You are on page 1of 20

‫اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية‬

‫أ‪.‬محمد نايف محمود**‬ ‫د‪.‬سعد محمود الكواز*‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تمثل المعرفة سالح الدول في تقدمها العلمي ‪ ،‬وقد عدها االقتصاديون عنصر اإلنتاج األساس‬
‫الذي ينتشر بالمشاركة ويزداد بالممارسة واالستخدام؛ وهي بمثابة العمود الفقري والمفتاح الرئيس‬
‫لنجاح دول العالم المختلفة ومنها العربية ‪ ،‬إذ تتحكم بها ثالث خصائـص‪ ،‬هي ؛ كونها موردا‬
‫اقتصاديا ‪ ،‬واعتبارها قطاعا قائدا من قطاعات االقتصاد المعاصر ‪ ،‬وتناولها الالمتناهي بين األفراد‪.‬‬

‫وتكمن أهمية البحث بمدى اعتماد الدول العربية على المعرفة للقيام بدورها التنافسي على‬
‫المستوى العالمي وما يرافقها من آثار ايجابية لدعم اقتصاداتها‪ .‬ويهدف البحث إلى التعرف على‬
‫اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية ومدى مساهمتها في االقتصاد المعرفي ‪.‬‬

‫وتستند فرضية البحث إلى ان الدول العربية تخطو خطوات سديدة للمشاركة في تطور‬
‫المعرفة سواء على صعيد الدول العربية بعضها مع البعض اآلخر من جهة أو بينها وبين دول العالم‬
‫الخارجي من جهة أخرى‪ .‬وتتلخص مشكلة البحث بمحدودية اإلمكانيات المتاحة للدول العربية في‬
‫اكتساب المعرفة ونشرها فضال عن قصورها في تحويل المعرفة الى حيز التنفيذ بما ُيمّك ن األفراد‬
‫اإلفادة منها لمواكبة التطور العالمي ‪.‬‬

‫واعتمد البحث اإلطار التحليلي ألوصفي والنظري لدراسة اتجاهات تطور المعرفة في الدول‬
‫العربية معتمدا على المصادر والبيانات المتيسرة للتوصل إلى مجموعة من االستنتاجات وبعض‬
‫المقترحات‪ .‬وتضمن البحث محورين أساسيين تناول األول؛ اإلطار النظري للمعرفة واالقتصاد‬
‫المعرفي ‪ ،‬وتم فيه استعراض مفاهيم المعرفة واستثمارها ومدى مساهمتها في االقتصاد المعاصر ‪،‬‬
‫وركز الثاني؛ على اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية والتي شملت استيعاب واكتساب ونشر‬
‫المعرفة ‪.‬‬

‫* أستاذ مساعد‪/‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪/‬جامعة الموصل‪.‬‬


‫** مدرس مساعد‪/‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪ /‬جامعة الموصل‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬اإلطار النظري للمعرفة واالقتصاد المعرفي‬

‫‪1‬‬
‫لقد شهدت العقود القليلة الماضية تسارعا في وتيرة التغير نحو اقتصاد المعرفة* ‪ ،‬ذلكإنإنتاج‬
‫المعرفة كان مناولوياتدولالعالم المختلفة باعتبار المعرفة مناألساسياتالهامة لتحريك النمو‬
‫االقتصاديفيها‪ ،‬واناالعترافبالمعرفة كموجود جوهريغير ملموسماديا وضع تحديات جديدة‬
‫أمام إدارة المعرفة ودفعها إلعادة ترتيب اولوياتها (الدرويش‪،‬الكبيسي‪ .)14 ، 2003،‬كما أن‬
‫التطور المعرفي لدولالعالم المتقدم والنامينتج عنه أاستحداثالعديد منالتطبيقاتالمفيدة التي‬
‫أسفرتعنامكاناتهائلةفي التدريبوالتعليم السيما التعليم عنبعد وأساليبالعالج وتوفير المعرفة‬
‫لإلفراد‪.‬‬
‫ماهي المعرفة؟‬ ‫‪1-1‬‬
‫تعد المعرفة ركيزة أساسية في نمو وتطور اقتصادات جميع الدول فهي الشكل االساس لراس‬
‫المال الفكري؛ وتراكم المعرفة هو الدافع إلى تحريك النمو االقتصادي(‪An Engine of‬‬
‫‪ )Growth‬ذلك انه وخالفا لجميع االختراعات عند اكتشافها ال يمكن احتكارها‪،‬و تتميز بسرعة‬
‫انتشارها(‪) Thoreson,2000,2‬وصعوبة منع اآلخرين من استخدامها‪ ،‬كما أنها خليط من التعلم‬
‫والخبرة المتراكمة المعتمدة على الفهم واإلدراك البشري (نديم‪.)1 ،2004 ،‬وتظهر قيمتها كونها‬
‫يمك أن تتحول إلى سلع وخدمات يكون األفراد على استعداد لدفع تكلفتها من اجل الحصول عليها‬
‫مما يؤدي إلى تحقيق إيرادات ومنافع اقتصادية ‪ .‬والمعرفة ال يمكن أن تتوفر إال من خالل التعليم‬
‫بكافة أنواعه وبمختلف مراحله‪ ،‬وال يمكن االعتماد على اكتسابها من التمهن والتدريب فقط ‪ ،‬غير‬
‫انه الننكر أن التمهن والتدريب مع فرصة من التعليم يمكن ان تخلق نوعا من اإلبداع ‪ .‬وتحت وطأة‬
‫االفتقار إلى الوقت الكافي ال يتمكن جميع األفراد من التعلم واكتساب معارف جديدة ‪ ،‬لذا فان نوعية‬
‫التعليم والتعلم تحتل أهمية خاصة في اقتصاد المعرفة ‪.‬‬

