You are on page 1of 11

‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األميرعبد القادرالجزائري ضمن اهتمامات الشخصيات الفرنسية خالل مرحلة‬


‫أسره بفرنسا‬
‫‪The Algerian Emir Abdelkader among the interests of French figures during‬‬
‫‪his captivity phase in France‬‬
‫ــــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ـــــ ــ ــ ـــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ـــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ــــــــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــ ـــــ ـــ ــ ـــ ــ ـــ ــ ـــــ ــــ‬
‫عبد الحفيظ موسم ‪Abdelhafid Moussem‬‬
‫جامعة الدكتور موالي الطاهر‪ ،‬سعيدة‬
‫‪Department of Humanities, Dr. Moulay Taher University, Saida (Algeria).‬‬
‫‪Abdelhafid.moussem@univ-saida.dz‬‬
‫ــــــــ ــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــ ـــــــــــــــ ــ ـــ ــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ ــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ ـــــ ــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫تاريخ القبول ‪2021-10-20 :‬‬ ‫‪2021-10-09‬‬ ‫تاريخ االستالم‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪129‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫امللخص‪:‬‬
‫تتناول هذه الدراسة جوانب مهمة عن عالقات بعض الشخصيات الفرنسية باألمير عبد القادر أثناء مرحلة أسره‬
‫بفرنسا‪ ،‬فعلى الرغم من ّ‬
‫أن األمير قد ناصب االستعمار الفرنس ي عداء شديدا‪ ،‬إال أن ذلك لم يمنعه من تعاطف العديد من‬
‫الفرنسيين؛ السياسيين والعسكريين ّ‬
‫ممن اهتموا بشأنه وشأن املعتقلين معه طيلة فترة األسر التي قضاها في سجون فرنسا‪،‬‬
‫هؤالء الذين تدخلوا لصالح األمير لدى السلطات الفرنسية مما أدى إلى إطالق سراحه‪ّ .‬‬
‫ولعل هذا ما يجعلنا نؤكد من خالل‬
‫محل اهتمام شريحة واسعة من الوطنيين‬‫أن إنسانية األمير ومواقفه الشجاعة‪ ،‬قد جعلته ّ‬ ‫البحث في هذه اإلشكالية على ّ‬

‫الفرنسيين وهو أسير لدى املستعمر الفرنس ي‪.‬‬


‫الكلمات املفتاحية‪ :‬األمير عبد القادر‪ ،‬فرنسا‪ ،‬األسر‪ ،‬السجون‪ ،‬الشخصيات الفرنسية‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪This study addresses important aspects of some French figures’ relationships with‬‬
‫‪Emir Abdelkader during his captivity in France.Although Emir was bitterly opposed to‬‬
‫‪French colonialism, many French politicians and military personnelwho cared about him‬‬
‫‪and those detainedsympathized with him throughout his time in French prisons. They‬‬
‫‪intervened on behalf of Emir with the French authorities, leading to his release.Perhaps‬‬
‫‪this is what prompted usto emphasize, through this research, Emir’s humanity and‬‬
‫‪courageous positions thatmade him the subject of intereststo asignificantcategory of‬‬
‫‪French patriots when he was held captive by the French colonizer.‬‬
‫‪Keywords: Emir Abdelkader, France, captivity, prisons, French figures.‬‬

‫جامعية يوم السبت ‪ 31‬جويلية ‪ ،2021‬وقد حاولنا من خاللها‬


‫عبرت عن‬ ‫التعرف على أهم الشخصيات الفرنسية التي ّ‬ ‫مقـدم ــة‪:‬‬
‫اهتمامها باألمير عبد القادر الجزائري أثناء أسره بفرنسا‬ ‫تعتبر املرحلة التي قضاها األمير عبد القادر الجزائري في‬
‫والكشف عن مواقفها املتعاطفة معه‪ ،‬مع توضيح تداعيات‬ ‫سجون فرنسا كأسير لدى حكومة االحتالل‪ ،‬مرحلة مثيرة‬
‫هذا االهتمام على واقع األمير في سجون فرنسا‪ .‬وذلك باإلجابة‬ ‫للبحث واإلستقصاء التاريخيين‪ ،‬ملا تحتوي عليه من أسرار‬
‫على اإلشكالية التالية‪ :‬ما مدى اهتمام الشخصيات الفرنسية‬ ‫مهمة عن عالقات األمير مع الفرنسيين‪ ،‬وهي العالقات التي‬
‫باألمير عبد القادر أثناء أسره في سجون فرنسا؟‪.‬‬ ‫جملة من التناقضات‪ ،‬من خالل املعاملة‬
‫ٍ‬ ‫جمعت في نظرنا بين‬
‫السيئة لألمير من جهة‪ ،‬وصداقته املتينة مع بعض‬ ‫ّ‬
‫أوال‪ :‬التعريف بشخصية األميرعبد القادر‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الشخصيات الفرنسية ّ‬
‫هو األمير عبد القادر بن محي الدين املولود عام ‪1807‬‬ ‫ممن أبدت اهتماما وتقديرا بالغين‬
‫ببلدة القيطنة قرب مدينة معسكر‪ ،‬يعود نسبه إلى الحسين‬ ‫لشخصيته من جهة أخرى‪ ،‬وألجل تسليط الضوء على طبيعة‬
‫سيد الخلق محمد‬ ‫بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت ّ‬ ‫هذه املعامالت واالهتمام الذي حظي به األمير عند هؤالء‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فهو من أصل بيت الرسول‪،1‬‬ ‫الفرنسيين أثناء مرحلة سجنه بفرنسا‪ ،‬قمنا بإعداد هذه‬
‫إذ كان أحد أجداده من مؤسس ي دولة األدارسة باملغرب‬ ‫الدراسة املوسومة ب ـ‪" :‬األمير عبد القادر الجزائري ضمن‬
‫األقص ى‪ ،‬وباني مدينة فاس‪ ،‬ورغم أن عبد القادر من أهل‬ ‫اهتمامات الشخصيات الفرنسية خالل مرحلة أسره بفرنسا"‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫البيت إال ّأنه كان يرفض رفضا قاطعا استغالل نسبه وأصله‬ ‫والتي هي في األصل عبارة عن مداخلة مقدمة ضمن التظاهرة‬
‫الكتساب االحترام والتقديس وطاعة الناس‪.2‬‬ ‫العلمية الدولية حول‪ :‬األمير عبد القادر الجزائري‪ :‬مواقف‬
‫شهادات كتابات‪ ،‬املنظمة بالشراكة والتعاون بين عدة مخابر‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪130‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لم تف بوعدها ليصبح األمير أسيرا لديها إلى غاية ‪ 16‬أكتوبر‬ ‫اهتم والده بتعليمه القراءة والكتابة وعمره ال يتجاوز‬
‫‪1850‬؛ تاريخ إطالق سراحه واختيار الشرق كوجهة‬ ‫خمس سنوات‪ ،‬فحفظ القرآن الكريم وهو دون سن ‪ 12‬من‬
‫لالستقرار‪ ،‬توفي األمير في دمشق سنة ‪ ،1883‬ودفن هناك‪،‬‬ ‫عمره‪ ،3‬ودرس أصول الشريعة والفقه واألدب والتاريخ‬
‫وتم إعادة رفاته إلى الجزائر ليدفن بمقبرة العالية سنة‬ ‫والفلسفة‪ ،‬حتى صار من أبرز الشخصيات املثقفة بين القبائل‬
‫‪.81965‬‬ ‫كرجل له شأن عظيم في املستقبل‪ ،4‬كما ساعدته البيئة‬
‫ثانيا‪ -‬ظروف ومالبسات أسر األميرعبد القادر‪:‬‬ ‫الدينية ذات السمة الصوفية‪ ،‬التي ترعرع فيها على صقل‬
‫الدارس في املسار النضالي لألمير عبد القادر‬ ‫إن ّ‬
‫ّ‬ ‫شخصيته ومواهبه من خالل التشرب بتعاليم الدين اإلسالمي‬
‫ضد‬ ‫أن املقاومة الشعبية التي قادها ّ‬ ‫الجزائري‪ّ ،‬يتضح له ّ‬ ‫النقية ومن منابعها الصافية‪ ،‬هذا وساعدته أيضا رحالته مع‬
‫ً‬
‫املستعمر الفرنس ي قد عرفت منعطفا حاسما خاصة بعد‬ ‫والده إلى البالد العربية على اكتساب مجموعة من املؤثرات‬
