You are on page 1of 11

‫المقدمة‬

‫‪ ١ .١‬تعريف العمرة‬

‫العم رة لغ ة هي الزي ارة أو القص د إىل مك ان ع امر‪ .‬وقي ل‪ :‬إمنا اخُتص االعتم ار بقص د الكعب ة‪ ،‬ألن ه‬
‫قصد إىل موضع عامر‪ .‬وشرًعا هي القصد بيت اهلل احلرام يف أي وقت ألداء عبادة خمصوصة بشروط‬
‫خمصوص ة وال يع ين عنه ا احلج وإن اش تمل عليه ا‪ُ .‬تع رف العم رة أيًض ا باس م "احلج الص غري"‪ .‬ولكن‬
‫هناك‪ ،‬أوقات ال نستطيع فيها أداء العمرة‪ ،‬وهو وقت احلج‪.‬‬

‫‪ ٢ .١‬زمن فرض الحج والعمرة‬

‫كما اختلف العلماء يف زمن ف رض احلج والعمرة‪ ،‬فقيل ‪ :‬قب ل اهلجرة‪ ،‬واملشهور أنه بعد اهلجرة يف‬
‫السنة اخلامسة من اهلجرة‪ ،‬واألرجح عند أكثر العلماء أنه يف العام التاسع‪ ،‬ألن وفد عبد القيس أتى‬
‫الن يب ﷺ يف أول الس نة التاس عة للهج رة‪ ،‬وس ألوه عن الف رائض‪ ،‬فق ال‪َ(( :‬أَم َرُك ْم ِباِإل َمياِن باِهلل‪،‬‬
‫َو ِإَقاُم الَّصاَل ِة‪َ ،‬و ِإيَت اُء الَّزَك اِة‪َ ،‬و َص ْو ُم َرَم َض اَن ‪َ ،‬وَأْن ُتْع ُطوا اُخلُم َس ِم َن ا ْغَنِم ))‪ ،‬ومل يذكر هلم احلج‪ ،‬فلو‬
‫ك ان مفروض ًا لبين ه هلم‪ ،‬ويؤي د ذل ك أن رس ول اهلل ﷺ عني أب ا بك ر الص ديق رض ي اهلل عن ه‬
‫َمل‬

‫أمريًا للحج يف السنة التاسعة‪.‬‬

‫‪ ٣ .١‬دليل مشروعية العمرة‬

‫هناك الدليل العمرة يف القرآن الكرمي‪ .‬أمجع العلماء على مشروعية العمرة‪ ،‬لقال اهلل تعاىل سورة البقرة‬
‫األي ة ‪َ ﴿ :١٩٦‬وَأُّمِت ۟او ٱَحْلَّج َوٱْلُعْم َرَة ِلَّل ِهۚ ﴾ [ البق رة ‪ ، ]١٩٦‬ومع ىن ه ذه اآلي ة هي األم ر ب احلج‬
‫والعمرة لكل مكلف أظهر وجوبه‪ .‬وهناك الدليل العمرة أيضا يف احلديث النبوي‪ .‬كالم النيب رواه ابن‬
‫ماجه والبيهقي وإسناد صحيح ((َعْن َعاِئَش َة َرِض َي اُهلل َعْنَه ا‪َ ،‬ق اَلْت ‪ُ :‬قْلُت َيا َرُس وُل اِهلل‪َ :‬ه ْل َعَلى‬
‫الِّنَس اِء ِج َه اٌد؟ َق اَل َرُس وُل اِهلل ﷺ ‪َ :‬نَعْم ِج َه اٌد اَل ِقَت اَل ِفي ِه‪ ،‬اَحلُّج َواْلُعْم َرُة))‪ .‬يوض ح ه ذا‬
‫احلديث وج وب جه اد املرأة ب احلج والعم رة‪ .‬فه و ي دل على أن ه اتني العب ادات جيب أن تؤديهم ا‬
‫النساء‪ ،‬بل وأكثر من ذلك الرجال‪ .‬وإن اختلف وا يف حكمها بالوجوب أو الندب ‪ ،‬وروى ابن عباس‬
‫رضي اهلل عنهما ‪ :‬أن النيب ﷺ قال ‪ُ(( :‬عْم َرة يِف َرَم َض ان َتْع ِدُل ُح َّج ًة‪َ ،‬أْو ُح َّج ًة َم ِعي))‪.‬‬
‫‪ ٤ .١‬الفرق بين الحج والعمرة‬

