Professional Documents
Culture Documents
مطبوعة بيداغوجية في لسانيات النص، د.قاشي
مطبوعة بيداغوجية في لسانيات النص، د.قاشي
2
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
3
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
مقــــدمــة
5
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
مقدمة:
بسم هللا والصالة والسالم عىل رسول هللا وبعد:
يبدو أأن تطور املفاهمي والتصورات خاضع ملبدا "اس تدراك الالحق ما فات السابق" ،ذلكل ما ينفك
عمل أأن يس توي عىل سوقه حىت يس تدركه نشاط علمي أآخر من جنسه يوسع جماالت حبثه ويعمق
تصوراته وفق رؤى ومناجه واسرتاتيجيات يتومس فهيا أأحصابه القدرة عىل االجابة عىل ما شلك عىل
سابقهيم .فينشأأ بذكل عمل جديد ،وان اشرتك مع سابقه يف مادة البحث فانه خيتلف ال حماةل يف مهنج
البحث ومن مث ،خيتلف يف النتاجئ وا ألهداف.
لعل ما انهتى اليه دارس اللسانيات أأهنا يف أأبسط تعريفها ،كام ورد يف حمارضات "دي سوسري"،
"ادلراسة العلمية للساين البرشي يف ذاته و ألجل ذاته" ،حبيث ينظر فهيا اىل طبيعة اللغة بوصفها
"شالك الجوهرا" (.)Une forme et non une substance
غري أأن التطور احلاصل يف كثري من املفاهمي اللسانية والنقدية احلديثة غداة حتليل اخلطاابت عىل
اختالف أأجناسها أأدى اىل ظهور اجتاه لساين جديد عرف بـ"لسانيات النص"( )Linguistique textuelle
يسع اىل حتليل البىن النصية واكتشاف العالقات البنوية املسامهة يف اتساق النصوص وانسجاهما،
ومن مث الكشف عن أأغراضها التداولية انطالقا من وقائع لغوية و أأخرى غري لغوية اليت يتسع لها النص،
طاملا أأن "القراءة الانتاجية ال ختضع ملقروئية النص ،بل حتاول تفكيك أأنساقه املكونة لنس يجه،
والكشف عن اش تغاهل ادلاليل املتواصل"()1
تنظر اللسانيات النصية اىل النص من حيث هو بنية مامتسكة ذات نسق داخيل تربط بني عنارصه
عالقات منطقية وحنوية وداللية( ،عالقات أأفقية ومعودية) وهو ما وفر لهذه البنية نوعا من الثبات مما
جيعل دراس هتا دراسة علمية أأمرا ممكنا.
ان خصيصة النصوص الشمولية يه اليت حمتت عىل مهنج التحليل اللساين النيص أأن يس تدعي من
أليات ادلراسة ما يتوافق مع طبيعة البنية النصية ومن مث الوقوف عىل ش ىت مظاهر الاتساق
والانسجام فهيا ،أأي أأن مهنج لسانيات النص يصف النظام ادلاخيل خملتلف أأنواع النصوص وطرائق
بناهئا ،ابالضافة اىل الكشف عىل خمتلف القوانني واملعايري اليت ينتظم هبا النص ،ومل يقف عند هذا احلد
بل جتاوزه اىل حتقيق غرض أأمشل يمتثل يف حتديد البنيات اجملردة خملتلف أأنواع النصوص ،ويكون ذكل
-1روالن ابرت ،التحليل النصي ،تطبيقات على نصوص من التوراة واالجنيل ،ترمجة وتقدمي :عبد الكبري الشرقاوي ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء،
، ،2001ص.6 :
6
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
بدراسة لك نوع ورصد ما فيه من عنارص بنائية وشلكية قارة ،وهو ما يفيض اىل تشكيل نظرية عامة
تعاجل يف ضوهئا خمتلف أأنواع النصوص (.)1
اذن ،تنام البحث اللساين يف أأخرايت القرن العرشين ،فأأحدث ظهور لسانيات النص ثورة يف
أأمناط التحليل اللساين اذلي جتاوز موضوع حتليل البنوي(امجلةل) اذلي ارتضاه البنويون معتقدين أأنه
أأقىص ما ميكن أأن يشلك جمال اش تغال اللسانيات احلديثة.
جاءت مفردات املقرر جمسدة لهذا املسع ،اذ ان انتظاهما يف نسق تراتيب فيه تأأكيد ذلكل الانتقال
السلس من امجلةل اىل النص؛ حيث ضبطت احملارضات ا ألربع ا ألوىل املفاهمي املتعلقة بلسانيات النص،
اذ الانتقال من حنو امجلةل اىل حنو النص ،وهذا من شأأنه أأن يعزز التساؤل عن ظروف النشأأة والتطور
لهذا النشاط العلمي اجلديد ،لتجيب احملارضة الرابعة عن هذا الانشغال؛ فلسانيات النص ليست
ابجلدة املطلقة عىل غري مثال سابق ،بقدر ما يه تطوير للبحوث الرتاثية وتفعيل لليات البحث .و أأما
احملارضات العرش املتبقية فعاجلت مفاهمي أأساس ية يف لسانيات النص ابماكهنا أأن تتيح للطالب اماكانت
أأوفر للتعرف عىل هذا النشاط ومتيزي موضوعاته وضبط حدوده ،يف ظل اطالعه عىل ذكل التداخل
املفهويم اذلي مشل مصطلح النص ،اضافة اىل اشاكالت تصنيفه ،فالتطرق اىل معايري النصية ،اليت يه
من ا ألمهية مباكن حبيث لو سقط معيار واحد مهنا فقد النص نصيته.
يالحظ أأن موضوعات هذا املقياس اذلي يدرج مضن الوحدة التعلميية ا ألساس ية ،قد اختريت
بعناية فائقة ،حبيث يؤسس تدرهجا وتسلسلها لتنظمي خربات التعامل مع النصوص قراءة وانتاجا ،سعيا
لتكوين ملمح دلى الطالب زمتزيه هذه املؤرشات:
.1تعميق املعارف اللسانية وتفعيلها ،حبيث يصري الطالب قادرا عىل التواصل والتبليغ.
.2متكني الطالب من التعامل مع النصوص ،حبيث يصري قادرا عىل حتليلها ونقدها.
.3متثل املعارف النظرية وتطبيقها يف املامرسات النقدية للنصوص.
.4اكساب الطالب القدرة عىل البحث يف جمال ادلراسات اللسانية النصية قصد توس يع أآفاقه.
.5اكساب الطالب أليات البحث اللساين اليت متكنه من املامرسات االجرائية يف خمتلف البحوث.
.6اكتساب املفاهمي النظرية واالجراءات التطبيقية قصد تطوير أليات التحليل اللساين.
اذ يتوقع ابستيفاء مفردات املقرر أأن يسهم ذكل يف رمس صورة متاكمةل عن هذا النشاط (لسانيات
النص) من حيث هو ممارسة نقدية ،كام يوحض مالمح الطالب الباحث اذلي ال يُلقزن املعارف دون
متحيص ،وال يس تقبل النصوص دون أأن ميزي رديهئا من جيدها.
-1ينظر :حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،الدار العربية للعلوم انشرون ،لبنان ،ط ،2008 ،1ص.10 :
7
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يف مغرة تطور مناجه التحليل اللساين يف لك من أأوراب و أأمرياك وما صاحب ذكل من توسع يف أآفاق
ادلراسات وتعدد مناجه البحث وموضوعاته ،ظلت البحوث العربية يف منأأى عن هذا التحول ،اذ ما زال
الباحثون املتأأخرون يهتيبون لك أأس باب التجديد عىل الرمغ من أأن الرتاث العرب القدمي يزخر ابشارات
ودراسات ذات أأبعاد نصية تؤكد معق احساس املتقدمني مهنم خبصيصة الظاهرة النصية.
لنئ اكنت هذه االشارات مبثوثة هنا وهناك ،فاهنا ال حتتاج سوى النتظام مهنجي يأأخذ مهنا ويدع،
ويضيف الهيا بقدر ،يرتهبا أأو يعيد ترتيهبا وفق ما انهتت اليه علوم اللغة من نظرايت ومناجه حتليل،
الرث اذلي ظل ردحا غري يسري من الزمن حبيس كتب الرتاث اليت تبدو فتفك ربقة هذا الرتاث اللغوي ز
أأجساما غريبة يف نظر أأغلب ادلارسني احملدثني.
ان هذا الانعتاق س يخرج ال حماةل الرتاث اللغوي العرب يف ثوب جديد وحةل أأنيقة تس هتوي ادلارسني
من غري العرب قبل العرب.
8
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
)مل حيز هذا املصطلح على اتفاق منظريه وال انقليه ،فهو عند "هارفج" (" " Textologie" )Harvegعلم النص"وتبعه يف ذلك فان ديك ،وتقبله سعيد
القبول احلسن ،أما "درسلري" فقد استخدم للداللة على هذا العلم مصطلح "علم داللة النص" و"حنو النص" " "Text Grammatikوالتداولية النصية ،ويقدم
"كالوس برينكر" "linguistis chetextanalyseأي التحليل اللغوي للنص ،يف حني يرى "سونسكي"" " Swinskieأن املصطلح املتعلق ابلعلم الذي
جيمع كل البحوث املتعلقة ابلنص هو"لسانيات النص" " "Texte Linguistiqueوالشأن ذاته ابلنسبة للمرتمجني إذ املصطالح ذاته قوبل برتمجات عدة منها:
علم لغة النص ،علم اللغة النصي ،حنو النص ،األلسنة النصية ،علم النص ،لسانيات اخلطاب ،إال أن أنسبها هو لسانيات النص.
-1سعيد حسن حبريي ،اجتاهات لغوية معاصرة ،من وظائف التحليل النصي ،عالمات يف النقد ،مج ،10 :ج ،2000 ،38 :ص.139 :
-2األزهر الزاند ،نسيج النص ،حبث يف ما يكون به امللفوظ نصا ،املركز الثقايف العريب ،بريوت ،لبنان ،ط ،1993 ،1ص.18 :
9
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ب .امجلةل:
يقف املتتبع لتعريفات امجلةل عىل ذكل التباين الواحض بني اللغويني يف حتديد مفاهميها وضبط حدودها
ومرد ذكل يف الغالب اىل اختالف املنطلقات وتعدد املرتكزات" ،فبعضها يرتكز عىل منطلق داليل
حمض ،وبعضها يرتكز عىل منطلق شلكي حمض ،وبعضها الثالث يعمتد عىل املزج بني ادلالةل والشلك(.)1
ذكل أأن ادلراسات اللسانية تأأسست عىل مفهوم امجلةل اذلي يمتزي ابلتنوع والاختالف حىت انه توجد
تعريفات عديدة للجمةل عند العرب وغريمه.
مفهوم امجلةل عند العلامء العرب:
ان املتصفح لكتب الرتاث اللغوي العرب يدرك أأن امجلةل يف النحو العرب القدمي تداخلت مع الالكم،
يسوون بني امجلةل والالكم من مثل اىل احلد اذلي بدت فيه مرادفة هل ،وهو ما جعل بعض علامء العربية ُّ
ابن الرساج (ت 316هـ) يف كتابه "ا ألصول يف النحو" اذلي مل يفرق بني امجلةل والالكم وامنا اعتربهام
مرتادفني ،عىل الرمغ من تأأكيده عىل أأن امجلةل يه النواة الرتكيبية سواء أأاكنت امسية أأم فعلية انجس ًا بذكل
عىل منوال املربد (ت285هـ) يف"املقتضب"اذلي اس تخدم مصطلح الالكم وامجلةل مرتادفني ،وتبعه ابن
جين(ت 396هـ) اذلي اشرتط فهيا االفادة ،فذكر أأثناء متيزيه بني الالكم والقول" أأن الالكم هو امجلل
املس تقةل بأأنفسها ،الغانية عن غريها ،و أأن القول ال يس تحق هذه الصفة( ،)2وسار عىل خطاه عبد القاهر
املفصل ،وحنا حنوهام ابن يعيش (ت 643هـ) يف رشح اجلرجاين (ت471هـ) والزخمرشي (ت538هـ) يف ز
مفصل الزخمرشي. ز
وظل ا ألمر عىل ما هو عليه ردحا غري يسري من الزمن اىل أأن جاء جامل ادلين بن هشام ا ألنصاري
(ت761هـ) ،اذلي مزي بني امجلةل والالكم ،فرد عىل من يدعي ترادفهام؛ يف حديثه عن امجلةل بقوهل":
والصواب أأهنا أأمع منه ،اذ رشطه االفادة ،خبالفها ،ولهذا تسمعهم يقولون :مجةل الصةل ،ومجةل الرشط،
ومجةل اجلواب ،ولك ذكل ليس مفيد ًا ،وليس بالكم"(.)3
لعل أأول من اس تعمل مصطلح"امجلةل"يف ادلرس اللغوي العرب القدمي ،هو أأبو العباس املربد
(ت285:هـ) ،وذكل يف معرض حديثه عن الفاعل اذ يقول":وامنا اكن الفاعل رفع ًا ألنه هو والفعل مجةل
-1أمحد عفيفي ،حنو النص ،اجتاه جديد يف الدرس النحوي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ،مصر ،ط ،2001 ،1ص.18 :
-2ابن جين (أبو الفتح عثمان ،ت 396 :هـ) ،تقيق :عبد احلكيم بن حممد ،املكتبة التوفيقية ،القاهرة ،مصر( ،دط)( ،دت) ،ج ،1ص.33 :
-3ابن هشام األنصاري ،عبد هللا بن يوسف مجال الدين (ت 761هـ) ،مغين اللبيب عن كتب األعاريب ،تقيق :حممد حمي الدين عبد احلميد ،املكتبة
العصرية ،صيدا ،بريوت ،1991 ،ج ،2ص. 431 :
10
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
حيسن علهيا السكوت ،وجتب هبا الفائدة للمخاطب" ( ،)1ويه عند سيبويه (ت 180هـ) "االس ناد" ،اذ
عقد يف بداية كتابه "الكتاب" ابب املس ند واملس ند اليه ،وفيه قال :وهام ما ال يغْىن واحد مهنام عن
الآخر ،وال جيد املتلكم منه بدا ،مفن ذكل الامس واملبين عليه (يعين اخلرب) ( ،)2غري أأن هذه االفادة قد
يتسع لها الالكم كام امجلةل.
واتفق املتأأخرون عىل أأن امجلةل يه موضوع ادلرس النحوي" ،ويه أأقل قدرا من الالكم يفيد السامع
معىن مس تق ًال بنفسه سواء تركب هذا القدر من لكمة واحدة أأو أأكرث"( .)3معىن هذا أأن امجلةل وحدة
لغوية أأقل من الالكم بغرض افادة السامع معىن من املعاين يوجد فهيا وميزيها عن غريها من امجلل
ا ألخرى.
مفهوم امجلةل عند الغرب
يرجـع كثري مـن ادلارسني مقـوةل " امجلـةل يه أأكرب وحـدة قابةل للوصف النحـوي" اىل "بلـومفيــــدل"
( )Bloomfieldاذلي أأع زد امجلةل احلد ا ألقىص اذلي ينطلق منه اللسانيون ،فقد عرفها بأأهنا" شلك لغوي
مس تقل ،ال يتضمنه من خالل أأي تركيب حنوي شلك لغوي أأكرب منه"()4ويه عند (هاريس) " :منط
تركييب ذو مكوانت شلكية خاصة"(.)5
امجلةل يف النحو التوليدي التحوييل:
رائد هذا املذهب اللساين ا ألمرييك تشومسيك اذلي ر أأى املناجه البنوية السابقة (منذ سوسري ابلنس بة
ألوراب وبلومفيدل ابلنس بة ألمرياك) مناجه وصفي ًة بُنِي ْت عىل مقاييس دقيقة من أأجل وصف أليات اللسان
وصف ًا علمي ًا دقيق ًا ،وحققت من هذا اجلانب نتاجئ مقبوةل مقارنة ابلنحو التقليدي اذلي اكن يعمتد عىل
املنطق ا ألرسطي ،غري أأن هذه املناجه يف ر أأي تشومسيك مل تعط أأمهية للتفسري والتعليل؛ فمل تفرس
كيفية ادراك الالكم واحداثه وذلكل فهىي من هذه الناحية فاشةل ،وخباصة يف دراس هتا للمس توى
الرتكييب ،ذلكل دعا تشومسيك اىل مناجه جديدة لتحليل هذا املس توى خاصة ،واس تطاع بذكل أأن
حيول املهنج اللساين من السلوكية اىل اذلهنية و أأن جيعل الهدف من النظرية اللسانية التفسري والتحليل ز
أأكرث من الوصف والتقرير ،حني ركز عىل ماميكن أأن يفعهل املتلكمون ابللغة ال عىل ما يقولونه.
-1املربد (أبو العباس حممد بن يزيد (ت285 :هـ) ،املقتضب ،تقيق :حممد عبد اخلالق عضيمة ،اجمللس األعلى للمنشورات اإلسالمية ،القاهرة ،مصر،
،1994ج ،1ص. 146 :
-2سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنرب ،ت180 :هـ) ،الكتاب ،تح :عبد السالم حممد هارون ،مكتبة اخلاجني ابلقاهرة ،ط ،3،1988ج،1
ص.23:
- 3إبراهيم أنيس ،من أسرار اللغة ،مكتبة األجنلواملصرية ،القاهرة ،ط ،1966 ،3ص260 :و .261
- 4فولفجانج هاينه مان ،مدخل إىل علم النص ،تر /سعيد حسن حبريي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ط ،2004 ،1ص16 :
-5أمحد حممد عبد الراضي ،حنو النص بني األصالة واحلداثة ،مكتبة الثقافة الدينية ،القاهرة ،مصر ،ط ،2008 ،1ص. 39:
11
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ان اليشء اجلديد يف نظره هو أأن اللغة أأداة خلق ال متناه؛ وعليه فالتحليل اللغوي ينبغي أأن يكون
تطرق مسعه قط ،وهو ما رشحا وحتليال للعمليات اذلهنية اليت متكزن االنسان من التلكم جبمل جديدة مل ْ
اس تدع مصطلحات ومفاهمي جديدة مثل :االبداعية ( )creativiteوالبنية السطحية ( Structure de
-1نقال عن :خولة طالب اإلبراهيمي ،مبادئ يف اللسانيات ،دار القصبة للنشر ،اجلزائر ،ط ،2006 ،2ص.101 :
12
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تكونه ،ذكل أأ زن اهامتم ادلراسات اللسانية يف البداية اكن موهجا اىل الوحدات اللغوية ادلنيا (املباحث
الصوتية والرصفية) مث عرف مرحةل انتقالية ركزت عىل مظاهر الرتكيب و أأقصاها امجلةل ومل يمت التفكري يف
جتاوز امجلةل اال يف أأواخر الس تينيات من القرن املايض.
وحض "فان ديك") (Van Dijkأأوجه عدم كفاية حنو امجلةل لوصف ظواهر تتجاوز حدود امجلةل، ز
يقول":لقد توقفت القواعد واللسانيات التقليدية غالبا عند حدود وصف امجلةل ،و أأما يف عمل النص فاننا
نقوم خبطوة اىل ا ألمام ،ونس تعمل وصف امجلل بوصفه أأداة لوصف النصوص ،وما دمنا نس تتبع هنا
املكوانت املعتادة للقواعد ،ونس تعمل النصوص املس تخدمة بغية وصف امجلل ،فاننانس تطيع أأن نتلكم
عن قواعد النص( )1غري أأن ذكل ال يعين رفض مقوالت حنو امجلةل أأو التقليل من أأمهيهتا ،فعىل الرمغ مما
وجه لها من نقد اال أأن ذكل ال ينفي س بق الرتاث النحوي بلك ما تضمنه من تصورات ومفاهمي وقواعد
ووصف وحتليل عُدزت ا ألساس الفعيل اذلي انبنت عليه الاجتاهات النصية احلديثة ،فا ألمر ابلنس بة
لـ"فان ديك" ميكن يف تغيري االطار ا ألساس اذلي يضم امجلةل ،بعد ادخال عنارص داللية وتداولية يف
الوصف والتحليل ،ألن احلاجة أأصبحت ملحة لوضع مفاهمي جديدة تضم عنارص لغوية وغري لغوية مل جتد
لها ُمتزسعا يف امجلةل ،وابلتايل حصل نوع من االتفاق عىل رضورة التغيري وفق رؤية مهنجية ال تغفل
امجلةل ويف املقابل ال تعدها أأكرب وحدة قابةل للتحليل اللساين ،بل ينظر الهيا من زاوية عالقهتا ببقية امجلل
ا ألخرى املكونة للنص ،وكذا من زاوية الس ياق اذلي ُأنْتِج ْت فيه ومبنتجها و ُمس ت ْقبِلها(ظروف االبداع
والتلقي).
يرى أأحصاب هذا الاجتاه اجلديد (لسانيات النص) أأن كثريا من ادلراسات اللغوية ادلائرة يف فكل
امجلةل قد أأمهلت اجلانب ادلاليل أأومل تُ ْعن به العناية الاكفية ،مما حدا بعلامء النص اىل جتنب هذا القصور
يف دراس هتم وميكن توضيح ذكل من خالل تعليل فان ديك بقوهل ":يف لك ا ألحناء السابقة عىل حنو
النص وصف ل ألبنية اللغوية ،ولكنه مل يُ ْعن ابجلوانب ادلاللية عناية اكفية مما جعل علامء النص يرون أأن
البحث الشلكي ل ألبنية – وخباصة اجلوانب ادلاللية -ال ميكن أأن توصف اال يف اطار أأوسع لنحو
اخلطاب أأو حنو النص"(.)2
لكن الفارق بني حنو امجلةل وحنو النص ال يبعث عىل الانفصال ،بل ميكن اجياد طرائق تتيح نوعا من
التاكمل بيهنام ،اذ ان حنو امجلةل يقدم القواعد النحوية املعيارية اليت تشلك أأسس التحليل يف املس توى
ا ألول ،انطالقا من اعتبار امجلةل وحدة نظامية ،فتعقهبا بعد ذكل القواعد ادلاللية اليت تتبلور يف املس توى
-1فان دايك ،النص بىن ووظائف مدخل أويل إىل علم النص،تر:منذر عياشي ،ضمن كتاب العلمانية وعلم النص ،املركز الثقايف العريب ،بريوت ،لبنان
،2014ط ،1ص.147 :
-2سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،الشركة املصرية العاملية للنشر ،لوجنمان ،القاهرة ،مصر ،1997 ،ط ،1ص.136 :
13
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الثاين ابعتبار امجلل املس تعمةل وحدات نصية ،أأما حنو النص فهيمت ابملس توى ادلاليل من خالل حبثه يف
العالقات املعنوية غري الظاهرة اليت تعمل عىل جتس يد متاسك النصوص وانسجاهما منطلقة من كون
النص وحدة داللية كربى ميكن حتليلها ابلنظر اىل مكوانهتا الصغرى ،ابالضافة اىل عنايهتا ابلظروف
والس ياقات اخلارجية ،فباتساع جمال البحث من خالل ادخال تصورات أأكرث مشولية صار من الرضورة
مباكن اخلروج ابلتحليل من مس توى امجلةل اىل التحليل عىل مس توى أأكرب وهو النص.
ان الانتقال من امجلةل اىل النص هو انتقال يف املهنج بأأدواته واجراءاته و أأهدافه ،حيث متكنت
لسانيات النص من بلوغ حمطات متقدمة ما اس تطاعت لسانيات امجلةل الوصول الهيا ،اذ متكنت من
حتديد العالقات اليت تربط بني امجلل وفقرات النصوص عىل مس توايت متعددة مهنا الصويت والرصيف
والنحوي وادلاليل والتداويل.
ج .النص:
تعددت تعريفات مصطلح النص ،فقد وجدها د .سعيد حسن حبريي كثرية ،بدا هل حيهنا أأن حظ
هذا املصطلح مل يكن" أأسعد حاال من مصطلح امجلةل ،فمثة اختالف شديد بني هذه الاجتاهات يف
تعريف النص اىل حد التناقض أأحياان واالهبام أأحياان أأخرى"( .)1وقد يعود هذا الاضطراب يف حتديد
مصطلح النص ومفهومه اىل أأس باب لعل أأمهها:
-تقاطع لسانيات النص مع نشاطات أأخرى كعلوم ا ألدب والبالغة والشعر والفلسفة وغريها من
التخصصات اليت جتعل من النص اللغوي مادة حبهثا"،فقد تشعبت املنابع اليت اس تق مهنا مفاهميه
وتصوراته ومناهجه"(.)2
-تعدد معايري تعريف النص ومداخهل ومنطلقاته؛ من حيث "وجوده الفزياييئ وما يتجسم به من
مكوانت ،ومن حيث هو حدث أأو معل منجز يف الزمان واملاكن ،ومن حيث هو بنية حتمكها عالقات،
ومن حيث هو مؤسسة اجامتعية حضارية " (. )3
-يُضاف اىل ذكل أأن البحث اللساين معوما وما ارتبط منه بدراسة النصوص خصوصا مل ي زتضح بعد
خيطه ا ألبيض من خيطه ا ألسود.
-ان جمال اش تغال اللسانيات النصية هو دراسة النصوص وحتليلها ،حيث "يرتكز عىل النصوص يف
-1سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص101 :
-2املرجع نفسه ،املقدمة ،ص :أ.
-3األزهر الزاند ،نسيج النص حبث فيما يكون به امللفوظ نصا ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط ،1993 ،1ص.11
14
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ذاهتا؛ أأشاكلها ،وقواعدها ،ووظائفها ،وتأأثرياهتا املتباينة"( ،)1ذلا ع زد النص جمال اختالف ابلنس بة
للباحثني يف هذا امليدان ،لكن هذا ال مينعنا من عرض بعض ال زتعريفات ومناقش هتا ،مهنا ما يأأيت:
"النص هو مجموعة االشارات النصية اليت ترد يف تفاعل اتصايل ،فهذا التعريف يضم اشارات اتصالية
غري لغوية...وجيب يف طرائق وصف النص عند وجود مثل هذا الفهم للنص تناول وصف االشارات
اليدوية املصاحبة للمنطوق ،و أأشاكل التعبري من خالل حركة الوجه"لغة اجلسد"()2
ر أأى فان ديك ( " )Van Dijkأأ زن أأي حتديد للنزص يقتيض نظريزة أأدب زية ،وهذا مل حيدث االز يف س نوات
ا زلس زتينات وا زلس بعينات...فقد حاول يف كتابه "بعض أأحناء النز زص" السعي اىل اقامة تصور متاكمل حول
النص منذ 1972وظل عىل هذا املبد أأ يف كتابه "النص والس ياق" اذلي أأصدره س نة 1977حيث أأخذ
بعني الاعتبار لك ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية ...أأثناء دراسة أأي نص من النصوص اللغوية ).(3
وعىل الهنج ذاته سار هاليداي ورقية حسن ( )M. k. halliday and Ruqaia hasan.يف تعريفهام للنص
حني ر أأايه "وحدة لغوية يف طور الاس تعامل ،وهو ال يتعلق ابمجلل ،وامنا يتحقق بوساطهتا") .(4يبدو من
خالل هذا التعريف الرتكزي عىل معياري الوحدة والانسجام وذكل من خالل االشارة اىل كون النص
وحدة داللية ،وليست امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص( .)5أأ زما تعريف جوليا كريستيفا فقد اكن
أأكرث معقا )،(6حيث ترى أأن زه "هجاز عرب لساين يعيد توزيع نظام اللسان( )Langueعن طريق ربطه
ابلالكم ( )Paroleالتواصيل ،راميا بذكل اىل االخبار املبارش مع خمتلف أأمناط امللفوظات ز
السابقة
واملعارصة) ،(7من هذا التزعريف حيدزد النزص اكنتاجيزة Productivitéحيث تكون عالقته ابللسان اذلي
حيصل فيه عالقة توزيع أأي عالقة بناء وهدم ،كام يظهره من حيث هو تبادل نصوص أأي تناص اذ جند
يف فضاء النص عدة ملفوظات مأأخوذة من نصوص أأخرى غري النزص ا ألصيل) .(8الواحض أأ زن هذا
التعريف يطعن يف كفاية النظر اىل السطح ويربز ما يف النص من ش باكت متــعالقــة ،فهـي ترى أأن
- 1سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص "املفاهيم واالجتاهات " ص100:
-2فولفجانج هاينه مان ،مدخل إىل علم النص ،ص7 :
-3سعيد يقطني ،انفتاح النص الروائي (النص والسياق) ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء املغرب( ،ط ،2001 ،)2ص14 :و. 15
-4حممد عزام ،النص الغائب ،جتليات التناص يف الشعر العريب ،منشورات أحتاد الكتاب العرب ،دمشق ،سورية ،2001 ،ص.16 :
-5حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط ،2006 ،2ص.13 :
-6يعد تعريف الباحثة اللغوية البلغارية جوليا كريستيفا( ) Julia Kristivaمن بني التعريفات اليت اهتم هبا الدارسون ،ألنه يطعن يف كفاية النظر إىل
السطح اللغوي ويربز ما يف النص من شبكات متعالقة حيث جتعله أكثر من جمرد خطاب أو قول ألنه موضوع العديد من املمارسات السيميوطيقية اليت يعتد
هبا على أساس أهنا ظاهرة عرب لسانية ،مبعىن أهنا مكونة بفضل اللغة لكنها غري قابلة لالحنصار يف مقوالهتا .
-ينظر صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،مكتبة لبنان انشرون ،لبنان ،ط ،1996 ،1ص 294 :و295
-7سعيد يقطني ،انفتاح النص الروائي (النص والسياق) ،ص. 19 :
-8املرجع نفسه ،ص 19 :و .20
15
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
النــص أأكرث من جمــرد خـطاب أأو قــول ،ان زه موضـــوع لعديد من املمــارسات الس مييولوجية اليت يعتد
هبا عىل أأساس أأهنا ظاهرة عربلغوية(.)1
تصور "روالن ابرت" ( )Roland Barthesللنزص( ،(2فقد تبلور يف معل قدزمه عام 1971 أأ زما ز
يك Déconstruire بعنوان"من العمل اىل النزص"وقدزم فيه نظريزة مركززة عن طبيعة النزص من مفهوم تفكي ز
متحوةل متارسابدلز رجة ا ألوىل حيث يقول..." :ا زن مقوةل النزص تشري اىل نشاط وانتاج...ا زن النزص زقوة ز
ال زتأأجيل ادلز امئ ،ان زه الهنا زيئ وال مغلق ...ان زه عبارة عن استشهادات ال توضع بني أأقواس بل تبق
جمهوةل...وهو مجموعة من الاقتباسات اجملهوةل واملقروءة والاستشهادات ال زالشعورية والاس تنساخيزة
املأأخوذة من لغات وثقافات عديدة ،ويه اليت تضمن انتاجيزته وممارس ته ادلز اةل عىل نس يجه املتشابك...
صوروهو كذكل مفتوح ينتجه القارئ أأثناء معلية القراءة لتكل ا ألبنيزة اللغويزة ،(3)...وعىل ضوء هذا ال زت ز
الصدق يعرف النزص بأأن زه "النزس يج وبيت العنكبوت" حيث جنده غري أآبه بثنائيزة الكذب و ز وهذه ا ألفاكر ز
الس ياق عىل اللزغة ،هذا املعىن ال ي زمت ادراكه االز من خالل النزص بل اكن مهزه هو املعىن اذلي يفرضه ز
الص زياغات وادلز وال ،العالقات والوظائف ،وتمتوقع ا زذلات وتنح زل واب زذلات يف زنصيته :تشابك الشز فرات ،ز
مثل عنكبوت هتكل يف خيوطها) ،(4فنجده يش زبه الاكتب أأو النزاص ابلعنكبوت وبنية النزص بيهتا
ونس يجها.
ومن هنا فان النص عند لك من "روالن ابرت"( )Roland Barthesو"جوليا كريستيفا" ( Jullia
)Cristivaهو معلية جتس يد لنظام اللغة ،ذكل أأن املعىن ا ألدب ال تتحقق ملموسيته خارج اطار هذا
النظام(.)5
التحول من حنو امجلةل اىل حنو النص ومؤيداته
اعترب البنويون امجلةل أأكرب وحدة لغوية قابةل للوصف والتحليل ،وظلت اىل حد قريب املوضوع
الرشعي والوحيد اذلي يشلك مادة البحث اللساين الس تقطاهبا مجيع مس توايت التحليل اللغوي.
وانطلق البنويون من " أأن لك بنية حنوية يه قياس و أأن دراسة لغة من اللغات تمتثل يف الكشف عن
مجموع العنارص اليت يتعاطاها أأفراد اجملموعة اللسانية مما يؤلف قياسات تكل اللغة اليت يس تعملوهنا"()6؛
-1صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،مكتبة لبنان انشرون ،الشركة املصرية العاملية للنشر ،لوجنمان ،ط ،1996 ،1ص294 :
-2مل خيرج تصور روالن ابرت( )Roland Barthللنص عن اخلطوط العريضة اليت وضعتها البلغارية جوليا كريستيفا خاصة إنتاجية النص وانفتاحه وفكرة
التناص.
-3عمر أوَكان ،لذة النص أو مغامرة الكتابة لدى ابرت ،إفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،املغرب( ،دط) ،1996ص30و.31
-4نفسه ،ص. 31 :
-5عبد الناصر حسن حممد ،نظرية التواصل وقراءة النص األديب ،املكتب املصري لتوزيع املطبوعات ،مصر( ،دط) ،1999 ،ص.36 :
-6عبد السالم املسدي ،اللسانيات وأسسها املعرفية ،الدار التونسية للنشر ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر( ،دط)(،دت) ،ص.144 :
16
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
أأي أأن النحو عمل تصنيفي هدفه ضبط الصيغ ا ألساس ية يف اللغة حبسب تواترها .وعليه تقوم النظرية
اللسانية البنوية بتحليل اللغة ابعتبارها مجموعة من امجلل ،لك مجةل تش متل عىل شلك صويت وعىل
تفسري داليل ،وقواعد اللغة يه اليت توحض التوافق بني الصوت وادلالةل يف امجلةل ،وذلكل تسم بقواعد
امجلةل ابعتبارها الوحدة ا ألساس ية يف التحليل اللساين اليت توقفت عندها اللسانيات البنوية ومل
تتجاوزها اىل وحدات لغوية أأكرث مهنا وذلكل مسيت بلسانيات امجلةل .يف املقابل مل حتظ ابيق الوقائع
اللغوية اليت تفوق امجلةل بأأدىن اهامتم ،وهو ما جعل امجلةل غرضا تس هتدفه سهام النقاد لقصورها عن
اش امتل ما اتسع هل النص من اماكانت لغوية حتقق هل الاكامتل ،يف مقابل قصور امجلةل عن تقيق هويهتا
اال ابلنس بة اىل مجل أأخرى ،ذلا وصف اخلطاب من خالل مجهل"اجراء غري محمود النتاجئ"( ،)1ألن امجلةل
حسب"ميش يل مايري"( )Michel Myerال وجود لها منعزةل يف الاس تعامل الفعيل للغة ،فهىي دامئا حمتواة
يف س ياق للتلفظ ،وعليه فامجلةل ال تتحقق وال تكتسب هويهتا احلقيقية اال يف اطار اخلطاب أأو
الس ياق( ،)2ويف هذا الس ياق يشري "متام حسان" اىل مجموعة من املبادئ احلامكة اليت ختص حنو امجلةل
فقط ويه:
.1االطراد :وهو ثبات القاعدة يف احلمك عىل الفصح ،وما خرج عهنا فهو شاذ .أأم حنو النص فينأأى عن
االطراد ،ألنه يعرتف ابملؤثرات ا ألسلوبية ،ويه ترصفات فردية يلجأأ الهيا منشئ النصليدل هبا عىل
لفتات ذهنية.
.2املعيارية :فالقاعدة يف حنو امجلةل يه أأساس الصحة أأو اخلطأأ ،فاملعيارية سابقة عىل النص ،ذلا ال يؤمن
حنو امجلةل بنص اال اذا اكن موافقا للقواعد اليت اس تنبطها ،أأما حنو النص فهو حنو تطبيقي غري نظري،
فال ينشأأ اال بعد أأن يكمتل النص.
.3االطالق :أأن تطلق القاعدة عىل لك ما قيل أأو س يقال ،فهىي احلمك اذلي يرد اليه لك الكم يف حنو
امجلةل ،أأما يف حنو النص فيكون احلمك بعد انتاج النص ،ويف حاةل التواصل االفعيل.
.4الاقتصار :عىل حبث العالقات يف حدود امجلةل الواحدة دون جتاوزها ،اال عند ارادة معىن الارضاب
أأو الاس تدراك .أأما حنو النص مفيدانه النص اكمال دون جتزئته.
ما خيتص به حنو النص:
النص حدث تواصيل تتحقق نصيته بتوافر معايري النصية الس بعة (الس بك واحلبك والقصد،
والقبول ،االعالم ،واملقامية والتناص) ،مهنا مخسة معايري خيتص هبا حنو النص وال تعين حنو امجلةل يف
-1حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،الدار العربية للعلوم انشرون ،منشورات االختالف ،ط،2008 ،1ص.65 :
-2املرجع نفسه ،ص.65 ،64 :
17
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يشء( .)1يبدو اذن ،أأن التحول من حنو امجلةل اىل حنو النص هو ادراك ل ألبعاد ادلاللية اليت تتوادل
ابس مترار ابعتبار املواقف التواصلية واليت ال تتسع لها امجلةل يف مجيع أأحوالها.
وعليه ،ال يعين بأأية حال من ا ألحوال أأن نطرح مقوالت حنو امجلةل جانبا ،فنحو النص يقوم أأساسا
عىل تصورات ومقوالت حنو امجلةل وقواعدها فباتساع جمال الرؤية اتق(رغب) ادلارسون اىل تقيق
هدف جديد يتجاوز قواعد انتاج امجلةل اىل قواعد انتاج النص ،أأي حماوةل تقدمي صياغات لكية دقيقة
ل ألبنية النصية وقواعد ترابطها.
املبادئ العامة احلامكة للمنطني:
لنئ جاء "حنو النص /لسانيات النص" يف أأثر "حنو امجلةل /اللسانيات البنوية" ،فمل يكن ذكل من
ابب الهدم فالبناء ،أأي أأن حنو النص مل يكن مناوئا لنحو امجلةل ،بل نراه يتيكء يف كثري من ا ألحيان عىل
مقوالته ،ومع هذا التقاطع يظل للك من المنطني مبادؤه اليت ينفرد هبا.
ممزيات حنو امجلةل:
يقوم حنو امجلةل أأو النحو التقليدي املعياري عىل أأسس عامة ذات طابع الزايم ،ال يتخطاها النحاة ،ذكر
دي بوجراند ( )2()De Beaugrandاثنني مهنا :
-االرصار عىل اس تقالل النحو عن رعاية املواقف العملية ،فيدرس هذا المنط امجلل مبعزل عن س ياقاهتا
ومالبسات انتاهجا وظروف تلقهيا ،اذ من نتاجئ هذه النظرة الضيقة كام يرى "براون ويول" ( G . Brown
)G .Yuleالرتكزي عىل مجل مصنوعة غري طبيعية ومعزوةل عن س ياقها التواصيل ( )3وان اكن هذا ا ألمر
نسبياذكل أأن حناة امجلةل يعمتدون بدورمه عىل خمرجات الس ياق التواصيل واملواقف اللغوية.
-اخضاع لك امجلل املركبة جملموعة من الرتاكيب البس يطة :وهو ماجيعل النحو التقليدي أأو" الافرتايض
يف مقابل النحو الفعال" ال يطالب بتعيني حد لعدد الرتاكيب املمكنة للجمل ...اذ ميكن لشخص ما أأن
يضيف مجةل جديدة مبوجب البناء عىل انساق تركيبية تنسجم مع النظام اللساين للمجموعة اللغوية،
"فنحو امجلةل يؤمن ابس تقاللية امجلةل ،وابلتايل فهو حنو حتليل ال تركيب( ، )4ويشري دي بوجراند اىل أأن
هذين املبد أأين ميثالن عقبة أكداء أأمام نظرية الصياغة اللغوية؛ فهام يؤداين اىل منوذج للغة تمت فيه
العمليات بتحويل تراكيب اىل تراكيب أأخرى يف حدود النظام نفسه( )5و أأدى هذان املبدأآن اىل عدم
-1ينظر :أمحد عفيفي ،حنو النص ،اجتاه جديد يف الدرس النحوي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ،مصر ،2001 ،ص.77 ،76 ،75 :
حسان ،عامل الكتب ،القاهرة ،ط ،2007 ،2ص.129 : -2ينظر :روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،تر /متام ّ
-3براون ويول ،حتليل اخلطاب ،ترمجة وتعليق .حممد لطفي الزليطين ومنري الرتيكي ،النشر العلمي واملطابع ،جامعة امللك سعود ،اململكة العربية السعودية،
،1997ص.27 :
-4أمحد عفيفي ،حنو النص اجناه جديد يف الدرس النحوي ،ص.72 :
- -5ينظر :روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.129 :
18
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تفاعل النحو واملعىن يف أأثناء معلياهتام اخلاصة ،وتس تدعي احلاجة أأن يكون املكون النحوي قامئا عىل
الرتابط أأكرث مما يقوم عىل التقطيع( ،)1وبعبارة أأخرى حنن حباجة اىل فرض قيود الاس تعامل عىل النظام
النحوي الافرتايض للغة(.)2
ينحرص الفرق بني حنو امجلةل وبني حنو النص يف املوضوع واملهنج والغاية( ،)3مفوضوع حنو امجلةل هو
امجلةل يف حد ذاهتا ،يف حني موضوع حنو النص هو دراسة النص اذلي قد يكون دون مجةل أأو يطابقها
أأو يتجاوزها أأما املهنج فان حنو امجلةل يعمتد عىل معايري يف التنصيق أأكرث قرارا وجتريدا من املعايري
املعمتدة يف تصنيف حنو النص.
ومن مث فال مربر النفصال لسانيات النص عن لسانيات امجلةل ،بل انه ال مربر لتطابق مباحهثام
(مبفهوم تداخل لك مهنام يف الآخر) ،اننا ننطلق اىل حد بعيد من عالقة تاكملية بني لسانيات النص
وامجلةل /علمي النص وامجلةل ،حيث ينظر اىل حبوث عمل لغة امجلةل عىل أأهنا رشط جوهري لدلراسات
اللغوية النصية من هجة ،بل ميكن أأن يس توعهبا عمل لغة النص الشامل من هجة أأخرى( ،)4فامتم النبية
امجللية تعين بداية البنية النصية ،كام يوحضه الشلك أأدانه.
متام البنية امجللية
اللكمة (الرصف) العبارة امجلةل الصغرى امجلةل ما بني امجلل الفقر النص
بداية البنية النصية
ان الانتقال من لسانيات امجلةل اىل لسانيات النص اذن ،هو انتقال يف املهنج بأأدواته واجراءاته
و أأهدافه ،حيث متكنت لسانيات النص من بلوغ حمطات متقدمة ما اس تطاعت لسانيات امجلةل الوصول
الهيا ،اذ متكنت من حتديد العالقات اليت تربط بني امجلل وفقرات النصوص عىل مس توايت متعددة مهنا
الصويت والرصيف والنحوي وادلاليل والتداويل.
ممزيات النص:
للنص من الصفات ما يمتزي به عن امجلةل وتمتثل يف معايري النصية اليت تشلك جممتعة مباحث
لسانيات النص و أأمه خصائصها ،حبيث لو سقط مهنا معيار واحد فقد املعط اللغوي نصيته ،ويه كام
طرهحا "دي بوجراند" و"درايسلر" س بعة،اال أأن املعياريني ا ألولني مهنام يعدان من املباديء اليت
-1أمحد عفيفي ،حنو النص اجناه جديد يف الدرس النحوي ،ص.74 :
-2روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.129 :
-3األزهر الزاند ،نسيج النص ،حبث يف ما يكون به امللفوظ نصا ،ص.15 :
-4فولفجانج هاينه مان ،مدخل إىل علم النص ،تر /سعيد حسن حبريي ،ص6 :
19
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يشرتك فهيام حنو امجلةل وحنو النص وهام الاتساق والانسجام ،يف حني امخلسة الباقية مبادئ تفصل بني
جمايل امجلةل
والنص ويه (: )1
-1االعالمية
-2املقبولية
-3املوقفية
-4التناص
تأأكد أأن التحليل اللساين النيص مل يتخل لكيا عن التحليل امجليل ،وامنا مت جتاوز امجلةل اىل الوصول
اىل نصية النص ،وحاول "دي بوجراند" ( )De- Beaugrandبيان الفروق احلوهرية بني لسانيات امجلةل
ولسانيات النص اليت سوغت جتاوز التحليل امجليل.
.1ان النص نظام فعال ،يف حني جند امجلل عنارص من نظام افرتايض.
.2امجلةل كيان قواهدي خالص يتحدد عىل مس توى النحو حفسب ،أأما النص فيعرف تبعا للمعايري
الاكمةل للنصية.
.3ميكن التعلب عىل القيود املعيارية املفروضة عىل البنية التجريدية للجمةل يف النص بوساطة املواقف
التواصلية وس ياقات املوقف.
.4احلمك عىل اي تركيب بأأنه مجةل يمت مبقارنته اب ألمناط اليت تسمح هبا القواعد النحوية يف تكوين امجلةل،
أأما المتيزي بني االنص والالنص فيكون ابالس تحسان أأو الاس هتجان ويه درجة معقد تتجاوز التقابل
الثنايئ بني املعيار والاس تعامل اللغويني.
.5يرتبط النص مبوقف خاريج يعرف بس ياق املوقف يعني عىل حسن الفهم والتأأويل ،يف حني ترتبط
امجلةل بس ياق البنية ،اذ تفهم يف اطار مقتضيات املعيار النحوي.
.6ال ميكن النظر اىل النص بزمع أأنه جمرد صورة مكونة من الوحدات الرصفية أأو الرموز ،ا زن النص
جت ِ زل لعمل انساين ينوي به خشص أأن ينتج نصا ويوجه السامعني به اىل أأن يبنوا عليه عالقات من
أأنواع خمتلفة ...وليست امجلةل معال؛ ولهذا اكنت ذات أأثر حمدود يف املوقف االنساين ،ألهنا
تس تعمل لتعريف الناس كيفية بناء العالقات النحوية حفسب.
- 1روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،تر /متام حسان ،ص.104 -103 :
20
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.7النص توال من احلاالت فاحلاةل املعلومية واحلاةل الانفعالية واحلاةل الاجامتعية ملس تعميل النص عرضة
للتغري بواسطة النص ،ويأأيت انتاج النص يف صورة توال من الوقائع ...يف املقابل جيري النظر بوصفها
عنارص من نظام اثبت مزتامن.
.8ان ا ألعراف الاجامتعية تنطبق عىل النصوص أأكرث مما تنطبق عىل امجلل ،فالوعي الاجامتعي ينطبق
عىل الواقع ال عىل أأنظمة القواعد النحوية.
.9العوامل النفس ية أأوثق عالقة ابلنصوص مهنا ابمجلل.
.10ان النصوص تشري اىل نصوص أأخرى ،ختتلف عن اقتضاء امجلل لغريها من امجلل()1
مما س بق تتجىل مؤيدات الانتقال من امجلةل اىل النص ،ابعتبار ان امجلةل ال تكتفي بذاهتا لامتم معناها
بل حتتاج اىل ما قبلها واىل ما بعدها لهذا الغرض ،خالفا للنص اذلي يع زد الك متاكمال ،ال تقبل وحداته
التجزئة.
ومبا أأن املتخاطبني يتعاملون ابلنصوص ال ابمجلل املعزوةل ،فان دالةل امجلةل يف النص تتوقف عىل امجلةل
السابقة وامجلةل الالحقة ،وهو ما يعين أأن هناك فراغا يف التحليل امجليل مما اس تدع البحث عن بدائل
مللء هذا الفراغ فاكن النص /اخلطاب.
-روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،تر /متام حسان ،ص1.94 -89 :
21
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-1تعددت املصطلحات العربية املقابلة للمصطلح األجنيب ( ،)Linguistique textuelleفهو عند سعيد حسن حبريي :علم لغة النص .يف كتابه" :علم لغة
النص املفاهيم واالجتاهات ،وهو عند صبحي إبراهيم الفقي :علم اللغة النصي ،يف كتابه :علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق .أما إبراهيم اخلليل فجمع بني
املصطلحني ؛ (اللسانيات وحنو النص) يف كتابه :يف اللسانيات وحنو النص.
