You are on page 1of 7

‫ثالثا _ اآلليات القبلية األخرى لمكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص ‪:‬‬

‫تضمن الفصل الثاني من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬ضمن المواد من ‪ 05‬إلى ‪ i 14‬مجموعة القواعد والتدابير الكفيلة‬
‫بالوقاية من الفساد ‪ ،‬وعلى نهجه سار المشرع الجزائري عندما نص في المادة األولى من قانون مكافحة الفساد ‪ 01_06‬ضمن أحكام الباب‬
‫األول الموسوم باألحكام العامة ‪ ،‬والتي جاء فيها ‪:‬‬

‫" يهدف هذا القانون إلى ما يأتي ‪:‬‬

‫دعم التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته ‪.‬‬

‫تعزيز النزاهة والمسؤولية والشفافية في تسيير القطاعين العام والخاص ‪.‬‬

‫تسهيل ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته بما في ذلك إسترداد الموجودات ‪".‬‬

‫‪ _1‬التدابير الوقائية في القطاع العام ‪:‬‬

‫إضافة الى آلية التصريح بالممتلكات سوف نتطرق إ لى اآلليات األخرى القبلية للوقاية من الفساد ‪ ،‬حيث أن تكريس الشفافية في تسيير‬
‫الشؤون العامة وتأ كيد مصداقية المكلفين بتقديم الخدمات العامة دفع المشرع من خالل أحكام قانون الوقاية من الفساد ومكافحته إلى وضع‬
‫معايير موضوعية في مجال التوظيف وتسيير الحياة المهنية للموظف باإلضافة للشفافية والعقالنية في تسيير األموال العمومية و الشفافية‬
‫في التعامل مع الجمهور‪،‬ـ ناهيك عن ضبط عمليات ابرام الصفقات العمومية ووضع التدابير المتعلقة بسلك القضاة ‪.‬‬

‫أ_القواعد الموضوعية للتوظيف ‪:‬‬

‫وهي التي أكد على إلزامية توفرها ‪ ،‬نص المادة ‪ 07‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ، ii‬واعتمدتها المادة ‪ 03‬من قانون الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته ‪ 01_06‬التي جاء فيها ‪:‬‬

‫"تراعي في توظيف مستخدمي القطاع العام وفي تسيير حياتهم المهنية القواعد اآلتية ‪:‬‬

‫‪ _1‬مبادئ النجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية ‪ ،‬مثل الجدارة واإلنصاف والكفاءة ‪.‬‬

‫‪ _2‬اإلجراءات المناسبة إلختيار وتكوين األفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية التي تكون أكثر عرضة للفساد ‪.‬‬

‫‪_3‬أجر مالئم باإلضافة إلى تعويضات كافية ‪.‬‬

‫‪_ 4‬إعداد برامج تعليمية وتكوينية مالئمة لتمكين الموظفين العموميين من اآلداء الصحيح والنزيه والسليم لوظائفهم وإفادتهم من تكوين‬
‫‪iii‬‬
‫متخصص يزيد من وعيهم بمخاطر الفساد ‪".‬‬

‫أ_‪ _1‬فيما يخص مبادئ الشفافية والمعايير الموضوعية ‪:‬‬

‫فإن عملية التوظيف وإنتقاء من يشغل منصبا معينا ‪ ،‬تتوقف على ضرورة مراعاة المبادئ العامة التي تحكم هاته العملية ‪ ،‬وعلى رأسها‬
‫مبدأ المساواة الذي كرس بشكل واضح بعد الثورة الفرنسية ‪ ،‬وكرسه الدستور الجزائري ضمن أحكام المادة ‪ 35‬منه ‪iv‬حيث يجب إستبعاد‬
‫كل أشكال المحاباة ‪ ،‬فال يعين الموظف إلنتمائه السياسي او العرقي او الديني أو القبائلي أو العائلي ‪ ،‬بل أن باب التوظيف مفتوح أمام جميع‬
‫الطوائف تجسيدا لمبدأ تكافؤ الفرص والمعيار الذي يفصل بينهم هو مدى تتوفر الشروط الوظيفية فيهم‪ ،‬وقد نص قانون الوظيف العمومي‬
‫‪v‬‬
‫رقم ‪ 03_06‬في المادة ‪ 74‬على مبدأ المساواة في اإللتحاق بالوظائف‬

