Professional Documents
Culture Documents
تونس في العشرينات
هامة في تاريخ تونس املعاصر حيث ّ ّ
تميزت بميالد ّأول حزب مثلت فترة العشرينات من القرن العشرين مرحلة ّ مقدمة:
ّ ّ الدستوري ّ
التونس ي ،ونشأة ّأول حركة ّ الحر ّ ّ
منظم هو الحزب ّ
تونسية مستقلة هي جامعة عموم العملة نقابية سياس ي
ونسية .فما هي ظروف نشأتهما ؟ ماهي مطالبهما و أشكال ّ
الوطنية الت ّ
ّ الت ّ
ونسية ،كرافدين أساسيين من روافد الحركة ّ
نضالهما؟ ماهي ردود مختلف االطراف من نشاطهما؟
➢ إغراق السوق التونسية بالبضائع االجنبية و عجز املنتجات الحرفية املحلية عن منافستها اضافة الى تضرر
التجار التونسيين.
➢ الرفع من الصرائب القديمة كالعشر و القانون و إحداث ضرائب جديدة مثال على املاشية و احداث ضرائب
استثنائية على االرباح املحققة أثناء الحرب بالنسبة للتجار..
➢ تشجيع الفرنسيين على القدوم إلى تونس من خالل إقرار قانون الثلث االستعماري ( زيادة بثلث االجر
للموظف الفرنس ي بتونس مقارنة بنظيره بفرنسا) و هو ما اغلق باب الوظيفة العمومية امام املثقفين
التونسيين و عمق الالمساواة في االجر بين التونسيين و الفرنسيين خاصة
-أزمة القطاع الفالحي نتيجة الجفاف :إنهيار االنتاج الفالحي و هالك املاشية خاصة في الوسط و الجنوب
-أزمة الحرف و التجارة :نتيجة العجز عن منافسة البضائع االوروبية و ثقل الضرائب املفروضة من املستعمر
❖ أزمة إجتماعية:
• تدهور املقدرة الشرائية نتيجة غالء األسعار(تضاعف ثمن الكغ من الخبز من 0.65إلى 1.20فرنك) و إنتشار
الفقر و البؤس
• إنتشار البطالة و تفاقم ظاهرة النزوح نحو العاصمة خاصة
تعددت االحتجاجات واملظاهرات املنددة بغالء املعيشة ( مظاهرة 5أوت 1920بمدينة تونس)
.2الظرفية الخارجية:
❖ التأثر باملبادئ الولسنية وخاصة بمبدإ حق الشعوب في تقرير مصيرها :وجهت اللجنة الجزائرية
التونسية في جانفي 1919برقية إلى الرئيس ولسن تدعوه فيها إلى تطبيق مبادئه املتعلقة بحق
الشعوب في تقرير مصيرها لفائدة الشعوب املستعمرة ( كانت تعني الشعوب الخاضعة ألملانيا
والنمسا ).كما توجهت بمذكرة إلى مؤتمر السلم بباريس للمطالبة باملشاركة في أعماله.
❖ تأثير الثورة البلشفية :ففي تونس تأسس أول تنظيم شيوعي في مطلع العشرينات و قد طالب
الشيوعيون باستقالل تونس و دعموا حركة محمد علي الحامي النقابية
❖ التأثر بحركات التحرر خاصة تلك التي قادها حزب الوفد بمصر بزعامة سعد زغلول و الحركة التي
قادها مصطفى كمال القامة دولة قومية مستقلة
.IIتطور الحركة الوطنية في العشرينات:
.1النضال السياس ي :الحزب الحر الدستوري التونس ي:نشأته ,برنامجه ,ونشاطه:
❖ أ-النشأة أو التأسيس :من الحزب التونس ي إلى الحزب الحر الدستوري التونس ي
❖ ظهر الحزب التونس ي في ربيع 1919و ضم قدماء حركة الشباب التونس ي و بعض املثقفين من محامين و
صحفيين من أبرزهم عبد العزيز الثعالبي
❖ حاول الحزب الجديد (الذي لم يكن يملك ال مقرا و ال هياكل) إستغالل ظرفية ما بعد الحرب العاملية االولى
و خاصة مؤتمر السلم بباريس
❖ وجه نداء إلى الرئيس األمريكي "ولسن" كما طالب بدستور للبالد و باالستقالل الداخلي.