- 2حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،ص.59 :
22
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الشامةل للنص(.)1
املالحظ أأن تسميات هذا املهنج اللساين متعددة ،وقد يرد ذكل اىل أأنه ما زال يتلمس طريقه حنو
النضج من هجة ،مث ان نشأأته مل ترتبط ببدل بعيه من هجة اثنية ،مفن الطبيعي أأن تتباين ترجامته بتباين
ا ألصول املرتمج عهنا ،حىت ميكن مالحظة تعدد هذه ا ألسامء يف البحث الواحد ،مفن لسانيات
النص -linguistique textuelleاىل عمل لغة النص ،اىل حنو النص ،grammaire du texteاىل عمل
النص science du texte ،اىل حتليل اخلطاب ،discours du Analyseوان اكن بعض الباحثني ال يفرق
بني هذه املصطلحات ،فان بعضهم الآخر يرى فهيا اختصاصات قامئة بذاهتا ،فاملرتمجون عن ا ألصل
الفرنيس يفضلون اس تعامل عمل النص science du texteواملرتمجون عن اللغة الانلكزيية يفضلون تداول
مصطلح discours analysisيف حني يفرق بعضهم بني املصطلحني من خالل تنوع املادة اللغوية اليت تقع
يف دائرة اهامتهما فتحليل اخلطاب يرتبط أأكرث ابللغة املنطوقة اكملداخالت املتأأصةل يف الشفاهية وحتليل
النص أأو عمل النص ترتبط ابللغة املكتوبة ،والر أأي الشائع أأن لسانيات النص عمل يدرس النصوص
املكتوبة واملنطوقة عىل السواء وان ظلت لكمة نص أألصق ابملطبوع والكتابة.
وعليه ،يرى محمد خطاب أأن "حنو النص" و"لسانيات النص" و"عمل النص" ...وما يش هبها من "حنو
اخلطاب" و"لسانيات اخلطاب" ...ليست مرتادفة ،وامنا يه حميةل عىل التحوالت اليت اليت شهدهتا
املباحث اخملتلفة اليت عنيت ابلنص وأأس ئلته ...دون أأن يغيب عن ابلنا أأن التحوالت ليست مثرة
انغالق املبحث عىل ذاته ،وامنا تمت بتأأثري العلوم اجملاورة هل"( )2اال أأن تعريفاته تاكد تتفق عىل أأنه" فرع
من فروع عمل اللغة يدرس النصوص املنطوقة واملكتوبة ...وهذه ادلراسة تؤكد الطريقة اليت تنتظم هبا
أأجزاء النص وترتبط فامي بيهنا لتخرب عن اللك املفيد( )3وان اكن "ديفيد كريس تال"( )David Crystalيذكر
أأن حتليل اخلطاب يرتبط بتحليل اللغة املنطوقة ،بيامن حتليل النص يرتبط بتحليل اللغة املكتوبة( ،)4كام
هتمت لسانيات النص" بدراسة ممزيات النص من حيث متاسكه وحمتواه االبالغي التواصيل( )5من خالل
دراسةالنص ابعتباره وحدة لغوية كربى ،وذكل بدراسة جوانب عديدة أأمهها الرتابط أأو الامتسك ووسائهل
و أأنواعه واالحاةل أأو املرجعية و أأنواعها والس ياق النيص ودور املشاركني يف النص(املرسل واملس تقبل)
-1صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص.137 :
-2حممد خطايب ،لسانيات النص وحتليل اخلطاب ،حماولة ،تساؤل وتدقيق ،جملة عالمات يف النقد ،النادي األديب الثقايف جبدة ،السعودية ،ع،2004 ،41
ص.92 :
-3صبح ي إبراهيم الفقي ،علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،ط ،2000 ،1ج ،1ص.35 :
-4املرجع نفسه ،ص.35 :
- 5ج.ب .براون ،ج .يول ،حتليل اخلطاب ،تر /حممد لطفي الزليطين ومنري الرتيكي ،النشر العلمي واملطابع ،جامعة امللك سعود ،الرايض ،السعودية( ،دط)،
،1997ص.30 :
23
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
وهذه ادلراسة تتضمن النص املكتوب واملنطوق عىل السواء( )1مع اعتبار أأثر الس ياق يف امللفوظات
اللغوية اليت تكفل للنص ترابطه وانسجامه ( أأدوات الربط :االحاةل ،التكرار ،الاستبدال ،التوازي)...
أأي دراسة خمتلف العالقات بني امجلل والنظر يف مدى انتظام هذه العالقات داخل النص ،دون هتوين
دور املبدع واملتلقي يف النص عند انتاجه وتلقيه ،سواء اكن منطوقا أأو مكتواب .وهو ما يتوافق مع ما
ذهب اليه"نيلز" ( )Nilsحني ر أأى أأن عمل لغة النص يعين ادلراسة ل ألدوات اللغوية للامتسك النيص،
الشلكي وادلاليل .مع تأأكيد أأمهية الس ياق ورضورة وجود خلفية دلى املتلقي حني حتليل النص( )2وهو
ما جيعل التحليل اللساين النيص يتسع لتصري مبوجبه اللسانيات النصية ذكل العمل اذلي"يراعي يف وصفه
وحتليالته عنارص أأخرى مل توضع يف الاعتبار من قبل ،ويلجأأ يف تفسرياته اىل قواعد داللية ومنطقية اىل
جوار القواعد الرتكيبية وحياول أأن يقدم صياغات لكية دقيقة ل ألبنية النصية وقواعد ترابطها .وبعبارة
موجزة قد حددت للنص همام بعيهنا ال ميكن أأن ينجزها بدقة اذا الزتم ح زد امجلةل(.)3
كشف هذا التعريف بوضوح زمعا متزي به لسانيات النص عن ابيق انشطة التحليل ا ألخرى من قواعد
اجرائية وأليات التحليل النيص واب ألخص لسانيات امجلةل اليت اخرجت اجلانب ادلاليل من جمال
اش تغالها ،يف حني مل هتمت لسانيات النص ابلوقائع اللغوية املشلكة للبنية النصية حفسب بل تعدى اهامتهما
ابلوقائع غري اللغوية الكتشاف تكل العمليات املعرفية والاسرتاتيجيات اليت حتمك معليات انتاج النصوص
وفهمها( ،)4ولعل ذكل ما يربر جتاوزها حدود امجلةل اىل دراسة الابنية النصية بلك مس توايهتا حنوية
اكنت أأو داللية من هجة ،وحبثا ألشاكل التواصل واس تخداماهتا اللغة والس ياقات اخملتلفة من هجة
أأخرى(.)5
تأأكد مع "لسانيات النص" أأن النص ليس جمرد وعاء لوحدات معجمية ،بقدر ما هو بنية وعالقات
لها دالالت معيقة يس تدعهيا الس ياق واملقام ،كام أأن اللسانيات النصية يه من أأكرث املناجه اللسانية
املعارصة تبلورا وافادة من املقوالت اللسانية السابقة واستيعااب لها ،حبيث مجع هذا املهنج بني العديد من
العلوم اليت تدرس يه ا ألخرى النصوص اللغوية بشلك من ا ألشاكل مهنا :الانرثوبولوجيا ،وعمل
الاجامتع ،وعمل النفس ،والفلسفة وفقه اللغة ،كام أأفاد هذا املهنج من مناجه ش ىت مهنا التوليدية
والتحويلية والتوزيعية والتداولية والوظيفية ،حني أأخذ من لك مهنا بطرف اىل احلد اذلي مسي مبوجبه
- 1صبحي إبراهيم الفقي ،علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق ،ج ،1ص.36 :
- 2املرجع نفسه ،ص.35 :
-3سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،مرجع سابق ،ص.135 ،134 :
- 4املرجع نفسه ،ص.220 :
- 5املرجع نفسه ،ص.220 :
24
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
بــ" تداخل الاختصاصات" ( )interdisciplinaireحيث مجع ا ألفاكر والآراء وادلراسات النصية ووضعها
يف قالب واحد متوسال هبا تفكيك النصوص بصورة مشولية متجاوزا بذكل ما اكن سائدا من تقديس
للجمةل وقواعدها ،مرتكزا أأثناء اش تغاالته ومقارابته العلمية اخلاصة ،عىل مهنجية لغوية ممتزية ،يعاجل من
خالهل اخلطاابت اخملتلفة ا ألجناس .انه يؤسس طريقته عىل عدة مبادئ وعنارص انبثقت من معل معريف
ورثه عن مناجه سابقة.
املالحظ أأن لسانيات النص قد تطورت عن اللسانيات البنوية ،انطالقا من أأعامل العامل السويرسي
فردينان دي سوسري()1913-1857( )Ferdinand De Saussure؛ صاحب كتاب (حمارضات يف
اللسانيات العامة) ،اذلي يعد معدة هذا العمل دون منازع -ذلكل ،مفن جاء بعد دي سوسري فهو مدين هل
سواء أأ زقر بذكل أأم حجد ،اذ تبدو النقةل النوعية يف التوجه اجلديد ابخراج ادلراسات اللسانية للنصوص
ا ألدبية من الطابع املدريس ،اذلي يسكل مسلاك حنواي معياراي ،يثري بعض ا ألس ئةل البس يطة املزتامنة
حول العمل املدروس اىل مهنج جديد يتوىخ اس تخدام وسائل حتليل خاصة هتدف اىل فهم النص من
خالل رصد العالقات اليت تربط بني عنارصه ومعرفة كيفية اش تغال أأبنيته.
ان املتتبع لنشأأة وتطور هذا العمل جيد أأن ادلعوة اىل العناية ابلبعد النيص يف ادلراسات اللغوية احلديثة
اكن من اهامتمات القداىم فقد ورد عن"فردينان دي سوسري" أأن وصف عنارص اللغة ال ميكن أأن يمت
اال ابلنظر اىل عالقة لك عنرص مبا عداه من العنارص ا ألخرى ،نظرا ألن أأحدا من هذه العنارص ال
ميتكل أأية قمية ذاتية اال بتقابهل مع ابيق العنارص( ،)1كام أأشار يف الكم هل عن اخلطاب اىل " أأن االنسان
ال يعرب بلكامت منفصةل ،و أأنه ال ميكن أأن يكون لهذه اللكامت معىن وال دالةل عىل أأفاكر معينة ما مل
توضع يف عالقات مع بعضها( )2وليس"دي سوسري" أأول من وقف عىل أأمهية املظهر النيص أأو اخلطاب
للغة ،بل ان هناك من الباحثني من يرجع بداية البحث يف النص اىل معل قام به ( )Philس نة ،1887
حيث جعل تتابع اللفظ متعلقا بتتابع ا ألفاكر ،مث الباحثة ا ألمريكية I.Nyeقد تكون أأول من أأجنز معال
ميثل ارهاصا واحضا لعمل اللغة النيص أأو لسانيات النص يف أأطروحة ادلكتوراه اليت أأعدهتا س نة ،1912
حبثت فهيا عالمات عدم الاكامتل( .)3فان حص هذا القول يكون للباحثني س بق التأأسيس لهذا املهنج
العلمي عن "هاريس" ،غري أأن الس بق ال يقاس ابلتقدم الزمين بقدر ما يقاس بتقدمي معل تنظريي لهذا
النشاط.
-1زكراي إبراهيم ،مشكلة البنيية ،مكتبة مصر( ،دط)( ،دت) ،ص.47 :
-2حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،منشورات االختالف ،اجلزائر ،الدار العربية للعلوم انشرون ،لبنان ،ط،2008 ،1
ص.60:
-3سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،مرجع سابق ،ص.18 :
25
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
عىل الرمغ من االشارات املتفرقة اىل النص وتصنيفاته اخملتلفة وحتليالته ،اال أأن البداية احلقيقية
للسانيات النص اكنت يف منتصف القرن املايض حيامن نرش"زليج هاريس" ( )Zellig Harrisحبثا
عنوان ":حتليل اخلطاب"( )Analyse du discoursيف س نة ،1952جتاوز فيه عرثات ادلراسات اللغوية
اليت س بقته مبحاولته الوقوف عند بنية النص وربط اللغة ابلس ياق الاجامتعي.
ففي الوقت اذلي اكن أأعظم اهامتم اللسانيات ابمجلةل املفردة مبعزل عن س ياقها اذلي وردت فيه عىل
أأشده ،اهمت "هاريس" بتوزيع العنارص اللغوية يف النصوص ،والروابط بني النص وس ياقه الاجامتعي()1
حيث قال ":ميكن أأن نتصور حتليل اخلطاب انطالقا من رضبني من املسائل هام يف احلقيقة مرتابطان:
أأما ا ألول فيمتثل يف مواصةل ادلراسة اللسانية بتجاوز حدود امجلةل الواحدة يف نفس الوقت ،و أأما الثاين
فيتعلق بني الثقافة واللغة ( أأي العالقة بني السلوك اللغوي وغري اللغوي)"( )2و زبني أأن سبب قصور
ادلراسات اللسانية عىل دراسة امجلةل فقط مرده اىل الاهامتم ابللغة املنطوقة عىل حساب اللغة املكتوبة
من خالل دراسة النظام اللغوي ،وهو ما يؤدي اىل "اغفال وجود مجةل طويةل وال متناهية يعجز النحو
عن االملام بقواعدها مامل يعمتد عىل الكتابة اليت تسلمنا حامت اىل دراسة النص"(. )3
ومل تكن حماوةل هاريس هذه تأأسيسا لعمل جديد بقدر ما اكنت تعديال لنظريته وخطوة لنقل املناجه
البنوية التوزيعية يف التحليل اىل مس توى النص ،وذلكل فقد عُ زد معهل ارهاصا لهذا العمل اجلديد ،ويكون
بذكل قد عبد الطريق للعديد من اللسانيني يف النصف ا ألول من القرن 20اذلين أأكدوا عىل رضورة
التأأسيس للسانيات تدرس النص /اخلطاب ،من بيهنم" هارجف ( )Harwegيف 1968اذلي حول وصف
التنظمي ادلاخيل للنصمن خالل رصد العالقات اليت تربط بني أأجزائه ،فأأصبح النظر اىل املتتاليات
املرتابطة عىل أأهنا نس يج متشابك ال ميكن الفصل بني بني أأجزائه وهذا النس يج هو النص( )4أأما"لويس
يلمسالف" ( ) Louis Hjelmslevفقد أأقر أأن حتليل النص جيب أأن ميثل أأحد الالزتامات اليت ال مناص
مهنا ابلنس بة للساين( ،)5وهو يلتقي يف ذكل مع "ميخائيل ابختني"( )Mikhaïl Bakhtinاذلي قال":ان
اللسانيات مل حتاول سرب أأغوار اجملموعات اللغوية الكربى اكمللفوظات ( )Enoncésالطويةل اليت نس تعملها
يف حياتنا العادية مثل احلوارات واخلطاابت وغريها ،جيب تعريف هذه امللفوظات ودراس هتا يه أأيضا
دراسة لسانية ابعتبارها ظواهر لغوية...ان "حنو" الكتل اللغوية الكربى ال يزال ينتظر التأأسيس،
-1صبحي إبراهيم الفقي ،علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق ،ج ،1ص.23 :
-2حممد الشاوش ،أصول حتليل اخلطاب يف النظرية النحوية العربية ،أتسيس"حنو النص" ،جامعة منوبة كلية اآلداب ،منوبة ،تونس ،ج ،2001 ،1ص:
.38،39
- 3حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،ص.62 :
- 4سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،مرجع سابق ،ص :ص 29 :وما بعدها.
-5املرجع نفسه ،ص.60،61 :
26
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
فاللسانيات مل تتقدم علميا اىل حد الآن أأبعد من امجلةل املركبة اليت تعد أأطول ظاهرة لغوية طالهتا ادلراسة
العلمية ،ابماكن اللسانيات ايصال التحليل اىل أأبعد من هذا املس توى (مس توى امجلةل) ...حىت وان
اقتىض ا ألمر الاس تعانة بوهجات نظر أأخرى غريبة عن اللسانيات(.)1
أأما املؤسس احلقيقي للسانيات النص-ابتفاق جل ادلارسني -هو الهولندي"فان ديك"( )Van Dijkاذلي
سع اىل اقامة تصور متاكمل حول النص منذ س نة ،1972حيث ظهر كتابه "بعض مظاهر أأحناء
النص" ( )Aspects of textgrammarس نة 1972اذلي دعا فيه احمللل أأن يسكل طرائق جديدة يف
التحليل بقف فهيا عىل حتليل املس توايت الصوتية والرتكيبية وادلاللية ،أأما كتـــــــابه " النص والس ياق"
( ،)Le Texte et le contexteانطلق فيه من حتليل س يكولساين للخطاب والنص رابطا بني ادلالةل
والتداولية حيث ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية .يقول فان ديك "( ": )Van Dijkلقد توقفت القواعد
واللسانيات غالبا عند حدود وصف امجلل ...و أأما يف عمل النص فاننا نقوم خبطوة اىل ا ألمام ونس تعمل
وصف امجلل بوصفه أأداة لوصف النصوص املس تخدمة بغية وصف امجلل ،فان زنا نس تطيع أأن نتلكم عن
قواعد النص"(.)2
مث عرفت ادلراسات النصية بعد ذكل مزيدا من التطور والضبط املهنجي وظهرت العديد من املؤلفات
مهنا "بعض مظاهر أأحناء النص" و"النص والس ياق" و"عمل النص :مدخل متداخل الاختصاصات"
لصاحهبا فان ديك ،ابالضافة اىل ظهور أأعالم ابرزين من بيهنم" :س متبل"(" )Stempelجليسون"
("،)Gleasonدريسلر"( ،)Dresslerالكوس برينكر( )3( ، (Klaus Brinkerروبرت دي بوجراند( Robert
.)De Beaugrand
وقد الحظ محمد الشاوش فامي ضبطته جمةل ( )Bulletin de linguistiqueأأن عدد ا ألعامل اليت صنفتتحت
عنوان Analyse du discours ،Linguistique du texte :واليت نرشت بني 1978و 1990ترتاوح بني 94
و 298معال( )4يف العام الواحد ومنه يذهب اىل أأنه مل يمت جتاوز حنو امجلةل اال يف هناية الس تينيات من
ق ،20يف حني أأن س نة 1984متثل ذروة الاهامتم بنحو النص وحتليل اخلطاب حيث بلغت ا ألعامل
املنشورة فهيا 298معال" ،ومنه فان عمل اللغة النيص ال يزال كام يقول سعيد حبريي ":علام بكرا مل
-1سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص.61 :
-2فان دايك ،النص بين ووظائف مدخل أويل إىل علم النص ،تر/منظر عياشي ،ضمن كتاب العالماتية وعلم النص ،املركز الثقايف العريب ،بريوت ،ط،1
،2004ص.147 :
-3حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،ص.63 :
-4حممد الشاوش ،أصول حتليل اخلطاب يف النظرية النحوية العربية ،أتسيس"حنو النص" ،ص.76 :
27
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تتشلك مالمح زمتزيه عن العلوم ا ألخرى اليت تتداخل معها تداخال شديدا اال يف الس نوات ا ألخرية من
القرن العرشين( )20عىل أأحص تقدير".
تكل اشارة اىل نشأأة لسانيات النص يف الغرب ،أأما انتقالها اىل العرب ،فقد اكن عن طريق الرتمجة،
ولعل أأول اشارة الهيا يف ا ألعامل العربية يه اشارة هناد رزق هللا يف حبثه (دراسات مهنجية يف حتليل
تعرف عىل كتاب عمل النص(مدخل متداخل النصوص) ،ويقرر سعيد حبريي بعد ذكل أأنه ز
الاختصاصات) تأأليف فان ديك س نة 1985حني بد أأ يتحول اىل جمال عمل اللغة النيص أأو عمل لغة
النص" أأما أأول اشارة هممة اىل هذا العمل فقد اكنت يف حبث سعد مصلوح املوسوم بـ ":من حنو امجلةل
اىل حنو النص"الصادر س نة 1989يف الكويت .وميكن أأن يكون أأول حبث عرب يس تعمل أأدوات
لسانيات النص هو حبث :انفتاح النص الروايئ لسعيد يقطني الصادر يف طبعته ا ألوىل س نة 1989
ابدلار البيضاء ابململكة املغربية .مث توالت املرتجامت والبحوث املنشورة ابللغة العربية يف جمال لسانيات
النص.
وظيفة لسانيات النص:
تتعامل لسانيات النص مع النصوص قيد التحليل من خالل منظورين أأوهلام يتعلق ابلوصف النيص
ويتعلق اثنهيام ابلتحليل النيص.
.1الوصف النيص:
ومن خالهل توحض مكوانت النص ابتداء من العتبات النصية حيث العنوان فامجلل فالتطرق اىل
املوضوعات اليت مت تداولها يف النص ،وتتعدى ادلراسة الوصفية اىل احصاء الروابط املوجودة يف النص،
وحماوةل تفسري بسب تواترها.
.2التحليل النيص:
تتوزع اش تغاالت ومقارابت هذا العمل عىل املس توى النظري والعميل اىل موضوعات هممة جدا،
أأوجزها "صبحي ابراهمي الفقي") (1يف ثالثة مراحل ويه:
أأ -االحصاء ل ألدوات و زالروابط اليت تسهم يف التزحليل.
ب -الوصف لشلك النزص وموضوعاته والوصف لهذه ا ألدوات و زالروابط .
ابلس ياق وال زتواصل .املالحظ ج -ال زتحليل اببراز دور هذه زالروابط يف تقيق ال زتامسك ز
النيص مع الاهامتم ز
أأ زن صبحي ابراهمي الفقي انطلق من ا ألدوات االجرائ زية للسانيزات ز
النصية لتبيني هماهما ووظيفهتا.
-1سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص. 56:
28
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ويرى ادلكتور"صالح فضل" أأن هم زمة اللزسانيات النزصية تمتث زل يف وصف العالقات ادلز اخلية
واخلارجية ل ألبنية النزصية مبس توايهتا اخملتلفة ،ورشح املظاهر املتعدزدة ألشاكل ال زتواصل واس تخدام
اللزغة ،كام ي زمت حتليلها يف العلوم اخملتلفة ) ،(1أأما ادلارس االيطايل دي بوجراند R. A.Debougrandفيقول
":أأما العمل ا أل زمه للسان زيات النزص فهو اب ألحرى دراسة مفهوم النزص زية Textualityمن حيث هو عامل
انجت عن االجراءات االت زصالية امل زتخذة من أأجل اس تعامل النزص").(2
وابلتايل تتحدد وظائف التحليل اللساين النيص انطالقا من وصف العالقات ادلاخلية واخلارجية
ل ألبنية النصية ،مع رشح أأشاكل التواصل ومظاهر اس تخدام اللغة والوقوف عند جتليات الاتساق
والانسجام من أأجل حتديد القوانني واملعايري اليت حتمك البنية النصية وتضممن اس مترارها.
أأما محمد عبد اللطيف حامسة فيشرتط للتحليل النيص أأن"يؤسس عىل النص نفسه ،وال ميكن أأن
يصبح النص نصا اال اذا اكن رساةل لغوية تشغل حزيا معينا ،فهيا جدلية حممكة مضفورة من املفردات،
والبنية النحوية تؤلف س ياقا خاصا ابلنص نفسه ،و ألبناء اللغة سليقة هتدهيم اىل معرفة النظام النحوي
بلك أأبعاده الصوتية واملعجمية والرتكيبية تساعد عىل ادراك وحدة النص(.)3
الفوائد التطبيقية للسانيات النص:
للسانيات النص فوائد تطبيقة يف لك اجملاالت اليت متثل اللغة عنرصا قارا وأأساس يا فهيا ،ذكل أأن
النص ميثل احدى ادلعامئ ا ألساس ية يف التعلمي اذلي ال يتحقق بطريقة جيدة كام يرى دي بوجراند اال
من خالل نصوص حس نة التنظمي ،ألن النصوص اليت ترد يف مقاطع نصية مفككة جتعل التعمل مضطراب
وشاقا( .)4فلكام أأحاط الطالب خبصائص النص اذلي يدرسه متكن من تصنيفه ويتوقف ذكل عىل الوعي
بطريقة بنائه واش تغاهل ،مبا يف ذكل طرائق الربط بني أأجزائه وكيفيات الانتقال من جزء زاىل أآخر(.)5
ذكل أأن البناء اجليد واملامتسك للنصوص من شأأنه أأن يسهم يف بناء عقلية منظمة قادرة عىل التعامل
املهنجي مع املعلومات وعىل اكتساب همارات نصية متعددة مكهارة احلجاج ()argumentation
والاس تدالل مثال ،ابالضافة اىل اكتساب أأنواع التفكري املهنجي اكلتفكري التدرجيي والتفكري
التصنيفي )6(...ويرى "فان ديك" ( )Van Dijkأأنه ابالماكن أأن يكون لعمل النص فوائد معلية يف جمال فهم
النصوص وانتاهجا ،حني يدرك املتعمل أأنه" جيب أأال جتري معلية التفسري أأفقيا حفسب ،بل بشلك مواز
-1صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،مرجع سابق ،ص. 319:
-2روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،مرجع سابق ،ص.95:
-3حممد محاسة عبد اللطيف ،اإلبداع املوازي – التحليل النصي للشعر ،ص.15 :
- 4حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،مرجع سابق ،ص.115 :
- 5املرجع نفسه ،ص115 :
- 6املرجع نفسه ،ص.116 :
29
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
أأيضا :حيلل مس تخدم اللغة الس ياق والبنية النحوية للنص يف الوقت ذاته ويركب جزءا من المتثيل
ادلاليل والرباغاميت للمنطوق( ،)1ففهم النص ال ُي ْكتف فيه ابلوقوف عند مقتضيات البنية السطحية حيث
الوقائع اللغوية ،بل جيب " أأن يرتبط فهم النص دوما بفهم أأحداث لغوية وتوجيه تفاعالت اتصالية(،)2
ذلكل " أأصبح حتليل النصوص والمترن عىل انتاهجا نشاطني هممني ،فتودلت أأمهية الرتكزي عىل النص من
حيث هو دعامة ( )Supportبيداغوجية بعد فشل الطرائق اليت اختذت من امجلةل مرتكزا لها ،يقول فان
دايك ":فال جيب أأن يفهم تلميذ ما مجال فقط ،بل جيب أأن يتعمل أأيضا عىل أأي حنو تنتظم املعلومات
يف نص أأطول ،)3("...كام ميكن أأن يتعمل هذه املهارة بشلك ميكنه من تلخيص النصوص تلخيصا سلامي
وحصيحا ،ليدرك كيفية ترابط البنية النزصية مع الوظائف الرباغامتية والاجامتعية للنصوص.
وعليه ال ميكن تعمل أأية لغة من خالل تدريس تراكيب ومجل معزوةل عن س ياقاهتا كام اكن عليه احلال
مع البنويني ،بل يتحقق ذكل ابالنطالق من وحدات تواصلية أأوسع اكحلوارات والنصوص بأأنواعها وهو
ما يكسب املتعمل كفاية نصية ( )Compétence textuelleيس تطيع بوساطهتا أأن يفهم وينتج نصوصا تغطي
خمتلف منايح احلياة احمليطة به ،ابالضافة اىل تيسري مقروئية النص( )Lisibilité du texteوقد ارتكزت
هذه العملية يف املايض عىل معايري جزئية وسطحية تنظر يف طول اللكامت وغرابهتا وامجلل وتعقدها،
و أأمهلت ما تعلق بتنظمي النص والعوامل املتصةل ابحملتوى ،فاكنت جل اجلهود مركزة يف تيسري املقروئية
عىل ختليص النص من اللكامت الصعبة وتبس يط امجلل املعقدة ،ولكن تبني أأن اللجوء اىل أأسهل ا ألمناط
جيعل التلميذ ال يتعامل اال مع نصوص أأدبيهتا ضعيفة وهو ما جيعل مردودها البيداغويج دون املس توى
املطلوب ،ألن التلميذ ال يبذل فهيا هجدا .يقول دي بو جراند":و أأرى أأن مبد أأ الاقتصاد يف اجلهد قد
ُجعل عىل سبيل اخلطأأ معيارا ل ألنشطة االنسانية يف معوهما ولقراءة النصوص بوجه خاص ..ولقد أأمدان
مبد أأ الاقتصاد يف اجلهد مبس تودع لكتب القراءة التافهة(.")4
ان هذا االجراء قد أأفقر النص وجرده من أأمه مغرايت القراءة اليت تمتثل فامي يكتنف النص من مغوض
وما حيتويه من أأساليب غري مأألوفة.
جتدر االشارة اىل أأن املامرسة النصية التقليدية تناولت حتليل النصوص من أأجل فهمها فاختاذها منطلقا
لامترين كتابية أأو شفوية و أأمهلت طريقة اش تغالها ( .)Fonctionnementفاللسانيات التقليدية هتمت مبفردات
الظواهر اللغوية يف غزلهتا ،حىت ليتعذر الوصول اىل صورة واحضة لالتصال يف معومه ،جند أأيضا
- 1فان دايك ،عل م النص ،مدخل متداخل االختصاصات ،تر /سعيد حسن حبريي ،دار القاهرة للكتاب ،مصر ،ط ،2001 ،1ص.332 :
- 2املرجع نفسه ،ص.333 :
- 3املرجع نفسه ،ص.334 :
- 4روبري دي بوجراند ،النص واخلطاب واالجراء ،ص.565 :
30
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الاهامتم ابلقطع املبعرثة من املعلومات يف التعمل جتعل التعمل شاقا بال رضورة( )1ان اجلهل ابلبعد
وعاء من املفردات يتطلب بعضها الرشح والتفسري يكرس اعتبار النص ً النيص( )Dimension Textuelleز
من أأجل تدعمي الرصيد املعجمي للتلميذ مبفردات جديدة ،أأو اعتباره أأيضا خزاان لصيغ وتراكيب ابالماكن
حفظها والنسج عىل منوالها( .)2ال شك أأن لهذه العمليات فوائد غري أأهنا حترص التعامل مع النص يف
مس توى امجلةل وهتمل البعد النيص ،فيحصل أأن يمتكن التلميذ من تكوين مجل سلمية وحتديد وظائف
اللكامت وقد يكتسب ثروة لفظية معتربة اال أأنه ال يس تطيع انتاج نص كتابة أأو مشافهة.
كام تعمتد الطرائق القدمية عىل تصنيف النصوص وفق ما يسم ابحملاور(حمو احلياة الاجامتعية ،حمور
احلياة الثقافية) مما جيعل لك مجموعة من النصوص حتتوي عىل موضوع واحد أأو متقارب ،والهدف من
ذكل اكساب التلميذ ا أللفاظ اليت يش يع اس تعاملها يف هذا احلقل أأو ذاك ،غري أأن ما مل ينتبه اليه أأنصار
هذه الطريقة أأن اللغة ليست أألفاظا حفسب بل يه ابالضافة اىل ذكل تراكيب ونصوص حيدد ممزيات
لك واحد مهنا الس ياق اذلي ورد فيه والظروف اليت أأنتج فهيا ،وعليه جيب أأ زال ينظر اىل نصوص يبدو
علهيا الانسجام بفعل اشرتاكها يف املوضوع فقط بقدر ما يؤخذ بعني الاعتبار يف مجع هذه النصوص
وتنظميها رشوط انتاهجا اليت تكون قد جعلهتا متشاهبة يف بنيهتا ،و جيعل تراكيب معينة تتكرر فهيا
ابس مترار وهو ما ميكن التالميذ من المترن عىل ا أللفاظ والرتاكيب الأكرث تواترا وعىل بنية النص كلك.
وابملقابل يرى بعض البيداغوجيني أأنه ابالماكن اعامتد تصنيف للنصوص مغاير للتصنيف حسب
احملاور ،ويمتثل ذكل يف تصنيف النصوص حسب املهارة النصية اليت نريد تعلميها للتلميذ ،واملهارات
النصية حمدودة مقارنة ابلنصوص ،وعليه ابالماكن تصنيف النصوص اكلآيت:
نصوص رسدية أأو يغلب علهيا الطابع الرسدي ،نصوص وصفية أأو يغلب علهيا الطابع الوصفي ،نصوص
تعبريية أأو يغلب علهيا الطابع التعبريي ،نصوص اس تداللية ويغلب علهيا الطابع املنطقي الاس تداليل .ان
الفائدة البيداغوجية احملققة من معرفة خصائص لك نص يه أأن التلميذ اذا اس توعب مياكنزمات نوع
معني من خالل تعامهل مع مناذج منه فانه يكتسب كفاية نصية تيرس هل التعامل مع أأي نص ،حبيث
يتوقع أأش ياء يف النص قبل الوصول الهيا.
-1تون فان دايك ،علم النص ،مدخل متداخل االختصاصات ،تر /سعيد حبريي ،دار القاهرة للكتاب ،ط ،2001 ،1ص.10:
-2سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،مرجع سابق ،املقدمة ،ص :أ.
-3املرجع نفسه ،ص.1 :
- 4صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص.5 :
- 5اينظر :ملرجع نفسه ،ص.326 :
32
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
أأقوال أأدبية ،أأين "اهمت البالغيون بدراسة بعض املظاهر اخلطابية ابرازا لوعهيم بامتسك اخلطاب وارتباط
أأجزائه بعضها ببعض) ،(1وهو ما يعين أأن هلام ا ألهداف نفسها ،اال أأن البالغة تسع اىل الريق ابخلطاب
اىل مس توى تعبري قادر عىل شد انتباه املتلقي والتأأثري فيه( ،)2انطالقا من وسائط عدة شلكت
منطلقات املعاجلة النصية يف عمل البالغة مثل :االجياز ،الفصل والوصل ،فضال عام ذهب اليه عبد
القاهر اجلرجاين مما هل صةل وثيقة ابلتئام أأجزاء النص ومكوانته وفق ما يقتضيه حسن النظم بتويخ
معاين النحو فامي بني اللكم .ذلكل يرى بعض ادلارسني يف البالغة املمهزد للسانيات النص؛ فاالنتقال من
الرتكزي عىل اجلانب املعياري للغة اىل الاهامتم ابجلانب الاس تعاميل التداويل هو من اهامتمات البالغني.
يف حني خيالف بعضهم هذا التوجه ،اذ يرى ادلكتور"سعيد حسن حبريي" أأن البالغة تتفق مع لسانيات
النص يف املادة وختتلف معها يف املوضوع والهدف ،مفن" أأهداف البالغة اقامة بعض ا ألبنية املتوافقة مع
بعض الاس تعامالت اللغوية ،أأي أأهنا تعىن مبا هو معوم ،يف مقابل عمل ا ألسلوب اذلي يعىن مبا هو
خصوص ،اذ انه يعىن ابلبحث يف ا ألبنية اليت تندرج مهنا ا ألشاكل املس تخدمة ،وحيلل بدقة كيفية قياهما
بوظائفها التواصلية و أأثرها امجلايل(.)3
ئتساء مبا أأثر عن كبار ا ألدابء واخلطباء ،اذ
وابلتايل فالبالغة متكن املتلكم من طرائق الالكم املؤثر ا ً
"ينحرص هدفها يف توفري القواعد واعداد الامنذج اليت يس تطيع املتلكم مبساعدهتا اقناع سامعيه( )4يف حني
تسع لسانيات النص اىل دراسة وحتليل مؤيدات التأأثري فامي حتقق من الاس تعامل اللغوي .انطالقا من
مض "تكل القواعد والامنذج والاسرتاتيجيات املتاحة وجتاوزها اىل اماكانت أأخرى توفرت من خالل
االمتداد املعريف واتساع ا ألفق والتداخل التصوري –وهو ما مكهنا -من ختطي الامتداد ا ألفقي اىل
أأبعاد داللية واشارية واحالية تس تعيص عىل النظر احملدود(.)5
وهكذا ،فقد أأدى تداخل البحوث اللغوية والبالغية وا ألسلوبية اىل صعوبة متيزي ما هو نيص مما هو
غري نيص؛ اذ اهنز ا لكها تعىن ابملضمون وان اكنت تتوصل اليه بطرق خمتلفة ،حىت أأدوات هذه املناجه
تداخلت وصار الربط بني مس توايت اللغة اخملتلفة من صوتية ورصفية وحنوية وداللية مسة مشرتكة(.)6
وبغض النظر عن الر أأي الصائب ،فان العلوم يتأأثر بعضها ببعض وخباصة اذا تقاطعت بيهنا؛ اما يف
- 1ينظر :صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،مكتبة لبنان ،انشرون ،ط ،1996 ،1ص.318 :
-2نعمان بوقرة ،أضواء على نظرية حتليل اخلطاب يف الفكر اللساين احلديث ،جملة العلوم االنسانية ،اململكة العربية السعودية ،ع ،2017 ،29ص50 :
- 3سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،مرجع سابق ،ص.8 :
- 4املرجع نفسه ،ص.9 :
- 5املرجع نفسه ،ص.9 :
- 6املرجع نفسه ،ص.12 :
33
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
مادة ادلراسة أأو املهنج ،وهو حال لسانيات النص ،مما حدا بـ"فان ديك" ( )Van Dijkأأن يعتربها علام
متداخل الاختصاصات.
عالقة اللسانيات ابالنرثوبولوجيا
اضافة اىل مساعي البالغيني هناك روافد معرفية أأخرى أأسهمت بنصيب وافر يف دراسة النص
تشلك النص واش تغاهل ،كونه نظاما تواصليا هل من ا ألدب وفق رؤى وتوهجات بغية الوقوف عىل كيفية ز
اخلصائص البنوية ما جيعهل كياان قامئا بذاته ،حيث" أأدىل الانرثوبولوجيون بدالهئم يف هذا الس ياق .من
هؤالء "مالنيوفسيك"( )Maliowiskyو"فالدمري بروب" و"شرتاوس"( )Straussو أأتباعه .فقد متزيت
دراسة الانرثوبولوجيني ابالفادة من عمل اللغة البنيوي ،يف حتليل الامنذج ،وا ألمناط السائدة ،يف ا ألدب
الشعيب ،وا ألسطوري ،الجياد ما أأصبح معروفا بـ"البىن" وتفكيك الرموز اللقاء الضوء عىل ا ألسس
املؤثرة يف قدرة الناطقني بلغة من اللغات عىل تأأليف النصوص ،واس تعاملها لالتصال بني ا ألشخاص(.)1
و أأما املعنيون بدراسة احلياة الاجامتعية فقد اس تخدموا اللسانيات للكشف عن الكثري من القواعد اليت
تتحمك يف أأداء النصوص عىل اختالف وظائفها التثقيفية والاعالمية .اذا اكن عمل ا ألنرتوبولوجيا خيتص
بدراسة العالقة االنسانية من حيث متزيها ،فاللسانيات تلتقي مع هذا العمل من حيث كون اللغة الوعاء
احلاوي للثقافة ،فدارسة الثقافة من منظور لغوي قد تؤدي اىل نتاجئ معيقة وكذكل ا ألمر ابلنس بة للساين
فهو حيتاج يف بعض ا ألحيان اىل معرفة خاصة ابلبنيات الثقافية جملمتع ما.
عالقة اللسانيات ابلفليلولوجيا:
للفيلولوجيني مساع كثرية يف البحث عن قواعد لعمل النص و أأشهر من سع للكشف عن الروابط بني
طور لغويو"براغ" ( )Pragueأآراءه دراسة النحو ودراسة املعىن "هانري فايل"( ) Henre Weilاذلي ز
برتكزيمه عىل املنظور الوظيفي للجمةل وهو منظور حهثز م عىل مالحظة الصةل بني مجلتني أأو أأكرث وتأأثر
لحيان)(2 وظيفة امجلةل هبذه العالقة القامئة عىل التقدمي والتأأخري يف أأكرث ا أ
"وتعزى اىل "هارجف"( 1968 )Harwengأأول حماوةل جادة لوصف التنظمي اذلايت ،ادلاخيل للنص من
خالل احلديث عن بعض العالقات اليت تسوده ،مثل :عالقة االحاةل والاستبدال مشريا اىل التكرار
والرتادف والعطف والرتتيب وهذه الليات اليت ذكرها تقع يف دائرة الرتابط والاتساق ادلاخيل للنص.
كام وجدت هذه ا ألفاكر صداها يف أأعامل "ايزنبورغ" " "Iscenpergس نة 1998اذلي اعتىن ابلبحث يف
العوامل املتحمكة يف اختيارات صاحب النص ،ويه مجموع ا ألدوات اليت تنظم عالقات امجلل بعضها
-1إبراهيم خليل،األسلوبية ونظرية النّص،املؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بريوت ،لبنان ،ط،1997 ،1ص.128:
-2املرجع نفسه ،ص.129 :
34
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ببعض ؛ اكلضامئر وحروف التعريف والتنكري والتعممي بعد التخصيص والاقرتان بعالئق س ببية ،أأو
غائية أأو أأي عالقة أأخرى(.)1
عالقة لسانيات النص بعمل النفس
ان اختصاص عمل النفس برشح طبيعة العمليات اللغوية وأليات انتاهجا وتلقهيا ،طلام أأن الظاهرة
اللغوية يف جانهبا النفيس تتضمن معلييت االجناز والفهم ،هو ما أأدى اىل نشوء لسانيات النص اليت
تتكفل بدراسة بنية النصوص وترصد كيفيات اش تغالها انطالقا من البواعث النفس ية اليت تتحمك يف
انتاج الالكم وفهمه ،وهو ما جعل هذا العمل يتقاطع مع لسلنيات النص ،ألن الظاهرة ا ألدبية لن تكون
أأشد تعقيدا وال خصوبة وال خصوصية من العامل ادلاخيل للنفس االنسانية اليت تبدعها وتتلقاها(.)2
وميكن حتديد اسهامات عمل النفس يف تمنية البحوث اللغوية والبالغية من خالل تكل اليت أأخذ حيلل
فهيا أليات التلقي والتذكر ،وتكوين ا ألخيةل ابملعطيات احلس ية ،وطرق اكتساب اللغة ومتثلها معرفيا،
وذكل ابكتساب املعلومات ادلقيقة عن مس توايت الوعي وطبيعة ا ألبنية اللغوية املاثةل يف الالشعور ...مما
يلقي أأضواء غامرة عىل مشالكت انتاج اخلطاب ا ألدب ،وعالقته ابملبدع ،وموقف املتلقي يف اعادة
انتاجه( ،)3ذلا اكن اهامتم لك من عمل النفس وعمل الرتبية موهجا حنو الطرائق اخملتلفة لفهم النصوص ومعق
استيعاهبا واعادة صياغهتا .كام تقوم علوم االتصال احلديثة ابلبحث عن التأأثريات اليت حتدهثا النصوص
عىل أآراء وسلوك املتلقني وطرائق تفاعلها لتحديد ا ألشاكل النصية للتواصل يف خمتلف املوافق
واملؤسسات.
عالقة اللسانيات ابلتداولية:
التدولية أأو اذلرائعية أأو النفعية أأو الرباغامتية أأو الس ياقية ،ويه يف املقابل ا ألجنيب()Pragmatique
ذات ا ألصل اليوانين ( )Pragmaوتعين" الفعل" أأو "احلدث" ،اال أأن أأكرث املصطلحات تداوال بني
ادلارسني يه :التدولية ،الرباغامتية ،وختتص بتحليل ا ألفعال الالكمية ووظائف منطوقات لغوية وسامهتا
يف معليات االتصال بوجه عام( ،)4ذلا فاهنا مرتبطة بتحليل ما يعنيه الناس بأألفاظهم أأكرث من ارتباطها مبا
ميكن أأن تعنيه لكامت أأو عبارات هذه ا أللفاظ منفصةل( )5هذا العمل اذلي بد أأ تطوره عىل حنو حصيح منذ
الس نوات العرشين ا ألخرية ،هل خاصية التداخل مع عدة ختصصات أأخرى .عىل ر أأسها لسانيات النص.
- 1ينظر :مصطفى غلفان ،حتليل املكون اللغوي للنص األديب بني اللسانيات ومناهج التحليل األديب ،أعمال ندوة مكوانت النص األديب ،جامعة احلسن
الثاين ،الدار البيضاء ،1988 ،ص.220،221،222 :
- 2ينظر :املرجع نفسه ،ص.222 :
- 3املرجع نفسه ،ص.223 :
36
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
النيص بقدرة فائقة عىل استيعاب لك ذكل اخلليط املتباين ،بل وتشكيل بنية منسجمة قادرة عىل
احلفاظ عىل ذكل التداخل من هجة وابراز جوانب التفارق بينه وبني العلوم ا ألخرى من هجة اثنية،
وشلكت اخلواص الرتكيبية وادلاللية واالتصالية للنصوص صلب البحث النيص مبعىن أأن البحث يتحقق
عىل مس توايت ثالثة أأساس ية ويه :املس توى النحويوادلالليوالتداويل ابملفهوم الواسع هل.
بعض الظواهر النصية يف البالغة العربية:
أأسهم البالغيون يف بيان ترابط النص ومتاسكه من خالل عدد من املعطيات اليت تشعبت يف معاجلهتم
و أأمهها:
الفصل والوصل.
الفصل :االتيان ابمجلةل الثانية بدون العطف.
الوصل :عطف مجةل عىل أأخرى ابلواو ،والبالغة يف الوصل أأن تكون ابلواو ،دون سائر العواطف.
لعل أأقدم اشارة اىل أأمهية الفصل والوصل يف اخلطاب ما ورد يف كتاب "البيان والتبيني" حني رسد
اجلاحظ تعريفات للبالغة ،وجاء يف تعريفه أأنه قال للفاريس":ما البالغة؟ " فقال":معرفة الفصل من
الوصل"( .)1ذكل لغموضه ودقة مسلكه ،و أأنه ال يمكل الحراز الفضيةل فيه أأحد ،اال مكل لسائر معاين
البالغة ()2حيث يعترب اجلرجاين والساكيك الفصل والوصل أأصعب و أأدق مبحث يف البالغة لكها اذ يرى
اجلرجاين أأن من أأتقن الفصل والوصل سهل عليه امتالك بقية ا ألبواب.
الفصل والوصل من منظور اجلرجاين
يمتحور هجد اجلرحاين يف ابب الوصل والفصل حول" ما ينبغي أأن يضع يف امجلل من عطف بعضها
عىل بعض أأو ترك العطف فهيا واجمليء هبا منثورة تس تأأنف واحدة مهنا بعد ا ألخرى"( )3و أأبرز املبادئ
اليت تتحمك يف وصف وحتليل الفصل والوصل عند اجلرجاين ما ييل:
أأوال :ا ألساس النحوي( :)4حيث انطلق اجلرجاين من مجموعة من القواعد والقيود النحوية اليت بلورها
النحاة من أأجل ضبط العطف (اكمتناع ذكر الواو بني الوصف واملوصوف ،أأو بني التأأكيد واملؤكد ،أأو
امتناع عطف مجةل عىل أأخرى ال حمل لها من االعراب ،ومتيزيمه بني عطف املفرد عىل املفرد وبني
عطف امجلةل عىل امجلةل).
-1اجلاحظ (أبو عثمان عمرو بن حبر ،ت 255هـ) ،البيان والتبيني ،تقيق عبد السالم حممد هارون ،مكتبة اخلاجني ابلقاهرة ،ط ،1998 ،7ج ،1ص:
.88
-2اجلرجاين (أبو بكر عبد القادربن عبد الرمحان بن حممد ت 471هـ) دالئل االعجاز ،قرأه وعلق عليه :أبو فهر حممود حممد شاكر ،مكتبة اخلاجني ابلقاهرة،
ص.222 :
-3املرجع نفسه ،ص222 :
- 4حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل النسجام اخلطاب ،ص.100 :
37
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
عطف املفرد عىل املفرد :تبدو فائدته حسب اجلرجاين يف اشرتاك الثاين مع ا ألول يف االعراب ،وبذكل
تنقل الواو العاطفة احلمك االعراب اىل الثاين فيطابق ا ألول يف مجيع حاالته االعرابية:جاء زي ٌد ٌ
وعيل،
أأكرمت زيدً ا وعل ًيا ،ومررت بزيد وعيل .ذكل أأنه ليس للواو معىن سوى االرشاك يف احلمك اذلي يقتضيه
االعراب اذلي أأتب ْعت فيه الثانية ا ألول(.)1
عطف امجلةل عىل امجلةل :ميزي اجلرجاين يف هذا الباب بني حالتني:
احلاةل ا ألوىل :أأن يكون للمعطوف علهيا حمل من االعراب ،فعطف الثانية عىل ا ألوىل مزنل مزنةل املفرد،
كقوكل :مررت برجل ُخلُ ُقه حسن وخلْ ُقه قبيح ،فلكتا امجللتني صفة للنكرة وانتقل احلمك االعراب للثانية
بوساطة الواو.
احلاةل الثانية :يه عطف مجةل عىل أأخرى ال حمل لها من االعراب ،حنو :زيد قامئ وعيل قاعد ،يعلق
اجلرجاين قائال ":ال سبيل لنا اىل ادعاء أأن الواو أأرشكت الثانية يف اعراب قد وجب ل ألوىل بوجه من
الوجوه( ،")2وعليه نس تخلص رشوط عطف مجةل عىل أأخرى و اليت يه(:)3
-أأن يكون حمكها حمك املفرد.
-أأن يكون ل ألوىل حمل من االعراب.
-أأن تنقل الواو اىل الثانية حكام وجب ل ألوىل.
