Professional Documents
Culture Documents
Fiqh Ibadah
Fiqh Ibadah
َو ُجَيوُز ِلْلُم َس اِفِر َقْص ُر الَّص اَل ِة الُّر َباِعَّي ِة ِبَأْر َبَع ِة َش َر اِئَط َ :أْن َيُك وَن َس َف ُر ُه يِف َغِرْي َم ْع ِص َيٍة ،ولو
كانا يف البحر واإلمام يف سفينة واملأموم يف أخرى ومها مكشوفتان ..فالصحيح :أنه يصح االقتداء
إذا مل يزد ما بينهما على ثالث مئة ذراع كالصحراء ،قال املاوردي :وكذا لو كان أحدمها يف سفينة،
واآلخر على الشط.
وإن كانتا مسقفتني .فهما كالدارين ،والسفينة اليت فيها بيوت كالدار ذات البيوت ،واخليام
كالبيوت ،واهلل أعلم.
قال( :فصل :وجيوز للمسافر قصر الصالة الرباعية بأربعة شرائط :أن يكون سفره يف غري
معصية) ال شك أن السفر غالب ًا وسيلة إىل اخلالص من مه روب ،أو الوص ول إىل مطلوب ،والسفر
مظنة املشقة ،وهي جتلب التيسري ,فلهذا حط من الصالة الرباعية ركعتان ،والكتاب والسنة وإمجاع
األمة على ج واز القصر يف السفر املب اح الطويل ،ويف قصر املقض ية خالف وتفصيل يأيت ،قال اهلل
تعاىلَ( :و ِإَذا َض َر ْبُتْم يِف اَأْلْر ِض َفَلْيَس َعَلْيُك ْم ُج َن اٌح َأن َتْق ُص ُر وا ِم َن الَّص اَل ِة ِإْن ِخ ْف ُتم) اآلية ،و
(الضرب يف األرض) :السفر ،ويف "الصحيحني" عن ابن مسعود قال( :صليت مع رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم ركعتني ،ومع أيب بكر ركعتني ،ومع عمر ركعتني) ،وقال ابن عمر( :سافرت مع رسول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأيب بكر وعمر ،فكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتني ركعتني) .مث شرط
السفر :أن يكون يف غري معصية ،فيش مل ال واجب؛ كسفر احلج وقض اء ال ديونوحتومها ،ويش مل
املن دوب؛ كحج التط وع وص لة ال رحم وحنومها ،ويش مل املب اح؛ كسفرالتجارة والت نزه ،ويش مل
املكروه؛ كسفر املنفرد عن رفيق.
قال الشيخ أبو حممد :ومن األغراض الفاسدة :طواف الصوفية لرؤية البالد .قال اإلمام :وال
يشرتط كون السفر طاعة باالتفاق ،وعن صاحب "التلخيص" اشرتاط الطاعة.
واح رتز الش يخ بقول ه( :يف غري معصية) عن سفر املعصية؛ كالسفر لقط ع الطريق ،وأخ ذ
املكوس ،وجلب اخلمر واحلش يش ،ومن تبعث ه الظلمة يف أخ ذ الرشا ،وسفر املرأة بغ ري إذن زوجه ا،
وسفر العبد اآلبق ،وسفر املديون القادر على الوفاء بغري إذن صاحب الدين ،وحنو َو َأن َتُك وَن َم َس اَفْتُه
ِس َّتَة َعَش َر َفْر َس َح ا ،ذلك ،فهؤالء وأشباههم ال يرتخصون بالقصر؛ ألن القصر رخصة وهذا السفر
معصية ،والرخصال تناط باملعاصي.
وكما ال يقصر العاص ي بسفره .ال جيمع بني الصالتني ،وال يتنق ل على الراحلة ،وال ميسح
ثالثة أيام ،وال يأكل امليتة عند االضطرار ،قال "شرح املهذب" :بال خالف ،وىف "الروضة" حكاية
خالف يف أكل امليتة ،وال معول عليه.
ولو وجد ظاملًا يف مفازة .فال يسقه وإن مات ،أفىت بذلك سفيان الثوري؛ لتسرتيح منه البالد
والعباد والشجر والدواب ،وهي مسألة مهمة نفيسة.
واح رتز الش يخ (بالصالة الرباعية) عن املغ رب والصبح؛ فإهنما ال يقصران ،قال ال رافعي
والنووي :باإلمجاع ،لكن نقل العبادي عن حممد بن نصر املروزي من أصحابنا :أنه جيوز قصرالصبح
إىل ركعة يف اخلوف ،كمذهب ابن عباس ،واهلل أعلم.
قال( :وأن تكون مسافته ستة عشر فرسخًا) يشرتط يف جواز القصر كون السفر طويًال ،وهو
ستة عش ر فرسخًا ،كما ذك ره الش يخ ،وه و مثانية وأربعون ميًال باهلامشي ،وهي أربعة برد -أعين:
الفراسخ -وهي مسرية يومني معتدلني ,وهذا الضبط حتديد على الراجح ،والبحر كالرب ،ولو حبسه
الريح .قال الدارمي :هو كاإلقامة يف البلد من غري نية.
والعلم :أن مسافة الرجوع ال حتسب ،فلو قصد موضعًا على مرحلة بنية أال يقيم .فليس له أن
يقصر ال ذهابًا وال إيابًا وإن ناله مشقة مرحلتني؛ ألنه ال يسمى طويًال.
