You are on page 1of 15

‫تونس من نهاية الحرب العاملية األولى إلى نهاية الحرب العاملية الثانية ‪:‬‬

‫تونس في العشرينات‬
‫هامة في تاريخ تونس املعاصر حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫تميزت بميالد ّأول حزب‬ ‫مثلت فترة العشرينات من القرن العشرين مرحلة ّ‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدستوري ّ‬
‫التونس ي‪ ،‬ونشأة ّأول حركة ّ‬ ‫الحر ّ‬ ‫ّ‬
‫منظم هو الحزب ّ‬
‫تونسية مستقلة هي جامعة عموم العملة‬ ‫نقابية‬ ‫سياس ي‬
‫ونسية‪ .‬فما هي ظروف نشأتهما ؟ ماهي مطالبهما و أشكال‬ ‫ّ‬
‫الوطنية الت ّ‬
‫ّ‬ ‫الت ّ‬
‫ونسية‪ ،‬كرافدين أساسيين من روافد الحركة‬ ‫ّ‬
‫نضالهما؟ ماهي ردود مختلف االطراف من نشاطهما؟‬

‫‪ .I‬ظروف استئناف العمل الوطني خالل العشرينات ‪:‬‬


‫‪ .1‬الظرفية الداخلية‪:‬‬
‫❖ تدعم االستعمار الفرنس ي بعد الحرب العاملية األولى و يببرز ذلك من خالل ‪:‬‬
‫استنزاف الطاقات البشرية (التجنيد و التهجير قسرا للعمل في الضيعات و املصانع الفرنسية)‪.‬‬ ‫➢‬

‫➢ االستحواذ على أراض ي االحباس و االوقاف بدعوى أنها عير مستغلة‪.‬‬

‫➢ إغراق السوق التونسية بالبضائع االجنبية و عجز املنتجات الحرفية املحلية عن منافستها اضافة الى تضرر‬
‫التجار التونسيين‪.‬‬

‫➢ الرفع من الصرائب القديمة كالعشر و القانون و إحداث ضرائب جديدة مثال على املاشية و احداث ضرائب‬
‫استثنائية على االرباح املحققة أثناء الحرب بالنسبة للتجار‪..‬‬

‫➢ تشجيع الفرنسيين على القدوم إلى تونس من خالل إقرار قانون الثلث االستعماري ( زيادة بثلث االجر‬
‫للموظف الفرنس ي بتونس مقارنة بنظيره بفرنسا) و هو ما اغلق باب الوظيفة العمومية امام املثقفين‬
‫التونسيين و عمق الالمساواة في االجر بين التونسيين و الفرنسيين خاصة‬

‫❖ تازم األوضاع االقتصادية و االجتماعية‪:‬‬


‫➢ أزمة إقتصادية من مظاهرها‪:‬‬

‫‪-‬أزمة القطاع الفالحي نتيجة الجفاف ‪ :‬إنهيار االنتاج الفالحي و هالك املاشية خاصة في الوسط و الجنوب‬

‫‪-‬أزمة الحرف و التجارة ‪ :‬نتيجة العجز عن منافسة البضائع االوروبية و ثقل الضرائب املفروضة من املستعمر‬

‫❖ أزمة إجتماعية‪:‬‬

‫• تدهور املقدرة الشرائية نتيجة غالء األسعار(تضاعف ثمن الكغ من الخبز من ‪ 0.65‬إلى ‪ 1.20‬فرنك) و إنتشار‬
‫الفقر و البؤس‬
‫• إنتشار البطالة و تفاقم ظاهرة النزوح نحو العاصمة خاصة‬

‫تعددت االحتجاجات واملظاهرات املنددة بغالء املعيشة ( مظاهرة ‪ 5‬أوت ‪ 1920‬بمدينة تونس)‬

‫‪ .2‬الظرفية الخارجية‪:‬‬
‫❖ التأثر باملبادئ الولسنية وخاصة بمبدإ حق الشعوب في تقرير مصيرها ‪ :‬وجهت اللجنة الجزائرية‬
‫التونسية في جانفي ‪ 1919‬برقية إلى الرئيس ولسن تدعوه فيها إلى تطبيق مبادئه املتعلقة بحق‬
‫الشعوب في تقرير مصيرها لفائدة الشعوب املستعمرة ( كانت تعني الشعوب الخاضعة ألملانيا‬
‫والنمسا )‪.‬كما توجهت بمذكرة إلى مؤتمر السلم بباريس للمطالبة باملشاركة في أعماله‪.‬‬
‫❖ تأثير الثورة البلشفية ‪ :‬ففي تونس تأسس أول تنظيم شيوعي في مطلع العشرينات و قد طالب‬
‫الشيوعيون باستقالل تونس و دعموا حركة محمد علي الحامي النقابية‬
‫❖ التأثر بحركات التحرر خاصة تلك التي قادها حزب الوفد بمصر بزعامة سعد زغلول و الحركة التي‬
‫قادها مصطفى كمال القامة دولة قومية مستقلة‬
‫‪ .II‬تطور الحركة الوطنية في العشرينات‪:‬‬
‫‪ .1‬النضال السياس ي‪ :‬الحزب الحر الدستوري التونس ي‪:‬نشأته‪ ,‬برنامجه‪ ,‬ونشاطه‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬النشأة أو التأسيس ‪ :‬من الحزب التونس ي إلى الحزب الحر الدستوري التونس ي‬
‫❖ ظهر الحزب التونس ي في ربيع ‪ 1919‬و ضم قدماء حركة الشباب التونس ي و بعض املثقفين من محامين و‬
‫صحفيين من أبرزهم عبد العزيز الثعالبي‬

‫❖ حاول الحزب الجديد (الذي لم يكن يملك ال مقرا و ال هياكل) إستغالل ظرفية ما بعد الحرب العاملية االولى‬
‫و خاصة مؤتمر السلم بباريس‬

‫❖ وجه نداء إلى الرئيس األمريكي "ولسن" كما طالب بدستور للبالد و باالستقالل الداخلي‪.‬‬

‫❖ سفر الثعالبي إلى فرنسا و تاليف كتاب تونس الشهيدة بمعية أحمد السقا للتعريف بالقضية الوطنية و‬
‫استمالة الراي العام الفرنس ي و خاصة اليسار‬

