You are on page 1of 130

‫الباب الثانـــي ‪ -‬تفاصيل مناسك الحج والعمــرة‬

‫الفصل الثاني ‪ -‬مناسك العمرة ‪ ،‬وكيفية أدائها‬


‫المبحث األول ‪ -‬صفـــــــــة أداء العمــــــــــــــرة‬
‫المطلب األول ‪ -‬مفهـــــــــــــــــــــوم العمـــــــــــــــــــــــــــــــرة‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقــــــــــــــــــــــــــــــات‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال ما بعد الميقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمــــــــــال المعتمــــر عند الميقــــــــــــــــات‬
‫أوال ‪ -‬مستحبــــات ما قبل اإلحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 1‬ـ االغتســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال‬
‫‪ 2‬ـ التـطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـب‬
‫‪ 3‬ـ ارتداء مالبس اإلحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 4‬ـ الصالة بوادي العقيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق‬
‫ثانيا ‪ -‬اإلحــــــــــــــــــرام ومتعلقاتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه‬
‫‪ 1‬ـ اإلحــــــــرام عنــد الميقــــــات ومعنى اإلحـــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 2‬ـ المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواقـــيــت‬
‫ـ اإلهـــــــــــالل بنســــــــــــك العمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬ـ اإلحصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــار ‪ ،‬واالشـــــــــــــــــــــتراط‬


‫‪ 5‬ـ التلبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬
‫‪ 6‬ـ الدخــــــــــــــــــــــــــــــــول في نســـك العمــــــــــــــــــــــرة‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمــــــــال ما بعــــــــــد الميقـــــــــــــــــــــات‬
‫أوال ‪ -‬محظـــــــــــورات اإلحـــــــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫ثانيا ‪ -‬صفة الدخــــــــــــــــــــــــــــــــــول إلى مكـــــــة‬
‫ثالثا ‪ -‬صفة الدخول إلى المسجد الحــــــــــــــــــــــــرام‬
‫رابعا ‪ -‬كيفية طـــــــــــــــواف العمــــــــــــــــــــــــــــرة‬
‫خامسا ‪ -‬السعــي بين الصفــــــا والمــــــــــــــــــــــــروة‬
‫سادسا ‪ -‬الحلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق أو التقصـير‬
‫سابعا ‪ -‬التحــــــــلـل من العمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة‬
‫ثامنا ‪ -‬من متعلقــات الطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواف‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول ‪ -‬صفــــــــة أداء العمـــــــــــــــرة‬
‫المطلـب األول ‪ -‬مفهــــــوم العمــــــــــــــــرة‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقات‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال مابعد الميقـــــــــــات‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقـات‬
‫أوال ‪ -‬مستحبات ما قبل اإلحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 1‬ـ االغتســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال‬
‫• من أحكــــــــــام الحائــض والنفســاء في الحــــــج والعمـــرة‬
‫‪ 2‬ـ التـطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـب‬
‫‪ 3‬ـ ارتداء مالبــــــس اإلحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 4‬ـ الصالة بوادي العقيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق‬
‫ثانيا‪ -‬اإلحــرام ومتعلقاتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه‬
‫‪ 1‬ـ اإلحــــــرام عنــد الميقات ومعنـى اإلحـــــــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫‪ 2‬ـ المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواقـــيــت‬
‫أ ‪ -‬قسما المواقيت ‪ ( -‬زما نية ‪ ،‬ومكانية )‬
‫ب ‪ -‬أحكام المواقيت‬
‫ـ اإلهـــــــــــالل بنســــــــــــك العمــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة‬ ‫‪3‬‬

‫أ ‪ -‬صفة اإلحرام ولفظ اإلهالل بالعمرة‬


‫ب ‪ -‬مستحبات اإلحرام‬
‫‪ 4‬ـ اإلحصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــار ‪ ،‬واالشــــــــــــــــــــتراط‬
‫‪ 5‬ـ التلبيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬
‫‪ 6‬ـ الدخــــــــــــــــــــــــــــــــول في نســـك العمـــــــــــــــــــــرة‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال ما بعد الميقـــــــــــــات‬
‫أوال ‪ -‬محظـــــــــــــورات اإلحـــــــــــــــــــــــــــرام‬
‫ثـانيـا ‪ -‬صفة الدخــــــــــول إلى مكـــــــــــــــــــــــــة‬
‫ثــالثـا ‪ -‬صفة الدخول إلى المسجــد الحــــــــــــــــرام‬
‫ر ابعا ‪ -‬كيفيــــــــة طـــــــواف العمـــــــــــــــــــــــرة‬
‫‪ - 1‬االضطبــــــــــــــاع والرمـــــــــــــــــــــــــــــل‬
‫‪ - 2‬قطع التلبية عند الشروع في الطـــــــــــــــــواف‬
‫‪ - 3‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األســــــــــــــــــــــود‬
‫‪ - 4‬الشـــروع في الطــــــــــــــــــــــــــــواف بالبيت‬
‫‪ - 5‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليمانــــــــــــــــــــــي‬
‫‪ - 6‬التوجــه إلى مقـام إبراهيم عليه الســـــــــــــــالم‬

‫‪2‬‬
‫‪ - 7‬صالة ركعتي الطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواف‬
‫‪ - 8‬استحباب استالم ال َح َجر بعد ركعتي الطـــــــواف‬
‫‪ 9‬ـ الشــــــــرب والتضلـــــع مـــــن زمــــــــــــــزم‬
‫خامسا ‪ -‬السعي بين الصفا والمروة ( صفة السعي ‪ ،‬ومتعلقات الطواف )‬
‫سادسا ‪ -‬الحلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق أو التقصير‬
‫‪ - 1‬ما يُشــــــــــــــــرع في ذلك بالنسبــة للجنسين‬
‫‪ - 2‬صفـــة ومقــدار التقصير أو الحلـق للجنســين‬
‫‪ - 3‬زمــان الحلــــــــــــــــــق ومكانـــــــــــــــــــــه‬

‫سابعا ‪ -‬التحلل من العمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة‬


‫‪ - 1‬إنهاء العمرة والشــــــــــــــــــــــــروع في التحلل‬
‫‪ - 2‬المراد بالتحلل من العمــــــــــرة أو الحــــــــــــــج‬
‫ثامنا ‪ -‬من متعلقــات الطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواف‬
‫‪ - 1‬آداب الطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواف‬
‫والرمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل‬
‫‪ - 2‬االضطبـــاع ّ‬
‫‪ - 3‬طـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواف الوداع‬
‫‪ - 4‬مسائــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــل في الطــــــواف‬
‫‪ - 5‬دعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء الملـتـزم‬

‫‪3‬‬
‫مناسك العمرة ‪ ،‬وكيفية أدائها‬
‫المبحث األول ‪ -‬صفة أداء العمـرة‬
‫نعالج في هذا المبحث المطالب التالية ‪:‬‬
‫مفهوم العمرة ‪ ،‬أعمال المعتمر عند الميقات ‪ ،‬وأعمال ما بعد الميقات‬
‫المطلـب األول ‪ -‬مفهوم العمرة اصطالحا‬
‫العمرة ‪ « :‬نسك كالحج ‪ ،‬ليس له وقت معيّن ‪ ،‬وال وقوف بعرفة »‪ ) 1(.‬يتعبد الناسكُ للاه تعالى فيه ؛ يبدأ باإلحرام‬
‫والتلبية ‪ ..‬فالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬ثم التحلل بالحلق أو التقصير‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقات‬


‫نتناول في هذا المطلب ‪ :‬مستحبات ما قبل اإلحرام ‪ ،‬واإلحرام ومتعلقاته‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مستحبات ما قبل اإلحرام‬
‫إذا وصل المعتمر إلى الميقات (‪ ) 2‬استحب له التهيؤ لإلحرام بفعل األمور التالية ‪:‬‬
‫االغتسال ‪ ،‬والتطيب ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ،‬الصالة بوادي العقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬االغتسال ‪:‬‬
‫ويُسن له أن‬ ‫(‪) 3‬‬
‫« يُسن االغتسال لإلحرام ‪ ،‬وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة ‪ ...‬و ُحكي فيه اإلجماع »‪.‬‬
‫يتنظف ؛ ( حلق اإلبطين والعانة ‪ ،‬وتقليم األظافر إلخ )‪.‬‬

‫[‬ ‫الحائض و النفساء ‪ :‬وهكذا تفعل المرأة ‪ ،‬ولو كانت حائضا أو نفساء « باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪.‬‬
‫‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب إحرام‬ ‫(‪)133/8‬‬ ‫الموسوعة الفقهية ذاتها ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬حكم اغتسال الحائض والنفساء‪ ] .‬وانظر ‪ [ :‬صحيح مسلم بشرح النووي‬
‫النفساء واستحباب اغتسالها لإلحرام وكذا الحائض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 347‬هـ ‪ 1929 /‬م ) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫من أحكام الحائض والنفساء في الحج والعمرة ‪:‬‬


‫ونتعرف فيما يلي إلى أحكام الحائض والنفساء في الحج والعمرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫الحائض يصح منها جميع أفعال الحج والعمرة إال الطواف ‪ ،‬سقوط طواف القدوم عن الحائض ‪ ،‬سقوط طواف‬
‫الوداع عنها ‪ ،‬جواز شرب المرأة الدواء لتأخير الحيض ‪ ،‬طواف الحائض عند الضرورة ‪.‬‬

‫• الحائض يصح منها جميع أفعال الحج والعمرة إال الطواف ‪:‬‬
‫فلها أن ت ُ ِ‬
‫حرم بالنسك الذي تريده ‪ ،‬وتذكر هللا تعالى ‪ ،‬وتتضرع إليه ‪ ،‬وتقصر من شعرها ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫غير أنها ال تطــوف بالبيت ‪ ،‬وال تدخـل المسجـد الحــرام حتى تطهــر وتغتســــل ‪:‬‬
‫‪ -‬فعن عائشة رضي للا عنها أن النبي ﷺ قال لها حين حاضت وهي محرمة ‪ « :‬افعلي ما يفعل الحاج ‪ ،‬غير‬
‫أال تطوفي بالبيت حتى تطهري »‪ [ .‬فتح الباري البن حجر ( ‪ ، ) 588/ 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب تقضي الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت ]‪.‬‬

‫‪ -‬وثبت أنه أمر أسماء بنت عُميس لما ولدت بالميقات ‪ « :‬اغتسلي واست هثفري بثوب ثم أحرمي »‪.‬‬
‫[ صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب حجـة النبي ﷺ ‪ ،‬ص ‪ 887‬اهـ ‪ .‬واغتسال المحرم الطاهر أولى من الحائض أو النفساء ‪ ،‬التي ال يبيح لها هذا االغتسال‬
‫مباشرة سـائر الطاعـات ( كالصالة والطواف ‪. ) ...‬‬

‫‪ : 1‬معجم المعاني الجامع ‪.‬‬


‫‪ : 2‬الموضع الذي يُحرم منه الحاج أو المعتمر‪.‬‬
‫‪ : 3‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬االغتسال ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬حكم االغتسال لل ُمحرم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ومعنى « االستثفار ‪ :‬أن تش ّد في وسطها خرقة عريضة ‪ ،‬تجعلها على محل الدم ‪ ،‬وتشد طرفيها من قدامها‬
‫ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها » (‪ ) 1‬؛ لتمنع بذلك سيالن الدم‪.‬‬

‫• سقوط طواف القدوم عن الحائض ‪:‬‬


‫سـنّة فات‬
‫جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ‪ « :‬يسقط عنها طواف القدوم ‪ :‬أما عند الجمهـور ؛ فألنه ُ‬
‫وقتها ‪ ،‬وأما عند المالكية ‪ :‬فلكونه عذرا يسقـط به ‪ ،‬ولو كان واجبا ‪ ،‬إال أن يـزول المانـع ‪ ،‬ويتسع الزمن‬
‫لطواف القدوم ‪ ،‬فإنه حينئذ يجب عليها »‪ ، ) 77 / 17 ( [ .‬أحكام خاصة بالحج ‪ ،‬األول ‪ -‬حج المرأة والحائض والنفساء ]‪.‬‬

‫• سقــوط طــواف الوداع عنهــا ‪:‬‬


‫فإن حاضت المعتمرة بعد الطواف ‪ :‬فعلت كل شيء ‪:‬‬
‫‪ -‬فلها أن تسعى بين الصفا والمروة ‪ ،‬وتقص من شعرها ‪ ،‬وت ُ َ‬
‫نهي عمرتها ؛ فإن ( أكثر أهل العلم أال ت ُشترط‬
‫الطهارة للسعي بين الصفا والمروة‪ .‬وممن قال ذلك ‪ :‬عطاء ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأبوثور‪ ،‬وأصحاب الرأي‬
‫‪ ...‬ولنا قوله ﷺ لعائشة ‪ -‬حين حاضت ‪ « : -‬اقضي ما يقضي الحاج ‪ ،‬غير أال تطوفي بالبيت » ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫[ رواه مسلم ( ‪ ، ) 15 ( ) 183 / 2‬كتاب الحج ‪ ، ) 17 ( ،‬باب بيان وجوه اإلحرام ] ‪) .‬‬

‫‪ -‬وسقط عنها طواف الوداع ‪ ،‬باعتباره عبادة متعلقة بالبيت اشتُرط فيه ( الطهارة من الحيض والنفـاس ؛ فال‬
‫يجب طواف الوداع على الحائض والنفساء ‪ ،‬وال يجـب عليهما دم بتركـه ‪ ،‬وهـذا باتفـاق المذاهب الفقهيـة‬
‫الناس أن‬
‫ُ‬ ‫األربعــة ‪ ...‬وهو قول عامـة أهـل العلـم » ‪ ...‬عـن ابن عبـاس ‪ ،‬رضي للا عنهما ‪ ،‬قال ‪ « :‬أ ُ ِمر‬
‫آخر عهدهم بالبيت إال أنه ُخفف عن الحائض »‪) .‬‬
‫يكون ُ‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب الرابع عشر ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬شروط طواف الوداع ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬الطهارة من الحيض والنفاس ]‪.‬‬

‫• جواز شرب المرأة الدواء لتأخير الحيض ‪:‬‬


‫الرفقـة في الحـج والعمــرة إذا تأخرت‬ ‫وذلك إذا دعـت الحاجــة الشرعيـة إليه ‪ ،‬كالخـوف من عـدم انتظـار ِ‬
‫بسبب الحيض ‪ ،‬جاء في الموسوعة الفقهية ‪ « :‬يجوز استعمال دواء مباح لتأخير الحيض ‪ ،‬إن أُمن الض ُ‬
‫ّرر ؛‬
‫نص على هذا الحنابلة ‪ ،‬واختاره ابن باز ‪ ،‬وذلك قياسا على جواز العهزل ‪ ،‬والستدعاء الحاجة ‪ ،‬مع كونه أمرا‬
‫عارضا ؛ ولذا قيّدوه بأن يكون لسبب صحيح ‪ ،‬وباستشارة الطبيب »‪ [ .‬كتاب الطهارة ‪ ،‬الباب الحادي عشر ‪ :‬الحيض والنفاس‬
‫‪ ،‬الفصل األول ‪ ،‬المبحث السادس ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬ما ت ُمنع منه الحائض ‪ ...‬الفرع التاسع ‪ :‬تناول الدواء لتأخير الحيض ] ‪.‬‬

‫قال عبد الرزاق ‪ -‬في مصنفه ‪ « : -‬سئل عطاء عن امرأة تحيض ‪ ،‬يُجعـ ُل لها دواء فترتفع حيضتهـا ‪،‬‬
‫وهي في قرئهـا ‪ ،‬كما هي تطـوف ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬إذا رأت الطهـر ‪ ،‬فإذا هي رأت خفوقـا [ أي قلة وضعفا ]‬
‫ولم ت ه هر الطهر األبيض ‪ ،‬فال »‪ [ .‬مصنف عبد الرزاق ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬صفحة ‪ ، 318‬تحقيق ‪ :‬المحدث حبيب الرحمن األعظمي ]‪.‬‬

‫وقال أيضا ‪ « :‬سئل ابن عمر عن امرأة تطاول بها دم الحيضة ‪ ،‬فأرادت أن تشرب دوا ًء يقطع الدم عنها ؟‬
‫فلم هي هر بأسا ‪ ،‬ونعت ابنُ عمر ماء األراك‪ [ .‬أي وصفه دوا ًء لها ] قال معمر ‪ :‬وسمعتُ ابن أبي نجيح يُسأل عن‬
‫ذلك فلم يه هر به بأسا »‪ [ .‬المصدر السابق ذاته ]‪.‬‬

‫قال البهوتي ‪ « :‬يجوز شب دواء مباح لقطع الحيض مع أمن الضرر‪ ،‬وقال القاضي ‪ :‬ال يُباح إال بإذن الزوج »‪.‬‬
‫[ كشّاف القناع (‪ ،)256/1‬كتاب الطهارة ‪ ،‬حققه ‪ :‬أبوعبد للا دمحم حسن إسماعيل ‪1417( ،‬هـ‪1996/‬م) ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ومجموع فتاوى ابن باز ( ‪] . )67،61/17‬‬

‫‪ : 1‬شرح النووي على مسلم ( ‪ ، ) 329/8‬كتاب الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬ح‪. 1218 /‬‬
‫مالحظة ‪ :‬تستعمل المرأة اليوم لهذا الغرض » فوطات صحية ‪ -‬نسائية » ‪sanitary napkins , Des serviettes hygiéniques :‬‬
‫‪ [ : 2‬المغني (‪ ، )246/5‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬ومن سعى بين الصفا والمرو ة ‪ ...‬تح ‪ :‬د‪ /‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلـو ‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫• طواف الحائض عند الضرورة ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫الحائض « إن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك ‪ ،‬على الصحيح من قولي العلماء »‪.‬‬

‫جاء في الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ « :‬يجوز للحائض الطواف إذا كانت مضطرة إلى ذلك ‪ ،‬كأن‬
‫تكون مع رفقة ال ينتظرونها ‪ ،‬وال يمكنها البقاء ‪ ،‬لكن تتوقى ما يُخشى منه تنجيس المسجد بأن تستثفر‪.‬‬
‫وهذا اختيار ابن تيمية ‪ ،‬وابن القيم ‪ ،‬وابن عثيمين ‪ ،‬وبه أفتت اللجنة الدائمة »‪ [ .‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ ،‬الفصل‬
‫صفة الطواف وشروطه ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ ،‬المطلب الثالث ‪ :‬الطهارة من الحدث األصغر واألكبر ‪ ،‬الفرع الثاني ‪ :‬طواف الحائض عند‬ ‫الثاني ‪:‬‬
‫الضرورة ] ‪.‬‬

‫‪ -‬فإن لم يتيسر االغتسال في الميقات فال حرج ‪:‬‬


‫« قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أن اإلحرام جائز بغير اغتسال ‪ ،‬وأنه غير واجب »‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 48 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ذكر اإلحرام ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪].‬‬

‫‪ -‬والسنة ‪ :‬اتصال الغسل باإلحرام ‪:‬‬


‫حرم ‪ :‬عند إرادة الدخول في النسك بالميقات‪.‬‬
‫أي إيقاع الغسل قبيل اإلحرام ؛ بحيث يغتسل ال ُم ِ‬
‫قال الحطاب المالكي ‪ « :‬والسنة في اإلحرام ‪ ...‬أن يكون عقب غسل متصل به »‪.‬‬
‫وخرج آياته وأحاديثه الشيخ زكريا عميرات ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫[ مواهب الجليل ‪ ،‬كتاب الحج ( ‪ ، ) 142 / 4‬ضبطه‬

‫وهكذا فإن « المالكية قيدوا سنية الغسل بأن يكون متصال باإلحرام »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ( ‪ ، )171/2‬أجل ‪ -‬إذن ‪ ،‬الفصل السابع في سنن اإلحرام ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪1474‬هـ‪1983/‬م) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ] ‪.‬‬

‫‪ -‬ويرى بعض الفقهاء أن وقت االغتسال لإلحرام موسع ‪:‬‬


‫[ الموسوعة الفقهية ( ‪.] )171/2‬‬ ‫كما « عند الحنفية في األظهر من مذهبهم‪ .‬وهو مذهب الحنابلة والشافعية »‪.‬‬

‫‪ - 2‬التـطيب‬
‫ويتطيب الرجل بأحسن ما عنده في بدنه ‪ ،‬دون مالبس إحرامه ـ وهذا قبل اإلحرام ـ وال يضره بقاء الطيب بعد‬
‫اإلحرام‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ارتداء مالبس اإلحرام‬


‫نتناول في هذا الموضوع النقاط التالية ‪:‬‬
‫صفة ارتداء مالبس اإلحرام ‪ ،‬وجواز االغتسال وارتداء مالبس اإلحرام قبل الميقات ‪ ،‬و جواز غسل المحرم‬
‫‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها بغيرها ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬صفة ارتداء مالبس اإلحرام ‪:‬‬


‫الرجل ‪ :‬يلبس اإلزار ؛ الذي يستر الجزء األسفل من البـدن والرداء ؛ الجـزء األعلـى ‪ ،‬ويُستحـب أن يكونا‬
‫(‪) 2‬‬
‫أبيضين ‪ ،‬نظيفين ‪ « :‬البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم »‪.‬‬
‫أما المرأة ‪ :‬فتُحرم في مالبسها العادية التي ليس فيها زينة وال ُ‬
‫شهرة ‪ ،‬وتستر بدنها إال الوجه والكفين ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جواز االغتسال وارتداء مالبس اإلحرام قبل الميقات ‪:‬‬
‫ويجوز للمحرم » أن يلبس اإلحرام قبل الميقات ؛ ولو في بيته ‪ ،‬كما فعله الرسول ﷺ وأصحابه »‪.‬‬

‫‪ [ : 1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪ ، )127/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬مج ّمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬كتاب اللباس ‪ ،‬باب في البياض (‪ ، )51/4‬رقم (‪ ، )4761‬والترمذي ‪ ،‬أبواب الجنائز عن رسول للا ﷺ ‪ ،‬باب ما يستحب من‬
‫األكفان (‪ ، )317/3‬رقم ( ‪ ، ) 994‬من حديث ابن عباس رضي للا عنهما ‪ ،‬وصححه ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬كما صححه األلباني في صحيح الترمذي ( ‪. ) 572 / 1‬‬

‫‪6‬‬
‫[ األلبانـي ‪ ،‬مناسـك الحـج والعمــرة ‪ ،‬ص‪ ، 13‬وانظـر مجمــوع فتـاوى العثيميـن ( ‪ . ] ) 314 / 21‬أوفي المطـــار ‪ ،‬أو في الطائــرة‪.‬‬
‫» وفي هذا تيسير على من يحجون بالطائرة ‪ ،‬وال يمكنهم لبس اإلحرام عند الميقات ‪ [ .» ...‬المرجع ذاته ]‪ .‬قال‬
‫األلباني‪ » :‬ولكنهم ال يُحرمون إال قبل الميقات بيسير ‪ ،‬حتى ال يفوتهم الميقـات وهم غير محرمين » اهـ‪[ .‬‬
‫المرجع ذاته ] ‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬جواز غسل المحرم ‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها ؟‬
‫قال ابن تيمية ‪ « :‬أما النظافة ‪ :‬فللمحرم أن يغسل رأسه ‪ ،‬وبدنه ‪ ،‬وثيابه ‪ ،‬وأن يبدل ثياب اإلحرام »‪.‬‬
‫[ شرح العمدة ‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ( ‪ ، ) 549 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزير شمس ‪ ،‬دار عالم الفوائد ] ‪.‬‬

‫[ المصدر ذاته ( ‪. ] ) 557 / 4‬‬ ‫وقال أيضا ‪ ( :‬وقال في رواية حنبل (‪ « ... : ) 1‬وال بأس أن يغسل المحرم رأسه وثوبه »‪).‬‬
‫ثم ذكر « عن مجاهـد أن ابن عمر كان ال يرى بأسا أن يغتسل ال ُمحرم ‪ ،‬أو يغسل ثيابه »‪ [ .‬المصدر ذاته ( ‪.] ) 552 / 4‬‬
‫وعليه ‪ « :‬يجوز للمحرم من الرجال والنساء غسل ثيابه التي أحرم فيها من وسخ أو نحوه ‪ ،‬ويجوز له إبدالها‬
‫بغيرها »‪ [ .‬الجامع الممتاز في فقه وفتاوى الحج والعمرة للعالمة ابن باز ‪ ،‬إشراف د ‪ /‬أحمد مصطفى متولي ‪ ،‬ص‪. ] 172‬‬

‫‪ - 4‬الصالة بوادي العقيق‬


‫« من كان إحرامه من ذي ال ُحليفة ‪ -‬ميقات أهل المدينة ‪ -‬استُحب له أن يصلي ‪ -‬غير الحائض والنفساء ‪ -‬فيه قبل‬
‫اإلحـرام فريضـة ‪ ،‬أو نافلة ‪ ،‬ثم يحرم بعد ذلك ‪ ،‬ال لخصوص اإلحرام ‪ ،‬وإنما لخصوص المكان وبركته »‪ ) 2(.‬اهـ ‪.‬‬
‫لحديـث عمـر رضي هللا عنـه ‪ ،‬قـال ‪ :‬سمعـتُ رســول للا صلى للا عليه وسلـم بـوادي العقيــق يقـول ‪:‬‬
‫« أتاني الليلة آ ٍ‬
‫ت من ربي فقال ‪ :‬ص ّل في هذا الوادي المبارك ‪ ،‬وقل ‪ :‬عمرة في حجة »‪.‬‬
‫[ فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪ ، )458/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب قول النبي ﷺ ‪ « :‬العقيق واد مبارك »‪ .‬حديث رقم ‪.] 1461‬‬

‫ثانيا ‪ -‬اإلحرام ومتعلقاته‬


‫بعد االغتسال ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ..‬نعالج فيما يلي الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫اإلحرام عند الميقات ومعنى اإلحرام ‪ ،‬والمواقيت ‪ ،‬واإلهالل بنسك العمرة ‪ ،‬واإلحصـار واالشتراط ‪ ،‬والتلبية ‪،‬‬
‫والدخول في نسك العمرة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اإلحرام عند الميقات ‪ ،‬ومعنى اإلحرام ‪.‬‬


‫ُحرم المعتمر من الميقات ‪ -‬وجوبا ‪ -‬وال يتجاوزه دون إحرام ‪.‬‬
‫ي ِ‬
‫‪ -‬فما معنى اإلحرام ؟‬
‫اإلحرام ‪ :‬هو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة ‪ ،‬مقرونة بعمل من أعمال النسك ؛ كالتلبية ‪ ،‬أوالتجرد ؛‬
‫ُحرم على نفسه ما كان حالال قبل اإلحرام ؛ ( كحلق الرأس ‪ ،‬وتغطيته ‪ ،‬وتغطية المرأة وجهها ويديها ‪،‬‬
‫فالمسلم ي ِ‬
‫ومالمـسة النساء ‪ ...‬وسائر المحظورات ) ‪.‬‬

‫واإلحرام بالحج أو العمرة له ميقاتان ‪ ،‬كما يتضح فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 2‬المواقيت ‪:‬‬
‫نتطرق في هذا الموضوع إلى ما يلي ‪ :‬قسما المواقيت ‪ ،‬أ حكامها ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬قسما المواقيت ‪ ( -‬زمانية ‪ ،‬ومكانية )‬
‫مالحظــة ‪ :‬فيما يخص تفاصيل المواقيت الزمانية ‪ ،‬والمكانية ( انظر ص ‪ ، 25‬وما بعدها من هذا الكتاب ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أحكام المواقيت ‪:‬‬

‫‪ : 1‬أي اإلمام أحمد ‪ ،‬كما في التعليقة ( ‪.) 444 / 1‬‬


‫‪ : 2‬انظر « مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬للشيخ األلباني ‪ ،‬ص ‪ ، » 16‬الطبعة األولى للطبعة الجديدة ‪1427 ( ،‬هـ ‪1999 /‬م ) ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫نتناول هنا الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫حكم من تجاوز الميقات دون إحرام ‪ ،‬حكم اإلحرام قبل الميقات ‪ ،‬وميقات أهل المدينة والواردين إليها ‪ ،‬وموضع‬
‫اإلحرام بالحج والعمرة ألهل مكة ‪ ،‬وميقات اآلفاقيين المتوجهين إلى مكة ‪ ،‬وميقات من هو دون المواقيت ‪،‬‬
‫وموضع اإلحرام لمن َمر بميقاتين ‪ ،‬حكم تأخير راكب الجو إحرامه حتى ينزل بجدة ‪.‬‬

‫• حكم من تجاوز الميقات دون إحرام‬

‫من تجاوزه فعليه دم جبران ‪ :‬إما أن يرجع إلى الميقات مرة أخرى ‪ ،‬ليهل باإلحرام من هناك ‪ ،‬وال شيء عليه ‪،‬‬
‫وإن تعذر عليه الرجوع إلى الميقات ‪ ،‬فعليه أن يواصل بعد ذلك النسك ‪ ،‬لكن يُجبر هذا النقص بشاة يذبحها ‪،‬‬
‫ويوزعها على فقراء الحرم ‪.‬‬
‫[ المغني البن قدامة »كتاب الحج » ‪ » ،‬مسألة جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم » (‪ ، )116/3‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬سنة ‪1475‬هـ‪1985/‬م ‪ .‬وانظر ‪:‬‬
‫مجموع فتاوى ‪ ...‬الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 287 ، 286 / 21‬الحج ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬سؤال رقم ‪ ، 341 :‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى و مقاالت الشيخ ابن باز (‪.]) 17 / 17‬‬

‫• حكم اإلحرام قبل الميقات ‪:‬‬


‫عامة العلماء على أن من قدّم اإلحرام على الميقات ‪ ،‬فإحرامه صحيح ‪ ،‬بل نقل اإلجماع على ذلك ‪ :‬ابن‬
‫المنذر‪ ،‬فقال ‪ « :‬أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات فهو ُمحرم »‪.‬‬
‫[ اإلجماع البن المنذر ‪ ،‬ص ‪ . 51‬وممن وافق ابن المنذر في هذا اإلجماع أيضا ‪ :‬النووي ‪ :‬المجموع ( ‪ ، ) 275/7‬كتاب الحج ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم‬
‫نجيب المطيعي ‪ ،‬مكتبة اإلرشاد السعودية ] ‪.‬‬

‫والخطابي ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬وقد أجمعوا أنه لو أحرم دونها حتى يوافي الميقات ُمحرما أجزأه »‪.‬‬
‫[ معالم السنن (‪ ، ) 147 / 2‬المناسك ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1352‬هـ ‪1933 /‬م ) ‪ ،‬طبعه وصححه ‪ :‬دمحم راغب الطباخ في مطبعته العلمية بحلب ]‪.‬‬