‫كما ينبغي مراعاة مبدأ الجدارة ‪ ،‬الذي يقتضي أن يتم إختيار الموظف على أساس الصالحية والكفاءة باإلعتماد على ما تقرره لجنة مهمتها‬
‫‪vi‬‬
‫إختيار األجدر ‪ ،‬حيث يرتبط هذا المبدأ باجراء المسابقات واإلمتحانات إلنتقاء الموظفين وفحص مؤهالتهم ‪.‬‬
‫وهو ما تؤكده المادة ‪ 80‬من القانون األساسي للوظيف العمومي ‪ ،‬التي جاء فيها ‪ " :‬أنه يتم اإللتحاق بالوظائف العمومية عن طريق المسابقة‬
‫على أساس اإلختبارت ‪ ،‬المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسالك الموظفين ‪ ،‬الفحص المهني ‪ ،‬التوظيف المباشر من بين‬
‫‪vii‬‬
‫المترشحين الذين تابعوا تكوينا متخصصا منصوصا عليه في القوانين األساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة ‪" .‬‬

‫أ _‪ _2‬فيما يخص اختيار وتكوين شاغلي المناصب الحساسة للفساد ‪:‬‬

‫وهي المناصب التي تكون أكثر عرضة للفساد ‪ ،‬ويتم تحديد ذلك بناء على دراسات و إحصائيات من قبل الجهات المختصة بمكافحة الفساد‬
‫والوقاية منه ‪ ،‬حيث يجب إيالء اإلهتمام الالزم بهكذا نوع من الوظائف ‪ ،‬من حيث اإلختيار السليم لشاغليها ‪ ،‬وضمان تكوينهم ورسكلتهم‬
‫طوال مسارهم المهني تماشيا مع التطورات الحاصلة في جميع القطاعات والتي يجب أن يواكبها ‪ ،‬تجنبا لتغلغل الفساد في القطاع الذي‬
‫يشغله ‪.‬‬

‫أ_‪ _3‬اصالح نظام الرواتب واألجور ‪:‬‬

‫من اهم أسباب انتشار الفساد هو تدني معدالت األجور التي تجعل الموظف يسعى نحو ايجاد مصدر دخل آخر ‪ ،‬اسهل واكثر قيمة من راتبه‬
‫عن طريق سلوكه لطريق الفساد كتلقيه او طلبه للرشاوى والمزايا وغيرها من اوجه اعمال الفساد ‪ ،‬وتجنبا لذلك وجب على المسؤولين‬
‫تحيين اجور ورواتب الموظفين ‪ ،‬لترقى بهم وتضمن لهم حياة كريمة ‪ ،‬تنأى بهم عن دروب الفساد‬

‫أ_ ‪_4‬فيما يخص إعتماد برامج تعليمية وتدريبية لرفع كفاءة الموظفين ‪:‬‬

‫حيث يتعين على اإلدارة طبقا لنص المادة ‪ 104‬من القانون األساسي للوظيفة العامة ‪ .... " :‬تنظيم دورات التكوين وتحسين المستوى بصفة‬
‫‪viii‬‬
‫دائمة قصد ضمان تحسين تأهيل الموظف وترقيته المهنية ‪ ،‬وتأهيله لمهام جديدة "‬

‫حيث أ ن الركود المهني للموظف يؤثر سلبا على منتوجه ومردوديته‪ ،‬وتكون له عالقة مباشرة بتسهيل عمليات الفساد ‪ ،‬ويمس بمبدأ الجدارة‬
‫الذي يقتضي أهلية الموظف للوظيفة ‪.‬‬

