Professional Documents
Culture Documents
خطبتان بعنوان الإسراء والمعراج 1442
خطبتان بعنوان الإسراء والمعراج 1442
ونعيش اليوم مع آية باهرة ومعجزة ظاهرة ،وحدث عظيم ،مع معجزة من معجزات المصطف -صىل هللا عليه وآله
الب كان هللا -عز وجل -يؤيده بها بي الحي واآلخر مع اإلرساء والمعراج .فبعد عش سنوات من الدعوة ي
الب وسلم -ي
وف عالم الجن عىل يد وفد جن
الوح يف غار حراء ومضت تشق طريقها يف قلوب الفتيان من قريش ي
ي بتلف
ي ابتدأت
نصيبي ،وتتجاوب أصداؤها يف قبائل العرب كلها من خالل لقاءات الرسول -صىل هللا عليه وآله وسلم -مع وفود
النجاش يف الحبشة ،فتثمر اإلسالم والحماية والدعوة والنرصة.
ي العرب يف أسواقهم ومواسمهم ،وتصل بتابعيها إىل بالد
وكان المشكون يف مكة يبثون سمومهم ودعايتهم يف كل مكان ضد الدعوة الجديدة ،ويؤلبون العرب عىل حرب رسول
هللا وأتباعه ،ورميه بالكهانة مرة وبالسحر أخرى وبالجنون ثالثة ،ويطاردونه هو وأصحابه أينما حلوا وحيثما ذهبوا،
ً
رَّص هللا عنهما وقد كانا له سندا وقوة يدافعان
وشاءت إرادة هللا –عز وجل -أن يتوف عمه أبو طالب وزوجه خديجة ي
عنه ويواسيانه ويعزيانه عىل مصابه يف قومه وتكذيبهم له ،وعداوتهم له ،يصور ذلك قوله -صىل هللا عليه وسلم" :-ما
ً
وف ظل هذه الظروف القاسية اشتد األذى عىل الرسول -صىل عىم أبو طالب" .ي
توف يمب قريش شيئا أكرهه حب ي نالت ي
هللا عليه وآله وسلم -وصحابته حب ضاقت عليهم األرض بما رحبت ،والرسول -صىل هللا عليه وآله وسلم -مع ذلك
صابر ألمر هللا ،ال تأخذه يف هللا لومة الئم ،يدعو إىل اإلسالم ويبلغ عن هللا رساالته ،وكان هللا -عز وجل -مع نبيه
بالوح بي الفينة واألخرى ويسليه بقصص األنبياء والرسل السابقي الذين منهم من لبث يف
ي يؤيده باآليات ويعزيه
ً ً
وف ليلة السابع والعشين من شهر رجب المعظم،قومه ألف سنة إال خمسي عاما ،ولم يؤمن معه إال اثنا عش رجال .ي
رَّص هللا عنها ،فصىل العشاء اآلخرة ثم نام عندها، ئ
أن طالب ي
كان صىل هللا عليه وآله وسلم يف بيت أم هان بنت عمه ر ي
بالياق ،وهو دابة بيضاء طويلة فوق الحمار ودون
جييل عليه السالم ر
فأذن هللا -عز وجل له باإلرساء والمعراج ،فأتاه ر
البغل -يضع حافره عند منتىه طرفه -أي نظره .-فركب عليه المصطف -صىل هللا عليه وآله وسلم -حب أن بيت
المقدس ،فدخل المسجد وصىل فيه ركعتي ،ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إىل السماء الدنيا ثم لم يزل
سماء حب بلغ السماء السابعة ،فرأى الجنة والنار ،وعرج به إىل سدرة المنتىه ،ورأى ما ً جييل يستفتح له ،كلما دخل ر
َْ ُ ْ َ َ َ
فيها من عجائب الخلق وبدائع الصنع( :ل َق ْد َرأى م ْن آ َي َ ِّ
النب -صىل هللا عليه وآله
وف تلك الليلة رأى ر ي ات رب ِه الك ريى) ،ي ِ ِ
ً
وسلم -ما يهول الفؤاد من أحوال العصاة من أمته ،فقد رأى رجاال من أمته لهم مشافر كمشافر اإلبل ،يف أيديهم قطع
جييل؟! قال :هؤالء أكلة أموال اليتاىم: من نار كاألفهار ،يقذفونها بأفواههم فتخرج من أدبارهم ،فقال :من هؤالء يا ر
ً َ َ َ ُُ َّ َّ َ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ ً َّ َ َ ْ ُ ُ َ
ون ِه ْم ن ًارا َو َس َي ْصل ْون َس ِع ًيا) ،ثم رأى رجاال لهم بطون لم ير مثلها
ِ(إن ال ِذين يأ كلون أموال اليتاىم ظلما ِإنما يأ كلون ِ يف بط ِ
قط يف طريق آل فرعون إىل النار ،يمرون عليهم كاإلبل المهيومة حي يعرضون عىل النار فيطؤونهم ال يقدرون عىل أن
ون إ ََّل َك َما َي ُق َُّ َ َ ْ ُ ُ َ ِّ َ َ َ ُ ُ َ
وم جييل؟! قال :هؤالء أكلة الربا( :ال ِذين يأ كلون الربا َل يقوم ِ يتحولوا مع مكانهم ذلك ،قال :من هؤالء يا ر
َ ٌ َ َ َ َّ ُ ُ َّ ْ َ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ َّ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ِّ َ َ َ َ َّ َّ ُ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ِّ َ َّ
الر َبا ف َم ْن َج َاء ُه َم ْو ِعظة ال ِذي يتخبطه الشيطان ِمن المس ذ ِلك ِبأنهم قالوا ِإنما البيع ِمثل الربا وأحل اَّلل البيع وحرم
ً َ ُ َ ْ َ ِّ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َّ ُ
اب الن ِار ه ْم ِف َيها خ ِالدون) ،ورأى رجاال بي أيديهم اَّلل ومن عاد فأول ِئك أصح ِمن رب ِه فانتىه فله ما سلف وأمره ِإىل ِ
لحم سمي طيب ،إىل جنبه لحم غث مني الرائحة ،يأكلون من الغث المني وييكون السمي الطيب ،فقال :من هؤالء
جييل؟! قال :هؤالء الذين ييكون ما أحل هللا لهم من النساء ،ويذهبون إىل ما حرم عليهم منهن ،وهم الزناة والعياذ
يا ر
باهلل.