‫مساهمة المعرفة في االقتصاد المعاصر (االقتصاد المعرفي)‪:‬‬ ‫‪1-2‬‬


‫لقد اعتمد االقتصاد الكالسيكي على عنصري العمل وراس المال ‪ ،‬في حين ركز االقتصاد‬
‫المعاصر على المعرفة ومستخدميها (‪ ، ) Daft,2001, 257‬ذلك إن مساهمة المعرفة في هذا‬
‫االقتصاد يمكن أن تخلق أرضية لإلبداع من خالل التطورات التكنولوجية الحديثة التي تكون الدافع‬
‫الرئيس للنمو االقتصادي‪ .‬كما يختلف عن االقتصادات األخرى كونه اقتصاد وفرة أكثر منه اقتصاد‬
‫ندرة ‪ ،‬فعلى عكس اغلب الموارد التي تنضب من جراء االستهالك تزداد المعرفة بالممارسة‬
‫واالستخدام وتنتشر بالمشاركة ‪ ،‬فضال عن أن اقتصاد المعرفة يسمح باستخدام التقانة المالئمة بخلق‬
‫أسواق تلغي قيود الزمان والمكان ‪.‬‬

‫إن انتقال التوازن بين المعرفة والموارد في االقتصاد العالمي نحو المعرفة التي أصبحت‬
‫العامل األكثر أهمية في تحديد مقياس الحياة ‪ ،‬أدى إلى تسارع عجلة التطور التكنولوجي من العصر‬
‫الصناعي إلى عصر المعلومات ‪ ،‬إذ يمكن النظر إلى تكنولوجيا المعلومات ليس كدافع للتغيير وإنما‬
‫كأداة إلطالق القدرة اإلبداعية والمعرفة المتجسدة في األفراد ‪ ،‬حيث بلغت معدالت انتشار االنترنيت‬
‫في بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي نحو (‪ )150‬ألف مستخدم و (‪ )200‬ألف جهاز و (‪)2‬‬

‫* كانت بداية البحوث الكاملة في هذا المجال في كانون الثاني ‪ ، 1999‬والتي عن طريقها قدمت بداية العمل في اقتصاد المعرفة في‬
‫نيسان ‪ ،1999‬للتفاصيل ينظر ‪:‬‬
‫‪National information technology council (nitc) < Malaysia , (K-Economy – introduction and‬‬
‫‪background ,www.nitc.org.‬‬

‫‪2‬‬
‫مليون صفحة جديدة في اليوم الواحد ‪ ،‬كما ارتفع حجم التجارة االلكترونية التي تتم من خالل‬
‫االنترنيت من (‪ )45‬مليون دوالر سنة ‪ 1998‬إلى ما يقارب (‪ )7‬تريليون دوالر في مطلع سنة‬
‫‪( 2004‬االسكوا‪ . )2 ،2003 ،‬وهذا يدلل على مدى التطور في مجاالت المعرفة المختلفة وتهيئة‬
‫وبناء القدرات البشرية التي تتمكن من التوصل إلى اكتساب المعرفة ‪.‬‬

‫مجتمع المعرفة‪:‬‬ ‫‪1-3‬‬


‫هناك تحول جوهري من مجتمع صناعي إلى مجتمع المعرفة ‪ ،‬إذ أن المعرفة تبقى هي القوة‬
‫الدافعة والمسيطرة في المجتمع الذي تستخدم فيه المعلومات بكثافة في مختلف أوجه الحياة ‪ ،‬أي انه‬
‫يعتمد على التكنولوجيا الفكرية التي تضم سلعا وخدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوى العاملة‬
‫المعلوماتية التي تقوم بإنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذه السلع والخدمات ‪،‬‬
‫ولمجتمع المعرفة مجموعة خصائص ينفرد بها عن باقي المجتمعات منها (محي الدين‪، 2004 ،‬‬
‫‪ )1‬؛ استخدام المعرفة كمورد اقتصادي من خالل استغاللها واالنتفاع بها خاصة بتواجد اتجاه‬
‫متزايد نحو استخدام المعرفة للعمل على تحسين االقتصاد الكلي للدولة ‪ ،‬كذلك االستخدام المتناهي‬
‫للمعرفة بين الجمهور الذي يستخدم المعرفة لممارسة حقوقه ومسؤولياته ‪ ،‬فضال عن إنشاء نظم‬
‫المعرفة التي توسع من إتاحة التعليم والثقافة لكافة األفراد‪ ،‬وبذا تكون المعرفة عنصرا الغنى عنه‬
‫في الحياة اليومية ألي فرد ‪ .‬وال ننسى أن ظهور قطاع المعرفة في المجتمع أصبح بال شك قطاعا‬
‫مهما من قطاعات االقتصاد ‪ .‬وللحفاظ على مجتمع معرفي سليم البد أن تكون هناك عدة إجراءات‬
‫يمكن اتخاذها للمساهمة في الحفاظ على المكتسبات من المعرفة منها (المسلم‪: )1، 2003 ،‬‬

‫توثيق الخبرات وحفظها في قاعدة بيانات تجعلها متاحة لالستخدام ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫استخدام المعلومات ألعداد أي دراسة بجهد وتكلفة اقل ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وضع إجراءات وطريقة عمل تضمن االتصال المباشر والتواصل بين أصحاب الخبرة‬ ‫‪-‬‬
‫والمعرفة واآلخرين بشكل منظم ومستمر ‪.‬‬

‫زيادة القدرات االبتكارية ورفع مستوى اإلبداع عن طريق ضمان التدفق الحر للمعلومات‬ ‫‪-‬‬
‫وتبادل الخبرات بين مختلف الدول‪.‬‬

‫إدارة المعرفة‪:‬‬ ‫‪1-4‬‬


‫إن المجتمع الذي يعتمد أساسا على المعلومات كمورد استثماري وكسلعة استراتيجية وكخدمة‬
‫وكمصدر للدخل وكمجال للقوى العاملة ‪ ،‬البد وان تكون هناك إدارة تقوم بتفعيل هذه الخدمات‬
‫وتقديمها بالشكل الصحيح ‪ ،‬فإدارة المعرفة ٌتّع رف بأنها العمليات التي تساعد الدول على توليد‬
‫المعرفة واختيارها وتنظيمها واستخدامها ونشرها ‪ ،‬وهي تسعى إلى إقامة العالقات بين األفراد‬
‫وتشجيع مشاركتهم في الخبرات والتعلم والقدرة على التكيف واالبتكار ‪ ،‬كما تدعم وتساند التعليم‬
‫الفردي والجماعي ‪ .‬إن إدارة المعرفة هي بالذات عملية إدارة الخبرات العلمية والمعلوماتية‬
‫والحفاظ عليها واالستفادة منها في الحصول على مزايا تنافسية وتحقيق اكبر قدر ممكن من التفوق‬

