Professional Documents
Culture Documents
محاضرة 4
محاضرة 4
تضمن الفصل الثاني من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003ضمن المواد من 05إلى i 14مجموعة القواعد والتدابير الكفيلة
بالوقاية من الفساد ،وعلى نهجه سار المشرع الجزائري عندما نص في المادة األولى من قانون مكافحة الفساد 01_06ضمن أحكام الباب
األول الموسوم باألحكام العامة ،والتي جاء فيها :
تسهيل ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته بما في ذلك إسترداد الموجودات ".
إضافة الى آلية التصريح بالممتلكات سوف نتطرق إ لى اآلليات األخرى القبلية للوقاية من الفساد ،حيث أن تكريس الشفافية في تسيير
الشؤون العامة وتأ كيد مصداقية المكلفين بتقديم الخدمات العامة دفع المشرع من خالل أحكام قانون الوقاية من الفساد ومكافحته إلى وضع
معايير موضوعية في مجال التوظيف وتسيير الحياة المهنية للموظف باإلضافة للشفافية والعقالنية في تسيير األموال العمومية و الشفافية
في التعامل مع الجمهور،ـ ناهيك عن ضبط عمليات ابرام الصفقات العمومية ووضع التدابير المتعلقة بسلك القضاة .
وهي التي أكد على إلزامية توفرها ،نص المادة 07من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ، iiواعتمدتها المادة 03من قانون الوقاية من
الفساد ومكافحته 01_06التي جاء فيها :
"تراعي في توظيف مستخدمي القطاع العام وفي تسيير حياتهم المهنية القواعد اآلتية :
_1مبادئ النجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية ،مثل الجدارة واإلنصاف والكفاءة .
_2اإلجراءات المناسبة إلختيار وتكوين األفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية التي تكون أكثر عرضة للفساد .
_ 4إعداد برامج تعليمية وتكوينية مالئمة لتمكين الموظفين العموميين من اآلداء الصحيح والنزيه والسليم لوظائفهم وإفادتهم من تكوين
iii
متخصص يزيد من وعيهم بمخاطر الفساد ".
فإن عملية التوظيف وإنتقاء من يشغل منصبا معينا ،تتوقف على ضرورة مراعاة المبادئ العامة التي تحكم هاته العملية ،وعلى رأسها
مبدأ المساواة الذي كرس بشكل واضح بعد الثورة الفرنسية ،وكرسه الدستور الجزائري ضمن أحكام المادة 35منه ivحيث يجب إستبعاد
كل أشكال المحاباة ،فال يعين الموظف إلنتمائه السياسي او العرقي او الديني أو القبائلي أو العائلي ،بل أن باب التوظيف مفتوح أمام جميع
الطوائف تجسيدا لمبدأ تكافؤ الفرص والمعيار الذي يفصل بينهم هو مدى تتوفر الشروط الوظيفية فيهم ،وقد نص قانون الوظيف العمومي
v
رقم 03_06في المادة 74على مبدأ المساواة في اإللتحاق بالوظائف
كما ينبغي مراعاة مبدأ الجدارة ،الذي يقتضي أن يتم إختيار الموظف على أساس الصالحية والكفاءة باإلعتماد على ما تقرره لجنة مهمتها
vi
إختيار األجدر ،حيث يرتبط هذا المبدأ باجراء المسابقات واإلمتحانات إلنتقاء الموظفين وفحص مؤهالتهم .
وهو ما تؤكده المادة 80من القانون األساسي للوظيف العمومي ،التي جاء فيها " :أنه يتم اإللتحاق بالوظائف العمومية عن طريق المسابقة
على أساس اإلختبارت ،المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسالك الموظفين ،الفحص المهني ،التوظيف المباشر من بين
vii
المترشحين الذين تابعوا تكوينا متخصصا منصوصا عليه في القوانين األساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة " .
وهي المناصب التي تكون أكثر عرضة للفساد ،ويتم تحديد ذلك بناء على دراسات و إحصائيات من قبل الجهات المختصة بمكافحة الفساد
والوقاية منه ،حيث يجب إيالء اإلهتمام الالزم بهكذا نوع من الوظائف ،من حيث اإلختيار السليم لشاغليها ،وضمان تكوينهم ورسكلتهم
طوال مسارهم المهني تماشيا مع التطورات الحاصلة في جميع القطاعات والتي يجب أن يواكبها ،تجنبا لتغلغل الفساد في القطاع الذي
يشغله .
من اهم أسباب انتشار الفساد هو تدني معدالت األجور التي تجعل الموظف يسعى نحو ايجاد مصدر دخل آخر ،اسهل واكثر قيمة من راتبه
عن طريق سلوكه لطريق الفساد كتلقيه او طلبه للرشاوى والمزايا وغيرها من اوجه اعمال الفساد ،وتجنبا لذلك وجب على المسؤولين
تحيين اجور ورواتب الموظفين ،لترقى بهم وتضمن لهم حياة كريمة ،تنأى بهم عن دروب الفساد
أ_ _4فيما يخص إعتماد برامج تعليمية وتدريبية لرفع كفاءة الموظفين :
حيث يتعين على اإلدارة طبقا لنص المادة 104من القانون األساسي للوظيفة العامة .... " :تنظيم دورات التكوين وتحسين المستوى بصفة
viii
دائمة قصد ضمان تحسين تأهيل الموظف وترقيته المهنية ،وتأهيله لمهام جديدة "
حيث أ ن الركود المهني للموظف يؤثر سلبا على منتوجه ومردوديته ،وتكون له عالقة مباشرة بتسهيل عمليات الفساد ،ويمس بمبدأ الجدارة
الذي يقتضي أهلية الموظف للوظيفة .
من التدابير الوقائية التي كرسها المشرع الجزائري في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،نجد نصه على تبني نظام قواعد السلوك
الخاصة بمختلف الوظائف ،من خالل نص المادة 07التي جاء فيها " :من أجل دعم مكافحة الفساد ،تعمل الدولة والمجالس المنتخبة
والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية وكذا المؤسسات العمومية ذات النشاطات اإلقتصادية ،على تشجيع النزاهة واألمانة
وكذا روح المسؤولية بين موظفيها ومنتخبيها ،السيما من خالل وضع مدونات وقواعد سلوكية تحدد اإلطار الذي يضمن اآلداء السليم
ix
والنزيه والمالئم للوظائف العمومية والعهدة اإلنتخابية " .
نذكر على سبيل المثال ال الحصر :مدونة أخاقيات الوظيفة العامة ،مدونة أخالقيات مهنة الشرطة ،مدونة أخالقيات مهنة التربية والتعليم
x
،مدونة أخالقيات مهنة الضرائب ،
حيث تلعب مثل هاته المدونات ،دورا هاما في ضمان التنظيم الصارم لكل وظيفة ،بما يكفل إستبعاد كل سلوك من شأنه أن يمس اإلدارة
بأي شكل من أشكال الفساد ،كونها تحدد وبصرامة اإلطار الضيق الذي يؤدي فيه الموظف مهامه والخروج عنه ومخالفته تؤدي لتعرضه
للجزاء المحدد قانونا .
حيث أكدت المادة 10من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أنه ":تتخذ التدابير الالزمة لتعزيز الشفافية والمسؤولية والعقالنية في
xi
تسيير األموال العمومية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما ،والسيما على مستوى القواعد المتعلقة باعداد ميزانية الدولة وتنفيذها ".
وذلك باإلستناد واإلستعانة بذوي اإلختصاص في عملية إ عداد وتنفيذ ميزانية الدولة ،ذلك أن أكبر وأخطر أوجه الفساد يتجلى عند التالعب
بعملية تنفيذ الميزانية ،أو سوء توزيعها بين القطاعات ،ناهيك عن ضرورة فسح المجال للهيئات المختصة بممارسة الرقابة على عملية
التنفيذ .