‫وفي سنة ‪ 1920‬وبالنظر إلى فشل اليسار الفرنس ي في االنتخابات غير الثعالبي من توجهاته وعدل من مواقفه خاصة مع‬
‫تكثف االستعمار الفرنس ي ودعا إلى تأسيس "الحزب الحر الدستوري التونس ي و كان ذلك في" في مارس ‪1920‬‬

‫❖ ب‪-‬املطالب ‪ :‬برنامج التسع نقاط‬


‫النشاط ‪ :‬سياسة الوفود‬

‫إضافة إلى الصحف والشعب الدستورية اختار قادة الحزب طريقة العرائض املمضاة من قبل آالف التونسيين حتى‬
‫تكون مطالبه شرعية واعتمد سياسة الوفود لتحقيقها‬

‫‪1920‬‬

‫مكن نشاط الحزب الحر الدستوري التونس ي الحركة الوطنية من تجاوز طورها النخبوي لتصبح حركة سياسية‬
‫منظمة يشمل تأثيرها ّ‬
‫عدة مناطق من البالد حيث ارتفع عدد املنخرطين إلى ‪ 45‬ألف منخرط وعدد الشعب إلى ‪70‬‬
‫شعبة بفضل قيادة عصرية ومتفتحة ساهمت في بث الوعي الوطني خاصة عن طريق الصحافة التونسية الناطقة‬
‫( ‪ 30‬صحيفة سنة ‪ 1921‬مثل الصواب و مرشد األمة و لسان الشعب)‪.‬‬ ‫بالعربية‬

‫ج‪-‬تطور السياسة الفرنسية تجاه النضال السياس ي في العشرينات‪(:‬ردود فعل سلط الحماية)‪:‬‬

‫❖ سياسة املماطلة و االصالحات الشكلية بين ‪ 1920‬و ‪: 1924‬‬


‫▪ اتباع سياسة اللين تجاه أعضاء الحزب التونس ي والسماح للثعالبي بالتنقل الى فرنسا و مقابلة بعض‬
‫اعضاء الحكومة و اليسار الفرنس ي ’ مقابلة الفد الدستوري االول‬

‫▪ رفض مطلب الدستور‬


‫▪ تشجيع املعتدلين داخل الحزب على االنشقاق فرحبت ببروز الحزب اإلصالحي في أفريل ‪(1922‬حسن‬
‫القالتي) إلضعاف الحركة الوطنية‪.‬‬

‫▪ إعالن مجموعة من اإلصالحات الشكلية(سياسة املماطلة) تتمثل خاصة في بعث املجلس الكبير الذي يضم‬
‫‪ 44‬عضو فرنس ي و‪ 18‬عضوا تونسيا و بعث مجالس القيادات و الجهات ( إصالحات جويلية ‪ )1922‬وقد‬
‫رفض الدستوريون هذه اإلصالحات بينما قبلها املعتدلون مما زاد في عزلة الحزب الحر الدستوري التونس ي‪.‬‬

‫▪ فترة تخللها بعض القمع‪ :‬بالضغط على الثعالبي ملغادرة البالد سنة ‪1923‬‬

‫❖ السياسة القمعية بين ‪ 1925‬و ‪ : 1926‬مع املقيم العام لوسيان سان‬


‫▪ الضغط على الحزب للدخول في الكتلة املعتدلة و التخلي عن جامعة عموةم العملة التونسية التساتهمت‬
‫بالتعامل مع الشيوعية‬
‫إصدار األوامر االستثنائية يوم ‪ 29‬جانفي (سياسة قمعية)‪ 1926‬للنيل من الحريات ّ‬
‫العامة مثل منع‬ ‫▪‬
‫االجتماعات وإيقاف الصحف الناطقة باسم الحزب‪.‬‬

‫▪ دخول العمل السياس ي في فترة ركود‬

‫‪ .2‬تطور العمل النقابي ( جامعة عموم العملة التونسية األولى)و ردود الفعل تجاهه‪:‬‬
‫❖ ‪-‬أ‪-‬ظروف نشأة جامعة عموم العملة التونسية االولى و نشاطها‪:‬‬
‫➢ تدهور األوضاع االجتماعية للعمال التونسيين‪:‬‬
‫‪ -‬احتدت التناقضات االجتماعية بين العمال التونسيين والفرنسيين في معظم القطاعات في مستوى األجور‬
‫والتشغيل والضمانات االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬سخر اتحاد النقابات الفرنسية كل طاقاته للدفاع عن مصالح العمال األوروبيين وتجاهل مشاغل‬
‫التونسيين‪.‬‬
‫ّ‬
‫االجتماعية وسياسة التمييز الذي توخاها "اتحاد النقابات الفرنسية" في تنامي‬ ‫‪ -‬ساهمت هذه التناقضات‬
‫العمال التونسيين بهذه التناقضات وبضرورة تكوين منظمة ّ‬
‫نقابية تدافع على مصالحهم‪.‬‬ ‫وعي ّ‬
‫عمال الرصيف ‪:‬‬‫➢ إضرابات ّ‬
‫عمال الرصيف بالعاصمة يوم ‪ 13‬أوت‬ ‫شهدت صائفة ‪ 1924‬موجة من االضطرابات انطلقت بإضراب ّ‬
‫‪ 1924‬حيث قدم العمال املطالب التالية‪ :‬املساواة في األجر مع عملة الرصيف بمرسيليا‪ ,‬زيادة ‪ % 50‬عن‬
‫العمل أيام األعياد‪ ,‬زيادة ‪% 38‬عن العمل في الليل‪ ,‬زيادة ‪ 4.50‬فرنك للساعة الزائدة الواحدة على قانون ‪8‬‬
‫ثم امتدت‬‫ساعات في اليوم( رفضت شركات الشحن هذه املطالب فتقرر االضراب يوم ‪ 13‬أوت ‪ّ )1924‬‬
‫حركة االضرابات إلى منطقة بنزرت(اعتقال محمد الخميري وهو ادى الى مظاهرات اسفرت عن شهيدين و‬
‫عدد كبير من الجرحى)‪ .‬وقد رفضت السلط مطالب املساواة في األجور بين التونسيين والفرنسيين‪.‬‬
‫➢ تأسيس جامعة عموم العملة التونسية‪:‬‬
‫عمال الرصيف‪.‬‬‫محمد علي الحامي لتسيير إضرابات ّ‬
‫‪ -‬تأسست "لجنة دعاية" برئاسة ّ‬
‫العمال لتساهم في بعث ّ‬
‫عدة نقابات في العاصمة ( ّ‬ ‫ّ‬
‫استغلت "لجنة الدعاية" موجة احتجاجات ّ‬
‫عمال‬ ‫‪-‬‬
‫الرصيف‪ ,‬السكك الحديدية‪ ,‬الترامواي‪.)...‬‬
‫‪ّ -‬توج نشاط اللجنة باإلعالن في سبتمبر ‪ 1924‬عن تأسيس " جامعة عموم العملة التونسية" وإسناد كتابتها‬
‫ّ‬
‫العامة إلى محمد علي الحامي‪.‬‬
‫‪ -‬شرع قادة الجامعة (الحامي‪ ,‬املختار العياري‪ ,‬أحمد بن ميالد‪ )...‬في عقد االجتماعات وتأسيس املزيد من‬
‫النقابات ( نقابة شركة صفاقس‪ ,‬قفصة للفسفاط‪ ,‬عمال الرصيف بصفاقس‪)..‬‬
‫❖ ب‪-‬ردود فعل مختلف االطراف‪:‬‬
‫* موقف النقابات الفرنسية وسلطة الحماية من الجامعة‪:‬‬
‫العمال‪ .‬ولكنه في الحقيقة كان ضدّ‬
‫‪ -‬ناهض " اتحاد النقابات الفرنسية " الجامعة بدعوى أنها تمثل ضربا لوحدة ّ‬
‫املساواة في األجور وتحالفها مع الشيوعيين‪.‬‬
‫‪ -‬اتفقت سلطة الحماية مع " اتحاد النقابات الفرنسية " في اعتبار الجامعة خطرا يهدد املصالح االستعمارية فلم‬
‫تعترف بها وألصقت بقادتها التهم واعتبرتهم يعملون في خدمة مصالح أملانيا واالتحاد السوفياتي وحاكمتهم بتهمة التآمر‬
‫على أمن الدولة(نفي محمد علي الحامي و مختار العياري عن التراب الفرنس ي و توابعه ملدة عشر سنوات في نوفمبر‬
‫‪)1925‬‬

