬
‫• اجلاحظ ( أأبو عامثن معرو بن حبر‪ ،‬ت‪ 255‬هـ)‬
‫‪ .5‬البيان والتبيني‪ ،‬تقيق عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.1998 ،7‬‬
‫• حازم القرطاجين ( أأبو احلسن)‬
‫‪ .6‬مهناج البلغاء ورساج ا ألدابء‪ ،‬تقيق‪ :‬محمد احلبيب ابن اخلوجة‪ ،‬ادلار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪.2008 ،3‬‬
‫• اجلرجاين ( أأبو بكر عبد القادربن عبد الرحامن بن محمد ت ‪471‬هـ)‬
‫‪ .7‬دالئل الاجعاز‪ ،‬قر أأه وعلق عليه‪ :‬أأبو فهر محمود محمد شاكر‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪ ،‬مرص‪( ،‬دط)‪.2000 ،‬‬
‫• زاهد عيل‬
‫‪ .8‬تبيني املعاين يف رشح ديوان ابن هاين ا ألندليس املغرب‪ ،‬مطبعة املعارف‪ ،‬مرص‪( ،‬دط)‪1356 ،‬ه‪.‬‬
‫• سيبويه ( أأبو برش معرو بن عامثن بن قنرب‪ ،‬ت‪ 180 :‬هـ)‬
‫‪ .9‬الكتاب‪ ،‬تقيق ‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني ابلقاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.1988 ،3‬‬
‫• املربد ( أأبو العباس محمد بن يزيد ت‪285‬هـ)‬
‫‪ .10‬املقتضب‪ ،‬تقيق‪ :‬محمد عبد اخلالق عضمية‪ ،‬اجمللس ا ألعىل للمنشورات االسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪.1994 ،‬‬
‫• مسمل ( أأبو احلسني بن احلجاج)‪،‬‬
‫‪ .11‬حصيح مسمل‪ ،‬كتاب فضائل السحابة‪ ،‬دار طيبة للنرش والتوزيع‪ ،‬الرايض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫اثنيا‪ :‬املعامج‪.‬‬
‫• ابن منظور( أأبو الفضل جامل ادلين محمد نب مكرم ت‪711‬ه)‬
‫‪ .12‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1994 ،3‬‬

‫‪144‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫• اخلليل ابن أأمحد الفراهيدي ( أأبو عبد الرمحن ت‪ 175‬هـ)‬