❖ سفر الثعالبي إلى فرنسا و تاليف كتاب تونس الشهيدة بمعية أحمد السقا للتعريف بالقضية الوطنية و
استمالة الراي العام الفرنس ي و خاصة اليسار
وفي سنة 1920وبالنظر إلى فشل اليسار الفرنس ي في االنتخابات غير الثعالبي من توجهاته وعدل من مواقفه خاصة مع
تكثف االستعمار الفرنس ي ودعا إلى تأسيس "الحزب الحر الدستوري التونس ي و كان ذلك في" في مارس 1920
إضافة إلى الصحف والشعب الدستورية اختار قادة الحزب طريقة العرائض املمضاة من قبل آالف التونسيين حتى
تكون مطالبه شرعية واعتمد سياسة الوفود لتحقيقها
1920
مكن نشاط الحزب الحر الدستوري التونس ي الحركة الوطنية من تجاوز طورها النخبوي لتصبح حركة سياسية
منظمة يشمل تأثيرها ّ
عدة مناطق من البالد حيث ارتفع عدد املنخرطين إلى 45ألف منخرط وعدد الشعب إلى 70
شعبة بفضل قيادة عصرية ومتفتحة ساهمت في بث الوعي الوطني خاصة عن طريق الصحافة التونسية الناطقة
( 30صحيفة سنة 1921مثل الصواب و مرشد األمة و لسان الشعب). بالعربية
ج-تطور السياسة الفرنسية تجاه النضال السياس ي في العشرينات(:ردود فعل سلط الحماية):
▪ إعالن مجموعة من اإلصالحات الشكلية(سياسة املماطلة) تتمثل خاصة في بعث املجلس الكبير الذي يضم
44عضو فرنس ي و 18عضوا تونسيا و بعث مجالس القيادات و الجهات ( إصالحات جويلية )1922وقد
رفض الدستوريون هذه اإلصالحات بينما قبلها املعتدلون مما زاد في عزلة الحزب الحر الدستوري التونس ي.
▪ فترة تخللها بعض القمع :بالضغط على الثعالبي ملغادرة البالد سنة 1923
.2تطور العمل النقابي ( جامعة عموم العملة التونسية األولى)و ردود الفعل تجاهه:
❖ -أ-ظروف نشأة جامعة عموم العملة التونسية االولى و نشاطها:
➢ تدهور األوضاع االجتماعية للعمال التونسيين:
-احتدت التناقضات االجتماعية بين العمال التونسيين والفرنسيين في معظم القطاعات في مستوى األجور
والتشغيل والضمانات االجتماعية.
ّ
-سخر اتحاد النقابات الفرنسية كل طاقاته للدفاع عن مصالح العمال األوروبيين وتجاهل مشاغل
التونسيين.
ّ
االجتماعية وسياسة التمييز الذي توخاها "اتحاد النقابات الفرنسية" في تنامي -ساهمت هذه التناقضات
العمال التونسيين بهذه التناقضات وبضرورة تكوين منظمة ّ
نقابية تدافع على مصالحهم. وعي ّ
عمال الرصيف :➢ إضرابات ّ
عمال الرصيف بالعاصمة يوم 13أوت شهدت صائفة 1924موجة من االضطرابات انطلقت بإضراب ّ
1924حيث قدم العمال املطالب التالية :املساواة في األجر مع عملة الرصيف بمرسيليا ,زيادة % 50عن
العمل أيام األعياد ,زيادة % 38عن العمل في الليل ,زيادة 4.50فرنك للساعة الزائدة الواحدة على قانون 8
ثم امتدتساعات في اليوم( رفضت شركات الشحن هذه املطالب فتقرر االضراب يوم 13أوت ّ )1924
حركة االضرابات إلى منطقة بنزرت(اعتقال محمد الخميري وهو ادى الى مظاهرات اسفرت عن شهيدين و
عدد كبير من الجرحى) .وقد رفضت السلط مطالب املساواة في األجور بين التونسيين والفرنسيين.
➢ تأسيس جامعة عموم العملة التونسية:
عمال الرصيف.محمد علي الحامي لتسيير إضرابات ّ
-تأسست "لجنة دعاية" برئاسة ّ
العمال لتساهم في بعث ّ
عدة نقابات في العاصمة ( ّ ّ
استغلت "لجنة الدعاية" موجة احتجاجات ّ
عمال -
الرصيف ,السكك الحديدية ,الترامواي.)...
