You are on page 1of 58

‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬

‫‪1‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمةـ‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على سيدنا محمد‬
‫وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫بين يديك يا طالب العلم شرح الصيام للشيخ‬
‫الفقيه الفاضل‬
‫أ‪.‬د خالد بن علي المشيقح‬
‫حفظه الله وبارك فيه أينما حل وارتحل‬
‫وهي عبارة عن دروس علمية ألقاها الشيخ‬
‫لطلبته‬
‫عـــــام ‪1427‬هـ‬
‫وقام الخأ الفاضل الشيخ‬
‫أبوهيثم الصبحي‬
‫على تفريغ الدروس كما هي عادته‬
‫فجزاه الله خيرا على ما قام به‬
‫فقمت مستعينا بالله على إعداده مع أم‬
‫عبدالله‬
‫أسأل الله أن ل يحرمنا الجر والمثوبة‬
‫كتبه‬
‫محمد بن عبدالله الشنو‬

‫كتاب الصيام‬
‫الصيام لغة ‪ :‬مجرد المساك ‪.‬‬
‫ﭟﮊ مريم‪:‬‬ ‫يقال للساكت صائم لمساكه عن الكلم ‪ ،‬ومنه ‪ :‬ﮋ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫‪. ٢٦‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪2‬‬

‫شرعا ً ‪ :‬التعبد لله عز وجل بالمساك عن المفطرات من طلوع الفجر‬


‫الثاني إلى غروب الشمس ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬متى فرضض الصيام ؟‬
‫في السنة الثانية من الهجرة ‪.‬‬
‫قال ابن حجر ‪ :‬في شعبان ‪.‬‬
‫ً‬
‫فصام رسول الله ‪ r‬تسع رمضانات إجماعا ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما حكم صيام رمضان ؟‬
‫واجب دل على وجوبه القرآن والسنة والجماع ‪.‬‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫أما القرآن قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰﮊ البقرة‪. ١٨٣ :‬‬
‫أما السنة فحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬بني‬
‫السلم على خمس إلى أن قال وصوم رمضان (( ‪.‬‬
‫والجماع منعقد على وجوب صيام رمضان ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل كان صيام رمضان مفروضا ً على المم السابقة ؟‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ البقرة‪. ١٨٣ :‬‬ ‫نعم كما قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ‬
‫وقد ذكر بعض العلماء بأن الصيام مفروضا ً من لدن نوح عليه السلم ‪،‬‬
‫وهذا دليل على عظم هذا الركن وأنه محبوب عند الله ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬شرعيت الصيام مرت على ثلثا مراحل ما هي ؟‬
‫‪ -1‬إيجاب صيام يوم عاشورا ‪ ،‬ثم بعد ذلك نسخ ‪.‬‬
‫‪ -2‬ففرض الصيام على التخييرض بين أن يصوم رمضان وبين أن يفطر‬
‫ﮃ ﮄ‬ ‫ويطعم عن كل يوم مسكينا ً ‪ ،‬ويدل لذلك قول الله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮁ ﮂ‬
‫ﮅ ﮆ ﮊ البقرة‪. ١٨٤ :‬‬
‫‪ -3‬تعين صيام رمضان لقوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ البقرة‪.١٨٥ :‬‬
‫قال المؤلف رحمه الله ‪:‬‬
‫" يجب صوم رمضان برؤية هلله "‬
‫دلت الشريعة على وجوب الصوم بواحد من أمرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬رؤية هلله والضمير يعود على هلل رمضان ‪ ،‬ويدل لهذا القرآن‬
‫والسنة والجماع ‪.‬‬
‫أما القرآن فقول الله عز وجل ‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ البقرة‪. ١٨٥ :‬‬
‫وأما السنة ‪ :‬حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)) صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (( ‪.‬‬
‫والجماع قائم على ذلك ‪.‬‬
‫" فإن لم ير مع صحو ليلة الثلثاين أفطروا وإن حال دونه‬
‫غيم أو قتر أو نحوه وجب صومه بنية رمضان احتياطا ً "‬
‫‪ -2‬إكمال العدة فإذا لم يرى الهلل فإننا نكمل عدة شعبان ثلثين‬
‫يوما ً ‪.‬‬
‫ليلة الثلثين من شعبان ل تخلو من أمرين ‪:‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪3‬‬

‫‪ -1‬أن تكون صحوا ً فبالتفاق ل يجب الصيام ‪ ،‬فماذا علينا ؟‬


‫نكمل عدة شعبان ثلثين يوما ً ‪ ،‬لقوله ‪ )) : r‬صوموا لرؤيته وأفطرواض‬
‫لرؤيته (( ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون ليلة الثلثين من شعبان غير صحو لغيم أو قتر ‪ ،‬فهل يجب‬
‫أن نصوم أم نفطر ؟‬
‫خلفا بين الجمهور والحنابلة ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬الحنابلة يقولون يجب الصوم ‪ ،‬استدلوا بأن هذا وارد عن‬
‫الصحابة كعبد الله ابن عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس‬
‫ومعاوية وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم ‪ ،‬لقوله ‪: r‬‬
‫)) إنما الشهر تسعة وعشرون يوما ً فل تصوموا حتى تروا الهلل ول تفطروا‬
‫حتى تروه فإن غم عليكمض فاقدروا له (( ‪. 1‬‬
‫قال نافع ‪ :‬كان عبدالله بن عمر إذا مضى من الشهر تسعة وعشرون‬
‫يوما ً يبعث من ينظر له الهلل ‪ ،‬فإن رئي فذاك ‪ ،‬وإن لم لم ير ولم يحل‬
‫دون منظره سحاب ول قتر أصبح مفطرا ً ‪ ،‬وإن حال دون منظره سحاب أو‬
‫قتر أصبح صائما ً ‪.‬‬
‫ومعنى ) أقدروا له ( ضيقوا بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين وقد‬
‫فسره ابن عمر بفعله وهو راويه وأعلمض بمعناه ‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ً ‪ :‬أن تلك الليلة حكما ً ظنيا ً بنية رمضان احتياطا ً ‪.‬‬
‫وتفسيرهمض لقول ) أقدرواض له ( أي ضيقوا له احتياطا ً من قوله تعالى ‪ :‬ﮋ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮊ الطلق‪ ، ٧ :‬أي ضيق ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬بقية الحكام ل تحصل إذا حال ليلة الثلثين غيم أو قتر حتى يتم‬
‫الشهر ثلثون يوما ً ‪. 2‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬الجمهور يقولون ل يجب صومه ‪ ،‬واستدلوا بما في‬
‫البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي ‪ r‬قال‪ )) :‬صوموا لرؤيته وأفطروا‬
‫لرؤيته فإن غم عليكمض فأكملوا عدة شعبان ثلثين (( وهذا صريح ‪.‬‬
‫وأيضا ً قوله ‪ )) : r‬فإن غم عليكمض فأكملوا العدة (( ‪.‬‬
‫والشهر إما ثلثون أو تسعة وعشرون ‪ ،‬وهذا القول هو القرب ‪.‬‬
‫وأما فعل ابن عمر ‪ r‬فليس حجة ‪.‬‬
‫قال ابن القيم وغيره ‪ :‬أن ابن عمر كان يأخذ بالتشديدات ل يوافقه‬
‫عليها كثير من الصحابة ‪.‬‬
‫وابن عمر ‪ r‬لم يأمر الناس وإنما أخذه بنفسه ‪.‬‬
‫" ويجزئ إن ظهر منه "‬
‫أي صوم ذلك اليوم ‪ ،‬بمعنى لو صام يوم الثلثين وليلة الثلثين حال دون‬
‫مطلع الهلل غيم أو قتر ثم تبين أنه من رمضان كيف ذلك ؟‬
‫‪ 1‬د)‪ (2320‬وصححه اللباني في صحيح الجامع برقم )‪. (3744‬‬
‫‪ 2‬مثال ذلك لو قال رجل لزوجته أنت طالق إذا دخل رمضان ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ل تطلق حتى يتم‬
‫شعبان ثلثون يوما ً ‪ ،‬أما الصيام فمن باب الحتياط ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪4‬‬

‫رئاه أناس لم يكن عندهم غيم ول قتر ‪ ،‬فالمذهب يقول يجزئ صومهم‬
‫لحتياطهم للعبادة فتصلى التراويح تلك الليلة ‪.‬‬
‫" وإذا رئي في بلد لزم الصوم جميعـ الناس "‬
‫مسألة ‪ :‬إذا رئي في بلد هل يجب الصوم على جميع الناس أم ل ؟‬
‫تسمى هذه المسألة اتحاد المطالع واختلفا المطالع ‪ ،‬واختلفوا فيها‬
‫اختلفا ً كثيرا ً ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬أنه إذا رئي في بلد فإنه يجب على الناس الصيام ول عبرة‬
‫بمطالع الهلل ‪ ،‬واستدلوا بعموم الحديث )) صوموا لرؤيته وأفطروا‬
‫لرؤيته (( ‪.‬‬
‫وقوله تعالى ‪ :‬ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮊ البقرة‪. ١٨٥ :‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬إن ثبت عند المام العظم فيجب الصوم على الجميع ‪،‬‬
‫لنه إذا حكم الحاكم يرفع الخلفا وهناك رئي باعتبار القاليم ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬أن المعتبر رؤية أهل مكة ) أحمد شاكر ( ‪.‬‬
‫ويستدلون لهذا بأن مكة معتبرة بمناسك الحج ولهذا قال ‪ )) : r‬صومكم‬
‫يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون (( خطاب لهل‬
‫مكة ‪.‬‬
‫القول الرابع ‪ :‬أن المعتبر اتحاد المطالع واختلفها ) الشافعي وابن تيمية‬
‫( وهو الراجح ‪.‬‬
‫فإذا رئي في هذه البلدة ينظر إلى البلد التي توافقها في مطلع الهلل‬
‫فيجب عليهم الصوم والبلد التي تخالفها في مطلع الهلل ل يجب عليهم‬
‫الصوم ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث ابن عباس أن أم هانئ رضي الله عنها بعثت كريبا ً إلى‬
‫الشام لحاجة فقدم الشام ثم رجع إلى المدينة فسأله ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما متى رأيتم الهلل ؟ فقال ‪ :‬رأيناه ليلة الجمعة فصام معاوية وأمر‬
‫الناس بالصيام ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪ :‬لكنا رأيناه ليلة السبت ‪ ،‬فقال كريب لبن‬
‫عباس رضي الله تعالى عنهما ‪ :‬أل تأتم بصوم معاوية ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬هكذاض أمرنا رسول الله ‪. r‬‬
‫فابن عباس يرى أن معاوية له رؤية خاصة وأهلض المدينة لهم رؤية خاصة‬
‫‪.‬‬
‫وأيضا ً يدل لهذا أن النبي ‪ r‬إذا رئي عنده الهلل ما كان يبعث إلى‬
‫المصار فالكل له رؤية ‪ ،‬وهو القول الراجح‪.‬‬
‫* للفائدة الشيخ عبدالله بن حميد له رسالة تبيان الدلة في إثبات الهلة‬
‫‪ ،‬أثنى الشيخ خالد عليها وأوصى بقرائتها‪.‬‬
‫* رأي الحنابلة ألفوا رسالة ) إيجاب الصيام ليلة الغمام ( ألفها أبي يعلى‬
‫نقلها النووي في المجموع ورد عليها الخطيب الشافعي ‪ ،‬رسالة ابن الجوزي‬
‫وابن عبدالهادي )مذهب الحنابلة ( ‪.‬‬
‫" ويصام برؤية عدل "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪5‬‬

‫رؤية الهلل يشترط لها شروط ‪:‬‬


‫الشرط الول ‪ :‬رؤية عدل ‪ ،‬فيفهم من كلم المؤلف أنه ل يشترط‬
‫التعدد ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يشترط التعدد لرؤية هلل رمضان ؟‬
‫موضع خلفا ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬الذهب والشافعي ل يشترط التعدد ويكتفى برؤية واحد ‪.‬‬
‫ويدل لهذا حديث ابن عمر ) تراءى الناس الهلل فأخبرت رسول الله ‪r‬‬
‫أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ( رواه أبو داود وصححه اللباني ‪.‬‬
‫وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما ) أن أعرابيا ً جاء إلى النبي ‪r‬‬
‫فأخبره أنه رأى الهلل فقال ‪ :‬أتشهد أن ل إله إل الله ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫أتشهد أني رسول الله ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأمر بلل أن يؤذن بالناس بالصيام ( ‪،‬‬
‫وهو الراجح ‪.‬‬
‫خلفا الحنفية الذين يقولون ‪ :‬أن رؤية واحد ل تكفي إذا كان في السماء‬
‫عله ‪.‬‬
‫" عدل "‬
‫لو كان فاسقا ً ل تصح رؤيته ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أن العدالة ليست شرطا ً وأنه يشترط المانة فإذا كان أمينا ً‬
‫على خبره لم يجرب عليه الكذب فإن رؤيته صحيحة ومعتبرة ‪.‬‬
‫والنبي ‪ r‬اكتفى بوجود السلم ‪ ،‬فلبد أن يكون مسلما ً أمينا ً ‪.‬‬
‫" ولو عبدا ً أو أنثى "‬
‫هذا الشرط الثالث ‪ ،‬فهل الحرية شرط أم ل ؟‬
‫المؤلف يرى أن الحرية ليست شرطا ً لعموم حديث ابن عمر ) تراءى‬
‫الناس الهلل ( وهذا يشمل رؤية الرقيقض والحر ‪ ،‬وهذا من الخبار الدينية‬
‫خلفا الشافعية الذين يشترطونه ‪.‬‬
‫" أو أنثى "‬
‫مسألة ‪ :‬هل تشترط الذكورة أو ل ؟‬
‫المؤلف الذكورة ليست شرطا ً خلفا الشافعية ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أنه يصح من أنثى لدليل ابن عمر )تراءى الناس الهلل (‬
‫وهذا يشمل الذكر والنثى ‪.‬‬
‫" وإن صاموا برؤية واحد "‬
‫بقية الشهور لبد فيها اثنين ماعدا رمضان يكتفى بواحد ‪.‬‬
‫ويدل لهذا حديث الحارثا بن حاطب أنه قال ‪ ) :‬عهد إلينا رسول الله ‪r‬‬
‫أنا نمسك لرؤيته فإن لم نره وشهد شاهدان مسكنا برؤيتهما ( ‪.‬‬
‫ويدل لذلك حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)) فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا((‪.‬‬
‫" أو لغيم ثالثاين يوما ً ولم ير الهلل لم يفطروا "‬
‫لن الصوم إنما كان احتياطا ً والصل بقاء رمضان ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪6‬‬

‫وهذه المسألة مرتب على المذهب وهو أنه إذا حال دون مطلع الهلل‬
‫غيم أو قتر فإنه يجب الصيام من الغد ‪.‬‬
‫وعلى هذا إذا صمنا يوم الثلثين من شعبان لوجود غيم أو قتر ثم لم نر‬
‫الهلل هل نفطر أو ل ؟‬
‫المؤلف يقول ‪ :‬ل ‪ ،‬لمضاذا ؟‬
‫لن ليلة الثلثين من شعبان لما حال دون مطلع الهلل غيم أو قتر‬
‫يحتمل أنها ليست من رمضان فل نفطر ‪ ،‬لن هذا اليوم صمناه احتياطا ً‬
‫للعبادة فيحتمل أنه لم يكتمل رمضان ‪ ،‬ويدل على ضعف مسألتهم ‪ ،‬كيف‬
‫يصام ثلثين يوما ً ثم ل نفطر ؟! لن الشهر كما قال ‪ r‬إما ثلثون أو تسعة‬
‫وعشرون يوما ً ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ل نصوم لنه يوم الشك ‪.‬‬
‫ً‬
‫مسألة ‪ :‬إذا صاموا لرؤية واحد ثلثين يوما ‪.‬‬
‫المؤلف ‪ :‬قال ل نفطر فالصل بقاء رمضان وإن أفطرنا لزم من ذلك‬
‫أننا أفطرنا برؤية واحد والشهر ل يخرج إل برؤية اثنين وهذا هو المذهب ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أننا نفطر إذا صمنا ثلثين يوما ً لقوله ‪ )) : r‬وأفطروا‬
‫لرؤيته فإن غم عليكمض فأكملوا العدة (( ونحن أكملنا العدة ‪ ،‬والعدة أي ‪:‬‬
‫عدة رمضان ثلثون يوما ً ‪ ،‬وهذا القول هو الصواب ‪.‬‬
‫فنحن أفطرنا على إتمام العدة ل رؤية واحد كما يقولون ‪.‬‬
‫وإما احتياط العبادة يكون بالفطار حتى ل نصوم يوم العيد فالحتياط‬
‫للعبادة إتباع الدليل الشرع ‪.‬‬
‫" ومن رآه وحده فرد أو رأى هلل شوال وحده صام "‬
‫هذه المسألة من رأى هللض شوال وحده ثم رد القاضي شهادته لنحو‬
‫فسق وغيره ‪.‬‬
‫المؤلف يقول ‪ :‬صام ‪ /‬أي يجب عليه أن يصوم لقوله تعالى ‪ :‬ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩﮊ وأيضا ً قوله ‪ )) : r‬صوموا لرؤيته (( ‪ ،‬وهذا قول جمهور أهل العلم ‪.‬‬
‫وفي رواية عند المام أحمد وشيخ السلم ابن تيمية أنه ل يجب عليه أن‬
‫يصوم لقوله ‪ )) : r‬الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس (( ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية في رسالته رسالة الهلل مطبوعة في الفتاوى ‪ :‬ليس‬
‫الهلل هو الذي يستهل بالسماء بل الهلل ما استهل عند الناس ‪ ،‬وهو‬
‫الراجح إل إذا كان النسان وحده في البر أو المزرعة ثم رأى الهلل فإنه‬
‫يجب عليه أن يصوم ‪.‬‬
‫ً‬
‫" وإن ثابتت نهارا أمسكوا وقضوا "‬
‫القول الول ‪ :‬أي رؤية الهلل إن ثبتت يمسكون ويقضون ‪ ،‬المذهب‬
‫وجمهور أهل العلم ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ /‬أناس أصبحوا ولم يعلموا بدخول الشهر وأفطروا ثم جاءهمض‬
‫في أثناء النهار الخبر أن اليوم من رمضان فما الحكم ؟‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪7‬‬

‫قال المؤلف ‪ :‬يمسكون ويقضون ‪ ،‬يمسكون لن اليوم من رمضان ‪،‬‬


‫ويقضون لنهم لم يصوموا من أول النهار ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أنه يمسك ول يجب القضاء ‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪.‬‬
‫ويدل لذلك حديث سلمة بن الكوع ‪ r‬أن النبي ‪ r‬بعث رجل ً من أسلم‬
‫ينادي من أصبح صائما ً فليتم صومه ومن لم يصبح صائما ً فليمسك بقية يومه‬
‫فإن اليوم يوم عاشوراء ‪.‬‬
‫وكان عاشوراء في أول مراحل التشريع الصيام واجب ‪ ،‬ومع ذلك قال‬
‫للذين أصبحوا وهمض مفطرين أمسكوا ولم يأمرهم بالقضاء ‪.‬‬
‫وعند شيخ السلم قاعدة } أن الشرائع تتبع العلم { وهذاض علم فل‬
‫نلزمه قبل العلم وهو الراجح ‪.‬‬
‫" كمن بلغ أو أسلم أو طهرت من حيض أو نفاس أو قدم من‬
‫سفر مفطرا ً "‬
‫مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬وجود شرط الوجوب في أثناء النهار ‪ ،‬الراجح ‪ :‬يمسك‬
‫ول يجب القضاء ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬انتفاء المانع في أثناء النهار ‪ ،‬الراجح ‪ :‬يجب القضاء ول‬
‫يمسك ‪.‬‬
‫الول ‪:‬‬
‫" كمن بلغ "‬
‫هل هو وجود شرط الوجوب أو انتفاء المانع ؟‬
‫وجود شرط الوجوب ‪.‬‬
‫مثال ‪ /‬ولد الصبي في الساعة الثانية عشر ظهرا ً ثم بلغ أي تم له‬
‫خمسة عشر سنه في الساعة الثانية عشر ظهرا ً في رمضان فهذا يجب‬
‫عليه المساك ول يجب عليه القضاء ‪ ،‬لمضاذا ؟‬
‫لنه لم يكلف خلفا المؤلف ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬‬
‫" أو أسلم "‬
‫هذا من وجود شرط الوجوب فهذا يمسك ول يجب عليه القضاء ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أو عقل مجنون هذا من وجود شرط الوجوب فهذا يمسك ول‬
‫يجب عليه القضاء ‪ ،‬بخلفا المؤلف فكيف نوجب عليه شيء لم يكلف به ‪.‬‬
‫الرابه ‪ :‬أو شفي المريض هذا انتفاء المانع في أثناء النهار فيجب القضاء‬
‫ول يجب المساك ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪8‬‬

‫الخامس ‪:‬‬
‫" أو طهرت من حيض أو نفاس "‬
‫أي طهرت الحائض من حيضها فهذا من انتفاء المانع في أثناء النهار‬
‫فهذه يجب عليها أن تقضي ول تمسك بخلفا المؤلف ؛ لن المساك لبد أن‬
‫يكون إمساكا ً شرعيا ً من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ‪.‬‬
‫وكذلك إذا طهرت النفساء مثلها مثل الحائض ‪.‬‬
‫السادس ‪:‬‬
‫" أو قدم من سفر مفطرا ً "‬
‫عليه القضاء ول يمسك وهذا من انتفاء المانع في أثناء النهار ‪.‬‬
‫" ويؤمر به صغير يطيقه "‬
‫قال العلماء ‪ :‬الصيام كالصلة يؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر ‪ ،‬لكن‬
‫بشرط ممن يطيق الصوم ‪.‬‬
‫وقد ثبت في البخاري ) أن عمر ‪ r‬رفع إليه سكران في نهار رمضان‬
‫فجلده عمر وقال تشرب الخمر وصبياننا صيام (‪.‬‬
‫يدل على أن السلف رحمهم الله يعتنون بتصويم الصبيان ‪.‬‬
‫" ليعتاده "‬
‫أي يتربى على الصوم ‪.‬‬
‫" ومن عجز عنه "‬
‫أي عن الصوم ‪.‬‬
‫" لكبر أو مرض ل يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكينا ً "‬
‫الصيام يشترط له شروط ‪:‬‬
‫الشرط الول ‪ :‬السلم ‪.‬‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬التكليف ) البالغ العاقل ( ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون مقيما ً ‪.‬‬
‫الشرط الرابع ‪ :‬أن يكون صحيحا ً ‪.‬‬
‫الشرط الخامس ‪ :‬انتفاء المانع )الحيض والنفاس وغيره ( ‪.‬‬
‫إذا كان الشخص يعجز عن الصيام لكبر أو مرض ل يرجى برؤه أطعم‬
‫لكل يوم مسكين ‪.‬‬
‫إذا كان لكبر فهو معروفا أما الهرم ل يرجى برؤه فإنه يطعم لكل يوم‬
‫ﮃ ﮄﮊ البقرة‪، ١٨٤ :‬‬ ‫مسكين لقول ابن عباس في قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮁ ﮂ‬
‫) ليست بمنسوخة هي للكبير الذي ل يستطيع الصوم ( رواه البخاري ‪.‬‬
‫لكن إذا خرفا الكبيرض إذا شرع بالصلة يتكلم ونحو ذلك ل يجب عليه ذلك‬
‫ول الطعام ؛ لنه أصبح في حكم المجنون أو المعتوه غير مكلف ‪.‬‬
‫" أو مرض ل يرجى برؤه "‬
‫لقول الطباء فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين ‪ ،‬هذا ما عليه‬
‫جمهور أهل اعلم ‪.‬‬
‫في الطعام العلماء لهم مباحث ‪:‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪9‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬هل يجب الطعام عن هذا الكبيرض أو المريض ؟‬