‫معاهدة طنجة التي أبرمت في ‪ 10‬سبتمبر سنة ‪ 1844‬واتفاقية‬ ‫التي ساهمت في تكوين شخصيته املتميزة باالنفتاح والحوار‬
‫أن السلطات‬ ‫اللة مغنية املبرمة في ‪ 18‬مارس ‪ ،1845‬باعتبار ّ‬ ‫الحضاري‪.5‬‬
‫الفرنسية قد حصلت من خاللها على قرار يمنع سلطات‬ ‫ولم يكتف األمير بتلقي العلوم الدينية والدنيوية‪ ،‬بل اهتم‬
‫ً‬
‫املغرب ورعاياه من تقديم أي عو ٍن لألمير أو منحه أي ملجأ في‬ ‫أيضا بالفروسية وركوب الخيل وفنون القتال‪ ،‬فتفوق في ذلك‬
‫املغرب‪ . 9‬وهكذا اضطر األمير إلى الكف عن القتال بعد أن‬ ‫على غيره من الشباب‪ ،‬األمر الذي أهله لتولي اإلمارة بعد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صار معزوال عن قاعدة خلفية ضرورية‪ ،‬تبعا لتوصيات‬ ‫مبايعته األولى في شهر نوفمبر ‪ ،1833‬في وقت كان فيه‬
‫معاهدة طنجة التي أقحمت السلطات املغربية في مطاردته‬ ‫االحتالل الفرنس ي يجثم على أرض الجزائر التي كانت تعيش في‬
‫ً‬ ‫صراع قبلي عنيف؛ ساهم األمير في ّ‬
‫خارج حدودها‪ ،‬ومالحقا من طرف القوات الفرنسية على‬ ‫الحد من وطأته من خالل‬
‫األراض ي الجزائرية وفق ما ّ‬
‫أقرته اتفاقية اللة مغنية‪.10‬‬ ‫استراتيجية توحيد الشعب الجزائري قبل خوض الجهاد‪،‬‬
‫وأمام هذا الوضع املرير الذي ّ‬ ‫ً‬
‫حل باألمير ورفاقه‪ ،‬ارتأى‬ ‫ونظرا لنجاح األمير في هذه الخطوة املهمة لتحرير واستقالل‬
‫ً‬
‫أن يكون خالصه الوحيد هو الصحراء الجزائرية‪ ،‬وتبعا لذلك‬ ‫الجزائر فقد سارع رؤساء وأعيان ووجهاء القبائل األخرى إلى‬
‫ْ‬
‫دارت دائرته نحو الحدود الجزائرية‪ ،‬فاجتازت َ"مل ّوية" ثم‬ ‫مبايعته الثانية في فيفري ‪ 1833‬بنية توحيد امللة ومجابهة‬
‫عبرت "وادي كيس" لتتوغل عبر شعاب ْمسيردة (غرب‬ ‫املستعمر‪.6‬‬
‫تلمسان) في التراب الجزائري‪ ،‬وملا أدرك خطورة الوضع نتيجة‬ ‫لقد نجح األمير نجاحا كبيرا في العمل على جبهتين؛ الجبهة‬
‫قرر األمير‬ ‫الحصار املفروض عليه باملناطق الحدودية ّ‬ ‫األولى التي تمثلت معاملها في وضع لبنات ودعائم الدولة‬
‫استشارة الخليفتين اللذين كانا يرافقانه وهما‪ :‬الس ي مصطفى‬ ‫بكل ما تحمله الكلمة من معاني‪ ،‬والجبهة‬ ‫الجزائرية الفتية ّ‬
‫قدور ولد سيدي مبارك حول الحلول‬ ‫بن التهامي والس ي ّ‬ ‫قيادته وإشرافه الشخص ي على املقاومة‬ ‫الثانية التي تمثلت في ّ‬
‫املمكنة قائال لهم‪..." :‬عندها لم يبقى سوى ثالثة حلول ممكنة‪:‬‬ ‫الشعبية املسلحة التي بدأت رحاها في إطار محلي ضيق‪،‬‬
‫تل كربوس والعبور فوق أجسام الخيالة الذين‬ ‫ّإما اجتياز ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتجدر شيئا فشيئا إلى أن تشمل ربوع الوطن‪،‬‬ ‫ليتوسع نطاقها‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يحرسونه‪ ،‬ولو سلمنا جدال بأننا سنعبر‪ ،‬فال ّبد من التفكير‬ ‫حيث امتدت مقاومته الشعبية من سنة ‪ 1832‬إلى غاية‬
‫ًّ‬ ‫‪ ،1847‬واستطاع خاللها أن يلحق باملستعمر الفرنس ي ّ‬
‫جدا من املوقع‪ ،‬وإما سلوك طريق‬ ‫بأن الفرنسيين هم قريبون‬ ‫عدة‬
‫يسمح للمشاة والفرسان ببلوغ الجبل وعبوره‪ ،‬لكن النساء‬ ‫هزائم‪.7‬‬
‫واألطفال والجرحى لن يستطيعوا السير في هذه الحالة‪،‬‬ ‫ودون االستطراد في الحديث عن حيثيات وتفاصيل مقاومة‬
‫وإما‬‫وسينتهي بهم األمر إلى الوقوع في أيدي النصارى‪ّ ،‬‬ ‫األمير عبد القادر‪ ،‬باعتبار أن العديد من املتدخلين قد‬
‫ً‬
‫االستسالم أخيرا"‪.11‬‬ ‫تحدثوا عنها مطوال في رحاب هذه الندوة‪ ،‬يمكننا القول أن‬
‫ً‬ ‫أن ص َ‬ ‫ورغم ّ‬
‫حبه قد فضلوا جميعا املغامرة بأنفسهم على‬ ‫األمير قد اضطر إلى التوقيع على معاهدة التسليم شهر‬
‫ّ‬
‫أن َيسلم األمير كسلطان الستئناف القتال في سبيل هللا‪ ،‬إال‬ ‫ّ‬
‫تحصل منها‬ ‫ديسمبر ‪ 1847‬مع السلطات الفرنسية‪ ،‬بعدما‬
‫ً‬
‫أن األمير كان له رأي مخالف تماما خاصة وأنه كان يعلم ّأنه‬ ‫ّ‬ ‫على تعهد كتابي يقض ي بنقله إلى اإلسكندرية‪ ،‬غير أن فرنسا‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪131‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بعد هذه املراسيم امتطى األمير ورفاقه باخرة‬ ‫يتحمل مسؤولية كل السكان‪ ،‬هؤالء الذين كان ّ‬
‫يجرهم وراءه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫قائال لهم‪ّ :‬‬ ‫ً‬
‫"السمودس ي" يوم ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1847‬وكلهم أمل على التو ّجه‬ ‫"‪...‬إن املسألة الوحيدة التي بقيت للحسم هي ما يلي‪:‬‬
‫نحو اإلسكندرية استجابة لطلبهم ووفاء لهم بالوعد‪ ،‬مع العلم‬ ‫هل ينبغي االستسالم للنصارى أم ملوالي عبد الرحمن؟‬
‫أن األمير كان قد علم عن طريق الدوق دومال ّ‬ ‫ً‬
‫بأن الباخرة‬ ‫يمكنكم أن تختاروا ما يبدو لكم مناسبا أكثر‪ّ ،‬أما أنا فقد‬
‫ً‬
‫ستقف قليال أمام مرفأ طولون باعتبار أن السفر يقتض ي‬ ‫حسمت خياري‪ ،‬فأنا أفضل االستسالم للعدو الذي حاربته‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ذلك‪ ،‬غير أن الذي حدث هو عكس ذلك تماما‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫ملسلم خانني‪ ،‬سأطلب‬ ‫ٍ‬ ‫وكبدته هزائم كثيرة‪ ،‬على االستسالم‬
‫ً‬
‫من أن وقف القتال كان مشروطا بنقل األمير إلى عكا أو‬ ‫مسلم‪ ،‬مع عائلتي ومن يرغب منكم في أن‬ ‫ٍ‬ ‫بلد‬‫بترحيلي إلى ٍ‬
‫اإلسكندرية بتدعيم من الدوق "دومال" )‪(Duc d’Aumale‬‬ ‫يتبعني"‪.12‬‬
‫ّ‬
‫إال ّ‬ ‫وحينها ّ‬
‫أن هذا‬ ‫والجنرال الفرنس ي "المورسيير" )‪،(Lamoricière‬‬ ‫قرر األمير القوي بتأييد أصحابه إيفاد مبعوثين‬
‫الشرط قد انتهك من طرف حكومة االحتالل الفرنس ي‪ ،‬حينما‬ ‫من رجاالته إلى الجنرال "المور سيير"‪ 13‬إلعالمه برغبة األمير في‬
‫أعطت األوامر لطاقم الباخرة التي كانت تقل األمير وأهله نحو‬ ‫تردد على وقف‬ ‫وقف القتال‪ ،‬هذا األخير الذي وافق وبدون ّ‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬لكي يغير الوجهة نحو ميناء طولون الحربي‬ ‫القتال‪ ،‬فأخذ على الفور ورقة بيضاء ووضع عليها الختم‪ ،‬ثم‬
‫بجنوب فرنسا‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل بعد أن رست الباخرة‬ ‫تعهد لهم بتلبية كل الطلبات‬ ‫سلمها لرجاالت األمير بعد أن ّ‬
‫مساء يوم ‪ 29‬ديسمبر ‪ 1847‬بمنطقة "الزارات" جنوب ميناء‬ ‫طية الورقة‪ ،‬كما أعطاهم سيفه كهدية‬ ‫التي سيقدمها األمير ّ‬
‫طولون‪ ، 17‬وبينما كان األمير يشعر باملكر والخديعة فإذا‬ ‫مهداة لألمير ودليل على قبول وقف القتال‪ ،‬وأرسل حينها‬
‫ّ‬
‫بحاكم طولون يقف أمامه ليقول له‪" :‬إني مأمور بإنزالك هنا‬ ‫الجنرال "المورسيير" كتاب إلى "الدوق دومال"‪ 14‬ولي العهد‬
‫في برج المارلق الحربي حتى تأتي األوامر الجديدة من باريس"‪،‬‬ ‫ورسالة إلى امللك يقول فيها‪..." :‬امتطيت جوادي اللحظة لكي‬
‫فتأسف األمير لهذه الخيانة العظمى وكتب في رسالته إلى امللك‬ ‫أمض ي إلى الدائرة‪ ،‬كنت أفتقر إلى الوقت لكي أضم نسخ‬
‫ً‬
