Professional Documents
Culture Documents
تجارب غربية في إدماج اللغات الأجنبية في العملية التعليمية
تجارب غربية في إدماج اللغات الأجنبية في العملية التعليمية
التجربة الغربية جمة ،حين يجري ابتعاثهم للدراسة في الخارج ،وأن الكثير من
أجمعت دول االتحاد األوروبي في اتفاقيتي ماستريخت (عام الجامعات الغربية تتساءل عن المعايير التي جعلت هذا الطالب
1992م) وأمستردام (عام 1997م) ،على ضرورة نشر التعددية العربي يحصل على عالمات مرتفعة في لغة أجنبية ،ال يعرف عنها
اللغوية ،وتوفير المناهج التعليمية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف ،مثل إال أقل القليل ،األمر الذي يؤدي إلى تراجع مصداقية شهادات
زيادة عدد حصص الساعات المخصصة للغات األجنبية في الثانوية العامة العربية ،وإ لى طول فترة الدراسة في الجامعات
المدارس ،ومراعاة تعلم الطالب الثقافات األخرى ،بحيث يكون الغربية ،بل وربما فشل البعض من المتفوقين في الثانوية على
تعلمه للغة األجنبية بوابة للتعرف على الثقافات األخرى ،ورأت متابعة دراستهم في الغرب ،بسبب هذا القصور الذي ال يتحمل
بعض دول االتحاد األوروبي أن تجعل التبادل الطالبي عنصًر ا الطالب وحده مسؤوليته.
واعترف مسؤولو التعليم في دولة وراء أخرى ،أن أسوأ ما في جدا هو أن اإلطار العام لهذه الدراسة إطار مصطنع ،فالنصوص
المناهج التقليدية لتعلم اللغة األجنبية ،هي أن المعلم يبقى هو موضوعة لتعلم اللغة األجنبية فحسب ،وليس الهدف منها اكتساب
المهيمن على الحصة ،يقف أمام الصف ويمسك بكافة الخيوط بين معلومة جديدة .والمحادثة ال يريد المعلم منها التعرف على أفكار
أصابع يديه ،ويبقى الطالب مستقبلين سلبيين ،مع أن المفترض أن الطالب ،بل لعله ال يكترث بالموضوع الذي يتحدث فيه الطالب
يقتصر دور المعلم على إزالة العوائق التي تحول بين الطالب وبين على اإلطالق ،ألن كل ما يعنيه هو مدى التزام الطالب بقواعد هذه
اكتشافه الستراتيجية التعلم التي تتناسب مع قدراته وشخصيته. اللغة ،من تصريف الفعل من حيث مطابقته للفاعل ،ومراعاة زمن
الحدث الذي وقع ،ومن حيث هو متعٍد أم الزم ...إلخ.
بل تعني توفير استراتيجيات تسعى لحشد كل القدرات الذهنية في النظر إلى تدريس اللغات األجنبية في إطار كلي شامل ،أي
للطالب ،ونزع الخطوط الفاصلة بين مختلف المواد ،بل يجري تصبح اللغة جزئية من منظومة ،ال فرًع ا مبتوًر ا من شجرة ،فيتعلم
التنسيق بينها في إطار عام كبير ،يتعاون كل المعلمين على التكامل الطالب مثًال مادة األحياء باللغة األجنبية مع االستعانة باللغة األم،
فيما بينهم من أجل إقامة عالقة ترابط بين هذه المواد. أي في إطار من ثنائية اللغة ،يتحدث المعلم باإلنجليزية مثًال مع
ذكر المصطلح العربي ،بحيث يظل الطالب قادًر ا على التحدث
بلغته األم في مختلف مجاالت الحياة دون اللجوء إلى المصطلحات
واعتبر بعض خبراء التعليم في الغرب أن ثنائية اللغة ،أي تدريس األجنبية ،وفي مادة اللغة اإلنجليزية تتناول النصوص قضايا ذات
المواد العلمية أو االجتماعية باللغة األجنبية مع االستعانة باللغة عالقة باألحياء ،ويطلب معلم اللغة العربية كتابة موضوع تعبير