‫‪ .13‬كتاب العني‪ ،‬تقيق محمد اخملزويم‪ ،‬ابراهمي السامرايئ‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪( ،‬دط)‪( ،‬دت)‬
‫• مجمع اللغة العربية ابلقاهرة‬
‫‪ .14‬املعجم الوجزي‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون املطابع ا ألمريية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.1991 :‬‬
‫اثلثا‪ :‬املراجع احلديثة‬
‫• ابراهمي أأنيس‬
‫‪ .15‬من أأرسار اللغة‪ ،‬مكتبة ا ألجنلواملرصية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1966. ،3‬‬
‫• ابراهمي خليل‬
‫‪ .16‬ا ألسلوبية ونظرية النزص‪ ،‬املؤسسة العربية لدلراسات والنرش‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1997 ، 1‬‬
‫‪ .17‬يف نظرية ا ألدب وعمل النص‪ ،‬حبوث وقراءات‪ ،‬ادلار العربية للعلوم‪ ،‬انرشون‪ -‬منشورات الاختالف‪ ،‬اجلزائر‬
‫(دط)‪.2010 ،‬‬
‫• ابراهمي حصراوي‬
‫‪ .18‬حتليل اخلطاب ا ألدب‪ ،‬دراسة تطبيقية (رواية هجاد احملبني جلريج زيدان منوذجا ) دار الآفاق اجلزائر‪،‬ط‪،2‬‬
‫‪. 2003‬‬
‫• أأمحد املتولك‬
‫‪ .19‬أآفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي‪ ،‬منشورات لكية الآداب والعلوم االنسانية ابلرابط‪ ،‬اململكة املغربية‪،‬‬
‫ط‪.1993 ،1‬‬
‫‪ .20‬قضااي اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية "بنية اخلطاب من امجلةل اىل النص"‪ ،‬دار ا ألمان للنرش والتوزيع‬
‫الرابط‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬
‫• أأمحد ضيف‬
‫‪ .21‬بالغة العرب يف ا ألندلس‪ ،‬دار املعارف للطباعة والنرش‪ ،‬سوسة‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪.1998 ،2‬‬
‫• أأمحد عفيفي‬
‫‪ .22‬حنو النص ‪ ،‬اجتاه جديد يف ادلرس النحوي‪ ،‬مكتبة زهراء الرشق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬
‫• أأمحد محمد عبد الرايض‬
‫‪ .23‬حنو النص بني ا ألصاةل واحلداثة‪ ،‬مكتبة الثقافة ادلينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫• ا ألزهر الزاند‬
‫‪ .24‬نس يج النص‪ ،‬حبث يف ما يكون به امللفوظ نصا‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.1993 ،1‬‬
‫• بشري ابرير‬
‫‪ .25‬تعلميية النصوص بني النظرية والتطبيق‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬اربد‪ ،‬اململكة ا ألردنية‪ ،‬ط‪. 2007 ،1‬‬
‫• بندر الهذال ويعقوب الشوردي‬
‫‪145‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .26‬الرباكس اميتيكية ورحةل البحث عن املعىن‪ ،‬كتاب العربية املفاهمي (‪ ،)1‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫• متام ز‬
‫حسان‬
‫‪ .27‬اجهتادات لغوية‪ ،‬عمل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬
‫‪ .28‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط ‪.1994‬‬
‫• مجعان بن عبد الكرمي‬
‫‪ .29‬اشاكالت النص‪ ،‬دراسة لسانية نصية‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫• مجيل محداوي‬
‫‪ .30‬حمارضات يف لسانيات النص‪ ،‬ا أللوكة‪ .‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫‪ .31‬من احلجاج اىل البالغة اجلديدة‪ ،‬أأفريقيا للنرش‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.2014 ،‬‬
‫• حسام أأمحد فرج‬
‫‪ .32‬نظرية عمل النص‪ ،‬رؤية مهنجية يف بناء النص النرثي‪ ،‬مكتبة الآداب‪ ،‬ط‪.2009 ،2‬‬
‫• حسن حامئز‬
‫‪ .33‬النص ا ألدب بني القراءة والتواصل‪ ،‬لسانيات النص وحتليل اخلطاب‪ ،‬ج‪ ،2‬دار كنوز املعرفة للنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬عامن‪.2013 ،‬‬
‫• حنان سعادات عودة‬
‫‪ .34‬رسائل ابن حزم‪ ،‬دراسة يف رساليت"طوق امحلامة" و"يف مداواة النفوس" دراسة يف حنو النص‪.‬‬
‫• خوةل طالب االبراهميي‬
‫‪ .35‬مبادئ يف اللسانيات‪ ،‬دار القصبة للنرش‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪. 2006 ،2‬‬
‫• زكراي إب راهيم‬
‫‪ .36‬مشلكة البنيية‪ ،‬مكتبة مرص‪( ،‬دط)‪( ،‬دت)‪.‬‬
‫‪ .37‬عمل لغة النص‪ ،‬املفاهمي والاجتاهات‪ ،‬الرشكة املرصية العاملية للنرش‪ ،‬لوجنامن‪ ،‬مكتبة لبنان انرشون‪،‬‬
‫ط‪.1،1997‬‬
‫• سعيد حسن حبريي‬
‫‪ .38‬عمل لغة النص"املفاهمي والاجتاهات"‪ ،‬الرشكة املرصية العاملية للنرش‪ ،‬لوجناكن‪ ،‬الاقاهرة‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬‬
‫انرشون‪ ،‬ط‪.1997 ،1‬‬
‫• سعيد يقطني‬
‫‪ .39‬حتليل اخلطاب الروايئ (الزمن‪ ،‬الرسد‪ ،‬التبئري ) املركز الثقايف العرب‪،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.1997 ،3‬‬
‫‪ .40‬انفتاح النص الروايئ (النص والس ياق)‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬ادلار البيضاء املغرب‪ ،‬ط‪.2001 ،2‬‬