واعلم ايضا :أنه ال بد للمسافر من ربط قصده مبوضع معلوم ،فال يقصر اهلائم وإن طالسفره،
ويسمى هذا أيضًا راكب التعاسيف.
فرع
نوى مسافة القصر ،مث نوى بعد خروجه أنه إن وجد فالن ًا رجع ،وإال مضى .فاألصح :أن
هيرتخص ما مل يلقه ،فإذا لقيه .خرج عن السفر وصار مقيمًا ،ولو نوى مسافة القصر ،مث نوى بعد
خروجه أنه إذا وصل بلد كذا -والبلد يف وسط الطريق -أقام أربعة أيام فأكثر :فإن كان من موضع
خروج ه إىل املقصد الث اين مسافة القصر .ت رخص ،وإن ك ان أقل .ت رخص أيض ًا على األص ح .واهلل
أعلم.
َو َأْن َيُك وَن ُمَؤ ِّدَيا ِللَّص الِة َ ،و َأْن َيْنِو َي اْلَق ْص َر َمَع اِإْل ْح َر اِم قال( :وأن يكون مؤديًا للصالة ،وأن
ين وي القصر مع اإلح رام) حج ة ك ون الصالة ال يت تقصر أن تكون مؤداة :ما مر من األدل ة ،أما
املقض ية :فإن فاتت يف احلض ر وقض اها يف السفر .وجب عليه اإلمتام؛ ألهنا ت رتبت يف ذمت ه أربعًا،
وادعى ابن املن ذر واإلمام أمحد اإلمجاع على ذل ك ،وقال املزين :ل ه قصرها ،وحكى املاوردي وجه ًا
مثله؛ ألن االعتب ار بوقت القض اء ،كما ل و ت رك ص الة يف الصحة .ل ه قض اؤها يف املرض قاعدًا،
والقائلون باملذهب فرقوا؛ بأن املرض حالة ضرورة ،فيحتمل فيه ما ال حيتمل يف السفر؛ ألنه رخصة،
أال ترى أنه لو شرع يف الصالة قائمًا مث طرأ املرض .له أن يقعد ،ولو شرع يف الصالة يف احلضر ،مث
سارت به السفينة .مل يكن له أن يقصر ؟!
وإن فاتت الصالة يف السفر ،فقض اها يف السفر أو يف احلض ر .فه ل يقصرها ؟ فيه أقوال
أظهره ا :إن قض اها يف السفر .قصر وإن ختللت إقامة ،وإن قض اها يف احلض ر .أمت ،ه ذا ما ص ححه
ال رافعي والن ووي ،وص حح ابن الرفعة اإلمتام مطلق ًا ،ول و شك ه ل فانت يف احلض ر أويف السفر .مل
يقصر.
واعلم :أن شرط القصر :أن ينويه؛ ألن األصل اإلمتام ،فإذا مل ينو القصر .انعقد إحرامه على
األصل ،ويشرتط أن تكون نية القصر وقت التحرم بالصالة كنيته ،وال يشرتط دوام ذكرهاللمشقة.
نعم؛ يشرتط االنفكاك عما خيالف اجلزم بالنية ،فلو نوى القصر ،مث نوى اإلمتام .أمت ،وكذا لو
ت ردد بني أن يقصر أو يتم .أمت ،ول و شك ه ل ن وى القصر أم ال .لزمه اإلمتام وإن ت ذكريف احلال أن ه
نوى القصر؛ ألنه بالرتدد لزمه اإلمتام.
الث اين :أن يكون مسافرًا من أول الصالة إىل آخره ا ،فلو ن وى اإلقامة يف أثنائه ا ،أو انتهت
هبسفينته إىل دار اإلقامة .لزمه اإلمتام.
الث الث :أن يعلم جبواز القصر ،فلو جه ل ج وازه فقصر .مل تصح ص الته؛ لتالعب ه ،نصعليه
الشافعي يف (األم) ،قال النووي :ويلزمه إعادة هذه الصالة أربعًاَ .و ُجَيوُز ِلْلُم اِفِر َأْن ْجَيَم َع َبَنْي الُّظْه ِر
َس
َو اْلَعْص ِر َ ،و اْلَم ْغِر ِب َو اْلِعَش اِء يِف َو ْقِت َأْيِه َم ا َش اَء.
الشرط الرابع :أال يقتدي مبقيم أو مبتم يف جزء من صالته ،فإن فعل .لزمه اإلمتام ،ولو صلى
الظه ر خلف من يصلي الصبح مسافرًا ك ان أو مقيمًا .مل جيز ل ه القصر على األص ح؛ ألهنا ص الة ال
تقصر ،ول و ص لى الظه ر خلف من يصلي اجلمعة .فاملذهب :أن ه ال جيوز ل ه القصر ،ويلزمه اإلمتام،
وسواء كان إمام اجلمعة مسافرًا أو مقيمًا ،ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلي العصر مقصورة.
جازا ،واهلل أعلم.
فرع
اقت دى املسافر مبن علمه أو ظن ه مقيمًا .لزمه اإلمتام ،وك ذا ل و شك ه ل ه و مقيم أو مسافر
يلزمه اإلمتام ،وإن اقتدى مبن علمه أو ظنه مسافرًا أو علم أو ظن أنه قصر .جاز له أن يقصر خلفه،
وكذا لو مل يدر أنه نوى القصر .فال يلزمه اإلمتام هبذا الرتدد؛ ألن الظاهر من حال املسافر أنه ينوي
القصر ،وكذا لو عرض هذا الرتدد يف أثناء الصالة .ال يلزمه اإلمتام ،واهلل أعلم.
