You are on page 1of 5

‫باب الفاعل‬

‫قدمه ألنه أصل المرفوعات عند الجمهور [الفاعل] لغة من أوجد الفعل ‪ ،‬واصطالحًا [هو االسم الصريح نحو‬
‫‪ :‬قام زيد أو المؤول من حرف مصدري وصلته نحو ‪ :‬ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم أي خشوع‬
‫قلوبهم ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬أو لم يكفهم أنا أنزلنا أي إنزالنا [المرفوع] لفظًا أو تقديرًا أو محًال بفعله التام الباقي‬
‫على صيغته األصلية أو شبه الفعل المذكور ألن الرفع علم الفاعلية المذكور قبله وجوبًا [فعله الرافع له أو ما‬
‫هو في تأويل الفعل كاسم الفاعل والصفة المشبهة به والمصدر واسم الفعل وأسئلة المبالغة واسم التفضيل وال‬
‫بد من إسناد الفعل أو ما هو في تأويله إلى ذلك االسم على جهة قيامه به نحو ‪ :‬مات زيد أو وقوعه منه نحو ‪:‬‬
‫قام عمر و فخرج باالسم الجملة فال يجوز مجيئها فاعًال ‪ ،‬وأما نحو قوله تعالى ‪ :‬ثم بدا لهم من بعد ما رأوا‬
‫اآليات ليسجننه) وقوله تعالى وتبين لكم كيف فعلنا بهم فاألصح أن الفاعل فيهما ضمير عائد على مصدرهما‬
‫المفهوم منهما أي بدأ هو أي البداء وتبين هو أي التبيين والجملة من قوله ليسجننه) وقوله كيف فعلنا) ليست‬
‫فاعًال بل هي مفسرة للضمير وخرج بالتام كان وأخواتها ألنها أفعال ناقصة وخرج بالباقي على صيغته‬
‫األصلية المبني للمفعول [وهو ] أي الفاعل على قسمين ال ثالث لهما [ظاهر] وهو ما عدا المضمر نحو ‪:‬‬
‫وجاء المعذرون ومنه المؤول نحو ‪ :‬ما كان ضرك لو مننت أي منك [ ومضمر ] وهو ما كني به عن الظاهر‬
‫اختصارًا وهو قسمان متصل ومنفصل وقد مر بيان كل منهما [ فالظاهر ] ويكون رافعه تارة ماضيًا وتارة‬
‫مضارعًا إذا أسند إلى غائب وال يرفعه األمر [ نحو ‪ :‬قال هللا] وإعرابه قال فعل ماض هللا فاعل [قال رجالن‬
‫وإعرابه قال فعل ماض رجالن فاعل وعالمة رفعه األلف ألنه مثنى [ وجاء المعذرون وإعرابه جاء فعل‬
‫ماض المعذرون فاعل وعالمة رفعه الواو نيابة عن الضمة ألنه جمع مذكر سالم والمعذرون قراءة الجمهور‬
‫بفتح العين وتشديد الذال وهو يحتمل وجهين ‪ :‬األول أن يكون وزنه فعل بتضعيف العين ومعنى التضعيف فيه‬
‫التكلف أي المتكلفون للعذر ‪ .‬الثاني أن يكون وزنه افتعل واألصل اعتذر فأدغمت التاء في الذال بأن قلبت تاء‬
‫االفتعال ذاًال ويدل على هذا قراءة‬
‫سعيد بن جبير المعتذرون على األصل [يوم يقوم الناس ) ] وإعرابه يوم ظرف زمان متعلق بمبعوثون‬