ّ -توج نشاط اللجنة باإلعالن في سبتمبر 1924عن تأسيس " جامعة عموم العملة التونسية" وإسناد كتابتها
ّ
العامة إلى محمد علي الحامي.
-شرع قادة الجامعة (الحامي ,املختار العياري ,أحمد بن ميالد )...في عقد االجتماعات وتأسيس املزيد من
النقابات ( نقابة شركة صفاقس ,قفصة للفسفاط ,عمال الرصيف بصفاقس)..
❖ ب-ردود فعل مختلف االطراف:
* موقف النقابات الفرنسية وسلطة الحماية من الجامعة:
العمال .ولكنه في الحقيقة كان ضدّ
-ناهض " اتحاد النقابات الفرنسية " الجامعة بدعوى أنها تمثل ضربا لوحدة ّ
املساواة في األجور وتحالفها مع الشيوعيين.
-اتفقت سلطة الحماية مع " اتحاد النقابات الفرنسية " في اعتبار الجامعة خطرا يهدد املصالح االستعمارية فلم
تعترف بها وألصقت بقادتها التهم واعتبرتهم يعملون في خدمة مصالح أملانيا واالتحاد السوفياتي وحاكمتهم بتهمة التآمر
على أمن الدولة(نفي محمد علي الحامي و مختار العياري عن التراب الفرنس ي و توابعه ملدة عشر سنوات في نوفمبر
)1925
أفضت كل هذه املواقف إلى عزلة الجامعة وانحاللها غير أنها مثلت رافدا من روافد الحركة الوطنية وتجربة أسست
لتجارب نقابية جديدة.
النضالية للوطنيين التونسيين خالل عشرينات القرن العشرين؛ فهي لم تفلح في تحقيق تعددت األشكال ّ خاتمة :لئن ّ
هامة من مراحل ّ
النضال الوطنيّ ، مثلت مرحلة ّ ّ ّ
إال ّ
أسست لقواعد الحركة أن هذه الفترة طموحات التونسيين.
ّ الوطنية التونسية ّ
ومهدت ملزيد تجذر العمل الوطني في الثالثينات.
تونس في الثالثينات:
مقدمة :إزدادت أوضاع التونسيين ترديا بسبب تداعيات أزمة الثالثينات وهي أزمة دخيلة مما عمق التناقضات
بينهم وبين الجالية الفرنسية ،إضافة إلى ما صاحب السياسة الفرنسية من استفزازات ،ساهمت هذه الظروف
الجديدة في تجذر الحركة الوطنية تنظيميا و مطلبيا و من حيث أشكال النضال.
فماهي خصائص ظرفية الثالثينات؟
وماهي مظاهر تطور الحركة الوطنية في هذه الفترة؟
.Iظروف انتعاش العمل الوطني خالل الثالثينات :
- .1تأزم إقتصادي و إجتماعي:
➢ أزمة إقتصادية شاملة :تعاقبت على تونس خالل الثالثينات أزمتان إقتصاديتان:
• أزمة تقليدية :إندلعت في بداية الثالثينات ( 1930و ) 1932إرتبطت بعوامل طبيعية :جفاف
( )1931-1930ثم إنتشار الجراد في شهر مارس 1932
الوسط و -كوارث طبيعية أثرت على قطاع الزراعة و تربية املاشية :إنخفاض االنتاج الزراعي خصوصا في
الجنوب و نفوق عدد كبير من املاشية.
-وضع مالئم النتشار األوبئة (عدد ضخم من الوفيات بسبب الحمى و التيفوس التي انتشرت خاصة في املدن
الساحلية إضافة إلى إستفحال ظاهرة النزوح الريفي.
• أزمة عصرية منذ صيف :1932تواصلت طيلة الثالثينات وهي من تداعيات األزمة االقتصادية
العاملية :غلق فرنسا ألسواقها في وجه املنتوجات التونسية خاصة مع اعتماد فرنسا لنظام
الحصص في وجه البضائع الواردة عليها من مستعمراتها إضافة إلى إغراق أسواق هذه املستعمرات
بما في ذلك البالد البالد التونسية بالبضائع األوروبية
-أزمة أدت إلى :تكدس فوائض االنتاج الفالحي و املنجمي و انهيار أسعارهذه املنتجات .إنخفاض في االسعار إرتبط
ايضا بتفاقم منافسة السلع األوروبية ملثيالتها التونسية.
