You are on page 1of 6

‫إعداد وتقديم‪ :‬بوكماز محمد ‪ -‬رشيد سليماني‬ ‫‪o‬‬

‫تحت إشراف‪ :‬د‪.‬برقية‬ ‫‪o‬‬

‫كيف يمكن تحسيس الفرد وتمتين وعيه في ظل الزخم المتزايد للمعلومات‬ ‫‪‬‬
‫بأهمية الثقافة المعلوماتية والرقمية ؟‬

‫‪ ‬تمهيد ‪:‬‬

‫يعرف مجتمع القرن العشرين‪ ،‬بالعديد من التسميات مثل "المجتمع الشبكي" و"المجتمع الالسلكي"‪ .‬يتميز‬
‫هذا المجتمع بسيطرة المعلومات على جوانب الحياة المختلفة‪ ،‬من االقتصادية واالجتماعية إلى السياسية‬
‫والثقافية وحتى التقنية ‪ ,‬إن تعريف مجتمع المعلومات أصبح واضًح ا أثناء القمة العالمية في جنيف عام‬
‫‪ ،2003‬حيث تم تحديده كمجتمع يتيح لألفراد خلق والوصول إلى المعلومات واستخدامها وتبادلها‪ .‬يتسم‬
‫مجتمع المعلومات بمجموعة من الخصائص ‪ ،‬بما في ذلك انتشار المعرفة ودور مؤسسات المعلومات‪ ،‬مع‬
‫التركيز على تقدم التكنولوجيا وتأثيرها على اقتصاد المعلومات‪ .‬نسلط في هذا المقال الضوء على أهمية‬
‫المعلومات في المجتمع‪ ،‬وضرورة التفاعل السليم معها من قبل االفراد ‪ ،‬سواء كان ذلك بإنتاجها أو‬
‫استهالكها‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن المعلومات أصبحت مورًدا استثمارًيا واستراتيجًيا ومصدًر ا للدخل القومي‬
‫كما نجيب في هذا المقال عن سؤال محوري يخص الكيفية التي ينبغي أن يتموقع بها الفرد في هذه‬
‫المجتمعات الجديدة ‪.‬أي في عصر المعلومات الحديث ‪ ،‬حيث أصبحت ثقافة المعلومات ركيزة أساسية‬
‫لتشكيل مجتمع المعرفة واالبتكار‪ .‬بناء على ذلك ‪ ,‬يعكس هذا الموضوع أهمية تحسين الوعي الفردي‬
‫والجماعي بثقافة المعلومات‪ ،‬خصوصا وأن هذه الثقافة تلعب دوًرا حاسًم ا في تحديد نهج االشخاص تجاه‬
‫التكنولوجيا وتشكل نظرتنا ازاء طرق استخدام المعلومات في حياتنا اليومية‪.‬‬
‫بذلك يكون الهدف من وراء كتابة هذا المقال ‪ ،‬أن نستعرض أساسا الكيفية التي يؤثر بها تطوير ثقافة‬
‫المعلومات على تشكيل مجتمع ناجح يتسم بالتفاعل االيجابي و الفعال مع التحوالت الرقمية‪.‬ومن ناحية‬
‫أخرى سنلقي الضوء على كيف يمكن لألفراد تحسين مهاراتهم في التعامل مع البيانات والمعلومات‬
‫الرقمية‪ ،‬وذلك بالتركيز على التأثير االجتماعي واالقتصادي لتلك المهارات وانعكاساتها‪.‬‬