‫‪3‬‬
‫لدعم تلك المعرفة ‪ ،‬وذلك من خالل رفع مستوى كفاءة األداء وزيادة مستوى االبتكار واإلبداع ‪ ،‬ذلك‬
‫إن الخبرة واإلشراف هي إحدى وسائل نقل المعرفة باستخدام طرق ووسائل علمية وعملية متطورة‬
‫للحفاظ على تلك المعرفة ‪ ،‬وان أساس اقتصاد المعرفة هو اإلدارة للعلم والتكنولوجيا (‬
‫‪ )Swanstrom,2002,5‬وهناك ثالثة عوامل أساسية لالهتمام بغدارة المعرفة ‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫إن التقدم السريع الذي حصل في الموارد المعرفية جعل من عملية المشاركة‬ ‫‪.1‬‬
‫بالمعرفة أكثر سهولة وسرعة ‪ ،‬إضافة الى ربط األفراد بشبكات اتصاالت كان‬
‫الغرض منها اكتساب المعرفة والمشاركة فيها‪.‬‬
‫بتحول األساس االقتصادي للدول من الموارد الطبيعية إلى الموارد المعرفية ومنها‬ ‫‪.2‬‬
‫راس المال المعرفي الذكائي ‪ ،‬أدى إلى توجه تلك الدول إلى تقييم الموارد المعرفية‬
‫وكيفية توظيفها واستخدامها استخداما امثال ‪.‬‬
‫إن االهتمام المتزايد بالموارد المعرفية يبين مدى سعي الدول إليجاد بيئة ونظام‬ ‫‪.3‬‬
‫يبحثان عن المعرفة الجديدة وتوظيفها في المكان والزمان الصحيحين ‪.‬‬

‫‪5 -1‬استثمار المعرفة‬


‫هناك مجموعة فقرات أساسية تعد دليال يرشد الدول إلى كيفية استثمار المعرفة وتحويلها قيد‬
‫التنفيذ ‪ ،‬وهي(االسكوا‪: )6 ،2003 ،‬‬
‫‪ -‬اإلصرار على تحديد رؤية موحدة واضحة وشاملة والمواظبة على تحقيقها عبر برنامج‬
‫عمل محدد و دؤوب ‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق شعور لدى األفراد وارتباطه بوجوب امتالك الدولة للبنى التحتية ‪ ،‬وتدخل الدولة‬
‫لحماية اإلفراد ‪،‬وتأمين الحد األدنى من االستقرار ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على جعل المعرفة قاعدة استراتيجية لتحديث اإلنتاج وتنويع الدخل للدول عبر‬
‫الصناعات الذكية لتكون مصدرا لتطوير العنصر البشري ألداء أفضل ‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون المعرفة أساس لتفعيل االقتصاد المعرفي وتحوله نحو االقتصاد المنشود بتوزيع‬
‫عادل للثروات وحياة أفضل لألفراد ‪.‬‬

‫ومما سبق يتبين إن المعرفة هي منطلق الحاجة لألفراد وان الحاجة للمعرفة تبقى المحور‬
‫األساس في مصير الدول ألنها تشكل الرافد الذي يغذي الحاجات األخرى وجمودها يعني توقف‬
‫نمو اقتصادات هذه الدول ونقصان في متطلباتها األساسية األخرى فتتخلف عن مسيرة الحياة وتقع‬
‫أسيرة في ربقة الدول التي تمتلك سالح المعرفة والعلم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اتجاهات تطور المعرفة في الدول ٍٍالعربية‬

‫‪4‬‬
‫تمثل المعرفة عماد االقتصاد المعاصر خاصة في عصر العولمة ‪ ،‬وهذا يعني أهمية التحول‬
‫إلى قطاع المعرفة وثباته في عالم اليوم ‪ ،‬في الوقت الذي تعاني الدول العربية من فجوة واضحة في‬
‫هذا المجال على الرغم من محاولة البعض منها االنفتاح نحو عالم المعرفة لتواكب ثورة االتصاالت‬
‫وتكنولوجيا المعلومات ‪ ،‬والسير في ركاب الدول المتقدمة ‪ ،‬وجعل المعرفة ركيزة استراتيجية تعتمد‬
‫عليها باستخدام ثالثة اتجاهات مختلفة هي ‪ :‬األول ؛ استيعاب المعرفة ‪ ،‬والثاني ؛ اكتساب المعرفة ‪،‬‬
‫والثالث ؛ نشر المعرفة ‪ 0‬غير إن هذه االتجاهات ال يمكن تحقيقها إال من خالل اعتماد خطوات ثابتة‬
‫في تحصيل المعرفة والتي تعتبر ركائز مهمة وبنى تحيتة يستند عليها استحصال المعرفة ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫التعليم بكل مستوياته ومختلف أنواعه ؛ البحث والتطوير ومخرجاته ؛ وجوانب الفجوة الرقمية‬
‫(التقانات ‪،‬المعلومات ) ‪ ،‬وكلما تعددت مصادر المعرفة كلما كان مردود التعلم أكثر مع مراعاة أثر‬
‫العنصر البشري كمصدر للمعرفة(سالمة‪. )20 ،2002 ،‬‬

‫‪: 2-1‬استيعاب المعرفة‪:‬‬


‫يتضمن تزويد األفراد بالقدرة على استخدام المعرفة من خالل عدة ركائز منها (تقرير التنمية‬
‫اإلنسانية العربية ‪: )6 ،2002،‬‬

‫‪ -‬التعليم ‪:‬‬
‫لقد أحرزت الدول العربية خالل السنوات الماضية تقدما في تقليص أالمية ونشر التعليم ‪ ،‬إذ‬
‫انخفض معدل أالمية بين البالغين من ‪ % 60‬سنة ‪ 1980‬إلى ‪ %43‬سنة ‪ 1995‬والى ‪ %39‬سنة‬
‫‪ ( 2001‬األمين‪ ، )170 ،2003 ،‬ومع ذلك فان معدالت األمية في الدول العربية ال تزال أعلى‬
‫من المتوسط العالمي وأعلى من متوسطها في الدول المتقدمة والدول النامية (الحظ الشكل ‪ .)1-‬أما‬
‫نسبتها حسب النوع (إناث وذكور) فتبقى بين اإلناث أعلى منها بين الذكور‪ ،‬وعند المقارنة مع‬
‫نسبتها على المستوى العالمي والدول المتقدمة والدول النامية فتبقى النسبة أعلى في الدول العربية‬
‫مقارنة مع هذه الدول ( الحظ الشكل ‪. )2‬‬