‫الجمهور ‪ :‬يجب الطعام خلفا المالكية ل يجب الطعام ‪.‬‬
‫دليل المالكية أنه كالمريض فالله تعالى يقول في المريض ‪ :‬ﮋ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ البقرة‪. ١٨٤ :‬‬
‫يجب عليه العدة ‪ ،‬والعدة ل يستطيعها ل يجب عليه الطعام ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ‪ ،‬لما تقدم من قول ابن‬
‫عباس وورد أيضا ً عن أنس ‪ r‬لما كبر أفطر وأطعمض ثلثين مسكينا ً ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬ما قدر الطعام ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب مد بر أو نصف صاع من غيره ‪ ،‬مما يجزئ في‬
‫الفطرة ‪.‬‬
‫ما الذي يجزئ في زكاة الفطر ؟‬
‫الصنافا الخمسة ‪ ،‬الجناس الخمسة ‪ -1 :‬التمر ‪ -2 ،‬البر ‪ -3 ،‬الشعير ‪،‬‬
‫‪ -4‬القط ‪ -5 ،‬الزبيب ‪.‬‬
‫فيجزئ من هذه الجناس مد بر أو نصف صاع من غيره من هذه‬
‫الجناس ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬الحنافا أنه نصف صاع من بر أو صاع من غيره ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬الشافعية يطعم المسكين مد ‪.‬‬
‫القول الرابع ‪ :‬وهو الصحيح أن الطعام غير مقدر في العرفا ل قدرا ً ول‬
‫جنسا ً وهو قول شيخ السلم ‪.‬‬
‫فيعطون من غالب قوت أهل البلد وقدره ما يطعم المسكين أي‬
‫يشبعه ‪ ،‬وأما الجنس فهو غالب قوت البلد ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما كيفية الطعام ؟‬
‫الكيفية الولى ‪ :‬أن يشتري طعاما ً ويملكهم إياه ‪.‬‬
‫الكيفية الثانية ‪ :‬أن يصنع طعاما ً ويدعوهم إليه ‪ ،‬كما فعل أنس ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجب عليه أن يطعم ثلثين مسكينا ً ؟‬
‫ل يجب عليه لن الذي ورد إطعام مسكين ولم يقل مساكين ‪ ،‬كما قال‬
‫في كفارة اليمين ‪ :‬ﮋ ﯠ ﯡ ﯢﮊ المائدة‪. ٨٩ :‬‬
‫وفي كفارة الظهار ‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨﮊ المجادلة‪. ٤ :‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أنه لو أطعم عشرة طعام ثلثين فهذا جائز ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬متى يكون الطعام ؟‬
‫الطعام يكون كل يوم بيومه أو أنه يؤخر الطعام آخر الشهر ‪.‬‬
‫فلو قدمهم في أول الشهر فقد أخطأ لنه تقديم العبادة عن سببها‬
‫وشرطها ما يصح ‪.‬‬
‫" وسن لمريض يضره ومسافر يقصر فطر "‬
‫أي سن أن يفطر المريض إذا كان المرض يضره وكذلك المسافر ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أنه إذا كان يضره يجب عليه أن يفطر لن الله تعالى‬
‫ﮨﮊ البقرة‪١٩٥:‬‬ ‫قال‪:‬ﮋﮤﮥ ﮦ ﮧ‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪10‬‬

‫ﮀ ﮁﮊ النساء‪. ٢٩ :‬‬ ‫وقال عز وجل ‪ :‬ﮋ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬


‫وعلى هذا المريض له ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون ممن يضره الصوم ‪ ،‬مثال ذلك ‪ /‬يحتاج إلى علج إن تناوله‬
‫برئ أو تحسن حاله وإن ترك العلج تضرر ‪ ،‬فهذا يجب أن يفطر ويقضي ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون ممن ل يضره الصوم لكن يشق عليه ‪ ،‬فالمؤلف ‪ :‬يستحب‬
‫له أن يفطر ‪ ،‬وهو الصواب ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ل يضره ول يشق عليه ‪ ،‬مثل ‪ /‬الزكام والصداع اليسير ‪ ،‬موضع‬
‫خلفا‬
‫الجمهور ‪ :‬ليس له أن يفطر ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أنه ليس له أن يفطر ‪.‬‬
‫" ومسافر يقصر فطر "‬
‫سن للمسافر أن يفطر ‪ ،‬ودليل ذلك أن النبي ‪ r‬أفطرض في السفر كما‬
‫في حديث جابر ‪ r‬أن النبي ‪ r‬أفطر لما بلغ كراع الغميم أفطر ‪.‬‬

‫فالمسافر ل يخلو من أقسام ‪:‬‬


‫القسم الول ‪ :‬مسافر يشق عليه الصوم أو يضره فهذا ل يجوز له أن‬
‫يصوم ‪ ،‬ويدل لذلك حديث جابر بن عبد الله أن النبي ‪ r‬خرج في رمضان‬
‫فقيل له ‪ :‬إن الناس قد شق عليهم الصوم وهم ينظرون ما تصنع فدعا النبي ‪r‬‬
‫الماء فشرب ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إن بعض الناس لم يفطر ‪ ،‬فقال ‪ )) : r‬أولئك العصاة‬
‫‪ ،‬أولئك العصاة (( ‪.‬‬
‫ول تكون المعصية إل على فعل محرم ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬مسافر يشق عليه الصوم مشقة يسيرة ‪ ،‬فهذا الفضل له‬
‫أن يفطر ؛ لن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ؛ ولن‬
‫النبي ‪ r‬أفطر في السفر ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬مسافر ل يشق عليه الصوم ول يضره بل الصوم والفطر‬
‫عنده سواء ‪ ،‬فأيهما أفضل الفطر أم الصوم ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب الفضل له أن يفطر ؛ لن النبي ‪ r‬أفطر ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬قول أكثر العلماء الفضل الصوم ؛ لن النبي ‪ r‬صام ‪ ،‬وهذا‬
‫هو الصحيح ‪ ،‬لمضاذا ؟‬
‫‪ -1‬لن النبي ‪ r‬صام ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنشط له مع الناس ‪.‬‬
‫‪ -3‬أبرأ لذمته في القضاء ‪.‬‬
‫وإن كان ابن حزم يقول ‪ :‬أن الصوم في السفر غير صحيح ‪.‬‬
‫" وإن نوى حاضر صوم يوم ثام سافر فيه فله الفطر "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪11‬‬

‫إذا سافر في أثناء ذلك اليوم له أن يفطر ‪ ،‬وهذا هو المذهب ‪ ،‬لحديث‬


‫جابر ‪ r‬أن النبي ‪ r‬خرج فلما بلغ كراع الغميم ذكر له أن الناس قد شق عليهم‬
‫الصوم فأفطر ‪. r‬‬
‫الشاهد ‪ :‬أنه أفطر وقد كان صائما ً ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬رأي أكثر العلماء أنه إذا أصبح صائما ً ثم خرج فليس له أن‬
‫يفطر ؛ لنه تلبس بالعبادة فل يجوز له أن يقطعها ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬صحيح أنه تلبس بالعبادة ول يجوز أن يقطعها مالم يوجد ما‬
‫يقتضي القطع ‪ ،‬فإن وجد ما يقتضي القطع فل بأس به ‪.‬‬
‫* هل له أن يفطر وهو داخل البلد أو ل ؟‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫الصواب أنه ل يترخص لقول الله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭵ ﭶ‬
‫ﮊ البقرة‪. ١٨٤ :‬‬
‫ولم يقل على نية السفر ‪.‬‬
‫" وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفا ً على ولديهما قضتا‬
‫وأطعم وليه وعلى أنفسهما قضتا فقط "‬
‫الشارع رخص للحامل والمرضع بالفطر بدليل أنس ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)) إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلة وعن الحامل والمرضع‬
‫الصوم (( ‪.‬‬
‫الحامل والمرضع لهما ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن تخافا على نفسيهما فيجوز لهما أن تفطرا إلحاقا ً لهما‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮊ البقرة‪:‬‬ ‫بالمريض قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭵ ﭶ‬
‫‪. ١٨٤‬‬
‫* هل يجب على الحامل والمرضع أن يقضيا ؟‬
‫الجمهور يجب عليهما القضاء كالمريض وهو الصواب ‪.‬‬
‫وسعيد بن المسيب وابن حزم قال ل يجب عليهما القضاء واستدلوا‬
‫بحديث أنس ‪. r‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن تخافا على نفسيهما وعلى الولد فلهما الفطر ويجب‬
‫القضاء كالمريض ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن تخافا على ولديهما فلهما بالفطر ويجب القضاء ‪.‬‬
‫* هل تجب الفدية على الحامل والمرضع إذا أفطرتا ؟‬
‫موضع خلفا ‪.‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬الجمهور يجب الطعام عن كل يوم مسكينا ً ‪.‬‬
‫لنه وارد عن ابن عمر وابن عباس ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬رأي أبي حنيفة أنه ل يجب الطعام فقال كالمريض ل‬
‫إطعام ‪.‬‬
‫ويظهر والله أعلم أن الطعام يقال بمشروعيته ‪.‬‬
‫جن أو أغمي عليه جميع نهاره لم يصح‬ ‫" ومن نوى صوما ً ثام ُ‬
‫صومه "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪12‬‬

‫لنه جن جميع النهار ‪.‬‬


‫* هل يجب عليه أن يقضيه أم ل أي المجنون ؟‬
‫ل يجب عليه القضاء ؛ لنه ليس له قصد معتبر ‪.‬‬
‫فالمجنون له أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يجن من قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس ‪ ،‬ل‬
‫يصح صومه ول يجب عليه القضاء ؛ لنه غير مكلف ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يفيق في بعض النهار فصومه صحيح ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬إذا كان يجن فترة ويفيق فترة أخرى ‪ ،‬فما أفاق فيه‬
‫يجب عليه أن يصوم وما جن ل يجب الصوم‪.‬‬
‫* الغماء أقل حالة من الجنون ؛ لن الغماء تغطية على العقل ؛ ولن‬
‫الجنون فقد للعقل‪.‬‬
‫فالمغمى له أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يغمى عليه من قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس‬
‫‪ ،‬فصومه غير صحيح وعليه القضاء لنه مكلف ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يغمى عليه بعض النهار وأفاقض فصومه صحيح ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يفيق أحيانا ً ويغمى عليه أحيانا ً فصومه صحيح ‪.‬‬
‫" ل إن أفاق جزءا ً منه أو نام جميعهـ "‬
‫إذا نام جميع النهار فإن صيامه صحيح والفرق بينه وبين المغمى عليه أن‬
‫النوم أقل درجة منه ؛ ولن النائم إذا نبه تنبه ‪.‬‬
‫" ويقضي مغما ً عليه "‬
‫يجب عليه أن يقضي ؛ لنه لم يزل به التكليف وهذا باتفاق الئمة ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ /‬شخص حصل له حادثا مدة شهر وهو مغمى عليه فإذا أفاق‬
‫يجب عليه أن يقضي الشهر ‪.‬‬
‫" ويجب تعيين النية من الليل "‬
‫النية شرط من شروط صحة الصوم لقول النبي ‪ )) : r‬إنما العمال‬
‫بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (( ‪.‬‬
‫والنية تميز بين العادة والعبادة ‪ ،‬ما هو وقت النية ؟‬
‫وقت النية جميع الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وهو رأي‬
‫الجمهور ‪.‬‬
‫ويدل لهذا حديث حفصة )) من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فل‬
‫صيام له (( ‪.‬‬
‫وهو ثابت عن حفصة وابن عمر بأسانيد صحيحة وهذا الحديث ضعيف‬
‫لكن ثابت عن الصحابة ‪.‬‬
‫أما الحنفية ‪ :‬أن النية تمتد إلى الضحى واستدلوا بحديث سلمة بن‬
‫الكوع ‪ ) r‬أن النبي ‪ r‬بعث رجل ً من أسلم ينادي من أصبح صائما ً فليتم صومه‬
‫ومن أصبح مفطرا ً فليمسك بقية يومه ؛ لن اليوم يوم عاشورا ( ‪ ،‬فيما سبق‬
‫كان واجبا ً ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪13‬‬

‫والصحيح ‪ :‬قول شيخ السلم أن النية تتبع العلم ‪ ،‬والذي يدل عليه‬
‫الحديث أن النية تمتد إل أن يعلم ‪.‬‬
‫* هل يكتفى لصيام رمضان نية واحدة أو في كل ليلة ؟‬
‫الرأي الول ‪ :‬المذهب والشافعي لبد أن تنوي كل ليلة ؛ لن كل يوم‬
‫عبادة مفردة ويستدلون بحديث حفصة الذي تقدم ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬مالك تكفي نية واحدة ؛ لن رمضان عبادة واحدة مالم‬
‫يقطع الصوم بسفر أو مرض أو حيض أو نفاس ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ /‬لو أن شخصا ً نام من الليل حتى طلع الفجر ‪ ،‬فما حكم‬
‫صومه ؟‬
‫عند المذهب والشافعي ‪ :‬ل يصح ‪.‬‬
‫والمالكية ‪ :‬يصح ‪ ،‬وهو الصواب ‪.‬‬
‫" لصوم كل يوم واجب ل نية الفرضية "‬
‫الصحيح أن الصوم إذا كان متتابعا ً كرمضان وكفارة الوطء في نهار‬
‫رمضان وكفارة الظهار يكتفى بنية واحدة ‪.‬‬
‫" ويصح نفل بنية من النهار ولو بعد الزوال "‬
‫أن صيام النفل تكفي فيه النية في النهار ‪ ،‬وهذا المشهور من المذهب‬
‫ومذهب الشافعي بشرط أن ل يكون تناول مفطرا ً ‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬بعد الزوال ‪ /‬يفيد أنه حتى لو نوى قبل الغروب بلحظة فإنه‬
‫يثاب من وقت النية ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أبي حنيفة يمتد إلى وقت الضحى ‪ ،‬استدلوا بحديث سلمة‬
‫المتقدم ‪.‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬مالك يقول ‪ :‬لبد من الليل ‪.‬‬
‫استدل الحنابلة والشافعية بحديث عائشة ‪ ) r‬دخل النبي ‪ r‬ذات يوم‬
‫فقال ‪ )) :‬هل عندكم من شيء ؟ (( فقلنا ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ )) :‬فإني إذا ً صائم ((‬
‫فشرع النبي ‪ r‬بالصوم ‪.‬‬
‫فهو وارد عن ابن عباس وأبي هريرة ومعاذ وابن مسعود وحذيفة رضي‬
‫الله تعالى عنهم ‪ ،‬وهو الصواب ؛ لن منزلة النفل أقل مرتبة من منزلة‬
‫الفريضة ‪ ،‬وهو التسهيل في النفل وهذه قاعدة الشارع ‪.‬‬
‫يستثنى من ذلك النفل المقيد ينوي من الليل ليحصل على الجر الكامل‬
‫‪ ،‬مثل صيام عرفة أو عاشوراء إذا أردت الجر المترتب عليهما تنوي من‬
‫الليل ‪ ،‬وإن نويت من النهار فاتك أجر الصيام المقيد ونلت أجر الصيام‬
‫المطلق ‪.‬‬
‫" وإن نوى الفطار أفطر "‬
‫أي صار كمن لم ينو لقطعه النية وهي شرط من شروط صحة الصوم ‪.‬‬
‫" ومن قال "‬
‫أوله ‪.‬‬
‫" إن كان غدا ً من رمضان فـ"‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪14‬‬

‫هو‬
‫" فرضي لم يصح "‬
‫لعدم جزمه بالنية ‪.‬‬
‫* مسألتان ‪ :‬الولى ‪ :‬ليلة الثلثين من شعبان أراد النوم فقال إن كان‬
‫غدا ً من رمضان ففرضي ‪.‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬المذهب ل يصح لعدم جزمه النية ومتردد ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أنه يصح والترددض هنا ليس مبني على عدم جزم النية وإنما‬
‫مبني على الواقع بل هو جازم بالنية ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬إن كان يوم الثلثين من رمضان فأنا صائم وإل أنا مفطر إذاض كان‬
‫أول شوال ‪.‬‬
‫المذهب يصح صومه ‪ ،‬لمضاذا ؟‬
‫لن الصل بقاء رمضان ‪.‬‬

‫باب ما يفسد الصوم‬

‫بعد ما ذكر المؤلف العبادة وشروطها وأدلتها من الحكام المتفرعة‬


‫عليها ثم شرع في آخر العبادة في بيان المبطلت والمحظورات ‪.‬‬
‫" يفسد صوم "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪15‬‬
‫مفسدات الصوم هي نواقض الصوم التي تخرجه عن كونه إمساكا ً‬
‫شرعيا ً ‪ ،‬ويترتب على ذلك وجوب القضاء ‪.‬‬
‫الصل صحة فل يصار إلى القول بأن العبادة فاسدة إل بدليل شرعي ‪.‬‬
‫* ما الذي يترتب على هذا ؟‬
‫حتى ما يكون للنسان تردد هل أفطرض أو لم يفطر فالصل صحة‬
‫العبادة ‪.‬‬
‫" من أكل "‬
‫هذا هو المفطر الول ‪ ،‬وهو إيصال جامد إلى الجوفا ‪ ،‬وقد دل على‬
‫ذلك القرآن والسنة والجماع ‪.‬‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ البقرة‪. ١٨٧ :‬‬ ‫فأما من القرآن قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮀ‬
‫بعد إباحة ذكر الكل ‪.‬‬
‫ومن السنة ) من نسي أكل أو شرب وهو صائم فليتم صومه ( ‪.‬‬
‫وهذا يدل على أنه في حالة عدم النسيان يفطر ‪.‬‬
‫والجماع منعقد على ذلك ‪.‬‬
‫" أو شرب "‬
‫وهو إيصال مائع إلى الجوفا وهو المفطر الثاني ‪ ،‬ودليلها الدلة السابقة‬
‫‪.‬‬
‫" أو استعط "‬
‫السعوط ‪ :‬هو دواء يصب في النف ‪ ،‬فالمذهب يرى أنه يفطر ‪ ،‬ويدل‬
‫لهذا حديث لقيط بن جبرة قول النبي ‪ )) :r‬وبالغ في الستنشاق إل أن تكون‬
‫صائما ً (( ‪.‬‬
‫فدل ذلك على أن النف منفذ من المنافذ إلى المعدة ‪ ،‬وما يتعلق بقطرة‬
‫النف فجمع من العلماء أنها مفطرة ‪ ،‬والمشهور عند الفقهاء أن السعوط‬
‫إذا وصل إلى دماغه أو حلقه فإنه يفطر ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أن المناط معلق بوصوله إلى الجوفا وإل فالصل صحة‬
‫الصيام ‪.‬‬
‫" أو احتقن "‬
‫هذا المفطر الرابع الحقنة وهي ‪ :‬ما يكون عن طريق الدبر ‪ ،‬موضع‬
‫خلفا ‪.‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬أنها مفطرة وهو رأي الجمهور ‪ ،‬واستدلوا بحديث ل يثبت‬
‫)) الفطر مما دخل (( ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬الحقنة غير مفطرة ‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه شيخ السلم ابن‬
‫تيمية ؛ لنها ليست طعام ول شراب ول في معنى الطعام والشراب ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أنها غير مفطرة ‪.‬‬
‫" أو اكتحل بما وصل إلى حلقه "‬
‫هذا المفطر الخامس عند المذهب وهو الكحل ‪ ،‬وهذا رأي مالك وأحمد ‪،‬‬
‫واستدلوا ) أنه أمر بالثمد المروح عند النوم ليتقه الصائم ( ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪16‬‬

‫والرأي الثاني ‪ :‬أنه غير مفطر ‪ ،‬وهو رأي الشافعي و أبي حنيفة ‪،‬‬
‫واستدلوا ) أن النبي ‪ r‬اكتحل وهو صائم ( رواه ابن ماجه ‪.‬‬
‫وكل الدليلين ضعيف ل يثبت والصل عدم الفطر بقاء الصيام ‪.‬‬
‫ومثل هذا قطرة العين ل تفطر لن العين ليست منفذا ً معتادا ً إلى‬
‫الجوفا ‪.‬‬
‫ً‬
‫" أو أدخل جوفه شيئا من أي محل كان "‬
‫فلو جرح في بطنه ثم داوى هذا الجرح وأثناء الدواء دخل في المعدة ‪،‬‬
‫فالمذهب يفطر ؛ لن هذا الدواء تطبخه المعدة ويستحيل دما ً ‪.‬‬
‫ويستثنى من ذلك إحليله وهو الذكر كما لو قطر في ذكره ‪.‬‬
‫والطب يقولون ل يفطر لو قطر بالحليل ؛ لنه ليس بين مسالك البولية‬
‫والمعدة منفذ ‪.‬‬
‫وقول المؤلف إلى جوفه فالمناط وهو وصول الشيء إلى الجوفا ‪.‬‬
‫الصواب ‪ :‬المراد الوصول إلى المعدة أما لو وصل إلى الحلق وشك هل‬
‫نزل إلى المعدة أو الدماغ ؟‬
‫فالصل صحة الصوم ‪.‬‬
‫" أو استقاء فقاء "‬
‫هذا المفطر السادس وهو رأي جمهور العلماء أنه إذاض استقاء يفطر ‪،‬‬
‫واستدلوا بحديث أبي هريرة ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من استقاء عمدا ً فليقضي‬
‫(( حسنه الترمذي وأخرجه أحمد وأنكره ‪ ،‬وقيل وارد عن ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫واستدل شيخ السلم بالستقراء أن الدلة دلت على أن ما كان فيه‬
‫استفراغ فإنه مفطر ‪.‬‬
‫) الحيض فيه استفراغ فهو مفطر وكذا الحجامة والجماع ( وهو الراجح ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬ذهب القاسم وعكرمة أنه ل يفطر لن الصل بقاء الصوم ‪.‬‬
‫" أو استمنى "‬
‫أي استدعى خروج المني فإنه يفطر وهو المفطر السابع والئمة الربعة‬
‫يتفقون على ذلك ‪.‬‬
‫خلفا ابن حزم قال ‪ :‬لم يثبت ‪.‬‬
‫وهذا غير مسلم ودليل ذلك )) يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي (( ‪.‬‬
‫وإخراج المني شهوة والله سبحانه وتعالى قرن الشهوة بالكل والشرب‬
‫وهي بالجماع أنها مفطرة ‪.‬‬
‫ويدل لذلك قول شيخ السلم أن الستغراقات مفطرة ‪.‬‬
‫أقسام إخراج المني ‪:‬‬
‫‪ -1‬خروجه في أثناء النوم في النهار ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -2‬خروجه عن طريق الفكر بأمور الجماع ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -3‬خروجه عن طريق الستمناء الجمهور أنه مفطر ‪.‬‬
‫‪ -4‬إخراجه عن طريق المباشرة هذا يفطر ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪17‬‬