‫احلج خيتلف عن العمرة من حيث الزمان ‪ ،‬ويف بعض املكان واحلكم‪ .‬أما من حيث الزمان‪ ،‬فاحلج‬
‫ال ميكن أداء احلج إال يف أوقات خمصوصة من السنة لقوله تعاىل‪ ﴿ :‬اَحْلُّج َأْش ُه ٌر َّم ْع ُل وَم ت‪ .﴾..‬وال‬
‫تصح نية احلج إال يف شهر ش وال وذو القعدة والعشر األول من شهر ذي احلجة‪ .‬وميكن أداء العمرة‬
‫يف أي وقت من السنة إال من نوي أداء فريضة احلج‪.‬‬

‫وأم ا من حيث املك ان‪ ،‬ميكن أداء عب ادة العم رة يف املس جد احلرام‪ ،‬مما يع ين أن احلج اج ال‬
‫حيت اجون إىل الس فر إىل موق ع خمتل ف‪ .‬ميكنهم إكم ال العم رة يف مك ان واح د‪ .‬ومن ناحي ة أخ رى‪،‬‬
‫يتطلب احلج من احلجاج زيارة أماكن خمتلفة مثل عرفة ومزدلفة‪.‬‬

‫وأما من حيث احلكم‪ ،‬على الرغم من أن معظم العبادات بني احلج والعمرة متشاهبة‪ ،‬إال أن‬
‫هن اك بعض العب ادة اإلض افية ال يت جيب أداؤه ا يف احلج وليس ت ج زًءا من العم رة مث ل ي وجب احلج‬
‫الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي احلجة واملبيت مبزدلفة ومىن ورمي اجلمرة‪ ،‬والعمرة ليس هلا وقوف‬
‫وما تقدم‪.‬‬

‫‪ ١ .٢‬حكم العمرة‬

‫العم رة ف رض من ف روض اإلس الم ك احلج‪ .‬والعم رة ف رض عني على من مل يعتم ر‪ ،‬وف رض كفاي ة على‬
‫مجيع املسلمني‪ ،‬وتطوع بالنسبة للصبيان‪ ،‬وملن اعتمر سابقا‪ ،‬وتصبح واجبة بالنذر‪.‬‬

‫األوىل‪ :‬كم مرة جيب عليه احلج والعمرة ؟‬

‫فال جيبان إال مرة واحدة يف العمر‪ ،‬وال جيب بالشرع أكثر من حج وعمرة‪ .‬وروى جابر بن س راقة ‪:‬‬
‫أنه سأل النيب ﷺ عـن العمرة‪ ،‬فقال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أعمرتنا هذه لعامنا هذا أم لألبد؟‬
‫فشبك رسول ﷺ أصابعه واحدة يف األخرى‪ ،‬وقال ))دخلت العمرة يف احلج‪ -‬مرتني‪ -‬ال‪ ،‬بل‬
‫ألبٍد أبٍد )) [رواه املسلم] ‪ .‬وأمجع املسلمون على أنه ال جيب بالشرع على املكلف يف مجيع عمره إال‬
‫حجة واحدة‪ ،‬وعمرة واحدة‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬هل يصح تأخري العمرة ملن وجبا عليه أم جيب أداؤها فورًا ؟‬