‫والكاساني ‪ :‬قائال ‪ « :‬وتقديم اإلحرام على الميقات جائز باإلجماع »‪.‬‬


‫[ بدائع الصنائع (‪ ، )161/3‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق الشيخين ‪ :‬دمحم عوض ‪ ،‬وعادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وابن قدامة ‪ « :‬الخالف في أن من أحرم قبل الميقات يصير ُمحرما تثبت في حقه أحكام اإلحرام »‪.‬‬
‫يأتي الميقــات أنّه ُمحــرم »‪.‬‬
‫ه‬ ‫والقرطبي ‪ « :‬أجمع أهل العلم على أن من أحـرم قبل أن‬
‫[ الجامع ألحكام القرآن ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ /‬عبد للا بن عبد المحسن التركي (‪ ، ) 267/ 3‬الطبعة األولى (‪1427‬هـ ‪2776 /‬م ) ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كان العلماء متفقين على جواز اإلحرام قبل الميقات وانعقاده ‪ ،‬فقد اختلفوا حول طبيعة هذا الحكم ‪ :‬هل‬
‫هو مستحب ‪ ،‬أو مباح ‪ ،‬أو مكروه؟ قال ابن رشد ‪ « :‬واختلفوا ‪ :‬هل األفضل إحرام الحاج منهن ‪ -‬أي المواقيت ‪-‬‬
‫أو من منزله » ؟ (‪ ) 2‬وقد فصل ابن رشد ‪ -‬في ذات المصدر ‪ -‬هذه المسألة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫‪ )1‬قال قوم ‪ :‬األفضل له من منزله ‪ : ...‬وبه قال الشافعي ‪ ،‬وأبو حنيفـة ‪ ،‬والثـوري ‪ ،‬وجماعـة‪ .‬اهـ‬
‫[ المغني (‪]. )43/3‬‬ ‫« قال أبوحنيفة ‪ :‬األفضل اإلحرام من بلده »‪ .‬اهـ‬

‫وبعضهم قيّده ‪ :‬بأمنه على نفسه من الوقوع في محظورات اإلحرام‪.‬‬


‫( قال الشافعي ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬وأصحابهما ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬والحسن بن يحي ‪ « :‬المواقيت رخصة وتوسعة ‪،‬‬
‫يتمتع المرء بحلّه حتى يبلغها وال يتجاوزها‪ .‬واإلحرام قبلها فيه فضـل لمن فعلـه وقـوي عليه ‪ ،‬ومن أحرم‬

‫‪ [ : 1‬المغني (‪ ، )43/3‬كتاب الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬
‫مالحظـة ‪ :‬خالـف أه ُل الظاهـر هذا اإلجمـاع ‪ ( -‬داود ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬وغيرهمـا ) ‪ -‬حيث « اليجــوز اإلحــرام ‪ -‬عندهـم ‪ -‬إال من الميقـات »‪ ، .‬قال ابن حـزم ‪:‬‬
‫يمر عليها ‪ ،‬فال إحرام له ‪ ،‬والحج له ‪ ،‬والعمرة ‪ « [ .» ...‬المحلى ( ‪ ، ) 52 / 5‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬وللحج ‪ ،‬والعمرة‬ ‫« فإن أحرم قبل شيء من هذه المواقيت وهو ّ‬
‫مواضع ت ُسمى ‪ :‬المواقيت » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ /‬عبد الغفار سليمان البنداري ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬
‫وقد رد النووي هذا القول ‪ « :‬بإجماع همن قبله »‪ [ .‬المجموع ( ‪.] ) 275/7‬‬
‫‪ [ : 2‬بداية المجتهد ( ‪ ، ) 261 / 1‬كتاب الحج ‪ ،‬القول في شروط اإلحرام ‪ ،‬تنقيح وتصحيح خالد العطار ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫(‬ ‫من منزله ‪ ،‬فهو حسن ال بأس به »‪ [ ) .‬التمهيد البن عبد البر (‪ ، )73/ 8‬كتاب الحج ‪ ،‬باب مواقيت اإلهالل ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أسامة بن إبرهيم ‪،‬‬
‫‪ 1429‬هـ ‪ 2778 /‬م ) الفاروق الحديثية للطباعة والنشر بالقاهرة ]‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫واحتـــــــج هـــــــــــؤالء ‪:‬‬
‫ي عن علي بن أبي طالب ‪ ،‬وابن مسعـود ‪ ،‬وجماعة من السلـف ‪ ،‬أنهـم قالوا في قولـه تعالى ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬بما ( ُرو ه‬
‫هما أن ت ُحرم بهما من د هُوي هرة أهلك » )‪ [ .‬التمهيد ( ‪.] ) 73 / 8‬‬
‫« وأتموا الحج والعمرة هلل »‪ [ .‬البقرة ‪ « : ] 196‬إتمام ُ‬
‫ي ذلك عن عمر بن الخطاب ‪ ،‬وسعد بن أبي هوقّاص ‪ ،‬وفه هعلهه عمران بن ُحصين »‪.‬‬ ‫ورو ه‬
‫« ُ‬
‫[ تفسير القرطبي (‪ ، ) 263 / 3‬وانظر المجموع للنووي ( ‪.] ) 274 / 7‬‬

‫ب ‪ -‬وبما ُروي ( عن أم سلمة زوج النبي ﷺ سمعت الرسول ﷺ يقول ‪ « :‬من أه ّل بحجة أوعمرة من المسجد‬
‫األقصى إلى المسجد الحرام ُ‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ‪ ،‬أو وجبت له الجنة »‪) .‬‬
‫[ التمهيد البن عبد البر ( ‪ ، ) 75 / 8‬والمجموع للنووي ( ‪.] ) 274 / 7‬‬

‫أحر هم من بيت المقدس‬


‫خرجه أبوداود‪ ،‬وقال ‪ « :‬يرحم للا هوكيعًا‪ ،‬ه‬ ‫ذكر القرطبي هذا الحديث‪ ،‬وتعقبه بقوله ‪ّ ( :‬‬
‫»‪ ،‬يعني إلى مكة‪ .‬ففي هذا إجازة اإلحرام قبل الميقات )‪.‬اهـ [ تفسير القرطبي ( ‪.] ) 264 / 3‬‬

‫الحديث فيه ‪ :‬جواز وترغيب في اإلحرام من هذه األماكن البعيدة ‪ ،‬وبالتالي جواز اإلحرام قبل الميقات‪.‬‬
‫وهذا ما قال به وفعله غير واحد من الصحابة ‪ « :‬ابن مسعود وجماعة من السلف ‪ ،‬وثبت أن ابن عمر أهه ّل‬
‫من إيلياء ‪ ،‬وكان األسود وعلقمة وعبد الرحمان وأبوإسحاق يُحرمون من بيوتهم »‪.‬‬
‫[ الجامع ألحكام القرآن ( ‪ ، ) 264 / 3‬وينظر ‪ :‬التمهيد ( ‪. ] ) 73 / 8‬‬

‫) [ المجموع ( ‪. ] ) 278 / 7‬‬ ‫( قال ابن المنذر ‪ « :‬وثبت أن ابن عمر أ هه ّل من إيليا ؛ وهو بيت المقدس »‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬جاء في « التمهيد » ‪ « :‬ومن حجتهم أيضا ‪ :‬أن علي بن أبي طالب ‪ ،‬وعبد للا بن مسعود ‪ ،‬وعمران‬
‫بن حصين ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬أحرموا من المواضع البعيدة ‪ ،‬وهم فقهاء الصحابة ‪ ،‬وقد شهدوا إحرام‬
‫رسول للا ﷺ في حجته من ميقاته ‪ ،‬وعرفوا مغزاه و ُمراده ‪ ،‬وعلموا أن إحرامه من ميقاته كان تيسيرا على أمته‬
‫ﷺ »‪ [ .‬ابن عبد البر ( ‪ ، ) 74 / 8‬وتفسير القرطبي ( ‪.] ) 265 / 3‬‬

‫ثم ذكر ابن رشد رأي الطائفة األخرى [ المصدر ذاته ] ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫‪ )2‬وقال مالك ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وأحمد ‪ :‬إحرا ُمه من المواقيت أفضل ‪ .‬اهـ‬
‫واإلحرام قبلها يصح مع الكراهة ‪ ،‬إذ « كره مالك رحمه للا أن يُحرم أحد قبل الميقات »‪.‬‬
‫[ ابن عبد البر ( ‪ ، ) 73 / 8‬وتفسير القرطبي ( ‪.] ) 264 / 3‬‬

‫وهو قول الشافعي في أصح القولين [ المجموع للنووي (‪ ، ] ) 276/7‬واختيار ابن قدامة ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬ولكن األفضل‬
‫اإلحرام من الميقات ‪ ،‬ويُكره قبله »‪.‬‬
‫[ المغني (‪ ، )43/3‬كتاب الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪] .‬‬

‫والنووي ‪ « :‬األصح أن يُحرم من الميقات‪ ،‬وبه قال عطاء والحسن البصري ومالك وأحمد وإسحاق‪ ،‬وروي‬
‫عن عمر بن الخطاب حكاه ابن المنذر عنهم كلهم »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪.] ) 278 / 7‬‬

‫وعمدة الطائفة األخرى ‪:‬‬


‫‪ -‬أحاديث المواقيت ‪ ،‬منها حديث ابن عباس (‪ ( ، ) 1‬قوله ﷺ ‪ « :‬يُه ّل أهل المدينة من ذي الحليفة » ‪ ،‬وقول‬
‫الصحابة ‪ « :‬وقت رسول هللا ألهل المدينة ‪ :‬ذا الحليفة »‪ ) 2(.‬أمر باإلهالل من هذه المواقيت ‪ ،‬وهذا التوقيت‬
‫يقتضي نفي الزيادة والنقص ‪ ،‬فإن لم تكن الزيادة محرمة ‪ ،‬فال أقل من أن يكون تركها أفضل )‪.‬‬
‫سندي ]‪.‬‬
‫خرج أحاديثه ‪ :‬نبيل بن نصّار ال ّ‬
‫[ شرح العمدة البن تيمية (‪ ، )277/4‬كتاب االحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزيز شمس ‪ّ ،‬‬

‫‪ : 1‬كما في [ صحيح مسلم ‪ ،‬شرح النووي ( ‪ ، ) 259 / 8‬حديث ‪ ، 1181‬كتاب الحج ‪ ،‬باب مواقيت الحج والعمرة ‪ ] .‬و [ فتح الباري بشرح صحيح البخاري‬
‫( ‪ ، ) 453/ 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب مهل أهل الشام ‪ ،‬ح ‪ ، 1526/‬مراجعة قصي محب الدين الخطيب ‪ ،‬دار الريان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬سنة ( ‪1477‬هـ ‪ 1986 /‬م ) ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬أخرجه البخاري ‪ ) 1454 ( 555/2‬كتاب الحج باب مهل أهل الشام ‪ ،‬ومسلم ‪ ، ) 1182 ( 839 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب مواقيت الحج والعمرة ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وعليه يتعين وجوب اإلهالل من هذه المواقيت ‪ ،‬ال قبلها وال بعدها ‪ ،‬كما أكد ابن تيمية ‪.‬‬

‫وقد أنكر كبار الصحابة ‪ :‬عمر وعثمان رضي للا عنهما على من أحرم قبل الميقات ‪:‬‬
‫« روى الحسن أن عمران بن ُحصين أحرم من البصرة ‪ ،‬فبلغ ذلك عمررضي للا عنه فغضب وقال ‪ :‬يتسامع‬
‫الناس أن رجال من أصحاب رسول للا ﷺ أحرم من مصره » ‪ [ .‬شرح العمدة ( ‪. ] ) 234 / 4‬‬

‫« وعن عثمان بن عفان أنه أنكر على عبد للا بن عامر إحرامه قبل الميقات ‪ ،‬وكـره الحسـن البصري ‪،‬‬
‫وعطاء بن أبي رباح اإلحرام من الموضع البعيد »‪ [ .‬التمهيد البن عبد البر ( ‪. ] ) 73/ 8‬‬

‫وتبعهم في ذلك اإلمام مالك ‪ ،‬حيث ( حكى ابن العربي عن الزبير بن بكار ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعتُ مالك بن أنس ‪،‬‬
‫وأتاه رجل ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبا عبد للا من أين أُحرم ؟ قال ‪ :‬من ذي ال ُحليفة ‪ ،‬من حيث أحرم رسول للا ﷺ ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫إني أُريد أن أحرم من المسجد‪ .‬قال ‪ :‬ال تفعل ‪ ...‬فإني أخشى عليك الفتنة ‪ .‬فقال ‪ :‬وأي فتنة هذه ‪ ،‬إنما هي‬
‫صر عنها رسول للا ﷺ ؟! إني‬ ‫أميال أزيدها ؟! قال ‪ :‬وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة ق ّ‬
‫سمعتُ للا يقول ‪ « :‬فلّيحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم » [ النور ‪.) ] 67 :‬‬
‫[ اإلعتصام لإلمام الشاطبي ( ‪ ، ) 98 ، 97 / 1‬الباب الثاني في ذم البدع وسوء منقلب أهلها ‪ ،‬ضبطه األستاذ أحمد عبد الشافي ‪ ،‬دار شريفة ]‪.‬‬

‫تفسير اآلية هي شأنُ أهل‬


‫ُ‬ ‫وتعقّب الشاطبي هذا الكالم بقوله ‪ ( :‬وهذه الفتنة التي ذكرها مالك رحمه للا‬
‫البدع وقاعدتهم التي يؤسسون عليها بنيانهم ‪ ،‬فإنهم يرون أن ما ذكره للا في كتابه ‪ ،‬وما سنه نبيه ﷺ دون‬
‫ما اهتدوا إليه بعقولهم‪.‬‬

‫وفي مثل ذلك قال ابن مسعود رضي للا عنه‪ -‬فيما روي عن ابن وضاح ‪ «:-‬لقد ُهديتم ل هما لم يهتد له نبيُّكم!‬
‫مر بقوم كان رجل يجمعهم يقول ‪ :‬رحم للا من قال ‪ :‬كذا وكذا مرة « سبحان‬ ‫وإنكم لتمسكون بذهنهب ضاللة » ‪ ،‬إذ ّ‬
‫للا » ‪ ،‬فيقول القوم‪ .‬ويقول ‪ :‬رحم للا من قال ‪ :‬كذا وكذا مرة « الحمد للا » ‪ ،‬فيقول القوم )‪ [ .‬اإلعتصام للشاطبي ( ‪1‬‬

‫‪.] ) 98 ، 97 /‬‬

‫( ومن أقوى الحجج لما ذهب إليه مالك في هذه المسألة ‪ « :‬أن رسول للا ﷺ لم يُحرم من بيته بحجته ‪،‬‬
‫وأحرم من ميقاته الذي وقّته ألمته ﷺ ‪ ،‬وما فعله فهو األفضل ‪ ...‬وكذلك صنع جمهور الصحابة والتابعين‬
‫بعدهم ؛ كانوا يُحرمون من مواقيتهم »‪ [ ) .‬التمهيد البن عبد البر ( ‪.] ) 74 / 8‬‬

‫ي رسول للا ﷺ ‪ -‬أحسن الهدي ‪ -‬وقد « ترك ﷺ اإلحرام من مسجده الذي صالة فيه أفضل من‬ ‫أي أنه ههد ُ‬
‫ألف صالة فيما سواه إال المسجد الحرام‪ ،‬وأحرم من الميقات‪،‬فال يبقى بعد هذا شك في أن اإلحرام من الميقات‬
‫أفضل »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪.] ) 277/7‬‬

‫‪ -‬أ ّما ما ورد ( عن علي بن أبي طالب ‪ ،‬وابن مسعـود ‪ ،‬وجماعـة من السلـف ‪ ،‬أنهم قالـوا في قوله تعالى ‪:‬‬
‫ي ذلك عن‬ ‫« وأتموا الحج والعمرة هلل »‪ [ .‬البقرة ‪ « : ] 196‬إتمام ُهما أن ت ُحرم بهما من د هُوي هرة أهلك » ) ‪ُ « .‬‬
‫ورو ه‬
‫عمر بن الخطاب ‪ ،‬وسعد بن أبي هوقّاص »‪ [ .‬تقدم تخريج الروايتين ]‪.‬‬
‫فــرد الحــج في سفــر ‪ ،‬والعمـرة في سفــر آخــر‪.‬‬ ‫فمعنــاه ‪ :‬أن تُنشــئ لهما سفــرا من بلـدك ‪ :‬أي ت ُ ِ‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪ « :‬والذي يدل على هذا التفسير ما روى عبد الرحمان بن أُذينة عن أبيه قال ‪ :‬أتيتُ عمر‬
‫بن الخطاب رضي للا عنه ‪ ،‬فسألته عن تمام العمرة ‪ ،‬فقال ‪ :‬ائت عليا فه ه‬
‫سله ‪ ،‬فعُدتُ فسألتُه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ائت عليا‬
‫فاسأله ‪ ،‬فأتيتُ عليا فقلتُ ‪ :‬إني قد ركبتُ الخيل واإلبل والسفن ‪ ،‬فأخبرني عن تمام العمرة ‪ ،‬فقال ‪ :‬تمامها أن‬
‫تُنشئها من بالدك ‪ ،‬فعُدتُ إلى عمر ‪ ،‬فسألته ‪ ،‬فقال ‪ :‬ألم أقل لك ‪ :‬ائت عليا فاسأله ‪ ،‬فقلت ‪ :‬قد سألته فقال ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫تمامها أن تُنشئها من بالدك ‪ ،‬قال ‪ :‬هو كما قال »‪.‬‬

‫ثم قال معقبا ‪ « :‬فقد توافق عمر وعلي رضي للا عنهما على أن إتمامها ‪ :‬أن يُنشئها من بلده ؛ فيُسافر لها‬
‫سفرا مفردا كسفر الحج ‪ ...‬أما أن يُراد به الدخول في اإلحرام من المصر فكال ؛ ألن عمر رضي للا عنه قد‬

‫‪ ( [ : 1‬رواه سعيد وذكره أحمد ) ‪ ،‬انظر ‪ :‬شرح العمدة البن تيمية ( ‪. ] ) 232 ، 231 /4‬‬

‫‪11‬‬
‫زجر عن ذلك ‪ ،‬وعلي لم يفعله قط هو وال أحد من الخلفاء الراشدين ‪ ،‬بل لم يفعله رسول للا ﷺ ‪ .‬فكيف يكون‬
‫التمام الذي أمر للا به لم يفعله رسول للا ﷺ ‪ ،‬وال أحد من خلفائه ‪ ،‬وال جماهير أصحابه؟ »‪ [ .‬شرح العمدة ( ‪) 232 /4‬‬
‫]‪.‬‬

‫وفيما يخص حديث أم سلمة المتعلق باإلحرام من بيت المقدس ‪ ،‬فللعلماء فيه كالم ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬هناك من ضعّف إسناده ‪:‬‬
‫قال ابن قدامة ‪ « :‬فأما حديث اإلحرام من بيت المقدس ‪ ،‬ففيه ضعف ‪ ،‬يرويه ابن أبي فُ هديك ‪ ،‬ودمحم بن‬
‫إسحاق ‪ ،‬وفيهما مقال »‪ [ .‬المغني (‪ ، )43/3‬الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪].‬‬

‫[ المجموع (‪.] )277 /7‬‬ ‫وقال النـــووي ‪ « :‬إسناده ليس بقوي »‪.‬‬
‫[ شرح العمدة ( ‪. ] ) 234 /4‬‬ ‫وقال ابن تيمية ‪ « :‬ثم منهم من ضعّف الحديث »‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وقال ابن القيـم ‪ « :‬حديث أم سلمة ‪ ،‬قال غير واحد من الحفاظ ‪ :‬إسناده ليس بالقوي »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬هناك من جعل الحديث مخصوصا ببيت المقدس ‪:‬‬


‫قال ابن قدامة ‪ « :‬ويُحتمل اختصاص هذا ببيت المقدس دون غيره ‪ ،‬ليجمع بين الصالة في المسجدين في‬
‫إحرام واحد ‪ ،‬ولذلك أحرم ابن عمر منه »‪ [ .‬المغني (‪ ، )43/3‬الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪].‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬هذه الفضيلة جاءت في المسجد األقصى ‪ ،‬ألن له مزايا عديدة معروفة ‪ ،‬وال يوجد ذلك في‬
‫غيره ‪ ،‬فال يُلحق به »‪.‬‬

‫ص بها بيت المقدس ذكرها ابن تيمية ‪ ،‬فقال ‪ « :‬اإلحرام من بيت المقدس أفضل‬ ‫بعض هذه المزايا التي ُخ ّ‬
‫خصوصا ‪ ،‬ألنه يع ُم ُر ما بين المسجد الحرام والمسجد األقصى بالعبادة ‪ ،‬وهما أولى مساجد األرض ‪ ،‬وبينهما‬
‫كان مسرى رسول للا ﷺ ‪ ،‬وهما القبلتان »‪ [ .‬شرح العمدة (‪. ] ) 234،233/4‬‬

‫جـ ‪ -‬ثم أن اإلحرام منه مخالف لهدي المصطفى ﷺ في أداء مناسكه ‪:‬‬
‫قال النووي ‪ «( :‬الجواب الثالث » أن هذا مخالف لفعله ﷺ المتكرر في حجته وعمرته‪ ،‬فكان فعله المتكرر‬
‫أفضل)‪ [ .‬المجموع ( ‪.] ) 277 / 7‬‬

‫سع للا عليه ‪:‬‬


‫د ‪ -‬من أحرم من بلده ضيّق على نفسه ما قد و ّ‬
‫« فإن في زيادة اإلحرام على ما وجب تعريضا ألخطار اإلحرام ؛ من مواقعة المحظورات وماللة النفوس »‪.‬‬
‫[ شرح العمدة (‪ . ] ) 228/4‬فإذا أحرم من الميقات أمن من ذلك‪.‬‬

‫الرأي المختار ‪ :‬ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني ‪ :‬أفضلية اإلحرام من الميقات ‪.‬‬
‫قال في شرح المهذب ( ‪ « : ) 276 / 7‬واألصح على الجملة أن اإلحرام من الميقات أفضل ‪ ،‬لألحاديث الصحيحة‬
‫المشهورة أن رسول للا ﷺ أحرم من الميقات »‪ .‬انتهـى ‪.‬‬

‫ومن جملة الخصال المترتبة على ذلك ما يلي ‪:‬‬


‫‪ -‬فيه امتثال لسنة المصطفى ﷺ ‪ ،‬حيث ( من أقوى الحجج لما ذهب إليه مالك في هذه المسألة ‪ « :‬أن‬
‫رسول للا ﷺ لم يُحرم من بيته بحجته ‪ ،‬وأحرم من ميقاته الذي وقّته ألمته ﷺ ‪ ،‬وما فعله فهو األفضل ‪...‬‬
‫وكذلك صنع جمهور الصحابة والتابعين بعدهم ؛ كانوا يُحرمون من مواقيتهم »‪ [ ) .‬التمهيد البن عبد البر ( ‪.] ) 74/8‬‬

‫‪ [ : 1‬عون المعبود شرح سنن أبي داود للعظيم آبادي ‪ ،‬ومعه شرح اإلمام ابن القيم الجوزية ( ‪ ، ) 148 / 5‬كتاب المناسك ‪ ،‬ضبطها وصححها ‪ :‬عبد للا محمود‬
‫دمحم عمر ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫التمهيد (‪8‬‬ ‫[‬ ‫‪ -‬وهو األيسر ‪ ،‬إذ « المواقيت رخصة وتوسعة ‪ ،‬يتمتع المرء بحلّه حتى يبلغها وال يتجاوزها »‪.‬‬
‫‪.])73/‬‬
‫والمعنى أن ( الترفُّه بالح ّل قبل الميقات رخصة ‪ ،‬كاألكل بالليل في زمان الصوم ‪ « ،‬وللا تعالى يُح ّ‬
‫ب أن‬
‫(‪) 1‬‬
‫يكره أن تؤتى معصيتُه »‪) .‬‬
‫برخصه كما ه‬ ‫يُؤخذ ُ‬
‫وصفــوة القـول ‪ :‬أن اإلحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد ‪:‬‬
‫‪ -‬جـــــــــــائز ‪ :‬حكاه ابن المنذر إجماعا ( كما تقدم )‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن « يُكره قبله ‪ُ :‬روي نحو ذلك عن عمر‪ ،‬وعثمان ‪ -‬رضي للا عنهما ‪ -‬وبه قال الحسن ‪ ،‬وعطاء ‪،‬‬
‫ومالك ‪ ،‬وإسحاق »‪ [ .‬المغني (‪ ، )43/3‬كتاب الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫سع للا عليه ‪ ،‬وأن يتعرض لما ال يؤمن أن يحدث‬ ‫ولعل تعليل ذلك « لئال يُضيّق المر ُء على نفسه ما قد و ّ‬
‫في إحرامه ‪ ،‬وكلهم ألزمه اإلحرام إذا فعل ألنه ؛ زاد ولم يُنقص »‪ [ .‬التمهيد البن عبد البر ( ‪. ] ) 73/ 8‬‬

‫جاء في الموسوعة الفقهية ( يجوز التقدم باإلحرام قبل المواقيت المكانية ‪ ،‬لكن مع الكراهـة ‪ ،‬وهو مذهب‬
‫المالكية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬واختاره ابن باز ( مجموع فتاوى ابن باز ‪ ، ) 48/17‬وابن عثيمين مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪)387/ 21‬‬

‫)‪.‬‬
‫[ كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثالث ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬المواقيت المكانية ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب السابع ‪ :‬حكم التقدم باإلحرام قبل المواقيت ]‪.‬‬

‫• ميقات أهل المدينة ‪ ،‬والقادمين إليها ‪:‬‬


‫من كان من أهل المدينة‪ ،‬أو مارا بها‪ ،‬ولبس مالبس اإلحرام بالفندق أو غيره‪ ،‬ووصل إلى الميقات‪ ،‬وجب عليه‬
‫أن يُحرم‪ ،‬وذلك من ميقات أهل المدينة ؛ ( ذي ال ُحليفة)‪ ،‬أو « أبيار علي »‪ ،‬وهو أبعد المواقيت عن مكة‪ ،‬حوالي‬
‫‪ 437‬كم‬

‫• موضع اإلحرام بالحج والعمرة ألهل مكة ‪:‬‬


‫الحل للعمرة ‪ ،‬ومن مكة للحج ‪:‬‬
‫أهل مكة يحرمون من ِ‬
‫اإلحرام بالعمرة ‪ :‬من أراد أن يحرم بالعمرة ‪ ،‬وهو في مكة ‪ ،‬أو داخل حدود الحرم ؛ من المكيين ‪ ،‬أو‬
‫الحل ؛ ( التنعيم(‪ ، ) 2‬أو الجعرانة‪ ،‬أو غيرهما‪ ،‬كعرفة‪ ،‬أو جدة )‪،‬‬
‫القادمين إليها ‪ :‬فالبد أن يخرج من الحرم إلى ِ‬
‫حرم منها‪.‬‬
‫لي ُ ِ‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬أمر النبي ﷺ السيدة عائشة أن تأتي بالعمرة من التنعيم برفقة أخيها عبد الرحمن ـ رضي هللا‬
‫عنهما ـ الذي أخبر ‪ » :‬أن النبي ﷺ أمره أن يردف عائشة ‪ ،‬ويعمرها من التنعيم »‪.‬‬
‫‪ ،‬كتاب العمرة ‪ ،‬باب عمرة التنعيم ‪ ( ،‬حديث رقم ‪] . ) 16 92‬‬ ‫( ‪) 779 /3‬‬ ‫[ صحيح البخاري‬

‫• ميقات اآلفاقيين المتوجهين إلى مكة‬


‫الميقات بالنسبة إلى من مروا بالمدينة ‪ ،‬قاصدين مكة ‪ :‬هو « ذو ال ُحليفة » ‪ ،‬أو أبيار علي ‪ ،‬باعتباره ميقات‬
‫أهل المدينة ‪ ،‬ومن مر بها ‪ ،‬من غير أهلها‪.‬‬

‫أما إن توجهـوا مباشـرة إلى مكـة ‪ ،‬والطائـرة ال تهبـط إال في « جـدة » ‪ :‬فهو « الجحفـة » ‪ ،‬أو ما يسمى‬
‫بـ « رابغ » ‪ :‬باعتباره أحد المواقيت الخمسة ‪ ،‬التي ال يجـوز تجاوزها لقاصـد الحـج أو العمـرة إال محـرما‪.‬‬
‫حيث « يُحرم من رابغ من لم يمر بالمدينة المنورة من أهل لبنان وسوريا واألردن وفلسطين ومصر‬
‫والسودان‪ ،‬وحكومات المغرب األربع ‪ ،‬وبلدان أفريقيا ‪ ،‬وبعض المنطقة الشمالية في المملكة العربية‬

‫ب أن ت ُـؤتى ُرخ ُ‬
‫صـه كما‬ ‫‪ [ : 1‬شرح العمدة ( ‪ .] ) 228 /4‬وما بين عالمتي تنصيص ‪ :‬إشارة إلى حديث عبد للا بن عمر رضي للا عنهما أنه ﷺ قال ‪ « :‬إن للا يُحـ ّ‬
‫يكره أن تؤتى معصيت ُه »‪ [ .‬رواه أحمد في المسند ‪ ،‬باب مسند عبد للا ابن عمر رضي للا عنه ‪ ،‬حديث ‪ ، 5716‬وابن خزيمة في صحيحه ‪ ،‬باب جماع أبواب‬ ‫ه‬
‫الفريضة في السفر ‪ ،‬ح‪ ، 975 /‬وابن أبي شيبة في مصنفه ‪ ،‬باب في األخذ بالرخص ‪ ،‬حديث ‪ ، 25957‬وصححه األلباني في إرواء الغليل وغيره ‪ ،‬برقم ‪.] 564‬‬
‫‪ : 2‬وهو أدنى الحل إلى مكة ‪ ،‬وهو المسمى اليوم مسجد عائشة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬كتاب حدود المشاعر المقدسة للشيخ عبد للا‬ ‫ص‪645‬‬ ‫[ كتاب مجلة مجمع الفقه اإلسالمي‬ ‫السعودية »‪.‬‬
‫فإن مروا بالمدينة فميقاتهم ‪ :‬ذو الحليفة‪.‬‬ ‫بن عبد الرحمن البسام ‪ ،‬باب المواقيت ‪ -‬المكتبة الشاملة ]‪.‬‬

‫ال ُجحفهة ‪ُ « :‬‬


‫س ّميت بذلـك ألن السـيل أجحـف بأهلهـا إلى الجبـل الذي هناك ‪ ...‬وهي قرية قديمة ‪ ،‬وهي اليوم‬
‫خراب ‪ ...‬وقد صار الناس ألجل خرابها يُحرمون ‪ -‬قبلها ‪ -‬من رابغ »‪ « ) 1( .‬الذي على يسار الذاهب إلى مكة‬
‫‪ ،‬وقبل الجحفة بنصف مرحلة » (‪ ) 2‬؛ أي ما يقارب ( ‪ ) 27‬كم ‪.‬‬

‫رابغ اليوم ‪ « :‬مدينة كبيرة فيها الدوائر ‪ ،‬والمرافق والمدارس الحكومية ‪ ،‬وتبعد عن مكة المكرمة ‪ ،‬عن‬
‫طريق وادي الجموم ‪ 186‬كم »‪ [ .‬كتاب مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ص‪.] 645‬‬

