You are on page 1of 48

‫أحكام التعامالت المالية‬

‫بين الشركات القابضة والتابعة والشقيقة‬

‫د‪ .‬ناصر بن عبد الله الشاللي‬


‫األستاذ المساعد في قسم السياسة الشرعية‬
‫في المعهد العالي للقضاء‬

‫‪9‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫العـدد الثالثون | رجب ‪1444‬هـ | فبراير ‪2023‬م‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫المقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل أرشف األنبياء واملرسلني‪،‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫فإن األصل أن حيوز اإلنسان تام األهلية السيطرة الكاملة بشأن أمالكه‪،‬‬
‫من حيث حقوق االستعامل والترصف‪ ،‬وعند االشرتاك مع الغري يف امللك‬
‫تتعارض هذه احلقوق‪ ،‬وعليه فال تنفذ الترصفات إال عند توافق جمموع‬
‫إرادات الرشكاء‪ ،‬فال يملك أي من الرشكاء أن ينفذ ترصف ًا إال باالتفاق أو‬
‫عرب القضاء يف أوضاع مقررة فقه ًا يف مسائل وأبواب الرشكة والقسمة‪.‬‬
‫ويف حال الرشكات النظامية ‪-‬وهي النمط املركب من أشكال االشرتاك‬
‫يف امللك‪ -‬نجد أن األمر جرى تنظيمه بحيث يكون القرار يف الترصف‬
‫واإلدارة تابع ًا ‪-‬من حيث األصل‪ -‬لنسبة امللك‪ ،‬فاحلالة االفرتاضية هي‬
‫توزع القرار بني املالك بحسب نسبهم يف ملكية الرشكة‪ ،‬فنكون أمام حالة‬
‫األصل فيها أن تتحرك الرشكة وفق املصالح املشرتكة للرشكاء‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ قد تتحرك‬ ‫فقد نكون أمام حاالت ال تتوافق فيها مصالح الرشكاء‪،‬‬
‫الرشكة ‪-‬عرب إدارهتا‪ -‬وفق مصالح بعض أفرادها أو بعض الرشكاء فيها‪.‬‬
‫لذا قرر املنظم حقوق ًا للرشكاء واملسامهني يتمكنون هبا من مواجهة‬
‫تلك االحتامالت‪ ،‬وكل هذا منح الرشكة أحكام ًا خاصة تزيد عىل أحكام‬
‫االشرتاك البسيط يف امللك‪ ،‬ومن أهم تلك األحكام‪ ،‬فكرة «الذمة املالية‬
‫املستقلة» للرشكة‪ ،‬والغرض الرئيس من توليد هذا احلكم للرشكات‬

‫‪10‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫التجارية املعارصة هو محاية ذمم الرشكاء من خالل حرص حقوق الدائنني‬


‫يف ذمة مقدرة للرشكة‪ ،‬وهذا ‪-‬يف حقيقة احلال‪ -‬جري عىل خالف األحكام‬
‫األصلية؛ إذ األصل أن الذمة إنام تتعلق بالشخص الطبيعي‪.‬‬

‫ثم إن منح الرشكة ذلك االعتبار القانوين اخلاص الذي يميز بينها وبني‬
‫مالكها مع عودة مجيع منافعها إليهم‪ ،‬و َّلد صور ًا خاصة قد يفيض احلال فيها‬
‫إىل تفويت املصالح املقصودة من ذلك االعتبار‪ ،‬أو ترتيب آثار غري مقصودة‪،‬‬
‫ومن ذلك حاالت السيطرة (القبض) ولذا نجد أن القوانني املعارصة‬
‫وضعت تلك احلاالت يف أطر خاصة‪ ،‬فتنص غالب القوانني عىل شكل من‬
‫أشكال الرشكات تسمى «الرشكة القابضة» (‪ ،)holding company‬وتسميها‬
‫بعض القوانني «الرشكة األم»‪ ،‬وتأخذ تلك القوانني حالة السيطرة باعتبار‬
‫خاص‪ ،‬يف العالقة بينها وبني الرشكة «التابعة» أو «الوليدة»‪.‬‬

‫وهنا نوع آخر ذو صلة هبذه األنامط من العالقات التجارية‪ ،‬وهي‬


‫الرشكة «الشقيقة»‪ ،‬وهي الرشكة التي تربطها برشكة أخرى عالقة التأثري يف‬
‫القرار مع عدم حتقق حالة التبعية املشار إليها‪.‬‬

‫ويف كل األحوال فإن العالقة بني تلك الرشكات إنام تتأثر بالدرجة‬
‫األوىل بفكريت (التأثري والسيطرة) و(استقالل الذمة املالية واندماجها)‪،‬‬
‫وكل هذا ينعكس عىل أحكام التعامالت بني هذه األنواع من الرشكات‪،‬‬
‫وبذلك فنناقش مسائل التعامالت بينها يف هذا البحث حتت املباحث التالية‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫املبحث األول‪ :‬السيطرة والتأثري يف الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة‪.‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬اتصال واندماج الذمم املالية بني الرشكات القابضة‬
‫والتابعة والشقيقة‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أثر السيطرة وأحكام الذمة املالية يف أحكام التعامالت‬
‫املالية بني الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة‪:‬‬
‫وحتت هذا املبحث مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬عقود البيع‬
‫وحتته أربعة فروع‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬بيع أسهم التابعة عىل الرشكة القابضة‪ ،‬أو بيع أسهم‬
‫الشقيقة للشقيقة األخرى‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬بيع أسهم القابضة عىل التابعة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬بيع أو رشاء األصول بني القابضة والتابعة والشقيقة‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تأثري الغرر يف املبايعات بني القابضة والتابعة أو بني‬
‫الرشكات الشقيقة‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عقود التمويل‪:‬‬
‫وحتته ثالثة فروع‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القرض‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التمويل عن طريق البيع اآلجل‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمويل عن طريق الطرق التمويلية األخرى‪.‬‬


‫املبحث الرابع‪ :‬طرق العرض املحاسبي للتعامالت املالية بني الرشكات‬
‫القابضة والتابعة والشقيقة‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك خامتة تتضمن أهم النتائج‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وأسأل اهلل أن يكتب فيام أقدمه النفع‪ ،‬وأن يوفقنا لكل خري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫المبحث األول‬
‫السيطرة والتأثير في الشركات القابضة والتابعة‬
‫والشقيقة‬
‫القبض يف حقيقته تعبري عن «السيطرة»‪ ،‬وهي عبارة عن القدرة التامة‬
‫عىل اختاذ القرارات يف كيان قانوين مستقل‪ ،‬وقد تكون تلك السيطرة من فرد‬
‫كترصف املالك يف رشكة الشخص الواحد‪ ،‬أو ترصف الرشيك يف الرشكة‬
‫التي يملك أكثر من نصف أسهمها‪ ،‬وقد تكون السيطرة من شخصية‬
‫اعتبارية كالوقف الذي يملك رشكة أو هو رشيك فيها بنسبة سيطرة‪ ،‬أو‬
‫الرشكة التي متلك رشكة أخرى وهلا السيطرة عليها بسبب امللك أو غريه‪،‬‬
‫وكل هذه الصور تظهر فيها فكرة سيطرة وقبض كيان عىل كيان آخر‪ ،‬والذي‬
‫نعنيه بقولنا‪« :‬القدرة التامة» أي أن قراراهتا ال تتوقف عىل موافقة الغري ‪-‬وال‬
‫يدخل يف ذلك املتطلبات النظامية إلنفاذ الترصفات‪.-‬‬
‫وهنا نطرح سؤاالً‪ :‬هل كل حالة من حاالت السيطرة تعد «قبض ًا»‬
‫قانوني ًا تُراعى فيه أحكام القبض القانونية‪ ،‬وهل تؤثر يف أحكام التعامالت‬
‫بني تلك الكيانات؟‬
‫باالطالع عىل نظام الرشكات السعودي نجد أنه َّ‬
‫عرف الرشكة القابضة‬ ‫(((‬

‫يف املادة (‪ )216‬بأهنا‪« :‬رشكة مسامهة أو رشكة مسامهة مبسطة أو ذات‬

‫((( نظام الرشكات‪ ،‬الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )132/‬وتاريخ ‪1443/12/01‬هـ‪،‬‬
‫املبني عىل قرار جملس الوزراء رقم (‪ )678‬وتاريخ ‪1443/11/29‬هـ‪ ،‬ويقابل هذه‬
‫املادة من النظام الذي قبله املادة رقم (‪ )182‬مع اختالف يف بعض األحكام‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫مسؤولية حمدودة تؤسس رشكات أو متتلك حصص ًا أو أسه ًام يف رشكات‬


‫قائمة تصبح تابعة هلا»‪ ،‬ومن خالل النظر يف التعريف يمكن اجلواب عىل‬
‫السؤال يف النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ال يعرتف املنظم بالقبض إال إذا كان القابض رشكة مسامهة أو رشكة‬
‫مسامهة مبسطة أو رشكة ذات مسؤولية حمدودة‪ ،‬وإذا كان التابع كذلك‬
‫رشكة مسامهة أو رشكة ذات مسؤولية حمدودة‪ ،‬فال يدخل يف ذلك حاالت‬
‫سيطرة األفراد‪ ،‬وال سيطرة اجلهات احلكومية أو شبه احلكومية‪ ،‬وال سيطرة‬
‫الكيانات األخرى كاألوقاف‪ ،‬وال سيطرة جمموعات األفراد (فريق مسيطر‬
‫من املالك)‪.‬‬
‫‪ .2‬نصت املادة (‪ )182‬من نظام الرشكات الصادر عام ‪1437‬هـ أن‬
‫هدف الرشكة القابضة هو السيطرة عىل رشكات أخرى‪ ،‬ومل يرد ما يقابل‬
‫هذا النص يف النظام اجلديد‪ ،‬ويمكن ظهور الفرق يف حال كانت الرشكة‬
‫التي تتملك أسه ًام يف رشكات وال هتدف من ذلك إىل السيطرة عىل قراراهتا‪،‬‬
‫ثم ال متارس ذلك؛ فهل يمكن أن تعترب رشكات قابضة يف االعتبار النظامي‬
‫وفق ًا للنص السابق؟ أم أن حصول الرشكة عىل نسبة تتيح هلا السيطرة يعني‬
‫أهنا قابضة من حيث القوة والقدرة بغض النظر عن السيطرة الفعلية؟‬
‫الظاهر أن كل ذلك معترب وفق ًا للنظام السابق‪ ،‬فقدرة الرشكة عىل‬
‫السيطرة‪ ،‬واستعامهلا تلك السيطرة بغض النظر عن سببه مها مناط اعتبار‬
‫الرشكة قابضة وفق ًا للنظام السابق‪ ،‬ومع ذلك فإن املنظم قد رتب واجب ًا عىل‬
‫الرشكة القابضة يمكن من خالله متييز كوهنا قابضة‪ ،‬حيث نصت الفقرة (‪)2‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫من املادة (‪ )182‬عىل أنه‪« :‬جيب أن يقرتن اسم الرشكة الذي اختذته باإلضافة‬
‫إىل نوعها بكلمة (قابضة)»‪ ،‬وعليه فالظاهر أن املنظم جعل معيار التمييز بني‬
‫الرشكة القابضة وغريها هو نية السيطرة عند القدرة عليها‪ ،‬وجعل عالمة‬
‫ذلك النص يف اسم الرشكة عليه‪ ،‬لكن هل يعني هذا أن الرشكة إذا كانت يف‬
‫وضع يسمح هلا بالسيطرة مع عدم استعامهلا أن ذلك ال جيعلها رشكة قابضة‬
‫ما دامت ال تنوي السيطرة؟ وأن ذلك يعفيها من النص عىل أهنا قابضة يف‬
‫اسمها؟ أما النظام اجلديد فقد نص يف املادة (‪ )217‬عىل أن الرشكة تعد‬
‫قابضة يف أي من احلاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كانت الرشكة القابضة رشيك ًا أو مسامه ًا متتلك حصص ًا أو أسه ًام‬
‫يف رأس مال الرشكة التابعة متنحها أغلبية حقوق التصويت‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كانت الرشكة القابضة رشيك ًا أو مسامه ًا تسيطر بمفردها عىل‬
‫تعيني املدير أو أغلبية أعضاء جملس اإلدارة‪ ،‬ويكون هلا عزل املدير أو أغلبية‬
‫أعضاء املجلس‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا كانت الرشكة القابضة رشيك ًا أو مسامه ًا تسيطر بمفردها عىل‬
‫أغلبية حقوق التصويت‪ ،‬وذلك بنا ًء عىل اتفاق مع باقي الرشكاء أو املسامهني‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا كانت الرشكة التابعة تتبع رشكة تابعة للرشكة القابضة‪.‬‬
‫وبذلك نالحظ الفرق يف معيار اعتبار الرشكة قابضة يف النظام السابق‬
‫عنه يف النظام اجلديد‪ ،‬حيث جعل املعيار موضوعي ًا بقطع النظر عن نية املالك‬
‫ولو مل تنص الرشكة عىل أهنا رشكة قابضة‪ ،‬ويف هذا موافقة ملا نصت عليه‬