مما تقدم نس تنتج أأن اجلرجاين انطلق من عطف املفرد عىل املفرد أكصل يبين عليه عطف امجلةل عىل
امجلةل ،ويوحض ذكل قوهل ":اذ ال يكون للجمةل موضع من االعراب حىت تكون واقعة موقع املفرد ،واذا
اكنت امجلةل ا ألوىل واقعة موقع املفرد ،اكن عطف الثانية علهيا جاراي جمرى عطف املفرد عىل املفرد(.)4
ا ألسامء الواصفة واملؤكدة( :)5ال حتتاج اىل رابط يربطها مبوصوفها أأو مؤكدها ،كقوكل" :جاءين زيد
الظريف"و"جاءين القوم لكزهم" فان"الظريف"و"لكزهم" ليسا غري"زيد" و"القوم" فا ألول صفة لزيد والثاين
تأأكيد للقوم ذلا مل حيتاجا اىل رابط يربط بيهنام ،أأي يربط بني التابع واملتبوع.
امجلل الواصفة واملؤكدة :ان ما يرسي عىل املفرد يف هذه احلال هو ما يرسي عىل امجلةل أكن تكون
اب ال ريب ِفي ِه﴾البقرة2 مؤكدة لليت قبلها أأو مب زينة لها ،ز
وحض اجلرجاين ذكل بقوهل تعاىل"﴿ أأمل ذ ِكل ال ِكت ُ ْ
اب﴾ وهو مبزنةل أأن تقول ":ذكل الكتاب، قوهل﴿ ال ريْب ِفي ِه ﴾ بيان وتوكيد وتقيق لقوهل ﴿ أأمل ذ ِكل ال ِكت ُ
ذكل الكتاب" وادلاعي اىل جعهل خاليا من العاطف هو أأنه" ال يشء يمتزي به عنه فيحتاج اىل ضا زم
يض زمه اليه وعاطف يعطفه عليه"( .)1و أأليك هذا اجلدول املوحض ل ألساس النحوي:
الواسطة عطف مجةل عىل مجةل الواسطة عطف مفرد عىل مفرد
الواو الاشرتاك يف احلمك االعراب الواو الوصل الاشرتاك يف احلمك االعراب
التأأكيد موصوف ـ صفة
معنوية معنوية الفصل مؤكد ـ مؤ ِكد
البيان بيان ـ ختصيص
املتلقي ابخلطاب ،فتعود مقبولية العطف اىل أأس باب تداولية ،وتوضيحا ذلكل رضب اجلرجاين هذا
املثال" :معرو قامئ وزيد قاعد" فالشخصان يف ذهن املتلقي ال يفرتقان حىت اذا عرف حال أأحدهام اتق
اىل معرفة حال الثاين ،لكن اقرتان ا ألشخاص يف ذهن املتلقي خمتلف من طرف اىل أآخر ذلكل فان
مبد أأ التزضام النفيس نس يب ،يف حني أأن مبد أأ التزضام العقيل عام ألنه مرتبط ابلوقائع (املعاين يف اصطالح
اجلرجاين) يف مثل قولنا - :العمل حسن واجلهل قبيح – العدل محمود والظمل مذموم – الاجهتاد حسن
والكسل قبيح.
فاملربر ادلاليل للعطف كون اخلرب عن الثاين مضادا عن ا ألول ،و أأما املربر التداويل فكون الواقعتني
متضامتني عقليا ابلنس بة جملموعة لغوية متجانسة.
خنلص مما سلف اىل أأن العطف بني امجلل ال حيمكه فقط مبد أأ حنوي وهو الاشرتاك يف احلمك
االعراب ،وانزام حتمكه مبادئ متنوعة جنو :معىن امجلع = الشبيه والنظري والنقيض ،التضام النفيس=
ابلنس بة ل ألشخاص وهو مبد أأ نس يب ،التضام العقيل = ابلنس بة للوقائع وهو عام .وميكن أأن ختزتل هذه
املبادئ يف مبد أأ عام هو [الاشرتاك يف)2(]...
الفصل :التأأكيد:
اذا اكن اجلرجاين قد اهمت ابرتباط امجلل بعضها ببعض بوساطة الواو ،فان زه هيمت هنا ابلعالقة اخلفية
القامئة بني امجلل املشلكة للخطاب ،ويه عالقة ال تعمتد عىل رابط شلكي ظاهر سطحيا ،وقد أأورد
اجلرجاين لتوضيح هذه العالقة أأمثةل من القرأآن الكرمي مهنا مثال :قوهل تعاىل ﴿ :ا زن ا ِذلين كف ُروا سوا ٌء
هللا عىل قُلُوهبِ ِ ْم وعىل ْمس ِعهِ ْم وعىل َأبْصا ِر ِ ْمه ِغشاو ًة ولهُ ْم علهيْ ِ ْم َأ َأنْذ ْر ُهت ْم َأ ْم ل ْم تُ ْن ِذ ْر ُ ْمه ال يُ ْؤ ِمنُون خمت ُ
اب ع ِظ ٌمي﴾ البقرة .7.6فقوهل﴿ال يُ ْؤ ِمنُون﴾ تأأكيد لقوهل ﴿:سوا ٌء علهيْ ِ ْم َأ َأنْذ ْر ُهت ْم َأ ْم ل ْم تُ ْن ِذ ْر ُ ْمه﴾ وقوهل: عذ ٌ
هللا عىل قُلُوهبِ ِ ْم وعىل ْمس ِعهِ ْم ﴾ تأأكيد اثن أأبلغ من ا ألول ،ألن من اكن حاهل اذا أأنذر مثل حاهل اذا ﴿خمت ُ
مل ينذر اكن يف غاية اجلهل ،واكن مطبوعا عىل قلهبال حماةل(.)3
وقوهل﴿ :واذا تُ ْتىل عل ْي ِه أآايتُنا و ىىل ُم ْس ت ْك ِربا َك ْن ل ْم ي ْسم ْعها َك ىن ِيف ُأ ُذن ْي ِه و ْقرا﴾ لقامن .7فالتشبيه الثاين مل
عىل ا ألول ألن املقصود من التشبيه مبن يف أأذنيه وقر هو بعينه املقصود من التشبيه مبن مل يعطف ِ
يسمع ،بيد أأن التشبيه الثاين وان اكن يؤكد ا ألول أأقوى من ا ألول يف اذلي ُأريد( .)4ذلا تعترب تأأكيد مجةل
-1حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.103 :
- 2املرجع نفسه ،ص.104 :
-3اجلرجاين ،دالئل اإلعجااز ،ص.228 :
-4نفسه ،ص.229 :
40
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ألخرى وس يةل هامة من وسائل متاسك اخلطاب رمغ أأن كيفية االتصال معنوية غري معمتدة عىل رابط
شلكي.
الفصل :
صيغة اخلطاب) :(1يقول اجلرجاين ":ومما هو أأصل يف هذا الباب أأن زك ترى امجلةل وحالها مع اليت قبلها
حال ما يعطف ويقرن اىل ما قبهل ،مث تراها قد وجب فهيا ترك العطف ألمر فهيا صارت به أأجنبية مما
قبلها"(.)2
وعىل هذا النحو ينتقل اجلرجاين اىل حبث مظهر أآخر من مظاهر اخلطاب اليت توجب الفصل عىل
خالف ما قد يعتقد وقد أأطلق عليه محمد خطاب يف كتابه "مدخل اىل لسانيات النص" مصطلح"
بناء عىل حتليل اجلرجاين لآي اذلكر احلكمي واليت مهنا قوهل تعاىل﴿ :واذا ل ْقوا ا ِذلين صيغة اخلطاب"(ً )3
هللا ي ْس هتْزِئُ هبِ ِ ِ ْم وي ُّمدُ ُ ْمه ِيف
أآمنُوا قالُوا أآمنىا واذا خل ْوا اىل ش يا ِطيهنِ ِ ْم قالُوا اانى مع ُ ْمك ان ىما ْحن ُن ُم ْس هتْ ِز ُئون ُ
آ ِ أ ِ ِ البقرة ِ
ظاهرها بوجوب ُ هل يويح قد ية ل ا هذه مل أ أ مت ن أ ىل ا اجلرجاين يذهب . 15.14 ُط ْغياهنِ ِ ْم ي ْعمهُون﴾
هللا ي ْس ْهتزِئُ هبِ ِ ْم﴾ عىل قوهل ﴿:ان ىما ْحن ُن ُم ْس ْهت ِز ُئون﴾ ألنه ليس أأجنبيا عنه وهل يف القرأآن عطف ﴿ ُ
ِ
نظائر جاءت معطوفة عىل ما قبلها ،مهنا قوهل تعاىلُ ﴿:خيا ِدعُون هللا وهْو خا ِد ُعهُ ْم﴾ النساء 4وقوهل
هللا﴾أل معران ،3مفا داعي فصل قوهل تعاىل﴿:هللا يس هتزئ هبم﴾ عام قبهل؟ أأيضا﴿:مك ُروا ومكر ُ
املربر اذلي يقدمه اجلرجاين هو اختالف صيغة اخلطاب يف الآية ،فقوهل تعاىل﴿ ان ىما ْحن ُن ُم ْس هتْ ِز ُئون﴾
ِ
هللا ي ْس ْهتزِئُ هبِ ِ ْم﴾ خرب من هللا تعاىل أأنه حاكية عن املنافقني وليس خبرب من هللا تعاىل وقوهل﴿ ُ
س يجازهيم عىل كفرمه واس هتزاهئم ،ذلا امتنع عطف ما هو خرب من هللا تعاىل عىل ما هو حاكية عن
الاكفرين .يقال اليشء ذاته عن قوهل تعاىل﴿:واذا ِقيل لهُ ْم ال تُ ْف ِسدُ وا ِيف ا َل ْر ِض قالُوا ان ىما ْحن ُن
ِ ُم ْص ِل ُحونَ ،أال اهنى ُم ُ ُمه امل ُ ْف ِسدُ ون ول ِك ْن ال ي ْش ُعر ِ
ون﴾البقرة .12،11فقوهل﴿:اهنى ُ ْم ُ ُمه امل ُ ْف ِسدُ ون﴾ خرب من هللا ُ ِ ْ
ِ
عهنم ،وقوهل﴿:ان ىما ْحن ُن ُم ْص ِل ُحون﴾ حاكية عهنم ،هذا موجب الفصل ،مفا مسوغ العطف يف نظائر هذه
ِ
الآايت؟
فلو تأأملنا قوهل تعاىل﴿ ُخيا ِد ُعون هللا و ْهو خا ِد ُعهُ ْم﴾النساء 142لوجدان مسوغ العطف كون صيغة اخلطاب
واحدة ،أأي أأن اخلطاب أأخرج يف صيغة واحدة وهو اخلرب عهنم وليس يف صيغتني؛ خرب وحاكية.
بناء عىل ما س بق ذكره ميكن أأن نعترب أأن أأحد املبادئ اليت حتمك فصل اخلطاب أأو وصهل هو
صيغته؛ فاذا اكنت الصيغة مامتثةل حاكية أأو خربا وصل اخلطاب وان اكنت خمتلفة فصل.
-1حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل النسجام اخلطاب ،ص.108 :
-2نفسه ،ص.231 :
- 3نفسه ،ص.108 :
41
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
والقراءة وانزام تعين اندماجا يف معلية داللية واحدة ،مفامرسة القراءة اسهام يف التأأليف ،اىل احلد اذلي
يبدو فيه املتلقي مبدعا اثنيا.
43
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ويبدو أأن "ابن طباطبا"(ت322:هـ) هو أأول من تبزنه اىل رضورة توفري الوحدة الفنية يف القصيدة
عرب الامتسك الفين والرتابط اللغوي ،وهو منطلق حمكه عىل الشاعر ،يقول ":وينبغي للشاعر أأن يتأأمل
تأأليف شعره وتنس يق أأبياته ،ويقف عىل حسن جتاورها أأو قبحه ،فيالمئ بيهنا لتنتظم هل معانهيا ،ويتصل
الكمه فهيا وال جيعل بني ما ابتد أأ وصفه بني متامه فضال من حشو ليس من جنس ما هو فيه ،فينىس
السامع املعىن اذلي يسوق القول اليه ،كام أأنه حيرتز من ذكل يف لك بيت ،فال يباعد لكمة عن أأخهتا،
وال حيجز بيهنا وبني متاهما حبشو يشيهبا ،ويتفقد لك مرصاع ،هل يشألك ما قبهل؟ فرمبا اتفق للشاعر
بيتان يضع مرصاع لك واحد مهنام يف موضع الآخر...كقول امرئ القيس
ومل أأتبطن اكعبا ذات خلخال أكين مل أأركـب جــــــــــوادا لذلة
خلييل كــ زري كــ زرة بعد اجفال وي ومل أأقل
ومل أأس با الرزق زالر ز
...وهام بيتان حس نان ،ولو وضع مرصاع لك واحد مهنام يف موضع الآخراكن أأشلك و أأدخل يف اس تواء
النسج(.)1
ويرى"ابن طباطبا" أأن أأجود الشعر ما اكنت القصيدة فيه اكللكمة الواحدة حىت خترج أكهنا مفرغة
افراغا ،ال تناقض يف معانهيا ،وال ويه يف مبانهيا ،وال تلكف يف نسجها ،تقتيض لك لكمة ما بعدها
ويكون ما بعدها متعلقا هبا ،مفتقرة الهيا .فاذا اكن الشعر عىل هذا املثال س بق السامع اىل قوافيه قبل
قبل أأن ينهتىي الهيا راويه( .)2وبذكل عرف الامتسك النيص عيل يديه انطالقة حامسة عرب حديثه عن
حسن التخلص والانتقال من موضوع لآخر مما اتسع هل كتابه"عيار الشعر" ،اذ يرى أأن للشعر فصوال
كفصول الرسائل فيحتاج الشاعر اىل أأن يصل الكمه ،عىل ترصفه يف فنونه ،فيتخلص من الغزل اىل
املدحي اىل الشكوى بأألطف ختلص و أأحسن حاكية بال انفصال للمعىن الثاين عام قبهل()3
و أأما عىل صعيد البالغة والنقد ،فقد طلع "اجلرجاين" عىل الناس بكتابه "دالئل الاجعاز" اذلي
تناسب أأجزء الالكم لبعضه ،يقول":واذا عرفت هذا المنط من ُ صب فيه جام اهامتمه عىل النظم ،حيث
ز
الالكم ،وهو ما تتحد أأجزاؤه حىت يوضع وضعا واحدا ،فاعمل أأنه المنط العايل والباب ا ألعظم( ،)4فهذا
الالكم يشري اىل أأمهية اكامتل البنية النصية ،وهو ما ينسجم مع ادلراسة النصية اليت ترى النص وحدة
واحدة .ويه رؤية تتفق مع ما ذهب اليه اجلاحظ (ت 255هـ) سابقا ،فهو يعتقد أأن أأجود الشعر ما
-1ابن طباطبا (حممد أمحد العلوي،ت322:هـ) ،عيار الشعر ،تقيق عباس الساتر ،دار الكتب العلمية بريوت ،ط ،2005 ،2ص.129 :
-2املرجع نفسه ،ص.131 :
- 3املرجع نفسه ،ص :ص44 :
-4اجلرجاين ،دالئل االعجاز ،ص.95 :
45
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ر أأيته متالمح ا ألجزاء ،سهل اخملارج ،فتعمل بذكل أأنه قد أأفرغ افراغا واحدا ،فهو جيري عىل اللسان كام
جيري ادلهان(.)1
و أأما"حازم القرطاجين" (ت685هـ) فبحث يف الوسائل اليت يصري هبا النص مامتسك ا ألجزاء،
فتحدث عن متاسك القصيدة وتناسب معانهيا ،يقول ":وينبغي أأن تكون النقةل من أأحد املعنيني اىل
الآخر فامي قصد فيه التفريع متناس بة ،و أأن يكون املعىن الثاين مما حيسن اقرتانه اب ألول ويفيد الالكم
حسن موقع يف النفس(.)2وهذا يتفق مع أأبرز ما ميزي النص عن الالنص مبا يتوفر عليه النص من متاسك
شديد بني وحداته ،حىت يبدو قطعة واحدة متناسقة ا ألجزاء .وهو ما زعرب عنه احملدثون ابلتشكيل
اخلطاب.
لنئ اس تعريت هذه الفكرة من الباحث الفرنيس"ميشال فوكو"اذ التشكيل عنده عبارة عن مجموع
العالقات اليت تربط حمتوى اخلطاب و أأجزاءه من مفاهمي وغريها...وعالقة الفرد وما يصدره من خطاب
مع عامله الاجامتعي والس يايس وادليين( .)3وابلتايل فان تأأثر الفرد (املبدع) ابلكون احمليط به وتفاعهل معه
يكس به القدرة عىل جتس يد موقفه منه ،حبيث يشلك واقعا جامليا خمزتال للواقع املادي وموازاي هل.
وعليه يبدو التشكيل اللغوي مج ًةل من العنارص املتشابكة املفضية اىل نتاج فين مجيل ،يتوىل املبدع
ادارة توزيعها يف نطاق عالقات الرتابط والامتسك اليت خترج الالكم من كونه تأأليفا مرجعيا مأألوفا اىل
معل فين جياري جتربة الشاعر ومي ألها ابحليوية والانتعاش ،فيبدو النص ا ألدب كغريه من النصوص
ا ألخرى نس يجا لغواي "ال ختتلف فيه قواعد الربط ،ولكنه يمتزي عن سائر النصوص بطـرق توظيف
هـذه القواعـد ومثيـالهتا فيه"(،)4اذ "ليس من لوازم الافتنان يف الشعر ابتاكر املعاين ،بل االحاطة هبا
() 5
مع دقة ابرازها" .
ال يع زد هذا الطرح س بقا يف جمال ادلراسات النقدية ،طاملا أأن بواكريه محلهتا نظرية النظم لـ"عبد
القاهر اجلرجاين"(ت 471هـ) اذلي يعد السابق اترخييا لتحديد مفهوم التشكيل وخباصة ملــزا جعل النظم
نظري النسج والصياغة والبناء والويش والتحبري وما أأش به ذكل مما يوجب اعتبار ا ألجزاء بعضها مع
بعض حىت يكون لوضع لك حيث وضع عةل تقتيض كونه هناك ،وحىت لو وضع يف ماكن غريه مل يصلح()6
حبيث ا زن هذه ا ألجزاء تكتسب قميها ودالالهتا جراء تقابل بعضها ببعض ،فال قمية ألي جزء مبعزل عن
ابيق ا ألجزاء ،وعليه"فا أللفاظ املفردة اليت يه أأوضاع اللغة مل توضع لتعرف معانهيا يف أأنفسها ولكن ألن
يضم بعضها اىل بعض ،وبضمها تكون الفائدة"( ،)1ذكل أأن التشكيل اللكي للبنية ليس رشطا حمتيا
النتاج النص ،بل أأيضا عامل حامس للغاية لفهم املفرس للنص(.)2
ومنه يبدو النظم عند"اجلرجاين"نظرة تشكيلية تعىن ابلعالقات اخلاصة اليت تؤلف بني اللكامت
فتحصل ادلالةل ،ذلا يرى"اجلرجاين" أأن قمية املفردات ليست يف رصفها كيفام اكن ،وانزام يف منطها
التشكييل اذلي مينح ا أللفاظ الفائدة (دالالت خاصة) ،ويرتتب عىل ذكل أأن الفصاحة ال تكون يف أأفراد
اللكامت ،بل يف مض بعضها اىل بعض ،وليس املقصود بضم بعضها اىل بعض أأن تأأيت يف النطق اثر
بعض ،بل تعليق معانهيا بعضها ببعض(.)3
واحلال ذاته ابلنس بة لـ"سيبويه" يف كتابه"الكتاب" ،اذ اش متل عىل بعض الظواهر النصية ،واليت ان
لتشلك منظومة متاكمةل لنحو النص كام هو يف ادلراسات احلديثة ،فهىي عىل ا ألقل دليل مادي مل ت ْرق ز
عىل أأن فكرة النص اكنت خممترة يف الفكر اللغوي العرب قدميا ،رمغ أأن هجود العلامء وقتئذ اكن منصبة
عىل حنو امجلةل ،ومتثلت هذه االشارات النصية يف املظاهر اللغوية من مثل احلذف اذلي اعتربه احملدثون
من أأدوات الربط النيص غري املذكورة ،اذ يعمل عىل تقيق الامتسك والانسجام من خالل تكفل املتلقي
مبلء الفراغات البنوية لكام قام علهيا دليل يف النص ،اذ اتفق النحاة والبالغيون عىل أأن ال حذف يف
الالكم اال بدليل يدل عليه لقرائن وعالقات مقالية وتركيبية .وكذا احلال املؤكدة للجمةل؛ فاحلال يف عرف
يبني هيئة صاحبه أأثناء وقوع الفعل ،وقد خيرج ملا يرى من حال اخملاطب النحاة هو وصف نكرة ز
وس ياق احلال هبدف التوضيح والتوكيد ولفت الانتباه بعد أأسامء االشارة والضامئر ،الواحض أأن سيبويه
يضع يف الاعتبار طبيعة املقام احلايل وظروف اخملاطب و أأحواهل ،ألن هذه الرتاكيب مل تأأت عىل ما
تعارف عليه النحاة من تباين هيئة صاحب احلال عند حدوث الفعل ،فال فعل حاصل .وقد أأشار اىل
مسائل لغوية كثرية مل يعاجلها كام عاجلها من س بقه من مثل التوابع اليت لها دور فاعل يف الامتسك النيص
وحتقيق الانسجام اىل حد بدت فيه التوابع أكهنا لكمة واحدة مع متبوعها ،مكزنةل الصفة من املوصوف
والتأأكيد من املؤكد فال يدخلها عطف أأو ربط ،لشدة الامزتاج بيهنام حىت يصبحا اكالمس الواحد( )4عىل
حد تعبري"سيبويه" ،يقول يف (ابب جمرى النعت عىل املنعوت والرشيك عىل الرشيك والبدل عىل
املبدل منه وما أأش به ذكل) .ومن النعت :مررت برجل ال قامئ وال قاعدُ ،ج زر ألنه نعت ،أكنك قلت :
مررت برجل قامئ ،و أكنك حتدث من يف قلبه أأن ذاك الرجل قامئ أأو قاعد ،فقلت ال قامئ وال قاعد
لتخرج ذكل من قلبه(.)1
مل يكن علامء العربية القداىم مبنأأى عن عامل النص وال عن الظواهر النصية ،عرب حماوالهتم جتاوز
مس توى امجلةل املعزوةل والبحث يف اللك املفيد ،ولعل أأقدم ما وصلنا من اشارات للنصية ما انهتى
خيص"الكتاب" بعمل النحو،اليه"سيبويه" يف كتابه" الكتاب" اذ جيمع دارسو هذا ا ألثر أأن سيبويه مل زِ
وامنا مجع عمل ا ألصوات والنحو والبالغة والقراءات وغريها من علوم عرصه اليت دارت حول فصاحة
القرأآن حىت وان ع زد الكتاب يف النحو فقط ،فقد اكن النحو" دراسة لنظم الالكم وكشفا عن أأرسار
تأأليف الرتاكيب وبياان ملا يعرض هل من ظروف ،وتوصال اىل ربط املعىن ابلس ياق( ،)2علام أأنه ليس من
اليسري الوقوف عىل لك االشارات النصية يف كتب الرتاث ،بل يف ما ذكران تأأكيد عىل أأن الرتاث اللغوي
العرب حيمل يف طياته بذور لسانيات النص من حيث يه فكرة أأو مفهوم.
متهيد:
لعل أأمه ما يعت زد به الباحث اللساين يف معرض تعامهل مع النصوص حتليال وتصنيفا ،هو أأن ز
يتعرف
اىل مجمل املبادئ واملفاهمي اليت زمتزي جمال حبثه عن ابيق اجملاالت ا ألخرى وان اشرتكت يف موضوع
ادلراسة (النص) ،فتوحيد املفاهمي بني املش تغلني يف احلقل املعريف الواحد من شأأنه أأن يوحد أليات
البحث والتحليل ومن مث توافق النتاجئ املتحصل علهيا.
مس ادلراسات اللسانية اثر ذكل ان رضورة الضبط املفهويم يه اس تجابة طبيعية للتحول اذلي ز
الانتقال من لسانيات امجلةل اىل لسانيات النص ،بعد أأن جتاوز التحليل اللساين النيص النظرة اليت
أأطرت التحليل البنوي ،اذلي راهن عىل اعتبار اللغة"شالك ال جوهرا" اىل الرتكزي عىل دراسة التواصل
اللغوي وكيفياته ورشوطه ،ويكون بذكل قد أأعاد اىل"بؤرة" ادلرس اللساين ما عافته البنوية سلفا ،حني
دعت اىل موت املؤلف ،غري أآهبة ابلالكم كونه اجنازا فرداي ،ال تصلح نتاجئ دراس ته للتعممي ،يف حني
ركززت اللسانيات النصية عىل عنارص العملية االبداعية (املبدع ،النص ،القارئ) وما حييط هبا من
ظروف ومالبسات سواء غداة االنتاج أأو التلقي ،و أأبرزت دور املتلقي يف بث ادلينامية يف النصوص
من خالل البناء واعادة الانتاج والفهم ،حبيث يكون املؤلف هو املنتج ا ألول والقارئ هو املنتج
الثاين(.)1
تتناول كثري من العلوم االنسانية (عمل ا ألدب البالغة ،عمل النفس ،عمل الاجامتع ،عمل التارخي،)...
النص اللغوي مادة دراس هتا ،اال أأن هذا الاشرتاك ال يعين ابلرضورة تطابق نتاجئ أأحباهثا ،وما ذاك اال
الختالف مناجه ادلراسة وتباين وهجات النظر اىل مادة ادلرس انطالقا مما متليه ا ألسس النظرية
ومرتكزات لك نشاط اليت تشلك مفاهميه).(
طور اذلي حدث يف العقدين ا ألخريين شلك النزص الل ز ز
غوي مادزة اش تغال هذه العلوم ،اال أأن ال زت ز لنئ زز
من القرن املايض هو اذلي أأدزى اىل أأن تصبح مشالكت التزحليل النزيص و أأهدافه ز
املوزعة عىل تكل
العلوم اخملتلفة وعلوم أأخرى ،موضوعا دلراسة متاكمةل جديدة مشرتكة بني تكل العلوم حبيث زكرست
وبعمق ما يس زم تضافر الاختصاصات ،أأو التداخل املعريف ،Interdisciplinaireهذه ادلز راسة يه
اللزسان زيات النز زصية ( ،)1( )Linguistique textuelleاليت يه سليةل التطور اذلي حدث يف كثري من
املفاهمي النقدية واللسانية املعمتدة يف التعامل مع اخلطاابت عىل اختالف أأشاكلها وخباصة ما تعلق مهنا
بتحليل النصوص ا ألدبية.
مجع هذا التيار العلمي اجلديد املناجه النقدية وجعلها تتقاطع يف ما بيهنا للكشف عن نصية العمل
ا ألدب ألنه يف الهناية نص لغوي ...وفهم لغته يف لكيته خطوة أأساس ية حنو تقيميه جامليا أأو ابراز قميته
امجلالية( ،)2من خالل التعامل معه من حيث هو لك متاكمل ال يقبل التجزئة ،اذ"يس هتدف التحليل
اللغوي النيص أأن جيعل البنية ،أأي البناء النحوي واملوضوعي ،وكذكل الوظيفة االتصالية لنصوص
حمددة ،شفاف ًة ،و أأن يعرضها عىل حنو ميكن التحقق منه ،وميكنه من خالل ذكل أأن يوفر نظرات معيقة
يف الامتسك القاعدي لبناء النص (تكوين النص) ،وفهمه (تلقيه) ،ويسهم كذكل يف فهم الكفاءة النصية
اخلاصة ،أأي تمنية القدرة عىل فهم نصوص غري معروفة وانتاج نصوص مناس بة( ،)3متجاوزا بذكل احلد
الالكس ييك اذلي وضعه البنويون واذلي قوامه وصف مس توى لساين حمدد دون التطرق اىل عالقة
التضام اليت تربطه بسائر املس توايت اللسانية ا ألخرى ،جاعال من النص موضوعه الرشعي والوحيد،
منطلقا من رؤية مشولية تزنه النص عن أأن يكون جمرد تتابع من امجلل اليت تدرس مبعزل عن بنيته
اللكية .فصار لهذا التوجه اللساين اجلديد مالمح نقدية متيزيية متثلت يف رصد الروابط النصية من هجة
وتأأكيد رضورة املزج بني املس توايت اللغوية اخملتلفة من هجة أأخرى ،لتتدرج ادلراسة حىت تصل اىل
الاتساق اذلي يتبدى من خالل النظرة اللكية للنص دون الفصل بني أأجزائه ،ألن املعىن اللكي للنص
يتأأىت من خالل التعامل معه بوصفه بنية كربى ،وعليه فالنص يف اطار هذا التصور بنية أأو تشكيل أأو
تكوين ينتج معناه من خالل حركة جدلية أأو تفاعل مس متر بني أأجزائه ،ومن مث ال يتحمت حبث الرتابط
الرتكييب بني مكوانته حفسب ،بل البد ان ننفذ منه اىل الكشف عن أأوجه الانسجام ادلاخيل بني
دالالته اجلزئية وابراز مظاهر التساوق بني مضامينه اجلزئية أأو ايضاح أأوجه التعالق بني أأبنيته الصغرى
و أأشاكل الامتسك بني أأبنيته الكربى ،ابعتباره بنية لكية متالمحة ا ألجزاء(.)4
يتضح من هذا التحديد أأن النص ال ينحرص يف مجمل املكوانت اللغوية كونه بنية لغوية بقدر فقط ما
هو بنية غري لغوية عرب الوقائع غري اللغوية املرافقة للحدث اللساين.
-1صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،الشركة املصرية العاملية للنشر لوجنمان ،ط 1996 ،ص318و.319
-2عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،مكتبة اآلداب ،القاهرة ،مصر ،ط ،2008 ،1املقدمة ،ص :د.
-3كالوس برينكر ،التحليل اللغوي للنص ،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج ،تر /سعيد حسن حبريي ،مؤسسة املختار ،القاهرة ،مصر ،ط،2010 ،2
ص.21 :
- 4سعيد حسن حبريي ،اجتاهات لغوية معاصرة يف حتليل النص ،جملة عالمات يف النقد ،النادي األديب الثقايف ،جدة ،اجمللد ،10العدد،2000 ،38 :
ص.168 ،167 :
50
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
لسانيات النص اذ ْن ،يه أأحدث فروع اللسانيات تعىن بدراسة النص من حيث حدُّه وابراز ممزياته
ومتاسكه واتساقه والبحث عن حمتواه االبالغي التواصيل...حيث حتتل مسأأةل النصـية ()Textualité
ماكان مرمـوقا يف البحث اللساين ،ألهنا جتري عىل تـحديد الكيفيات اليت ينسـجم هبا النص ()Texte
وتكشـف عن ا ألبنية اللغوية وكيفية متاسكها وجتاورها ،من حيث يه وحدات لسانية؛ تتحمك فهيا قواعد
انتاج متتاليات مبنينة( ،)1كام تبحث أأيضا يف الكيفيات اخلاصة يف التعامل مع ا ألداة العامة (اللغة)،
متوسال هبا ذلكل مجع هذا التوجه اجلديد خمتلف مناجه ادلز راسات النزصية ووضعها يف قالب واحد ،ز
تفكيك وحتليل النزصوص بصورة مشول زية ،من حيث مس توايهتا :النزحوية واملعجم زية وادلز الل زية والتزداول زية،
متجاوزا بذكل ما اكن سائدا من تقديس للجمةل وقواعدها عند البنويني.
تأأسست املفاهمي النصية انطالقا من جوانب دراسة اللغة؛ اذ نظر اىل اللغة من جانيب ادلرس
والاس تعامل ،فأأما ادلرس فقد سع اىل الكشف عن تكوين لك لغة بواسطة النظر اىل عنارصها عىل
مس توى امجلةل وما دوهنانظرا حتليليا يعمتد عىل التبويب والتصنيف والتأأصيل .واكن البد لهذا الاجتاه
التأأصييل أأن يعمتد عىل جتريد املفاهمي وافرتاضها عند عدم وجود ما يقابلها يف الاس تعامل( ،)2ألن دواعي
الالزتام ابملعيار اللغوي حتمل ادلارس اللغوي عىل أأن خيضع الواقع اللغوي اىل مقتضيات املعيار ،وان
تلمس اىل المتحل والتلكف يف ذكل سبيال،حىت قيل قدميا :أأهوى من جحة حنوي ،أكن يقدر العامل يف
الاش تغال عىل الافرتاض ال عىل الواقع النطقي ،وهو ما يدعو اىل وصف هذا النظام اللغوي بأأن زه نظام
افرتاضييقيض بأأمور يفرضها عىل تفسري الاس تعامل( ،)3و أأمثةل ذكل كثرية يف الرتاث اللغوي العربمين
خالل النصوص الأكرث تأأثريا عىل القراء والسامعني؛ كقوهل تعاىل﴿:ا ىن هذ ِان لسا ِحر ِان﴾طه﴿،63ا ىن ا ِذلين
الصا ِب ُئون والنىصارى﴾البقرة﴿،62وقالتا أآتيْنا طائِ ِعني﴾فصلت ،11وقوهل ":ال ىن ق ْعر هجَّنى أآمنُوا وا ِذلين ها ُدوا و ى
س ْب ِعني خ ِريفا""،م ْن صام رمضان ُ ىمث َأتْبع ُه ِس ًتا ِم ْن ش ىوال"،وقول العربُ ":م ْكر ٌه َأخاك ال بط ٌل" ،وقول
امرئ القيس:
أكن ثبري ًا يف عرانني و ِ ِبهل ُ ...
كبري أأانس يف ِجباد ُمز ىم ِل
وحمك نظام اللغة يف ذكل أأن يقال" :هذين ،الصابئني ،طائعتني ،س بعون ،أأخوك ،مز زم ٌل" ،هذا هو
معىن افرتاضية النظام وقيامه عىل أأساس من التجريد والتصنيف والتقعيد للحمك عىل الاس تعامل(.)4
-1أأمحد مداس ،لسانيات النص حنو مهنج لتحليل اخلطاب الشعري ،عامل الكتب احلديث ،اربد -ا ألردن ،ط ،2009 ،2ص.3
- 2روبري دي بوجراند ،النص واخلطاب واالجراء ،املقدمة ،ص.3 :
- 3املرجع نفسه ،املقدمة ،ص.3 :
- 4املرجع نفسه ،املقدمة ،ص.3 :
51
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
أأما اجلانب الثاين للنشاط اللغوي وهو الاس تعامل ،فهل مرتكزاته ال تتفق دامئا مع املعايري الافرتاضية ...
فللمتلكم من ا ألغراض ما ال يتقف أأحياان مع احملافظة عىل القاعدة ،تكل يه ا ألغراض اليت تدعو
للخروج من احلقيقة اىل اجملاز ومن املطابقة اىل الرتخص يف معايري االجراء بوسائل اكلنقل واحلذف
والزايدة وخمالفة القاعدة والتعويل عىل ادلالالت الصوتية والعقلية والتقدمي والتأأخري واالمياءات اجلسدية
والتعويل عىل دالةل املوقفأأثناء االتصال وعىل القرائن التارخيية واجلغرافية ،وغريها مما خيرج عن جمال
دراسة القواعد النحوية(.)1
تبدو مفاهمي التحليل اللساين النيص أأكرث وضوحا ابملوازنة مع النحو الافرتايض اذلي يركز توهجه عىل
التحليل بغرض الوصف ،يف حني يسع التحليل النيص يف دراسة الاس تعامل اىل الرتكيب بغرض
الوقوف عىل ما يتحقق من دالالت مصاحبة لعملية التواصل قد تعجز الاس تعامالت اللغوية عىل
استيفاهئا منفردة .ذكل" أأن االتصال ال يمت بوصف الوحدات الصغرى صوتية ورصفية وال بعرض
العالقات النحوية ،وامنا يمت ابس تعامل اللغة يف موقف أأدايئ حقيقي( ،)2مث ان هممة لسانيات النص /عمل
لغة النص يه"وصف الرشوط والقواعد العامة لتكوين نص ،اليت تعد أأساس النصوص الفعلية ،وصفا
منظام؛ و أأن يوحض أأمهيهتا لتلقي النص ،وهو يف ذكل ال يفرق بني وظيفة النص وبنيته(.)3
ومبوجب ضبط املفاهمي ميكن المتيزي بني حدود ما هو نص وما هو خطاب وبني عاملهيام ،اذ ان الصفة
املمزية للنص يه اس تعامهل يف االتصال ،و أأن اخلطاب مجموعة من النصوص ذات العالقات املشرتكة ،أأي
أأنه تتابع مرتابط من صور الاس تعامل النيص ميكن الرجوع اليه يف وقت الحق .واذا اكن عامل النص هو
املوازي املعريف للمعلومات املنقوةل واملنشطة بعد الاخزتان يف اذلاكرة من خالل اس تعامل النص ،فا زن
عامل اخلطاب هو مجةل أأحداث اخلطاب ذات العالقات املشرتكة يف جامعة لغوية أأو جممتع ما( ،)4وقد قدزم
علامء اللغة عدة تعريفات ملفهوم النص ،ميكن تقس ميها اىل قسمني :ا ألول يصف املكوانت اللغوية للنص،
وكيفية تنظميها مما يشلك نصا مامتساك /من هذه التعريفات أأن النص"وحدة داللية ترتبط أأجزاؤها معا
بواسطة أأدوات ربط رصحية" أأو هو وحدة لغوية داللية تنتج عن مجموعة من امجلل ترتبط فامي بيهنا من
خالل وسائل اخلطال ،بعضها حنوية ،وبعضها داللية ،و أأخرى منطقية" أأو"هو تتابع من امجلل املرتابطة.
التعريف الثاين يرتكز عىل النصباعتباره حداث تواصليا أأو تفاعال لغواي يش متل عىل ثالثة أأبعاد رئيس ية
52
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يه :كيفية اس تخدام اللغة ،ومعلية انتاج النص ،والتفاعل يف الس ياقات الاجامتعية(.)1
وما ميكن أأن ننهتىي اليه يف حديثنا عن املفاهمي ا ألساس ية للسانيات النص ،هو :عىل الرمغ مما يمكن
خلف هذا النشاط املعريف من اجتاهات لغوية نصية كثرية ذات تصورات متباينة ،اال أأهنا تتفق مجيعا
يف املفهوم القائل ان أأعىل وحدة خمتصة للتحليل اللغوي ليست امجلةل بل النص.
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،املقدمة ،ص :ط.
53
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-1سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ص101 :
-2املرجع نفسه ،ص100 :
-3اخلليل ابن أمحد الفراهيدي (أبو عبد الرمحن ت 175هـ) ،كتاب العني ،تقيق حممد املخزومي ،إبراهيم السامرائي ،دار ومكتبة اهلالل ،بريوت ،لبنان،
(دط)( ،دت) ،ابب :الصاد والنون ،ج ،7ص86 :
-4ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر بريوت( ،ط ،)3اجمللد ( ، 07مادة نصص) ،1994 ،ص. 97 :
-5األزهر الزاند ،نسيج النص "حبث فيما يكون به امللفوظ نصا" ،ص. 12 :
54
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.1االظهار :جاء يف لسان العرب ":ولك ما أأظهر فقد زنص ...ووضع عىل املنصة ،أأي عىل غاية الفضيحة
والشهرة والظهور ،واملنصة ما تظهر عليه العروس لرتى ،ولك يشء أأظهرته فقد نصصته( ،)1قال امرؤ
القيس[الطويل]:
و ِجيد كجِ ي ِد ال ز ِر ِمي ليْس بِفا ِحش ِاذا ِ ى
يه ن ىص ْت ُه وال ِب ُمع ىط ِل
ن ىص ْت ُه :أأي أأظهرته.
النص :التوقيف ،والنص التعيني عىل يشء ما...و زنص الرجل .2التعيني والتحديد :جاء يف اللسان ":و ز
لك يشء منهتاه(.)2 زنصا ،اذا سأأهل عن يشء حىت يس تقيص ما عنده ،و ُّنص ز
بفعل التطور ادلاليل ،اكتسبت اللكمة ادلالةل اجملازية ،حيث أأصبح لفظ "نص" دالا عىل صيغة
الالكم ا ألصلية اليت وردت من املؤلف(.)3
مصطلح النص يف لسانيات النص:
أأكرث ما يواجه لسانيات النص من تعقيدات ،هو تعدد التعريفات ملصطلح النص ،حبيث يتعذر وجود
مفهوم جامع مانع يؤلف بني الباحثني ،وهو ما شلك عقبة أكداء أأمام أأهل هذا الاختصاص" ،اذ ال
توجد مصاعب تواجه علام من العلوم مثلام يه احلال ابلنس بة اىل عمل لغة النص ،حيث ان زه حىت الآن
وبعد ما يربو عىل ثالثة عقود عىل نشأأته الفعلية مل يتحدد بدرجة اكفية ،بل ان زه مسم الجتاهات
وتصورات غاية يف التباين وفروع علمية غاية يف الاختالف" (.)4
وهذه مجموعة من التعريفات اليت أأسدى هبا بعض علامء النص:
عند الغربيني:
ر أأى "فان ديك" ) " (Van Dijkأأ زن أأي حتديد للنزص يقتيض نظريزة أأدب زية ،وهذا مل حيدث االز يف
س نوات ا زلس تزينات وا زلس بعينات ...فقد حاول يف كتابه "بعض أأحناء النز زص" السعي اىل اقامة تصور
متاكمل حول النص منذ 1972وظل عىل هذا املبد أأ يف كتابه "النص والس ياق" اذلي أأصدره س نة
1977حيث أأخذ بعني الاعتبار لك ا ألبعاد البنوية والس ياقية والثقافية ...أأثناء دراسة أأي نص من
النصوص اللغوية ).(5
وعىل الهنج ذاته سار"هاليداي ورقية حسن" ( )M.Halliday R. Hassanيف تعريفهام للنص حني
أأعدز اه"وحدة يف طور الاس تعامل"( .)1يبدو من خالل هذا التعريف الرتكزي عىل معياري الوحدة
والانسجام واحضا من خــالل االشارة اىل كون النص وحــدة داللية وليست امجلـل اال الوسيــــةل اليت
يتحقق هبا النص( .)2فالنص عندهام ليس وحدة حنوية مثل امجلةل وليس مجموعة متتالية من امجلل ،بل
هو وحدة داللية ،أأي وحدة معىن.
يركز هاليدي حبمك انامتئه اىل اجتاه لساين يعرف ابلوظيفية عىل أأن ادلالةل ال تقف عند حد التحليل
اللساين مبعناه التواصيل ،اهنا تتجاوز ذكل اىل اعتبار الوظائف معلية أأوىل وسابقة( ،)3يتحدد مبوجهبا
شلك النص ،حيث ان"النص شلك لساين للتفاعل الاجامتعي ...وملا اكن النص ال يتحقق اال يف س ياق
مقام معني...فانه يتشلك من خالل ثالثة عنارص متغرية يه :اجملال والعالقة واملنح ...ويقوم هاليدي
بربط لك وظيفة بلك عنرص عىل الشلك التايل:
.1الوظيفة التجريبية :اجملال؛ ويقصد به اختاذ النص وظيفته ادلاللية من خالل الهدف اذلي يريم املتلكم
اىل تبليغه
.2الوظيفة التواصلية :العالقة؛ العالقات القامئة بني املتلكم /السامع.
.3الوظيفة النصية:املنح ؛ يريم من خالهل اىل االشارة اىل ا ألداة الرمزية ،والقنوات البالغبة املس تعمةل
للتواصل)4(.
يبدو أأن هاليداي ورقية حسن قد ركزا عىل جانيب الوحدة والانسجام من خالل االشارة اىل كون
النص وحدة داللية( )5حتددها الوظائف اليت تعد معلية أأوىل وسابقة ،يقوالن يف هذا الصدد" :حنن
نس تطيع حتديد النص ،بطريقة مبسطة ابلقول ان زه اللغة الوظيفية ،ونعين ابلوظيفية اللغة اليت تفعل أأو
تؤدي بعض الوظائف يف بعض الس ياقات( ،)6وابلتايل فان أأي حدث لغوي يس تويف هذه الوظائف وهل
بنية داللية منسجمة مع مقام معني ،فهو يشلك نصا ،ومن مث فالنص هو الكيفيات اللغوية اليت تس تويف
لكيات داللية وفق انسجام عنارص بنيته اللكية.
-1حممد عزام ،النص الغائب ،جتليات التناص يف الشعر العريب ،منشورات احناد الكتاب العرب ،دمشق ،سورية ،2001 ،ص.16 :
-2حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.13 :
-3سعيد يقطني ،انفتاح النص الروائي (النص والسياق) ،ص.17 :
-4املرجع نفسه ،ص.18 :
-5املرجع نفسه ،ص.17 :
-6صبحي إبراهيم الفقي ،علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق ،ج ،1ص.30 :
56
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
أأ زما تعريف "جوليا كريستيفا" ) (Julia Kristevaفقد اكن أأكرث معقا) ،(1العتقادها أأن ما س بق من
تعريفات اكنت تركز عىل مس توى واحد من النص هو بنيته السطحية (الشلكية) ألهنا ترى" أأن النص
أأكرث من جمرد خطاب أأو قول؛ اذ انه موضوع لعديد من املامرسات الس مييولوجية اليت يعتد هبا عىل
أأساس ظاهرة عربلغوية مبعىن اهنا مكونة بفعل اللغة( ،)2حيث ترى أأ زن النص"هجاز عرب لساين يعيد
توزيع نظام اللسان( )Langueعن طريق ربطه ابلالكم ( )Paroleالتواصيل ،راميا بذكل اىل االخبار
السابقة واملعارصة) ،(3من هذا ال زتعريف حيدزد النزص من حيث هو املبارش مع خمتلف أأمناط امللفوظات ز
انتاجيزة Productivitéحني تكون عالقته ابللسان اذلي حيصل فيه عالقة توزيع أأي عالقة بناء وهدم،
كام يظهره من حيث هو تبادل نصوص أأي تناص اذ جند يف فضاء النص عدة ملفوظات مأأخوذة من
نصوص أأخرى غري النزص ا ألصيل) .(4الواحض أأ زن هذا التعريف ال يأأبه ابملظهر السطحي للنص بقدر ما
يربز ما يف النص من ش باكت متعالقة ،فهىي ترى أأن النص أأكرث من جمرد خطاب أأو قول ،اذ ان زه
موضوع لعديد من املامرسات الس مييولوجية اليت يعتد هبا عىل أأساس أأهنا ظاهرة عرب لغوية(.)5
تصور "روالن ابرت"( )Roland .Barthesesللنزص( ،(6فقد تبلور يف معل قدزمه عام 1971 أأ زما ز
يك Déconstruire بعنوان"من العمل اىل النزص" وقدزم فيه نظريزة مركززة عن طبيعة النزص من مفهوم تفكي ز
متحوةل متارسابدلز رجة ا ألوىل حيث يقول..." :ا زن مقوةل النزص تشري اىل نشاط وانتاج...ا زن النزص زقوة ز
التزأأجيل ادلز امئ ،ان زه الهنا زيئ وال مغلق ...ان زه عبارة عن استشهادات ال توضع بني أأقواس بل تبق
جمهوةل...وهو مجموعة من الاقتباسات اجملهوةل واملقروءة والاستشهادات ال زالشعورية والاس تنساخيزة
املأأخوذة من لغات وثقافات عديدة ،ويه اليت تضمن انتاجيزته وممارس ته ادلز اةل عىل نس يجه املتشابك...
صور وهو كذكل مفتوح ينتجه القارئ أأثناء معلية القراءة لتكل ا ألبنيزة اللغويزة ،(7)...وعىل ضوء هذا التز ز
الصدق يعرف النزص بأأن زه "النزس يج وبيت العنكبوت" حيث جنده غري أآبه بثنائ زية الكذب و ز وهذه ا ألفاكر ز
الس ياق عىل اللزغة ،هذا املعىن ال ي زمت ادراكه االز من خالل النزص بل اكن زمهه هو املعىن اذلي يفرضه ز
-1يعد تعريف الباحثة اللغوية البلغارية جوليا كريستيفا من بني التعريفات اليت اهتم هبا الدارسون ،ألن ه يطعن يف كفاية النظر إىل السطح اللغوي ويربز ما يف
النص من شبكات متعالقة حيث جتعله أكثر من جمرد خطاب أو قول ألنه موضوع العديد من املمارسات السيميوطيقية اليت يعتد هبا على أساس أهنا ظاهرة
عرب لسانية ،مبعىن أهنا مكونة بفضل اللغة لكنها غري قابلة لالحنصار يف مقوالهتا - .ينظر صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص 294 :و. 295
-2سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص "املفاهيم واالجتاهات " ص.112:
-3سعيد يقطني ،انفتاح النص الروائي (النص والسياق) ،ص. 19 :
-4املرجع نفسه ،ص 19 :و . 20
-5صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص294 :
-6مل خيرج تصور روالن ابرت للنص عن اخلطوط العريضة اليت وضعتها البلغارية جوليا كريستيفا خاصة إنتاجية النص وانفتاحه وفكرة التناص.