‫‪5‬‬
6
7
‫وفيما يخص نشر التعليم فقد كان أكثر من ‪ %90‬من الذكور و‪ %75‬من اإلناث سنة ‪1995‬‬
‫ملتحقين بالمدارس االبتدائية‪ ،‬وما يقارب ‪ %60‬من الذكور و‪ %50‬من اإلناث ملتحقين‬
‫بالمدارس الثانوية(الدعمة‪ . )148-140 ،2002 ،‬وعلى مستوى التعليم العالي تفوقت الدول‬
‫العربية في أدائها على جميع الدول النامية باستثناء أمريكا الالتينية والكاريبي من حيث جميع‬
‫معدالت التحاق اإلناث والذكور‪ .‬وهذه النسب تعزز التوجه نحو تنمية القدرة البشرية المعرفية في‬
‫الدول العربية ‪ ،‬وتعكس هذه اإلنجازات توجه هذه الدول طويل األجل نحو بناء نظم تعليم تستجيب‬
‫لمتطلبات واحتياجات األجيال الجديدة القادمة ‪ ،‬غير انه ورغم الخطوات الواضحة المعالم التي‬
‫خطتها الدول العربية في مجال التعليم ‪ ،‬خاصة منذ منتصف القرن العشرين وحتى مطلع القرن‬
‫الحادي والعشرين ‪ ،‬إال أن اإلنجاز التعليمي فيها ككل ال يزال متواضعا ‪ ،‬إذا ما قورن باإلنجازات‬
‫التي تمت في أماكن أخرى من العالم وفي نفس المجال‪.‬‬

‫‪ -‬البحث والتطوير‪:‬‬
‫يمثل مجموعة من األنشطة التي تعتمد المعارف والخبرات كمدخالت ‪ ،‬وتكون مخرجاتها‬
‫معرفة جديدة ‪ ،‬أو توسيع لمعرفة قائمة ‪ ،‬ويعد استقصاءا منهجيا في سبيل زيادة المعرفة (الشراح‪،‬‬
‫‪ ، )179 ،2003‬وبالنظر إلى ما أحرزته الدول العربية من تقدم في هذا المجال حتى أالن إال انه‬
‫مازال ضعيفا نسبيا ‪ ،‬إذ يالحظ الطبيعة المحدودة لمخرجات البحث والتطوير ومحدودية استخدامها‬
‫في الدول العربية ‪ ،‬ويعد مقارنة ناتج النشر العلمي نسبة للفرد مؤشرا على أداء هذه الدول ‪،‬إذ يالحظ‬
‫متوسط الناتج فيها لكل مليون فرد يمثل ‪ %2‬تقريبا من نظيره في دولة صناعية سنة ‪، 1995‬رغم‬
‫إن الناتج العلمي قد ازداد من ‪ 11‬ورقة بحثية لكل مليون فرد سنة ‪ 1985‬إلى ‪ 26‬ورقة بحثية لكل‬
‫مليون فرد سنة ‪ . 2003‬ويعد تمويل البحث والتطوير في الدول العربية من أكثر المستويات‬
‫انخفاضا في العالم ‪ ،‬إذ بلغ معدل اإلنفاق العلمي نسبة إلى الناتج المحلي اإلجمالي ‪ %1.4‬فقط في‬
‫الدول العربية سنة ‪ 1996‬مقابل ‪ %2.9‬لليابان و‪ % 1.62‬لكوبا لنفس السنة ( تقرير التنمية‬
‫اإلنسانية العربية ‪ . )61 ،2002،‬أما عن عدد علماء البحث النشطاء وعدد المقاالت ذات‬
‫االقتباسات لكل مليون فرد سنة ‪، 1987‬يالحظ من (الجدول ‪ )1‬إن عدد علماء البحث في الواليات‬
‫المتحدة قد بلغ ‪ ، 466211‬وعدد المقاالت التي يزيد معدل االقتباس منها عن ‪ 40‬مرة بلغ‬
‫‪ . 10481‬تليها سويسرا واستراليا وحسب مامثبت في الجدول المذكور ‪ .‬أما في الدول النامية‬
‫(الهند ‪ ،‬الصين ‪ ،‬كوريا ) فقد بلغ عدد علماء البحث ( ‪ ) 2255، 15558، 29509‬على التوالي ‪.‬‬
‫أما في الدول العربية (مصر ‪ ،‬السعودية ‪ ،‬الكويت ‪،‬الجزائر ) فقد بلغ عدد علماء البحث (‪،3782‬‬
‫‪ ) 362، 884، 1915‬على التوالي ‪.‬‬

‫وفيما يخص عدد المقاالت التي يزيد االقتباس منها عن ‪ 40‬مرة ‪ ،‬فقد بلغ في الدول المتقدمة‬
‫سويسرا واستراليا (‪ )280 ، 523‬على التوالي‪ ،‬أما في الدول النامية (الهند ‪ ،‬الصين ‪ ،‬كوريا) فقد‬
‫بلغ ( ‪ )5 ،31،31‬على التوالي ‪ ،‬وفي الدول العربية المذكورة أعاله فقد بلغ (‪ )1،1،1،1‬على‬
‫التوالي ( الحظ الجدول ‪. )1‬‬