‫الفرنس ي قائال‪..." :‬لو كنا نعلم أن الحال يؤول إلى ما آل إليه‬ ‫الرسالة التي تلقيتها من األمير‪ ،‬وتلك التي رددت بها عليه‪،...‬‬
‫لم نترك القتال حتى تنقض ي منا اآلجال‪.18"...‬‬ ‫يكفيني أن أشير لكم بأنني وعدت فقط بأن يجري اقتياد األمير‬
‫هكذا تمت خديعة األمير عبد القادر الجزائري ورفاقه‬ ‫وعائلته إلى عكا أو إلى اإلسكندرية‪ ،‬هذان هما املوضعان‬
‫قانونيا وأخالقيا بعدما تحولت وجهة الباخرة بأمر من حكومة‬ ‫حددهما في طلبه‪،‬‬ ‫اللذان أشرت إليهما‪ ،‬فهما اللذان كان قد ّ‬
‫االستعمار الفرنس ي إلى طولون‪ ،‬لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من‬ ‫ووافقت عليهما‪.15"...‬‬
‫املعاناة في ّديار العدو‪ ،‬إنها مرحلة األسر التي دامت قرابة‬ ‫ونتيجة ملوافقة الجنرال "المورسيير" على شروط األمير‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫خمسة سنوات‪.‬‬ ‫التعرض للسكان واملجاهدين منهم‬ ‫املتمثلة أساسا في عدم‬
‫ثالثا‪ -‬محطات أسراألمير عبد القادر الجزائري بفرنسا‪:‬‬ ‫بالشر وإعطائهم األمان في أموالهم وأنفسهم ودينهم مع ضرورة‬
‫امتدت فترة أسر األمير عبد القادر الجزائري قرابة خمسة‬ ‫االستئمان الزمني ريثما يصل إلى عكا أو اإلسكندرية‪ ،‬وتحت‬
‫سنوات كاملة‪ ،‬ذلك أنه قد صار وصحبه أسرى لدى فرنسا‬ ‫توجه الفارس عبد القادر بصحبة‬ ‫ضمانة الدوق دومال‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫منذ ركوبهم باخرة "السمودي" عشية ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1847‬وإلى‬ ‫مناصريه وعائلته متجها إلى دائرة الغزوات‪ ،‬حيث صلى ركعتين‬
‫غاية اإلعالن الرسمي للويس نابليون الثالث‪19‬عن إطالق سراح‬ ‫في مقام سيدي إبراهيم –املكان الذي هزم فيه ّ‬
‫القوات‬
‫األمير وجميع املعتقلين معه يوم ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،201852‬وقد مرت‬ ‫مرات‪ -‬بمثابة وداع لألراض ي الجزائرية‪ .‬وبمرفأ‬ ‫عدة ّ‬ ‫الفرنسية ّ‬
‫مرحلة األسر بعدة محطات هي‪:‬‬ ‫ولي العهد "الدوق دومال" والجنرال‬ ‫الغزوات وجد األمير وأهله ّ‬
‫‪-1‬املحطة األوى بطولو ددسسمرر ‪ -1847‬أفريل ‪:)1848‬‬ ‫الفرنس ي "المورسيير" وعدد من قادة جيش العدو وضباطه في‬
‫لم يف الفرنسيون بعهدهم مع األمير ومرافقيه من الشيوخ‬ ‫ترجل األمير عن حصانه األدهم‬ ‫استقباله الرسمي‪ ،‬وحينها ّ‬
‫والنساء واألطفال‪ ،‬فبعد خمسة ّأي ٍام من الرحلة البحرية على‬ ‫وقدمه كهدية للدوق دومال‪ ،‬هذا األخير الذي أهدى األمير‬ ‫ّ‬
‫متن سفينة "السمودي" التي كان يفترض أن تبحر نحو‬ ‫بندقيته وساعته كدليل على األمان املوقع بينهما‪.16‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬رست ذات السفينة يوم ‪ 29‬ديسمبر ‪– 1847‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪132‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫خاطر‪ ،‬وهم على قناعة بأنكم ستوفون بالوعد الذي‬ ‫ٍ‬ ‫بأوامر من السلطات الفرنسية‪ -‬في ميناء طولون الكبير الذي‬
‫قطعتموه لي‪ ،‬ال يمكن ارتكاب خيانة مزدوجة بحقي‪ ،‬ملاذا‬ ‫عدة مرافئ عسكرية‪ ،21‬حيث تم إنزال األسرى‬ ‫كان يضم حينها ّ‬
‫َ‬
‫جعلتموهم يشاطرونني قدري؟‪ ،‬إنهم مرابطون وأهل سالم‪ ،‬لم‬ ‫ّأول األمر في منطقة "الزارات" (شبه جزيرة) الواقعة جنوب‬
‫ً‬
‫يشاركوا قط في كفاحي‪ ،‬وكانت السبحة بندقيتهم‬ ‫ميناء طولون‪ ،‬هذه املنطقة التي كانت تستخدم قديما لعزل‬
‫الوحيدة‪.29"...‬‬ ‫اض معدية‪ ،‬وبدأت البحرية‬ ‫الناس الذين يعانون من أمر ٍ‬
‫وملا فقد األمل في إطالق سراحهم‪ ،‬وأصبح األمير يشعر بقوة‬ ‫العسكرية الفرنسية في تهيئة الشقق إلقامتهم منذ الوهلة‬
‫قرر إبالغ‬ ‫كل مرة من مكان إلى آخر‪ّ ،‬‬ ‫اإلهانة نتيجة نقلهم في ّ‬ ‫األولى لنزولهم بها‪.22‬‬
‫أصحابه وعائلته بحقيقة الواقع الذي آلوا إليه بعدما خالفت‬ ‫وعلى الرغم من التبريرات التي قدمتها السلطات الفرنسية‬
‫فرنسا وعودها‪ ،‬األمر الذي دفعه إلى االعتراض على األسر‬ ‫لألمير من أجل إقناعه بالبقاء في فرنسا لبعض الوقت ريثما‬
‫ّ‬
‫الظالم من خالل رسائله الكثيرة للمسؤولين الفرنسيين‪ ،30‬من‬ ‫يتم التشاور مع خديوي مصر‪ ،‬بهدف اتخاذ الضمانات الالزمة‬
‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫ذلك مثال رسالته للجنرال "المورسيير" )‪ ،(Lamoricière‬الذي‬ ‫أن األمير قد بدأ يشعر بالخديعة‬ ‫لعدم عودته إلى الجزائر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتأسف وحزن عن ّ‬ ‫واملكر‪ّ ،23‬‬
‫عين وزيرا للحربية‪ ،‬والتي يذكره فيها بالوعد الذي وقعه مع‬ ‫كل األشياء التي حلت بأصدقائه‬
‫ً‬
‫األمير قائال ضمن مضمونها‪ ..." :‬إلى ذلك الذي ال يجدر بوعده‬ ‫ورفاقه وعائلته خاصة بعدما علم بأمر نقلهم إلى حصن‬
‫بعهد قطعه‪ ،‬ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫"فورالمالغ" شرق طولون‪ ،‬ليصبحوا بذلك أسرى لذى فرنسا‬
‫أن يتغير البتة‪ ،‬والذي ال يمكنه اإلخالل ِ‬
‫ً‬ ‫فصرح حينها ل"دوماس" )‪(Dumas‬الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخص املشهور في الشرق والغرب معا‪...‬أخينا السعيد دو‬ ‫عين‬ ‫مدى الحياة‪،24‬‬
‫ممن ال إملام لهم بما وقع بيني وبينك‬ ‫إن كثي ًرا ّ‬
‫المورسيير‪ّ ،...‬‬ ‫مع "بواسوني" )‪(Boissonnet‬من طرف الدوق دومال ملرافقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يعتقدون ّأنك غلبتني في الحرب وأجبرتني على التسليم عنوة‬ ‫األمير بحكم إتقانهما للعربية‪ ،25‬قائال‪..." :‬إني ال أرى فرنسا إال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإلقاء السالح‪ ،...‬ينبغي لك أن تكشف لهم الحقيقة‪ ،‬وأن‬ ‫سجنا لي وملن معي‪ ،‬لقد أردت أن أكون ضيفا على بارجتكم‪ ،‬ال‬
‫تقول لهم لو أنك لم تعلن لي عن وعودك ملا كنت ذهبت إليك‬ ‫أسرى بين أيديكم‪26"...‬‬
‫ً‬
‫‪ ،...‬اشرح إذا كل هذه القضية للفرنسيين املشهورين بشرفهم‬ ‫‪-2‬املحطـ ـ ــة الثانيـ ـ ــة فـ ـ ــي صـ ـ ــربـ ـ ــو دأفريـ ـ ــل ‪ -1848‬نـ ـ ــوفمرر‬
‫بين ا لشعوب كافة‪ ،‬إذ يستحيل عليهم حين يفهمونها‪ ،‬أن ال‬ ‫‪:)1848‬‬
‫يجعلوني أستعيد حريتي‪ ،‬إن لم تقدم على ذلك‪ ،‬فسوف يقع‬ ‫يعتبر قصر "بو" الواقع في مدينة "بو" بالجنوب الغربي‬
‫يصدق كالمك‪31"...‬‬ ‫عليك العار‪ ،‬ولن يعود أحد ّ‬ ‫بديار املستعمر‬ ‫لفرنسا‪ ،‬املحطة الثانية ألسر األمير وصحبه ّ‬
‫سياق حديثنا عن أسر األسير وص َ‬
‫حبه‬ ‫تجب اإلشارة في ّ‬ ‫قررت السلطات الفرنسية نقل األمير وجميع‬ ‫الفرنس ي‪ ،27‬فقد ّ‬
‫أن هذه املحطة لم تعرف أية محاوالت جادة‬ ‫بقصر "بو" إلى ّ‬ ‫األسرى الجزائريين من حصن "فورالمالغ" إلى قصر هنري‬
‫من السلطات الفرنسية إلطالق سراحهم‪ ،‬كما أن مجئ‬ ‫الرابع املعروف باسم قصر "بو" يوم ‪ 29‬أفريل ‪ ،1848‬أين تم‬
‫"المورسيير" إلى وزارة الحربية لم يغير من وضعيتهم شيئا‪،32‬‬ ‫منحهم شقق وأجنحة الطابقين الثاني والثالث من القصر‪،‬‬