-7عمر أوَكان ،لذة النص أو مغامرة الكتابة لدى ابرت ،إفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،املغرب( ،دط) ،1996ص30و.31
57
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الص زياغات وادلز وال ،العالقات والوظائف ،وتمتوقع ا زذلات وتنح زلواب زذلات يف زنصيته :تشابك الشز فرات ،ز
مثل عنكبوت هتكل يف خيوطها) ،(1فنجده يش زبه الاكتب أأو النزاص ابلعنكبوت وبنية النزص بيهتا
ونس يجها .ومن هنا فان النص عند لك من روالن ابرت وجوليا كريستيفا هو معلية جتس يد لنظام اللغة،
ذكل أأن املعىن ا ألدب ال تتحقق ملموسيته خارج اطار هذا النظام(.)2
يتضح أأن النص عند "ابرت" معلية انتاجية ،وبذكل فانه ميارس معلية التأأجيل ادلامئ ،فهو ليس
مغلقا ،انه ال هنايئ ،كام أأشار اىل دور القارئ اذلي ال يقل أأمهية عن دور املبدع .فالقارئ يف (جامليات
التلقي) قوة مس يطرة متنح النص احلياة ،وتعيد ابداعه من جديد ،وهبذا تصبح القراءة معلية انتاجية ،ال
جمرد معلية تلق واس هتالك حفسب(.)3
أأ زما الباحث الس مييولويج الرويس"لومتان"( )Lotmanفمل ترقه تكل التعريفات القصرية ،فصدر يف
تعريفه للنص من منطلق أأكرث مشولية واتساعا ،حني قيده خبصائص ال يصري من دوهنا نصا ،فريى أأن
حتديد النص يعمتد عىل املكوانت التالية):(4
.1التزعبري :فالنص يمتثل يف عالقات حمددة ،ختتلف عن ا ألبنية القامئة خارجه والتعبري همام اكن نوعه هو
اذلي يفرض علينا أأن نعترب النص تقيقا وجتس يدا ماداي هل.
.2التحديد :ان لك نص همام اكن نوعه (قصيدة أأو قصة أأو وثيقة )...حيتوي عىل دالةل غري قابةل للتجزئة
وهذا يعين أأنه حيقق وظيفة معينة وينقل دالالهتا الاكمةل ،والقارئ يعرف هذه ا ألنواع من النصوص
مبجموعة من السامت ،ولهذا السبب فان نقل مسة ما اىل نص أآخر هو وس يةل جوهرية لتكوين دالالت
جديدة.
.3اخلاصية البنوية :ان النص ليس جمرد متوالية( )séquenceمن مجموعة عالمات تقع بني حدين فاصلني،
لنص ما يشء واجب ،ذلكل اكنت البنية رشطا أأساس زيا فالتنظمي ادلاخيل اذلي ز
يودل البنية املو زحدة ز
لتكوين النزصوص.
أأ زما"روبرت أالن دي بوجراند" ( )Alain Robert de beaugrandو"ولفجاجن أألرخ درسلر" (Wolfgang
اصيل( )Occurrence communicativeيلزم لكونه زنصا النص بأأن زه"حدث تو ز )Ulrich dreasslarفقد زعرفا ز
أأن تتوفزر هل س بعة معايري) (1للنز زصية جممتعة ،ويزول عنه هذا الوصف اذا ختلزف واحد من هذه
املعايري") ،(2وهذه املعايري يه:
(الس بك ،الامتسك الشلكي)(.)Cohésion .1الاتزساق ز
.2الانسجام (احلبك ،الامتسك ادلاليل) (.)Cohérence
.3القصد ( .)Intonation
.4الاس تحسان(.)Acceptabilité
.5املقامية (.)Situationalité
.6التناص (.)Intertextualité
.7االعالمية (.)Informativité
3ـ النص عند بعض العرب احملدثني :
مل يكتف الباحثون العرب مبا انهتت اليه ادلراسات الغربية ،ومل يقفوا عند تداول ما خلصت اليه من
مفاهمي وحتديدات ،وان متثلوها يف البداية ،بل يالحظ أأهنم تفاعلوا مع هذه املعطيات ابلكيفية اليت
أأكسبت مواقفهم شيئا من المتزي من خالل الاس تفاد من املأأثور اللغوي العرب ومعاجلته وفق مقتضيات
اللسانيات احلديثة .وهذه زمرة اللسانيني العرب ممن أأدىل بدولوه يف هذا اجملال:
-سعيد حسن حبريي:
بعد أأن أأ زقر أأن مصطلح النص مل يكن أأفضل حال من مصطلح امجلةل ،لتعدد ا ألشاكل النصية ليس
يف صورها الكربى ،بل يف صورها الصغرى اجلزئية حيول دون تعريف دقيق للنص ،ومل يكن اجلانب
المكي وحده مسؤوال عن هذا الاخفاق ،بل يسهم اجلانب الكيفي بقدر اكف يف ذكل ...ففي النص
راكئز مادية فس يولوجية وعنارص متخالفة قامئة عىل حمور الاختيار ،وعالئق استبدالية قامئة عىل حمور
الرتكيب ،ودالالت اشارية ،و أأخرى احيائية ،اىل غري ذكل من مكوانت النص املستندة اىل تداخل
اجلوانب الرأأس ية وا ألفقية وتعدد ادلالالت وتعقد الشفرات اىل حد يسمح معه بتعدد القراءات( ،)3ذلكل
ال ميكن أأن تتحدد عالمات البناء اال ألمناط نصية أأو أأشاكل نصية حمددة ( ،)4فالنصية اذن ،تلزم
احلدث اللغوي اذلي متاسك املبىن واكامتل ادلالةل.
-1هذه املعايري السبعة هي نفسها ما يطلق عليه مصطلح النصانية Textualitéوهي كما يبدو متثل قواعد صياغة أي نص.
-2سعد مصلوح ،حنو أجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" جملة فصول ،مج ،1991 ،10ع1 :و ،2ص.154
-3سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص املفاهيم واالجتاهات ،ص.3:
-4نفسه ،ص.3 :
59
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-محمد اخلطاب:
اذا اكن النص يتكون من مجل ،فانه خيتلف عهنا نوعيا ،ذكل أأن النص وحدة داللية وليست
امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص ،أأضف اىل هذا أأن لك نص يتوفر عىل خاصية كونه نصا ميكن
أأن يطلق علهيا النصية ،وهذا ما ميزيه عام ليس نصا ،فليك تكون ألي نص نصية ينبغي أأن يعمتد عىل
مجموعة من الوسائل اللغوية اليت ختلق النصية ،حبيث تسامه هذه الوسائل يف وحداته الشامةل ،ويضيف
محمد خطاب بأأن النص مبدئيا هو تشلك لك متتالية من امجلل -رشيط أأن تكون بني هذه امجلل
عالقات أأو عىل ا ألحص بني عنارص هذه امجلل عالقات ،تمت هذه العالقات بني عنرص وأآخر وارد يف
مجةل سابقة أأو يف مجةل الحقة ،أأو بني عنرص وبني متتاليات برمهتا سابقة أأو الحقة( .)1فال يتحقق النص
بتوايل امجلل يف أأثر بعضها دون النظر اىل عالقات الرتابط اليت حتمك السابقة ابلالحقة مهنا ،فال ينظر
دلالالت امجلل منعزةل بقدر ما يعتد ابملعين اللكي اذلي يتودل عن البنية اللكية للنص.
-عبد املاكل مراتض :يش يع عنده مصطلح النص ا ألدب ويربر ذكل بقوهل":اذا اكن "ابرط" يزمع أأن
جاملية الذلة يف النص املنسوج يه الكتابة ذات الصوت العال ،أأو يه الكتابة متعالية الصوت ،فان
النص يف ر أأينا هو نسج أأنيق من ا أللفاظ الصامتة اليت حتمتل املعاين يف ذاهتا ...النص هو نس يج ا أللفاظ
جباملية الانزايح ،و أأانقة النسج وعبقرية التصوير ...وذلكل تراان نذكر النص يف الغالب مع صفته
ا ألدبية( .)2وقد أأشار مراتض اىل دور القارئ يف استنطاق ا أللفاظ الصامتة ،اليت ال تشلك قالبا معياراي
يويح بدالةل واحدة ،بقدر ما يتباين القراء يف توليد ادلالالت ابختالف اخللفيات املعرفية للك.
عبد السالم املسدي:
الالكم يف التصور القدمي يعد اجامال اكلوعاء تنصهر فيه مضامني الفكر وما يصدر عنه من جتليات
واستنادا اىل هذه املنطلقات اعترب ا ألسالفون أأن اماطة اللثام عن خمزون الفكر يه عةل وجود اللغة
وغايهتا القصوى يف نفس الوقت ،وكذا يرتاءى مدار التصور القدمي للغة اكمنا يف اعتبار احلدث الالكيم
مرأآة تنعكس خاللها صور التفكري مث تنكرس عىل سطحها منافذ الفكر االنساين الساعي اىل ادراك
مضامني ذكل الفكر ـ و هبذا المنط تنكشف اللغة عن معليتني:
ـ معلية تصوير الفكر املتلكم.
ـ معلية الفكر املتفهم ملادة الفكر املبلغة.
1ينظر حممد اخلطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.13:
-2عبد امللك مراتض ،نظرية النص األديب دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،اجلزائر ،2007 ،ص.47 :
60
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
فقد تصور القدماء أأن اللغة لوحة ترمس منعطفات الفكر االنساين يف ابالغه وتقبهل( .)1وهو ما جعلهم
يعتقدون أأن املرء خمبوء حتت لسانه.
عبد هللا الغدايم:
يرى أأن"النص ا ألدب عامل همول من العالقات املتشابكة يلتقي فهيا الزمن بلك أأبعاده ،حيث يتأأسس
يف رمح املايض وينبثق يف احلارض ،ويؤهل نفسه اكماكنية مس تقبلية للتداخل مع نصوص أآتية ...والنص
كذكل عالقات متشاهبة من عنارص االتصال اللغوية ي زتحد فهيا الس ياق مع الشفرة لتكوين الرساةل،
ويتالىق الباعث مع املتلقي يف حتريك احلياة يف هذه الرساةل وبعهثا من جديد يف تفسريها واس تقبالها (.)2
فهذه العالقات املتشابكة يف انتظام يه اليت تودل الوظيفة ا ألدبية للنص.
جتدر االشارة اىل أأن وجود تعريف جامع مانع للنص أأمر بعيد املنال ،ويؤكد ذكل الاختالف
املوجود بني علامء اللغة اذلين ينمتون اىل مدارس لغوية خمتلفة حول حدود املصطلحات اليت ترتكز علهيا
حبوهثم) ،(3و أأمام هذه الاختالفات حياول محمد مفتاح أأن يركب بيهنا مجيعا ليس تخلص املقومات اجلوهرية
لقيام نص ما وهذه املقومات يه:
-النص مدونة الكمية ،يعين أأنه مؤلف من الالكم وليس صورة فوتوغرافية أأو رسام أأو عامرة أأو زاي وان
اكن ادلارس يس تعني برمس الكتابة وفضاهئا وهندس هتا يف التحليل.
-حدث :ان لك نص هو حدث يقع يف زمان وماكن معينني ال يعيد نفسه اعادة مطلقة مثهل يف ذكل
مثل احلدث التارخيي.
اصيل :هيدف اىل توصيل معلومات ومعارف ونقل جتاربومشاهدات وانطباعات و أأحاسيس -تو ز
وانفعاالت ...اىل املتلقزي.
لك يشء ،فهناك وظائف أأخرى للنزص تفاعيل :عىل أأ زن الوظيفة التزواصل زية يف اللزغة ليست يه ز -ز
اللزغوي ،أأ زمهها ال زتفاعل زية اليت تقمي عالقات اجامتع زية بني أأفراد اجملمتع وحتافظ علهيا.
-مغلق أأي أأ زن هل بداية وهناية هذا من النزاحية الكتاب زية ا أليقون زية ولكنزه من النزاحية املعنويزة هو توادلي،
متودل من أأحداث اترخي زية واجامتعية ونفس زية ولغويزة... فاحلدث اللزغوي ليس منبثقا من عدم وانزام هو ز
الكيم ذي وظائف متعدزدة ").(4 مدونة حدث ز وتتناسل منه أأحداث لغويزة الحقة هل .فالنز زص اذن هو " :ز
1عبد السالم مسدي اللسانيات و أسسها املعرفية ،املكتبة الفلسفية ،الدار التونسية للنشر،تون ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،طبعة ،1986ص.27
- 2ينظر حممد عبد هللا الغدامي اخلطيئة والتفكري ،اندي األدب الثقايف ،جدة السعودية طبعة األوىل ،1985ص
-3سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص. 107
-4حممد مفتاح ،حتليل اخلطاب الشعري "إسرتاتيجية التناص" املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،املغرب( ،ط ،2005 )4ص119 :و. 120
61
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-خوهل طالب االبراهميي :ترى أأن" النص منتوج مرتابط متسق ومنسجم وليس تتابع عشوايئ أللفاظ
ومجل وقضااي و أأفعال الكمية ،النص لك حت ُّده مجموعة من احلدود تسمح لنا أأن ندركه بصفاته الك مرتابطا
بفعل العالقات النحوية الرتكيبية بني القضااي وداخلها وكذكل ابس تعامل أأساليب االحاةل والعائد اخملتلفة
والروابط واملنضامت العديدة ،ولكن النص ال يكون مرتابطا حفسب بل ينبغي أأن يتصف ابالتساق ،بل
أأن الاتساق من الرشوط ا ألساس ية لبناء نصية املعىن وينتج هذا الاتساق ابس تعامل النظائر ادلاللية أأو
املتجانسات ادلاللية( .)1فتتحقق مؤرشات النصية بزتاوج اجلوانب الشلكية وادلاللية والتداولية.
يشوش عليه فكره ،ويفسد صورات اخملتلفة للنزص ،ما ز وهكذا يصادف الباحث من التزعريفات والتز ز
عليه ر أأيه ،وما دام هذا واقع احلال ،علينا أأن نمتسك مبا نراه حمققا للنصية وهو أأمران :الامتسك()2
والاكامتل()3؛ أأما الامتسك فيس تفاد ابلرتابط النحوي والرتابط ادلاليل ،وهام أأول ما اشرتطه الباحثان
دي بوجراند ودريسلر ،اذ النص يف ا ألصل الكم مفيد ،فهو مامتسك حنوا ،وال يبىن من أألفاظ ليس
بيهنا روابط ،بل هو نظم يتوىخ فيه معاين النحو ،مث ان النص حيتاج بعد تقيق الامتسك النحوي اىل
الامتسك ادلاليل ،فالنص ليس متتالية مجلية أأو مجموعة من املقاطع ،بل ينظر اليه من حيث هو وحدة
لكية مرتابطة ا ألجزاء ،ذلا ع زد الامتسك النيص رشطا رضوراي واكفيا للتعريف عىل ما هو نص ،وعىل ما
ليس نصا ( .)4وهو ما يبينه الشلك التايل(:)5
خصائص ممزية مقطع لغوي ()1
نص لك موحد
وسائلالاتساق
مرسل
ال نص مجل غري مرتابطة ؟؟؟؟؟؟؟؟ مقطع لغوي ()1
الواحض من اخملطط أأن الاتساق هو جحر الزاوية يف البنية النصية ،اذ لكام توفرت أأدواته يف عينة
لغوية حمك لها بأأهنا بنية نصية ،وابنعدامه صار املقطع اللغوي نتفا ممزقة ،وابلتايل يفقد مقومات الوجود
النيص حيث الاتساق والتناسق .ومع ذكل يالحظ عىل هذا الشلك اهامهل دور املتلقي يف احلمك عىل
-ينظر خوله طالب اإلبراهيمي مبادئ يف اللسانيات دار القصبة للنشر اجلزائر 2000ص1 169
-2سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص املفاهيم واالجتاهات ،ص116 :و117
-3ينظر :د .صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،مكتبة لبنان انشرون ،ط ،1996 ،1ص.298 :
-4د .صبحي إبراهيم الفقي ،علم اللغة النصي بني النظرية والتطبيق ،دراسة تطبيقية على الصور املكية ،ج ،1دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط،1
،2000ص.99 :
-5حممد خطايب ،لسانيات النص -مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.12 :
62
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الامتسك النيص ،اذ ما يفتأأ النص أأن خيرج اىل العامل حىت يتلقفه املتلقي ،ليخلع عليه من خصائصه
المتيزيية ما جيعهل امتدادا هل ،اىل احلد اذلي يبدو فيه املتلقي مبدعا اثنيا.
وعليه ميكن تصور الشلك احملدد للامتسك النيص وفق هذه الرؤاي ،اذ ليس من هممة املرسل أأن
حيدد ا ألهداف التبليغية للنص ،بل يكفي أأن ينتج أأثرا حياول أأن يضمنه خصائص ممزية يتومس فهيا تقيق
الامتسك النيص ،مث يلقي به اىل القارئ اتراك هل احلمك ابلنصية أأو عدهما عىل ذكل احلدث اللساين .ومن
مث ميكن تصور شلك الامتسك النيص عىل هذا النسق.
-1ينظر :د .صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص .298
-2املرجع نفسه ،ص .298
63
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
فميكن أأن يرتكب النص من مجةل واحدة ،أأو حىت مـن لكمــة واحدة ،كام يف حال ا ألمر"تعال" مثال،
وليس من العسري أأن نالحظ بشلك عام أأن حاكية أأو رواية تكون نصا واحدا (.)1
وبعد أأن زنزه الباحثان؛ "هاليداي ورقية حسن" النص من كونه مجموعة من امجلل ،أأجازا اماكنية أأن
يكون أأ ىي يشء؛ من مثل واحد حىت مرسحية بأأمكلها ،من نداء اس تغاثة حىت مجموع املناقشات احلاصةل
طوال اليوم( .)2ومن هذا املنطلق ،غدا النص تكل الوحدة الكربى اليت تشمل معىن ال يقبل التجزئة
ويؤدي وظيفة ثقافية ما .وعليه ال ينظر اىل النص من حيث جحمه يف سبيل الوصول اىل النص
املس تدير( )3املكمتل ،وهو ما يؤكده تعريف "صالح فضل" للنص اذ "هو القول اللغوي املكتفي بذاته
واملكمتل يف داللته( .)4وابلتايل اليشرتط يف النص الطول أأو القرص ،بقدر ما يشرتط فيه الاكامتل
والنضج ادلاليل ،ابالضافة اىل ظاهرة التالمح والامتسك فيه ،وكذكل العالقات الوثيقة بني املس توايت
اللغوية السطحية والعميقة .وعليه ال أأرى النص اال بذرة يشرتط لمنوها أأن تكون مكمتةل ،وانجضة،
وحية.
يف مغرة تعدد هذه التعريفات واختالفها اىل احلد اذلي تبدو فيه متعارضة يف بعض الاحيان ،يُلف
ادلارس املبتدئ يف حرية من أأمره ،فبأأي التعريفات يأأخذ وبأأي الليات يش تغل؟وقد هيون ا ألمر قليال
اذا عرف أأن منشأأ هذا الاختالف مرده اىل تباين املرتكزات اليت صدر مهنا لك ابحث ،اضافة اىل
الاختالف يف ضبط حدود النص نظري تعدد الاهامتمات والتوهجات والرؤى للمش تغلني يف احلقل
الواحد.
وهمام اختلفت تعريفات النص وتعددت ،فالثابت أأنه حيرز من اخلصائص ما جتعهل يتجاوز حد امجلةل،
مهنا أأن حتقق املعىن العام للنص يتجسد ابكامتل البنية اللكية للنص ،ويرتبط ابلتغريات اليت تتعلق بعملية
بناء النص وفهمه ،كام تتحمك فيه روابطه ادلاخلية وعالقاته اخلارجية ابلس ياقات املرافقة هل.
مفهوم اخلطاب":"Discours
لنئ مل حيظ "النص" ،عىل كرثة تدارسه ،بتعريف جامع شامل ،فا زن مصطلح "اخلطاب" ليس
مبنأأى عن ذكل االشاكل ،ولعل هذا الاضطراب يف ضبط احلدود ،مرده اىل التزداخل بيهنام يف املفهوم
-1فان ديك ،النص بنيانه ووظائفه ،تر /حممد العمري ،ضمن كتاب يف نظرية األدب ،مقاالت ودراسات ،سلسلة كتاب الرايض ،ط ،1،1997ص:
.61،62
-2حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.13 :
-3أي املنغلق على ذاته ،وتستخدم هذه الفكرة لتحديد اكتماله واستقالله واكتفائه بذاته ،أي حتديده املادي مبجال معلوم [بداية وهناية] ،وال يقصد هبذه
الصفة االستغالق والتحجر ،حيث عدم قبوله لتعدد التأويل.
-4صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص299 :
64
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
والاس تعامل).(1
يعد هاريس) (2أأول من دعا اىل جعل اخلطاب املوضوع الرشعي لدلرس اللساين ،ذلكل من الطبيعي
أأن نبد أأ بعرض تعريفه لهذا املصطلح ،فهو عنده ":ملفوظ طويل ،أأو متتالية من امجلل تكون مجموعة
منغلقة ميكن من خاللها معاينة بنية سلسةل من العنارص بواسطة املهنجية التوزيعية وبشلك جيعلنا نظ زل
يف جمال لسا زين حمض") .(3اليراد ابالنغالق حتجر داللته ،بقدر مايراد به انسجامه بنيته واكامتلها ،أأ زما
"بنفنست"( )E. Benvenisteفقد اكن لتعريفه ا ألثر الكبري يف ادلراسات ا ألدبية اليت تقوم عىل دعامئ
لسانية ،فقد اعتربه "امللفوظ منظورا اليه من وهجة أليات ومعليات اش تغاهل يف التواصل ،أأو هو جمال
معني يف مـقام من جماالت االتصال "...واملقصود بذكل :الفعل احليوي النتاج ملفوظ بوساطة متلكزم ز
فلك عـبارة أأو تلفزـظ يفرتض متلكزام ومس متعا كام
مـعني ،وهذا الفـعل هو معل زية ال زتلفزظ ومبعىن أأوسع ":ز ز
أأهنز ا تفرتض نيزة املتلكزم يف التزأأثري عىل املس متع بطريقة أأو بأأخرى").(4
تنوع وتعدزد اخلطاابت الشز فوية اليت متت زد من اخملاطبة اليومية اىل اخلطبةيعزز هذا التزعريف أأطروحة ز
شفواي مثل ال زراقية ،واىل جانب تكل اخلطاابت جند أأيضا اخلطاابت املكتوبة والزيت يعاد انتاهجا ز
لك ا ألنواع اليت خياطبهبا املراسالت ،واملذكزرات ،واملرسح والكتاابت الرتبويزة...وابختصار فهو يشلك ز
أأحدمه نفسه مكتحدزث) ،(5نس تنتج من تعريف "بنفنست"( ) E. Benvenisteأأ زن اخلطاب هو النزص
املكتوب أأثناء تأأديته الكم ًا يف موقف معني ،اضافة اىل معل زية اخملاطبة همام اكن نوعها بني متحدث
ومس متع.
أأ زما "مشال فوكو" ( )M. Foucaultفقد زعرف اخلطاب عدزة تعريفات زادت من تعقيد ومغوض
للك العبارات واترة اثنية من حيث هو املصطلح بدل توضيحه ،ملا عاجله اترة من حيث هو جمال عام ز
تفرس و زتربر العديد من العبارات، منظمة ز اخلاصة ،واترة اثلثة من حيث هو ممارسة ز مجموعة من العبارات ز
لك ما يكتب للك العبارات ،هو تعريف واسع جيعل ز فال زتعريف ا أل زول اذلي اعترب فيه اخلطاب جماال عا زما ز
-1أمحد املتوكل ،قضااي اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية "بنية اخلطاب من اجلملة إىل النص" ،دار األمان للنشر والتوزيع ،الرابط ،ط ،2001 ،1ص:
.16
-2يعترب هاريس ( تلميذ بلوم فيلد وأستاذ تسومسكي) من أنصار االجتاه التوزيعي لذلك حياول حتليل اخلطاب وفق التصورات واألدوات نفسها اليت حيلل هبا
اخلطاب كان انطالقا من تعريف بلوم فيلد Bloomfieldللجملة،
َ اجلملة ،حني كان مهتما بتوزيع العناصر اللغوية يف النصوص املطولة ،ودليل ذلك أن حتديده
من خالل أتكيده على وجود اخلطاب رهينا بنظام متتالية من اجلمل .فأنتج العمل وفقا للتقاليد "البولومفيلدية" طرقا شكلية لتحليل اخلطاب أو الكتابة.
-ينظر :سعيد يقطني ،حتليل اخلطاب الروائي (الزمن ،السرد ،التبئري ) ،املركز الثقايف العريب( ،ط ،1997 ،)3ص.17 :
وينظر أيضا مجعان بن عبد الكرمي ،إشكاالت النص ،دراسة لسانية نصية ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء( ،ط ،2009 ،)1ص. 19:
-3سعيد يقطني ،حتليل اخلطاب الروائي ،ص17
4 130 -(E) Benvenite ; Problème de linguistiquegénérale, édit : Gallimard, 1966,
-5ساره ميلز ،اخلطاب ،تر /يوسف بغول ،منشورات خمرب الرتمجة يف األدب واللسانيات جامعة منتوري قسنطينة (ط 2000 )4ص 03و. 04
65
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يتفوه به ويكون هل معىن ومفعول يف العامل احلقيقي خطااب ،أأ زما التزعريف الث زاين فهو مجموعة من العبارات
أأو ز
اخلاصة اليت هتيلك اخلطاب حبيث يسع اىل متيزي اخلطاابت أأو مجموعة اخلاصة ،فهو يتناول البىن ز ز
وقوة واحدة مثل خطاب ا ألنوثة منظمة بطريقة معيزنة ومنسجمة ولها مفعول مشرتك ز العبارات اليت تبدو ز
تفرس و زتربر العديد من وخطاب الامربايل زية ...أأ زما التزعريف الث زالث اذلي يعترب اخلطاب ممارسة ز
منظمة ز
ابلرتاكيب والقواعد اليت حتمك اخلطاب أأكرث من اهامتمه ابلعبارات العبارات فيبدو أأ زن فوكو هي زمت من خالهل ز
والنزصوص النزاجتة عهنا ،فأأ زمه يشء يف هذا ال زتعريف أأ زن اخلطاب خيضع لقواعد وضوابط مع زينة).(1
لك التزعدد اذلي أأ زما ديبورا ش يفرين ( )Deborah Shiffrinفقد عرض ثالث تعريفات متثل يف مجملها ز
لك تعريف اىل مهنجه ،فقد ورد اخلطاب عند الباحثني بوصفه حلق مبصطلح اخلطاب وتعريفه مع نس هبا ز
واحدا من ثالثة :بوصفه أأكرب من امجلةل ،أأو بوصفه اس تعامال أأي وحدة لغويزة ،أأو بوصفه امللفوظ).(2
وعليه ،فلنئ تعددت مدلوالت مصطلح (اخلطاب) ،فال يعين ذكل ابلرضورة تعارضها ،بل تتزفق لكزها
ميسعىل أأن زه ممارسة مللكة اللزغة ،غري أأهنز ا ختتلف يف زاوية النزظر اىل هذه املامرسة ،مبعىن أأ زن اخلالف ال ز
شلك املضمون اذلي تؤدزيه هذه اللزفظة) .(3وابلتايل فشأأن اخلطاب هو شأأن النص ابلامتم ،وعليه ال
يعين الاختالف البتة اخلالف.
خنلص اىل اس تنتاج مفاده؛ أأن النص هو لك ما يقال أأو يكتب عىل نية االتصال ،وعامل النص فهو
مجةل املفاهمي املنقوةل اىل املس متعني أأو القراء ،و أأما اخلطاب فهو مجموعة من النصوص ذات املوضوعات
والعالقات املشرتكة بني مجموعة لغوية متجانسة.
-1تنظر ،كالوس برينكر ،التحليل اللغوي للنص ،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج ،مؤسسة املختار للنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،ط ،2010 ،2ص:
.183
-2فان دايك ،علم النص مدخل متداخل االختصاصات ،تر /سعيد حسن حبريي ،دار القاهرة للكتاب ،القاهرة ،مصر ،ط ،2001 ،1ص.11 :
- 3حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،ص.105 :
- 4فان دايك ،علم النص مدخل متداخل االختصاصات ،ص.115:
- 5املرجع نفسه ،ص 105 :و.106
- 6ينظر :املرجع نفسه ،ص.175 :
67
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
اجملردة اليت تتودل وفقها خمتلف أأنواع النزصوص ،ويكون ذكل بدراسة لك نوع ،ورصد ما فيه من عنارص ز
قارة .عىل أأن يفيض ذكل اىل تشكيل نظرية عا زمة تصنزف عىل أأساس خمتلف النزصوص بنائية وشلكية ز
وطرائق بناهئا ،وكذكل بيان وظائفها و أأنواع العالقات املتبادةل بيهنا.
رمغ لك هذه ا ألمور ،فان ذكل المينع من االقرار بأأن انامتء النزصوص اىل أأنواع مامتيزة أأمر ال شك فيه.
ومن هنا حبث بعض ادلراسني يف خصوصيات النزصوص ،مفهنم من ركزز عىل الشلك ،ومهنم من ركز
عىل احملتوى ()1ومن مث زاجته ال زتحديد اىل زالرتكزي عىل عامل داخيل نيص أأو عامل خاريج نيص أأيضا ،بل
لوحظ امليل اىل رضورة التزوفيق بيهنام يف بعض الاجتاهات النزص زية.
ويرى بعضهم أأن بنية النزص ليست حمايدة وال يه قامئة عىل أأسس عالميزة خالصة ،وانزام تتأأثزر بنوع زية
النزص ابدلز رجة ا ألوىل ،معىن ذكل أأن النزص هو جامع معليتني انتاجيتني .حيث تتعلزق ا ألوىل مبا يقتضيه
مبكوانت النزص ادلاخليزة من الس يايق" كام يسميه بعضهم ،وتتعلزق الثزانية ز االطار العام للنزص أأو"الظرف ز
مجل وكيفيزة تتابعها وفق ا ألسس اليت يقتضهيا االطار العام للنزص ،وهبذا فان العمليتني متاكملتان .اذ
ينبغي أأن تفهم أأنواع النصوص ابتداء عىل أأهنا مناذج مركبة لتواصل لغوي تنشأأ داخل امجلاعة اللغوية يف
أأثناء التطور التارخيي الاجامتعي عىل أأساس احتياجات تواصلية(.)2
مث يذهب اىل أأن النزصوص تتأأسس بناء عىل تفاعل املقتضيات التزواصل زية والس مييائ زية والتزداولية ويه
ينظم الكيفيزة اليت يسري علهيا تتابع امجلل اليت ميكننا بناء علهيا حتديد االطار النزوعي للنزص اذلي ز
والفقرات يف داخل النزص والهنز اية اليت ميكن أأن ينهتىي الهيا(.)3
-2بعض مناذج تصنيف النزصوص:
ان تصنيف النزصوص اىل أأنواع سعي أأاكدميي لتسهيل ادلراسة ليس اال ،ابعتبار أأن للك معرفة
نصوصها("،)فأأنواع النصوص يه مناذج سائدة عرفيا ألفعال لغويزة مركبة ،وميكن أأن توصف بأأهنز ا روابط
منط زية يف لك مهنا سامت س ياقيزة (موقفيزة) ،ووظيفيزة -تواصل زية ،وتركيبيزة (حنويزة-موضوع زية) ،وقد
تطورت من النزاحية التزارخي زية يف امجلاعة اللزغويزة ،وتتبع املعرفة اللزغويزة ألحصاب اللزغة ،ولها تأأثري معياري،ز
غري أأهنز ا ت زيرس يف الوقت نفسه التزعامل التزواصيل بأأن تقدزم املتواصلني بدرجة أأكرث أأو أأقل توجهيات
- 1بشري إبرير ،تعليمية النصوص بني النظرية والتطبيق ،عامل الكتب احلديث ،إربد ،اململكة األردنية ،ط ،2007 ،1ص.103 :
- 2كالوس برينكر ،التحليل اللغوي للنص ،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج ،ص.184 ،183 :
- 3ينظر :يوسف نور عوض ،نظرية النقد األديب احلديث ،دار األمني ،القاهرة ،مصر ،1994 ،ص.59 :
) إن القول أبن نصوص اإلعالن حافلة ابلصفات ،أو أبن التقارير االخبارية تشتمل على حشد من األفعال ،ميثل تعبريا عن أغراض مليول متأصلة يف هذا
النوع ولكنه ال يشرح األنواع ذاهتا .ينظر :دي بوجراند :النص واخلطاب واإلجراء ،ص.412 :
68
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يعرف النزمط" بأأنه الطريقة املس تخدمة يف اعداد النزص حممكة النتاج النزصوص وتل زقهيا( .)1يف حني ز
واخراجه من أأجل حتقيق غاية الاكتب ،و ز
للك منط بنية تتالءممع املوضوع املطروح "(.)2
ان دراسة أأبنية النزصوص و أأنواعها زودل ما يعرف بـ"عمل أأنواع النزصوص اللزغوي"( )3اذلي ميكن أأن زيفرق
فيه -تقريبا -بني زاجتاهني حبثيني رئيس يني:
املؤسس عىل نظام اللزغة ،واذلي حياول بناء عىل سامت تركيبيزة ،أأي سامت حنويزة يف أأ) -الهنز ج البحيث ز
املقام ا ألول(مثل :صور زالربط الضمريي للجمل ،واس تعامل عنارص اشارية ،وتوزيع ا ألزمنة....اخل)
وصف أأنواع النصوص وحدها.
يوهجه التزواصل اذلي يس هتدف حل اشاكلية أأنواع النزصوص انطالقا من ب) -الهنز ج البحيث اذلي ز
جوانب موقفيزة وتواصل زية وظيفيزة(.)4
املؤسسة عىل النزظام اللزغوي مل توفزق يف تأأسيس أأوجه تفريق أأكرث لكن املالحظ أأن البحوث زالرتكيبيزة ز
دقزة ممزية ألنواع النزصوص ،فأأوجه التزميزي املقرتحة بناء عىل سامت حنويزة ،عىل سبيل املثال يف نصوص
علم زية وغري علم زية لن تبلغ مدى بعيدا.
توهجه نظريزة ال زتواصل أأو الفعل بأأن زهوعىل العكس من ذكل ميكن أأن حيمك عىل الهنز ج البحيث اذلي ز
هنج واعد ابلنزجاح اىل حد بعيد ،وهو يناسب بقدر ابلغ املدى أأيضا معرفتنا احلدس زية(اللزغويزة-اليوميزة)
بأأنواع النزصوص.
الاجتاهني البحثيني ظهرت بعض التزصنيفات النزص زية ،ومهنا نذكر: وعىل ضوء هذين ز
-1.2تصنيف جلنس(:)5()H.Glenz
يقوم تصوره عىل أأسس تواصل زية دالل زية تربز الوظيفة ا ألساس زية ،وهكذا ميكن أأن تكون أأمناط النزص
الرئيسة كام يـيل:
-نصوص ربط(وعد،عقد ،قانون ،ارث ،أأمر).
-نصوص ارشاد(الامتس ،خطاب ،دفاع ،نصوص عادية ،خطاب س يايس ،كتب تعالمي وارشاد).
-نصوص اخزتان(مالحظات ،فهرس ،دليل ،تلفون ،يوميات ،ختطيط ،مسودزات).
-نصوص ال تنرش عالن زية (تقدير،عرض ،رساةل ،بطاقة).
- 1كالوس برينكر ،التحليل اللغوي للنص ،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج ،ص.173 :
- 2حيي حسن عمر ،كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية ،العريب للنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،ط ،2019 ،1ص.332 :
- 3كالوس برينكر ،التحليل اللغوي للنص ،مدخل إىل املفاهيم األساسية واملناهج ،ص190 :
- 4املرجع نفسه ،ص.191-190 :
- 5بشري إبرير ،إشكالية تصنيف النصوص ،معاجلة تعليمية ،جملة العلوم اإلنسانية ،جامعة حممد خيضر ،بسكرة ،ع.126 ،2003 ،05
69
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-نصوص تنرش عالن زية(خرب ،كتاب ،دراسة ،رواية ،قصة ،مرسحية ،شعر)
نالحظ من تصنيف"جلنس" :وان اكن مستندا عىل أأشاكل التزواصل اال أأن زنا ال منيزي فيه بدقة بني
ا ألشاكل النزص زية ،فبعض النزصوص نس تطيع أأن جنعلها يف عدزة أأصناف مثل:كتاب ،عرض....اخل.
-2.2تصنيف اجينفاليد (: )1()Eigenvald
ينظم اجينفاليد ( )Eigenvaldالنصوص يف مخسة أأمناط ،تتناسب مع جماالت النشاط الشمولية:
أأمثةل نصية منط النص
ن زص خربي ،تقرير ،افتتاحية ،تعليق -نص حصفي
اجلزء الاقتصادي يف حصيفة -نص اقتصادي
خطبة س ياس ية ،قرار ،منشور ،بيان تنديد ،قول حائطي -نص س يايس
رساةل حمام ،نص دس توري ،حمك قضايئ ،نص معاهدة -نص قانوين
نص من العلوم الطبيعية ،نص من العلوم الاجامتعية -نص علمي
املالحظ عىل هذا التصنيف أأن زه ال يتأأسس عىل معيار واحد والحي زقق خاص زية ال زتجانس كام ينبغي وان
اكن من الصعب أأن يتحقق ذكل.
-3.2تصنيف جروسه (:)2()Grosse
ا ألمثةل وظيفة النص فئة النص
القوانني ،اللواحئ ،التوكيالت ،شهادات امليالد، وظيفة معياريزة. -نصوص معياريزة
واثئق الزواج املصدقة ،العقود
كتاابت الهتز نئة ،كتاابت املواساة وظيفة اتصالية. -نصوص االتصال
ا ألانش يد امجلاع زية (النش يد الوطين)
-النزصوص ادلاةل عىل مجموعة وظيفة ادلالةل عىل مجموعة.
القصيدة ،الرواية ،املرسحيزة الفاكهية وظيفة شعريزة. -نصوص شعريزة
اليوميات ،سرية احلياة ،ترمجة ذات زية.. -نصوص قامئة عىل زاذلات وظيفة ذات زية.
اعالن ،دعاية ،برامج ،الامتس ،كتابة رجاء -نصوص قامئة عىل الطلب الطلب.
وظيفتان مؤثراتن ابلقدر نصوص بوظائف طلب زية ونقل املعلومات فئة التزحول
اخلرب ،التنبؤ ابلطقس ،النزص العلمي -نصوص قامئة عىل اخلرب نفسه.
نقل املعلومات. املوضعي
- 1فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،تر /فاحل بن شبيب العجمي ،جامعة امللك سعود ،1999 ،ص.192 :
- 2املرجع نفسه ،ص.193 :
70
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
لعل ما يالحظ عىل تصنيف "جروسه" أأن زه ركزز عىل الوظيفة اليت يؤدهيا النزص ،لكن هذا يبدو غري
اكف ألن الوظائف كثرية ويصعب حرصها ،مفثال ان الوظيفة ال زتواصل زية ال تقترص عىل كتابة الهتز نئة
واملواساة فقط ،بل توجد يف اكمل النزصوص ،ذلا فان هذا ال زتصنيف يفتقر اىل التزجانس كسابقه.
ان التزصنيفات السابقة اذلكر كام ال تستند اىل معايري موضوع زية دقيقة ،بل ان الشخص العادي يس تطيع
أأن زميزي بني نص وأآخر حبمك زمترسه يف ال زتعامل معها ،أأو عن طريق معايري متعارف علهيا دلى املتلكزمني
بلغة مع زينة ،فيعرف ان اكن النزص هتنئة أأو مواساة ،ان اكن علميا أأو أأدبيا.
لكن عمل النص حاول الابتعاد عن هذا التزصنيف الفطري وسع اىل وضع معايري أأكرث دقة تصنزف عىل
أأساسها خمتلف النزصوص واخلطاابت ،واحملاوالت يف هذا اجملال كثرية نذكر مهنا:
التزصنيف عىل أأساس وظيفي تواصيل(:)1
وهو يركز عىل الوظيفة اللزغويزة املهمينة يف النزص ،واملرجع ا ألسايس لهذا ال زتصنيف هو "رومان
جاكسون" اذلي زمزي بني خمتلف النزصوص حبسب الوظيفة الأكرث بروزا فهيا:
نصوص هتمين فهيا الوظيفة املرجع زية ( ،)Fonction Référenctielleويه اليت يأأيت فهيا عرض ملعلومات أأو
أأخبار ،فهىي نصوص اعالمية اخبارية بدرجة أأوىل.
نصوص ذات طابع تأأثريي ،ويه اليت يكون زالرتكزي فهيا عىل املتلقي من أأجل اقناعه والتأأثري فيه ،وتكرث
فهيا صيغ اخلطاب والطلب.
نصوص ذات طابع تنبهيىي( ،)Phatiqueويه هتدف أأساسا اىل احلفاظ عىل اس متراريزة ال زتواصل ومراقبة
خاصة اىل تسلسل النزص وترابطه حىت يمتكن املتلقي من متابعته. مدى فعال زيته وجناعته كام تويل عناية ز
نصوص ذات طابع معجمي أأو لغوي رصف ( ،)Fonction métalinguistiqueويه اليت يأأيت زالرتكزي فهيا
تجسد يف رشح املتلكم وتبس يطه عىل وس يةل االت زصال من حيث وضوهحا ،وحسن أأداهئا لوظيفهتا ،وت ز
لبعض عباراته أأو لكامته.
نصوص ذات طابع انشايئ( ،)Fonction poétiqueويه النزصوص اليت يكون الاهامتم منص زبا فهيا عىل
اجلانب الشز لكي ،كتحسني زالرتاكيب وانتقاء اللكامت مبا يكس هبا طابعا جامليا وفنيا زممزيا.
وظفا تصنيف الاجتاه الوظيفي التزواصيل ،قد ز الاجتاه البنوي ،ومن بعده ز وجتدر االشارة هنا اىل أأن ز
"جاكسون" يف ال زتميزي بني النزصوص وحتليلها.
الس يايق أأو ز
املؤسسايت(:)1 ال زتصنيف ز
وهذا التزصنيف ذو طابع اجامتعي ،ابعتباره يركزز عىل الوظيفة اليت يؤدزهيا النزص ،وقد متخزض عن هذا
-1حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،الدار العربية للعلوم انشرون ،لبنان ،ط ،2008 ،1ص106 :و .107
71
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
التزصنيف ما هو متداول حاليا من متيزي بني النزصوص االعالميزة وادلز ينيزة واالشهارية واالداريزة وغريها،
وكام هو واحض فلك نوع من هذه ا ألنواع ابالماكن ردزه اىل املؤسسة الاجامتع زية اليت يصدر عهنا.
املوظفة يف النزص(:)2 -3ال زتصنيف حسب العمل زية زاذلهن زية ز
يعترب هذا التزصنيف من أأكرث التزصنيفات وضوحا ودقزة ،فهو التزصنيف اذلي زميزي بني أأنواع النزصوص
توظف يف النزص أأكرث من غريها ،اكالس تدالل أأو ز
الرشح أأو حسب العمليات ا زذلهن زية أأو العقل زية اليت ز
الرسد وغريها ،وعليه فقد زمزي بني ا ألنواع ال زتالية: العرض أأو ز
-1.3النزص احلجايج( :)3()texte argumentatif
ان الن زية أأو القصد يف هذا النوع من اخلطاب ،هو تغيري اعتقاد يفرتض وجوده دلى املتلقي ،ابعتقاد
أآخر يعتقد املرسل أأن زه ا ألحص ،كام ينطلق احلجاج يف النزص من مبدا أأن للقارئ أأو ز
السامع ر أأاي حول
القضيزة املطروحة أأو موضوع الالكم ،وهيدف يف الهنز اية اىل االقناع.
و زتطرد يف هذا النزوع من النزصوص عالقات مع زينة ،مثل العل زية والتزعارض وغريها ،و أأما الاتزساق فريتكز
فيه عىل التزكرير والتزوازي والتزبيني.
-2.3النزص االعاليم(:)4()Texte informatif
معني يفرتض أأن املتلقي
ان الغاية يف هذا النزوع من النزصوص يه تقدمي معلومات ومعارف حول موضوع ز
الصحافة واالشهار جيهلها ،أأو ليست دليه معلومات اكفية حوهل ،وتمتث زل النزصوص االعالميزة يف ز
ونس متدزها من املكتبات والأكشاك واملراكز الث زقافيزة والاشرتأاكت ،وتستند عىل مؤرشات مرئ زية مثل
الطباعة وتتو زجه اىل أأغلب امجلاهري لمتكزهنا من الفهم االجاميل العناوين يف كتابهتا ومضاميهنا و أأنواع ز
ل ألحداث اجلارية.
الرسدي (:)5()Texte narratif -3.3النزص ز
الرسد اصطالحا هو اخبار من مصمي الواقع أأو نسج اخليال ،أأو من لكهيام معا يف اطار زماين وماكين
يبني الرسد اذا ،حييل عىل واقع جتري فيه أأحداث مع زينة يف اطار زماين ز
معني ،ز حببكة فنية متقنة( ،)6ف ز
تتطور عرب زالزمن ،وعادة ما يش متل اخلطاب الرسدي تتحول ا ألحداث ،وكيف ز فيه اذلي حييك كيف ز
-1حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،ص.107 :
-2املرجع نفسه ،ص.107 :
-3املرجع نفسه ،ص.108 :
-4املرجع نفسه ،ص.109 :
-5املرجع نفسه ،ص.109 :
-6حيي حسن عمر ،كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية ،العريب للنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،ط ،2019 ،1ص.335 :
72
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
عىل ثالثة مراحل:احلاةل ا ألوىل (،)L’état unitialالتزحوالت الطارئة ،واحلاةل الهنز ائية) ( L’état finalكام
تدرج معني( )Progressionتفرضه جمرايت ا ألحداث وتعاقهبا. يش متل أأيضا عىل ز
-4.3النزص الوصفي(:)1()Texte descriptif
الوصف اصطالحا هو الرمس ابلالكم اذلي ينقل مشهدا حقيقيا أأو خياليا ل ألحياء أأو ا ألش ياء أأو
ا ألمكنة بتصوير خاريج أأو داخيل من خالل رؤية موضوعية أأو ذاتية أأو تأأملية( ،)2أأما المنط الوصفي
املكونة لهذا الواقع ،وكيف زية انتظاهما يف الفضاء أأو يعكس الوصف واقعا فيه ادراك لكزي وأآين للعنارص ز
املاكن اذلي توجد فيه ،وقد يكون ا ألمر متعل زقا مبوجودات جامدية أأو بأأشخاص أأوبغريها ،كام يمتثل
الوصف يف حماوةل نقل هذا الواقع جبزيئاته وتفاصيهل.
وما ميكن قوهل يف ا ألخري خبصوص حماوالت تصنيف النزصوص اىل أأنواع ،أأن أأغلب علامء النزص
يؤكدون عىل صعوبة هذه العملية وذكل دليل يف ر أأهيم عىل ما يف اللغة من تعقيد وتداخل بني خمتلف
ظواهرها ،ولقد اكن "رومان جاكسون" س زباقا اىل اس تنتاج ذكل عندما انهتى يف تصنيفه لوظائف
اللغة ،اىل التزداخل اذلي حيصل بني هذه الوظائف يف أأثناء الالكم .حبيث يتع زذر أأن جند زنصا حيتوي
عىل وظيفة لغوية واحدة ،تأأثرييزة اكنت أأم تعبرييزة أأم مرجع زية أأم انشائ زية .
والنتيجة نفسها تقريبا انهتى الهيا "ج.م.أآدم"( )Jean-Michel Adamخبصوص أأنواع النزصوص ،حيث
يرى أأن هذه ا ألخرية غري متجانسة اطالقا ،ويتجىل انعدام جتانسها يف أأننا جند أأن الفقرة الواحدة ،بل
أأحياان يف امجلةل الواحدة ،تداخال بني بنية رسدية وبنية وصفية.
فالنزمط الرسدي مثال قد يتض زمن النزمط الوصفي أأواحلواري أأولكهيام وهذان النزمطان (النزمط الوصفي
الرسدي. القصة املبنيزة عىل النزمط ز واحلواري) يساعدان عىل ابراز ز
وكذكل النزمط التزفسريي حيتوي عىل النزمط االبالغي ويتخطاه ،ويساعد عىل توضيح ا ألفاكر ورشهحا
يف النزمط اذلي يغلب عليه النزمط الربهاين.