‫صاحل بلعيد‬ ‫•‬

‫‪146‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .41‬الرتاكيب النحوية وس ياقاهتا اخملتلفة عند االمام عبد القاهر اجلرجاين‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.1994‬‬
‫• صبحي ابراهمي الفقي‬
‫‪ .42‬عمل اللغة النيص بني النظرية والتطبيق‪ "،‬دراسة تطبيقية عىل الصور املكية"‪ ،‬دار قباء للطباعة والنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2000 ،1‬‬
‫• صالح فضل‬
‫‪ .43‬بالغة اخلطاب وعمل النص‪ ،‬مكتبة لبنان انرشون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1996 ،1‬‬
‫• عادل منزاع‬
‫‪ .44‬حنو النص اجتاه جديد يف دراسة النصوص اللغوية‪ ،‬مرص العربية للنرش والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2011‬‬
‫• عبد السالم مسدي‬
‫‪ .45‬اللسانيات و أأسسها املعرفية‪ ،‬املكتبة الفلسفية‪ ،‬ادلار التونس ية للنرش‪،‬تون‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،‬طبعة ‪.1986‬‬
‫• عبد العزيز العيادي‬
‫‪ .46‬ميشال فوكو‪ ،‬املعرفة والسلطة‪ ،‬املؤسسة اجلامعية لدلراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1994 ،1‬‬
‫• عبد الفتاح أأمحد يوسف‬
‫‪ .47‬لسانيات اخلطاب و أأنساق الثقافة‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬اجلزائر العامصة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫• عبد املكل مراتض‬
‫‪ .48‬نظرية النص ا ألدب‪ ،‬دار هومة للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪( ،‬دط)‪.2007 ،‬‬
‫• عبد النارص حسن محمد‬
‫‪ .49‬نظرية التواصل وقراءة النص ا ألدب‪ ،‬املكتب املرصي لتوزيع املطبوعات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪( ،‬دط)‪.1999 ،‬‬
‫• عبد الهادي بن ظافر الشهري‬
‫‪ .50‬اسرتاتيجيات اخلطاب"مقاربة لغوية تداولية" دار الكتب الوطنية‪ ،‬بنغازي‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫• عزة ش بل محمد‬
‫‪ .51‬عمل لغة النص‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة الآداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫• معر أأواكن‬
‫‪ .52‬ذلة النص أأو مغامرة الكتابة دلى ابرت‪ ،‬افريقيا الرشق‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪( ،‬دط)‪.1996 ،‬‬
‫• محمد أأمحد خنةل‬
‫‪ .53‬أآفاق جديدة يف البحث اللغوي املعارص‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‪( ،‬دط)‪.2002 ،‬‬
‫• محمد اجلرييس‬
‫‪147‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .54‬االيقاع يف الشعر النسوي‪ ،‬مكتبة زين احلقوقية وا ألدبية ش‪.‬م‪.‬م‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫• محمد ا ألخرض الصبيحي‬
‫‪ .55‬مدخل اىل عمل النص وجماالت تطبيقه‪ ،‬ادلار العربية للعلوم انرشون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫• محمد الشاوش‬
‫‪ .56‬أأصول حتليل اخلطاب‪ ،‬يف النظرية النحوية العربية‪ ،‬تأأسيس حنو النص‪ ،‬املؤسسة العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫ط‪.2001 ،1‬‬
‫• محمد خطاب‬
‫‪ .57‬لسانيات النص‪" ،‬مدخل النسجام اخلطاب"‪ ،‬املركز التقايف العرب‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.2006 ،2‬‬
‫• محمد عبد هللا الغدايم‬
‫‪ .58‬اخلطيئة والتفكري‪ ،‬اندي ا ألدب الثقايف‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪.1985 ،1‬‬
‫• محمود عيل عبد املعطي‬
‫‪ .59‬موس يقا الشعر"النظرية وأآفاق التطبيق"‪ ،‬ديوان الرشيف الريض أأمنوذجا‪ ،‬اندي مكة الثقايف ا ألدب‪ ،‬مكة‬
‫املكرمة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪.2013 ،1‬‬
‫• محمد عبدو فلفل‬
‫‪ .60‬يف التشكيل اللغوي للشعر مقارابت يف النظرية والتطبيق‪ ،‬منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب‪ ،‬وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق‪.2013 ،‬‬
‫• محمد مساعدي‬
‫‪ .61‬اترخي تلقي الشعر العرب القدمي‪ ALNAYA ،‬لدلراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪ ،‬ط‪.2014 ،1‬‬
‫• محمد مفتاح‬
‫‪ .62‬حتليل اخلطاب الشعري "اسرتاتيجية التناص"‪ ،‬املركز الثقايف املغرب‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط ‪.1985 ،4‬‬
‫• حيي حسن معر‬
‫‪ .63‬كتاابت هيلك بني املصداقية واملوضوعية‪ ،‬العرب للنرش والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2019 ،1‬‬
‫• يوسف نور عوض‬
‫‪ .64‬نظرية النقد ا ألدب احلديث‪ ،‬دار ا ألمني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪(،‬دط)‪.1994 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬املراجع املرتمجة‬
‫• أأمربتو ايكو‬
‫‪ .65‬التأأويل بني الس اميئيات والتفكيكية‪ ،‬ترمجة وتقدمي‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬ادلار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬ط‪.2004 ،2‬‬