‫• ميقات من هو دون المواقيت ‪:‬‬


‫معنى ‪ « :‬فمن كان دونهن ف ُمهلّه من أهله » ؛ من كان منزله دون المواقيت ‪ ،‬أي في موضع يقع بين أحد‬
‫ُحرم بالحج والعمرة من مقامه ‪ ،‬مثل الشرائع ‪ ،‬وأم السلم ‪ ،‬وبحرة ‪ ،‬وجدة ‪،‬‬ ‫هذه المواقيت وبين مكة ‪ ،‬فإنه ي ِ‬
‫ونحوهم‪ .‬ينظر ‪ [ :‬مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( ‪ « ، ] ) 17 / 17‬حتى أهل مكة يُهلّون منها »‪ .‬أي من مكة ؛ ألن الميقات‬
‫ُوضع لمن َبعُدَ منزلُه عن الحرم ‪ ،‬وأما من كان قرب الحرم ‪ ،‬فمنزلُه ميقاتُه‪.‬‬

‫مر بميقاتين ‪:‬‬


‫• موضع اإلحرام لمن ّ‬
‫ال يجوز لمريد النسك أن يتجاوز أول ميقات يمر به إلى ميقات آخر ‪ « { ،‬وهذا مذهب الجمهور من المالكية‬
‫‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول طائفة من السلف »‪ « .‬استثنى المالكية من ذلك صورة واحدة ‪ ،‬وهي إذا ما كان يمر بميقاته‬
‫‪ٍ/3‬‬ ‫يمر بذي الحليفة ‪ ،‬فإنه إذا ذهب إلى مكة سيرج ُع مارا بميقاتـه األصلي ‪ :‬الجُحفة ‪ ،‬أو يُحاذيه »‪ ( .‬التاج واإلكليل للمواق‬
‫األصلي مرة أخرى ؛ كمصري ّ‬
‫‪ ، 36‬وشرح مختصر خليل للخرشي جـزء ‪ / 2‬ص ‪ [ : } ) 373‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب الثالث ‪ ،‬الفصل الثاني‪ :‬المواقيت المكانية‪،‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ميقات اآلفاقي وأحكامه‪ ،‬المطلب السادس ‪ :‬حكم تجاوز الميقات للمحرم بدون إحرام‪ ،‬الفرع الخامس‪ :‬المرور من الميقات لحاجة غير‬
‫النسك‪ ،‬مسألة المرور بميقاتين]‪.‬‬

‫مر عليه في طريقه ؛‬ ‫« إذ الواجب اإلحرام من الميقات ؛ سواء كان ذلك الميقات ميقات بلده ‪ ،‬أو ميقاتا آخر ّ‬
‫كالشامي يقدم من طريق المدينة ‪ ،‬فإنه يُحرم من ميقات المدينة »‪ [ .‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز ( ‪ ، ) 47 / 17‬وينظر ‪:‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب الثالث‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬المواقيت المكانية‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬ميقات اآلفاقي وأحكامه‪ ،‬المطلب الثاني لمن مر منه قاصدا‬
‫النسك]‪.‬‬

‫وقال اإلمام مالك بجواز تأخير اإلحرام إلى الميقات الثاني ؛ ميقاته األصلي ‪ ( ،‬وعلل ذلك ‪ « :‬أن هذا الرجل‬
‫مر بميقاتين ‪ ،‬يجب عليه اإلحرام من أحدهما ‪ ،‬وأحدُهما فرع ‪ ،‬والثاني أصل ‪ ،‬فاألصل الجحفة ‪ ،‬وميقات أهل‬ ‫ّ‬
‫المدينة فرع » ‪ ،‬وهو للتيسير والتسهيل على اإلنسان ‪ ،‬فله أن يدع اإلحرام إلى األصل ‪ ،‬واختار هذا القول‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه للا ‪. ) -‬‬
‫[ الشرح الممتع ‪ ...‬للشيخ العثيمين (‪ ، ) 48 / 7‬كتاب المناسك ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1424‬هـ ‪ ،‬دار ابن الجوزي ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ]‪.‬‬

‫بيد أن الشيخ العثيمين اختار قول الجمهور ‪ -‬في ذات المرجع ‪ ،‬والصفحة ‪ -‬قائال ‪ « :‬ولكن األحوط األخذ‬
‫برأي الجمهور »‪ .‬اهـ‬

‫ونُدب له اإلحرام من الميقات األول ‪ ،‬وال يجب عليه ‪ -‬عند مالك ‪ -‬لما لل ُحليفة من خصوصية ‪.‬‬
‫مر من أهل الشام وأهل مصر ‪ ،‬و همن وراءهم بذي الحليفة ‪ ،‬فأحب أن يؤخر إحرامه إلى‬ ‫قال مالك ‪ « :‬ومن ّ‬
‫مر به »‪ [ .‬المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك ( ‪) 377 / 1‬‬
‫الجحفة‪ ،‬فذلك له واسع ‪ ،‬ولكن األفضل له أن يُهل من ميقات النبي ﷺ إذا ّ‬
‫]‪.‬‬

‫[ انظر ص‪ 33‬وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مر بها ( برا أو جوا أو بحرا ) ‪:‬‬
‫• حكم اإلحرام من جدة لغير أهلها ؛ ممن ّ‬

‫سندي ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬دار علم الفوائد ‪ ،‬السعودية‪.‬‬


‫‪ : 1‬شرح العُمدة البن تيمية ( ‪ ، ) 187 / 4‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزير شمس ‪ ،‬نبيل بن نهصّار ال ّ‬
‫‪ [ : 2‬الموسوعة الفقه الكويتية ( ‪ ، ] ) 112 / 15‬والموسوعة الفقهية‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬الباب الثالث ‪ :‬مواقيت الحج والعمرة ‪،‬الفصل الثاني ‪ :‬المواقيت المكانية ‪ ،‬المبحث األول‬
‫‪:‬‬
‫ميقات اآلفاقي وأحكامه ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ - 3‬كيفية اإلهالل بنسك العمرة ‪:‬‬
‫نتعرف إلى كيفية ذلك من خالل التطرق إلى النقاط التالية ‪:‬‬
‫صفة اإلحرام ولفظ اإلهالل بالعمرة ‪ ،‬ومستحبات اإلحرام‬

‫أ ‪ -‬صفة اإلحرام ‪ ،‬ولفظ اإلهالل بالعمرة ‪:‬‬


‫(‪) 1‬‬
‫ـ يعقد النية ‪ ،‬و يُه ّل بالعمرة ؛ ( يتلفظ بلسانه قائال ‪ « :‬لبيك عمرة » ‪ ،‬أو « اللهم لبيك عمرة »‪) .‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ـ ويقول ‪ « :‬لبيك عمرة ‪ ،‬ال رياء فيها وال سمعة »‪.‬‬

‫‪ : 1‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز (‪. )425/17‬‬


‫‪ : 2‬كما قال أنس في وصفه إلهالل رسول للا ﷺ ‪ ،‬عن كتاب » موقع اإلسالم ‪ ،‬سؤال وجواب ‪ ،‬ص‪ - 3695‬المكتبة الشاملة »‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ب ‪ -‬ما يُستحب عند اإلحرام ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪ -‬استقبال القبلة عند اإلهالل ‪ :‬يعقد النية ‪ « ،‬ثم يستقبل القبلة قائما «‪.‬‬
‫‪ -‬التحميد والتسبيح والتكبير عند االستواء على المركوب قبل اإلهالل ‪ :‬ثم يعلن نيته قائال ‪ « :‬لبيك اللهم عمرة »‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫لحديث أنس رضي للا عنه‪ ،‬وفيه ‪ « :‬ثم ركب حتى استوت به على البيداء ‪َ :‬ح ِمد هللا‪ ،‬وسبح ‪ ،‬وكبر‪ ،‬ثم أهل »‪.‬‬
‫لذلك استُحب أن « تستقبل القبلة ‪ ،‬وتقول ‪ :‬سبحان للا والحمد هلل وال إله إال للا وللا أكبر »‪.‬‬
‫[ الشيخ سعد الخثالن ‪ :‬شرح عمدة الفقه البن قدامة ؛ تابع شرح كتاب الحج والعمرة ‪ -‬موقع الشيخ سعد بن تركي الخثالن ]‪.‬‬

‫‪ - 4‬اإلحصار واالشتراط ‪:‬‬


‫نعالج هذا الموضوع من خالل النقاط التالية ‪ :‬معنى اإلحصار واالشتراط ‪ ،‬وحكم االشتراط وصيغته ‪ ،‬وهل‬
‫تتعين هذه الصيغة ذاتها ؟ متى يكون االشتراط ؟ هل تكفي النية في االشتراط ؟ ما فائدة االشتراط ؟ وما حكم‬
‫المحصر لمن اشترط ومن لم يشترط ؟ مكان ذبح هدي اإلحصـار وزمانـه ‪ ،‬حكم المحصر العاجز عن الهدي ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬معنى اإلحصار ‪:‬‬


‫صر ؛ بصد‬‫« الحبس والمنع » ‪ ،‬والمقصود به هنا منع المحـرم من إتمـام مناسـك الحـج والعمـرة ؛ فهو ُمح ه‬
‫عدو أو مرض ‪ ،‬أو ضياع نفقة ‪ ،‬أو حبس أو كسر‪ ،‬أو نحو ذلك‪ .‬فهذا الحاج أجاز له الشرع أن يشترط التحلل‪.‬‬

‫ب ‪ -‬فما معنى اشتراط التحلل في الحج أو العمرة ؟‬


‫إذا أردت اإلحرام بالحج أو العمرة ‪ ،‬تلبي ‪ ،‬ثم ( تشترط عند إحرامك ؛ تقول ‪ « :‬إن حبسني حابس فمحلي‬
‫حيث حبستني »‪ ) 3( ) .‬ومعنى « إن حبسني حابس » ‪ :‬إن منعني مانع من إكمال النسك ‪ « ،‬فمحلي حيث حبستني‬
‫» ‪ :‬أي سأتحلل في ذات المكان الذي منعني فيه العذر من استئناف المناسك ؛ لمرض ‪ ،‬أوضياع نفقة ‪ ،‬أو فقد‬
‫رفقة ‪ ،‬أو يغلب على ظني أن أ ُمنع بسبب اإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬أو يحدث لي أي طارئ يحول بيني وبين أداء‬
‫نسكي‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ما حكم المحصر ؟‬


‫هذا األمر فيه تفصيل ‪ ( :‬إما أن يكون المحصر قد اشترط ‪ ،‬أو لم يشترط ) ‪:‬‬
‫صر ) ‪:‬‬
‫الحالة األولى ( اشتراط ال ُمح ه‬
‫شرع له أن يقرن مع تلبيته االشتراط ‪ :‬لمن خاف أن يمنعه مانع من إتمام‬ ‫من أراد اإلحرام بالحج أو العمرة ُ‬
‫الحج والعمرة ‪ ،‬وال يُشرع لغيره ‪ .‬وبه أفتى ابن تيمية قائال ‪ « :‬يُستحب للمحرم االشتراط ‪ ،‬إن كان خائفا ‪ ،‬وإال‬
‫فال ‪ ،‬جمعا بين األخبار »‪ ) 4( .‬وقال أيضا ‪ ( :‬وإن اشترط على ربه ‪ ،‬خوفا من العارض فقال ‪ « :‬إن حبسني حابس‬
‫‪ ،‬فمحلي حيث حبستني »‪ .‬كان حسنا ‪ ،‬فإن النبي ﷺ أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن‬
‫تشترط على ربها ‪ ،‬لما كانت شاكية ‪ ،‬فخاف أن يصدها المرض عن البيت ‪ ،‬ولم يكن يأمر بذلك كل من حج )‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ابن تيمية (‪ ، )176/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمان بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬مجمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ‪ ،‬السعودية ]‪.‬‬

‫وهو ترجيح ابن باز ‪ ( :‬إن خاف المحرم أال يتمكـن من أداء نسكـه ‪ ،‬لكونـه مريضـا أوخائفـا من عدو‬
‫(‪) 5‬‬
‫ونحـوه ‪ ،‬استُحب له أن يقول عند إحرامه ‪ « :‬فإن حبسني حابس ‪ ،‬فمحلي حيث حبستني » )‪.‬‬

‫‪ : 1‬انظر [ فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪» ، )482/3‬كتاب الحج » ‪ ،‬باب اإلهالل مستقبل القبلة ] ‪ .‬وفي الرواية الثانية ـ ح رقم (‪ ، )1479‬ص (‪ )483‬ـ بلفـظ ‪:‬‬
‫» وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هكذا رأيت النبي ﷺ يفعل »‪ .‬قال ابن حجر ـ في شرح الحديث ‪ ( :‬ومعنى » استقبل القبلة قائما » ؛‬
‫ص هفه بالقيام ‪ ،‬لقيام ناقته ‪) . » ...‬‬
‫أي مستويا على ناقته ‪ ،‬أو هو ه‬
‫‪ : 2‬فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪ )481/3‬كتاب « الحج » ‪ ،‬باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل اإلهالل عند الركوب على الدابة ‪ ،‬ح‪. 1476/‬‬
‫‪ : 3‬شرح العمدة في الفقه ‪ ،‬البن تيمية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب اإلحرام ‪ ،‬مسألة ‪ :‬يستحب اإلحرام بعد الصالة ‪ ،‬ص ( ‪. ) 419‬‬
‫‪ : 4‬الفتاوى الكبرى ( ‪ ) 382 / 5‬اهـ ‪ .‬ومعنى جمعا بين األخبار ‪ :‬أي جمعا بين األدلة المثبتة واألدلة النافية‪.‬‬
‫‪ : 5‬مجموع فتاوى ابن باز ( ‪. )16 / 49‬‬

‫‪16‬‬
‫والعثيمين ‪ « :‬فمن خاف من مانع يمنعه من إتمام النسك ‪ ،‬قلنا له ‪ :‬اشترط ‪ ،‬استرشادا بأمر الرسول صلى‬
‫للا عليه وسلم ‪ ،‬ومن لم يخف ‪ ،‬قلنا له ‪ :‬السنة أال تشترط »‪ [ .‬الشرح الممتع ( ‪.] ) 72/ 7‬‬

‫الحالة الثانية ( عدم االشتراط ) ‪:‬‬


‫صرا ؛ أي ممنوعا من إتمام النسك‪.‬‬
‫إذا لم يشترط المحرم صار ُمح ه‬
‫د ‪ -‬حكم المحصر الذي لم يشترط‬
‫شرع له التحلل ‪ ،‬لحاجة ال ُمحصر إليه ؛ رفعا للحرج والمشقة ‪ ،‬حتى ال يظل ُمحرما إلى أن يندفِع عنه‬ ‫حكمه ‪ُ :‬‬
‫سبع بدنة ‪ ،‬أو سبع بقرة ) ‪ ،‬ثم يحلق أو يقصر ‪،‬‬ ‫الما ِنع من إتمام نُسكه ‪ .‬ولكن عليه هدي أوال ‪ ( :‬يذبح شاة ‪ ،‬أو ُ‬
‫ويحل ‪ ،‬سواء كان اإلحصار عن الحج ‪ ،‬أوعن العمرة ‪ ،‬أوعنهما‪ ،‬عند عامة العلماء‪ .‬قال ابن قدامة ‪ ( :‬أجمع أهل‬ ‫ِ‬
‫العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين‪ ،‬أو غيرهم ‪ ،‬فمنعوه الوصول إلى البيت ‪ ،‬ولم يجد طريقا‬
‫آمنا‪ ،‬فله التحلل ‪ ...‬وعلى من تحلل باإلحصار ‪ :‬الهدي ‪ ،‬في قول أكثر أهل العلم ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ « :‬فهإن أُحصرتُم‬
‫س هر من ال ههدي »‪ .‬قال الشافعي ‪ « :‬ال خالف بين أهل التفسير أن هذه اآلية نزلت في حصر الحديبية‬ ‫فه هما استهي ه‬
‫[ المغني (‪ ، )173/3‬الحج ‪ ،‬باب ما يتوقى المحرم ‪ ...‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1475‬هـ ) ]‪ .‬وبه أفتى ابن‬ ‫»‪).‬‬
‫باز‪ [ .‬مجموع فتاوى ومقاالته (‪.] )18/7‬‬

‫هـ ‪ -‬مكان ذبح هدي اإلحصار وزمانه‬


‫الهدي حيث يح ّل ‪ ،‬سواء كان في الحل أو في الحرم »‪.‬‬
‫ه‬ ‫المحصر‬
‫ُ‬ ‫« قال الجمهور ‪ :‬يذبح‬
‫[ فتح الباري شرح صحيـح البخـاري ( ‪ ، ) 14/4‬كتاب المحصر ‪ ،‬باب من قال ‪ :‬ليس على المحصر بدل ‪ ،‬طبعة جديدة منقحة عن الطبعة التي حقق أصلها ‪:‬‬
‫ابن باز ‪ ،‬ورقم كتبها وأبوابها ‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكت بالعلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬
‫[ المصدر ذاته ]‪.‬‬ ‫وخالف في ذلك األحناف ؛ « قال أبوحنيفة ‪ :‬ال يذبحه إال في الحرم »‪.‬‬

‫( وسئل مالك ع ّمن أُحصر بعدو فقال ‪ :‬يح ّل من كل شيء وينحر هديه ويحلق رأسه حيث ُحبس ‪ ،‬وليس عليه‬
‫قضاء )‪ [ .‬المصدر ذاته ]‪ .‬إال إذا كانت هح ّجة اإلسالم فعليه قضاؤها من قابل ‪.‬‬

‫جاء في الموسوعة الفقهية ‪ « :‬المحصر يذبح الهدي في المكان الذي أُحصر فيه وقت حصره ‪ ،‬سواء كان في‬
‫الحل ‪ ،‬أو في الحرم ‪ ،‬وهو مذهب المالكية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول أكثر أهل العلم »‪.‬‬
‫األول ‪ :‬مكانُ ذهبح ههدي اإلحصار وزمانه ]‪.‬‬
‫[ كتاب ال هح ّج ‪ ،‬الباب السادس عشر ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ ،‬الفرع َّ‬

‫[ شرح العمدة (‪.] ) 173/5‬‬ ‫قال ابن تيمية ‪ « :‬وينحر الهدي في موضع حصره ‪ ،‬حيث كان من ح ٍ ّل أو حرم »‪.‬‬
‫البغوي ‪ « :‬الهدايا كلها يختص ذبحها بالحرم ‪ ،‬إال هدي المحصر‪ ،‬فإن ذبحه حيث يُحصر‪ ،‬عند أكثر أهل العلم‬
‫»‪ [ .‬شرح السنة للبغوي ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب اإلحصار ( ‪ ، ) 172/4‬تحقيق الشيخين ‪ :‬علي دمحم معوض ‪ ،‬عادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬دار الكتب العلمية ]‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪ « :‬يذبح ذبيحة في محله الذي أُحصر فيه ‪ ،‬سواء كان في الحرم أو في الحل ‪ ،‬ويعطيها للفقراء‬
‫في محله ‪ ،‬ولو كان خارج الحرم ‪ ،‬فإن لم يتيسر حوله أحد ‪ ،‬نُقلت إلى فقراء الحرم ‪ ،‬أو إلى من حوله من‬
‫الفقـراء ‪ ،‬أو إلى فقراء بعض القرى ‪ ،‬ثم يحلق أو يقصر ‪ ،‬ويتحلل »‪ [ .‬مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة للشيخ ابن باز ( جـ ‪) 7/18‬‬

‫‪ ،‬جمع وترتيب ‪ ...‬د‪ /‬الشويعر ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1421‬هـ ‪ 2771 /‬م ) ‪ ،‬دار القاسم للنشر ‪ ،‬الرياض ‪ .‬وانظر ‪ :‬الشرح الممتع ( ‪.] ) 182 /7‬‬

‫و ‪ -‬لكن ماذا على المحصر العاجز عن الهدي ‪ ،‬هل يلزمه بدل عنه ؟‬
‫اختلـف العلمــاء بشــأن المحــصر العاجـز عن الهـدي ‪ ،‬هـل عليـه بـدل ؟ فــرأى أصحــــاب‬
‫القول األول أنّ [ من لم يجـد الهدي ليس عليه بدل ‪ ،‬وله أن يتحلـل ‪ ،‬وهـو قـول عند الشـافعـي ‪ ،‬واختـاره‬
‫ابن عثيمين‪ « .‬الشرح الممتع ‪) ... ( . » 184 / 7 :‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬من لم يجد الهدي يلزمه أن يصوم عشرة أيام ثم يح ّل ‪ ،‬وهو مذهب الحنابلة ‪ ،‬وأشهب مـن‬
‫المالكيـة ‪ ،‬وقـول عند الشافعيــة ‪ ،‬واختــاره ابن بـاز « مجموع فتاوى ابن باز ‪.] » 18 / 7 :‬اهـ‬
‫واإلحصار ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ :‬التحلل من اإلحصار ‪ ،‬الفرع الثاني ‪ :‬العجز عن الهدي ]‬
‫ُ‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب ال هح ّج ‪ ،‬الباب ‪ : 16‬الفواتُ‬

‫‪17‬‬
‫[ المغني (‪.] ) 375/3‬‬ ‫قال ابن قدامة ‪ « :‬فإن لم يكن معه هدي ‪ ،‬وال يقدر عليه ‪ ،‬صام عشرةه أهيام ‪ ،‬ثم ح ّل »‪.‬‬
‫باز [ فتاوى نور على الدرب ‪ ،‬ابن باز (‪ ، )1337/1‬إعداد الشيخين ‪ :‬عبد للا بن دمحم الطيار‪ ،‬ودمحم بن موسى بن عبد للا الموسى ]‪.‬‬ ‫وكذا قال ابن‬

‫‪18‬‬
‫ز ‪ -‬حكم االشتراط ‪:‬‬
‫اختلف العلماء في مشروعية االشتراط في الحج أو العمرة على ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫األول ‪ ( :‬استحبابه مطلقا ) ‪ :‬لكل من أراد الحج أو العمرة ‪ ،‬كما هو الشأن عند الحنابلة ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬وابن‬
‫قدامة [ المغني ( ‪ ، ] ) 265/3‬وطائفة من السلف ‪ :‬عمر بن الخطاب ‪ ،‬وعثمـان ‪ ،‬وعلي ‪ ،‬وابن مسعـود ‪ ،‬وعكرمة ‪،‬‬
‫[ انظر المحلى البن‬ ‫وعطاء بن يسار ‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح ‪ ،‬وذهب إليه سعيد بن المسيب ‪ ،‬وإبراهيم النخعي‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫حزم (‪ ، )114/7‬والمغني البن قدامة ( ‪] ) 266 ،265/3‬‬

‫والثاني ‪ ( :‬عدم مشروعيته مطلقا ) ‪ « :‬ذهب الحنفية ‪ ،‬والمالكية إلى أن االشتراط في اإلحرام غير مشروع »‪.‬‬
‫[ ( الموسوعة الفقهية الكويتية ‪ ( ،‬ج ‪ ، 2‬ص‪ « ، ) 214‬إحصار من اشترط في إحرامه التحلل ‪ .» ...‬أجل ـ إذن ) ]‪.‬‬
‫[ ورد عن ابن عمر رضي للا عنهما أنه كان يُنكر االشتراط ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬أليس حسبكم سنة رسول‬ ‫« وهو قول ابن عمر رضي للا عنهما ‪:‬‬
‫للا ﷺ ؛ إن حبس أحدكم عن الحج ‪ ،‬طاف بالبيت وبالصفا والمروة‪ ،‬ثم ح ّل من كل شيء ‪ ،‬حتى يحج عاما قابال‪ ،‬فيهدي أو يصوم ‪ ،‬إن لم يجد هديا »‪ .‬فتح‬
‫الباري شرح صحيح البخـاري (‪ ، )11/4‬باب اإلحصار في الحج ‪ ،‬ح ‪ ، } ] 1715‬وطاوس ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬والزهري ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬وأبي‬
‫حنيفة »‪ [ .‬شرح النووي لمسلم ‪ ،‬من حديث عائشة رضي للا عنها ‪ ، 1277‬والمغني (‪] ) 93/5‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫الثالث ‪ ( :‬رأي وسط ) ‪ « :‬جوازه في حق من خشي االنقطاع عن إتمام النسك لمرض أو نحوه »‪.‬‬

‫وهو ترجيح الشيخ العثيمين ‪ ،‬حيث قال ‪ ( :‬والصحيح أن االشتراط ليس بمشروع إال أن يخاف اإلنسان من‬
‫عائق يحول دونه وإتمام نسكه ‪ ،‬مثل أن يكون مريضا ً ويشتد به المرض فال يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط ‪،‬‬
‫وأما إذا لم يكن خائفا ً من عائق يمنعه ‪ ،‬أو من عائق يحول بينه وبين إتمام نسكه فال يشترط ‪ ،‬وهذا القول‬
‫تجتمع به األدلة ‪ ،‬ووجه ذلك ‪ :‬أن النبي ﷺ اعتمر وحج ولم يشترط ‪ ،‬ولم يقل للناس على سبيل العموم ‪:‬‬
‫اشترطوا عند اإلحرام ‪ ،‬ولكن لما أخبرته ضُباعة بنت الزبير رضي للا عنها أنها تريد الحج وهي شاكية ‪ ...‬قال‬
‫لها النبي ﷺ ‪ُ « :‬حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ‪ ،‬فإن لك على ربك ما استثنيت »‪ .‬فمن كان في مثل‬
‫حالها فإنه يشترط ‪ ،‬ومن لم يكن فإنه ال يشترط )‪ [ .‬مجموع فتاوى ابن عثيمين (‪] ) 28 -26/22‬‬

‫ح ‪ -‬ما صيغة االشتراط ؟‬


‫ُ‬
‫حيث‬ ‫سني حابس فه همحلّي‬
‫ط عند إحرامه ‪ ،‬فيقول ‪ « :‬إن هحبه ه‬ ‫الصيغة المشروعة لمن أحرم بالنسك ‪ ( :‬يهشتر ُ‬
‫(‪3‬‬
‫هح هبستهني »‪ ) 2( ) .‬وذكـر العثيمين نحـو ذلك [ لقاء الباب المفتوح (‪ ] )18/25‬؛ وهو ما أمر به النبي ﷺ ضُباعة بنت الزبير‬
‫) ‪ « :‬إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني »‪.‬‬

‫وقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي هللا عنها أن ضُباعة بنت الزبير قالت ‪ :‬يا رسول هللا إني أريد الحج‬
‫ُ‬
‫حيث حبهستهني »‪.‬‬ ‫وأنا شاكية ‪ -‬مريضة ‪ -‬فقال لها ‪ُ «:‬حجي واشتهرطي ‪ :‬أنّ همحلّي‬
‫[ رواه مسلم ‪ « ،‬كتاب ‪ :‬الحج ‪ ،‬باب ‪ :‬جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه » ‪ ،‬برقم ‪ ، 1277‬والبخاري ‪ ،‬بلفـظ ‪:‬‬
‫« حجي واشترطي ‪ ،‬وقولي ‪ :‬محلي حيث حبستني »‪ « .‬كتاب ‪ :‬النكاح ‪ ،‬باب ‪ :‬األكفاء في الدين » ‪ ،‬برقم ‪. ] 5789‬‬

‫ط ‪ -‬هل تتعين هذه الصيغة ذاتها ؟‬


‫« ال يلزمه أن يأتي بالصيغة الواردة‪ ،‬ألن هذا مما ال يُتعبد بلفظه ‪ ،‬وما ال يُتعبد بلفظه ‪ ،‬يُكتفى فيه بالمعنى »‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ابن عثيمين (‪.] )22/26‬‬

‫فلو ( اشترط بما يؤدي معنى االشتراط ‪ ،‬كقوله ‪ « :‬اللهم إني أريد النسك الفالني إن تيسر لي ‪ ،‬وإال فال حرج‬
‫علي »‪ .‬جاز ‪ ،‬ألنه في معنى ما تقدم في الخبر )‪.‬‬
‫[ البهوتي ‪ ،‬كشاف القناع ( ‪ ، )475/2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ( اإلحرام والتلبية وما يتعلق بهما ) ] ‪.‬‬

‫‪ : 1‬ابن تيمية ‪ ،‬الفتاوى الكبرى (‪. )382/5‬‬


‫‪ : 2‬المغني البن قدامة (‪ « ، )127/3‬كتاب الحج » ‪ « ،‬باب ذكر اإلحرام » ‪ « ،‬مسألة ذكر المحصر ‪ .» ...‬وانظر ص ( ‪ ) 419‬من المصدر السابق ‪ ،‬البن تيمية‪.‬‬
‫‪ : 3‬ضُباعة بنت الزبير بنت عبد المطلب ؛ابنة عم الرسول ﷺ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫قال ابن قدامة ‪ ( :‬وغير هذا اللفظ مما يؤدي معناه يقوم مقامه ‪ ،‬ألن المقصود المعنى ‪ ...‬قال إبراهيم ‪:‬‬
‫خرجنا مع علقمة وهو يريد العمرة ‪ ،‬فقال ‪ « :‬اللهم إني أريد العمرة إن تيسرت ‪ ،‬وإال فال حرج علي » ‪ ،‬وكان‬
‫شريح يشترط ‪ « :‬اللهم قد عرفت نيتي وما أريد ‪ ،‬فإن كان أمرا تتمه فهو أحب إلي ‪ ،‬وإال فال حرج علي » ‪،‬‬
‫ونحوه عن األسود ‪ ،‬وقالت عائشة لعروة قل ‪ « :‬اللهم إني أريد الحج وإياه نويت ‪ ،‬فإن تيسر وإال فعمرة » )‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 128/3‬وانظر الشرح الكبير‪ ،‬ابن قدامة (‪. ] ) 266/3‬‬

‫ي ‪ -‬متى يكون االشتراط ؟‬


‫يكون االشتراط عند عقد اإلحرام ‪ ،‬ال بعده ؛ بحيث ( يقترن االشتراط باإلحرام ؛ فمتى سبقه أو تأخر عنه لم‬
‫يكن شرطا‪ .‬وقد صرح بهذا الشرط الشافعية (‪ ، ) 1‬قال النووي ‪ « :‬ينفع الشرط ‪ ،‬ويجوز التحلل به إذا كان مقترنا‬
‫بإحرامه ‪ ،‬فإن تقدمه أو تأخر عنه لم ينعقد الشرط بال خالف اهـ »‪ [ .‬المجموع (‪ .] ) 378/8‬وصرح به الحنابلة أيضا‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪] ) 274/5‬‬

‫قال في المغني [ ذات المصدر ] ‪ « :‬يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط عند إحرامه اهـ » ‪ ...‬واستدلوا على هذا‬
‫الشرط ‪ ،‬بما رواه ابن عباس رضي للا عنهما أنه ﷺ دخـل على ضُباعـة بنت الزبير ‪ ،‬وهي تريد الحج ‪ ،‬فقال‬
‫لها ‪ « :‬اشترطي عند إحرامـك ‪ ،‬وقولي ‪ :‬محلي حيث حبستني ‪ ،‬فإن ذلك لك »‪ ) 2(.‬والشاهد قوله عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ « :‬اشترطي عند إحرامك »‪) .‬‬
‫[ االشتراط في اإلحرام ‪ ،‬تأليف د‪ /‬منى بنت راجح الراجح ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬االشتراط في اإلحرام بالعمرة ‪ ،‬ص‪] .931‬‬