‫* موقف الحزب الحر الدستوري التونس ي من الجامعة‪:‬‬


‫ساند الدستوريون الجامعة عند نشأتها وفتح لها مقراته االجتماعية وصحفه لكنهم سرعان ما تخلوا عنها أمال في‬
‫الحصول على إصالحات‪ ,‬من خالل اإلمضاء على تصريح مشترك مع االشتراكيين واإلصالحيين التونسيين (فيفري‬
‫" ‪ )1925‬يدعون فيه ّ‬
‫العمال التونسيين بالعودة إلى " اتحاد النقابات الفرنسية‬

‫أفضت كل هذه املواقف إلى عزلة الجامعة وانحاللها غير أنها مثلت رافدا من روافد الحركة الوطنية وتجربة أسست‬
‫لتجارب نقابية جديدة‪.‬‬

‫النضالية للوطنيين التونسيين خالل عشرينات القرن العشرين؛ فهي لم تفلح في تحقيق‬ ‫تعددت األشكال ّ‬ ‫خاتمة‪ :‬لئن ّ‬
‫هامة من مراحل ّ‬
‫النضال الوطني‪ّ ،‬‬ ‫مثلت مرحلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫أسست لقواعد الحركة‬ ‫أن هذه الفترة‬ ‫طموحات التونسيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوطنية التونسية ّ‬
‫ومهدت ملزيد تجذر العمل الوطني في الثالثينات‪.‬‬
‫تونس في الثالثينات‪:‬‬
‫مقدمة‪ :‬إزدادت أوضاع التونسيين ترديا بسبب تداعيات أزمة الثالثينات وهي أزمة دخيلة مما عمق التناقضات‬
‫بينهم وبين الجالية الفرنسية‪ ،‬إضافة إلى ما صاحب السياسة الفرنسية من استفزازات‪ ،‬ساهمت هذه الظروف‬
‫الجديدة في تجذر الحركة الوطنية تنظيميا و مطلبيا و من حيث أشكال النضال‪.‬‬
‫فماهي خصائص ظرفية الثالثينات؟‬
‫وماهي مظاهر تطور الحركة الوطنية في هذه الفترة؟‬
‫‪ .I‬ظروف انتعاش العمل الوطني خالل الثالثينات ‪:‬‬
‫‪- .1‬تأزم إقتصادي و إجتماعي‪:‬‬
‫➢ أزمة إقتصادية شاملة‪ :‬تعاقبت على تونس خالل الثالثينات أزمتان إقتصاديتان‪:‬‬
‫• أزمة تقليدية‪ :‬إندلعت في بداية الثالثينات (‪ 1930‬و ‪ ) 1932‬إرتبطت بعوامل طبيعية ‪ :‬جفاف‬
‫(‪ )1931-1930‬ثم إنتشار الجراد في شهر مارس ‪1932‬‬
‫الوسط و‬ ‫‪-‬كوارث طبيعية أثرت على قطاع الزراعة و تربية املاشية ‪ :‬إنخفاض االنتاج الزراعي خصوصا في‬
‫الجنوب و نفوق عدد كبير من املاشية‪.‬‬

‫‪-‬إرتفاع أسعار املواد االساسية ( بوادر مجاعة في صفوف الفئات الكادحة)‪.‬‬

‫‪ -‬وضع مالئم النتشار األوبئة (عدد ضخم من الوفيات بسبب الحمى و التيفوس التي انتشرت خاصة في املدن‬
‫الساحلية إضافة إلى إستفحال ظاهرة النزوح الريفي‪.‬‬

‫• أزمة عصرية منذ صيف ‪ :1932‬تواصلت طيلة الثالثينات وهي من تداعيات األزمة االقتصادية‬
‫العاملية‪ :‬غلق فرنسا ألسواقها في وجه املنتوجات التونسية خاصة مع اعتماد فرنسا لنظام‬
‫الحصص في وجه البضائع الواردة عليها من مستعمراتها إضافة إلى إغراق أسواق هذه املستعمرات‬
‫بما في ذلك البالد البالد التونسية بالبضائع األوروبية‬
‫‪-‬أزمة أدت إلى ‪ :‬تكدس فوائض االنتاج الفالحي و املنجمي و انهيار أسعارهذه املنتجات ‪.‬إنخفاض في االسعار إرتبط‬
‫ايضا بتفاقم منافسة السلع األوروبية ملثيالتها التونسية‪.‬‬