‫‪ -5‬إخراجه عن طريق النظرة هذا ل يفطر لن الولى معفو عنها ‪.‬‬


‫‪ -6‬إخراجه عن طريق تكرار النظر المذهب يفطر ‪ ،‬والصواب ‪ :‬أنه يفطر‬
‫للحديث ‪ )) :‬لك الولى وليست لك الخرة (( ‪ ،‬سئل عن نظر الفجأة فقال ‪:‬‬
‫)) اصرفا بصرك (( ‪.‬‬
‫" أو باشر فأمنى أو مذي أو كرر النظر فأمنى "‬
‫المذي المفطر الثامن ‪.‬‬
‫بقينا في المذي ‪ ،‬فالمذي يرونه يفطر ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬رأي ابن تيمية يقول أنه ل يفطر ‪ ،‬وهو الصواب ؛ لن خروج‬
‫المذي وإن كان يحصل به الشهوة لكن ليست تمام الشهوة ‪.‬‬
‫وعلى هذا القسام السابقة ترد هنا ‪.‬‬
‫‪ -1‬خروجه في أثناء النوم في أثناء النهار ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -2‬خروجه عن طريق الفكر بأمور الجماع ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -3‬خروجه عن طريق الستمناء المذهب يفطر ‪ ،‬والصواب ‪ :‬ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -4‬خروجه عن طريق المباشرة ‪.‬‬
‫‪ -5‬خروجه عن طريق النظرة ل يفطر ‪.‬‬
‫‪ -6‬وخروجه عن طريق تكرار النظرة ل يفطر ‪.‬‬
‫المذي عند الحنابلة ل يفطر إل في حالتين ‪ :‬إذا استمنى أو باشر ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أن القسام الستة كلها ل يفطر وهذا اختيار شيخ السلم ‪.‬‬
‫" أو حجم "‬
‫الحجامة هي إخراج الدم‬
‫مسألة ‪ :‬الحجامة هل هي مفطرة أو ليست مفطرة ؟‬
‫موضع خلفا بين الجمهور والحنابلة ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬المشهور من مذهب المام أحمد أنها مفطرة وهو اختيار‬
‫شيخ السلمض ابن تيمية ‪ ،‬واستدلوا بحديث ثوبان وشداد بن أوس وعائشة‬
‫وورد عن خمسة عشر صحابيا ً )) أفطر الحاجم والمحجوم (( وهذا حكم من‬
‫النبي ‪ r‬والحديث صحيح كما قال المام أحمد وحديث ثوبان وشداد صحيحان‬
‫‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬الجمهور أنها ليست مفطرة واستدلوا بأدلة منها حديث‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما في البخاري ) أن النبي ‪ r‬احتجم وهو محرم‬
‫واحتجم وهو صائم ( فهذا الحديث ورد من وجوه ‪ ،‬والصحيح منها أن النبي ‪r‬‬
‫احتجم وهو محرم ولم يثبت أنه احتجم وهو صائم ‪.‬‬
‫وأيضا ً من أدلتهم حديث أنس في النسائي وغيره ) أن النبي ‪ r‬رخص‬
‫للصائم في الحجامة( ‪.‬‬
‫والجواب ‪ :‬أن هذا الترخيص ل يدل على أنه مضطر فالنسان إذا اعتاد‬
‫على الحجامة ولم يحتجم يتعب ويلحق بالمريض ‪.‬‬
‫وأيضا ً حديث ثابت البناني أنه سئل أنس ‪ : r‬أكنتم تكرهون الحجامة على‬
‫عهد النبي ‪ r‬فقال ‪ :‬ل إل من أجل الضعف ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪18‬‬

‫وهذا يدل على أن الحجامة غير مكروهة ‪ ،‬وقوله ) ل ( محمول على‬


‫الحجامة وهذاض ل بأس به ‪.‬‬
‫وأيضا ً قوله ) من أجل الضعف ( يدل على أنها مفطرة لنها تضعف‬
‫الصائم فالدم خلصة الطعام والشراب ‪.‬‬
‫فالقرب ‪ :‬على ما نص عليه النبي ‪. r‬‬
‫" أو احتجم وظهر دم "‬
‫الحاجم هل يفطر أو ل يفطر ؟‬
‫وهذا يبنى على مسألة وهي ‪ :‬ما هي العلة في الحجامة ؟ هل هي‬
‫تعبدية أو العلة معقولة المعنى ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب العلة تعبدية لقوله ‪ )) : r‬أفطر الحاجم‬
‫والمحجوم (( ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن العلة ليست تعبدية وهذا ما ذهب إليه شيخ السلم‬
‫وهو الذي دل له الثر أما إفطار المحجوم فلنه يلحقه الضعف وأما الحاجم‬
‫كان في الزمن السابق يقوم بمص القوارير فيتطاير شيء من الدم إلى‬
‫حلقه فهذه هي العلة ويترتب على هذا الخلفا مسألتان ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬إذا كانت الحجامة بغير المص كاللت هل يفطر أو ل يفطر ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب يفطر لن المسألة تعبدية ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬شيخ السلم ل يفطر ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬ما يتعلق بالفصد أو الشرط ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب ل يفطر لنهم خصوه بالحجامة دون الفصد أو‬
‫الشرط ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬وعلى رأي شيخ السلمض إذاض كان يؤدي إلى الضعف فإنه‬
‫يفطر ‪.‬‬
‫ويتعلق بهذا ما يخرج من النسان رعافا أو خرج دم أو سحب منه دم‬
‫للتحليل هل يفطر أو ل يفطر ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب ل يفطر لنهم خصوه بالحجامة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬رأي شيخ السلمض يفطر إذا كان كثير ويلحقه الضعف ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أنها يسيرة خروج دم الضرس أو الرعافا ل يفطر ‪.‬‬
‫ومما يؤيد أنها مفطرة أنه فيه الستفراغ ‪.‬‬
‫" عامدا ً ذاكرا ً لصومه ل ناسيا ً أو مكرها ً "‬
‫هذه المفطرات يشترط لها شروط وهي ليست خاصة بمفطرات الصوم‬
‫بل لكل المنهيات والمحظورات ‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم ‪ ،‬وعلى هذا لو أنه جهل الحكم الشرعي أو الحال ل يفطر ‪.‬‬
‫كيف يجهل الحكم الشرعي ؟‬
‫ل يعلم أنه مفطر ‪.‬‬
‫كيف يجهل الحال ؟‬
‫كما لو جهل ليل ً فبان نهارا ً فأكل ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪19‬‬

‫ويدل لهذا حديث عدي بن حاتم أن عديا ً عمد إلى عقالين أسود وأبيض‬
‫وجعلهم تحت وسادته جعل يأكل وينظر إليهما فأخبر النبي ‪ r‬أن المراد بياض‬
‫النهار من سواد الليل ‪.‬‬
‫فعدي أكل بعد النهار ولم يأمره ‪ r‬بالقضاء ‪.‬‬
‫‪ -2‬الذكر ‪ ،‬وهذا إذا كان ناسيا ً فل شيء عليه ويدل لهذا حديث أبي‬
‫هريرة ‪ r‬في الصحيحين أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من نسي فأكل أو شرب وهو‬
‫صائم فليتمض صومه فإنما أطعمه الله وسقاه (( ‪.‬‬
‫‪ -3‬الختيار ‪ ،‬وعلى هذا لو كان مكرها ً ل شيء عليه ‪ ،‬ويدل لهذا أن الله‬
‫تعالى قال في أعظمض المحظورات ‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮊ النحل‪١٠٦ :‬‬

‫" ول إن طار إل حلقه ذباب أو غبار "‬


‫يذكره المؤلف على سبيل التمثيل بغير اختياره أو تمضمض بغير اختياره‬
‫فنزل الماء إلى حلقه فهذا ل شيء عليه لنه غير مختار ‪.‬‬
‫" أو فكر فأنزل "‬
‫تقدم الكلم عليه أنه ليس عليه شيء ‪.‬‬
‫" أو احتلم "‬
‫ل شيء عليه وذكرنا دليله فيما تقدم ‪.‬‬
‫" أو قطر في إحليله شيئا ً "‬
‫الحليل هو الذكر ووصل إلى المثانة فل شيء عليه ومثله التحاميل التي‬
‫تؤخذ عن طريق الفرج ل تفطر وليس هناك اتصال بين المسالك البولية‬
‫والمعدة ‪.‬‬
‫" أو أصبح وفي فمه طعام فلفظه "‬
‫ل شيء عليه لن الفم في حكم الظاهر ولهذا أبيح له أن يتوضأ ‪.‬‬
‫" ول إن اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه "‬
‫فل يفطر لنه غير قاصد ‪.‬‬
‫" ولو بالغ أو زاد على ثالثا "‬
‫أيضا ً ل يفطر حتى لو بالغ مع أنها مكروهة للصائم لما تقدم من حديث‬
‫لقيط ‪. r‬‬
‫" وإن أكل ونحوه شاكا ً في طلوع الفجر صح صومه ل في‬
‫غروب الشمس "‬
‫هاتان مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬من أكل شاكا ً في طلوع الفجر ؟‬
‫الجواب ‪ :‬أنه مأذون له أن يأكل لن الصل بقاء الليل ‪ ،‬والدليل ‪ :‬ﮋ ﭵ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮊ البقرة‪. ١٨٧ :‬‬ ‫ﭽ ﭾﭿ ﮀ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫من أكل شاكا ً ل يخلو من ثلثا حالت ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتبين له أنه ما طلع الفجر فصومه صحيح بالتفاق ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪20‬‬

‫‪ -2‬أن ل يتبين له شيء فالجمهور على أن صومه صحيح لنه مأذون له‬
‫} وما ترتب على المأذون غير مضمون { ‪ ،‬وهذا القول الول ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬قول المالكية يلزمه القضاء ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ما ذهب إليه الجمهور ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتبين له أن الفجر قد طلع وأنه أكل بعد الفجر ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬الجمهور عليه القضاء لنه أكل في النهار ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬اختيار شيخ السلمض أنه ل يجب عليه القضاء لما تقدم من‬
‫حديث عدي أكل في النهار مع أنه كان يشك وهو مأذون له بالكل } وما‬
‫ترتب على المأذون غير مضمون { ‪.‬‬
‫* فائدة ‪ :‬أن كل حالت الشك ل يفطر لنه مأذون له فيه ‪.‬‬
‫" ل في غروب الشمس "‬
‫الكل مع الشك في غروب الشمس محرم ول يجوز لن الصل بقاء‬
‫النهار ‪ ،‬وله ثلثا حالت ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتبين له أنه أكل قبل غروب الشمس فهذا يأثم ويجب عليه‬
‫القضاء لنه لم يتم الصيام إلى الليل ‪.‬‬
‫ل‬
‫‪ -2‬أن ل يتبين له شيء فحكمه حكم المسألة الولى ‪ ،‬لنه لم يؤذن له‬
‫بالكل مع اليقين أو غلبة الظن ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتبين له أنه أكل بعد غروب الشمس وهذا يأثم ول قضاء عليه‬
‫بالتفاق لنه أتم الصوم وإثمه لمخالفة المأمور ‪.‬‬
‫" وإن اعتقد ليل ً فبان نهارا ً قضى "‬
‫هذه المسألة لها حالتان ‪:‬‬
‫الحالة الولى ‪ :‬أن يأكل يظن بقاء الليل ثم تبين أن الفجر قد طلع ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب يقضي لعتقاده وهو قول جمهور أهل العلم لنه‬
‫لم يتم الصيام ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬ما ذهب إليه شيخ السلمض ليس عليه قضاء ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث عدي بن حاتم أن عدي عمد إلى عقالين أسود وأبيض‬
‫وجعلهما تحت وسادته ولم يزل يأكل ول شك أنه أكل بعد الفجر ولم يأمره ‪r‬‬
‫بالقضاء وهو الصواب ‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا ظن غروب الشمس فأكل ثم تبين أن الشمس لم‬
‫تغرب ‪:‬‬
‫الخلفا في هذه المسألة كالخلفا في المسألة السابقة ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬الجمهور يقضي واستدلوا بأنه لم يمسك إلى غروب‬
‫الشمس ‪.‬‬
‫وورد عن عمر ‪ r‬أنهم أفطروا في عهده ثم طلعت الشمس فأمر‬
‫بالقضاء ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪21‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬ذهب إليه شيخ السلمض ورواية عن المام أحمد أنه ل‬
‫يجب القضاء ‪ ،‬ودليل ذلك حديث أسماء ‪ r‬أنهم أفطروا على عهد رسول الله‬
‫‪ r‬في يوم غيم ثم طلعت الشمس ولم يرد أنهم أمروا بالقضاء ‪.‬‬
‫وورد عن عمر ‪ r‬أنهم أفطروا في عهده فصعد المؤذن وإذا الشمس لم‬
‫تغرب فقال والله ل نقضي ول يجانفنا الثم ‪.‬‬
‫ولن النسان إذا ظن غروب الشمس أذن له بالفطر } وما ترتب على‬
‫المأذون فهو غير مضمون { ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أنه ل يجب القضاء ‪.‬‬
‫* فائدة ‪ :‬في كل الحالتين ل يجب القضاء ‪.‬‬
‫ويؤخذ من حديث أسماء أن الظن معتبر في الفطارض ‪.‬‬

‫فصل‬

‫" ومن جامع في نهار رمضان ولو في يوم لزمه إمساكه "‬
‫ذكر المؤلف في هذا الفصل الجماع لنه أغلظ المفطرات ولهذا رتب‬
‫عليها الكفارة المغلظة ‪.‬‬
‫" في نهار رمضان "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪22‬‬

‫يخرج ليل رمضان وكان في أول السلم محرم ثم نسخ قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﮊ البقرة‪ ١٨٧ :‬أحل بعد التحريم ‪.‬‬
‫ونهار رمضان يخرج أيضا ً قضاء رمضان ‪.‬‬
‫ما حكم لو جامع الرجل في قضاء رمضان ؟‬
‫القول الول ‪ :‬جمهور العلماء على أنه ل تجب عليه الكفارة ‪ ،‬وهو‬
‫الصواب لن الدليل ورد كذا والصل براءة الذمة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬ذهب قتادة إلى أن الكفارة تجب في القضاء ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬هل تجب الكفارة في الجماع فقط أو في جميع‬
‫المفطرات ؟‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب والشافعي أنها خاصة في الجماع في نهار‬
‫رمضان ‪ ،‬لن الدليل ورد في الجماع فقط ‪ ،‬والصل براءة الذمة وهو‬
‫الصواب ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬مالك كل ما كان فيه هتكا ً للصيام بغير عذر فإن الكفارة‬
‫واجبة ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬أبي حنيفة إن أكل شيء يغذي وجبت الكفارة ‪.‬‬
‫" ولو في يوم لزم إمساكه "‬
‫تقدم أن وجود شرط من شروط الوجوب وجب المساك لن البينة‬
‫قامت في أثناء النهار وهو الجماع ‪ ،‬وزوال المانع ل يجب المساك مثل‬
‫الحائض إذا طهرت ‪.‬‬
‫ومطلق كلم المؤلف أنه لو جامع وهو قادم من السفر مفطرا ً فعليه‬
‫الكفارة لنه لم يمسك ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أنه ل يمسك ول كفارة ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ) :‬في يوم لزمه إمساكه ( يشمل ثلثا صور ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان في نهار رمضان ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا وجد شرط الوجوب في أثناء نهار رمضان ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا انتفى المانع في نهار رمضان ‪.‬‬
‫" أو دبر فعليه القضاء والكفارة "‬
‫لو وطئ في الدبر وجبت الكفارة وإن وطئ الدبر محرم شرعا ً ‪،‬‬
‫والمحرم شرعا ً كالمعدوم حسا ً إل أن هذا من باب التغليظ عليه ‪.‬‬
‫" وإن كان دون الفرج فأنزل "‬
‫لم يجامع ولكن استمتع دون الفرج فما الحكمض ؟‬
‫إن أنزل فعليه القضاء وإن لم ينزل فل قضاء ‪.‬‬
‫" أو عذرت المرأة "‬
‫أي كانت معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬المذهب عليها القضاء ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أنه ليس عليها القضاء تقدم أن المفطرات يشترط لها‬
‫شروط ‪ :‬العلم ‪ ،‬والذكر ‪ ،‬والختيارض ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪23‬‬

‫وقوله ) عذرت المرأة ( يفهم من كلمه أن الرجل ليس كحكم المرأة ‪،‬‬
‫فلو نسي وجامع ما الحكم ؟‬
‫وجبت عليه الكفارة مع القضاء فل يعذر ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬الشافعي أن الرجل كالمرأة يعذر وهو الصواب ‪.‬‬
‫" كمسافر جامع في صومه "‬
‫لنه مأذون له بالفطر وكذا المريض يبيح له الفطر }وما ترتب على‬
‫المأذون غير مضمون{‬
‫" وإن جامع في يومين فكفارتان "‬
‫متفرقين لن كل يوم عبادة منفردة‬
‫ولو جامع في عشرة أيام يلزمه عشر كفارات هذا ما ذهب إليه الجمهور‬
‫‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أبي حنيفة إذا لم يكن كفر تلزمه كفارة واحدة بناء على‬
‫أن الكفارات تتداخل كما تتداخل الحدود ‪.‬‬
‫وكل من القولين قوي وإذاض ظهر منه التفريط فيجب عليه إذا جامع ثم‬
‫كفر في اليوم الول وجامع في اليوم الثاني يوجب عليه الكفارة بل خلفا ‪.‬‬
‫" وإن أعاده في يومه فواحدة إن لم يكن كفر للول "‬
‫فإن فعل بأن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه لزمه كفارة ثانية لنه‬
‫وطئ محرم وقد تكرر وهذا بالتفاق ‪.‬‬
‫وإن كرر الوطئ في يومه ولم يكفر فعليه كفارة واحدة ‪.‬‬

‫" ومن جامع ثام مرض أو جن أو سافر ونحوه "‬


‫إذا وجد سبب من أسباب الفطر لكنه جامع ثم وجد السبب ‪ ،‬هل تسقط‬
‫الكفارة أو لم تسقط ؟‬
‫قال المؤلف ‪ :‬ل تسقط لنها استقرت في ذمته ‪.‬‬
‫" ول كفارة بغير جماع في نهار رمضان "‬
‫تقدم الكلم عليه والراجحض ل تجب ‪.‬‬
‫" وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن‬
‫لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ً "‬
‫هذه أحكام الكفارة يبحثها العلماء في باب الظهار ‪.‬‬
‫" فإن عجز سقطت "‬
‫قاعدة } إن الواجبات تسقط بالعجز عنها {‬
‫ويدل لهذا حديث أبي هريرة في الذي وطئ في نهار رمضان والنبي ‪r‬‬
‫لما أوتي بعرق من تمر قال ‪ )) :‬خذ هذا فأطعمه ستين مسكينا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬
‫رسول الله على أفقر منا والله ما بين لبتيها أهل بيت أفقرض منا ‪ ،‬فقال له ‪:‬‬
‫خذه فأطعمه أهلك (( ‪.‬‬
‫ولم يبين له أن الكفارة استقرت في ذمته ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪24‬‬

‫وإن كفر غيره عنه أجزأ ذلك بإذنه سواء كان الذن متقدم أو متأخر ‪،‬‬
‫وإن كان الذن متقدم يسمى وكالة وإن كان متأخرا ً يسمى تصرفا فضولي ‪.‬‬

‫فصل‬

‫صيام التطوع الذي سيذكره المؤلف بعد ذلك جابرا ً لصيام الفرائض ‪.‬‬
‫قال المؤلف رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫" كره لصائم جع ريقه فيبلعه "‬
‫مبغض عند الصوليين ‪.‬‬ ‫المكروه لغة ‪ :‬ال ل‬
‫اصطلحا ً ‪ :‬خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بطلب الفعل ل على‬
‫وجه اللزوم ‪.‬‬
‫يثاب فاعله ول يعاقب تاركه ‪.‬‬
‫وهل بلع الريق مفطرا ً أو ليس مفطر ؟‬
‫بلعه ليس مفطر بإجماع العلماء لكن إذا جمع ريقه ثم ابتلعه فهل يفطر أو‬
‫ل يفطر ؟‬
‫يؤخذ من كلم المؤلف ‪ /‬ل يفطر ‪ ،‬لكن هذا العمل هل هو مباح أو مكروه ‪،‬‬
‫المؤلف ‪ :‬مكروه ‪ ،‬ودليلهم على الكراهةض بخلفا من قال بفطره ببلعه ‪ ،‬فبعض‬
‫العلماء قال ‪ :‬ل يقتصر على الكراهة بل الفطر لمن فعل ذلك فمادام أنه هناك‬
‫خلفا ً في المسألة نقول ‪ :‬بأنه يكره ‪.‬‬
‫والتعليل بالخلفا علة باطلة )شيخ السلم(ض لن الخلفا لم يوجد إل بعد‬
‫النبي ‪ r‬فليس دليل ً من الدلة الشرعية تبنى عليه الحكام الشرعية ‪ ،‬فنقول ‪:‬‬
‫يكره بخلفا من قال بفطره ‪ ،‬لكن إذا كان للخلفا حظ من النظر وقوة من‬
‫الدلة ‪ ،‬فيقال يترك لوجود الدليل أما كونه يعلل بالخلفا فيه نظر ‪.‬‬
‫فالخلصة ‪ /‬أن الصائم ل يفطر بالريق إجماعا ً ‪.‬‬
‫" وذوق طعام "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪25‬‬

