You are on page 1of 6

‫من هو السفسطائي ؟‬

‫? ‪Who is the sophist‬‬


‫ادم المحوري‬ ‫بالل عبد اللوي‬
‫في الوقت التي كانت تنمو فيه المدارس الفلسفية خالل القرن الخامس‪.‬ظهرت جماعة من الناس كانت بمعنى على هامش‬
‫الفلسفة‪.‬هوالء هم الذين يطلق عليهم اسم (السفسطائيين عادة )الذين يشير اليهم سقراط بازدراء بوصفهم بانهم اولئك الذين‬

‫‪.‬يجعلون الحجة االضعف وكانها هي االقوى‬

‫عموما لم تمر مرحلة من مرحلة التطور التاريخي للفكر الفلسفي القديم والوسيط والحديث من ذكر للفكر السفسطائي‬
‫باعتباره يمثل تراثا فلسفيا ال يمكن استثناوه من المناخ الفلسفي العام‬
‫وليس من السهل دراسة السفسطائيين ومعرفة حقيقتهم بصورة دقيقة حيث ان تاريخ الفلسفة شهد خالفا كبيرا حولهم وقد‬

‫‪.‬اختلفت االراء حولهم بين من يحط من شانهم ومن يرفع من شانهم‬

‫وقد اعتبرت السفسطائية نزعة هدامة مع افالطون واريسطو وطاليس واستمرت هذه النظرة اليهم حتى القرن ‪. 19‬حيث‬
‫مع الفيلسوف هيغل الذي ارتفع بهم ارتفاعا كبيرا في كتابة تاريخ الفلسف ‪ .‬اذ اعتبر ان السفسطائية لحظة اساسية من‬
‫لحظات تطور الفلسفة عند اليونان ثم عاد المورخون بعد هيغل الى الى النظرة القديمة التي اعتبرت السفسطائية نزعة‬
‫هدامة ‪ .‬ثم تغيرالموقف منهم بعد نهاية القرن ‪ 20‬حيث عاد المعنيون الى نفس النظرة فعظمو من شانهم ونسبو اليهم صفة‬
‫التنوير‬

‫ـ عصر ظهور السوفسطائّية‬

‫ولقد اعتاد الفالسفة على تقسيم تاريخ الفلسفة اليونانّية إلى أدوار ‪ .‬و الرأي السائد في‬
‫القرن ‪ 19‬م هو أن الفلسفة اليونانّية تبدأ بطاليس ‪ ,‬و يبدأ بعد ذلك االختالف في تحديد‬
‫‪ .‬األدوار التالّية‬
‫و حسب الّت قسيم الهيجلي لتاريخ الفلسفة ‪ ,‬فإن العصر اأّلول يبدأ من طاليس ‪ ,‬كما هو‬
‫متفق عليه بين الجميع ‪ ,‬و ينتهي هذا العصر اأّلول بأرسطو ‪ .‬و يجعل هيجل من‬
‫السوفسطائّية مدرسة يبتدئ بها القسم الثاني من العصر اأّلول ‪ .‬فهيجل يقسم كل عصر إلى‬
‫أقسام ‪ .‬و هو حين يضع السوفسطائية في هذا القسم ‪ ,‬يكون قد خالف المؤرخين السابقين‬
‫لتاريخ الفلسفة ‪ .‬إذ إنهم ينظرون إلى السوفسطائّية على أّن ها حركة انتهاء ال حركة ابتداء‬
‫‪ .‬لقسم جديد‬
‫فإذن ‪ ,‬هيـجل يرى أن القسم الثاني من العصر اأّلول يبدأ بالسوفسطائّية ‪ ,‬و يدخل هيجل‬
‫‪ .‬في هذا القسـم سقراط و أنصــاف السقراطيين و المدارس السقراطّية الصغيرة المختلفة‬
‫‪ ,‬للفلسفة اليونانّية‬
‫غير أن اتسلر ُيالحظ أنه ال يجُ ب أن نبدأ بالسوفسطائّية عصرًا جديدًا‬
‫لفلسفة جديدة ‪ ,‬و إّن ما هي محاولة للقضاء على‬
‫ألن السوفسطائّية ‪ ,‬في نظره ‪ ,‬ليست بدءًا‬