‫‪8‬‬
‫( الجدول ‪ )1-‬يوضح عدد علماء البحث النشطاء وعدد المقاالت ذات االقتباسات المرجعية‬
‫العديدة لكل مليون فرد سنة ‪1987‬‬
‫عدد المقاالت التي يزيد‬ ‫عدد علماء البحث‬ ‫الدولة‬
‫االقتباس منها عن ‪ 40‬مرة‬
‫‪10481‬‬ ‫‪466211‬‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية‬
‫‪523‬‬ ‫‪17028‬‬ ‫سويسرا‬
‫‪280‬‬ ‫‪24963‬‬ ‫استراليا‬
‫‪31‬‬ ‫‪29509‬‬ ‫الهند‬
‫‪31‬‬ ‫‪15558‬‬ ‫الصين‬
‫‪5‬‬ ‫‪2255‬‬ ‫كوريا‬
‫‪1‬‬ ‫‪3782‬‬ ‫مصر‬
‫‪1‬‬ ‫‪1915‬‬ ‫السعودية‬
‫‪1‬‬ ‫‪884‬‬ ‫الكويت‬
‫‪1‬‬ ‫‪362‬‬ ‫الجزائر‬
‫المصدر‪:‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية ‪ ،2002 ،‬ص ‪. 62‬‬

‫ويتبين من المؤشرات المعروضة في أعاله ‪ ،‬إن نوعية اإلنتاج العلمي في الدول العربية‬
‫الداخلة في المقارنة ينخفض عن مستواه في الدول النامية ‪ ،‬وهو اقل بكثير من الدول المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬الفجوة الرقمية‪:‬‬
‫يمكن توضيح األبعاد المختلفة للفجوة الرقمية من خالل الدورة الكاملة الكتساب المعرفة والتي‬
‫تشمل ؛ النفاذ إلى المعلومات‪ ،‬وتنظيم المعلومات‪ ،‬واستخالص المعرفة‪ ،‬وتطبيق المعرفة الجديدة‬
‫‪ .‬باإلضافة إلى العناصر األساسية إلقامة صناعة المعلومات والتي تشمل ؛ محتوى المعلومات‬
‫ومعالجتها وتوزيعها (األمين‪ ،‬مصدر سابق‪ .)181-175 ،‬ويمكن القول إن من أهم األسباب‬
‫وراء إعاقة سريان التيار المعرفي في الدول العربية ‪ ،‬هو أن المعرفة في عصر المعلومات هي‬
‫وثيقة الصلة بالتقانة مما يجعل عمليتي توليد المعرفة وتوظيفها رهنا بمستوى التقدم التقاني ‪ ،‬وهذا‬
‫ما تفتقر له المؤسسات الرسمية في الدول العربية‪.‬‬
‫ومن خالل اإلحصاءات إلتي أجريت لعدد من المؤشرات مثل ‪ :‬عدد الهواتف الثابتة‪ ،‬وعدد‬
‫الحواسيب الشخصية ‪ ،‬وعدد مواقع االنترنيت ومستخدميها منسوبة إلى إجمالي عدد السكان ‪ ،‬تبين‬
‫إن الدول العربية تأتي ضمن الشرائح الدنيا لهذه التوزيعات اإلحصائية ( الحظ الشكل ‪. )3‬إذ فيما‬
‫يخص نسبة الهواتف الثابتة وعدد الحواسيب الشخصية إلى إجمالي عدد السكان ؛ تأتي الدول‬
‫العربية في موضع البأس به‪ ،‬إال أنها تأتي في ذيل القائمة فيما يخص عدد مواقع االنترنيت وعدد‬
‫مستخدمي هذه الشبكة‪ .‬ومن هنا يمكن القول ان المؤشرين األخيرين أكثر داللة على مستوى‬
‫التنمية المعلوماتية والمعرفية ‪ ،‬حيث يعبران عن مدى تجاوب المجتمع العربي مع تقانات‬
‫المعلومات واالتصال ‪ ،‬وعلى مدى استيعاب المعرفة من خالل تزويد األفراد بالقدرة على‬

‫‪9‬‬
‫استخدامها ‪ .‬ومع أننا ال ننكر إن لكل مجتمع وضعه الخاص كما للمجتمع العربي‪ ،‬ولكن تبقى هناك‬
‫مجموعة أسباب لها األثر في توسيع الفجوة الرقمية بين المجتمع العربي والمجتمع المتقدم ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ -‬إن تقانات المعلومات واالتصال ذات قابلية عالية لالحتكار لصالح الدول المتقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬إن انتقال اقتصادات العالم المتقدم إلى اقتصاد المعرفة عمل على تحويل عملية إنتاج‬
‫المعرفة على أساس الربحية ‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع كلفة إنشاء البنى التحتية لطرق المعلومات فائقة السرعة ‪ ،‬وهذا ما تعجز الدول‬
‫العربية عن تحقيقه ‪.‬‬
‫ومن خالل ما تقدم يبقى القول إن نجاح الدول العربية في تضييق الفجوة الرقمية بينها وبين‬
‫الدول المتقدمة يعتمد بشكل أساس على تضييق الفجوة بين الدول العربية بعضها مع البعض األخر(‬
‫الحظ الشكل ‪ ، )4‬وهذا ما يوحي إلى ضرورة إقامة تكتل عربي على أساس معرفي ‪.‬‬