➢ تأزم إجتماعي:
تأثر المجتمع التونسي
انهيار المقدرة
تضرر الحرفيين و
الشرائيةانتشار الفقر تضرر الفالحين من تضرر كبير لفئة
صغار التجار حيث
والبؤس و تنامي ظاهر تدكس فوائض االنتاج و العمال :اسفحال
عجزت بضائعهم
النزوح الريفي نحو انهيار االسعار و عجزهم البطالة 35000 :
عن منافسة
المدن الكبرى :ظهور عن تسديد ديونهم و عاطل في مدينة البضائع االيطالية
االحياء القصديرية مصادرة اراضيهم تونس سنة 1935 و الفرنسية
تصاعد وتيرة الغضب و العنف لدى التونسيين :نهب املخابز بتونس و باجة و القيروان سنة 1934الى
جانب احتجاجات الشواشين و املزارعين امام االقامة العامة
- .2السياسة الفرنسية في بداية الثالثينات :
ّ
الوطنية والدينية مست مشاعر التونسيين تحدي املشاعر الوطنية والدينية للتونسيين :تنظيم تظاهرات ّ سياسة ّ
*
مثل:
-تنظيم املؤتمر األفخرستي من 6إلى 11ماي :1930إحتفال ديني مسيحي فيه تحد للمشاعر الدينية للتونسيين
-نقمة الشعب خاصة مع حضور الباي وشيخ االسالم و املفتي الكبير ضمن الهيئة الشرفية للمؤتمر و قيام الشبان
املسيحيين باستعراض في شوارع العاصمة و في ذلك تحدي للشعور الديني للمسلمين
-ردود فعل عنيفة :إضراب "عملة الرصيف ببنزرت و تونس",و"طلبة الزيتونة و الصادقية و العلوية" ,تواصل
االحتجاجات إلى 13ماي .1930
ّ
بخمسينية الحماية في 12ماي :1931تعبرعن إرادة البقاء الفرنسية (كلفت امليزانية 300مليون فرنك -االحتفال
في وقت كانت فيه البالد تشهد حالة مجاعة)
قضية التجنيس :سعت فرنسا إلى تعزيز حضورها البشري في تونس و ضرب الهوية التونسية بإصدار قانون ّ -
التجنيس سنة
1923تحول التجنيس إلى قضية سياسية و دينية والى سبب للمصادمات بين األهالي( في بنزرت و صفاقس) والسلطات
الفرنسية ،حيث رفض السكان املسلمون بشدة دفن املتجنسين في مقابرهم.
-نجاح "جماعة العمل التونس ي" في تعبئة الرأي العام (تدعم دورهم خاصة بعد انضمامهم الى الجنة التنفيذية
للحزب الحر الدستوري).
.3تكثف النشاط الثقافي والجمعياتي:
-تحدت الصحافة الوطنية القوانين االستثنائية الصادرة سنة : 1926صدرت بالفرنسية ومن أهمها جريدة "صوت
التونس ي" ( )1930و جريدة "العمل التونس ي" التي جمعت حولها نخبة من الشبان الوطنيين الذين تلقوا ثقافة
عصرية ومنهم محمود املاطري والحبيب بورقيبة.
-بروز نهضة أدبية وفكرية تحررية مجددة كان انتاجها الفكري واألدبي معبرا عن قضايا الشعب وهمومه ومن رموز
هذه النهضة الطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي ومحمد بيرم التونس ي...
-نشطت الجمعيات الثقافية واألدبية والشبابية وفي مقدمتها جمعيتي قدماء الصادقية والخلدونية وجماعة مقهى
تحت السور.
-غادرت الجماعةالجديدة اللجنة التنفيذية وأصبحت تطالب بعقد مؤتمر استثنائي للحزب لحسم الخالف .وهكذا
انعقد مؤتمر قصر هالل يوم 2مارس ّ 1934
وقرر:
-حل اللجنة التنفيذية للحزب وتعويضها بديوان سياس ي على رأسه محمود املاطري رئيسا والحبيب بورقيبة ,كاتبا
عاما .