‫وسئل الشيخ ابن باز عن االشتراط بعد عقد اإلحرام بمدة ؟ فقال ‪ « :‬ليس له ذلك ‪ ،‬وإنما يقال ذلك عند عقد‬
‫اإلحرام ‪ ،‬والمراد بعقد اإلحرام هو ‪ :‬أن ينوي الدخول فيه بقلبه »‪ [ .‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز (‪.] )73/17‬‬

‫ك ‪ -‬هل تكفي النية في االشتراط ‪ ،‬أو البد من التلفظ به ؟‬


‫ال تكفي النية فيه ‪ ،‬وال بد من التلفظ به فيقول ‪ « :‬فإن حبسني حابس ‪ ،‬فمحلي حيث حبستني »‪.‬‬
‫قال البهوتي ‪ ( :‬وإن نوى االشتراط ولم يتلفظ به لم يفد ‪ ،‬لقول النبي ﷺ لضُباعة ـ بضم الضاد ـ بنت الزبير قولي‬
‫‪ « :‬محلي ـ أي مكان إحاللي من األرض ـ حيث حبستني »‪ .‬والقول ال يكون إال باللسان )‪.‬‬
‫[ كشاف القناع (‪ ، )475/2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب اإلحرام والتلبية وما يتعلق بهما ] ‪.‬‬

‫ل ‪ -‬فيم يفيد هذا االشتراط المحرم ؟‬


‫( يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط عند إحرامه‪ ،‬فيقـول ‪ « :‬إن حبسني حابس ‪ ،‬فمحلي حيث حبستني »‪.‬‬
‫ويفيد هذا الشرط شيئين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬أنه إذا عاقه عائـق من عدو ‪ ،‬أو مرض ‪ ،‬أو ذهاب نفقة ‪ ،‬ونحوه ‪ ،‬أن له‬
‫التـحلل ‪ .‬والثاني ‪ :‬أنه متى حل بذلك ‪ ،‬فال دم عليه وال صوم )‪ [ .‬المغني (‪. ] )127/3‬‬

‫وفي الموسوعة الفقهية ‪ « :‬همن اشت ه هرط قب هل هح ّجه وعُم هرته ؛ فإن أُحـصـ هر تحلَّـ هل ولم ه‬
‫يلزمه شيء ُمطلقًا ‪ ،‬وهو‬
‫(‪) 3‬‬
‫واختيار ابن باز ‪ ،‬وابن عُثيمين »‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ب ال هحنابلهة ‪ ،‬واأل ه‬
‫صـ ُّح من همذ ههب الشَّافعيَّة ‪،‬‬ ‫همذ هه ُ‬

‫قال ابن باز ‪ « :‬فائدة هذا الشرط ‪ :‬أن المحرم إذا عرض له ما يمنعه من إتمام نسكه من مرض أو ص ّد ّ ٍ‬
‫عدو ‪،‬‬
‫جاز له التحلل ‪ ،‬وال شيء عليه »‪.‬اهـ [ مجموع فتاوى ابن باز (‪] ) 57/17‬؛ « يعني يتحلل وليس عليه فدية وال قضاء »‪ ) 4(.‬إال‬
‫(‪) 5‬‬
‫أن يكون ح ُج الفريضة ‪ ،‬فعليه الحج الحقا‪.‬‬

‫‪ : 1‬المجموع ( ‪ ، ) 318/8‬طرح التثريب (‪. )172/5‬‬


‫(‪. )172/5‬‬ ‫‪ : 2‬أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في مصنفه (‪ ، )324/3‬رقم ‪ ، 14726‬ينظر الدليل في طرح التثريب‬
‫‪ : 3‬الدرر السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب ‪ : 16‬الفوات واإلحصار ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬اشترا ُ‬
‫ط التح ُّلل منه اإلحصار ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬ما يلزه ُم ال ُمحص ههر إذا اشت ههرط‪.‬‬
‫‪ : 4‬مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ( جـ ‪ ، ) 26 ، 28 / 22‬فتاوى الفقه ‪ ،‬الحج والعمرة ‪ ...‬س ‪ ، 493 :‬جمع وترتيب ‪ ...‬فهد بن ناصر السليمان‪.‬‬
‫‪ : 5‬انظر « مناسك الحج والعمرة لأللباني ‪ ،‬ص ‪ ، » 15‬و [ المغني البن قدامة ‪ « ،‬كتاب الحج » ‪ « ،‬باب ذكر اإلحرام » ‪ « ،‬مسألة ذكرالمحصرعند اإلحرام » ‪] .) 127/3 ( ،‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ - 5‬التلبيــة‬
‫بعد اإلحرام ‪ ،‬واختيار النسك المراد ‪ ،‬نعالج موضوع التلبية ‪ ،‬وفيه ‪ :‬الشروع في التلبية ‪ ،‬معنى التلبية ‪ ،‬مواضع‬
‫التلبية ‪ ،‬متى يشرع المحرم في التلبية ‪ ،‬ومتى يقطعها ؟ رفع الصوت بالتلبية ‪ ،‬فضل التلبية ‪..‬‬

‫أ ‪ -‬الشروع في التلبية‬
‫ثم يشرع في التلبية قائال ‪ « :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك‬
‫»‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المواضع التي تُشرع فيها التلبية‬


‫قال العلماء ‪ :‬يُستحب اإلكثار من التلبية ‪ ،‬واإلتيان بها عند االنتقال من حال إلى حال ؛ فيلبي عقب الصلوات‬
‫المفروضة ‪ ،‬وإذا ركب سيارة ‪ ،‬أوعال مرتفعا ‪ ،‬أو نزل منحـدرا ‪ ،‬أو أقبـل اللـيـل والنهـار ‪ ،‬أو التقت الرفاق‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ « :‬ويستحب اإلكثار منها عند اختالف األحوال مثل ‪ :‬أدبار الصلوات ‪ ،‬ومثل ما إذا صعد ً‬
‫نشزا‬
‫ـ أي مرتفعا ـ أوهبط واديًا ‪ ،‬أو سمع ملبيًا ‪ ،‬أو أقبل الليل والنهار‪ ،‬أو التقت الرفاق‪ ،‬وكذلك إذا فعل ما نُهي عنه «‪.‬‬
‫[ الفتاوى ( ‪.] ) 116 ، 115/26‬‬

‫جـ ‪ -‬متى يشرع المحرم في التلبية ‪ ،‬ومتى يقطعها ؟‬


‫• بدء التلبيـة ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫شرع في التلبية إذا تلبس باإلحرام ‪ ،‬ودخل في النسك‪ « .‬باتفاق المذاهب األربعة »‪.‬‬
‫َي َ‬
‫• قطع التلبية ‪:‬‬
‫ـ في العمرة ‪:‬‬
‫اختلفوا في وقت قطعها على قولين ‪:‬‬
‫األول ‪ -‬تنتهي التلبية إذا دخل الحرم ‪:‬‬
‫( قال مالك ‪ « :‬يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحـرم » ‪ ...‬وسلـف مالك في ذلـك ابن عمر وعروة ) ‪ .‬اهـ‬
‫[ بداية المجتهد البن رشد ( ‪ ، ) 272 / 1‬الحج ‪ ،‬القول في اإلحرام ‪ ،‬تنقيح وتصحيح ‪ :‬خالد العطار ‪1426( ،‬هـ‪ 2775 /‬م ) ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫( قال ابن عمر ‪ « :‬يقطع التلبية إذا دخل الحرم « ‪ ،‬وبه قال مالك )‪.‬‬
‫[ شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك (‪ ، )327/2‬كتاب الحج ‪ ،‬قطع التلبية في العمرة ‪ ،‬للزرقاني ‪ ،‬دار الفكر اهـ‪.‬‬
‫وعن نافع قال ‪ :‬كان ابن عمر ـ رضي للا عنهما ـ « إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ‪ ...‬ويُحّدث أن النبي ﷺ كان يفعـل ذلـك » ‪:‬‬
‫انظر ‪ :‬الفتح البن حجر ( ‪ ، ) 375 / 3‬الحج ‪ ،‬باب االغتسال عند دخول مكة ‪ ،‬ح ‪ ، 1573 /‬تحقيق عبد العزيز بن باز ‪ ،‬دمحم فؤاد عبد الباقي ] ‪.‬‬

‫الثاني ‪ -‬ذهب جمهور العلماء إلى أنه ال يقطعها إال عند بدء الطواف للمعتمر ‪:‬‬
‫جاء في الموسوعة الفقهية ‪ ( :‬تنتهي التلبية في العمرة بالشروع في الطواف ‪ ،‬وهذا مذهب الجمهور ‪:‬‬
‫الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول طائفة من السلف ‪ ،‬وذهب إليه أكثر أهل العلم ‪ .‬األدلة ‪ :‬أوال ‪:‬‬
‫من اآلثار عن ابن عباس ‪ ...‬قال ‪ « :‬يلبي المعتمر حتى يفتتح الطواف « ‪) ) 2( .‬‬
‫الرابع ‪ :‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتها ُء هوقت الت َّلبيهة في العُم هرة ] ‪.‬‬
‫كتاب ال هح ّج الباب َّ‬
‫ُ‬ ‫[ الدرر السنية ‪،‬‬

‫والظاهر أن القول األول مذهب مرجوح ؛ إذ الصواب ‪ -‬وللا تعالى أعلم ‪ « : -‬أنه يستمر في التلبية إلى أن‬
‫يشرع في الطواف ؛ ألن بشروعه في الطواف يكون قد بلغ المكان الذي دُعي إلى إجابته ‪ ،‬ولبَّى الداعي إلى‬
‫المكان الذي جاء إليه ‪ ،‬والمقصود من المجيء إلى مكة ليس دخول الحـرم إنما المقصـود ‪ ...‬هو الطـواف‬

‫‪ : 1‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب الرابع ‪ :‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثَّاني ‪ُ :‬‬
‫س هننُ اإلحرام ‪ ،‬المطلب الخامس ‪ ،‬الفرع األول ‪ :‬ابتداء وقت التلبية‪.‬‬
‫جو هد إسنادهه ابنُ حجر في تخريج « مشكاة المصابيح « ( ‪. ) 81/3‬‬ ‫‪ : 2‬رواه الشافعي في األم ( ‪ ، ) 529/3‬والبيهقي ( ‪ ، ) 9679‬و َّ‬

‫‪21‬‬
‫بالبيت ؛ ولهذا ‪ :‬إذا شرع في الطواف قطع التلبية ‪ ،‬على الصحيح من قولي العلماء ‪ ،‬وهو قول الجمهور »‪.‬‬
‫[ دروس خالد المصلح ‪ :‬الموجز في أحكام الحج والعمرة ( ‪ ) 34‬متى يشرع قطع التلبية في الحج ؟ ]‬

‫د ‪ -‬رفع الصوت بالتلبية‬


‫• بالنسبة للرجال ‪:‬‬
‫يستحب رفع الصوت بها للرجل ؛ بحيث ال يُجهد نفسه ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي‬
‫‪) 1( .‬‬
‫ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية »‬

‫• بالنسبة للنساء ‪:‬‬


‫تخش الفتنة ؛ لعموم الحديثين السابقـين (‪ ، ) 2‬وألن عائشة كانت ترفع صوتها ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬ترفع المرأة صوتها ‪ :‬ما لم‬
‫حتى يسمعها الرجال ‪ ،‬فعنها قالت ‪ « :‬إني ألعلم كيف كان رسول هللا ﷺ يلبي ‪ :‬لبيـك اللهـم لبيك ‪ ،‬لبيك ال‬
‫شريك لك لبيك ‪ [ .» ...‬أخرجه البخاري في صحيحه ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب التلبية ‪ ،‬حديث رقم (‪.] )1486‬‬
‫‪.‬‬
‫وبه قال ابن حزم ‪ [ :‬ال ُمحلى ‪ ،‬المجلد الثاني ص‪ ، 58‬مسألة رقم ‪ ، ] 829‬واأللباني ‪ [ :‬مناسك الحج والعمرة ( ‪] ) 18 ، 17‬‬

‫بالرجال‪ [ .‬ابن عبد البر ‪ :‬التمهيد (‪.] )242/17‬‬ ‫‪ -‬و رأى آخرون ‪ :‬أن رفع الصوت بالتلبية أمر يختص‬
‫‪ -‬وتوسط بعضهم فقال ‪ « :‬المرأة ترفع صوتها‪ ،‬بحيث تُسمع رفيقتها‪ ،‬وعليه يُحمل فعل عائشة رضي للا‬
‫عنها»‪ [ .‬فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪. ] ) 115 / 26 ( :‬‬

‫هـ ‪ -‬فضل التلبية‬


‫التلبية من « شعائر الحج » ‪ :‬وهو جزء من حديث ‪ « :‬أمرني جبريل برفع الصوت في اإلهالل ‪ ،‬فإنه من‬
‫(‪) 4‬‬
‫ملب يلبي إال لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر ‪.» ...‬‬
‫شعائر الحج »‪ ) 3( .‬وحديث ‪ « :‬ما من ّ ٍ‬
‫‪ - 6‬الدخول في نسك العمرة‬
‫ضمن المبحث األول ( صفة أداء العمرة ) ‪ ،‬والمطلب الثاني ( أعمال المعتمر عند الميقات ) ‪ ،‬نتناول ‪ :‬الدخول‬
‫في نسك العمرة ‪ ،‬ونتعرف من خالله إلى ‪ :‬معنى اإلحرام ‪ ،‬وذلك من خالل التنبيه إلى المفهوم الشائع لدى العامة‬
‫حول معنى اإلحرام ‪ ،‬بغرض تقويمه وتصويبه ‪ ،‬ومنه إلى ( أعمال ما بعد الميقات ) بدءا بمحظورات اإلحرام ‪.‬‬

‫تنبيه حول معنى اإلحرام ‪:‬‬


‫التجرد من ال َمخيط ‪ ،‬وفعل مستحبات اإلحرام ‪ :‬من اغتسال ‪ ،‬وتطيب ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ..‬تدخل ضمن‬
‫مفهوم ‪ « :‬التهيؤ لإلحرام « ‪ « ،‬وليس إحراما « كما يظن العامة‪ .‬ألن اإلحرام ‪ :‬هو « نية الدخول والشروع في‬
‫النسك » ‪ ،‬إذن مجرد ارتداء مالبس اإلحرام ‪ -‬قبل اإلهالل ‪ -‬ليس إحراما ‪ ،‬فله أن يغطي رأسه ‪ ،‬ويتطيب (‪.. ) 5‬‬
‫وال شيء عليه ‪ ،‬ألنه غير ُمحرم ‪ .‬فإذا لبس مالبس اإلحرام ‪ ،‬ونوى المعتمر قائال ‪ « :‬اللهم لبيك عمرة » عند‬
‫الميقات ‪ ،‬دخل في نسك العمرة ‪ .‬ومن هنا تبدأ المحظورات ‪ :‬من عقد النية ‪ ،‬ال من لُبس مالبس اإلحرام ‪.‬‬

‫‪ :‬أخرجه الترمذي ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية (‪ ، )829‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في « صحيح الجامع « (‪.)62‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬والحديثان هما ‪ « :‬أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية » ‪ « ،‬أفضل الحج ‪ :‬العج والثج » ‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫[ « العج ‪ :‬رفع الصوت بالتلبية ‪ ،‬والثج ‪ :‬إراقة دماء الهدي « ‪ :‬فتاوى ابن تيمية (‪.] )115،116/26‬‬
‫‪ [ :‬حديث صحيح ‪ ،‬مخرج في « السلسلة الصحيحة » ‪ .] ) 828 ( ،‬واإلهالل ‪ :‬التلبية‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬رواه ابن خزيمة ‪ ،‬والبيهقي بسند صحيح ‪ ،‬كما في « تخريج الترغيب والترهيب » (‪ .] )118/2‬وقد ُروي ‪ « :‬من لبى حتى تغرب الشمس ‪ ،‬فقد أمسى مغفورا له »‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬وهذا في بدنه ال في مالبس اإلحرام ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪22‬‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال ما بعد الميقات ‪:‬‬
‫بعد مرحلة ( أعمال المعتمر عند الميقات ) ‪ ،‬يستهل الناسك خالل مرحلة الحقة ‪ ( -‬أعمال ما بعد الميقات ) ‪-‬‬
‫أعماله بجملة ضوابط ‪ ،‬ممثلة في ‪ :‬محظورات اإلحرام ‪ ،‬ثم تعقبهـا أعمال أخرى ‪ ،‬يأتي بهـا المعتمر تِبَاعا ً ‪ :‬صفة‬
‫الدخول إلى مكة ‪ ،‬وصفـة الدخـول إلى المسجـد الحـرام ‪ ،‬وكيفيـة طـواف العمـرة ‪ ،‬والسعي بين الصفـا والمـروة ‪،‬‬
‫أو التقصير ‪ ،‬والتحلل من العمرة ‪ ،‬ثم نعرج على موضوع ‪ :‬متعلقات الطواف نوضحها على النحو‬ ‫والحلـق‬
‫التالي ‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬محظـورات اإلحرام (‪ ( : ) 1‬تعريفها ‪ ،‬أقسامها )‬


‫‪ - 1‬تعريفها ‪:‬‬
‫« محظورات اإلحرام اصطالحا ‪ :‬هي الممنوعات التي يجب على المحرم اجتنابها ؛ بسبب إحرامه‬
‫(‪) 2‬‬
‫ودخوله في النسك «‪.‬‬

‫‪ - 2‬أقسامها ‪:‬‬
‫منها ما يخص الرجل ‪ ،‬ومنها ما يخص المرأة ‪ ،‬ومنها ما هو مشترك بينهما ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬ما يخص الرجل ‪ :‬يحظر على الرجل ما يلي ‪:‬‬
‫• تغطية الرأس ‪ :‬كله أو بعضه ‪ ،‬بشيء مالصق ؛ كالعمامة والطاقية ‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫س ال همخيط ‪ :‬وهو كل ما فصل لستر البدن أو بعضه ؛ ( كالقميص ‪ ،‬والسروال ‪ ،‬والتبان ـ السروال القصير ـ‬ ‫• لُـب ُ‬
‫والعمامة ‪ [ .) ...‬والمخيط المحظور ‪ :‬يتمثل في لبسه على الوجه المعتاد ؛ فال حرج في أن يلف المحرم القميص على بدنه ‪ ،‬دون لبسه ]‪.‬‬

‫ض ِو ‪ ،‬بحيث يُحي ُ‬
‫ط به ‪ ،‬سواء كان بخياطة أو ال‪.‬‬ ‫صـ ُل على قَد ِْر البَدَن أو العُ ْ‬ ‫• لُب ُ‬
‫س ال ُمحيط ‪ :‬أي المف َ‬
‫وهو إذن نوعان ‪ » :‬ما أحاط بالبدن ‪ ،‬أو بجزء منه «‪.‬‬
‫ـ األول ‪ :‬مـا أحاط بالبدن ؛ ( كالقميص ‪ ،‬والبُرنس ‪. ) ...‬‬
‫ـ الثاني ‪ :‬ما أحاط بجزء منه ؛ ( كالطاقية ‪ ،‬والخـف ‪ ، ) ...‬والنوعان كالهما محظوران ‪.‬‬
‫ويجوز له لُبس حذاء غير ساتر للكعبين ‪ ،‬وأصابع القدمين ‪ ،‬فإن لم يجد فخفين ‪ ،‬لحديث ابن عمر رضي‬
‫هللا عنهما ‪ ،‬وفيه ‪ « :‬ال تلبسوا القميص وال السراويالت وال العمائم وال البرانس ‪ ،‬إال أن يكون أحد ليست له‬
‫(‪) 3‬‬
‫نعالن فليلبس الخفين ‪ ،‬وليقطع أسفل من الكعبين »‪.‬‬

‫‪ -‬ففي الحديث نهي صريح للمحرم عن لُبْس الخف ‪ ،‬ونحوه ؛ مما يستر كامل القدم ‪ ،‬وبه أخذ العثيمين (‪.) 4‬‬

‫جوز الحنفية لبس ما يستر مقدم القدم ‪ ،‬وعقبه ‪ ،‬بشرط أال يكون ساترا للكعبين ‪.‬‬ ‫ـ في حين ّ‬
‫[ الموسـوعـة الفقهيــة الكويتيـة ( ‪ ( ، ) 194/2‬الجزء من ‪ 1‬إلى ‪ ] ) 39‬اهـ ‪ ،‬وبه أفتى ابن تيميـة‪ [ .‬مجمــوع الفتـاوى ‪ « ،‬الفقـه ‪ ،‬الحـج » ‪،‬‬
‫« منسـك شيخ اإلسالم ( ‪ ، » ) 179/26‬ما يستحب فعله في اإلحرام ‪ .‬واختاره ابن باز ‪ :‬فتاوى نور على الدرب ( ‪.] ) 275 / 17‬‬

‫ب ‪ -‬ما يخص المرأة ‪:‬‬


‫يحظر عليها ما يلي ‪:‬‬
‫• ستر الوجه ‪ :‬بما خيط على قدر الوجه ؛ كالنقاب ‪ ،‬والبرقع‪.‬‬
‫• ستر الكفين ‪ :‬بارتداء القفازين ؛ لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تنتقب المرأة ‪ ،‬وال تلبس القفازين »‪.‬‬

‫‪ : 1‬االمتناع عن محظورات اإلحرام ‪ ،‬من تعظيم شعائر للا ‪.‬‬


‫‪ : 2‬الشرح الممتع ‪ ،‬البن عثيمين (‪ ، )114/7‬عن « الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ص ‪ - 123‬الباب الخامس ‪ :‬محظورات اإلحرام ‪ ،‬وما يجب فيها ‪ - ...‬المكتبة الشاملة »‪.‬‬
‫‪ : 3‬الفتح البن حجر (‪ ، )46/4‬جزاء الصيد ‪ ،‬باب ‪ :‬ما يُنهى من الطيب للمحرم ‪ ...‬تحقيق ابن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ح‪ ، 1838 /‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ : 4‬مجموع الفتاوى (‪.)136/22‬اهـ ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫باب ما ينهى من الطيب للمحرم ‪ » ...‬دار ابن كثير ‪ ،‬ضبطه ورقمه مصطفى ديب البُغا‪ .‬سنة ‪1414‬هـ ‪.] 1993/‬‬ ‫( ‪، ) 653 / 2‬‬ ‫[ الفتح البن حجر‬
‫حكم تغطية وجه المرأة في اإلحرام‬
‫»‪ [ .‬ذات المصدر ]‪.‬‬ ‫يحرم على المرأة تغطية وجهها في إحرامها ؛ لحديث ‪ « :‬وال تنتقب المرأة ‪ ،‬وال تلبس القفازين‬
‫فهل تُبقي المرأة وجهها مكشوفا طوال مدة اإلحرام ؟‬
‫‪ -‬ال ‪ ،‬بل تُغطيه ‪ :‬ألن نَهيه ﷺ المحرمة عن لبس النقاب « ال يعني بقاء المرأة كاشفة وجهها طوال مدة اإلحرام » ؛‬
‫فعن أسماء بنت أبي بكر رضي هللا عنهما « قالت ‪ :‬كنا نغطي وجوهنا من الرجال في اإلحرام »‪ [ .‬رواه الحاكم ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫« حديث صحيح على شرط الشيخين » ‪ ،‬وافقه الذهبي ‪ ،‬قال األلباني ‪ « :‬إنما هو على شرط مسلم وحده » ]‪.‬‬

‫صفة تغطية الوجه للمحرمة ‪:‬‬


‫أما عن كيفية ذلك ‪ ،‬تقول عائشة رضي هللا عنها ‪ « :‬كان الركبان يمرون بنا ‪ ،‬ونحن مع رسول هللا ﷺ محرمات ‪،‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ‪ ،‬فإذا جاوزونا كشفناه »‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ومعنى ذلك أن المحرمة « لو غطت وجهها بشيء ال يمس الوجه ‪ ،‬جاز باتفاق »‪.‬‬

‫قال أصحاب المذهب المالكي ‪ « :‬وأجمعوا ‪ ...‬أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدال خفيفا ؛‬
‫تستتر به عن نظر الرجال إليها » ‪ [ .‬االستذكار البن عبد البر (‪.] )14،15/4‬‬
‫وكذا قال ابن رشد‪ [ .‬بداية المجتهد (‪ ، )263/1‬الحج ‪ ،‬القول في التروك ‪ ،‬تنقيح وتصحيح خالد العطار ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪] .‬‬

‫جـ ‪ -‬ما هو مشترك بينهما من المحظورات ‪:‬‬


‫يحظر عليهما ما يلي ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫• إزالة شعر الرأس ‪ :‬وشعر البدن عموما ؛ بحلقه أو تقصيره ‪ ،‬أو نتفه‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫• تقليم األظافـــــــر ‪ :‬لكن نزع الظفر المكسور ‪ ،‬أوقص القدر المؤذي منه مباح باتفاق األئمة‪.‬‬
‫بس القفازيــــن ‪ :‬ويدخل تحت مسمى ال ُمحيط ؛ أو ما فُصل على قدر العضو‪.‬‬
‫• لُـ ُ‬
‫• الفســـــــــــــوق ‪ :‬المعاصي كلها ؛ كالعقوق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬والغيبة ‪ ،‬ومنها فعل محظورات اإلحرام‪.‬‬

‫• الجـــــــــــــــدال ‪ :‬المخاصمة ‪ ،‬والمنازعة ‪ ،‬والمماراة بغير حق‪ ،‬أما المجادلة بالتي هي أحسن ‪ ،‬لبيان الحق ‪،‬‬
‫فهذا ال حرج فيه‪.‬‬

‫• عقد النكــــــــاح ‪ :‬يحرم على المحرم ذلك ‪ ،‬في حق نفسه أو لغيره ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬ال يهنكح ال ُمحر ُم وال يُنكهح‬
‫ب »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )539/9‬كتاب النكاح ‪ ،‬باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ‪ ،‬حديث رقم ‪].1479 :‬‬ ‫وال يخ ُ‬
‫ط ُ‬

‫• التطـــــــــــيب ‪ :‬ال يجوز للمحرم استعمال الطيب في البدن ‪ ،‬وال في مالبس اإلحرام (‪ ، ) 5‬أو في المأكل‬
‫والمشرب؛ كخلط القهوة بالزعفران‪.‬‬

‫»‪ [ .‬سورة البقرة ‪.] 196 :‬‬ ‫• المباشـــــــــــرة ‪ :‬بتقبيل ‪ ،‬أو لمس ‪ ،‬أو ضم ‪ ...‬لعموم قوله تعالى ‪ « :‬فال رفث‬
‫والرفث ‪ :‬الجماع ‪ ،‬ومقدماته القولية ‪ ،‬والفعلية‪.‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫• الجمـــــــــــــــاع ‪ :‬قال تعالى ‪ « :‬فمن فرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج »‪.‬‬

‫‪ : 1‬صحيح ابن خزيمة (‪ ، )273/4‬حديث ‪ ، 2691‬مسند اإلمام أحمد (‪ ، )37/6‬حديث ‪ ، 24767‬سنن أبي داود ( ‪ ، ) 224/5‬كتاب المناسك ‪ ،‬باب في‬
‫المحرمة تغطي وجهها ‪ ،‬ح‪ ، 1833/‬وقال األلباني ـ في جلباب المرأة المسلمة ‪ ،‬ص ‪ 177‬ـ ‪ « :‬سنده حسن في الشواهد ‪ ،‬ومن شواهده حديث أسماء »‪.‬‬
‫‪ : 2‬مجموعة الرسائل الكبرى ‪ ،‬البن تيمية ( ‪ . ) 385،385/2‬مناسك الحج ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ : 3‬لقوله تعالى ‪ «[ :‬و ال تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله » ‪ ،‬سورة البقرة ‪] .195 :‬‬
‫‪ : 4‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 177/2‬أجل ‪ -‬إذن ‪ ،‬ما يُباح في اإلحرام ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪1474‬هـ‪1983/‬م ) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ]‪.‬‬
‫‪ : 5‬لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تلبسوا شيئا مسه زعفران وال الورس » ‪ [ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪ ،‬البن حجر (‪ ، )46/4‬كتاب ‪ :‬جزاء الصيد ‪ ،‬باب ‪ :‬ما يُنهى‬
‫من الطيب للمحرم ‪ ...‬تحقيق عبد العزيز بن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ح‪ ، 1838/‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬
‫‪ [ : 6‬البقرة ‪.] 196 :‬‬

‫‪24‬‬
‫• قتل الصيد البري ‪ :‬يحرم قتل الصيد (‪ ، ) 1‬حال اإلحرام ‪ ،‬وفي الحرم ‪ ،‬أو الداللة عليه ‪ ،‬أو اإلعانة على مسكه‪.‬‬
‫[ المائدة ‪]96‬‬ ‫أما صيد البحر فيجوز ؛ قال تعالى ‪ « :‬أحل لكم صيد البحر ‪ ...‬و ُحرم عليكم صي ُد البر ما دمتم ُح ُرما »‪.‬‬

‫ومن المحظورات ‪:‬‬


‫قطع شجر الحرم ‪ ،‬أو كسر أغصانه ‪ ،‬و إخافة الحمام ‪ ،‬ودهس الجراد في الحرم‪ .‬لكن تحريم قطع الشجر‬
‫حرم على من كان داخل حدود الحرم‪ ،‬سواء أكان ُمحرما أو غير محرم »‪.‬‬ ‫ال عالقة له باإلحرام ‪ « ،‬وإنما يه ُ‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 279/24‬الحج والعمرة ‪ ...‬جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫وأغلظ المحظورات ‪:‬‬


‫الجماع الذي يُفسد الحج والعمرة بإجماع ‪ ،‬حيث ‪ « :‬أجمعت األمة على تحريم الجماع في اإلحرام ‪ ،‬سواء كان‬
‫اإلحرام صحيحا أم فاسدا ‪ ،‬وتجب به الكفارة والقضاء »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪] . ) 297،414/7‬‬

‫حكم الجماع في إحرام العمرة ‪:‬‬


‫[‪ 174‬ـ ذهب الحنفية إلى أنه لو جامع قبل أن يؤدي ركن العمرة ؛ وهو الطواف ( أربعة أشواط ) (‪ ، ) 2‬تفسد‬
‫عمرته‪ ،‬أما لو وقع المفسد بعد ذلك ال تفسد العمرة ‪ ،‬ألنه بأداء الركن أمن الفساد‪.‬‬

‫وذهب المالكيـة إلى أن المفسـد إن حصـل قبل تمام سعيهـا ‪ ،‬ولو بشـوط فسـدت ‪ ،‬أما لو وقع بعد تمام السعي ـ‬
‫قبل الحلق ـ فال تفسد ‪ ،‬ألنه بالسعي تتم أركانها ‪ ،‬والحلق من شروط الكمال عندهم‪.‬‬