قال( :وجيوز للمسافر أن جيمع بني الظه ر والعصر ،واملغ رب والعش اء يف وقت أيهما شاء)
جيوز اجلمع بني الظهر والعصر ،وبني املغرب والعشاء مجع تقدمي يف وقت األوىل ،ومجع تأخري يف وقت
الثانية يف السفر الطويل ،وال جتمع الصبح إىل غريه ا ،وال العصر إىل املغ رب ،واألص ل يف ذل ك :ما
رواه معاذ رضي اهلل عن ه قال ( :خرجن ا مع رسول اهلل ص لى اهلل عليه وسلم يف غزوة تب وك ،فكان
جيمع بني الظهر والعصر ،واملغرب والعشاء ،فأخر الصالة يومًا مث خرج فصلى الظهر والعصر مجيعًا،
مث دخل ،مث خرج فصلى املغرب والعشاء مجيعًا) .مث جلمع التقدمي ثالثة شروط:
أح دها :أن يب دأ باألوىل؛ بأن يصلي الظه ر قب ل العصر ،واملغ رب قب ل العش اء؛ ألن ال وقت
لألوىل ،والثانية تبع هلا ،والتابع ال يتقدم على املتبوع ،فلو بدأ بالثانية .مل تصح ،ويعيدهابعد األوىل.
الش رط الث اين :نية اجلمع عن د حترم األوىل أو يف أثنائه ا على األظه ر ،وال جيوز بعد سالم
األوىل.
الش رط الث الث :املواالة بني األوىل والثانية؛ ألن الثانية تابعة ،والت ابع ال يفصل عن متبوعه,
وألنه الوارد عنه عليه الصالة والسالم ،وهلذا ترتك الرواتب بينهما ،فلو وقع الفصل الطويل بينهما.
امتنع ضم الثانية إىل األوىل ،ويتعني تأخريها إىل وقتها ،سواء طال بعذر كالسهو واإلغماء وغريه أم
ال ،وال يضر الفصل القصري ،واحتج له بأنه عليه الصالة والسالم ملا مجع بنمرة .أمر باإلقامة بينهما.
مث مجه ور األص حاب ج وزوا اجلمع بني الصالتني بالتيمم ،وفيه فصل مع ن وع طلب للماء
بشرط أن يكون خفيفًا ،والصحيح :أن الرجوع يف الفصل إىل العرف.
هذا يف مجع التقدمي ،أما مجع التأخري .فال يشرتط الرتتيب بني الصالتني ،وال نية اجلمع حال
الصالة على الصحيح ،وال املواالة .نعم؛ جيب أن ين وي يف وقت األوىل ك ون الت أخري ألج ل اجلمع؛
متييزًا عن التأخري متعديا ،ولئال خيلو الوقت عن الفعل أو العزم ،فإن مل ينو .عصى ،وصارت األوىل
قضاء ،واهلل أعلم.
قال( :وجيوز للحاضر يف املط ر أن جيمع يف وقت األوىل منهما) جيوز للمقيم اجلمع باملطر يف
وقت األوىل من الظه ر والعصر ،واملغ رب والعش اء على الصحيح ،وقيل :خيتص ذل ك باملغرب
والعش اء؛ للمش قة ،وه ذا بش رط أن تق ع الصالة يف موضع ل و سعى إليه .أص ابه املط ر ،وتبت ل ثيابه،
واقتصر الرافعي والنووي على ذلك وإن كان املطر قليًال إذا بل الثوب ،واشرتط القاضي حسني مع
ذلك أن يبتل النعل كالثوب ،وذكر املتويل يف (التتمة) مثله ،واحتج للجمع مبا رواه البخاري ومسلم
عن ابن عباس رضي اهلل عنهما( :أن النيب صلى اهلل عليه وسلم صلى باملدينة مثانيًا مجيعًا ،وسبعًا مجيعًا:
الظهر والعصر ،واملغرب والعشاء) ،ويف رواية مسلم( :من غري خوف وال سفر) .وكما جيوز اجلمع
بني الظهر والعصر جيوز اجلمع بني اجلمعة والعصر.
مث إذا مجع بالتقدمي .فيشرتط يف ذلك ما شرطناه يف مجع السفر ،ويشرتط حتقق وجود املطر يف
أول األوىل وأول الثانية ،وكذا يشرتط أيض ًا وجوده عند السالم من األوىل على الصحيح الذي قطع
به العراقيون ،وقيل :ال يشرتط ،ونقله اإلمام عن معظم األصحاب ،وال يشرتط وجوده يف غري هذه
األحوال الثالثة ،هذا هو الذي نص عليه الشافعي ،وقطع به األصحاب.
وقول الش يخ( :يف وقت األوىل) يؤخ ذ من ه :أن ه ال جيوز اجلمع باملطر يف وقت الثانية ،وه و
كذلك على األظهر ،ويف قول :جيوز قياسًا على مجع السفر ،والقائلون باألظهر فرقوا؛ بأن السفر إليه
فيمكن أن يستدميه ،خبالف املطر؛ فإنه ليس إليه ،فقد ينقطع قبل اجلمع .واهلل أعلم.
