You are on page 1of 14

‫ المركز الجامعي لتامنغست – الجــزائر‬/ ‫مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية‬

‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‬


‫بين مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية في القانون الجزائري‬
‫غيتاوي عبد القادر‬.‫أ‬
‫جامعة أدرار‬
S
‫إن توزي االختصاص النوعي داخل جهة القعضاء اإلداري يسوده نوع من التعقيد‬
‫ كقاضي‬،‫ بالنظر إىل ما أوكل به جمللس الدولة من اختصاصات قعضائية‬،‫وعدم التوازن‬
‫ كخرق حق التقاضي على‬،‫ ونقض وهذا أمر فيه الكثري من املآخذ‬،‫ استئناف‬،‫اختصاص‬
‫ وفيه‬.‫ فكل القرارات اليت تصدر عن اجمللس ال تقبل الطعن باالستئناف وال بالنقض‬.‫درجتني‬
‫ أما‬.‫ مما قد يؤدي إىل وقوع اجمللس حتت ضغط القعضايا الكثرية‬،‫كذلك إثقال لكاهل اجمللس‬
،‫احملاكم اإلدارية واليت هي صاحبة الوالية العامة يف القعضاء اإلداري حسب النصوص القانونية‬
‫فإنه ليس كذلك ما دام أن جملس الدولة هو اآلخر صاحب اختصاص بالنظر يف الطعون‬
‫ ومن أجل الوصول إىل‬.‫اخل‬...‫املقدمة ضد اهليئات اإلدارية املركزية والنقابات املهنية الوطنية‬
‫الوض الطبيعي وحل الكثري من املععضالت اليت تواجه جهة القعضاء اإلداري فإن ذلك‬
.‫يستوجب تنصيب هيئة قعضائية بني احملاكم اإلدارية و جملس الدولة‬
RESUME:
La répartition de competence matérielle, entre les juridictions,
administratives caractérisée par une sorte de complexité et le manque
d'équilibre, compte tenu de ce qui a été confiée par le Conseil d'Etat de
juridictions, la compétence d'un juge en premiere ressort, d’appel et de
cassation, et cela entraîne beaucoup d'inconvénients. Toutes les
décisions du Conseil n'accepte ni l'appel ni la pourvoi en cassation. Et
c'est aussi surcharger les épaules du conseil, qui peut conduire à la
survenue du Conseil sous la pression de nombreuses questions.
Les tribunaux administratifs, ce qui est le propriétaire du mandat
général de la justice administrative par des textes juridiques, il n'en est
rien, tant que le Conseil d'Etat est l'autre propriétaire de compétence
pour examiner les recours formés contre les organes administratifs
centraux et les syndicats nationaux ... etc. Pour accéder à la position
normale et de résoudre de nombreux problèmes auxquels est confronté
le tribunal administratif, il nécessite l'installation d'un organe judiciaire
entre les tribunaux administratifs et le Conseil d'Etat.

3300 ‫)– جانفي‬30(‫ع‬/‫محكّمة‬ ‫سداسية‬ )000( ‫ مجلة االجتهــاد‬:‫معهــد الحقوق‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫‪‬‬
‫إن املتتب حلركية التشري يف اجلزائر خاصة بعد صدور دستور‬
‫‪ 58‬نوفمرب ‪ ،0991‬يلحظ أن الدولة ومنذ ذلك التاريخ دخلت مرحلة من‬
‫الثورة التشريعية يف جماالت كثرية فقد أعلن عن جمموعة من احلقوق‬
‫اجلديدة مت إقرارها ألول منذ االستقالل‪ ،‬ومن ذلك حرية التجارة‬
‫والصناعة وحياد اإلدارة‪...‬اخل‪ .‬ويف جمال السلطة التشريعية مت إقرار نظام‬
‫الغرفتني بإنشاء جملس األمة كغرفة ثانية‪.‬‬
‫أما على صعيد السلطة القعضائية فقد مت إقرار جمموعة من‬
‫التغيريات اجلوهرية ومن ذلك االنتقال من نظام الوحدة القعضائية إىل‬
‫نظام االزدواجية القعضائية‪ ،‬وذلك بإنشاء جملس الدولة )‪(Conseil d’état‬‬
‫مبوجب املادة ‪ 025‬من الدستور اجلزائري لسنة ‪ .0991‬ثم إنشاء احملاكم‬
‫اإلدارية (‪ )Tribunaux administratifs‬مبوجب القانون ‪ 15-98‬املؤرخ يف‬
‫‪ 31‬ماي ‪ ،0998‬و حمكمة التنازع )‪ (Tribunal des conflits‬مبوجب القانون‬
‫الععضوي رقم ‪ 13-98‬املؤرخ يف ‪ 13‬جوان ‪ ،0998‬إضافة إىل صدور القانون‬
‫الععضوي ‪ 10-98‬املؤرخ يف ‪ 31‬ماي ‪ 0998‬املتعضمن اختصاصات جملس‬
‫الدولة‪ .‬ويف األخري اكتملت احللقة بصدور القانون رقم ‪ 19-18‬املؤرخ يف‬
‫‪ 53‬فرباير ‪ 5118‬املتعضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪ .‬والذي كرس‬
‫االزدواجية يف والسلطة القعضائية يف جمال املنازعات اإلدارية بتوزيعها‬
‫االختصاص بني القعضاء العادي واإلداري‪.‬‬
‫إال أنه وبالرغم من هذا اإلصالح والتطور يف السلطة القعضائية‬
‫الذي محله دستور ‪ 0991-00-58‬وما تب ذلك من نصوص وتشريعات‪،‬‬
‫هل وفق من خالهلا املشرع من توزي االختصاص النوعي بني جملس‬
‫الدولة واحملاكم اإلدارية‪ ،‬مبا حيرتم املبادئ اليت يقوم عليها النظام القعضائي‬
‫اجلزائري خاصة التقاضي على درجتني؟‬
‫هذا ما سنحاول التطرق إليه من خالل مبحثني خنصص األول‬
‫الختصاصات جملس الدولة‪ ،‬أما الثاني فنخصصه للمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)003‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫املبحث األول‪ :‬االختصاصات القضائية جمللس الدولة‬