‫ومذهب الشافعية والحنابلة أنه إذا حصل المفسد قبل التحلل من العمرة فسدت‪ .‬والتحلل بالحلق ؛ وهو ركن عند‬
‫الشافعية ‪ ،‬واجب عند الحنابلة‪.‬‬

‫‪ 175‬ـ يجب في إفساد العمرة ما يجب في إفساد الحج ؛ من االستمرار فيها ‪ ،‬والقضاء ‪ ،‬والفداء باتفاق العلماء‪.‬‬
‫لكن اختلفوا في فداء إفساد العمرة ‪:‬‬

‫فمذهب الحنفية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وأحد القولين عند الشافعية ‪ :‬أنه يلزمه شاة ؛ ألن العمرة أقل رتبة من الحج ‪،‬‬
‫فخفت جنايتها ‪ ،‬فوجبت شاة‪.‬‬

‫ومذهب المالكية ‪ ،‬والشافعية أنه يلزمه بدنة ‪ ،‬قياسا على الحج‪.‬‬


‫]‪.‬‬ ‫(‪)186/7‬‬ ‫[ واختاره ابن باز ‪ ،‬مجموع الفتاوى (‪ ، )213/17‬والعثيمين ‪ ،‬الشرح الممتع‬

‫أما فداء الجماع الذي ال يفسد العمرة ‪ ،‬فشاة فقط عند الحنفية ‪ ،‬و بدنة عند المالكية‪ ] ) 3(.‬اهـ ‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية الجزء الثاني أجل ـ إذن ‪ ،‬ص‪ ، 192‬المبحث الثالث ‪ :‬في الجماع ودواعيه ‪ ،‬طبعة ذات السالسل الكويت ]‪.‬‬

‫وعند بعض العلماء ‪ :‬من جامع في العمرة فعليه فدية على التخيير ‪:‬‬
‫دم ‪ ،‬أو صيام ثالثة أيام ‪ ،‬أو إطعام ستة مساكين ‪ ،‬قال البهوتي ‪ ( :‬وكذا لو وطئ في العمرة ‪ ،‬قال ابن عبـاس ‪-‬‬
‫فيمن وقع على امرأته في العـمرة قبل التقصير ‪ « : -‬عليه فدية من صيام ‪ ،‬أوصدقة ‪ ،‬أو نسك »‪ .‬رواه األثرم )‪.‬‬
‫[ شرح منتهى اإلرادات ( ‪ ، ) 556 / 1‬كتاب الحج ‪ ،‬باب الفدية ]‪.‬‬

‫وقد أوضح الشيخ ابن عثيمين ذلك قائال ‪ « :‬والعمرة التي وقع فيها الجماع عمرة فاسدة ‪ ،‬ويجب عليك شاة‬
‫تذبـح في مكـة وتـوزع على الفقـراء ‪ ،‬أو إطعام ستـة مسـاكـين لكـل مسكين نصـف صـاع ‪ ،‬أو صيام ثالثة أيام ‪،‬‬
‫ويجب أيضا ً أن تقضي عمرة بدل العمرة التي فسدت »‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪ ، ) 219 / 22‬فتاوى الفقه ‪ ،‬باب الفدية وجزاء الصيد ‪ ،‬جمع وترتيب ‪ :‬فهد بن ناصر السليمان ]‪.‬‬

‫‪ : 1‬وهو كل حيوان متوحش مأكول اللحم ؛ كالظباء ‪ ،‬واألرانب ‪ ،‬والحمار الوحشي ‪ ،‬والحمام ‪ « : ...‬يا أيها الذين آمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم »‪[ .‬المائدة ‪.] 94:‬‬
‫‪ : 2‬فالطواف المجزئ عند الحنفية يكون بأربعة أشواط ؛ ألنها األكثر من نصف العدد الكامل ‪ ،‬وهو سبعة أشواط‪.‬‬
‫‪ : 3‬فتح القدير (‪ ، ) 241/2‬وحاشية العدوي (‪ ... )486/1‬إلخ المصادر‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫معنى المخيط المحظور‬
‫يجهل عامة الناس الضوابط الشرعية في » لباس اإلحرام « ؛ فيخلطون فيه بين المشروع والممنوع ؛ إذ‬
‫يمتنعون عن لُبس كل مخيط ‪ ،‬وهذا مجانب للصواب‪ .‬لذلك وجب توضيح هذه المسألة‪.‬‬

‫فالمخيط المحظور ‪ » :‬ال يشمـل كل ما فيه خياطـة « ‪ ،‬بل ما كان » مصنوعا على قدر العضـو ؛ ولو خال من‬
‫ض ِو ‪ ،‬بحيث يُحي ُ‬
‫ط به‪ .‬وهو‬ ‫الخياطة «‪ .‬وهو المعـبر عنه بكلمة » ال ُمحيط « ‪ :‬أي ال ُمفص ُل على قَد ِْر ال َبدَن أو العُ ْ‬
‫إذن قسمان ‪ » :‬ما أحاط بالبدن ‪ ،‬أو بجزء منه «‪.‬‬

‫األول ‪ :‬ما أحاط بالبدن ؛ ( كالقميص ‪ ،‬والبُرنس ‪.) ...‬‬


‫الثاني ‪ :‬ما أحاط بجزء منه ؛ ( كالطاقية ‪ ،‬والخفين للرجل ‪ ،‬والنقاب للمرأة ‪ ،‬والقفازين للرجل والمرأة )‪.‬‬
‫والقسمان كالهما محظوران‪.‬‬

‫» أهل العلم عندما ذكروا من محظورات اإلحرام » لبس المخيط « ‪ ،‬لم يريدوا بذلك لبس ما كان فيه خياطة ‪،‬‬
‫وإنما أرادوا بذلك ما يُصنع على البدن من الملبوسات ‪ ،‬أو على جزء منه ؛ كالسراويل والقميص ‪ ،‬وأما ما فيه‬
‫خياطة ‪ ،‬فإنه جائز إذا كان يجوز لبسه في اإلحرام ‪ ،‬مثل النعال التي فيها خرازة ‪ ،‬ومثل الكمر الذي يجعل فيه‬
‫النفقة ‪ ،‬وكذلك إذا انشق اإلزار وخاطه ‪ ،‬فإنه ال بأس في ذلك ‪ ،‬وكثير من العامة يفهمون من لبس المخيط أنه‬
‫لبس ما فيه خياطة ‪ ،‬وليس األمر كذلك «‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى الشيخ العثيمين ‪ ،‬ج ‪ ، 22‬باب الحج والعمرة ‪ ،‬سؤال رقم ‪.] 633‬‬

‫لذلك فإن [ القميص لو كان منسوجا ً بدون أي خياطة فهو » حرام « ‪ ...‬فكلمة المخيط هذه ما وردت في لسان‬
‫الرسول ﷺ وال في لسان أبي بكر وال عمر ‪ ،‬وال عثمان وال علي ‪ ،‬وال الصحابة ‪...‬‬
‫أول من نطق بها ( إبراهيم النخعي ) ‪ ،‬وهو من فقهاء التابعين ـ رحمه للا ـ وهي كلمة ال تصح ‪ ،‬بدليل أن اإلزار‬
‫المخيط والرداء المخيط المرقع » يجوز « ـ وهو مخيط ـ وأن القميص المنسوج بدون خياطة » حرام « ‪.] ...‬‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 135 / 22‬باب محظورات اإلحرام ‪ ،‬س ‪. ] 615 :‬‬

‫‪26‬‬
‫ثانيا ‪ -‬صفة الدخول إلى مكة‬
‫من آداب الدخول إلى مكة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ االغتسال لدخول مكة ‪:‬‬
‫يغتسل قبل وصوله مكة ‪ ،‬وقبل الطواف ‪ ،‬إذا تيسر ذلك لثبوته عنه ﷺ‪ [ .‬عن نافع قال ‪ « :‬كان ابن عمر رضي للا عنهما إذا دخل‬
‫أدنى الحرم أمسك عن التلبية ‪ ،‬ثم يبيت بذي طوى ‪ ،‬ثم يصلي به الصبـح ‪ ،‬ويغتسل ‪ .‬ويُحدّث أن النبي ﷺ كان يفعل ذلك »‪ [ .‬ابن حجر ‪ ،‬فتح الباري شرح‬
‫صحيح البخاري ( ‪ ، ) 375 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب االغتسال عند دخول مكة ‪ ،‬حديث ( ‪ ، ) 1573‬طبعة جديدة ‪ ..‬حقق أصلها ‪ ،‬ورقم كتبها ‪ ،‬وأبوابها ‪ ،‬وأحاديثها ‪:‬‬
‫عبد العزيز بن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ]‪.‬‬

‫ب لل ُمحرم أن يغتهس هل قبل دُخوله إلى مكَّةه ‪ ،‬وذلك عند ذي ُ‬


‫ط ًوى ‪ ،‬أو غيره‬ ‫جاء في الموسوعة الفقهية « يُست هح ُّ‬
‫من مداخل مكَّةه ‪ ،‬وهذا بات ّفاق ال همذاهب الفقهيَّة األربهعة ‪ :‬ال هحنهفيَّة ‪ ،‬والمالكيَّة ‪ ،‬والشَّافعيَّة ‪ ،‬وال هحنابلة »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ :‬الحج ‪ ،‬الباب الخامس ‪ :‬محظوراتُ اإلحرام ‪ ...‬المطلب الثاني ‪ :‬الغسل قبل دخول مكة‪ .‬وانظر الموسوعة الفقهية الكويتية‬
‫( ‪ ، ) 68 / 17‬حجاب ‪ -‬حفيد ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪ 1417‬هـ ‪ 1997 /‬م ) ‪ « ،‬حج » ‪ « ،‬ثالثا ‪ :‬الغسل لدخول مكة لآلفاقي » ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ] ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ دخول مكة من أعالها ‪ ،‬والخروج من أسفلها ‪:‬‬


‫وإال فله أن يد ُخ هل‬ ‫س هر له ذلك (‪َّ ، ) 3‬‬ ‫ويخر هج من أسفهلها (‪ ، ) 2‬إن تي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ب لل ُمحرم أن يد ُخ هل مكَّةه من أعالها (‪، ) 1‬‬ ‫{ يُست هح ُّ‬
‫خلهها منه الثَّنيَّة العليا ( كهداء )‬ ‫طريق شاء‪ [ .‬قال األلباني ‪ :‬ول هيد ُخل منه الناحية العليا التي فيها اليو هم ُ‬
‫باب المعالة ؛ فإنَّه صلَّى للاُ عليه وسلَّم د ه‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬
‫من ّ‬
‫ق شـاء ؛ لقوله ﷺ ‪:‬‬ ‫ال ُمشر هفة على المقبرة ‪ ،‬ودخل المسج هد من باب بني شيبة ؛ فـإن هـذا أقـرب ال ُّطــ ُرق إلى ال هح هجـر األسـود ‪ ،‬وله أن يد ُخلههـا من ّ‬
‫أي طريـ ٍ‬
‫ج من ههنا » ‪ :‬كتاب ( مناسك الحج والعُمرة ‪ ،‬ص ‪. ] ) 18‬‬ ‫ويخر ُ‬
‫ُ‬ ‫« ك ُّل فجاج مكَّة طريق و همنحهر »‪ .‬وفي حديث آ هخ هر ‪ « :‬مكَّةُ ك ُّلها طريق ‪ :‬يد ُخ ُل من ههنا‬

‫وهذا باتفاق المذاهـب الفقهيـة األربعــة ‪ :‬الحنفيـة ‪ ،‬والمالكيـة ‪ ،‬والشافعيـة ‪ ،‬والحنابلـة‪ .‬الدليـل من السنة ‪:‬‬
‫عن ابن عمر رضي للا عنهما ‪ « :‬كان ﷺ يدخل من الثنية العليا ‪ ،‬ويخرج من الثنية السفلى »‪} ) 4( .‬‬
‫األول ‪ :‬دخو ُل مكَّةه من أعالها ‪ ،‬وال ُخرو ُ‬
‫ج من أسفهلها ]‪.‬‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب الخامس ‪ ...‬المطلب َّ‬

‫‪ 3‬ـ دخولها نهارا ‪:‬‬


‫ب ال ُجمهور ‪ :‬المالكيَّة ‪،‬‬ ‫نهارا ‪ ،‬وهو همذ هه ُ‬
‫ً‬ ‫ب لل ُمحرم أن يد ُخ هل مكَّةه‬ ‫ال حرج أن يقع الدخول ليال ‪ ،‬لكن ( « يُست هح ُّ‬
‫ي ﷺ بذي‬ ‫ض َي هللاُ عنهما ‪ ،‬قال ‪ « :‬بات النب ُّ‬ ‫سلهف »‪ .‬لحديث ابن عمر َر ِ‬ ‫والشَّافعيَّة ‪ ،‬وال هحنابلة ‪ ،‬وقو ُل طائف ٍة منه ال َّ‬
‫ي هللاُ عنهما يفعَلُه » ‪ :‬البخاري (‪ )1574‬واللفظ له ‪ ،‬ومسلم (‪) )1259‬‬ ‫ض َ‬
‫ع َم َر َر ِ‬
‫ابن ُ‬ ‫ط ًوى حتى أصبَ َح ‪ ،‬ثم دخ َل مكةَ ‪ ،‬وكان ُ‬ ‫ُ‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ... :‬المطلب الثالث ‪ :‬دخو ُل مكَّةه نهارا ]‪.‬‬

‫‪ -‬ويتأكـد استحبـاب دخولها نهارا في حـق ‪ « :‬إنسـان يُقتدى به كالعالـم ونحوه ؛ ألنه ربما وافـق الجاهـل الذي‬
‫ال يعرف السنن فيعلمه ‪ ...‬فيقتدي به ‪ ...‬تأسيا ً بالنبي ﷺ » ‪ ،‬كما قال ابن تيمية ‪.‬‬
‫[ شرح زاد المستقنع ‪ ،‬دمحم المختار الشنقيطي ‪ ،‬باب دخول مكة ( ‪ ، ) 121 /3‬دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية بتصرف ] ‪.‬‬

‫حجر (‪. )437 /3‬‬ ‫‪ : 1‬من ثنيَّة كهداء ‪ :‬بفتح الكاف ‪ :‬وهي بأعلى مكَّة ‪ ،‬من الحجون ‪ ،‬ينحد ُر منها إلى المقابر‪ .‬يُن هظر ‪ « :‬المجموع » للنووي (‪ « ، )8/5‬فتح الباري » البن‬
‫‪ : 2‬من ثنيَّة ُكدها ‪ :‬بض ّم الكاف ‪ ،‬وهي بأس هفل مكَّةه بقُرب جبل قُعهيقعهان‪ .‬يُن هظر ‪ :‬المجموع للنووي ( ‪ ، ) 5/8‬فتح الباري البن حجر (‪.)437 /3‬اهـ قلت ‪ :‬قال اإلمام النووي‬
‫في شرح صحيح مسلم (جـ ‪ « : )4/9‬ومذهبنا أنه يستحب دخول مكة من الثنية العليا ‪ ،‬والخروج منها من الثنية السفلى ‪ ،‬لهذا الحديث »‪ [ .‬كتاب الحج ‪،‬‬
‫باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى ‪ ،‬حديث ‪ ، 1257‬تحقيق دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫النبي ﷺ لم يأ ُمر أن يد ُخ هل النَّ ُ‬
‫اس من أعالها »‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫سنُّ إذا كان ذلك أرفهقه لدُخوله ‪ ،‬ودلي ُل هذا أنَّ‬
‫‪ : 3‬قال ابنُ عثيمين ‪ « :‬الذي يظه ُهر أنَّه يُ ه‬
‫[ الشرح الممتع ‪.] )228/7( ،‬‬
‫‪ [ : 4‬أخرجه البخاري ( ‪ ) 1575‬واللفظ له ‪ ،‬ومسلم ( ‪. ] ) 1257‬‬

‫‪27‬‬
‫ثالثا ‪ -‬صفة الدخول إلى المسجد الحرام‬
‫من آداب الدخول إلى المسجد الحرام ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ دخوله من باب بني شيبـــــة ‪:‬‬


‫صالة‬
‫سالم‪ ،‬إذ منه « دخل عليه ال ّ‬
‫( ويستحب له أن يدخل المسجد من باب بني شيبة المعروف اآلن بباب ال ّ‬
‫سالم » ‪ .‬هذا ما انعقد إجماع األئ ّمة عليه )‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪. ] )275/39‬‬
‫وال ّ‬
‫‪ 2‬ـ دخولـــه متوضئــــــــــــــــــــا ‪:‬‬
‫فإذا وصل المسجد الحرام ‪ ،‬يدخله متوضئا ‪ ،‬لحديث عائشة رضي هللا عنها ‪ « :‬أن أول شيء بدأ به حين قَدِم‬
‫النبي ﷺ أنه توضأ ثم طاف »‪ [ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري( ‪ ، ) 215 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى‬
‫بيته ‪ ...‬دار الفكر للطباعة والنشر ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1441 - 1447‬هـ ‪ 2719 /‬م ) ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تقديم رجله اليمنى في الدخول ‪:‬‬


‫وقول ‪ « :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم »‪ « [ .‬عن عبد للا بن عمرو بن‬
‫العاص عن النبي ﷺ أنه كان إذا دخل المسجد قال ‪ :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا قال ذلك ‪ ،‬قال‬
‫الشيطان ‪ :‬حُفظ مني سائر اليوم »‪ .‬أخرجه أبوداود في سننه (‪ ، )466‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح‬
‫الجامع (‪ ، ) 217/4‬وقال عنه اإلمام النووي ‪ -‬في األذكار (‪ « : - )121/1‬حديث حسن رواه أبوداود بإسناد جيد » ]‪.‬‬

‫»‪) .‬‬ ‫(‪) 3‬‬


‫( « بسـم للا والصــالة (‪ ، ) 1‬والســالم على رســول للا (‪ ، ) 2‬اللهــم افتــح لـي أبــواب رحمتــك‬
‫[ حصن المسلم ‪ ،‬ص‪ ، 23‬للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني ]‪ .‬ويقول ذلك عند دخول أي مسجد‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ رفع يديه عند رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما شاء ‪ ،‬إن شاء ‪:‬‬
‫لثبوته عن ابن عباس رضي للا عنهما‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬

‫و له أن يقول ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا بالسـالم ‪ ،‬لما روي أن عمر رضي للا عنه كان‬
‫إذا نظر إلى البيت قال ذلك »‪ [ .‬المجموع شرح المهذب ‪ ،‬للنووي ( ‪ « ، ) 19 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى‬
‫البيت « ‪ ،‬تحقيق وتعليق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ ] .‬وقال األلباني ‪ ( :‬يدعو بما تيسر له ‪ ،‬وإن دعا بدعاء عمر ‪ « :‬اللهم أنت‬
‫السالم ومنك السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا بالسـالم » فحسـن ؛ لثبوتـه عنه رضي للا عنه )‪ [ .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪ ، 27‬ط ‪1999 / 1427 ( 1‬م ) ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪،‬‬
‫الرياض ]‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ الطواف والسعي ‪:‬‬


‫بعد رؤية الكعبة‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪ ،‬يطوف بالكعبة‪ ،‬ويسعى (‪ ) 5‬بين الصفا‪ ،‬والمروة ‪ ،‬ويحلق أو يقصر شعره ‪:‬‬
‫[ طواف ‪ ،‬سعي ‪ ،‬تقصير] ‪ ،‬ويتحلل من إحرامه ‪ ،‬ويستمتع بكل شيء ‪ ،‬دون استثناء ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ تقديم رجله اليسرى في الخروج ‪ ،‬وقول ‪:‬‬


‫« بسم للا والصالة والسالم على رسول للا ‪ ،‬اللهم إني أسألك من فضلك (‪ ، ) 6‬اللهم اعصمني من الشيطان‬
‫الرجيم (‪.» ) 7‬‬

‫‪ : 1‬رواه ابن السني برقم ‪ ، 88‬وحسنه األلباني في « الثمر المستطاب »‪ .‬ص ‪ ، 776‬و « في الكلم الطيب » ‪ ،‬برقم ( ‪.)64‬‬
‫‪ : 2‬أبو داود في سننه (‪ ، )126/1‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب ما يقوله الرجل عند دخوله المسجد‪ .‬وانظر صحيح الجامع (‪.)528/1‬‬
‫‪ : 3‬رواه مسلم (‪ .)494/1‬وفي سنن ابن ماجة ‪ ،‬من حديث فاطمة رضي للا عنها ‪ » :‬اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك » ‪ .‬وصححه‬
‫األلباني لشـواهده ‪ ،‬أنظر صحيح ابن ماجة ( ‪ ) 128/1‬ـ ‪ . 129‬وانظر [ اللحنة الدائمة للبحوث العلمية وإلفتاء ( ‪ ، ) 292 ، 291 / 5‬برئاسة ابن باز ]‪.‬‬
‫‪ : 4‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ ، )436/3‬وصححه األلباني في مناسك الحج والعمرة ص‪ ، 18‬انظر كتاب » العمدة في أعمال الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪.» 48‬‬
‫للشيخ دمحم علي فركوس‪.‬‬
‫‪ : 5‬البد أن يستشعر الناسك ‪ :‬أن السعي ليس مجرد هرولة بين جبلين ‪ ،‬ولكن يطلب بهذا السعي من للا تعالى أن ينقذه من براثن الرذيلة ‪ ،‬ويغنيه بفضله‬
‫عمن سواه ‪ ،‬وأن يشمله برحمته الواسعة ‪ ،‬كما رحم للا السيدة هاجر وابنها بماء زمزم ‪.‬‬
‫‪ ... » : 6‬فإذا خرج فليقل ‪ :‬اللهم إني أسألك من فضلك »‪ .‬أبو داود (‪ ، )393‬ابن ماجة (‪ ، )764‬وصححه األلباني ‪ :‬انظر صحيح الكلم الطيب (‪.)65‬‬
‫‪ ... » : 7‬وإذا خرج فليسلم على النبي ﷺ ‪ ،‬وليقل ‪ :‬اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم »‪ .‬صحيح ابن ماجة (‪ ، )129/1‬وصححه األلباني في ذات الكتاب ‪.626‬‬

‫‪28‬‬
‫مالحظــــــــة ‪ :‬أما ما يتعلق بكيفية ( طواف العمرة والسعي ‪ ،‬ومتعلقاتهما ) ‪ ،‬تناوله فيما يلي ‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫رابعا ‪ -‬كيفية طـواف العمـرة‬
‫نتعرف إلى كيفية أداء طواف العمرة من خالل َ‬
‫ط ْرق الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫االضطباع والرمل ‪ ،‬وقطع التلبية عند الشروع في الطواف ‪ ،‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪ ،‬الشروع في‬
‫الطواف بالبيت ‪ ،‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪ ،‬التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬وصالة ركعتي‬
‫الطواف‪ ،‬استالم ال َح َجر بعد الركعتين ‪ ،‬والشرب والتضلع من ماء زمزم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬االضطباع ‪ ،‬والرمل ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬االضطباع ‪:‬‬
‫يستحب للرجل أن يضطبع قبل أن يبدأ في الطواف‪.‬‬
‫فما معنى االضطباع ‪ ،‬وماصفته ‪ ،‬وزمنه ؟‬
‫• معنى االضطباع لغة ‪:‬‬
‫ق منه الضَّبع ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬العهضُد ؛ ُ‬
‫س ّم هي بذلك إلبداء أحد‬ ‫« مشت ٌّ‬
‫(‪) 1‬‬
‫الضَّبعين »‪.‬اهـ‬

‫• معنى االضطباع اصطالحا ‪:‬‬


‫« أن يجعل الر ُج ُل وسط ردائه تحت منكبه عند إبطه ‪ ،‬ويطرح طرفيه على منكبه األيسر ‪ ،‬ويكون منكبه‬
‫األيمن مكشوفا »‪ [ .‬متن اإليضاح في المناسك للنووي ‪ ،‬ص‪ ،68‬الحج ‪ ،‬الفصل الثاني في كيفية الطواف] ‪ .‬و[ المغنى البن قدامة ( ‪، ) 339/ 3‬المكتبة‬
‫الشاملة ]‪.‬‬

‫• صفة االضطباع ‪:‬‬


‫أن يكشف الرجل الكتف األيمن ‪ ،‬ويغطي الكتف األيسر جميع األشواط ‪.‬‬
‫إذ « االضطباع سنة في جميع أشواط الطواف »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ ، )134/29‬سنن الطواف ‪ ،‬اإلضطباع ] ‪.‬‬

‫• زمن االضطباع ‪:‬‬


‫» [ متن اإليضاح في المناسك ‪ ،‬النووي‪ ،‬ص ‪].68‬‬ ‫« يُستحب أن يضطبع مع دخوله في الطواف ‪ ،‬فإن اضطبع قبله بقليل فال بأس‪.‬‬
‫الـر همـل ‪:‬‬
‫ب‪ّ -‬‬
‫أجمع العلماء على مشروعية الرمل للرجال ‪ ،‬دون النساء‪ .‬فما معنى الرمل ‪ ،‬وما صفته ؟‬
‫• معنى الرمل ‪:‬‬
‫ويسمى أيضا ‪:‬‬ ‫« اإلسراع في المشي مع تقارب الخطى ‪ ،‬وهـو دون العدو ‪ ،‬وفوق المشي المعتاد »‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫ال هخبهب‪ .‬تأسيا بالنبي ﷺ ‪ ،‬فقد « رمل من الحجر األسود إلى الحجر األسود ثالثا‪ ،‬ومشى أربعا »‪.‬‬
‫[ السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 83 / 5‬الحج ‪ ،‬باب االبتداء بالطواف من الحجر األسود ‪ ...‬رواه مسلم في الصحيح ‪ ،‬عن عبدللا بن عمر بن أبان ‪ .‬وعن جابر بن‬
‫عبد للا رضي للا عنهما ‪ ،‬أنه قال ‪ « :‬رأيتُ رسول للا ﷺ رمل من الحجر األسود ‪ ،‬حتى انتهى إليه ثالثة أطواف » ]‪.‬‬

‫• صفة الرمل ‪:‬‬


‫أوضح ابن قدامة أنه يُسن للمحرم الرمل في األشواط الثالثة األولى فقط ‪ ،‬فقال ‪ « :‬الرمل سنة في األشواط‬
‫الثالثة بكمالها ‪ ،‬ير ُم ُل من الحجر إلى أن يعود إليه ‪ ،‬ال يمشي في شيء منها »‪ .‬وإنما يمشي في بقية األشواط‬

‫‪ : 1‬ينظر ‪ :‬لسان العرب البن منظور (‪ ، ) 216/8‬والقاموس المحيط للفيوز آبادي ( ‪ ، ) 747 / 1‬و « اإليضاح في مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬للنووي ‪ ،‬الفصل الثاني ‪:‬‬
‫كيفية الطواف ‪ ،‬ص‪ ، 277‬دار البشائر اإلسالمية ‪ ،‬المكتبة اإلمدادية ‪ ،‬مكة المكرمة «‪.‬‬
‫‪ : 2‬إحياء علوم الدين ( ‪ ، ) 327 / 1‬ألبي حامد الغزالي ‪ ،‬كتاب أسرار الحج ‪ ،‬الباب الثاني ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬و[ الموسوعة الفقهية ‪-‬‬
‫الدرر السنية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ :‬الطواف ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬الرمل ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬تعريف الرمل ]‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬مسألـة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ورمل ثالثـة أشـواط ‪ ،‬ومشى أربعة ‪ ، ) ...‬تحقيق د ‪ :‬عبد للا بن عبد‬ ‫‪612‬‬ ‫األربعة‪ [ .‬المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 218 / 5‬كتاب الحج ‪،‬‬
‫المحسن التركي ‪ ،‬د ‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو‪ .‬وانظر ‪ :‬زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، ) 419 /1‬الحج ‪ ،‬اعتنى به محمود بن الجميل دار اإلمام مالك‪ ،‬الجزائر ‪].‬‬

‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬قائال ‪ « :‬ال أعلم خالفا أن الرمل ‪ ...‬ال يكون إال في ثالثة أطواف من‬
‫السبعة ‪ ،‬في طواف دخول مكة ‪ ،‬خاصة للقادم الحاج ‪ ،‬أو المعتمر »‪.‬‬
‫[ االستذكار ( ‪ « ، ) 197 / 4‬باب الرمل في الطواف » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬سالم دمحم عطا ‪ ،‬دمحم علي معوض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 2777‬م ) ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪].‬‬

‫‪ - 2‬قطع التلبية عند الشروع في الطواف ‪:‬‬


‫‪ « -‬يقطع المعتمر التلبية » (‪ ، ) 1‬ويبدأ الطواف حول الكعبة ‪ ،‬باستقبال الحجر األسود‪.‬‬

‫‪ - 3‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪:‬‬


‫يقصد الحجر األسود ‪ ،‬ثم يقوم بما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يستقبله ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » ‪:‬‬
‫الضعيف ‪ ،‬إن و هجدته‬
‫ه‬ ‫عمر ‪ ،‬إنك هر ُجل قوي‪ ،‬ال تُزاحم على ال هح هجر فتؤذ ه‬
‫ي‬ ‫لقوله ﷺ لعمر رضي للا عنه ‪ « :‬يا ُ‬
‫ُخلوةً فاستلمه ‪ ،‬وإال فاستقبله فهلل وكبّر «‪.‬‬
‫سنه ا ألرناؤوط ‪ :‬تخريج المسند (‪ ، )197‬وقواه األلباني ‪ « :‬مناسك الحج والعمرة »‪ ،‬ص ‪]. 21‬‬
‫[ أخرجه البيهقي ‪ :‬السنن الكبرى (‪ ، )9261‬وح ّ‬

‫والتسمية قبل التكبير « صحت عن ابن عمر موقوفا »‪.‬‬


‫[ مناسك الحج والعمرة لأللباني ‪ ،‬ص ( ‪.] ) 27‬‬

‫روى عبد الرزاق في مصنفه ( ‪ ) 33 / 5‬عن ابن عمر رضي للا عنهما « أنه كان إذا استلم الركن قال ‪ « :‬بسم‬
‫للا‪ ،‬وللا أكبر »‪ [ .‬صححه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (‪.] ) 247/2‬‬

‫ب ‪ -‬يستلمه (‪ ) 2‬بيمينه ‪ ،‬ويُقبّله إن تيسر ‪ ،‬ويسجد عليه أيضا ‪:‬‬


‫( فقد فعله رسول للا ﷺ ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وابن عباس ‪ :‬أخرجه الشافعي وأحمد ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬وهو حديث قوي ‪ ،‬كما‬
‫بينتُه في « الحج الكبير «‪ [ ) .‬األلباني ‪ :‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص ( ‪.] ) 27‬‬

‫جـ ‪ -‬وإال يستلمه بيده ويقبّل يده ‪:‬‬


‫قال النبي ﷺ ‪ « :‬إن مسح الحجر األسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا »‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫وقال ‪ « :‬ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما‪ ،‬ولسان ينطق به‪ ،‬يشهد على من استلمه بحق »‪.‬‬
‫[ سنن الترمذي ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ما جاء في الحجر األسود ( ‪ ، ) 294/3‬سنن ابن ماجة ‪ ،‬كتاب المناسك ‪ ،‬باب استالم الحجر ( ‪ ، ) 982 / 2‬مسند أحمد‬
‫( ‪ ، ) 921 / 1‬وصححه األلباني في صحيح الجامع ( ‪. ] ) 5222‬‬