‫ب_ وضع مدونات وقواعد سلوك الموظفين العموميين ‪:‬‬

‫من التدابير الوقائية التي كرسها المشرع الجزائري في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬نجد نصه على تبني نظام قواعد السلوك‬
‫الخاصة بمختلف الوظائف ‪ ،‬من خالل نص المادة ‪ 07‬التي جاء فيها ‪ " :‬من أجل دعم مكافحة الفساد ‪ ،‬تعمل الدولة والمجالس المنتخبة‬
‫والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية وكذا المؤسسات العمومية ذات النشاطات اإلقتصادية ‪ ،‬على تشجيع النزاهة واألمانة‬
‫وكذا روح المسؤولية بين موظفيها ومنتخبيها ‪ ،‬السيما من خالل وضع مدونات وقواعد سلوكية تحدد اإلطار الذي يضمن اآلداء السليم‬
‫‪ix‬‬
‫والنزيه والمالئم للوظائف العمومية والعهدة اإلنتخابية ‪" .‬‬

‫نذكر على سبيل المثال ال الحصر ‪ :‬مدونة أخاقيات الوظيفة العامة ‪ ،‬مدونة أخالقيات مهنة الشرطة ‪ ،‬مدونة أخالقيات مهنة التربية والتعليم‬
‫‪x‬‬
‫‪ ،‬مدونة أخالقيات مهنة الضرائب ‪،‬‬

‫حيث تلعب مثل هاته المدونات ‪ ،‬دورا هاما في ضمان التنظيم الصارم لكل وظيفة ‪ ،‬بما يكفل إستبعاد كل سلوك من شأنه أن يمس اإلدارة‬
‫بأي شكل من أشكال الفساد ‪ ،‬كونها تحدد وبصرامة اإلطار الضيق الذي يؤدي فيه الموظف مهامه والخروج عنه ومخالفته تؤدي لتعرضه‬
‫للجزاء المحدد قانونا ‪.‬‬

‫ج_ تسيير األموال العمومية ‪:‬‬

‫حيث أكدت المادة ‪ 10‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أنه ‪ ":‬تتخذ التدابير الالزمة لتعزيز الشفافية والمسؤولية والعقالنية في‬
‫‪xi‬‬
‫تسيير األموال العمومية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما ‪ ،‬والسيما على مستوى القواعد المتعلقة باعداد ميزانية الدولة وتنفيذها ‪".‬‬

‫وذلك باإلستناد واإلستعانة بذوي اإلختصاص في عملية إ عداد وتنفيذ ميزانية الدولة ‪ ،‬ذلك أن أكبر وأخطر أوجه الفساد يتجلى عند التالعب‬
‫بعملية تنفيذ الميزانية ‪ ،‬أو سوء توزيعها بين القطاعات ‪ ،‬ناهيك عن ضرورة فسح المجال للهيئات المختصة بممارسة الرقابة على عملية‬
‫التنفيذ ‪.‬‬

‫د_ الشفافية في التعامل مع الجمهور ‪:‬‬

‫وطبقا لنص المادة ‪ 11‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬يتم إضفاء الشفافية في تسيير الشؤون العمومية بموجب إتخاذ وإلتزام‬
‫المؤسسات والهيئات العمومية لإلجراءات التالية ‪:‬‬
‫_إعتماد إ جراءات وقواعد تمكن الجمهور من الحصول على معلومات تتعلق بتنظيمها وسيرها وكيفية اتخاذ القرارات فيها ‪.‬‬

‫_تبسيط اإلجراءات اإلدارية ‪.‬‬

‫_نشر معلومات تحسيسية عن مخاطر الفساد في اإلدارة العمومية ‪.‬‬

‫_الرد على عرائض وشكاوى المواطنين ‪.‬‬


‫‪xii‬‬
‫_تسبيب قراراتها عندما تصدر في غير صالح المواطن ‪ ،‬وتوضيح طرق الطعن فيها ‪".‬‬