‫على غرار جملس الدولة الفرنسي‪ ،‬فإن جملس الدولة اجلزائري‬
‫بنوعني من االختصاصات؛ االختصاصات القعضائية‬ ‫يتمت‬
‫واالختصاصات االستشارية‪ ،‬فطبقا للمواد ‪9‬و‪01‬و‪ 00‬من القانون‬
‫الععضوي رقم ‪ 10-98‬املؤرخ يف ‪ 31‬ماي ‪ 0998‬خص املشرع جملس الدولة‬
‫القيام بوظيفة قعضائية تتمثل يف الفصل يف املنازعات اإلدارية‪ ،‬سواء‬
‫باعتباره جهة للقعضاء االبتدائي والنهائي (قاضي اختصاص)‪ ،‬أو جهة‬
‫لقعضاء االستئناف يف املادة اإلدارية‪ ،‬أو جهة لقعضاء النقض‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف جملس الدولة و أساسه القانوني‬


‫يعترب جملس الدولة اجلزائري )‪ (Conseil d’état‬مؤسسة‬
‫دستورية أنشئت مبوجب املادة ‪ 025‬من دستور ‪ (1)0998-00-58‬واليت‬
‫تنص على أنه "يؤسس جملس الدولة كهيئة مقومة ألعمال اجلهات‬
‫القعضائية اإلدارية"‪ .‬وانطالقا من هذا النص أعلن الدستور اجلزائري‬
‫على دخول البالد مرحلة جديدة يف جمال القعضاء أال و هي مرحلة‬
‫االزدواج القعضائي‪ ،‬القعضاء العادي والذي جند على هرمه احملكمة العليا‬
‫والقعضاء اإلداري على هرمه جملس الدولة‪ ،‬بعد مرحلة الوحدة‬
‫القعضائية‪.‬‬
‫ولقد عرفت املادة ‪ 15‬من القانون الععضوي ‪ 10-98‬املؤرخ يف ‪31‬‬
‫ماي ‪ (2)0998‬جملس الدولة على أنه "هيئة مقومة ألعمال اجلهات‬
‫القعضائية اإلدارية وهو تاب للسلطة القعضائية اإلدارية يعضمن توحيد‬
‫االجتهاد القعضائي ويسهر على احرتام القانون"‪ .‬وانطالقا من النصني‬
‫السالفي الذكر جند أن جملس الدولة اجلزائري يتميز مبجوعة من‬
‫اخلصائص متيزه عن غريه يف التشريعات املقارنة‪ .‬حيث إن جملس الدولة‬
‫اجلزائري تاب للسلطة القعضائية)‪ ،(3‬وهذا على خالف جملس الدولة‬
‫الفرنسي الذي يتب للسلطة التنفيذية‪ .‬كما أن جملس الدولة يتمت‬
‫باالستقاللية عن السلطة التنفيذية وإن كان خيتص بالفصل يف املنازعات‬
‫اليت تكون اإلدارة طرفا فيها‪ .‬وما يؤكد هذه االستقاللية ما ورد يف نص‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )000‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫املادة ‪ 038‬من الدستور بنصها على أن "السلطة القعضائية مستقلة‬


‫ومتارس يف إطار القانون"‪ .‬وما يدعم هذه االستقاللية هو ما اعرتفت به‬
‫املادة ‪ 03‬من القانون الععضوي ‪ 10-98‬جمللس الدولة من استقالل مالي‬
‫)‪(4‬‬
‫وتسيريي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬االختصاص االبتدائي النهائي‬