‫د ‪ -‬أو يستلمه بعصا ونحوها ‪ ،‬ويُقبّل ما استلمه به ‪:‬‬


‫قال ابن حجر ‪ « :‬السنة أن يستلم الركن ‪ ،‬ويُقبّل يده ‪ ،‬فإن لم يستطع أن يستلمه بيده ‪ ،‬فبشيء في يده ‪ ،‬وقبّل‬
‫ذلك الشيء ‪ ،‬فإن لم يستطع أشار إليه ‪ ،‬واكتفى بذلك »‪.‬‬
‫[ فتح الباري ( ‪ ، ) 477 / 3‬الحج ‪ ،‬باب استالم الركن بالمحجن ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ابن باز ‪ ،‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪].‬‬

‫‪ -‬ودليل استحباب تقبيل ما استلم به ‪ « :‬سمعتُ أبا الطفيل يقول ‪ :‬رأيتُ رسول هللا ﷺ يطوف بالبيت ‪ ،‬ويستلم‬
‫جن »‪ [ .‬صحيح مسلم ( ‪ ، ) 927 / 2‬الحج ‪ ،‬باب جواز الطواف على بعير ‪ ...‬واستالم الحجر بمحجن ونحوه ‪].‬‬ ‫المحْ َ‬
‫بمحْ َجن معه ‪ ،‬ويُـقبل ِ‬‫الركن ِ‬
‫جنُ ‪ :‬عصا منحنية الرأس »‪ [ .‬فتح الباري ( ‪ ، ) 477 / 3‬وزاد المعاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪ ، ) 418 / 1‬ك الحج‪ .‬والمجموع للنووي (‪] .)36/9‬‬ ‫« والمح ه‬

‫‪ : 1‬وذلك عند بدء الطواف للمعتمر ‪ « :‬وهذا مذهب الجمهور ‪ :‬الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول طائفة من السلف ‪ ،‬وذهب إليه أكثر أههل العلم ‪« .‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬الحج الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتهاء وقت التلبية ‪.] ...‬‬
‫و [ « اإليضاح في مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬للنووي ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬كيفية الطواف ‪ ،‬ص‪ ، 277‬دار البشائر اإلسالمية ‪ ،‬المكتبة اإلمدادية ‪ ،‬مكة المكرمة «‪] .‬‬
‫‪ : 2‬أي ‪ :‬يلمسه ‪ ،‬أو يمسحه بكفه‪.‬‬
‫‪ : 3‬سنن النسائي ‪ ،‬كتاب منسك الحج ‪ ،‬باب ذكر الفضل في الطواف بالبيت ( ‪ ، ) 221 / 5‬مسند أحمد ( ‪ ، ) 11 / 2‬المعجم الكبير ( ‪ ، ) 397 / 12‬صححه األلباني في‬
‫صحيح الجامع ( ‪.) 2197‬‬

‫‪31‬‬
32
‫هـ ‪ -‬فإن تعذر أشار إليه بيمناه من بعيد ‪ ،‬قائال ‪ « :‬للا أكبر » (‪: ) 1‬‬
‫دون أن يُقبل يده ‪ ،‬ودون توقف ‪ .‬يفعل ذلك في كل شوط ‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 42 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق وتعليق مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ .‬و زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ . )419 / 1‬وانظر مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة ‪ ،‬البن باز ( ‪ « ، ) 427 / 17‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج‬
‫والعمرة‪ ،‬أعمال مناسك العمرة » ‪ ،‬جمع وإشراف ‪ :‬د ‪ /‬دمحم بن سعد الشويعر ‪ 1421 ( ،‬هـ ) ‪ ،‬دار القاسم ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ - 4‬الشروع في الطواف بالبيت ‪:‬‬


‫نتعرف إلى ذلك من خالل ما يلي ‪:‬‬
‫موضع بدء الطواف ‪ ،‬وما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬موضع بدء الطواف ‪:‬‬


‫يبدأ الطائـف طوافـه من الركـن الذي فيه الحجـر األســود ؛ يجعـل الكعبـة عن يســاره ‪ ،‬ويطــوف حولهـا ‪:‬‬
‫« كل مرة من الحجر األسود إلى الحجر األسود »‪ ) 2(.‬حيث من الحجر األسود إليه يُعذ « شوطا «‪.‬‬
‫« ثم يطوف ثانية وثالثة حتى يكمل سبع طوفات ؛ من الحجر األسود إليه طوفة »‪ [ .‬المجموع ( ‪.] ) 15 / 9‬‬

‫حيث ‪ « :‬ابتداء الطواف من الحجر األسود شرط لصحة الطواف ‪ ،‬فال يُعتد بالشوط الذي بدأه بعد الحجر‬
‫األسود‪ ،‬وهو مذهب الشافعية والحنابلة ‪ ،‬ورواية عند الحنفية ‪ ،‬وقول عند المالكية »‪ [ .‬الموسوعو الفقهية ‪ -‬الدرر‬
‫السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬شروط الطواف‪ ،‬المطلب الرابع ‪ :‬ابتداء الطواف من الحجر األسود ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪:‬‬


‫ويُستحب أن يقول في بداية طوافه ‪ ( :‬عند استالم الحجر األسود أوال ‪ ،‬وعند ابتدائه بالمشي في الطواف أيضا ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫« بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهم إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪ ،‬ووفا ًء بعهدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك ﷺ » ‪) .‬‬
‫« ويأتي بهذا الدعاء عند محاذاة الحجر األسود في كل طوفة »‪.‬‬
‫[ حاشية ابن حجر على شرح اإليضاح في مناسك الحج للنووي ‪ ،‬ص ‪ ، 267‬كتاب الحج ‪ ،‬سنن الطواف وآدابه ‪ ،‬دار الحـديث للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫لكن الشيخ العثيمين قال ‪ :‬يقوله عند أول مرة فقط ‪ « ،‬يقول ‪ :‬بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهم إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪ ،‬ووفا ًء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك‬
‫دمحم ﷺ ‪ ،‬ثم إذا حاذى الحجر يقول ‪ :‬للا أكبر فقط »‪ .‬انظر ‪ :‬كتاب اللقاء الشهري ‪ -‬ص ‪ ، 6‬صفة العمرة ‪ -‬المكتبة الشاملة الحديثة ]‪.‬‬

‫‪ - 5‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪:‬‬


‫نتناول في هذا الموضوع مايلي ‪ :‬موقع الركن اليماني ‪ ،‬صفة استالم الركن اليماني ‪ ،‬وما يقال عنده ‪ ،‬وما يقال‬
‫بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬موقع الركن اليماني ‪:‬‬


‫هو الركن الواقع قبل ركن الحجر األسود ؛ بحيث يَ ُمر به الطائف قبل مروره بالحجر األسود‪ ( .‬انظر الصورة المرفقة )‪.‬‬

‫ب ‪ -‬صفة استالم الركن اليماني ‪ ،‬وما يقال عنده ‪:‬‬


‫• صفة استالمه ‪ :‬فإذا وصل إلى الركن اليماني استلمه بيمينه ؛ أي وضع يمناه عليه‪.‬‬
‫• ما يقال عنده ‪ :‬وقال ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر »‪.‬‬
‫( نقل الطبراني عنه بإسناد جيد أنه كان إذا استلم الركن اليماني ‪ ،‬قال ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » ‪) ) 4( .‬‬
‫[ زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، )419/1‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( ‪] . ) 219 / 17‬‬

‫‪ « : 1‬قال مالك ‪ :‬يكبر ويمضي ‪ ،‬وال يرفع يديه «‪[ .‬المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك ( ‪ ، ) 396 / 1‬كتاب الحج األول ‪ ،‬ط ‪1415 ( 1‬هـ ‪1994 /‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 25 / 9‬الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪.‬‬
‫‪ : 3‬المجموع للنووي ( ‪ . ) 41 ، 47 /9‬و [ كتاب اللقاء الشهري للعثيمين ( جـ ‪ ، 17‬ص‪ ، ) 6‬المكتبة الشاملة ]‪ .‬و [التحقيق واإليضاح‪ ...‬البن باز ‪ ،‬ص‪ ، 42‬ط ‪.] 19‬‬
‫‪ : 4‬أخرجه أحمد ( ‪ ) 14 / 2‬من حديث ابن عمر رضي للا عنه‪ .‬وقال األرناؤوط ( ‪ : ) 4628‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫صفة استالمه ( حسب المذاهب األربعة ) ‪:‬‬
‫يُجزئ في هذا االستالم وضع اليد عليه فقط ‪:‬‬
‫قال مالك ‪ :‬يستلمه وال يُقبّل يده ‪ ،‬ولكن يضعها على فيه ‪:‬‬
‫جاء في المدونة على الفقه المالكي ‪ ( :‬قال مالك ‪ « :‬ويهستهل ُم الركن اليماني باليد ‪ ،‬ويضع اليد التي استلم بها‬
‫على الفم من غير أن يقبل يده »)‪ [ .‬المدونة الكبرى‪ ،‬اإلمام مالك (‪ ، )396/1‬كتاب الحج األول‪ ،‬الطبعة األولى (‪1415‬هـ ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‬
‫]‪.‬‬

‫وفي المنتقى للباجي ‪ -‬المالكي ‪ « : -‬وظاهر المسح باليد ‪ :‬الوضع على الممسوح ‪ ،‬وكان مالك ومن روى‬
‫عنه يستحب أن يضعها على فيه ؛ ألن معنى االستالم عائد إلى الفم »‪.‬‬
‫[ المنتقى ( ‪ ، ) 571 / 3‬الحج ‪ ،‬تقبيل الركن األسود في الطواف ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد القادر أحمد عطا ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال أحمد ‪ :‬يُقبّله‪.‬‬


‫[البيان في فقه اإلمام الشافعي البن عمران العمراني ( ‪ ، ) 278 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫وعند الشافعي ‪ :‬يهستهل ُم الركن اليماني باليد ‪ ،‬ويُقبّلها بعده ‪.‬‬


‫حب أن يستلم الركن اليماني بيده ويُقبّلها ‪ ،‬وال يُقبّله ‪ ،‬ألني لم أعلم أحدا روى‬ ‫قال الشافعي في « األم » ‪ « :‬وأ ُ ُّ‬
‫عن النبي ﷺ أنه قبّل إال الحجر األسود ‪ ،‬وإن قبّله فال بأس به »‪ [ .‬األم ( ‪.] ) 186 / 2‬‬

‫وفي المجموع للنووي « قال الشافعي ‪ : ...‬يُستحب استالم الحجر األسود وتقبيله ‪ ،‬واستالم الركن اليماني‬
‫وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طوفة من السبع »‪ [ .‬المجموع ( ‪] . ) 47 / 9‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وقال أبوحنيفة ‪ :‬ال يستلمه وال يُقبّله‬

‫والصواب ما يلي ‪:‬‬


‫• استحباب استالم الركن اليماني دون تقبيله ‪ :‬وذلك باتفاق أهل العلم ‪:‬‬
‫لثبوت استالمه عن النبي ﷺ ‪ ،‬وعدم ثبوت تقبيله أو تقبيل اليد بعد مسحه ‪ -‬في غير ما حديث ‪ -‬كما في‬
‫الصحيحين‪:‬‬
‫‪ -‬جاء في نيل األوطار للشوكاني ‪ « :‬الثابت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي ﷺ كان‬
‫يستلمه فقط »‪ ، )47/ 5( [ .‬الحج ‪ ،‬باب الطائف يجعل البيت ‪ ...‬ضبطه ‪ :‬دمحم سالم هاشم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫‪ -‬وثبت عنه ﷺ « أنه استلم الركن اليماني ‪ ،‬ولم يثبت عنه أنه قبّله ‪ ،‬وال قبّل يده عند استالمه »‪.‬‬
‫[ زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪]. ) 418 / 1‬‬

‫‪ -‬وقال ابن قدامة ‪ ( :‬فإذا وصل إلى ‪ ...‬الركن اليماني استلمه‪ .‬قال الخرقي ‪ « :‬ويقبله »‪ .‬والصحيح عن‬
‫أحمد أنه ال يُقبّله ‪ ،‬وهو قول أكثر أهل العلم )‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 226 / 5‬الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪ /‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪ ،‬د ‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪ -‬وقال ابن عبد البر في « التمهيد » ‪ « :‬جائز عند أهل العلـم أن يهستلـم الركـنه اليماني ‪ ،‬والركـنه األسـود ‪،‬‬
‫ال يختلفون في شيء من ذلك ‪ ،‬وإنما الذي فرقوا به بينهما ‪ :‬التقبيل ‪ ،‬فرأوا تقبيل األسود ‪ ،‬ولم يروا تقبيل‬
‫اليماني ‪ ،‬وأما استال ُمهما جميعا فأمر ُمج همع عليه »‪.‬‬
‫عن [ المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 226 / 5‬ك الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪/‬عبد للا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬ود‪/‬عبد الفتاح دمحم الحلو‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪ .‬وينظر ‪:‬‬
‫التمهيد البن عبد البر ( ‪ ، ) 267 ، 259 / 22‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق سعيد أحمد أعراب ‪1417 ( ،‬هـ ‪1997 /‬م )]‪.‬‬

‫‪ : 1‬البيان في فقه اإلمام الشافعي البن عمران العمراني ( ‪ . ) 278 / 4‬ويُنظر ‪ [ :‬المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 226/5‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د ‪/‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪،‬‬
‫ود ‪/‬عبد الفتاح دمحم الحلو‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪34‬‬
35
‫• استحباب استالم الركن اليماني ‪ ،‬وقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر »(‪ : ) 1‬وذلك في كل طوفة‪.‬‬
‫جاء في « المغنـي » ‪ ( :‬ويستلم الركنين ؛ األسـود واليماني في كل طوفـة ؛ ألن ابن عمر قال ‪ « :‬كان‬
‫ج َر في كل طوفة » ‪ [ . ) ...‬ابن قدامة ( ‪.] ) 227 / 5‬‬ ‫رسول هللا ﷺ ال يدع أن يستلم الركن اليماني وال َح َ‬
‫يفعل ذلك في كل طوفة ‪ :‬أي « يُشرع للطائف أن يستلم الحجر األسود ‪ ،‬والركن اليماني في كل شوط من‬
‫أشواط الطواف »‪ [ .‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز ( ‪. ] ) 219 / 17‬‬

‫ق عليه استال ُمه ‪:‬‬


‫• فإن ش ّ‬
‫‪ -‬يُكبّر ويمضى في طوافه عند محاذاته ‪ ،‬دون إشارة ‪:‬‬
‫دونة الكبرى ‪ « :‬قلتُ البن القاسم ‪ :‬فما قول مالك فيمن لم يستطع أن يستلم الركن اليماني‬ ‫جاء في ال ُم َّ‬
‫لزحام الناس ‪ ،‬أهيُكبّر ويمضي ‪ ،‬أم ال يُكبّر ؟ قال ‪ :‬يُكبّ ُر ويهمضي »‪.‬‬
‫[ المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك ( ‪ ، ) 396 / 1‬كتاب الحج األول ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1415‬هـ ‪1994 /‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪ -‬ال يُكبّر وال يشير إليه عند المحاذاة ‪:‬‬


‫سنة استالمه ‪ ،‬وال يُقبّل ‪ ،‬وال يُشار إليه عند العجز‬ ‫جاء في الموسوعة الحديثية ‪ « :‬أما الركن اليماني فال ُّ‬
‫عن استالمه ‪ ،‬واليُكبّر عند استالمه »‪ [ .‬الدرر السنية ‪ -‬شروح الحديث ‪ ،‬علوي بن عبد القادر السقاف ]‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪ ( :‬أما الركن اليماني فلم يهرد فيما نعلم ما يدل على اإلشارة إليه ‪ ،‬وإنما يستلمه بيمينه ‪ ،‬إذا‬
‫استطاع ‪ ،‬من دون مشقة‪ ،‬وال يقبله‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا‪ ،‬وللا أكبر » أو « للا أكبر » ‪ ،‬أما مع المشقـة فال‬
‫يُشـرع له استالمـه ‪ ...‬ويمضي في طوافــه من دون إشــارة أو تكبير ‪ [ . ) ..‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز ( ‪/ 17‬‬

‫‪ . ) 219‬و الجامع الممتاز في فقه وفتاوى الحج والعمرة ‪ ،‬للعالمة ابن باز ‪ ،‬ص ( ‪ ، ) 517‬و« حكم استالم الركن اليماني » ‪ ،‬د ‪ :‬أحمد مصطفى متولي ‪،‬‬
‫المشرف العام على شبكة الطريـق إلى الجنـة ‪ .‬وعند الشيــخ العثيمين ‪ :‬ال تكبير مع استالم الركن اليماني ‪ ،‬قال ‪ « :‬كان الرسول ﷺ يستلمه ‪ ،‬ولم يكن‬
‫يكبر ‪ ،‬وعلى هـذا فـال يُسـن التكبير عند استالمه »‪ .‬انظر ‪ :‬الشرح الممتع (‪ ، )283/7‬مجموع فتاوى ابن عثيمين ( ‪].) 331 / 22‬‬

‫لذلك فاألمر هنا واسع ‪ :‬فللطائف العاجز عن استالم الركن اليماني خياران ‪:‬‬
‫‪ -‬يُكبّر ويمضي عند محاذاته ‪ ،‬كما في المدونة ‪ -‬اإلمام مالك‪.‬‬
‫‪ -‬أو يمضي دون إشارة أو تكبير ‪ ،‬عند من يرى عدم ثبوت شيء من ذلك عن النبي ﷺ ‪.‬‬
‫كما مر مع الشيخين ‪ :‬ابن باز ‪ ،‬وابن عثيمين رحمهما للا ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬ما يقال بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬
‫( « كان النبي ﷺ يختم طوافه بين الركنين بقوله ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب‬
‫النار » [ البقرة ‪ ، ] 271‬كما كان يختم سائر دعائه ‪ [ . ) » ...‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ( ‪ ، ) 261 ، 266 / 62‬جمع وترتيب عبد الرحمن بن‬
‫دمحم بن قاسم رحمه للا ‪ ...‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ‪ ،‬المدينة المنورة ( ‪2261‬هـ ‪6002 /‬م ) ]‪.‬‬

‫وقال ابن القيم ‪ ( :‬بل ُحفظ عنه بين الركنين ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‪).‬‬
‫[ زاد المعـاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪ ، ) 418 / 1‬كتاب الحـج ]‪.‬‬

‫[ أخرجه البخاري (‪ ، )486/12‬كتاب الدعوات ‪ ،‬باب قول النبي ‪ :‬ربنا آتنا ‪ ...‬اآلية ‪،‬‬ ‫دعاء النبي ﷺ »‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أكثر‬
‫لحديث أنس ‪ « :‬أن هذا كان َ‬
‫(‪ ، )6389‬ومسلم (‪ ، )2777/4‬كتاب الذكر والدعاء ‪ ،‬باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة ‪...‬اآلية ‪.] )2697/26( ،‬‬

‫قال ابن كثير ‪ ( :‬قال اإلمام الشافعي ‪ :‬أخبرنا سعيد بن سالم القداح ‪ ...‬عن عبد للا بن السائب أنه ‪ :‬سمع النبي ﷺ‬
‫يقول فيما بين الركن اليماني والركن األسود ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار » ‪...‬‬
‫وعن ابن عباس قال ‪ :‬قال رسول للا ﷺ ‪ :‬ما مررتُ على الركن إال رأيتُ عليه هملهكا يقول ‪ :‬آمين‪ .‬فإذا مررتم‬
‫عليه‪ ،‬فقولوا ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‪ [ ).‬تفسير ابن كثير ‪ :‬البقرة ‪ ،‬اآلية ‪]273‬‬

‫‪ : 1‬أخرجه أحمد ( ‪ ) 14 / 2‬من حديث ابن عمر رضي للا عنه‪ .‬وقال األرناؤوط ( ‪ : ) 4628‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ - 6‬التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬
‫نتناول هنا ‪ :‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬
‫فإذا فرغ من الطواف‪ ،‬غطى كتفه‪ ،‬وتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وقرأ ‪ « :‬واتخذوا من مقام إبراهيم‬
‫مصلى »‪ [ .‬البقرة ‪] 124 :‬‬

‫ب ‪ -‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫نتطرق في هذا الموضوع إلى مايلي ‪ :‬موضع صالة الركعتين ‪ ،‬وصفة صالتهما‪.‬‬
‫• موضع صالة الركعتين ‪:‬‬
‫ثم يصلي ركعتين خلف المقام ‪ ،‬فإن تعذر ذلك ‪ ،‬صلى في أي موضع من المسجد الحرام ‪.‬‬
‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬فقال ‪ « :‬وأجمعوا أيضا على أن الطائف يصلي الركعتين حيث شاء من‬
‫ص ّل عند المقام ‪ ،‬أو خلف المقام ‪ ،‬فال شيء عليه »‪.‬‬
‫المسجد ‪ ،‬وحيث أمكنه ‪ ،‬وأنه إن لم يُ ه‬
‫[ االستذكار ( ‪ ، ) 176 / 4‬ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪ ، ) 413 / 22‬س ‪ ، 937 :‬باب دخول مكة ‪ ،‬جمع وترتيب ‪ :‬فهد بن ناصر السليمان ‪] .‬‬

‫• صفة صالة الركعتين ‪:‬‬


‫نتناول صفَت َها عل النحو التالي ‪ ( :‬التجوز في صالة الركعتين ‪ ،‬وما يُقرأ فيهما ‪ ،‬والدعاء عقبهما ) ‪:‬‬
‫التجوز في صالة الركعتين ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫المطلوب ‪ :‬عدم إطالة القراءة ‪ ،‬والركوع والسجود ‪ ،‬والقيام والقعود في ركعتي الطواف ‪ ،‬كما يفعل البعض!‬
‫وهذا مخالف لهديه ﷺ ‪ ،‬حيث كان يخففهما‪.‬‬

‫‪ -‬القراءة فيهما ‪:‬‬


‫(‪/9‬‬ ‫اإلخالص ‪ [ .‬المجموع للنووي‬ ‫فيقرأ ‪ -‬في الركعتين ‪ ،‬بعد الفاتحة ‪ -‬في األولى ‪ :‬سورة الكافرون ‪ ،‬وفي الثانية ‪:‬‬
‫‪.])55‬‬
‫قال ابن تيمية ‪ ( :‬ويُستحب أن يقرأ فيهما بسورتي اإلخالص ‪ « :‬قل يأيها الكافرون » ‪ ،‬و« اإلخالص » ‪) .‬‬
‫[ مجموع الفتاوى (‪ ، )127/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬مج ّمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ]‪.‬‬
‫« وذلك باتفاق المذاهـب األربعة »‪ ) 1( .‬وإن قرأ بغيرهما فال حرج ؛ لما ثبت « عن جابر بن عبد هللا أن رسول‬
‫للا ﷺ قرأ في ركعتي الطواف بسورتي اإلخالص ‪ :‬قل يا أيها الكافرون ‪ ،‬وقل هو هللا أحد »‪ ) 2(.‬وانظر ‪ [ :‬تحفة‬
‫األحوذي للمباركفوري ( ‪ ، ) 677 / 3‬الحج ‪ « ،‬باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف »‪ .‬والتحقيق واإليضاح لكثير من مسائل الحج ‪ ...‬البن باز ‪ ،‬ص ‪]. 47‬‬

‫‪ -‬الدعاء عقبهما ‪:‬‬


‫كما أن الدعاء عقب ركعتي الطواف غير مشروع ‪ « :‬ألن الرسول ﷺ لم يفعله‪ ،‬وال أرشد أمته إليه ‪ ،‬وخير‬
‫الهدي هدي دمحم ﷺ ‪ ،‬فال ينبغي لإلنسان أن يبقى بعد الركعتين ليدعو؛ ألن ذلك خالف السنة ‪ ،‬وألنه يؤذي‬
‫غيره أولى به ؛ ممن أتموا الطواف ‪ ،‬وأرادوا أن‬ ‫الطائفين ‪ ،‬إذا كان الطواف مزدحما ً ‪ ،‬وألنه يحجز مكانا ً ‪ُ ،‬‬
‫يصلوا في هذا المكان »‪ [ .‬فتاوى الحج للعثيمين ‪ ،‬أخطاء تقع في الطواف ‪ ،‬موقع العثيمين ]‪.‬‬

‫‪ - 7‬استحباب استالم ال هح هجر بعد ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫من السنن المهجورة ‪ :‬استالم ال َح َجر األسود بعد صالة ركعتي الطواف ‪ ،‬وقبل السعي ‪ ،‬وذلك لجهل الكثير من‬
‫الناس بهذه السنة ‪ ،‬إذ المشروع « لمن انتهى من طوافه ‪ ،‬وصلى ركعتي الطواف أن يعود إلى ال هح هجر فيستل همه ‪،‬‬
‫باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪.‬‬

‫‪ : 1‬أحكام الطواف بالبيت الحرام ‪ ،‬لوليد بن عبد للا الهويريني ‪ ،‬ص ‪ « ، 212‬الفرع الخامس ‪ :‬ما يُشرع قراءته في ركعتي الطواف »‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1437‬هـ ‪ ،‬دار ابن الجوزي ‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ : 2‬سنن الترمذي ( ‪ ، ) 179 / 2‬الحج ‪ « ،‬باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف » ‪ ،‬حديث ‪ ، 877 :‬دار الفكر للطاعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ :‬الطواف ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ :‬سنن الطواف المبحث التاسع ‪ :‬استالم الحجر بعد االنتهاء من الطواف ‪] .‬‬

‫ودليل مشروعية استالم الحجر األسود ‪ -‬بعد ركعتي الطواف ‪: -‬‬


‫أ ‪ -‬ما ذكره النووي عند شرح حديث جابر رضي للا عنه ‪ -‬في صفة حجه ﷺ ‪ ،‬من صحيح مسلم ‪: -‬‬
‫( « ثم رجع إلى الركن فاستلمه ‪ ،‬ثم خرج من الباب إلى الصفا ‪ .» ...‬فيه داللة لما قاله الشافعي ‪ ،‬وغيره من‬
‫العلماء ‪ :‬أنه يُستحب للطائف طواف القدوم إذا فرغ من الطواف وصالته خلف المقام ‪ ،‬أن يعود إلى الحجر‬
‫األسود فيستلمه ‪ ،‬ثم يخرج من باب الصفا ليسعى‪ .‬واتفقوا أن هذا االستالم ‪ ...‬سنة لوتركه لم يلزمه دم ) ‪.‬‬
‫انتهى من [ شرح صحيح مسلم ( ‪ ، )176/8‬الطبعة األولى (‪1347‬هـ‪1929/‬م) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهـر ] ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ما ثبت عنه ﷺ كما في الموطأ أنه ‪:‬‬

‫« كان إذا قضى طوافه ركع الركعتين‪ ،‬وإذا أراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن األسود قبل أن يخرج‬
‫»‪ [ .‬موطأ اإلمام مالك ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب االستالم في الطواف‪ ،‬رقم ‪.]1765 :‬‬

‫‪ -‬والمراد بالركن ‪ :‬الحجر األسود ؛ قال النووي ‪ -‬في شرح المهذب ‪ ( : -‬قوله ‪ « :‬ثم يعود إلى الركن فيستلمه »‪.‬‬
‫المراد به ‪ :‬الركن األسود ؛ وهو الذي فيه الحجر األسود )‪ [ .‬المجموع شرح المهذب ( ‪.] ) 56 / 9‬‬

‫جـ ‪ -‬وهذه السنة تتأكد في حق من فرغ من الركعتين ‪ ،‬وأراد السعي بين الصفا والمروة ‪:‬‬
‫‪ -‬ورد في الموطأ أنه ﷺ « إذا أراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن األسود قبل أن يخرج »‪.‬‬
‫[ موطأ اإلمام مالك ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب االستالم في الطواف‪ ،‬رقم ‪.] 1765 :‬‬

‫‪ -‬المراد أنها « سنة لمن أراد الخروج للسعي ‪ ،‬وأما من طاف وخرج لغير السعي ‪ ،‬فليس بسنة ‪ ،‬وكذلك لو‬
‫لم يتيسر له االستالم ‪ ،‬فالظاهر أنه ال يشير إليه »‪ [ .‬تعليقات ابن عثيمين على الكافي البن قدامة‪ .‬وانظر ‪ :‬التحقيق واإليضاح لكثير من‬
‫مسائل الحج والعمرة ‪ ..‬البن باز ‪ ،‬ص‪ ، 47‬ط ‪ ، 26‬سنة ‪ 1412‬هـ ‪ ،‬الرئاسة العامة إلدارات البحوث ‪ ...‬والدعوة واإلرشاد ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫د ‪ -‬والسنة هنا ‪ :‬االستالم فقط ‪ ،‬فإن تعذر ‪ ،‬لزحام ونحوه ‪ ،‬مضى من غير إشارة ‪ ،‬وال شيء عليه‪.‬‬
‫قال دمحم المختار الشنقيطي ‪ « :‬فإن عجز عن االستالم انصرف ‪ ،‬وأما اإلشارة فال يُحفظ فيها دليل ‪ ...‬وإنما‬
‫ثبتت اإلشارة عنه ﷺ داخل الطواف ‪ ،‬وأما خارجه ‪ ،‬فتحتاج إلى دليل خاص ‪ ،‬وال دليل يدل عليها »‪.‬‬
‫[ كتاب شرح زاد المستقنع ‪ -‬جـ ‪ ، 122‬ص ‪ ، 27‬المكتبة الشاملة ]‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ 9‬ـ الشرب والتضلع من زمزم ‪:‬‬
‫ويُسن له أن يشرب من زمزم ‪ ،‬ويتضلع منه (‪ ، ) 1‬ويصب على رأسه ‪ ،‬ويدعو بما شاء ‪:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ -‬لثبوته في السنة ‪ ،‬كما في حديث جابر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪ -‬ولقوله ﷺ ‪ « :‬ماء زمزم ل هما شُرب له »‪.‬‬
‫[ مـن حـديث جابر الطـويـل ‪ ،‬وقـد حسنـه المنــذري‪ « :‬الترغـيب والترهـيب » (‪ ،)136/2‬وصححـه األلبانـي ‪ « :‬إرواء الغليـل » (‪ .)1123‬قال سفيـان بن عيينـة ‪:‬‬
‫( قال عمر بن الخطاب ـ رضي للا عنه ـ ‪ « :‬اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة »‪ ) .‬كنز العمال في سنن األقوال ‪ ...‬للمتقي الهندي ( ‪. ) 54 / 14‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ « :‬وقد جربت أنا وغيري من االستشفاء بماء زمزم أمورا ً عجيبة ‪ ،‬واستشفيت به من عدة أمراض ‪ ،‬فبرأت بإذن للا ‪ ،‬وشاهدت من يتغذى به‬
‫األيام ذوات العدد ‪ ،‬قريبا ً من نصف الشهر أو أكثر ‪ ،‬وال يجد جوعا ً ‪ ،‬ويطوف مع الناس كأحدهم ‪ » ...‬زاد المعاد (‪.] ) 327 ، 319/4‬‬