‫ال جيب العم رة على الف ور على من وجب علي ه العم رة باالس تطاعة وبقي ة الش روط‪ ،‬ويص ح تأخريه ا‬
‫بعد التمكن‪ ،‬ألن العمر كله زمان ألدائها‪ ،‬فإن فعل ذلك قبل أن ميوت مل يأمث‪ ،‬ألن النيب ﷺ‬
‫أخ ر احلج إىل الس نة العاش رة بال م انع‪ ،‬ويق اس علي ه العم رة‪ ،‬لكن يش رتط أن يع زم من وجب علي ه‬
‫العم رة على الفع ل يف املس تقبل‪ ،‬وبش رط أن ال يضيق بن ذر أو قضاء‪ ،‬فل و خش ي من وجب علي ه‬
‫العم رة خش ي هالك مال ه‪ ،‬ح رم علي ه الت أخري ألن ال واجب املوس ع إمنا جيوز تأخريه بش رط أن يغلب‬
‫على الظن الس المة إىل وقت الفع ل‪ .‬لكن ُيَس ُّن ملن وجب علي ه العم رة أن ال ي ؤخر ذل ك عن س نة‬
‫اإلمكان‪ ،‬ليبادر إىل براءة ذمته ومسارعة يف طاعة ربه واستفادة من قوته وقدرته وصحته‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫﴿ َفاْس َتِبُق وا اَخْلْيَراِت ِإىَل الَّل ِه َم ْرِج ُعُك ْم ِمَج يًع ا َفُيَنِّبُئُك م َمِبا ُك نُتْم ِفي ِه ْخَتَتِلُف وَن ﴾ [املائ دة ‪، ]٤٨ :‬‬
‫فالعمرة واجب مرة يف العمر على الرتاخي‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬كم عمرة اعتمار رسول اهلل ﷺ ؟‬

‫رس ول اهلل ﷺ واعتم ر أرب ع ُعم ر‪ ،‬وكله ا يف أش هر احلج‪ .‬روى قت ادة ق ال ‪ :‬قلت ألنس ‪ :‬كم‬
‫َح َّج النيب ؟ قال ‪ :‬حجة واحدة‪ ،‬واعتمر أربع عمر‪ ،‬عمرة يف ذي القعدة‪ ،‬وعمرة احلديبية‪ ،‬وعمرته‬
‫مع حجته‪ ،‬وعمرة اجلعرانة إذ قسم غنيمة حنني))‪.‬‬

‫وتك ررت األق وال يف حتدي د زم ان ُعم ر الن يب ‪ ،‬فق ال الن ووي رمحه اهلل ‪(( :‬وهلذا اعتم ر الن يب‬
‫ﷺ ُعمره األربع يف أشهر احلج ‪ ،‬ثالثًا منها يف ذي القعدة والرابعة مع حجته حجة الوداع من‬
‫ذي احلجة))‪.‬‬

‫‪٢ .٢‬حكمة العمرة‬


‫مل يشرع اهلل تعاىل حكم ًا إال حلكمة ولتحقيق مصاحل الناس ومنافعهم يف الدنيا واآلخرة‪ .‬كما قال‬
‫ِف‬ ‫ِم ِل‬ ‫ِم ِت ِم‬ ‫ِب‬ ‫ِذ‬
‫تعاىل‪َ ﴿ :‬وَأ َن يِف الَّناِس اَحْلَج َيْأُتوَك ِرَج ااًل َو َعَلى ُك ِّل َض ا ٍر َيْأ َني ن ُك ِّل َفٍّج َع ي ٍق َيْش َه ُد وا َم َن ا َع‬
‫ِب‬ ‫ِع‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِهَب ِة‬ ‫ٍت‬ ‫ُهَل ْذُك وا اْس الَّل ِه يِف ٍم‬
‫َأَّيا َّم ْع ُلوَم ا َعَلى ا َرَزَقُه م ِّم ْن يَم اَأْلْنَع ا َفُك ُل وا ْنَه ا َوَأْط ُم وا اْلَب ا َس‬ ‫ْم َوَي ُر َم‬
‫اْلَف ِق َري َّمُث ْلَيْق ُضوا َتَتُه ْم َو ْلُيوُفوا ُنُذ وَرُه ْم َو ْلَيَّطَّوُفوا ِباْلَبْيِت اْلَعِتي ِق ﴾ [ احلج ‪ .]٢٩ - ٢٧ :‬وإن حكمة‬
‫العم رة ومنافعه ا كث رية وش املة للن واحي الروحي ة والنفس ية والفردي ة واالجتماعي ة والعقدي ة واألخالقي ة‬
‫وغريها‪.‬‬