‫نصت املادة ‪ 19‬من القانون الععضوي ‪ 10-98‬السالف الذكر على‬
‫أن "يفصل جملس الدولة ابتدائيا ونهائيا يف‪:‬‬
‫أ‪ -‬الطعون باإللغاء املرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو‬
‫الفردية الصادرة عن السلطات اإلدارية املركزية واهليئات‬
‫العمومية الوطنية واملنظمات املهنية الوطنية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطعون اخلاصة بتفسري ومدى شرعية القرارات اليت‬
‫تكون نزاعاتها من اختصاص جملس الدولة"‪.‬‬
‫من نص هذه املادة يتعضح أن جملس الدولة خيتص دون غريه يف‬
‫النظر يف منازعات السلطات املركزية للدولة‪ ،‬كالوزارات واهليئات‬
‫العمومية الوطنية‪ ،‬واملنظمات املهنية مثل منظمة احملامني والغرفة‬
‫الوطنية للموثقني‪ ،‬والغرفة الوطنية للمحعضرين وغريها من اهليئات‬
‫العمومية ذات الطاب الوطين‪ ،‬كجهة للقعضاء االبتدائي والنهائي كأول‬
‫وآخر درجة‪ (Premier et en dernier ressort) ،‬سواء فيما تعلق بدعوى‬
‫اإللغاء املوجهة ضد القرارات الفردية والتنظيمية ودعوى التفسري‬
‫)‪ (Recours en interprétation‬ودعوى فحص املشروعية ‪(Contentieux‬‬
‫)‪(5‬‬
‫)‪.de l’appréciation de la légalité‬‬
‫كما أن نص املادة ‪ 910‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‬
‫اجلديد أكد على االختصاص االبتدائي والنهائي جمللس الدولة بالنسبة‬
‫للقرارات اإلدارية الصادرة عن السلطات املركزية بنصها على أن" خيتص‬
‫جملس الدولة كدرجة أوىل وأخرية‪ ،‬بالفصل يف دعاوى اإللغاء والتفسري‬
‫وتقدير املشروعية يف القرارات اإلدارية الصادرة عن سلطات اإلدارية‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)001‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫املركزية‪ ،‬كما خيتص بالفصل يف القعضايا املخولة له مبوجب نصوص‬


‫)‪(6‬‬
‫خاصة"‪.‬‬
‫وبعد فحص النصني يتبني أن املشرع أعفى جملس الدولة من‬
‫النظر يف دعاوى القعضاء الكامل اليت ختتص بها احملاكم اإلدارية حسب‬
‫القانون ‪ 15-98‬املنظم الختصاصات احملاكم اإلدارية‪ .‬ومن الفقه يف‬
‫اجلزائر‪ ،‬مثل حممد الصغري بعلي الذي يرى أن سر إخراج قعضاء‬
‫التعويض عن والية واختصاص جملس الدولة يعود إىل طبيعة النزاع يف‬
‫حد ذاته كون الفصل يف قعضايا التعويض أمر ميارسه القاضي املدني بل‬
‫ميارسه حتى القاضي املبتدئ‪ ،‬فهذا النوع من القعضاء ال ينطوي على‬
‫خماطر وال حيتاج إىل خربة ومؤهالت قعضائية عالية كقعضاء اإللغاء أو‬
‫فحص املشروعية أو التفسري‪ .‬لذا عهد به املشرع للبنية القعضائية‬
‫التحتية ممثلة يف احملاكم اإلدارية ولو تعلق بأحد األشخاص املركزية‬
‫(‪)7‬‬
‫كالوزارات واهليئات العمومية الوطنية‪.‬‬
‫إن االعرتاف جمللس الدولة بسلطة الفصل يف جزء من منازعات‬
‫اإلدارة املركزية بصفة ابتدائية ونهاية يطرح جمموعة من اإلشكاالت‬
‫القانونية نوجزها يف ما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬انتهاك مبدأ التقاضي على درجتني‪:‬‬
‫إن االختصاص االبتدائي والنهائي جمللس الدولة فيه انتهاك ملبدأ‬
‫التقاضي على درجتني‪ ،‬املكرس يف النظام القعضائي اجلزائري‪ .‬إذ إن‬
‫اعرتاف القانون جمللس الدولة بهذا االختصاص االبتدائي النهائي‬
‫سيسقط طريقا عاديا للطعن منصوص عليه قانونا أال وهو االستئناف‪.‬‬
‫مما حيرم هؤالء املتقاضني من الطعن باالستئناف ضد القرارات الصادرة‬
‫عن جملس الدولة فصال يف املنازعات اليت تكون اإلدارة املركزية طرفا فيها‪،‬‬
‫وحيتم على املتقاضني اللجوء إىل طرق الطعن غري العادية أي التماس‬
‫إعادة النظر والنقض فقط(‪.)8‬‬
‫‪ -5‬تعقيد اإلجراءات القعضائية وإبعاد القعضاء عن املتقاضني‪:‬‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )005‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬جملس الدولة كجهة لقضاء االستئناف‬


