Professional Documents
Culture Documents
كيف يمكن تحسيس الفرد وتمتين وعيه في ظل الزخم المتزايد للمعلومات
بأهمية الثقافة المعلوماتية والرقمية ؟
تمهيد :
يعرف مجتمع القرن العشرين ،بالعديد من التسميات مثل "المجتمع الشبكي" و"المجتمع الالسلكي" .يتميز
هذا المجتمع بسيطرة المعلومات على جوانب الحياة المختلفة ،من االقتصادية واالجتماعية إلى السياسية
والثقافية وحتى التقنية ,إن تعريف مجتمع المعلومات أصبح واضًح ا أثناء القمة العالمية في جنيف عام
،2003حيث تم تحديده كمجتمع يتيح لألفراد خلق والوصول إلى المعلومات واستخدامها وتبادلها .يتسم
مجتمع المعلومات بمجموعة من الخصائص ،بما في ذلك انتشار المعرفة ودور مؤسسات المعلومات ،مع
التركيز على تقدم التكنولوجيا وتأثيرها على اقتصاد المعلومات .نسلط في هذا المقال الضوء على أهمية
المعلومات في المجتمع ،وضرورة التفاعل السليم معها من قبل االفراد ،سواء كان ذلك بإنتاجها أو
استهالكها ،مع اإلشارة إلى أن المعلومات أصبحت مورًدا استثمارًيا واستراتيجًيا ومصدًر ا للدخل القومي
كما نجيب في هذا المقال عن سؤال محوري يخص الكيفية التي ينبغي أن يتموقع بها الفرد في هذه
المجتمعات الجديدة .أي في عصر المعلومات الحديث ،حيث أصبحت ثقافة المعلومات ركيزة أساسية
لتشكيل مجتمع المعرفة واالبتكار .بناء على ذلك ,يعكس هذا الموضوع أهمية تحسين الوعي الفردي
والجماعي بثقافة المعلومات ،خصوصا وأن هذه الثقافة تلعب دوًرا حاسًم ا في تحديد نهج االشخاص تجاه
التكنولوجيا وتشكل نظرتنا ازاء طرق استخدام المعلومات في حياتنا اليومية.
بذلك يكون الهدف من وراء كتابة هذا المقال ،أن نستعرض أساسا الكيفية التي يؤثر بها تطوير ثقافة
المعلومات على تشكيل مجتمع ناجح يتسم بالتفاعل االيجابي و الفعال مع التحوالت الرقمية.ومن ناحية
أخرى سنلقي الضوء على كيف يمكن لألفراد تحسين مهاراتهم في التعامل مع البيانات والمعلومات
الرقمية ،وذلك بالتركيز على التأثير االجتماعي واالقتصادي لتلك المهارات وانعكاساتها.
يشهد العصر الحالي انفجارًا معرفيًا وزيادة هائلة في حجم المعلومات ،مما يجعل التحدي قائما أمام الفرد
في التعامل مع هذا الكم الهائل من المعرفة الذي يتدفق عبر شبكة المعلومات الدولية ووسائل تقنية
المعلومات .تزيد هذه الظاهرة من صعوبة تطابق المناهج الدراسية ،سواء في المدارس أو الجامعات ،مع
التطورات السريعة والتضخم المعرفي .لمواجهة هذا التحدي ،بدأ التربويون في البحث عن وسائل فّعالة،
من بينها تقنية "التعلم الموجه ذاتيًا"ُ .يعتبر هذا النمط من التعليم جزءًا أساسيًا في العديد من الجامعات
والكليات العالمية .يتيح للطالب أخذ المبادرة بشكل أكبر في تحديد احتياجاتهم التعليمية ،وتحديد أهدافهم،
واختيار مصادر التعلم ،وتحديد استراتيجيات التعلم وتقييم نتائجه .يتحول التركيز في هذا النمط إلى كيفية
الحصول على المعلومات والتعامل معها بدًال من التركيز على المعلومات نفسها .يعزز هذا النمط من
تطوير المهارات بدًال من تعليم المعلومات ،حيث تظل المهارات ثابتة بينما تتغير المعلومات .ومن هنا
يصبح "التعلم الموجه ذاتيًا" مهارة أساسية وسيلة للحصول على المزيد من المعرفة عند الحاجة .يأتي هذا
النمط مع فوائد اقتصادية ،حيث يمكن لألفراد تلبية حاجاتهم التعليمية بمفردهم ،ويعزز االكتفاء الذاتي.