فرع
املعروف من املذهب :أنه ال جيوز اجلمع باملرض وال الوحل وال اخلوف ،وادعى إمام احلرمني
اإلمجاع على امتناعه باملرض ،وك ذا ادعى إمجاع األمة على ذل ك الرتمذي ،ودعوى اإلمجاع منهما
ممنوع ؛ فقد ذهب مجاعة من أصحابنا وغريهم إىل جواز اجلمع باملرض؛ منهم القاضي حسني واملتويل
والروياين واخلط ايب واإلمام أمحد ومن تبعه على ذل ك ،وفعله ابن عب اس فأنكره رج ل من بين متيم،
فقال له ابن عباس :أتعلمين السنة ال أم لك ؟! وذكر أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فعله ،قال
ابن شقيق :فحاك يف صدري من ذلك شيء ،فأتيت أبا هريرة رضي اهلل عنه فسألته عن ذلك ،فصدق
مقالته ،وقصة ابن عباس وسؤال ابن شقيق ثابتان "يف صحيح مسلم".
قال النووي :القول جبواز اجلمع باملرض ظاهر خمتار؛ فقد ثبت يف "صحيح مسلم"( :أن النيب
صلى اهلل عليه وسلم مجع باملدينة من غري خوف وال مطر) ،قال اإلسنائي :وما اختاره النووي نص
عليه الشافعي يف "خمتصر املزين" ،ويؤيده املعىن أيض ًا؛ فإن املرض جيوز الفطر كالسفر ،فاجلمع أوىل،
1
بل ذهب مجاعة من العلماء إىل جواز اجلمع يف احلضر للحاجة ملن.
تقي الدين أبو بكر بن حممد بن عبد املؤمن اخلصين ,كفاية األخيار ىف حّل غاية اإلختصار( ,العربية 1
أي :كيفيتها ،شرعت ختفيفًا عليه؛ ملا يلحقه من تعب السفر ،وهي نوعان :القصر واجلمع،
وذكر فيه اجلمع باملطر للمقيم ،وأمهها القصر؛ وهلذا بدأ املصنف به كغريه ,فقال:
#وفائب يف سفر ِإن َفَص ًد ا# #رخص َقْص ُر َأْر َبِع َفْر ٍض َأذا#
أي :رخص قصر ص الة ذات أربع من الركعات ،فرض من الصلوات اخلمس ،أداء؛ أي:
مؤدى ولو بإدراك ركعة منه يف وقته ،وفائت يف سفر سواء أقضاه يف ذلك السفر أم يف سفر آخر إىل
ركعتني باإلمجاع ،وقال تعاىلَ( :و ِإَذا َض َر ْبُتْم يِف اَأْلْر ِض ) اآلية ،قال يعلى بن أمية :قلت لعمر :إمنا قال
تعاىل( :إن ِخ ْف ُتم) .وقد أمن الناس ،فقال :عجبت مما عجبت منه ،فسألت رسول اهلل صلي اهلل عليه
وسلم ،فقال ( :صدقة تصدق اهلل هبا عليكم ،فاقبلوا صدقته) ,رواه مسلم.
وعلم من كالمه :أنه لو أمت .جاز ،وهو كذلك؛ فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة
قالت :يا رسول اهلل ,قصرت وأمتمت وأفط رت وص مت ؟ قال" :أحسنت يا عائش ة" وأما خ رب:
"فرضت الصالة ركعتني" ،أي :يف السفر ،فمعناه :ملن أراد االقتصار عليهما؛ مجعًا بني األخبار ،قاله
يف "اجملموع" ،ولكن القصر أفض ل من اإلمتام إذا بلغ السفر ثالث مراح ل؛ لالتب اع ،رواه الش يخان.
وللخ روج من خالف من يوجب القصر حينئ ذ ك أيب حنيفة ،إال ملالح يسافر يف البح ر ومعه أهله
وأوالده ،ومن ال وطن له وعادته السري أبدًا .فاألفضل هلما اإلمتام كما يف "الروضة" وغريها ،فإن مل
يبلغها .فاإلمتام أفضل؛ ألنه األصل ،إال يف صالة اخلوف؛ فالقصر أفضل ،وكذا يف حق من وجد يف
نفسه كراهة القصر ،بل يكره له اإلمتام إىل أن تزول الكراهة ،وكذا القول يف سائر الرخص.
و خرج مبا ذكره :الثنائية والثالثية والنافلة واملنذورة؛ فال تقصر إمجاعًا ،وفائت احلض ر؛ فال
يقصر يف السفر كاحلضر ،والستقرار األربع يف ذمته ،وما شك يف أنه فاتنة سفر أو حضر؛ فال يقصر
احتياط ًا؛ ألن األصل اإلمتام ،وأما خرب مسلم" :فرضت الصالة يف احلضر أربعًا ،ويف السفر ركعتني،
ويف اخلوف ركعة" .فمحمول على أن املراد :ركعة مع اإلمام ،وينفرد باألخرى.
والرتخص بالقصر؛ أي :وحنوه؛ إن قصد ستة عشر فرسخًا يقين ًا أو ظن ًا ولو باجتهاد ،وخلرب:
(كان ابن عمر وابن عباس يقصران ويفطران يف أربعة برد) ،علقه البخاري بصيغة ،وأسنده البيهقي
بسند صحيح ،ومثله إمنا يفعل .عن توقيف ،وهي سنة عشر فرسخًا؛ إذ كل بريد أربعة فراسخ ،وكل
فرسخ ثالثة أميال ،فهي مثانية وأربعون ميًال هامشية؛ نسبة لبين هاشم وقت خالفتهم ال هاشم نفسه
كما وقع للرافع ،وامليل :أربعة آالف خطوة ،واخلطوة ثالثة أقدام ،فهي اثنا عشر ألف قدم ،وبالذراع
ستة آالف ذراع ،وال ذراع :أربعة وعش رون إص بعًا معرتضات ،واإلص بع :ست شعريات معت دالت
معرتضات ،والشعرية :ست شعرات من شعر الربدون.