‫المؤلف ‪ :‬يكره أن يذوق الطعام وظاهر كلمه ولو لحاجة ‪ ،‬فالمرأة إذا‬
‫طبخت في بيتها وهي صائمة واحتاجت إلى ذوق الطعام تذوق حلوته من‬
‫مرارته من ملوحته ونحو ذلك ‪ ،‬المؤلف ‪ :‬مكروه ‪.‬‬
‫والصواب أن يقال ‪ :‬أن ذوق الطعام قسمان ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬ذوقه لحاجة ل بأس به ‪ ،‬وقد ورد عن ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يذوقه لغير حاجة فكما ذكر المؤلف يكره لنه طريق‬
‫إلى فطره لنه لو ابتلع هذا الطعام أفطرض ‪.‬‬
‫" وعلك قوي "‬
‫المؤلف ‪ :‬يكره للصائم أن يعك العلك القوي ‪ ،‬والعلك ليس المراد العلك‬
‫الموجود عندنا فهذا فيه طعم ومحلى فإذا مضغه النسان وتحلل الطعم ثم‬
‫ابتلع الطعم ل إشكال أنه يفطر ‪.‬‬
‫وهم يقسمون العلك قسمان ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬علك قوي ل يتحلل وهو كل ما مضغته صلب وقوي ليس له‬
‫طعم وهو قريب من الجلد اللستك يعلكون في الزمن الول ويجمعون الريق ‪،‬‬
‫يقوم بجمع الريق ‪.‬‬
‫المؤلف ‪ :‬هذا العلك القوي يكره أن يمضغ ‪ ،‬والعلة ‪ :‬يجمع الريق ويجلب‬
‫العطش والبلغمض ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬علك غير قوي إذا علكته مضغته بأسنانك ل يصلب ول‬
‫يقوى ولكن يحلل ويتفتت في الفم فهذا ‪ ،‬يقولون ‪ :‬يحرم مضغه ‪ ،‬لمضاذا يحرم‬
‫؟‬
‫لنه طريق إلى أن يبتلع شيئا ً من أجزائه فيذهبض إلى المعدة فل يسلم‬
‫النسان من أن تذهب شيء من هذه الجزاء إلى المعدة ‪.‬‬
‫" فإن وجد طعمهما بحلقه أفطر وحرم مضغ علك يتحلل‬
‫مطلقا ً "‬
‫الضمير يعود إلى ذوق الطعام ومضغ العلك القوي فلو ذاق الطعام وذهب‬
‫طعمه إلى حلقه يقول ‪ :‬يفطر ‪.‬‬
‫وكذلك العلك القوي لو مضغه وذهب طعمه إلى حلقه يفطر ‪.‬‬
‫والمؤلف جعل التفطير بوصول الشيء إلى الحلق ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫شيخ السلمض ‪ :‬المناط ليس وصول الشيء إلى الحلق وإنما وصوله إل‬
‫المعدة ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬إذا ذاق الطعام أو علك العلك القوي وذهب الطعم إلى معدته‬
‫‪ ،‬نقول ‪ :‬أفطر ‪ ،‬أما إذا ذهب إلى الحلق ولم يصل إلى المعدة ‪ ،‬نقول ‪ :‬لم‬
‫يفطر ‪.‬‬
‫" أو بلع نخامة ويفطر بها "‬
‫أي ويحرم بلع نخامة ويفطر بهما فهذان حكمان ‪:‬‬
‫الحكم الول ‪ :‬حكم تكليفي وهو التحريم ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪26‬‬

‫الحكم الثاني ‪ :‬حكم وضعي هل يفطر أو ل يفطر ؟‬


‫المؤلف ‪ :‬يحرم أن يبلعها يأثم بذلك ‪ ،‬والدليل أنها مستقذرة والله عز‬
‫وجل قال ‪ :‬ﮋﮈ ﮉ ﮊﮊ العرافا‪. ١٥٧ :‬‬
‫هذه مستقذرة عند الناس ‪.‬‬
‫والدليل الثاني ‪ :‬أنها مضرة ‪ ،‬والقاعدة } ل ضرر ول ضرار { ‪.‬‬
‫ﮨﮊ البقرة‪. ١٩٥ :‬‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫والله عز وجل يقول ‪ :‬ﮋﮤ‬
‫والمؤلف يرى أنه يفطر بالنخامة ‪.‬‬
‫والرأي الثاني ‪ :‬ل يفطر بها لنها ليست أكل ً ول شربا ً ول في معنى‬
‫الطعام والشراب ‪ ،‬والقربض إلحاقها بالريق وهو الصواب ‪.‬‬
‫ومن قال أنه يفطر يلحقونها بالكل والشرب ‪.‬‬
‫والنسان ينبغي أن يحترز منها ولكن لو بلعها فإنها ل تضر ‪ ،‬ومثله لو حصل‬
‫في حلقه قيء أو دم فل يبتلعه فابتلع الدم محرم ‪،‬والله عز وجل يقول ‪ :‬ﮋﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﮊ المائدة‪. ٣ :‬‬
‫والعلماء يقولون ‪ :‬إذا ابتلع الدم أو القيء الذي حصل في فمه يفطر ‪.‬‬
‫" وتكره قبلة ودواعي وطء لمن تحرك شهوته "‬
‫حكم الستمتاع من المرأة للصائم ‪:‬‬
‫المؤلف ‪ :‬مكروه ‪ ،‬لكن قيده بقوله لمن تحرك شهوته ‪ ،‬يعني إذا قبلها أو‬
‫لمسها وأن هذا يؤدي إلى إثارة الشهوة ‪ ،‬المؤلف ‪ :‬مكروه ‪.‬‬
‫وإذا كان ل يؤدي إلى إثارة الشهوة فإن هذا جائز كما لو كان مريضا ً ومثل‬
‫هذا ل يحرك شهوته ‪ ،‬وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله ‪.‬‬
‫مالك ‪ :‬أن الستمتاع بالمرأة مكروه مطلقا ً سواءً مما يحرك الشهوة أو ل‬
‫يحركها ‪.‬‬
‫الشافعي أشد من ذلك محرم مطلقا ً ‪ ،‬ويقابله ابن حزم يرى أن القبلة‬
‫للصائم مستحبة فيجعلها من مستحبات الصيام ‪.‬‬
‫والذين قالوا بالتفصيل استلوا بحديث أبي هريرة في أبي داود أن رجل ً‬
‫سأل النبي ‪ r‬عن القبلة فنهاه فإذا هو شاب ‪ ،‬وآخر سأله عن القبلة للصائم‬
‫فرخص له فإذا هو شيخ فأخذوا بهذا ‪.‬‬
‫ومن قال بالكراهة مطلقا ً أو التحريم يستدلون بنهي النبي ‪ r‬لهذا الشاب‬
‫عن القبلة ؛ ولن مثل هذه الشياء طريق إلى الجماع وهو محرم ل يجوز‬
‫وطريق إلى إنزال المني وهذا ل يجوز ‪ ،‬لنه مفطر ‪.‬‬
‫ومن قال بالستحباب كابن حزم استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها‬
‫أن النبي ‪ r‬كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ‪ ،‬ولكن كان أملككم لربه‬
‫) لحاجته وقيل لعضوه ( ‪.‬‬
‫والقرب في مثل هذا يقال ‪ :‬الصل الحل والباحة لحديث عائشة ول يقال‬
‫بالستحباب كابن حزم لنه أمور جبلية ليست عبادية ليست من القرب حتى‬
‫نقول ‪ :‬تقرب إلى الله عز وجل ‪.‬‬
‫لكن إذا ظن أنه يؤدي إلى النزال أو الجماع فل يجوز ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪27‬‬

‫" ويجب اجتناب كذب وغيبةـ وشتم "‬


‫ل شك أن اجتناب هذه المور كما يكن في حال الصيام يكون في غير حال‬
‫الصيام لكنه في حال الصيام آكد لقوله ‪)) : r‬من لم يدع قول الزور والعمل به‬
‫فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه (( ‪.‬‬
‫وهذا من تعظيم حرمات الله عز وجل وشعائره ‪.‬‬
‫" وسن لمن شتم قول ‪ :‬إني صائم "‬
‫يستحب ذلك ول يقابل بالمثل ‪ ،‬ويدل لهذا قوله ‪ )) : r‬فإن شاتمه أحد أو‬
‫قاتله فليقل إني صائم (( في الصحيحين ‪.‬‬
‫وهل يقوله جهرا ً أو سرا ً ؟‬
‫ظاهر الحديث جهرا ً ول يكون داخل ً في الرياء ‪ ،‬وظاهر الحديث يقوله في‬
‫صيام النفل والفرض ‪.‬‬
‫والحكمة من هذا القول ‪ :‬التنبيه بأن هذا المشتوم ل يمنعه من الرد بالمثل‬
‫إل أنه معظم لشعائر الله وحرماته وآياته فل يمنعه العجز ‪.‬‬
‫" وتأخير سحور "‬
‫يستحب أن يؤخر السحور إلى قرب أو قبيل طلوع الفجر ‪ ،‬والسحور‬
‫مستحب لنه هدي النبي ‪. r‬‬
‫وثانيا ً ‪ :‬قوله ‪ )) : r‬فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ((‬
‫‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬يتقوى بهذه الكلة على العبادة وعلى الصيام وما يشرع من الدعاء‬
‫والقراءة ‪.‬‬
‫ما هو وقته ؟‬
‫بعض العلماء ‪ :‬يبدأ من نصف الليل ‪ ،‬وبعضهم ‪ :‬من السدس الخير من‬
‫الليل ‪ ،‬وقيل ‪ :‬في وقت السحر ‪ ،‬وهو الصواب ‪.‬‬
‫أما القول يبدأ من نص الليل فهذا ضعيف ما يحقق الحكمة فكونه يأكل‬
‫من نصف الليل ثم ينام ل يحقق الحكمة‪.‬‬
‫والصواب في آخر الليل في السحر ‪ ،‬والقول في السدس الخير والسحر‬
‫هذان القولن متقاربان لكن كلما أخر كان أفضل إلى قبيل طلوع الفجر ‪،‬‬
‫ويدل لما ذهب إليه المؤلف حديث زيد ‪ r‬أنه قال ‪ ) :‬تسحرنا مع رسول الله ‪r‬‬
‫ثم قمنا إلى الصلة ‪ ،‬فسئل زيد كم بين السحور والصلة ؟ قال ‪ :‬قدر خمسين‬
‫آية ( فهذا يدل على أن السحور يستحب تأخيره ؛ لن النبي ‪ r‬أخره ‪.‬‬
‫" وتعجيل فطر "‬
‫لما ثبت في الصحيحين أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬ل يزال الناس بخير ما عجلوا‬
‫الفطر (( ‪.‬‬
‫ومتى يكون تعجيل الفطر ؟‬
‫إذا علم غروب الشمس بأن رآها سقطت ‪ ،‬رأى قرص الشمس اختفى‬
‫في الفق يستحب له أن يفطر ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪28‬‬

‫أو ظن غروبها كأن يكون غيما ً لكن جرت العادة أنه إذا مضى مثل هذا‬
‫الوقت تكون الشمس قد غربت ‪ ،‬فإذا حصل علم أو ظن كفى ذلك ‪ ،‬ويدل لهذا‬
‫حديث أسماء رضي الله عنها أنهم أفطروا على عهد رسول الله ‪ r‬في يوم غيم‬
‫ثم طلعت الشمس ‪ ،‬فكون الشمس طلعت يدل أنهم أفطروا بناءً على الظن‬
‫فلو أفطرواض على العلم ما طلعت الشمس ‪ ،‬ومثل اليوم التقاويم هذه تفيد‬
‫الظن فإذا كان هذا التقويم صادر من جهة معتمدة فإنه يصار إليه في غروب‬
‫الشمس ودخول الوقت ‪.‬‬
‫" وكونه على رطب فإن لم يكن تمر وإل فماء "‬
‫هذا من مستحبات الصيام أن يفطر على رطب لحديث أنس ‪ ) r‬كان النبي‬
‫‪ r‬يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن فعلى تمرات فإن لم تكن‬
‫تمرات حسا حسوات من ماء ( ‪.‬‬
‫إذا لم يجد هذه الشياء حتى الماء يفطر على ما أباح الله من سائر‬
‫الطعمة والشربة فإذا لم يجد فإنه ينوي الفطارض ‪ ،‬فإذا نوى الفطار أفطرض ‪.‬‬
‫" وقوله عندهـ ‪ :‬اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت سبحانك‬
‫وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم"‬
‫ماذا يستحب أن يقول عند فطره ؟‬
‫يستحب أن يدعو ويدل لهذا قوله ‪ )) : r‬ثلثة ل ترد دعوتهم ‪ ،‬وذكر منهم ‪:‬‬
‫الصائم حتى يفطر (( ‪.‬‬
‫ويستحب أن يبسمل عند الكل ويحمد الله بعده ‪ ،‬ويستحب أن يقول ‪:‬‬
‫) ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الجر إن شاء الله ( ‪.‬‬
‫أما ما ذكره المؤلف ) اللهم لك صمت ‪ ( ...‬فهذا الحديث ضعيف ل يثبت‬
‫فل يشرع ‪.‬‬
‫" ومن فاته رمضان قضى عدد أيامه "‬
‫لم يصم رمضان لعذر فإنه يقضي عدد أيامه فإن كان تاما ً قضى ثلثين‬
‫يوما ً وإن كان ناقصا ً قضى تسعة وعشرين يوما ً ‪ ،‬والدليل قول الله عز وجل ‪:‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ البقرة‪. ١٨٤ :‬‬ ‫ﮋﭵ ﭶ‬
‫" وسن فورا ً متتابعاًـ "‬
‫هاتان مسألتان يستحب لمن فاته شيء من رمضان أن يقضيه فورا ً ‪،‬‬
‫ويؤخذ من كلم المؤلف ‪ /‬يجوز له أن يؤخر‪ ،‬وهذا ما عليه جمهور العلماء ل‬
‫بأس أن يؤخره ‪ ،‬والمستحب الفورية ‪.‬‬
‫ويدل على أنه يستحب الفورية أمره سبحانه وتعالى بالمبادرة إلى‬
‫العمال الصالحة ﮋﭯ ﭰﮊ البقرة‪ ، ١٤٨ :‬ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﮊ آل عمران‪ ، ١٣٣ :‬ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﮊ النبياء‪. ٩٠ :‬‬
‫والقضاء من ذلك ‪.‬‬
‫ويجوز التأخير لحديث عائشة رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬كان يكون علي‬
‫الصيام من رمضان فل أقضيه إل في شعبان ( فهذا دليل أنه يجوز أن يؤخر ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪29‬‬

‫الشافعي ‪ :‬إن أفطر لعذر ل بأس أن يؤخر ‪ ،‬وإن كان لغير عذر يجب عليه‬
‫القضاء فورا ً ‪ ،‬وهذا التفصيل ل دليل عليه ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬متتابع ‪ ،‬يستحب أن يقضيه متتابعا ً ويؤخذ من هذا أنه لو‬
‫فرق جائز ول بأس به ‪ ،‬ويدل لهذا قوله عز وجل ‪ :‬ﮋﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ البقرة‪١٨٤ :‬‬
‫‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا مطلق عن قيد التتابع ‪ ،‬وأيضا هذا وارد عن جمع من الصحابة ‪ ،‬أبو‬
‫عبيدة ومعاذ وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم ‪.‬‬
‫ويؤيد هذا أنه ل يجب المبادرة بالقضاء لنه على التراخي ‪.‬‬
‫والرأي الثاني ‪ :‬رأي ابن حزم يجب أن يكون متتابعا ً ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬وارد عن‬
‫ابن عباس ‪ ،‬والقضاء يحكي الداء ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ما ذهب إليه الجمهور إن شاء فرق وإن شاء تابع ‪.‬‬
‫" ويحرم تأخيره إلى رمضان آخر بل عذر "‬
‫يحرم تأخير القضاء إلى رمضان آخر بل عذر لما ورد من حديث عائشة‬
‫) كان يكون علي الصيام من رمضان فل أقضيه إل في شعبان ( فكون عائشة‬
‫رضي الله عنها أخرت إلى شعبان ‪ ،‬هذا يدل على أن هذا هو آخر حد التأخير‬
‫وأنه ل يؤخر بعد ذلك ‪.‬‬
‫وثانيا ً ‪ :‬قياسا ً على الصلة كما أن الصلة ل تؤخر حتى يدخل وقت الصلة‬
‫الخرى ‪ ،‬فل تؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر ‪ ،‬كذلك رمضان ل تؤخر‬
‫القضاء حتى يأتي رمضان الثاني ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬يؤدي هذا إلى تراكم الوجبات ‪.‬‬
‫وما حكم التطوع قبل القضاء جائز أو ليس جائز ؟‬
‫المذهب ‪ :‬ل يجوز أن يتطوع قبل القضاء ‪.‬‬
‫أبي حنيفة ومالك ‪ :‬أن هذا جائز ول بأس به وهو الصواب ؛ لن قضاء‬
‫رمضان على التراخي ‪.‬‬
‫ويستثنى صيام الست من شوال فالذي يظهر من الدليل إن أراد أن يصوم‬
‫الست فإنه يبدأ بالقضاء لن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من صام رمضان ثم أتبعه ستا ً‬
‫من شوال (( وقوله )) رمضان (( يشمل رمضان أداءًض وقضاءً ‪ ،‬والذي عليه‬
‫شيء من القضاء ل يسمى أنه صام رمضان ‪.‬‬
‫ً‬
‫" فإن فعل أطعم لكل يوم مسكينا مع القضاء "‬
‫يعني لو أخر القضاء حتى جاء رمضان الثاني فل يخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن يكون لعذر مثل لو مرض واستمر المرض حتى جاء‬
‫رمضان الثاني ‪ ،‬ل يأثم ول يجب عليه كفارة يقضي بعد رمضان الثاني و ل‬
‫شيء عليه ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬أن يكون أفطر لعذر وزال عذره ولم يقضي حتى جاء‬
‫رمضان الثاني ‪ ،‬يأثم لنه أخر إلى رمضان لغير عذر ‪ ،‬وهل يجب عليه كفارة أو‬
‫ل تجب عليه الكفارة ؟‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪30‬‬

‫المؤلف ‪ :‬تجب عليه الكفارة أن يطعم عن كل يوم مسكينا ً ‪ ،‬وهذا ما عليه‬


‫أكثر أهل العلم ‪ ،‬ودليلهم أنه وارد عن ابن عباس وأبو هريرة بأسانيد صحيحة‬
‫أنه تجب عليه الكفارة ‪.‬‬
‫أبو حنيفة ‪ :‬ل تجب عليه الكفارة يقضي ‪ ،‬واستدلض أن الله عز وجل أطلق‬
‫ﮋﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ ولم يذكر كفارة ‪.‬‬
‫والحوط ‪ :‬ما ذهب إليه أكثر أهل العلم يكفر أحوط وأبرأ للذمة مادام أنه‬
‫أخر لغير عذر ‪ ،‬لكن إذا كان معذور واستمر معه العذر أو جاهل ل يدري ل‬
‫تجب عليه الكفارة ‪.‬‬
‫هل تتكرر الكفارة بتكرر الرمضانات ؟‬
‫رجل أفطرض في هذه السنة ‪1427‬هض جاء ‪ 28‬ما قضى جاء ‪ 29‬لم يقضي‬
‫ثم قضى بعد ذلك فهل تتكرر الكفارة أو ل تتكرر ؟‬
‫ً‬
‫الجمهور ‪ :‬ل تتكرر ويجب أن يطعم عن كل يوم مسكينا ‪.‬‬
‫والشافعية ‪ :‬تتكرر فلو أفطر يوم أخره رمضان يطعم مسكين ‪ ،‬وإذاض أخره‬
‫رمضانين يطعم مسكينين ‪ ،‬وإذاض أخره ثلثا رمضانات يطعم ثلثة مساكين ‪..‬‬
‫وهكذا ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ل تتكرر لن الصل براءة الذمة ‪ ،‬ولن أصل الطعام موضع‬
‫خلفا والخلفا فيه قوي ‪ ،‬فالحنفية مذهبهم فيه قوة أنه ل يجب أصل ً الطعام‬
‫لن الله عز وجل أطلق ‪ ،‬فنقول ‪ :‬ل تتكرر الكفارة بتكرر الرمضانات ‪.‬‬
‫" وإن مات أطعم عنه "‬
‫إذا مات من عليه قضاء رمضان ولم يقض يقول المؤلف ‪ :‬يطعم عنه ‪.‬‬
‫وهذا الذي عليه قضاء من رمضان ل يخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن يفطر لعذر يرجى زواله ويستمر به العذر حتى يموت ‪ ،‬ل‬
‫شيء عليه ل يجب أن يطعم ول أن يصام عنه ؛ لن الله عز وجل أوجب عليه‬
‫عدة من أيام أخر وهذا لم يدرك العدة من أيام أخر ‪.‬‬
‫مثاله ‪ /‬رجل أفطر لصداع لم يتحمله وشق عليه الصيام واستمر به‬
‫الصداع حتى مات ‪ ،‬الصداع يرجى زواله عند الطباءض ‪ ،‬ل شيء عليه ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬رجل أفطرض لعذر ل يرجى زواله ‪ ،‬مرض ل يرجى شفاءه ثم‬
‫مات ‪ ،‬هذا يجب أن يطعم عنه لن الصل مخاطب بالطعام ‪.‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮊ البقرة‪.١٨٤ :‬‬ ‫كما تقدم لنا قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮁ ﮂ‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬ليست منسوخة هي في الشيخ الكبيرض والمرأة الكبيرة‬
‫ض ل يرجى برؤه أصل ً ليس عليه قضاء‬ ‫يفطران ويطعمان فالذي مرض مر ٌ‬
‫عليه إطعام ‪ ،‬فإذا أفطر لعذر ل يرجى زواله كمرض ‪.‬‬
‫ولهذا قال المؤلف ‪ ) :‬وإن مات بعد أن أخره لعذر فل شيء عليه ولغير‬
‫عذر أطعم عنه ( ‪.‬‬
‫المر الثالث ‪ :‬أفطر لعذر يرجى زواله وأدرك عدة من أيام أخر ‪ ،‬ففي‬
‫الصورة الولى لم يدرك عدة من أيام أخر‪ ،‬وهنا أدرك ‪ ،‬رجل سافر وأفطر‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪31‬‬

‫في رمضان خمسة أيام ثم قدم وتمكن أن يصوم هذه الخمسة في الحضر‬
‫لكن لم يصم أخر لغير عذر ‪ ،‬نقول ‪ :‬يطعم عنه ‪.‬‬
‫فأصبح يطعم عنه في حالتين ول يطعم عنه في حالة ‪.‬‬
‫ويؤخذ من كلم المؤلف أن وليه في حال الطعام يصوم أو ل يصوم ؟‬
‫ل يصوم لنه قال ‪ :‬أطعم عنه ‪ ،‬ولم يقل ‪ :‬يصم ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬يجوز لوليه أن يصوم عنه ؛ لنهم يفرقون بين الواجب بأصل‬
‫الشرع والواجب بأصل النذر ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬يطعم عنه ‪ ،‬ولوليه أن يصوم عنه لقوله ‪ )) : r‬من مات وعليه‬
‫صيام صام عنه وليه (( حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم ‪.‬‬
‫فوليه مخير بين الطعام والصيام ويجب عليه أن يطعم من تركته فإن لم‬
‫يطعم يصوم ‪ ،‬وإذا لم يخلف تركة فل يجب عليه أن يطعم بل يستحب أن‬
‫يطعم ‪ ،‬فإن لم يطعم فيستحب له أن يصوم ‪.‬‬
‫" ومن مات وعليهـ نذر صلة "‬
‫إذا مات شخص وعليه نذر صلة ) لله علي أن أصلي ركعتين ( ثم مات‬
‫ولم يصلي ‪ ،‬يستحب لوليه أن يصلي عنه ‪.‬‬
‫" أو صوم "‬
‫قال ‪ :‬لله علي أن أصوم يوما ً أو يومين ‪ ،‬نذر ثم مات ولم يصم ‪ ،‬يستحب‬
‫لوليه أن يقضي عنه ‪.‬‬
‫" أو حج ونحوه فعل من تركته فإن لم تكن سن لوليه "‬
‫) أو اعتكافا ( نذر أن يعتكف ومات ولم يعتكف ‪ ،‬يسن لوليه أن يقضيه‬
‫عنه ‪.‬‬
‫وقال المؤلف من تركته ‪ :‬هذا بالنسبة للصيام ‪ ،‬مات وعليه نذر صوم ولم‬
‫يصم وكان له تركة ‪ ،‬فنقول للولي ‪ :‬أما أن تخرج من التركة عن كل يوم‬
‫إطعام مسكين وأما أن تصوم عنه ‪.‬‬
‫وكذلك الحج ‪ ،‬إذا نذر أن يحج ولم يحج حتى مات ‪ ،‬فنقول لوليه ‪ :‬أما أن‬
‫تخرج من التركة من يحج عنه وإل فحج عنه ‪ ،‬هذا بالنسبة للصيام والحج ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للصلة والقراءة والعتكافا ونحو ذلك فهذه الشياء التي ل‬
‫تدخلها النيابة إذا نذرها الشخص ومات ولم يأت بها ‪ ،‬نقول ‪ :‬يستحب لوليه أن‬
‫يقضيها عنه ‪ ،‬فمتى يستحب للولي ومتى يجب على الولي ؟‬
‫يجب على الولي أن يخرج من التركة أو يفعل في الحج والصيام ‪.‬‬
‫بالنسبة للصلة والعتكافا والقراءة إذا نذرها الشخص ومات ولم يأت بها‬
‫‪ ،‬نقول ‪ :‬يستحب لوليه أن يأتي بها‪.‬‬
‫كذلك الحج والصيام إذا لم يكن له تركة ‪ ،‬رجل نذر أن يحج ولم يحج ‪ ،‬أو‬
‫نذر أن يصوم ولم يصم حتى مات ولم يكن له تركة ‪ ،‬نقول ‪ :‬يستحب لوليه أن‬
‫يقضي عنه ‪.‬‬
‫فأصبحت القسام ثلثة ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪32‬‬