وخاصة ا ألدب زية مهنا ال ختضع النسجام اتم ولعل هذا ما جعل "محمد خطاب" يؤكد بأأن النزصوص ،ز
اذ "كثريا ما جند نصوصا تتعايش فهيا وظائف وصفيزة ،رسديزة ،جحاجيزة ،وال أأدزل عىل ذكل من
النزصوص ا ألدب زية اليت تتض زمن خليطا من الوصف والرسد واحلجاج ممزا يدعو اىل البحث عن معيار أآخر
للمتيزي ،وهمام يكن فان ادلور اذلي يقوم به النص يف التواصل هو اذلي جيعلنا نصف منطا معينا بأأنه
نص ،وليس شلكه السطحي حفسب"(.)3
-1حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص،وجماالت تطبيقه ،ص.110 :
- 2حيي حسن عمر ،كتاابت هيكل بني املصداقية واملوضوعية ،ص.336 :
-3حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخإلىل انسجام اخلطاب ،ص.314 :
73
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ذلكل يقرتح "أآدم" وهو أأحد أأكرث اللزغويني الغرب زيني اهامتما ابلبحث يف أأنواع النزصوص ،حتديدً ا ً
مغايرا
ال يكون عىل أأساس النزظر يف البنية العا زمة للنزص ،ولكن عىل أأساس النزظر يف طبيعة املقاطع ز
املكونة
هل ،ومدى همينة أأحدها أأكرث من غريه عىل النزص( ،)1اذ غالبا ما تتداخل ا ألمناط حبيث جيمع الاكتب عدة
أأمناط يف النص الواحد ،حيث يندر وجود نص أأحادي المنط ،أأما اطالق منط معني عىل نص ما
فيكون اشارة للمنط الغالب عليه(.)2
وذلكل فقد ترت زب عن ال زتحديد ادخال بعض ال زتعديل عىل ال زتصنيف اذلي س بق ذكره ليصبح كام ييل()3
الطابع احلجايج textes à dominante logico argumentative :اكملدخالت العلم زية -نصوص يغلب علهيا ز
واحملارضات والتزقارير....
الطابع االعاليم أأواالخباري textes à dominante informative:اكملنشورات -نصوص يغلب علهيا ز
والواثئق االداريزة والتزعلاميت االداريزة ،ونصوص كيفيزات الاس تعامل....
السري واملذ زكرات
الطابع الرسدي textes à dominante narrative:اكلرواايت و ز -نصوص يغلب علهيا ز
والتحقيقات واحملارض.
-نصوص يغلب علهيا الطابع الوصفي textes à dominante descriptive :اكلقصص والروبوراتجات،
وعرض التزجارب واملذكزرات.
واذا انتقلنا اىل تصنيف النزصوص يف اجملال التزعلميي ،جند أأن املشلكة كبرية أأيضا ،فاذا أأردان أأن
تعني علينانكسب املتعمل كفاية نص زية عالية compétente textuelleعىل املس تويني القرايئ والكتاب ز
اطالع التلميذ عىل ع زينة اكفية من لك نوع من ا ألنواع النزص زية مبا ميكزنه من متثزل واستيعاب اخلصائص
اللزغويزة والبنائ زية للك نوع ،لكن ونظرا للتزشعب الكبري للنزصوص ،فقد ر أأى بعض البيداغوجيني أأن زه من
ا ألفيد تصنيف النزصوص حسب املهارة النزص زية اليت نريد تعلميها للتزلميذ ،واملهارات النزص زية حمدودة مقارنة
بأأنواع النزصوص ونذكر مهنا :الرسد والوصف والاس تدالل وال زتعبري ،وعليه فقد خلصوا اىل التزصنيف
ا ألخري اذلي اقرتحه "جون ميشال أآدم"( .) Jean-Michel Adam
وجتدير االشارة يف النعاية اىل أأن ما أأتينا عىل ذكره من أأنواع نص زية ليس يف احلقيقة سوى ع زينة حمدودة،
اذ هناك أأنواع نص زية أأخرى وتصنيفات مغايرة ال يسع اجملال للتزوسع فهيا ،وسواء أأاكن التزصنيف دقيقا أأم
غري دقيق ،فان ما ليس فيه اختالف ،هو وجود بعض اخلصائص الشز لك زية واملعجم زية والبنائ زية ز
القارة يف
لك نوع ،وهو ما يعين أأن للك نوع بنية جمردة ،اذا اس تطعنا حتليلها والوقوف عىل خصائصها أأمكننا
توليد نصوص عديدة يف اطارها.
75
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ز
مؤرشاتـــــــه أأنواعــــــه المنط تعريفــــــه
الرسد اصطالحا هو نقل أأحداث أأو -الرسد الشخيص -ظروف الزمان واملاكن
-امجلل اخلربية أأخبار من مصمي الواقع أأو نسج (سرية)
اخليال ،أأو من لكهيام معا يف اطار -الرسد اخلاريج - .أأفعال احلركة ،ا ألحداث
زماين وماكين ،حببكة فنية متقنة - .الرسد البس يط - .يس تعمل فيه الفعل املايض لرسد
السـردي
أأما المنط الرسدي ،فهو الطريقة -الرسد املركزب .ا ألحداث املاضية ،أأما الفعل املضارع
فيضع القارئ يف خضم ا ألحداث التقنية املس تخدمة يف اعداد واخراج
-كرثة الروابط. النص القصيص وغريه (حصف،
جمالت )..بغية تقيق غاية املرسل
منه.
-النص االقناعي -اعامتد ا أل زدةل وا ألمثةل ،واس تخدام مضري املتلكم البداء الربهان اصطالحا :هو
أأسلوب تواصيل يريم اىل -النص ادلز حيض الر أأي الشخيص ،أأومضري جامعة املتلكمني لتأأييد الر أأي
اثبات قضية أأواالقناع بفكرة -النص املقارن بشمولية وجحم أأكرب ،ابالكثار من أأساليب النفي
واالثبات. أأوايصال ر أأي ،أأوالسعي
-تنايم ا ألفاكر لتعديل وهجة نظر من خالل
ا ألدةل والشواهد.
الربهاين احلجايج
-اس تعامل امجلل االنشائية الطلبية -البيـــانـات االيعاز اصطالحا :هو أأسلوب تواصيل
(هنىي،نداء،أأمر،اس تفهام) -الوصـفـات يريم اىل توجيه التعلاميت اىل فئة من
-اس تخدام مضري املتلكم واخملاطب. -التوصيــات الناس ،ودعوهتم للقيام بعمل ز
معني
-بعض أأنواع اخلطب أأوحركة أأواختاذ موقف أأوتنفيذ أأمر.
االيعـازي
-النصوص ا ألدبية والمنط االيعازي :هو الطريقة التقنية
املس تخدمة يف اعداد النص االيعازي
واخراجه بغية تقيق غاية املرسل منه.
-اس تعامل امجلل اخلربية هو المنط اذلي يعرض فيه الاكتب -اجمتـــاعي
االعــاليم(االخبـــاري
-اس تخدام مضري املتلكم و اخملاطب. املعلومات وا ألخبار اليت تريم اىل -سيـــايس
اعالم املتلقي ابملس تجدات والظهور -علمــــي
-فنـــــي مبظهر احلياد.
ذاته يف سعينا لتحديد خصائص أأنواع النصوص ،اذ يكفي اس تدعاء القرائن من أأجل نس بة النصوص
خمتلفة التكوين اىل نوع ما ،وهو ما جعل"ج .فينيري" يشرتط للتعاممل املوضوعي مع النص لفهمه
وللوقوف عىل مظاهر االبداع فيه ( أأن) ال يمت اال اذا اكن هذا النص خاضعا يف اش تغاهل لقوانني أأو
مواصفات النوع ا ألدب اذلي ينمتي اليه( ،)1ذلكل يتعذر فهم نص فيه خرق كبري لقواعد النزوع ،فعملية
التصنيف يه من ا ألمهية مباكن يف لك اجملاالت وخباصة ما تعلق مهنا ابجملال البيداغويج ،اذلي ُر ِكزز فيه
حديثا عىل التداول ومهنجيات الانتفاع به يف ظل تأأثره بنتاجئ البحوث اللسانية .ذكل أأن من شأأن
معني من النزصوص اجياد اسرتاتيج زيات مع زينة للقراءة ،والتحليل الوقوف عىل طريقة بناء واش تغال منط ز
حبسب طبيعة لك منط من النزصوص يسهزل الحماةل وضع مهنجية لتدريس النزصوص والانتفاع هبا .ذلكل
يشرتط من "معايري النصية أأن يكون للنص هوية وانامتء ،ومعىن ذكل أأن يكون هل نوع ( )Typeودليل
أأن التصوص أأنواع ما يراه "هاليداي"و"رقية حسن" من أأن الكفاية النصية العامة اليت تتوفر دلى
متلكمني بلغة معينة ،تقرتن دامئا بكفاية نوعية تمتثل يف قدرة قارئ ما عىل المتيزي بني أأنواع من النصوص
بقطع النظر عن مضاميهنا ،وهذا يقتيض ممن ميارس الكتابة أأن حيرتم خصائص لك نوع اذا أأراد أأن حيقق
للنص املنجز اتساقه(.)2
ان الفائدة البيداغوجية اليت ميكن أأن جننهيا من معرفة خصائص لك نوع من أأنواع النزصوص يه أأن
معني من خالل تعامهل مع مناذج عديدة منه ،فان زه يكتسب كفاية التزلميذ اذا اس توعب أليات انتظام نوع ز
أأو همارة نص زية ت زيرس هل ال زتعامل مع ابيق النصوص حبيث يصبح ابماكنه توقع مأالت النزص قبل الوصول
الهيا.
وعليه تبدو الغاية من التعلمي يه اعداد الفرد للحياة ،من خالل متكينه من قراءة وكتابة أأنواع متعددة
من النصوص ،فهو حباجة اىل كتابة املراسالت االداريزة أأوالعمل زية ،أأوكتابة التزقارير والعروض أأوالكتابة
عن مشاريع هت زمه...اخل ،واذا مل يتعمل الفرد كيف يرت زب أأفاكره ،وكيف يقدز هما للغري ،وكيف يدافع عن
جحجه فان ذكل س يؤثر ال حماةل عىل مصاحله ومقاصده.
يغلب يف كتاابتنا أأو يف حماداثتنا أأن ننقل أأحدااث مقنا هبا أأو عايناها ابلكيفية اليت نروم مبوجهبا التأأثري يف
السامعني ،حبيث نودل فهيم انطباعات مشاهبة لتكل اليت عايش ناها عن كثب ،ولن يتأأىت لنا ذكل مامل
نتعمل كيفية بناء نص قصيص ،وا ألمر ذاته اذا ما هتيأأان لدلفاع عن فكرة نعتقد حصهتا ،فقد جنانب الاقناع
اذا مل نتعمل كيفية بناء نص جحايج.
- 1حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص،وجماالت تطبيقه ،ص.113 :
- 2املرجع نفسه ،ص84 :و.85
78
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ولهذا فان تصنيف النزصوص ومعرفة قواها االجنازية خطوة هامة يف معل زية التزعلمي والتز زعمل ،وتطبيقها لن
تليب أأذواق املتعلزمني
للمتعمل مناذج عديدة من أأنواع خمتلفة من النزصوص ز يكون ذا فعالية كبرية اذا مل تقدم ز
وميوهلم القرائ زية والتزعبرييزة املامتش ية مع مقتضيات العرص احلارض.
ويرى "دي بوجراند" أأن زه " لرمبا اكن يف اس تطاعة النزاس أأن يس تعملوا النزصوص دون أأن حيددوا
أأنواعها ،غري أأن الكفاءة عندئذ تقل وطريقة ال زتفاعل بني املتلكزم أأو الاكتب وبني السامع أأو القارئ تظل
غامضة"( .)1فا ألمناط اخملتلفة للنزصوص تساعد عىل ايصال الفكرة عندما حيسن لك من الاكتب والقارئ
السامع توظيفها.أأو ز
ومنه ميكن أأن نس تنتج أأن معرفتنا بأأنواع النصوص والوقوف عىل خصائصها وطرائق انتظاهما
واش تغالها ،من شأأنه أأن ميكزننا من وضع واتباع اسرتاتيج زيات مع زينة للقراءة والكتابة حسب طبيعة لك
نوع ،ومنه اىل وضع طرائق مالمئة لتعلمييزة النزصوص عىل املس تويني القرايئ واالنتايج(الكتاب) ،فتحصل
للمتلقي ملكة نصية تؤههل ألن مي ززي بني أأنواع النصوص بناء عىل مؤرشاهتا النصية ،كام ميكنه أأن ينتج
نصوصا يمتثل فهيا طرائق ا ألدابء الكبار يف اش تقاق املعىن من املادة اللغوية.
)توجد مصطلحات ابإلض افة إىل الصنف األساسي :احملادثة ،احلوار ،احلديث ،التعقيب ،املناقشة ،املداخلة .ينظر :فان ديك ،علم النص مدخل متداخل
االختصاصات ،ص - .251 :مجعان بن عبد الكرمي ،إشكاالت النص ،دراسة لسانية نصية ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،املغرب ،2009 ،ط،1:
ص.87 :
-1تون أ فان دايك ،علم النص مدخل متداخل االختصاصات ،ص.374 :
-2مجعان بن عبد الكرمي ،إشكاالت النص ،دراسة لسانية نصية ،ص.88 :
-3روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.491 :
80
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
نفسه"( ،)1وهذا يعين أأن التفاعل بني املتحادثني مبارش ويف س ياق خاص يتيح اماكنيات الفهم واالفهام
تشلك وحدة مما ييش بأأن احملادثة نشاط لغوي منظم .غري أأن املعيارين يقومان بدور نس يب ،حيث ال ز
املاكن وكذكل االتصال وهجا لوجه ...رشطا ال ميكن الاس تغناء عنه ،اذ ميكن للوسائل التقنية مثل
التلفون والتلفزيون وما عداهام أأن تقوم مبهمة بديةل(.)2
كام أأورد بعض الباحثني تعريفات خمتلفة للمحادثة؛ مفهنم من اعتربها"حمصةل النشاط اللغوي دلى
مشرتكني اثنني يف احلديث عىل ا ألقل(رشاكء التفاعل)( ... )3أأما من أأجل تعريف احملادثة فقد مت اىل الآن
حتديد الصفات النوعية الآتية:
أأ .عىل ا ألقل مشرتاكن يف التفاعل.
ب .تبادل الكم الزايم.
ج .موضوع احملادثة اذلي يوجد يف بؤرة الاهامتم يف الوعي االدرايك للمشرتكني يف احلدث)4(.
الواحض أأن صفات احملادثة تتحدد بتوافر هذه العنارص؛ وجود خشصني عىل ا ألقل ،حدوث تبادل
الالكم ،ابالضافة اىل مادة التخاطب ،ومن الباحثني من أأضاف عنرص ا أللفة بني املتخاطبني ،كام جاء
يف تعريف"دومنيك مانغومو" ( )Dominique Maingueneauاذ يقول :فاملشاركون اذلين ميكهنم أأن يكون
أأكرث من اثنني ،مه قريبون يف الزمان واملاكن وبيهنم عالقات أألفة و أأنس( ،)5ملا لهذه العالقة من أأثر يف
ضامن اس مترار احملادثة ،حيث تبادل ا ألدوار يف الالكم ،لوجود ما يشلك مواقف اتصالية مشرتكة.
.2سامت احملادثة:
مشاركني عىل ا ألقل مؤيدا ابحلضور التخاطيبْ تعرف احملادثة بأأهنا"تفاعل لفظي ،تفرتض وجود
لمر بـ"مواقف اتصالية اثبتة نسبيا اكلطقوس واملباروات اللفظية والتقايض()7 الطبيعي( ،)6وان تعلق ا أ
وهذا سبب اختالف احملادثة عن ا ألنواع ا ألخرى من النصوص وخباصة من حيث اعامتدها عىل تأأثري
املوقف سواء أأاكن املوقف حارضا أأم مشرتاك يف املايض ،ويعني هذا التأأثري عىل حتديث ثري للتوقعات
وعىل اسرتجاع دامئ لتأأثري ما يقال( )8اذ مينح هذا الطابع املبارش تفاعال عىل ادلوام ،وابلتايل فللمحادثة
-1مجعان بن عبد الكرمي ،إشكاالت النص ،دراسة لسانية نصية ،ص.88 :
-2فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،ص.254 :
-3املرجع نفسه ،ص.252 :
-4املرجع نفسه ،ص.254 ،253 ، ،252 :
-5دومنيك مانغومو ،املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب ،تر /حممد حيياتن ،منشورات االختالف ،اجلزائر ،ط ،2008 ،1ص.32 :
-6روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.491 :
-7املرجع نفسه ،ص.492 :
-8املرجع نفسه ،ص.494 :
81
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
مظهر حواري يعزز اختالفها عن ابيق أأشاكل احلوار ا ألخرى ،فعنارصها ال تتجه طبقا لغرض كام يف
املرسحية ،بل اهنا "مواقف منوذجية خيضع الناس فهيا لعوامل اجامتعية من أأجل احلفاظ عىل اس مترارية
االتصال ،وهذا الاس مترار يتطلب اس مترارا مناس با للموضوع"( ،)1وتتناقض احملادثة مع اخلطاب
املنولويج من حيث عدد املشاركني واسهاماهتم .واحملادثة يه يف الآن نفسه ،تفاعل لفظي وخطاب
حواري وحوار ،وان وجود التفاعل بني هذه املتطلبات هو املسؤول عن بنية احملادثة وليس فقط تغري
وتنوع مواقف هذه ا ألخرية) .(2ومن السامت ا ألساس ية لهذا النشاط:
-التفاعل :التفاعل صورة من صور التواصل ،وهو ذكل التأأثري املتبادل بني املشاركني يف معلية
التحدث ،وتعرفه"ك .أأركيوين"( )K-Orecchioniبأأنه"الوحدة التواصلية اليت متثل اس مترارية داخلية مؤكدة
(اس مترارية امجلاعة واالطار الزماين واملاكين ،اضافة اىل املواضيع املقتحمة) بيامن تكون مقطوعة عام س بقها
وما يلهيا( .)3وميزي"فان ديك"بني حديث وحمادثة وحوار ،ويرى أأن احملادثة وحدة تفاعل اجامتعية تتكون
من سلسةل متشعبة من أأحداث (لغوية) ،وحتدد ارتباطا ابلس ياق الاجامتعي .وعىل النقيض مفن ذكل
أأن يعد احلديث جتريدا لغواي أأو نظراي نصيا ،اكلوحدة النصية اليت تتشلك يف سلسةل منتظمة من
املنطوقات اليت تتجىل يف احملادثة ...بيامن تكون املصطلحات مثل الرتابط والتتابع يه خواص للحديث.
ا زن مصطلح احلوار شالك أأمع،و يتعلق ابحلديث /ابحملادثة ،وبأأشاكل أأخرى للتفاعل اللغوي ،عىل سبيل
املثال حبوار بني قضاة ومدع علهيم ،ويمتزي مصطلح احلوار بأأن ا ألمر فيه ال يتعلق بتفاعل أأحادي(.)4
-تناوب ا ألدوار بني املتلكمني ،حيث ان عدد املشاركني يف الفعل رضوري ،لكنه غري اكف ،فيفقد
بذكل هذا التفاعل صفة احملادثة؛ من مثل توقف املتلكمني عن احلديث بعد ما اكان متفاعلني ،وذكل
لعارض ما ،فتحل ا ألفعال غري اللغوية حمل ا ألفعال اللغوية املقرتنة فقط بنشاطهم ،أأو اس تئثار أأحد
طريف احملادثة ابحلديث؛ أكن يتحدث الطرف ا ألول دلقائق عديدة والطرف الثاين يبق صامتا ،وكذا
اذا مت تسجيل مشاركني يف الفعل ،زفانه ال ميكن الالكم عن احملادثة يف هذه احلال .مبعىن أأن رشط
تناوب ا ألدوار بني املتلكمني رضوري لتقيق نشاط احملادثة .حيث "يكون حديهثم عن موضوع يوجد يف
بؤرة الاهامتم يف وعهيم االدرايك(.)5
يعترب"فان ديك" ا ألدوار" وحدات أأساس ية وظيفية ممزية للمحادثة ،ترتابط هذه ا ألدوار منقوةل اىل
تتابعات املنطوق والفعل الالكيم ملتحدثني متتاليني عىل مس توايت خمتلفة ...يتضمن مصطلح ادلور
تبادل ادلور أأي انتقال الالكم"( )1اذ يتبادل املتلكمون أأدوارا معينة تنتظم أأفقيا وزمنيا ،فال ميكن انتاج
املنطوقات ومن مث فهمها اال اذا انتظمت يف نسق خطي ممتد يف الزمن .وهذه السامت يه ،يف نظر
"ديرت فهيفيجر"( ،)Dieter Viehwegerموضوعية جدا ،يف حني يذكر مستني أأخريني ،لكهنام غري
موضوعيتني يف نظره ،و زمها :الفورية يف االتصال وهجا لوجه ،والاحتفاظ هبوية االطار الزمين واملاكين(،)2
اال أأن هذين املعياريني" املاكن ووهجا لوجه" يقومان بدور نس يب ميكن الاس تغناء عنه ،اذ ميكن أأن تقوم
وسائل تقنية اكلتليفون والتلفزيون مقاهمام.
وختتلف احملادثة ،حسب"فان ديك" ،عن بقية أأشاكل التواصل ،يف معايري نظامية :تركيبية ووظيفية،
حيث ا زن "عمل اللغة ميكن أأن يعىن ابجلوانب النحوية للنص والربط ادلاليل والرباجاميت ،وعمل النفس من
خالل الرشوط االدراكية والانفعالية ،وعمل الطب النفيس والتخصصات اخملتلفة للعالج النفيس من
خالل حتليل ا ألدوار اليت يلعهبا احلديث ابلنس بة للوضوح ...و أأخري عمل الاجامتع ابلنس بة للمحادثة
ابعتبارها صيغة من صيغ التفاعل الاجامتعياليت ترتبط مبفاهمي مثل :ا ألدوار والوظيفة واحلاةل وعالقات
اجامتعية متشعبة( ،)3يف حني ال توجد للحديث اليويم قيود تصنيفية للمشاركني ،اذ لك مس تخدم للغة
ميكن أأن يشرتك يف مواقف حمددة بأأطر اجامتعية"،فا ألطر يه أأبنية اثبتة ألطر منطية أأو تقليدية
ألحداث اجامتعية ،حيقق من خاللها املشاركون عادة تصنيفات خاصة(. )4
ابتداء ميكن أأن يدور حديث حول أأي موضوع برمغ من أأنه كام ال توجد قيود مضمونية اثبتة ،حيث ً
توجد ابلنس بة ألحاديث معينة قيود داللية حمددة .وقليال ما توجد قيود تداولية ،اذ ميكن مع أأحاديث
ما أأن تتواىل ،ويف الهناية ال توجد قيود خاصة ابلس ياق الاجامتعي ،حيث يف أأغلب الس ياقات ميكن
أأن جتري أأحاديث ،ومن هنا يصل فان ديك اىل أأن احلديث هو الشلك ا ألساس للتحاور وضبط أأبنية
اجامتعية يف التفاعل عىل املس توى ا ألصغر ،أأي العالقات املبارشة بني املتلكمني.
ان اخلواص املذكورة تنطبق عىل احلديث اليويم واليت جتري يف س ياقات غري رمسية بني مشاركني
متساويني ،يف الشارع ،يف احلافةل ،يف املطعم ...،اخل.
لكن هناك أأحاديث أأكرث خصوصية ،مثل :احلديث الطيب ،واملؤسسايت ،والاختبار وادلرس ،والبيع،
واالذاعة والتلفزييون ...اخل ،واليت تس تلزم قيود فئات املشاركني وا ألفعال الالكمية املمكنة ،واملضامني
وا ألسلوب والس ياقات الاجامتعية ،اذ يكتسب مصطلح احلديث هنا ،كام يقول فان ديك ،املعىن ا ألمع
للحوار (املنطوق) ،ففي هذه احلاالت يكون احلديث خمططا ،اذ تدور هذه ا ألحاديث يف ماكن معني،
ويف س ياق /اطار اجامتعي معني ،وتدور حول موضوع معني ،يوجد مشاركون هلم الوظيفة /ادلور،
وخاصية وهمنية ،...ويلزتمون مبوضوع احلديث ،ويثريون أأفعاال لغوية معينة...اخل .وعليه ،فان هذه
ا ألحاديث ميكن متيزيها بناء عىل معايري :فئة املشاركني ،وعالقاهتم املتبادةل ،وموضوع احلديث،
والس ياق ...،اخل .نصل اىل أأن من أأبرز سامت احملادثة تبادل ا ألدوار فهيا ،وهذه ا ألدوار تتجه يف تتابع
خطي أأفقي ،وادلور هو ما يقوهل املتحدث أأثناء اسهامه يف التفاعل.
.3مكوانت احملادثة )1( :اختلف حمللو احملاداثت يف حتديد املكوانت ا ألساس ية للمحادثة؛ فـحرصها
"ادي رويل") (E. Rouletو"جاك موشلر") (J. Moeschlerيف ثالثة عنارص ،يه :التبادل ،والتد زخل،
والفعل الالكيم ،اذ يرى "موشلر" أأن حتديد منوذج تسلسيل ووظيفي للمحادثة يفرتض عىل ا ألقل
ش يئني :أأوهلام اماكنية حتليل حمادثة ما بوساطة نظام من وحدات ذات نسق تتابعي؛ اثنهيام وظيفية
العالقات اليت تربط بني هذه الوحدات(.)2
وتمتزثل الوحدات الأكرث تالءما لوصف تنظمي احملاداثت حسب "ك .أأوركيوين" )،(K. Orecchioni
لك من التفاعل والتبادل واملتوالية يف :التفاعل ،التبادل ،املتوالية ،التدخل و أأفعال الالكم ،فيشلك ز
وحدات احلوار ،أأما التدخل و أأفعال الالكم فهىي وحدات مكونة للمونولوج ( أأحادي الالكم).
تتناسق ا ألفعال الالكمية ) (les actes de langagesلتشلك تدخالت) (interventionsهذه ا ألفعال
والتدخالت ينتجها املتلكم ذاته ومبفرده؛ ومبجرد أأن يتدخل متلكامن عىل ا ألقل ،فان املسأأةل سوف
تتعلق ابلتبادل ) ،(échangeمث تتناسق التبادالت لتشلك متواليات) (séquencesلتشلك هذه ا ألخرية
تفاعالت ) (interactionsبعد تناسقها ،وتشلك هذه التفاعالت وحدات عليا )(unités maximales
للتحليل .ويعرف هؤالء الباحثون املكوانت السابقة كام ييل:
التفاعل ) :(interactionالتفاعل هو صورة من صور التواصل ،وهو ذكل التأأثري املتبادل بني املشاركني
يف معلية التحدث ،وتعرفه"ك .أأوركيوين" ) (K. Orecchioniبأأزنه" الوحدة التواصلية اليت مت زثل اس مترارية
داخلية مؤكدة (اس مترارية امجلاعية املشاركة واالطار الزماين واملاكين ،اضافة اىل املواضيع املقتحمة) بيامن
-1عليك كايسة ،بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية ،جملة ،املمارسات اللغوية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،اجلزائر ،مج ،7:ع ،3 :ص،10 :بتصرف.
-2املرجع نفسه ،ص.106 :
84
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تكون مقطوعة عام س بقها وما يلهيا( ،)1ويعترب التفاعل الوحدة الكربى يف تتابع احملادثة ،يتأأزلف من
متواليات ،ويتشلك عرب ثالث مراحل متتالية :الافتتاح ،املوضوع ،الاختتام ،وتُعترب املرحةل ا ألوىل
والثانية مرحلتني هممتني الدراك مدى حتقيق املشاركني يف احملادثة لبنيات تفاعلية.
التبادل :وهو أأصغر وحدة حوارية مكونة للتفاعل ،يرتكب عىل ا ألقل من اسهامني تبادليني حسب
ملتلكمني خمتلفني ،فهو اذن مكون معقد ،والتبادل اذلي ال يتضمن اال دورين تبادليني هو أأدوار الالكم ز
تبادل أأدىن( )2بني نوعني أأساس يني ،وميزي"قومفان"( )Goffmanبني نوعني من التبادالت يف معرض
توضيحه بنية التبادل ،وهام :
تبادالت تأأكيدية ) )3((confirmatifsويه املالمئة لتبادالت الافتتاح والاختتام ،وتتكون من تدخزالت
وظيفهتا ذات طبيعة تعبريية مثل التحيات .كام يف(1و )2فامي يأأيت:
ب -عليمك السالم أأ -السالم عليمك
ب -خبري ،شكرا ،و أأنت؟ أأ -كيف حاكل؟
هذا النوع من التبادل ذو بنية بس يطة ،وثنايئ يف الغالب .ويف الواقع ،خيتمت التبادل عن طريق تبزين
اخملاطب سلواك مشاهبا لسلوك املتحدث ا ألول ،ومرتبطا مبامرسة طقوس ية .فالطبيعة الطقوس ية للتبادل
التأأكيدي توحضها من هجة وظيفهتا املمتثةل يف:
تأأكيد وجود عالقة اجامتعية بني ا ألفراد.
ومن هجة أأخرى الظروف اليت ينتج فهيا التبادل :فهو ينمتي اىل طقوس التحية ورد التحية عن طريق
القاء السالم( أأي اثبات التفامه االجياب ،يؤكده تدخل اخملاطب) ،وليس الرد احلريف ،مثال ،عىل طلب
معلومات عن الوضع الصحي(.)4
تبادالت اصالحية ): )5((réparateursمن التبادالت الطقوس ية ،وتقوم عىل مبد أأ اصالح اهانة غري
متعمدة :مثال :رلك ( أأ) ِر ْجل (ب) عن غري قصد.
) أأ) :معذرة.
(ب):ال تقلق.
ففكرة الاعتذار حسب قومفان ،تسمح لـ ( أأ) ابصالح االهانة اليت اكن مصدرها ترصفه اخلاطئ.
1 - Kerbrat- Orecchioni ,C, La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996,p :36 .
- 2نقال عن :عليك كايسة ،بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية ،جملة ،املمارسات اللغوية ،ص.108 :
- 3املرجع نفسه ،ص.108 :
- 4املرجع نفسه ،ص.108 :
- 5املرجع نفسه ،ص.108 :
85
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
املتوالية (séquence) :ويه عند " أأوركيوين" كتةل من التبادالت عىل قدر كبري من الانسجام ادلاليل
والتداويل ،أأي تعاجل املوضوع ذاته وتركز عىل املهمة نفسها .وتذهب املؤلفة اىل أأن معظم التفاعالت
جتري حسب اخملطط العام ،وهو اكلتايل :متوالية الافتتاح ،هيلك التفاعل ،متوالية الاختتام(.)1
وحتمل متواليات الافتتاح والاختتام وظائف خاصة (مفن أأجل الافتتاح ينبغي احداث متاس نفيس
وفزياييئ بني املتخاطبني" وظيفة انتباهية) ،ابعامتد بعض الطقوس" التأأكيدية " كعبارات التحية ،أأو
اظهار ترصفات ودية ،والرسور اذلي نشعر به بسبب ذكل اللقاء) ...؛ أأما الاختتام ،حيث تنظمي
هناية اللقاء بكيفية متنامغة ،مع اس تخدام بعض التعابري مثل :تقدمي اعتذار وتربير اذلهاب ،تقدمي
تشكرات ،حتيات الافرتاق ،متنيات.
التدخزل )2(:يه أأكرب وحدة أأحادية الالكم (مونولوجية) مكونة للتبادل .والتدخزل ينتجه متلكم واحد
ونفسه؛ فهو ابلتايل اسهام متلكم خاص يف تبادل خاص ،وال ينبغي ،كام تقول" أأوركيوين" اخللط بينه
وبني دور الالكم ،كام يظهر يف بداية احملادثة مثل:
السالم عليمك -2عليمك السالم -3هل أأنت خبري؟
خبري ./و أأنت؟ -5ال بأأس .../أأين جتري هكذا؟ -6اىل السيامن".
فهذه ا ألدوار الالكمية الس تة تتكون من أأربع تبادالت ،يه:
و( :)2هو تبادل التحية ،وهو تطابقي ،ومتكون من تدخزلني.
وبداية( :)4هو تبادل تاكميل سؤال جواب.
هناية ) ( 4وبداية ( 5):سؤال جواب.
.هناية( )5و( )6سؤال جواب.
لك تدخزل ،مبدئيا ،من أأفعال الالكم ،لكنه ميكن أأن يصغزر اىل فعل الكيم واحد .ومنه ميزي ويتكون ز
موشلر بني التدخل امل زعقد (وهو اذلي يتكون من أأكرث من فعل الكيم واحد) ،والزتدخزل البس يط .كام
أأن ا ألفعال الالكمية اليت يتكون مهنا التدخل ليست زلكها متعادةل وظيفيا :اذ ميكن متيزي ،يف التفاعل
اذلي يتكون من عدة أأفعال الكمية أأفعال موهجة ( )actes directeursويه اليت متنح التفاعل قميته
التداولية املهمينة ،وفعل أأو عدة أأفعال اتبعة ) ،subordonné(sمثل الاعتذار أأو التربير ،ويه ختدم
الفعل املوجه.
1
-Kerbrat- Orecchioni ,C, La Conversation, edition de Seuil , Paris : 1996,p :36 .
- 2عليك كايسة ،بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية ،جملة ،املمارسات اللغوية ،ص.109 :
86
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الفعل الالكيم (acte de langage) :يه أأصغر وحدة أأحادية الالكم (مونولوجية) مكونة للتدخل ،تؤدي
غرضا تواصليا ،ويه مثل :أأمسي ،أأعد أأتعهد ،أأرفض ،أأعلن ،أأعتذر ،أأهئن ،أأعلن افتتاح اجللسة،
...اخل ،حيث يعرب املتلكم من خالل هذه ا ألفعال عن مقاصده ،وتؤدي هذه ا ألفعال وظائف اجامتعية
خمتلفة (اكالعتذار ،والاعرتاض ،والقبول ،والوعد ،والتعزية ،والهتنئة...اخل))1(.
.4بنية احملادثة
وتنتظم احملادثة عىل مس تويني أأساس يني ،هام :البنية العليا والكربى:
تتكون بنية احملادثة حالها حال البنية النصية من بنية عليا(بنية هيلكية) وبنية كربى ( أأي بنية لكية
داللية) ،ويقصد هنا ابلبنية العليا بنية احملادثة كلك ،أأي وحدات حتليل أأكرب .وميزي الباحثون يف البنية
العليا للمحادثة يف الغالب بني افتتاح احملادثة ،وعرضها ،واختتاهما.
تشلك هيالك لكيا ،حيدد ما جيب أأن يقال ابتداء وكيف ينبغي أأن حيدث -1البنية العليا :ويه بنية لكية ز
هذا ،وماذا جيب أأن ييل الحقا وكيف جيب أأن يمت .وذلا فان زه يقوم يف الوقت نفسه بوظيفة هيلك ادرايك
لتسهيل الانتاج والفهم ،وهيلك اجامتعي يشار من خالهل اىل المنط النيص العريف للتفاعل االتصايل
وهكذا ندرك أأن خشصا ما يريد أأن يرثثر وال يسأأل شيئا فقط ،أأن يعطي أأمرا أأو ينجز أأحداث اطار
خاص(عند الش باك يف دائرة العمدة مثال)( .)2وعىل لك فاحلديث يف الغالب ليس هل بنية هيلكية
واحضة ،ألنه مل يكمتل توصيف احملاداثت بشلك اكف ،اذ مت اعامتد مبد أأ تبادل املتلكمني فقط ،مفن
خالهل ميكن الوصول اىل تصور خمترص قد ال يتواءم مع البناء متعدد اجلوانب يف احملاداثت( ،)3حيث
ميكن أأن تنتظم وحدات احملادثة عىل الشلك الآيت:
أأ.الافتتاح :تبد أأ احملادثة بسلسةل أأدوار تقوم بوظيفة الافتتاح اليت من صيغها المنطية عبارات التحية،
من مثل(السالم عليمك ،أأهال )...وتس بق هذه العبارات يف الغالب بمتهيد به عبارات تريم اىل ااثرة
الانتباه ومتهد لالتصال(هه ،امسع ،انظر ،)...ومن مث فان أألفة رشاكء احلديث واملدة الزمنية اليت مل
يتحدثوا فهيا هلام أأمهية ،فال حيتاج خشص يكون املرء معه دامئا اىل افتتاح مسهب للحديث يف العادة(.)4
فالمتهيد وظيفه ا ألساسة ربط االتصال بني رشاكء احلديث.
ب .التوجيه :وهو سلسةل ا ألدوار اليت لها وظيفة المتهيد ملوضوع احلديث ويتضمن شيئا أأو حاال أأو
حاداث يتعلق هبا احلديث يف احلال .ومن خالهل يثار اهامتم رشاكء احلديث ،أأما الاس تعامالت المنطية
- 1عليك كايسة ،بنية احملادثة ومكوانهتا األساسية ،جملة ،املمارسات اللغوية ،ص.109 :
- 2فان ديك ،علم النص"مدخل متداخل االختصاصات" ،ص.404 :
- 3ينظر املرجع نفسه ،ص 405 :و.406
- 4ينظر :فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،ص.257 :
87
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
لبداية التوجيه ،فهىي :أأتعرف ماذا فعلت أأمس؟ أأتتصور ما حدث يل مرة أأخرى؟ .)1(...فيتحدد جمال
احلديث ليصري يشء أأو حال أأو حدث حمور التخاطب املتحادثني.
ج .موضوع احلديث :ويسم وسط احملادثة أأو مرحةل تقيق الهدف( ،)2وهو املقوةل اليت يعاجلها
احلديث ،وتعد أأساس وظيفته الرباغامتية ويتضمن موضوع احلديث تقدمي حاكية أأو تبليغ عن حدث ،أأو
تعبري عن طلب أأو أأمر ،لالشارة مثة أأحاديث كثرية ليس لها تمية وحيدة ( )3وهذا التعقيد"يمت حتديده
بشلك حامس متاما عن طريق س ياق احلديث أأو املوقف الاجامتعي( .)4ألنه يوجد يف احملادثة كثري من
اشارات التقطيع اذلي يضعها املتلكم نفسه ،اكلعبارات غري االتصالية مثل ":أأود الآن بلك رسور أأن أأقول
عن (س)" اليت حتقق لفظيا جمرى احملادثة( ،)5وهو ما يقابل يف النصوص ا ألحادية صلب املوضوع.
د .النتيجة :وتتعلق بسلسةل أأدوار وظيفهتا امتام املوضوع ،ويصاحب هذا االمتام مجل موجزة وتقديرات
رسدية معتادة مثل( :هذا ما عايش ته مرارا ،اي نعم رمبا كنت خائفا) ومنطوقات الآخر اليت حتث عىل
اهناء املوضوع مثل(حس نا ،عىل الرحب ،وهو كذكل)( ،)6وال تعين هذه الصيغ هناية احلديث ابلرضورة،
بل ميكن ملتحدث أأن يضيف شيئا ،أأو يطرح موضوع حديث جديد.
هـ .الهناية :من غري الالئق أأن ينهتىي احلديث بصفة مبتورة ،بل ختضع الهناية بدورها مثل الافتتاح اىل
صيغ التحية ،مثل(سالم ،اىل اللقاء ،)..وقبل ذكل جيوز ملتحدثأأن يعلن أأن احلديث س ينهتىي برسعة أأو
جيب أأن ينهتىي...حني يقاطع أآخر أأو يقول ان زه مل يعد دليه وقت ،يف الغالب(استنادا اىل :النظر اىل
الساعة واحداث انطباع دال عىل العجةل) .توجد صيغ افتتاح منطية للهناية من بيهنا :حس نا اذن ،فلمتر
عيل غدا ،وهو كذكل ،جيب أأن أأذهب.)7(...ز
كام ميكن للهنلية أأن تُقطع بدور حني يتذكر متحدث جفأأة أأنه جيب أأن يقول شيئا همام(قد نسيتلكية أأم
أأقول ،حلظة ،قد نسيت شيئا أآخر) .وميكن أأن يكون للمضمون املركزي للهناية وظيفتان :التعليق عىل
احملادثة بشلك مجمل ...ووضع خطط لتفاعل أأو حمادثة مس تقبلية(حس نا ،اذن ،حىت الغد يف الساعة
كذا ،لكه واحض ،سأأنتظرك غدا)(.)8
- 1فوجلانج هاينه من وديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،ص.75 :
- 2ماريون أوين ،االتصال والتفاعل ،موقع ، www.pdffactory.com :ص.355 :
89
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تطورمه ،عندئذ جيب التفتيش عن برهان وجودها يف دقائق احلياة اليومية أأو حىت سفاسفها( ،)1ألن
املعاين ال تنقلها منطوقات لغوية ،بل تتشلك عىل حنو تفاعيل يف أأثناء معلية ا ألنشطة املرتبطة بعضها
ببعض بشلك متبادل دلى رشاكء احملادثة(.)2
من بني رواد "التحليل التحاوري" اذلي نشط يف أأمرياك يف أأواخر القرن " : 20هريف ساكس"
(" )Harvey Sacksاميانويل ستيجلوف"( )Emmanuel Schegloffوالتحق هبم"جيل جيفرسون" ( Gail
.)3()Jefferson
-البداايت والاختتاميات:
تتأألف حياتنا الاجامتعية من تفاعالت الكمية مع الآخرين ،ويركز حتليل احملادثة عىل أأنظمة أأخذ
ادلور اليت يس تخدهما املتلكمون لضبط هذه العملية ،فكيف يبد أأ هذا التسلسل السلس ل أللفاظ عادة
وكيف خيمت؟ مع العمل أأن رشوط التلكم مع خشص( أأ) عن موضوع (ب) ال يبد أأ عىل حنو غري متوقع وال
يتوقف ببساطة ،علام أأن أأغلب التحليالت اهمتت ابحملاداثت الهاتفية ملا متتاز به من التفاعل ألن فرتة
الالكم يه نفسها فرتة التواجد املشرتك؛ فمبجرد فتح اخلط يبق مفتوحا طاملا هناك الكم يقال ،ينبه
"س يجلوف" عىل أأمر وهو أأن يف املاكملات الهاتفية يبد أأ اجمليب أأوال ،غري أأن ا ألمر عادي اذا علمنا أأن
الاسهام ا ألويل يف فتح املاكملة ليس لغواي ،انه جمرد رنني اجلرس ،ان اجلرس ولكامت اجمليب ليست
سوى جمرد حاةل خاصة من ا ألزواج املتجاورة – طلب/رد ،-اذ مبجرد انهتاء هذا الزوج ،يطلب من
طالب املاكملة أأن يتلكم ،حيث ال ميكنه أأن يلزتم الصمتو أألزم نفسه يف املقابةل ابالس امتع اىل ما س يقوهل
اجمليب وهبذه الطريقة تأأسس االطار العام للتحدث وبد أأ نظام أأخذ ادلور ،فعىل طالب املاكملة أأن يعرف
عن نفسه ،ويقدم أأس بابه الجراء املاكملة ،وقبل اس تقدام موضوع املاكملة هناك بعض الاس تفسارات
الروتينية حول الصحة مثال ،ومع ذكل يبق عىل طالب املاكملة أأن يقدم السبب ملاكملته وان طالت
أأدبيات الرتحاب ،واال غلق املطلوب سامعته وهو يتساءل عن دواعي طلبه ،يوحض هذا املقتطف بعض
هذه املعامل:
(.1أأ) 0770-----
( .2ب) ألو ،ماراي مرحبا أأان بول
( .3أأ) أأهال ،اي بول مرحبا
(.4ب) مرحبا
- 1ماريون أوين ،االتصال والتفاعل ،ص.356 ،355 :
- 2فولفجانج هاين مهان ،ديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،تر /سعيد حسن حبريي ،مرجع سابق ،ص.83 :
- 3ماريون أوين ،االتصال والتفاعل ،ص.356 :
90
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الرتتيب(الانتظام) :جوهر التفاعل الالكيم ،يصدره املشاركون يف احملادثة أأنفسهم ،ألن املتحدثني
حياولون أأثناء ترتيب اسهاهمم تقدمي يشء ميكن النظر اليه عىل أأنه مبين بشلك دقيق ،فالبنية احلوارية ال
ميكن اكتشافها عرب مراقبة النفس أأو التأأمل أأو التجربة املضبوطة ،ولكن ميكن اكتشافها عرب ادلراسة
ادلقيقة للمحادثة التلقائية"طبيعية احلدوث"اضافة اىل ذكل يرى بعض حمليل اخلطاب أأن نقطة البداية
جيب أأن تكون الالكم املنتظم بشلك دقيق (مبعىن أأن ترتينه مفروجضزئيا من خالل القواعد الرمسية)
املوجودة مثال يف غرف ادلرس واملقابالت وقاعات احملامك ،اال أأن حمليل احملادثة قد معلوا عىل املعطيات
العامية غري املربجمة أأساس.
- 1ينظر :ماريون أوين ،االتصال والتفاعل ،ص ،371 ،370 ،369 :بتصرف.
91
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
متهيد:
تولزت لسانيات النص دراسة مجموع املباحث اليت لها عالقة وثيقة ابلبنية النصية سواء ما تعلق مهنا
ابلوقائع اللغوية أأو ابلوقائع غري اللغوية ،من مثل الاتساق والانسجام ،والس ياق النيص ووصف بنيات
النص وتفسريها وتكل االضافات الحظها "دي بوجراند"( )R .A.DeBeaugrandحني أأكد " أأن حتوال
أأساس يا حدث يف ادلراسات اللسانية املعارصة ابالنتقال من دراسة امجلةل املنعزةل اىل دراسة النصوص
اليت تعرب عن اللغة يف حاةل الاس تخدام الفعيل اليت يه مواقف االتصال ،وال يعد هذا التحول جمرد
التحول للتعامل مع وحدات كربى ،بل هو حتول يس هتدف يف أأساسه دراسة العمليات اليت يمت
بواسطهتا توظيف اللغة أكداة من أأدوات االتصال(.)1
معايري النصية:
ميكن اجامل املفاهمي ا ألساسة يف لسانيات النص يف ما اقرتحه"روبرت أالن دي بوجراند"
( )R .A.DeBeaugrandو"ولفجاجن أألرخ درسلر"( ) W .U. Dreasslarمن معايري جلعل النصية أأساسا
مرشوعا الجياد النصوص واس تعاملها( ،)2فقد جعال الربط النحوي املعيار ا ألول ،ويعىن بربط مكوانت
النص السطحية ،اللكامت ،والامتسك ادلاليل املعيار الثاين؛ ويعنيان به الوظائف اليت تتشلك من
خاللها مكوانت عامل النص .وهكذا فا ألول ربط بني عالمات لغوية ،والثاين ربط بني تصورات وعامل
النص بأأن زه "حدث
النص( .)3واشرتطا يف ثنااي تعريفهام للنص توفر س بعة معايري للنصية يوجزها قوهلام :ز
اصيل Occurrence communicativeيلزم لكونه زنصا أأن تتوفزر هل س بعة معايري) (4للنز زصية جممتعة ،ويزول تو ز
عنه هذا الوصف اذا ختلزف واحد من هذه املعايري") ،(5وهذه املعايري يه:
.1الربط النحوي /الاتساق /الس بك()Cohesion
للسانيات النص شقان؛ شق لغوي يرمس ا ألبعاد اللغوية للنص ،وتتشلك معه معرفة النص بلك
جوانهبا الرتكيبية وادلاللية ،والشق الثاين براغاميت يتش ىو ُف الآفاق الاجامتعية والتارخيية والنفس ية للنص
واليت تسهم يف تشلكه اللغوي وتتحدد من خالل مصطلح معرفة العامل( .)1وهو ما يتحقق عرب أأدوات
الاتساق وأليات الانسجام.
يرتتب الاتساق عىل اجراءات تبدو هبا العنارص السطحية عىل صور وقائع يؤدي السابق مهنا اىل
الالحق ،حبيث يتحقق لها الرتابط الرصفي ،وحبيث ميكن اس تعادة هذا الرتابط .ووسائل التضام
تش متل عىل هيئة حنوية للمركبات ( )phrasesوالرتاكيب( )clausesوعىل أأمور مثل التكرار وا أللفاظ
الكنائية وا ألدوات واالحاةل واحلذف والروابط(.)2
.2الانسجام /الالتحام ( :)Coherenceوهو يتطلب من الاجراءات ما تنشط به عنارص املعرفة الجياد
الرتابط املفهويم واسرتجاعه ،وتش متل وسائل الالتحام/الانسجام عىل:
.1العنارص املنطقية اكلس ببية والعموم واخلصوص.
.2معلومات عن تنظمي ا ألحداث وا ألعامل واملوضوعات واملواقف.
.3السعي اىل الامتسك فامي يتصل ابلتجربة الانسانية.
ويتدمع الالتحام/الانسجام بتفاعل املعلومات اليت يعرضها النص مع املعرفة السابقة ابلعامل(.)3
.3القصد ( : )Intentionnalitéويه تعبري عن هدف النص( )4ويتضمن موقف منشئ النص من كون
صورة ما من صور اللغة قصد هبا أأن تكون نصا يمتتع ابلس بك والالتحام ،و أأن مثل هذا النص
وس يةل من وسائل متابعة خطة معينة للوصول اىل غاية بعيهنا(.)5
تكون نصا مامتساك .4املقبولية ( :)Acceptabilitéوتتعلق مبوقف املتلقي اذلي يقر بأأن املنطوقات اللغوية ز
مقبوال دليه )6(.هو يتضمن موقف مس تقبل النصازاء كون صورة ما من صور اللغة ينبغي لها أأن
تكون مقبوةل من حيث يه نص ذو س بك والتحام.