‫‪16‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫املعايري املحاسبية املعتمدة‪ ،‬حيث إن االعتبار فيها باختاذ الرشكة القابضة‬


‫وضع السيطرة بغض النظر عن استعامهلا للسيطرة‪ ،‬وبغض النظر عن اختاذها‬
‫الصورة النظامية للرشكة القابضة‪.‬‬
‫وبالنظر لتناول الرشاح هلذه املسألة‪ ،‬نجد أهنم عرفوا الرشكة القابضة‬
‫بعدة تعريفات‪ ،‬فمن الرشاح من عرف الرشكة القابضة بأهنا‪« :‬الرشكة التي‬
‫هلا سيطرة معينة عىل رشكة أخرى تسمى بالرشكة التابعة‪ ،‬بحيث تستطيع‬
‫األوىل أن تقرر من يتوىل إدارة الرشكة التابعة‪ ،‬أو أن يؤثر عىل القرارات‬
‫التي تتخذها اهليئة العامة للرشكة»(((‪ ،‬ومنهم من عرفها بأهنا‪« :‬رشكة متتلك‬
‫أسه ًام يف عدة رشكات أخرى تسمى بالرشكات التابعة»(((‪ ،‬يف حني عرفها‬
‫بعضهم بأهنا‪« :‬رشكة متخصصة يف الدرس والتخطيط والتوجيه من أجل‬
‫تطوير وإدارة عمليات االستثامر لرشكات تابعة هلا متخصصة يف عمليات‬
‫التنفيذ»(((‪ ،‬وبمالحظة هذه التعريفات نجد أن املعنى الثابت فيها هو حتقق‬
‫القبض الفعيل‪.‬‬
‫‪ .3‬أن الرشكة يمكن أن تتخذ وضع السيطرة من خالل طريقني‪:‬‬
‫األول‪ :‬السيطرة املالية‪ ،‬وتعني متلك أكثر من ‪ %50‬من أسهم الرشكة‬
‫التابعة‪ ،‬مما يتولد عنه حيازة حق التصويت بمقدار النسبة اململوكة‪ ،‬وهو‬

‫((( الرشكات التجارية‪ ،‬فوزي حممد سامي‪ ،‬ص(‪.)563‬‬


‫((( الوسيط يف الرشكات التجارية‪ ،‬عزيز العكييل‪ ،‬ص(‪.)420‬‬
‫((( املرجع السابق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ما يتيح هلا االنفراد بتشكيل جملس اإلدارة أو غالبه‪ ،‬ومن ثم حيازة سلطة‬
‫إدارية تامة بالسيطرة عىل جملس اإلدارة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬السيطرة بطريق تشكيل جملس اإلدارة‪ ،‬وقد يتحقق ذلك من‬
‫خالل النص يف عقد التأسيس عىل حق القابضة يف تشكيل املجلس‪ ،‬أو‬
‫اختاذ وضع مسيطر فيه‪ ،‬ويف حال كانت السيطرة حاصلة باتفاق جمموعة‬
‫من املسامهني‪ ،‬سوا ٌء كانوا طبيعيني أو اعتباريني‪ ،‬فإن هذا ال يعد قبض ًا ذا أثر‬
‫من الناحية القانونية‪ ،‬ومن ناحية أخرى إذا كان ذلك عن أكثر من شخص‬
‫اعتباري هم يف حقيقتهم تابعون لشخص اعتباري واحد فإن هذا جيعل من‬
‫الرشكة األخرية قابضة لألوىل بطريق غري مبارش‪ ،‬ومن الصور ذات الصلة‬
‫حاالت السيطرة الناشئة عن توزع األصوات األخرى‪ ،‬حيث قد حيصل‬
‫أحد الرشكاء عىل ‪ %20‬من أسهم الرشكة‪ ،‬إال أنه ينفرد بالقدرة عىل تشكيل‬
‫جملس اإلدارة لتوزع األصوات األخرى عىل عدد كبري من املسامهني وعدم‬
‫ممارستهم حقهم أو عدم قدرهتم عىل االتفاق‪ ،‬فإذا كان هذا الرشيك رشكة‬
‫مسامهة فإنه يعد قابض ًا للرشكة اململوك فيها‪.‬‬
‫وبذلك يكون لدينا طريقان لتحقيق السيطرة‪ ،‬األول هو القدرة عىل‬
‫السيطرة بتملك نصف رأس مال الرشكة‪ ،‬والثاين السيطرة عىل تشكيل‬
‫جملس إدارة الرشكة بأي طريق‪.‬‬
‫ويف حال تولدت السيطرة عن متلك كامل األسهم فلهذه الصورة‬
‫أحكام خاصة‪ ،‬وسنعرب عنها يف هذا البحث بمصطلح «القبض التام»‪ ،‬يف‬
‫حني سنعرب عن الصور األخرى بمصطلح «القبض اجلزئي»‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫أما بالنسبة للرشكة الشقيقة فهي الرشكة التي متتلك القدرة عىل التأثري‬
‫عىل رشكة أخرى‪ ،‬من دون حصول سيطرة جتعلها قابضة هلا‪.‬‬
‫ومن القانونيني من يرى أن املقصود بالشقيقة هي الرشكة التي تكون‬
‫اجلمعية العمومية هلا مماثلة للجمعية العمومية لرشكة أخرى‪ ،‬وليست‬
‫إحدامها تابعة لألخرى‪ ،‬فكل منهام مستقلة عن األخرى وقد يتامثل جملس‬
‫اإلدارة فيهام وقد خيتلف(((‪ ،‬وبذلك فالرشكة الشقيقة غري مسيطرة عىل‬
‫شقيقتها بأي وجه‪ ،‬ومع ذلك فإهنام قد تكونان خاضعتني لسيطرة رشكة‬
‫أخرى هي القابضة‪ ،‬وعليه فقد تتأثر الرشكة الشقيقة بالعالقة مع شقيقتها‪،‬‬
‫تبع ًا خلضوعهام لسيطرة واحدة‪ ،‬وهذا مما له أثر عىل التعامالت املالية بينهام‬
‫خصوص ًا يف حاالت القبض اجلزئي‪.‬‬
‫ومع ذلك فاملعترب يف متييز الرشكة الشقيقة عن غريها هو املعنى األول‪،‬‬
‫تبع ًا ملا أخذت به املعايري الدولية املعتمدة‪ ،‬وفق ًا ملا سيأيت بيانه يف املبحث‬
‫الرابع‪.‬‬
‫ملخص ما سبق أن الفكرة الرئيسة املميزة للرشكة القابضة تتحدد‬
‫بالسيطرة‪ ،‬وهي غالب ًا تتبع امللك‪ ،‬وقد تكون ناشئة عن السيطرة عىل جملس‬
‫اإلدارة تبع ًا ألسباب ال يستقل هبا امللك كالنص عىل أحكام تولد السيطرة‬
‫يف عقد التأسيس أو غريه من األسباب‪ ،‬وأن الرشكة الشقيقة هي رشكة هلا‬
‫القدرة عىل التأثري عىل الرشكة املستثمر فيها من دون أن حتقق السيطرة‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬الرشكة القابضة وعالقتها برشكاهتا التابعة‪ ،‬د‪ .‬حممد حسني إسامعيل‪ ،‬ص(‪.)40‬‬

‫‪19‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫المبحث الثاني‬
‫اتصال واندماج الذمم المالية بين الشركات القابضة‬
‫والتابعة والشقيقة‬
‫يمكن تعريف الذمة املالية بأهنا‪« :‬حمل اعتباري يف الشخص تشغله‬
‫احلقوق التي عليه»(((‪ ،‬وعرفها بعض القانونيني بأهنا‪« :‬جمموع ما خيص‬
‫الشخص من أموال حارضة ومستقبلية»(((‪.‬‬
‫وللذمة خصائص عديدة‪ ،‬أمهها فيام يعنينا يف هذا البحث ما ييل(((‪:‬‬
‫‪ .1‬أهنا فكرة اعتبارية غري مادية تتصل بشخص صاحبها اتصاالً معنوي ًا‪.‬‬
‫‪ .2‬أهنا مرتبطة بالشخصية‪ ،‬فال شخصية بال ذمة‪ ،‬وال ذمة بال شخصية‪،‬‬
‫سوا ٌء كان إنسان ًا أم شخص ًا اعتبار ًيا‪.‬‬
‫‪ .3‬ال يكون للشخص إال ذمة واحدة‪ ،‬وال تكون الذمة إال لشخص‬
‫واحد‪ ،‬ومع ذلك فقد تشرتك الذمم يف حتمل حق واحد كالضامن‪.‬‬
‫‪ .4‬أن الغرض الرئيس من الذمة هو يف أن تكون ضامن ًا عام ًا للدائنني‪،‬‬
‫وبذلك فحقوق الدائنني ال تتعلق بعني مال املدين إنام تتعلق بذمته‪.‬‬

‫((( املدخل إىل نظرية االلتزام العامة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬مصطفى الزرقا‪ ،‬ص(‪.)201‬‬
‫((( املرجع السابق (ص‪ ،)209‬و أصول القانون‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬و د‪ .‬أمحد أبو‬
‫ستيت‪ ،‬ص(‪.)17‬‬
‫((( ينظر‪ :‬املدخل إىل نظرية االلتزام العامة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬مصطفى الزرقا‪( ،‬ص‪-198‬‬
‫‪ ،)213‬واحلق والذمة‪ ،‬لعيل اخلفيف‪ ،‬ص(‪.)119-108‬‬

‫‪20‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫‪ .5‬أن حتميل الذمة ما جيب عىل ذمة أخرى هو يف حقيقته ضم للذمم يف‬
‫شأن احلق املعني‪ ،‬مع بقاء كل ذمة مستقلة يف سائر أحواهلا‪.‬‬
‫الذمة املالية للرشكات املعارصة‪:‬‬
‫استقرت األنظمة والقوانني املعارصة عىل اعتبار ذمة مالية لرشكات‬
‫األموال‪ ،‬وهذه الذمة مستقلة عن ذمم مالكها‪ ،‬ومن ذلك ما نصت عليه‬
‫املادة (‪ )156‬من نظام الرشكات اجلديد عىل أن الرشكة ذات املسؤولية‬
‫املحدودة‪« :‬هي رشكة يؤسسها شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة‬
‫الطبيعية أو االعتبارية‪ ،‬وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة املالية لكل رشيك‬
‫فيها أو املالك هلا‪ ،‬وتكون الرشكة وحدها مسؤولة عن الديون وااللتزامات‬
‫املرتتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها‪ ،‬وال يكون املالك هلا وال الرشيك فيها‬
‫مسؤوالً عن هذه الديون وااللتزامات إال بقدر حصته يف رأس املال»(((‪ ،‬كام‬
‫نصت املادة (‪ )58‬من النظام عىل أن رشكة املسامهة هي‪« :‬رشكة يؤسسها‬
‫شخص واحد أو أكثر‪ ،‬من ذوي الصفة الطبيعية أو االعتبارية‪ ،‬ويكون رأس‬
‫ماهلا مقس ًام إىل أسهم قابلة للتداول‪ ،‬وتكون الرشكة وحدها مسؤولة عن‬
‫الديون وااللتزامات املرتتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها‪ ،‬وتقترص مسؤولية‬

‫((( يقابل هذه املادة يف نظام الرشكات الصادر عام ‪1437‬هـ املادة (‪ ،)151‬وفيها أن‬
‫الرشكة ذات املسؤولية املحدودة‪« :‬رشكة ال يزيد عدد الرشكاء فيها عىل مخسني رشيكًا‪،‬‬
‫وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة املالية لكل رشيك فيها‪ .‬وتكون الرشكة وحدها مسؤولة‬
‫عن الديون وااللتزامات املرتتبة عليها‪ ،‬وال يكون املالك هلا أو الرشيك فيها مسؤوالً‬
‫عن تلك الديون وااللتزامات»‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫املساهم عىل أداء قيمة األسهم التي اكتتب فيها»(((‪ ،‬وهذا يعني أن احلقوق‬
‫الواجبة عىل الرشكة تتعلق بذمتها وال صلة هلا بذمم الرشكاء سوا ٌء كانوا‬
‫أشخاص ًا طبيعيني أو شخصيات اعتبارية‪ ،‬وال يتعارض هذا مع ما سبق أن‬
‫قررناه من أنه ال يكون للشخص إال ذمة مالية واحدة وذلك أن املنظم منح‬
‫الرشكة ذات املسؤولية املحدودة ورشكة املسامهة شخصي ًة هلا ذمة مستقلة‬
‫عن ذمم املالك‪ ،‬وبذلك فإن للمالك حقوق ًا عىل هذا الرشكة كسائر الدائنني‬
‫وفق ًا لألوضاع النظامية املقررة‪.‬‬
‫فبنا ًء عىل ما سبق يظهر أن مصدر الذمة املالية املستقلة للرشكة هو‬
‫القانون‪ ،‬وعموم نصوص هذه املواد يدخل فيه الرشكة القابضة والرشكة‬
‫التابعة والرشكة الشقيقة‪.‬‬
‫ويرى بعض الباحثني أن للتبعية اإلدارية أثر ًا يف إلغاء استقالل الذمة‬
‫املالية للرشكات‪ ،‬إذ يقرر أن التبعية اإلدارية التامة سبب إللغاء الفصل بني‬
‫الذمم املالية‪ ،‬حيث قرر أن مناط استقالل الذمة املالية للرشكة التابعة عن‬
‫الرشكة القابضة هو وجود رشكاء آخرين مع الرشكة القابضة‪ ،‬وال بد أن‬
‫تكون ملكية الرشكاء اآلخرين ملكية حقيقية(((‪.‬‬