‫القسم الول ‪ :‬ما يتعلق بالحج والصيام وللميت تركة ‪ ،‬نقول ‪ :‬يجب على‬
‫الولي أن يخرج في الصيام إطعام عن كل يوم مسكين ‪ ،‬وفي الحج أن يخرج‬
‫من التركة من يحج ‪ ،‬أو يحج بنفسه ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬ما يتعلق بالصلة والعتكافا والقراءة ‪ ،‬إذا نذرها الشخص‬
‫‪ ،‬يستحب لوليه أن يقضي عنه ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬الصيام والحج ولم يكن له تركة ‪ ،‬يستحب لوليه أن يقضي‬
‫له هذا النذر ‪.‬‬
‫هذا التفصيل ما ذهب إليه المؤلف ‪.‬‬
‫وظاهر كلم المؤلف ‪ /‬أن ما وجب بأصل الشرع كالصيام الواجب فإن‬
‫وليه ل يقضيه عنه ‪ ،‬فهم يفرقون بين الصيام المنذور والصيام الذي وجب‬
‫بأصل الشرع ‪.‬‬
‫فالصيام المنذور يستحب لوليه أن يقضيه عنه وإن خلف تركة فإنه يجب‬
‫أن يخرج طعاما ً أو يقضي عنه ‪ ،‬يقولون‪ :‬الصيام الواجب بأصل الشرع ل يصام‬
‫عنه وإنما يقتصر على الطعام كما سلف ‪.‬‬
‫الحج الواجب بأصل الشرع يخرج من تركته كما سبق ‪.‬‬
‫أما إن ترك الصلة فل يصلى عنه ‪ ،‬العتكافا ل يجب بأصل الشرع ‪،‬‬
‫القراءة الدعاء ل تجب بأصل الشرع ‪.‬‬
‫هذا هو المشهور من المذهب ‪.‬‬
‫والرأي الثاني ‪ :‬جمهور العلماء أبو حنيفة ومالك والشافعي ‪ /‬ل يصوم أحد‬
‫عن أحد ول يصلي أحد عن أحد ‪ ،‬ل يفرقون بين الصيام بأصل الشرع والصيام‬
‫الواجب بالنذر ‪ ،‬هذا كله ل يقضى عن الميت ‪ ..‬لكن الشافعية يقولون ‪ :‬في‬
‫الصيام يطعم عنه ‪.‬‬
‫والحنفية والمالكية ‪ :‬يطعم عنه إن أوصى ‪.‬‬
‫يقولون ‪ :‬ل يصوم أحد عن أحد ول يصلي أحد عن أحد ‪ ،‬فإذا مات رجل‬
‫وعليه نذر صلة أو اعتكافا أو صيام فإن وليه ل يشرع له أن يأتي به ‪ ،‬كما‬
‫يقول الحنابلة إذا مات وعليه نذر صلة فإن وليه يستحب له أن يقضيه ‪ ،‬وإذا‬
‫مات وعليه نذر اعتكافا يستحب لوليه أن يقضيه عنه ‪.‬‬
‫الجمهور ‪ :‬ل يرون القضاء عنه ل صياما ً ول صلة ول اعتكافا ‪ ..‬لكن عند‬
‫الحنفية والمالكية بالنسبة للصيام إن أوصى يطعم عنه إذا لم يوصي ل يطعم‬
‫عنه ‪.‬‬
‫الشافعية يطعم عنه مطلقا ً ‪.‬‬
‫الخلصة ‪ /‬والصحيح في هذه المسألة أن يقال ‪:‬‬
‫كما قال النبي ‪ r‬من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم ‪ )) :‬ومن‬
‫مات وعليه صيام صام عنه وليه (( ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أن الولي يشرع له أن يقضي عنه الصيام الواجب بأصل‬
‫الشرع والصيام الواجب بالنذر ‪ ..‬لكن إن كان خلف تركة يجب عليه أن يطعم‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪33‬‬

‫فإن لم يطعم فإنه يصوم ‪ ،‬وسبق متى يكون الطعام ومتى ل يكون في الصور‬
‫الثلثا السابقة في الدرس السابق ‪.‬‬
‫وكذلك كما قال الحنابلة ‪ :‬من مات وعليه نذر صلة أو اعتكافا أو قراءة‬
‫ولم يتمكن منها يشرع لوليه أن يقضيها عنه ‪.‬‬
‫ودليل الحنابلة ‪ :‬أنهم خصوا بصوم النذر وقالوا ‪ :‬أن الواجب بأصل الشرع‬
‫ل يصام عن الميت وإنما يطعم استدلوا بما في الصحيحين أن امرأة جاءت‬
‫إلى النبي ‪ r‬فقالت ‪ :‬إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟ قال ‪:‬‬
‫)) نعم (( ‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن قال ل يصام عن الميت سواءً كان واجبا بأصل الشرع أو بالنذر‬
‫)الجمهور( فاستدلوا بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ‪ ) :‬ل يصلي‬
‫أحد عن أحد ول يصم أحد عن أحد ( صحيح ‪.‬‬
‫وورد عن عائشة رضي الله عنها ولكن الثر ضعيف ‪.‬‬
‫وأما الواجب بالنذر كما ذكر الحنابلة يشرع لوليه أن يقضيه عنه ول يجب‬
‫إل إن خلف تركة لكن الصلة والقراءة والعتكافا الواجب بالنذر نقول على‬
‫سبيل الستحباب ‪.‬‬
‫الحج إن خلف تركة يجب على وليه أن يخرج من تركته فإن لم يفعل يحج‬
‫بنفسه ‪.‬‬
‫من هو الولي في قوله ‪ )) : r‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه (( ؟‬
‫قيل ‪ :‬أنه الوارثا وهو المشهور من المذهب ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬أنه سائر العصبة ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬كل قريب ‪.‬‬
‫والقرب ‪ :‬أن المراد بالولي هو سائر العصبة ‪.‬‬
‫والعلماء يتوسعون في ذلك ويقولون ‪ :‬لو صام عنه أجنبي ليس من‬
‫أولياءه فإن ذمته تبرأ سواءً أذن الولي أم لم يأذن ‪ ،‬وقوله ‪ )) : r‬من مات‬
‫وعليه صيام صام عنه وليه (( هذا محمول على الغالب ‪.‬‬
‫ً‬
‫وبعض العلماء قالوا ‪ :‬ل يجزئ إل إذا صام عنه الولي اقتصارا على مورد‬
‫النص ‪.‬‬
‫لكن الصحيح ‪ :‬إن صام عنه أحد فإن ذلك يجزئ ‪ ،‬وقوله ‪ )) : r‬من مات‬
‫وعليه صيام صام عنه وليه (( مبني على الغالب ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪34‬‬

‫فصل‬
‫صوم التطوع يوم ويوم‬

‫لما انتهى المؤلف من أحكام الصيام ذكر صوم التطوع وهو يجبر صوم‬
‫الفرض ‪ ،‬وفي مسند المام أحمد أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬أول ما يقضى بين‬
‫الناس يوم القيامة في الصلة ‪ ،‬فإن صلحت وإل قال الله انظروا هل لعبدي‬
‫من تطوع((‬
‫فالتطوعات لها حكم ويترتب عليها مصالح من ذلك ‪ :‬أنها تجبر ما حصل‬
‫من نقص في الفرائض ‪ ،‬فالفرائض يعتريها شيء من الخلل واللهو والنقص‬
‫بحسب طبيعة النسان ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬ما يترتب عليها من الفضل العظيم ‪ ،‬ففي الصحيحين )) كل عمل‬
‫ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إل الصوم فإنه لي وأنا‬
‫أجزي به (( فأضافا الصوم له إضافة تشريف وتعظيم مما يدل على فضله ‪.‬‬
‫وفي البخاري من حديث أبي هريرة ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قال الله عز‬
‫وجل ‪ )) :‬ول يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافلض حتى أحبه ‪ ،‬فإذا أحببته ‪(( ...‬‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫وهدي النبي ‪ r‬في صيام التطوع ينقسم أربعة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬صيام رغب فيه النبي ‪ r‬لكن لم يحفظ أن النبي ‪ r‬فعله أو‬
‫داوم عليه ‪ ،‬ومن أمثلته ‪ /‬صوم يوم وإفطار يوم ‪ ،‬رغب فيه وذكر أن أفضل‬
‫الصيام صيام نبي الله داود ‪ ،‬كان يصوم يوما ً ويفطر يوما ً ‪ ،‬لكن لم يحفظ‬
‫عنه ‪ r‬أنه كان يفعل هذا ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪35‬‬

‫ومن ذلك صيام يوم الثنين ‪ ،‬ففي صحيح مسلم سئل ‪ r‬عن صيام يوم‬
‫الثنين قال ‪ )) :‬ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه أو أنزل علي فيه (( ولم يحفظ‬
‫أنه كان يصوم يوم الثنين ‪.‬‬
‫ومن ذلك شهر الله المحرم ‪ ،‬ثبت في مسلم وغيره أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)) أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم(( ولم يحفظ عنه أنه كان‬
‫يصومه ‪ ،‬بل المحفوظ ما صامه ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها ‪ ) :‬وما‬
‫رأيته استكمل صيام شهر قط إل رمضان ( ‪.‬‬
‫فهذه أنواع من الصيام رغب فيها ‪ r‬وشرعها لمته ‪ ،‬وذكر فيها هذا الجر‬
‫العظيم ‪ ،‬ولم يحفظ أنه داوم عليها لما يتبين في القسم الرابع ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬صيام حافظ عليه ‪ ، r‬وهو صيام ثلثة أيام من كل شهر ‪،‬‬
‫كما في حديث عائشة ‪ ) :‬ولم يكن النبي ‪ r‬يبال صامها من أول الشهر أو في‬
‫وسطه أو في آخره ( ‪.‬‬
‫وأوصى بها أبا هريرة وأبا الدرداء وأبا ذر وقتادة بن ملحان وعبدالله بن‬
‫عمرو ‪ ،‬وفي حديث عبدالله بن عمرو ‪ ) :‬أن صيام ثلثة أيام من كل شهر يعدل‬
‫صيام الدهر ( ؛ لن الحسنة بعشر أمثالها ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬صيام أكثر منه النبي ‪ r‬وهو شهر شعبان ‪ ،‬فكان ‪ r‬يكثر من‬
‫صيام شعبان ويدل لهذا حديث عائشة في مسلم وغيره ‪ ) :‬وما رأيته أكثر منه‬
‫صياما ً في شعبان ( ‪.‬‬
‫وذكر ابن القيم في تهذيب السنن الحكمة من إكثار النبي ‪ r‬من الصيام‬
‫في شهر شعبان فقال ‪ ) :‬أما أن يقال بمنزلة السنة الراتبة لصيام رمضان كما‬
‫أن الصلة لها سنة راتبة قبله فكذلك يكون بمنزلة السنة القبلية الراتبة ‪.‬‬
‫أو يقال ‪ :‬أن النبي ‪ r‬يكثر الصيام في شعبان توطئة لصيام شهر رمضان ‪.‬‬
‫أو يقال الحكمة الثالثة ‪ :‬أن النبي ‪ r‬كان يترك بعض الصيام في سائر‬
‫السنة ثم يكثر من الصيام في شعبان استدراكا ً لما ترك في سائر السنة ‪.‬‬
‫المهم ‪ /‬أن هديه ‪ r‬الكثار من الصيام في شهر شعبان ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬سرد الصيام وسرد الفطر ‪ ،‬حسب ما يحصل للنبي ‪ r‬من‬
‫التخلي عن العمل أو الشغل بالعمل ‪ ،‬فتارة يسرد الفطر وتارة يسرد الصيام ‪،‬‬
‫حسب تخليه عن العمل ‪ ،‬أو اشتغاله ببعض العمال ‪.‬‬
‫ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها ‪ ) :‬وكان يصوم حتى نقول ل يفطر ‪،‬‬
‫وكان يفطر حتى كان ل يصوم (‬
‫قال المؤلف رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫" أفضل صوم التطوع يوم ويوم "‬
‫لما في حديث عبدالله بن عمرو فإنه أرشده أن يصوم يوما ً ويفطر يوما ً‬
‫وأن هذا هو أفضل الصيام ‪.‬‬
‫" ويسن ثالثاة من كل شهر "‬
‫دليله حديث عبدالله بن عمرو في الصحيحين ‪ ،‬وكما ذكرنا أن النبي ‪r‬‬
‫أوصى أبا الدرداء وأبا هريرة وأبا ذر وعبدالله بن عمرو وقتادة بن ملحان ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪36‬‬

‫وذكرنا أن هذا الصيام كان يحافظ عليه ‪ r‬وأنه يعدل صيام الدهر ‪ ،‬وذكر‬
‫بعض العلماء أن صيام ثلثة أيام من كل شهر هو السنة الراتبة للصيام ‪.‬‬
‫" وكونها البيض "‬
‫يسن أن تكون هذه اليام الثلثة هي أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع‬
‫عشر والخامس عشر ‪ ،‬ولو صامها في أو الشهر أو آخره أو نصفه أو فرقها‬
‫صام يوما ً في أوله ويوما ً في وسطه ويوما ً في آخره ‪ ،‬فإن هذا كله جائز ‪.‬‬
‫وسن أن تكون الثلثا البيض لحديث أبي ذر ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬إذا‬
‫صمت فصم ثلثة عشرة وأربعة عشرة وخمسة عشرة (( وهذا الحديث‬
‫أخرجه المام أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان ‪ ،‬وفي‬
‫إسناده يحيى بن سام ولكن لم يتابع وبعض الئمة يرى ضعف الحديث ول يثبت‬
‫عن النبي ‪. r‬‬
‫وعلى كل حال سواءً ثبت هذا الحديث أم لم يثبت فإن صيام ثلثة أيام من‬
‫كل شهر مشروعة سواءً صامها في أيام البيض أو صامها في غير أيام البيض ‪.‬‬
‫وسميت بأيام البيض لبيضاض القمر واكتمال نوره في هذه الليال واليام‬
‫الثلثة ‪.‬‬
‫" والثانين والخميس "‬
‫يقول المؤلف ‪ :‬يستحب صيام يوم الثنين ‪ ،‬ويدل لهذا ما ثبت في مسلم‬
‫أن النبي ‪ r‬سئل عن صيام يوم الثنين فقال ‪ )) :‬ذلك يوم ولدت فيه وبعثت‬
‫فيه أو أنزل علي فيه (( ‪.‬‬
‫والخميس ودليل ذلك حديث أسامة ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬هما يومان‬
‫تعرض فيهما العمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ((‬
‫وهذا الحديث أخرجه ح‪.‬ن ‪ ،‬ويحسنه كثير من المتأخرين ‪ ،‬وبعض العلماء‬
‫ضعفه‪ ،‬وإذا ثبت ذا الحديث فيكون صيام يوم الخميس من الصيام المقيد ‪،‬‬
‫وإن لم يثبت يكون من الصيام المطلق ‪ ،‬وسيأتي مزيد بحث على ثبوته ولن‬
‫الحديث له شواهد ‪.‬‬
‫" وست من شوال "‬
‫من الصيام المقيد ستة من شوال لحديث أبي أيوب ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)) من صام رمضان ثم أتبعه ستا ً من شوال فكأنما صام الدهر (( ‪.‬‬
‫وصيام ستة أيام من شوال تحته مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬حكم صيام ستة من شوال ؟‬
‫للعلماء رأيان ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬الستحباب ‪ ،‬قول الجمهور ‪ ،‬ودليلهم هذا الحديث وغيره من‬
‫الحاديث الواردة في صيام الستة من شوال ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬عدم المشروعية ‪ ،‬مالك وحجته ‪ :‬أن عمل أهل المدينة لم‬
‫يكن عليه ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪.‬‬
‫فعمل أهل المدينة موضع خلفا هل هو حجة أو ليس حجة ؟‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪37‬‬

‫وسبق أن تكلمنا على هذه المسألة وأن الليث بن سعد رحمه الله رد على‬
‫المام مالك فيما يتعلق بعمل أهل المدينة وكتب له رسالة في ذلك ‪ ،‬وسبق‬
‫أن شيخ السلم قال ‪ :‬أن عمل أهل المدينة ل يخلو من أربع حالت ‪:‬‬
‫فالعتماد على عمل أهل المدينة فيه نظر ؛ لن المام مالك اعتمد على‬
‫عمل أهل المدينة ورد بعض السنن والحكام الواردة الثابتة كل ذلك اعتماد‬
‫على عمل أهل المدينة ‪ ،‬وهذا كما أسلفنا فيه نظر ‪ ،‬كما ذكر العلماء وأن أهل‬
‫المدينة أنفسهم اختلفوا فيما بينهم ‪ ،‬وأن الصحابة رضي الله عنهم خرجوا من‬
‫المدينة وتفرقوا في البلد ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫وعلى هذا فيكون المصير إلى ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله‬
‫‪ ،‬وأن صيام ستة من شوال مشروع ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬من عليه قضاء من رمضان ‪ ،‬هل له أن يتطوع بالست‬
‫قبل القضاء أو لبد أن يقضي ؟‬
‫قبل أن تبحث هذه المسألة هناك مسألة قريبة من هذه المسألة وهي‬
‫حكم التطوع لمن عليه قضاء ‪ ،‬هل يجوز لمن عليه قضاء من رمضان أن‬
‫يتطوع بالصيام قبل أن يقضي ؟‬
‫المشهور من مذهب المام مالك وأبي حنيفة ‪ :‬ل بأس أن النسان يتطوع‬
‫قبل أن يقضي ‪ ،‬واستدلوا أن الله عز وجل قال ‪ :‬ﮋﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ البقرة‪:‬‬
‫‪. ١٨٤‬‬
‫وهذا مطلق ‪ ،‬فالقضاء مطلق سواءً قضى في شوال ‪ ،‬ذي القعدة ‪ ،‬ذي‬
‫الحجة ‪ ...‬مطلق ‪ ،‬ومادام أنه مطلق يدل على أنه ل بأس أن النسان يتطوع‬
‫قبل القضاء ؛ لن القضاء ل يجب على الفور ‪.‬‬
‫والدليل الثاني ‪ :‬حديث عائشة رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬كان يكون علي‬
‫الصيام من رمضان فل أقضيه إل في شعبان (‬
‫لمكان رسول الله ‪ r‬فهي أخرت إلى شعبان ول يفهم أن عائشة رضي‬
‫الله عنها كانت ل تتطوع ‪ ،‬بل يظهر أنها كانت تتطوع ول يفوتها النفل المقيد‬
‫وما رتب عليه من الفضل ‪.‬‬
‫المشهور من المذهب ‪ :‬ل يصح التطوع قبل القضاء بل لبد أن يقضي أول ً‬
‫ثم يتطوع ‪ ،‬ودليلهم على هذا ما ورد عن أبي هريرة ‪ r‬أنه قال ‪ ) :‬أحص العدة‬
‫ثم تطوع ما شئت ( ‪.‬‬
‫وكذلك استدلوا على ذلك ‪ :‬أن التطوع سنة والقضاء واجب ‪ ،‬والسنة ل‬
‫تقدم على الواجب ‪.‬‬
‫الشافعي ‪ :‬إن كان فطره لعذر ل بأس أن يتطوع قبل القضاء ‪ ،‬ولغير عذر‬
‫ل يجوز أن يتطوع قبل القضاء ‪.‬‬
‫والقرب في هذه المسألة ‪ :‬ما ذهب إليه الحنفية والمالكية وأنه يجوز‬
‫للنسان أن يتطوع قبل القضاء ‪ ،‬ويؤيد ذلك‪ /‬ما ذكرنا أن القضاء ل يجب على‬
‫الفور بل على التراخي ‪ ،‬وأن الشارع وسع فيه ‪ ،‬فإذا كان كذلك فالنسان له‬
‫أن يتطوع ‪ ،‬أو له أن يترك التطوع قبل القضاء ‪ ،‬ويؤيده أن الشارع كثير ما‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪38‬‬

‫يرغب في التطوع ويسهل فيه وذلك بإسقاط بعض الركان والشروط من‬
‫أجل تكثير التطوع ‪ ،‬ولهذا يجوز أن يتطوع وهو على دابته فيسقط بذلك إن‬
‫كان مسافرا ً استقبال القلبة والقيام والسجود والركوع يومئ بهما ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫كل ذلك ترغيب في التطوع ‪ ،‬فالتطوع قبل القضاء اللذي يظهر والله‬
‫أعلم أنه جائز ‪.‬‬
‫ونفهم من هذا أنه على مذهب الحنفية والمالكية يجوز أن يصوم ستا ً‬
‫من شوال قبل القضاء ‪ ،‬وعلى مذهب الحنابلة ل يجوز إل بعد القضاء ‪ ،‬وعند‬
‫الشافعية التفصيل كما سبق ‪.‬‬
‫والقرب في صيام ستا ً من شوال ‪ :‬أنه ل يصح أن يصومها حتى يقضي ‪،‬‬
‫لن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من صام رمضان ثم أتبعه ستا ً من شوال (( والذي عليه‬
‫شيء من القضاء لم يصم رمضان حتى الن ؛ لن قوله )) من صام رمضان ((‬
‫يشمل الداء والقضاء ‪.‬‬
‫فالخلصة في هذه المسألة ‪ /‬أن التطوع بالصيام قبل القضاء جائز إل في‬
‫مسألة ستة من شوال فإن النسان يبدأ بالقضاء ثم التطوع ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬يقول المؤلف رحمه الله تعالى ‪:‬‬