األم ،يمكن أن تمثل مخرًج ا من الوضع الحالي ،بشرط عدم النظر عن حماية البيئة مثًال ،ويقوم معلم التربية الفنية بحث الطالب على
رسم لوحات ذات عالقة بالبيئة والحياة الفطرية ،ويقوم مربي
1
كثير من وزارت التعليم ترحب بشدة بثنائية اللغة ،لكنها ال توافق إليها باعتبارها نهاية الطريق ،أو أنها األسلوب األمثل ،بل
على تخصيص ميزانيات إضافية لهذا الغرض ،مما يحول دون باعتبارها مرحلة البد من تطويرها باستمرار لتحقيق نتائج أفضل،
إقامة دورات تأهيلية للمعلمين الراغبين في االرتقاء بمؤهالتهم وأشاروا إلى أن أهم جوانب القصور في هذا النمط من التعليم ثنائي
للمشاركة في هذا النوع من التعليم ،وتمويل الدراسات العلمية التي اللغة ،هو أن غالبية المعلمين القائمين على تدريس المواد العلمية أو
تضع القاعدة النظرية لطرق التدريس بهذا النوع من التعليم ،وغير االجتماعية باللغة األجنبية ،تتوفر لديهم المعرفة العميقة باللغات
ذلك من االحتياجات. األجنبية ،وبالمادة العلمية التي يقومون بتدريسها ،إال أنه ال تتاح لهم
الفرصة لتعلم طرق التدريس الضرورية لهذا النمط من التعليم ،بل
-االعتراف بنتائج االختبارات وشهادات المدارس ثنائية اللغة: يتعلمون من خالل تجاربهم ،وال يستفيدون من تجارب اآلخرين في
كافة دول االتحاد األوروبي ،رغم التشابه الكبير بينها.
إذا كانت وزارات التعليم في الدولة الواحدة تشترط في غالبية
األحيان أن تكون االختبارات النهائية للطالب بلغتهم األم ،بغض
النظر عن اللغة التي درسوا بها المادة العلمية ،فما بال الدول صعوبات ثنائية اللغة
األخرى ،هل ستقبل الطالب الحاصل على الثانوية العامة مثًال من رغم مرور عشرات السنوات على إدخال ثنائية اللغة في التعليم
دولة عربية ،ولكنه درس المواد العلمية بلغة أجنبية؟ وهل يكون المدرسي في الغرب ،فإنها مازالت تواجه صعوبات كبيرة ،من
الجهد المضاعف الذي بذله الطالب في دراسة هذه المواد العلمية أهمها ،ما يلي:
سبًبا في التضييق عليه فيما بعد إذا أراد االلتحاق بالدراسة -عدم توفر المناهج الدراسية المالئمة:
الجامعية ،بدًال من أن تيسر له دراسته العلمية ،بسبب تمّك نه من
المصطلحات العلمية بلغة أجنبية. فلو تصورنا الطالب السعودي مثال يدرس منهاج الكيمياء باللغة
-تحديد اللغة األجنبية المستخدمة في التدريس: اإلنجليزية ،فهو إما أن يدرس منهاج الكيمياء المقرر في المدارس
في ظل انتشار االبتعاث في دول غير ناطقة باللغة اإلنجليزية، البريطانية ،والذي لن يكون مطابًقا للمنهاج السعودي ،أو أن تتم
يطرح السؤال نفسه عما إذا كان تدريس المواد العلمية بلغة أجنبية، ترجمة كتاب الكيمياء المقرر في المدارس السعودية إلى اللغة
سيقتصر على اللغة اإلنجليزية ،أم سيشمل لغات مثل الفرنسية اإلنجليزية ،أو أن يحصل الطالب على الكتاب المدرسي المقرر
واأللمانية والهولندية ،وعندها تتضاعف الصعوبة التي تجعل باللغة العربية ،ويقوم المعلم بتزويده بقائمة بالمصطلحات العلمية
فرصة الطالب الوحيدة تقتصر على حلم االلتحاق ببعثة في الدولة باللغتين اإلنجليزية وترجمتها إلى اللغة العربية.