تسهم هذه الطريقة في التغلب على مشكلة زيادة الطلب على التعليم الشخصي في المجتمعات،
وتتيح لألفراد الحصول على المعرفة والمهارات بفعالية .المقال يختم بسؤال حول مكانة "التعلم الموجه
ذاتيًا" في النظام التعليمي المحلي ،مشيًر ا إلى أهمية تطوير هذه المهارة لدى الطالب بمساعدة المعلمين
والدعم الكافي لهم في هذا المجال.
.IIآليات تمتين وعي الفرد :
تحديد أهداف التعلم :يجب على الفرد تحديد أهداف تعلم محددة وقابلة للقياس تتعلق بتعزيز فهمه .1
لمفهومي الثقافة المعلوماتية والرقمية .يمكن تحقيق ذلك من خالل وضع خطة تعلم تشمل
المواضيع المحددة والمهارات التي يرغب في تطويرها
استخدام مصادر موثوقة :يجب على الفرد اعتماد مصادر موثوقة للمعلومات ،مثل الدوريات .2
العلمية ،والكتب األكاديمية ،والمواقع التي تنشر محتوى مدروس وموثوق .هذا يسهم في بناء
أساس قوي للمعرفة
تطوير مهارات التقييم :يتعين على الفرد اكتساب مهارات تقييم قوية ،مثل فحص مصداقية .3
المصادر وتقييم جودة المعلومات .يمكن تحقيق ذلك من خالل دراسة أساليب البحث العلمي
وتطبيقها في تحليل المعلومات
المشاركة في األنشطة األكاديمية :يعزز المشاركة في دورات تدريبية وورش عمل أكاديمية فهم .4
الفرد للتكنولوجيا والمعلومات .يمكن للفرد اختيار الدورات التي تتناسب مع اهتماماته وأهدافه
التعليمية
التفاعل مع البحث العلمي *:يساعد قراءة األبحاث العلمية والمقاالت األكاديمية في توسيع أفق .5
الفرد وتوفير فهم أعمق للمواضيع المعنية .يجب على الفرد االستفادة من المصادر األكاديمية
لتحليل وفهم التطورات في مجاالته المهنية
تطبيق نهج علمي :يعزز اعتماد نهج علمي في معالجة وتحليل المعلومات الفهم العميق والتمييز .6
بين الحقائق واآلراء .يشمل ذلك وضع فرضيات ،وجمع البيانات ،وتحليل النتائج بشكل منهجي
استخدام التكنولوجيا بذكاء :يجب على الفرد تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا بفعالية لتنظيم وفهم .7
المعلومات .استخدام تطبيقات وأدوات التنظيم والبحث يساعد في تسهيل الوصول إلى المعلومات
واستيعابها
التفاعل مع مجتمع األكاديميين :يمكن للفرد االستفادة من المشاركة في المناقشات األكاديمية .8
والمحافل العلمية لتوسيع دائرة تواصله مع الخبراء واألكاديميين .يساعد ذلك في تبادل الخبرات
واألفكار وتوسيع شبكة العالقات األكاديمية.
.IIIدور االعالم في تحسيس الفرد في ظل الزخم المتزايد للمعلومات والتحقق
من المعطيات
المعلومة تمثل غاية لكل باحث في وسائل اإلعالم ،سواء الرسمية أو غير الرسمية ،وخاصة في ظل
تقدم وسائل التواصل االجتماعي واالنتشار السريع للمعلومات .ورغم سهولة انتشار المعلومات ،يتزايد
التحدي في تفريق الحقيقة عن األخبار المضللة ،وهو ما يسبب أضرارًا جسيمة على المستوى الفردي
واالجتماعي .في السابق ،كانت األخبار تصل إلى الناس من خالل وسائل محددة تستغرق وقتًا للوصول
إليها ،لكن اليوم ،تصل المعلومات بشكل فوري وعلى مدار الساعة .ومع ذلك ،يتزايد التحدي في ظل
انتشار المعلومات المضللة التي تتنافس مع الحقائق للوصول إلى الجمهور .مثال على ذلك هو تداول
معلومات غير صحيحة حول الفيروسات ومغالطات كثيرة حول فيروس كورونا ،حيث نفت وزارة
اإلعالم والصحة هذه المعلومات وأكدت الحقائق العلمية والطبية طيلة فترة الحجر الصحيُ .يحث المصدر
على توخي الدقة والحذر من التصديق في المعلومات التي ال تأتي من حسابات رسمية ،داعيًا إلى التعاون
في نشر الثقافة الصحية والقانونية بشكل صحيح .المسؤولية في انتشار المعلومات المضللة تقع ايضا على
عاتق أفراد المجتمع معظم الوقت ،حيث ُيشجع التحري على الحيطة في تتبع واستقاء المعلومات من
مصادر موثوقة ،فالمصداقية تعتبر أكثر أهمية من سرعة الوصول للمعلومة.