‫طبقا للقانون الععضوي املنظم جمللس الدولة فإن هذا األخري‬
‫)‪(9‬‬

‫"يفصل استئنافا يف القرارات الصادرة ابتدائيا عن احملاكم اإلدارية ما مل‬


‫ينص القانون على خالف ذلك"‪.‬‬
‫كما أن الفقرة الثانية من املادة ‪ 15‬من القانون ‪ 15-98‬املتعلق‬
‫باحملاكم اإلدارية)‪ (10‬أكدت هذا األمر بنصها "أحكام احملاكم اإلدارية قابلة‬
‫لالستئناف أمام جملس الدولة‪ ،‬ما مل ينص القانون على خالف ذلك"‪.‬‬
‫كما أن اختصاص جملس الدولة بالنظر باالستئناف يف قرارات‬
‫احملاكم اإلدارية أكدته املادة ‪ 915‬من القانون ‪ 19-18‬املتعضمن قانون‬
‫اإلجراءات املدنية واإلدارية "خيتص جملس الدولة بالفصل يف استئناف‬
‫األحكام واألوامر الصادرة عن احملاكم اإلدارية"‪.‬‬
‫كما خيتص أيعضا كجهة استئناف‪ ،‬بالقعضايا املخولة له مبوجب‬
‫(‪)00‬‬
‫نصوص خاصة‪".‬‬
‫وبعدما عرفنا اختصاص جملس الدولة يف النظر يف الطعن‬
‫باالستئناف للقرارات الصادرة عن احملاكم اإلدارية اليت جتسدت على أرض‬
‫الواق ‪ ،‬فهل تقبل هذه القرارات الطعن بالنقض؟‬
‫اإلجابة على هذا اإلشكال تكون بالنفي بالنظر إىل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬واقعيا فإن الطعن بالنقض له أثر ناقل‪ ،‬وملا كان جملس الدولة‬
‫أعلى هيئة يف هرم القعضاء اإلداري اجلزائري‪ ،‬فإن قرارات جملس الدولة‬
‫فصال يف النزاعات املطروحة أمامه بصفته قاضي اختصاص أو قاضي‬
‫استئناف ال ميكن أن تقبل الطعن بالنقض‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن املشرع مل ينص على إمكانية الطعن بالنقض ضد‬
‫قرارات جملس الدولة‪ ،‬إمنا نص على جواز الطعن بطرق أخرى‪:‬‬
‫‪ -‬الطعن باملعارضة‪De l’opposition )922-923( :‬‬
‫حيث نصت املادة ‪ 923‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية على‬
‫أن "تكون األحكام والقرارات الصادرة غيابيا عن احملاكم اإلدارية وجملس‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)008‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫الدولة قابلة للمعارضة"‪ .‬هذا ويرف الطعن خالل شهر واحد من تاريخ‬
‫)‪(12‬‬
‫التبليغ الرمسي للحكم أو القرار الغيابي‪.‬‬
‫‪ -‬اعرتاض الغري خارج عن اخلصوم )‪(De la tierce opposition 960-962‬‬
‫نصت املادة ‪ 911‬من ق ا م ا على أن هذا الطعن يهدف إىل‬
‫مراجعة أو إلغاء احلكم أو القرار الذي فصل يف أصل النزاع‪ .‬فيجوز لكل‬
‫شخص له مصلحة ومل يكن طرفا وال ممثال يف احلكم أو القرار أو األمر‬
‫املطعون فيه‪ ،‬تقديم اعرتاض الغري خارج عن اخلصومة)‪.(13‬‬
‫وتنص املادة ‪ 382‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ على أن يبقى أجل اعرتاض الغري‬
‫خارج عن اخلصومة على احلكم أو القرار أو األمر‪ ،‬قائما ملدة مخسة‬
‫عشر سنة‪ ،‬تسري من تاريخ صدوره‪ ،‬ما مل ينص القانون على خالف‬
‫ذلك‪ .‬غري أن هذا األجل حيدد بشهرين‪ ،‬عندما يتم التبليغ الرمسي للحكم‬
‫أو القرار أو األمر إىل الغري‪ ،‬ويسري هذا األجل من تاريخ التبليغ الرمسي‬
‫الذي جيب أن يشار فيه إىل ذلك األجل احلق يف ممارسة اعرتاض الغري‬
‫اخلارج عن اخلصومة‪.‬‬
‫‪ -‬دعوى تصحيح األخطاء املادية ودعوى التفسري‪)912 – 913( :‬‬
‫‪De l’action en rectification d’erreur matérielle et de l’action en‬‬
‫‪interprétation‬‬
‫جيوز للجهة القعضائية اليت أصدرت احلكم ولو بعد حيازة ذلك‬
‫احلكم قوة الشيء املقعضي به‪ ،‬أن تصحح اخلطأ املادي أو اإلغفال الذي‬
‫يشوبه‪ ،‬كما جيوز للجهة القعضائية اليت يطعن يف احلكم أمامها للقيام‬
‫بتصحيحه‪.‬‬
‫جيب تقديم هذه الدعوى يف أجل شهرين ابتداء من تاريخ التبليغ‬
‫)‪(14‬‬
‫الرمسي للحكم أو القرار املشوب باخلطأ‪.‬‬
‫‪ -‬دعوى التماس النظر )‪(Du recours en rétraction919-911‬‬
‫تنص املادة ‪ 911‬على أنه "ال جيوز الطعن بالتماس إعادة النظر‬
‫إال يف القرارات الصادرة عن جملس الدولة"‪ .‬ويقدم التماس إعادة النظر‬
‫يف إحدى احلالتني التاليتني‪:‬‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )007‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫‪ -‬إذا اكتشف أن القرار قد صدر بناء على وثائق مزورة قدمت‬