‫➢ تأزم إجتماعي‪:‬‬
‫تأثر المجتمع التونسي‬

‫انهيار المقدرة‬
‫تضرر الحرفيين و‬
‫الشرائيةانتشار الفقر‬ ‫تضرر الفالحين من‬ ‫تضرر كبير لفئة‬
‫صغار التجار حيث‬
‫والبؤس و تنامي ظاهر‬ ‫تدكس فوائض االنتاج و‬ ‫العمال ‪ :‬اسفحال‬
‫عجزت بضائعهم‬
‫النزوح الريفي نحو‬ ‫انهيار االسعار و عجزهم‬ ‫البطالة ‪35000 :‬‬
‫عن منافسة‬
‫المدن الكبرى ‪ :‬ظهور‬ ‫عن تسديد ديونهم و‬ ‫عاطل في مدينة‬ ‫البضائع االيطالية‬
‫االحياء القصديرية‬ ‫مصادرة اراضيهم‬ ‫تونس سنة ‪1935‬‬ ‫و الفرنسية‬
‫تصاعد وتيرة الغضب و العنف لدى التونسيين‪ :‬نهب املخابز بتونس و باجة و القيروان سنة ‪ 1934‬الى‬
‫جانب احتجاجات الشواشين و املزارعين امام االقامة العامة‬
‫‪- .2‬السياسة الفرنسية في بداية الثالثينات ‪:‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية والدينية‬ ‫مست مشاعر التونسيين‬ ‫تحدي املشاعر الوطنية والدينية للتونسيين‪ :‬تنظيم تظاهرات ّ‬ ‫سياسة ّ‬
‫*‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم املؤتمر األفخرستي من ‪ 6‬إلى ‪ 11‬ماي‪ :1930‬إحتفال ديني مسيحي فيه تحد للمشاعر الدينية للتونسيين‬
‫‪-‬نقمة الشعب خاصة مع حضور الباي وشيخ االسالم و املفتي الكبير ضمن الهيئة الشرفية للمؤتمر و قيام الشبان‬
‫املسيحيين باستعراض في شوارع العاصمة و في ذلك تحدي للشعور الديني للمسلمين‬
‫‪-‬ردود فعل عنيفة ‪ :‬إضراب "عملة الرصيف ببنزرت و تونس"‪,‬و"طلبة الزيتونة و الصادقية و العلوية" ‪ ,‬تواصل‬
‫االحتجاجات إلى ‪ 13‬ماي ‪.1930‬‬
‫ّ‬
‫بخمسينية الحماية في ‪ 12‬ماي‪ :1931‬تعبرعن إرادة البقاء الفرنسية (كلفت امليزانية ‪ 300‬مليون فرنك‬ ‫‪ -‬االحتفال‬
‫في وقت كانت فيه البالد تشهد حالة مجاعة)‬
‫قضية التجنيس‪ :‬سعت فرنسا إلى تعزيز حضورها البشري في تونس و ضرب الهوية التونسية بإصدار قانون‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫التجنيس سنة‬
‫‪1923‬تحول التجنيس إلى قضية سياسية و دينية والى سبب للمصادمات بين األهالي( في بنزرت و صفاقس) والسلطات‬
‫الفرنسية ‪ ،‬حيث رفض السكان املسلمون بشدة دفن املتجنسين في مقابرهم‪.‬‬
‫‪-‬نجاح "جماعة العمل التونس ي" في تعبئة الرأي العام (تدعم دورهم خاصة بعد انضمامهم الى الجنة التنفيذية‬
‫للحزب الحر الدستوري)‪.‬‬
‫‪ .3‬تكثف النشاط الثقافي والجمعياتي‪:‬‬
‫‪-‬تحدت الصحافة الوطنية القوانين االستثنائية الصادرة سنة ‪ : 1926‬صدرت بالفرنسية ومن أهمها جريدة "صوت‬
‫التونس ي" (‪ )1930‬و جريدة "العمل التونس ي" التي جمعت حولها نخبة من الشبان الوطنيين الذين تلقوا ثقافة‬
‫عصرية ومنهم محمود املاطري والحبيب بورقيبة‪.‬‬

‫‪ -‬بروز نهضة أدبية وفكرية تحررية مجددة كان انتاجها الفكري واألدبي معبرا عن قضايا الشعب وهمومه ومن رموز‬
‫هذه النهضة الطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي ومحمد بيرم التونس ي‪...‬‬

‫‪ -‬نشطت الجمعيات الثقافية واألدبية والشبابية وفي مقدمتها جمعيتي قدماء الصادقية والخلدونية وجماعة مقهى‬
‫تحت السور‪.‬‬

‫‪ .II‬تطور الحركة الوطنية في الثالثينات‪:‬‬


‫‪- .1‬النضال السياس ي‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬إنتعاش العمل الوطني‪ :‬إنعقاد مؤتمر نهج الجبل (ماي ‪ :)1933‬عكست جلسات هذا املؤتمر‬
‫الروح الجديدة التي بدأت تدب في صفوف قيادة الحزب الحر الدستوري والحركة الوطنية عموما‬
‫‪ -‬على مستوى الهيكلة ‪ :‬دخول جماعة العمل التونس ي في اللجنة التنفيذية (جماعة من الشباب املثقف العائد من‬
‫فرنسا نشطت في بداية الثالثينات و خاصة في قضية التجنيس)‬
‫‪ -‬على مستوى البرنامج‪ :‬القطيعة مع االعتدال (برنامج التسع نقاط) وتبني نهج تصعيد على املستوى السياس ي‬
‫ّ‬
‫خاصة‪ :‬املطالبة ببرملالن تونس ي عوضا للمجلس التفاوض ي املشترك و بحكومة تونسية مسؤولة أمامه‪.‬‬
‫❖ ب‪-‬تأسيس الحزب الحر الدستوري الجديد ونشاطه‪:‬‬
‫‪-‬طفت على السطح بوادر االنشقاق داخل قيادة الحزب بين األعضاء القدامى ( أحمد الصافي‪,‬صالح فرحات‪,‬محي‬
‫الدين القليبي) الذين طالبوا بتجنب املواجهة ودعوا إلى التريث وتهدئة الوضع وجماعة "العمل التونس ي" الذين دعوا‬
‫إلى تشريك الجماهير في النضال وضرورة تصعيده للضغط على فرنسا رغم اتفاق الطرفين على برنامج ‪( 1933‬مقررات‬
‫مؤتمر نهج الجبل)‬