‫الفلسفة القديمة ‪ .‬صحيح أن السوفسطائيون وجهوا عنايتهم إلى الذات أو الطبيعة الداخلّية‬
‫على عكس ما كان عليه األمر مع الفالسفة الطبيعيون ‪ ,‬و لكنهم ‪ ,‬وفقًا التسلر ‪ ,‬نظروا إلى‬
‫ي ‪ ,‬و إّن ما نظروا إلى اإلنسان على أنه هذا اإلنسان أوّ‬
‫ات ال على أّن ها اإلنسان بمعناه الك‬
‫الذ‬
‫‪ .‬ذاك ‪ .‬بمعّن ى ‪ :‬لم ينظروا إلى اإلنسان كفكرة كلّية ‪ ,‬بل كفرد محدد معين‬
‫يقول بروشار ‪ " :‬لقد كان السوفسطائيون القدماء يدعون أنهم يستطيعون أن يبرهنوا على‬
‫النظريات المتناقضة بأدلة منطقية متساوية " ‪ .‬و لهذا نظر الفالسفة إلى السفسطة‬
‫حكمة مموهة ‪ ,‬و اعتبرها المنطقيون قياسًا مركبًا باعتبارها من الوهميات ‪ .‬و لفظ‬
‫السوفسطائي المنسوب إلى الّ سفسطة أطلق أول األمر على الحاذق في احدى الصناعات‬
‫الميكانيكية ‪ ,‬ثم أطلق بعد ذلك على الحاذق في الخطابة أو الفلسفة ‪ ,‬ثم على كّ ل دجال‬
‫مخادع ‪ .‬فلفظ السفسطة ‪ ,‬كما يتضح ‪ ,‬أطلق على ممارس الفلسفة و على ممارس المنطق و‬
‫‪ .‬على الصانع الميكانيكي و على الخطيب‬
‫غير أن السوفسطائية أصبحت تطلق بعد سقراط ‪ ,‬بشكل خاص ‪ ,‬على كل فلسفة ضعيفة‬
‫األساس ‪ ,‬متهافتة المبادئ ‪ .‬أي كما ذكرت كحكمة مموهة ‪ .‬و لهذا اعتبرت السوفسطائّية‬
‫حركة سلبية ال تصلح أن ُتعد عصرًا جديدًا في تاريخ الفلسفة ‪ .‬بيد أن األمر على عكس ذلك‬
‫عند الكثير من الباحثين و الفالسفة ‪ .‬فالسوفسطائّية ُت سمى أيضًا " بنزعة الّت نوير عند اليونان‬
‫فهي ثورة ناتجة عن شعور قوي برغبة ملحة و نزعة قوّية نحو ايجاد نظرة جديدة ‪" .‬‬
‫للكون و للوجود ‪ .‬و قد نظر جوزيه سئيتا في كتابه نزعة التنوير عند السوفسطائّية اليونانية‬
‫إلى السوفسطائّية على أنها النزعة الحقيقية للفكر اليوناني و عدها تماثل كل نزعة تنوير‬
‫]وجدت في الحضارات األخرى‪ ,‬و بخاّ صة في الحضارة الغربّية في القرن الثامن عشر‬