التي درس لغتها األجنبية ،األمر الذي يقتضي التنسيق المبكر
والتخطيط قبل سنوات بين مختلف الوزارات ،من تربية وتعليم ،إلى -ندرة الهيئة التدريسية المؤهلة:
تعليم عالي.
-اإلشراف العلمي: يمكن أن يكون المعلم عربًيا درس في جامعة عربية ،ولكنه يتقن
وهنا أيًض ا نعود لعالمات االستفهام الكثيرة السابقة ،هل سيكون اللغة األجنبية ،أو ممن درس الكيمياء مثًال في جامعة أجنبية ،أو
اإلشراف على يد خبراء أجانب ،لهم أجندة خاصة ،أم يبقى معلًم ا أجنبًيا درس الكيمياء ،ولكن لن يكون هناك من درس الطرق
اإلشراف في يد جهات اإلشراف على التعليم باللغة األم ،أم على يد التربوية المساعدة على تدريس الكيمياء بأسلوب ثنائية اللغة ،يعرف
المشرفين التربويين من أقسام اللغة اإلنجليزية ،الذين ليسوا كيف يوازن بين اللغتين في درسه ،وكيف يتيح للطالب الفرصة
بالضرورة على اطالع كبير بالمادة العلمية. لكي يتعلم المصطلح ،وكيفية استخدامه في جملة باللغة األجنبية،
وأن يصل بالطالب إلى المستوى الذي يكون فيه راغًبا وقاًد را على
-قالقل داخل الهيئة التدريسية: التحاور عن هذه المادة العلمية باللغة األجنبية.
من التجارب السابقة في مجال ثنائية اللغة ،تبين وجود معارضة من صعوبة التمويل:
2
لتشجيع الطالب على مقارنة المصطلح األجنبي بالمصطلح نفسه معلمي المواد العلمية باللغة األم ،ومعلمي اللغة األجنبية ،ألنهم
في اللغة األم ،ومدى االختالف أو التشابه بينهما ،والتركيبات يصبحون أقل حظوة من زمالئهم ،الذين يتقنون اللغة األجنبية ،إلى
اللغوية التي يستخدم كل منهما فيه ،إال أن إدماج اللغة األم في جانب إتقانهم للمادة العلمية ،في الوقت ذاته ،كما تأتي المعارضة
الدروس باللغة األجنبية ،يجب أن ال يتحول إلى آلية لتجنب استخدام من معلمي بقية المواد ،إذا أدت ثنائية اللغة إلى اقتطاع حصص
اللغة األجنبية ،أو أن تنتقل المحادثة إلى اللغة األم ،استسهاال لألمر، منهم ،لصالح تدريس المواد العلمية باللغة األجنبية.
ورغبة في التخفيف من حدة الجهد الذهني المطلوب أن يبذله
الطالب. ثنائية اللغة واللغة األم
البدء في التجربة سمعت خبراء يدقون أجراس الخطر من ثنائية اللغة ،يحذرون من
سألت أحد المعترضين بشدة على قرار البدء بتدريس المواد العلمية فقدان الهوية ،والبعد عن لغة القرآن ،ومن احتماالت ركاكة اللغة،
باللغات األجنبية عن سبب رفضه ،فقال لي إن اإلعالن عن خوض التي ستصبح مزًج ا من العربية واللغة األجنبية ،ويصبح الطالب
التجربة جاء بصورة ارتجالية ،ألن البدء فيها هو مرحلة متقدمة مسًخ ا من الغرب ،يتحدثون بلسانهم ،ويحتذون بهم في كافة أنماط
للغاية ،البد أن تسبقها مراحل عديدة. حياتهم ،وتنتشر الغربة الثقافية بين جيل اآلباء واألبناء ،ويرون أن
ينبغي تحديد مواطن الخلل في قضية عدم إتقان اللغة اإلنجليزية، تعلم الطالب للمواد العلمية سيحول دون نشر أبحاث في هذه العلوم
فإذا كانت المشكلة مثًال نفور من األجنبي ،وارتباط هذه اللغة في باللغة العربية ،ويظل العرب مرهونين بالمراجع العلمية األجنبية،
أذهان الكثيرين بثقافة يبغضها المجتمع ،فلن يغير في األمر كثيًر ا ويصبح مآلهم جميًع ا إلى جامعات الغرب ،وتتراجع مكانة جامعات
أن تكون المادة هي دراسة اللغة اإلنجليزية ،أو تدريس المواد بالدهم ،وعلمائهم المتحدثين بلغة الضاد.