وطبقا لنص المادة 11من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،يتم إضفاء الشفافية في تسيير الشؤون العمومية بموجب إتخاذ وإلتزام
المؤسسات والهيئات العمومية لإلجراءات التالية :
_إعتماد إ جراءات وقواعد تمكن الجمهور من الحصول على معلومات تتعلق بتنظيمها وسيرها وكيفية اتخاذ القرارات فيها .
إن هاته التدابير الواردة بنص المادة 11لم ترد على سبيل الحصر ،كونها تعتبر أهم ما يمكن إتباعه إلضفاء الشفافية ،فيمكن تحقيقها من
خالل خلق قنوات تواصل بين المواطن واإلدارة وهو ما بدأت تحققه اإلدارة حاليا لكن بشكل بطئ وقليل الجودة ،عن طريق مثال فتح
مواقع إلكترونية خاصة باإل دراة تنشر فيها كل مستجداتها ليطلع عليها الجمهور ،وتفتح المجال له لتقديم شكاويه عما يصيبه من أضرار
جراء أعمال اإلدارة وتعسف موظفيها ،باإلضافة لتبسيط إجراءات المعامالت اإلدارية بالتحول نحو اإلدارة اإلكترونية بالتخلي تدريجيا
عن التعامل الورقي المرهق للمواطن ،والذي يطيل أمد تقديم الخدمة له ،ناهيك عن تأسيس وتسبيب قرارات اإلدارة بشكل جدي ال مجرد
شكلي ،لما فيه من إطالع للمواطن عن سبب رفضها لمطالبه حتى يتحقق اإلقتناع الذي يعزز مصداقية عمل اإلدارة لديه .
لتجنب تغلغل الفساد في مجال الصفقات العمومية وجب إضفاء الشفافية التامة التي تضمن نزاهة عمليات وإجراءات إبرامها ،ناهيك عن
ضرورة اإلعتماد على معايير موضوعية عند إنتقاء صاحب العرض المقبول ،و ذلك يتم باحترام على الخصوص القواعد التالية :
_ضرورة إضفاء العالنية فيما يخص المعلومات المتعلقة بإجراء إبرام الصفقات .
_إتباع معايير موضوعية ودقيقة إلتخاذ القرارات المتعلقة بابرام الصفقات العمومية .
_ممارسة كل طرق الطعن في حالة عدم إحترام قواعد إبرام الصفقات العمومية .
xiii
ونلمس تجسيد كل هاته القواعد من خالل أحكام المرسوم الرئاسي رقم 247_15المؤرخ في 16سبتمبر 2015المتضمن تنظيم الصفقات
العمومية وتفويضات المرفق العام ( المعدل والمتمم بالمرسومين الرئاسيين على التوالي األول رقم 237_20المؤرخ في 31أوت 2020
والثاني رقم 72_21المؤرخ في 16فيفري ، )2021الذي استحدث سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموجب
المادة 213منه ،والتي من مهامها ووفقا لنص المادة 88من نفس المرسوم ،إعداد مدونة أدبيات وأخالقيات المهنة لألعوان العموميين
xiv
المتدخلين في مراقبة وإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية
وعليه يجب أن تعتمد عملية إبرام الصفقات العمومية على مبادئ هامة ويتعلق األمر ب :
مبدأ المساواة :الذي يضمن لكل من تتوفر فيهم شروط إعالن الصفقة أن يتقدم بعرضه كغيره من المتقدمين على قدم المساواة ،حيث يمنع
على المصلحة المتعاقدة التمييز بين أصحاب العروض بوضع عراقيل للبعض ،ومنح البعض اآلخر إمتيازات .
مبدأ الشفافية :والتي تتجسد من خالل العالنية في كل إجرءات الصفقة منذ إعالن وطرح الصفقة ،إلى غاية إعالن إسم المعني بها.
مبدأ حرية المنافسة :وهو مبدأ مرتبط بمبدأ المساواة ،يقوم على فتح المنافسة لكل من تتوفر فيهم الشروط المحددة من المصلحة المتعاقدة
xv
.