الالن أدخلن عىل أزواجهن من ليس من أوالدهم. جييل؟! قال :هؤالء ً
نساء معلقات بثديهن ،فقال :من هؤالء يا ر ورأى
ي
أي :بالزنا .ثم عاد رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم إىل فراشه قبل الصبح .
النب صىل هللا عليه وآله وسلم يف مكة ،وجلس كما كان يجلس يف الحجر ،فمر عليه أبو جهل فقال :ما عندك يا
أصبح ر ي
محمد؟ فقال (( :لقد أرسي ر ين الليلة إىل المسجد األقىص ،قال :وأصبحت بيننا؟! قال :نعم ،قال :لو دعوت لك قريشا
تب به؟ قال :نعم ،فنادى أبو جهل يف الناس فاجتمعوا ،فقال :لقد أرسى ر ين الليلة إىل المسجد
أخي ي
تخيهم بما رر
األقىص ،قالوا :وأصبحت بيننا؟ قال :نعم ،فارتد أناس ،وأخذوا يرصبون عىل رؤوسهم تعجبا .ثم قالوا :يا محمد! لقد
وخيناه ،فهل تستطيع إذا سألناك عنه أن تجيبنا؟ قال :نعم ،فجعلوا يسألونه فيجيبهم ،فسألوه
جئنا بيت المقدس ر
للسء كن فيكون،
ي عن أشياء لم يثبتها ،فكرب كربة شديدة ،ما كرب مثلها قط ،وإذا برب العزة سبحانه الذي يقول
النب ينظر إليه ،فجعل ينظر إىل المسجد األقىص بعينيه ،ويسألونه فيجيبهم ،فقالوا:
يرفع المسجد األقىص ،ويجعل ر ي
ّ
وف هذه الرحلة العظيمة دروس الخي فقد كذب .هكذا كانت رحلة اإلرساء والمعراج ،ي أما الوصف فقد صدقك ،وأما ر
شء منها ،الدرس األول :أن اإليمان برحلة اإلرساء والمعراج جزء من عقيدة المسلم ،ذلكم أنه
وعي ،لعلنا نقف عىل ي
ر
الب أيد هللا بها نبيه عليه الصالة والسالم ،واإليمان بالمعجزة جزء من العقيدة اإلسالمية ،وهو
إحدى المعجزات ي
امتحان إليمان المؤمني وارتياب المنافقي .ولهذا ارتد من ارتد عن الدين لضعف إيمانهم وقلة يقينهم ،لطف هللا
تعاىل بعباد ه ،ونرصته ألوليائه والدعاة إىل سبيله ،فقد جاءت رحلة اإلرساء والمعراج بعد أن اشتد برسول هللا صىل
ً ً ُ
هللا عليه وآله وسلم وصحابته األذى ؛ تكريماُ من هللا تعاىل لهم ،وتجديدا لعزيمتهم وثباتهم عىل الدين ،وثقتهم
باهلل رب العالمي .أن يف هذه الحادثة داللة عىل عظم شأن الصالة ،فقد اختصها هللا من بي العبادات بأن تفرض يف
السماء
لقد رسعت الصالة عباد هللا لتكون معراجا ترف بالناس كلما تدنت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا ،ر
وأكي الناس
ه مجرد حركات جوفاء ،ألن عالمة
الب رسعها هللا ،فصالتهم ال حياة فيها وال روح ،إنما ي
اليوم ال يصلون الصلوات ي
بسء
صدق الصالة أن تعصم صاحبها من الوقوع يف الخطايا ،وأن تخجله من االستمرار والبقاء عليها إن هو ألم ي
منها ..أيها المسلمون نستفيد من هذه اآلية العظيمة (اإلرساء والمعراج) عدة فوائد منها:
ْ ْ َ ً
رسى ِب َع ْب ِد ِه ل ْيًل ِم َن ال َم ْس ِج ِد ال َح َر ِامان َّال ِذي َأ ْ َ
ُ ْ َ َ
والسنة واإلجماع ،قال تعاىل :ﮋسبح
ُّ َّ ٌ
-1إن اإلرساء والمعراج ثابت بالكتاب
َّ
َ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ ُ ْ َ َ َ َّ ُ َ َّ ُ ْ َّ َْْ َ ْ
يع ال َب ِص ُي ﮊ ،وورد يف القرآن أنه صىل هللا عليه وآله ِإىل ال َم ْس ِج ِد األق َىص ال ِذي باركنا حوله ِل ِييه ِمن آي ِاتنا ِإنه هو الس ِم
َُ َ ََُ
جييل عليه الصالة والسالم عند سدرة المنتىه عندها جنة المأوى ،قال تعاىل ﴿ :أفت َم ُارونه َعىل َما َي َرى * وسلم رأى ر
َ َ َ ْ ْ َ َ َّ ُ ْ ُ
َََ ْ َ ُ َ ًَ ْ
َ َ
رص َو َما طغ * اغ ْال َب َ ُ ْ َ
السد َرة َما َيغس * ما ز
ِّ ْ َ ْ ْ َ َْ ْ ْ َْ َ