‫" والفضل عقب العيد متوالية "‬
‫الفضل أن يبادر بصيام ست من شوال عقب العيد ‪ ،‬وأن تكون متوالية ؛‬
‫لن هذا يوافق ظاهر الحديث ‪ ،‬فظاهر الحديث النسان يتابعها ‪ ،‬قال ‪ )) :‬ثم‬
‫اتبعه (( يعني أن النسان يتابع هذه الست بعد رمضان ‪.‬‬
‫وأيضا ً تكون متتابعة ول يفرق بينها لن هذا ظاهر الحديث ‪.‬‬
‫وثانيا ً ‪ :‬أنه أسرع في الخير ‪ ،‬والله عز وجل أثنى على المسرعين‬
‫ﯫ ﯬ ﯭﮊ النبياء‪. ٩٠ :‬‬ ‫والمسابقين بالخيرات ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫وقال ‪ :‬ﮋﭯ ﭰﮊ البقرة‪. ١٤٨ :‬‬
‫وعلى هذا يؤخذ من كلم المؤلف ‪ :‬لو أخرها بعد العيد أو فعلها متفرقة‬
‫جائز ول بأس به ويحصل له الجر ‪ ،‬قوله ‪ )) :‬فكأنما صام الدهر (( كما في‬
‫سنن النسائي ‪ ،‬الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة شهور ‪ ،‬وستة أيام لها‬
‫ستين يوما ً شهرين ‪ ،‬فيكون صام الدهر السنة ‪ ،‬وإذا صام السنة صام الدهر ‪.‬‬
‫" وشهر الله المحرم "‬
‫هذا من التطوع المقيد صيام شهر الله المحرم ‪ ،‬ودليل ذلك في مسلم أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم (( ‪ ،‬وظاهر‬
‫الحديث ل يحصل الجر ول السنية إل إذا صامه كامل ً ول يتحقق أن النسان‬
‫حقق هذه السنة إل إذا صام الشهر كامل ً ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء ‪ :‬يصومه لكنه ل يكمله ‪ ،‬واستدلوا بحديث عائشة‬
‫رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬وما رأيته استكمل صيام شهر قط غل رمضان (‬
‫فقالوا ‪ :‬ل يكمل إل رمضان ‪ ،‬وهذا ذهب إليه ابن قدامة في الكافي ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪39‬‬

‫والصواب ‪ :‬ظاهر ما ذكره العلماء وأن النسان يصومه كامل ً وهو ظاهر‬
‫الحديث ‪ ،‬وأما كونه ‪ r‬ما استكمل شهرا ً غير رمضان ‪ ،‬نقول ‪ :‬أن النبي ‪ r‬تتعلق‬
‫به أعمال وأشغال ل تمكنه من الستكمال ‪.‬‬
‫" وآكده عاشوراء ثام تاسوعاء "‬
‫صيام اليوم العاشر من شهر الله المحرم سنة وهو من الصيام المقيد ‪،‬‬
‫وصيام اليوم العاشر تحته مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬ما هو اليوم العاشر ؟ الجمهور ‪ :‬هو اليوم العاشر من‬
‫شهر الله المحرم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يدل لهذا الشتقاق والتسمية ‪ ،‬وهما تساعدان‬
‫على أن اليوم العاشر هو اليوم الذي يكون بعد اليوم التاسع ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬ظاهر ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما أن اليوم‬
‫العاشر هو اليوم الذي بعد اليوم الثامن ‪ ،‬فيكون اليوم العاشر هو يوم تاسوعاء‬
‫‪ ،‬ويدل لهذا ما ثبت في مسلم من حديث الحكم سأل ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما عن اليوم العاشر فأمره أن يعد ثمانية أيام وأن يصبح في اليوم التاسع‬
‫صائما ً ‪.‬‬
‫وأجاب ابن القيم على كلم ابن عباس رضي الله عنهما وقال ‪ :‬ابن عباس‬
‫لم يرد أن اليوم العاشر هو اليوم التاسع ‪ ،‬وإنما أراد من السائل أن يصوم‬
‫التاسع مع العاشر ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة وكان أول السلم واجبا ً‬
‫وسبق أن ذكرنا ذلك عند مراحل تشريع الصيام إن الصيام شرع على ثلثا‬
‫مراحل ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬وجوب صوم يوم عاشوراء ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬التخيير في صيام رمضان إن كان مطيقا ً بين الصيام أو يفطر‬
‫ويطعم عن كل يوم مسكينا ً ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬تعيين صيام رمضان ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮊ البقرة‪. ١٨٥ :‬‬
‫فصيام عاشوراء كان واجبا ً في أول السلم وكان الجاهلية يصومونه‬
‫واليهود يعضمونه ‪ ،‬ولما قدم الرسول ‪ r‬المدينة وجد اليهود تصومه فسألهم‬
‫عن ذلك ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬هذا يوم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون‬
‫وقومه فنحن نصومه شكرا ً لله عز وجل ‪ ،‬فقال ‪ r‬نحن أحق بموسى منكم‬
‫فصامه وأمر بصيامه ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬مراتب صيام يوم عاشوراء ‪ ،‬له مرتبتان ‪:‬‬
‫المرتبة الولى ‪ :‬أن يصوم التاسع والعاشر ‪ ،‬لقوله ‪ )) : r‬لئن بقيت إلى‬
‫القابل لصومن التاسع (( ‪ ،‬وهي أفضل المرتبتين ‪.‬‬
‫المرتبة الثانية ‪ :‬أن يقتصر على صيام العاشر ‪ ،‬جائز ونص العلماء أنه ل‬
‫يكره ويحصل له الجر ‪ ،‬وهو كفارة سنة كما في حديث أبي قتادة ‪. r‬‬
‫المرتبة الثالثة ‪ :‬مرتبة يضفها العلماء كابن القيم رحمه الله ويجعلها‬
‫أعلى المراتب وهي أن يصوم يوما ً بعده ويوما ً قبله ‪ ،‬يصوم ثلثة أيام ‪ ،‬وهذا‬
‫وارد له حديث أبي هريرة ‪ r‬في مسند أحمد ‪ ،‬لكن الحديث ضعيف ل يثبت‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪40‬‬

‫عن النبي ‪ r‬وإذا كان ضعيفا ً ل تثبت به السنية ‪ ،‬اللهم إل إذا كان النسان من‬
‫عادته أن يصوم ثلثة أيام من كل شهر فصام اليوم التاسع والعاشر والحادي‬
‫عشر بناءً على أنه صيام ثلثة أيام من كل شهر جائز ‪.‬‬
‫ومثله صيام ستة أيام من شوال إذا كان النسان من عادته صيام ثلثة‬
‫أيام من كل شهر فإنها تغني عن صيام ثلثة أيام من كل شهر ‪.‬‬
‫" وتسع ذي الحجة "‬
‫يقول من الصيام المقيد صيام تسعة أيام من ذي الحجة ‪ ،‬ودليل ذلك ما‬
‫ثبت في صحيح البخاري أن النبي ‪ r‬قال من حديث ابن عباس ‪ )) :‬ما من‬
‫أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ول الجهاد‬
‫في سبيل الله ؟ قال ‪ :‬ول الجهاد في سبيل الله إل رجل ً خرج بنفسه وماله‬
‫ولم يرجع من ذلك بشيء ((‬
‫وهذا يدل على فضل صيام هذه اليام لن صيامها داخل في العمل‬
‫الصالح ‪ ،‬وفيه الترغيب في العمل الصالح في هذه اليام الفاضلة ‪.‬‬
‫" وأفضله يوم عرفة لغير حاج بها "‬
‫أفضل هذه اليام يوم عرفة التاسع من ذي الحجة لحديث مسلم عن‬
‫أبي قتادة ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر‬
‫السنة التي قبله والسنة التي بعده (( فهو كفارة سنتين ‪.‬‬
‫وقول المؤلف ‪ :‬لغير حاج ‪.‬‬
‫فأما الحاج فإنه ل يستحب له أن يصوم يوم عرفة ‪ ،‬والنبي ‪ r‬كما في‬
‫حديث أم الفضل لما شكوا في صيامه يوم عرفة بعثوا له بلبن فشرب النبي ‪r‬‬
‫بعد العصر ‪ ،‬فدل أنه لم يصم في ذلك اليوم ؛ ولن الفطر في ذلك اليوم‬
‫أنشط لع على العبادة من القراءة والدعاء ونحو ذلك ‪.‬‬
‫ولهذا نص العلماء يكره للحاج أن يصوم في يوم عرفة ‪.‬‬
‫" ثام يوم التروية "‬
‫وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ‪ ،‬وسمي بهذا السم لنهم كانوا في‬
‫الزمن السابق يتروّون الماء ‪ ،‬أو يروّون الماء للخروج من مكة إلى منى ثم‬
‫عرفات ‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬ثم يوم التروية ‪.‬‬
‫هذا يحتاج إلى توقيف فهو يقول آكد اليام التسعة يوم عرفة ثم بعد عرفة‬
‫يوم التروية هذا يحتاج إلى دليل هذه الكدية فصيام التسعة الول من ذي‬
‫الحجة فيه فضل وأفضلها يوم عرفة لورود الدليل ‪ ،‬وأما يوم التروية لم يثبت‬
‫شيء على فضيلته ‪.‬‬
‫" وكره إفراد رجب "‬
‫يكره أن يفرد رجبا ً بالصوم لن فيه تشبها ً بأهل الجاهلية ‪ ،‬فقد كانوا‬
‫يعظمون رجب ‪ ،‬وكذلك أهل البدع ‪ ،‬ورجب لم يرد ما يدل على تعظيمه على‬
‫وجه الخصوص ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪41‬‬

‫وابن رجب رحمه الله له رسالة في إبطال ما ورد في شهر رجب ‪ ،‬وصيام‬
‫شهر رجب له ثلثا حالت ‪:‬‬
‫الحالة الولى ‪ :‬أن يصوم شهرا ً قبله أو شهرا ً بعده ‪ ،‬هذا جائز ول بأس به‬
‫لنه لم يفرد رجب بالصوم ‪ ،‬فإذا صام شهرا ً قبله وشهرا ً بعده جائز ول بأس به‬
‫‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬أن يفطر بعض أيامه هذا جائز ول بأس به ؛ لنه لم يصمه‬
‫كامل ً والنهي أن يصمه كامل ً ‪.‬‬
‫الحالة الثالثة ‪ :‬أن يصومه كامل ً وحده فهو الذي نص عليه المؤلف ‪.‬‬

‫" والسبت "‬


‫يعني يكره أن يفرد السبت وفيه نظر ؛ لن الحديث الوارد في ذلك ضعيف‬
‫)) ل تصوموا يوم السبت إل فيما أفترض عليكم (( ‪.‬‬
‫وهو شاذ ل يثبت عن النبي ‪. r‬‬
‫فالصواب ‪ :‬إفراده ل يكره ‪ ،‬وكذلك صيامه عن القضاء ‪ ،‬أو صيامه عن‬
‫التطوع ‪ ،‬فيما لو وافق يوم عرفة أو اليوم العاشر من شهر الله المحرم ‪ ،‬جائز‬
‫ول بأس به ‪.‬‬
‫" والجمعة "‬
‫المؤلف والجمهور ‪ :‬يكره إفراد الجمعة بالصوم ‪.‬‬
‫المام مالك ‪ :‬جائز ول بأس به ‪.‬‬
‫ابن حزم ‪ :‬محرم ‪.‬‬
‫دليل مالك ‪ :‬لم يرد عمل المدينة على هذا ‪ ،‬وفي الترمذي حديث ابن‬
‫مسعود ) أنه قلما كان يفطر النبي ‪ r‬يوم الجمعة ( ويدل هذا أنه ل يكره‬
‫إفراده ‪.‬‬
‫دليل الجمهور والمؤلف ‪ :‬أن النبي ‪ r‬نهى عن ذلك في الصحيحين ‪ )) :‬ل‬
‫تصوموا يوم الجمعة إل أن تصوموا يوما ً قبله أو يوما ً بعده (( ويدل لهذا أن‬
‫النبي ‪ r‬دخل على جويرية وهي صائمة يوم الجمعة فقال ‪ )) :‬صمت أمس ؟‬
‫قالت ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬تصومين غدا ً ؟ قالت ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فأفطري (( ‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك ‪ /‬أن يوم الجمعة عيد السبوع ‪ ،‬والعيد ل يصام ‪ ،‬وسيأتي أن‬
‫صيام عيد الفطر والضحى محرم ‪ ،‬فهذا العيد الكبر ‪ ،‬والعيد الذي أصغر تترك‬
‫مرتبة النهي إلى الكراهة ‪ ،‬ويدل على الكراهة أن النبي ‪ r‬رخص أن يصام يوما ً‬
‫قبله أو يوما ً بعده ‪ ،‬في العيدين يحرم ولو صام يوما ً قبله أو يوما ً بعده ‪.‬‬
‫فالصواب في هذه المسألة ‪ :‬ما ذهب إليه المؤلف والجمهور رحمهم الله‬
‫وهو أن إفراد الجمعة بالصيام مكروه ‪.‬‬
‫حديث الترمذي ل يثبت ) أن النبي ‪ r‬كان قلما يفطر يوم الجمعة ( ولو‬
‫ثبت محمول على أنه صام يوما ً قبله أو يوما ً بعده ‪ ،‬ولهذا تعرفا الجواب على‬
‫ما ذهب إليه ابن حزم رحمه الله وأنه يحرم إفراده بالصيام ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬ل يحرم ولكنه يكره لما ذكرنا من الدليلين ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪42‬‬

‫وحديث الصحيحين )) ل تصوموا يوم الجمعة إل أن تصوموا يوما ً قبله أو‬


‫يوما ً بعده (( يبين ضعف النهي عن صيام يوم السبت لن النبي ‪ r‬قال ‪)) :‬إل‬
‫أن تصوموا يوما ً قبله أو يوما ً بعده (( وإذا صام يوما ً بعده فإنه يكون صام يوم‬
‫السبت ‪ ،‬وثبت في صحيح مسلم أن الكراهة فيما إذا قصد التخصيص من‬
‫حديث أبي هريرة ‪ )) r‬ل تخصوا يوم الجمعة بصيام بين سائر اليام ول تخصوا‬
‫ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي (( فإذا قصد تخصيصها بصيام يكره ‪،‬‬
‫أما إذا ما قصد التخصيص مثل ً ‪ /‬رجل احتاج أن يفرد يوم الجمعة لنه ل يجد‬
‫يوما ً يصوم فيه إل الجمعة جائز ول يكره ‪.‬‬
‫مثل ً ‪ /‬إنسان احتاج أن يصوم يوم الجمعة قضاءً أو ل يتمكن أن يقضي‬
‫سائر اليام ؛ لنه عنده أعمال ل يكره؛ لنه لم يقصد التخصيص وإنما جاء تبعا ً ‪.‬‬
‫والقاعدة } التابع تابع وأنه يغتفر في التابع ما ل يغتفر في المتبوع {‬
‫فالصحيح ‪ :‬إذا لم يقصد التخصيص ولكن لحاجة إنسان ل يتمكن من‬
‫القضاء التطوع إل في مثل هذا اليوم ‪ ،‬نقول ‪ :‬ل بأس ‪.‬‬
‫" وعيد الكفار بصوم "‬
‫يقول المؤلف ‪ :‬يكره إفراد يوم عيد الكفار بالصوم ‪ ،‬وإفراد عيد الكفار‬
‫بالصوم قسمان ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يقصد بهذا الصوم تعظيم هذا العيد ‪ ،‬هذا ل يقتصر على‬
‫الكراهة ‪ ،‬فكونه يعظم عيد الكفار ل يقتصر على الكراهة وخصوصا ً فيما يتعلق‬
‫بالعياد الدينية ‪ ،‬بل يخشى فيها من الردة ؛ لن تعظيم أعياد الكفار تعظيم‬
‫للكافر ‪ ،‬وتعظيم الكفر كفر خروج من الملة ‪.‬‬
‫لن تعظيم العياد الدينية للكفار رضى بها والرضا بالكفر كفر ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أل يقصد تعظيم هذا العيد بل فعله على وجه العبادة لله‬
‫عز وجل ‪ ،‬فنقول ‪ :‬هذا جائز ول بأس به ‪.‬‬
‫" ويوم شك إن كانت ليلته صحوا ً "‬
‫يقول المؤلف ‪ :‬يكره صوم يوم الشك ‪ ،‬ودليل ذلك حديث عمار أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ )) :‬من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم (( ‪.‬د‪.‬ت وعلقه‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫لكن ما هو يوم الشك الذي نهى النبي ‪ r‬عن صيامه ؟‬
‫للعلماء رأيان ‪:‬‬
‫الرأي الول المؤلف ‪ :‬يوم الثلثين من شعبان إذا كانت ليلته صحوا ً ‪،‬‬
‫تراءينا الهلل ليلتها ولم يكن غيم ول قتر‪ ،‬ولم نره ‪ ،‬فيكره صيام يوم الثلثين‬
‫لنه يوم الشك ‪ ،‬إذا كانت الليلة غيما ً وقترا ً على المذهب يجب الصيام ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن يوم الشك هو يوم الثلثين من شعبان إذا كانت ليلة‬
‫غيما ً أو قترا ً ‪ ،‬وهو الصواب ؛ لن الليلة إذا كانت صحوا ً ليس هناك شك قطعنا‬
‫الن أن هذا اليوم من شعبان فليس فيه شك ‪ ،‬فالذي فيه شك ‪ ،‬والشك فيه‬
‫هو الذي ليلته غيما ً أو قترا ً ‪ ،‬هل هو من رمضان أو من شعبان ‪.‬‬
‫" ويحرم صوم يوم عيد مطلقا ً وأيام تشريق "‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪43‬‬
‫عيد الفطر والضحى وأيام التشريق يحرم صيامها ‪ ،‬فيوم العيد اتفاقا ً‬
‫يحرم صومه ‪ ،‬لما في الصحيحين من حديث عمر ‪ ) r‬أن النبي ‪ r‬نهى عن صوم‬
‫يوم عيد الفطر ويوم الضحى (‬
‫وظاهر كلم المؤلف ‪ /‬أنه يحرم صومه حتى عن قضاء رمضان فل يجوز‬
‫يوم العيد ل تطوعا ً ول قضاءً وهو الصواب ‪.‬‬
‫كذلك أيام التشريق يحرم صومها وهي الحادي عشر والثاني عشر‬
‫والثالث عشر من شهر ذي الحجة ‪ ،‬وسميت بأيام التشريق لن الناس كانوا‬
‫يشرقون اللحم أي يقطعونه ويبرزونه للشمس حتى ييبس ول يتسارع إليه‬
‫الفساد ‪.‬‬
‫ودليلهم تحريم صومها حديث نبيشة الهذلي أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬أيام‬
‫التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل (( ‪.‬‬
‫والقول بتحريم صيامها ما عليه جمهور أهل العلم ‪.‬‬
‫" إل عن دم متعة أو قران "‬
‫المتمتع إذا لم يجد الهدي فل بأس أن يصوم الحادي عشر والثاني عشر‬
‫والثالث عشر أيام التشريق ؛ لن المتمتع والقارن إذا لم يجدا الهدي فإنه يجب‬
‫عليهما الصيام ثلثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ‪.‬‬
‫صيام الثلثة في الحج يبدأ وقتها من حين الحرام بالعمرة إلى آخر أيام‬
‫التشريق ‪ ،‬فإذا ما صام قبل عرفات فيصوم أيام التشريق الحادي عشر‬
‫والثاني عشر والثالث عشر ‪ ،‬لن أيام الحج تنتهي بغروب الشمس من اليوم‬
‫الثالث عشر ‪.‬‬
‫ويدل لهذا حديث ابن عمر وعائشة قال ‪ ) :‬لم يرخص في أيام التشريق‬
‫أن يصمن إل للمتمتع الذي ل يجد الهدي ( ‪.‬‬
‫أبو حنيفة ‪ :‬أن المتمتع ل يصوم في أيام التشريق إذا لم يجد الهدي‬
‫لحديث نبشة ‪.‬‬
‫لكن حديث نبشة خصه حديث عائشة وابن عمر في الترخيص للمتمتع‬
‫الذي ل يجد الهدي بصيامها ‪.‬‬
‫" ومن دخل في فرض حرم قطعه "‬
‫قول المؤلف ‪ :‬في فرض ‪ ،‬يشمل ما إذا كان أداءً أو قضاءً ‪ ،‬أداءً كصيام‬
‫رمضان ‪ ،‬صلة الفريضة ‪.‬‬
‫قضاءً كقضاء رمضان ‪ ،‬وقضاء الفريضة ‪ ،‬فإنه إذا دخل في هذا الواجب‬
‫سواءً كان أداءً أو قضاءً فإنه يحرم عليه أن يقطعه ‪.‬‬
‫وذكر ابن قدامة ‪ :‬أن هذا بغير خلفا ‪ ،‬وعلى هذا ‪ /‬إذا شرع في قضاء‬
‫رمضان ل يجوز له قطعه ‪ ،‬وهذا خلفا ما يظنه بعض الناس أن هذا جائز ول‬
‫بأس به ‪.‬‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮊ البقرة‪ ، ١٨٧ :‬والمر يقتضي‬ ‫ويدل لذلك قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮀ‬
‫ﯛ ﯜﮊ البقرة‪. ١٩٦ :‬‬ ‫الوجوب ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪44‬‬

‫" ول يلزم إتمام نفل "‬


‫يؤخذ من كلم المؤلف أنه ل بأس أن يقطعه ‪ ،‬لكن قال العلماء ‪ :‬يكره‬
‫أن يقطعه بل عذر ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ :‬ﮋﮇ ﮈ ﮉﮊ محمد‪. ٣٣ :‬‬
‫والدليل على جواز قطع النفل حديث أبي جحيفة في صحيح البخاري أن‬
‫سلمان ‪ r‬لما زار أبي الدرداء وشاهد من صيامه وقيامه فأصبح أبو الدرداء‬
‫صائما ً ‪ ،‬فقال سلمان ‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل ‪ ،‬فأكل أبو الدرداء ‪ ،‬ولما ذكر‬
‫ذلك للرسول ‪ r‬قال ‪ :‬صدق سلمان ‪.‬‬
‫ويدل أيضا ً حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ‪ r‬دخل عليها فقال ‪:‬‬
‫هل عندكم شيء ؟ فقالت رضي الله عنها ‪ :‬أهدي لنا حيس ‪ ،‬فقال النبي ‪: r‬‬
‫أرينيه فلقد أصبحت صائما ً ‪ ،‬فأكل ‪.‬‬
‫وهذا يدل على أنه ل بأس أن يقطع صوم النفل ‪.‬‬
‫وسبق قول العلماء أنه يكره قطعه لغير عذر ومصلحة ‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬
‫ﮋﮇ ﮈ ﮉﮊ ‪ ،‬وإذا قطعه يستحب له أن يقضيه ‪ ،‬ويدل لذلك ما ثبت عند د‬
‫بإسناد حسن أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬أخوكم دعاكم وتكلف لكم كل وصم يوما ً‬
‫مكانه (( فقال ‪ )) : r‬صم يوما ً مكانه (( فهذا يدل على أن النسان إذا قطع‬
‫النفل فإنه يستحب له أن يقضيه ‪.‬‬
‫وأيضا ً يدل لهذا قوله ‪ r‬لعائشة وأم سلمة رضي الله عنهما لما أفطرتا‬
‫قال ‪ )) :‬صوما يوما ً مكانه (( ‪.‬‬
‫لكن هل يجب ذلك أو ل يجب ؟‬
‫فيه خلفا ‪ ،‬قضاء النفل عند الجمهور ليس واجبا ً ‪.‬‬
‫" ول قضاء فاسده "‬
‫إذا فسد هذا التطوع ل يجب قضاؤه الجمهور خلفا ً لبي حنيفة يري أنه‬
‫يجب قضاء فاسده ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ل يجب قضاء فاسده ؛ لننا لو قلنا بوجوب قضاء الفاسد‬
‫للزم إشغال الذمة ‪ ،‬والصل ‪ /‬براءة الذمة‪ ،‬فما ورد عنه ‪ r‬بالقضاء يحمل‬
‫على الستحباب خلفا ً لما ذهب إليه أبي حنيفة رحمه الله أنه يجب قضاء‬
‫فاسده ‪.‬‬
‫مالك يفصل إن كان لعذر يقضى ‪ ،‬وإن كان لغير عذر ل يقضى ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬كما سبق الجمهور ل يجب قضاء فاسده ‪.‬‬
‫" غير حج وعمرة "‬
‫فالحج والعمرة يجب قضاء فاسدهما إذا كان نفل ً ‪ ،‬أما إذا كان فرضا ً‬
‫إجماعا ً يجب قضاء فاسد الحج والعمرة ؛ لن الذمة لم تبرأ من هذا‬
‫الواجب ‪.‬‬
‫لكن إذا كان نفل ً وأفسده فهل يجب عليه أن يقضي أو ل يجب عليه أن‬
‫يقضي ؟‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪45‬‬