‫‪10‬‬
11
12
‫‪ 2-2‬اكتساب المعرفة‪:‬‬
‫يعد اكتساب المعرفة وسيلة هامة لبناء قدرة اإلنسان‪ ،‬ذلك إن المعرفة هي العنصر الرئيس في‬
‫اإلنتاج ‪ ،‬وعليه فأن هناك تكامال بين اكتساب المعرفة والقوة اإلنتاجية في إي مجتمع‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس فان قلة المعرفة وركود تطورها يؤديان إلى ضعف القدرة اإلنتاجية‪ ،‬وتضاؤل فرص التنمية‬
‫في الدول التي تعاني من نقص فيها‪ ،‬إذ أصبحت المعرفة المحدد األساس لمقدرات الدول في الماضي‬
‫وعالم اليوم (‪ ، )Hayek,1937,1‬ونظرا لما تعانيه الدول العربية من ضعف في التطور التقاني‬
‫فان اكتساب المعرفة يجب أن ال يقتصر على بناء قاعدة معرفية لتوليد معرفة جديدة حسب‪ ،‬وإنما‬
‫يتعدى إلى جني المعرفة المتواجدة في أماكن أخرى من العالم (تقرير التنمية اإلنسانية العربية‪،‬‬
‫مصدر سابق‪ ،)7،‬وذلك عن طريق االنفتاح نحو أسواق المعرفة العالمية وتشجيع االنسياب الحر‬
‫للمعلومات واألفكار ‪ ،‬والعمل على استيراد وتكييف التقانة واستيعابها من خالل الممارسة ريثما‬
‫تتوافر البيئة الضرورية للتطوير التقاني العربي والمتمثلة في إنشاء نظام إنتاج واسع ومتنوع نابض‬
‫بالحيوية‪ ،‬وسوق قادرة على توفير تكاليف التطوير التقاني فيها ‪ ،‬وهذا هو بالذات ما تفعله الدول‬
‫العربية في الوقت الحالي‪ ،‬إذ تستورد أحدث التجهيزات التكنولوجية استجابة لرغبات المستهلك‬
‫العربي وتماشيا مع متطلبات العالم الجديد‪ .‬ولكن يبقى السؤال هل يكتفي المجتمع العربي بما تقدمه‬
‫الدول العربية أمام رغبته في دخول مجتمع المعرفة ؟‪ .‬إن الشروع في العمل على اكتساب المعرفة‬
‫يتطلب االستفادة من بعض العوامل االيجابية ؛ ومنها إن تكلفة األجهزة االلكترونية في الوقت‬
‫الحاضر هي نصف تكلفتها قبل خمس سنوات ‪ ،‬وان اكتساب المعرفة يمكن تسخيره عن طريق تلبية‬
‫الطلب الشباع رغبة األفراد في الدول العربية للدخول إلى مجتمع المعرفة مع ما يتناسب والتطور‬
‫التكنولوجي الذي يزخر به العالم المتقدم وبما يتالءم وخصوصية المجتمع العربي (األمين ‪ ،‬مصدر‬
‫سابق ‪، )178،‬ويتم ذلك من خالل تحسين القدرات المؤسسية والبشرية بوضع برامج مناسبة‬
‫وتنمية قطاع المعرفة كقطاع منتج ‪ ،‬ومحاولة إحالل إنتاج المعرفة في المدى المتوسط محل‬
‫استيرادها من الخارج ‪ .‬وهذه المؤشرات تعتبر الحل االمثل في اكتساب المعرفة نظرا لالمكانات‬
‫التي تضطلع بها الدول العربية في الوقت الحالي ‪.‬‬

‫‪:2-3‬نشر المعرفة ‪:‬‬


‫إن بناء راس المال البشري راقي النوعية هو تحدي المستقبل في الدول العربية مجتمعة ‪،‬وان‬
‫الفرد العربي كمتطلع نحو عالم المعرفة وبأوسع نشاطاته ال يكتفي بأن يكون مكتسبا للمعرفة وإنما‬
‫يسعى للحصول عليها ليتمكن من المشاركة الفاعلة في عالم القرن الحادي والعشرين ‪ .‬لذا من‬
‫الضروري إعطاء األولوية لتخفيض تكلفة الوصول إلى االنترنيت والذي يعتبر وسيلة أساسية لنشر‬
‫المعرفة بحيث تصبح متاحة لجميع األفراد ‪،‬أما بالنسبة للموارد البشرية وتطوير العنصر البشري‬
‫فينبغي أن تعطى األهمية لتدريب كوادر متخصصة وتأهيلهم كمعلمين للحاسوب وذلك لكي يتمكنوا‬
‫من تدريب اكبر عدد ممكن من األفراد على استخدام الحاسوب الذي يعتبر األساس في استخدام‬
‫االنترنيت (تقرير التنمية اإلنسانية العربية ‪ ،‬مصدر سابق ‪ . )8-7،‬كما أن التنسيق بين الدول‬
‫العربية يعد أساسيا لضمان التوافق بين نظم وأساليب المعرفة لربطها مع بعضها البعض واالستفادة‬
‫من وفورات الحجم الكبير في البحث عن الحلول للمشكالت المشتركة ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ولقد سعت العديد من الدول العربية في مجال نشر المعرفة إلى إنشاء مدن االنترنيت لتكون‬
‫مناطق جذب لمختلف المؤسسات العاملة في تطبيقات تكنولوجيا االتصاالت والمعلومات ‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬إذ أنشئت مدينة دبي لالنترنيت ‪ ،‬والتي حققت خطوات‬
‫متقدمة في تطور الشركات االلكترونية ‪،‬واستخدام تطبيقات التبادل االلكتروني في موانئ دبي‬
‫لتسريع التبادل التجاري السلعي ‪ .‬كما توجهت جمهورية مصر العربية نحو تحرير االتصاالت‬
‫والمعلومات ‪ ،‬وتطوير بيئة محفزة في هذا القطاع ‪،‬باإلضافة إلى ما قدمته من إتاحة خدمات‬
‫االنترنيت بدون رسوم اشتراك وبما ال يزيد عن تكلفة مكالمة هاتفية محلية ‪ ،‬والعمل على إنشاء‬
‫القرية الذكية ‪ .‬وفي البحرين تم إصدار الهوية االلكترونية لإلفراد وتطبيق نظام التصويت‬
‫االلكتروني بصورة تجريبية سنة ‪ . 2001‬وفي االردن هناك مبادرة طموحة للقطاع الخاص إلنتاج‬
‫وتصدير البرمجيات وأجهزة الحاسوب وااللكترونيات ‪ .‬وفي سوريا تم افتتاح الجامعة االفتراضية‬
‫السورية سنة ‪، 2002‬والتي تسمح باستخدام االنترنيت للحصول على الدرجات األكاديمية من‬
‫الجامعات األجنبية في مختلف أنحاء العالم ‪ .‬فضال عن إطالق أول مشروع مشترك بين دبي‬
‫واألزهر الشريف يهدف إلى إتاحة اإلطالع على المخطوطات اإلسالمية وكل ما يتعلق بالمعرفة‬
‫والثقافة والتراث العربي اإلسالمي ‪.‬‬
‫إن هذه النجاحات تدلل على إن توفر اإلرادة والبيئة المناسبة لنشر المعرفة مع مشاركة فعالة‬
‫للقطاع الخاص ستؤدي إلى تحقيق نتائج ايجابية في هذا المجال ‪،‬ولكن تبقى هذه التجارب‬
‫واإلنجازات قيد بعض الدول العربية كل على حدى ‪،‬أما على مستوى الحالة المعرفية للعالم العربي‬
‫ككل فال توجد سياسات معلوماتية ومعرفية واضحة المعالم ‪ ،‬إضافة إلى الفوضى في اقتناء نظم‬
‫المعرفة ‪ ،‬كما إن المشكلة القائمة في الدول العربية وفي هذا المجال بالذات ال تتمثل بندرة أو وفرة‬
‫المعرفة بقدر ما تتمثل بعدم كفاءة انتشار واستخدام هذه المعرفة فيها ‪ .‬ولعل العامل األساس هو عدم‬
‫قدرة التعليم في هذه الدول على توفير متطلبات المواكبة بحيث أصبحت الدول العربية بعيدة نوعا ما‬
‫عن المعرفة والمعلومات والتقانة العالمية ؛ أضف إلى ذلك أن اللغة العربية إلى جانب اللغات‬
‫األخرى أصبحت من اللغات المعزولة في عالم االنترنيت نظرا النتشار المعرفة باللغة اإلنكليزية‬
‫فهي اللغة الغالبة في هذا المضمار(األمين‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ ،)179‬وهو ما يبرر القلق على اللغة‬
‫العربية وإمكانية التواصل بها في نشر المعرفة ‪.‬فضال عن إن الدول العربية تغلب عليها سمة‬
‫الالمساواة في توزيع الدخول وانتشار الفقر ‪ ،‬باإلضافة إلى السياسات التي تتبعها الحكومات العربية‬
‫في السيطرة على المجتمع واألفراد ‪ ،‬وكذلك استبعاد دور المرأة في نشر المعرفة في هذه الدول‪.‬‬
‫ولذا كان ال بد من تركيز الجهود في إيجاد األدوات واآلليات الالزمة إلحداث الوفورات في تكلفة‬
‫المعرفة لرفع الكفاءة اإلنتاجية من جهة وإيصال المعرفة على األقل إلى اكبر عدد من األفراد فيها‬
‫من جهة أخرى ‪ ،‬لتتمكن بالتالي من تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار لديهم والقادرة على إنتاج‬
‫المعرفة فيها ‪ .‬وألجل توسيع إمكانية وصول األفراد جميعا إلى تقانة المعرفة وتيسير اكتسابها‬
‫واستيعابها في هذه الدول البد من استراتيجيات تقوم بأتباعها ‪ ،‬منها توفير فرص متقدمة للتعليم‬
‫ووضع السياسات الصحيحة وتنفيذها ‪ ،‬وتوفير الخدمات لجميع األفراد على حد سواء ‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تبني توجهات تتجاوب مع دمج قطاعات المعرفة واالتصاالت والمعلومات العربية مستفيدة من‬
‫ذلك في تعزيز استخدام تقانات المعرفة ‪ ،‬وبالتالي نشر المعرفة سواء بين الدول العربية بعضها مع‬
‫البعض االخر أو مع دول العالم المختلفة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ٍ‬