‫إن هاته التدابير الواردة بنص المادة ‪ 11‬لم ترد على سبيل الحصر ‪ ،‬كونها تعتبر أهم ما يمكن إتباعه إلضفاء الشفافية ‪ ،‬فيمكن تحقيقها من‬
‫خالل خلق قنوات تواصل بين المواطن واإلدارة وهو ما بدأت تحققه اإلدارة حاليا لكن بشكل بطئ وقليل الجودة ‪ ،‬عن طريق مثال فتح‬
‫مواقع إلكترونية خاصة باإل دراة تنشر فيها كل مستجداتها ليطلع عليها الجمهور ‪ ،‬وتفتح المجال له لتقديم شكاويه عما يصيبه من أضرار‬
‫جراء أعمال اإلدارة وتعسف موظفيها ‪ ،‬باإلضافة لتبسيط إجراءات المعامالت اإلدارية بالتحول نحو اإلدارة اإلكترونية بالتخلي تدريجيا‬
‫عن التعامل الورقي المرهق للمواطن ‪ ،‬والذي يطيل أمد تقديم الخدمة له ‪ ،‬ناهيك عن تأسيس وتسبيب قرارات اإلدارة بشكل جدي ال مجرد‬
‫شكلي ‪ ،‬لما فيه من إطالع للمواطن عن سبب رفضها لمطالبه حتى يتحقق اإلقتناع الذي يعزز مصداقية عمل اإلدارة لديه ‪.‬‬

‫ه_ فيما تعلق بابرام الصفقات العمومية ‪:‬‬

‫لتجنب تغلغل الفساد في مجال الصفقات العمومية وجب إضفاء الشفافية التامة التي تضمن نزاهة عمليات وإجراءات إبرامها ‪ ،‬ناهيك عن‬
‫ضرورة اإلعتماد على معايير موضوعية عند إنتقاء صاحب العرض المقبول ‪ ،‬و ذلك يتم باحترام على الخصوص القواعد التالية ‪:‬‬

‫_ضرورة إضفاء العالنية فيما يخص المعلومات المتعلقة بإجراء إبرام الصفقات ‪.‬‬

‫_اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واإلنتقاء ‪.‬‬

‫_إتباع معايير موضوعية ودقيقة إلتخاذ القرارات المتعلقة بابرام الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫_ممارسة كل طرق الطعن في حالة عدم إحترام قواعد إبرام الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫‪xiii‬‬

‫ونلمس تجسيد كل هاته القواعد من خالل أحكام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 247_15‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفق العام ( المعدل والمتمم بالمرسومين الرئاسيين على التوالي األول رقم ‪ 237_20‬المؤرخ في ‪ 31‬أوت ‪2020‬‬
‫والثاني رقم ‪ 72_21‬المؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ ، )2021‬الذي استحدث سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموجب‬
‫المادة ‪ 213‬منه ‪ ،‬والتي من مهامها ووفقا لنص المادة ‪ 88‬من نفس المرسوم ‪ ،‬إعداد مدونة أدبيات وأخالقيات المهنة لألعوان العموميين‬
‫‪xiv‬‬
‫المتدخلين في مراقبة وإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية‬

‫وعليه يجب أن تعتمد عملية إبرام الصفقات العمومية على مبادئ هامة ويتعلق األمر ب ‪:‬‬

‫مبدأ المساواة ‪ :‬الذي يضمن لكل من تتوفر فيهم شروط إعالن الصفقة أن يتقدم بعرضه كغيره من المتقدمين على قدم المساواة ‪ ،‬حيث يمنع‬
‫على المصلحة المتعاقدة التمييز بين أصحاب العروض بوضع عراقيل للبعض ‪ ،‬ومنح البعض اآلخر إمتيازات ‪.‬‬

‫مبدأ الشفافية ‪ :‬والتي تتجسد من خالل العالنية في كل إجرءات الصفقة منذ إعالن وطرح الصفقة ‪ ،‬إلى غاية إعالن إسم المعني بها‪.‬‬

‫مبدأ حرية المنافسة ‪ :‬وهو مبدأ مرتبط بمبدأ المساواة ‪ ،‬يقوم على فتح المنافسة لكل من تتوفر فيهم الشروط المحددة من المصلحة المتعاقدة‬
‫‪xv‬‬
‫‪.‬‬