‫‪ -‬غادرت الجماعةالجديدة اللجنة التنفيذية وأصبحت تطالب بعقد مؤتمر استثنائي للحزب لحسم الخالف‪ .‬وهكذا‬
‫انعقد مؤتمر قصر هالل يوم ‪ 2‬مارس ‪ّ 1934‬‬
‫وقرر‪:‬‬

‫‪-‬حل اللجنة التنفيذية للحزب وتعويضها بديوان سياس ي على رأسه محمود املاطري رئيسا والحبيب بورقيبة ‪,‬كاتبا‬
‫عاما ‪.‬‬

‫‪ -‬الدعوة الى تطوير طرق عمل الحزب‪...‬‬

‫‪-‬امام تمسك اللجنة التنفيذية القديمة بشرعيتها انقسم الحزب الحر الدستوري إلى حزبين قديم ( اللجنة‬
‫التنفيذية)وجديد( الديوان السياسيي)‬

‫‪ -‬عملت السلطات الفرنسية على تغذية االنشقاق داخل الحزب الحر الدستوري غير أن تدعم مكانة الحزب الجديد‬
‫و تزعمه للحركة الوطنية دفع املقيم العام الجديد مارسيل بيروطون ( نهاية ‪ 1933‬إلى سنة ‪ )1936‬الى انتهاج‬
‫سياسة قمعية حيث أقدم على‪:‬‬

‫*قمع قيادة الحزب الجديد و نفيها إلى برج البوف‬

‫*قمع املتظاهرين بتونس و صفاقس و الساحل و نفي القيادات الجديدة للحزب الجديد ( الدواوين السياسية‬
‫املتتالية) إلى الجنوب التونس ي‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد االضطرابات واملظاهرات (أحداث العاصمة و املكنين سنة ‪ )1935‬املطالبة باطالق سراح قادة الحزب املبعدين‬
‫وهو ما أثبت فشل سياسة القمع البيروطوني لتضطر فرنسا إلى تعديل سياستها في البالد التونسية منذ سنة ‪.1936‬‬

‫❖ ج‪-‬دخول الحزب الجديد في تجربة حوار مع حكومة الجبهة الشعبية‪:‬‬


‫‪-‬انتهاج فرنسا سياسة لينة مع حكومة الجبهة الشعبية برئاسة ليون بلوم‬
‫‪-‬تعيين مقيم عام جديد تحرري و هو أرمان قيون الذي أطلق سراح قيادات الحزب الجديد‬
‫‪-‬رفع الرقابة عن الصحافة‬
‫‪-‬السماح بالنشاط السياس ي لألحزاب الوطنية‬
‫‪-‬ظرفية جديدة استغلها الحزب الجديد فدعم نشاطه داخل البالد (ارتفاع عدد شعبه إلى ما يقارب ‪ 400‬شعبة)‬
‫‪-‬عقد الحزب الجديد ملجلسه امللي في جوان ‪ 1936‬وتقديم مطالب معتدلة‪.‬‬
‫‪-‬سفر "بورقيبة وسليمان بن سليمان" إلى فرنسا ومقابلة "بيار فيانو" وتقديم مطالب معتدلة تحترم معاهدة باردو التي‬
‫تقر بالسيادة التونسية‪.‬‬
‫‪-‬تعبير الحوكمة الفرنسية على لسان كاتب الدولة املساعد لوزير الخارجية املكلف بشؤون تونس و املغرب االقص ى‬
‫"بيار فيانو "عن تفهما ملطالب التونسيين و إعترافه بضرورة إجراء إصالحات النقاذ مكانة فرنسا في تونس‪.‬‬
‫لم تدم تجربة الحوار بين الحزب الجديد و سلط الحماية طويال خاصة أمام معارضة املتفوقين لتعود فرنسا إلى‬
‫سياستها القمعية‪.‬‬

‫❖ د‪-‬فشل تجربة الحوار ‪ :‬تصعيد مقابل التصعيد‪:‬‬


‫‪-‬التنكر للوعود نتيجة الحملة التي ّ‬
‫شنها املتفوقون من غالة االستعمار و كبار املالكين والشركات الفرنسية املتمسكين‬
‫بامتيازاتهم‬

‫‪-‬سقوط حكومة الجبهة الشعبية في جوان ‪1937‬‬

‫‪ -‬خيبة أمل الحزب الدستوري الجديد وعقد املؤتمر الثاني بنهج التريبونال بتونس من ‪30‬أكتوبر إلى ‪ 02‬نوفمبر‬
‫‪ :1937‬تدعم مكانة التيار الراديكالي داخل الحزب (سليمان بن سليمان‪ ،‬الهادي نويرة‪ ،‬صالح بن يوسف وعلي‬
‫البلهوان) الذي يقر بأن الوقت حان للمعركة الكبرى "معركة االستقالل "‬

‫‪-‬أقر هذا املؤتمر االضراب العام يوم ‪ 20‬نوفمبر ‪ 1937‬و هو مؤشر على تعزيز موقع الجناح الراديكالي داخل الحزب‬
‫(استقالة محمودة املاطري من رئاسة الديوان السياس ي للحزب كردة فعل على هذا التصعيد ( يمثل التيار املعتدل))‬

‫❖ ه‪-‬أحداث ‪ 9‬أفريل ‪:1938‬‬


‫تجذر النضال السياس ي ‪ :‬من مظاهره القدرة على التعبئة وتصعيد النضال تجاه السياسة القمعية الفرنسية ‪:‬‬

‫*تعدد املظاهرات و االحتجاجات في بداية سنة ‪: 1938‬‬


‫*إنعقاد املجلس امللي للحزب الجديد (‪ 13-14‬مارس ‪ : )1938‬إقتراح التيار الراديكالي تنظيم مظاهرات و الحث على‬
‫العصيان املدني و العسكري‪.‬‬
‫*تكثيف الدعاية في األوساط الطالبية‪ :‬إضراب تالميذ الصادقية على إثر فصل األستاذ علي البلهوان عن عمله‪.‬‬
‫*رد الحزب على اعتقال سلط الحماية للعشرات من قادة الحزب بإقرار االضراب العام‬
‫يوم ‪ 8‬أفريل ‪ : 1938‬إنتظام مظاهرة عارمة قادها كل من املنجي سليم و علي البلهوان في إتجاه االقامة العامة‪ :‬طالبت‬
‫بـ ‪ :‬برملان تونس ي‪,‬حكومة تونسية و بسقوط االمتيازات‪.‬‬