‫أوًال‪ :‬املنافع العقدية يف اإلميان‪:‬‬

‫وذل ك بتحقي ق العبودي ة هلل تع اىل والتق رب ل ه وال تزود ب التقوى واالمتث ال األوام ر اهلل والتقي د هبا‪ .‬ه و‬
‫أيًض ا وتلبية لنداء اإلميان والعقيدة يتجرد احلاج عن مظاهر الدنيا وزخارفها ومتاعها وملذات‪ ،‬ويقبل‬
‫على اهلل تعاىل استعدادًا لليوم اآلخر بسائًال العفو والعافية والتوبة واملغفرة والقبول واجلنة‪ .‬وهذا من‬
‫أهم وس ائل التق وى ال يت أم ر اهلل تع اىل ال تزود هبا ب العمرة‪ ،‬فق ال تع اىل ‪ :‬اَحْلُّج َأْش ُه ُر َّم ْع ُل وَم ُت َفَم ن‬
‫َفَرَض ِفيِه َّن اَحْلَّج َفاَل َرَفَث َواَل ُفُس وَق َواَل ِج َد اَل يِف اَحْلَّج َوَم ا َتْف َعُلوا ِم ْن َخ ٍرْي َيْع َلُم ُه الَّل ُه َو َتَزَّو ُدوا َفِإَّن‬
‫َخ ْيَر الَّزاِد الَّتْق َوى [البقرة ‪. ] ١٩٧ :‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الناحية الرتبوية ‪:‬‬

‫وذلك بتدريب الفرد واجملتمع على محل املشاق وبذل اجملهود والصرب على املكاره والتقشف والزهد‪،‬‬
‫وإل زام اللسان بطيب الكالم والبعد عن ال رفث والفحش والفسوق مع التدريب على التطبيق الكامل‬
‫ألحكام اإلسالم والتأدب بآدابه مع الرتبية اجلسدية باملواظبة على النظافة واالغتسال عند عدد من‬
‫املشاعر كما سيمر والتدرب الرياضي والتنمية البدنية على اخلشونة هو أيًض ا حتمل املشاق والتخلي‬
‫عن التعلق باملادة والعادات السيئة كالشح والبخل واألثرة واألنانية والفوضى واخلمول‪ ،‬ليكون احلاج‬
‫بني احلل والرتحال لبضعة أيام‪.‬‬

‫ثالًثا‪ :‬الناحية االجتماعية ‪:‬‬


‫ويتجلى ذل ك يف التع ارف واأللف ة والتناص ح واحملب ة‪ ،‬والتع اطف ووح دة الكلم ة‪ ،‬واجتم اع املس لمني‬
‫والتكامل فيما بينهم لتحقيق الوحدة اإلسالمية شعبيًا وعملي ًا وواقعي ًا‪ ،‬ولو لفرتة حمددة‪ ،‬ليكون ذلك‬
‫باعثًا لوحدة األمة سياسيًا وفكريًا واقتصاديًا وتربوي ًا‪ ،‬بعد أن وحدت العقيدة بينهم‪ ،‬وجتلت باملشاركة‬
‫يف الصالة والصيام‪ ،‬فيأيت احلج كل عام م ؤمترًا عام ًا ملمثلي مجيع الشعوب واألمم ‪ ،‬ليتدارس وا أح وال‬
‫املس لمني عن ع ام مضى‪ ،‬وخيطط وا ملس تقبل املس لمني يف ع ام ق ادم‪ ،‬ويتم الت آلف والتالقي بني‬
‫املسلمني من شعوب األرض قاطبة‪.‬‬