آه ن ْزلة أخ َرى * ِعند ِسد َرِة ال ُمنتىه * ِعندها َجنة ال َمأ َوى * ِإذ َيغس ولقد ر
فشت األحاديث الصحيحة قصة اإلرساء والمعراج الواردتي َل َق ْد َ َرأى م ْن َآيات َ ِّربه ْال ُك رْ َيى ﴾ [النجم ،]18 - 12 :وقد َّ
ِ ِ ِ
َ َ َّ َ َّ َ َ ُ َ ُ َ ِّ َ َّ ْ ِّ َ ْ
َ َْ َ ْ َ َ ً
اس َما ن ِّز َل ِإل ْي ِه ْم َول َعل ُه ْم َيتفك ُرون ﴾ يف القرآن وبينت تفاصيلهما تحقيقا لقوله تعاىل ﴿ :وأنزلنا ِإليك الذكر ِلتبي ِللن ِ
ً َّ ً ً إن اإلرساء والمعراج كان بروح ر ِّ َّ
مرة واحدة ،كما جاءت النب صىل هللا عليه وسلم وجسده ،يقظة ال مناما، ي [النحل.]44 :
بذلك األدلة الشعية وأن (اإلرساء والمعراج)كان يف / 27من شهر رجب قبل الهجرة بسنة واحده،وأما قوله عز وجل:
{أرسى بعبده}
يعب محمدا عليه السالم ،واإلرساء هو المسي بالليل ،وأما قوله :ليال فإنه معب قدرته وتعجيل بلوغه إىل الشام
فإنه ي
من مكة يف ليلة واحدة ،والمسجد مسجد مكة ،والمسجد األقىص مسجد بيت المقدس المبارك الذي بارك هللا فيه
عز وجل وفيما حوله ،وأعظم النعمة عىل خلقه ،واإلحسان إىل بريته ،ومعب قوله{ :ليال}
ليلة واحدة؛ ألن قريش لم تفقد رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم إال ليلة واحدة ،قال الحسي بن القاسم عليهما
السالم :وروي أن هللا عز وجل أرسى به ملكا من المالئكة الكرام ،فأوصله إىل بيت المقدس يف ليلة واحدة ،وهذا
عجب عجيب لمن عقل .وهذا عجب عجيب لمن عقل.
وروي أنه أن إىل أهل مكة بأخبار من سافر منهم إىل الشام ،فلما وصل أصحابهم سألوهم عن ذلك فوجدوه حقا ،وكان
ذلك من هللا حجة عليهم ،ومعجزة عظيمة أتا بها لهم ،ومعب{ :باركنا حوله}
اليكة والخي الكثي ،وآثار األنبياء الطاهرين ،والوسيلة والتقرب إىل رب العالمي ثم قال تعاىل{ :لييه
أي جعلنا عنده ر
من آياتنا}
الب تدل عىل قدرة هللا تعاىل ،ثم
يعب ما أراده يف تلك الليلة من عظمة سلطانه ،ونيات برهانه من العجائب واآليات ي
ي
قال{ :إنه هو السميع البصي}
أي السميع بال إله ،والبصي بال حاشية ،فمعب السميع البصي هو العليم الخبي .قال اإلمام الناﺮﺻ لدين هللا أبو الفتح
الديلىم عليه السالم يف برهانه :ليس ينكر المعراج إال من ينكر ويدفع معجزات األنبياء ،وكراماتهم ،وليس العروج
ي
برسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم إىل السماء ليشاهد ما خلق هللا عز وجل من بديع الخلق ،وبحكم الصنع بأعظم
مما ظهر عىل يديه من اآليات والمعجزات ،والشواهد الصادقة ،كالقرآن وتكليم الشجرة ،وتسبيح الحىص ،إىل غي ذلك
مما خصه هللا تعاىل ،ثم مع ذلك إن أهل اإلسالم يجمعون عىل أن عيس عليه السالم رفعه هللا تعاىل إىل السماء ،وأن
يخيون رفع عيس عليه السالم إىل السماء،
محمدا صىل هللا عليه وآله وسلم أفضل منه قدرا عند هللا ،فما بالهم ر
النب صىل هللا عليه وآله وسلم ،وما يجحد المعراج إىل قليل التدبي والمعرفة بمراتب
ويمنعون هذه الفضيلة من ر ي
األنبياء والمرسلي .وعندنا أنه أرسي بجسمه وروحه ،وأنه دخل بيت المقدس وصىل فيه ،ثم عرج به منه ،ثم رجع إىل
المسجد الحرام ،وصىل فيه صالة الصبح من صبيحة ليلته ،ثم إن المشكي كذبوا بذلك ،وجعلوا يسألونه عن بيت
المقدس ،وما رأى يف طريقه ،فوصفه لهم ،ثم ذكر لهم صفة إبل كانت لهم يف طريق الشام تحمل متاعا ،وأنها تقدم
يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق ،فخرجوا يف ذلك اليوم يستقبلونها ،فقال قائلهم :هذه وهللا الشمس قد