‫ـ القول السوفسطائي‬
‫لقد عبرت الحركة السوفسطائّية عن روح عصر جديد في تاريخ الفلسفة اليونانّية ‪ ,‬و إذا‬
‫كانت نزعة الشكاك تمثل اضمحالل قوى الّ روح اليونانّية ‪ ,‬فإن الّن زعة السوفسطائّية على‬
‫‪ .‬خالف ذلك تمثل فيضان قوى هذه الروح‬
‫فالفلسفة أصبحت مع السوفسطائيين تبدأ من اإلنسان كي تصل إلى الطبيعة ال من الطبيعة‬
‫كي تصل في يوم ما إلى اإلنسان ‪ ,‬كما كانت عليه مع الفالسفة الطبيعيين ‪ .‬و هكذا ففلسفة‬
‫السوفسطائيين هي فلسفة ماهيات بدل أن كانت قبلهم فلسفة طبيعيات ‪ .‬و لهذا السبب فقد كان‬
‫لزاما ‪ ً.‬على السوفسطائيين أثناء تحليل الماهية استخدام منهج ديالكتيكي‬
‫فإذن ‪ ,‬إن القول السوفسطائي هو قول ديالكتيكي بمعّن ى أنه قول يعتمد على الحوار و‬
‫الجدل ‪ .‬و لذلك امتهن السوفسطائيون مهنة التعليم التي من خاللها كانوا يلقون سلسلة من‬
‫المحاضرات و بخاصة في الخطابة و فّ ن النجاح في الحياة ‪ .‬بيد أن الديالكتيك هو‬
‫نوع من المنطق‬
‫ً أيضا ‪ .‬إنه منطق سوفسطائي يهدف إلى إضفاء مظهر الحقيقة على جهلنا‬
‫‪ .‬و على أوهامنا المتعمدة‬
‫إن القول السوفسطائي يعتمد على القياس ‪ ,‬مت‬
‫ّ‬
‫ف من قضايا ‪ ,‬إذا سلّ‬
‫و القياس هو قول مؤل‬
‫لزم عنه لذاته قوٌ ل آخر ال يضمن صحة النتائج ‪ ,‬بل‬
‫و القياس بوصفه استنتاجًا ‪.‬‬
‫فإذا كانت المقدمات صادقة كانت النتيجة دائمًا يتوقف األمر على صحة المقدمات ‪ .‬و لهذا‬
‫صادقة ‪ .‬أما المقدمات الكاذبة فقد ُت نتج نتائج كاذبة كما تنتج نتائج صادقة ‪ .‬لقد تقدم أن‬
‫السفسطة هي قياس مركب من الوهميات ‪ .‬بمعنى أن مقدمات هذا القياس تكون غير صادقة‬
‫‪ .‬أو غير واضحة المعّن ى‬
‫‪ .‬و مع أرسطو نتحول إلى الحديث عن السفسطة كظاهرة خطابّية ‪ ,‬أي كقول خطابي‬
‫فقد عرف أرسطو الّ سفسطة بتعريف دقيق فقال أّن ها ‪ " :‬استدالل صحيح في الظاهر معتل‬
‫‪ :‬في الحقيقة " ‪ .‬و أهداف السفسطة ‪ ,‬حسب أرسطو ‪ ,‬هي‬
‫ـ الزام المخاطب أمرًا شنيعًا معلوم كذبه‬
‫ـ ايقاع المخاطب في الشك‬
‫ـ جعل المخاطب يدلي بكالم مستحيل المفهوم‬
‫دفع المخاطب إلى اإلتيان بالهذر من القول‬
‫ـ تبكيت المخاطب‬

‫ختامًا ‪ ,‬لقد سلطنا الضوء في هذا الموضوع على عصر ظهور السوفسطائّية ‪ ,‬و كذلك‬
‫على طبيعة القول السوفسطائي الذي يختلط بالخطابة و بالجدل و بالمنطق في جانبه‬
‫‪ :‬المتعلق بالقياس ‪ .‬و بقي أن نوضح ما يلي‬
‫هنالك فرق بين الجدل و الّت حليل المنطقي ‪ ,‬فالجدل في رأي أرسطو يقوم على مقدمات‬
‫‪ .‬راجحة أو محتملة و ليست صحيحة ‪ .‬إنه وسط بين األقاويل البرهانية و األقاويل الخطابّية‬
‫و أّ ما السفسطة فهي متعلقة بالجدال ـ و ينبغي التميز بين مفهوم الجدل و مفهوم الجدال ـ‬
‫الذي ُيعرف بأنه هو المراء المتعلق بإظهار المذاهب و تقريرها ‪ ,‬و قوامه استعمال‬
‫االستدااللت المموهة ‪ ,‬و الحجج السوفسطائّية ‪ .‬فال شك إذن أن الجدال هو المرتبط‬
‫بالّ سفسطة التي تفند كّ ل شيء دون إثبات أي شيء ‪ .‬في حين أن الجدل مع زينون يهدف إلى‬
‫إثبات حقيقة إيجابّية ‪ ,‬بينما نجده مع السوفسطائيون استعمل ألغراض سلبّية تمثلت في‬
‫‪ .‬القضاء على الفلسفة كما كان ينظر إليها في عصرهم‬
‫و أّ ما بخصوص عالقة السوفسطائّية بالخطابة فالخطابة عند المنطقيين هي قياس مركب‬
‫من مقدمات مقبولة أو مظنونة من شخص معتقد فيه ‪ ,‬و يسّ مى هذا القياس خطابيًا و صاحبه‬
‫ً يسمى خطيبا ‪ .‬و تختلف الخطابة عن السفسطة في القصد الخطابي ‪ .‬فالخطيب على‬
‫لحياتهم ‪ ,‬فهو بالتالي مقتنع بما‬
‫عكس السوفسطائي يرغب في اقناع الّن اس بما يراه جيدًا‬