فمسافة القصر بالربد :أربعة ،وبالفراسخ :ستة عشر ،وباألميال :مثانية وأربعون ،وباألقدام:
مخس مئة ألف وستة وسبعون ألفًا ،وباألذرع :مئتا ألف ومثانية ومثانون ألفًا ،وباألصابع :ستة آالف
ألف وتسع مئة ألف واثنا عشر ألف ،وبالشعريات أحد وأربعون ألف ألف ،وأربع مئة ألف واثنان
وسبعون ألفًا ،وبالشعرات مئتا ألف ألف ومثانية وأربعون ألف ألف ومثان مئة ألف واثنان وثالثون
ألفًا.
وال زمن يوم وليلة مع املعت اد؛ من ال نزول واالسرتاحة ،واألك ل والصالة وحنوه ا ،وذل ك
مرحلت ان بسري األثق ال ،ودبيب األقدام ،وضبطها بذلك حتديد؛ لثب وت تق ديرها باألميال عن
الصحابة ،وألن القصر أو اجلمع على خالف األصل ،فيحتاط فيه بتحقق تقدير املسافة ،خبالف تقدير
القلتني وتقدير مسافة اإلمام واملأموم.
والبحر كالرب يف املسافة املذكورة ،فلو قطع األميال فيه يف ساعة أو حلظة لشدة جري السفينة
باهلواء ..قصر فيها كما يقصر لو قطع األميال يف الرب يف يوم بالسعي.
وشرط ال رتخص بالقصر وحنوه :قصد موضع معني أول السفر؛ ليعلم أن ه طويل فيقصر ،فال
ت رخص لله ائم ،وه و :ال ذي ال يدري أين يتوج ه وإن سلك طريق ًا ،وال ل راكب التعاسيف ،وه و:
الذي ال يدري أين يتوجه وال يسلك طريق ًا ،سواء أطال سفرمها أم ال ،ونقل اإلمام عنةالصيدالين أن
اهلائم عاص؛ أي :ألن إتعاب النفس بالسفر بال غرض حرام ،ومثله :راكب التعاسيف ،بل أوىل.
وخرج بقوله( :إن قصد سنة عشر فرسخًا) ما لو قصد دوهنا؛ فإنه ال يرتخص بالقصر وحنوه،
وما لو شك يف بلوغ سفره هلا كالرقيق والزوجة واجلندي إذا اتبعوا متبوعهم ومل يعرفوا مقصده فإهنم
ال يرتخصون ،فلو ن ووا مسافة القصر .قصر اجلن دي دوهنما؛ ألن ه ليس حتت قه ر األمري ،خبالفهما؛
فنيتهما كالعدم ،ذكره الشيخان.
وال خيالفه يف اجلندي قوهلما :لو نوى العبد أو الزوجة أو اجليش إقامة أربعة أيام ومل ينو السيد
وال الزوج وال األمري .فأقوى الوجهني :أن هلم القصر؛ ألهنم ال يستقلون ،فنيتهم كالعدم؛ ألنه ال يلزم
من عدم حجر األمري على األحاد عدمه على اجليش؛ لعظم الفساد مبخالفة اجليش دون اجلندي ،فلو
ساروا مرحلتني .قصروا ،ذكره يف اجملموع أخذًا من مسألة النص املذكورة يف الروضة ،وهي :لو أسر
الكفار رجًال فساروا به ومل يعلم أين يذهبون به .مل يقصر ،وإن سار معهم يومني .قصر بعد ذلك،
وما تفقهه ،صرح به يف التنمة.
ويؤخ ذ مما مر :أهنم ل و عرفوا أن سفره مرحلت ان .قصروا ؛ كما ل و عرفوا أن مقصده
مرحلتان.
وقوله( :ذهابًا) أي :إمنا تعترب املسافة ذهابًا ،فلو قصد مكان ًا على مرحلة بعزم العود من غري
إقامة .فال ترخص له بقصر وحنوه وإن نالته مشقة سفر مرحلتني؛ خلرب الشافعي بإسناد صحيح عن ابن
عب اس :أن ه سئل أنقصر الصالة إىل عرفة ؟ فق ال :ال ،ولكن إىل ُعْس َف ان ،وإىل ج دة ،وإىل الط ائف،
فقدره بالذهاب وحده ،وألن ذلك ال يسمى سفرًا طويًال ،والغالب يف الرخص االتباع.
مث إن سافر من بلد هلا سور يف جهة مقصده .فابتداء سفره جماوزته وإن تعدد كما قاله اإلمام
وإن ك ان داخله مزارع وخ راب؛ ألن ذل ك معدود من البلد؛ فإن ك ان وراءه عمارة .مل يش رتط
جماوزهتا يف األص ح؛ ألهنا ال تعد من البلد ،وهلذا يق ال :مدرسة ك ذا خ ارج البلد ،وص حح ال رافعي
جماوزهتا؛ لتبعيتها للبلد باإلقامة فيها.
ولو مجع سور قرى متفاصلة .مل تشرتط جماوزته ،وكذا لو قدر ذلك يف بلدتني متقاربتني .وإن
مل يكن هلا سور أو مل يكن يف صوب مقصده .فمجاوزة العمران وإن ختلله خراب أو هنر أو ميدان؛
ليفارق موضع اإلقامة.