من أخطر أشكال الفساد ،ذاك الذي يمس قطاع العدالة بصفة عامة والقضاة بصفة خاصة ،حيث أن وصول الفساد لجهاز القضاء يدل
على أنه استشرى في باقي القطاعات ونخرها
لذلك وضع المشرع هاته الفئة في مكانة خاصة بتخصيصه لقانون أساسي للقضاء ،و كرس قواعد أخالقيات المهنة التي تضبط سلوك
هاته الفئة بشكل جد صارم ،بهدف تحصينهم من مخاطر الفساد ،حيث صادق المجلس األعلى للقضاء بتاريخ 23ديسمبر 2006على
مدونة أخالقيات مهنة القضاء ،التي تضمنت بيان المبادئ العامة ( مبدأ إستقاللية القضاء ،مبدأ المساواة ،مبدأ الشرعية ،) ،وإلتزامات
القاضي ،وسلوكاته ، xviوكل ذلك في سبيل إبعاده عن دوائر الفساد ،ألن دوره مهم في مكافحة الفساد إلى جانب باقي الهيئات القانونية
ذات الصلة
كل ذلك باإلضافية آللية التصريح بالممتلكات ( سبق التطرق لها اعاله ) .
حيث المادة 13من قانون مكافحة الفساد على ضرورة إتخاذ التدابير الالزمة لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد ،والنص عند اإلقتضاء
على جزاءات تأديبية فعالة ومالئمة وردعية جزاء مخالفتها ،ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تتضمن تلك التدابير السيما مايلي :
_تعزيز التعاون بين األجهزة التي تقوم بالكشف والقمع وكيانات القطاع الخاص المعنية .
_تعزيز وضع معايير وإ جراءات بغرض الحفاظ على نزاهة كيانات القطاع الخاص المعنية ،بمافي ذلك مدونات وقواعد السلوك من أجل
قيام المؤسسات وكل المهن ذات الصلة بممارسة نشاطاتها ،بصورة عادية ونزيهة وسليمة للوقاية من تعارض المصالح وتشجيع تطبيق
الممارسات التجارية الحسنة من طرف المؤسسات فيما بينها وكذا في عالقتها التعاقدية مع الدولة .
_ الوقاية من اإلستخدام السيئ لإلجراءات التي تنظم كيانات القطاع الخاص .
xvii
_ تدقيق داخلي لحسابات المؤسسات
_ التدقيق الداخلي ( رقابة داخلية ) :يقوم به موظف تابع للشركة ،غرضه التحقق من تطبيق السياسات اإلدارية والمالية المحددة مسبقا
في مخطط عمل الشركة ،ومنع األخطاء والتالعبات .
إن إضفاء الشفافية على عمل وتسيير حسابات الشركات ،يقتضي إخضاعها لقواعد المحاسبة العامة ،التي تتم بمسك الشركات لحساباتها
xviii
وقف مبدأ القيد المزدوج ( دائن _مدين ) لتحديد مركز الشركة المالي ،والذي يقيها من وقوعها ضحية أعمال فساد .
حيث أن مساهمة معايير المحاسبة وتدقيق الحسابات في الوقاية من الفساد ومكافحته ،تتم باإلمتناع عن مايلي :
_إجراء معامالت دون تدوينها في الدفاتر أو دون تدوينها بصورة واضحة .
_تسجيل نفقات وهمية أو قيد التزامات مالية دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح .
_اإلتالف العمدي لمستندات المحاسبة قبل انتهاء اآلجال المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما .
xix
نظرا لتطور دور المجتمع المدني جميع مكون اته ،باعتباره شريكا حساسا وفعاال في تسيير شؤون الدولة ،كان البد من إعطائه الفرصة في
لعب دور في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته ،من خالل ممارسته لرقابة على القطاعين العام والخاص ،ونشر الوعي العام بموضوع
الفساد ،وذلك لن يكون إال بالتسهيالت التي تمنحها الدولة بفسح المجال إلنشاء الجمعيات وممارستها ألعمالها بحرية حيث تكمن أهمية هاته
األخيرة في :
_التأثير على الدولة من خالل دفعها لسن قوانين ،وإنشاء هيئات ،ووضع آليات للوقاية من الفساد ومكافحته ،بشكل علني بغض النظر
عن مرتكبيه أي رفع السرية عن قضايا الفساد .