‫رابًعا‪ :‬الناحية االقتصادية ‪:‬‬

‫ش رع احلج ملنافع مالية واقتصادية عظيمة للمسلمني ‪ ،‬ففيه تزداد املكاسب‪ ،‬وتتدفق األم وال ألهل‬
‫احلرم ‪ ،‬وخاصة الفقراء واحملتاجني ‪ ،‬ويتم التبادل التجاري ‪ ،‬ويتوسع النشاط االقتصادي‪ ،‬وأباح القرآن‬
‫الك رمي التج ارة يف احلج فق ال تع اىل ‪َ :‬لْيَس َعَلْيُك ْم ُج َن اٌح َأن َتْبَتُغ وا َفْض اًل ِّم ن َّرِّبُك ْم ﴾ [البق رة ‪:‬‬
‫‪ ،] ١٩٨‬وروى ابن عب اس رض ي اهلل عنهم ا ق ال‪(( :‬ك انت ُعك اظ وَجَمَّن ُة وذو اجملاز أس واقًا يف‬
‫اجلاهلي ة‪ ،‬فلم ا ك ان اإلس الم‪ ،‬فك أهنم تأمتوا في ه‪ ،‬ف نزلت ‪َ :‬لْيَس َعَلْيُك ْم ُج َن اٌح َأن َتْبَتُغ وا َفْض اًل ِّم ن‬
‫َّرِّبُك ْم يف مواسم احلج‪ ،‬قرأها ابن عباس ))‪.‬‬

‫‪ ١ .٣‬شروط العمرة‬

‫تعريف الشرط‪ :‬هو ما توقف عليه وجود احلكم الشرعي‪ ،‬ويكون خارج ًا عن ماهيته أو هو ما ارتبط‬
‫به غريه عدمًا‪ ،‬أي ‪ :‬يف حالة العدم‪ ،‬فإن عدم الشرط عدم احلكم‪ ،‬ال وجودًا ‪ ،‬أي ‪ :‬إذا وجد الشرط‬
‫فقد يوجد احلكم وقد ال يوجد‪ .‬شروط العمرة قسمان‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬شروط وجوب العمرة‬

‫وهي الش روط ال يت جيب توفره ا للتكلي ف ب العمرة واملطالب ة هبا ش رعًا‪ ،‬وهي س تة‪ :‬اإلس الم‪ ،‬والبل وغ‪،‬‬
‫واحلرّي ة‪ ،‬والعق ل‪ ،‬وأمن الطري ق‪ ،‬واالس تطاعة‪ ،‬فمن مل يت وفر عن ده واح ًد منه ا مل يكن مكلًف ا هبذه‬
‫العمرة‪.‬‬
‫‪ -١‬اإلسالم‪ :‬جيب العمرة على املسلم‪ ،‬أما الكافر فال جيب العمرة ألن مل يصّح عمرته وعبادهتم غري‬
‫مقبولة عند اهلل‪ ،‬حبيث إذا أسلم بعد وتوفرت لديه شروط ووجب عليه العمرة‪ .‬أما املرتد فال يصح‬
‫منه العمرة ولكن جتبان عليه‪ ،‬ألنه التزم وجوهبا قبل الردة فلم تسقط عنه بالردة كحقوق اآلدميني‪،‬‬
‫مبعىن أنه إذا توفرت عنده االستطاعة يف حال الردة استقر الوجوب يف ذمته‪.‬‬

‫‪ -٢‬العق ل‪:‬جيب العم رة على الب الغ العاق ل‪ ،‬أم ا اجملن ون فال جيب ان علي ه وال يص حان من ه ألن ه ليس‬
‫مكلفًا‪ .‬لعدم التمييز بني اخلري والشر‪ ،‬وبني األوامر والنواهي‪.‬‬

‫‪ -٣‬البالوغ‪ :‬جيب العمرة على البالغ‪ ،‬أما الصيب غري البالغ فال جتب عليه التكاليف والواجبات‪ .‬ملا‬
‫رواه علي رض ي اهلل عن ه‪ :‬أن رس ول اهلل ﷺ ق ال ‪ُ(( :‬رِف َع الَق ُل عن َثاَل ٍث ‪َ :‬عْن الَّص ِّيِب َح ىَّت‬
‫َيْبُل َغ ‪َ ،‬و َعْن الَّن اِئِم َح ىَّت َيْس َتْيِق َظ ‪َ ،‬و َعْن ا ْج ُن وِن َح ىَّت َيْبَرَأ)) [رواه ابن حب ان واحلاكم وص ححامها]‬
‫َمل‬
‫ولكن يصح احلج والعمرة من الصيب‪.‬‬