‫((( يقابل هذه املادة يف نظام الرشكات الصادر عام ‪1437‬هـ املادة (‪ )52‬عىل أن رشكة‬
‫املسامهة‪« :‬رشكة رأس ماهلا مقسم إىل أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول‪ ،‬وتكون‬
‫الرشكة وحدها مسؤولة عن الديون وااللتزامات املرتتبة عىل ممارسة نشاطها»‪.‬‬
‫((( العالقة بني الرشكة القابضة والرشكة التابعة وأثرها يف الزكاة‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل العاييض‪،‬‬
‫ص(‪.)36-28‬‬

‫‪22‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫وقد يقال‪ :‬إن مناط اعتبار الذمة املالية هو ما سبق أن ذكرناه‪ ،‬فلو افرتضنا‬
‫أن النص القانوين جاء بعكس ذلك مل يكن للرشكة ذمة مالية مستقلة‪ ،‬ولو‬
‫كانت مملوكة لعدد من الرشكاء‪ ،‬ولو كان الترصف موكوالً لغري املالك‪ ،‬ويدل‬
‫عىل ذلك أن من املقرر فقه ًا أن امللك املشرتك ال يولد ذمة للعني اململوكة‪،‬‬
‫وأن الويل املترصف برشكة ينحرص ملكها له وللقارص الذي هو ويل عليه‪ ،‬أن‬
‫ذلك ال جيعل ذمة الرشكة يف ضمن ذمته‪ ،‬كام أن املدير تام احلق يف الترصف‬
‫الذي نص عقد التأسيس عىل عدم جواز عزله ال جيعل ذمة الرشكة يف ضمن‬
‫ذمته‪ ،‬وأبلغ من هذا كله رشكة الشخص الواحد رشكة معتربة نظام ًا وهي‬
‫رشكة هلا ذمة مستقلة عن ملك صاحبها‪ ،‬ولو كان هو مديرها‪.‬‬
‫ومع ذلك فإنا نجد أن املنظم يف النظام السابق (‪1437‬هـ) ألزم الرشكة‬
‫القابضة بأن تعد يف هناية كل سنة مالية قوائم مالية موحدة‪ ،‬تشملها وتشمل‬
‫الرشكات التابعة هلا وفق املعايري املحاسبية املتعارف عليها (املادة ‪ 185‬من‬
‫نظام الرشكات)‪ ،‬والعمل وفق املعايري املحاسبية يلغي اعتبار انفصال الذمم‬
‫بني الرشكتني يف التعامالت بينهام بمقدار األسهم اململوكة للقابضة ‪-‬كام‬
‫سيأيت يف املبحث الرابع من هذا البحث‪.-‬‬
‫وقد نصت املادة (‪ )186‬من نظام الرشكات السابق (‪1437‬هـ) عىل‬
‫أن «ختضع الرشكة القابضة لألحكام الواردة يف هذا الباب وما ال يتعارض‬
‫معها من األحكام املقررة يف النظام وفق ًا لنوع الرشكة الذي اختذته»‪.‬‬
‫ونظام الرشكات اجلديد (‪1443‬هـ) مل يتضمن تلك النصوص‪ ،‬وقد‬
‫استغنى عنها بالفقرة (‪ )2‬من املادة (‪ )17‬والتي نصت عىل أنه «جيب إعداد‬

‫‪23‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫قوائم مالية للرشكة يف هناية كل سنة مالية وفق املعايري املحاسبية املعتمدة يف‬
‫اململكة»‪ ،‬وسيأيت يف املبحث األخري أن املعايري املعتمدة يف اململكة تنص عىل‬
‫إصدار قوائم مالية موحدة عىل ما سيأيت تفصيله‪.‬‬
‫فبنا ًء عىل ذلك فإن الرشكة التابعة تعد مستقلة يف ذمتها ِق َبل الغري‪ ،‬إال أهنا‬
‫فيام يتعلق بالعالقة بينها وبني الرشكة القابضة خاضعة ألحكام خاصة تلغي‬
‫اعتبار انفصال الذمم‪ ،‬وجتعل إدارة الرشكة القابضة يف وضع ال يسمح هلا‬
‫باستغالل الوضع املسيطر بام خيل بمصالح األقلية‪ ،‬وبذلك فإن هذا االعتبار‬
‫ال يمنح الغري صالحية العتبار حقوقه يف مواجهة الرشكة التابعة ممتدة إىل‬
‫القابضة‪ ،‬وهذا تابع للمقرر من أن لكل من الرشكتني ذمتها املستقلة فيام‬
‫يتعلق بالتعامالت األخرى‪ ،‬وبذلك فإن الرشكة القابضة ال تُسأل عن ديون‬
‫الرشكة التابعة إال يف حدود ما يسأل عنه أي رشيك أو مدير ‪-‬بحسب‬
‫األحوال‪ ،-‬ومع ذلك فإنا نجد أن القضاء واالجتهاد يف القانون املقارن‬
‫قد حاول اخلروج عن هذا األصل يف بعض الصور حيث جعل الرشكة‬
‫القابضة مسؤولة عن ديون الرشكة التابعة يف أحوال عديدة‪ ،‬وقد حاول‬
‫االجتهاد املقارن أن يوجد تفسري ًا لألحكام القضائية التي تم فيها حتميل‬
‫الرشكة القابضة ديون الرشكة التابعة وذلك وفق نظريات عديدة ويمكن‬
‫بالنظر يف تلك النظريات أن نلمح فكرة عدم التسليم باستقالل الرشكة‬
‫التابعة عن الرشكة القابضة‪ ،‬وعليه سنستعرض هذه النظريات‪ ،‬ونستعرض‬

‫‪24‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫بعض األحكام التي كان القضاء فيها يسعى إىل التعامل مع الرشكتني كام لو‬
‫كانا كيان ًا واحد ًا يف مواجهة دائني الرشكة التابعة(((‪.‬‬
‫النظرية األول‪ :‬نظرية الظاهر‪:‬‬
‫تقوم فكرة هذه النظرية عىل أن ظهور الرشكتني التابعة والقابضة بمظهر‬
‫الرشكة الواحدة أمام الغري قد يرتب اعتبار الرشكة القابضة مسؤولة عن‬
‫ديون الرشكة التابعة يف مواجهة الدائنني الذين تومهوا أن الرشكة القابضة‬
‫هي التي أبرمت التعاقدات معهم‪ ،‬أو أهنا مسؤولة بأي وجه عن االلتزامات‬
‫حمل التعاقد‪ ،‬ومن أسباب نشوء االعتقاد باحتاد الرشكتني لدى املتعاملني‬
‫التشابه يف االسم واالتفاق يف املكان واألشخاص العاملني واملمثلني لكلتا‬
‫الرشكتني‪ ،‬بحيث ال يمكن للمتعاملني متييز الفرق بينهام‪ ،‬وقد صدرت عدة‬
‫أحكام قضائية من القضاء الفرنيس اعتامد ًا عىل هذه الفكرة‪ ،‬وتضمنت إلزام‬
‫الرشكة األم بسداد ديون الرشكة الوليدة بنا ًء عىل أن ترصف الرشكة األم‬
‫خلق االعتقاد لدى الغري أهنم يقومون بمرشوع واحد‪ ،‬وكان من األسباب‬
‫التي بنيت عليها جمموعة األحكام تلك أن الرشكتني هلام مقر رئييس واحد‬

‫((( وجدنا أن اإلشارة إىل أحكام القضاء الفرنيس وتسبيباته يف هذا الباب سيساعد عىل‬
‫تصور مربرات التعامل مع الرشكتني كام لو كانا كيان ًا ذا ذمة واحدة‪ ،‬فنحن ننظر إىل‬
‫تلك األحكام بام هي جهد برشي يعالج قضية قانونية موضوعية‪ ،‬حياول القضا ُء فيها‬
‫احلد من اآلثار الضارة ‪-‬بحسب ما يراها‪ -‬التي قد تنتج عن العالقة بني الرشكتني‬
‫القابضة والتابعة‪ ،‬كام سنعرض يف هناية كل نظرية املقارنة بينها وبني الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫كام نشري هنا إىل أن مسمى الرشكة القابضة يف القانون الفرنيس (الرشكة األم) ومسمى‬
‫الرشكة التابعة (الرشكة الوليدة)‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ورقم هاتف واحد‪ ،‬وتوقيع واحد‪ ،‬إحدامها تتوىل صناعة مادة وتقوم‬
‫األخرى بتوزيعها(((‪.‬‬
‫ونلحظ هنا أن هذا املعنى متحقق كذلك يف الرشكات الشقيقة متى كانتا‬
‫تابعتني لرشكة قابضة‪ ،‬فتتحمل الرشكة القابضة ‪-‬بنا ًء عىل هذا املعنى‪-‬‬
‫الديون التي نشأت عن اعتقاد الغري بأن الرشكة الشقيقة الظاهرة هي امللزمة‬
‫بالوفاء باحلقوق العقدية عوض ًا عن الرشكة الشقيقة املتعاقد معها‪.‬‬
‫وقد رأى بعض الرشاح أن هذه النظرية حمل انتقاد‪ ،‬وذلك أهنا تعود‬
‫يف حقيقة احلال إىل وجود خطأ من الرشكة القابضة متثل يف اإلهيام اخلادع‪،‬‬
‫وحيث إن الرشكة القابضة ال تدخل يف عمليات جتارية مبارشة مع املتعاقدين‬
‫فإن ادعاء املتعاملني مع القابضة وجود إهيام بأن العالقة مع القابضة ال يعد‬
‫ادعا ًء وجيه ًا(((‪.‬‬
‫وبكل األحوال فإن وجود هذا اإلهيام بالنسبة للرشكات الشقيقة يعد‬
‫أمر ًا وارد ًا‪ ،‬إال أنه ال ينسب يف كل األحوال للرشكة القابضة‪ ،‬وعليه فإن‬
‫املتعني رد هذه املسألة لألحكام األصلية للضامن (للمسؤولية املدينة) املبنية‬
‫عىل وجود خطأ من قبل الرشكة القابضة أو الشقيقة‪ ،‬ويف حال عدم وجود‬
‫اخلطأ فإن الرشكة القابضة تبقى غري مسؤولة عن ديون الرشكة التابعة‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تبعية الرشكة التابعة للرشكة القابضة يف قانون الرشكات األردين‪ ،‬ملحمد أمحد‬
‫القريش‪ ،‬ص(‪ .)74-73‬وينظر كذلك‪ :‬الرشكة القابضة وعالقتها برشكاهتا التابعة‪،‬‬
‫ملحمد حسني إسامعيل‪ ،‬ص(‪ ،)89-88‬ورشكة اهلولدنغ‪ ،‬ملاجد مزحيم‪ ،‬ص(‪-285‬‬
‫‪.)286‬‬
‫((( ينظر‪ :‬رشكة اهلولدنغ‪ ،‬ملاجد مزحيم‪ ،‬ص(‪.)286‬‬

‫‪26‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫النظرية الثانية‪ :‬نظرية صورية الرشكة القابضة‪:‬‬