رسقت ولم تأت ،وقال آخر :هذه والعي يقدمها جمل أورق كما قال محمد ،ي
وف هذا دليل عىل إرسائه بجسمه وروحه،
وقوله{ :إىل المسجد األقىص}
وسىم األقىص لبعد ما بينه وبي المسجد الحرام ،ثم قال{ :الذي
ي يعب بيت المقدس ،وهو مسجد سليمان بن داود،
ي
باركنا حوله}
يعب بمن جعل حوله من األنبياء واألوصياء ،وما خص هللا أهله به من الثمار ومجاري األنهار {لييه من آياتنا} ي
فرض هللا الصالة يف رحلة وإلهمية الصالة فقد فرصت مع األذان ليلة اإلرساء والمعراج ،لو تساءلنا معارس العباد لماذا َ
ُ
كباف الفرائض؟ لو تساءلنا ،لكانت اإلجابة الواضحة :لعظمة هذه ي اإلرساء والمعراج ،وبذلك المقام؟ ولماذا لم تفرض
فىه الركن األعظم من أركان اإلسالم بعد التوحيد .الصالة
العبادة وأهميتها ،وعظيم ميلتها وسمو مكانتها يف اإلسالم ،ي
ه منطلق التحرر من كل عبودية ،إال من العبودية هلل وحده ،والتخلص من كل انقياد وخضوع ،إال لرب العالمي.
ي
وه أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة ..قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله فىه آكد أركان اإلسالم بعد الشهادتي ،ي
ي
َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َّ َّ
عمله صالته ،فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ،وإن فسدت فقد القيامة من ِ
ِ وسلم قال(:إن أول ما يحاسب ِبه العبد يوم
وخش). َ
خاب
ِ
وألهميتها يف اإلسالم ،فقد جاء األمر بإقامتها والمحافظة والمداومة عليها يف كثي من سور القرآن وكذا يف السنة
النبوية.
ُ
وتأملوا وتمعنوا يرحمكم هللا ،فالحديث عن الصالة ف القرآن جاء مقينا بصفات ألفاظها مختلفة ،فمرة قرنت
َ َ َ َّ َ ُ َ َ َ ْ َ َّ َ ُ ْ
ين ه ْم َعىل َصل َو ِات ِه ْم اش ُعون ﴾ [المؤمنون ،]2 :ومرة بالمحافظة ﴿ :وال ِذ بالخشوع ﴿ :ال ِذين هم ِ يف صًل ِت ِهم خ ِ
َ َ َ َ َّ َ ُ ُ َ
ين ه ْم َعىل َصًل ِت ِه ْم د ِائ ُمون ﴾ [المعارج ،]23 :ومرة باإلقامة﴿ : ُي َح ِافظون ﴾ [المؤمنون ،]9 :ومرة بالدوام ﴿ :ال ِذ
َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ
الصًلة ﴾ [المائدة .]55 :وهذا االختالف يف األلفاظ يف حد ذاته رسالة موجهة إىل عموم المصلي رجاال ال ِذين ي ِقيمون
ونساء ،أن هللا ال يريد مجرد صالة وإال لقال صلوا ،ولو قال هللا صلوا ألجزأت أي صالة.
َّ َ َ َ
الصًلة ﴾ [اإلرساء ،]78 :أي إقامة الصالة يكف مجرد الصالة بل ال بد من اإلقامة ﴿ :أ ِق ِم
فالذي يجب أن نفهمه أنه ال ي
يكف مجرد الدوام ،بل ال بد
يكف مجرد اإلقامة ،بل ال بد من الدوام عليها ،وأنه ال ي
بحدودها وفرائضها وأوقاتها ،وأنه ال ي
يكف الخشوع ،بل ال بد من ظهور آثار
تكف المحافظة ،بل ال بد من الخشوع فيها ،وأنه ال ي
من المحافظة عليها ،وأنه ال ي
الب تنحرص يف أشكال وأفعال ظاهرية إذا أتقنها المرء الخشوع ف الحياة العملية .فالصالة عند التأمل ليست تلك ي
ُ َْ ُ
األصىل يف الصالة ومن الصالة هو التوجه إىل الواحد المعبود ،وإفراده بالقصد إليه يف كل
ي المق ِصد صلحت صالته ،إنما
َّ َ َ َّ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ََ
حال .فحينما يقول ربنا سبحانه وتعاىل ﴿ :وأ ِق ِم الصًلة ِإن الصًلة تنىه ع ِن الفحش ِاء والمنك ِر ﴾ [العنكبوت،]45 :
يعب أن للصالة دورا مهما يف
اإللىه ،يؤكد عىل الوظائف الفردية واالجتماعية الخاصة للصالة ،وهذا ي
ي فإن هذا التوجيه
النىه عن الفحشاء والمنكر.