ولو خرب طرف البلد وبقايا احليطان قائمة ،ومل يتخذوه مزارع وال هجروه بالتحويط على
العامر .اشرتط جماوزته على األصح يف اجملموع ،وإال فال تشرتط جماوزته کالبساتني واملزارع املتصلة
بالبلد ولو حموطة؛ ألهنا مل تتخذ لإلقامة ،فإن كان فيها دور أو قصور تسكن يف بعض فصول السنة.
ففي (الروضة ،كـه أص لها ،وه الش رح الصغري) :اشرتاط جماوزهتا ،وأطلق (املنه اج ،كـه أص له ،عدم
اشرتاطها) ،وقال يف اجملموع :مل يذكره اجلمهور ،والظاهر :عدم اشرتاطها؛ ألن ذلك ال جيعلها من
البلد ،ويف املهمات :أن الفتوى عليه.
والقريتان املتصلتان .يشرتط جماوزهتما ال املنفصلتان ،خالفًا البن سريج يف املتقاربتني.
أو من ص حراء .فمج اوزة بقعة رحله ،أو من خيام .فمج اوزة حلت ه ،وضابطها :أن جيتمع
أهلها للسمر يف ناد واحد ،ويستعري بعضهم من بعض وإن تفرقت منازهلم ،ومنها :مرافقها كمطرح
رماد ،وملعب ص بيان ،ون اٍد ،وعطن ،وماء ،وحمتطب ،إال أن يتسعا حبيث ال خيتصان بالن ازلني،
واحللتان كالقريتني.
أو من واد سافر يف عرضه .فمجاوزة العرض ،إال أن تفرط سعته .فيشرتط جماوزة ما يعد من
منزله أو من حلة هو فيها؛ كما لو سافر من طوله.
أو من ربوة .فأن يهبط ،أو وهدة .فأن يصعد إن اعتدلنا ،وإال فما يعد من منزله ،أو من حلة
هو فيها.
وإمنا يرتخص املسافر يف السفر املباح؛ أي :اجلائز وإن عصى فيه ،واجبًا كان؛ كحجة اإلسالم
واجلهاد ،أو مندوبًا؛ كزيارة قرب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،أو مباح ًا؛ كالتجارة ،أو مكروه ًا؛
كسفر من تلزمه اجلمعة ليلتها ،أو خالف األوىل؛ فال يرتخص العاصي بسفره؛ كأن هرب رقيق من
سيده ،أو زوج ة من زوجه ا ،أو غرمي موسر من غرميه ،أو سافر ليسرق أو يزين ،أو يقت ل بريئ ًا ،أو
يأخذ املكوس؛ فال يرتخص بقصر وال مجع وال إفطار ،وال تنقل على راحلة وال مسح اخلف ثالث ًا،
وال سقوط مجعة ،وال أكل ميتة وحنوها؛ ملا فيه من اإلعانة على املعصية.
وقوله( :حىت أبا) أي :يرتخص بالقصر وحنوه حىت رجع إىل مكان شرط جماوزته ابتداء؛ من
سور أو عمران أو غري ذلك ،فينقطع ترخصه بعوده إىل وطنه وإن نوى أنه إذا رجع إليه .خرج يف
احلال على املذهب ،وبوصوله املوضع عزم أن يقيم به مدة متنع الرتخص ،وبنية إقامة أربعة أيام مبوضع
وإن مل يصلح هلا ،وال حيسب منها يوما دخوله وخروجه على األصح ،ولو أقام مبكان بنية أن يرحل
إذا حصلت حاج ة يتوقعه ا ك ل وقت .ت رخص مثانية عش ر يومًا يف األظه ر .وأل ف (قصدا) و (آبا)
لإلطالق.
َ#و َش ْر ُطُه :النية يف اِإل ْح َر اِم َ# #و َتْر ك َم ا َخ اَلَف يف الدوام#
أي :شرط القصر :نيت ه يف اإلح رام؛ لئال تنعق د ص الته على األص ل وه و اإلمتام ،وت رك ما
خالف حكم نية القصر يف دوام الصالة؛ كنية اإلمتام ،واالقتداء مبتم ولو حلظة ،فلو نوى اإلمتام أو مل
ين و قصرًا وال إمتامًا ،أو ت ردد يف أن ه يقصر أو يتم ول و يف بعض الصالة .لزمه اإلمتام؛ ألن ه املن وي يف
األوىل ،واألصل يف األخريتني.
ويشرتط أيضًا :علمه جبوازه ،فلو قصر جاهًال جبوازه .مل تصح صالته ؛ لتالعبه؛ إذ هو عابث
يف اعتقاده غري مصل.
فيه ا ثالث مسائل :األوىل :جيوز للمسافر سفرًا ط ويًال مباح ًا أن جيمع بني العصرين -تثنية
الظهر والعصر تغليب ًا ،وغلبت العصر؛ خلفة لفظها وشرفها -يف وقت إحدامها تقدميًا أو تأخريًا ،وبني
العشاءين -تثنية املغرب والعشاء تغليب ًا ،وغلبت العشاء؛ ملا مر -تقدميًا أو تأخريًا ،وروى الشيخان
عن أنس( :أن النيب صلى اهلل عليه وسلم كان إذا ارحتل قبل أن تزيغ الشمس .أخر الظهر إىل وقت
العصر ،مث نزل فجمع بينهما ،فإن زاغت الشمس قبل أن يرحتل .صلى الظهر والعصر ،مث ركب.