‫ً‬
‫فعلى الرغم من الزيارات العديدة التي حظي بها األمير من قبل‬ ‫وفيهما كان يقض ي األمير النهار مع عائلته‪ ،‬لينقل ليال تحت‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫شخصيات فرنسية ذات وزن سياس ي وعسكري كبير‪ ،‬من‬ ‫بنفق داخلي إلى برج "غاستون"‬ ‫إجراءات أمنية مشددة‪ ،‬مرورا ٍ‬
‫أمثال األب املخضرم للحروب النابليونية "بونيار")‪، (Boniere‬‬ ‫تفاديا لهروبه من القصر الذي كان يقع في منطقة قريبة من‬
‫والبرملاني "الفرد فالو" )‪ (Alfred valou‬التابع للحزب امللكي‬ ‫الجبال والبحر‪.28‬‬
‫الكاثوليكي‪ ،‬واألسقف ّ‬ ‫ّ‬
‫األول بالجزائر "دوبوش أنطوان"‪،‬‬ ‫وفي محطته الثانية من األسر اقتنع األمير عن يقين بأنه‬
‫إال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن الحياة الروتينية لألسرى قد‬ ‫)‪(Dupuch Antoine‬‬ ‫يتحمل‬ ‫وزمالؤه قد أصبحوا أسرى لدى فرنسا‪ ،‬إذ لم يعد‬
‫استمرت في معاناة دون أي تغيير يذكر‪.33‬‬ ‫الصبر عن معاناة رفاقه‪ ،‬األمر الذي جعله يخاطب الجنرال‬
‫قائال‪" :‬ملن ّ‬ ‫ً‬ ‫دوما (يكتب أيضا دوماس) ّ‬
‫‪ -3‬محطـ ــة األسـ ــراألخيـ ــرة ف ـ ـي صـ ــرأمبـ ــوااو ـ ــال س ـ ـرا‬ ‫أتوجه‬ ‫املعين ملرافقته‬
‫األميردنوفمرر ‪ – 1848‬أكتوبر ‪:)1852‬‬ ‫حتى أحصل على إرسال إخوتي إلى اإلسكندرية‪ ،‬التي يمكنهم‬
‫بكل طيبة‬ ‫إلي ّ‬
‫االنطالق منها إلى مكة؟‪ ،‬لقد جاؤوا لالنضمام ّ‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪133‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ستعلم الشعوب وامللوك ّأية ثقة يمكنهم أن يضعوها من اآلن‬ ‫بعد انقضاء مدة ستة أشهر عن أسر األمير وصحبه بقصر‬
‫ً‬ ‫"بو"‪ّ ،‬‬
‫فصاعدا في العهد الفرنس ي"‪.39‬‬ ‫قررت ال حكومة الفرنسية نقلهم إلى قصر "أمبواز"‬
‫ً‬
‫ظل األمير عبد القادر ثابتا على مواقفه الشجاعة يقض ي‬ ‫بجنوب غرب باريس التابع ملقاطعة أورليان‪ ،34‬حيث غادر‬
‫ّأيلمه في أمبواز بين الدراسة والتأمل في موضوعات إنسانية‬ ‫مشددة‪ -‬مدينة‬ ‫األمير صحبة مرافقيه –تحت حراسة أمنية ّ‬
‫بإمتياز‪ ،‬وبين الصلوات والتأمالت الدينية‪ ،‬إذ لم يغريه‬ ‫"بو" يوم ‪ 03‬نوفمبر ‪ 1848‬متجهين نحو مدينة "بوردو"‪ ،‬ومنها‬
‫ّ‬
‫الفرنسيون بعروضهم‪ ،40‬وملا أطاح امللك نابليون بالجمهورية‬ ‫عبر سفينة الكايمان نحو مدينة نانت أين حظي األمير ورفاقه‬
‫ليتحول بعد ذلك‬‫ّ‬ ‫الثانية بقوة السالح في شهر ديسمبر ‪1851‬‬ ‫باستقبال خاص من طرف والي الناحية‬
‫ً‬
‫من شارل لويس نابليون رئيسا للجمهورية الثانية إلى‬ ‫"الندولوار" )‪ ،(Landeloire‬ليتم نقلهم بعدها إلى قصر أمبواز‬
‫قرر منح الحرية‬ ‫اإلمبرالطور نابليون الثالث )‪ّ ،(Napoléon III‬‬ ‫في ساعة متأخرة من ليلة ‪ 08‬نوفمبر ‪ ،351848‬وقد غطت‬
‫لألمير عبد القادر واملعتقلين معه خاصة بعدما تخلص من‬ ‫الصحف الفرنسية نبأ وصول األمير ورفاقه إلى أمبواز باهتمام‬
‫خصومه في الطرح من الجمهوريين امللكيين‪ ،41‬حيث توجه يوم‬ ‫كبير‪ ،‬إذ نقرأ –نقال عن لويس جون سيرو‪ -‬ضمن صفحات‬
‫‪ 16‬أكتوبر ‪ 1852‬إلى قصر أمبواز‪ ،‬أين خاطب األمير بالقول‪:‬‬ ‫جريدة لوبروقرس الصادرة بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1848‬ما يلي‪:‬‬
‫ّ‬
‫"إني ال أعتبرك أسير حرب‪ ،‬بل ضيف عزيز‪ ،‬كنت أتمنى‬ ‫"وصل عبد القادر إلى أمبواز على الساعة ‪،23:30‬أين حضر‬
‫إنقاذك من أيدي من لم يفوا بوعدهم لك‪ ،‬ولكن لم يتسنى لي‬ ‫العديد من السكان‪ ،‬وقد أنزل العرب على رصيف امليناء‬
‫ً‬
‫ذلك‪ّ ،...‬أما اآلن وقد أصبحت إمبراطورا‪ ،‬فالوقت الذي يجب‬ ‫املحادي للجسر‪ ،‬وجلسوا على شكل دائرة كعادة العرب في‬
‫أن أحقق فيه رغبتي قد حان‪.42"...‬‬ ‫الجلوس‪ ،‬إلى أن حملتهم العربات املنتظرة على الرصيف إلى‬
‫هذا وقد دعا نابليون الثالث األمير عبد القادر إلى باريس‬ ‫قصر أمبواز‪.36"...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يوم ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1852‬أين استقبله في قصر استقباال رسميا‬ ‫وما كان يمض ي شهر على وصوله إلى قصر أمبواز حتى‬
‫ًّ‬
‫حارا‪ ،‬وأقيمت على شرفه املآدب الفاخرة من طرف الوزراء‬ ‫جرى التخفيف من أسره الجديد باإلعالن عن انتخاب لويس‬
‫ً‬
‫ورجال الدولة ووجهاء الشعب الفرنسيين‪ ،‬كما استعرضت‬ ‫نابليون بونبارت رئيسا للجمهورية الفرنسية الثانية‪ ،‬فظهرت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫آماال ّ‬
‫بحضوره ألعاب الفروسية اعترافا بمواقفه الشجاعة‪ ،‬ومن‬ ‫مجددة‪ ،‬حتى ان تسريبات قد سرت حول نية‬ ‫لدى األمير‬
‫تم زار عدة مواقع أثرية في باريس قبل عودته إلى أمبواز‬ ‫الرئيس نابليون في التوسيع على األسرى كتلك التي نشرتها‬
‫النتظار اإلعدادات الخاصة بسفره إلى بروس في تركيا‪.43‬‬ ‫جريدة "لوكريدي" والتي مفادها أن نابليون قد دعا إلى اجتماع‬
‫األول من شهر ديسمبر ‪ 1852‬وبعد إتمام‬ ‫وفي اليوم ّ‬ ‫استثنائي حضره املاريشال بيجو )‪ (Bugeaud‬والجنرال‬
‫ّ‬
‫الترتيبات الالزمة لسفره نحو تركيا‪ ،‬حل األمير ومن بقي معه‬ ‫شنغارنييه )‪ (Changharie‬للتداول في املصير الواجب تقريره‬
‫من رفقائه بباريس مرة ثانية‪ ،‬وحينما دخل لويس نابليون إلى‬ ‫بشأن األمير‪ ،37‬ورغم معارضة الجنرال "روليار" الذي خلف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫قصر التويلري‪ ،‬ملح عبد القادر واقفا عند أسفل سلم الشرف‬ ‫أن هذا‬ ‫"المورسيير" على وزارة الحربية إطالق سراح األمير‪،‬‬
‫وسط كبار أعيان الدولة فتوجه نحوه على الفور‪ّ ،‬‬ ‫ً ً‬
‫وشد بحرارة‬ ‫التوجه قد نال تعاطفا كبيرا من قبل لويس نابليون واملاريشال‬
‫على يده وتبادل معه كلمات ودية‪ ،‬ثم سافر عبد القادر من‬ ‫بيجو والجنرال شنغارنييه وإيميل أوليفيية )‪.38(Emile ollivier‬‬
‫أمبواز إلى مرسيليا يوم ‪ 11‬ديسمبر ‪ ،1852‬حيث أبحر منها إلى‬ ‫ولإلشارة فقد عرضت السلطات الفرنسية على األـمير أثناء‬
‫ّ‬
‫القسطنطينية خالل يوم ‪ 21‬من نفس الشهر‪ ،‬وبهذا تنتهي‬ ‫أسره بأمبواز إقامة امللوك بفرنسا‪ ،‬إال ّأنه رفض مساومتها على‬
‫مرحلة أسره في فرنسا‪.44‬‬ ‫شرف حريته وحرية املعتقلين معه بعد أن احتج على عروضها‬
‫قائال‪" :‬لو جمعت فرنسا ّ‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ -‬الشخصيات الفرنسية املهتمة بالدفاع عن األمير‬ ‫كل كنوز الدنيا في ذيل برنس ي ثم‬
‫ُ‬
‫ونصرته في األسر‪.‬‬ ‫خيرتني‪ :‬بين أخذها وبين حريتي‪ ،‬الخترت حريتي‪ ،...‬فأنا ال أطلب‬
‫إن الدارس في سيرة األمير عبد القادر الجزائري‪ ،‬يتضح له‬ ‫رحمة وال نعمة ‪ّ ،‬إنما أطلب تنفيذ التزامات جرى التعهد بها‪،...‬‬
‫أن االهتمام الفرنس ي بشخصيته قد ارتبط بالفترة التي قضاها‬ ‫طلب الرجوع عن ذلك يعني طلب املستحيل‪ ،‬لن أعيد كالمكم‬
‫ً‬