‫يقوله ‪ ,‬و متحمس له ‪ .‬أما السوفسطائي فقصده الخطابي هو التموية و المغالطة‬

‫‪ :‬هوامش ومراجع‬

‫ليس الجميع متفق على أن السوفسطائية مدرسة فلسفية ‪ ,‬فهناك من يرى أّنها *‬
‫مجرد تيار‬
‫أو نزعة فلسفية ال ترقى إلى أن تصل لدرجة المدرسة ‪ ,‬مثل النزعة الفيتاغورية‬
‫التي‬
‫‪ .‬تحولت إلى مدرسة فلسفية‬
‫ـ جميل صليبا ‪ ,‬المعجم الفلسفي ‪ ,‬ج ‪ , 1 :‬دار الكتاب اللبناني ‪ ,‬ط ‪ , 1 :‬ص ‪1 :‬‬
‫‪258‬‬
‫ـ وج ‪.‬أو ‪ .‬أرمسون ‪ ,‬الموسـوعة الفلسفية المختصـرة ‪ ,‬ترجمة ‪ :‬مجموعة ‪2‬‬
‫مترجمين ‪ .‬مكتبة اإلنجلو‬
‫المصرية ‪ ,‬ط ‪ , 1963 :‬ص ‪232 :‬‬
‫ـ الراضي رشيد ‪ ,‬السفسطات في المنطقيات المعاصرة ‪ ,‬عالم الفكر ‪ ,‬عدد ‪3 4 :‬‬
‫‪ ,‬مجلد ‪ , 36 :‬أبريل ـ‬
‫‪ .‬يونيو ‪ , 2008‬ص ‪131 :‬‬
‫ـ جميل صليبا ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪4 658 :‬‬
‫ـ عبد الرحمن بدوي ‪ ,‬موسوعة الفلسفة ‪ ,‬ج ‪ , 2 :‬المؤسسة العربية للدراسات ‪5‬‬
‫و النشر ‪ ,‬ط ‪ , 1 :‬ص‬
‫‪. 173 :‬‬
‫عبد الرحمن بدوي ‪ ,‬نفسه ‪ ,‬ص ‪6 , 174 :‬‬
‫ـ نفسه ‪7‬‬
‫ـ جميل صليبا ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪8 660 , 659 :‬‬
‫ـ عبد الرحمن بدوي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪9 175 :‬‬
‫ـ بدوي ‪ ,‬نفسه ‪ ,‬ص ‪10 188 :‬‬
‫ـ بدوي ‪ ,‬نفسه ‪ ,‬ص ‪11 189 :‬‬
‫ـ وج ‪.‬أو ‪ .‬أرمسون ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪12 191 :‬‬
‫ـ بدوي ‪ ,‬ص ‪13 243 :‬‬
‫ـ نفسه ‪ ,‬ص ‪14 244 :‬‬
‫ـ الراضي رشيد ‪ ,‬مرجع سابق ‪15‬‬
‫ـ جميل صليبا ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪16 390 :‬‬
‫ـ بدوي ‪ ,‬موسوعة الفلسفلة ‪ ,‬ج ‪ , 1‬ص ‪17 272 :‬‬
‫ـ جميل صليبا ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪18 53 :‬‬

You might also like