_نشر الوعي العام من خالل فعاليات إعالمية ،كاألبواب المفتوحة والمؤتمرات التي تعرف بظاهرة الفساد ومخاطرها على اإلقتصاد
xx
الوطني والمجتمع ككل .
كل ذلك باإلضافة لتمكين وسائل اإلعالم والجمهور من الحصول على المعلومات المتعلقة بالفساد ،طبعا مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة
xxi
وشرف وكرامة األشخاص ،واحترام قرينة البراءة ،وكذامقتضيات األمن الوطني والنظام العام والحياد .
في الثمانينات كانت مكافحة تبييض األموال على رأس جدول األعمال السياسي في معظم الدول ،كونها في جوهرها تمتد عبر حدود الدول
وتتطلب تعاونا دوليا مكثفا ،فأدركت هاته األخيرة مدى ارتباط وتأثير تبييض األموال على ظهور الجريمة المنظمة ،وأن أكثر الوسائل
فعالية في مكافحتها يتمثل في مكافحة التبييض xxii،وقد لعبت العولمة دورا هاما في إنتشار جرائم تبييض األموال بسبب فتح المجال أمام
اإلستثمارات األجنبية ،و دخول المتعاملين األجانب السوق الوطنية مع التسهيالت الممنوحة لهم ،كلهاعوامل سهلت عمليات تبييض
األموال ،وفي هذا المجال تضمنت المادة 16من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،ودعما لجهود مكافحة الفساد ،إلزام المصارف
والمؤسسسات المالية غير المصرفية ،بما في ذلك األشخاص الطبيعيين أو اإلعتباريين الذين يقدمون خدمات نظامية أو غير نظامية في
مجال تحويل األم وال أو كل ما له قيمة ،ألزمتهم بالخضوع لنظام رقابة داخلي من شأنه منع وكشف جميع أشكال تبييض األموال ،وفقا
xxiii
للتشريع والتنظيم المعمول بهما .
ولهذا الغرض خص المشرع هذا النوع من الجرائم بقانون خاص ،وهو قانون الوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما
رقم ، 01_05كخطوة فعالة في طريق مكافحة الفساد .
تعتبر الرشوة و من أكثر جرائم الفساد إنتشارا ،حيث ميز المشرع الجزائري بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بين رشوة
الموظفين العموميين و الرشوة في مجال الصفقات العمومية .
يقصد بالرشوة عموما اإلتجار بالوظيفة وانتهاك واجب النزاهة الذي يعتبر إ لتزام ملقى على عاتق كل من يتولى وظيفة أو وكالة عمومية
أو يؤدي خدمة عمومية .
وقد جمع المشرع الجزائري في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بين فعل الراشي والمرتشي ،في نص واحد ( الرشوة السلبية والرشوة
اإليجابية في النصوص القديمة من قانون العقوبات ) وهو نص المادة ، 25أي أنه اعتمد نظام ثنائية الرشوة الذي يقوم على اعتبارها
جريمة ذات طبيعة مزدوجة حيث تقوم كل جريمة بشكل منفصل كمايلي :
و هي الجريمة السلبية ،حيث تمثل الجانب السلبي في فعل الرشوة xxiv ،تناولتها الفقرة الثانية من المادة 25من قانون الوقاية من الفساد
ومكافحته حيث تقوم هاته الجريمة على ثالث أركان هي :
أ__1_1الركن المفترض :ال يشترط في الراشي أو الوسيط أية صفة خاصة أو شرط معين ،لكن يشترط في الجاني المرتشي ،بأن يكون
موظفا عموميا طبقا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،ذلك أن هاته الجريمة تنتمي لفئة جرائم ذوي الصفة ،وهي تلك التي تتميز بكونها
xxv
تخضع ألحكام خاصة من أهمها أن فاعلها الرئيسي يحمل صفة يحددها القانون.