‫تقدم في كتاب الحج وذكرنا خلفا أهل العلم وأن الجمهور يجب أن‬
‫يقضي لن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم خلفا ً للظاهرية فهم‬
‫يخالفون في المضي فيه ‪ ،‬أما قضاء الفاسد ‪.‬‬
‫وتقدم ما هو الحج الفاسد والعمرة الفاسدة ‪.‬‬
‫" وترجى ليلة القدر في العشر الخير من رمضان "‬
‫ليلة القدر تحتها مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬سبب تسميتها بهذا السم ‪.‬‬
‫قال بعض العلماء ‪ :‬سميت بهذا السم لن الطاعات فيها لها قدر‬
‫عظيم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬لنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬لعظم قدرها‬
‫عند الله عز وجل ‪.‬‬
‫ول يمنع أن تكون لكل ما سبق من العلل ‪ ،‬ويدل لهذا أن الله عز وجل‬
‫أنزل فيها سورة كاملة وذكر في هذه السورة فضلها وعظيم أجرها وعظيم‬
‫منزلتها ‪ ،‬وفي الصحيحين أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من قام ليلة القدر إيمانا ً‬
‫واحتسابا ً غفر له ما تقدم من ذنبه (( ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬زمنها ‪.‬‬
‫الجمهور ‪ :‬أنها في رمضان ‪.‬‬
‫أبو حنيفة ‪ :‬في جميع السنة ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله ‪.‬‬
‫ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬تحروا ليلة القدر‬
‫في العشر الواخر من رمضان (( ‪.‬‬
‫وأبو حنيفة يقول ‪ :‬في جميع السنة لورود ذلك عن ابن مسعود ‪. r‬‬
‫والصواب ‪ :‬ما ذهب إليه الجمهور للحاديث الواردة في ذلك ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬وهل هي أفضل أم ليلة السراء ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬ليلة السراء فرضت فيها الصلة وكلم الله عز وجل نبيه بل‬
‫واسطة ‪ ،‬أو ليلة القدر ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬قال شيخ السلم رحمه الله ‪ :‬ليلة القدر أفضل في حق المة ‪،‬‬
‫وليلة السراء أفضل في حق النبي ‪. r‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬قال المؤلف رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫" وأوتاره آكد "‬
‫بينا زمنها على سبيل الطلق ‪ ،‬ثم ذكر المؤلف ما هو زمنها على سبيل‬
‫التقييد فقال ‪ :‬وأوتاره آكد ‪ ،‬ويدل لهذا حديث عائشة رضي الله عنها أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬تحروا ليلة القدر في أوتار العشر الواخر (( ‪.‬‬
‫" وأبلغها ليلة سبع وعشرين "‬
‫ويدل لهذا أن أبي ‪ r‬كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين ‪.‬‬
‫والجمع بين هذا أن يقال في أوتار العشر لكن يكثر كونها في ليلة سبع‬
‫وعشرين ‪ ،‬فتارة واحد وعشرين ‪ ،‬وتارة ثلثا وعشرين ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬ويكثر أنها‬
‫تكون ليلة سبع وعشرين ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪46‬‬

‫" ويكون من دعائه فيها ‪ :‬اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف‬
‫عني "‬
‫ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت ‪ :‬يا رسول الله إن‬
‫وافقتها فيما أدعوا ‪ ،‬قال ‪ )) :‬قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف‬
‫عني (( ح‪.‬ت‪.‬هض ‪.‬‬
‫علمات ليلة القدر ‪:‬‬
‫ورد لها علمات كما في حديث أبي بن كعب وواثلة وابن عباس رضي‬
‫الله عنهم ‪.‬‬
‫أول ً ‪ :‬أن الشمس تطلع في صبيحتها ل شعاع لها ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أنها ليلة طلقة بلجة ليست حارة ول باردة ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أنه ل يرمى في ليلتها بنجم ‪.‬‬
‫ففضل قيامها كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة ‪ r‬أنه قال ‪:‬‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬من قام ليلة القدر إيمانا ً واحتسابا ً غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه (( ‪.‬‬
‫ً‬
‫والقيام ليس خاصا بالصلة ‪ ،‬وإنما يشمل القيام بالصلة والذكر من‬
‫الدعاء والقراءة والتسبيح ‪ ،‬حتى أن العلماء رحمهم الله ذكروا أن الكل‬
‫يدرك ليلة القدر فالحائض تدركها بالذكر والدعاء ‪ ،‬والمسافر يدركها إذا لم‬
‫يتمكن من الصلة بالذكر والدعاء والقراءة فرحمة الله واسعة ‪.‬‬

‫باب العتكافا‬

‫العتكافا لغة ‪ :‬لزوم الشيء ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ :‬ﮋﭘ ﭙ ﭚ ﭛﮊ‬


‫العرافا‪ ، ١٣٨ :‬أي يلزمون هذه الصنام ‪.‬‬
‫اصطلحا ً ‪ :‬فهو التعبد لله عز وجل بلزوم المسجد على وجه مخصوص ‪.‬‬
‫والعتكافا سنة ‪ ،‬ودل على ذلك القرآن والسنة وإجماع المسلمين ‪.‬‬
‫القرآن قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ البقرة‪. ١٨٧ :‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪47‬‬

‫السنة ‪ :‬فعل النبي ‪ r‬ومداومته على ذلك حتى توفى ‪ ،‬وكذلك فعل‬
‫الصحابة رضي الله عنهم ‪.‬‬
‫والجماع ‪ :‬فالمسلمون مجمعون على العتكافا ‪ ،‬والصحابة رضي الله‬
‫عنهم اعتكفوا كما في حديث أبي سعيد في مسلم وغيره مع النبي ‪، r‬‬
‫واعتكف أزواجه ‪ r‬من بعده ‪.‬‬
‫وقد ورد عن المام مالك رحمه الله كراهة العتكافا وأنه لشدته‬
‫كالوصال ‪ ،‬والوصال هو ‪ :‬قرن اليومين فأكثر بالصيام ‪ ،‬هذا الوصال وحكمه ‪/‬‬
‫خلفا بين العلماء هل هو جائز أو غير جائز ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ليس جائزا ً إل من أراد أن يواصل للسحر ‪ ،‬ويدل لهذا حديث‬
‫أبي سعيد ‪ r‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬أيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر ((‬
‫‪.‬‬
‫فالمام مالك ألحق العتكافا بالوصال بجامع الشدة في كل منهما ‪،‬‬
‫وهذا القياس ‪ ،‬نظر في مقابلة الثر فل يصار إليه ‪.‬‬
‫واستدل أن الناس تركوا العتكافا ‪ ،‬وهذا غير مسلم فقد كان الصحابة‬
‫يعتكفون ‪ ،‬وأزواج النبي ‪ r‬اعتكفن من بعده ‪ ،‬وكون الناس هجروه في زمن‬
‫ل يقتضي عدم سنيته ‪.‬‬
‫قال المؤلف رحمه الله ‪:‬‬
‫" العتكاف مسنون كل وقت "‬
‫يؤخذ من كلمه رحمه الله أنه يشرع في رمضان وغير رمضان ‪ ،‬وبعض‬
‫العلماء ‪ :‬خصه برمضان ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬أن النبي ‪ r‬لم يعتكف إل في رمضان ‪.‬‬
‫لكن الجمهور ‪ :‬ل يخص في رمضان بل في رمضان وفي غيره ‪ ،‬ويدل‬
‫لذلك أمران ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن النبي ‪ r‬لما ترك العتكافا في بعض السنوات قضاه في‬
‫شوال ‪ ،‬وهذا يدل على أن غير رمضان محل للعتكافا ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬أن الحكمة من العتكافا جمع القلب على الله ‪،‬‬
‫والنقطاع عن الخلق إلى الخالق ‪ ،‬والتخفف من فضول الخلطة والطعام‬
‫والشراب ونحو ذلك ‪ ،‬وهذه الحكمة كما أنها في رمضان تكون في غير‬
‫رمضان ‪.‬‬
‫فيظهر والله أعلم ‪ /‬أن السنة كلها محل للعتكافا لما سبق من أدلة ‪.‬‬
‫" وفي رمضان آكد خصوصا ً عشره الخير "‬
‫هو سنة في رمضان وغير رمضان ‪ ،‬ويتأكد في رمضان ‪ ،‬ويشتد تأكده‬
‫في العشر الواخر من رمضان ‪.‬‬
‫وكما سبق بعض العلماء يرى أنه ليس مشروعا ً إل في العشر الواخر‬
‫من رمضان ‪ ،‬وفي غير العشر الواخر هذا من قبيل المباح والجائز ليس‬
‫مشروعا ً ‪.‬‬
‫" ويصح بل صوم "‬
‫شروط صحة العتكافا ‪:‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪48‬‬

‫الشرط الول ‪ :‬الصيام ‪ ،‬فهل يشترط لصحة العتكافا الصيام أو يصح‬


‫بل صوم ؟‬
‫المشهور من مذهب المام أحمد والشافعي ‪ :‬يصح بل صوم ‪ ،‬ولهذا قال‬
‫المؤلف رحمه الله ‪ :‬ويصح بل صوم ‪.‬‬
‫مالك وأبو حنيفة ‪ :‬ل يصح إل بصوم ‪.‬‬
‫أدلتهم ما ثبت في الصحيح من حديث عائشة وغيره ) أن النبي ‪ r‬لما‬
‫ترك العتكافا قضاه في العشر الول من شوال ‪ ،‬ويدخل في العشر الول‬
‫من شوال يوم العيد ‪ ،‬ويوم العيد يحرم صومه ‪.‬‬
‫فيؤخذ من الحديث ‪ /‬أن النبي ‪ r‬اعتكف يوم العيد ‪ ،‬ويوم العيد يحرم‬
‫صومه ‪ ،‬فدل على أنه ل يشترط الصوم ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث عمر ‪ r‬في الصحيحين أنه قال ‪ :‬يا رسول الله إني‬
‫نذرت أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام ‪ ،‬فقال النبي ‪ )) : r‬أوفا بنذرك ((‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬ليلة ‪ ،‬والليل ليس محل للصوم ‪.‬‬
‫وورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما وإن كان ضعيفا ً ) ليس‬
‫على المعتكف صيام إل أن يجعله على نفسه( ضعيف ‪ ،‬وورد عن ابن‬
‫مسعود رضي الله عنهما ‪.‬‬
‫أدلة أبو حنيفة ومالك يشترط لصحة العتكافا الصوم استدلوا ‪ :‬أن الله‬
‫عز وجل ذكر آيات الصيام ثم ذكر العتكافا ‪ ،‬فهذا يدل على أن الصيام‬
‫معتبر في العتكافا ‪.‬‬
‫وهذا الستدلل فيه نظر ‪ /‬وجمهور الصوليين يقولون ‪ :‬أن دللة‬
‫القتران ليست حجة ‪ ،‬كون الشارع يقرن بين اثنين ل يلزم من ذلك أن ننقل‬
‫حكم أحدهما إلى الخر ‪.‬‬
‫فمثل ً قوله ‪ r‬من حديث أبي هريرة ‪ r‬في الصحيحين )) خمس من‬
‫الفطرة ‪ :‬الختان ‪ ،‬والستحداد ‪ ،‬وقص الشارب ‪ ،‬ونتف البط ‪ (( ...‬الحديث ‪.‬‬
‫ل يلزم أن النبي ‪ r‬قرن بين الختان والستحداد ‪ ،‬فنقول أن هذا مستحب كما‬
‫هذا مستحب ‪ ،‬وهذا واجب كما أن هذا واجب ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها كما في أبي داود وغيره أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬ول اعتكافا إل بصوم (( ل يثبت مرفوعا ً ‪.‬‬
‫الصواب في هذه المسألة ‪ :‬ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله وأن‬
‫العتكافا ل يشترط فيه الصيام ‪.‬‬
‫" ل بل نية "‬
‫هذا هو الشرط الثاني ‪ :‬النية ‪ ، ،‬لنه عبادة ‪ ،‬والعبادة يشترط لصحتها‬
‫النية ‪ ،‬لقوله ‪ r‬من حديث عمر ‪ )) r‬إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما‬
‫نوى (( ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬السلم ‪ ،‬لن العتكافا كما سلف عبادة ‪ ،‬والعبادة ل‬
‫تصح من الكافر لنه فاقد للصل وهو التوحيد ‪ ،‬والله عز وجل يقول ‪ :‬ﮋﮰ ﮱ‬
‫ﯗﮊ النعام‪. ٨٨ :‬‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪49‬‬

‫الشرط الرابع ‪ :‬العقل ‪.‬‬


‫الشرط الخامس ‪ :‬التمييز ‪ ،‬لما تقدم أنه يشترط أن يكون العتكافا‬
‫بنية والمجنون وغير المميز ل قصد لهما صحيح‪.‬‬
‫" ويلزم بنذر "‬
‫ذكر المؤلف أن العتكافا سنة ‪ ،‬لكن متى يجب ؟‬
‫قال ‪ :‬يجب بالنذر ‪ ،‬ويدل لهذا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ )) :‬من نذر أن يطيع الله فليطعه (( فإذا نذر أن يعتكف يوما ً او يومين‬
‫فإنه يجب عليه أن يوفا بنذره ‪.‬‬
‫" ول يصح إل في مسجد "‬
‫هذا الشرط السادس ‪ :‬يشترط لصحة العتكافا أن يكون في مسجد‬
‫ويدل لهذا قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ البقرة‪. ١٨٧ :‬‬
‫وأيضا ً ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها ) أن النبي ‪ r‬اعتكف في‬
‫المسجد ( ‪.‬‬
‫لكن هل يشترط مسجد بعينه أو ل يشترط ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬الرأي الول ‪ :‬ذهب إليه المؤلف أنه يشترط أن يكون المسجد‬
‫ممن تقام فيه الجماعة ‪ ،‬إذا كان من أهل الجماعة ‪ ،‬وهو مذهب المام أحمد‬
‫وأبو حنيفة ‪ ،‬ول يصح أن يعتكف في أي مسجد ‪ ،‬ويدل لهذا الدلة الدالة‬
‫على وجوب صلة الجماعة ؛ لنه لو اعتكف في مسجد ل تقام فيه الجماعة‬
‫أدى ذلك إلى واحد من محذورين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يترك صلة الجماعة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن يتكرر خروجه لبد أن يخرج ‪.‬‬
‫ويدل أيضا ً لهذا أن النبي ‪ r‬اعتكف في مسجده ‪ ،‬ومسجده تقام فيه‬
‫الجماعة ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬مالك والشافعي يصح في كل مسجد ‪ ،‬لكن قالوا إن‬
‫تخلل اعتكافه جمعة فلبد أن يكون في مسجد جامع لوجوب صلة الجمعة ‪،‬‬
‫والدليل على أنه يصح في كل مسجد قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ‬
‫وأيضا ً أن صلة الجمعة واجبة ‪ ،‬وأيضا ً في حديث عائشة رضي الله عنها‬
‫في أبي داود أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬ول اعتكافا إل في مسجد جامع (( ول يثبت‬
‫مرفوعا ً ‪ ،‬مع أنه ورد )) ول اعتكافا إل في مسجد جماعة (( ‪.‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬يشترط أن يكون العتكافا في المساجد الثلثة )المسجد‬
‫الحرام – المسجد النبوي – المسجد القصى( وهذا ما ذهب إليه حذيفة ‪، r‬‬
‫واختاره من المتأخرين الشيخ اللباني رحمه الله ‪ ،‬وأن العتكافا ل يصح إل‬
‫في هذه المساجد الثلثة ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث حذيفة مرفوعا ً أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬ل اعتكافا إل في‬
‫المساجد الثلثة (( ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪50‬‬

‫والصحيح في هذه المسألة ‪ :‬ما ذهب إليه أحمد وأبو حنيفة ‪ ،‬وأنه يصح‬
‫العتكافا في كل مسجد ‪ ،‬لكن يشترط إذا كان من أهل الجماعة أن يكون‬
‫المسجد مما تقام فيه الجماعة ‪.‬‬
‫وذكر شيخ السلم ‪ :‬أن الوارد عن الصحابة صحة العتكافا في كل‬
‫مسجد تقام فيه الجماعة ‪.‬‬
‫وأما حديث حذيفة )) ل اعتكافا إل في المساجد الثلثة (( فالجواب عنه‬
‫من وجهين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه ل يثبت مرفوعا ً إلى النبي ‪ r‬بل موقوفا ً على حذيفة ‪ ، r‬وحذيفة‬
‫خالفه ابن مسعود ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬لو ثبت يحمل على أنه ل اعتكافا كامل ً إل في هذه المساجد‬
‫الثلثة ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للجمعة ‪ ،‬فالخروج للجمعة جائز ول بأس به ‪ ،‬وسيأتي ما‬
‫يتعلق بخروج المعتكف ‪ ،‬وأن خروجه ينقسم إلى أقسام ‪.‬‬
‫هل المرأة كالرجل أو يصح أن تعتكف في مسجد بيتها ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬الجمهور ‪ :‬أن المرأة كالرجل لبد أن تعتكف في المسجد ‪ ،‬ول‬
‫يصح أن تعتكف في مسجد بيتها ‪ ،‬لكن المرأة ليست من أهل الجماعة ‪ ،‬فإذا‬
‫كان هذا المسجد مهجورا ً ل تصلى فيه الجماعة تركه الناس ‪ ،‬فيصح أن تعتكف‬
‫فيه خلفا الرجل الذي لبد أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أبو حنيفة رحمه الله أن المرأة لها أن تعتكف في مسجد‬
‫بيتها إذا كان في بيتها مصلى لها أن تعتكف فيه ‪ ،‬وفيه نظر ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬ما ذهب إليه الجمهور ‪ ،‬ويدل لذلك فعل زوجات النبي ‪ r‬في‬
‫عهده وبعد عهده ‪ ،‬فإن النبي ‪ r‬لما أذن في اعتكافا بعض زوجاته معه ضربن‬
‫خبائهن في المسجد ‪ ،‬ولو كان العتكافا جائز في البيت لعتكفت في بيتها‪،‬‬
‫وزوجاته ‪ r‬اعتكفن بعده في المسجد ‪.‬‬
‫" وأفضل المساجد الحرام فمسجد المدينة فالقصى "‬
‫أفضل المساجد للعتكافا المسجد الحرام ‪ ،‬ثم المسجد النبوي ‪ ،‬ثم‬
‫القصى ثم الجامع ثم سائر المساجد ‪ ،‬وكلما كان المسجد أكثر تحقيقا ً لحكمة‬
‫العتكافا فهو أفضل للقاعدة‬
‫} أن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى من المراعاة من الفضل المتعلق‬
‫بزمانها ومكانها {‬
‫ويدل لهذا ما ثبت في الصحيحين أن النبي ‪ r‬قال ‪ )) :‬صلة في مسجدي‬
‫هذا خير من ألف صلة فيما سواه إل المسجد الحرام (( ‪.‬‬
‫وصلة في مسجد النبي ‪ r‬أفضل من ألف صلة فيما سواه إل المسجد‬
‫الحرام وفي المسجد الحرام تعدل مئة ألف فيما سواه ‪.‬‬
‫" فإن عين أحدها لم يجز ما دونه وعكسه بعكسه "‬
‫إذا عين المسجد الحرام فل يجزئه في غيره ‪ ،‬وإذا عين المسجد النبوي‬
‫فإنه يجزئه المسجد الحرام ‪ ،‬وهكذا فالمساجد الثلثة هي التي تتعين ‪ ،‬وما‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪51‬‬

‫عداها فل يتعين ؛ لنه لو قلنا أنه يتعين غير المساجد الثلثة لزم من ذلك شد‬
‫الرحال إلى ذات البقعة ‪ ،‬فل يشد الرحال إلى بقعة من البقع إل لهذه البقع‬
‫الثلثا ‪ ،‬فإذا عين القصى له أن يعتكف في القصى أو في النبوي أو في‬
‫الحرام ‪ ،‬لحديث جابر ‪ r‬أن رجل ً قال للنبي ‪ r‬إني نذرت إن فتح الله عليك أن‬
‫أصلي في المسجد القصى ‪ ،‬فقال ‪ )) : r‬صل ها هنا ‪ ،‬فلما كان في الرابعة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬شأنك إذا ً (( فالنبي ‪ r‬نقله من المسجد القصى المفضول إلى المسجد‬
‫الحرام الفاضل ‪.‬‬
‫" وإن عين مسجدا ً غير الثلثاة لم يتعين "‬
‫فمثل ً لو قال ‪ :‬لله علي أن اعتكف في جامع هذه البلدة أو البلدة الفلنية‬
‫غير المساجد الثلثة )المسجد الحرام – المسجد النبوي – المسجد القصى(‬
‫يقولون ‪ :‬ل يتعين ‪.‬‬
‫والعلة ‪ /‬أنه يلزم شد الرحال لغير المساجد الثلثة ‪ ،‬والرحال ل تشد إل‬
‫لهذه المساجد الثلثة ‪ ،‬هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬التفصيل في المسألة ‪ /‬إذا تميز هذا المسجد بميزة شرعية‬
‫فإنه يتعين إذا لم يترتب شد رحل ‪ ،‬أبو الخطاب واختاره شيخ السلم وهو‬
‫الصواب ‪.‬‬
‫فمثل ً لو قال ‪ :‬لله علي أن اعتكف في المسجد الجامع ‪.‬‬
‫المشهور من المذهب ‪ :‬أن له أن يعتكف في أي مسجد ول يتعين مسجد‬
‫بعينه ‪.‬‬
‫وعلى الرأي الثاني ‪ :‬مادام أنه يتميز بميزة شرعية ول يلزم من ذلك شد‬
‫الرحل فإنه يتعين ‪ ،‬ول شك أن الجامع أفضل من غير الجامع ؛ لنه إذا اعتكف‬
‫في الجامع ترتب على ذلك أل ّ يخرج لصلة الجمعة ‪.‬‬
‫" ومن نذر زمنا ً معينا ً دخل معتكفه قبله بيسير وخرج بعد آخره‬
‫"‬
‫وهذا ينقسم إلى أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن ينذر اعتكافا يوم فيدخل من قبل طلوع الفجر إلى‬
‫ة وشرعا ً ‪.‬‬ ‫غروب الشمس ؛ لن هذا هو اليوم لغ ً‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن ينذر اعتكافا ليلة يدخل قبل غروب الشمس ويخرج‬
‫ة وشرعا ً ‪.‬‬ ‫بعد طلوع الفجر ؛ لن هذه الليلة لغ ً‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن ينذر اعتكافا أسبوع ‪ ،‬نقول السبوع سبعة أيام ول‬
‫يلزم ول يجب فيها التتابع إل إذا شرط ذلك أو نواه ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬أن ينذر اعتكافا شهر ل يجب التتابع فله أن يتابع وله أن‬
‫يفرق كالسبوع ‪ ،‬إل إذا شرط ذلك أو نواه ‪ ،‬ويدل على أنه ل يجب عليه أن‬
‫يتابع أن الله عز وجل قال في كفارة الظهار ‪ :‬ﮋﮛ ﮜ ﮝﮊ المجادلة‪ ، ٤ :‬فدل‬
‫على أن إطلق الشهر ل يقتضي التتابع ‪.‬‬
‫القسم الخامس ‪ :‬أن ينذر اعتكافا أيام معينة كما لو قال ‪ :‬لله علي أن‬
‫اعتكف شهر رمضان ‪ ،‬هنا يجب عليه أن يتابع ؛ لن مقتضى التعيين أن يتابع‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪52‬‬