‫ألول مرة أمام جملس الدولة‪،‬‬
‫‪ -‬إذا حكم على خصم بسبب عدم تقديم وثيقة قاطعة كانت‬
‫حمتجزة عند اخلصم‪.‬‬
‫حيدد أجل الطعن بالتماس إعادة النظر بشهرين من تاريخ‬
‫التبليغ الرمسي للقرار أو من تاريخ اكتشاف التزوير أو من تاريخ اسرتداد‬
‫الوثيقة احملتجزة بغري حق من طرف اخلصم‪.‬‬
‫إن االعرتاف الذي جاء به القانون الععضوي ‪ ،10-89‬والقانون ‪-98‬‬
‫‪ 15‬جمللس الدولة كقاضي استئناف بالنسبة للقرارات الصادرة عن احملاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬نرى فيه كثري من املآخذ‪ ،‬واليت ميكن أن نوجزها يف ما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬تغيري الطبيعة القانونية جمللس الدولة‪:‬‬
‫إن إعطاء دور النظر باالستئناف إىل جملس الدولة يف القرارات‬
‫الصادرة عن احملاكم اإلدارية فيه مساس بالوظيفة األساسية جمللس‬
‫الدولة حيث حول دوره من حمكمة قانون إىل حمكمة وقائ ‪ .‬ويف ذلك خمالفة‬
‫لنص املادة ‪ 025‬من الدستور "يؤسس جملس الدولة كهيئة مقومة‬
‫ألعمال اجلهات القعضائية اإلدارية"‪ ،‬وكذا بالنسبة للقانون الععضوي ‪-98‬‬
‫‪.10‬‬
‫‪ -5‬إبعاد املتقاضني عن القعضاء وإطالة عمر النزاع وإثقال كاهل اجمللس‪:‬‬
‫إن االستئناف يف قرارات احملاكم اإلدارية أمام جملس الدولة فيه‬
‫الكثري من التعب للمتقاضني‪ .‬حيث إنهم يكونوا جمربين على التنقل إىل‬
‫مقر اجمللس بالعاصمة ويف هذا خرق ملبدأ تقريب املواطن من القعضاء‪.‬‬
‫كما أن البث يف الطعون باالستئناف سيأخذ وقت إضايف‪ ،‬بالنظر إىل املهم‬
‫الكثرية اليت يقوم بها اجمللس سواء كانت قعضائية (قاضي اختصاص‪،‬‬
‫قاضي استئناف‪ ،‬قاضي نقض)‪ ،‬أو استشارية يف حالة اقرتاح مشاري‬
‫قوانني من طرف احلكومة‪ .‬إن هذه املهام نرى أنها تثقل كاهل اجمللس‬
‫وتؤدي إىل عرقلة السري احلسن ملرفق القعضاء هذا‪ .‬ويف هذا إضرار مبصاحل‬
‫املتقاضني‪.‬‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)006‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫املطلب الرابع‪ :‬جملس الدولة كجهة لقضاء النقض‬