-امام تمسك اللجنة التنفيذية القديمة بشرعيتها انقسم الحزب الحر الدستوري إلى حزبين قديم ( اللجنة
التنفيذية)وجديد( الديوان السياسيي)
-عملت السلطات الفرنسية على تغذية االنشقاق داخل الحزب الحر الدستوري غير أن تدعم مكانة الحزب الجديد
و تزعمه للحركة الوطنية دفع املقيم العام الجديد مارسيل بيروطون ( نهاية 1933إلى سنة )1936الى انتهاج
سياسة قمعية حيث أقدم على:
*قمع املتظاهرين بتونس و صفاقس و الساحل و نفي القيادات الجديدة للحزب الجديد ( الدواوين السياسية
املتتالية) إلى الجنوب التونس ي.
-تعدد االضطرابات واملظاهرات (أحداث العاصمة و املكنين سنة )1935املطالبة باطالق سراح قادة الحزب املبعدين
وهو ما أثبت فشل سياسة القمع البيروطوني لتضطر فرنسا إلى تعديل سياستها في البالد التونسية منذ سنة .1936
-خيبة أمل الحزب الدستوري الجديد وعقد املؤتمر الثاني بنهج التريبونال بتونس من 30أكتوبر إلى 02نوفمبر
:1937تدعم مكانة التيار الراديكالي داخل الحزب (سليمان بن سليمان ،الهادي نويرة ،صالح بن يوسف وعلي
البلهوان) الذي يقر بأن الوقت حان للمعركة الكبرى "معركة االستقالل "
-أقر هذا املؤتمر االضراب العام يوم 20نوفمبر 1937و هو مؤشر على تعزيز موقع الجناح الراديكالي داخل الحزب
(استقالة محمودة املاطري من رئاسة الديوان السياس ي للحزب كردة فعل على هذا التصعيد ( يمثل التيار املعتدل))
أحداث 9أفريل :تجمهر الناس أمام قصر العدالة تضامنا مع علي البلهوان الذي تمت دعوته للتحقيق ,أطلقت
قوات األمن النار فاندلعت الثورة و أودت بسقوط 22شهيد و 150جريح.
أعلنت سلطات الحماية الحصار و قررت حل الحزب الجديد و تعطيل كل الصحف الوطنية وتقديم عشرات
الوطنيين الى املحاكمة بتهمة التامر على أمن الدولة من بينهم الحبيب بورقيبة.
- .2إحياء العمل النقابي :جامعة عموم العملة التونسية الثانية:
❖ أ-ظروف نشأتها:
-تدهور أوضاع العمال التونسيين نتيجة التأزم االقتصادي واالجتماعي املرتبط بأزمة الثالثينات.
-سياسة املقيم العام الجديد "أرمان قيون" التحررية التي تأكدت مع وصول حكومة الجبهة الشعبية إلى الحكم في
فرنسا.
-في 27جوان 1937عقد املؤتمر التاسيس للجامعة و الذي أفرز مكتب نقابي برئاسة بلقاسم القناوي.
❖ ب-نشاط الجامعة:
-العمل على تحسين ظروف العمال من خالل املطالبة بتمكين العمال التونسيين من التشريعات االجتماعية التي
أقرتها "الجبهة الشعبية" ( أسبوع بـ 40ساعة عمل ,عطل خالصة األجر)...
-النجاح في تأطير ّ
عمال القطاعات االقتصادية ( 45نقابة )ودفعهم إلى القيام بإضرابات نذكر من أهمها إضراب
عمال الفسفاط باملضيلة واملتلوي في مارس 1937و الذي ادى الى سقوط عشرات الشهداء. ّ
❖ ج-عالقة الحزب الحر الدستوري الجديد بالجامعة:
-تشكلت جامعة عموم العملة التونسية الثانية في مرحلتها االولى بعيدا نسبيا عن اهتمام الحزب الجديد الذي لم
يكن متحمسا لبروزها في فترة الحوار مع حكومة الجبهة الشعبية.
-في مرحلة ثانية وجدت الجامعة الدعم من قبل الحزب الجديد الذي كان يسعى الى استغالل قدرتها على التعبئة
خاصة بعد فشل تجربة الحوار و عودة فرنسا الى سياستها القمعية من جديد.