ي اإلصالح والخيي لدى المسلم ،وتشكيل ثقافة ي تربية الفرد والمجتمع ،وتنمية الحس
ْ ْ َ َ َ َْ َ َ َْ َ َّ
فالمتأمل لهذه اآليةِ ﴿ :إن ال َّصًلة تنىه ع ِن الف ْحش ِاء َوال ُمنك ِر ﴾ [العنكبوت ،]45 :يجدها تحمل يف طياتها الكثي من
المعان.
ي لطائف
فمن أقام الصالة إقامة صحيحة مكتملة األركان ،ومستوفية الشوط ،بخشوعها و طمأنينتها ،صالة يراقب بها َ
هللا
َ
تعاىل ،ويستشعر فيها مراقبته سبحانه وأنه واقف بي يديه ،صالة كهذه ستنهاه عن كل فحشاء ومنكر ،صالة كهذه
تجعله يكف لسانه عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان وعن شهادة الزور وقول الفواحش ،تجعل لسانه عفيفا ال
يقول إال طيبا ،تجعل قلبه سليما طاهرا نقيا ال يحمل بي جنباته بغضا وال كراهية وال حقدا وال حسدا ،تجعله يحب
كل المسلمي ويحب لهم ما يحب لنفسه وال يرجو لهم إال الخي...فهذا قد نفعته صالته وانتفع بها ولكننا لألسف نرى
يصىل الصلوات الخمس يف الجماعة ،وقد نجده يحافظ عىل الصف األول وال تفوته تكبية
ي يصىل باستمرار،
ي الرجل
اإلحرام ،لكنه إذا خرج من صالته وخرج من المسجد ،فعل المنكرات ،وقارف السيئات ،وعامل المسلمي بالغش
والكذب واالحتيال ،عاملهم بالظلم والجور.
كي الركوع والسجود ويصوم النهار ويقوم الليل ويمكث الساعات الطوال بتالوة القرآن ،لكن َ
قلبه تراه يطيل صالته ُ
وي ر
ٌ
مملوء غال وحسدا وضغينة وكراهية لغيه ،لسانه ال يفي عن الغيبة والنميمة واالستهزاء والسخرية بغيه ،يسغ يف
تأجيج الفي وإنشاء الخالفات ،ال يهدأ له بال وال يقر له قرار إال بإحداث المشاكل والخصومات بي الناس .إذا رأيت
ذلك فاعلم أن هذا يف صالته خلل ،وأنه لم ينتفع بها وأنها لم تنفعه ..بل اهمس يف أذنه أن رجال قال( :يا رسول هللا،
تكي من صالتها وصدقتها وصيامها غي أنها تؤذي جيانها بلسانها ،قال :ه ف النار) ،فما نفعها ر
كية صالتها إن فالنة ر
ي ي
فىه عمود اإلسالم
وصيامها وصدقتها؛ ألنها تؤذي غيها ،عباد هللا تتصدر الصالة المرتبة األوىل من مراتب العبادات ،ي
الذي ال يقوم إال به ،وأحد أركانه ،وألهميتها يف تقوية صلة العبد بربه لم يرخص الشارع ألحد يف تركها مهما كانت
النب صىل هللا عليه وآله وسلم أن يعفيهم عن الصالة فقال(( :ال خي
الظروف واألحوال ،ولقد طلب وفد ثقيف من ر ي
يف دين ال صالة فيه )).
وه ليلة اإلرساء والمعراج ،فكانت خي منحة ربانية لنبيه محمد صىل
وقد اختار هللا لفرضها أفضل األوقات وأرسفها ،ي
هللا عليه وآله وسلم وألمته ،فمن حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة.
وقد اختلف يف بدء مشوعية األذان ،فعند أهل البيت أنه رسع حي أرسي برسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم إىل
السماء قال اإلمام الهادي يف (األحكام) :واألذان أصله أن رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم ليلة اإلرساء أرسل هللا
تحدثب عن هذا األذان فإنا نقول :إنما
ي إليه ملكا فعلمه األذان .وقال أبو العالء :قلت لمحمد بن ع يىل :يا أبا القاسم ،أال
فأخي به رسول هللا فأمره أن يعلمه بالال فأذن؟ قال :ففزع لذلك وقال :ويحكم أال تتقون
ر رآه رجل من األنصار يف المنام
هللا! عمدتم إىل أمر جسيم من جسيم أمر دينكم فزعمتم أنما رآه رجل يف المنام رؤيا! قال :فقلت :فكيف كان إذن؟
قال :إن رسول هللا أرسي به حب انتىه إىل ما شاء هللا من السماء ،ففرضت عليه الصالة ،فبعث هللا ملكا ما رأوه يف
أكي ..الحديث . السماء قبل ذلك اليوم فقال :هللا ر
أكي هللا ر
عىل،
عىل ،وزيد بن ي
وعىل بن الحسي ،ومحمد بن ي
ي عىل ،ومحمد بن الحنفية، وقد رواه األئمة :اإلمام ي
عىل ،والحسن بن ي
بوح من السماء كما رسعت ي وجعفر الصادق ،والقاسم بن إبراهيم ،والهادي ،والناﺮﺻ األطروﺵ ،وقالوا :إنه رسع
عىل عليه السالم :لما أراد هللا أن يعلم رسوله األذان أتاه ر
جييل عليه الصالة ،وقد روي يف مجمع الزوائد بسنده عن ي
السالم ..وساق الحديث بطوله .