‫‪ .I‬التعلم الذاتي المستمر‬

‫يشهد العصر الحالي انفجارًا معرفيًا وزيادة هائلة في حجم المعلومات‪ ،‬مما يجعل التحدي قائما أمام الفرد‬
‫في التعامل مع هذا الكم الهائل من المعرفة الذي يتدفق عبر شبكة المعلومات الدولية ووسائل تقنية‬
‫المعلومات‪ .‬تزيد هذه الظاهرة من صعوبة تطابق المناهج الدراسية‪ ،‬سواء في المدارس أو الجامعات‪ ،‬مع‬
‫التطورات السريعة والتضخم المعرفي‪ .‬لمواجهة هذا التحدي‪ ،‬بدأ التربويون في البحث عن وسائل فّعالة‪،‬‬
‫من بينها تقنية "التعلم الموجه ذاتيًا"‪ُ .‬يعتبر هذا النمط من التعليم جزءًا أساسيًا في العديد من الجامعات‬
‫والكليات العالمية‪ .‬يتيح للطالب أخذ المبادرة بشكل أكبر في تحديد احتياجاتهم التعليمية‪ ،‬وتحديد أهدافهم‪،‬‬
‫واختيار مصادر التعلم‪ ،‬وتحديد استراتيجيات التعلم وتقييم نتائجه‪ .‬يتحول التركيز في هذا النمط إلى كيفية‬
‫الحصول على المعلومات والتعامل معها بدًال من التركيز على المعلومات نفسها‪ .‬يعزز هذا النمط من‬
‫تطوير المهارات بدًال من تعليم المعلومات‪ ،‬حيث تظل المهارات ثابتة بينما تتغير المعلومات‪ .‬ومن هنا‬
‫يصبح "التعلم الموجه ذاتيًا" مهارة أساسية وسيلة للحصول على المزيد من المعرفة عند الحاجة‪ .‬يأتي هذا‬
‫النمط مع فوائد اقتصادية‪ ،‬حيث يمكن لألفراد تلبية حاجاتهم التعليمية بمفردهم‪ ،‬ويعزز االكتفاء الذاتي‪.‬‬

‫تسهم هذه الطريقة في التغلب على مشكلة زيادة الطلب على التعليم الشخصي في المجتمعات‪،‬‬
‫وتتيح لألفراد الحصول على المعرفة والمهارات بفعالية‪ .‬المقال يختم بسؤال حول مكانة "التعلم الموجه‬
‫ذاتيًا" في النظام التعليمي المحلي‪ ،‬مشيًر ا إلى أهمية تطوير هذه المهارة لدى الطالب بمساعدة المعلمين‬
‫والدعم الكافي لهم في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .II‬آليات تمتين وعي الفرد ‪:‬‬

‫تحديد أهداف التعلم‪ :‬يجب على الفرد تحديد أهداف تعلم محددة وقابلة للقياس تتعلق بتعزيز فهمه‬ ‫‪.1‬‬
‫لمفهومي الثقافة المعلوماتية والرقمية‪ .‬يمكن تحقيق ذلك من خالل وضع خطة تعلم تشمل‬
‫المواضيع المحددة والمهارات التي يرغب في تطويرها‬
‫استخدام مصادر موثوقة‪ :‬يجب على الفرد اعتماد مصادر موثوقة للمعلومات‪ ،‬مثل الدوريات‬ ‫‪.2‬‬
‫العلمية‪ ،‬والكتب األكاديمية‪ ،‬والمواقع التي تنشر محتوى مدروس وموثوق‪ .‬هذا يسهم في بناء‬
‫أساس قوي للمعرفة‬
‫تطوير مهارات التقييم ‪ :‬يتعين على الفرد اكتساب مهارات تقييم قوية‪ ،‬مثل فحص مصداقية‬ ‫‪.3‬‬
‫المصادر وتقييم جودة المعلومات‪ .‬يمكن تحقيق ذلك من خالل دراسة أساليب البحث العلمي‬
‫وتطبيقها في تحليل المعلومات‬
‫المشاركة في األنشطة األكاديمية‪ :‬يعزز المشاركة في دورات تدريبية وورش عمل أكاديمية فهم‬ ‫‪.4‬‬
‫الفرد للتكنولوجيا والمعلومات‪ .‬يمكن للفرد اختيار الدورات التي تتناسب مع اهتماماته وأهدافه‬
‫التعليمية‬
‫التفاعل مع البحث العلمي‪ *:‬يساعد قراءة األبحاث العلمية والمقاالت األكاديمية في توسيع أفق‬ ‫‪.5‬‬
‫الفرد وتوفير فهم أعمق للمواضيع المعنية‪ .‬يجب على الفرد االستفادة من المصادر األكاديمية‬
‫لتحليل وفهم التطورات في مجاالته المهنية‬
‫تطبيق نهج علمي‪ :‬يعزز اعتماد نهج علمي في معالجة وتحليل المعلومات الفهم العميق والتمييز‬ ‫‪.6‬‬
‫بين الحقائق واآلراء‪ .‬يشمل ذلك وضع فرضيات‪ ،‬وجمع البيانات‪ ،‬وتحليل النتائج بشكل منهجي‬
‫استخدام التكنولوجيا بذكاء‪ :‬يجب على الفرد تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا بفعالية لتنظيم وفهم‬ ‫‪.7‬‬
‫المعلومات‪ .‬استخدام تطبيقات وأدوات التنظيم والبحث يساعد في تسهيل الوصول إلى المعلومات‬
‫واستيعابها‬
‫التفاعل مع مجتمع األكاديميين‪ :‬يمكن للفرد االستفادة من المشاركة في المناقشات األكاديمية‬ ‫‪.8‬‬
‫والمحافل العلمية لتوسيع دائرة تواصله مع الخبراء واألكاديميين‪ .‬يساعد ذلك في تبادل الخبرات‬
‫واألفكار وتوسيع شبكة العالقات األكاديمية‪.‬‬
‫‪ .III‬دور االعالم في تحسيس الفرد في ظل الزخم المتزايد للمعلومات والتحقق‬
‫من المعطيات‬