.5املقامية /رعاية املوقف( :)Situationalitéويه تتضمن العوامل اليت جتعل النص مرتبطا مبوقف سائد
ميكن اسرتجاعه ...وقد ال يوجد اال القليل من الوساطة يف عنارص املوقف كام يف حاةل االتصال
ابملواهجة يف شأأن أأمور ختضع لالدراك املبارش ،ورمبا توجد وساطة جوهرية كام يف قراءة نص قدمي
- 1حسام أمحد فرح ،نظرية علم النص ،رؤية منهجية يف بناء النص النثري ،مكتبة اآلداب ،القاهرة ،مصر ،ط ،2009 ،2ص.16:
-2دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.103 :
- 3املرجع نفسه ،ص.103 :
- 4سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص146 :
-5دي بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.103 :
- 6سعيد حسن حبريي ،علم لغة النص ،املفاهيم واالجتاهات ،ص.146 :
94
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ذي طبيعة أأدبية يدور حول أأمور تنمتي اىل عامل أآخر(مثل ا ألوديسا) .ان مدى مراعاة املوقف يشري
دامئل اىل دور طريف االتصالولكن قد ال يدخل هذان الطرفاانىل بؤرة الانتباه بوصفهام خشصني(.)1
التناص( :)Intertextualitéوخيتص ابلتعبري عن تبعية النص لنصوص أأخرى ،أأو تداخهل معها(،)2
يتضمن العالقات بني نص ما ونصوص أأخرى مرتبطة به وقعت يف حدود جتربة سابقة بوساطة أأم بغري
وساطة ،فاجلواب يف احملادثة ،أأو أأي ملخص يذكزر بنص ما بعد قراءته مبارشة ميثالن تاكمل النصوص
بال وساطة ،وتقوم الوساطة بصورة أأوسع عندما تتجه ا ألجوبة أأو النقد اىل نصوص كتبت يف أأزمنة
قدمية (.)3
فالتناص ا ًذا ،تفاعل بني نصني ،ينتج معىن النص احلارض ابلتفاعل ادلينايم مع النص الغائب فيكتسب بعض
مالحمه الفنية العامة ليعيد تشكيلها وفق رؤى جديدة ،تزنه النص اجلديد عن أأن يكون صورة مطابقة للنص
القدمي ،كام تربئ صاحبه من أأن يكون مقتفيا خط السابق أأثر النعل ابلنعل ،بل حياول النص الالحق أأن يقمي
حوارا مع النص السابق مبنيا عىل أأساس المتثيل فاجملاوزة اليت يس تدعهيا انسجام النص مع عامله.
.6االعالمية ( :)Informativitéوتتعلق بتحديد جدة النص ،أأي توقع املعلومات الواردة فيه أأو عدم
توقعها( ،)4ويه العامل املؤثر ابلنس بة لعدم اجلزم يف احلمك عىل الوقائع النصية أأو الوقائع يف عامل نيص يف
مقابل البدائل املمكنة ،فاالعالمية تكون عالية ادلرجة عند كرثة البدائل وعند الاختيار الفعيل لبديل
من خارج الاحامتل ،ومع ذكل جند للك نص اعالمية صغرى عىل ا ألقل(.)5
ميكن ادراج هذه املعايري الس بعة يف ثالثة جوانب يه:
اجلانب ا ألول :وتمت فيه دراسة أأدوات الاتساق أأي ا ألدوات النحوية اليت تضمن للنص التحامه وترابطه
ومهنا :عنارص الس بك النحوي وعنارص الس بك املعجمي وعنارص الس بك الصويت.
اجلانب الثاين :وهيمت فيه ابدلالةل من خالل دراسة مبادئ الانسجام.
اجلانب الثالث :وهو اجلانب التدوايل ،حيث دور املتلقي واملوقف التداويل وقصدية املؤلف واملقام.
.Iالاتساق:
()Cohesion
نصدر يف البداية من سؤال حموري مفاده :ما اذلي يفرق النص عن مجموعة عشوائية من امجلل؟ أأو
ما اذلي جيعلنا نقر أأن مجموعة من التلفظات تشلك نصا؟
قد يقدم الس ياق بعض املؤرشات اليت تسهم يف تقريب الفهم للقارئ أأو السامع ،اال أأن املتلكمني
والكتاب يقدمون مفاتيح داخلية تبني كيف تامتسك أأجزاء النص معا ،هذه املفاتيح ادلاخلية يه الوسائل
النحوية واملعجمية اليت يس تخدهما الكتاب لبيان ترابط امجلل مع بعضها(.)1
انل الاتساق اللغوي و أأقسامه اهامتما كبريا من دلن علامء النص ،ويُع زرف بكونه مجموع االماكنيات
املتاحة يف اللغة جلعل أأجزاء النص مامتسكة بعضها ببعض( .)2يف حتقق الربط من خالل عالقات داللية
أأساس ية ،حيث يعمتد تفسري أأحد العنارص يف النص عىل العنرص الآخر ،لهذا قد يقع الربط داخل امجلةل
أأو بني امجلل( )3وعليه فاالتساق هو ذكل الامتسك بني ا ألجزاء املشلكة لنص ما ،وهيُ مت فيه ابلوسائل
اللغوية الشلكية اليت تصل بني العنارص املكونة للنص ،كام يُ ْعىن ابلعالقات النحوية أأو املعجمية بني
العنارص اخملتلفة يف النص ،وهذا يعين أأن الاتساق يتعلق ابلروابط الشلكية ،حيث يسمح لنا التحليل
ابلوصول اىل حتديد البنيات الصغرى اليت يتشلك مهنا النص ،اذ يبدو الاتساق انجتا عن العالقات
املوجودة بني ا ألشاكل النصية ،أأما املعطيات غري اللسانية (مقامية ،تداولية) فال دخل هل فهيا اطالقا.
ركز اللغويون عىل أأدوات الربط بني امجلل حمددين أأنواع العالقات املمكنة يف اخلطاب املامتسك
ابعتبارها أأساسا لنحو النص ،ومن مث اكن البحث يف مصادر الامتسك ممزيا النص من الالنص ،فالنص
ابعتباره وحدة داللية ترتبط أأجزاؤه بوساطة أأدوات ربط مبارشة وختتلف من نص اىل أآخر تبعا لنوعية
النص واختالف املؤلفني.
أأوال :عنارص الاتساق النحوي:
تتكون عنارص الاتساق النحوي من أأدوات الربط اليت تشلك ش بكة من العالقات ادلاللية من خالل
ربط امجلل بعضها ببعض أأو الفقرات أأو وحدات اخلطاب وتسامه يف خلق النصية ويه:
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ص99 :
- 2حممد الشاوش ،أصول حتليل اخلطاب ،يف النظرية النحوية العربية ،أتسيس حنو النص ،املؤسسة العربية للكتاب ،تونس ،ط ،2001 ،1ج ،1ص:
.124
- 3عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص99 :
96
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
االحاةل ()Référence
يقصد هبا وجود عنارص لغوية ال تكتفي بذاهتا من حيث التأأويل( ،)1اذ البد من العودة اىل ما تشري
اليه من أأجل تأأويلها ،وتسم تكل العنارص عنارص ُم ِحيةل ،ويه :الضامئر و أأسامء االشارة ،وا ألسامء
املوصوةل ،فهذه اللكامت ليست لها معىن اتم يف ذاهتا( )2ذلا تعود اىل عنارص مذكورة يف أأجزاء أأخرى
من النص ،والامتسك عن طريق االحاةل يقع عند اسرتجاع املعىن يف اخلطاب ،وهو ما حيقق الاقتصاد
يف اللغة،اذ ختترص الوحدات االحالية العنارص احملال الهيا وجتنزب مس تعملها اعادهتا ،ويف الوقت نفسه
حتفظ احملتوى دون احلاجة للترصحي به ومن مث تتحقق الاس مترارية.
وقد تناول علامء النص االحاةل من حيث يه وس يةل من وسائل الربط اللفظي واشرتطوا وجوب
خضوعها اىل قيد داليل يمتثل يف تطابق اخلصائص ادلاللية للعنرص احمليل والعنرص احملال اليه برصف
النظر عن موقع احمليل اليه سواء أأاكن سابقا هل أأم الحقا هل.وتنقسم االحاةل اىل احاةل مقامية (خارجية)
( )Exophoraوفهيا حييل عنرص يف النص اىل يشء خارج عن النص وال يدخل هذا النوع يف اطار
الاتساق – الس بك -وامنا ينظر اليه يف اطار س ياق املوقف اخلاص ابلنص ،أأما االحاةل النصية ويه
االحاةل ادلاخلية ( ،)Endophoraفتتفرع اىل احاةل قبلية ( )Anaphoraوفهيا يشري العنرص احمليل اىل
عنرص أآخر متقدم عليه ،واحاةل بعدية ( )Cataphoraوفهيا يشري العنرص احمليل اىل عنرص أآخر يلحقه
وتس تخدم اليضاح يشء جمهول أأو مشكوك فيه .وقد وضع الباحثان :هاليداي ورقية حسن رسام
االحاةل Référence توضيحيا لهذا املبحث(:)3
ميكن أأن تكون عنارص االحاةل مقامية أأو نصية ،اذا اكنت نصية فاهنا ميكن أأن حتيل اىل سابق أأو
الحق ،أأي أأن لك العنارص متكل اماكنية االحاةل ،والاس تعام ُل وحده هو اذلي حيدد نوعها من حيث
-1حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،رؤية منهجية يف بناء النص النثري ،ص.82 :
-2عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،ص.119 :
-3حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.17 :
97
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
وجود عنرص مفرتض ينبغي أأن يس تجاب هل وكذا وجوب التعرف عىل اليشء احملال اليه يف ماكن ما.
يذهب الباحثان اىل أأن االحاةل املقامية تسامه يف خلق النص لكوهنا تربط اللغة بس ياق املقام اال أأهنا ال
تسامه يف اتساقه بشلك مبارش ،بيامن تقوم االحاةل النصية بدور فعال يف اتساق النص.
أأنواع وسائل الاتساق االحايل:
وسائل الاتساق االحالية ثالث :الضامئر و أأسامء االشارة و أأدوات املقارنة(.)1
.1الضامئر (االحاةل الضمريية) :تنقسم الضامئر اىل :وجودية ( أأان ،أأنت ،حنن ،هو ،مه ،هن )...واىل
ضامئر ملكية (كتاب ،كتابك ،كتابه ،كتاهبم ،كتابنا .)...اذا نظر اىل الضامئر من زاوية الاتساق أأمكن
المتيزي فهيا بني أأدوار الالكم اليت تندرج حتهتا مجيع الضامئر ادلاةل عىل املتلكم واخملاطب ويه احاةل خلارج
النص وال تصبح احاةل دلاخل النص أأي اتساقية اال يف الالكم املستشهد به ،أأو يف خطاابت مكتوبة
متنوعة من مضهنا اخلطاب الرسدي ،ذكل أأن س ياق املقام يف اخلطاب الرسدي يتضمن س ياقا لالحاةل
النصية ،ومع ذكل ال خيلو النص من احاةل س ياقية تس تعمل فهيا الضامئر املشرية اىل الاكتب ( أأان ،حنن)
أأو اىل القارئ ابلضامئر( أأنت ،أأنمت) أأما الضامئر اليت تؤدي دورها يف اتساق النص فهىي ضامئر الغيبة
افرادا أأو تثنية أأو مجعا (هو ،يه ،هام ،مه ،هن) ويه خالفا ل ألوىل حتيل قبليا ،اذ تقوم بربط أأجزاء
النص.
.2االحاةل االشارية :يذهب الباحثان اىل أأن هناك عدة اماكنيات لتصنيفها :اما حبسب الزمان( الآن،
غدا)...واملاكن (هنا ،هناك) أأو حسب الانتقاء (هذا ،هؤالء) أأو حسب البعد (ذاك ،تكل) و القرب
( هذا ،هذه).
.3االحاةل املقارنة :و تتفرع اىل:
عامة مهنا التطابق ويمت ابس تعامل عنارص مثل( :نفس ،عني ،ذات) ( :)sameاهنا القطة نفسها اليت
ر أأيناها البارحة.
والتشابه وفيه تس تعمل عنارص مثل( :مشابه ،مثل )similor( )..اهنا قطة مشاهبة لتكل اليت ر أأيناها
البارحة.
والاختالف ابس تعامل عنارص مثل( :خمتلف عن ،غري )otherwise- other( )...اهنا قطة خمتلفة عن تكل
اليت ر أأيناها البارحة.
خاصة :وتتفرع اىل :مكية وتمت بعنارص مثل :أ(أكرث) )more( ،وكيفية مثل (:أأمجل من ،مجيل) .أأما من
منظور الاتساق فهىي ال ختتلف عن الضامئر و أأسامء االشارة يف كوهنا نصية فوظيفهتا ابلتايل اتساقية.
- 1ينظر :حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.19،18،17 :
98
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.2الاستبدال:
الاستبدال عنرص من عنارص الس بك النحوي ،يتحقق ابحالل لكمة حمل أأخرى دون أأن يرتتب
عىل ذكل أأدىن تغيري يف الرتكيب ،وهو ما جيعل اللكمة املستب ِدةل ق ِس ميًا لللكمة املستبدةل ال ِق ْس ًما مهنا،
حيث ان "اللكمة البديةل تكون لها نفس الوظيفة الرتكيبية"( ،)1وعىل هذا ا ألساس" شاركت الضامئر
ا ألسامء يف الامسية ألهنا ت ُ ْستبدل هبا وتقوم مبثل وظائفها"(.)2
يرى هاليداي ورقية حسن أأن الاستبدال معلية تمت داخل النص ،ان زه تعويض عنرص يف النص
بعنرص أآخر( ،)3وهو من انحية اكالحاةل من حيث أأداؤه وظيفة اتساقية بني مكوانت النص ،اال أأنه
خيتلف عهنا يف كونه عالقة تمت يف املس توى النحوي -املعجمي بني اللكامت والعبارات ،بيامن االحاةل تقع يف
املس توى ادلاليل( ،)4ومن انحية اثنية هو اكحلذف اذ تربط بيهنام عالقة التضمني ،فاالستبدال يتضمن
احلذف؛ مبعىن أأن احلذف ميكن تفسريه ابعتباره شالك من أأشاكل الاستبدال ،أأين يكون أأي احلذف
"استبدالا ابلصفر"(.)5
لالشار فان معظم حاالت الاستبدال النيص قبلية أأي عالقة بني عنرص متأأخر وبني عنرص متقدم،
وعليه يعد الاستبدال مصدرا أأساس يا من مصادر اتساق النصوص( ،)6ومثاهل:
-فأأيس جد مثلومة جيب أأن أأقتين [فأأسا] أأخرى حادة My axe is too blunt,Imust get a sharper one
? You think Joan already knows -هل تعتقد أأن جون يعرف مس بقا؟
I think every bady does أأعتقد أأن لك خشص يعرف.
غين عن البيان أأن ( )oneيف امجلةل ا ألوىل حلت حمل ( ،)axeويف اجلواب عن السؤال الوارد يف املثال
الثاين حل الفعل( )doesحمل الفعل ( .)knows
ينقسم الاستبدال اىل ثالثة أأنواع :
استبدال امسي :ويمت ابس تعامل العنارص" :واحد ،نفس ،ذات "( )one, ones, sameفتحل حمل الامس أأو
العبارة الامسية ،مثل -:هل حتب أأن أأغري تكل الصورة يف جحرتك؟ -ال ،أأحب أأن أأحتفظ هبا نفسها.
ب.استبدال فعيل :و يعرب عنه ابلفعل البديل /الكنايئ (فعل) ( ،)doحيث يأأيت اضامرا لفعل أأو حلدث
معني أأو عبارة فعلية ليحافظ عىل اس مترارية حمتوى الفعل .
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص بني النظرية والتطبيق ،مكتبة اآلداب ،القاهرة ،ط 2007 ،1ص.113 :
- 2عادل منّاع ،حنو النص اجتاه جديد يف دراسة النصوص اللغوية ،مصر العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط 2011 ،1ص.103 :
- 3حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.19 :
- 4املرجع نفسه ،ص.19 :
- 5املرجع نفسه ،ص.21 :
-6املرجع نفسه ،ص.19 :
99
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
مثل - :اين أأفهمك متام الفهم اي س يدي وهذا أأكرث مما أأفعهل بنفيس.
-ا ألطفال يعملون جبدية يف احلديقة ،جيب أأن يفعلوا.
يس تخدم الاستبدال الفعيل يف احملادثة عنه يف اخلطاب املكتوب.
استبدايل قويل/مجيل :وهذا النوع ليس استبدالا للكمة داخل مجةل ،ولكن مجلةل باكملها ،حبيث تقع
مجةل الاستبدال مث تقع اللكمة املستبدةل خارج حدود امجلةل :مثل اللكامت" :هذا ،ذكل"ويقابلها ىف
" "do so, do the same الانلكزيية اللكامت "so, such":والتعبريات مثل:
رحلت بربرا؟ أأان أأعتقد ذكل.
مثل -:هل س يكون هناك زلزال؟ يه قالت هذا - .هل ْ
والاستبدال عالقة نصية سابقة حيث يمت الربط من خالل اس تخدام العنرص املستبدل أأوال مث
اس تخدام العنرص البديل بعد ذكل .مثل :هل دليك لكبسات ورق؛ ال ،تريد واحدة مهنا؟ فلكمة
(واحدة) ترجع السامع اىل عنرص سابقفي النص من أأجل التفسري وهو (لكبسات ورق)(.)1
.3احلذف :Ellipses
جينح املتلكم يف الغالب اىل الاقتصاد اللغوي بـحذف ما تعارف عليه املتخاطبان من الكم ،توفريا
للوقت واجلهد ودرءا للملل اذلي يصيب السامع جراء اسهاب املتلكم،بذكره ماال يس تدعي اذلكر.
ابلس يف اذا رضبه فقطع منه قطعة،)2("... اليشء اسقاطه...وحذف ر أأسه ز فاحلذف لغة من":ح ْذ ُف ز
وهو" كعالقة اتزساق ال خيتلف عن الاستبدال االز بكون ا أل زول استبدال ز
ابلصفر أأي أأ زن عالقة
الاستبدال ترتك أأثرا و أأثرها هو وجود أأحد عنارص الاستبدال ،بيامن عالقة احلذف ال ختلزف أأثرا( ،)3وال
حي زل حم زل احملذوف أأي يشء ،ومن زمث جند يف امجلةل الثزانية فراغا بنيواي هيتدي القارئ اىل ملئه اعامتدا
عىل ما ورد يف امجلةل ا ألوىل أأو النص السابق اذ ًا فهو ألية ال يس تغين عهنا أأي مبدع ،تكون هل فاعليته
ما ُأ ْح ِسن اس تغالهل وت ُُو زِسل به يف املواضع اليت تس تدعيه ،وهو اجراء يسقط من الالكم ما توفزر عليه
دلي ٌل ،وهو حاجة اقتضهتا العرف اللغوي العرب نزوعا اىل الاس تخفاف وطلبا لالجياز ،فاس تغنت عام
مل يكن معدة يف الالكم ،أأو" مما يصطدم ابذلوق العرب اذلي يكره توايل ا ألمثال"(.)4
-1عزة شبل حممد ،علم لغة النص بني النظرية والتطبيق ،ص.113 :
-2الرازي(حممد بن أيب بكر عبد القادر) ،خمتار الصحاح ،مكتبة لبنان ،بريوت ،لبنان( ،دط) ،1982 ،ص.54 :
-3حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.21 :
- 4متام حسان ،اللغة العربية معناها ومبناها ،دار الثقافة ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط ،1994ص.298 :
100
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
واحلذف عند سعد مصلوح :تكرار املبىن مع اسقاط بعض عنارص التعبري(.)1
وهو معلية يس ندها سيبويه اىل املتلكم حيث يقول ":واعمل أأهنم حيذفون اللكم وان اكن ا ألصل يف
الالكم غري ذكل وحيذفون ويعوضون ويس تغنون ابليشء عن اليشء اذلي أأصهل يف الكهمم أأن يس تعمل
حىت يصري ساقطا"(.)2
اس تجىل قمية احلذف البالغية ومسحته الفنية عبد القاهر اجلرجاين (ت471ه) يف فصل القول يف
احلذف اذ يقول ":هو ابب دقيق املسكل لطيف املأأخذ جعيب ا ألمر شبيه ابلسحر فانك ترى به ترك
اذلكر أأفصح من اذلكر ،والصمت عن االفادة أأزيد لالفادة وجتدك انطق ما تكون اذا مل تنطق ،و أأمت ما
تكون بياان اذا مل تنب"( .)3وهو ما حدا بعلامء اللغة أأن يولوه من الاهامتم ما جعهل من أأجل املباحث يف
ادلراسات النحوية والبالغية وا ألسلوبية ،فهذا ابن جين يفرد هل اباب أأسامه"ابب يف جشاعة العربية"(،)4
ألن"احلذف يؤدي اىل ظهور فراغ قاطع للرابط اللغوي اذلي يشد لفظة بأأخرى شدا ينشأأ عنه س ياق
يكون البنية الرتكيبية املأألوفة للجمةل العربية(.)5
متواصل حممك البناء ز
ال تعمل اللغة منعزةل بقدر ما تعمل ابعتبارها نصا يف س ياقات فعلية لالس تخدام ،وهناك دامئا ما
يرشد السامع يف تفسري امجلةل أأكرث مما تقدمه امجلةل نفسها ففي بعض الس ياقات ميكن حذف لكمة أأو
عبارة بدال من تكرارها ،وتسم هذه الوس يةل ابحلذف ،كام يف قوهل تعاىل ﴿:ان هللا بريء من املرشكني
ورسوهل﴾ والتقدير"ورسوهل بريء من املرشكني" ،فيظهر احلذف عندما تش متل معلية فهم النص عىل ُ
اماكنية ادراك الانقطاع عىل مس توى سطح النص ،حيث نفرتض عنرصا سابقا يعد مصدرا للمعلومة
املفقودة ،فيرتك العنرص احملذوف جفوة عىل مس توى البنية الرتكيبية ميكن ملؤها من ماكن أآخر يف
النص( .)6وميثل ذلكل الباحثان (هاليداي ورقية حسن) مبا ييل()7
John is reading a poem, and catherine a story يقر أأ جون قصيدة واكترين قصة
عىل أأن احلذف يف هذا املس توى غري همم من حيث الاتساق ،ذكل أأن العالقة بني طريف امجلةل عالقة
بنوية ال يقوم احلذف بأأي دور اتسايق ،وعليه فاملهم هو البحث عن ادلور الاتسايق للحذف يف العالقة
-1سعد مصلوح ،حنو أجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" ،جملة فصول ،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،القاهرة ،مصر ،1991 ،مج ،10ع:
،01ص.159 :
-2سيبويه ،الكتاب ،ج ،1ص.25، 24 :
- 3اجلرجاين ،دالئل اإلعجاز ،ص.146 :
- 4ينظر اخلصائص ج ،2ص 360 :وما بعدها
- 5بومجعة مجي ،ظاهرة احلذف يف شعر البحرتي دراسة بالغية إيقاعية ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط ،2003 ،1ص.47 :
- 6عزة شبل حممد ،علم لغة النص بني النظرية والتطبيق ،ص.116 ،115 :
- 7حممد خطايب ،لسانيات النص مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.22 ،21 :
101
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
بني امجلل وليس داخل امجلةل الواحدة .وقسم الباحثان احلذف اىل امسي وفعيل وقويل.
فاحلذف الامسي هو حذف امس داخل املركب الامسي :
Which hat will you wear ? This is the bestواحض أأية قبعة س تلبس؟ ـ هذه يه ا ألحسن
أأن "القبعة" قد حذفت يف اجلواب ،وهو ما يؤكد أأن احلذف الامسي ال يقع اال يف ا ألسامء املشرتكة.
ويقصد ابحلذف الفعيل احلذف داخل املركب الفعيل :
Have you been swming ? _ Yes, Ihave هل كنت تس بح؟ ـ نعم ،فعلت
والقسم الثالث هو احلذف داخل ش به امجلةل:
How much does it cost ? _ Five pounds مك مثنه؟ ـ مخسة جنهيات
يتضح من خالل ما س بق أأن للحذف دورا يف اتساق النص ،وان اكن خيتلف عام يؤديه لك من
الاتساق والاستبدال واالحاةل ،ومرد ذكل اىل عدم وجود أأثر عن احملذوف فامي يلحق من النص.
.4الوصل :الوصل هو الطريقة اليت يتصل ويرتبط هبا الالحق مع السابق بشلك منتظم ،وتمتثل وظيفته
يف تقوية ا ألس باب بني امجلل وجعل املتتاليات مامتسكة ،والوصل خالف الفصل ،وصل اليشء ابليشء
يصهل وصال ُوصةل :ألمه ،واتصل اليشء ابليشء :مل ينقطع .والوصل يف البالغة الربط بني امجلل أأو
عطف بعض امجلل عىل بعض ،واكن اجلاحظ من ا ألوائل اذلين تلكموا فيه ،ووقف عنده أأبو هالل
العسكري وقفة طويةل وذكر أأقوالا كثرية تدل عىل أأمهية هذا ا ألسلوب ،ويعد عبد القاهر اجلرجاين من
أأشهر اذلين حبثوه حبثا مفصال يقوم عىل التقس مي والتحديد وقد ربطه بباب العطف ويف هذا املقام
يقول ":ا زن امجلل عىل ثالثة أأرضب :مجةل حالها مع اليت قبلها حال الصفة مع املوصوف ،والتأأكيد مع
املؤكد فال يكون العطف فهيا البتة لش به العطف فهيا لو عطفت بعطف اليشء عىل نفسه ...ومجةل
حالها مع اليت قبلها حال الامس يكون غري اذلي قبهل ،اال أأنه يشاركه يف حمك ويدخل معه يف معىن مثل
أأن يكون الك الامسني فاعال أأو مفعوال به أأو مضافا اليه فيكون حقها العطف"...
-5العطف ()1()Junction
تكون نصا مامتساك ،تتنوعملا اكن النص مجموعة من امجلل املتتابعة أأفقيا ،وجب أأن تكون مرتابطة حىت ز
التعبريات العطفية فتنقسم اىل مخسة أأقسام :الوصل ،الفصل ،الاس تدراك ،التفريع ،الربط الزمين.
وختتلف طبيعة العطف اب ألداة عن عالقات الربط ا ألخرى (االحاةل ،احلذف) ،فهىي ليست عالقات
احالية ،وهذه العالقات ال تعمتد عىل عالقات معجمية رصحيةيف سطح النص ،بل ميكن أأن تكون
أأدوات العطف معلنة أأو مضنية ،ويتحقق الرتابط يف النص حىت ولو مل توجد اشارة رصحية هل .وميكن
تقس مي أأدوات الربط اىل:
أأدوات الوصل :تربط بني الش يئني الذلين هلام احلاةل (املاكنة) نفسها ،فالكهام حصيح(موجود) يف عامل
النص .ويه عالقة اضافة سابق اىل الحق تربط بني صورتني أأو أأكرث من صور املعلومات ابمجلع بيهنا،
ومن تكل ا ألدوات( :و ،كذكل ،ابالضافة اىل ذكل ،ابملثل ،فضال عن ذكل ،انهيك عن)...
أأدوات الفصل :وتشري اىل أأن أأحد املعطوفني ميكن أأن يكون حصيحا (موجودا) يف عامل النص فـ ( أأو)
مثال تربط بني بديلني الكهام حارض يف موقع التخزين النشط (اذلاكرة الفعاةل) ،وان اكن واحد فقط هو
اذلي يقع يف عامل النص ،ومن تكل ا ألدوات أأيضا :ا زما ...أأو ،ا زما...وا زما.
أأدوات الاس تدراك :وتربط بني ش يئني هلام املاكنة نفسها ،ولكهنز ام يبدوان غري متسقني يف النص؛ أكن
لكن ،بيد أأ زن ،غرييكوان سببا ونتيج ًة غري متوقعة ،فامجلع بيهنا يكون غري حممتل ،ومن تكل ا ألدوات :ز
أأ زن ،وا زما ،خالف ذكل ،عىل العكس ،يف املقابل.
أأدوات التفريع أأو االتباع :وتربط بني عنرصين يعمتد أأحدهام عىل وجود الآخر ،ومتثل تكل ا ألدوات عدة
أأنواع اكلسبب والنتيجة (ال تظهر النجوم هنارا ألن الشمس ساطعة) ،ومن تكل ا ألدوات( :لـ ،..أل زن،
ليك ،ذلكل ،من أأجل).
أأدوات الربط الزمين :جيسد الوصل الزمين عالقة بني أأطروحيت مجلتني متتابعتني زمنيا ،واذا اكن للزمن
تقس اميت :ماض ،مضارع ،مس تقبل ،فان هذا التقس مي يعمتد عىل اس تخدام املتحدث ووصف النص
وفقا للس ياق أأو تفاعل ا ألحداث ،كام أأن اسرتاتيجية البىن يف النص تعكس بعض التأأثريات يف نظام
ترتيب ا ألزمنة وحاالهتا يف النص .والقرب الزمين قد يكون تتابعيا اذا اكنت احلوادث مرتبط ًا أأحدُ ها
ابلقياس اىل ا ألخرى(مثل :حفرش فنادى) أأو قد يكون زمان ما متضمنا يف زمان أآخر(مثل :فقال
لصاحبه وهو حياوره) ،وعالقة القرب الزماين جيب أأن تش متل عىل سلسةل من ا ألفعال بيهنا عالقة من
انحية الزمن :تتابع أأو تداخل .وقامئة التعبريات العطفية املعربة عن تكل العالقة كثرية مهنا :الفاء ،مث،
الواو ،بعد ،قبل ،منذ ،لكام ،بيامن ،يف حني.
-6التوازي (.)Parallélisme
يتحقق ال زتوازي بتكرار نفس البنية الرتكيبية مع ملهئا مبحتوى خمتلف ،فنحن نعيد سالسل متشاهبة
ولكن ا ألحداث فهيا متنوعة( ،)1وهو عنرص أآخر من عنارص الاتزساق املشلكة لبنية القصيدة ،يسامه يف
متاسك اخلطاب اضافة اىل أأمهيته امجلالية ،حيث يضفي نوعا من التزنامغ بني زالرتاكيب وامجلل ز
املشلكة
للخطاب ،ألن زه ببساطة نوع من التزكرار ولكنزه ينرصف اىل تكرار املباين مع اختالف العنارص اليت
وعرفها بقوهل" :يه تساوي يتحقزق فهيا املبىن ،وقد أأطلق عليه اخلطيب القزويين امس "املوازنة" ز
اب مبثُوث ٌة﴾ .يؤدي
ارق مص ُفوف ٌة وزر ُّ
الفاصلتني يف الوزن دون التزقفية" ،ومث زل لها بقوهل تعاىل ﴿ :ونم ُ
التوازي دورا يف القصيدة ملا يقوم عليه من عنارص أأساس ية اكلتقطيع الصويت املس تفاد (ابلتكرار
والرتصيعواجلناس)( ،)1وتوزيع ا أللفاظ يف امجلل (اكالرصاد ()2ورد العجز عىل الصدر) ( ،)3وتوظيف
املعىن عن طريق التضاد والتقابل بني ا أللفاظ املفردة وامجلل املركبة (اكلطباق واملقابةل).
وفائدته أأن الاكتب قد يدرك أأن حمتوى تركيب ما غري مقبول دلى القارئ اذا أأىت منفصال ،أأما اذا وضعه
وسط مجموعة لها الرتكيب نفسه ،ولها قبول داليل ،فان القارئ يقبهل املوازاة أأو التوازي من العنارص
النحوية املرتبطة ابالطار املوس يقي للس بك ،فتكرار الرتكيب نفسه عىل مسافات متساوية خيلق ايقاعا
تأألفه أأذن السامع ،واذا اكنت املوازاة احدى وسائل الس بك النحوي فهىي ال ختتص برشوط الصحة
النحوية يف امجلةل ،بل تبحث يف كيفية وجود روابط من نوع خاص بني امجلل تمتثل يف التشابه الرتكييب
املدمع ابلامتثل الصويت لهناايهتا.
اثنيا :الاتساق املعجمي:
يراد ابالتساق(الس بك) املعجمي العالقة اجلامعة بني لكمتني أأو أأكرث داخل املتتابعات النصية ،ويه
عالقة معجمية رصف ال حتتاج اىل عنرص حنوي يظهرها ،وعنارص الاتساق املعجمي يه:
.1التكرار(: )Recurrence
شلك من أأشاكل الاتساق املعجمي ،يتطلب اعادة عنرص معجمي ،أأو ورود مرادف هل أأو ش به
مرادف أأو عنرصا مطلقا أأو اسام عاما(.)4
ارتبط التكرار يف الرتاث النحوي ابلتوكيد اللفظي اذلي هو اعادة اللفظ ا ألول بعينه وارتبط التوكيد يف
الرتاث البالغي بتقوية املعىن واملبالغة فيه ،والتكرار رضب من رضوب االحاةل اىل سابق مبعىن أأن الثاين
مهنا حييل اىل ا ألول ،ومن مث حيدث الاتساق بيهنام ،ويعد من أأظهر وسائل الاتساق و أأدانها اىل
املالحظة املبارشة ،وقد عوجل يف البالغة العربية بوصفه أأصال من أأصول البديع عند ابن رش يق
القريواين وابن أأب االصبع املرصي وغريهام ،لكن ميكن االشارة اىل أأن مثة مفارقات بني البالغيني العرب
وعلامء اللسانيات النصية يف معاجلة هذه الظاهرة ،حيث جند البالغيني العرب قد عاجلوا هذه الظاهرة
من منظور بالغي رصف ،فاكن تركزيمه عىل الالكم ا ألدب والشعري خاصة ،واهمتوا ابلقرأآن الكرمي من
جعازه البالغي ،بيامن عوجلت هذه الظاهرة عند علامء لسانيات النص من منظور لساين رصف، حيث ا ُ
فشملت النصوص مبختلف أأنواعها .مث ان معاجلة البالغيني العرب لهذه الظاهرة اكنت مقترصة –
وخباصة يف مرحةل التقعيد -عىل امجلةل أأو البيت بيامن جتاوزت معاجلة علامء النص هذا املس توى لتشمل
امجلل والفقرات املشلكة للنص .وجتدر االشارة اىل أأن التكرار وس يةل تعبريية وتقنية ابلغة القمية يف ا ألثر
بناء عىل حاجة الس ياق الهنديس والنفيس واخليايل اليه، اللغوي خباصة اذا اس تطاع املبدع التحمك فيه ً
ألن الارساف يف اس تخدامه يؤدي اىل خفض الكفاءة االعالمية للنص( )1ومن مثة فان العبارة املكررة
ينبغي أأن تكون من قوة التعبري وجامهل ومن الارتباط بغريها س ياقا ما تصمد به أأمام الراتبة املقيتة ،كام
أأن تكرار التعبري يبقي عىل املرجع نفسه ،وهذا يعين أأنه يس متر يك يرمس الوجود نفسه يف عامل النص
وعندئذ يتدمع ثبات النص بقوة هذا الاس مترار الواحض ،ويوظف التكرار أأيضا لتقيق العالقة املتبادةل بني
العنارص املكونة للنص ،وذكل برشط أأن يكون للعنرص املكرر نس بة ورود عالية يف النص متزيه عن
نظرائه.
ان اكن للتكرار عيب وهو تقليص االعالمية ،فان ش باكت التكرار تسمح بتحديد امجلل ا ألساس ية
والثانوية يف النص وحتديد اللكامت احملورية اليت مييل الاكتب غالبا اىل تكرارها ،وعليه فان التكرار حيمل
طاقة وظيفية هممة تمتثل يف ادلمع ادلاليل ملفردات حمددة يف النص(.)2
.2الرتادف( :)3()Synonymeالرتادف وس يةل ربط مشاهبة للتكرار ،اال أأنه يمتزي عنه يف نفيه للشعور
ابلراتبة مع اضفائه تنوعا اىل احملتوى من حيث هو "وجود لكمتني هلام املعىن نفسه تقريبا( ،)4وقد تناول
دي بوجراند ودريسلر املفهوم نفسه حتت مسم :اعادة الصياغة ،ويعنيان به تكرار احملتوى ولكن
بوساطة تعبريات خمتلفة ،علام أأن املسأأةل ال تقف عند هذا احلد بقدر ما يه خلق واس تحضار يشء ما
خمتلف يف عامل النص اذلي هو بدوره حمأاكة للعامل الفعيل ،وعليه فان اعادة الصياغة يه تشكيل جديد
للعامل الفعيل.
.3املصاحبات اللغوية /التضام ( : )Collocations()5ويراد هبا ورود زوج من اللكامت ابلفعل أأو ابلقوة
نظرا الرتباطهام حبمك هذه العالقة أأو تكل وهو ارتباط يعتاد أأبناء اجملموعة اللغوية املتجانسة وقوعه يف
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص.106 ،105 :
- 2حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،ص108 :
- 3ينظر :حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،ص ،109 :عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص.108 :
-4حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،ص.109 :
- 5ينظر :حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،ص ،111 :عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص109 :
105
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الالكم حبيث ميكن توقع ورود لكمة يف النص من خالل ورود لكمة أأخرى فيه ،وتمتزي هذه الظاهرة
بعدم حاجهتا اىل مرجع سابق أأو الحق كام هو احلال مع عنارص الس بك النحوي.
هناك عالقات معجمية كثرية خاصة ابملصاحبة اللغوية ،مهنا ما هو واحض مثل :التضاد ،عالقة اجلزء
ابللك ،عالقة التالزم اذلكري ...اال أأن بعضها حيتاج اىل همارة القارئ من خالل خلق س ياق ترتابط فيه
العنارص املعجمية معمتدا عىل حدسه اللغوي وعىل معرفته مبعاين اللكامت وغري ذكل ،ومن أأمثةل تكل
املصاحبات :احملاوةل -النجاح ،املرض -الطبيب ،النكتة -الضحك ،الشمس -القمر ...وميكن رصد
العالقات املعجمية اخلاصة ابملصاحبة اللغوية عىل النحو التايل:
عالقة تضاد :مجع اليشء وضده يف الالكم ( أأبيض≠ أأسود ،ليل ≠ هنار)
التدرج التسلسيل :وختلق هذه العالقة وحدات لكية داخل النص الواحد ترتابط فامي بيهنا ترابطا منطقيا
قامئا عىل وجود أأبعاد زمانية تدمع فكرة التعاقب بني ا ألحداث املتسلسةل.
عالقة اجلزء ابللك :من العالقات اليت ال تظهر اال مع موضوعات خاصة هيدف الاكتب اىل تقدمي وصف
خاص ملفهوم عام ،من خالل ذكر بعض أأجزائه املكونة هل وصفاهتا املالزمة مما يمكل الصورة املقصودة
لهذا اليشء العام .
عالقة اجلزء ابجلزء :اذا اكن ذكر ا ألجزاء يف العالقة ا ألوىل متناس با مع الرؤية اليت يعرض من خاللها
اللك ،فان هذا التحديد ينتفي مع هذه العالقة ،اذ حياول الاكتب ذكر أأكرب عدد من ا ألجزاء هبدف
تقدمي صورة عامة ملا تشلكه من لك واحد ،وال يسع الاكتب يف عرض العنارص اىل الرتكزي عىل
أأحدها ،بل انه يعرضه ابعتباره جزءا من ا ألجزاء يقوم بوظيفة حمددة تذكر مالزمة هل.
عالقة التالزم اذلكري :مثل :املرض -الطبيب ،النكتة -الضحك .وقد عرض لها القدماء يف حديهثم عن
"مراعاة النظري" ويه أأن جيمع يف الالكم بني أأمر وما يناس به ،وهذه العالقة تعمل يف اطار حمدد ال
يتجاوز حدود امجلةل اليت جتمع املتالزمني.
اثلثا :عنارص الاتساق الصويت(:)1
توقف دي بوجراند أأمام مصطلح التنغمي واعتربه من احملاور الصوتية الرئيسة ملبحث الاتساق ،اال أأن
هذا العنرص ال يتحقق يف غري النصوص املنطوقة نظرا لتكل القمية الوظيفية اليت حتققها تكل العنارص من
اقناع للمتلقي ووضوح يف أأداء الرساةل .أأما عمل العروض فأأشار اىل عنارص صوتية أأخرى ويه الوزن
والقافية .ومن عنارص الاتساق الصويت ما ييل:
- 1ينظر :حسام أمحد فرج ،نظرية علم النص ،ص ،112 :وما بعدها ،عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص 125 :وما بعدها
106
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.1السجع :يقوم السجع عىل تكل املامثةل املعقودة بني لكمتني أأو أأكرث يف الوزن والتقفية واليت تنتج
"الرتصيع" ،أأما املامثةل يف التقفية فقط مع الاختالف يف الوزن فتنتج "السجع املطرف".
يصنع السجع مع عنارص أأخرى حنوية ومعجمية وداللية نوعا من الوحدة داخل النص؛ فاالطار ادلاليل
أأساس للتوازي املدمع بعنارص معجمية وداللية أأخرى اكلرتادف والتضاد جبانب احلذف ،كام أأن الهناايت
املتشاهبة اليت خيلقها السجع تعطي هل ادلمع الصويت اذلي يشلك وس يةل قوية لالقناع.
.2اجلناس :حيدث بـ"اس تعامل لفظتني يرجعان اىل مادتني خمتلفتني ...متقاربتني أأو متحدتني يف
ا ألصوات وخمتلفتني يف املعىن( )1ومنه التام والناقص ،وهو من ا ألشاكل الصوتية يف اخلطاب ا ألدب،
حيدث نوعا من املوس يق وااليقاع ،ي زذل هل السمع وتطرب هل النفس ويظهر أأثره يف وحدة اجلرس...وذكل
ما يصبغ البيت لكه جبرس واحد جيعهل سهل النطق حلو السامع وتستس يغه ا ألذن( )2وال تقف أأمهيته
عند هذا احلد ،بل تتعداه اىل اظهار تكل اللكامت املتجانسة بشلك أأوحض .وعليه اذا اكن السجع
يؤلف بني السامع والنص جراء احتاد تكل الفواصل املوس يقية ،فان اجلناس يقوي دالالت اللكامت من
خالل شد انتباه السامع الهيا جراء ما تتوفر عليه من توافق لكي أأو جزيئ يف أأصواهتا.
.3الوزن والقافية :عنرصان صوتيان يسهامن يف اكامتل اجلانب الصويت مبا حيداثنه من تقارب بني لكامت
النص عىل أأساس مبد أأ املشاهبة أأو الوحدة االيقاعية ،وليس هلام أأساس حنوي أأو معجمي .تسامه عنارص
الاتساق الصويت جممتعة يف اشعار املتلقي بامتسك النص حلظة أأدائه.
.IIالانسجام (احلبك)
اذا اكن الاتساق /الس بك خمتصا برصد الاس مترارية احملققة يف ظاهر النص حيث الربط الرصفي
بني مكوانت البنية السطحية ،فان معيار الانسجام /احلبك خيتص ابالس مترارية احملققة يف عامل النص(،)3
حبيث حيدد الانسجام تكل العالقات ادلاللية التحتية اليت تسمح للنص بأأن يفهم ويس تخدم ،وهذه
العالقات ادلاللية يه من القوة حبيث تعطي للنص مظهره ووحدته ،فوحدة أأي نص ال ميكن أأن توجد
بشلك اكف اال مبراعاة بناء قاعدته ادلاللية ،أأما وسائل الربط الرتكيبية فهىي تسهل عىل السامع التعرف
عىل بناء القاعدة ادلاللية يف النصوص وفهم ذكل البناء ،وقد عرب هاليداي ورقية حسن عن أأمهية البعد
ادلاليل بقوهلام ":ان النص وحدة داللية ،وليست امجلل اال الوس يةل اليت يتحقق هبا النص"(.)4
- 1حممد اهلادي الطرابلس ي ،خصائص السلوب يف الشوقيات ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،منشورات اجلامعة التونسية ،1981 ،ص.65 :
- 2حممود علي عبد املعطي ،موسيقا الشعر"النظرية وآفاق التطبيق" ،ديوان الشريف الرضي أمنوذجا ،اندي مكة الثقايف األديب ،مكة املكرمة ،اململكة العربية
السعودية ،ط ،2013 ،1ص.370- 369 :
- 3سعد مصلوح ،حنو أجرومية للنص الشعري :دراسة يف قصيدة جاهلية،فصول ،مج ،10 :ع ،1 :ص.145 :
- 4حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص.13 :
107
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
وياكد يتفق الباحثون عىل أأن الانسجام يف النص هو البنية التحتية ألدوات الربط الظاهرة ،وقد
أأشار فان ديك اىل أأن أأدوات الربط ( )Cohesionختلق فقط الامتسك احمليل ،وغري قادرة منفردة عىل
خلق مس توى اخلطاب أأو املس توى العام لالنسجام.
يعين الانسجام ابملفهوم الس يكولويج مجموعة من العالقات املفهومية يس تخدهما القراء والكتاب يف
تعاملهم مع النص وهو ما يضفي البعد الرباغاميت لالنسجام ،وهذا ما أأكده بييت ابمربج ()Betty Bamberg
عندما أأشار اىل الانسجام حيدده قصد الاكتب ومعرفة امجلهور ،ومنه فاالنسجام يشرتط هل أأمران :ا ألول
داخل النص(ظاهر) حتمهل ا ألدوات الظاهرة للربط والثاين خارج النص(تداويل ،براجاميت).
يبدو أأن الانسجام جزء من معلية فهم النص ،فالقارئ عندما يعاجل النص يبين متثيال للمعلومات اليت
حيتوهيا النص يف ذهنه ،واملظهر ا ألسايس لهذا المتثيل املعريف هو أأن يدمج القضااي املفردة اليت حيتوهيا
النص يف لك أأكرب ،والانسجام بذكل يشء يقميه القارئ يف معلية القراءة ،كام أأنه جزء أأسايس عند
تشكيل الاكتب للنص ،فهو ينطلق من موضوع أأسايس يمت توس يعه بطرائق ش ىت اعامتدا عىل املقصد
واحلاةل ،وتساعده يف ذكل اجراءات التعبري من حيث يه مرجعيات لسانية.
مظاهر الانسجام (احلبك):
لالنسجام مظهران مامتيزان ومرتابطان يف الآن ذاته ،هام:
-املظهر املضموين القضوي( )1أأين ترصد القضية الكربى أأو موضوع اخلطاب.
-املظهر الهيلكي ،ويعاجل البناء النيص.
أأوال :املظهر املضموين لالنسجام:
يدرس الانسجام ،حسب دي بوجراند ،ما تتصف به مكوانت عامل النص (تشكيةل املفاهمي
والعالقات اليت يستند الهيا ظاهر النص) من واثقة صةل بيهنا ،يراد ابملفهوم احملتوى املعريف (تشكيةل من
املعرفة) يسهل اسرتجاعها ما اكنت متسقة يف اذلهن ،أأما العالقات فهىي الروابط القامئة بني املفاهمي،
وتشلك املفاهمي والعالقات القاعدة ادلاللية للنص وتتكون من عنارص يه :القضية :Propositionلك
قضية تتكون من خرب (محمول) ومقوةل (موضوع) أأو مقوالت ترتبط به مثال:
ابلفرشاة املاكن رمس املرشد
مقوةل()3 مقوةل()2 خرب مقوةل()1
- 1حممد خطايب ،لسانيات النص ،مدخل إىل انسجام اخلطاب ،ص 128 :وما بعدها.
108
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يدرس مضن مصطلحات القضااي حمتوايت امجلل املفردة وكذا روابط هذه الوحدات ودجمها مبركبات
قضوية أأخرى ،تنتظم هذه القضااي املس تخرجة يف جشرة هرمية أأو بيان هريم يطلق عليه أأساس النص،
وطبقا لهذه الرؤية توجد قضية واحدة يف مقة الهرم وقضااي صغرى يف املس توايت ادلنيا.
ُأ ِخذ مفهوم القضية من جمال الفلسفة واملنطق واس تخدم ابملعىن العام يف دراسات اخلطاب لالشارة اىل
الوحدة ا ألدىن للمعىن.
" تتكون القضية من خرب يعد النواة وموضوع أأو أأكرث يرتبط بتكل النواة ،ويقوم التحليل القضوي
للنص عىل الرتكزي عىل العالقات بني القضااي ...حيث يكشف الروابط بني امجلل عن الطريقة اليت
تدرك هبا العالقات ادلاللية التحتية يف اخلطاب .وعىل هذا فروابط اخلطاب قد تكون مضنية أأو ظاهرة
يف سطح النص تربط بني مجل متجاورة يف النص عىل حنو متتال أأو متداخل مبا ميكن معه متزي نوعني
من العالقات:
أأ.عالقة االضافة :تعرب عهنا أأدوات العطف مثل (الواو/عاطف اضايف ،لكن /عاطف مقابل ،أأو/
عاطف فصل)
ب.عالقة الس ببية :تربط ابلتبعية وتشمل س بعة أأمناط:
السبب :ويكون خارج جمال الاختيار(االرادة) ،مثل :جون مل يذهب اىل املدرسة انه اكن مريضا.