عىل عليه السالم قال( :األذان مثب عىل ،عن أبيه ،عن جده ،عن ي واألذان واإلقامة مثب مثب ،لما رواه اإلمام زيد بن ي
َ ْ ْ ً َ َ
ان َّال ِذي أ ْ َ
ُ ْ َ َ
رسى ِب َع ْب ِد ِه ل ْيًل ِم َن ال َـم ْس ِج ِد ال َح َر ِام ِإىل مثب ،واإلقامة مثب مثب ،ويرتل األذان ويحدر اإلقامة) .سبح
َ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ ُ ْ َ َ َ َّ ُ َ َّ ُ ْ َّ َْْ ْ
يع ال َب ِص ُيال َـم ْس ِج ِد األق َىص ال ِذي باركنا حوله ِل ِييه ِمن آي ِاتنا ِإنه هو الس ِم
ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َّ ُ َ َّ ُ ُّ َ ْ َ َ َّ ُ َ ْ ً ُ َ ُ َ
س َما ك َس َبت َوه ْم َل ُيظل ُـمون} #
ٍ ف ن ل ك ف و ت م ث هللا
ِ ىل من سورة اإلرساء -آية ({ )1واتقوا يوما ت ْرجعون ِف ِ
يه ِإ
الحمد هلل رب العالمي ،أرسى بعبده من المسجد الحرام إىل المسجد األقىص ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال رسيك
ً
له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ،صىل هللا عليه وآله وسلم وعىل آله الطيبي الطاهرين ،
أما بعد ..ها هو الداعية األول صىل هللا عليه وآله وسلم يف مكة ،يدعو قومه إىل هللا تعاىل ..سنوات مأساوية ،مليئة
مزق شمل أتباعه ،وسامهم أهل مكة سوء العذاب ، بالعواصف العاتية من التعذيب واإليذاء ،والبغضاء واالفياء ّ ..
ثم كان العام العارس من البعثة العام الحزن الذي فقد فيه صىل هللا عليه وآله وسلم عمه أبا طالب رَّص هللا عنه الذي
النب صىل هللا عليه وآله وسلم
أن طالب بثالثة أيام أو شهرين يفجع ر ي
كان يناﺮﺻه ويدفع عنه أذى قريش ،وبعد وفاة ر ي
وه من يف مؤازرتها له وقوفها إىل جانبه يف أشد المواقف عىل
رَّص هللا عنها ،ي
بموت رفيقة دربه السيدة خديجة ي
ً
مدى خمسة وعشين عاما .
يتلفت عليه الصالة والسالم يف مكة فال يجد من ينرصه ليبلغ رسالة ربه ،فيخرج إىل الطائف ،ويعرض دعوته عىل
ثقيف ،فيدون عليه بأقبح رد ،وآذوه ونالوا منه ما لم ينل منه قومه ،وأغروا به سفهاءهم يرمونه بالحجارة حب
دميت قدماه الشيفتان.
ً ً
يمس وال يشعر بنفسه ،حب استفاق يف قرن
ي وينرصف صىل هللا عليه وآله وسلم من الطائف محزونا مهموما ،
وهوان عىل الناس .أنت أرحم
ي حيلب
ي يناح ربه بالدعاء المشهور :اللهم إليك أشكو ضعف ي
قون وقلة الثعالب فأخذ ر ي
يتجهمب أم إىل عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك
ي تكلب ؟ إىل بعيد
ي رن إىل من
الراحمي أنت رب المستضعفي وأنت ر ي
أباىل غي أن عافيتك أوسع يىل .أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أرسقت له الظلمات وصلح عليه أمر
عىل فال ي
غضب ي
العتب حب ترَّص وال حول وال قوة إال بك .
عىل سخطك ،لك ر عىل غضبك أو ييل ي
الدنيا واآلخرة أن يحل ي
ثم يعود صىل هللا عليه وسلم إىل مكة ،فلم يستطع دخولها إال تحت جوار المطعم بن عدي وهو رجل مشك .
رحلة مباركة طيبة ،بدأت بأقدس بقاع األرض ،وانتهت بأعىل طبقات السماء .
قال سبحانه( :سبحان الذي أرسى بعبده ليال من المسجد الحرام إىل المسجد األقىص الذي باركنا حوله لييه من آياتنا
إنه هو السميع البصي) .
جييل يف الهواء .إذا ر ي
بالنب صىل هللا عليه وآله إنها رحلة اإلرساء والمعراج .وبينما ر ي
النب صىل هللا عليه وآله وسلم مع ر
جييل عليه السالم
ياجييل لمن هذه الرائحة الزكية ،فقال ر
ر أح
وسلم يشم رائحة طيبة أطيب من المسك ،فقال يا ي
ه وزوجها ..يف ظل ملك فرعون ..زوجها مقرب الب كانت تعيش ي
تلك رائحة ماشطة فرعون ،تلك المرأة الصالحة ي
وه خادمة ومربية لبنات فرعون ..
