Professional Documents
Culture Documents
المبحث الثاني
المبحث الثاني
بسم اهلل الرحمن الرحيم وبه نستعين والصالة والسالم على أشرف الرسلين وخاتم
للدين أركان خمس ال يكتمل دين المرء إال بهم وثانى هذه األركان هو الصالة ،فهى
عماد الدين وقوامه هى الصلة التى بيننا وبين اهلل سبحانه وتعالى ،هى وسيلة للتقرب
من اهلل ،وبينما يتخذ المشركيين أولياًء من دون اهلل لنا نحن المسلمين ميعاد مع اهلل
للقائه فى خمس صلوات كل يوم ،لنقترب منه أكثر لنسجد هلل كما قال تعالى} :
واسجد واقترب{ ،1اهلل تعالى بعزته وبجالله وعلى عرشه وفى ملكوتهينادى على
عباده وهو غنى عنهم ،ولكن وإن كان اهلل سبحانه وتعالى الغنى فنحن الفقراء إليه،
ولهذا فرض اهلل الصالة على عباده ،وألن الصالة هى عبادة يومية ترافقنا فى بومنا
منذ البلوغ وحتى الموت وضع اهلل تعالى لها أحكام عدة ليستطيع كل فرد أن يصلى
مهما كان وضعه أو مكانه ومن هذه األحكام حكم قصر الصالة الذى سنتعرف عليه
1العلق 19
ميكن للسفر أن يكون لغرض شرعي أو أمر ليس منهي عنه وميكن له أن يكون ألمر حمرم،
ويف إباحة أو حترمي القصر يف الصالة يف السفر احملرم جند من وجهات النظر بالنسبة
للمذاهب الفقهية األربعة اختالقا من التحرمي و بيان رفضه الرفض القاطع أو املوافقة علي
القصر باعتباره رخصة يف كل سفر حمرمًا كان أو شرعيًا حملًال ،فيما يلي نعرض ألراء
-1مذهب الحنابلة :لو ُنقل السفر من املباح للسفر احملرم امتنع القصر على الصحيح من
املذهب الشافعي ،وقيل :لو ُنقل سفره من احملرم إىل املباح كما لو تاب ُأبيح له القصر
1
فيه .ولو يف سفره انتقل من املباح إىل السفر احملرم امتنع فيه القصر وأفطر إن كان صائمًا
وال تباح رخصة القصر يف سفر املعصية كاالباق وقطع الطريق ،و التجارة يف اخلمر
واحملرمات ،فأما إن كان السفر مباح لكنه ُيعصى فيه مل مُت نع الرخصة ألن السبب يف
3
الرخصة هو السفر املباح ُو جد فثُبت لذلك حكمه
-2مذهب الشافعية :يرى أئمة هذا املذهب أن املعصية يف السفر من قطٍع للطريق
للسلب واإلغارة والنهب وإخافة السبل وغربها من املعااصي اليت ُترتكب فال جيوز أن
املباح هو السفر لغري املعصية أو ليس أدائه مبعصية سواء كان سفرًا لطاعة كالسفر للحج
أو السفر للتجارة ،وفيه يرتخص القصر ،أما السفر احملرم كهرب العبد من مواله واملرأة من
زوجها واملسافر لقطع الطريق أو لزىن أو إلرتكاب املعصية فال رخصة له يف قصر
الصالة ،ولو أنشأ يف سفره مباحًا فأحاله حمرمًا فأصحه قيل فيه أال يرتخص ،ولو أنشأ
السفر على معصية فأحاله إىل سفرًا مباحًا بالتوبة قال األكثرون فيه أن يرتخص له القصر،1
إذن الرخصة يف القصر فيها سواء ملن مل يكن عاصيًا إىل قوله تعاىل { فمن اضُطر غري باغ
وقال فيه الشافعي :ال تثبت رخصة القصر يف سفر املعصية ،تثبت ختفيفًا أو نظرًا على
-3مذهب الحنفية :والعاصي واملطيع يف سفرمها سواٌء ،3أي أن املذهب احلنيفي يري أن
لكل مسافر أيًا كانت الوجهة وغرض السفر حالًل كان أو حرام له الرتخص برخصة
القصر ،وذلك من غري تفريق بني السفر املباح والسفر احملرم املرفوض ،واختاره ابن حزم
وابن تيمية والشوكاين والسعدي وابن عثيمني وغريهم ،واستدل يف ذلك باألية { وإذا
ضربتم يف األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة } ( النساء ،) 101 :علق
-4مذهب المالكية :مذهب املالكية علي نفس الرأي من مذهيب الشافعية واحلنابلة من
أن السفر اليت تقصر فيه الصالة هو السفر الواجب والندوب واملباح ،وال يباح القصر يف
السفر الذي الغرض منه أو ناجته املعصية وسفر اللهو ،مع أنه عدة أئمة قالوا يف إباحة
القصر يف مجيع أنواع السفر، 2استدالًال باألية الكرمية { فمن اضطر يف خممصة غري
متجانف إلمث } (املائدة )3:وقوًال بـأن املعصية ال تكون سببًا للرخصة وأن إجازة
روي حديثًا عن رسول اهلل أنه قال –صلى اهلل عليه وسلم( -اجلفاء كل اجلفاء والكفر
والنفاق من مسع منادي اهلل ينادي إىل الصالة فال جييبه) 1رواه الطرباين وأمحد ،اتفق الفقهاء