‫أسيرا لدى فرنسا‪ ،‬ليتوقف ذلك بعد تحريره وانتقاله إلى منفاه‬ ‫إليكم‪ ،‬بل سأموت معه لتلطيخ شرفكم‪ ،‬ومن خالل مثالي‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪134‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حبه في األسر‬ ‫وفي محاولة منه لتحسين وضع األمير وص َ‬ ‫االختياري بالشرق‪ ،45‬إذ ال يكاد يختلف اثنان على أن قضية‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫بقصر "بو"‪ ،‬عبر دوماس للسلطات الفرنسية عن الواقع‬ ‫األمير قد مثلت مشكلة أخالقية كبرى للدولة الفرنسية‪ ،‬التي‬
‫وغياب‬ ‫شدة البرودة ّ‬ ‫املزري لألسرى الذين كانوا يعانون من ّ‬ ‫واجهت اإلحراج الكبير من قبل كبار املفكرين ّ‬
‫والسياسيين‬
‫التدفئة‪ ،‬إلى جانب قلة املواد الغذائية وانعدام شروط‬ ‫ورجال الدين املسيحيين الذين ّ‬
‫ترددوا على ّزيارة األمير في‬
‫تشدد على‬ ‫النظافة‪ ،‬األمر الذي جعل وزارة الحربية الفرنسية ّ‬ ‫مختلف محطات أسره بفرنسا‪.46‬‬
‫ضرورة الحفاظ على نظام القصر بما يضمن راحة األسرى‬ ‫عدة شخصيات فرنسية مع األمير عبد‬ ‫لقد تعاطفت ّ‬
‫فيه‪.52‬‬ ‫القادر أثناء إقامته بطولون‪ ،‬حيث زاره أحد سجنائه السابقين‬
‫ً‬
‫كما أن مرافقته الدائمة لألمير‪ ،‬قد جعلت دوماس‬ ‫وهو الكاتب "موريزو" )‪ (Mourizou‬الذي كان أسيرا عنده‬
‫ً‬ ‫خالل صائفة ‪ ،1841‬لكي ّ‬
‫يكتشف يوما بعد يوم حنكة األمير ودقته املتناهية في التأقلم‬ ‫يعبر عن شكره وتقديره لألمير الذي‬
‫ّ‬
‫املتكررة في‬ ‫مع املحن والشدائد‪ ،‬إذ لم ّ‬
‫يتردد عن محاوالته‬ ‫كان قد أمر جيشه آنذاك بمعاملة السجناء باحترام وإنسانية‪،‬‬
‫إقناع األسقف "أنطوان دوبوش" (الشخصية املتعاطفة مع‬ ‫ليلبي احتياجاتهم‬ ‫قسيس السجناء ّ‬ ‫لدرجة أنه أمر بأن يزور ّ‬
‫األمير) بزيارة األمير‪ ،‬خاصة بعد علم بقدومه ملدينة "بو"‪،‬‬ ‫الروحانية‪ ،47‬كما زاره الجنرال أودينو )‪ (Oudinou‬؛ دوق‬
‫ً‬
‫فكتب له قائال‪" :‬ستقومون بزيارة السجين الشهير‪ ،‬آه‪ .‬لن‬ ‫مدينة ريجيو‪ ،‬وأعرب هو اآلخر عن صدق محبته لألمير عبد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تأسفوا على زيارتكم له بالطبع‪ ،‬فلقد عرفتم عبد القادر في‬ ‫القادر‪ .48‬هذا واستقبل األمير في الواقع زوارا كبارا من أمثال‬
‫ازدهاره وشبابه حي ن كانت الجزائر بأسرها خاضعة لسلطته‪،‬‬ ‫املدعي العام "مارست" )‪ (Maarst‬الذي شغل منصب ضابط‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والحال‪ ،‬سوف تجدونه أكبر وأكثر إدهاشا في الخصومة‬ ‫يوناني في السابق‪ ،‬وقد أعجب كثيرا بمواقف األمير الشجاعة‬
‫ً‬
‫أيضا‪ ،...‬فهو ال يطلب شيئا من أشياء هذه الدنيا‪ ،‬وال يشكو‬ ‫حين خاطبه قائال‪" :‬أنتم رجل حرب وعدل‪ ،‬تعالوا لرؤيتي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أبدا‪ ،‬ويعذر أعداءه وال يسمح بأن يقال عنهم أي كالم س يء‬ ‫وسوف نتحدث عن العدل واملعارك‪ ،‬وخصوصا عن العدل‬
‫ً‬
‫أمامه"‪.53‬‬ ‫وسوف نقارن العدل الذي تعتبرونه همجيا بالعدل الذي‬
‫ّ ً‬
‫وبعد انتفاضة فيفري ‪ ،1848‬التي أدت إلى زوال النظام‬ ‫متحضرا‪ ،49"...‬ومثله أيضا أعجب العسكري الفرنس ي‬ ‫ترونه‬
‫امللكي وظهور الحكومة املؤقتة املمهدة للنظام الجمهوري‪،‬‬ ‫ّ‬
‫"بوغنار" )‪ (Boughnare‬بشخصية األمير‪ ،‬وتردد على زيارته‬
‫ّ ً‬ ‫ً ًّ ً‬
‫ظهرت بعض الشخصيات الفرنسية التي أعلنت عن تضامنها‬ ‫مرصعا بجزء من ضريح نابليون في‬ ‫ذهبيا رائعا‪،‬‬ ‫فأهداه خاتما‬
‫ً‬
‫مع األمير‪ ،‬من ذلك مثال النائب العام للحكومة املؤقتة "إيميل‬ ‫جزيرة القديسة هيالنة‪ .‬وقد تعجب األمير لهذا املوقف في بادئ‬
‫أوليفييه" املكلف بتقييم الحالة الذهنية لألمير‪ ،54‬حيث زار‬ ‫السيد بوغنار بملكيته لجزء آخر من‬ ‫األمر إلى أن أكد له ّ‬
‫وعبر عن تعاطفه معه بعد أن رأى‬ ‫األمير في ‪ 15‬مارس ‪ّ 1848‬‬ ‫الحجر الثمين‪ ،‬فتقبل حينها األمير هديته‪ ،‬ثم وضعها في‬
‫ً‬
‫فيه نظرة املخدوع الذي استمر في مستوى املصيبة‪ ،‬ثم عاد إلى‬ ‫خنصر يده اليمنى وخاطبه قائال‪" :‬ربما سيحمل لي‬
‫باريس‪ ،‬وطلب بإلحاح من "فرانسوا أراغو" ‪(François‬‬ ‫السعادة؟"‪.50‬‬
‫)‪Arago‬وزير الحربية في الحكومة املؤقتة ضرورة العمل ألجل‬ ‫املعين من قبل الجنرال‬ ‫ّأما فيما يخص الجنرال "دوماس" ّ‬
‫ّ‬
‫إطالق سراح األمير‪ ،‬مؤكدا له ومن خالله للحكومة املؤقتة؛‬ ‫"تريزل" كمرافق لألمير في األسر‪ ،‬فقد أخذ على عاتقه‬
‫بأن استمرار سجن األمير معناه قتله؛ ألنه ال يخرج من خلوته‬ ‫ّ‬ ‫حبه أثناء أسرهم بطولون‪ ،‬فعلى‬ ‫مسؤولية رعاية األمير وص َ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ستقدم‬ ‫أبدا‪ ،‬وفي حالة اإلفراج عنه فإن الحكومة املؤقتة‬ ‫الرغم من الدور املنوط به كممثل رسمي للدولة الفرنسية‪،‬‬
‫ً ً‬
‫مشهدا رائعا إذا وفت بالعهد والتزمت برغبات األمير‪ ،‬كما أن‬ ‫ورغم مهمته السرية التي كانت تتركز في أساسها على محاولة‬
‫ً‬
‫وعد مقدم من ابن‬ ‫هذا النموذج سيمثل مفخرة ومجدا لتنفيذ ٍ‬ ‫إقناع األمير بالتنازل عن حقه في العيش بالشرق على أن يحوز‬
‫ّ‬
‫امللك‪.55...‬‬ ‫على إقامة امللوك بفرنسا‪ ،‬إال أن العالقة قد اتسمت بينه وبين‬
‫عدة شخصيات من البرملان‬ ‫هذا وتعاطفت مع األمير أيضا ّ‬ ‫األمير بنوع في التقارب والصداقة‪ ،‬حيث أصبح بمثابة‬
‫الفرنس ي من أمثال "ألفونس دي المارتين" ‪(Alphonse de‬‬ ‫يعبر أمامه األمير عن قلقه وبأسه‬ ‫الشخص الوحيد الذي ّ‬
‫)‪ lamartine‬و"جاكالن الروش")‪(JACLIN Larouche‬‬ ‫طيلة فترة أسره‪.51‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪135‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ملتزما بمبادئ الصدق واإلخالص‪ ،60‬على أن يهدي نسخة منه‬ ‫صرح‬ ‫والسياس ي البارز"ميريو")‪ ، (Miriou‬هذا األخير الذي ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للويس نابليون الثالث‪ ،‬وهو ما حدث بالفعل‪ ،‬حيث أهدى‬ ‫علنا أمام ّنواب الشعب وممثلي الحكومة قائال‪" :‬إذا كانت‬
‫ً‬
‫دوبوش نسخة من الكتاب لألمير أثناء زيارته األخيرة له مطلع‬ ‫الحكومة الفرنسية قد أكدت بأن الوعود قد أعطيت فعال‪،‬‬
‫‪ ،1852‬وأخبره حينها بإرسال نسخة منه لنابليون الذي أصبح‬ ‫فإنه يجب أن تنفذها بدقة شديدة‪ ،‬وال يلزمها تغيير أي ش يء‬
‫سيد نفسه‪ ،‬ويستطيع أن يعمل على‬ ‫حد تعبير دوبوش ّ‬ ‫على ّ‬ ‫دون موافقة األمير"‪ .‬ومثله أيضا طالب املركيز "دوبواس ي" من‬
‫تسريحه دون أية معارضة‪ .61‬وهذا ما تم بالفعل بعدما ّ‬
‫قرر‬ ‫توضح للشعب عن طريق نوابه مدى‬ ‫الحكومة الفرنسية أن ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نابليون إعادة فتح ملف األمير مثلما أشرنا إليه سابقا‪.‬‬ ‫التزام فرنسا بهذا الوعد قائال‪..." :‬ما مدى مصادقة الحكومة‬
‫خاتمة‪:‬‬ ‫على هذا الوعد؟ أي هل هي صادقة أم ال؟ إذا صادقت يجب‬
‫ّ‬
‫يمكننا التأكيد في خاتمة هذه الدراسة على أن املرحلة التي‬ ‫التضحية بمصلحة الدولة‪ ،‬وإذا لم تصادق‪ ،‬فعلى الدولة أن‬