‫‪ -٤‬أمن الطريق‪ :‬يشرتط لوجوب العمرة أمن الطريق إىل مكة ذهابًا وإيابًا يف النفس واملال ويف البضع‬
‫للم رأة‪ .‬فلو خاف املسلم ولو ظن ًا على نفسه أو عضو من أعضائه أو ماله عدوًا أو سبعًا‪ ،‬أو كان‬
‫الطري ق خط رًا لوج ود قط اع طري ق أو ح رب مثًال‪ ،‬أو وق وع فتن ة عام ة‪ ،‬فال جيب العم رة‪ ،‬حلص ول‬
‫الضرر‪ ،‬قال تعاىل ‪َ ﴿ :‬واَل ُتْلُقوا ِبَأْيِديُك ْم ِإىَل الَّتْه ُلَك ِة ﴾ [البقرة ‪ ]١٩٥ :‬واملراد باألمن العام‪ ،‬أما لو‬
‫كان اخلوف يف حقه فقط ‪ ،‬فيجب عليه العمرة‪.‬‬

‫‪ -٥‬احلرّي ة‪ :‬فال جيب العم رة على العب د ألن ه ال ميل ك م ا اًل ‪ ،‬ب ل ه و ومال ه لس يده ويف إجياب ذل ك‬
‫عليه إضرار لسيده‪.‬‬
‫‪- ٦‬االستطاعة ‪ :‬يشرتط لوجوب العمرة االستطاعة‪ ،‬يف قوله تعاىل‪ِ ﴿ :‬لَّل ِه َلى الَّناِس ِح ُّج اْل ِت‬
‫َبْي‬ ‫َو َع‬
‫َم ِن اْس َتَطاَع ِإَلْي ِه َس ِبياًل ﴾ [آل عم ران‪ ]٩٧ :‬وملا روى ابن عم ر رض ي اهلل عنهم ا أيضًا ق ال‪ :‬ج اء‬
‫رجل إىل النيب ﷺ فقال‪ :‬يا رسول اهلل! ما ُيوجب احلج ؟ قال‪ (( :‬الَّزاُد والراحلة)) وهذا يفسر‬
‫االستطاعة ال واردة يف اآلية واحلديث السابق‪ .‬وأما غري املستطيع فال جيب عليه العمرة‪ .‬واالستطاعة‬
‫نوعان‪ :‬استطاعة مباشرة‪ ،‬واستطاعة غري مباشرة‪:‬‬

‫أ) االس تطاعة املباش رة هي أن يك ون الش خص مس تطيعًا بنفس ه العم رة ب أن يك ون ص حيح اجلس م‪،‬‬
‫وقادرًا على السفر وأداء املناسك من غري ضرر كبري أو مشقة غري معتادة حتتمل‪ .‬واالستطاعة بالنفس‬
‫مخسة شروط وهي‪:‬‬

‫‪ -١‬أن يك ون صحيحًا‪ .‬ب أن يكون له ق وة يتحم ل فيه ا السفر فإن ك ان مريضًا تلحق ه مش قة غ ري‬
‫معتادة فال يلزمه العمرة‪.‬‬

‫‪ -٢‬أن يكون واجدًا للزاد واملاء بثمن املثل يف املواضع اليت جرت العادة أن أي نكون فيها يف ذهابه‬
‫ورجوعه‪.‬‬

‫‪ -٣‬أن يكون واجدًا لوسيلة السفر اليت تصلح ملثله بثمن املثل‪ ،‬أو أجرة املثل‪.‬‬

‫‪ -٤‬أن يكون الطريق آمنًا من غري أن يكون مضطرًا لدفع مال يف الطريق لتأمينه وحفظه‪.‬‬

‫‪ -٥‬أن يكون عليه من الوقت ما يتمكن فيه من السري‪.‬‬

‫ب) االستطاعة غري املباشرة هي أن ميلك املكلف من املال ما ميكنه إنابة غريه باحلج عينه يف حياته‬
‫أو بعد مماته‪ ،‬فيما إذا كان ال يستطيع احلج بنفسه لكرب أو مرض أو حنو ذلك‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬شروط صحة العمرة‬

‫وهي الش روط ال يت ص حه توفره ا للتكلي ف ب العمرة واملطالب ة هبا ش رعًا ‪ ،‬وهي ثلث ة فق ط‪ :‬اإلس الم‪،‬‬
‫والبلوغ‪ ،‬والعقل‪.‬‬