‫تقوم هذه النظرية عىل أساس أن الرشكة التابعة رشكة صورية تغطي‬
‫صاحب النشاط احلقيقي الذي هو الرشكة القابضة‪ ،‬وقد حكمت حمكمة‬
‫التمييز الفرنسية بتضمني رشكة أم (قابضة) عن ديون رشكتها الوليدة‬
‫(التابعة) وتضمن التسبيب أن الرشكة التابعة (الفرنسية) مل تكن إال ستار ًا‬
‫يغطي نشاط الرشكة القابضة (اإلنجليزية) يف فرنسا‪ ،‬كام استنتج احلكم بأن‬
‫الرشكة التابعة ليس هلا وجود حقيقي‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلك فإن أي حقوق وجبت‬
‫عليها فإن الرشكة القابضة هي املسؤولة عنها(((‪.‬‬
‫والواقع أن هذه الفكرة ليست حمل تسليم من الناحية الرشعية بنا ًء عىل‬
‫أن العديد من احلاالت تكون الرشكة التابعة رشكة حقيقية ومتارس نشاط ًا‬
‫فعلي ًا‪ ،‬ويف حال كانت رشكة صورية ليس هلا أي وجود حقيقي فيمكن‬
‫حينئذ البحث عن الفاعل احلقيقي سوا ٌء كان رشكة قابضة أو شقيقة أو‬
‫غري ذلك‪ ،‬وبذلك فال تصمد هذه النظرية ملد مسؤولية الرشكة القابضة عن‬
‫ديون التابعة‪.‬‬
‫النظرية الثالثة‪ :‬اخلطأ يف الرقابة‪:‬‬
‫يرى بعض الرشاح أن مسؤولية الرشكة القابضة عن ديون الرشكة التابعة‬
‫يقوم عىل أساس أن الرشكة القابضة حتوز السلطة املطلقة عىل الرشكة التابعة‪،‬‬
‫كام تتمكن بصورة كلية من تدبري شؤوهنا من خالل تعيني جملس إدارهتا‪،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تبعية الرشكة التابعة للرشكة القابضة يف قانون الرشكات األردين‪ ،‬ملحمد أمحد‬
‫القريش‪ ،‬ص(‪ ،)75-76‬ورشكة اهلولدنغ‪ ،‬ملاجد مزحيم‪ ،‬ص(‪.)289‬‬

‫‪27‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫وقد أصدرت حمكمة ابتدائية فرنسية حك ًام رتبت فيه املسؤولية عىل رشكة‬
‫قابضة إنجليزية لعيب خفي يف آلة تم صنعها وبيعها من قبل رشكتها الوليدة‬
‫(التابعة)‪ ،‬بنا ًء عىل أن الرشكة الوليدة عىل الرغم من استقالهلا القانوين إال‬
‫أهنا يف حالة خضوع عميل للرشكة األم‪ ،‬األمر الذي يسمح بوضع واجب‬
‫الضامن عليها(((‪.‬‬
‫ويظهر أن ما قامت به هذه املحكمة هو من باب فكرة (املسؤولية‬
‫املفرتضة) وهي املعتربة يف القانون املدين الفرنيس بالنسبة ملسؤولية متويل‬
‫الرقابة عن أخطاء من هم حتت رقابته‪ ،‬كاألب بالنسبة ألخطاء أبنائه القرص‪.‬‬
‫وبالنظر يف هذا األساس يظهر أنه خمالف لقواعد الضامن يف الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيان ذلك أن متويل الرقابة ال يعد مسؤوالً عن أخطاء من هم‬
‫حتت رقابته إال يف حال تعديه أو تفريطه‪ ،‬وعليه فإن هذه النظرية ال تتفق‬
‫والقواعد الرشعية يف هذا الباب‪ ،‬وكذلك فإن ديون الرشكة التابعة يف هذه‬
‫احلالة ليست ‪-‬بالرضورة‪ -‬قائمة عىل أساس التعويض‪ ،‬بل قد تكون يف كثري‬
‫من احلاالت ناشئة عن التزامات عقدية‪ ،‬وعليه فتعديتها إىل الرشكة القابضة‬
‫يف هذه احلالة ال تتفق كذلك وقواعد املسؤولية املدنية‪.‬‬
‫خالصة القول‪:‬‬
‫أن االعرتاف القانوين قائم بفكرة استقالل رشكة املسامهة والرشكة ذات‬
‫املسؤولية املحدودة‪ ،‬وأن الرشكة القابضة ليست استثنا ًء من هذا األصل‪،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تبعية الرشكة التابعة للرشكة القابضة يف قانون الرشكات األردين‪ ،‬ملحمد أمحد‬
‫القريش‪ ،‬ص(‪ ،)80‬ورشكة اهلولدنغ‪ ،‬ملاجد مزحيم‪ ،‬ص(‪.)196-195‬‬

‫‪28‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ومع ذلك فإن الواجب عىل الرشكة القابضة إعداد قوائم مالية موحدة مع‬
‫رشكاهتا التابعة يف هناية كل سنة مالية‪ ،‬وهذا يفيض إىل إلغاء اعتبار انفصال‬
‫الذمم بني الرشكتني يف التعامالت بينتهام بمقدار األسهم اململوكة للقابضة‪.‬‬
‫ووفق ًا للقواعد العامة فإن الرشكة القابضة قد تتحمل بعض احلقوق‬
‫الواجبة عىل الرشكة التابعة إذا كانت تلك احلقوق ناشئة عن أخطاء القابضة‬
‫يف إدارة التابعة‪ ،‬أما ما ذهب إليه بعض القضاء ورشاح القانون املقارن من‬
‫أن الرشكة القابضة مسؤولة عن ديون التابعة وأن إفالس التابعة يمتد إىل‬
‫القابضة‪ ،‬فإن هذا ال يتفق والقواعد العامة للضامن واملسؤولية والتعويض‬
‫يف الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫المبحث الثالث‬
‫أثر السيطرة وأحكام الذمة المالية في أحكام‬
‫التعامالت المالية بين الشركات القابضة والتابعة‬
‫والشقيقة‬
‫كثري ًا ما جتري تعامالت بني الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة‪،‬‬
‫وباالستناد إىل ما سبق قوله يف الصلة والتأثري بني تلك الرشكات وأثره‬
‫عىل الذمة املالية هلا‪ ،‬فإن لكل ذلك آثار ًا عىل أحكام التعامالت املالية بينها‪،‬‬
‫وسنتناول تلك األحكام بحسب نوع الترصف وفق ًا للمطالب التالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عقود البيع‪:‬‬

‫تأيت عقود البيع بني الرشكة القابضة والتابعة والشقيقة عىل صور عديدة‪،‬‬
‫وختتلف األحكام باختالف تلك الصور‪ ،‬فقد يكون املبيع أسهم إحدى‬
‫الرشكتني‪ ،‬أو قد تكون أصوالً هلا‪ ،‬وسنتناول تلك الصور يف الفروع التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬بيع أسهم التابعة عىل الرشكة القابضة‪ ،‬أو بيع أسهم الشقيقة‬
‫للشقيقة األخرى‪:‬‬
‫قد تشرتي الرشكة أسه ًام يف رشكة تصري بموجب هذا الرشاء قابضة‬
‫هلا‪ ،‬وذلك حينام تكون هذه املعاملة هي التي ينتج عنها السيطرة‪ ،‬وهنا يثور‬
‫تساؤل عن أثر هذا الرشاء يف تقييم األسهم حمل الرشاء‪ ،‬إذ قد تؤدي سيطرة‬
‫الرشكة القابضة عىل التابعة إىل انخفاض أو زيادة األسعار بحسب األثر‬
‫االستثامري للسيطرة‪ ،‬وذلك كأن تشرتي رشكة منافسة أو مكملة لنشاطها‬

‫‪30‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫فيرتتب عىل ذلك زيادة التنسيق‪ ،‬أو اتساع السوق أو التأثري يف املنافسة‪ ،‬وكل‬
‫هذا مما له أثر يف قيمة السهم‪ ،‬وأثر يف مقدار الربح احلاصل من السيطرة‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن ارتفاع قيمة السهم يف هذه احلالة مل ينتج عن ارتفاع قيمة‬
‫موجودات الرشكة (القيمة التارخيية) وال عن ارتفاع القيمة السوقية‪ ،‬بل هو‬
‫متأثر بعنارص أخرى متعلقة باملشرتي‪ ،‬وهذه املؤثرات اخلاصة ال جيب أن‬
‫تؤثر يف التقييم العادل‪ ،‬كام أن األثر اإلجيايب لعملية البيع سيمتد لألقلية‪ ،‬بل‬
‫إن األمر أبعد من ذلك فلو متت العملية بأقل من سعر السوق‪ ،‬أو بدون أي‬
‫مقابل ‪-‬يف حال كان ذلك جائز ًا‪ -‬مل جيز لألقلية االعرتاض عىل ذلك‪ ،‬ولو‬
‫ترتب عىل هذه العملية انخفاض أسهم الرشكة التابعة يف السوق‪ ،‬وذلك أن‬
‫عملية البيع هذه متت بني أطراف أخرى‪ ،‬وال صلة لألقلية هبذه العملية(((‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬بيع أسهم القابضة عىل التابعة‪:‬‬
‫متنع العديد من األنظمة أن تشرتي الرشكة التابعة بعض أسهم القابضة‪،‬‬
‫ومن ذلك ما صدر به نظام الرشكات (‪1443‬هـ) حيث نصت الفقرة (‪)1‬‬
‫من املادة (‪ )218‬عىل أنه‪« :‬ال جيوز للرشكة التابعة امتالك حصص أو أسهم‬
‫ال كل ترصف من شأنه نقل ملكية احلصص‬ ‫يف الرشكة القابضة‪ ،‬ويعد باط ً‬
‫واألسهم من الرشكة القابضة إىل الرشكة التابعة»‪ ،‬وسبب املنع أن ذلك يفيض‬
‫إىل الصورية يف رأس مال التابعة‪ ،‬وذلك بحساب أصول التابعة مرتني‪ ،‬مرة‬
‫بصفتها أصوالً مملوكة بصفة مبارشة‪ ،‬ومرة أخرى بصفتها مؤثرة يف قيمة‬

‫((( ينظر‪ :‬بدائل القياس املحاسبي لتقييم حصة الرشكة القابضة يف رأس مال الرشكة‬
‫التابعة‪ ،‬ملحمد عبد الشكور حجازي‪ ،‬ص(‪.)6‬‬

‫‪31‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الرشكة القابضة ‪-‬التي متلك فيها‪ ،-‬وهذا يفيض إىل تضليل املسامهني أو‬
‫الدائنني بشأن القيمة احلقيقية للرشكة(((‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬بيع أو رشاء األصول بني القابضة والتابعة والشقيقة‪:‬‬
‫حيتف بمسألة رشاء الرشكة القابضة من األصول اململوكة للرشكة التابعة‬
‫بعض االعتبارات اخلاصة التي قد تؤثر يف أحكامها‪ ،‬وكذلك احلال يف رشاء‬
‫الرشكتني الشقيقتني اململوكتني لرشكة قابضة من بعضهام‪ ،‬وختتلف تلك‬
‫األحكام بحسب صورة القبض (السيطرة)‪ ،‬وبكل األحوال فإن الواجب‬
‫عىل إدارة التابعة أو الشقيقة البيع بسعر املثل العادل‪ ،‬وهلذه املسألة عدد من‬
‫الصور واألحوال‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يف حالة القبض الكيل‪ :‬متلك الرشكة القابضة ‪ %100‬من أسهم‬
‫التابعة‪ ،‬أو كان الرشكاء يف الرشكة الشقيقة هم أنفسهم يف الرشكة األخرى‬
‫وبنفس النسب فاألصل صحة الترصف بأي قيمة كان‪ ،‬مع مراعاة حقوق‬
‫الغري كالدائنني‪ ،‬ووجه ذلك أن الدائن يستويف حقه من األصول اململوكة‬
‫للرشكة فإذا نقلت للرشكة القابضة أو الشقيقة بأقل من سعر املثل فقد‬
‫يترضر هبذا الترصف‪ ،‬وقد ال يتمكن من استيفاء حقه أو بعضه‪ ،‬وقد يكون‬
‫هذا من طرق االحتيال لتفويت حقوق الدائنني‪ ،‬كأن تبيع الرشكة التابعة أو‬
‫الشقيقة أصوهلا عىل القابضة أو الشقيقة بأقل من ‪ ٪50‬من قيمتها‪ ،‬فإذا أراد‬
‫الدائنون استيفاء حقوقهم مل جيدوا يف أصوهلا ما يكفي لتحصيل الدين‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص(‪.)11‬‬