املربر(التفسري) ويشري اىل جانب الاختيار(االرادة) مثل :جون مل يأأت معنا ،هو يكره احلفالت.
الوس يةل :ويه اس تخدام مقصود لتقيق السبب ،مثل :هل متانع يف فتح الباب؟ هذا هو املفتاح.
التتابع :وهو نوع من التبعية ،مثل :جون مريض ،هو لن يذهب اىل املدرسة.
الغرض:وهو تتابع اختياري ،مثل :التعلاميت جيب أأن تكون حبروف كبرية ،هبذه الطريقة نأأمل يف جتنب
الصعوابت أأثناء قراءهتا.
الرشط:وهو سبب رضوري أأو ممكن لتتابع ممكن ،مثل :ميكنك احلصول عىل وظيفة هذا الصيف،
ولكنأأوال جيب أأن جتتاز الامتحان.
املسلمة :ويه سبب أأو مربر ألي تتابع متوقع حدوثه ،مثل:جون اكن غنيا ،اىل أأن أأعط لك يشء
للجمعيات اخلريية)1( .
مما س بق يتضح أأن العالقات بني امجلل ذات طبيعة داللية تستند اىل معىن امجلل و أأدوات الربط اليت
ختلقها العالقات ادلاللية املسامهة يف بناء خطة معقوةل ميكن ادراكها ،ويمت الرتكزي عىل هذه ا ألدوات
ابعتبارها أأساسالنحو الامتسك.
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،ص187 :و.188
109
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ويشري فان ديك اىل أأن فهم النصوص اليقترص فقط عىل العالقات ادلاللية وامنا يعمتد أأيضا عىل
العالقات االحالية ،حيث يفرتض وجود عالقات احالية بني منطوقات اللغة والوحدات يف الواقع
اخلاريج ،ومن مث يفرتض أأن القضااي ترتبط بوقائع يف العامل اخلاريج ،ويتيح ذكل اعادة بناء الواقع من
خالل اماكنية ربط وحدات جمردة يف اللغة (لكامت ومقوالت وعبارات) بوحدات جمردة يف الواقع
اخلاريج ،وذكل من خالل املعاين املفهومية لوحدات اللغة ،يطلق عىل تصور املنطوقات "املفهومات"
وعىل احمليالت الهيا يف عامل ما "ماصدقات" ،ذلكل مفعرفة مس تخديم اللغة ابلعامل هامة يف وصف معلية
تفسري النص ،ويضع فان ديك القيد التايل ابلنس بة لربط القضااي وهو":ترتبط قضيتان بعضهام ببعض
حني ترتبط معانهيام االحالية ،أأي تكون الوقائع اليت حتيل الهيا القضااي يف تفسري ما مرتبطة بعضها
ببعض.مثل :الطقس مجيل ،القمر يدور حول ا ألرض ،فالقضااي املعرب عهنا من خالل مجل التتابع الميكن
أأن ترتبط بعضها ببعض ألن الوقائع غري مرتبطة.
اثنيا :املظهر الهيلكي لالنسجام (البنية العليا)
مفهوم ا ألبنية العليا ودورها يف معلية الفهم:
تعد ا ألبنية العليا احدى الروابط النصية عىل املس توى ا ألعىل ابعتبارها أأداة تنظميية ألجزاء النص
ال تكشف يف النص عن بنية اتلية حفسب ،بل اهنز ا حتدد النظام اللكي ألجزاء النص ،وعليه فان اختيار
هيلك لتنظمي النص يعد أأحد القرارات احلامسة يف معلية صنع النص ،فاخلطاب ال حيتوي فقط عىل بنية
املعىن بل حيتوي أأيضا بنية الشلك ،أأو البنية العليا ،أأو هيلك اخلطاب ،وداخل هذه البنية ميكن أأن
يتنوع احملتوى.
يعود تشكيل ا ألبنية اىل القدرة اللغوية واالتصالية للمتلكم ،ولهذا فهىي ذات طبيعة عرفية يتواضع علهيا
أأبناء اجملموعة اللغوية املتجانسة.
قدمت تعريفات كثرية ملصطلح ا ألبنية العليا مهنا اهنا ":الهيألك العرفية اليت تقدم الشلك العام
حملتوى البنية الكربى للخطاب" أأو يه " نوع من اخملطط اجملرد اذلي حيدد النظام اللكي لنص ما ويرتكز
عىل قواعد عرفية" أأو" يه الهيلك العام اذلي تنتظم فيه أأجزاء النص" يفهم من مجموع هذه التعريفات أأن
البنية العليا يه الطريقة اليت ترتب هبا التفاصيل طبقا خلطة عامة مبا يساعد القراء عىل فهم وتذكر النص
مرة أأخرى ،وهذا يعين أأهنا تتضمن خمطط انتاج يدركه املتلكم وخمطط تفسري يعرفه القارئ ،ومن مث
فالبنية العليا يه" بناء ذهين ميثل معرفة املرء ابلشلك المنطي للنص.
البنية العليا والبنية الكربى :البنية الكربى تتعامل مع احملتوى أأو مضمون النص أأو املعىن العام للنص ،يف
حني تتعامل البنية العليا مع الشلك اذلي تنتظم فيه أأجزاء النص ،معىن ذكل أأن ا ألبنية الكربى داللية
110
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ليست عرفية ال يس تغىن عهنا الجناز أأوجه ربط أأفقية بني امجلل لفهم النص ،ذلكل فهىي ترتبط ارتباطا
وثيقا ابلرضورة املعرفية.
أأما ا ألبنية العليا شأأهنا يف ذكل شأأن ا ألبنية النحوية ترتكز عىل قواعد عرفية ،ولهذا فان بنية احليك مثال
تعد بنية عليا ويه خمتلفة عن مضمون احليك ( أأي البنية الكربى) ،ومجمل القول "ان البنية العليا يه منط
من شلك النص أأما البنية الكربى فهىي مضمون النص" ،ولكن هناك مسة مشرتكة بني البنيتني يف كوهنام
ال تتحدان ابلنظر اىل مجةل مس تقةل أأو تتابعات من امجلل ،بل ابلنس بة للنص بوصفه الك ،وهذا ما
يسوغ احلديث عن أأبنية كربى يف مقابل أأبنية صغرى عىل مس توى امجلةل.
املفاتيح اىل ا ألبنية العليا:
هناك مفاتيح حتيل اىل ا ألبنية العليا تعرف بوسائل التنظمي ا ألعىل ،تعطي املتلقي اشارات واحضة اىل
ا ألمناط ا ألساس ية بوساطة مؤرشات نصية؛ مثل العناوين الرئيسة والفرعية والعبارات الضمنية اليت تعود
عىل اكمل النص ،ومثل النصوص املصاحبة اكلمتهيد واملقدمة واخلامتة اليت تقوم بوظيفة االعالن عن
النص ،كام تقوم بعض العبارات املعجمية /النحوية اخلاصة مثل(:بذكل أأرغب يف أأن أأخربمك) و (نرجو
أأن) بتوضيح الوظيفة الرباغامتية للنص (خرب ،رجاء)...
مناذج ا ألبنية العليا:
التوجد نظرية عامة حول ا ألبنية العليا ،اال أأن زه قد توجد حول أأبنية حمددة اكحليك واحلجاج والوصف ،ذلا
حاول بعضهم تقدمي منوذج للبنية العليا تنتظم فيه املعلومات يف النص مثل منوذج ( )BPSEاذلي قدمه
رفائيل ساليك ( )1995ويتكون من):(1
اخللفية(: )Back groundوجييب ذكل اجلزء يف النص عن التساؤل حول (الوقت ،املاكن ،ا ألشخاص)...
أأي العنارص املتضمنة يف النص واليت حتتاج اىل معرفهتا لفهم اجلزء التايل من النص وهو املشلكة.
املشلكة ( :)Problemوهو اجلزء املفتاح ،اذ يسهزل معرفة صةل ا ألجزاء ا ألخرى ابلنص وفهمها ،وجييب
هذا اجلزء عن التساؤل:عن أأي يشء يتحدث النص بصورة أأساس ية؟ ما املعضةل أأو اللغز أأو العقبة
اذلي جيعل من هذا النص معربا؟
احلل (:)Solutionويعين حل املشلكة ،أأي كيف نواجه وحنل املعضةل أأو اللغز ،أأو نقيض عىل العقبة أأو
نعاجل النقص؟التقيمي ( :)Evaluationأأي تقيمي احلل ،واذا اكن هناك أأكرث من حل ،فأأهيا أأفضل؟
يشري رفائيل ساليك اىل أأن بعض أأجزاء هذا المنوذج قد ال يظهرها النص اذا اكنت واحضة من خالل
الس ياق ،أأو اذا اكن ابماكن القارئ معرفهتا ،كام أأن نظام ترتيب ا ألجزاء يف هذا المنوذج ميكن أأن يتنوع،
- 1عزة شبل حممد ،علم لغة النص ،النظرية والتطبيق ،مكتبة اآلداب ،اىلقاهرة ،مصر ،ط ،2008 ،1ص.245 :
111
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
فكثري من القصص يبد أأ ابملوجز لتحصل عىل انتباه القارئ مث تأأيت االشارة اىل املشلكة مث تفاصيل احلل،
مث اخللفية و أأخري تقدم حال مثاليا أأو أأكرث ،ومنه فان هذا التصنيف يتصف ابلعمومية اىل حد كبري.
112
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
،)2()intentionsواال ع زد الالكم فارغا( ،)3ذلكل يس متد هذا املفهوم "رشعية وجوده ...من أأن لك فعل
الكيم يفرتض فيه وجود ن زية للتواصل واالبالغ"( ،)4وعليه"ال يتلكم املتلكم مع غريه ،اال اذا اكن لالكمه
قصد...وهوذلكل يتخذ من الوسائل الالكمية واملقامية ما يعني السامع عىل ادراك ما يريد"( ،)5فلكام
متكل املبدع أأداة التبليغ وطرائق بناهئا وفق نس يج دال ،اس تطاع الس يطرة عىل نصه ،فلطاملا اكنت هذه
-1سعد عبد العزيز مصلوح ،يف البالغة العربية واألسلوبيات اللسانية آفاق جديدة ،جملس النشر العلمي ،جامعة الكويت ،ط ،2003 ،1ص.225:
2 - J.E. Searle,Intentionality : an essayin the philosophy of mind. Cambridge, Cambridge University press,
1983, P82.
حسان ،اجتهادات لغوية ،علم الكتب ،القاهرة ،مصر ،ط ،2007 ،1ص.380 : -3متام ّ
-4حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقه ،منشورات االختالف ،اجلزائر العاصمة ،اجلزائر ،ط ،2008 ،1ص.96 :
-5حممد أمحد خنلة ،آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر ،دار املعرفة اجلامعية ،ص.89
113
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الوسائل الالكمية "يه اليت تتحمك يف ا ألفعال الالكمية بتحديد أأشاكلها وخلق اماكنية معناها"( ،)1ذلكل
ارتبطت دالةل أأكرث معاين "هذا املصطلح...عىل أأن منتج النص يقصد من أأيزة تشكيةل لغوية ينتجها أأن
تكون نصا متضاما متقاران"( ،)2اذ غاية ما يتومس املبدع تقيقه ،أأن يؤثر يف املتلقي و ز
يودل فيه انطباعا
موازاي ملا هو حتت تأأثريه ،ولن يتأأىت هل ذكل يف غياب اسرتاتيجات صناعة النص( ،)3اليت يه عند
سريل (رشوط النجاح) ودعاها كريس بــــ (قواعد احملادثة) و نعهتا ديكرو بـــ (قونني اخلطاب)( .)4ويه
مجموع املعايري اليت حيمك مبوجهبا يف جناح الالكم أأو فشهل.
والقصدية عند محمد مفتاح ،يه :ادلالةل والفهم ،فادلالةل تعين رضورة قصد التواصل من قبل املرسل،
والفهم يعين الاعرتاف من قبل املتلقي ،بقصد تواصل املرسل( .)5الواحض أأن القصدية تتحقق بأأمرين
اثنني هام؛ ادلالةل والفهم ،أأي قصد منتج النص وقبول مس تقبل النص ،ذكل أأن لك بنية لغوية تكتسب
داللهتا مبوجب العالقات ادلاخلية ملكوانهتا يف مس توى البنية السطحية اليت ختزتل جتربة املبدع لتضعها
بني يدي املتلقي ،فيحدد هذا ا ألخري مواقفه ابزاهئا قبوال أأو رفضا .ومن مث ،مفعيارا القصدية والقبول
يؤداين وظيفة دينامية ،يبدو يف اطارها "النص بنية أأو تشكيال أأو تكوينا ينتج معناه من خالل حركة
جدلية أأو تفاعل مس متر بني أأجزائه ( )6ابرادة املبدع اذلي يوجه النص حنو تقيق مقاصده وفق
اسرتاتيجية يقدر وحده كفاءهتا التأأثريية عىل املتلقي ،ألن "النص يف حال ظهوره من خالل سطحه أأو
جتليه اللساين ميثل سلسةل من احليل التعبريية اليت ينبغي أأن يف زعلها املرسل اليه( ،)7فيتزنل القارئ بذكل
مزنةل املبدع الثاين اذلي ال يكتفي ابس تدراك النصوص غري الاكمةل ،بقدر ما يبث يف هذه الهيألك
التعبريية من ادلينامية ما جيعلها "حامةل أأوجه".
يكتسب املعياران قميهتام من خالل ابراز "دور املتلقي يف فهم وتفسري احلذف أأو الانقطاع داخل
النص ( ،)8حني يتكفل مبلء الفراغات البنوية أأو "مناطق الصمت" يف النص غري املكمتل ليضمن هل
اس متراريته يف اطار اسرتاتيجية تبناها املؤلفون من خاللتوجيه أأبنيهتم ا ألسلوبية ،واحالهتم املرجعية اىل
-1حممد مفتاح ،حتليل اخلطاب الشعري (اسرتاتيجية التناص) ،ص.165 :
-2روبريت ديبوغراند ولفغانغ دريسلر ،مدخل إىل علم لغة النص ،ص.152 :
-3فولفجانج هاينه من وديرت فيهفيجر ،مدخل إىل علم اللغة النصي ،ص.311،312 :
-4حممد مفتاح ،حتليل اخلطاب الشعري (اسرتاتيجية التناص) ،ص140:
-5املرجع نفسه ،ص140:
-6سعيد حسن حبريي ،اجتاهات لغوية معاصرة يف حتليل النص ،جملة عال مات يف النقد ،النادي األديب الثقايف ،جدة ،مج ،10ع ،2000 ،38 :ص:
.168 ،167
-7أمربتو إيكو ،القارئ يف احلكاية التعاضد التأويلي يف النصوص احلكائية ،تر /أنطوان أبو زيد ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط،1
،1996ص61 :
-8عزة شبل حممد ،علم لغة النص بني النظرية والتطبيق ،ص28:
114
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
قارئ قد حددوه سلف ًا ،وجعلوه مبثابة لوحة اس تقبال هميئة للتجاوب مع النص املشحون برغبات املؤلفني
الاكتب القارئ
ُ وانفعاالهتم و أأفاكرمه( ،)1وهو ما يعرب عنه ' أأمربتو ايكو' (بتأأهيل القارئ) ،ملا حييط
ابحلجة من لك جانب ،فيحمهل عىل اعتقاد حصة ما يدعيه ،فتصري القصدية مبوجب هذا الطرح داةل
عىل "فن الوصول اىل تعديل موقف املس متع أأو القارئ"( ،)2فأأ ُمره من بعد ذكل ألمر املبدع تب ٌع.
يتغي املتلكم حصوهل من سلواكت دلى اخملاطب عرب وسائط ذلكل ميكن اعتبار القصدية يه لك ما ز
لغوية همام اكنت أأمناطها و أأغراضها االجنازية (تقريرات ،طلبيات،بوحيات ،وعدايت ،ترصحيات) ،اذ
جتسد هذه الوقائع اللغوية أأفاكر النص ومقاصد الاكتب ،ابالضافة اىل وقائع غري لغوية تدمع ا ألفعال
اللغوية وجتسد أأفاكر صاحب النص وتعزز مقاصده.
القصدية يف النص الشعري:
اكتسب النص الشعري فنيته من طرائق التعبري الفنية اليت يتوسل هبا الشاعر لنقل جتاربه الشعورية
وانطباعاته الفكرية نقال بعيدا عن المتثل الواقعي – ذلا قيل قدميا :أأعذب الشعر أأكذبه -ألن الشاعر
ليس أةل فوتوغرافية يتأأمن عىل الوقائع (خارجية اكنت أأم داخلية) كام يه يف صورها احلقيقية وبأأبعادها
املادية ،بقدر ما ينقل تأأثره هبا ليودل الانطباع ذاته دلى مس تقبل النص ،ذلا يأأيت اخلطاب الشعري
مرتعا بسامت صاحبه الشخصية اليت تتوارى خلف أأسوار ا ألبنية اللغوية ،مفا أأتيح مهنا للقارئ ابلسهوةل
املتومهة ،فهو سطحي ال يشلك مقاصد الشاعر ،ألن املعاين احلقيقية واملقاصد الفعلية تنبجس من تكل
العالقات اجلدلية بني ا ألبنية اللغوية واليت تكشف بوضوح مدى متكل الشاعر ألداة االبداع (اللغة)
ومعرفة أليات اش تغالها ،مفنشأأ الامتيز بني اخلطاابت الشعرية مرده اىل اختالف" طريقة استيعاهبا
ل ألفاكر واعادة توزيعها داخل بنية اخلطاب ،أأضف عىل ذكل اللغة املس تخدمة واليت يعرب هبا صاحب
اخلطاب عن هذه ا ألفاكر( ،)3ومن مث فقمية النص ال تمكن يف ما يكتزنه من أأفاكر طاملا أأهنا حصيةل تأأثري
ا ألنساق الثقافية اليت يتعارفها أأفراد اجملموعة اللغوية املتجانسة" ،ولكن يف طريقة التعبري ويف ما يدل
عليه يف حقبة أأخرى( .)4وهو ما ييش بتعدد املعاين وتداخلها بتعدد ظروف اس تدعاهئا وما يصاحب
ذكل من مالبسات تعني املتلقي عىل حسن الفهم والتأأويل .فتعد ُد املعاين واختالفها مرده اىل تعدد
أأساليب املبدعني يف طرائق صوغ املعاىن من املادة اللغوية ا ْذ "كثريا ما اش تىك الشعراء من اللكامت اليت
تسكهنا أأصوات الآخرين ،وما أأكرث ما فتشوا عىل اللكمة العذراء ،اهنم يريدون أأن جيدزدوا ش باب اللغة
-1حممد عبد املطلب ،النص املفتوح ،النص املغلق ،املوقف األديب ،احتاد الكتاب العرب بدمشق ،سوراي ،ع ،398 :حزيران ،2004ص.22 :
-2صالح فضل ،بالغة اخلطاب وعلم النص ،ص.123 :
-3عبد الفتاح أمحد يوسف ،لسانيات اخلطاب وأنساق الثقافة ،منشورات االختالف ،اجلزائر العاصمة ،اجلزائر ،ط ،2010 ،1ص.161 :
-4حسن محائز ،النص األديب بني القراءة والتواصل ،لسانيات النص وحتليل اخلطاب ،ج ،2دار كنوز املعرفة للنشر والتوزيع ،عمان ،2013 ،ص.739 :
115
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
و أأن يف زجروا طاقاهتا"( ،)1ذلا اس تأأنسوا مبا أأاتحه النظام اللساين من اماكنيات العدول بعيدا عن التقيد
ابملعيار اللغوي ،حيث ينأأى اخلطاب الشعري ابللغة الشعرية عن هذه املواضعات اليت"تكبح وبقوة
جسارة اللغة"( ،)2تقيقا مجلالية املعىن الشعري يف اطار انفتاح النص وتعدد معانيه حيث التأأويل
الالمتنايه ملقصدية النص.
قصدية املؤلف و أأهلية القارئ :
أأعادت نظرايت التحليل اللساين (ما بعد البنوية) اىل دائرة ادلرس اللساين ما عافته البنوية سلفا،
تبوء القارئ ماكنة فاعةل حيث اعتربته منتجا للنص ،اذ يظل النص سوادا عىل فهذه "نظرية التلقي" ز
يبث فيه من روحه ما جيعهل يتشلك وفق رؤاه ويتلون بياض ما مل يتعهده القارئ ابلرشح والتأأويل ،ملا ز
بأألوانه ،وهكذا "انتقلت سلطة ا ألدب من الاكتب يف ا ألدب الالكيس والرومانيس اىل النص يف
البنيوية .فالقارئ يف (جامليات التلقي) اليت جعلت القارئ قوة مس يطرة متنح النص احلياة ،وتعيد ابداعه
من جديد ،وهبذا تصبح القراءة معلية انتاجية ،ال جمرد معلية تلق واس هتالك حفسب( ،)3حيث يس تطيع
القارئ الكشف عن املعاين املتوارية وراء العبارات الظاهرة ،للوقوف عىل حقيقة مقاصد املبدع اليت
يتسع لها النص املفتوح ،حبيث ال ختزتل يف معىن أأحادي "،ألن النص اجليد هو اماكن مفتوح عىل
اجتاهات كثرية"( ،)4وعليه مفحاوةل تقييد معىن نص ما يف اطار حمدد أأمر جماف للصواب .طاملا " أأن
الانفتاح يعين تعدد املعىن مع تعدد القراءة(.)5
يُعد اللساين االيطايل "امربتو ايكو" أأول من اس تعمل مصطلح "النص املفتوح والنص املغلق" يف
كتابه "العمل املفتوح" س نة 1962م( ،)6وهذا ال يعدم ما تواتر يف الرتاث النقدي العرب من اشارات
اىل اتساع النص لأكرث من دالةل ،اذ يراهن يف ذكل عىل حضور بدهية املتلقي وكفاءاته الفنية واللغوية،
ألن " أأي فعل للقراءة هو تفاعل مركب بني أأهلية القارئ (معرفة الكون اذلي يتحرك داخهل القارئ)
وبني ا ألهلية اليت يس تدعهيا النص ليك يقر أأ قراءة اقتصادية( ،)7يس تطيع القارئ من خاللها "انطاق
الصوامت يعين (قراءة ما خلف السطور) أأو اس تنباط املسكوت عنه يف النص ا ألدب( ،)8ذكل أأن
-1وهب رومية ،التشكيل اللغوي يف شعر األمري عبد القادر اجلزائري ،الرتاث العريب ،احتاد الكتاب العرب بدمشق ،2006 ،ع ،101:ص.14 :
-2جان كوهن ،بنية اللغة الشعرية ،تر/حممد الويل وحممد العمري ،مكتبة األدب املغريب ،دار توبقال للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط،1986 ،1ص.21 :
-3حممد عزام ،النص املفتوح يف املناهج النقدية ،املوقف األديب ،إحتاد الكتاب العرب بدمشق ،سوراي ،2004 ،ع ،398 :ص.52:
-4املرجع نفسه ،ص.52 :
-5حممد عبد املطلب ،النص املفتوح والنص املغلق ،املوقف األديب ،إحتاد الكتاب العرب بدمشق ،سوراي ،2004 ،ع ،398 :ص.28 :
-6أمربتو إيكو ،التأويل بني السيمائيات والتفكيكية ،ص21 :
-7املرجع نفسه ،ص.86 :
-8حممد عزام ،املوقف األديب ،النص املفتوح يف املناهج النقدية ،ص53:
116
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
دواعي الاقتصاد اللغوي تسدعي من املبدع كام املتلقي عرض وتلقي دالالت كثرية يف ما تيرس من
قوالب لغوية ،يه يف احلقيقة "شكبة من الشفرات يقوم القارئ بفكها"( ،)1ويعود فضل بلورة مفهوم
النص املفتوح اذلي ال يؤطره فهم أأحادي اىل ادلراسات الس مييائية اليت كشفت ما يتسع هل النص من
دالالت تشع من ثنااي النص دون أأبه مبا يطفو مهنا عىل السطح.
حييلنا احلديث عن القصدية والتأأويل عىل عالقة منشئ النص مبتلقيه ،ا ْذ يلجأأ املبدع اىل اس تخدام
أأنساق تعبريية بقصد التأأثري يف املتلقي دون اكراه أأو تعنت ،وال ميكل ذلكل سبيال ،طاملا أأن نظرية
التلقي تتيح لك صالحيات التأأويل للقارئ يف معرض تفاعهل مع ا ألبنية النصية ،الستنطاق ماكمهنا
فالوقوف عىل مقاصدها ،ألن "النص كون مفتوح ابماكن املؤل أأن يكتشف داخهل سلسةل من الروابط
الالهنائية( ،)2وهو ما يعرس هممة املبدع حيث يقع بني مطرقة معايري اللغة وس ندان القارئ.
ترجيح املقاصد:
ان قابلية النص للتأأويل تتيح ملتلقيه اماكنية حماورته ،ابالعامتد عىل وقائعه اللغوية اليت تقوم أأد ًةل
يسرتشد هبا املتلقي يف حتديد التوجه العام للنص ،وكذا الاعامتد عىل الوقائع غري اللغوية حيث الظروف
واملالبسات املصاحبة لعميةل التلقي اليت تعني املتلقي عىل استبطان العوامل اخلفية اليت ختزتل مقاصد
النص ليس مادة للنص ،بل هناك فاعلون كرث .و أأن ز املبدع"،وهذا يعين أأنه ال يوجد فاعل واحد ز
حتول وصريورة ،وعامل متشابك متقاطع متواصل متنافر"( .)3ويبق القارئ هو الفاعل سكونية ،بل هو ز
ا ألساس ،اذ يشارك املؤلف حمنة انتاج معىن النص (غري املكمتل) مبلء مناطق الصمت فيه ليضمن هل
الاس تواء ومن مث ،الاس مترارية يف اطار املعارف التداولية اليت يتقامسها مع املبدع ،اذ يف غيابه يبق
النص "جمرد دال منفتح ،ال يكتسب مدلوالته اال من خالل تفاعهل مع قرائه ،وبعملية التفاعل هذه
يصبح النص دليال"(.)4
الواحض أأن قراءة النص جتيل مقاصده وحتدد غاايته ،اذ تتودل ابزاهئا مقاصد عىل قدر أأطراف العملية
االبداعية( :املؤلف النص ،القارئ) ،حبيث يشلك مقصد املؤلف دافعية التأأليف ومؤيداته ،خيلهل
(املقصد) أأبنية لغوية فهيا من املهارة الفنية ما جيعلها أأمعق تأأثريا يف ذات املتلقي.
و أأما مقصدية النص ،فهىي مقصدايت يتسع لها النص املفتوح ،ويؤرخ للحظة ميالدها مبجرد الانهتاء
من كتابة النص ،فيتجىل من هذه الناحية دور القصدية اليت"تسع جاهدة الس تكشاف بواعث الالكم
اترة ،مقدما ومؤخرا اترة اثنية ،مترصفا يف طبقات صوته بني النرب والتنغمي اترة اثلثة .ذكل أأن الناس
يتبادلون يف تعامالهتم اليومية أأدوار الالكم ،فعند حماوةل أأحدمه التعبري عام جيول يف خاطره أأو عام
جتيش به نفسه ،فانه ال ينشئ بُىن حنوية بوحدات معجمية ،بقدر ما ينجز أأفعاال عرب هذه ا أللفاظ،
يسم هذا املنجز بـــ" أأفعال الالكم" ،وتُعط يف الانلكزيية والعربية غالبا أأوصافا أأكرث حتديدا مثل:
الاعتذار ،الشكوى ،االطراء ،ادلعوة ،الوعد ،او الطلب"(.)1
حاز هذا املصطلح كونه من مشموالت النظرية العامة الس تعامل اللغة اهامتم علوم كثرية تعمتد اللغة
جمال حبهثا ،من مثل :عمل النفس والنقد ا ألدب والانرثوبولوجيا والفلسفة وعمل اللغة ،أأما يف ادلرس
التداويل ،فان ا ألفعال الالكمية تظل واحدا من أأمه اجملاالت فيه ...بل ان التداولية يف نشأأهتا ا ألوىل
اكنت مرادفة ل ألفعال الالكمية ،فليس بغريب أأن يع زد جون أأوسنت أأاب للتداولية( .)2فقد تأأثر مبا
رأأه"فتجنش تاين" من أأن اللغة ال تقترص عىل تقرير الوقائع أأو وصفها ،لكن للغة وظائف عديدة اك ألمر
والاس تفهام والمتين ،والشكر والهتنئة ...وليست اللغة عنده حسااب منطقيا دقيقا ،للك لكمة فهيا معىن
حمدد ،وللك مجةل معىن اثبت...بل اللكمة الواحدة تتعدد معانهيا بتعدد اس تخدامنا لها يف احلياة اليومية،
وتتعدد معاين امجلةل حبسب الس ياقات اليت ترد فهيا( ،)3فأأنكر أأوس تني وهجة نظر الفالسفة اليت ختزتل
وظيفة اللغة يف الوصف و زمساها "املغالطة الوصفية" .وبرهن عىل أأنه "ال ينبغي للوصف اللغوي أأن يقوم
عىل أأساس ظاهر امجلل ،بل جيب أأن يثبت أأنه مبنطوق لك مجةل منفردة تنجز يف الوقت ذاته أأحداث
خمتلفة= /أأفعال ،/مفزي بني نوعني من ا ألفعال:
-أأفعال اخبارية : Constativeويه أأفعال تصف واقع العامل اخلاريج وتكون صادقة أأو اكذبة.
-أأفعال أأدائية : Performativeتنجز هبا يف ظروف مالمئة أأفعال أأو تؤدى ،وال توصف بصدق وال
كذب )4(.غري أأنه أأدرك أأن هذا المتيزي بني نوعي أأفعال الالكم غري حامس نظري التداخل يف ا ألدوار بيهنام،
فكثريا ما تقوم ا ألفعال االخبارية بوظيفة ا ألفعال ا ألدائية ،ويف حماوةل منه لبيان حدود لك نوع ،وجد أأن
لك فعل الكيم مركب من ثالثة أأفعال مرتبط بعضها ببعض يه(:)
.1الفعل اللفظي( :)Locutionary actوهو يتأألف من أأصوات لغوية تنتظم يف تركيب حنوي حصيح ينتج
عنه معىن حمدد وهو املعىن ا ألصيل.
-1جورج يول ،التداولية ،تر /قصي العتايب ،الدار العربية للعلوم انشرون ،بريوت ،لبنان ،ط ،2010 ،1ص.81 :
-2ينظر حم مد أمحد خنلة ،آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر ،دار املعرفة اجلامعية ،اإلسكندرية ،مصر، 2002 ،ص41 :و.42
-3نفسه ،ص41 :و.42
-4حممد أمحد خنلة ،آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر ،دار املعرفة اجلامعية ،اإلسكندرية ،مصر، 2002 ،ص43 :و.44
)ترمجها د .حممود أمحد خنلة .1 :الفعل اللفظي .2الفعل اإلجنازي .3الفعل التأثريي
119
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.2الفعل االجنازي( )Illocutionary actيبني ما ينبغي أأن يعمل ابملنطوق ،ما ينبغي أأن حيدث؛ فهو حيدد
الهدف/اجناز املنطوق ،مثل :أأن حيذر أأحدا ،أأو يرجو أأحدا معل يشء ،أأو يعد أأحدا بيشء.
.3الفعل التأأثريي /الاس تلزايم( )Perl ocutionary actاذلي حيدد أأثر املنطوق اللغوي عىل السامع ،أأي
ما حيدث دلى السامع متجاوزا ما هو عريف ( أأن يسعد أأو يغضب مثال.)1()...
قدم " أأوسنت" تصنيفا ل ألفعال الالكمية ابعتبار قوهتا االجنازية ،وتكون القوة االجنازية اما حرفية أأو
مس تلزمة"،وتتودل الثانية عن ا ألوىل طبقا ملقتضيات مقامات معينة( ،)2ويشمل هذا التصنيف مخسة
أأنواع:
التقريرات :Exercitiveوتفيد تأأكيد املتلكم واقراره لبعض الوقائع وا ألحداث يف الواقع اخلاريج،
مثل":انين اكتب وانقد وفيلسوف".
الطلبيات أأو ا ألمرايت :وحترض يف توجيه املتلكم طلبا للمخاطب الجناز الفعل ،مثل" :هل سيسافر
أأمحد غدا؟"
البوحيات أأو االفصاحيات :تعرب عن احلاةل النفس ية للمتلكم ،مثل " :أأحب أأن أأراك سعيدا" و"مللت
الانتظار"
الوعدايت : Commissinesتفيد الزتام املتلكم ابجناز فعل يف الزمان املس تقبل ،مثل " :أأعدك بسفر رائع
اىل مرص".
الترصحيات :ويقصد هبا اعالن املتلكم عن اجناز فعل يفيد تغيريا مرتقبا عىل مس توى العامل اخلاريج،
مثل :أأعلن أأهيا احلضور الكرمي عن برانجمي الانتخاب قريبا"(.)3
تأأسست نظرية أأفعال الالكم عىل أأنقاض املصادرة الوصفية اليت سامها "أأوس تني"بـ "املغالطة
الوصفية" ،حني دحض الزمع القائل بأأن لك امجلل اخلربية حتمتل قمية صدق ،انطالقا من امجلل اخلربية ال
توظف لوصف الواقع ،وامنا الجناز أأفعال الكمية ،ليعمم هذه املالحظة عىل لك امجلل النحوية املنطوق
هبا.
اس تطاع "سريل" ابسهاماته أأن ميد نظرية أأفعال الالكم جبهاز مفهويم ،فبعد أأن زمزي "أأوس تني"
مس توايت أأفعال الالكم ،وضع سريل رشوط أآداهئا ،ليضع غرايس القواعد اخلطابية ألفعال الالكم.
-1فولفجانج هاينه مان ،ديرت فيهقجنر ،مدخل إىل علم لغة النص ،ترمجة وعلق عليه ومهد له :سعيد حسن حبريي ،مكتبة زهراء الشرق ،القاهرة ،ط،1
،2004ص.54،55 :
-2أمحد املتوكل ،آفاق جديدة يف نظرية النحو الوظيفي ،منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ابلرابط ،اململكة املغربية ،ط ،1،1993ص.21 :
-3مجيل محداوي ،من احلجاج إىل البالغة اجلديدة ،أفريقيا للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،2014 ،ص95و96
120
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.1االعالم ( :)Informativityأأو الاخبارية وترمجها بعضهم ابملعلوماتية ،زعرفها دي بوجراند ودريسلر؛ بأأهنا
العامل املؤثر ابلنس بة لعدم اجلزم يف احلمك عىل الوقائع النصية أأو الوقائع يف عامل النص يف مقابل البدائل
املمكنة حيث جند يف لك نص مجموعة من املعلومات تسامه يف قبول أأو رفض ذكل النص حبسب قميهتا
االعالمية ) .(1وقد حددا موضوعه بـ"مدى التوقع اذلي حتظ به وقائع النص املعروضفي مقابل عدم
التوقع أأو املعلوم يف مقابل اجملهول"( ،)2وابلتايل تدل االعالمية عىل اجلدة والتنوع اذلي توصف به
املعلومات اليت تشلك حمتوى املعلومات يف نص ما ( ،)3ويراد بعامل اجلدة حس هبام عىل (الاليقني
النس يب) لوقائع النص ابملقارنة مع الوقائع ا ألخرى احملمتةل احلدوث( ،)4وهو ما يتطلب من القارئ
حضورا أأكرث وتيقظا دامئا ،ألن معاجلة الوقائع ذات االعالمية املرتفعة تتطلب بذل هجد أأكرث من احلاةل
ا ألخرى ،ذكل أأن أأخرتاق أأفق توقع القارئ هو ما جيعل املساحة امجلالية أأكرث اتساعا أأو ما يعرف بـ"
العدول امجلايل ( )Ecart esthetiqueويطلق هذا املفهوم عىل املسافة الفاصةل بني أأفق التوقع السائد
وا ألثر ا ألدب اجلديد( ،)5فيحصل التذلذ واالمتاع ،يف حدود قدرة املتلقني عىل معاجلة املعلومات ،وعىل
املؤلف أأن يراعي مس توايت املعنيني خبطاب ،اذ لك اسفاف قد يعرض االتصال لالنقطاع .واحلال ذاته
لكام اكن نصيب االعالمية ضعيفا يف النص ،علام أأن للك نص نصيب من الاعالمية ق زل أأو كرث ،فانه ال
مندوحة عن وجود بعض الوقائع املتغرية اليت يتعذر التنبؤ هبا ( ،)6واملثال الآيت عبارة عن مقطع افتتايح
من مقال بعنوان" :تعلموا كيف تصبحون عراب" ليوسف ادريس).(7
" -حنن عرب والاجنلزي اجنلزي" لعل التساؤل مرشوع عن ادلفقة االعالمية املصاحبة لهذه العبارة،
فان الاكتب ما زاد أأن "مس ا ألش ياء بأأسامهئا" ،بيد أأن النص هاميش ،وال تتجىل سالمته اال بعد
الاطالع عىل سائره؛"حنن عرب والاجنلزي اجنلزي ،ألن لنا خصائصنا وهلم خصائصهم وغناؤان أأحد
خصائصنا ،وال ميكن أأن نصبح عامليني برتمجة خصائصنا العربية اىل خصائص اجنلزيية ،ألننا هبذه
-1روبرت آالن دو بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء/ ،تر أ.د :متام حسان ،ص 103وما بعدها.
-2روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر،مدخل إىل علم لغة النص ،سابق ،ص32 :و .33
-3روبرت آالن دو بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.249 :
-4روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر،مدخل إىل علم لغة النص ،ص.12 :
-5هانس روبريت ايوس ،حنو مجالية للتلقي ،اتريخ األدب حتد لنظرية األدب ،تر /حممذ مساعدي ،النااي للدراسات والنشر ،بريوت لبنان ،ط،2014 ،1
ص.69:
-6روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر،مدخل إىل علم لغة النص ،ص.33 :
-7نفسه ،بتصرف ،ص.33 :
121
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الرتمجة نلغي خصائصنا ،نلغي كياننا ،وال ميكن أأن نصبح عامليني وحنن بال كيان ،متاما اكلزجني اذلي
يسلخ جدله ويركب لنفسه جدلا أأبيض ليصبح عامليا ،فتكون النتيجة أأن يصبح مسلوخا مشوها" ،ان
توكيد احلقيقة البدهيية يف [حنن عرب والاجنلزي اجنلزي] امنا يقوم بدور انطالق لتوكيد أأمر أأكرث
اعالمية ،وليس دليل ظاهر النص يف واقع ا ألمر سوى مقدمة للتعديل الالحق وا ألقل نصيبا من
التوقع ،مما يؤدي اىل رفع مس توى اعالمية الفقرة بأأرسها.
.2املوقف أأو املقامية )Situationalité( :من معايري النصية عند "دي بوجراند" و"دريسل" وترتبط
املـــقامية مبفهـوم الس ياق ،والسـياق سـياقان؛ سـياق لغوي ( )Contexte Linguistiqueوسـياق اجــــامتعي
( )Social Contexteويسم أأيضا س ياق املوقف ،أأي الس ياق غري اللغوي"،ويه تش متل عىل العوامل
اليت جتعل النص ذا صةل مبوقف حايل أأو مبوقف قابل لالسرتجاع()1واكتسبت املقامية قميهتا حبيث
أأصبحت منأأمه العنارص اليت تقوم علهيا النصية ،ولقد ترتب عىل ذكل اقتناعبأأن "دراسة النص لن تكون
اكفية ابلوقوف فقط عند وصف البنية النحوية أأو ادلاللية ادلاخلية،بل البد من دراس ته عىل مس توى
اخلطاب ،وهو ما يعين الاهامتم ببنيةالس ياقوالعالقات بيهنا وبني النص( ،)2فدراسة امجلةل ذات أأثر
حمدوديف املواقف االنسانية ،ألهنا تس تعمل لتعريف الناس كيفية بناء العالقات النحوية حفسب(.)3
بد أأ الاهامتم بأأثر الس ياق يف حتديد دالةل احلدث الالكيم مع فرديناندي سوسري ،عندما أأدرك أأن
لكعنرص يكتسب قميته يف السانتامك ألنه يتقابل مع لك يس بقه أأو يأأيت بعده ،أأو معهام يف وقت واحد(،)4
وهو ما أأشار اليه قبال اجلرجاين يف نظرية النظم.
وقد طور هذا املفهوم الانلكزيي"فريث"( )Firthرائد املدرسة الس ياقية اذلي يرى أأن املعىن ال
ينكشف اال من خالل تسييق الوحدة اللغوية ،أأي وضعها يف س ياقات خمتلفة ،والس ياق عند"فريث"
ينقسم اىل قسمني :الس ياق ادلاخيل :ويمتثل يف العالقات الصوتية والرصفية والنحوية وادلاللية بني
اللكامت داخل الرتكيب الس ياق اخلاريج :ويمتثل يف الس ياق الاجامتعي أأو س ياق احلال مبا حيتويه ،وهو
يشلك االطار اخلاريج للحدث الالكيم(.)5
وممن تعرض للس ياق ابدلراسة كيت أأالن( )Allan Keithاذلي قسم الس ياق اةل ثالثة أأقسام:
-الس ياق الفزياييئ :ويقصد به املاكن والزمان اخلاصني ابملتلكم واملس متع.
-1روبرت آالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر،مدخل إىل علم لغة النص ،ص.12 :
-2حممد األخضر الصبيحي ،مدخل إىل علم النص وجماالت تطبيقاته ،ص.99:
-3روبرت آالن دو بوجراند ،النص واخلطاب واإلجراء ،ص.92 :
-4فردينا ندي سوسري ،علم اللغة العام ،تر /يوئيل يوسف عزيز ،دار آفاق عربية ،بغداد ،1985 ،ص.142 :
-5حسام أمحد فرح ،نظرية علم النص ،رؤية منهجية يف بناء النص النثري ،مكتبة اآلداب ،القاهرة ،ط ،2009 ،2ص.23:
122
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
-العامل املتحدث عنه يف الالكم :وقد يكون العامل مأألوفا لنا مجيعا ،بأأن يكون ترمجة للعامل
احلقيقي ،أأوحلام...وخيتلف معىن اللكمة الواحدة ابختالف العامل املتحدث عنه.
-البيئة النصية ،ويظهر من خاللها أأمهية النص يف التفسري والتحليل وفهم الالكم وتقدير احملذوف()1
.3التناص)2()Intertextualité( :
ان حماوةل فهم النص وتفسريه ،تس تدعي البحث يف الليات اليت تتحمك يف معلييت االنتاج والتلقي،
حيث التذكر( )والاس تعادة والاس تعامل الرصحي أأو املقنع أأو االحيايئ الس تعامل الشواهد( )3ويه
مؤيدات النصية واليت يعد التناص من أأمه سامهتا.
اتسع مصطلح التناص ملفاهمي كثرية يف ادلراسات العربية مهنا :تداخل النصوص ،توارد النصوص أأو
تفاعلها ،احلوار بني النصوص ،التناص ،النصية ،الرتاث ،النص الغائب ،الرسقات ا ألدبية...
التناص مصطلح حديث النشأأة يعود فضل ابتاكره اىل جوليا كريستيفا اليت تصفه بأأنه ":نصوص تمت
صياغهتا عرب امتصاص ويف نفس الآن عرب هدم النصوص ا ألخرى" ،فتتشلك معلية التناص من خالل
حتويل النصوص واعادة بناهئا بعد هدهما ،غري أأن هذا ال يعين احالل نص سابق يف نص الحق ،بقدر
ما يراد ابلتناص تفاعل أأنظمة أأسلوبية من حيث يه ردود فعل طبيعية اس تدعهتا ظروف متشاهبة
تعرف جوليا كريستيفا النص من خالل كتاهبا "س مييوتيك" بقولها ":نعرف النص كجهاز عرب لغوي يعيد
توزيع نظام اللغة عن طريق الربط بني الكم تواصيل هيدف اىل االخبار املبارش وبني خمتلف أأمناط
امللفوظات السابقة عليه أأو املزتامنة معه" وهبذا فالنص انتاجية مما يعين :أأن عالقته ابللغة اليت يمتوقع
داخلها يه عالقة اعادة توزيع (هدم ،بناء) ،انه حتوير لنصوص أأخرى" ،ففي فضاء نص ما تتقاطع
مجموعة من امللفوظات املأأخوذة من نصوص أأخرى"( ،)4وتتـحدث عنه يف موضــع أآخر بقولها ":لك نص
يتشلك كفس يفساء من الاستشهادات ،لك نص هو امتصاص وحتويل لنص أآخر"(.)5
-1نفسه ،ص.23 :
-2ارتبط مفهوم التناص يف النقد الغريب مبفاهيم أخرى سابقة عليه وممهدة لظهوره ،أمهها مفهوم احلوارية ( )Dialogismeعند ابختني .وقد فهم يف أول
مراحل البحث فيه على أنه جمرد تق اطع لعدد من النصوص واألساليب داخل نص واحد أو أنه إرجاع النص إىل مصادره الثقافية أو املعاصرة ...،ومل أيخذ
بعني االعتبار اآلاثر املرتتبة عن هذا التقاطع بني النصوص سواء على مستوى داللة النص احلاضن أم على مستوى داللة النصوص احملضونة هلذا السبب ميز
ريفاتري بني مصطلحني تقاطع النصوص ( )intertexteوالتناص ( .) intertextualitéينظر :محيد حلمداين ،التناص وإنتاجية املعاين ،عالمات يف النقد،
النادي األديب الثقايف جبدة ،مج ،10ع ،2001 ،40ص 71 :وما بعدها.
ينظر: )عثر فريديريك ابرتيلد على دليل جترييب يدل على أن التذكر ليس جمرد إعادة استدعاء ملا يقع للناس من وقائع وإمنا هو إعادة بناء هلذه الوقائع.
روبرت دي بوجراند ،النص واخلطاب والسياق ،تر .متام حسان ،عامل الكتب ،القاهرة ،ط ،2007 ،2ص.454 :
- 3د .عزة شبل حممد ،علم لغة النص بني النظرية والتطبيق /مكتبة اآلداب ،القاهرة ،ط ،2007 ،1ص.74 :
- 4جوليا كريستيفا ،سيميوتيك ،ص52 :
- 5جونفسه ،ليا كريستيفا ،سيميوتيك ،ص85 :
123
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
من خالل التعريفني تؤكد كريستيفا أأن النص هو جمال تنايص ،أأي بؤرة لتفاعل مجموعة من النصوص
(السابقة عليه واملزتامنة معه) اليت يس تدعهيا يف س ياقه .ويه بذكل جتهز عىل الاعتقاد الشالكين اذلي
بناء لغواي مغلقا.يراه ً
فالتناص ا ًذا ،تفاعل بني نصني ،ينتج معىن النص احلارض ابلتفاعل ادلينايم مع النص الغائب
فيكتسب بعض مالحمه الفنية العامة ليعيد تشكيلها وفق رؤى جديدة ،تزنه النص اجلديد عن أأن يكون
صورة مطابقة للنص القدمي ،كام تربئ صاحبه من أأن يكون مقتفيا خط السابق أأثر النعل ابلنعل ،بل
حياول النص الالحق أأن يقمي حوارا مع النص السابق مبنيا عىل أأساس المتثيل فاجملاوزة اليت يس تدعهيا
انسجام النص مع عامله.