-سرعان ما نشب الخالف بين "الجامعة و الحزب" نتيجة سياسة القناوي التي تقوم على استقاللية الجامعة عن كل
نشاط سياس ي و التركيز على حقوق العمال(من ذلك رفض املشاركة في االضراب السياس ي الذي دعا اليه الحزب
احتجاجا على القمع االستعماري في الجزائر و املغرب( 20نوفمبر .))1937
-مع انعقاد املؤتمر الثاني للجامعة ( 29جانفي )1938إقتحم " الهادي نويرة,النجي سليم,صالح بن يوسف وغيرهم...
مكان املؤتمر و تمكنوا من تغيير مكتب الجامعة ليصبح الهادي نويرة كاتبه العام.
استغالل السلطات الفرنسية لهذا الصراع لتقوم بحل نقابات بنزرت املوالية للحزب في مرحلة اولى في فيفري 1938
و في صائفة 1938كانت نهاية التجربة النقابية الثانية.
خاتمة :بعد أحداث 9افريل دخلت الحركة الوطنية مرحلة ركود جديدة لكن الحزب الجديد اكتسب قدرا هاما من
املرونة السياسية ومن القدرات التعبوية مما مكنه الحقا من تجذير مواقفه خاصة في ظل املتغيرات التي أحدثها
الحرب العاملية الثانية.
الدرس :تونس أثناء الحرب العاملية الثانية
تحولت البالد التونسية منذ نوفمبر ّ 1942
وحتى ماي 1943إلى ساحة للمعارك بين املحور والحلفاء .ولكن مقدمة ّ :
ّ
اليومية ،بقدر ما انفتحت أمام الوطنيين آفاق جديدة للنضال ،خاصة بعد انكسار بقدر ما تفاقمت معاناة السكان
ّ ّ
تونسية تجاه سلطة الحماية. فرنسا في الحرب وتولي املنصف باي العرش وإصراره على إثبات وجود سلطة
وماهي التطورات التي عرفتها الحركة الوطنية التونسية خالل هذه الفترة؟
-إتالف آالف املباني السكنية وتدميرها وتشريد حوالي 120000شخص .خسائر فادحة في البنية األساسية مثل
املوانيء والطرقات واملستودعات
-تراجع اإلنتاج الفالحي والصناعي وتقلص الواردات فطرحت بشدة مشكلة التموين في ضل ارتفاع األسعار وانتشار
السوق السوداء مما أدى إلى تدهور مستوى عيش السكان .
ب /صعود املنصف باي إلى الحكم واملصالحة بين العرش والشعب:
اعتلى املنصف باي العرش في 19جوان ( 1942خلفا ألحمد باي الذي ّ
تميز حكمه بالخنوع واإلنصياع التام لألوامر
الفرنسية ) وكان معروفا بميوله الوطنية فقد سعى منذ شبابه إلى ربط الصلة بين والده محمد الناصر باي
والدستوريين .وسيساهم عهده في انتعاش كبير للنضال الوطني ،وتتجلى إسهاماته في الحركة الوطنية في النقاط
التالية :
ّ
للشورى يتركب من مستشارين مخلصين للوطن ّ
للبت في القوانين التي تعرضها عليه اإلدارة الفرنسية -إنشاء مجلس
ّ
كثف زياراته لألسواق واملؤسسات وقام بإلغاء عادة تقبيل اليد ّ
وعوضها باملصافحة كما أبدى تعاطفا مع الحركة -
الوطنية.
ّ
مذكرة إلى الحكومة الفرنسية ّ -طالب باإلفراج عن زعماء الحركة الوطنية ّ
ضنها جملة من ووجه في أوت 1942
ّ
الوطنية( 16مطلبا) أهمها: املطالب
أغلب هذه املطالب كان رفعها الدستوريون منذ العشرينات وتعكس تواصل العرش مع مطالب الحركة الوطنية.