‫‪148‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .66‬القارئ يف احلاكية التعاضد التأأوييل يف النصوص احلاكئية‪ ،‬تر‪ /‬أأنطوان أأبو زيد‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬ادلار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.1996 ،1‬‬
‫• تون‪ .‬أأ‪ .‬فان ديك‬
‫‪ .67‬عمل النص مدخل متداخل الاختصاصات‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬دار القاهرة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ .68‬النص بىن ووظائف مدخل أأويل اىل عمل النص‪،‬تر‪ /‬منذر عيايش‪،‬مضن كتاب العلامنية وعمل النص‪،‬املركز‬
‫الثقايف ا لعرب‪ ،‬بريوت‪.2014 ،‬‬
‫• جان كوهن‬
‫‪ .69‬بنية اللغة الشعرية‪ ،‬تر‪ /‬محمد الويل ومحمد العمري‪ ،‬مكتبة ا ألدب املغرب‪ ،‬دار توبقال للنرش‪ ،‬ادلار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬ط‪.1986 ،1‬‬
‫• جورج يول‬
‫‪ .70‬التداولية‪ ،‬تر‪ /‬قيص العتاب‪ ،‬ادلار العربية للعلوم انرشون‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ .71‬حتليل اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬محمد لطفي الزليطين ومنري الرتييك‪ ،‬النرش العلمي واملطابع‪ ،‬جامعة املكل سعود‪ ،‬اململكة‬
‫العربية السعودية‪( ،‬دط)‪.1997 ،‬‬
‫• دومنيك مانغومو‬
‫‪ .72‬املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬محمد حيياتن‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫• روبرت أالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر‬
‫‪ .73‬مدخل اىل عمل لغة النص‪ ،‬تر‪ /‬الهام أأبو غزاةل و عيل خليل محد‪ ،‬مكتبة دار الكتاب‪.1993 ،‬‬
‫حسان‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2007 ،2‬‬ ‫‪ .74‬النص واخلطاب واالجراء‪ ،‬تر‪ /‬متام ز‬
‫• روالن ابرت‬
‫‪ .75‬التحليل النيص‪ "،‬تطبيقات عىل نصوص من التوراة والاجنيل"‪ ،‬تر‪ /‬عبد الكبري الرشقاوي‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة‪ ،‬ادلار البيضاء‪.2001 ،‬‬
‫‪ .76‬ذلة النص‪ ،‬تر‪ /‬فؤاد صفا واحلسني س بحان‪ ،‬دار توبقال للنرش‪ ،‬ادلار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪.1988 ،1‬‬
‫• ساره ميلز‬
‫‪ .77‬اخلطاب‪ ،‬تر‪ /‬يوسف بغول‪ ،‬منشورات خمرب الرتمجة يف ا ألدب واللسانيات جامعة منتوري قس نطينة‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪. 2000‬‬