‫نصت املادة ‪ 00‬من القانون الععضوي ‪ 10-98‬على أن "يفصل‬
‫جملس الدولة يف الطعون النقض يف قرارات اجلهات القعضائية اإلدارية‬
‫الصادرة نهائيا وكذا الطعون بالنقض قرارات جملس احملاسبة"‪.‬‬
‫كما أن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية نص يف املادة ‪ 913‬على‬
‫ذلك بنصها على أن "خيتص جملس الدولة بالنظر يف الطعون بالنقض يف‬
‫القرارات الصادرة عن آخر درجة عن اجلهات القعضائية اإلدارية‪.‬‬
‫خيتص جملس الدولة كذلك‪ ،‬يف الطعون بالنقض املخولة له مبوجب‬
‫نصوص خاصة"‪.‬‬
‫أما القرارات الصادرة عنه فصال يف املنازعات املعروضة عليه‬
‫ابتدائيا أو اليت يصدرها مبناسبة الفصل يف استئناف فإنه غري قابلة‬
‫للطعن بالنقض وتأكد هذا األمر مبوجب اجتهاد جمللس الدولة اجلزائري يف‬
‫قرار رقم ‪ 17312‬بتاريخ ‪ "5115-19-53‬ال ميكن جمللس الدولة الفصل‬
‫بطريقة الطعن بالنقض يف قرار صادر عنه عمال بأحكام القانون ‪-98‬‬
‫)‪(15‬‬
‫‪."...10‬‬
‫وهكذا يكون جملس الدولة حرم املتقاضني من ممارسة طرق من‬
‫طرق الطعن (الطعن بالنقض) املعرتف بها قانونا‪.‬‬
‫ويف قرار آخر جمللس الدولة جاء "أنه ومن ثم ال ميكن رفض‬
‫الطعن بالنقض أمام جملس الدولة ضد القرارات الصادرة عن جملس‬
‫احملاسبة أو ضد القرارات الصادرة نهائيا عن جهة قعضائية إدارية‪ ،‬وأنه ال‬
‫ميكن رف طعن بالنقض أمام جملس الدولة ضد قرار صادر عنه")‪. (16‬‬
‫ويف قرار آخر جمللس الدولة ويف نفس اإلطار جاء فيه أنه "ال ميكن‬
‫)‪(17‬‬
‫جمللس الدولة أن يوقف تنفيذ قرار أصدره هو‪".‬‬
‫من خالل ما مت عرضه يتبني أن جملس الدولة ميارس سلطة‬
‫النقض على القرارات النهائية الصادرة عن احملاكم اإلدارية إضافة إىل‬
‫قرارات جملس احملاسبة وإن كان هذا هو االختصاص األصيل مبجلس‬
‫الدولة‪ ،‬إال أن اإلشكال يتعلق بأن هذه السلطة ال تطال قرارات االستئناف‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )000‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫الصادرة عنه فصال الطعون املقدمة يف شأن قرارات احملاكم اإلدارية يف‬
‫أول درجة‪ ،‬وكذا القرارات الصادرة عنه باعتباره كقاضي اختصاص‪.‬‬
‫حب يث إن هذين النوعني من القرارات ال يقبل الطعن بالنقض والطعن‬
‫باالستئناف على التوالي‪ ،‬ويف ذلك خرق بني ملبدأ التقاضي على درجتني‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬قواعد االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‬
‫سبقت اإلشارة إىل أن املشرع قيد االختصاص النوعي جمللس‬
‫الدولة خاصة فيما تعلق باعتباره جهة للقعضاء االبتدائي والنهائي فجعل‬
‫من اجمللس قاضي اختصاص بشان دعاوى اإللغاء والتفسري وفحص‬
‫املشروعية املرفوعة ضد اإلدارات وملنظمات املهنية واهليئات العمومية‬
‫الوطنية‪ .‬وإن كان مل خيصه بدعاوى القعضاء الكامل‪.‬‬
‫فاملشرع مل يوفق يف توزي قواعد االختصاص بالنسبة جمللس‬
‫الدولة فأثقل عليه وجعل منه حمكمة ابتدائية ونهائية وحمكمة استئناف‬
‫إىل جانب االختصاص بالنقض وهي الوظيفة الطبيعية إىل جانب مهامه‬
‫األخرى‪.‬‬
‫وانطالقا من هنا نتساءل هل وفق املشرع يف توزي قواعد االختصاص‬
‫النوعي بالنسبة للمحاكم اإلدارية (‪)Tribunaux administratifs‬؟‬
‫املطلب األول‪ :‬األساس القانوني للمحاكم اإلدارية‬
‫تستمد احملاكم اإلدارية وجودها القانوني من نص املادة ‪025‬‬
‫من الدستور واليت اعتمدت نظام االزدواج القعضائي‪ ،‬وذلك بتأسيس‬
‫جملس الدولة يقوم أعمال اهليئات القعضائية اإلدارية (احملاكم اإلدارية)‪.‬‬
‫وبذلك تكون هذه املادة أعلنت صراحة عن إنشاء حماكم إدارية على‬
‫مستوى أدنى درجات التقاضي مستقلة عن احملاكم العادية تفصل يف‬
‫املنازعات اإلدارية‪ .‬ثم بعد ذلك صدر القانون رقم ‪ 15-98‬بتاريخ ‪ 31‬ماي‬
‫‪ 0998‬وهو أول قانون خاص ومتعلق باحملاكم اإلدارية يف اجلزائر‪ ،‬ويشتمل‬
‫هذا القانون على ‪ 01‬مواد تطرق من خالله املشرع إىل تشكيل وتنظيم‬
‫احملاكم اإلدارية‪ ،‬إضافة إىل كيفية عملها‪.‬‬
‫لقد صدر التشري املنظم للمحاكم اإلدارية مبوجب قانون )‪،(Loi‬‬
‫القانون ‪ 15-98‬املؤرخ يف ‪ 0998/12/31‬املتعلق باحملاكم اإلدارية إعماال‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)033‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫للفقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 055‬من الدستور اليت ختول للربملان أن يشرع يف جمال‬
‫"القواعد املتعلقة بالتنظيم القعضائي‪ ،‬وإنشاء اهليئات القعضائية"‪.‬‬
‫يف الوقت الذي يرى البعض من الفقه يف اجلزائر على ضرورة‬
‫تنظيم احملاكم اإلدارية مبوجب قانون ععضوي )‪ ،(Loi organique‬وهذا‬
‫إعماال للفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 053‬اليت ختول للربملان التشري بقانون ععضوي‬
‫)‪(18‬‬
‫بالنسبة «للقانون األساسي للقعضاء والتنظيم القعضائي"‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تشكيلة احملكمة اإلدارية‬
‫نصت املادة ‪ 13‬من القانون ‪ 15-98‬على أن احملاكم اإلدارية‬
‫تتشكل من ثالثة قعضاة على األقل من بينهم رئيس ومساعدان اثنان‬
‫برتبة مستشار حتى تصح جلساتها‪ .‬ويوجد على هرم هذه احملكمة‬
‫رئيس احملكمة والذي له نفس املركز القانوني لرئيس احملكمة العادية‪،‬‬
‫سواء من حيث التعيني أو االختصاص‪ .‬وإن كان القانون ‪ 15-98‬مل ينظم‬
‫مسالة التعيني‪ ،‬إال أننا نرى أنه وبوصفه قاضي فإنه يعني مبوجب مرسوم‬
‫رئاسي‪.‬‬
‫ولقد نصت املادة ‪ 12‬من القانون السابق على أن يتوىل حمافظ‬
‫الدولة )‪ (Commissaire d’état‬النيابة العامة مبساعدة حمافظي دولة‬
‫مساعدين‪ .‬واملالحظة نفسها السابقة نوردها هنا أي أن القانون ‪15-98‬‬
‫مل ينظم مهام احملافظ‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬جمال االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‬
‫نصت املادة األوىل من القانون ‪ 15-98‬املؤرخ يف ‪ 31‬ماي ‪0998‬‬
‫على أن "تنشأ حماكم إدارية كجهات قعضائية للقانون العام يف املادة‬
‫اإلدارية"‪ .‬وهو نفس ما ذهبت إليه املادة ‪ 811‬من قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية اجلديد‪.‬‬
‫وإذا قارنا بني قواعد االختصاص لكل من جملس الدولة واحملاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬جند أن اختصاص جملس الدولة يف اجملال القعضائي االبتدائي‬
‫والنهائي هو اختصاص مقيد‪ ،‬أي يقتصر على نوع حمدد من املنازعات‬
‫املتعقلة بدعوى اإللغاء وفحص املشروعية والتفسري ضد القرارات‬
‫الصادرة من السلطات املركزية واهليئات العمومية الوطنية واملنظمات‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )030‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫املهنية والوطنية‪ .‬بينما اختصاص احملاكم اإلدارية نوعيا حدد بشكل‬