أ__2_1الركن المادي :ويقوم بإتيان الموظف إحدى السلوكات التالية ،طلب أو قبول مزية ( عطية ) ليس للموظف حق فيها وهي كل
شيئ يشبع حاجة النفس وهواها مهما كان نوعها وحجمها ومهما كبرت او صغرت ومهما كانت قيمتها (xxviكاألموال النقدية ،أوراق مالية
،محلية او اجنبية ،هدايا في شكل منقوال او عقارات...الخ فالمزية تعتبر فائدة في شكل ظاهر او مستتر ) وذلك مقابل آدائه لعمل من
أعمال وظيفته أو اإلمتناع عنه ،حيث يشتمل هذا الركن على ثالث عناصر هي:
الغرض والهدف من اإلرتشاء وهو قيام الموظف بعمل أو إمتناعه عن آداء عمل من أعمال وظيفيته .
xxvii
أ__3_1القصد الجنائي :إن جريمة الرشوة جريمة عمدية تقوم بتوفر القصد العام ،حيث يكفي إتيان الموظف المرتشي للفعل المادي
بمحض إرادته ،مع علمه بحقيقة ما أقدم عليه بأن ما طلبه من مزية ،هو مقابل للعمل أو اإلمتناع عن العمل الموكل إليه آداؤه xxviii،أي
تقتضي أن تتجه إرادة الموظف إلى طلب أو قبول مزية غير مستحقة مع علمه بالغرض من ذلك وهو كونها تعتبر مقابل آدائه أو إمتناعه
xxix
عن آداء أحد مهامه .
ويتم بإقدام الراشي على وعد المرتشي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها ،على أن يتسم هذا الوعد أو العرض بالجدية
التي تحقق إغراء للموظف ،يدفعه للقيام بعمل أو اإلمتناع عن عمل من مهامه الوظيفية ،سواء تم ذلك بصورة مباشرة صريحة أو غير
مباشرة ، xxxبالتالي يتضمن هذا الركن ثالث عناصر هي :
النشاط اإلجرامي :ويتمثل في فعل الوعد أو العرض أو منح مزية غير مستحقة .
المستفيد من المزية :األصل أن المستفيد من المزية محل الوعد أو العرض أو المنح هو الموظف ،لكن يمكن أن يكون شخصا آخر طبيعيا
كان أو معنويا .
الغرض من المزية :مايهم هنا هو قيام الموظف أو امتناعه عن آداء عمل من مهامه الوظيفية مقابل تلك المزية الموجه له أو لغيره .
ويتطابق مع القصد الجنائي في جريمة المرتشي بضرورة توافر علم الموظف أن المزية محل الوعدأو العرض أو المنح والتي انصرفت
إرادته لقبولها تشكل مقابال وثمنا للعمل أو اإلمتناع عن العمل الموكل إليه آداؤه ،باإلضافة لعنصر اإلرادة ،أي إتجاه هاته األخيرة وبحرية
xxxi
إلى أخذ المزية.
طبقا لنص المادة 25من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته فإنه العقوبة هي الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من 200.000دج
إلى 1.000.00دج .
وتشدد العقوبة طبقا لنص المادة 48من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،إذا ارتكب الجريمة قاضيا أو موظفا يمارس وظيفة عليا ،
أوضابطا عموميا أو عضوا في الهيئة أوضابطا أو عون شرطة قضائية ،أو ممن يمارسون بعض صالحيات الشرطة القضائية ،أو
موظف أمانة ضبط ،حيث تصبح العقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة ،مع اإلبقاء على نفس مبلغ الغرامة المقرر للجريمة
xxxii
في المادة 25أعاله .