‫• فردينان دي سوسري‬
‫‪149‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .78‬دروس يف ا أللسنية العامة‪ ،‬تعريب‪ :‬صاحل القرمادي‪ ،‬محمد الشاوش‪ ،‬محمد جعينة‪ ،‬ادلار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‬
‫العامصة‪ ،‬تونس‪.1985 ،‬‬
‫• فولفجاجن هاينه مان‪ ،‬ديرت فهيقجن‬
‫‪ .79‬مدخل اىل عمل لغة النص‪ ،‬تر‪ /‬سعيد حسن حبريي‪ ،‬مكتبة زهراء الرشق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫• الكوس برينكر‬
‫‪ .80‬التحليل اللغوي للنص‪" ،‬مدخل اىل املفاهمي ا ألساس ية واملناجه"‪ ،‬مؤسسة اخملتار للنرش والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪.2010 ،2‬‬
‫• هانس روبريت ايوس‬
‫‪ .81‬جاملية التلقي من أأجل تأأويل جديد للنص ا ألدب‪ ،‬تر‪ /‬رش يد بنحدو‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات‬
‫الاختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.1916 ،1‬‬
‫‪ .82‬حنو جاملية للتلقي‪ "،‬اترخي ا ألدب حتد لنظرية ا ألدب"‪ ،‬تر‪ /‬محمد مساعدي‪ ،‬النااي لدلراسات والنرش‪ ،‬بريوت‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪.2014 ،1‬‬
‫خامسا‪ :‬اجملالت وادلورايت‬
‫• اسامعيل صالح‬
‫‪ .83‬نظرية جون سريل يف القصدية‪" ،‬دراسة يف فلسفة العقل"‪ ،‬حوليات الآداب والعلوم الاجامتعية‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫احلولية ‪ ،27‬الرساةل‪.2007 ،262 :‬‬
‫• محيد محلداين‪.‬‬
‫‪ .84‬التناص وانتاجية املعاين‪ ،‬عالمات يف النقد‪ ،‬النادي ا ألدب الثقايف جبدة‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع‪،2001 ،40‬‬
‫• سامح رواشدة‬
‫‪ .85‬التوازي يف شعر يوسف الصائغ و أأثره يف االيقاع وادلالةل‪ ،‬جمةل أأحباث الريموك‪ ،‬ع‪.1998 ،2‬‬
‫• سعيد حسن حبريي‬
‫‪ .86‬اجتاهات لغوية معارصة‪ ،‬من وظائف التحليل النيص‪ ،‬عالمات يف النقد‪ ،‬مج‪ ،10‬ج ‪.2000 ،38‬‬
‫‪ .87‬النص نوعه ومنطه‪ ،‬عالمات يف النقد‪ ،‬النادي ا ألدب الثقايف جبدة‪ ،‬مج‪ ،13‬ع‪2004 ،51 :‬‬
‫• سعد مصلوح‬
‫‪ .88‬حنو أأجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" جمةل فصول‪،‬مج ‪ ،10‬ع ‪1‬و‪.1991. ،2‬‬
‫• عليك اكيسة‬
‫‪ .89‬بنية احملادثة ومكوانهتا ا ألساس ية‪ ،‬جمةل‪ ،‬املامرسات اللغوية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تزيي وزو‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫مج‪ ،7:‬ع‪.3 :‬‬
‫• محمد عبد املطلب‬
‫‪150‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫‪ .90‬النص املفتوح‪ ،‬النص املغلق‪ ،‬املوقف ا ألدب‪ ،‬احتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬ع‪ ،398 :‬حزيران ‪. 2004‬‬
‫• محمد عزام‬
‫‪ .91‬النص املفتوح يف املناجه النقدية‪ ،‬املوقف ا ألدب‪ ،‬احتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬سوراي‪ ،‬ع‪.2004 ،398 :‬‬
‫• مصطف غلفان‬
‫‪ .92‬حتليل املكون اللغوي للنص ا ألدب بني اللسانيات ومناجه التحليل ا ألدب‪ ،‬أأعامل ندوة مكوانت النص ا ألدب‪،‬‬
‫جامعة احلسن الثاين‪ ،‬ادلار البيضاء‪.1988 ،‬‬
‫• نعامن بوقرة‬
‫‪ .93‬أأضواء عىل نظرية حتليل اخلطاب يف الفكر اللساين احلديث‪ ،‬جمةل العلوم الانسانية‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬ع‪2017 ،29‬‬
‫• يوسف نور عوض‬
‫‪ .94‬نظرية النقد ادلب احلديث‪ ،‬دار ا ألمني‪ ،‬القاهرة‪1994 ،‬‬
‫• وهب رومية‬
‫‪ .95‬التشكيل اللغوي يف شعر ا ألمري عبد القادر اجلزائري‪ ،‬الرتاث العرب‪ ،‬جمةل فصلية حممكة‪ ،‬احتاد الكتاب‬
‫العرب بدمشق‪ ،2006 ،‬ع‪101:‬‬