‫قضاها األمير عبد القادر في سجون فرنسا كأسير لدى حكومة‬ ‫تسوي كلمة ابن امللك"‪.56‬‬
‫االحتالل‪ ،‬هي مرحلة مثيرة للبحث واالستقصاء التاريخيين‪،‬‬ ‫أما بخصوص املثقفين الفرنسيين‪ ،‬فقد عبروا عن‬
‫ذلك أنها تحتوي على أسرار مهمة عن عالقات الفرنسيين‬ ‫استيائهم الكبير من الوضع الذي آل إليه األمير ورفاقه من‬
‫باألمير‪ ،‬فعلى الرغم من أن األغلبية الفرنسية قد عارضت‬ ‫خالل كتاباتهم املختلفة‪ ،‬من ذلك مثال الكاتبة األرستقراطية‬
‫إطالق سراح األمير باعتبار أنه لقن االستعمار الفرنس ي‬ ‫املدام "الماريشال" زوجة املاركيز "غراوتش ي" التي زارت األمير‬
‫التحرري ملحقا به هزائم‬ ‫ّ‬ ‫دروسا بالغة األهمية في الكفاح‬ ‫ورفاقه في معتقلي بو وأمبواز‪ ،‬وكشفت عن معاناتهم البالغة‬
‫أن األقلية من الوطنيين الفرنسيين؛ السياسيين‬ ‫كبيرة‪ ،‬إال ّ‬ ‫مقارنة بما سمعته عن مظاهر املعامالت اإلنسانية التي عامل‬
‫والعسكريين قد تعاطفت معه كثيرا‪ ،‬واستغلت موقعها من‬ ‫بها األمير وجيشه األسرى الفرنسيين بالجزائر‪ ،‬محملة‬
‫داخل البرملان الفرنس ي والحكومة الفرنسية في التأثير على‬ ‫يضر شرف‬‫السلطات الفرنسية مسؤولية خيانة العهد الذي ّ‬
‫معا‪ ،57‬ومثلها أيضا ّ‬ ‫ً‬
‫الوافدين الجدد لحكم فرنسا بعد وصول اإلمبراطور نابليون‬ ‫عبر الكاتب‬ ‫الدولة والشعب الفرنس ي‬
‫الثالث؛ بهدف إقناعهم على ضرورة فتح ملف األمير الذي‬ ‫السياس ي الفرنس ي "اليكسيس دي توكفيل" عن قلقه من‬ ‫ّ‬
‫يهدد الدولة الفرنسية في شرفها على املستويين املحلي‬ ‫أصبح ّ‬ ‫االنعكاسات السلبية لقضية أسر األمير على مستقبل‬
‫والدولي‪ ،‬بما ّ‬
‫حقق هدفها األسمى املتمثل في حرية األمير وفق ملا‬ ‫العالقات بين البلدين باعتبار أنه كان يرى بأن الجزائر‬
‫تعهد به أمام فرنسا عشية األسر‪ .‬ومما ال شك فيه أن أخالق‬ ‫ستصبح مسلحة أكثر مع مرور الوقت‪ ،‬وسيظل الشعبين‬
‫ً‬
‫األمير الرفيعة‪ ،‬ومواقفه اإلنسانية النبيلة هي التي جعلت‬ ‫متحاربين دون رحمة‪ .‬هذا فضال على الباحث شارل بونس ي‬
‫الشخصيات الفرنسية تناصر األمير وهو أسير لدى املستعمر‬ ‫الذي وعد األمير عن طريق دوماس بتسخير قلمه وفكره‬
‫الفرنس ي‪.‬‬ ‫للدفاع عنه‪.58‬‬
‫‪ .‬ائمة املراجع‪:‬‬ ‫كل الشخصيات التي أعربت عن‬ ‫ودون االستطراد في ذكر ّ‬
‫• الكتب‪:‬‬ ‫اهتمامها باألمير أثناء مرحلة أسره‪ ،‬يمكننا القول –من دون‬
‫‪ -‬إتيين برونو ‪ ،‬عبد القادر الجزائري‪ ،‬ترجمة ميشيل خوري‪ ،‬دار‬ ‫مبالغة‪ -‬أن شخصية "أنطوان دوبوش" كانت من بين أهم‬
‫الفارابي للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1997 ،1‬‬ ‫ً‬
‫الشخصيات التي انشغلت كثيرا بقضية األمير‪ ،‬من خالل‬
‫‪ -‬بن خليف عبد الوهاب‪ ،‬تاريخ الحركة الوطنية من االحتالل إلى‬ ‫زياراته املتكررة له في قصري بو وأمبواز‪ ،‬أين اقتنع عن يقين‬
‫االستقالل‪ ،‬دار طليطلة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬ ‫بكون األمير رجل علم وأخالق وصاحب رسالة إنسانية ذات‬
‫‪ -‬بن عبد القادر محمد الجزائري‪ ،‬تحفة الزائر في مآثر األمير عبد‬
‫أبعاد حضارية سامية‪ ،59‬وفي سياق دعمه والتضامن معه‬
‫القادر وأخبار الجزائر‪ ،‬ج‪ ،2‬املطبعة التجارية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1903 ،‬‬
‫وعد األسقف دوبوش األمير بأنه سيؤلف كتابا يرسم فيه‬
‫‪ -‬بوطالب عبد القادر ‪ ،‬األمير عبد القادر وبناء األمة الجزائرية‪ :‬من‬
‫شخصية األمير االستثنائية من خالل تدوين نقاشاته مع‬
‫األمير عبد القادر إلى حرب التحرير‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات دحلب‪،‬‬
‫األمير‪ ،‬وتقديم شهادات من أشخاص آخرين حول شخصيته‪،‬‬
‫الجزائر‪.2009 ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مع توفير وثائق تدل كلها على كون األمير رجال عظيما وعادال‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪136‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬جوالي بالالك‪ ،‬األمير عبد القادر أسطورة أدبية في الغرب‪ ،‬مجلة‬ ‫‪ -‬بوعزيز يحي‪ ،‬األمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري‪ ،‬الدار‬
‫الفيصل‪ ،‬العددان ‪ ،58-57‬مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات‬ ‫العربية للكتاب‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫ً‬
‫اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪ ،‬فبراير‪.2019 ،‬‬ ‫‪ -‬بوعالم بسايح‪ ،‬األمير عبد القادر مغلوبا لكن مظفر‪ ،‬ترجمة أحمد‬
‫‪ -‬غربي محمد‪ ،‬األمير عبد القادر أسير في أمبواز‪ ،‬مجلة الحوار‬ ‫خليل‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫املتوسطي‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،02‬مخبر الدراسات والبحوث‬ ‫ضد االحتالل الفرنس ي‬‫بسايح‪ ،‬أعالم املقاومة الجزائرية ّ‬ ‫‪ -‬بوعالم ّ‬
‫االستشراقية في حضارة املغرب اإلسالمي‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس‪،‬‬ ‫بالسيف والقلم ‪ ،1954 -1830‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫ماي ‪.2021‬‬ ‫‪.2007‬‬
‫الجزار أحمد كمال‪ ،‬املفاخر في معارف األمير الجزائري عبد القادر‬‫‪ّ -‬‬
‫• الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬بقبق الزهرة‪ ،‬األمير عبد القادر في األسر (‪ ،)1852 -1849‬رسالة‬ ‫والسادة األولياء األكابر‪ ،‬ط‪ ،01‬مطبعة العمرانية لألوفست‪ ،‬الجيزة‪،‬‬
‫ماجستير في التاريخ‪ ،‬جامعة وهران‪.2010 -2009 ،‬‬ ‫‪.1997‬‬
‫‪ -‬عالق محمد‪ ،‬األمير عبد القادر في كتابات العسكريين الفرنسيين‪،‬‬ ‫‪ -‬حرب أديب‪ ،‬التاريخ العسكري واإلداري لألمير عبد القادر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫رسالة ماجستير في التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2012 -2011 ،02‬‬ ‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1983 ،‬‬
‫• املراجع باللغة األجنبية‪:‬‬ ‫‪ -‬الحسني بديعة‪ ،‬األمير عبد القادر الجزائري‪ :‬سيرته املجيدة في‬
‫‪- ch A Julian, L’histoire de l’algérie contemporaine :‬‬ ‫حقبة من تاريخ الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬سالم للترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫‪Conquète et colonisation 1827- 1871, Paris, 1964.‬‬ ‫‪.1992‬‬
‫‪- Boutaleb Abdelkader, L’emir Abd-EL-Kader et la‬‬
‫‪formation de la nation Algerienne : DeL’Emir Abd-‬‬ ‫‪ -‬الحسني عبد القادر‪ ،‬مذكرات األمير عبد القادر‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫‪E-Kader à la guerre de libération nationale,ed,Alger,‬‬ ‫الصغير بناني‪ ،‬شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪1997.‬‬
‫‪- Cherif Mustafa, La mémoire de L’émir Abdelkader,‬‬ ‫‪.1995‬‬