ّ
-في جانفي 1943شكل املنصف باي وزارة وطنية – دون استشارة املقيم العام( املقيم العام لحكومة فيش ي االميرال
ّ
للداخلية وصالح فرحات ( الكاتب العام للحزب بيار استيفا) – ترأسها محمد شنيق وبمشاركة محمود املاطري كوزير
توجه الباي نحو توحيد صفوف الوطنيين .وقد اتخذت هذه الوزارة الدستوري القديم ) كوزير للعدل .ويؤكد ذلك ّ
عدة قرارات لحماية التونسيين منها تمكين املوظفين التونسيين من منحة ” الثلث االستعماري“ و الغاء امر 1898
املتعلق باراض ي االحباس ...وهو بذلك ّلبى مطلبا من املطالب القارة التي رفعتها الحركة الوطنية منذ العشرينات .
ّ
حياديا خالل الحرب وطالب ببقاء تونس خارج النزاع. -اتخذ موقفا
رغم هذا املوقف الحيادي ،قامت السلط الفرنسية(فرنسا الحرة) حاملا استرجعت سلطتها في تونس بعزل املنصف
حد لسياسته باي بتهمة التعاون مع املحور و نفيه في 14ماي . 1943وفي الواقع تتمثل الغاية من خلعه في وضع ّ
تهدد النظام االستعماري ومثلت قاعدة صلبة لتوحيد العمل الوطني وتوسيعه .توفي املنصفالتحررية التي أصبحت ّ
ّ
باي في منفاه بمدينة ”بو“ بجنوب فرنسا في 1سبتمبر.1948
-منذ بداية الحرب انتهجت فرنسا سياسة قمعية بتونس من مظاهرها :إلغاء الحريات العامة وتضييق الخناق على
النشاط الوطني وتشديد الرقابة على الصحف وتعطيل بعضها كصحيفة (تونس الفتاة) ،كما قامت بنقل الزعماء
الدستوريين املعتقلين الى سجن سان نيكوال بمرسيليا ،إيقاف القيادات الدستورية الجديدة و تكثيف عمليات
التجنيد التي شملت أكثر من 40000شخص.
وزج أكثر من 10000شخص في السجون -تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ
بتهمة التعاون مع املحور ( وهي التهمة التي الصقت باملنصف باي) .وقد أثارت هذه السياسة االنتقامية إحتجاجات
واسعة وحركات ّ
تمرد في بعض الجهات (زرمدين رأس الجبل).
-تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ
وزج أكثر من 10000شخص في السجون
بتهمة التعاون مع املحور.
التمرد التي ّ
جدت في ّ -أثارت هذه السياسة اإلنتقامية احتجاجات واسعة النطاق ردود فعل عنيفة ّ
لعل أهمها حركات
بعض الجهات مثل زرمدين ورأس الجبل واملرازيق ...
-تعرض فرنسا إلى الضغوطات الخارجية التي اثرت على سياستها داخل املستعمرات :
*عمل املحوريون على تقليص نفوذ سلطة الحماية وأطلقوا سراح املعتقلين في مارس ( 1943الحبيب بورقيبة،
صالح بن يوسف )...والسماح لهم بمواصلة نشاطهم السياس ي.
*بعد طرد املحوريين من تونس أجبر الحلفاء خاصة األمريكيين سلطة الحماية على تعديل سياستها القمعية
تجاه األهالي.
توحدت صفوف الوطنيين للمطالبة بإرجاع الباي املخلوع ،ولم تضعف هذه الحركة بعد خلع املنصف باي بل ّ
ّ
املنصفية ” التي لم تكتفي باملطالبة بإرجاع املنصف باي إلى العرش بل أصبحت هذه الحركة تعرف بـ“الحركة
أخذت أبعادا أوسع ،إذ عملت منذ خريف 1944على صياغة برنامج عمل طالب بمنح البالد استقاللها الداخلي
ّ
وإقامة نظام ملكي دستوري .وقد شكل هذا البرنامج منطلقا لقيام ” الجبهة الوطنية“ في 22فيفري 1945جمعت
عبرت مظاهرة 8ماي 1945بمناسبة انتصار الحلفاء في الحرب كل التيارات والقوى الوطنية التونسية .وقد ّ
ّ
العاملية الثانية على استعداد كل الفئات التونسية لإلنخراط في النضال الوطني .
خاتمة:
ّ ّ ّ ّ
ظرفية جديدة مالئمة دفعت بالحركة الوطنية نحو مزيد من التجذر على املستوى العاملية الثانية وفرت الحرب
التنظيمي واملطلبي وعلى مستوى أشكال النضال.