‫إيقاف السلطات الفرنسية لعلي البلهوان اثر مظاهرة ‪ 8‬افريل ‪1938‬‬

‫أحداث ‪ 9‬أفريل‪ :‬تجمهر الناس أمام قصر العدالة تضامنا مع علي البلهوان الذي تمت دعوته للتحقيق ‪ ,‬أطلقت‬
‫قوات األمن النار فاندلعت الثورة و أودت بسقوط ‪ 22‬شهيد و‪ 150‬جريح‪.‬‬

‫أعلنت سلطات الحماية الحصار و قررت حل الحزب الجديد و تعطيل كل الصحف الوطنية وتقديم عشرات‬
‫الوطنيين الى املحاكمة بتهمة التامر على أمن الدولة من بينهم الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫‪- .2‬إحياء العمل النقابي ‪ :‬جامعة عموم العملة التونسية الثانية‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬ظروف نشأتها‪:‬‬
‫‪-‬تدهور أوضاع العمال التونسيين نتيجة التأزم االقتصادي واالجتماعي املرتبط بأزمة الثالثينات‪.‬‬

‫‪-‬إقرار حرية العمل النقابي بتونس بمقتض ى أمر ‪ 12‬نوفمبر ‪.1932‬‬

‫‪-‬سياسة املقيم العام الجديد "أرمان قيون" التحررية التي تأكدت مع وصول حكومة الجبهة الشعبية إلى الحكم في‬
‫فرنسا‪.‬‬

‫‪-‬في ‪27‬جوان ‪ 1937‬عقد املؤتمر التاسيس للجامعة و الذي أفرز مكتب نقابي برئاسة بلقاسم القناوي‪.‬‬

‫❖ ب‪-‬نشاط الجامعة‪:‬‬
‫‪-‬العمل على تحسين ظروف العمال من خالل املطالبة بتمكين العمال التونسيين من التشريعات االجتماعية التي‬
‫أقرتها "الجبهة الشعبية" ( أسبوع بـ ‪ 40‬ساعة عمل‪ ,‬عطل خالصة األجر‪)...‬‬
‫‪ -‬النجاح في تأطير ّ‬
‫عمال القطاعات االقتصادية (‪ 45‬نقابة )ودفعهم إلى القيام بإضرابات نذكر من أهمها إضراب‬
‫عمال الفسفاط باملضيلة واملتلوي في مارس ‪ 1937‬و الذي ادى الى سقوط عشرات الشهداء‪.‬‬ ‫ّ‬
‫❖ ج‪-‬عالقة الحزب الحر الدستوري الجديد بالجامعة‪:‬‬
‫‪-‬تشكلت جامعة عموم العملة التونسية الثانية في مرحلتها االولى بعيدا نسبيا عن اهتمام الحزب الجديد الذي لم‬
‫يكن متحمسا لبروزها في فترة الحوار مع حكومة الجبهة الشعبية‪.‬‬

‫‪-‬في مرحلة ثانية وجدت الجامعة الدعم من قبل الحزب الجديد الذي كان يسعى الى استغالل قدرتها على التعبئة‬
‫خاصة بعد فشل تجربة الحوار و عودة فرنسا الى سياستها القمعية من جديد‪.‬‬

‫‪-‬سرعان ما نشب الخالف بين "الجامعة و الحزب" نتيجة سياسة القناوي التي تقوم على استقاللية الجامعة عن كل‬
‫نشاط سياس ي و التركيز على حقوق العمال(من ذلك رفض املشاركة في االضراب السياس ي الذي دعا اليه الحزب‬
‫احتجاجا على القمع االستعماري في الجزائر و املغرب(‪ 20‬نوفمبر ‪.))1937‬‬

‫‪ -‬مع انعقاد املؤتمر الثاني للجامعة (‪ 29‬جانفي ‪ )1938‬إقتحم " الهادي نويرة‪,‬النجي سليم‪,‬صالح بن يوسف وغيرهم‪...‬‬
‫مكان املؤتمر و تمكنوا من تغيير مكتب الجامعة ليصبح الهادي نويرة كاتبه العام‪.‬‬

‫استغالل السلطات الفرنسية لهذا الصراع لتقوم بحل نقابات بنزرت املوالية للحزب في مرحلة اولى في فيفري ‪1938‬‬
‫و في صائفة ‪ 1938‬كانت نهاية التجربة النقابية الثانية‪.‬‬

‫خاتمة‪ :‬بعد أحداث ‪ 9‬افريل دخلت الحركة الوطنية مرحلة ركود جديدة لكن الحزب الجديد اكتسب قدرا هاما من‬
‫املرونة السياسية ومن القدرات التعبوية مما مكنه الحقا من تجذير مواقفه خاصة في ظل املتغيرات التي أحدثها‬
‫الحرب العاملية الثانية‪.‬‬
‫الدرس ‪ :‬تونس أثناء الحرب العاملية الثانية‬
‫تحولت البالد التونسية منذ نوفمبر ‪ّ 1942‬‬
‫وحتى ماي ‪ 1943‬إلى ساحة للمعارك بين املحور والحلفاء ‪ .‬ولكن‬ ‫مقدمة ‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫اليومية ‪ ،‬بقدر ما انفتحت أمام الوطنيين آفاق جديدة للنضال ‪ ،‬خاصة بعد انكسار‬ ‫بقدر ما تفاقمت معاناة السكان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تونسية تجاه سلطة الحماية‪.‬‬ ‫فرنسا في الحرب وتولي املنصف باي العرش وإصراره على إثبات وجود سلطة‬