‫‪colloque international, mai, BNA, Alger, 2005.‬‬ ‫‪ -‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬خالصة تاريخ الجزائر (املقاومة‬
‫‪- Bellemare Alexandre, Abdelkader : savie politique‬‬
‫‪et militaire, Edition Bouchéire, Paris, 2003.‬‬ ‫والتحرير‪ ،)1962 – 1830‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.2007 ،‬‬
‫‪-S.Aouli, R.Redijala et Ph Zoummeroff, Abd-el-‬‬ ‫‪ -‬سعيد هند فخري‪ ،‬األمير عبد القادر الجزائري زعيم املقاومة‬
‫‪Kader, Edition Fayard, 1994.‬‬
‫‪- Paul Azan, L’émir Abdelkader, du fanastime‬‬
‫املتنور‪ ،‬مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬مخبر الدراسات والبحوث‬
‫‪musulman au patriotisme français 1808- 1883,‬‬ ‫االستشرافية في حضارة املغرب اإلسالمي‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس‪،‬‬
‫‪Hachette, Paris, 1925.‬‬ ‫ماي ‪.2021‬‬
‫‪- Bruno Etienne, ABD EL KADER, Hachette, Paris,‬‬
‫‪1994.‬‬ ‫‪ -‬سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬عصر األمير عبد القادر‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة‬
‫‪- Bessaih Boualem, de l’émir Abdelkader à Limam‬‬ ‫جائزة عبد العزيز سعود لإلبداع الشعري‪ ،‬دمشق‪.2000 ،‬‬
‫‪chamyl, le héros des tchétchénes et du caucase,‬‬
‫‪ED,Alger, 1997.‬‬ ‫‪ -‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬حياة األمير عبد القادر‪ ،‬الشركة الوطنية‬
‫‪- Sureau Louis Jean, Alexis Feulvarc’h. L’Emir‬‬ ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1982 ،‬‬
‫‪Abdelkader a Amboise 1848- 1852, FSL,France,‬‬ ‫ّ‬
‫‪2002 .‬‬ ‫‪ -‬الصالبي علي محمد‪ ،‬سيرة األمير عبد القادر قائد رباني ومجاهد‬
‫‪- Sahli Mohammed Chérif, L’émir Abdelkader‬‬ ‫إسالمي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪chevalier de la foi, Entreprise Algérienne de presse,‬‬
‫‪Alger, 1984.‬‬ ‫‪ -‬العربي إسماعيل‪ ،‬املقاومة الجزائرية تحت لواء األمير عبد القادر‪،‬‬
‫‪- Ageron Charles-Robert, Abdelkader souvrain d’un‬‬ ‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1975 ،‬‬
‫‪royaume arabe d’orient, in: Revue de l’occident‬‬ ‫‪ -‬العربي ّ‬
‫‪musulman et de méditerranée, vol. n° spécial, 1970.‬‬
‫منور‪ ،‬تاريخ املقاومة الجزائرية في القرن ‪ ،19‬دار املعرفة‪،‬‬
‫‪- Peres Henri, La vie d’étude et de nédiation‬‬ ‫الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪d’abdelkader au chàteau d’amboise 1848 – 1852 la‬‬
‫‪ -‬املوسوعة العسكرية‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،1‬املؤسسة العربية للدراسات‬
‫‪littérature arabe et l’islam par les textes du xix siècle,‬‬
‫‪C. R, Paris, 1955.‬‬ ‫والنشر‪ ،‬دون مكان‪.1979 ،‬‬
‫• املقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬الهوامش‪:‬‬
‫‪ -1‬أديب حرب‪ ،‬التاريخ العسكري واإلداري لألمير عبد القادر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1983 ،‬ص ‪.28‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪137‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املوسوعة العسكرية‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،1‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬دون‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫منور العربي‪ ،‬تاريخ املقاومة الجزائرية في القرن ‪ ،19‬دار املعرفة‪،‬‬
‫مكان‪ ،1979 ،‬ص ‪.297‬‬ ‫الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.168‬‬
‫ي‬
‫‪ -20‬بديعة الحسني‪ ،‬األمير عبد القادر الجزائر ‪ :‬سيرته املجيدة في حقبة‬ ‫‪ -3‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬عصر األمير عبد القادر‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة جائزة‬
‫من تاريخ الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2‬سالم للترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،1992 ،‬ص ‪.104‬‬ ‫عبد العزيز سعود لإلبداع الشعري‪ ،‬دمشق‪ ،2000 ،‬ص ‪.43‬‬
‫ً‬
‫‪ -21‬هنري تشرشل شارل‪ ،‬حياة األمير عبد القادر‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر‬ ‫‪ -4‬بسايح بوعالم‪ ،‬األمير عبد القادر مغلوبا لكن مظفر‪ ،‬ترجمة أحمد‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1982 ،‬ص ‪.256‬‬ ‫خليل‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -22‬الزهرة بقبق‪ ،‬األمير عبد القادر في األسر (‪ ،)1852 -1849‬رسالة‬ ‫‪ -5‬هند فخري سعيد‪ ،‬األمير عبد القادر الجزائري زعيم املقاومة املتنور‪،‬‬
‫ماجستير في التاريخ‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2010 -2009 ،‬ص ‪.71‬‬ ‫مجلة الحوار املتوسطي‪ ،‬مخبر الدراسات والبحوث االستشرافية في‬
‫ّ‬
‫‪ -23‬علي محمد الصالبي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬ ‫حضارة املغرب اإلسالمي‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس‪ ،‬ماي ‪ ،2021‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -24‬محمد عالق‪ ،‬األمير عبد القادر في كتابات العسكريين الفرنسيين‪،‬‬ ‫‪ -6‬عبد الوهاب بن خليف‪ ،‬تاريخ الحركة الوطنية من االحتالل إلى‬
‫رسالة ماجستير في التاريخ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2012 -2011 ،02‬ص ص‬ ‫االستقالل‪ ،‬دار طليطلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ص ‪.70 . 69‬‬
‫‪.91 -90‬‬ ‫‪ -7‬إسماعيل العربي‪ ،‬املقاومة الجزائرية تحت لواء األمير عبد القادر‪،‬‬
‫‪25 - Alexandre Bellemare, Abdelkader : savie politique‬‬ ‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1975 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪et militaire, Edition Bouchéire, Paris, 2003, p 253.‬‬ ‫‪ -8‬عبد الوهاب بن خليف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -26‬عبد القادر بوطالب‪ ،‬األمير عبد القادر وبناء األمة الجزائرية‪ :‬من‬ ‫‪ -9‬عبد القادر الحسني‪ ،‬مذكرات األمير عبد القادر‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫األمير عبد القادر إلى حرب التحرير‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات دحلب‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫الصغير بناني‪ ،‬شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.188‬‬ ‫‪.1995‬‬
‫‪ -27‬برونو إتيين‪ ،‬عبد القادر الجزائري‪ ،‬ترجمة ميشيل خوري‪ ،‬دار‬ ‫‪10‬‬
‫‪- Julian ch A, L’histoire de l’algérie‬‬
‫الفارابي للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص ‪.253‬‬ ‫‪contemporaine : Conquète et colonisation 1827-‬‬