العلمية باللغة اإلنجليزية ،أما إذا كان األمر له عالقة بفشل المناهج
في جذب الطالب ،فيمكن إعادة النظر فيها ،وإ ذا كان األمر يرجع ولكن حتى الدول الغربية تحرص على الحفاظ على مكانة اللغة
إلى عدم توفر الوسائل التعليمية المناسبة ،من معامل لغات ،إلى األم ،ففي هولندا مثًال ،تنص القوانين التعليمية على أنه رغم أن
ألعاب تعليمية شيقة على الحاسب اآللي ،أو غير ذلك من ثنائية اللغة تعني االستخدام المكثف والمستمر للغة اإلنجليزية كلغة
الصعوبات ،فيجب حصرها أوال ،بحيث نعرف الداء المطلوب تدريس ،فإن الهدف التعليمي المتمثل في تمكن الطالب من استخدام
البحث عن دواء له. المصطلحات العلمية بلغته األم ،لكي يتمكن من فهم كافة
كما يجب توفير المناهج ،والهيئة التدريسية ،والهيئة اإلشرافية الموضوعات العلمية بلغته األصلية ،يجب أن يتحقق من خالل
المؤهلة ،وكذلك ضمان الحصول على اعتراف باالختبارات في الطرق التعليمية المناسبة.
المواد العلمية باللغة األجنبية ،ومخاطبة الجامعات في الخارج، كما تفرض تعليمات وزارة التعليم في والية هسن األلمانية مثًال أن
لمعرفة المميزات التي تتوفر للطالب الذي يجتهد ويدرس المادة يكون تدريس المادة العلمية باللغة األجنبية فقط في المرحلة
العلمية باللغة األجنبية ،إلى جانب لغته األم. المتوسطة ،وبداية المرحلة الثانوية ،بشرط أن يعود الطالب للدراسة
باللغة األم إلى جانب اللغة األجنبية ،في ختام المرحلة الثانوية.
وقبل كل هذه االستعدادات والترتيبات الضرورية ،البد من التخلص
من وهم أنه بمجرد خوض تجربة ثنائية اللغة ،فإن كل األمور كما أن هناك دراسات لغوية تشير إلى أنه حتى لو تعلم الطالب
ستصبح مثالية ،وأن كل المشاكل ستزول ،ألن ما سيحدث هو أن المادة العلمية باللغة األجنبية ،فإن رؤيته للعالم تظل منطلقة من لغته
المشاكل الحالية ،ستصبح مشاكل مضاعفة ،أكثر تعقيًد ا ،إضافة إلى األم ،ومن ثقافته األصلية ،وستبقى اللغة األم المكون الرئيس في
أن عدد المشجعين للتجربة سيبدأ ضئيًال ،وعدد المشككين في تكوين الطالب ،وسيظل يقارن ما يتعلمه باللغة األجنبية بما اكتسبه
جدواها كبير. من معارف سابقة بلغته األم ،وال يمكن مقارنة ما تعلمه منذ والدته،
مشروع ثنائية اللغة خطة طموحة إذا توفرت لها الشروط المثلى، بما تعلمه بعد أن ترسخت لديه المفاهيم النابعة من لغته ومن ثقافته.
وهو أمر مستحيل في البداية ،ولكن مادام الهدف خدمة الجيل
الجديد ،ومنحه الفرصة ليرى عالمين ،وثقافتين ،فإن كل جهد يهون ويشدد خبراء ثنائية اللغة على ضرورة ،أن يسعى المعلم باستمرار
3
في سبيل ذلك ،أليس كذلك؟
4