من فرعون ..ي
فمن هللا عليهما باإليمان ..فلم يلبث زوجها أن علم فرعون بإيمانه فقتله ..فلم تزل الزوجة تعمل يف بيت فرعون
تمشط بنات فرعون ..وتنفق عىل أوالدها الخمسة ..تطعمهم كما تطعم الطي أفراخها ..
ه تمشط ابنة فرعون يوما ..إذ وقع المشط من يدها ،فقالت :بسم هللا ..فقالت ابنة فرعون :هللا ..ر ي
أن؟ فبينما ي
وتبﻜ ..وأخذت أصغرهم وضمته إىل صدرها .. ي فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون ..فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم
المغىل ،والغالم يصيح
ي بأكيهم ..فجره الجنود ودفعوه إىل الزيت
وألقمته ثديها ..فلما رأى فرعون هذا المنظر ..أمر ر
بأمه ويستغيث ..ويسيحم الجنود ..ويتوسل إىل فرعون ..ويحاول الفكاك والهرب ..
وينادي إخوته الصغار ..ويرصب الجنود بيديه الصغيتي ..وهم يصفعونه ويدفعونه ..
واألم ثابتة عىل دينها ..فأمر فرعون أن يطرح الرابع يف الزيت ..
تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها ..فحالوا بينه وبينها ..وحملوه بيديه الصغيتي ..وهو ي
يبﻜ
المغىل ..
ي ويستغيث ..ويتوسل بكلمات غي مفهومة ..وهم ال يرحمونه ..وما ي
ه إال لحظات حب غرق يف الزيت
وغاب الجسد ..وانقطع الصوت ..وشمت األم رائحة اللحم ..وعلت عظامه الصغية بيضاء فوق الزيت يفور بها ..
تنظر األم إىل عظامه ..وقد رحل عنها إىل دار أخرى ..
تبﻜ ..وتتقطع لفراقه ..طالما ضمته إىل صدرها ..وأرضعته من ثديها ..طالما سهرت لسهره ..وبكت لبكائه ..
وه يي
كم ليلة بات يف حجرها ..ولعب بشعرها ..كم قربت منه ألعابه ..وألبسته ثيابه ..
فلما انيع منها ..ﺮﺻﺥ الصغي ..وبكت المسكينة ..فلما رأى هللا تعاىل ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها ..أنطق
الصب يف مهده وقال لها:
ري
ولحمهم يفور به الزيت ..تنظر المسكينة ..إىل هذه العظام الصغية ..
عظام من؟ إنهم أوالدها ..الذين طالما مألوا عليها البيت ضحكا ورسورا ..إنهم فلذات كبدها ..وعصارة قلبها ..الذين
لما فارقوها ..كأن قلبها أخرج من صدرها.
طالما ركضوا إليها ..وارتموا بي يديها ..وضمتهم إىل صدرها ..وألبستهم ثيابهم بيدها ..ومسحت دموعهم
بأصابعها ..ثم ها هم ينيعون من بي يديها ..ويقتلون أمام ناظريــها ..
كانت تستطيع أن تحول بينهم وبي هذا العذاب ..بكلمة كفر .تسمعها لفرعون ..لكنها علمت أن ما عند هللا خي
وأبف ..
فلما حملوها ليقذفوها يف الزيت ..نظرت إىل عظام أوالدها ..فتذكرت اجتماعها معهم يف الحياة ..فالتفتت إىل
فرعون وقالت :يىل إليك حاجة ..فصاح بها وقال :ما حاجتك؟
عظاىم وعظام أوالدي فتدفنها يف رقي واحد ..ثم أغمضت عينيها ..
ي فقالت :أن تجمع
تحسي الذين قتلوا يف سبيل هللا أمواتا بل أحياء عند ربــهم يرزقون 169فرحي بما آتاهم هللا من فضله
ر {وال
ويستبشون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أال خوف عليهم وال هم يحزنون 170يستبشون بنعمة من هللا وفضل
وأن هللا ال يضيع أجر المؤمني 171الذين استجابوا هلل والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا
أجر عظيم}172
ويرح أن تكون اليوم ف جنات ونهر ..ومقعد صدق عند مليك مقتدر ..وه اليوم أحسن منها ف الدنيا حاال ..ر
وأكي ر
ي ي ي
نعيما وجماال ..
عىل صىل هللا عليه ،قال( :قال رسول هللا صىل هللا عليه وآله وسلم(( :لما أرسي ر ين إىل السماء قيل يىل :فيم
و عن ي
السيات() ،ونقل األقدام إىل الجماعات، ر فعلمب ،قال :يف إسباغ الوضوء يف
ي يختصم المأل األعىل؟ قلت :ال أدري ؛
وانتظار الصالة بعد الصالة))) .وعنه صىل هللا عليه وآله وسلم(( :لما أرسي ر ين إىل السماء دخلت الجنة فرأيت فيها
ياجييل:
قرصا من ياقوت يرى داخله من خارجه وخارجه من داخله من ضيائه وفيه بيتا ( )1من در وزبرجد .فقلت :ر
لمن هذا القرص؟ فقال :هذا لمن أطاب الكالم وأدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد الليل والناس نيام)) .قال ي
عىل عليه
عىل فدنا منه ،فقال :أتدري من أطاب الكالم؟ قال :هللا ورسوله وف أمتك من يطيق هذا؟ فقال(( :ادن ي
مب يا ي السالم :ي
أكي ،تدري من أدام الصيام؟ قال :هللا ورسوله أعلم.