يعتبر مجتمع المعلومات مسرًح ا حيث يلتقي التفاعل الرقمي بالتقدم التكنولوجي ،وينشأ تفاعل دينامي
يشكل نمط حياة المجتمع بأكمله .يمكن لتحسين ثقافة المعلومات أن ُيحدث تحواًل إيجابًيا في التعليم،
والعمل ،واالبتكار ،مما يسهم في بناء مجتمع مستدام ومتقدم يستفيد بشكل كامل من إمكانيات العصر
الرقمي.
في هذا السياق ،يبرز أن تعزيز ثقافة المعلومات يتطلب تفاعاًل مع جوانب متنوعة .يشمل ذلك تعزيز
الوعي بمفهوم الحوسبة السحابية وتأثيرها على تحول األعمال وطرق التخزين والوصول للمعلومات.
باإلضافة إلى ذلك ،يجب على الفرد فهم تأثير الذكاء االصطناعي والتعلم اآللي على مختلف القطاعات،
مما يسهم في تحسين الفعالية والكفاءة في العمل.
من ناحية أخرى ،ينبغي أن يكون لدى الفرد مهارات البحث والتحليل النقدي لتقييم المصادر الرقمية بشكل
دقيق ،مما يعزز قدرته على اتخاذ قرارات مستنيرة .تعتبر هذه المهارات أساسية في عصر تميزت فيه
معلومات غزيرة ومتنوعة ،مما يفتح أفًقا للفهم الشامل واالستفادة األمثل من التقنيات الحديثة
بالتأكيدُ ،يمكن أيًض ا التركيز على جوانب أخرى لتحسين ثقافة المعلومات:
.1التنويع الرقمي :تعزيز التفاعل مع مجموعة متنوعة من التقنيات والمصادر الرقمية ،مثل التعلم اآللي،
والواقع االفتراضي ،والتحليالت الضخمة ،لتعزيز التفاهم الشامل للتقنيات المستخدمة حالًيا.
.2التركيز على التعليم :إدماج مفاهيم ثقافة المعلومات في مناهج التعليم لتأمين تطوير هذه المهارات منذ
مراحل مبكرة وحتى التعليم العالي.
.3التحفيز لالبتكار :دعم بيئة تشجع على اإلبداع واالبتكار من خالل توفير فرص لألفراد لتطوير
مشاريعهم الخاصة وحالولهم التكنولوجية.
.4التفاعل مع مفهوم "التحول الرقمي" :تسليط الضوء على كيف يؤثر التحول الرقمي على مختلف
القطاعات مثل الصحة ،والتعليم ،واالقتصاد.
.5تعزيز مفهوم "المواطنة الرقمية" :فهم كيفية المشاركة الفّعالة في المجتمع الرقمي بمسؤولية وأخالقية.
اذن ,تكامل هذه الجوانب يسهم في بناء مجتمع يفهم ويستفيد من التكنولوجيا بشكل أفضل ،مما يعزز
التنمية المستدامة والتفاعل اإليجابي مع التحوالت الرقمية.
.Vخالصة واستنتاجات
يتطلب تحسين ثقافة المعلومات أيًض ا تعزيز مفهوم األمان الرقمي .يجب على األفراد فهم كيفية
حماية بياناتهم الشخصية وتعزيز الخصوصية في ظل التقدم التكنولوجي المستمر .ذلك يشمل فهم
أساسيات تأمين الحسابات عبر اإلنترنت وتقدير المخاطر األمنية المحتملة.
يسهم تعزيز الوعي بأهمية الثقافة المعلوماتية في تعزيز مشاركة األفراد في المجتمع الرقمي.
يتيح لهم ذلك التفاعل بفعالية في المجاالت االجتماعية والسياسية عبر الوسائط الرقمية ،ويعزز
من مساهمتهم في تكوين المحتوى الرقمي بشكل إيجابي.
في الختامُ ،يظهر هذا التحليل المعمق كيف يمكن لرفع مستوى الوعي بأهمية الثقافة المعلوماتية
أن يكون أساسًيا لتطوير مجتمع يستفيد بشكل كامل من التحوالت الرقمية ،ويضمن تفاعاًل إيجابًيا
وفّع ااًل مع التكنولوجيا المعاصرة.