‫المعلومة تمثل غاية لكل باحث في وسائل اإلعالم‪ ،‬سواء الرسمية أو غير الرسمية‪ ،‬وخاصة في ظل‬
‫تقدم وسائل التواصل االجتماعي واالنتشار السريع للمعلومات‪ .‬ورغم سهولة انتشار المعلومات‪ ،‬يتزايد‬
‫التحدي في تفريق الحقيقة عن األخبار المضللة‪ ،‬وهو ما يسبب أضرارًا جسيمة على المستوى الفردي‬
‫واالجتماعي‪ .‬في السابق‪ ،‬كانت األخبار تصل إلى الناس من خالل وسائل محددة تستغرق وقتًا للوصول‬
‫إليها‪ ،‬لكن اليوم‪ ،‬تصل المعلومات بشكل فوري وعلى مدار الساعة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يتزايد التحدي في ظل‬
‫انتشار المعلومات المضللة التي تتنافس مع الحقائق للوصول إلى الجمهور‪ .‬مثال على ذلك هو تداول‬
‫معلومات غير صحيحة حول الفيروسات ومغالطات كثيرة حول فيروس كورونا‪ ،‬حيث نفت وزارة‬
‫اإلعالم والصحة هذه المعلومات وأكدت الحقائق العلمية والطبية طيلة فترة الحجر الصحي‪ُ .‬يحث المصدر‬
‫على توخي الدقة والحذر من التصديق في المعلومات التي ال تأتي من حسابات رسمية‪ ،‬داعيًا إلى التعاون‬
‫في نشر الثقافة الصحية والقانونية بشكل صحيح‪ .‬المسؤولية في انتشار المعلومات المضللة تقع ايضا على‬
‫عاتق أفراد المجتمع معظم الوقت‪ ،‬حيث ُيشجع التحري على الحيطة في تتبع واستقاء المعلومات من‬
‫مصادر موثوقة‪ ،‬فالمصداقية تعتبر أكثر أهمية من سرعة الوصول للمعلومة‪.‬‬

‫أهمية الثقافة المعلوماتية والرقمية وسبل تعزيزها ‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬

‫يعتبر مجتمع المعلومات مسرًح ا حيث يلتقي التفاعل الرقمي بالتقدم التكنولوجي‪ ،‬وينشأ تفاعل دينامي‬
‫يشكل نمط حياة المجتمع بأكمله‪ .‬يمكن لتحسين ثقافة المعلومات أن ُيحدث تحواًل إيجابًيا في التعليم‪،‬‬
‫والعمل‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬مما يسهم في بناء مجتمع مستدام ومتقدم يستفيد بشكل كامل من إمكانيات العصر‬
‫الرقمي‪.‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬يبرز أن تعزيز ثقافة المعلومات يتطلب تفاعاًل مع جوانب متنوعة‪ .‬يشمل ذلك تعزيز‬
‫الوعي بمفهوم الحوسبة السحابية وتأثيرها على تحول األعمال وطرق التخزين والوصول للمعلومات‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجب على الفرد فهم تأثير الذكاء االصطناعي والتعلم اآللي على مختلف القطاعات‪،‬‬
‫مما يسهم في تحسين الفعالية والكفاءة في العمل‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬ينبغي أن يكون لدى الفرد مهارات البحث والتحليل النقدي لتقييم المصادر الرقمية بشكل‬
‫دقيق‪ ،‬مما يعزز قدرته على اتخاذ قرارات مستنيرة‪ .‬تعتبر هذه المهارات أساسية في عصر تميزت فيه‬
‫معلومات غزيرة ومتنوعة‪ ،‬مما يفتح أفًقا للفهم الشامل واالستفادة األمثل من التقنيات الحديثة‬

‫بالتأكيد‪ُ ،‬يمكن أيًض ا التركيز على جوانب أخرى لتحسين ثقافة المعلومات‪:‬‬

‫‪ .1‬التنويع الرقمي‪ :‬تعزيز التفاعل مع مجموعة متنوعة من التقنيات والمصادر الرقمية‪ ،‬مثل التعلم اآللي‪،‬‬
‫والواقع االفتراضي‪ ،‬والتحليالت الضخمة‪ ،‬لتعزيز التفاهم الشامل للتقنيات المستخدمة حالًيا‪.‬‬

‫‪ .2‬التركيز على التعليم‪ :‬إدماج مفاهيم ثقافة المعلومات في مناهج التعليم لتأمين تطوير هذه المهارات منذ‬
‫مراحل مبكرة وحتى التعليم العالي‪.‬‬

‫‪ .3‬التحفيز لالبتكار‪ :‬دعم بيئة تشجع على اإلبداع واالبتكار من خالل توفير فرص لألفراد لتطوير‬
‫مشاريعهم الخاصة وحالولهم التكنولوجية‪.‬‬

‫‪ .4‬التفاعل مع مفهوم "التحول الرقمي"‪ :‬تسليط الضوء على كيف يؤثر التحول الرقمي على مختلف‬
‫القطاعات مثل الصحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬واالقتصاد‪.‬‬

‫‪ .5‬تعزيز مفهوم "المواطنة الرقمية"‪ :‬فهم كيفية المشاركة الفّعالة في المجتمع الرقمي بمسؤولية وأخالقية‪.‬‬

‫اذن ‪ ,‬تكامل هذه الجوانب يسهم في بناء مجتمع يفهم ويستفيد من التكنولوجيا بشكل أفضل‪ ،‬مما يعزز‬
‫التنمية المستدامة والتفاعل اإليجابي مع التحوالت الرقمية‪.‬‬
‫‪ .V‬خالصة واستنتاجات‬
‫يتطلب تحسين ثقافة المعلومات أيًض ا تعزيز مفهوم األمان الرقمي‪ .‬يجب على األفراد فهم كيفية‬ ‫‪‬‬
‫حماية بياناتهم الشخصية وتعزيز الخصوصية في ظل التقدم التكنولوجي المستمر‪ .‬ذلك يشمل فهم‬
‫أساسيات تأمين الحسابات عبر اإلنترنت وتقدير المخاطر األمنية المحتملة‪.‬‬

‫يسهم تعزيز الوعي بأهمية الثقافة المعلوماتية في تعزيز مشاركة األفراد في المجتمع الرقمي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يتيح لهم ذلك التفاعل بفعالية في المجاالت االجتماعية والسياسية عبر الوسائط الرقمية‪ ،‬ويعزز‬
‫من مساهمتهم في تكوين المحتوى الرقمي بشكل إيجابي‪.‬‬

‫في الختام‪ُ ،‬يظهر هذا التحليل المعمق كيف يمكن لرفع مستوى الوعي بأهمية الثقافة المعلوماتية‬
‫أن يكون أساسًيا لتطوير مجتمع يستفيد بشكل كامل من التحوالت الرقمية‪ ،‬ويضمن تفاعاًل إيجابًيا‬
‫وفّع ااًل مع التكنولوجيا المعاصرة‪.‬‬

You might also like