‫قبله يقوم فعل مضارع الناس فاعل [ويومئذ يفرح المؤمنون )] وإعرابه يوم ظرف زمان قال أبو البقاء متعلق‬
‫بيفرح وهو مضاف وإذ ظرف لما مضى من الزمان في محل جر باإلضافة يفرح فعل مضارع المؤمنون‬
‫فاعل وعالمة رفعه الواو ألنه جمع مذكر سالم [قال أبوهم ] وإعرابه قال فعل ماض أبو فاعل وعالمة رفعه‬
‫الواو نيابة عن الضمة ألنه من األسماء الستة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر باإلضافة والميم‬
‫عالمة الجمع والمضمر ] الذي يأتي فاعًال إما متصل نحو ‪ :‬قولك ضربت بضم التاء للمتكلم وحده ‪ .‬وإعرابه‬
‫ضرب فعل ماض والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل وضربنا بسكون الباء للمتكلم ومعه غيره أو‬
‫المعظم نفسه نحو ‪ :‬إنا أنزلناه وإعرابه ضربنا فعل وفاعل ضرب فعل ماض ونا ضمير متصل في محل رفع‬
‫فاعل وكذا حيث سكن ما قبلها وكان غير ألف فهي فاعلة وان انفتح ما قبلها فهي مفعولة نحو ‪ :‬ضربنا زيد‬
‫وكذا إن سكن ما قبلها من آخر الفعل وكان ألفًا نحو ‪ :‬وإذا مس اإلنسان ضر دعانا ونحو ‪ :‬الزيدان ضربانا‬
‫والزيدون ضربونا وهذا كله مع الماضي ‪ .‬أما مع المضارع واألمر فهي مفعولة مطلقًا نحو ‪ :‬يضربنا زيد‬
‫) ونحو ‪ :‬ربنا ال تؤاخذنا‬

‫ونحو ‪ :‬وارحمنا أنت موالنا‬

‫قال ابن عنقاء نا في نحو ‪ :‬قمنا ضمير بارز للمتكلم المشارك لغيره أو المعظم نفسه وقد قاس الناس ‪ ] :‬تنبيه[‬
‫عليه الخطاب والغيبة فقالوا في خطاب المعظم أنتم فعلتم كذا وفي اإلخبار عنه هم فعلوا كذا وكأنه لكماله قام‬
‫مقام جماعة أو كأنه لجاللته يتبع فكان الخبر عنه مع من يتبعه والظاهر‬