‫فيدخل من قبل غروب الشمس من آخر يوم من أيام شعبان ويخرج بعد‬
‫غروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان ‪ ،‬ومثل ذلك لو عين وقال ‪:‬‬
‫لله علي أن اعتكف العشر الواخر من رمضان ‪ ،‬أو لله علي أن اعتكف‬
‫العشر الول من شوال ‪ ،‬فنقول ‪ :‬التعيين يقتضي التتابع ‪ ،‬فإذا نذر أن‬
‫يعتكف العشر الواخر من رمضان يدخل من قبل غروب الشمس من اليوم‬
‫العشرين من رمضان ويخرج من بعد غروب الشمس من آخر يوم من أيام‬
‫رمضان ‪.‬‬
‫إذا لم ينذر وأراد أن يتطوع بالعتكافا فمتى يدخل ومتى يخرج في‬
‫العشر الواخر من رمضان فهل يدخل بعد صلة الصبح من يوم الحادي‬
‫والعشرين أو يدخل قبل غروب الشمس من اليوم العشرين ؟‬
‫هذا موضع خلفا بين أهل العلم ‪ ،‬هذا إذا أراد أن يتطوع ‪ ،‬أما إذا نذر‬
‫فتقدم أنه يدخل من قبل غروب الشمس من اليوم العشرين ؛ لن العشر‬
‫تدخل بغروب الشمس من اليوم العشرين ‪ ،‬فإذا أراد أن يتطوع متى‬
‫يدخل ؟‬
‫جمهور العلماء ‪ :‬يدخل من قبل غروب الشمس من اليوم العشرين ‪،‬‬
‫واستدلوا بدليلين ‪:‬‬
‫أن العشر تدخل بغروب الشمس من اليوم العشرين ‪.‬‬
‫أن من حكم العتكافا في هذه العشر تلمس ليلة القدر ‪ ،‬وليلة إحدى‬
‫وعشرين من الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر ‪.‬‬
‫والرأي الثاني ‪ :‬رواية عن المام أحمد وذهب إليه الزهري يدخل معتكفه‬
‫بعد صلة الصبح من اليوم الحادي والعشرين ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها في مسلم أن النبي ‪ r‬إذا صلى‬
‫الصبح دخل معتكفه ‪.‬‬
‫وأجاب عليه الجمهور قالوا ‪ :‬المراد هنا المعتكف الخاص وإل فإن النبي‬
‫‪ r‬كان يدخل في جملة المسجد قبل ذلك‪ ،‬ثم إذا صلى الصبح دخل المعتكف‬
‫الخاص ؛ لنه من آداب العتكافا – من مستحباته – أن يكون المعتكف له‬
‫معتكف خاص إذا تيسر له ذلك كغرفة يأوي إليها ونحو ذلك ‪ ،‬فحملوا هذا‬
‫على المعتكف الخاص ‪.‬‬
‫وما ذهب إليه الجمهور أحوط ‪.‬‬
‫ومتى يخرج إذا تطوع ؟‬
‫قلنا إذا نذر يخرج بغروب الشمس من آخر يوم من أيام العشر ‪ ،‬لكن‬
‫إذا كان متطوعا ً متى يخرج ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬قيل ‪ :‬بغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان ؛ لنه إذا‬
‫غربت الشمس خرج رمضان ودخل شوال وانتهت العشر ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬يخرج عند خروجه لصلة العيد ‪.‬‬
‫وكما ذكر المام مالك في الموطأ أنه أدرك السلف يستحبون المكث‬
‫ليلة العيد في المعتكف ويخرج لصلة العيد ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪53‬‬

‫والذي يظهر والله أعلم ‪ /‬أن النسان إذا غربت الشمس آخر يوم من‬
‫رمضان أنه يخرج من المعتكف لن العشر انتهت ودخل شوال ‪ ،‬والنبي ‪r‬‬
‫كان يعتكف العشر ‪ ،‬والعشر انتهت ‪ ،‬ولم يحفظ أن النبي ‪ r‬كان يعتكف ليلة‬
‫العيد‪ ،‬المحفوظ أنه كان يعتكف العشر وهذه العشر تنتهي بغروب الشمس‬
‫من آخر يوم من أيام رمضان ‪.‬‬
‫ما هو أقل العتكافا ‪ ،‬وما هو أكثره إذا أراد أن يتطوع ؟ أما إذا نذر فهو‬
‫حسب ما نذر‬
‫خلفا ‪ ،‬أكثر العلماء أن أقله لحظة ‪ ،‬الحنفية والشافعية والحنابلة في‬
‫الجملة ‪ ،‬لكن منهم من يشترط أن تمكث في المسجد ومنهم من ل يشترط‬
‫أن تمكث في المسجد حتى لو دخل النسان وهو ل يريد أن يمكث بل يريد‬
‫أن يخرج على سبيل المرور ينوي العتكافا ‪.‬‬
‫ويستدلون بإطلق الية ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ البقرة‪. ١٨٧ :‬‬
‫الرأي الثاني أقله يوم وليلة ‪ ،‬المام مالك رحمه الله ‪.‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬قيل بأن أقله يوم ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬قيل المشروع اعتكافا جميع العشر وأما اعتكافا أقل من‬
‫العشر فهو من قبيل المباح غير المشروع ‪.‬‬
‫والذي يظهر والله أعلم ‪ /‬أقله يوم أو ليلة ؛ لن هذا هو أقل ما ورد ‪،‬‬
‫ويدل لهذا حديث عمر ‪ r‬في الصحيحين أنه قال للنبي ‪ : r‬يا رسول الله إني‬
‫نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ‪ ،‬فقال له عليه الصلة والسلم ‪:‬‬
‫)) أوفا بنذرك (( ‪.‬‬
‫وأما اعتكافا لحظة لم يحفظ عنه ‪ r‬ول عن الصحابة ‪ ،‬فكان النبي ‪r‬‬
‫يدخل المسجد للصلة وكذلك الصحابة للصلة وينتظرون الصلة ويمكثون‬
‫ويطيلون المكث ولم يحفظ عنهم أنهم كانوا ينوون العتكافا ‪ ،‬ولو كان خيرا ً‬
‫لسبقونا إليه ‪.‬‬
‫وأما أكثره فهذا ل حد له ‪.‬‬
‫ً‬
‫" ول يخرج معتكف إل لما لبد له منه ول يعود مريضا ول يشهد‬
‫جنازة إل أن يشترط "‬
‫خروج المعتكف ‪ ،‬المعتكف يلزم المسجد ‪ ،‬والعتكافا لزوم المسجد ‪.‬‬
‫والعلماء يقولون ‪ :‬أن ركن العتكافا هو ملزمة المسجد ‪ ،‬فالخروج من‬
‫المسجد يخالف ركن العتكافا ‪ ،‬ولهذا كان العلماء يهتمون في أمر الخروج‬
‫من المسجد ؛ لن الخروج يخالف ركن العتكافا‪ ،‬والخروج أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يخرج لمر لبد له منه طبعا ً جائز ‪ ،‬ويدل له حديث‬
‫عائشة رضي الله عنها ) أن الرسول ‪ r‬كان ل يخرج إل لحاجة النسان ( ‪.‬‬
‫مثل الخروج لقضاء الحاجة للكل إذا كان ل يتمكن أن يأكل في المسجد‬
‫ليس له من يأتي له بالكل ونحو ذلك‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يخرج لمر لبد له شرعا ً جائز كالخروج للغسل لصلة‬
‫الجمعة ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪54‬‬

‫أمور مستثناة شرعا ً أدلة هذه المسائل تستثني هذه المسائل ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬إخراج بعض البدن جائز ‪ ،‬ويدل لهذا حديث عائشة رضي‬
‫الله عنها أن النبي ‪ r‬فإنه يخرج لها رأسه وهو معتكف فترجله وهي حائض ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬الخروج لقربة من القرب كما لو خرج لحضور درس ‪،‬‬
‫عيادة مريض ‪ ،‬صلة على جنازة ‪ ،‬وغيرها من العبادات التي ليست واجبة ‪.‬‬
‫فالخروج لها يبطل العتكافا ‪.‬‬
‫لكن هل يجوز الخروج لها بالشرط ؟‬
‫أكثر العلماء يجوز الخروج لها بالشرط ‪ ،‬يعني لبد أن تشترط في بدء‬
‫العتكافا أنه يخرج لها ‪.‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بحديث ضباعة بنت الزبير وأنها قالت للنبي ‪ r‬أنها تريد الحج‬
‫وتجدها شاكية فقال لها النبي ‪ )) : r‬حجي واشترطي (( ‪.‬‬
‫ففيه الشتراط في العبادة ‪ ،‬وورد الشتراط في الدعاء وهو عبادة ﮋﯽ‬
‫ﯿ ﰀﮊ النور‪ ، ٩ :‬كما في آيات اللعان ‪.‬‬ ‫ﯾ‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬مالك رحمه الله ‪ ،‬ل يصح الشرط ؛ لن العبادات‬
‫توقيفية ‪.‬‬
‫ويظهر والله أعلم ‪ /‬ما ذهب إليه الجمهور ؛ لن الشروط وردت في‬
‫العبادات فمادام أن الشرط جنسه ورد في العبادة فيظهر أنه جائز ول بأس‬
‫به إن شاء الله ‪.‬‬
‫القسم الخامس ‪ :‬الخروج لمر ينافي العتكافا ‪ ،‬مثل البيع والشراء‬
‫ومجامعة المرأة ‪ ،‬هذا يبطل العتكافا ولو كان بالشرط ‪ ،‬وتقدم من حديث‬
‫عائشة رضي الله عنها ) أن الرسول ‪ r‬ل يخرج إل لحاجة النسان ( وأن‬
‫اللبث ركن العتكافا ‪.‬‬
‫وفي مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت أن المريض في‬
‫البيت فل تسأل عنه إل وهي مارة ل تعرج عليه‪.‬‬
‫القسم السادس ‪ :‬الخروج جهل ً أو نسيانا ً أو إكراها ً ل يبطل العتكافا ‪،‬‬
‫لننا قررنا قاعدة } أن سائر المحظورات يشترط فيها ‪ :‬العلم والذكر‬
‫والختيار {‬
‫القسم السابع ‪ :‬الخروج للضرورة إذا اضطر للخروج كما لو حصل خوفا‬
‫في المسجد ‪ ،‬أو حريق ‪ ،‬أو مرض مرضا ً ل يحتمله فخرج للتداوي ‪ ،‬فهذه‬
‫ضرورات ‪ ،‬والضرورات تقدر بقدرها ‪.‬‬
‫ويستدل العلماء بخروج النبي ‪ r‬مع صفية يشيعها ‪ ،‬وحملوا ذلك على‬
‫الضرورة ‪.‬‬
‫إذا خرج إلى الجمعة هل له أن يبكر في الخروج أو ليس له ذلك ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬الحنابلة ل يبكر للخروج وفيه نظر ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ /‬له أن يبكر للخروج ؛ لن الموضع الذي يخرج إليه صالح‬
‫للعتكافا ‪ ،‬فسواءً بقي في هذا المسجد أو تقدم للمسجد الجامع ‪ ،‬وأيضا ً‬
‫المر بالتبكير للخروج لصلة الجمعة يؤيد هذا ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪55‬‬

‫وهل يجب عليه أن يبادر بالرجوع أو ل يجب إذا صلى ؟‬


‫ل يجب له أن يبادر لن المكان صالح للعتكافا حتى لو جلس وواصل‬
‫اعتكافه في الجامع ل بأس به ‪ ،‬إل إذا كان نذرا ً وله ميزة شرعية يبادر‬
‫بالخروج ‪.‬‬
‫" ويفسد اعتكاف بوطء في فرج "‬
‫ذكر المؤلف مبطلت العتكافا فيبطل كما تقدم بالخروج إل ما‬
‫يستثنى ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬بالوطء ‪ ،‬ويدل لهذا قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ وهذا‬
‫بالجماع ‪ ،‬والمباشرة كما ذكر ابن عباس هي الجماع ‪ ،‬ولكن القرآن يكني ‪.‬‬
‫المباشرة دون الفرج ‪ ،‬كما لو مس المرأة بشهوة ونحو ذلك ‪ ،‬فهل‬
‫يفسد اعتكافه ؟‬
‫خلفا بين العلماء‬
‫ظاهر كلم المؤلف ‪ /‬قوله في فرج ‪ ،‬أنه دون الفرج ل يفسد العتكافا ‪،‬‬
‫وهذا الرأي الول ‪.‬‬
‫والرأي الثاني ‪ :‬يفسد ‪.‬‬
‫ولكل دليل ‪ :‬فمن قال يفسد استدلوا بإطلق الية ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ ‪.‬‬
‫ومن قال ل يفسد فقالوا ‪ :‬أن قوله تعالى ‪ :‬ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ المراد‬
‫الجماع كما ورد ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ‪.‬‬
‫وأيضا ً الصل صحة العتكافا فل يصار إلى إبطاله إل بدليل وهذا أقرب ‪.‬‬
‫" وسكر "‬
‫فإذا سكر بطل اعتكافه ؛ لنه ينافي حالة العتكافا ‪.‬‬
‫المبطل الثالث ‪ :‬السكر ‪.‬‬
‫المبطل الرابع ‪ :‬إخراج المني ‪ ،‬وتحته ستة أقسام تقدمت في الصيام ‪،‬‬
‫فالقسام السابقة في الصيام تأتي هنا‬
‫أ‪ -‬إذا حصل النزال بمباشرة المرأة فسد اعتكافه كما يفسد الصيام ‪.‬‬
‫ب‪ -‬بالستمناء يفسد العتكافا كما يفسد الصيام ‪.‬‬
‫ج‪ -‬بالتفكير ل يفسد ‪.‬‬
‫د‪ -‬بالحتلم في النوم ل يفسد ‪.‬‬
‫ه‪ -‬تكرار النظر يفسد ‪.‬‬
‫و‪ -‬النظرة ل يفسد ‪.‬‬
‫المفسد الخامس ‪ :‬خروج المذي ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ /‬أن خروج المذي بالقسام السابقة أنها ل تفسد العتكافا ‪.‬‬
‫المفسد السادس ‪ :‬الردة تبطل العتكافا لقوله تعالى ‪ :‬ﮋﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯗﮊ النعام‪. ٨٨:‬‬ ‫ﯕ ﯖ‬
‫المفسد السابع ‪ :‬خروج دم الحيض إذا اعتكفت المرأة ‪ ،‬هل يبطل‬
‫اعتكافها ؟‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪56‬‬

‫الصحيح ‪ /‬أن اعتكافها ل يبطل ‪ ،‬فإذا خرج دم الحيض فإنها تخرج ‪ ،‬فإذا‬
‫زال فإنها ترجع ‪.‬‬
‫" وخروجه بل حاجة "‬
‫" ويسن اشتغاله بالقرب "‬
‫والقرب جمع قربة وهي ‪ :‬كل ما يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى من‬
‫العمال الصالحة من الذكر والقرآن والدعاء والصلة ونحو ذلك ‪.‬‬
‫والعلماء يستحبون له القرب القاصرة من الصلة والذكر والدعاء دون‬
‫القرب المتعدية من إقراء القرآن وتعليم العلم ونحو ذلك ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ /‬أن المعتكف يشتغل بالجميع لنه في عبادة وفي خير ‪،‬‬
‫وصلح القلب كما يكون في القرب القاصرة يكون في القرب المتعدية ‪ ،‬من‬
‫إقراء القرآن وتعليم العلم والمر بالمعروفا والنهي عن المنكر ‪.‬‬
‫" واجتناب ما ل يعنيه "‬
‫هذه من آداب العتكافا ‪.‬‬
‫أول ً ‪ :‬الشتغال بالقرب ‪.‬‬
‫ثانيا ً أن يجتنب ما ل يعنيه ‪ ،‬من الداب ويتأكد في حق المعتكف ؛ لن‬
‫المعتكف إنما تربص في هذا المسجد لكي ينقطع من الخلق إلى الخالق ‪،‬‬
‫ويدل لهذا حديث )) من حسن إسلم المرء تركه مال يعنيه (( و )) من كان‬
‫يؤمن بالله واليوم الخر فليقل خيرا ً أو ليصمت (( ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬التقليل من فضول الطعام والشراب والنوم حتى أن الفقهاء‬
‫يقولون ‪ :‬إذا أراد أن ينام ينام متربعا ً لئل يستغرق في النوم فيفوت عليه‬
‫كثير من الوقت ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬أن يكون له خباء إذا تيسر ذلك أو غرفة يخلو فيها للذكر والقراءة‬
‫‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬التقليل من الخلطة والجلوس معهم ‪ ،‬لول بأس أن يزوره أهله‬
‫أو صديقه ‪ ،‬فإن زوجات النبي ‪ r‬أتينه لزيارته وتحدثن معه ‪ ،‬فهذا جائز ول‬
‫بأس به ‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬أن يأخذ ما يحتاج إليه من ثياب ومخدة ولحافا ‪ ،‬ويدل لهذا‬
‫حديث أبي سعيد ‪ r‬في مسلم لما انتهوا من العتكافا نقلوا متاعهم ‪ ،‬هذا‬
‫يدل على أنهم يأخذون ما يحتاجون إليه ‪.‬‬
‫سابعا ً التضعيف في المسجد الحرام ‪ ،‬هل هو خاص بالمسجد أو بجميع‬
‫الحرم ؟‬
‫أما التضعيف في المسجد النبوي فهو خاص بالمسجد ول يتعداه إلى غير‬
‫المسجد ‪ ،‬لكن ما زيد في المسجد النبوي ‪ ،‬فهل الزيادة لها حكم المزيد ؟‬
‫خلفا ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ /‬وما عليه أكثر أهل العلم أن الزيادة لها حكم المزيد وأن‬
‫التضعيف في المسجد النبوي يكون في المسجد وما زيد فيه ‪ ،‬وأما سائر‬
‫الحرم المدني فل تضعيف فيه ‪.‬‬
‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪57‬‬

‫أما الحرم المكي موضع خلفا ‪.‬‬


‫المام مالك وظاهر كلم الحنابلة واختاره الشيخ محمد ‪ ،‬أنه خاص‬
‫بالمسجد ول يتعداه لغيره ‪.‬‬
‫واستدلوا بقوله تعالى ‪ :‬ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﮊ السراء‪. ١ :‬‬
‫فقالوا ‪ :‬المراد بالمسجد الحرام ليس عموم الحرم ‪ ،‬وإنما المسجد‬
‫فقط ‪ ،‬بدليل أن النبي ‪ r‬أسري به من المسجد ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث ميمونة رضي الله عنها )) صلة في مسجدي هذا‬
‫أفضل من ألف صلة فيما سواه إل مسجد الكعبة (( مسلم ‪.‬‬
‫الحنفية واختيار الشيخ عبدالعزيز ‪ ،‬أن التضعيف شامل لكل الحرم ‪.‬‬
‫واستدلوا بالية ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ فقالوا ‪ :‬أن المراد بالمسجد‬
‫الحرام عموم الحرم ‪ ،‬بدليل أن الرسول ‪ r‬أسري به من بيت أم هانئ ‪،‬‬
‫ضعيف ل يثبت ‪.‬‬
‫لكن هذا يخالف حديث أنس في الصحيحين أن النبي ‪ r‬أسري به من‬
‫المسجد ‪.‬‬
‫واستدلوا أن النبي ‪ r‬في صلح الحديبية كان في الحل فإذا دخلت الصلة‬
‫دخل في الحرم وصلى فيه ‪ ،‬وفي إسناده ابن إسحاق ‪ ،‬ولو ثبت يدل على‬
‫أن الصلة في الحرم أفضل منها في الحل ‪ ،‬لكن ل يدل على التضعيف ‪.‬‬
‫ويظهر والله أعلم ‪ /‬أن كل القولين فيهما قوة ؛ لن قوله ‪ )) r‬إل مسجد‬
‫الكعبة (( هذا ل يدل على التخصيص ‪ ،‬فالمسجد الحرام ومسجد الكعبة ل‬
‫يدل على التخصيص ‪.‬‬
‫وعندنا قاعدة } أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام ل يقتضي‬
‫التخصيص {‬
‫والتضعيف هل هو خاص بالصلة أم يشمل غيرها من القرب ‪ ،‬وهل هو‬
‫خاص بصلة معينة أو ل ؟‬
‫هذه مسائل اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أن التضعيف خاص بالصلة ‪ ،‬أما ما يتعلق بالصيام والصدقة‬
‫ونحو ذلك فهذا لم يرد فيها شيء ‪ ،‬لكنها أفضل في تلك الماكن من غيرها ‪،‬‬
‫والثار في ذلك غير ثابتة ‪.‬‬
‫وهل هو خاص بصلة معينة أو كل صلة ؟‬
‫خلفا ‪ ،‬قيل ‪ :‬يشمل كل صلة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يشمل الصلة التي تشرع لها‬
‫الجماعة ‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أنه شامل لكل صلة تفعل في المسجد الحرام ‪.‬‬
‫والستدلل بالقياس على الصلة عند الصوليين مسائل الثواب ل قياس‬
‫فيها ‪.‬‬

‫تم النتهاء من كتاب الصيام ‪ .....‬وبالله التوفيق‬


‫عمدة الطالب ‪-‬كتـاب الصيـام‬
‫‪58‬‬

You might also like