أعلم .قال :من قال :سبحان هللا والحمدهلل وال إله إال هللا وهللا ر
قال :من صام رمضان ولم يفطر منه يوما .تدري من أطعم الطعام؟ قال :هللا ورسوله أعلم .قال :من طلب لعياله ما
يصىل
ي يكف به وجوههم عن الناس .تدري من تهجد بالليل والناس نيام؟ قال :هللا ورسوله أعلم .قال :من لم ينم حب
ويعب بالناس نيام :اليهود والنصارى فإنهم ينامون فيما بينهما.
ي العشاء اآلخرة)).
وعن عبد هللا بن بن زرارة قال :قال رسول هللا -صىل هللا عليه وآله وسلم(( :لما أرسي ر ين إىل السماء انتىه ر ين إىل قرص
عىل بثالث خصال بأنه سيد المسلمي ،وإمام المتقي وقائد الغر
وأمرن يف ي
ي إىل
من لؤلؤ فراشه من ذهب يتألأل فأوح ي
المحجلي))وروى الواحدي :عن مقاتل بن سليمان أنه لما أرسي ر ي
بالنب صىل هللا عليه وآله وسلم إىل السماء أعَط
خواتم سورة البقرة فقالت له المالئكة :إن هللا عزوجل قد أكرمك بحسن الثناء عليك بقوله آمن الرسول ،فاسئله
جييل عليه السالم كيف يدعو ،فقال محمد صلوات هللا عليه وعىل آله وسلم(( :غفرانك ربنا وإليك
وارغب ،فعلمه ر
المصي)) فقال هللا :قد غفرت لكم .فقال :التؤاخذنا ،قال هللا :ال أواخذكم ،فقال :والتحمل علينا إﺮﺻا ،فقال :ال أشدد
عليكم ،قال محمد صىل هللا عليه وآله وسلم(( :وال تحملنا ماال طاقة لنا به)) فقال :ال أحملكم ذلك ،فقال :محمد
صىل هللا عليه وآله وسلم (( :واعف عنا واغفر لنا وارحمنا)) ،فقال :هللا :قد عفوت عنكم وغفرت لكم ورحمتكم،
النب صىل هللا عليه وآله وسلم قال: وف (شواهد التييل) :بإسناده عن ر ي
أن هريرة ،عن ر ي وأنرصكم عىل القوم الكافرين .ي
((لما أرسي ر ين إىل السماء سمعت تحت العرﺵ :أن عليا راية الهدى ،وحبيب من يؤمن ر ين ،بلغ يا محمد)) قال فلما نزل
النب صىل هللا عليه وآله وسلم أرس ذلك فأنزل هللا عز وجل{ :يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } ..
ري
ف عىل بن أن طالب { ..وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وهللا يعصمك من الناس} أال ر
وأكيوا يف هذا اليوم وأمثاله من ري ي ي
ً
النب يا أيها الذين آمنوا
نب وآله ،إمتثاال لقول هللا جل جالله {إن هللا ومالئكته يصلون عىل ر ي
الصالة والسالم عىل ال ر ي
ر ر
صلوا عليه وسلموا تسليما} عباد هللا :أكيوا يف هذا اليوم من الصالة عىل نبيكم الكريم القائل(( :أكيوا ي
عىل من
الصالة يف يوم الجمعة فإنه يوم تضاعف فيه األعمال)) والقائل(( :من صىل ي
عىل صالة واحدة صىل هللا عليه بها عش
روح منه
ي صلوات ،ومﻰﺤ عنه بها عش سيئات ،وكتب له بها عش حسنات ،واستبق ملكاه الموكالن به أيهما يبلغ
السالم)).
.
عىل ،وصل اللهم وسلم عىل اإلمام الهادي إىل الحق القويم يحب
الوىل اإلمام زيد بن ي
الوىل ابن ي
وصل اللهم وسلم عىل ي
بن الحسي بن القاسم بن إبراهيم.
وصل اللهم وسلم عىل سائر أهل بيت نبيئك المطهرين دعاة منهم ومقتصدين.
وارض اللهم عن الصحابة األخيار من المهاجرين واألنصار وعنا معهم بفضلك ومنك يا كريم.
اللهم إنا نسألك رضاك ورضا الوالدين والجنة ،ونعوذ بك من سخطك وسخط الوالدين والنار.
اللهم إنا نعوذ بك من عيش الشقاء وحياة التعساء وموت البؤساء ونعوذ بك من عيشة يف شدة وموت عىل غي عدة.
اللهم احيينا ما كانت الحياة خيا لنا ،فإذا كانت حياتنا مرتعا للشيطان فاقبضنا إليك غي خزايا وال مفتوني .اللهم احفظ
لنا علماءنا العاملي والدعاة والمرشدين وطلبة العلم أجمعي ،وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمي .عباد هللا{ :إن
والبغ يعظكم لعلكم تذكرون}
ي القرن وينىه عن الفحشاء والمنكر
ر هللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي
،فاذكروا هللا العظيم الجليل يذكركم ،واشكروه عىل نعمه يزدكم{ ،وأقم الصالة إن الصالة تنىه عن الفحشاء والمنكر
أكي وهللا يعلم ما تصنعون}
ولذكر هللا ر
*****