‫‪ ٢ .٣‬أركان والعمرة‬

‫أركان العمرة أربعة هي اإلحرام‪ ،‬والطواف‪ ،‬والسعي‪ ،‬واحللق‪ ،‬ويشرتط ال رتتيب يف مجيع أركاهنا‪ ،‬وجيب‬
‫تأخري احللق أو التقصري عن السعي‪.‬‬
‫اإلح رام‪ :‬مع ىن اإلح رام ه و ال دخول يف حج‪ ،‬أو عم رة‪ ،‬أو فيهم ا مع ًا‪ ،‬ويطل ق على ني ة ال دخول يف‬
‫ذلك النسك ‪ ،‬فاإلحرام هو النية‪ .‬ومسي بذلك إما القتضائه دخول احلرم من قوهلم ‪ :‬أحرم‪ ،‬إذا دخل‬
‫احلرم أو القتضائه حترمي بعض األمور اليت حترم به ما كان حالًال قبله‪ ،‬وهي حمظورات اإلحرام‪.‬‬

‫طواف‪ :‬الطواف هو الطواف حول الكعبة‪ .‬الطواف من العبادات اليت يؤديها املسلمون وال يتم إال يف‬
‫‪.‬املسجد احلرام‬

‫الس عي‪ :‬لغ ة ه و املش ي‪ ،‬وس عى يف مش يه أي ‪ :‬ع دا وج رى‪ .‬وس عى بني الص فا واملروة تردد بينهم ا‬
‫والصفا واملروة صخرتان مرتفعتان قرب الكعبة‪ .‬هو عمل يذكرنا حبدث ذهاب سيت هاجر ذهاًبا وإياًبا‬
‫بني الص فا واملروة حبًث ا عن املاء هلا والبنها الن يب إمساعيل علي ه السالم‪ .‬يف ذلك الوقت تركها زوجها‬
‫النيب إبراهيم‪.‬‬

‫احلل ق‪ :‬حل ق أو قص الش عر على األق ل ثالث ة ش عريات بع د إمتام الس عي‪ .‬ه ذا الفع ل ُيع رف باس م‬
‫التحلل ألنه ُيعترب حتريًرا للشخص من مجيع احلظرات املتعلقة باإلحرام‪.‬‬

‫كيفية العمرة‬

‫فلنستعرض كيفية ذلك بإجياز‪:‬‬

‫‪:‬أوًال‪ :‬إذا أراد احلاج أو املعتمر الدخول يف الّنسك‪ ,‬قّد م بني يدي ذلك هذه التمهدات التالية‬
‫‪.‬آ‪-‬اإلغتسال‪ :‬وهو سّنة‪ ،‬وينوي به غسل اإلحرام‪ ،‬فإن عجز عن الغتسال يتيّم م‬

‫ب‪ -‬تطييب بدنه‪ :‬وهو سّنة أيضًا‪ ،‬وال بأس بأن تبقى رائحة إال ما بعد الدخول يف اإلحرام وأعمال‬
‫‪.‬النسك‬
‫ج‪ -‬جتّرد الرجال عن كل حميط من الثياب‪ ،‬وهو واجب‪ ،‬ويستعيض عنه بإراٍز ورداٍء يسٌن أن يكونا‬
‫أبيضني‪ ،‬أم املرأة فال جيب عليها سوى كشف وجهها وكفيها‪ .‬لقوله عليه الصالة والسالم فيما رواه‬
‫البخاري وغريه‪ ( :‬ال تلّثم املرأة وال تلبس القّف ازين ) جوابًا على سؤال بعض الصحابة عما جيب أن‬
‫‪.‬تلبسه املأة أثنا إحرامها باحلج‬

‫‪.‬د‪ -‬صالة ركعتني ‪ :‬وهي سّنة‪ ،‬ينوي هبما سنة اإلحرام‬

‫ثانيًا‪ :‬إذا أجنز هذه التهمدات ‪ :‬وقد علمت أن الواجب منها هو الفقرة (ج) فقط‪ ،‬والباقي سنن‬
‫وآداب‪ ،‬انتظر اللحظة اليت يبدأ فيها املسري أًّيا كانتت وسيلته‪ ،‬وعندئد ينوي بقلبه اإلحرام باحلج أو‬
‫العمرة‪ ،‬حسب ما هو قاصد إليه‪ ،‬ويسّن أن يتلفظ بلسانه‪ ،‬مث يقول ‪ ( :‬لّبيك اللهم لّبيك‪ ،‬ال شريك‬
‫‪ .‬لك لّبيك‪ ،‬إن احلمد والنعمة لك وامللك‪ ،‬ال شريك لك)‬