‫امتناعه في حقه تعالى ألنه لم يرد في توقيف نعم سمع من كالمهم كقوله ‪ :‬أال فارحموني يااله محمد فإن لم‬
‫أكن أهًال فأنتم له أهل‬
‫وليس بحجة لعدم وروده في الكتاب والسنة الثابتة عنه اهـ ‪ .‬قلت ولم أقف على كالم في ذلك لغيره وفيما قاله‬
‫نظر ألن مثل هذا ال تتوقف صحة إطالقه على الباري سبحانه على توقيف وليس فيه ما يشعر باإلخالل‬
‫باألدب بل في إطالقه عليه كمال التعظيم والتبجيل بقدره العلي فالظاهر جوازه وهللا أعلم إلى آخره كما تقدم‬
‫في فصل المضمر أي فال حاجة إلى إعادته فتقول في المخاطب ضربت بفتح التاء للمخاطب المذكر وبكسرها‬
‫في المخاطب المؤنث إلى آخر ما تقدم ‪ ،‬وإذا اجتمع مخاطب وغائب فالقياس تغليب المخاطب على الغائب‬
‫نحو ‪ :‬ضربتما أي أنت وزيد وضربتم أي أنت وزيد وعمرو قال أبو علي الفارسي وقد تلحق الياء تاء المؤنث‬
‫مع الهاء نحو ‪ :‬أكرمتيه فأكرم فعل ماض والتاء فاعل والهاء مفعول به والياء حرف زائد ال محل لها من‬
‫اإلعراب ‪ .‬وأما المضمر المنفصل فهو كالمتصل وال يقع مع الفعل في االختيار إال محصورًا بإال أو إنما وال‬
‫يرفعه األمر وال المصدر وال اسم فعل األمر وال اسم فعل المضارع ويرفعه ما عدا ذلك كالفعل الماضي‬
‫نحو ‪ :‬ما قام إال أنا ‪ .‬وإعرابه ما نافية قام فعل ماض إال أداة حصر أنا ضمير منفصل في محل رفع فاعل‬
‫والمضارع نحو ‪ :‬لم يقم إال أنا ‪ .‬وإعرابه لم حرف نفي وجزم يقم فعل مضارع مجزوم بلم وإال أداة حصر‬
‫وأنا ضمير في محل رفع ‪ .‬فاعل ومثلهما األسماء العاملة عملهما كاسم الفاعل وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة‬
‫والذي في تأويل الفعل وهو ما يعمل عمله [ نحو ‪ :‬أقائم الزيدان فإنه في تأويل يقوم الزيدان ‪ .‬وإعرابه الهمزة‬
‫لالستفهام قائم مبتدأ وعالمة رفعه ضم آخره ‪ ،‬وقائم اسم فاعل يعمل عمل فعله يرفع الفاعل وينصب المفعول‬
‫الزيدان فاعل سد مسد الخبر وعالمة رفعه األلف ألنه مثنى وقوله‬
‫تعالى ‪( :‬مختلف ألوانه فإنه في تأويل يختلف ألوانه ‪ .‬وإعرابه مختلف مبتدأ مؤخر وقوله تعالى قبله ‪ :‬ومن‬
‫الناس جار ومجرور خبر مقدم والدواب واألنعام عطف عليه ومختلف اسم فاعل يعمل عمل الفعل يرفع‬
‫الفاعل وينصب المفعول وذلك العتماده على موصوف محذوف ‪ ،‬والتقدير ومن الناس والدواب واألنعام‬
‫صنف مختلف ألوانه فاعل وعالمة رفعه ضم آخره والهاء في محل جر باإلضافة [ وللفاعل أحكام كثيرة منها‬
‫أنه ال يجوز حذفه ألنه عمدة والعمدة ال يجوز حذفها وألنه منزل من فعله منزلة جزئه [فإن ظهر في اللفظ ]‬
‫سواء كان اسمًا ظاهرًا [ نحو ‪ :‬قام الزيدان وإعرابه ظاهر أو اسمًا مضمرًا كقوله ‪ :‬والزيدان قاما وإعرابه‬
‫الزيدان مبتدأ وعالمة رفعه األلف ألنه مثنى وقاما فعل وفاعل قام فعل ماض وألف التثنية فاعل وجملة الفعل‬
‫والفاعل في محل رفع خبر [ فذاك] واضح [وإال ] أي وإن لم يظهر في اللفظ [ فهو ضمير مستتر في فعله‬
‫ألن الفعل ال يجوز خلوه من الفاعل ثم إما أن يعود ذلك الضمير على مذكور نحو ‪ :‬زيد قام ففي قام ضمير‬
‫مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى زيد المذكور قبله وإما أن يعود لما دل عليه الفعل كقوله عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ « :‬وال يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) أي وال يشرب الشارب ‪ ،‬وحسن ذلك تقدم نظيره في‬
‫قوله ‪ « :‬ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » أو لما دل عليه الحال المشاهدة نحو ‪ :‬كال إذا بلغت التراقي)‬
‫ففي بلغت ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى الروح الدال عليها سياق الكالم ‪ ،‬ومن ذلك قوله‬
‫تعالى ‪ :‬كبرت كلمة فالفاعل مستتر وكلمة تمييز منصوب وقد استثنى من قاعدة عدم جواز حذف الفاعل‬
‫صور يجوز فيها حذفه ‪ :‬األولى االستثناء المفرغ نحو ‪ :‬ما قام إال هند إذ أصله ما قام أحد إال هند ألن‬
‫االستثناء ال يتصور إال من مستثنى منه الثانية أفعل في التعجب إذا دل عليه مقدم مثله نحو ‪ :‬وأسمع بهم‬
‫وأبصر أي بهم فحذف بهم من الثاني لداللة األول عليه فالباء فيه زائدة وجوبًا والهاء ضمير متصل في محل‬
‫رفع فاعل والميم عالمة الجمع ‪ .‬الثالثة فاعل المصدر إذا لم يكن المصدر بدًال من فعله نحو ‪ :‬أو إطعام في‬
‫يوم ذي مسغبة يتيمًا أي أو إطعامه ونحو ‪ :‬ال يسأم اإلنسان من دعاء الخير أي من دعائه بالخير فحذف فاعل‬
‫المصدر فيهما وال يقال فيه ضمير مستتر على األصح فإن كان المصدر بدًال من فعله ففاعله مستتر فيه وجوبًا‬
‫نحو ‪ :‬سقيًا لك الرابعة نائب الفاعل نحو ‪ :‬وقضي األمر أي وقضى هللا األمر ‪ .‬الخامسة إذا حذف عامله‬
‫فيحذف معه وهو كثير جدًا نحو قولك ‪ :‬إياك لمن قال ‪ :‬هل أكرمت أحدًا أي أكرمت إياك ومنها ] أي ومن‬
‫أحكام الفاعل [ أنه ال يجوز تقديمه على الفعل أو ما في تأويله ألنه كالجزء منه فلم يجز تقديمه عليه ذما ال‬
‫يجوز تقديم عجز‬