‫و_ التدابير المتعلقة بسلك القضاة ‪:‬‬

‫من أخطر أشكال الفساد ‪ ،‬ذاك الذي يمس قطاع العدالة بصفة عامة والقضاة بصفة خاصة ‪ ،‬حيث أن وصول الفساد لجهاز القضاء يدل‬
‫على أنه استشرى في باقي القطاعات ونخرها‬

‫لذلك وضع المشرع هاته الفئة في مكانة خاصة بتخصيصه لقانون أساسي للقضاء ‪ ،‬و كرس قواعد أخالقيات المهنة التي تضبط سلوك‬
‫هاته الفئة بشكل جد صارم ‪ ،‬بهدف تحصينهم من مخاطر الفساد ‪ ،‬حيث صادق المجلس األعلى للقضاء بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪ 2006‬على‬
‫مدونة أخالقيات مهنة القضاء ‪ ،‬التي تضمنت بيان المبادئ العامة ( مبدأ إستقاللية القضاء ‪ ،‬مبدأ المساواة ‪ ،‬مبدأ الشرعية ‪ ،) ،‬وإلتزامات‬
‫القاضي ‪ ،‬وسلوكاته ‪ ، xvi‬وكل ذلك في سبيل إبعاده عن دوائر الفساد ‪ ،‬ألن دوره مهم في مكافحة الفساد إلى جانب باقي الهيئات القانونية‬
‫ذات الصلة‬

‫كل ذلك باإلضافية آللية التصريح بالممتلكات ( سبق التطرق لها اعاله ) ‪.‬‬

‫‪ _2‬التدابير الوقائية في القطاع الخاص ‪:‬‬

‫حيث المادة ‪13‬من قانون مكافحة الفساد على ضرورة إتخاذ التدابير الالزمة لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد‪ ،‬والنص عند اإلقتضاء‬
‫على جزاءات تأديبية فعالة ومالئمة وردعية جزاء مخالفتها‪ ،‬ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تتضمن تلك التدابير السيما مايلي ‪:‬‬

‫_تعزيز التعاون بين األجهزة التي تقوم بالكشف والقمع وكيانات القطاع الخاص المعنية ‪.‬‬

‫_تعزيز وضع معايير وإ جراءات بغرض الحفاظ على نزاهة كيانات القطاع الخاص المعنية ‪ ،‬بمافي ذلك مدونات وقواعد السلوك من أجل‬
‫قيام المؤسسات وكل المهن ذات الصلة بممارسة نشاطاتها ‪ ،‬بصورة عادية ونزيهة وسليمة للوقاية من تعارض المصالح وتشجيع تطبيق‬
‫الممارسات التجارية الحسنة من طرف المؤسسات فيما بينها وكذا في عالقتها التعاقدية مع الدولة ‪.‬‬

‫_ تعزيز الشفافية بين كيانات القطاع الخاص ‪.‬‬

‫_ الوقاية من اإلستخدام السيئ لإلجراءات التي تنظم كيانات القطاع الخاص ‪.‬‬
‫‪xvii‬‬
‫_ تدقيق داخلي لحسابات المؤسسات‬

‫بناء عليه يجب اعتماد‪:‬‬

‫أ_ نظام التدقيق المحاسبي ‪ :‬وهو نوعان داخلي وخارجي‬

‫_ التدقيق الداخلي ( رقابة داخلية ) ‪ :‬يقوم به موظف تابع للشركة ‪ ،‬غرضه التحقق من تطبيق السياسات اإلدارية والمالية المحددة مسبقا‬
‫في مخطط عمل الشركة ‪ ،‬ومنع األخطاء والتالعبات ‪.‬‬

‫_ التدقيق الخارجي ‪ :‬تقوم به جهة مستقلة في شكل المدقق الخارجي ‪.‬‬

‫ب_ المحاسبة العامة ‪:‬‬

‫إن إضفاء الشفافية على عمل وتسيير حسابات الشركات ‪ ،‬يقتضي إخضاعها لقواعد المحاسبة العامة ‪ ،‬التي تتم بمسك الشركات لحساباتها‬
‫‪xviii‬‬
‫وقف مبدأ القيد المزدوج ( دائن _مدين ) لتحديد مركز الشركة المالي ‪ ،‬والذي يقيها من وقوعها ضحية أعمال فساد ‪.‬‬