‫أعمال العمرة‬

‫‪:‬أم أعمال العمرة فتتلخص كالتايل‬


‫‪.‬اإلحرام هبا على طريقة اإلحرام باحلج‪ .‬وقد ذكرنا ميقات اإلحرام للعمرة ‪1-‬‬
‫اإلحرام هو نية الدخول يف نسك احلج أو العمرة أو نسكهما معًا‪ ،‬مع ما يتبعه من األعمال واآلداب‬
‫املتممة‪.‬إإلحرام‪ :‬فاحتة ألعمال احلج‪ ،‬واملدخل إلىل ُنُس كه وخمتلف واجباته وأركانه‬

‫‪:‬قال اإلمام الرازي‪ :‬لو قال احلاج بعد التلبية‬


‫‪.‬كان حسنًا )‪.‬اللهم لك أحرام نفسي وشعري وبشري‪ ،‬وحلمي ودمي (‬

‫الطواف حول الكعبة سبع مرات‪ ،‬وذلك جبعل الكعبة على اجلانب األيسر العورة‪ ،‬خالصة من‪2-‬‬
‫‪:‬احلداث الصغرية والكبرية‪ .‬يوصى بقراءة الصالة التالية عند بدء خدمة الطواف‬

‫ِبْس ِم الَّلِه َوالَّلُه َأْك َبُر الَّلُه َّم إَمياًنا ِبَك َو َتْص ِديًق ا ِبِكَتاِبك َوَو َفاًء ِبَعْه ِدك َواِّتَباًعا ِلُس َّنِة َنِبِّيك َحُمَّم ٍد َص َّلى‬
‫‪.‬الَّلُه َعَلْيِه وسلم‬
‫‪.‬يدخل مكة فيطوف طواف العمرة مباشرًّة ‪ ،‬أي بدون طواف قدوم ‪3-‬‬
‫وإذا دخل مكة ووقع بصرة على العبة استحب أن يقول‪( :‬اللهم زْد البيت تشريفًا وتكرميًا ومهابًة‪،‬‬
‫وزد شرفة وكَّرمة ًّممن حَّج ه‪،‬أو اعتمره تشريفًا وتكرميًا وتعظيمًا وبِّرا‪ ،‬اللهم أنت السالم ومنك‬
‫‪.‬السالم‪ ،‬فحِّينا رَّبنا بالسالم)‬

‫‪.‬يسعى بني الًّص فا واملروة‪4-‬‬


‫‪.‬والسعي هو املشى ذهابًا وإيايًا بدءًا من الصفا وانتهاًء باملعروة سبع مرات بعد الطواف‬
‫يستجب على الّص فا أن يستقبل القبلة ويقول‪( :‬اهلل أكرب‪،‬أهلل اكرب‪ ،‬اهلل اكرب وهلل احلمد‪ ،‬اهلل اكرب‬
‫على ما هدانا‪ ،‬واحلمدهلل على ما أوالنا‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله احلمد حييي‬
‫‪,‬ومييت بيده اخلري وهو على كل شيء قدير‪ ,‬ال إله إال اهلل وحده أجنز وعده‬

‫حيلق أو يقِّص ر من رأس ‪5-‬‬


‫التحليل لعبادة العمرة هو أن يقوم احلجاج حبلق أو قص شعرهم بعد االنتهاء من عمود الساعي يف‬
‫املسجد احلرام نفسه‪ .‬ولذلك‪ ،‬بعد االنتهاء من هذا القص أو احلالقة‪ ،‬يتحرر احلجاج من احملظورات‬
‫‪.‬املوجودة طوال فرتة اإلحرام‪ .‬وبذلك يتحلل املعتمر من أعمال العمرة والتزاماهتا‬

You might also like