‫‪ -28‬بوعالم ّ‬ ‫‪1871, Paris, 1964, p 102.‬‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫بسايح‪ ،‬أعالم املقاومة الجزائرية ّ‬‫‪ -11‬بوعالم ّ‬
‫‪ -29‬بوعالم ّ‬ ‫ضد االحتالل الفرنس ي‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪30‬‬ ‫بالسيف والقلم ‪ ،1954 -1830‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الجزائر‪،2007 ،‬‬
‫‪-S.Aouli, R.Redijala et Ph Zoummeroff, Abd-el-‬‬
‫‪Kader, Edition Fayard, 1994, pp 410- 416.‬‬ ‫ص ص ‪.61 ،59‬‬
‫بوعالم ّ‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.77 -76‬‬ ‫‪-31‬‬ ‫‪ -12‬نفسه‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪32‬‬
‫‪- Azan Paul, L’émir Abdelkader, du fanastime‬‬ ‫‪ -13‬كان "المور سيير" من أنصار االشتراكية املثالية‪ ،‬وقد تولى خالل‬
‫‪musulman au patriotisme français 1808- 1883,‬‬
‫الثالثينيات إدارة املكتب العربي حيث تدار الشؤون األهلية‪ ،‬ورغم أنه هو‬
‫‪Hachette, Paris, 1925, p 104.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪- Etienne Bruno, ABD EL KADER, Hachette,‬‬ ‫الذي أعطى كلمة األمان باسم فرنسا لألمير عبد القادر في ديسمبر ‪،1847‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪Paris, 1994, p 55.‬‬ ‫إال ّأنه قد رفض إطالق سراحه عندما أصبح وزيرا للحربية (للدفاع)‪،‬‬
‫‪ -34‬محمد بن عبد القادر الجزائري‪ ،‬تحفة الزائر في مآثر األمير عبد القادر‬ ‫أنظر‪ :‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬خالصة تاريخ الجزائر (املقاومة‬
‫وأخبار الجزائر‪ ،‬ج‪ ،2‬املطبعة التجارية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1903 ،‬ص ‪.212‬‬ ‫والتحرير‪ ،)1962 – 1830‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪35‬‬
‫‪- Bessaih Boualem, de l’émir Abdelkader à Limam‬‬ ‫‪ -14‬الدوق دومال هو حاكم الجزائر الجديد الذي تولى الحكم عقب‬
‫‪chamyl, le héros des tchétchénes et du caucase,‬‬
‫استقالة بوجو شهر جوان ‪ .1847‬أنظر‪Abdelkader Boutaleb, :‬‬
‫‪ED,Alger, 1997, p 219.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪- Sureau Louis Jean, Alexis Feulvarc’h. L’Emir‬‬ ‫‪L’emir Abd-EL-Kader et la formation de la nation‬‬
‫‪Abdelkader a Amboise 1848- 1852, FSL,France,‬‬ ‫‪Algerienne : DeL’Emir Abd-EL-Kader à la guerre de‬‬
‫‪2002 p 14.‬‬ ‫‪libération nationale,ed,Alger, 1997, p 97.‬‬
‫‪ -15‬بوعالم ّ‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪37‬‬
‫‪- Bessaih Boualem, op.cit, p 221.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -38‬محمد غربي‪ ،‬األمير عبد القادر أسير في أمبواز‪ ،‬مجلة الحوار‬ ‫‪ -16‬علي محمد الصالبي‪ ،‬سيرة األمير عبد القادر قائد رباني ومجاهد‬
‫املتوسطي‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،02‬مخبر الدراسات والبحوث‬ ‫إسالمي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ص ‪.265 ،264‬‬
‫‪17 - Mustafa‬‬ ‫‪Cherif, La mémoire de L’émir‬‬
‫االستشراقية في حضارة املغرب االسالمي‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس‪ ،‬ماي‬
‫‪Abdelkader, colloque international, mai, BNA, Alger,‬‬
‫‪ ،2021‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -39‬بوعالم ّ‬ ‫‪2005, p. p 5-6.‬‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪ -18‬يحي بوعزيز‪ ،‬األمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري‪ ،‬الدار العربية‬
‫‪40‬‬
‫‪- Mohammed Chérif Sahli, L’émir Abdelkader‬‬
‫للكتاب‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪chevalier de la foi, Entreprise Algérienne de presse,‬‬
‫‪Alger, 1984, p 106.‬‬ ‫‪ -19‬حكم فرنسا بصفته رئيسا للجمهورية الثانية من ‪ 1848‬إلى غاية‬
‫ً‬
‫‪ -41‬محمد غربي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪ 1852‬ثم بصفته إمبراطورا من سنة ‪ 1852‬إلى ‪ .1870‬عنه أنظر‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪138‬‬
‫دراسات وأبحاث املجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫مجلد ‪ 14‬عدد ‪ 01‬جانفي ‪ 2022‬السنة الرابعة عشر‬ ‫‪ISSN: 1112- 9751 / EISSN: 2253-0363‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -42‬أحمد كمال ّ‬
‫الجزار‪ ،‬املفاخر في معارف األمير الجزائري عبد القادر‬
‫والسادة األولياء األكابر‪ ،‬ط‪ ،01‬مطبعة العمرانية لألوفست‪ ،‬الجيزة‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -43‬يحي بوعزيز‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪44‬‬
‫‪- Bessaih Boualem, op.cit, p 227.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪- Etienne Bruno, op.cit, p 61.‬‬
‫‪ -46‬محمد غربي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -47‬بالالك جوالي‪ ،‬األمير عبد القادر أسطورة أدبية في الغرب‪ ،‬مجلة‬
‫الفيصل‪ ،‬العددان ‪ ،58-57‬مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪ ،‬فبراير‪ ،2019 ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪48‬‬
‫‪- S.Aouli, R.Redijala et Ph Zoummeroff, op.cit, pp‬‬
‫‪412.‬‬
‫‪ -49‬بوعالم ّ‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪50‬‬
‫‪- Ageron Charles-Robert, Abdelkader souvrain‬‬
‫‪d’un royaume arabe d’orient, in: Revue de l’occident‬‬
‫‪musulman et de méditerranée, vol. n° spécial, 1970, p‬‬
‫‪19 (15-30).‬‬
‫‪ - 51‬بالالك جوالي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ - 52‬الزهرة بقبق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫بسايح‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.78 ،77‬‬‫‪ - 53‬بوعالم ّ‬
‫‪54 -‬‬ ‫‪Etienne Bruno, op.cit, p 67.‬‬
‫‪ - 55‬الزهرة بقبق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -56‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.87 ،85‬‬
‫‪ - 57‬بالالك جوالي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ - 58‬الزهرة بقبق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.103 ،101‬‬
‫‪59‬‬
‫‪- Peres Henri, La vie d’étude et de nédiation‬‬
‫‪d’abdelkader au chàteau d’amboise 1848 – 1852 la‬‬
‫‪littérature arabe et l’islam par les textes du xix siècle,‬‬
‫‪C. R, Paris, 1955, p 338.‬‬
‫‪ -60‬برونو إتيين‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ - 61‬بالالك جوالي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫‪139‬‬

You might also like