‫االستنتاجات والمقترحات‬

‫من خالل الدراسة تم استخالص مجموعة من االستنتاجات والمقترحات ‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫أوال‪:‬االستنتاجات‬

‫األداء االمثل في حقل المعرفة يعمل على تعزيز التفوق المعرفي من خالل تحفيز‬ ‫‪-‬‬
‫الطاقات واالمكانات لدعم القدرات العقلية وبناء المجتمع المعرفي‪.‬‬

‫لكي تحقق أي دولة إنجازا في تحريك نموها االقتصادي ينبغي أن تسعى إلى استخدام‬ ‫‪-‬‬
‫المعرفة واستثمارها الغناء الموارد والثروات وتحويلها نحو االقتصاد المعرفي ‪.‬‬

‫إن دور المعرفة هو ترجمة المعلومات إلى أداء منتج وهذه القدرة ال تكون إال عند األفراد‬ ‫‪-‬‬
‫ذوي الكفاءات العلمية المتخصصة ‪.‬‬

‫يبقى التعليم بمختلف مستوياته وكل أنواعه الركيزة األساسية في تحصيل ونشر المعرفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ورغم الخطوات الواضحة المعالم التي خطتها الدول العربية في مجال التعليم إال أن‬
‫اإلنجاز التعليمي فيها ككل ال يزال متواضعا مقارنة باإلنجازات التي تمت في أماكن‬
‫أخرى من العالم ‪.‬‬

‫تنوع استجابة الدول العربية لحركة نمو المعرفة في العالم بحسب قابليتها على التواصل‬ ‫‪-‬‬
‫وتناقل الخبرات بعضها مع البعض األخر من جهة ومع دول العالم المختلفة من جهة‬
‫أخرى ‪ .‬فضال عن أن نوعية اإلنتاج العلمي في الدول العربية ينخفض عن مستواه في‬
‫الدول النامية ‪ ،‬وهو اقل بكثير من الدول المتقدمة ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫إن المعرفة في الدول العربية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية البشرية وان اتجاهات تطورها‬ ‫‪-‬‬
‫في هذه الدول لم تقطع شوطا متميزا وال زال امامها الكثير من التحديات التي تفرضها‬
‫عليها المتغيرات العالمية ‪ ،‬وان نجاح الدول العربية في تضييق الفجوة الرقمية بينها وبين‬
‫الدول المتقدمة يعتمد بشكل أساس على تضييق الفجوة بين الدول العربية بعضها مع‬
‫البعض اآلخر‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬المقترحات‪:‬‬

‫ضرورة اهتمام الدول العربية بالتعريب لكي ال يكون هناك انقطاع عن اللغات‬ ‫‪-‬‬
‫والحضارات العالمية ‪ ،‬والتركيز على استخدام اللغة العربية في التدريس والتأليف‬
‫واالنترنيت ‪.‬‬

‫الحرص على تجاوز قلة المعرفة الحاسوبية والعمل على توسيع استخدامها في المراحل‬ ‫‪-‬‬
‫األساسية للتعليم ‪.‬‬

‫ضرورة توحيد الجهود إليجاد تكتل عربي معرفي ينهض بنشر المعرفة في الدول‬ ‫‪-‬‬
‫العربية ويوصلها إلى مرحلة اإلنجاز ‪.‬‬

‫إن تطبيقات المعرفة تجسد العامل الحاسم في تحديد الوضع التنافسي لكل دولة لذلك يتعين‬ ‫‪-‬‬
‫على الدول العربية تبني خطط التنمية على أساس توليد واستخدام المعرفة ‪.‬‬

