Professional Documents
Culture Documents
الحمد هلل مدبرالشهور وألاعوام ،ومصرف الليالي وألايام ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك
له ذو الجالل وإلاكرام ،وأشهد أن دمحما عبده ورسوله املبعوث رحمة لألنام ،صلى هللا عليه وعلى
آله وصحبه وألائمة ألاعالم .
أما بعد ،أيها ألاحبة الكرام ،قبل 0441من هجرة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص كانت أرض الحرمين على موعد مع
حادثة عظيمة ،وقصة مثيرة ،نصرهللا بها الدين ،وقلب بها املوازين ،من منا ال يعرف هذه القصة،
وحرف الهاء الذي يشيرإليها ال يغيب عن أنظارنا ،فهو بجانب كل رقم نؤرخ به أيامنا.
هذا وإن في السيرة لخبرا باهرا ،وإن في الهجرة لعبرا ظاهرة ،وإن في دروسها ملذكرا ،ال أحد ينكرأن
لهذا الحدث العظيم دروس وعبرالبد أن يقف عندها كل مسلم ،ليتعلم منها وليتمعن في النظر
إليها لتكون له نورا ونبراسا في حياته ،وإذا كان من الصعب أن نحصرعدد الدروس التي نستمدها
من الهجرة النبوية الشريفة ،فإننا سنعرض ألهم العبروالدروس ونستخلص تطبيقاتها العملية
لكي تكون لنا نبراسا في حياتنا .فأقول وباهلل التوفيق
الهجرة النبوية تمثل إرادة إلهية ،حيث إنه من املعروف أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص منذ أول لحظة أفضت
السماء له بسرها بأولى آيات الوحي ،واملستقري ألحداث الهجرة يتلمس أهم الدروس التي يجب
الاستفادة منها ،واملتجلية في الصبروتحمل املشقة والصعاب في سبيل تحقيق الهدف ،وما ذكر
يتوقف على:
-قوة إلايمان ؛ ألنها من أهم الدروس املستقاة من الهجرة ،وألن إلانسان الذي يكون إيمانه قوي
باهلل ،وأن املجتمع املتمسك بدينه ،يحفظه هللا تعالى من مكروكيد وأدى أعدائه.
-حسن التخطيط ؛ فمن املؤكد أن هناك دروسا كثيرة للهجرة املباركة ،وهي دروس ستظل باقية
في إطارإلافادة إلى أن يرث هللا ألارض ومن عليها ،ومن بينها حسن التخطيط ألي عمل يقوم به
إلانسان في حياته ،سواء كان صغيرا أو كبيرا .
فالحبيب ملسو هيلع هللا ىلص أحسن التخطيط حينما وزع ألادوار؛ فأبو بكرالصديق كان الصاحب لرسول هللا في
هذه الرحلة .وعلي ابن أبي طالب ينام في فراشه ،ويتغطى ببردته ليلة الهجرة كنوع من التمويه على
املشركين؛ ويقوم علي ابن أبي طالب بعد ذلك برد ألامانات التي كانت عند رسول هللا إلى أهلها من
املشركين.
وكانت إلاشارة إلى دور املرأة والشباب في الهجرة الشريفة ،تمثل ذلك حينما قامت أسماء بنت أبي
بكربحمل الطعام للرسول ملسو هيلع هللا ىلص وألبيها في غارثور.
كما قام عبد هللا بن أبي بكربجمع املعلومات حول ما يريد املشركون فعله ،و إبالغ ذلك للنبي صلى
هللا عليه وسلم.
هذا وال ننس ى دور عامربن فهيرة ،حينما كان يأتي بالغنم ليغطي على آثارقدم النبي ملسو هيلع هللا ىلص وصاحبه
حتى ال يدركه املشركون.
كما اتخذ الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عبد هللا بن أريقط دليال له في طريق الهجرة ،وهو غيرمسلم ،وفي هذا دليل
على أنه تجوز الاستعانة والاستفادة بغيراملسلمين الذين لديهم خبرة في ألامور التي تتحقق بها
الفائدة لإلسالم واملسلمين.
يضاف ملا سبق ،ألاخذ باألسباب والتوكل على هللا؛ وإخالص العمل هلل الواحد ألاحد ،والثقة باهلل
في السراء والضراء ،وثبات أهل إلايمان في املو اقف الحرجة ،ومالزمة الصبرفي جميع أعمالنا ،وأن
من حفظ هللا حفظه ،وأن من ترك شي ا هلل عو ه هللا خيرا منه.
كما عاينا ان نتذكرسلسلة من الدروس في البذل والتضحية ،وفي تقديم محبة هللا ومراده على
محبة املال والوطن والعشيرة ،وأن الوالء هلل تعالى والانتصارلدينه .
والو اقف على كل تلك الدروس والعبراملستفادة من هجرة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص بدفعه الفضول لكيفية
تطبيقها في حياتنا من أجل بناء أمة إسالمية عالية الشأن ،ويتمثل أهم تطبيقات الهجرة في:
-العمل على تنمية طاقات الشباب ودفعهم إلى ألامام ،واستغالل ما بداخلهم من طاقة عظيمة
تمكنهم من تغييرالو ع الحالي؛ ومنها :
-الرفع من شأن املرأة وحثها على التقدم ،وعدم إلاقالل من شأنها في املجتمع ،فهي التي بإمكانها أن
تخرج لنا دعائم لبناء أمة إسالمية قوية ،تعمل على رفع راية إلاسالم عالية.
-الالتحام والتعاون فيما بين املسلمين ،والثبات أمام ألازمات ،والحرص الدائم أن يكون هدفنا
واحد ،نسعى دائما من أجل الوصول إليه ،وأن يتخلى عن روح العصبية التي قد تؤدي إلى
الانقسام.
-أن يتذكرشبابنا أن الصبردائما تكون نهايته سعيدة ،إال أنه يجب أن يكون مصحوبا بالتوكل على
هللا ،وألاخذ باألسباب.
-أن نضع ثقتنا في هللا ،وأن نكون على يقين تام بأن هللا سبحانه وتعالى سيخرجنا من حالنا هذا،
كما أخرج رسوله ملسو هيلع هللا ىلص من ظالم الجاهلية إلى نور إلاسالم؛ وبعد كل هذا أقول لك:
هل أنت مهاجراليوم؟ فهاجرمن سوء إلى حسن ،ومن حسن إلى أحسن؛ هاجرمن الجسد إلى
الروح؛ هاجرمن الحسد إلى الحب؛ هاجرمن الذنوب إلى إلى التوبة؛ هاجرمن الكذب إلى الصدق؛
هاجرمن الجهل إلى العلم؛ هاجرمن التشرذم والتفرق إلى الوحدة والتماسك.
وفي الختام ،أصلي وأسلم على من أالن لنا خشونة الحياة ،و أبان لنا طريق النجاة ،و أنارلنا
ظلمات ألارض ،وهدانا إلى الصراط املستقيم ،وما تضمنته هذه الكلمات فيه قصد كل لبيب ،وما
توفيقي إال باهلل ،عليه توكلت وإليه أنيب .