‫مطلق وعام‪ ،‬فلها أن تنظر يف كل منازعة إدارية عدا املنازعات اليت أحال‬
‫املشرع النظر فيها جمللس الدولة‪ ،‬خاصة بعد إلغاء الغرف اجلهوية‪ .‬أي‬
‫أنها صاحبة االختصاص العام أو الوالية العامة‪.‬‬
‫وإذا كانت املادة ‪ 10‬من القانون ‪ 15-98‬كرست مبدأ التقاضي‬
‫على درجتني‪ ،‬حيث أقرت بوجوب إحالة كل منازعة إدارية على احملاكم‬
‫اإلدارية تفصل فيها احملاكم عن طريق قرار قابل لالستئناف‪ .‬إال أن املشرع‬
‫عندما اعرتف جمللس الدولة بسلطة الفصل يف بعض املنازعات اإلدارية‬
‫احملددة مبوجب املادة ‪ 19‬من القانون ‪ 10-98‬أورد استثناء على االختصاص‬
‫النوعي املطلق للمحاكم اإلدارية ونزع منها صالحية النظر يف بعض‬
‫القعضايا اإلدارية اليت حول النظر فيها جمللس الدولة منتهكا يف ذلك مبدأ‬
‫التقاضي على درجتني‪ .‬وعليه؛ جند أن املشرع أخفق يف ضبط قواعد‬
‫االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية عندما سحب منها سلطة الفصل‬
‫يف بعض املنازعات احملددة حصرا‪ .‬وكان من األفعضل وتكريسا ملبدأ‬
‫التقاضي على درجتني أن مينح النظر يف املنازعات اليت خص بها جملس‬
‫الدولة إىل احملكمة اإلدارية باجلزائر العاصمة‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫من خالل اإلصالحات القعضائية املسجلة بعد دستور ‪ 58‬نوفمرب‬
‫‪ ،0991‬وأهمها تكريس نظام االزدواج القعضائي بإنشاء جملس الدولة على‬
‫هرم جهة القعضاء اإلداري‪ ،‬والذي يقابل احملكمة العليا على هرم جهة‬
‫القعضاء العادي‪ .‬ولقد تلى ذلك صدور جمموعة من التشريعات املنظمة‬
‫جمللس الدولة واحملاكم اإلدارية وحمكمة التنازع‪ .‬وم ذلك فإننا نسجل‬
‫جمموعة من املآخذ على اختصاص هيئات القعضاء اإلداري (جملس الدولة‬
‫واحملاكم اإلدارية)‪ ،‬وأهمها هو اإلخالل مببدأ التقاضي على درجتني كأحد‬
‫العضمانات األساسية للمتقاضني‪ ،‬ذلك و نه استنادا للمادة ‪ 19‬من القانون‬
‫الععضوي ‪ 10-98‬املتعلق باختصاصات جملس الدولة وتنظيمه وعمله‪،‬‬
‫يتوىل جملس الدولة النظر ابتدائيا ونهائيا يف الطعون املوجهة للقرارات‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)033‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬
‫(‪)30‬‬ ‫االجتهـــاد العدد‬ ‫قسم الدراسات القانونية والشرعية‬

‫الصادرة عن اهليئات املركزية واهليئات الوطنية‪ .‬أي أن هذه الدعاوى‬


‫تعرض مباشرة على جملس الدولة كأول وآخر درجة‪ .‬وهذه القرارات ال‬
‫تقبل الطعن باالستئناف وال بالنقض مما ينتج لنا نوع من اإلخالل بني‬
‫القعضاء العادي واإلداري‪ .‬كما أن القرارات الصادرة عنه استئناف يف‬
‫قرارات احملاكم اإلدارية ال تقبل الطعن بالنقض‪.‬‬
‫والظاهر أن جملس الدولة ميارس كل االختصاصات القعضائية املمكنة‪،‬‬
‫قاضي اختصاص‪ ،‬قاضي استئناف‪ ،‬قاضي نقض‪ ،‬إضافة إىل املهام‬
‫األخرى وهذا األمر غري منطقي إضافة إىل أنه مثقل للمجلس ويؤثر‬
‫سلبا على دوره األساسي هيئة مقومة ألعمال اهليئات القعضائية اإلدارية‪.‬‬
‫لذلك نرى أنه من العضروري إنشاء حلقة وسيطة بني احملاكم‬
‫اإلدارية وجملس الدولة تتوىل النظر باالستئناف يف قرارات احملاكم اإلدارية‪،‬‬
‫على غرار جهة القعضاء العادي‪ ،‬أو على غرار ما هو موجود يف جهات‬
‫القعضاء اإلداري يف فرنسا‪ ،‬أي وجود احملاكم اإلدارية االستئنافية بني احملاكم‬
‫اإلدارية وجملس الدولة (‪ .)Cours administratives d’appel‬إذ ميكن أن‬
‫يناط هذا الدور بالغرف اجلهوية اإلدارية اليت ألغيت بعد صدور قانون‬
‫اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلديد‪.‬‬
‫وعليه؛ فإننا نرى ضرورة إعادة االعتبار إىل احملاكم اإلدارية وحتقيق مبدأ‬
‫الوالية العامة يف قعضائها‪ ،‬الذي منح هلا‪ ،‬وذلك جبعلها تنظر يف كل الطعون‬
‫املقدمة ضد اجلهات اإلدارية مبا فيها تلك اليت خيتص بها جملس الدولة‪.‬‬