‫ج_اإلمتناع عن بعض السلوكات الماسة بمبدأ الشفافية ‪:‬‬

‫حيث أن مساهمة معايير المحاسبة وتدقيق الحسابات في الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬تتم باإلمتناع عن مايلي ‪:‬‬

‫_مسك حسابات خارج الدفاتر ‪.‬‬

‫_إجراء معامالت دون تدوينها في الدفاتر أو دون تدوينها بصورة واضحة ‪.‬‬

‫_تسجيل نفقات وهمية أو قيد التزامات مالية دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح ‪.‬‬

‫_إستخدام مستندات مزيفة ‪.‬‬

‫_اإلتالف العمدي لمستندات المحاسبة قبل انتهاء اآلجال المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما ‪.‬‬
‫‪xix‬‬

‫د_ مشاركة المجتمع المدني ‪:‬‬

‫نظرا لتطور دور المجتمع المدني جميع مكون اته ‪ ،‬باعتباره شريكا حساسا وفعاال في تسيير شؤون الدولة ‪ ،‬كان البد من إعطائه الفرصة في‬
‫لعب دور في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬من خالل ممارسته لرقابة على القطاعين العام والخاص ‪ ،‬ونشر الوعي العام بموضوع‬
‫الفساد ‪ ،‬وذلك لن يكون إال بالتسهيالت التي تمنحها الدولة بفسح المجال إلنشاء الجمعيات وممارستها ألعمالها بحرية حيث تكمن أهمية هاته‬
‫األخيرة في ‪:‬‬
‫_التأثير على الدولة من خالل دفعها لسن قوانين ‪ ،‬وإنشاء هيئات ‪ ،‬ووضع آليات للوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬بشكل علني بغض النظر‬
‫عن مرتكبيه أي رفع السرية عن قضايا الفساد ‪.‬‬

‫_نشر الوعي العام من خالل فعاليات إعالمية ‪ ،‬كاألبواب المفتوحة والمؤتمرات التي تعرف بظاهرة الفساد ومخاطرها على اإلقتصاد‬
‫‪xx‬‬
‫الوطني والمجتمع ككل ‪.‬‬

‫كل ذلك باإلضافة لتمكين وسائل اإلعالم والجمهور من الحصول على المعلومات المتعلقة بالفساد ‪ ،‬طبعا مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة‬
‫‪xxi‬‬
‫وشرف وكرامة األشخاص ‪ ،‬واحترام قرينة البراءة ‪ ،‬وكذامقتضيات األمن الوطني والنظام العام والحياد ‪.‬‬

‫ه_اتخاذ تدابير لمنع تبييض األموال ‪:‬‬

‫في الثمانينات كانت مكافحة تبييض األموال على رأس جدول األعمال السياسي في معظم الدول ‪ ،‬كونها في جوهرها تمتد عبر حدود الدول‬
‫وتتطلب تعاونا دوليا مكثفا‪ ،‬فأدركت هاته األخيرة مدى ارتباط وتأثير تبييض األموال على ظهور الجريمة المنظمة ‪ ،‬وأن أكثر الوسائل‬
‫فعالية في مكافحتها يتمثل في مكافحة التبييض ‪ xxii،‬وقد لعبت العولمة دورا هاما في إنتشار جرائم تبييض األموال بسبب فتح المجال أمام‬
‫اإلستثمارات األجنبية ‪ ،‬و دخول المتعاملين األجانب السوق الوطنية مع التسهيالت الممنوحة لهم ‪ ،‬كلهاعوامل سهلت عمليات تبييض‬
‫األموال ‪ ،‬وفي هذا المجال تضمنت المادة ‪ 16‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬ودعما لجهود مكافحة الفساد ‪ ،‬إلزام المصارف‬
‫والمؤسسسات المالية غير المصرفية ‪ ،‬بما في ذلك األشخاص الطبيعيين أو اإلعتباريين الذين يقدمون خدمات نظامية أو غير نظامية في‬
‫مجال تحويل األم وال أو كل ما له قيمة ‪ ،‬ألزمتهم بالخضوع لنظام رقابة داخلي من شأنه منع وكشف جميع أشكال تبييض األموال‪ ،‬وفقا‬
‫‪xxiii‬‬
‫للتشريع والتنظيم المعمول بهما ‪.‬‬