‫الكلمة على صدرها وأجاز الكوفيون تقديمه على عامله فعًال كان أو غيره [فإن وجد] في اللفظ [ما ظاهره أنه‬
‫فاعل مقدم على الفعل [وجب] عند البصريين تقدير الفاعل ضميرًا مستترًا في الفعل عائدًا على المقدم‬
‫[ ويكون المقدم إما مبتدأ نحو ‪ :‬زيد قام ففي قام ضمير مرفوع مستتر مرفوع على الفاعلية عائد على زيد‬
‫وزيد مبتدأ والجملة بعده خبره وإما فاعال بفعل محذوف وجوبًا [ نحو ‪ :‬وإن أحد من المشركين استجارك )‬
‫فأحد فاعل بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور والتقدير وإن استجارك أحد استجارك وإن حرف شرط جازم‬
‫وفعل الشرط هو الفعل المحذوف ومن المشركين متعلق به وجملة استجارك بعده ال محل لها من اإلعراب‬
‫ألنها مفسرة وجواب الشرط جملة فأجره في بقية اآلية ‪ ،‬وإنما وجب حذفه ألن المذكور عوض عنه وهم ال‬
‫يجمعون بين العوض والمعوض عنه وإنما لم يجعل أحد مبتدأ وجملة استجارك خبره من غير حذف ألن أداة‬
‫الشرط ال تدخل على المبتدأ ] ألنها موضوعة لتعليق فعل بفعل فهي مختصة بالجملة الفعلية على األصح‬
‫ومنها أن فعله] أي فعل الفاعل ‪ ،‬ومثل الفعل ما في تأويله ‪ ،‬وإنما اقتصر على ذكر الفعل ألنه األصل [يوحد]‬
‫أي ال تلحقه عالمة تثنية وال جمع على األفضح [مع تثنيته ] أي الفاعل وجمعه كما يوحد مع أفراده] اتفاقًا‬
‫[ فتقول قام الزيدان وقام الزيدون وقام نسوة بتوحيد الفعل [كما تقول في حال إسناده إلى المفرد [قام زيد]‬
‫بتوحيده وإنما كان األفصح ترك عالمة تثنية الفاعل وجمعه عكس عالمة تأنيثه ألن تثنيته وجمعه يعلمان من‬
‫لفظه دائمًا ‪ ،‬بخالف تأنيثه قد ال يعلم من لفظه وألن في إلحاق عالمتي التثنية والجمع زيادة ثقل في بنية الكلمة‬
‫بخالف عالمة التأنيث ولورود القرآن به [ قال هللا تعالى ] [ قال رجالن ] وإعرابه قال فعل ماض رجالن‬
‫فاعل وعالمة رفعه األلف ألنه مثنى وجاء المعذرون] وإعرابه جاء فعل ماض المعذرون فاعل وعالمة رفعه‬
‫الواو ألنه جمع مذكر سالم وقال الظالمون)] وإعرابه قال فعل ماض الظالمون فاعل وعالمة رفعه الواو ألنه‬
‫جمع مذكر سالم [ وقال نسوة ) ] هذا مثال للجمع أيضًا أتى به بعد الذي قبله إشارة إلى أنه ال فرق بين جمع‬
‫المذكر والمؤنث والنسوة جمع تكسير واحدها امرأة من غير لفظها فالفعل في هذه األمثلة مجرد من عالمة‬
‫التثنية والجمع ‪ ،‬ومن العرب من يلحق الفعل [ عالمة التثنية وهي األلف [و] عالمة [الجمع ] وهي الواو إن‬
‫كان مذكرًا والنون إن كان مؤنثًا قال أبو حيان في االرتشاف ‪ :‬حكى اللغويون أن أصحاب هذه اللغة وهم‬
‫طيىء يلتزمون العالمة مطلقًا‬

You might also like