‫العمل على إنشاء أنظمة معلوماتية شاملة وموحدة للدول العربية ترتبط بالشبكات العالمية‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،‬وإيجاد موارد تمويل مناسبة لمؤسسات المعرفة العربية التخصصية في هذا المجال ‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع مشاركة المرأة باستخدام وسائل المعرفة ‪ ،‬وفتح التخصصات المناسبة لزيادة‬
‫إقبالها نحو المعرفة ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مصادر البحث‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المصادر العربية‪:‬‬

‫‪ .1‬االسكوا ‪ ، ) 2003 ( ،‬مؤتمر غربي آسيا الوزاري التحضيري للقمة العالمية لمجتمع‬
‫المعلومات ‪.‬‬
‫‪ .2‬األمم المتحدة ‪ ، )1998( ،‬منظمة اليونسكو ‪ ،‬الكتاب االحصائي السنوي ‪.‬‬

‫‪ .3‬األمين ‪ ،‬عبد الوهاب ‪" ، )2003( ،‬مقتطفات اقتصادية" ‪ ،‬مجلة بحوث اقتصادية عربية‬
‫‪ ،‬جمهورية مصر العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬العدد ‪ 30‬و ‪. 31‬‬

‫‪ .4‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية ‪ ، ) 2002 ( ،‬المملكة األردنية الهاشمية ‪ ،‬عمان‪.‬‬

‫‪ .5‬الدعمة ‪ ،‬إبراهيم مراد ‪" ، )2002( ،‬التنمية البشرية والنمو االقتصادي" ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‬
‫‪.‬‬

‫‪ .6‬سالمة ‪ ،‬عبد الباسط محمد ‪" ، )2002 (،‬االتصال وتكنولوجية التعليم" ‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫المملكة األردنية الهاشمية ‪ ،‬عمان ‪.‬‬

‫‪ .7‬الشراح ‪ ،‬رمضان ‪" ، )2003( ،‬البحث العلمي وتطوير اإلدارة العربية في ظل التحول‬
‫نحو اقتصاد السوق" ‪ ،‬المجلد ‪ ، 23‬العدد ‪ ، 2‬كانون األول ‪ ،‬المجلة العربية لإلدارة ‪،‬‬
‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪ ،‬جامعة الدول العربية ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ .8‬محي الدين ‪ ،‬حسانة ‪" ، )2004( ،‬اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات" ‪،‬‬
‫‪. www.doc.abhatoo.net/article.php3‬‬

‫‪17‬‬
‫ "أهمية الحفاظ على المعرفة والخبرات‬، )2003( ، ‫ لؤي بن احمد‬، ‫ المسلم‬.9
.www.arabiyat.com/forums/archive/topic/9038-1."‫المكتسبة‬

"‫اقتصاد المعرفة‬:‫ "أراء اقتصادية معاصرة‬، )2004( ‫ عبد المنعم‬،‫نديم‬ .10


.www.alwatan.com/graphics/2002/nov/10.11/heads/et7.htm

:‫المصادر اإلنكليزية‬:‫ثانيا‬

1. Daft , Richard, L , (2001) "Organization Theory and Design" ,


Vanderbilt University , www.amazon.com/exec/obidos/

2. Hayek, freidrich,(1937), "Economics and knowledge ,Economica,


London, November .

3. Swanstrom , Edward , (2002), "Economic – based knowledge


Management"
,www.gkec.org/knowledheeconomics/econkmframework/kmecono
mics1.7 pdf.

4. Thoreson, J , (2000), " Business Science analyst & Itop inventor",


Knowledge Management Conference, October 11-13Monterrey
Mexico, www.edges.net/enline2000.pdf

5. National information technology council (NITC), (2004), Malaysia


, (K-Economy – introduction and background) ,www.nitc.org.

18
‫اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية‬
**‫محمد نايف محمود‬.‫أ‬ *‫سعد محمود الكواز‬.‫د‬

‫ملخص‬

‫اقتصاد المعرفة نظام اقتصادي يمثل فيه العلم واستثمار المعرفة عنصر اإلنتاج األساسي والقوة الدافعة‬
‫ اذ إن‬، ‫الرئيسة لتكوين الثروة ؛ ويختلف عن االقتصادات األخرى بأنه اقتصاد وفرة أكثر من كونه اقتصاد ندرة‬
‫ ولكن المعرفة تزداد بالممارسة واالستخدام وتنتشر‬، ‫معظم الموارد االقتصادية قد تنضب نتيجة االستهالك‬
‫ يهدف البحث إلى التعرف‬.‫ وعلى عكس عناصر اإلنتاج ال يمكن نقل ملكية المعرفة من طرف إلى اخر‬، ‫بالمشاركة‬
‫على اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية ودورها في النمو االقتصادي معتمدا األسلوب التحليلي في دراسة‬
‫ يتناول األول ؛ اإلطار النظري للمعرفة واستعراض مفاهيمها‬،‫ ويتضمن البحث محورين أساسيين‬، ‫هذه االتجاهات‬
‫ وتوصل‬، ‫ ويركز الثاني؛ على اتجاهات تطور المعرفة في الدول العربية‬.‫ومدى مساهمتها في االقتصاد المعرفي‬
. ‫البحث إلى مجموعة من االستنتاجات والمقترحات‬

ABSTRACT

The knowledge Economic is Economics system which represents, in it, the


Science and Knowledge investment, the basic production element and the main
pushing force in forming the wealth . it differs from other economies in that it
is a welfare economic than is as a scarcity economics, as most of the economic
resource may diminishes as a result of consumption , but knowledge increases
by experience and employment (use) and be prevalent by participation; and
contrary with production features, it is not possible to transfer property of
knowledge from one side to another. The paper is aimed at discovering the
directions of the development knowledge in economic growth depending on
analytic method in the study of this directions . it include two basic aspects, the
first handle the theoretical frame of knowledge and exhibiting its concept , the
second has concentrated on the directions of the development of knowledge in

19
‫‪Arab Counties. The research has reached as a set of conclusions and‬‬
‫‪recommendation.‬‬

‫* أستاذ مساعد‪/‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪/‬جامعة الموصل ‪.‬‬


‫** مدرس مساعد‪/‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪/‬جامعة الموصل ‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like