‫فماهي خصائص هذه الظرفية الجديدة؟‬

‫وماهي التطورات التي عرفتها الحركة الوطنية التونسية خالل هذه الفترة؟‬

‫‪ .1‬الظرفية الداخلية و الخارجية‪:‬‬


‫‪ .1‬الظرفية الداخلية‪:‬‬
‫أ) حملة »تونس« ومضاعفاتها الخطيرة على السكان‪:‬‬
‫ّ‬
‫تحولت تونس من نوفمبر ‪ 1942‬إلى ماي ‪ ( 1943‬ملدة ‪ 6‬أشهر ) إلى مسرح للمعارك بين قوات املحور‬‫دون رغبة منها ّ‬
‫والحلفاء ‪ .‬ففي يوم ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1942‬في إطار عملية ” تورش“ ّ‬
‫تم إنزال قوات الحلفاء في ّ‬
‫كل من الجزائر و املغرب وذلك‬
‫بهدف "تطهير" شمال افريقيا من املحور وفتح جبهة جنوبية باتجاه أوروبا‪.‬‬
‫التصدي لجيوش الحلفاء التي كانت ّ‬
‫تتقدم نحو تونس من الجزائر غربا ( الجيش األمريكي و‬ ‫ّ‬ ‫حاولت قوات املحور‬
‫األنجليزي ) ومن ليبيا جنوبا ( جيش أنجليزي ) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫املمتدة على طول خط مارث و إرغامها على اإلستسالم بجهة الوطن‬ ‫تمكنت قوات الحلفاء من اختراق الجبهة األملانية‬
‫أن ” مفتاح القبض على املحور ّ‬
‫يمر عبر تونس ” كما اعتبر‬ ‫القبلي في ‪ 12‬ماي ‪.1943‬اعتبرت الصحافة البريطانية ّ‬
‫تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن اإلنتصار في ” حملة تونس ” ال ّ‬
‫يقل أهمية عن اإلنتصار السوفياتي في معركة‬
‫ّ‬
‫العمليات الحربية ألحقت أضرارا جسيمة بالبالد التونسية من ذلك‪:‬‬ ‫ستالينغراد‪ .‬لكن هذه‬

‫‪-‬سقوط عدد كبيرا من الضحايا بين السكان واملدنيين‪.‬‬

‫‪-‬إتالف آالف املباني السكنية وتدميرها وتشريد حوالي ‪ 120000‬شخص ‪ .‬خسائر فادحة في البنية األساسية مثل‬
‫املوانيء والطرقات واملستودعات‬

‫‪ -‬تراجع اإلنتاج الفالحي والصناعي وتقلص الواردات فطرحت بشدة مشكلة التموين في ضل ارتفاع األسعار وانتشار‬
‫السوق السوداء مما أدى إلى تدهور مستوى عيش السكان ‪.‬‬

‫ب‪ /‬صعود املنصف باي إلى الحكم واملصالحة بين العرش والشعب‪:‬‬
‫اعتلى املنصف باي العرش في ‪ 19‬جوان ‪ ( 1942‬خلفا ألحمد باي الذي ّ‬
‫تميز حكمه بالخنوع واإلنصياع التام لألوامر‬
‫الفرنسية ) وكان معروفا بميوله الوطنية فقد سعى منذ شبابه إلى ربط الصلة بين والده محمد الناصر باي‬
‫والدستوريين ‪ .‬وسيساهم عهده في انتعاش كبير للنضال الوطني ‪ ،‬وتتجلى إسهاماته في الحركة الوطنية في النقاط‬
‫التالية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫للشورى يتركب من مستشارين مخلصين للوطن ّ‬
‫للبت في القوانين التي تعرضها عليه اإلدارة الفرنسية‬ ‫‪ -‬إنشاء مجلس‬
‫ّ‬
‫كثف زياراته لألسواق واملؤسسات وقام بإلغاء عادة تقبيل اليد ّ‬
‫وعوضها باملصافحة كما أبدى تعاطفا مع الحركة‬ ‫‪-‬‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫ّ‬
‫مذكرة إلى الحكومة الفرنسية ّ‬ ‫‪-‬طالب باإلفراج عن زعماء الحركة الوطنية ّ‬
‫ضنها جملة من‬ ‫ووجه في أوت ‪1942‬‬
‫ّ‬
‫الوطنية( ‪ 16‬مطلبا) أهمها‪:‬‬ ‫املطالب‬

‫*تكوين مجلس تشريعي استشاري‪.‬‬

‫*تمكين التونسيين من جميع الوظائف وإقرار التعليم اإلجباري‪.‬‬

‫* إلغاء العمل بأمر ‪13‬نوفمبر‪1898‬القاض ي بتدويل أراض ي األوقاف‪.‬‬

‫أغلب هذه املطالب كان رفعها الدستوريون منذ العشرينات وتعكس تواصل العرش مع مطالب الحركة الوطنية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬في جانفي ‪ 1943‬شكل املنصف باي وزارة وطنية – دون استشارة املقيم العام( املقيم العام لحكومة فيش ي االميرال‬
‫ّ‬
‫للداخلية وصالح فرحات ( الكاتب العام للحزب‬ ‫بيار استيفا) – ترأسها محمد شنيق وبمشاركة محمود املاطري كوزير‬
‫توجه الباي نحو توحيد صفوف الوطنيين‪ .‬وقد اتخذت هذه الوزارة‬ ‫الدستوري القديم ) كوزير للعدل ‪ .‬ويؤكد ذلك ّ‬
‫عدة قرارات لحماية التونسيين منها تمكين املوظفين التونسيين من منحة ” الثلث االستعماري“ و الغاء امر ‪1898‬‬
‫املتعلق باراض ي االحباس ‪...‬وهو بذلك ّلبى مطلبا من املطالب القارة التي رفعتها الحركة الوطنية منذ العشرينات ‪.‬‬
‫ّ‬
‫حياديا خالل الحرب وطالب ببقاء تونس خارج النزاع‪.‬‬ ‫‪ -‬اتخذ موقفا‬

‫رغم هذا املوقف الحيادي ‪ ،‬قامت السلط الفرنسية(فرنسا الحرة) حاملا استرجعت سلطتها في تونس بعزل املنصف‬
‫حد لسياسته‬ ‫باي بتهمة التعاون مع املحور و نفيه في ‪ 14‬ماي ‪ . 1943‬وفي الواقع تتمثل الغاية من خلعه في وضع ّ‬
‫تهدد النظام االستعماري ومثلت قاعدة صلبة لتوحيد العمل الوطني وتوسيعه ‪.‬توفي املنصف‬‫التحررية التي أصبحت ّ‬
‫ّ‬
‫باي في منفاه بمدينة ”بو“ بجنوب فرنسا في ‪1‬سبتمبر‪.1948‬‬