‫‪32‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ثاني ًا‪ :‬يف حالة القبض اجلزئي‪ :‬فيجب عند إبرام عقود بيع بني الرشكات‬
‫القابضة والتابعة مراعاة حقوق األقلية‪ ،‬لكن حيث قرر الفقهاء صحة‬
‫ترصف الوكيل بام يتغابن به الناس عادة فهل يعترب بالسعر الكيل أم بنصيب‬
‫األقلية إىل القيمة الكلية عىل اعتبار إذن األكثرية يف نصيبهم فال يعترب يف‬
‫احلساب؟ الظاهر أن املعترب األول‪ ،‬ألن الرضر واقع يف نصيب كل مساهم‬
‫بنصيبه‪ ،‬وما ال يتغابن فيه الناس عادة يلحق الرضر يف نصيب كل مساهم‪،‬‬
‫وال يلغي ذلك إذن الغري؛ ألن إذهنم ناشئ عن عدم ترضرهم بالترصف‬
‫لعودة األصل هلم بطريق آخر‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬يف حالة القبض اجلزئي‪ :‬فاملقرر أن الواجب عىل ممثل التابعة رعاية‬
‫مصالح املسامهني سوا ٌء األكثرية أم األقلية‪ ،‬والترصف وفق قواعد الترصف‬
‫بالنيابة‪ ،‬ومع ذلك فقد حتدث جتاوزات يف هذا الباب بأن يتم البيع ‪-‬حتت‬
‫تأثري سيطرة القابضة‪ -‬بأقل من سعر السوق‪ ،‬أو من السعر املمكن ‪-‬وهو‬
‫السعر األفضل عند اتباع طرق بيع خاصة كبيع أسهم مملوكة للتابعة من‬
‫خالل الطرح للتداول يف سوق األسهم‪ -‬وكذلك احلال بالنسبة للرشكات‬
‫الشقيقة فيحتمل أن تشرتي الرشكة الشقيقة (أ) من الرشكة الشقيقة (ب)‬
‫بأقل من سعر السوق بنا ًء عىل تأثري القابضة يف قرار البائعة (ب) لغرض‬
‫مصلحة الشقيقة (أ)‪ ،‬وهو من صور رشاء القابضة غري املبارش من التابعة‪،‬‬
‫وجيري عليه نفس أحكامه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ويف كل هذه الصور املذكورة هناك إرضار باألقلية يف التابعة‪ ،‬من خالل‬
‫ختفيض العائد من بيع أصول التابعة‪ ،‬ويف هذا تفويت للفارق بني القيمة‬
‫العادلة والقيمة املنفذة‪.‬‬
‫ويف حال تم بيع أصول الرشكة التابعة للقابضة‪ ،‬بأقل من سعر املثل‪،‬‬
‫فإن هذا يرتب مسؤولية عىل املترصف بغض النظر عن عالقته بالرشكة‬
‫القابضة‪ ،‬سوا ٌء كان مالك ًا فيها‪ ،‬أو مدير ًا هلا‪ ،‬أو استجاب ألوامر املالك أو‬
‫املديرين‪ ،‬وذلك أن القاعدة أن املدير مسؤول عن ترصفاته التي جيرهيا نيابة‬
‫عن الرشكة‪ ،‬ويف حال أخل بأي من واجباته وترتب عىل ذلك أي رضر فإنه‬
‫ضامن للرضر‪ ،‬وفق ًا ألحكام املادة (‪ )28‬من نظام الرشكات والتي تنص عىل‬
‫أن‪« :‬يكون املدير وأعضاء جملس اإلدارة مسؤولني بالتضامن عن تعويض‬
‫الرشكة أو الرشكاء أو املسامهني أو الغري عن الرضر الذي ينشأ بسبب خمالفة‬
‫أحكام النظام أو عقد تأسيس الرشكة أو نظامها األساس‪ ،‬أو بسبب ما‬
‫يصدر منهم من أخطاء أو إمهال أو تقصري يف أداء أعامهلم‪ ،‬وكل رشط يقيض‬
‫بغري ذلك يعد كأن مل يكن»(((‪ ،‬كام نصت الفقرة (‪ )1‬من املادة (‪ )29‬عىل أن‪:‬‬
‫«للرشكة أن ترفع دعوى املسؤولية عىل املدير أو أعضاء جملس اإلدارة بسبب‬
‫خمالفة أحكام النظام أو عقد تأسيس الرشكة أو نظامها األساس‪ ،‬أو بسبب‬
‫ما يصدر منهم من أخطاء أو إمهال أو تقصري يف أداء عملهم‪ ،‬وينشأ عنها‬
‫أرضار عىل الرشكة‪ ،‬ويقرر الرشكاء أو اجلمعية العامة أو املسامهون رفع هذه‬
‫((( يقابل هذه املادة يف نظام الرشكات السابق (‪1437‬هـ) املادة رقم (‪ )78‬ونصها‪« :‬يكون‬
‫أعضاء جملس اإلدارة مسؤولني بالتضامن عن تعويض الرشكة أو املسامهني أو الغري‬
‫عن الرضر الذي ينشأ عن إساءهتم تدبري شؤون الرشكة»‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الدعوى»(((‪ ،‬إال أن من الواضح أن األقلية يف الرشكة التابعة لن يتمكنوا‬


‫من جعل اجلمعية العامة العادية تتخذ قرار ًا برفع الدعوى عىل اإلدارة بنا ًء‬
‫عىل أن األكثرية هي املستفيد من هذه الصفقة‪ ،‬لذا فإن الفقرة (‪ )2‬من ذات‬
‫املادة نصت عىل أنه‪« :‬جيوز لرشيك أو مساهم أو أكثر يمثلون (مخسة يف‬
‫املائة) من رأس مال الرشكة‪ ،‬ما مل ينص عقد تأسيس الرشكة أو نظامها‬
‫األساس عىل نسبة أقل‪ ،‬رفع دعوى املسؤولية املقررة للرشكة يف حال عدم‬
‫قيام الرشكة برفعها‪ ،‬مع مراعاة أن يكون اهلدف األساس من الدعوى حتقيق‬
‫مصالح الرشكة‪ ،‬وأن تكون الدعوى قائمة عىل أساس صحيح‪ ،‬وأن يكون‬
‫املدعي حسن النية‪ ،‬ورشيك ًا أو مسامه ًا يف الرشكة وقت رفع الدعوى»‪ ،‬كام‬
‫نصت الفقرة (‪ )4‬من ذات املادة عىل أن‪« :‬للرشيك أو املساهم رفع دعواه‬
‫الشخصية عىل املدير أو أعضاء جملس اإلدارة إذا كان من شأن اخلطأ الذي‬
‫صدر منهم إحلاق رضر خاص به»(((‪.‬‬

‫((( يقابل هذه املادة يف نظام الرشكات السابق (‪1437‬هـ) املادة رقم (‪ )79‬ونصها‪:‬‬
‫«للرشكة أن ترفع دعوى املسؤولية عىل أعضاء جملس اإلدارة بسبب األخطاء التي‬
‫تنشأ منها أرضار ملجموع املسامهني‪ ،‬وتقرر اجلمعية العامة العادية رفع هذه الدعوى»‪.‬‬
‫((( يقابل هذه الفقرة من النظام السابق (‪1437‬هـ) املادة (‪ )80‬ونصها‪« :‬لكل مساهم‬
‫احلق يف رفع دعوى املسؤولية املقررة للرشكة عىل أعضاء جملس اإلدارة إذا كان من‬
‫شأن اخلطأ الذي صدر منهم إحلاق رضر خاص به‪ ،‬وال جيوز للمساهم رفع الدعوى‬
‫املذكورة إال إذا كان حق الرشكة يف رفعها ال يزال قائ ًام‪ ،‬وجيب عىل املساهم أن يبلغ‬
‫الرشكة بعزمه عىل رفع الدعوى‪ ،‬مع قرص حقه عىل املطالبة بالتعويض عن الرضر‬
‫اخلاص الذي حلق به»‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫وبذلك فيكون حق املساهم يف هذه احلالة هو التعويض عن مقدار‬


‫النقص يف األسهم التي يملكها نتيجة للعملية حمل االعرتاض‪ ،‬وهذه‬
‫الدعوى هي التي تسمى (دعوى الرشكة الفردية) وتكون عن الرضر الذي‬
‫أصاب املساهم بصفته مسامه ًا‪ ،‬ووجه الرضر الذي أصاب املساهم يف هذه‬
‫احلالة هو أن بيع األصول بأقل من سعرها هو يف حقيقة احلال إضعاف‬
‫للمركز املايل للرشكة‪ ،‬وذلك يؤثر يف استثامراهتا وعوائدها‪ ،‬كام يؤثر يف‬
‫موجوداهتا عند التصفية‪ ،‬أما عن صفة التعويض الذي حيكم به عىل اإلدارة‬
‫للمساهم ففي ذلك خالف عىل اجتاهني‪ ،‬االجتاه األول هو أن يسلم التعويض‬
‫للمساهم بصفته تعويض ًا عن الرضر الذي ناله من ترصف اإلدارة‪ ،‬واالجتاه‬
‫الثاين‪ :‬هو أن يسلم التعويض للرشكة ويقيد يف سجالهتا بصفته من حقوق‬
‫املساهم‪ ،‬وذلك هو األوفق لطبيعة عالقة املساهم مع الرشكة‪ ،‬كام أنه يعيد‬
‫املساهم إىل احلالة التي كان عليها قبل صدور الترصف الضار من اإلدارة‪،‬‬
‫وذلك أن الرضر الذي ناله هو نقص قيمة السهم تبع ًا لنقص موجودات‬
‫الرشكة‪ ،‬وهبذه الطريقة يعوض النقص الذي ناله فتعود حقوقه التي عىل‬
‫الرشكة إىل قيمتها التي كانت عليها‪ ،‬ويف حال كان القرار صادر ًا من ممثيل‬
‫الرشكة القابضة يف اجلمعية العمومية للتابعة فإن املسؤولية تلحق بالرشكة‬
‫القابضة ذاهتا‪ ،‬وال يلحق املدير يف الرشكة التابعة أي مسؤولية؛ ألنه منفذ‬
‫لقرارات اجلمعية العمومية وهي اجلهة ذات السلطة األعىل يف الرشكة(((‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬موسوعة الرشكات التجارية‪ ،‬د‪ .‬إلياس ناصيف‪ ،‬ص(‪.)319 -281/10‬‬

‫‪36‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ويملك األقلية يف الرشكة التابعة إبطال ترصف اإلدارة أو اجلمعية‬


‫العمومية ببيع أسهمها للقابضة بأقل من سعر املثل‪ ،‬خصوص ًا إذا كان ترصف ًا‬
‫ينطوي عىل غش جسيم‪ ،‬كالبيع بأقل من ‪ ٪50‬من قيمة املثل‪ ،‬وذلك أنه يعد‬
‫غش ًا من طريف املعاملة‪ ،‬وقد ال تفي قواعد التعويض بمعاجلة الرضر الذي‬
‫حلق املسامهني من املعاملة‪ ،‬كأن يكون املديرون معرسين بمبلغ التعويض‪،‬‬
‫والرشكة القابضة متواطئة يف احلصول عىل أسهم التابعة بعقد فيه غش(((‪.‬‬
‫أما من الناحية الفقهية‪ ،‬فإن هذه احلالة تتصل بمسألتني‪ ،‬األوىل هي بيع‬
‫الوكيل بأقل من سعر املثل‪ ،‬ويف املسألة خالف بني املذاهب فريى املالكية‬
‫أن صاحب املال خمري بني اإلمضاء والرد(((‪ ،‬ويرى الشافعية أن الوكيل‬
‫يضمن الفرق إن سلمه للمشرتي‪ ،‬وإال كان لصاحب املال اسرتداده(((‪ ،‬أما‬
‫املذهب عند احلنابلة فهو تصحيح البيع وتضمني الوكيل النقص وهو من‬
‫املفردات(((‪ ،‬ويف رواية عندهم أن البيع باطل(((‪.‬‬
‫وتطبيق ًا لذلك فإن الرشكة كيان اعتباري له حقوق وعليه واجبات‪،‬‬
‫ويمثله يف ترصفاته جملس اإلدارة‪ ،‬فإذا ترصف املجلس بأن باع بعض أصول‬
‫الرشكة بأقل من سعر املثل فإنه يعد نائب ًا مترصف ًا بام خيالف قواعد النيابة‪،‬‬
‫فيكون للرشكة مساءلته‪ ،‬فعىل مذهب املالكية يكون للجمعية العمومية‬

‫ينظر‪ :‬نظام الرشكات اجلديد‪ ،‬املادة (‪.)71‬‬ ‫(((‬


‫ينظر‪ :‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري‪.)382/3( ،‬‬ ‫(((‬
‫ينظر‪ :‬حاشية اجلمل عىل رشح املنهج‪.)408/3( ،‬‬ ‫(((‬
‫ينظر‪ :‬كشاف القناع‪.)475/3( ،‬‬ ‫(((‬
‫ينظر‪ :‬اإلنصاف‪.)379/5( ،‬‬ ‫(((‬

‫‪37‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫اخليار يف إمضاء املعاملة أو ردها‪ ،‬وعىل مذهب الشافعية يكون األمر متوقف ًا‬
‫عىل تسليم تلك األصول‪ ،‬فإن سلمتها كان للرشكة إلزام جملس اإلدارة‬
‫بالتعويض عن الفرق يف القيمة‪ ،‬وإن مل تسلمها كان للرشكة إلغاء العقد‪،‬‬
‫وعىل مذهب احلنابلة البيع صحيح‪ ،‬ويلزم جملس اإلدارة التعويض عن‬
‫النقص‪ ،‬وعىل الرواية األخرى يف مذهب أمحد البيع باطل‪.‬‬
‫أما إن كان الترصف صادر ًا عن اجلمعية العمومية‪ ،‬فال تنطبق املسألة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ترصف إدارهتا أو مجعيتها‬ ‫ترضر من‬ ‫ويعد املساهم صاحب حق عىل الرشكة‬
‫َ‬
‫العمومية‪ ،‬فيكون له حق بنا ًء عىل ذلك وفق ما سبق بيانه‪.‬‬
‫أما املسألة الثانية فهي حكم بيع الوكيل عىل من له مصلحة يف البيع له‪،‬‬
‫كالنفس أو االبن أو غريهم‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء يف حكم بيع الوكيل عىل‬
‫نفسه عىل أقوال‪ ،‬واجلمهور عىل عدم الصحة إن مل يؤذن له‪ ،‬وذلك ألنه‬
‫يلحقه يف ذلك هتمة(((‪ ،‬وعن أمحد جيوز ذلك إذا توىل النداء غريه واشرتى‬
‫بأكثر من ثمنه يف النداء أو وكل غريه يف البيع وكان هو أحد املشرتين(((‪ ،‬ويف‬
‫قول للاملكية أنه جيوز له ذلك إذا مل ُي ِ‬
‫اب(((‪.‬‬