ورويا أيضًا واللفظ ملسلم عن ابن عمر( :أنه صلى اهلل عليه وسلم كان إذا جد به السري .مجع
بني املغرب والعشاء).
وروى مسلم عن أنس( :أنه صلى اهلل عليه وسلم كان إذا عجل به السري .يؤخر الظهر إىل
وقت العصر جيمع بينهما ،ويؤخر املغرب حىت جيمع بينها وبني العشاء حىت يغيب الشفق).
وروى أبو داوود عن معاذ( :أنه صلى اهلل عليه وسلم كان يف غزوة تبوك إذا غابت الشمس
قب ل أن يرحتل .مجع بني املغ رب والعش اء ،وإن ارحتل قب ل أن تغيب الش مس .أخ ر املغ رب ح ىت ينزل
للعش اء ،مث مجع بينهما) وحسنه الرتمذي ،وقال ال بيهقي :ه و حمفوظ ،والسفر فيه ا حممول على
الطويل؛ ألن ذلك إخراج عبادة عن وقتها فاختص بالطويل؛ كالفطر ،والقصر جبامع الرخصة.
وخرج بـ (العصرين) و (العشاءين) :الصبح مع غريها ،والعصر مع املغرب ،فال جيمعان؛ ألنه
مل يرد ،وجيوز مجع اجلمعة والعصر بالسفر تقدميًا كما قاله بعضهم واعتمده الزركشي ،ويستثىن من
مجع التقدمي املتحرية؛ كما يف "الروضة" يف باهبا.
الثانية :جيوز اجلمع بني الظهر والعصر ،وبني املغرب والعشاء للمقيم ألجل املطر ولو ضعيفًا،
إن ك ان حبيث يب ل ثيابه ،لكن مجع تق دمي ال ت أخري؛ خلرب الصحيحني ،عن ابن عب اس( :أن ه ص لى اهلل
عليه وسلم صلى باملدينة سبعًا مجيعًا ومثانيًا مجيعًا؛ الظهر والعصر واملغرب والعشاء ،ويف رواية ملسلم:
(من غري خ وف وال سفر ،قال الش افعي رضي اهلل عن ه كمال ك :أرى ذل ك بعذر املط ر ،وجيوز مجع
اجلمعة والعصر باملطر كما يف"الروضة" و "أصلها".
وإمنا امتن ع اجلمع به ت أخريًا؛ ألن استدامته ليست إليه ،خبالف السفر ،ومث ل املط ر الش فان،
وكذا الثلج والربد وإن ذابا؛ لتضمنها القدر املبيح من بل الثوب.
وقوله( :إن مطرت) إىل آخره؛ أي :شرط اجلمع باملطر تقدميًا :وجوده عند افتتاح األوىل اليت
يب دأ هبا ،وعن د ختامه ا؛ أي :سالمها احمللل منه ا ،وعن د ابت داء الثانية ،أما اشرتاط وج وده عن د
التحرمني .فليقارن اجلمع العذر ،وأما عند حتلل األوىل .فليتحقق اتصال آخرها بأول الثانية مقرون ًا
بالعذر ،وعلم :أنه ال يضر انقطاعه يف أثناء األوىل أو الثانية أو بعدها.
وإمنا جيوز اجلمع باملطر تقدميًا ملن يصلي مع مجاعة إذا جاء املسجد من مكان بعيد يناله األذى
باملطر يف طريقه ببل ثيابه ،خبالف من يصلي منفردًا أو مع مجاعة ببيته أو مبسجد قريب .فال جيمع؛
االنتفاء املشقة لغريه عنه.
وأما مجعه صلى اهلل عليه وسلم مع أن بيوت أزواجه كانت جينب املسجد .فأجيب عنه بأن
بيوهتن كانت خمتلفة ،وأكثرها كانت بعيدة ،فلعله حني مجع مل يكن بالقريب ،وبأن لإلمام أن جيمع
باملأمومني وإن مل يتأذ باملطر كما صرح به ابن أيب هريرة وغريه.
قال احملب الطربي :وملن خرج إىل املسجد قبل وجود املطر فاتفق وجوده وهو يف املسجد أن
جيمع؛ ألنه لو مل جيمع .الحتاج إىل صالة العصر أيض ًا يف مجاعة ،وفيه مشقة يف رجوعه إىل بيته مث
عوده ،أو يف إقامت ه يف املسجد .انتهى .وذك ر املسجد ج ري على الغ الب؛ إذ مثله يف ذل ك الرباط
وحنوه من أمكنة اجلماعة.
أوهلا :نية اجلمع يف الصالة األوىل؛ متييزًا للتقدمي املشروع عن التقدمي سهوًا أو عبئًا ،سواء أن واء
عند التحرم ،أم التحلل ،أم بينهما؛ ألن اجلمع ضم الثانية إىل األوىل فيكفي سبق النية حالة اجلمع ،
ويفارق القصر بأنه لو تأخرت نيته .لتأدى جزء على التمام فيمتنع القصر .ومشل كالمه :ما لو نواه مث
نوى تركه مث نواه ،وقد صرح به يف الروضة ،وما لو شرع يف األوىل بالبلد فسارت السفينة فنوى
اجلمع ،وقد نقله يف "اجملموع" عن املتويل وأقره.