‫ولهذا الغرض خص المشرع هذا النوع من الجرائم بقانون خاص ‪ ،‬وهو قانون الوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‬
‫رقم ‪ ، 01_05‬كخطوة فعالة في طريق مكافحة الفساد ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬اآلليات البعدية لمتابعة الفساد‬

‫‪ _1‬الجرائم و العقوبات وفقا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪:‬‬

‫أ_جريمة الرشوة ‪:‬‬

‫تعتبر الرشوة و من أكثر جرائم الفساد إنتشارا ‪ ،‬حيث ميز المشرع الجزائري بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بين رشوة‬
‫الموظفين العموميين و الرشوة في مجال الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫يقصد بالرشوة عموما اإلتجار بالوظيفة وانتهاك واجب النزاهة الذي يعتبر إ لتزام ملقى على عاتق كل من يتولى وظيفة أو وكالة عمومية‬
‫أو يؤدي خدمة عمومية ‪.‬‬

‫وقد جمع المشرع الجزائري في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بين فعل الراشي والمرتشي ‪ ،‬في نص واحد ( الرشوة السلبية والرشوة‬
‫اإليجابية في النصوص القديمة من قانون العقوبات ) وهو نص المادة ‪ ، 25‬أي أنه اعتمد نظام ثنائية الرشوة الذي يقوم على اعتبارها‬
‫جريمة ذات طبيعة مزدوجة حيث تقوم كل جريمة بشكل منفصل كمايلي ‪:‬‬

‫أ_‪_1‬جريمة الموظف المرتشي ‪:‬‬

‫و هي الجريمة السلبية ‪ ،‬حيث تمثل الجانب السلبي في فعل الرشوة ‪ xxiv ،‬تناولتها الفقرة الثانية من المادة ‪ 25‬من قانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته حيث تقوم هاته الجريمة على ثالث أركان هي ‪:‬‬

‫أ_‪_1_1‬الركن المفترض‪ :‬ال يشترط في الراشي أو الوسيط أية صفة خاصة أو شرط معين ‪ ،‬لكن يشترط في الجاني المرتشي ‪ ،‬بأن يكون‬
‫موظفا عموميا طبقا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬ذلك أن هاته الجريمة تنتمي لفئة جرائم ذوي الصفة ‪ ،‬وهي تلك التي تتميز بكونها‬
‫‪xxv‬‬
‫تخضع ألحكام خاصة من أهمها أن فاعلها الرئيسي يحمل صفة يحددها القانون‪.‬‬

‫أ_‪_2_1‬الركن المادي ‪ :‬ويقوم بإتيان الموظف إحدى السلوكات التالية ‪ ،‬طلب أو قبول مزية ( عطية ) ليس للموظف حق فيها وهي كل‬
‫شيئ يشبع حاجة النفس وهواها مهما كان نوعها وحجمها ومهما كبرت او صغرت ومهما كانت قيمتها ‪ (xxvi‬كاألموال النقدية ‪ ،‬أوراق مالية‬
‫‪ ،‬محلية او اجنبية ‪ ،‬هدايا في شكل منقوال او عقارات‪...‬الخ فالمزية تعتبر فائدة في شكل ظاهر او مستتر ) وذلك مقابل آدائه لعمل من‬
‫أعمال وظيفته أو اإلمتناع عنه ‪ ،‬حيث يشتمل هذا الركن على ثالث عناصر هي‪:‬‬