‫((( هذا مذهب احلنفية والشافعية واحلنابلة واملعتمد عند املالكية‪ ،‬ينظر‪ :‬رد املحتار عىل‬
‫الدر املختار»‪ ،‬البن عابدين (‪ ،)520/5‬ومغني املحتاج للرشبيني‪،)244/3( ،‬‬
‫وكشاف القناع للبهويت‪ ،)473/3( ،‬وحاشية الدسوقي‪.)387/3( ،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬اإلنصاف للمرداوي‪.)375/5( ،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬القوانني الفقهية البن جزي‪ ،‬ص(‪.)216‬‬

‫‪38‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫كام اختلفوا يف حكم البيع عىل من ت َُرد شهادته له كالزوجة واالبن‪ ،‬فعند‬
‫احلنفية جيوز أن يبيع بأكثر من قيمة املثل‪ ،‬وال جيوز بأقل منها(((‪ ،‬وال جيوز‬
‫بمثل القيمة عند أيب حنيفة‪ ،‬وعند املالكية والشافعية واحلنابلة ال جيوز‪ ،‬عىل‬
‫تفصيل عندهم يف أحوال وصور‪ ،‬وعللوا ذلك بأنه يميل إىل ترك االستقصاء‬
‫عليهم(((‪ ،‬ويف قول عند املالكية ووجه عند احلنابلة جيوز البيع هلم(((‪.‬‬
‫ونلحظ هنا أن من منع من أهل العلم يف تلك الصور راعى منع تعارض‬
‫املصالح‪ ،‬وذلك أن للوكيل مصلحة ختالف مصلحة املوكل يف هذه الصور‪،‬‬
‫وقد تكون هذه املصلحة حمتملة كام يف حالة البيع عىل ولده وزوجه‪ ،‬وتطبيق ًا‬
‫هلذه املسألة فإن كان البائع هو اجلمعية العمومية للرشكة التابعة والذين‬
‫يشكل ممثلو القابضة األغلبية فيهم فتعد املسألة من صور بيع اإلنسان عىل‬
‫نفسه ملك غريه ‪-‬وذلك يف حدود أسهم األقلية يف التابعة‪ -‬وخترجي ًا عىل‬
‫املسألة التي عرضناها قبل قليل فعىل قول اجلمهور ال جيوز‪ ،‬إال إن أذن‬
‫صاحب احلق‪ ،‬وصاحب احلق يف حالتنا هو الرشكة وهي ال تعرب عن نفسها‬ ‫ُ‬
‫إال عرب مديرها ورضاه غري مؤثر إذا كان خاضع ًا لسيطرة القابضة‪ ،‬ولكن‬
‫هل نقول يف هذه احلالة بأن الرىض املؤثر هنا هو رىض األقلية باعتبارها‬
‫هي املعنية بأثر هذا العقد؟ احلقيقة أن األقلية ال متثل الرشكة وال تنوب‬
‫عنها‪ ،‬وشخصية الرشكة مستقلة عنها كام سبق‪ ،‬وعليه فحقها واجب يف ذمة‬

‫((( ينظر‪ :‬الفتاوى اهلندية‪.)589/3( ،‬‬


‫((( ينظر‪ :‬حاشية الدسوقي‪ ،)387/3( ،‬ومغني املحتاج للرشبيني‪ ،)244/3( ،‬وكشاف‬
‫القناع للبهويت‪.)474/3( ،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬املراجع السابقة‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الرشكة‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلك فتخرجي ًا عىل قول اجلمهور ال جيوز للرشكة القابضة‬
‫يف حاالت القبض اجلزئي أن تشرتي شيئ ًا من أصول الرشكة التابعة عرب‬
‫قرار يتخذه ممثلوها يف اجلمعية العمومية‪ ،‬وإذا كان القرار صادر ًا من غريهم‬
‫فال مانع من ذلك‪ ،‬كأن يصدر القرار بموافقة من ال يمثلون القابضة يف‬
‫اجلمعية العمومية‪.‬‬
‫وعىل الرواية األخرى عن أمحد والقول الثاين للاملكية يمكن أن نقول‬
‫بصحة البيع إذا كان بأكثر من التقييم الصادر من جهة تقييم معتربة‪ ،‬أو إذا‬
‫كان البيع عن طريق طرف آخر غري اإلدارة اخلاضعة لسيطرة القابضة كأن‬
‫تُسنِد التابعة بيع أحد عقاراهتا إىل وكيل بيع‪ ،‬أو أن يباع األصل يف مزاد‬
‫علني حتت إرشاف املحكمة‪ ،‬أو إذا كان الرشاء من منصة تداول حمايدة حتدد‬
‫األسعار فيها من خالل تفاعل العرض والطلب‪.‬‬
‫أما إذا كان البيع بني رشكتني شقيقتني‪ ،‬ومها خاضعتان لرشكة قابضة‬
‫واحدة‪ ،‬والقبض فيهام جزئي‪ ،‬فيمكن خترجيها عىل املسألة الثانية‪ ،‬وهي‬
‫مسألة البيع عىل من ال تقبل شهادته له كاالبن والزوجة‪ ،‬فعىل قول اجلمهور‬
‫قول عند املالكية ووجه عند احلنابلة يصح‪ ،‬وهو أوىل من‬ ‫ال يصح‪ ،‬وعىل ٍ‬
‫التي قبلها‪ ،‬وذلك إذا كان قرار البيع من ممثيل الرشكة القابضة يف الرشكة‬
‫البائعة‪ ،‬ونقول يف األحوال األخرى كام قلنا يف املسألة التي قبلها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الفرع الرابع‪ :‬تأثري الغرر يف املبايعات بني القابضة والتابعة أو بني الرشكات‬
‫الشقيقة‪:‬‬
‫الغرر هو صفة يف املعاملة جتعل بعض أركاهنا مستورة العاقبة‪ ،‬واألصل‬
‫يف الغرر أنه حمرم مفسد للعقد‪ ،‬وذلك إذا كان يف عقد معاوضة وكان كثري ًا‪،‬‬
‫وكان يف املعقود عليه أصالة وكان مما ال تدعو احلاجة إليه(((‪ ،‬وقد تتأثر أحكام‬
‫الغرر يف حال كانت املعاملة بني رشكة قابضة وتابعة‪ ،‬مثال ذلك أن تشرتي‬
‫الرشكة القابضة من الرشكة التابعة كل ما يأتيها من التعويضات يف واقعة‬
‫معينة‪ ،‬أو أن تبيع التابعة عىل القابضة أرض ًا مقابل قيمة ما حتصله من أجرة‬
‫العقار املعني‪ ،‬أو أن تتعاقد القابضة مع التابعة عىل أهنا تلتزم بتحمل كامل‬
‫األرضار التي تناهلا من الدخول يف مرشوع معني مقابل نسبة من العوائد‬
‫فيه‪ ،‬ولذلك أحوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يف حالة القبض الكيل(((‪ :‬ال تتأثر التعامالت بني القابضة والتابعة‬
‫بالغرر من حيث فساد املعاملة بسببه‪ ،‬وذلك أنه ليس إخراج ًا للملك عىل‬
‫احلقيقة‪ ،‬بل هو نقل من وعاء إىل وعاء‪ ،‬فلو جرى نقل أصول مملوكة للتابعة‬
‫إىل القابضة مع عدم تعيينها عند التعاقد فإن الترصف صحيح‪ ،‬ألنه ليس‬
‫بيع ًا عىل احلقيقة‪ ،‬وكذلك يظهر يف القوائم املالية للرشكات‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإذا كان هلذه املعاملة أثر يف حقوق الدائنني‪ ،‬فإهنا تتأثر يف حدود ذلك‪،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬املعيار الرشعي رقم (‪ ،)31‬املعايري الرشعية الصادرة عن هيئة املحاسبة واملراجعة‬
‫للمؤسسات املالية اإلسالمية‪.‬‬
‫((( املقصود بالقبض الكيل‪ :‬هو متلك الرشكة القابضة كامل أسهم الرشكة التابعة (متلك‬
‫كيل)‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫فإذا تبني بعد إنفاذ املعاملة أن قيمة األصول املنقولة أقل من القيمة الفعلية‬
‫فنعود لألحكام التي سبق بياهنا يف الفرع السابق‪ ،‬وهذا يف حال كان النقل‬
‫من الرشكة التابعة للقابضة‪ ،‬أو من الشقيقة لشقيقتها ‪-‬إذا كانتا مملوكتني‬
‫لقابضة‪ ،-‬أما إذا كان النقل من القابضة للتابعة فال فرق؛ إذ يملك الدائنون‬
‫التنفيذ عىل مجيع أصول القابضة بام يف ذلك أسهمها يف التابعة‪ ،‬فال أثر للغرر‬
‫وال ملا ينتج عنه من نقص قيمة العوض إن كان‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬يف حال القبض اجلزئي(((‪ :‬إذا كان البيع من القابضة عىل التابعة‬
‫والغرر كثري يف جمموع العقد وقليل بالنسبة لألقلية فهناك احتامالن‪:‬‬
‫‪ .1‬العقد صحيح بالنظر إىل أن الغرر إنام هو يف نصيب األقلية يف الرشكة‬
‫التابعة‪ ،‬وهذا قليل بالنسبة إىل جمموع العقد‪.‬‬
‫‪ .2‬أن العقد باطل ألن العالقة بني كيانني مستقلني‪ ،‬وأن ملكية القابضة‬
‫يف التابعة ال تلغي أحكام االستقالل مادام هناك مالك آخرون‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬يف حالة القبض اجلزئي‪ :‬وكان البيع من التابعة عىل القابضة‪ ،‬والغرر‬
‫كثري يف جمموع العقد‪ ،‬فيقال يف هذه احلالة كاحلالة األوىل‪ ،‬إذ إن القابضة ال‬
‫غرر عليها يف انتقال امللك إليها إال إذا كان الغرر يف الثمن‪ ،‬فيكون بحسب‬
‫مقدار ملكية األقلية يف التابعة‪ ،‬فال يؤثر يف العقد إذا كان قليالً‪.‬‬

‫أسهام يف الرشكة التابعة مع وجود‬


‫ً‬ ‫((( املقصود بالقبض اجلزئي هو متلك الرشكة القابضة‬
‫رشيك أو رشكاء آخرين (متلك جزئي)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫رابع ًا‪ :‬حالة القبض اإلداري‪ ،‬وذلك إذا كانت القابضة ال متلك نسبة‬
‫سيطرة يف التابعة‪ ،‬وكانت مع ذلك هلا السيطرة ألسباب أخرى‪ ،‬فال تؤثر‬
‫السيطرة يف أحكام الغرر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عقود التمويل‪:‬‬