‫سادسا‪ :‬املراجع ابللغة ا ألجنبية‬


‫‪(E) Benvenite‬‬
‫‪94 . Problème de linguistiquegénérale, édit : Gallimard, 1966,‬‬
‫‪Christian Baylon et Xavier Mignot,‬‬
‫‪95. La Communication, 2eme edition, Editio Nathan,France, 1994‬‬
‫‪J.E. Searle‬‬
‫‪96. Intentionality : an essay in the philosophy of mind. Cambridge, Cambridge University press,‬‬
‫‪1983‬‬
‫‪Kerbrat- Orecchioni ,C,‬‬
‫‪97. La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996‬‬

‫سابعا‪ :‬املواقع الالكرتونية‬


‫• ماريون أأوين‬
‫‪ .98‬االتصال والتفاعل‪ ،‬موقع‪www.pdffactory.com :‬‬

‫‪151‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫فهرس ادلروس‬

‫‪152‬‬
‫د‪ .‬صويلح قايش‬ ‫مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص‬

‫مقدمة ‪08 .........06................................................................................................................... .......................................................................... ..........................................................................‬‬


‫‪ .1‬مفهوم لسانيات النص؛ من امجلةل اىل النص‪21 ...... .09 .................................................................................................................‬‬
‫‪ .2‬لسانيات النص‪ :‬النشأأة والتطور‪31 .......22 ........ ..................................................................... ..........................................................................‬‬
‫لخرى‪.43..........32 ............................... .............................................................................................. :‬‬ ‫‪ .3‬تقاطع لسانيات النص والعلوم ا أ‬
‫‪ .4‬بذور النص يف الرتاث اللغوي‪48 ......44 ................................................................................... ..........................................................................:‬‬
‫‪ .5‬مفاهمي أأساس ية يف لسانيات النص‪. 53 49 .............................................................................................. ................................................:‬‬
‫‪..........‬‬

‫‪. 66‬‬ ‫‪ .6‬النص وتعريفاته‪54 ................................................................................................................................ .............................................................................:‬‬


‫‪...........‬‬

‫‪ .7‬اشاكلية تصنيف النصوص ‪75 67 .............................................................................................................................. ..........................:01‬‬


‫‪............‬‬

‫‪ .8‬اشاكلية تصنيف النصوص ‪79 76 ........................................................................................................................... ..............................:02‬‬


‫‪..........‬‬

‫‪ .9‬احملادثة وحتليلها‪92 80 ............................................................................................................................................................. ................................................ :‬‬


‫‪.........‬‬

‫‪ .10‬النصية ومعايريها‪95.........93 ................................................................................................................................................... ................................................ :‬‬


‫‪ .11‬الاتساق والانسجام‪112 96 ........................................................................................................................................................ ...............................:‬‬
‫‪.......‬‬

‫‪ .12‬القصد والقبول‪120........113 ..................................................................................................................................................... ................................................ :‬‬


‫‪ .13‬االعالم واملوقف والتناص‪127 121 .............................................................................................................. ................................................ :‬‬
‫‪.........‬‬

‫‪ .14‬حتليل نص منوذيج‪140 128 ...................................................................................................................................... ................................................ :‬‬


‫‪.......‬‬

‫اخلامتة‪142 141 .................................................................................................................................................................................................................... ................................................‬‬


‫‪.........‬‬

‫قامئة املصادر واملراجع‪151........143 ........................................................................................................................................................................................................... ......‬‬


‫فهرس ادلروس‪153.........152 ................................................................................................................................................................................... ................................................‬‬

‫‪153‬‬

You might also like