‫( قال الشافعـي واألصحـاب وغيرهم ‪ « :‬يُستحب أن يشـرب من ماء زمـزم ‪ ،‬وأن يُكثر منه ‪ ،‬وأن يتضلّع منه‬
‫‪ ...‬ويُستحب أن يشربه لمطلوباته من أمور اآلخرة والدنيا »‪ [ ).‬المجموع للنووي (‪ ،)052 /8‬المسألة ‪ ، 0‬تصحيح وتعليق ‪ :‬دمحم نجيب‬
‫المطيعي]‪.‬‬

‫من آداب الشُّرب ‪:‬‬


‫استقال القبلة ‪ ،‬والتسمية ‪ ،‬والتنفس ثالثا ‪ ،‬وحم ُد للا تعالى ‪:‬‬
‫قال النووي ‪ -‬بشأن ماء زمزم ‪ ( : -‬فإذا أراد أن يشربه للمغفرة أو الشفاء من مرض ونحوه ‪ ،‬استقبل القبلة ‪،‬‬
‫ثم ذكر للا تعالى ‪ ،‬ثم قال ‪ « :‬اللهم إنه بهلهغني أن رسولك ﷺ قال ‪ :‬ماء زمزم لما شُرب له‪ .‬اللهم إني أش هربُه‬
‫لتغفر لي ‪ ،‬اللهم فاغفر لي ‪ ،‬أو اللهم إني أش هربُه مستشفيا به من مرض ‪ ،‬اللهم فاشفني ‪ .» ...‬ويُستحب أن‬
‫حم هد للا تعالى )‪ [ .‬المصدر ذاته ]‪.‬‬
‫يتنفس ثالثا ‪ -‬كما في كل شُرب ‪ -‬فإذا فرغ ه‬

‫‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬ ‫ص‪166‬‬ ‫‪ : 1‬والتضلّع من ماء زمزم ‪ :‬شدة االرتواء منه ‪ ،‬بحيث « يشرب حتى يمتلئ جوفه ‪ ،‬ويصل إلى أضالعه »‪ [ .‬تحفة الذاكرين للشوكاني ‪،‬‬
‫مكتبة المتنبي ‪ ،‬القاهرة ]‪ .‬ويُنظر ‪ :‬ابن عثيمين [ الشرح الممتع ( ‪. ] ) 379 ، 378 ، 377/7‬‬
‫وصب‬
‫ّ‬ ‫‪ « : 2‬أن النبي ﷺ رمل ثالثة أطواف من الحجر إلى الحجر ‪ ،‬وصلى ركعتين ‪ ،‬ثم عاد إلى الحجر ‪ ،‬ثم ذهب إلى زمزم ‪ ،‬فشرب منها ‪،‬‬
‫على رأسه »‪ .‬انظر ‪ :‬مسند اإلمام أحمد ( ‪ : ) 394 / 3‬وإسناده صحيح‪ .‬انظر [ جامع المسانيد والسنن ‪ ...‬البن كثير ( ‪ ، ) 6821 / 24‬مسند جابر‬
‫بن عبد للا رضي للا عنه ‪ ،‬توثيق ‪ ،‬و تخريج ‪ ،‬وتعليق ‪ :‬د‪ /‬عبد المعطي أمين قلعجي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪].‬‬

‫‪39‬‬
‫خامسا ‪ -‬السعي بين الصفا والمروة‬
‫بعد صالة الركعتين ‪ ،‬والرجوع إلى الحجر األسود ‪ ،‬واستالمه ‪ ،‬نتعرف إلى ‪ :‬صفة السعي بين الصفا والمروة ‪.‬‬
‫صفة السعي بين الصفا والمروة ‪:‬‬
‫ونعرض فيه للنقاط التالية ‪ :‬الصعود إلى الصفا ‪ ،‬والبدء من الصفا والدنو منه ‪ ،‬وارتقاء الصفا واستقبال الكعبة ‪،‬‬
‫والدعاء بين التهليالت ‪ ،‬والشروع في السعي ‪،‬‬
‫واإلكثار في السعي من الذكر والدعاء‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الصعود إلى الصفا ‪:‬‬


‫يتوجه المعتمر نحو الصفا ‪ ،‬للسعي ‪ ،‬ويؤدي‬
‫مناسكه على النحو التالي ‪:‬‬

‫ب ‪ -‬البدء من الصـفـــا ‪ ،‬والدنــو منـه ‪:‬‬


‫يبدأ بالصفا‪ ،‬ويدنو منه ‪ ،‬ثم يتلو قوله تعالى ‪:‬‬
‫ط ّوف بهما فمن تطوع خيرا‬ ‫« إن الصفا والمروة من شعائر للا فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن ي ّ‬
‫فإن للا شاكرعليم »‪ [ .‬البقرة ‪ ]158‬ويقول ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » ‪ ،‬لحديث ‪ ( :‬فلما دنا من الصفا قرأ ‪ « :‬إن الصفا‬
‫والمروة من شعائر للا »‪ « ،‬أبدأ ُ بما بدأ للا به »‪) .‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬ك الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬حديث رقم ( ‪ ، ) 1218‬تحقيق دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت‪ .‬من حديث جابر رضي للا عنه ‪ ،‬وأخرجه أبو داود في المناسك ‪ ،‬باب صفة حجة النبي ﷺ ( ‪ ، ) 1975‬وغيره بلفظ ‪ « :‬نبدأ » ]‪.‬‬

‫وال يكرر اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » في غير هذا الموضع ؛ أي « يقتصر في قوله هذا ‪ -‬على الصفا ‪-‬‬
‫في المرة األولى فقط »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب ‪ ، 8‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬الصعود على الصفا والمروة والدعاء‬
‫]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ارتقاء الصفا ‪ ،‬واستقبال الكعبة ‪:‬‬


‫ثم يرتقي الصفا ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والرقي أفضل (‪ ) 1‬حتى يرى الكعبة ‪ :‬فيستقبلها ‪ ،‬ويرفع يديه ‪ ،‬فيحمد‬
‫هللا ويكبره ثالثا ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬ال إله إال للاُ ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على‬
‫كل شيء قدير‪ ،‬ال إله إال للاُ وحده ‪ ،‬أنجز وعده ‪ ،‬ونصر عبده ‪ ،‬وهزم األحزاب وحده »‪ .‬يكرر ذلك ثالث‬
‫مرات‪.‬‬

‫قال جابر رضي هللا عنه ‪ ... ( :‬فبدأ بالصفا ‪ ،‬فرقى عليه‪ ،‬حتى رأى البيت ‪ ،‬فاستقبل القبلة ‪ ...‬وقال ‪ « :‬ال إله إال‬
‫للاُ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على كل شيء قدير ‪ ،‬ال إله إال للاُ وحده ‪ ،‬وعده‬
‫‪ ،‬ونصرعبده ‪ ،‬وهزم األحزاب وحده » ‪ ،‬ثم دعا بين ذلك‪ .‬قال مثل ذلك ثالث مرات‪ [ ).‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪144 ،138/7‬‬

‫) ]‪.‬‬

‫د ‪ -‬الدعاء بين التهليالت ‪:‬‬


‫(‪) 2‬‬
‫ويدعو بين التهليالت بما تيسر من األدعية ‪ ،‬رافعا يديه ‪ ،‬ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات‪.‬‬

‫‪ : 1‬قال ابن قدامة ‪ « :‬والصعود عليها ‪ -‬أي الصفا ‪ -‬هو األولى ‪ ،‬اقتدا ًء بفعل النبي ﷺ ‪ ،‬فإن ترك مما بينهما شيئا ‪ ،‬ولو ذراعا ‪ ،‬لم يُجزئه حتى يأتي به ‪،‬‬
‫والمرأة ال يُسن لها أن ترقى ‪ ،‬لئال تزاحم الرجال ‪ ،‬وتركُ ذلك أستر لها ‪ ...‬والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي ‪ ،‬كحكم الرجل » ‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪، )476 / 3‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ...‬فصل ‪ :‬فإن لم يهرقه على الصفا ‪ ...‬الطبعة األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬
‫‪ : 2‬انظر ‪ :‬الموسوعة الفقهية السالفة الذكر ‪ .‬وانظر ‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪ ، ) 259 / 11 ( ..‬الحج والعمرة ‪ ،‬السؤال الرابع من فتوى رقم ( ‪، ) 9121‬‬
‫جمع وترتيب ‪ :‬أحمد بن عبد الرزاق الدويش ‪ ،‬دار العاصمة للنشر ‪ ..‬الرياض‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫قال النووي ‪ « :‬يُسن أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة ‪ ،‬ويذكر للا تعالى بهذا الذكر المذكور ‪ ،‬ويدعو ويكرر‬
‫الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات ‪ ،‬هذا هو المشهور عند أصحابنا ‪ ،‬وقال جماعة من أصحابنا ‪ :‬يكرر الذكر ثالثا ‪،‬‬
‫والدعاء مرتين فقط ‪ ،‬والصواب األول »‪ [ .‬صحيح مسلم ‪ /‬النووي ( ‪.] ) 144 ، 138 / 7‬‬

‫‪41‬‬
‫دعاء ابن عمر رضي للا عنه ‪:‬‬
‫من األدعية المأثورة عنه ‪ :‬ماثبت أنه ‪ -‬رضي للا عنه ‪ -‬كان يدعو « على الصفا والمررة ‪ ،‬وبعرفات ‪ ،‬وبين‬
‫الجمرتين ‪ ،‬وفي الطواف » ‪ ،‬فيقول ‪ [ :‬اللهم اعصمني بدينـك ‪ ،‬وطواعيتـك وطواعيـة رسولك ‪ ،‬اللهم جنبني‬
‫حدودك ‪ ،‬اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب مالئكتك ويحب رسلك ‪ ،‬ويحب عبادك الصالحين ‪ ،‬اللهم حببني إليك‬
‫سرني لليُسرى وجنبني العُسرى ‪ ،‬واغفرلي في اآلخرة واألولى‬ ‫وإلى مالئكتك ‪ ،‬وإلى عبادك الصالحين ‪ ،‬اللهم ي ّ‬
‫‪ ،‬واجعلني من أئمة المتقين ‪ « ،‬واجعلني من ورثة جنة النعيم » ‪ ( ،‬الشعراء ‪ ) 84‬واغفرلي خطيئتي يوم الدين‪ .‬اللهم‬
‫إنك قلت ‪ « :‬ادعوني استجب لكم »‪ ( .‬غافر ‪ ) 59 :‬وإنك التُخلف الميعاد‪ ،‬اللهم إذ هديتني لإلسالم فال تنزعه مني ‪،‬‬
‫وال تنزعني منه حتى توفّاني وأنا على اإلسالم ‪ ،‬اللهم ال تقدمني لعذاب وال تؤخرني لسيء الفتن » ] ‪.‬‬

‫ذكرهذا الدعاء ابن قدامة في الكافي ‪:‬‬


‫قال ابن قدامة ‪ « :‬قال أحمد ‪ :‬ويدعو بدعاء ابن عمر ‪ » ...‬وذكره‪.‬‬
‫[الكافي في فقه اإلمام أحمد بن حنبل (‪ ، )451/1‬تحقيق ‪ :‬دمحم حسن إسماعيل ‪ ،‬بمشاركة ‪ :‬أحمد محروس جعفر‪ ،‬منشورات ‪ :‬دمحم علي بيضون‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت]‪.‬‬

‫وأورده ابن تيمية عن نافع ‪ ،‬وصحح إسناده ‪:‬‬


‫وقال ‪ ( :‬وفي لفظ ‪ « :‬وكان يدعو بهذا ‪ -‬مع دعاء له طويل ‪ -‬على الصفا والمررة‪ ،‬وبعرفات ‪ ،‬وبين‬
‫الجمرتين‪ ،‬وفي الطواف »‪ [ ) .‬شرح العمدة ( ‪ ، ) 458 ، 457 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب دخول مكة ‪ ،‬مسألة الخروج إلى الصفا ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬الدكتور ‪:‬‬
‫صالح بن دمحم الحسـن ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1479‬هـ ‪ 1988 -‬م ) ‪ ،‬مكتبة الحرمين ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫[ المصدر ذاته ]‪.‬‬ ‫وقال أيضا ‪ :‬وقد استحب أحمد ‪ -‬في رواية المروذي ‪ -‬ماروي عن ابن عمر ‪ » ...‬وذكره‪.‬‬

‫وصححه ابن حجر ‪ ،‬كما في الفتوحات الربانية ‪:‬‬


‫وخرج آياته ‪ :‬عبد المنعم خليل إبراهيم ‪ ،‬دار الكتب‬
‫ّ‬ ‫[ الفتوحات الربانية على األذكار النووية البن ّ‬
‫عالن ( ‪ ، ) 274 /4 - 3‬فصل في أذكار السعي ‪ ،‬ضبطه وصححه‬
‫العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬الشروع في السعي‬


‫نتناول في هذا الموضوع ‪ :‬النزول من الصفا إلى المروة ‪ ،‬وما يقال بين الميلين ‪ ،‬والصعود إلى المروة ‪،‬‬
‫والنزول من المروة‪.‬‬

‫• النزول من الصفا إلى المروة ‪:‬‬


‫ثم ينزل من الصفا إلى المروة ‪ ،‬ليسعى بينهما ‪ ،‬ويُستحب في هذا النزول ما يلي ‪:‬‬
‫المشي على عادته إلى المروة ‪ ،‬والهرولة ‪ -‬للرجل ‪ -‬فيما بين الميلين ‪:‬‬
‫‪ -‬جاء في الموسوعة الفقهية ‪ ( :‬يُسنّ المشي بين الصفا والمروة ‪ ،‬إال ما كان بين العالمتين الخضراوين ‪،‬‬
‫فإنه يُسن « للرجال السعي الشديد بينهما » ‪ ،‬وذلك في األشواط السبعة )‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ :‬سنن السعي ‪ ..‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب‬
‫الثاني ‪ :‬السعي الشديد بين العالمتين الخضراوين ]‪.‬‬

‫‪ -‬وعند اإلمام النووي يستحب للرجل ‪ « :‬السعي الشديد في بطن الوادي(‪ ، ) 1‬حتى يصعد ‪ ،‬ثم يمشي باقي‬
‫المسافة إلى المروة على عادة مشيه ‪ ،‬وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع ‪،‬‬
‫والمشي مستحب في ما قبل الوادي ‪ ،‬وما بعده »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.] )145/7‬‬

‫[ ذات‬ ‫ثم قال النووي ‪ « :‬ولو مشى في الجميع ‪ ،‬أو سعى في الجميع أجزأه ‪ ،‬وفاتته الفضيلة ‪.» ...‬اهـ‬
‫المصدر]‪.‬‬

‫‪ : 1‬و بطن الوادي ‪ :‬هو مجرى السيل ‪ ،‬ومكانه ‪ :‬ما بين العلمين أو ( الميلين ) األخضرين اآلن ‪ ،‬كما سيتبين الحقا ‪ -‬بمشيئة للا ‪. -‬‬

‫‪42‬‬
‫قال ابن تيمية ‪ « :‬وإن لم يسع في بطن الوادي ‪ ،‬بل مشى على هيئته جميع ما بين الصفا والمروة ‪ ،‬أجزأه‬
‫باتفاق العلماء ‪ ،‬وال شيء عليه »‪ [ .‬مجموع الفتاوى (‪ ،)128/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم‪ ،‬مج ّمع الملك فهد‪ ،‬المدينة المنورة ]‪.‬‬

‫صبّت قدماه في بطن‬ ‫وفي حديث جابر بن عبد للا رضي هللا عنه ‪ « :‬ثم نزل إلى المروة ‪ ،‬حتى إذا ان ه‬
‫صعدتا مشى ‪ ،‬حتى أتى المروة ‪ [ .» ...‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )138،144 /7‬ح ‪]. ) 1218 ( /‬‬
‫الوادي سعى ‪ ،‬حتى إذا ه‬
‫(‪) 2‬‬
‫صبّت ‪ :‬انحدرت في المسعى »‪ ) 1(.‬و « صعدتا ‪ :‬ارتفعتا من بطن المسيل إلى المكان العالي »‪.‬اهـ‬
‫« ومعنى ان ه‬
‫( قوله ‪ « : ...‬بطن الوادي » ؛ هو مجرى السيل ‪ .‬ومكانه ‪ :‬ما بين العلمين األخضرين اآلن ‪ ،‬وكان في‬
‫عهد النبي ﷺ مسيل المياه النازلة من الجبال‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫) اهـ‬ ‫و قوله ‪ « :‬سعى » ؛ أي ‪ :‬ركض ركضا شديدا ‪ ،‬حتى إن إزاره لتدور به من شدة السعي ‪.‬‬
‫• ما يقال بين الميلين ‪:‬‬
‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬إنك أنت األعز األكرم »‪.‬‬
‫ويقول الساعي بين الميلين ‪ّ « :‬‬
‫لثبوته عن جمع من السلف ‪ ،‬كابن عمر ‪ ،‬وابن مسعود رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫[ رواه ابن أبي شيبة ( ‪ ، ) 68، 68 / 4‬عن ابن مسعود ‪ ،‬وابن عمر رضي للا عنهما بإسنادين صحيحين ‪ ...‬من كتاب « مناسك الحج والعمرة لأللباني » ‪،‬‬
‫ص‪ ، 27‬كتاب الحج ‪ ،‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1427‬هـ ‪ 1999 /‬م ) ]‪.‬‬

‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬وأنت‬ ‫قال النووي ‪ ( :‬ويُستحب أن يقول ‪ -‬في مروره بينهما ‪ّ « : -‬‬
‫األعز األكرم ‪ ،‬اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‪) .‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 81 / 9‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬الذكر والدعـاء ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬مجموعـة مـن الباحثيـن ‪ ،‬دارالكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬قال أبو عبد للا ‪ :‬كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬واعف عما تعلم ‪ ،‬وأنت األعز األكرم »‪) .‬‬
‫« ِ‬
‫• الصعود إلى المروة ‪:‬‬
‫ثم يمشي مشيا عاديا إلى المروة ‪ ،‬فيرتقي جبل المروة ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه‪ ،‬والصعود فوقه أفضل ‪ ،‬إن‬
‫تيسر ‪ ،‬ويستقبل القبلـة ‪ ( ،‬ويقـول ‪ ،‬ويفعـل على « المروة » كما قال ‪ ،‬وفعل على « الصفا » في األشواط‬
‫(‪) 5‬‬
‫السبعة ‪ ،‬ماعدا قراءة اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » )‪.‬‬
‫حيث « يُسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يُسن على الصفا ‪ ،‬وهذا متفق عليه »‪.‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬حديث رقم ( ‪] . ) 1218‬‬

‫• النزول من المروة إلى الصفا ‪:‬‬


‫ثم ينزل من المروة إلى الصفا ماشيا ‪ ،‬ويهرول في موضع إسراعه ‪ ،‬ويرتقي الصفا ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪ ،‬ويقول‬
‫مثلما قاله أول مرة‪.‬‬

‫‪ -‬ويُتم سعيه بسبعة أشواط ؛ ذهابُه ‪ :‬شوط ‪ ،‬ورجوعُه من المروة ‪ :‬شوط آخر ؛ حيث « ‪ ...‬الذهاب من‬
‫الصفا إلى المروة ‪ ،‬يُحسب مرةً ‪ ،‬والرجوع إلى الصفا ثانيةً‪ ،‬والرجوع إلى المروة ثالثةً ‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬فيكون‬
‫ابتداء السبع من الصفا ‪ ،‬وآخرها بالمروة »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪.] ) 145 / 7‬‬

‫‪ : 1‬صحيح مسلم بشرح األبي والسنوسي (‪ ، )251/4‬الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬ح ‪ ، 147:‬ضبط وتصحيح ‪ :‬دمحم سالم هاشم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ : 2‬المصدر السابق ذاته‪.‬‬
‫‪ : 3‬كتاب شرح حديث جابر رضي للا عنهما في صفة حج النبي ﷺ للعثيمين ‪ ،‬ص ‪ ، 41‬المكتبة الشاملة الحديثة‪.‬‬
‫‪ [ : 4‬المغني ( ‪ ، )476 / 3‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ،‬فيقف عليه ‪ ..‬فصل ‪ :‬فإن لم يرق على الصفا ‪ ...‬الطبعة األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪].‬‬
‫‪ : 5‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب األول ‪:‬‬
‫الصعود على الصفا والمروة والدعاء‪.‬‬

‫‪43‬‬
44
‫و ‪ -‬اإلكثار في السعي من الذكر والدعاء‬
‫ويستحب أن يكثر في سعيه من الذكر ‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫َعرض هنا إلى نقطتين أساسيتين ‪ :‬عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪ ،‬جواز الطواف والسعي راكبا لعذر‬
‫ن ِ‬
‫• عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪:‬‬
‫يُستحب أن يكون الناسـك متوضئا ‪ ،‬ولو سعى على غير طهارة ‪ ،‬فال حرج ‪ ،‬قال ابن قدامة ‪ ( :‬أكثر أهل العلم‬
‫يرون أال تُشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة‪ .‬وممن قال ذلك ‪ :‬عطاء ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأبو ثور ‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وأصحاب الرأي ‪ ...‬ولنا قوله ﷺ لعائشة حين حاضت ‪ « :‬اقضي ما يقضي الحاج ‪ ،‬غير أال تطوفي بالبيت »‪.‬‬
‫وألن ذلك عبادة ال تتعلق بالبيت ‪ ،‬فأشبهت الوقـوف‪ .‬قال أبـو داود ‪ :‬سمعتُ أحمد يقول ‪ « :‬إذا طافت المرأة‬
‫وروي عن عائشـة ‪ ،‬وأم سلمة ‪ ،‬أنهما قالتا ‪:‬‬ ‫بالبيت ‪ ،‬ثم حاضـت ‪ ،‬سعـت بين الصفـا والمـروة ‪ ،‬ثم نفـرت »‪ُ .‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫« إذا طافت المرأة بالبيت ‪ ،‬وصلّت ركعتين ‪ ،‬ثم حاضت ‪ ،‬فلتطف بالصفا والمروة »‪ .‬رواه األثرم‪) .‬‬

‫ولكن « المستحب مع ذلك ‪ ،‬لمن قدر على الطهارة أال يسعى إال متطهرا ‪ ،‬وكذلك يُستحب أن يكون طاهرا في‬
‫جميع مناسكه‪ [ .» ..‬المصدر السابق ذاته ]‬

‫• جواز الطواف والسعي راكبا لعذر ‪ ،‬والمشي أفضل لغير العاجز‪.‬‬


‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬وابن القيم‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬حكم السعي ‪ ..‬المطلب األول ‪ :‬السعي بين‬
‫الصفا والمروة راكبا لعذر ‪. ] ...‬‬

‫‪ [ : 1‬المغني ( ‪ ، )476 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ،‬فيقف عليه ‪ ، ..‬فصل ‪ :‬فإن لم يرق على الصفا ‪ ،...‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪].‬‬
‫‪ : 2‬رواه مسلم ( ‪ ، ) 15 ( ) 183 / 2‬كتاب الحج ‪ ، ) 17 ( ،‬باب بيان وجوه اإلحرام‪.‬‬
‫‪ : 3‬المغني ( ‪ ، ) 246 / 5‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ؛ قال ‪ :‬ومن سعى بين الصفــا والمــرو ة ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬د‪ /‬عبد للا بن عبد المحسـن التركـي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتـاح دمحم الحلـو ‪،‬‬
‫دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫سادسا ‪ -‬الحلق أو التقصير ‪:‬‬
‫نتعرف إلى ذلك من خالل طرق المواضيع التالية ‪:‬‬
‫صفَةُ ومقدار الحلق أوالتقصير للجنسين ‪ ،‬من متعلقات الحلق والتقصير ‪ ،‬وزمان‬
‫ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪ ،‬و ِ‬
‫الحلق ومكانه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪:‬‬


‫‪ -‬فإن أتم المعتمر السعي ‪ ،‬تحلل بحلق جميع الشعر ‪ ،‬أو تقصيره كله ‪ ،‬ويختلف الرجل والمرأة في ذلك‪.‬‬
‫أ ‪ -‬بالنسبة للرجل ‪ ( :‬الحلق أو التقصير ‪ ،‬والحلق أفضل )‬
‫الحلق أفضل للرجال ‪ :‬ألنه ﷺ حلق ‪ ،‬وقال ‪ « :‬خذو عني مناسككم »‪ ) 1 (.‬وألنه دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين‬
‫ثالث مرات ‪ ،‬وللمقصرين مرة واحدة ‪ ،‬فقال ‪ « :‬رحم للا المحلقين ‪ ،‬قالوا ‪ :‬والمقصرين يا رسول هللا ؟ قال ‪:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫رحم للا المحلقين ‪ ...‬فلما كان في الرابعة ‪ ،‬قال ‪ :‬والمقصرين »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬بالنسبة للمرأة ‪ ( :‬السنة في حقها التقصير ال الحلق ‪ ،‬إجماعا ) ‪:‬‬


‫(‪) 3‬‬
‫‪ -‬لقول رسول للا ﷺ ‪ « :‬ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير »‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة ‪ « :‬المشروع للمرأة التقصير ‪ ،‬دون الحلق ‪ .‬ال خالف في ذلك‪ .‬قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع على‬
‫ل العلم »‪ [ .‬المغني (‪ ، )377/5‬الحج ‪ - 651،‬مسألة ؛ قال ‪ ( :‬والمرأة تقصر من شعرها مقدار األنملة ) ‪ ،‬تحقيـق ‪ :‬الدكتـور عبد للا بن عبد‬
‫هذا أه ُ‬
‫المحسن التركي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ - 2‬صفة ومقدار التقصير أو الحلق للجنسين‬


‫أ ‪ -‬صفة التقصير بالنسبة للرجل والمرأة ‪:‬‬
‫• الرجل ‪:‬‬
‫صر من رؤوس ضفائره »‪.‬‬
‫صره ‪ :‬جمع الشعر ‪ ،‬وقص منه » ( ‪ ) 4‬؛ « فإن كان الشعر مضفورا ق ّ‬
‫« إذا ق ّ‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 245 /5‬الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ] ‪.‬‬

‫• والمرأة ‪:‬‬
‫صر‬‫تجمع ضفائر شعرها ‪ ،‬أوأطرافه إلى مقدم رأسها ‪ ،‬إن لم يكن لها ضفائر ‪ ،‬وتقصره‪ « .‬قال مالك ‪ :‬تُق ّ‬
‫المرأة من جميع قرونها [ أي ضفائرها ] ‪ ،‬وال يجب التقصير من كل شعرة ؛ ألن ذلك ال يُعلم إال بحلقه »‪[ .‬‬
‫المصدرذاته]‪.‬‬

‫‪ : 1‬رواه مسلم ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح الجامع برقم ( ‪. )5761‬‬


‫(‪. )1371‬‬ ‫‪ : 2‬متفق عليه ‪ :‬البخاري ‪ « ،‬الحج » ‪ « ،‬باب الحلق والتقصير ‪ ، » ...‬رقم (‪ ، )1727‬ومسلم ‪ ،‬واللفظ له «الحج » ‪ « ،‬باب تفضيل الحلق على التقصير ‪ » ...‬رقم‬
‫‪ .‬ورواه أبوداود ( ‪ ، ) 273/2‬كتاب المناسك ‪،‬‬ ‫صرن » ‪ ،‬رقم‬
‫‪9189‬‬ ‫‪ [ : 3‬السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 174 / 5‬كتاب الحج ‪ « ،‬باب ليس على النساء حلق ولكن يُق ّ‬
‫باب الحلق والتقصير ‪ ،‬رقم ‪ . 1984‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود برقم ‪.] 1984‬‬
‫‪ : 4‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬صفحة ‪ « ، ) 65‬كتب الفقه‪ /‬كتاب الحج » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ب ‪ -‬صفة الحلق بالنسبة للرجل ‪:‬‬
‫نتطرق هنا إلى األمور التالية ‪ :‬مبدأ التيامن ‪ ،‬بلوغ الحلق عظم الصدغين ‪ ،‬الحلق بالموس أو الماكينة ‪:‬‬
‫• مبدأ التيامن ‪:‬‬
‫كله ‪ ،‬وفي حديث عائشة رضي للا عنها ‪:‬‬ ‫يبدأ بحلق شقه األيمن ‪ ،‬حيث كان النبي ﷺ يحب التيامن في شأنه ِ‬
‫كله »‪ ) 1(.‬قال ابن قدامة ‪ ( :‬يُستحب البدايةُ بالشق األيمن‪.‬‬ ‫طهوره في شأنه ِ‬ ‫« يعجبه التي ُّم ُن في تَنَعُّله وت ََر ُّجله و ُ‬
‫نص عليه ‪ -‬أي اإلمام أحمد ‪ -‬ل هما روى أنس أن الرسول ﷺ قال للحالق ‪ُ « :‬خذ »‪ .‬وأشار إلى جانبه األيمن ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ثم األيسر ‪ « .‬صحيح مسلم ‪ ، 947 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ‪ ،‬ثم ينحر » )‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 245 /5‬فصل ‪ :‬وأي قدر قصّر‬
‫منه أجزأه‪ .‬تحقيق ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪ ،‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫• بلوغ الحلق عظم الصدغين ‪:‬‬


‫صدغ من الوجه ‪ ،‬كان ابن عمر يقول‬ ‫قال ابن قدامة ‪ « :‬ويُستحب إذا حلق أن يبلغ العظ هم الذي عند منقطع ال ُّ‬
‫الرأس من اللحية »‪ [ .‬المغني البن قدامة (‪ ، )377/5‬الحج ‪ ،‬فصل ‪ « :‬ويُستحب لمن حلق أو قصّر ‪، » ...‬‬
‫ه‬ ‫للحالق ‪ :‬أبلغ العظمين ‪ ،‬أفصل‬
‫تحقيق ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪ ،‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ‪] .‬‬
‫صدغ ‪ :‬هو مابين العين إلى األذن‪ [ .‬لسـان العـرب ] ‪.‬‬
‫وال ُّ‬

‫• الحلق بالموس ‪ ،‬أو بالماكينة‬


‫اختلف العلماء حول مسألة الحلق بالماكينة بين قائل بالجواز ‪ ،‬وآخر بالمنع ‪ ،‬نعالج ذلك فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬القول األول ‪ :‬الحلق ال يكون إال بالموس ‪:‬‬
‫قال بعض أهل العلم ‪ :‬أن الحلق بالماكينة ال يُجزئ ‪ ،‬ولو كـان على درجـة « صفـر » ‪ ،‬حيث يُع ّد تقصـيرا‬
‫ال حلقا ‪ ،‬إذ يترك قدرا من الشعر ‪ ،‬ولو كان ضئيال ‪ ،‬ومن هؤالء ‪:‬‬