‫يف العديد من احلاالت حتتاج الرشكة التابعة للحصول عىل متويل للقيام‬
‫بأنشطتها‪ ،‬إال أهنا قد ال تتمكن من احلصول عىل التمويل الكايف من البنوك‬
‫تبع ًا حلالتها االئتامنية ومركزها املايل‪ ،‬فتلجأ للحصول عىل التمويل عن‬
‫طريق الرشكة القابضة التي حتصل عىل مبالغ متويل أعىل‪ ،‬وبتكلفة أقل‪ ،‬ثم‬
‫تقوم الرشكة القابضة بتمويل الرشكة التابعة‪ ،‬لذلك صور عديدة‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القرض‪:‬‬
‫قد تقوم الرشكة القابضة بإقراض الرشكة التابعة مبلغ التمويل من دون‬
‫أي زيادة‪ ،‬وقد تقوم يف بعض األحوال بإقراضها بفائدة‪ ،‬فإن كانت الرشكة‬
‫القابضة متلك كامل أسهم الرشكة التابعة‪ ،‬فال جيري الربا بينهام‪ ،‬ألن مآل‬
‫املال واحد وذلك برشط استمرار التملك التام حتى متام املعاملة الربوية‪،‬‬
‫ويمكن خترجيه عىل مسألة الربا بني العبد وسيده(((‪ ،‬بجامع أن مآل مال‬
‫الرشكة التابعة للقابضة كامل العبد مع سيده‪ ،‬ومن منعه فقد بنى ذلك عىل‬
‫((( هذا مشهور مذهب مالك‪ ،‬ورواية عند احلنابلة‪ ،‬ينظر‪ :‬بداية املجتهد‪،)157/4( ،‬‬
‫وقال يف اإلنصاف‪« :)465/7( ،‬قوله‪( :‬وال يبيعه درمه ًا بدرمهني) يعني‪ :‬أنه جيري‬
‫الربا بينهام‪ ،‬وهذا املذهب‪ ،‬وعليه مجاهري األصحاب‪ ،‬وقطع به كثري منهم‪ ،‬وقال ابن أيب‬
‫موسى‪ :‬ال ربا بينهام؛ ألنه عبد يف األظهر من قوله‪( :‬ال ربا بني العبد وسيده) واختاره‬
‫أبو بكر‪ ،‬قاله الزركيش وغريه‪ ،‬وهو رواية عن اإلمام أمحد هللا همحر‪ ،‬فعىل املذهب‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫اعتبار حقيقة املعاملة بينهام‪ ،‬فمن قال أن املعاملة بينهام بيع منع الزيادة يف‬
‫القرض بينهام‪ ،‬ومن قال هو استيفاء حق للسيد يف يد العبد مل يمنع منه‪ ،‬ومل‬
‫جيعل لدائن العبد حق ًا يف الرجوع عليه‪ ،‬ويمكن أن يقال أن هذا منطبق يف‬
‫مسألة الباب‪ ،‬وحيث إن القائمة املالية تكون موحدة بني القابضة والتابعة‬
‫فتسوى املعامالت بني الطرفني كام لو كانت ضمن كيان واحد‪ ،‬فال أثر‬ ‫ّ‬
‫للزيادة يف القرض بينهام‪.‬‬
‫أما إن كانت املعاملة بني رشكة قابضة وتابعة‪ ،‬والقبض فيها قبض‬
‫جزئي‪ ،‬فال جيوز اإلقراض بفائدة‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التمويل عن طريق البيع اآلجل‪:‬‬
‫وصورته أن تشرتي الرشكة القابضة أص ً‬
‫ال ثم تبيعه عىل الرشكة التابعة‪،‬‬
‫إما بزيادة عىل سعر احلال أو بغري زيادة‪ ،‬وهو هبذه الصورة ال إشكال فيه‪،‬‬
‫أما إن كانت املعاملة بالعكس‪ ،‬بأن تشرتي التابعة ثم تبيع عىل القابضة‪ ،‬فإن‬
‫كانت مملوكة للقابضة بنسبة ‪ %100‬فال إشكال يف املعاملة‪ ،‬وإن كان القبض‬
‫جزئي ًا فيجب أن يتم البيع بسعر املثل‪ ،‬وفق ًا ملا سبق تفصيله يف املطلب األول‬
‫من هذا املبحث‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التمويل عن طريق الطرق التمويلية األخرى‪:‬‬
‫ومن ذلك التأجري املنتهي بالتمليك‪ ،‬أو املشاركة املتناقصة‪ ،‬وغريها‪،‬‬
‫واحلكم يف هذه كالتي قبلها إذا كانت املعاملة بني القابضة والتابعة فقط‪،‬‬
‫لو زاد األجل والدين‪ :‬جاز ذلك‪ ،‬عىل احتامل ذكره املصنف‪ ،‬وغريه‪ ،‬واملذهب‪ :‬عدم‬
‫اجلواز‪ ،‬وعليه األصحاب»‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫أما إذا كان هناك أطراف أخرى فقد خيتلف احلكم‪ ،‬كأن تبيع الرشكة‬
‫القابضة عين ًا عىل طرف آخر بثمن حال‪ ،‬ثم تشرتيه التابعة منه بثمن مؤجل‬
‫أو العكس‪ ،‬فإذا كانت الرشكة التابعة مملوكة للرشكة القابضة بشكل كامل‬
‫فهي من صور العينة الثالثية‪ ،‬أما إذا كان مع القابضة رشكاء يف التابعة‪ ،‬أو‬
‫كان التعامل بني رشكتني شقيقتني فال مانع إال إن كان حيلة عىل الربا‪ ،‬قال‬
‫يف الروض املربع‪« :‬ومن باع ربويا بنسيئة‪ ،‬أي مؤجل‪ ،‬وكذا حال مل يقبض‪،‬‬
‫واعتاض عن ثمنه ما ال يباع به نسيئة‪ ،‬كثمن بر اعتاض عنه برا أو غريه من‬
‫املكيالت‪ ،‬مل جيز؛ ألنه ذريعة لبيع الربوي بالربوي نسيئة‪ ...،‬وإن اشرتاه‪،‬‬
‫أي اشرتى املبيع يف مسألة العينة أو عكسها‪ ،‬بغري جنسه‪ ..،‬أو اشرتاه أبوه‪،‬‬
‫أي أبو بائعه‪ ،‬أو ابنه‪ ،‬أو مكاتبه‪ ،‬أو زوجته‪ ،‬جاز الرشاء ما مل يكن حيلة عىل‬
‫التوصل إىل فعل مسألة العينة»(((‪.‬‬

‫((( ص(‪.)318‬‬

‫‪45‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫المبحث الرابع‬
‫طرق العرض المحاسبي للتعامالت المالية بين‬
‫الشركات القابضة والتابعة والشقيقة‬
‫تعد املعايري الدولية للتقرير املايل املوافق عليها واملعدلة من جملس‬
‫إدارة (اهليئة السعودية للمحاسبني القانونيني) هي املرجع يف قواعد‬
‫العرض واإلفصاح املحاسبي يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬وقد نص نظام‬
‫مهنة املحاسبة واملراجعة((( يف املادة السابعة عىل أن من واجب املحاسب‬
‫القانوين‪« :‬التقيد بقواعد مهنة املحاسبة وسلوكها وآداهبا‪ ،‬وبمعايري املحاسبة‬
‫واملراجعة‪ ،‬واملعايري الفنية التي يعتمدها املجلس»‪.‬‬
‫وقد نصت املعايري الدولية عىل أحكام خاصة إلعداد القوائم املالية‬
‫املوحدة (املعيار الدويل للتقرير املايل ‪ ،)10‬وذلك لوضع مبادئ لعرض‬
‫وإعداد القوائم املالية املوحدة حلاالت السيطرة‪ ،‬وتعد املنشأة (مسيطرة)‬
‫إذا كان هلا سلطة عىل األعامل املستثمر فيها (الرشكة التابعة)‪ ،‬وهلا حقوق‬
‫وعوائد ناشئة عن ارتباطها باملنشأة املستثمر فيها (عوائدها من االستثامر يف‬
‫الرشكة التابعة)‪ ،‬وإذا كانت قادرة عىل استعامل سلطتها للتأثري عىل العوائد‬
‫من االستثامر فيها‪ ،‬وهذا منطبق عىل حاالت القبض الكيل واجلزئي والقبض‬
‫اإلداري(((‪.‬‬
‫((( نظام مهنة املحاسبة واملراجعة الصادر باملرسوم ملكي (م‪ ،)59/‬بتاريخ‬
‫‪1442/07/27‬هـ‪ ،‬وقرار جملس الوزراء رقم (‪ )416‬بتاريخ ‪1442/07/25‬هـ‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬الفقرات (‪ ،)18-1‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪« )10‬القوائم املالية‬
‫املوحدة»‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫والقاعدة أنه جيب أن توحد املنشأة القابضة (األم) قوائمها املالية من‬
‫التاريخ الذي تكتسب فيه السيطرة‪ ،‬ويتوقف ذلك عندما تفقد السيطرة‪،‬‬
‫ويف حال عرض القائمة املوحدة فإنه جيب أن تعرض حقوق األقلية يف‬
‫قائمة املركز املايل املوحدة ضمن حقوق امللكية بشكل منفصل عن حقوق‬
‫مالك القابضة (األم)‪ ،‬كام تعد التغريات يف حصة القابضة يف املنشأة التابعة‬
‫معامالت حقوق ملكية (أي معامالت مع املالك بصفتهم تلك)‪ ،‬وذلك‬
‫برشط ألَّ ينتج عن تلك التعامالت فقدان الرشكة القابضة السيطرة عىل‬
‫التابعة(((‪.‬‬
‫ويكون توحيد القوائم املالية من خالل ما ييل(((‪:‬‬
‫‪ .1‬مجع البنود املتامثلة لألصول وااللتزامات وحقوق امللكية والدخل‪،‬‬
‫واملرصوفات والتدفقات النقدية للرشكة القابضة مع التابعة‪.‬‬
‫‪ .2‬إجراء مقاصة بني املبلغ الدفرتي الستثامر املنشأة القابضة يف التابعة‬
‫مع حصة القابضة يف حقوق ملكية التابعة‪.‬‬
‫‪ .3‬استبعاد األصول وااللتزامات‪ ،‬وحقوق امللكية‪ ،‬والدخل‪ ،‬واملرصوف‬
‫والتدفقات النقدية املتعلقة بني الرشكة القابضة ورشكاهتا التابعة‪ ،‬فتستبعد‬
‫األرباح واخلسائر الناجتة عن املعامالت البينية‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬الفقرات (‪ ،)23-19‬و(ب‪ ،)88‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪« )10‬القوائم‬
‫املالية املوحدة»‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬الفقرة (ب‪ ،)86‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪« )10‬القوائم املالية املوحدة»‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫وبتطبيق تلك اإلجراءات ستظهر مجيع املعامالت بني الرشكة القابضة‬


‫والرشكة التابعة كام لو كانت عمليات داخلية ضمن منشأة واحدة‪ ،‬وهو ما‬
‫يقتيض إلغاء أي اعرتاف بالذمة املالية املستقلة لكل من الرشكتني فيام يتعلق‬
‫بالنصيب حمل السيطرة‪ ،‬مع االعرتاف به بالنسبة لألقلية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للرشكات الشقيقة فقد عاجلها (معيار املحاسبة الدويل ‪)28‬‬
‫عرف املعيار‬‫«االستثامر يف املنشآت الزميلة واملرشوعات املشرتكة»‪ ،‬وقد َّ‬
‫املنشأة الزميلة بأهنا‪ :‬منشأة يكون للمنشأة املستثمرة تأثري مهم عليها(((‪،‬‬
‫وكام نلحظ أن التعريف واسع إال أن املعيار وضح املقصود بالتأثري املهم‬
‫يف الفقرات (‪ )8-5‬من املعيار‪ ،‬فوضح أن التأثري املهم يتحقق عندما حتتفظ‬
‫املنشأة بشكل مبارش أو غري مبارش بـ‪ ٪20‬من القوة التصويتية للمنشأة‬
‫املستثمر فيها‪ ،‬ومع ذلك فقد ال يكون هلذه النسبة تأثري مهم يف حال وجود‬
‫أطراف مسيطرة‪ ،‬وقد يكون للمنشأة املستثمرة تأثري مهم ولو كانت حتتفظ‬
‫بأقل من تلك النسبة‪ ،‬فاملعيار هو وجود التأثري‪ ،‬ومن عالمات التأثري التمثيل‬
‫يف جملس اإلدارة أو املشاركة يف وضع السياسات واختاذ القرارات املهمة‬
‫كتوزيع األرباح‪ ،‬أو التأثري يف املعامالت ذات األمهية النسبية بني املنشأة‬
‫واملنشأة املستثمر فيها‪ ،‬وتبادل املوظفني اإلداريني‪.‬‬
‫وقد نص املعيار املذكور عىل أنه جيب عىل املنشأة التي هلا سيطرة مشرتكة‬
‫أو تأثري مهم عىل منشأة مستثمر فيها أن حتاسب عن استثامراهتا يف املنشأة‬

‫((( الفقرة (‪ ،)3‬التعريفات‪ ،‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪« )28‬االستثامر يف املنشآت‬
‫الزميلة واملرشوعات املشرتكة»‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الشقيقة (الزميلة) باستخدام طريقة حقوق امللكية(((‪ ،‬ويكون ذلك وفق ًا ملا‬
‫ييل(((‪:‬‬
‫‪ .1‬يثبت االستثامر بالتكلفة‪ ،‬ويتم زيادة أو ختفيض املبلغ الدفرتي‬
‫إلثبات نصيب املنشأة املستثمرة بعد تاريخ االستحواذ‪ ،‬ويثبت نصيب‬
‫املنشأة املستثمرة من ربح أو خسارة املنشأة املستثمر فيها ضمن الربح‬
‫واخلسارة للمنشأة املستثمرة‪ ،‬كام ختفض توزيعات األرباح املستلمة من‬
‫املنشأة املستثمر فيها املبلغ الدفرتي لالستثامر‪.‬‬
‫‪ .2‬يتم توسيع نطاق القوائم املالية لتشمل نصيب املنشأة املستثمرة من‬
‫األرباح أو اخلسارة بالنسبة للمنشأة املستثمر فيها‪.‬‬
‫‪ .3‬تستعمل املفاهيم التي حتكم اإلجراءات املستخدمة يف املحاسبة عن‬
‫االستحواذ عىل منشأة تابعة حلاالت اقتناء استثامر يف منشأة شقيقة‪.‬‬
‫‪ .4‬يتم جتاهل حيازات املنشآت الزميلة عىل اعتبار إثباته يف قوائم املنشأة‬
‫األم‪ ،‬وعندما يكون ملنشأة زميلة منشآت تابعة أو منشآت زميلة‪ ،‬فإن الربح‬
‫أو اخلسارة والدخل الشامل وصايف األصول املأخوذة يف احلسبان عند تطبيق‬
‫طريقة حقوق امللكية هي تلك املثبتة يف القوائم املالية للمنشأة الزميلة‪.‬‬