فغدت بعض القصائد جمال اس تقطاب عدد من النصوص سواء عن طريق الاستشهاد أأو عن
طريق الاقتباس ،فهذا الشاعر ابن هاين ميدح املعز دلين هللا الفاطمي جاعال اايها أأصل ا ألش ياء؛ فهو
ُون .يقول[ :الاكمل]
ظمل ،وهو الرشف ولك رشف بعده د ُ النور وما دونه ُ
لك فوق دون []106/77
ُ الفوق أأنت و ُّ
و ُ لك نور ظلمة ٌالنز ُور أأنت و ُّ
يبدو أأن اجلنوح ابملمدوح اىل مراتب خارقة أكن جيعهل أأصل ا ألش ياء ومرجعياهتا ،فكرة مل يكن البن
هاين فهيا قصب الس بق ،اذ نراه يسكل مسكل املتنيب حني أأعد بعض اخللق جممتعني ال يدرك مرتبة
ممدوحه س يف ادلوةل الفوقية .يقول املتنيب [الاكمل]
لك فوق دُون ()1
ُ الربي ِة ف ْوق ب ْعض خا ِل ًيا فاذا ح ْ
رضت ف ُ ُّ ْ ب ْع ُض ِ
ِ التناص القرأآين
شلك" النص" ادليين مصدرا ثراي اس متد منه الشعراء مناذج وموضوعات الصور الشعرية ،اما لتأأكيد
حصة ما يدزعونه أأو متثال لطرائق اس تخالص املعاين وبناء ا ألفاكر ،ومل تكن قصائد املعزايت مبنأأى عن
هذا الرضب ،فقد ختللهتا مجموعة من التعالمي ادلينية ،حيث حاول ابن هاين يف أأكرث من موضع امتصاص
اخلطاب القرأآين ملا حيقق ذكل من أأهداف داللية ،ويبدو أأنه قد جنح يف توظيف النص القرأآين ابلكيفية
املعززة للبعد ادلاليل من هجة واملمكنة لرؤيته يف املتلقني ،ألن الكمه يتعلق ابشاعة ادلين وافشاء
ا ألفاكر االسامعيلية ومعتقداهتا يف اطار مذهب التش يع لل البيت .ويعرتف رصاحة أأن ما تلمسه من
معاين املدحي هو مس تلهم من القرأآن الكرمي حسب تفاسري علامء الش يعة ،يقول[الاكمل] حىت ر أأ ُ
يت
قصائدي منحوةل ً والقول يف أأ زِم ِ
الكتاب مقوال 78/82
- 1ديوان املتنيب ،اعتىن به وشرحه :عبد الرمحن املصطاوي ،دار املعرفة بريوت ،لبنان ،ط ،2012 ،7ص.129 :
124
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
حاصل املعىن أأن هللا قد س بقين اىل مدحمك فال أأقدر أأن أأزيد عليه شيئا ،واال فاين مدزع لنفيس قوال
هو لغريي.
ومن مظاهر ذكل اس تلهامه فكرة الثنائية الضدية من نص الآية الكرمية ﴿ فس ْوف يأْ ِيت ُ
هللا بِق ْوم
ُ ِحيهبُ م ويـ ِحبون ُه َأ ِذةل عىل الـم ْؤ ِم ِنني َأ ِعزة عىل الاك ِف ِرين﴾ املائدة 54
ى ُ ُْ ُ ُ
التناص ابحلديث الرشيف
ِ
املعضالت العظامئ 93/30 فال ع ْبق ِر ٌّي اكن أأو هو اكئِ ٌن فرى فري ُه يف
هذا املعىن مس توىح من قول رسول هللا يف معر بن اخلطاب ريض هللا عنه"مل أأر عبقراي يفري
فريه"( ،)1ملا ُع ِرف عنه من تيقظ فكر وحضور بدهية ،وايتائه العجب العجاب.
التناص التارخيي
من مظاهر التناص توظيف الرتاث عرب ألية اسقاط املايض عىل احلارض من خالل اس تحضار
احلوادث التارخيية ،واس تدعاء الشخصيات ذات الوزن التارخيي ملا لها من أأبعاد داللية تمني القدرة
االحيائية للنص الشعري.
فاس تحضار الشخصيات التارخيية هممة ترتك أآاثرا طيبة يف وجدان القارئ ،اذ يكفي أأن تذكر
الشخصية حىت تتداع احلوادث واملواقف املرتبطة هبا لتضع املتلقي يف بؤرة احلوادث التارخيية وهو من
شأأنه أأن يعينه عىل حسن متثل ا ألفاكر وحسن تأأويلها .ويتخذ التناص التارخيي أأشاكال مهنا:
تناص ابلعمل أأو الكنية :يس تدعي هذا النوع من التناص خشصيات اترخيية ويذكرها اما ابالمس الرصحي أأو
ابلكنية ،ففي معرض مدحه للمعز يس تحرض ابن هاين خشصية " الغنوي " يف قوهل [املتقارب]
ر أأى الغنوي هبا ما ر أأى 2/28 ومن أأجل ذكل ،ال غريه
الغنوي هو الطفيل بن عوف شاعر جاهيل من الفحول املعدودين ومن أأشعر شعراء قيس ومن
أأوصف العرب للخيل حىت زمسوه "طفيل اخليل" بكرثة وصفه اايها ( .)2لنئ جرى العرف العرب عىل
اعتبار طفيل أأعرف العرب ابخليل ،فان املعز دلين هللا الفاطمي هو أأول من جعلها س نة للملوك يف
تفضيلها عىل غريها من املراكب ،وذكل يف قوهل [املتقارب]
و أأبق لها أأثرا يف العال 2/31 اسنت تفضيلها للملوك هو ز
أليات التناص(: )3
ينبغي للناقد أأو احمللل أأو القارئ أأن يعرف مجموعة من أليات التناص أأثناء مقاربته للنص ا ألدب؛ ألهنا
- 1مسلم (أبو احلسني بن احلجاج) ،صحيح مسلم ،كتاب فضائل السحابة ،دار طيبة للنشر والتوزيع ،الرايض ،ط ،2006 ،1ص.1123 :
- 2د .زاهد علي ،تبيني املعاين يف شرح ديوان ابن هاين ،ص778 :
-3مجيل محداوي ،حماضرات يف لسانيات النص ،األلوكة ،ص 97 :و ،98بتصرف.
125
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تساعده عىل اس تكناه النص ،وسرب أأغواره .ونذكر من هذه الليات االجرائية املفاهمي التالية:
.1املس تنسخات النصية ) أألفاظ وشواهد وعبارات واقتباسات ابرزة ...(.
.2العبارات املسكوكة ) أأمثال وحمك وعبارات مسكوكة يف نسقها اللغوي والبنيوي بطريقة لكية عضوية
ومتوارثة جيال عن جيل ،مثل " :أألكت يوم أألك الثور ا ألبيض ،من جد وجد ومن زرع حصد".
.3الهوامش النصية :يورد املبدع املنت يف معهل االبداعي ،ويذيهل هبوامش احالية ومرجعية ،وغالبا،
ماتوضع هذه الهوامش يف أأسفل النص أأو يف أآخر العمل ،حيث تقوم بوظيفة الوصف والتفسري ملا
مغض من النص ،وما حيمهل من اشارات نصية.
.4احلوايش النصية :قد يرفق املبدع نصه حبواش يف بداية العمل أأو يف هنايته أأو يف أآخره لتفسري
النص ،من خالل حتديد س ياقه ،أأو ابراز مناسبته ،أأ ورشح بعض ا أللفاظ ،أأو تفسري بعض أأسامء
ا ألعالم.
.5الاقتباس :هو أأن يأأخذ املبدع القرأآن والس نة ،ويدرهجام يف الكمه بطريقة رصحية أأ وغري رصحية...
.6التضمني :ويعين أأن يضمن املبدع الكمه شيئا من مشهور الشعر أأو النرث لغريه من ا ألدابء
والشعراء...
.7احملأاكة :يلجأأ املبدع اىل توظيف املقتبس أأو املس تنسخ بطريقة حرفية دون أأن يبدع فهيا.
.8االحاةل :غالبا ما جند الاكتب يوظف بعض اللكامت أأو العبارات اليت تويح ابشارات أأو احاالت
مرجعية رمزية أأو أأسطورية...
.9املناص( :)Métatexteينطلق املبدع من معل أأ وحدث أأ وفكرة أأ ومرجع أأ ومصدر ملبدع أآخر،
فيحاول حمأاكته أأ ونقده وحماورته.
.10الاستشهاد :يورد املبدع مجموعة من الاستشهادات اليت يضعها بني قوسني أأو بني عالمات
التنصيص بغية الاس تدالل ،واالحاةل ،وتدعمي قوهل.
.11الهتجني أأو ا ألسلبة :املزج بني لغتني اجامتعيتني يف ملفوظ لغوي و أأسلوب واحد ،وهذا يعرب عن
البولوفونية (التعددية) اللغوية القامئة عىل تعدد ا ألصوات ،واللغات ،وا ألساليب ،واخلطاابت،
واملنظورات الرسدية .ويعرب هذا التعدد ،يف احلقيقة ،عن التعددية الاجامتعية ،واختالف الشخصيات
يف الوعي ،واجلذور الاجامتعية والطبقية.
.12احلوار التفاعيل :يعد أأعىل مرتبة يف التواصل مع النصوص ،والتعالق هبا ،واس تنساخها ،أأي ان املبدع
ال يقف عند حدود الامتصاص ،والاجرتار ،والاس تفادة ،بل يعمد اىل ممارسة النقد واحلوار.
126
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.13املعرفة اخللفية :يه تكل املعرفة اليت يتسلح هبا قارئ النص ،اعامتدا عىل التشابه النيص،
والسيناريوهات ،واخلطاطات ،واملدوانت ،اليت حيلل هبا النص ،ويفككه ترشحيا ،ويعيد تركيبه من
جديد.
-16النص املوازي :هو عبارة عن مجموعة من العتبات احمليطة داخليا وخارجيا ،تسامه يف اضاءة النص
وتوضيحه ،اكلعناوين ،واالهداء ،وا أليقون ،والكتاابت ،واحلوارات ،واملقدمات ،والتعيني اجلنيس ....
وعىل الرمغ من موقعها الهاميش ،فاهنا تقوم بدور كبري يف مقاربة النص ،ووصفه سواء من ادلاخل أأم
اخلارج.
هذه أأمه أليات التناص اليت تسعفنا يف فهم النص وتفسريه ،وحتليهل وتركيبه .وعلينا أأن نستبعد
الرسقات الشعرية ،وما يتصل هبا من مفاهمي موروثة عن النقد العرب القدمي؛ ألن ذكل ال يدخل مضن
التناص اذلي يعد معلية ابداعية فنية حتصل عن وعي أأو عن غري وعي ،الغرض من توظيفه هو تقيق
الوظيفة الشعرية وامجلالية ،والتفاعل مع النص ،والتعالق به نقدا وحوارا.
127
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
تقوم ادلراسة النصية ألي نص أأدب عىل ثالثة مس توايت؛ املس توى النحوي ادلاليل ،مس توى بنية
عنارص الس بك النحوي وما يزخر به من مظاهر التكرار النص ،املس توى الفكري .ميزي املس توى ا ألول ُ
وخمتلف أأرضب الوصل وما يفيده من أأغراض بالغية ،فالتطرق اىل االحاةل بأأنواعها ،وكذا خمتلف أأنواع
الاستبدال ،دون جتاوز ألية احلذف وما حتققه من حتسني س بك البنية النصية حني يتكفل القارئ مبلء
الفراغات البنوية ،من غري أأن يغفل احمللل دور التقدمي والتأأخري والوصف والتوازي ،وما حتدثه هذه
العنارص من انفصاالت داللية؛ حيث تفرغ ا ألشاكل اللغوية من معانهيا وحتمل دالالت جديدة.
ويتعلق املس توى الثاين بعنرص التطور اذلي يقوم عىل الرتابط الاس تداليل ،كام يقوم عىل مقاطع
بناءيفرتض أأهنا تقوم عىل الرتابط الفكري داخل بنيات اخلطاب ،مع خمتلفة نوعا متحدة منوذجا ،مرتاصة ً
سد فراغات الفهم وتعيني اخملططات اذلهنية وحتديد الهدف التخاطيب.
ويس تقمي بذكل احلديث عن عدم التعارض يف ما بني البىن املقطعية اتفاقا بني البداايت والهناايت وما
بيهنام ،مع اجياد ما يقوم ظاهرة التعارض ويربرها ،لتكون يف ا ألخري ذكل اللك منسجم ا ألجزاء دالليا
واملرتابط شلكيا ومفهوميا.
وس نحاول تطبيق اجراءات التحليل اللساين النيص عىل قصيدة املساء اليليا أأب مايض( ،)1حيت
يكشف النص عن مكنوانته ،بدءا ابالتساق حيث الرتابط الرصفي يف مس توى البنية السطحية،
فاالنسجام حيث الرتابط ادلاليل يف مس توى البنسة املكونية
- 1أمحد مداس ،لسانيات النص ،حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري ،عامل الكتب احلديث ،إربد ،األردن ،ط ،2009 ،2ص،248،249 :
.250،251
128
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
،
مك
129
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
بني طفولهتا وش يخوخهتا ،وقد أأحست بذكل ،فغمرها ذكل االحساس ابلتشاؤم ،اذلي بدا وضوحه يف
املقطع ا ألول ،ولعل الشاعر قد أأدرك رس هذا ا ألمر ،فأأخذ خياطهبا (ينظر املقطع الثاين) ،انه حياول يف
هاتيك ا ألس ئةل اليت يقذف هبا يف وجه سلم أأن جيعلها تدرك وحدها أأن ما تعانيه من أأمل القلق عىل
املس تقبل الآيت ،امنا يه مشلكة يف داخلها ،ويه م ْن صنعت تكل ا ألوهام ،ويه اليت تصورهتا،
وابلتايل فهىي ليست حقيقة واقعة؛ و ِل ُيثْ ِبت الشاعر ذكل ،يتابع يف املقطع الثالث تأأكيد ذكل بأأسلوب
اخلرب مبتعدا هذه املرة عن ا ألسلوب االنشايئ .
انه ربط عظمي ادلالةل بني خشصية سلم ،وهذا الفارس اذلي خاض عباب معركة قد تورط فهيا ،ال
يس تطيع الانتصار ،ومع ذكل ال يطيق الهزمية ،اهنام توحدا يف حرية جتاه معركة املصري؛ سلم ومعركة
احلياة ،والفارس ومعركة احلرب ،ومع لك هذا يرد الشاعر مرة أأخرى مايف نفس سلم من حرية وقلق
املصري اىل نفسها ،ولكن هذه املرة بواقعية شفافة ووضوح (املقطع الرابع)
وبعد لك هذا ،ال بد أأن يقنع الشاعر سلم خبطأأ موقفها من احلياة يف نظرهتا املتشامئة ،فيـعـرض يف
املقاطع الالحقة ( )8-5مشاهد من الطبيعة،تتجاورفهيا عنارص السعادة وعنارص الشقاء ولكنه يساوي
لب؛ فتجاورهام معا ال يؤثر بيهنا؛ فكأن هذه العنارص املتناقضة يف الطبيعة تريد تقدمي رساةل للك ذي ز
يف هبجة احلياة وروعة الطبيعة؛ فرتى الشاعر يساوي بني القرص والكوخ ،والشوك يف نظره كزهر
اليامسني ،ل ُيب ِ زني لسلم أأن دواعي السعادة والشقاء ليست خارجية وامنا يه تنبع من ادلاخل ،ليرصح
بذكل عند تساؤهل املش بع اب ألىس عىل حالهتا عندما خياطهبا:
ولكن ملاذا جتزعني عىل الهنار ،ولدلج
أأحالمه ورغائبه
وسامؤه وكواكب ْه
تلوح" ،ولتكن حياهتا لكها أأمال يفوح ابلسعادة بل علهيا أأن تمتتع " ابلشهب يف ا ألفالك ما دامت ْ
والتفاؤل ،ولمي أل احلب قلهبا ،وتدع التفكري يف احلياة وشقاهئا ،ولتسرتجع مرح الطفوةل ،لتمتتع هبذا املرح
يف كهولهتا وش يخوخهتا:
فيه البشاشة والهبا ْء
ليكن كذكل يف املسا ْء
وبعد ،فان ادلارس لهذه القصيدة يدركُ أأهنا لوحة فنية مرسومة بعناية ،لتعرب عن فكرة واحدة ،يصعب
اختصار مضموهنا .اهنا الوحدة العضوية واملوضوعية اليت تعرب بلك بساطة عن موضوع انساين عام ،ال
خيص سلم وحدها بل يعم الناس مجيعا بغض النظر عن أأدايهنم ومواطن عيشهم ،اهنا قطعة فنية من
131
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يؤدي تتابع الضامئر داخل املقطع اىل متاسك أأجزائه ،ففي املقطع ا ألول حييل"ك" يف :عيناك" و"ت" يف
"خفت" عىل "اتء" اخملاطبة يف "تلمحني" ليحيل اللك عىل "ك" "انظريك"و"عليك" ويعود هذا
الاس تخدام عىل سلم .ويعود "ك" " أأراك" يف املقطع الشعري الثالث عىل لفظ "ساحئ" بعداي ويعود
عليه فاعل "هيوى" و"خياف ،والضمري"ه" يف "ختدعه" قبليا ،مث يربط بـ"بل" بني شطري املقطع،
ليساوي الضمري" أأنت" بـ"فارس" ويعود علهيام قبليافا ِعال"يس تطيع"و" يطيق" ،ويقع الاستبدال اللساين
( )Substitutionبني ا أللفاظ ،حيث تأأخذ قمية حنوية وتتحول قميهتا ادلاللية ،وينطبق عىل املقطع الشعري
الرابع ما انطبق عىل سابقه ،وبذكل تربط سلم لكفظ بني املقاطع الشعرية ا ألربعة)2((.
ويرتبط الفعل "خيفي" بلفظ "الليل" يف املقطع السادس قبليا و "ادلج" بعداي ،والكهام يتعالق بعداي
- 1أمحد مداس ،لسانيات النص ،حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري ،عامل الكتب احلديث ،إربد ،األردن ،ط ،2009 ،2ص.252 ،251 :
- 2املرجع نفسه ،ص.252 :
132
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
بـ" أأحالمه" و"رغائبه"و"سامؤه" و"كواكبه" بدالةل الضمري"ه" وتأأيت ا ألفعال "سرت" و"يسلب" و"منع"
يف م( )7متعالقة قبليا بلفظ الليل بدالةل الضمري املنفصل "هو" العائد عليه ،فهام منسجامن ،وبني
"الليل"و"ادلج" استبدال لساين ،كام هو بيهنام وبني لفظ"املساء"اذلي ترتدد أأربع مرات أأوالها يف
املقطع الشعري الرابع ،س بقت بلفظ"ادلج" يف املقطع الثاين ،ليتكرر لفظ"املساء" مرتني يف املقطع
اخلامس ويعود لفظ" الليل"يف بداية املقطع السادس ولفظ" ادلج" يف هنايته وأآخر"مساء" خمتت
اخلطاب(.)1
وقع استبدال يف مجمل اخلطاب عىل حنو تعويض اللفظ ابلضمري اذلي يناس به فلفظ"سلمي" يستبدل
ابلضمري املنفصل" أأنت"مرة واحدة يف املقطع الشعري الثالث مع بداية البيت الرابع واستبدل ابلضمري
املتصل[ت :خفت] يف مواضع عدة عىل سبيل اخلطاب والارتباط ابلفعل املايض ،وينوب عهنا الضمري
املتصل [ي اخملاطبة] مع الفعل املضارع كام يف " أأصغي"و"متتعي"و"تبرصين" وحنو ذكل مع الضمري
املتصل[ك] لكام تعلق االتصال ابالمس [الاضافة :عيناك] واجلر [ش به امجلةل :كل] وقد تردد اللفظ كام
هو أأربع مرات فقط داخل س ياق النداء [اي سلم ] أأو التساؤل [سلم ...مباذا حتلمني؟] ،وا ألمر
مرصوف اىل طريف الرصاع يف اخلطاب :املساء :الزمن أأو الاحتالل /سلم :االنسان أأو النفس،
حيث ميكن اسقاط عنارص الطبيعة يف املقطع ا ألول عىل سلم ،وتكون صورة أأخرى لالستبدال(.)2
كام جيوز يف الاس تعامل اللغوي التكرار ،جيوز احلذف ،والكهام يدخل يف حتديد الاتساق حفاظا عىل
ايقاع الشعر وبالغة اخلطاب ،وقد تعدد احلذف يف قصيدة املساء حىت غدا خاصية نصية تدخل يف
تشكيل اخلطاب واتساقه ،وقد ورد احلذف عىل أأربعة أألوان:
أأ) حذف حرف من الرتكيب :جاء يف املقطع الثاين اس مترارا للتساؤل يف املقطع ا ألول.
أأر أأيت أأحالم الطفوةل......؟
أأم [ أأ] أأبرصت عيناك.....؟
أأم [ أأ] خفت أأن يأأيت....؟
يقدر امللفوظ الشعري ابضافة [ أأ] الاس تفهامية يف لك مجةل شعرية بعد " أأم" وحذفها حييل عىل وجودها
يف البنية العميقة ،جفاء احلذف عنرصا منظام للنصية ،ولو أأن[ أأ]مل حتذف جلاء االيقاع فاسدا بفساد
التفعيةل ،ولقل نبض الشعر وفقد اخلطاب مقوما من مقوماته ا أ
لساس ية)3(.
- 1أمحد مداس ،لسانيات النص ،حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري ،عامل الكتب احلديث ،إربد ،األردن ،ط ،2009 ،2ص.252 :
- 2املرجع نفسه ،ص.253 :
- 3ملرجع نفسه ،ص.254 :
133
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ان امجلع بني حذف احلرف والفعل هو منط جديد يف احلذف ،كام يف قوهل يف املقطع الرابع" :وجلست
يف عينيك أألغاز ويف النفس اكتئاب"يقدر عطف مجةل "وجلست يف عينيك أألغاز" عىل مجةل "يف
النفس اكتئاب"والرابط بيهنام "واو العطف" للتجانس احلاصل بيهنام نظري اشرتاكهام يف الفعل "جلست"
املس بوق "بواو احلال" والتقدير" :وجلست يف عينيك أألغاز[،وجلست] ويف النفس (نفسك)اكتئاب".
وحنوه ما جاء يف املقطع اخلامس "اب ألرض كيف هوت...؟" ليقوم التقدير عىل اعامتد حذف الفعل
[تفكرين]الوارد يف أآخر املقطع الرابع يف صيغة سؤال"مباذا تفكرين" ويفرتض يف الرتكيب أأن يبد أأ هبمزة
الاس تفهام
الاس تفهام ليكون الالكم موصوال عىل هذا النحو:
[ أأتفكرين] اب ألرض كيف هوت عروش النور عن هضباهتا؟
أأم [ أأتفكرين]ابملروج اخلرض ساد الصمت...؟
أأم [ أأتفكرين] ابلعصافري اليت...
أأم [ أأتفكرين] ابملسا؟
ان املسا خيفي املدائن اكلقرى .هنا يأأيت احلذف مزدوجا؛ ا ألول كام مت حتديده والثاين تقدير حذف
"املسا خيفي" بتقدمي املسا حفاظا عىل الرتكيب الشعري ،وهو يف احلقيقة حذف مجةل اكمةل.
ج) حذف مجةل من الرتكيب :وهل موضعان ،أأوهلام يف املقطع اخلامس ،فيكون التقدير:
و[املساء خيفي] الكوخ اكلقرص املكني
و[املساء خيفي] الشوك مثل اليامسني
واثنهيام يف املقطع الثامن":ولمت أل ا ألحالم نفسك يف الكهوةل والصبا" ويقدير احلذف هنا بعد الواو؛
فيقال ":ولمت أل ا ألحالم نفسك يف الكهوةل و[ولمت أل ا ألحالم نفسك يف]الصبا".
- 1أمحد مداس ،لسانيات النص ،حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري ،ص.254 :
134
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
وجاء احلذف ( )Ellipseغري اخملرب به مبنيا عىل الالوعي الرتباطه الوثيق اباليقاع ،فلو أأنه أأبرز بعضه
قاصدا ااثرة دالالت معينة لفقد اخلطاب الشعري رونقه والوزن اتزانه .ذكل أأن احلذف بنوعيه حيدث
اتزاان نصيا ويسامه اىل حد كبري يف اتساق بنية اخلطاب وجرب انكساراته مبعية أأدوات أأخرى اكلوصل
واالحاالت والاستبدالات.
فاذا أأراد املبدع أأن يرصف القارئ اىل دالالت بعيهنا توقف عن الالكم لالمياء بذكل ،وبدا ا ألمر بعد
التدوين نقاطا( )...مي أل القارئ فضاءها معىن يسوقه اليه الفهم اللكي ،فيكون هذا احلذف خمربا عنه،
وهل يف خطاب"املساء" ثالثة مواضع:
سلم ...مباذا تفكرين؟
سلم ...مباذا حتلمني؟
سلم ...مباذا تفكرين؟
اهنا احلرية يف فهم ما يدور يف داخلها ،عىل اعتبار سلم ذاته الثانية أأخرهجا من بني جنبيه ليسائلها عن
حقيقة الشعور اذلي يدامهه ،وقد تساءل يف غري هذا املوضع عن أأش ياء بدت هل طالمس ،وما النفس
اال موضوع يغشاه الشك ويرتبك عنده اليقني ،ايصح هل أأن يعمل ما تفكر به النفس حقيقة؟ أأيصح هل أأن
يدرك أأحالهما؟ أأم هو يؤنهبا عىل موقفها السليب يوم غادر البالد اىل ما بدا هل حال أأفضل؟ أأال يساوي
العيش يف بالد الغري العيش حتت غطاء الاحتالل؟
لقد عاش الشاعر خياطب نفسه ويتساءل عن أأش ياء مهنا حلوا املساء الزمن [العمر] فوقع عىل جرح
املساء [الاحتالل] ويتقاطع ذكل مع الرغبة امللحة يف العودة اىل الوطن واحلنني اىل ا ألهل.
داخل هذا املقام يفهم هذا التساؤل ،وندرك أأن الشاعر مثل دور اخملا ِطب واخملاطب معا يف تعدد
لذلات ،ويبلغ رسالته لنفسه احلائرة ،ولنفوس الكثريين من أأمثاهل اذلين رضبوا بعصهيم يف لك مرص حبثا
عن طمأأنينة النفس خارج أأوطاهنم ،مفا انلوا من ذكل اال القلق والتوتر والندم ،وما وقوف سلم أأمام
البحر اال موقف البداية عند الرغبة يف الهجرة وموقف الهناية عند الرغبة يف العودة ،فلام متاثلت
الصوراتن جاء التساؤل يف بعض طياته الاستناكر ،فهو اليريد جتربة جديدة هيمي فهيا مع هوى النفس
فريدعها ابلسؤال ،ويسكهتا بأأمل اذلكرى .
االحاةل يف قصيدة "املساء"
ان التنوع يف الظواهر االحالية اكن عامال أأساس يا يف ترابط النص من غري ما تكرار يضفي عليه
راتبة ويظهره أكنه مقاطع مس تقل بعضها عن بعض ،وابملقابل مضن للنص توازنه ،وجعل وحدات املقطع
متعالقة فامي بيهنا ،ابالضافة اىل تنوع ودالةل هذه العنارص االحالية..
135
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
يبدو من خالل هذا النص الشعري ،أأن سلم شلكت حموره الرئيس ،فاكنت معظم االحاالت
النصية القبلية حتيل الهيا (ك،ت،ي) ،وهو ما يوحضه جدول العنارص الاتساقية الآيت:
تواتره احملال اليه نوعه العنرص الاتسايق املقطع اللكمة
02 وصل الواو 01
01 السحب اح ض قب الهاء خلفها
01 البحر اح ض قب الهاء فيه
01 اس تدراك لكن لكنزام
01 اح ض بع الاكف عيناك
01 سلم اح ض قب التاء(مضري) 02ر أأيت
01 سلم اح ض قب التاء(مضري) أأبرصت
01 سلم اح ض قب الاكف (مضري) عيناك
سلم اح ض قب التاء(مضري) خفت
املشاهد اح ض قب الهاء (مضري) أأظاللها
سلم اح ض قب الاكف (مضري) انظريك
سلم اح ض قب الاكف (مضري) عليك
سلم اح ض قب الاكف (مضري) أأراك 03
الربوق اح ض قب الهاء ضوءها
الساحئ اح ض قب الهاء ختدعه
03 سلم اح ض قب الاكف 04مقلتيك
سلم اح ض قب الاكف ر أأيتك
الضح اح ض قب الهاء ر أأيته
عطف الواو
سلم اح ض قب الاكف وجنتيك
سلم اح ض قب الاكف وجدتك
136
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
الانسجام
جاء بناء اخلطاب الشعري "املساء" منسجام مبا تضمنه من تقابالت محلت مجةل انزايحات من
االجياب اىل السلب؛ اذ تعدى هذا اخلطاب "حلظات السكون والرتقب"(م )01اىل زمن "اخلوف
والاكتئاب" (م( )03/02بنية التأأمل والتساؤل) ،لينتقل بعد ذكل اىل "بنية التشابه" حيث زمن
التسرت والتقنع(م )06/05/04 :لينتقل اىل بنية "زمن الذلة والمتتع" مث يعود اىل بنية"التفاؤل وا ألمل"
اليت تضمنت حلظات ا ألحالم واملرح (م.)10/09:
يتبدى هذا الانزايح اذلي انتقل ابلرتاكيب من وضع دال عىل االجياب اىل وضع غارق يف السلبية
عرب التشكيالت الآتية:
138
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ميهد هذا الوضع للتساؤل عن العةل والسبب فيتجه الوضع حنو السلبية .حتمل هذه التقلبات مجةل
انزايحات من االجياب اىل السلب ،فاالس تغراق ميتد اىل تكوين صورة تشبهيية تنهتىي يف فضاء وسط
داخل الوضع السالب
لتبد أأ رحةل املقابةل بني زمنني حيمالن شعورين خمتلفني ،ويعود التساؤل من جديد ليجيب عن سؤاهل":
ليكون بني الطبيعة وسلم وحدة شعورية يالمس طرفاها املاكن والزمان،
سلم ...مباذا تفكرين؟" ز
والكهام ظرف يالمئ لك احساس .اليبتعد هذا احلس عن الطبيعة الانزايحية اليت جرت عىل
الرتاكيب محال حنو()-
139
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
البد أأن يقنع الشاعر سلمىبخطأأ موقفها من احلياةفينظرهتااملتشامئة،فيـعـرضفي أآخر هذااملقطع مشاهد من
الطبيعة،تتجاورفهيا عنارص السعادة وعنارصالشقاء ولكنه يساوي بيهنامن غري ما تأأثري فيهبجةاحلياة
وروعة الطبيعة .فلام خنضع هذه ا ألسطر اىل مقتضيات التحليل ابملقومات تنكشف هذه التقابالت:
والشوك مثل اليامسني والكوخ اكلقرص املكني املدائن اكلقرى
( )+نبات ( )+نبات ( )+بناء ()-بناء ( )+حضارة ()-حضارة
( )+أأذى ( )-أأذى ()-كرب ( )+كرب ( )+كرب ()-كرب
()-شذى ( )+شذى ( )+فقر ()-فقر ( )+تنوع ()-تنوع
= = =
()+( )-
سوى أأبو مايض بني املدائن والقرى ،وبني الكوخ والقرص وبني الشوك واليامسني مثىن مثىن ،ز
وسوى ز
بني املدائن والقرص واليامسني اجيااب وبني القرى والكوخ والشوك سلبا .و أأن تكون املدائن بقصورها
ومجيل نبااتهتا حمل التسوية ابلقرى و أأكواخها و أأشواكها ،فهذا أأمر ال يس تقمي اال اذا توفر ادلز اعي وهو هنا
املساء الوارد زمنا هل صوراتن كام يوحضهام التشكيل الآيت)1( .
الزمن
ادلج الليل
- 1أمحد مداس ،لسانيات النص ،حنو منهج لتحليل اخلطاب الشعري ،ص.145 :
140
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
اخلامتة :
ات زضح بعد معاجلتنا ألمه مباحث اللسانيات النصية ،أأن النص من حيث هو موضوع حبث
تتعاوره أأطراف كثرية؛ مهنا البالغة والانرثوبولوجيا وعمل الاجامتع وفقه اللغة ...حبيث أأخذ لك من
النص بطرف وفق ما ميليه عليه مهنج حبثه ،وما يتومس تقيقه من نتاجئ ،مفن الفروع العلمية ما توقف
عند حدود البنية السطحية ور أأى يف معاجلهتا االجابة عن انشغاالته ،ومهنا ما جتاوز ذكل يف البحث يف
كيفية انتظام بنتيه السطحية والعميقة من مثل لسانيات النص.
فالبحث يف العالقات ادلاخلية املتشابكة للنص دعا اىل رضورة دراسة النص دراسة لسانية تنشد
الكشف عن خصوصيات ا ألثر ا ألدب وتفاعهل ادلاخيل ،وما يكتزنه النص من ابعاد فكرية يتوصل الهيا
عن طريق التأأويل.
وانكشفت احملاوالت الرامية اىل وضع مهناج علمي حيدد العالقات النحوية يف النص ويدرس الرتتيب
والتنظمي ادلاخيل مع التنبيه عىل أأمه الروابط اليت تسهل عىل املبدع والقارئ ادراك الامتسك ادلاخيل
للعمل ا ألدب عن مهنج علمي يضطلع هبذه املهام جممتعة عرف بلسانيات النص.
من مجةل ما عرف عىل هذا املهنج غلبة الطابع الرباغاميت عليه ،اذ نراه يتسع للك العلوم ويس تعني
مبناجه لك العلوم يف معرض حبثه عن اتساق النصوص وانسجاهما ،فال يرتدد الباحث يف ا ألخذ بأأس باب
أأدوات التحليل وألياته مما يراه اكشفا عن مواضع اتساق البىن النصية احملققة للامتسك النيص يف مس توى
بنيته السطحية ،حيث يرصد أأدوات الاتساق وحيدد أأدوارها يف تسوية البنية النصية واكامتلها ،مدراك
أأن اس تدارة النص واكامتهل ال حتقق منفردة للنص قوته االجنازية يف غياب أليات الانسجام و أأدوارها
التوضيحية اليت تعني متلقي النص عىل جودة الفهم وحسن التأأويل ،ابستامثر اخملارج اللسانية املناس بة
للربهنة عىل حصة ما يدعيه من فهوم ،انطالقا من معرفة الس ياقات املرافقة لعملييت الانتاج والتلقي عىل
السواء واعتدادا ابخللفية املعرفية للمتلقي مما يعينه عىل ملء الفراغات البنوية للوصول اىل البنية اللكية
للنص .وبناء عىل ذكل معد علامء النص اىل حتليل ووصف بنية النص للوقوف عىل لك وظيفة لك
عنرص فهيا ،ورصد العالقات الرابطة بيهنا.
اس تدعت لسانيات النص من مناجه التحليل ما هو علمي وما هو ابداعي حبيث مجعت بني مناجه
التحليل البنوية وا ألسلوبية والس مييائية والتداولية ونظرية القراءة والتلقي ،لتعاجل النصوص بأأية صيغة
اكنت منطوقة أأو مكتوبة ،وهو ما انهتى اليه " أأمحد مداس" حني أأكد صالحية اللسانيات للتحليل،
فهىي مهنج ميزج بني العلمية والشعرية وجيعل النص/اخلطاب حمور البحث ،وحيقق منه الرساةل ودالةل
االخبار ،كام يعني طريف التخاطب ومقامه ووضعه ،ومينطق بعلميته ا ألفعال ،ويصور عوامل اخلطاب،
141
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
ويصنع أأفقا جديدا حيول املدراكت السابقة اىل حقائق جديدة ويش تغل عىل كشف جامليات التقدمي
وقوانني الرصف والبناء ( لسانيات النص ،حنو مهنج لتحليل اخلطاب الشعري ،ص.)316:
توصل اليه علامء النص ممن نتاجئ جراء حتليل النصوص وفق رؤى علمية وفنية كبري ا ألثر عىل اكن ملا ز
ابيق الفروع املعرفية اليت تتخذ النص مادة حبهثا ،حفصل دلى نقاد ا ألدب ممن تأأثروا هبذه احلقائق اقتناع
بأأنه ال ميكن تأأويل النص وتفسري يف غياب ادراك وحدته اللكية ابلكشف عن طبيعة العالقات الرابطة
بني أأجزائه اخملتلفة ،.اضافة اىل معرفة الس ياق املصاحب للنص حبيث يؤدي اىل فهم جديد لبعض
العنارص اللغوية املس تخدمة.
142
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
143
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
144
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.26الرباكس اميتيكية ورحةل البحث عن املعىن ،كتاب العربية املفاهمي ( ،)1ط.2009 ،1
• متام ز
حسان
.27اجهتادات لغوية ،عمل الكتب ،القاهرة ،مرص ،ط.2007 ،1
.28اللغة العربية معناها ومبناها ،دار الثقافة ،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط .1994
• مجعان بن عبد الكرمي
.29اشاكالت النص ،دراسة لسانية نصية ،املركز الثقايف العرب ،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط.2009 ،1
• مجيل محداوي
.30حمارضات يف لسانيات النص ،ا أللوكة .ط.2015 ،1
.31من احلجاج اىل البالغة اجلديدة ،أأفريقيا للنرش ،ادلار البيضاء ،املغرب.2014 ،
• حسام أأمحد فرج
.32نظرية عمل النص ،رؤية مهنجية يف بناء النص النرثي ،مكتبة الآداب ،ط.2009 ،2
• حسن حامئز
.33النص ا ألدب بني القراءة والتواصل ،لسانيات النص وحتليل اخلطاب ،ج ،2دار كنوز املعرفة للنرش
والتوزيع ،عامن.2013 ،
• حنان سعادات عودة
.34رسائل ابن حزم ،دراسة يف رساليت"طوق امحلامة" و"يف مداواة النفوس" دراسة يف حنو النص.
• خوةل طالب االبراهميي
.35مبادئ يف اللسانيات ،دار القصبة للنرش ،اجلزائر ،ط. 2006 ،2
• زكراي إب راهيم
.36مشلكة البنيية ،مكتبة مرص( ،دط)( ،دت).
.37عمل لغة النص ،املفاهمي والاجتاهات ،الرشكة املرصية العاملية للنرش ،لوجنامن ،مكتبة لبنان انرشون،
ط.1،1997
• سعيد حسن حبريي
.38عمل لغة النص"املفاهمي والاجتاهات" ،الرشكة املرصية العاملية للنرش ،لوجناكن ،الاقاهرة ،مكتبة لبنان،
انرشون ،ط.1997 ،1
• سعيد يقطني
.39حتليل اخلطاب الروايئ (الزمن ،الرسد ،التبئري ) املركز الثقايف العرب،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط.1997 ،3
.40انفتاح النص الروايئ (النص والس ياق) ،املركز الثقايف العرب ،ادلار البيضاء املغرب ،ط.2001 ،2
146
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.41الرتاكيب النحوية وس ياقاهتا اخملتلفة عند االمام عبد القاهر اجلرجاين ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر،
.1994
• صبحي ابراهمي الفقي
.42عمل اللغة النيص بني النظرية والتطبيق "،دراسة تطبيقية عىل الصور املكية" ،دار قباء للطباعة والنرش
والتوزيع ،القاهرة ،ط.2000 ،1
• صالح فضل
.43بالغة اخلطاب وعمل النص ،مكتبة لبنان انرشون ،بريوت ،لبنان ،ط.1996 ،1
• عادل منزاع
.44حنو النص اجتاه جديد يف دراسة النصوص اللغوية ،مرص العربية للنرش والتوزيع ،القاهرة ،مرص ،ط،1
.2011
• عبد السالم مسدي
.45اللسانيات و أأسسها املعرفية ،املكتبة الفلسفية ،ادلار التونس ية للنرش،تون ،املؤسسة الوطنية للكتاب،
اجلزائر ،طبعة .1986
• عبد العزيز العيادي
.46ميشال فوكو ،املعرفة والسلطة ،املؤسسة اجلامعية لدلراسات والنرش والتوزيع ،بريوت ،لبنان ،ط.1994 ،1
• عبد الفتاح أأمحد يوسف
.47لسانيات اخلطاب و أأنساق الثقافة ،منشورات الاختالف ،اجلزائر العامصة ،اجلزائر ،ط.2010 ،1
• عبد املكل مراتض
.48نظرية النص ا ألدب ،دار هومة للطباعة والنرش والتوزيع ،اجلزائر( ،دط).2007 ،
• عبد النارص حسن محمد
.49نظرية التواصل وقراءة النص ا ألدب ،املكتب املرصي لتوزيع املطبوعات ،القاهرة ،مرص( ،دط).1999 ،
• عبد الهادي بن ظافر الشهري
.50اسرتاتيجيات اخلطاب"مقاربة لغوية تداولية" دار الكتب الوطنية ،بنغازي ،ليبيا ،ط.2004 ،1
• عزة ش بل محمد
.51عمل لغة النص ،النظرية والتطبيق ،مكتبة الآداب ،القاهرة ،مرص ،ط.2008 ،1
• معر أأواكن
.52ذلة النص أأو مغامرة الكتابة دلى ابرت ،افريقيا الرشق ،ادلار البيضاء ،املغرب( ،دط).1996 ،
• محمد أأمحد خنةل
.53أآفاق جديدة يف البحث اللغوي املعارص ،دار املعرفة اجلامعية ،االسكندرية ،مرص( ،دط).2002 ،
• محمد اجلرييس
147
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.54االيقاع يف الشعر النسوي ،مكتبة زين احلقوقية وا ألدبية ش.م.م ،لبنان ،ط.2015 ،1
• محمد ا ألخرض الصبيحي
.55مدخل اىل عمل النص وجماالت تطبيقه ،ادلار العربية للعلوم انرشون ،بريوت ،لبنان ،ط.2008 ،1
• محمد الشاوش
.56أأصول حتليل اخلطاب ،يف النظرية النحوية العربية ،تأأسيس حنو النص ،املؤسسة العربية للكتاب ،تونس،
ط.2001 ،1
• محمد خطاب
.57لسانيات النص" ،مدخل النسجام اخلطاب" ،املركز التقايف العرب ،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط.2006 ،2
• محمد عبد هللا الغدايم
.58اخلطيئة والتفكري ،اندي ا ألدب الثقايف ،جدة ،السعودية ،ط.1985 ،1
• محمود عيل عبد املعطي
.59موس يقا الشعر"النظرية وأآفاق التطبيق" ،ديوان الرشيف الريض أأمنوذجا ،اندي مكة الثقايف ا ألدب ،مكة
املكرمة ،اململكة العربية السعودية ،ط.2013 ،1
• محمد عبدو فلفل
.60يف التشكيل اللغوي للشعر مقارابت يف النظرية والتطبيق ،منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ،وزارة
الثقافة ،دمشق.2013 ،
• محمد مساعدي
.61اترخي تلقي الشعر العرب القدمي ALNAYA ،لدلراسات والنرش والتوزيع ،دمشق ،سورية ،ط.2014 ،1
• محمد مفتاح
.62حتليل اخلطاب الشعري "اسرتاتيجية التناص" ،املركز الثقايف املغرب ،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط .1985 ،4
• حيي حسن معر
.63كتاابت هيلك بني املصداقية واملوضوعية ،العرب للنرش والتوزيع ،القاهرة ،مرص ،ط.2019 ،1
• يوسف نور عوض
.64نظرية النقد ا ألدب احلديث ،دار ا ألمني ،القاهرة ،مرص(،دط).1994 ،
رابعا :املراجع املرتمجة
• أأمربتو ايكو
.65التأأويل بني الس اميئيات والتفكيكية ،ترمجة وتقدمي :سعيد بنكراد ،املركز الثقايف العرب ،ادلار البيضاء،
املغرب ،ط.2004 ،2
148
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.66القارئ يف احلاكية التعاضد التأأوييل يف النصوص احلاكئية ،تر /أأنطوان أأبو زيد ،املركز الثقايف العرب ،ادلار
البيضاء ،املغرب ،ط.1996 ،1
• تون .أأ .فان ديك
.67عمل النص مدخل متداخل الاختصاصات ،تر /سعيد حسن حبريي ،دار القاهرة للكتاب ،القاهرة ،ط،1
.2001
.68النص بىن ووظائف مدخل أأويل اىل عمل النص،تر /منذر عيايش،مضن كتاب العلامنية وعمل النص،املركز
الثقايف ا لعرب ،بريوت.2014 ،
• جان كوهن
.69بنية اللغة الشعرية ،تر /محمد الويل ومحمد العمري ،مكتبة ا ألدب املغرب ،دار توبقال للنرش ،ادلار البيضاء،
املغرب ،ط.1986 ،1
• جورج يول
.70التداولية ،تر /قيص العتاب ،ادلار العربية للعلوم انرشون ،بريوت ،لبنان ،ط.2010 ،1
.71حتليل اخلطاب ،تر /محمد لطفي الزليطين ومنري الرتييك ،النرش العلمي واملطابع ،جامعة املكل سعود ،اململكة
العربية السعودية( ،دط).1997 ،
• دومنيك مانغومو
.72املصطلحات املفاتيح لتحليل اخلطاب ،تر /محمد حيياتن ،منشورات الاختالف ،اجلزائر ،ط.2008 ،1
• روبرت أالن دي بوجراند ولفغانغ دريسلر
.73مدخل اىل عمل لغة النص ،تر /الهام أأبو غزاةل و عيل خليل محد ،مكتبة دار الكتاب.1993 ،
حسان ،عامل الكتب ،القاهرة ،ط.2007 ،2 .74النص واخلطاب واالجراء ،تر /متام ز
• روالن ابرت
.75التحليل النيص "،تطبيقات عىل نصوص من التوراة والاجنيل" ،تر /عبد الكبري الرشقاوي ،مطبعة النجاح
اجلديدة ،ادلار البيضاء.2001 ،
.76ذلة النص ،تر /فؤاد صفا واحلسني س بحان ،دار توبقال للنرش ،ادلار البيضاء ،املغرب ،ط.1988 ،1
• ساره ميلز
.77اخلطاب ،تر /يوسف بغول ،منشورات خمرب الرتمجة يف ا ألدب واللسانيات جامعة منتوري قس نطينة ،ط،4
. 2000
• فردينان دي سوسري
149
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.78دروس يف ا أللسنية العامة ،تعريب :صاحل القرمادي ،محمد الشاوش ،محمد جعينة ،ادلار العربية للكتاب ،تونس
العامصة ،تونس.1985 ،
• فولفجاجن هاينه مان ،ديرت فهيقجن
.79مدخل اىل عمل لغة النص ،تر /سعيد حسن حبريي ،مكتبة زهراء الرشق ،القاهرة ،مرص ،ط.2004 ،1
• الكوس برينكر
.80التحليل اللغوي للنص" ،مدخل اىل املفاهمي ا ألساس ية واملناجه" ،مؤسسة اخملتار للنرش والتوزيع ،القاهرة،
مرص ،ط.2010 ،2
• هانس روبريت ايوس
.81جاملية التلقي من أأجل تأأويل جديد للنص ا ألدب ،تر /رش يد بنحدو ،منشورات ضفاف ،منشورات
الاختالف ،اجلزائر ،ط.1916 ،1
.82حنو جاملية للتلقي "،اترخي ا ألدب حتد لنظرية ا ألدب" ،تر /محمد مساعدي ،النااي لدلراسات والنرش ،بريوت
لبنان ،ط.2014 ،1
خامسا :اجملالت وادلورايت
• اسامعيل صالح
.83نظرية جون سريل يف القصدية" ،دراسة يف فلسفة العقل" ،حوليات الآداب والعلوم الاجامتعية ،الكويت،
احلولية ،27الرساةل.2007 ،262 :
• محيد محلداين.
.84التناص وانتاجية املعاين ،عالمات يف النقد ،النادي ا ألدب الثقايف جبدة ،مج ،10ع،2001 ،40
• سامح رواشدة
.85التوازي يف شعر يوسف الصائغ و أأثره يف االيقاع وادلالةل ،جمةل أأحباث الريموك ،ع.1998 ،2
• سعيد حسن حبريي
.86اجتاهات لغوية معارصة ،من وظائف التحليل النيص ،عالمات يف النقد ،مج ،10ج .2000 ،38
.87النص نوعه ومنطه ،عالمات يف النقد ،النادي ا ألدب الثقايف جبدة ،مج ،13ع2004 ،51 :
• سعد مصلوح
.88حنو أأجرومية للنص الشعري "دراسة يف قصيدة جاهلية" جمةل فصول،مج ،10ع 1و.1991. ،2
• عليك اكيسة
.89بنية احملادثة ومكوانهتا ا ألساس ية ،جمةل ،املامرسات اللغوية ،جامعة مولود معمري ،تزيي وزو ،اجلزائر،
مج ،7:ع.3 :
• محمد عبد املطلب
150
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
.90النص املفتوح ،النص املغلق ،املوقف ا ألدب ،احتاد الكتاب العرب بدمشق ،ع ،398 :حزيران . 2004
• محمد عزام
.91النص املفتوح يف املناجه النقدية ،املوقف ا ألدب ،احتاد الكتاب العرب بدمشق ،سوراي ،ع.2004 ،398 :
• مصطف غلفان
.92حتليل املكون اللغوي للنص ا ألدب بني اللسانيات ومناجه التحليل ا ألدب ،أأعامل ندوة مكوانت النص ا ألدب،
جامعة احلسن الثاين ،ادلار البيضاء.1988 ،
• نعامن بوقرة
.93أأضواء عىل نظرية حتليل اخلطاب يف الفكر اللساين احلديث ،جمةل العلوم الانسانية ،اململكة العربية
السعودية ،ع2017 ،29
• يوسف نور عوض
.94نظرية النقد ادلب احلديث ،دار ا ألمني ،القاهرة1994 ،
• وهب رومية
.95التشكيل اللغوي يف شعر ا ألمري عبد القادر اجلزائري ،الرتاث العرب ،جمةل فصلية حممكة ،احتاد الكتاب
العرب بدمشق ،2006 ،ع101:
151
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
فهرس ادلروس
152
د .صويلح قايش مطبوعة بيداغوجية يف لسانيات النص
153