وثانيه ا :ال رتتيب بني الصالتني وه و تق دمي الظه ر على العصر ،واملغ رب على العش اء؛ ألن ه
املأثور عنه صلى اهلل عليه وسلم ،وقال( :صلوا كما رأيتموين أصلي ،وألن الوقت هلا والثانية تبع ،فلو
ص لى الثانية قب ل األوىل .مل تصح ،أو األوىل قب ل الثانية وبان فسادها .فسدت الثانية أيض ًا؛ النتفاء
الرتتيب.
وثالثها :الوالء بينهما؛ ألن اجلمع جيعلهما كصالة واحدة فوجب الوالء كركعات الصالة،
وألن ه ص لى اهلل عليه وسلم ملا مجع بني الصالتني بنمرة .واىل بينهما ،وت رك ال رواتب ،وأقام الصالة
بينهما ،رواه الشيخان ،ولوال اشرتاط الوالء .ملا ترك الرواتب ،وإن تيمم للثانية أو أقام هلا أو صالها
بعد بأن طلب املاء ومل يطل الفصل عرفًا .فالوالء حاصل ،أما اإلقامة .فللخرب السابق ،وأما التيمم
والطلب .فألن كًال منهما فصل يسري ملصلحة الصالة كاإلقامة ،بل أوىل؛ ألنه شرط دوهنا ،خبالف ما
إذا طال الفصل ولو بعذر كسهو وإغماء.
ول و مجع ت أخريًا .مل جتب نية اجلمع وال رتتيب وال والء ،ولكن تستحب ،وجيب ك ون الت أخري
بنية اجلمع قبل خروج وقت األوىل بزمن لو ابتدئت فيه .كانت أداء ،وإال .فيعصي وتكون قضاء،
نقله يف الروضة ،كـه أصلها عن األصحاب ،ويف (اجملموع مسلم ،عنهم :بزمن يسعها أو أكثر وهو
مبني مبنی؛ إذ املراد باألداء يف الروضة :األداء احلقيقي؛ بأن يؤتى جبميع الصالة قب ل خ روج وقته ا،
خبالف اإلتيان بركعة منه ا يف ال وقت والب اقي بعده ،فتسميته أداء بتبعية ما بعد ال وقت ملا فيه ،لكن
جرى مجاعة من املتأخرين على و شرح ما اقتضاه كالم الروضة وأصلها ،يف االكتفاء بقدر ركعة.
ولو مجع تقدميًا فصار قبل الشروع يف الثانية مقيمًا .بطل اجلمع ،أو يف الثانية وبعدها .فال يف
األصح؛ النعقادها أو متامها قبل زوال العذر ،أو تأخريًا فأقام بعد فراغها .مل يضر ،وقبله جيعل األوىل
قضاء؛ ألهنا تابعة للثانية يف األداء للعذر وقد زال قبل متامها.
قال صاحب (التعليقة) :وإمنا اكتفي يف مجع التقدمي بدوام السفر إىل عقد الثانية ،ومل يكتف به
يف مجع الت أخري ،بل شرط دوامه إىل متامهما؛ ألن وقت الظه ر ليس وقت العصر إال يف السفر وقد
وجد عند عقد الثانية ،فيحصل اجلمع ،وأما وقت العصر .فيجوز فيه الظهر بعذر السفر وغريه ،فال
ينصرف فيه الظهر إىل السفر إال إذا وجد السفر فيهما ،وإال جاز أن ينصرف إليه ؛ لوقوع بعضها
فيه ،وأن ينصرف إىل غريه؛ لوقوع بعضها يف غريه الذي هو األصل.
أي :واجلمع الفاضل بالتق دمي والت أخري ك ائن حبسب األرفق للمسافر ،فإن ك ان سائرًا وقت
األوىل ,فتأخريها أفضل ،وإن مل يكن سائرًا وقت األوىل ,فتقدميها أفضل؛ ملا مر يف األحاديثالسابقة.
قال بعضهم :وسكتوا عما إذا كان سائرًا فيهما فيحتمل أن التقدمي أفضل؛ رعاية الفضيلة أول
ال وقت ،وحيتمل -وه و ظ اهر كالم كث ري -عكسه؛ لظ اهر األخب ار السابقة ،والنتفاء سهولة مجع
التقدمي مع اخلروج من خالف من منعه.
أي :أن ه جيوز اجلمع تق دميًا وت أخريًا باملرض يف قول حكي وقوي مبا يف (ص حيح مسلم) عن
ابن عباس :أنه صلى اهلل عليه وسلم مجع باملدينة من غري خوف وال مطر ،ويف رواية :من غري خوف
وال سفر ،واختاره محد اخلطايب وحيىي النووي واملاوردي يف "اإلقناع".
ويستحب أن يراعي األرفق باملريض واألسهل عليه يف مرضه كاملسافر ،فإن ك ان حيم يف وقت
الثانية .قدمها إىل األوىل بالش روط املتقدمة ،وإن ك ان حيم يف وقت األوىل .أخره ا إىل الثانية ،فإن
استوى يف حقه األمران فالتأخري أوىل؛ ألنه أخذ باالحتياط ،وخروج من اخلالف ،ولكن املشهور :أنه
ال مجع مبرض وال ريح وال ظلمة وال خ وف وال وح ل وال حنوه ا؛ ألن ه مل ينق ل ،وخلرب املواقيت؛ فال
2
خيالف إال بصريح.
شهاب الدين أىب العباس أمحد بن أمحد بن مهزة الرملى ,فتح الرمحن بشرح زبد بن رسالن( ,العربية 2