‫ج‪ /‬التسلط االستعماري‪:‬‬

‫‪-‬منذ بداية الحرب انتهجت فرنسا سياسة قمعية بتونس من مظاهرها‪ :‬إلغاء الحريات العامة وتضييق الخناق على‬
‫النشاط الوطني وتشديد الرقابة على الصحف وتعطيل بعضها كصحيفة (تونس الفتاة)‪ ،‬كما قامت بنقل الزعماء‬
‫الدستوريين املعتقلين الى سجن سان نيكوال بمرسيليا‪ ،‬إيقاف القيادات الدستورية الجديدة و تكثيف عمليات‬
‫التجنيد التي شملت أكثر من ‪ 40000‬شخص‪.‬‬

‫وزج أكثر من ‪ 10000‬شخص في السجون‬ ‫‪ -‬تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ‬
‫بتهمة التعاون مع املحور ( وهي التهمة التي الصقت باملنصف باي)‪ .‬وقد أثارت هذه السياسة االنتقامية إحتجاجات‬
‫واسعة وحركات ّ‬
‫تمرد في بعض الجهات (زرمدين رأس الجبل)‪.‬‬
‫‪-‬تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ‬
‫وزج أكثر من ‪ 10000‬شخص في السجون‬
‫بتهمة التعاون مع املحور‪.‬‬
‫التمرد التي ّ‬
‫جدت في‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬أثارت هذه السياسة اإلنتقامية احتجاجات واسعة النطاق ردود فعل عنيفة ّ‬
‫لعل أهمها حركات‬
‫بعض الجهات مثل زرمدين ورأس الجبل واملرازيق ‪...‬‬

‫ساهمت كل هذه الظروف في انتعاش العمل الوطني‬


‫ّ‬
‫‪ .2‬الظرفيةالخارجية‪ :‬هزيمة فرنسا وتقلص نفوذها االستعماري‬
‫ّ‬
‫املحوريون أراضيها وانقسم الرأي العام فيها بين أنصار حكومة « فيش ي» التي‬ ‫‪-‬انهزمت فرنسا في الحرب فاحتل‬
‫نادت بالتعاون مع املحور وبين أنصار الجنرال دي غول الذي دعا الى مواصلة الكفاح‪ .‬أفقد هذا االنقسام بين‬
‫الفرنسيين و فرنسا جانبا كبيرا من إشعاعها الدولي ونفوذها املعنوي داخل املستعمرات‪ ،‬كما شهرت الدعاية‬
‫األملانية بالهزيمة الفرنسية وبإقحام فرنسا الشعوب املغاربية في الحرب ووعدت أملانيا هذه الشعوب بالحرية‬
‫واالستقالل‪.‬‬

‫‪-‬تعرض فرنسا إلى الضغوطات الخارجية التي اثرت على سياستها داخل املستعمرات ‪:‬‬

‫*عمل املحوريون على تقليص نفوذ سلطة الحماية وأطلقوا سراح املعتقلين في مارس ‪( 1943‬الحبيب بورقيبة‪،‬‬
‫صالح بن يوسف‪ )...‬والسماح لهم بمواصلة نشاطهم السياس ي‪.‬‬

‫*بعد طرد املحوريين من تونس أجبر الحلفاء خاصة األمريكيين سلطة الحماية على تعديل سياستها القمعية‬
‫تجاه األهالي‪.‬‬

‫الحركة الوطنية أثناء الحرب العاملية الثانية‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ .1‬انتعاش العمل الوطني‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬بعد أحداث أفريل ‪ 1938‬تحرك الوطنيون سرا فأصدروا املناشير وطالبوا بإطالق سراح املساجين خاصة أنه تم‬
‫اعتقال قيادات الدواوين السياسية املتعاقبة للحزب الدستوري الجديد‪.‬‬
‫خرج العمل الوطني من نطاق السرية الى العلنية بعد اعتالء املنصف باي العرش ودخول جيوش املحور الى‬
‫البالد حيث‪:‬‬
‫* أسس الحزب الجديد منظمات وطنية مثل«كشاف تونس » و «الهالل األحمر التونس ي» وصدرت بعض‬
‫الصحف الوطنية مثل « افريقيا الفتاة » و « الشباب‪»....‬‬
‫* تعاطف عدد من الوطنيين مع املحور ّ‬
‫لكن العديد من الزعماء وخاصة الحبيب بورقيبة وعبد العزيز الثعالبي‬
‫ّ‬ ‫دعوا الى الوقوف مع الحلفاء في حربهم ّ‬
‫ضد النازية حتى تكون القضية التونسية في صف املنتصرين غداة‬
‫الحرب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تكتل“ القوى‬
‫الوطنية‪:‬‬ ‫‪” .2‬‬
‫رص صفوفها خاصة منذ اعتالء املنصف باي العرش في‬ ‫الوطنية منذ سنوات الحرب تعمل على ّ‬‫ّ‬ ‫بدأت الحركة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والدستوريون من الحزبين القديم والجديد‪.‬‬ ‫الوطنيون‬ ‫التونسية التف حوله‬ ‫جوان ‪ ، 1942‬فأصبح رمزا للقيادة‬

‫توحدت صفوف الوطنيين للمطالبة بإرجاع الباي املخلوع ‪،‬‬‫ولم تضعف هذه الحركة بعد خلع املنصف باي بل ّ‬
‫ّ‬
‫املنصفية ” التي لم تكتفي باملطالبة بإرجاع املنصف باي إلى العرش بل‬ ‫أصبحت هذه الحركة تعرف بـ“الحركة‬
‫أخذت أبعادا أوسع ‪،‬إذ عملت منذ خريف‪ 1944‬على صياغة برنامج عمل طالب بمنح البالد استقاللها الداخلي‬
‫ّ‬
‫وإقامة نظام ملكي دستوري ‪.‬وقد شكل هذا البرنامج منطلقا لقيام ” الجبهة الوطنية“ في ‪ 22‬فيفري ‪ 1945‬جمعت‬
‫عبرت مظاهرة ‪8‬ماي ‪ 1945‬بمناسبة انتصار الحلفاء في الحرب‬ ‫كل التيارات والقوى الوطنية التونسية ‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫العاملية الثانية على استعداد كل الفئات التونسية لإلنخراط في النضال الوطني ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظرفية جديدة مالئمة دفعت بالحركة الوطنية نحو مزيد من التجذر على املستوى‬ ‫العاملية الثانية‬ ‫وفرت الحرب‬
‫التنظيمي واملطلبي وعلى مستوى أشكال النضال‪.‬‬

You might also like