‫السلوك أي النشاط الجرمي المتمثل في فعل طلب أو قبول ‪.‬‬


‫محل اإلرتشاء وهو المزية غير المستحقة ‪.‬‬

‫الغرض والهدف من اإلرتشاء وهو قيام الموظف بعمل أو إمتناعه عن آداء عمل من أعمال وظيفيته ‪.‬‬
‫‪xxvii‬‬

‫أ_‪_3_1‬القصد الجنائي ‪:‬إن جريمة الرشوة جريمة عمدية تقوم بتوفر القصد العام ‪ ،‬حيث يكفي إتيان الموظف المرتشي للفعل المادي‬
‫بمحض إرادته ‪ ،‬مع علمه بحقيقة ما أقدم عليه بأن ما طلبه من مزية ‪ ،‬هو مقابل للعمل أو اإلمتناع عن العمل الموكل إليه آداؤه ‪ xxviii،‬أي‬
‫تقتضي أن تتجه إرادة الموظف إلى طلب أو قبول مزية غير مستحقة مع علمه بالغرض من ذلك وهو كونها تعتبر مقابل آدائه أو إمتناعه‬
‫‪xxix‬‬
‫عن آداء أحد مهامه ‪.‬‬

‫أ_‪ _2‬جريمة الراشي ‪:‬‬

‫‪ ،‬وتقوم على األركان التالية ‪:‬‬

‫أ_‪_1_2‬الركن المادي ‪:‬‬

‫ويتم بإقدام الراشي على وعد المرتشي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها ‪ ،‬على أن يتسم هذا الوعد أو العرض بالجدية‬
‫التي تحقق إغراء للموظف ‪ ،‬يدفعه للقيام بعمل أو اإلمتناع عن عمل من مهامه الوظيفية ‪ ،‬سواء تم ذلك بصورة مباشرة صريحة أو غير‬
‫مباشرة ‪ ، xxx‬بالتالي يتضمن هذا الركن ثالث عناصر هي ‪:‬‬

‫النشاط اإلجرامي ‪ :‬ويتمثل في فعل الوعد أو العرض أو منح مزية غير مستحقة ‪.‬‬

‫المستفيد من المزية ‪ :‬األصل أن المستفيد من المزية محل الوعد أو العرض أو المنح هو الموظف ‪،‬لكن يمكن أن يكون شخصا آخر طبيعيا‬
‫كان أو معنويا ‪.‬‬

‫الغرض من المزية ‪ :‬مايهم هنا هو قيام الموظف أو امتناعه عن آداء عمل من مهامه الوظيفية مقابل تلك المزية الموجه له أو لغيره ‪.‬‬

‫أ_‪_2_2‬القصد الجنائي ‪:‬‬

‫ويتطابق مع القصد الجنائي في جريمة المرتشي بضرورة توافر علم الموظف أن المزية محل الوعدأو العرض أو المنح والتي انصرفت‬
‫إرادته لقبولها تشكل مقابال وثمنا للعمل أو اإلمتناع عن العمل الموكل إليه آداؤه ‪ ،‬باإلضافة لعنصر اإلرادة ‪ ،‬أي إتجاه هاته األخيرة وبحرية‬
‫‪xxxi‬‬
‫إلى أخذ المزية‪.‬‬

‫أ_‪_3‬العقوبات المقررة لجريمة الرشوة بصورتيها ‪:‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 25‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته فإنه العقوبة هي الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من ‪200.000‬دج‬
‫إلى ‪1.000.00‬دج ‪.‬‬

‫وتشدد العقوبة طبقا لنص المادة ‪ 48‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬إذا ارتكب الجريمة قاضيا أو موظفا يمارس وظيفة عليا ‪،‬‬
‫أوضابطا عموميا أو عضوا في الهيئة أوضابطا أو عون شرطة قضائية ‪ ،‬أو ممن يمارسون بعض صالحيات الشرطة القضائية ‪ ،‬أو‬
‫موظف أمانة ضبط ‪ ،‬حيث تصبح العقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة ‪ ،‬مع اإلبقاء على نفس مبلغ الغرامة المقرر للجريمة‬
‫‪xxxii‬‬
‫في المادة ‪ 25‬أعاله ‪.‬‬

You might also like