والعلماء على وجوب تلك النقطة .ومما اتفقوا فيه ايضًا أنه إذا ائتم املسافر باملقيم وجب
عليه االمتام
مذهب الشافعي :يرى أنه إذا أحرم املسافر خلف مقيم أو من يغلب عليه الظن أنه مقيم
أو من ُيشك هل هو مقيم أو مسافر وجب اإلمتام وإن قُص ر إمامه ؛ألن األصل وجوب
-1الطبراني 1/152
الصالة تامة، 2وألن الصالة مفروضة يصح أن تؤدي يف السفر كاحلضر فيما ال ُيقصر-
الصبح واملغرب -وألن االعذار املؤثرة يف السفر وضعت من اهلل –عزوجل -ختفيفًا ال
فرضًا ،وألن السفر إن اقرتن برفقة كان ذلك فيه رخصة ال وجوب للجمع بني الصالتني،
وألن من جاز له القصر صح منه التمام ،فإذا صلى مسافر وراء إمام مقيم وجب عليه
2
التمام فرضًا
أي أن رأي الشافعية نص على امجاع أن صالة املسافرين أربع مع اإلمام املقيم ولو كان
3
فرض صالهتم ركعتني ما جاز هلم أن يصلوها أربعًا مع اإلمام مقيم كان أو غريه
ويف كتب السلف جند الرأي نفسه ،ففيها ذكر إمامة املسافر املقيم ثابت من أن أهل العلم
أمجعوا على أن املقيم إذا ائتم مسافر عليه امتام الصالة-املسافر ، 4-وروي عن عمر رضي
اهلل عنه {أن عمر بن اخلطاب صلى مبكة ركعتني ،مث قال :يا أهل مكة أمتوا صالتكم ،
مذهب الحنابلة :اتفق متبعي مذهب اإلمام أمحد بن حنبل من األئمة والفقهاء مع نفس
الرأي ،فلو أمت االمام املسافر الصالة صحت صالة املأموم املقيم علي الصحيح من املذهب
6
وعليه عامة األصحاب
-1المغني البن قدامة 2/210
-2الحاوي الكبير 365-2
-3األم للشافعي 1/208
-4األوسط 4/390
-5نخب األفكار 6/355
-6اإلنصاف 2/150
وإن كان اإلمام مقيمًا فاستخلف مسافرًا ممن معه يف الصالة فعلى اجلميع األمتام ،ومن
ذلك أيضًا قيل :إذا نوى املسافر اإلقامة يف بلد أكثر من إحى وعشرين صالة ،أمت ،أي أن
املدة اليت علي املسافر أن يتم فيها بنية االقامة هي أكثر من إحدى وعشرين صالة ،أي إذا
1
ومىت أئتم املسافر مبقيم أمت سواءًا حضر الصالة كلها أم أدرك ركعة أو ٌأقل يلزمه اإلمتام
وُأشري إىل ذلك تبعًا لقول نبينا الكرمي { إمنا ُج عل اإلمام ليؤمت به فال ختتلفوا عليه }، 2
ومنه ما ُقرر أنه لو أحرم مسافر خلف مسافرُ م طرأ لالمام عذر فاستخلف مقيمًا وجب
مذهب المالكية :وفيه قيلت من االراء باالختالف ،فقال مالك :وإذا أدرك املسافر صالة
مقيم أو ركعة منها أمت الصالة ، 4إذا صلى املقيم خلف املسافر فإذا سلم املسافر أمت املقيم
ما هو يصليه.
وإن اقتدى مقيم به وهو علي اقتداء فلكل منهم طريقته،وقال الدسوقي( :واحلاصل أن
املسافر إذا اقتدى باملقيم فإن نوى اإلمتام أمت صالته مطلقا أدرك مع اإلمام ركعة أو أكثر
-1المغني 2/209
-2البخاري 743
-3كشاف القناع 1/151
-4انظر المدونة 1/208
أو مل يدرك معه ركعة وأما إن نوى القصر فإن أدرك مع اإلمام ركعة أو أكثر فإنه يتم
1
صالته وإن مل يدرك معه ركعة فإنه يقصر وال يتم
مذهب الحنيفة :إن اقتدى املسافر باملقيم يف الوقت أمت اربع ، 2وهو الرأي يف هذا املذهب
بالنسبة إىل االئتمام باملسافر ،وإن صلى املسافر باملقيمني ركعتني سلم وأمت املقيمون
صالهتم
وليس للمسافر االقتداء باملقيم بعد فوات الوقت ،بينما للمقيم االقتداء باملسافر بعد وقبل
عن نافع –رضي اهلل عنه{ -كان ابن عمر رضي اهلل عنه إذا صلى مع اإلمام صالها أربعًا،
اذن قصد االقتداء من املسافر باملقيم يكون مبنزلة نية االقامة يف حق وجوب التكميل ،فإذا
4
اجتمع ما يقتضي القصر والتمام يغلب التمام ،كما لو أحرم هبا يف السفر مث أقام
لقد مّن اهلل علينا بأن كنا مسلمني وأن وضع لنا قواعد حياتنا وأساسها وعاد تعاىل فمّن
علينا برخصه فسهل لنا العبادات وأكرمنا ،ومنهذه الرخص قصر الصالة ،وهى رخص
مشروعة هلا شروطها وأحواهلا كما بينا ،فاهلل تعاىل عليم بأحوال عباده ورحيم به ،وألن
اهلل حيب أن تؤتى رخصه ،فيجب علينا حنن املسلمني معرفة أمور ديننا لنعرف اهلل حق
املعرفة ونعبده حق العبادة ،ولقد كان هذا أمر من أمور ديننا لفرض منارسه يوميًا ،فعرفناه
ووعيناه وعلمنا حاالت قصر الصالة وكيفيتها لنعبد اهلل تعاىل حق العبادة واهلل املوفق
واملستعان
:املصادر واملراجع