‫((( الفقرة (‪ ،)16‬تطبيق طريقة حقوق امللكية‪ ،‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪)28‬‬
‫«االستثامر يف املنشآت الزميلة واملرشوعات املشرتكة»‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬الفقرات (‪ ،)11-10‬طريقة حقوق امللكية‪ ،‬والفقرات (‪ ،)32-26‬إجراءات‬
‫طريقة حقوق امللكية‪ ،‬من املعيار الدويل للتقرير املايل (‪« )28‬االستثامر يف املنشآت‬
‫الزميلة واملرشوعات املشرتكة»‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫‪ .5‬تثبت يف القوائم املالية للمنشأة املكاسب واخلسائر الناجتة عن‬


‫املعامالت الصاعدة والنازلة((( التي تنطوي عىل أصول ال تشكل أعامل‪ ،‬بني‬
‫املنشأة ومنشآهتا الزميلة‪ ،‬بقدر حصص املستثمرين غري ذوي العالقة‪.‬‬
‫ال عىل انخفاض يف صايف القيمة‬ ‫‪ .6‬عندما توفر املعامالت النازلة دلي ً‬
‫القابلة للتحقق من األصول التي سيتم بيعها أو املسامهة هبا أو خسارة هبوط‬
‫يف قيمة تلك األصول فإنه جيب أن تثبت تلك اخلسارة بالكامل من قبل‬
‫ال عىل انخفاض‬ ‫املنشأة املستثمرة‪ ،‬وعندما توفر املعامالت الصاعدة دلي ً‬
‫يف صايف القيمة القابلة للتحقق من األصول التي سيتم رشاؤها أو خسارة‬
‫هبوط يف قيمة تلك األصول فإنه جيب عىل املنشأة املستثمرة أن تثبت نصيبها‬
‫من تلك اخلسائر‪.‬‬
‫‪ .7‬يتم إثبات كامل املكسب أو اخلسارة الناجتني عن املعامالت النازلة‬
‫التي تنطوي عىل أصول تشكل أعامالً بني املنشأة ومنشأهتا الزميلة وذلك يف‬
‫القوائم املالية للمنشأة املستثمرة‪.‬‬
‫‪ .8‬تتم املحاسبة عن االستثامر باستخدام طريقة حقوق امللكية من‬
‫التاريخ الذي يصبح فيه منشأة زميلة (شقيقة)‪ ،‬وعند اقتناء االستثامر تتم‬
‫املحاسبة عن أي فرق بني تكلفة االستثامر ونصيب املنشأة يف صايف القيمة‬
‫العادلة ألصول املنشأة املستثمر فيها‪ ،‬وذلك مع مراعاة أن تضمن الشهرة‬
‫يف املبلغ الدفرتي لالستثامر وال يتم إطفاؤها‪ ،‬كام تضمن أي زيادة لنصيب‬

‫((( املعامالت الصاعدة هي‪ :‬مبيعات أصول من منشأة زميلة إىل املنشأة املستثمرة‪،‬‬
‫واملعامالت النازلة هي عكس ذلك‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫املنشأة من صايف القيمة العادلة ألصول املنشأة املستثمر فيها عىل أهنا دخل‬
‫عند حتديد نصيب املنشأة من ربح أو خسارة املنشأة الزميلة يف فرتة االستثامر‪.‬‬
‫وبذلك نلحظ أن قواعد العرض واإلفصاح للرشكات الشقيقة تراعي‬
‫التأثري الذي تتمتع به الرشكة الشقيقة‪ ،‬وتسمح قواعد العرض باإلفصاح‬
‫عن ذلك بالقدر الذي يمنع من استعامل ذلك التأثري لتحقيق منافع غري‬
‫مرشوعة عىل حساب األطراف األخرى‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫الخاتمة‬
‫تناولت فيه أحكام التعامالت املالية بني‬
‫ُ‬ ‫ويف ختام هذا البحث الذي‬
‫الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة فإين أقدم ملخص ًا بام توصلت إليه من‬
‫نتائج‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬يعد العنرص األساس املميز للرشكة القابضة هو عنرص السيطرة‬
‫والتأثري‪ ،‬وقد أخذ املنظم السعودي هبذا االعتبار يف النظام الصادر عام‬
‫‪1443‬هـ بصورة أكثر وضوح ًا منه يف النظام الذي قبله والذي كان صدوره‬
‫عام ‪1437‬هـ‪ ،‬وذلك أنه نص عىل احلاالت التي تعد فيها الرشكة قابضة‬
‫وكل تلك احلاالت هي من حاالت السيطرة‪ ،‬بقطع النظر عن االستعامل‬
‫الفعيل لتلك السيطرة‪ ،‬وهذا ما يوافق املعايري الدولية للتقرير املايل‪ ،‬وهذا‬
‫يف حقيقة احلال يبني معيار التمييز بني الرشكة القابضة مع غريها بنا ًء عىل‬
‫أساس موضوعي منضبط ال يتأثر باالجتاه الذايت للرشكة املسيطرة‪.‬‬
‫‪ .2‬يعد العنرص املميز للرشكة الشقيقة (الزميلة) هو قدرهتا عىل التأثري‬
‫عىل الرشكة املستثمر فيها‪ ،‬مع عدم حصول سيطرة كلية‪ ،‬ومل يتناول املنظم‬
‫أ ّي ًا من أحكام الرشكة الشقيقة بصورة مبارشة‪ ،‬إال أنه نص عىل أن يتم إعداد‬
‫القوائم املالية للرشكات وفق ًا للمعايري املحاسبية املعتمدة‪ ،‬وقد نصت املعايري‬
‫عىل أحكام خاصة لإلعداد القوائم املالية للرشكات الشقيقة (الزميلة)‪،‬‬
‫وتتفق بعض تلك املعايري مع معايري إعداد القوائم املالية للرشكات القابضة‬
‫والتابعة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫‪ .3‬للرشكة التابعة ذمة مالية تستقل هبا عن ذمم مالكها‪ ،‬إال أنه بالنسبة‬
‫للمعامالت بني الرشكة القابضة والتابعة فإنه جيب عىل الرشكة القابضة‬
‫أن تعد قائمة مالية موحدة ما يعرب عن احتاد ذمتيهام يف التعامالت البينية‬
‫وذلك أن القائمة املوحدة تتضمن مجيع البنود املتامثلة لألصول وااللتزامات‬
‫وحقوق امللكية والدخل‪ ،‬واملرصوفات والتدفقات النقدية للرشكة القابضة‬
‫مع التابعة‪ ،‬كام تستبعد أي أرباح أو خسائر ناجتة عن املعامالت بينهام‪ ،‬وذلك‬
‫يف حدود نسبة متلك أو أسهم الرشكة القابضة يف الرشكة التابعة‪ ،‬وال يدخل‬
‫يف ذلك حقوق األقلية‪ ،‬ومع ذلك فال يعني هذا حق أي من الدائنني بمطالبة‬
‫الرشكة القابضة بالديون أو احلقوق التي وجبت له ِق َب َل الرشكة التابعة إال‬
‫بنا ًء عىل القواعد العامة‪ ،‬التي تتعلق بضامن املدير أو املالك وفق ًا لألحوال‬
‫املقررة‪.‬‬
‫‪ .4‬بنا ًء عىل ما سبق فإن سيطرة الرشكة القابضة تؤثر يف التعامالت بينها‬
‫وبني التابعة‪ ،‬فمن ذلك وجوب مراعاة عدالة التقييم عند رشاء الرشكة‬
‫القابضة من أسهم الرشكة التابعة‪ ،‬كام ال جيوز أن تشرتي الرشكة التابعة‬
‫أسهم الرشكة القابضة ملا يفيض إليه ذلك من صورية رأس املال‪ ،‬أما فيام‬
‫يتعلق ببيع األصول األخرى بني الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة‬
‫فيجب عىل إدارات تلك الرشكات أن تراعي إنفاذ البيع وفق ًا للسعر املثل‬
‫العادل‪ ،‬رعاية حلقوق األقلية‪ ،‬والرشكاء اآلخرين غري املؤثرين‪ ،‬والدائنني‪،‬‬
‫ويف حال اإلخالل بأي من تلك القواعد فإن هذا يلحق املسؤولية باملترصف‬
‫بحسب األحوال‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫‪ .5‬ال يؤثر الغرر يف التعامالت بني الرشكة القابضة والتابعة يف حاالت‬


‫القبض الكيل‪ ،‬بنا ًء عىل احتاد ذمتيهام فيام يتعلق باملعامالت بينهام‪ ،‬بينام يؤثر‬
‫فيام سوى ذلك كام يؤثر يف أي تعامالت بني الرشكات الشقيقة‪ ،‬وقد يراعى‬
‫مقدار الغرر املتبقي بعد استبعاد النصيب املعفو عنه بحيث يعترب يف تقدير‬
‫تأثري الغرر عىل العقد‪.‬‬
‫‪ .6‬تؤثر العالقة بني الرشكة القابضة والتابعة والشقيقة يف عقود التمويل‬
‫فيام يتعلق بام عدا مقدار القبض‪ ،‬وعليه فال تؤثر أي من تلك التعامالت عىل‬
‫العالقة بني الرشكتني القابضة والتابعة يف حاالت القبض الكيل‪ ،‬إال يف حال‬
‫كان لذلك تأثري ًا عىل حقوق الغري كالدائنني‪.‬‬
‫‪ .7‬تتفق املعايري الدولية املعتمدة مع الرأي املختار يف مسائل العالقة بني‬
‫الرشكات القابضة والتابعة والشقيقة‪ ،‬وهو ما يفيض يف حقيقته إىل احلد من‬
‫آثار االعرتاف بالذمة املالية للرشكات املعارصة يف حاالت السيطرة والتأثري‪.‬‬
‫وباهلل التوفيق‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫‪1.‬أصول القانون‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬و د‪ .‬أمحد أبو ستيت‪ ،‬مطبعة جلنة‬
‫التأليف والرتمجة والنرش‪ ،‬القاهرة‪1950 ،‬م‪.‬‬
‫‪2.‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ ،‬لعالء الدين أبو احلسن عيل بن سليامن‬
‫املرداوي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪3.‬احلق والذمة املالية وتأثري املوت فيهام وبحوث أخرى‪ ،‬عيل اخلفيف‪ ،‬دار الفكر‬
‫العريب‪ ،‬القاهرة‪1431 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪4.‬الروض املربع رشح زاد املستقنع‪ ،‬ملنصور بن يونس البهويت‪ ،‬دار املؤيد‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪5.‬الرشكات التجارية ‪ -‬األحكام العامة واخلاصة ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬فوزي حممد‬
‫سامي‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪.‬‬
‫‪6.‬الرشكة القابضة وعالقتها برشكاهتا التابعة‪ ،‬د‪ .‬حممد حسني إسامعيل‪ ،‬رشكة‬
‫شقري وعكشة للطباعة‪ ،‬عامن ‪1990‬م‪.‬‬
‫‪7.‬العالقة بني الرشكة القابضة والرشكة التابعة وأثرها يف الزكاة‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل‬
‫العاييض‪ ،‬جملة قضاء‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬مجادى اآلخرة ‪1437‬هـ‪.‬‬
‫‪8.‬الفتاوى اهلندية‪ ،‬للجنة من العلامء برئاسة نظام الدين البلخي‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1310 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪9.‬القوانني الفقهية‪ ،‬أليب القاسم‪ ،‬حممد بن أمحد بن حممد بن عبد اهلل‪ ،‬ابن جزي‬
‫الكلبي الغرناطي‪.‬‬
‫ ‪10.‬املدخل إىل نظرية االلتزام العامة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬مصطفى الزرقا‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1420‬هـ‪.‬‬
‫ ‪11.‬املعايري الدولية للتقرير املايل املعتمدة يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬إصدار اهليئة‬
‫السعودية للمحاسبني القانونيني‪ ،‬عام ‪2018-2017‬م‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬
‫ةيلاملا تالماعتلا ماكحأ‬
‫ةقيقشلاو ةعباتلاو ةضباقلا تاكرشلا نيب‬

‫ ‪12.‬الوسيط يف الرشكات التجارية‪ ،‬عزيز العكييل‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪.‬‬


‫ ‪13.‬بدائل القياس املحاسبي لتقييم حصة الرشكة القابضة يف رأس مال الرشكة‬
‫التابعة‪ ،‬ملحمد عبد الشكور حجازي‪ ،‬املؤمتر العلمي السنوي التاسع‪ ،‬تطوير‬
‫قطاع األعامل يف مرص‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬م‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫بجر | نوثالثلا ددـعلاـعلاالثلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬

You might also like