‫اهلوامش واملراجع املعتمـــــــدة‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املرسوم الرئاسي رقم‪ 238-91 :‬املؤرخ يف‪ 0991/05/7 :‬املتعضمن التعديل‬
‫الدستوري املصادق عليه يف استفتاء ‪ ،0991/00/58‬ج ر‪ :‬رقم ‪.71‬‬
‫(‪ )2‬القانون الععضوي ‪ 10-98‬املؤرخ يف ‪ 31‬ماي ‪ ،0998‬املتعلق باختصاصات جملس‬
‫الدولة و تنظيمه و عمله‪ ،‬ج‪.‬ر‪ :‬رقم ‪.32‬‬
‫(‪ )3‬حيث إن املادة ‪ 025‬جاءت حتت عنوان السلطة القعضائية‪.‬‬
‫‪ -‬يتمت جملس الدولة باالستقاللية املالية و االستقاللية يف التسيري‪.‬‬
‫‪ -‬يزود باملوارد البشرية والوسائل املالية واملادية الالزمة لتسيريه و تطوير نشاطاته‪.‬‬

‫مجلة االجتهــــاد؛ معهد الحقـــــــــــــــــوق (‪ )030‬المركز الجامعي لتامنغست‪ -‬الجزائر‬


‫أ‪.‬غيتاوي عبد القادر‬ ‫توزيع قواعد االختصاص النوعي‪...‬‬

‫‪ -‬تسجل االعتمادات الالزمة لتسيريه يف امليزانية العامة للدولة‪.‬‬


‫‪ -‬و خيعض تسيريه املالي لقواعد احملاسبة العمومية‪.‬‬
‫(‪" )4‬تعرف دعوى فحص وتقدير املشروعية بأنها دعوى قعضائية إدارية موضوعية‬
‫وعينية من دعاوى قعضاء الشرعية‪ ،‬حترك وترف بعد اإلحالة القعضائية وذلك من‬
‫خالل الدف بعدم الشرعية يف أحد القرارات اإلدارية أو األحكام القعضائية‬
‫اإلدارية النهائية أثناء النظر والفصل يف دعوى قعضائية عادية أصلية (دعوى‬
‫مدنية أو دعوى جتارية‪ ،‬أو دعوى عادية أخرى)‪.‬‬
‫(‪ )5‬عمار عوابدي‪ ،‬دعوى تقدير الشرعية يف القعضاء اإلداري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )6‬املادة ‪ 910‬من القانون ‪ 19-18‬املؤرخ يف ‪ 53‬فيفري ‪ ،5118‬املتعضمن قانون‬
‫اإلجراءات املدنية و اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.50 :‬‬
‫(‪ )7‬أشار إىل ذلك‪ :‬عمار بوضياف‪ ،‬دعوى اإللغاء يف قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪،‬‬
‫جسور للنشر والتوزي ‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اجلزائر‪ ،5119 ،‬ص‪.052‬‬
‫(‪ )8‬عمار بوضياف‪ ،‬نفس املرج ‪ ،‬ص‪.051.‬‬
‫(‪ )9‬املادة ‪ 01‬من القانون الععضوي ‪.10-98‬‬
‫(‪ )10‬القانون ‪ 15-98‬املؤرخ يف ‪ 31‬ماي ‪ 5118‬يتعلق باحملاكم اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.32 :‬‬
‫(‪ )11‬املادة ‪ 915‬من القانون ‪.19-18‬‬
‫(‪ )12‬املادة ‪ 922‬من القانون‪.19-18‬‬
‫(‪ )03‬املادة ‪ 380‬من القانون ‪.19-18‬‬
‫(‪ )02‬املادة ‪ 581‬من القانون ‪.19-18‬‬
‫(‪ )02‬جملس الدولة‪( ،‬الغرفة األوىل)‪ ،‬القرار رقم ‪ 17312‬بتاريخ ‪ ،5115-19-53‬جملة جملس‬
‫الدولة رقم ‪ ،5115 ،5‬ص ‪.022‬‬
‫(‪ )01‬جملس الدولة‪( ،‬الغرفة األوىل)‪ ،‬ملف رقم ‪ 100125‬بتاريخ ‪ ،5112-10-51‬جملة جملس‬
‫الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،5111 ،8‬ص ‪.071‬‬
‫(‪ )07‬جملس الدولة‪( ،‬الغرفة اخلامسة)‪ ،‬قرار رقم ‪ 119889‬يف ‪ .5115-12-31‬جملة جملس‬
‫الدولة رقم ‪ 5‬لسنة ‪.5115‬‬
‫(‪)08‬حممد الصغري بعلي‪ ،‬احملاكم اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزي ‪ ،5112 ،‬ص‪.35‬‬

‫محكّمة‪/‬ع(‪ –)30‬جانفي ‪3300‬‬ ‫سداسية‬ ‫(‪)031‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد‬


‫للدراسات القانونية واالقتصادية‬
‫مجلة االجته‬

You might also like