‫ابن عثيمين ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬الظاهر أنه تقصير حتى لوكانت المكينة تأخذ شيئا كثيرا ‪ ،‬وأن الحلق يختص‬
‫بالحلق بالموس »‪ [ .‬مجموع فتاوى الشيخ العثيمين ( ‪.] ) 151 / 24‬‬

‫‪ -‬القول الثاني ‪ :‬الحلق بالماكينة درجة الصفر له حكم الحلق (‪: ) 2‬‬
‫وقال علماء آخرون بأن الحلق بالماكينة على آخر درجة يحقـق المطلوب ‪ :‬ومن هؤالء ‪:‬‬
‫ابن باز ‪ :‬حيث قال ‪ « :‬وإن شاء حلق الرأس حلقا بالموس ‪ ،‬أوبالماكينة التي تأتي على أصله ‪ ،‬فهذا من‬
‫أنساك العمرة ‪ [ .» ...‬فتاوى نور على الدرب البن باز ‪ ،‬بعناية الشويعـر ( ‪.] ) 356 / 17‬‬

‫ظاهر فتاوى اللجنة الدائمة ‪ « :‬العبرة هو حصول الحلق أو التقصير بأي آلة حصل ‪ ،‬مع العلم بأن الحلق‬
‫(‪) 3‬‬
‫أفضل ‪ ،‬والحلق هو استئصال الشعر بالموس أو غيره »‪.‬‬

‫األلبانـــــــــــــــــــــــــي ‪ ( :‬إذا كانــت الماكينــــة نمــرة « صفــر » ‪ :‬فهو حلــق ‪ ،‬أما إن كانت نمــرة‬
‫قص وليس بحلق »‪ [ .‬تفريغ سلسلة الهدي والنـور لأللباني ‪ -‬اإلصدار ‪.] ) 323 / 18 ( 3‬‬
‫« واحد ‪ ،‬أو ثالثة » ‪ :‬فهو ّ‬
‫عبد العـزيـــز الطريـفـي ‪ ( :‬الحلق بالماكينة بدرجة « الصفر » هو حلق ‪ ،‬ودليله ‪ « :‬أن األمواس الحادة‬
‫الموجودة في زماننا لم تكن موجودة في عصر الصحابة »‪) .‬‬

‫‪ : 1‬الفتح البن حجر (‪ ، )269 / 1‬باب الت ّي ُّمنُ في الوضوء والغهسل ‪ ،‬ح‪ ، 168 /‬تحقيق ابن باز ‪ ،‬بمعية ‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬محب الدين الخطيب ‪ ،‬المكتبة السلفية‪.‬‬
‫‪ : 2‬انظر ‪ :‬أرشيف ملتقى أهل الحديث ( ‪ ، ) 472/ 61‬ماذا نسمي التحلل بمكنة الحالقة على درجة صفر؟‬
‫‪ : 3‬اللجنة الدائمة (‪ ، )17،271/2‬برئاسة ابن باز ‪ ،‬فتوى رقم ‪. 15995‬‬

‫‪47‬‬
‫الرأي المختار ‪:‬‬
‫القول الثاني ‪ « :‬الحلق بالماكينة درجة الصفر له حكم الحلق »‪ .‬وهو ما ذهب إليه الشيخـان ‪ :‬ابن باز ‪،‬‬
‫واأللباني ‪ ،‬وغيرهما ‪ :‬وهذا من باب التيسير على الخلـق ‪ ،‬ورفع الحـرج عنهم ‪ ،‬قال تعالى ‪ « :‬يريد للا بكم‬
‫اليُسر وال يريد بكم العُسر »‪ [ .‬البقرة ‪]184 :‬‬

‫فالمطلــوب ‪ :‬التيســير ال التعســير ‪ ،‬والتبشــير ال التنفــير ‪ ،‬وهذا من روح الشريعــة اإلسالميــة ‪« :‬‬
‫سروا ‪ ،‬وبشّروا وال تُنفروا »‪ [ .‬صحيح البخاري ‪ ،‬باب قول النبي ﷺ ‪ « :‬يُسروا وال ت ُع ّ‬
‫سروا » ‪ ،‬حديث ‪.] 5796‬‬ ‫يُسروا وال تُع ّ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ومن هديه ﷺ أنه ‪ « :‬ما ُخير بين أمرين إال أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما »‪.‬‬

‫والحلق باستعمال الماكينة بدل الموس يُكرس هذا المعنى ‪ .‬ومن العلماء المعاصرين القائلين بهذا ‪ :‬الشيخ‬
‫البراك ‪ « :‬أنا ال أستعمل إال الحلق بالماكينة ؛ ألنه أيسر وأسهل ‪ ،‬والحلق يحتاج إلى‬‫عبد الرحمان بن ناصر ّ‬
‫أوثر الماكينة ‪ :‬فيها سرعة ‪ ،‬وليس فيها خطر التجريح »‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عملية غسل ‪ ،‬وكذا صابون ‪ ،‬فت ه هخلّصا ً من هذا‬
‫البراك ‪ ،‬س ‪ :‬هل التقضير بالماكينة أقل درجة يُعتبر حلقا ؟ ]‬
‫[ الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمان بن ناصر ّ‬

‫جـ ‪ -‬مقــداره ‪:‬‬


‫اختلف العلماء حول القدر المطلوب في الحلق أوالتقصير ‪:‬‬
‫• اإلمام مالك ‪ ،‬وأحمد ‪:‬‬
‫بعض الرأس‪ ،‬ألنه ﷺ حلق جميع رأسه ‪ ،‬وقال ‪ « :‬خذو عني مناسككم »‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ِ‬ ‫تقصير‬
‫ُ‬ ‫ق أو‬
‫ذهبا إلى أنه اليُجزئ حل ُ‬
‫سكم »‪ .‬اآليـة‪ .‬وقوله ‪:‬‬ ‫( وفعلُه في الحلق بيان للنصوص الدالة على الحلق ‪ ،‬كقوله ‪ُ « :‬محلقين ُر ُءو ه‬
‫الهدي همحلّه »‪ .‬البقرة ‪ [ ) 194 :‬أضواء البيان للشنقيطي ( ‪ ، ) 197/5‬الموسوعة الشاملة ]‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سكم حتى يبلغ‬‫« وال تحلقوا ُر ُءو ه‬
‫ق جميع‬ ‫فكان تفسيرا لمطلق األمر بالحلق ‪ ،‬فوجب الرجوع إليه‪ .‬جاء فيالموسوعة الفقهية ‪ [ :‬الواجب حل ُ‬
‫تقصيره كلُّه‪ ،‬وهذا مذهب المالكية‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬واختاره ابن باز ‪ :‬مجموع فتاواه (‪ ، )147/16‬وابن عثيمين‬ ‫ُ‬ ‫الرأس ‪ ،‬أو‬
‫‪ :‬الشرح الممتع ‪ [ .) 329 ، 328 / 7‬الدرر السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثاني عشر ‪ ،‬الفصل الثالث عشر ‪ ،‬المبحث الثالث ‪ :‬القدر الواجب حلقه أو تقصيره‬
‫]‪.‬‬

‫• أبوحنيفة ‪:‬‬
‫‪ :‬يجب حلق ربع الرأس أوتقصير ربعه بقدر األنملة ‪ ،‬فإن حلق أقل من‬ ‫[ المجموع ( ‪] ) 153 / 9‬‬‫قال ‪ :‬يجب ربعه‬
‫ربع الرأس لم يجزئه‪.‬‬

‫• اإلمام الشافعي ‪:‬‬


‫شعهـ هرات ‪ -‬دفعة واحدة ‪ ،‬من شعر الرأس ‪ -‬أو‬
‫ذهب إلى أن أقـل ما يحصل به الحلق أو التقصير هو أخذ ثالث ه‬
‫أكثر ‪ ،‬بال خالف ‪ .‬جاء في [ األم للشافعي ( ‪ « : ] ) 232 / 2‬ويُؤخذ من شعورهن قدر أنملة ‪ ،‬ويعم باألخذ ‪ ،‬وإن أخذ‬
‫أقل من ذلك ‪ ،‬أو من ناحية من نواحي الرأس ما كان ثالث ش هع هرات فصاعدا أجزأ عنهن ‪ ،‬وعن الرجال »‪.‬‬
‫أي « أقل ما يُجزئ ‪ :‬ثالث شعرات حلقا أوتقصيرا من شعر الرأس ‪ ،‬فتُجزئ الثالث بال خالف »‪ [ .‬المجموع‬
‫(‪.])153/9‬‬

‫شعه هرات ‪ -‬دفعة واحدة من الرأس ) ‪،‬‬ ‫وفي « أسنى المطالب » ‪ ( [ :‬ويُجزئ ) في الحلق والتقصير ( ثالث ه‬
‫ء بمسمى الجمع ]‪ [ .‬أسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا األنصاري ( ‪].) 492 /1‬‬
‫لوجوب الدم بإزالتها ال ُم هح ّرمة ‪ ،‬واكتفا ً‬

‫صر ثالث شعرات في ثالثة‬


‫صر دفعة واحدة ‪ ،‬فلو حلق أو ق ّ‬
‫قال النووي ‪ « :‬األفضل أن يحلق أو يُق ّ‬

‫‪ : 1‬فتح الباري البن حجر ( ‪ ، ) 665 / 6‬كتاب المناقب ‪ ،‬باب صفة النبي ﷺ ‪.‬‬
‫‪ [ : 2‬تقدم تخريجه ]‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪.] ) 154 /9‬‬ ‫أوقات أجزأه وفاتته الفضيلة »‪.‬‬

‫الرأي الراجح ‪:‬‬


‫األحوط واألبرأ للذمة ‪ :‬األخذ بقول اإلمام مالك وأحمد باستيعاب جميع شعره حلقا وتقصيرا ‪ ،‬نظرا لما يلي ‪:‬‬
‫صرين »‪ [ .‬الفتح ‪ ] 26 :‬حيث اآلية ليس فيها ما يدل على‬ ‫سكم و ُمق ّ‬ ‫‪ -‬لموافقته لظاهر اآلية ‪ُ « :‬محلقين ُر ُءو ه‬
‫ذكر همن التبعيضية ‪ ،‬كما‬
‫صرين »! في حين ورد ُ‬ ‫سكم و ُمق ّ‬ ‫التبعيض ‪ ،‬فلم يقل ‪ -‬مثال ‪ُ « : -‬محلّقين من ُر ُءو ه‬
‫صروا من الصـالة »‪ [ .‬النســاء ‪ ] 177 :‬ليدُل ذلك على أن القصر ‪:‬‬ ‫في قوله تعالى ‪ « :‬فليس عليكم ُجنـاح أن تهق ُ‬
‫لبعض الصلوات المفروضة ‪ ،‬الجميعها ‪ -‬قصرالصالة الرباعية إلى ركعتين ‪ -‬وال تُقصرصالتا الصبح‬
‫والمغرب‪.‬‬

‫‪ -‬ولموافقته لهديه ﷺ ‪ -‬وهو خير الهدي ‪ -‬حيث حلق جميع رأسه في حجة الوداع ‪ .‬قال ابن قدامة ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫( يلزم التقصير أوالحلق من جميع شعره ‪ ،‬وكذلك المرأة‪ .‬نص عليه ‪ -‬أي اإلمام أحمد ‪ -‬وبه قال مالك )‪.‬‬
‫صر من جميعه إن أراد التقصير »‪.‬اهـ‬ ‫أي أنه « األفضل أن يحلق جميع الرأس إن أراد الحلق ‪ ،‬أو يُقه ّ‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 153 /9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفـة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعـة من المؤلفين ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬

‫• القدر المستحب لمن أراد التحلل بتقصير الشعـر ‪:‬‬


‫يُستحب التقصير ‪ -‬للجنسين ‪ -‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬االستيعاب ‪ :‬أن يشمل التقصير جميع الرأس ‪ ،‬والمرأة والرجل في ذلك سواء ‪:‬‬
‫المشروع « واألفضل أن يحلق جميع الرأس إن أراد الحلق ‪ ،‬أو يقصر من جميعه إن أراد التقصير »‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 153 / 9‬ك الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬يلزم التقصـير أوالحلق من جميع شعـره ‪ ،‬وكذلك المرأة‪ .‬نص عليه ‪ -‬أي اإلمام أحمد ‪-‬‬
‫وبه قال مالك ) ‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 244 /5‬كتاب الحج ‪ ،‬فصـل ‪ :‬يلـزم التقصـير أو الحلـق مـن جميـع شعــره ] ‪.‬‬

‫صا من شعرهما كلّه قدر أنملة ‪:‬‬


‫‪ -‬التقصير مقدار أنملة ‪ :‬أن يهقُ ُّ‬
‫( ُروي عن ابن عمر أنه قال ‪ « :‬مقدار أنملة » ) ‪.‬‬
‫[ المنتقى للباجي ( ‪ ، ) 56 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثاني في صفة الحالق والتقصير ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد القادر أحمد عطا ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:‬‬


‫الرجل ‪ « :‬يقص منه بقدر األنملة ‪ ،‬أو أقل ‪ ،‬أو أكثر‪.‬‬
‫[ مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جـ ‪ / 26‬صفحة ‪ « ، ) 65‬كتب الفقه‪ /‬كتاب الحج » ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬ ‫والمرأة ‪ :‬ال تقص أكثر من ذلك »‪.‬‬
‫مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪ .‬أي تأخذ من كل قرن ‪ -‬أي ضفيرة ‪ ( -‬مقدار األنملة ؛ األنملة‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ « :‬رأس األصبع ‪ ،‬من المفصـل األعلى »‪ ) 2( ) .‬ومقـداره ‪ « :‬اثنان سنتيمتر تقريبـا »‪ .‬اهـ‬
‫« وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية (‪ ، )291/2‬المطلب الثاني ‪ :‬مقدار تقصير شعر المرأة ‪ ،‬المكنبة الشاملة‬
‫]‪.‬‬

‫‪ : 1‬المغني ( ‪ ، ) 244 /5‬الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره‪.‬‬


‫‪ : 2‬المغني ( ‪ ، ) 185 / 3‬الحج ‪ - 2553 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬والمرأة تقصر من شعرها ‪ ، ) ...‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ : 3‬العثيمين ‪ ،‬الشرح الممتع ( ‪. ) 329 / 7‬‬

‫‪49‬‬
‫الخالصة ‪:‬‬
‫نُعرج في هذه الخالصة على الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫ما يستحب لمريد التحلل بالحلق أو التقصير ‪ ،‬الحد األدنى للقدر المجزئ من التقصير أو الحلق ‪،‬‬
‫والتقصير ‪ -‬مع االستيعاب ‪ -‬للجنسين بقدر األنملة أمر نسبي ‪:‬‬

‫نخلص مما ذهب إليه العلماء بشأن القدر المطلوب من الحلق والتقصير إلى مايلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ال ُمستحب لمن أراد التحلل بالحلق أو التقصير مايلي ‪:‬‬
‫الشمـــول ‪:‬‬
‫ص ‪ :‬جمي َع الشعــر ‪ -‬كمـاهـو مـذهـب اإلمــــام مـــالـك وأحمد ‪-‬‬ ‫ُ‬
‫الحلق أوالق ُ‬ ‫أن يستوعب‬
‫[ واختــاره ابن بــاز ‪ :‬مجمـــوع فتــاوى ابن بــاز ( ‪ ، ) 147 / 16‬وابــن عثيـمـيــن ‪ :‬الشــرح الممتـع ( ‪. ] ) 329 ، 328 / 7‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫وأن هذا القــول هـو األحـــــوط ‪ ،‬بحيـث ال يجـزئــه اإلكتفـــــاء بأخــذ بعـض شـعــــر الـرأس فحسـب ‪.‬‬

‫ومقدار القص ‪:‬‬


‫صر قهد هر األنملة »‪ .‬وهو قول ابن عمر ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وإسحاق ‪،‬‬ ‫أنملة ‪ ،‬قال ابن قدامة ‪ ( :‬وقال أحمد ‪ « :‬يُق ّ‬
‫وأبي ثور‪ .‬وهذا محمول على االستحباب )‪ [ .‬المغني ( ‪. ] ) 245 /5‬‬
‫وجاء في [ األم للشافعي ( ‪ « : ] ) 232 / 2‬ويُؤخذ من شعورهن قدر أنملة ‪ ،‬ويعم باألخذ »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحد األدنى للقدر المجزئ من التقصير أو الحلق ‪:‬‬


‫وإن اقتصر على أقل قدر من التقصير أو الحلق ‪ ،‬واكتفى بحلق أو تقصير ثالث شعرات ‪ :‬فهو قول الشافعي‬
‫وجماعة من أهل العلم ‪ .‬ومع صحة هذا ‪ ،‬تفوته فضيلة التحلل بحلق أو تقصير جميع الشعر ‪.‬‬
‫قال النووي ‪ « :‬أقل ما يُجزئ ‪ :‬ثالث شعرات حلقا أوتقصيرا ‪ ...‬فتُجزئ الثالث بال خالف »‪ [ .‬المجموع ( ‪] )153/ 9‬‬

‫جـ ‪ -‬والتقصير ‪ -‬مع االستيعاب ‪ -‬للجنسين بقدر األنملة أمر نسبي ‪:‬‬
‫فيمكـن تقصير أق ّل من ذلك ‪ ،‬ألنه تقريبي ؛ ليس فيه تحديد ‪ ،‬وبأي شيء قصر الشعر أجزأه ؛ « من غير‬
‫صر الشعر أجزأه » )‪.‬‬‫اعتبار بأنملة أو أقل أو أكثر »‪ ( ) 2( .‬لقول ابن عمر ‪ « :‬وبأي شيء ق ّ‬
‫وخرج آياته و أحاديثه الشيخ زكريا عميرات ] ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫[ مواهب الجليل للحطاب ( ‪ ، ) 184 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬ضبطه‬

‫»‪ [ .‬المجموع (‪.] )153/9‬‬ ‫قال النووي ‪ « :‬وليس ألقل المجزئ من التقصير ح ّد ‪ ،‬بل يُجزئ منه أق ّل جزء منه‬

‫‪ [ .‬المغني ( ‪. ] ) 245 /5‬‬ ‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬وأي قهـد ٍر ق ّ‬


‫صـر منه أجزأه ؛ ألن األمـر به مطلق فيتناول األقل )‬
‫وقال الباجي ‪ ( :‬هروى ابن حبيب عن مالك ‪ « :‬قدر األنملة ‪ ،‬أو فوق ذلك بقليل ‪ ،‬أو دونه بقليل » ‪ ...‬قال مالك ‪:‬‬
‫« ليس عندنا حد معلوم‪ ،‬وما أخذهت منه أجزأها‪ ،‬والبد من أن تعم بالتقصير الشعر كلَّه ‪ ،‬طويله وقصيره » )‪.‬‬
‫[ المنتقى ( ‪ ، ) 56 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثاني في صفة الحالق والتقصير ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬
‫)‪ [ .‬المصدر ذاته ]‪.‬‬ ‫( قال مالك في الموازية ‪ « :‬ليس لذلك عندنا حد معلوم ‪ ،‬وما أخذه منه الرجل والمرأة أجزأ »‬

‫‪ : 1‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثاني عشر ‪ ،‬الفصل الثالث عشر ‪ ،‬المبحث الثالث ‪ :‬القدر الواجب حلقه أو تقصيره ‪.‬‬
‫‪ : 2‬المجموع للنووي ( ‪. ) 153 /9‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ - 3‬من متعلقات الحلق والتقصير ‪:‬‬
‫نتناول هنا ما يلي ‪:‬‬
‫دخول النتف واإلحراق واألخذ بالنورة ‪ ..‬في مؤدى الحلق والتقصير ‪ ،‬األخذ من اللحية والشارب عند الحلق ‪.‬‬
‫دخول النتف واإلحراق واألخذ بالنورة ‪ ..‬في مؤدى الحلق والتقصير ‪:‬‬
‫• كما ورد في شرح المهذب للنووي ‪ « :‬المراد بالحلق والتقصير إزالة الشعر ‪ ،‬فيقوم مقامه النتف واإلحراق‬
‫واألخذ بالنورة أو بالمقص ‪ [ .» ..‬المجموع للنووي ( ‪ . )154 /9‬والنُّورة ‪ « :‬أخالط من أمالح الكالسيوم ‪ ،‬والباريون ‪ ،‬ت ُستعمل إلزالة الشعر »‪.‬‬
‫القـامـوس الفقهـي ‪ ،‬ص (‪ ، ) 363‬د‪ /‬سعـدي أبوجيب ‪ ،‬دار الفكـر ‪ ،‬دمشـق سوريــة ] ‪.‬‬

‫ور ٍة ؛ ألن القصد إزالته ‪ ،‬و األمر به مطلق ‪ ،‬فهيهتهنه ه‬


‫او ُل‬ ‫• وفي المغني البن قدامة ‪ « :‬كذلك لو نتفه ‪ ،‬أو أزاله بنُ ه‬
‫ما يقع عليه اإلسم »‪.‬‬
‫[ (جـ ‪ ، ) 245 /5‬فصل ‪ :‬وأي قدر قصّر منه أجزأه‪ .‬تحقيق ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب الرياض ] ‪.‬‬

‫• وفي « أسنى المطالب » ‪ [ :‬ويُكتفى في أخذ الشعر ( بقص أو نتف أو إحراق ) أو غيره ؛ ألن المقصود‬
‫ل من هذه األشياء طريق إليها ]‪ .. [ .‬شــرح روض الطـالب لزكريـا األنصــــاري ( ‪.] ) 492 /1‬‬
‫إزالة الشعر ‪ ،‬وك ٌّ‬
‫األخذ من اللحية والشارب عند الحلق ‪:‬‬
‫قال النــووي ‪ ( :‬روى مالك والشافعـي والبيهقـي باإلسنـاد الصحيـح عـن ابن عمـر ‪ -‬رضـي للا عنهمـا ‪-‬‬
‫« أنـه كان إذا حلـق في حـج أو عمـرة أخـذ من لحيته وشاربه ‪ ،‬وللا أعلم » ) ‪ .‬وقال أيضا ‪ ( :‬قال الشافعي ‪:‬‬
‫إلي ‪ ،‬ليكون قد وضع من شعره شيئا هلل تعالى » ) ‪.‬‬ ‫أحب َّ‬
‫َّ‬ ‫« ولو أخذ من شاربه أو من شعر لحيته شيئا كان‬
‫اهـ [ المجمــوع شــرح المهـذب للنــووي ( ‪ ، ) 153 ، 154 / 9‬كتـاب الحــج ‪ ،‬باب صفــة الحـج والعمـرة ‪] .‬‬

‫‪ -‬ولكن يأخذ منها مازاد على قبضة اليد ‪:‬‬


‫حيث ثبت عنه ﷺ أنـه قال ‪ ... « ( :‬وفّروا اللّحى ‪ ،‬وأحفوا الشـوارب » ‪ ،‬وكـان ابن عمـر إذا حـ ّج أو اعتمر‬
‫(‪) 1‬‬
‫قبض على لحيته ‪ ،‬فما فضل أخذه )‪.‬‬

‫كره ‪ ،‬هن ّ‬
‫ص عليه كما‬ ‫قال ابن تيمية ‪ « :‬وأما إعفاء اللحية ‪ ،‬فإنه يُترك ‪ ،‬ولو أخد ما زاد على القبضة لم يُ ه‬
‫تقدم عن ابن عمر »‪ [ .‬شرح العمدة في الفقـه البن تيميـة ( ‪.] ) 236 / 1‬‬

‫‪ -‬جواز األخذ من اللحية في غير النسك أيضا ‪:‬‬


‫يخص هذا التخصيص‬
‫ّ‬ ‫قال ابن حجر ‪ُ -‬معقبا على الحديث السابق ‪ « : -‬قلتُ ‪ :‬الذي يظهر أن ابن عمر كان ال‬
‫بالنسك‪ ،‬بل كان يحمل األمر باإلعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو‬
‫عرضه »‪ [ .‬فتح الباري البن حجر ( ‪.] ) 426 / 17‬‬

‫وقال ابن العربي ‪ ( :‬وفي أخذ ابن عمر من لحيته في الحج دليل على جواز األخذ من اللحية في غير الحج ؛‬
‫وي عن علي ‪ :‬أنه كان يأخذ من لحيته‬‫ألنه لوكان ذلك غير جائز في سائر الزمان ‪ ،‬ماجاز في الحج ‪ .‬وقد ُر ه‬
‫مما يلي وجهه ‪ ،‬وعن أبي هريرة ‪ :‬أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل من القبضة )‪.‬‬
‫[ المسالك في شرح موطا اإلمام مالك ( ‪ ، ) 411 / 4‬كتاب االعتكاف ‪ /‬التلبيد ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد للا المحالوي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪ [ : 1‬الفتح البن حجر ( ‪ ، ) 426 / 17‬كتاب اللباس ‪ ،‬باب تقليم األظافر ‪ ،‬حديث ‪ ، 5892‬تحقيق الشيخين ‪ :‬ابن باز ‪ ،‬دمحم فؤادعبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ - 4‬زمان الحلق ومكانه ‪:‬‬
‫بأي ٍ من هذين لزمه الدم »‪.‬‬
‫« ذهب أبو حنيفة إلى أن الحلق يختص بأيام النحر ‪ ،‬وبمنطقة الحرم ‪ ،‬فلو أخ ّل ّ‬
‫[ الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ ، ) 57 /17‬حجاب ‪ -‬حفيد ‪ « ،‬واجبات الحج » ‪ « ،‬الحلق أو التقصير » ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪1417‬هـ ‪ 1997 /‬م ) ]‪.‬‬

‫‪ -‬فأبوحنيفة يرى أن للحلق زمانا ‪ :‬يتمثل في « أيام التشريق » ‪ ،‬ومكانا ‪ :‬وهو « الحرم »‪ .‬وأن على من خالف‬
‫ذلك دما‪.‬‬

‫‪ -‬وقال اإلمام النووي ‪ ( :‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إذا خر هجت « أيام التشريق » لزمه الحلق ودم )‪.‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 159 / 9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعة من الباحثيـن ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫‪ -‬عند المالكيـة ‪ :‬لو أخر الحلق عن أيام الرمي الثالثة ‪ ،‬بعد يوم النحر ‪ ( ...‬المقرر في « المدونة » أالّ هد هم عليه‬
‫‪ ،‬فإن حلق بمكة « أيام التشـريق » ‪ ،‬أو بعـدها ‪ ،‬أو حلق في « الح ّل » في أيام منى ‪ ،‬فال شيء عليه ) ‪.‬‬
‫[ الفقه اإلسالمي وأدلته (‪ « ، ) 279/3‬المطلب الثالث ‪ « ، » ...‬ثالثا ‪ :‬زمان الحلق ومكانه » ‪ ،‬طبعة‪1991 ( 1‬م ) بالجزائر ]‪.‬‬

‫( ويجب الدم عـند المالكية فقط إذا « رجع إلى بلده » ‪ ،‬جاهال أو ناسيا‪ .‬والراجح أال يجب شيء بالتأخير عن‬
‫أيام التشريق الثالثة ‪ ،‬بعد يوم النحر ‪ ،‬ما لم يرجع إلى بلده )‪ [ .‬الفقـــه اإلسالمــي وأدلتــــه ( ‪. ] ) 211 / 3‬‬

‫‪ ( -‬قال الشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ...‬ال يجب الدم بتأخير الحلق عن « أيام الرمي »‪ ،‬أو « ل هما بعد العودة إلى البلد‬
‫»‪ [ ).‬المرجع السابق ]‬

‫قال اإلمام النووي ‪ ( :‬لو أ ّخر الحلق إلى « بعد أيام التشريق » ‪ ،‬حلق وال دم عليه ‪ ،‬سـواء طال زمانه أم ال ‪،‬‬
‫وسواء رجع إلى بلده أم ال‪ .‬هـذا مذهبنا ‪ ،‬وبه قال عطاء ‪ ،‬وأبو ثور ‪ ،‬وأبو يوسف ‪ ،‬وأحمد ‪ ،‬وابن المنذر ‪،‬‬
‫وغيرهم )‪ [ .‬المجموع شرح المهذب ( ‪.] ) 159 / 9‬‬

‫سابعا ‪ -‬التحلل من العمرة‬


‫نطرق في هذا الموضوع النقـاط التالية ‪:‬‬
‫إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪ ،‬والمراد بالتحلل من العمرة أو الحج ‪.‬‬

‫إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪:‬‬


‫(‪) 1‬‬
‫« وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة‪ .‬ويُح ّل ال ُمحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير ‪.» ...‬‬
‫وبذلك يَ ِحل له ما كان محظورا عليه بإحرامه‪.‬‬
‫والمراد بالتحلل من العمرة أو الحج ‪:‬‬
‫حرم إلى ما كان عليه قبل‬
‫« الخروج من اإلحرام ‪ ،‬وح ّل ما كان محظورا عليه وهو ُمحرم »‪ ) 2( .‬أي ‪ :‬هوعود ال ُم ِ‬
‫إحرامه‪.‬‬

‫‪ : 1‬فقه السنة ‪ ،‬للسيد سابق ( ‪ ، ) 125 / 2‬الحج ‪ ،‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬شروطه ‪ ،‬طبعة ُمخرجة األحاديث على كتب األلباني ‪ ،‬دار اإلمام مالك ‪ ،‬البُليدة ‪ ،‬الجزائر ‪.‬‬
‫‪ : 2‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 175 / 2‬أهجهل ‪ -‬إذن ‪ « ،‬الفصل الثامن ‪ :‬التحلل من اإلحرام » ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪ 1474‬هـ ‪ 1983 /‬م ) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ثامنا ‪ -‬من متعلقات الطواف‬
‫من مقتضيات مسألة الطواف معالجة الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫آداب الطواف ‪ ،‬االضطباع والر َمل ‪ ،‬وطواف الوداع ‪ ،‬ومسائل في الطواف ‪ ،‬ودعاء الملتزم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬آداب الطواف ‪:‬‬


‫من المظاهر المتداولة عند بعض الطائفين ‪ :‬تواصل بعضهم مع غيرهم بالهاتف النقال‪ ،‬وتصوير أنفسهم أثناء‬
‫الطواف‪ ،‬في غفلة عن مراد هللا عزوجل من أداء هذا النسك ‪ ،‬وعما هم مطالبون به من الخشوع والذكر ‪ ،‬واإلقبال‬
‫على هللا‪.‬‬

‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬قال أصحابنا وغيرهم ‪ :‬ينبغي له أن يكون في طوافه خاشعا متخشعا ‪ ،‬حاضر القلب ‪،‬‬
‫مالزم األدب ‪ ،‬بظاهره وباطنـه ‪ ،‬وفي هيئتـه وحركتـه ونظـره ؛ فإن الطـواف صـالة (‪ ، ) 1‬فيتأدب بآدابها ‪،‬‬
‫ويستشعر بقلبه عظمة من يطوف ببيته‪.‬‬

‫ويُكره له األكل والشرب في الطواف ‪ ،‬وكراهة الشرب أخف ‪ ،‬وال يبطل الطواف بواحد منهما ‪ ،‬وال بهما جميعا »‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 51 / 9‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬المحرم إذا رأى البيت ‪ ،‬تحقيق مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ] ‪.‬‬

‫لذلك أخي الحاج ( وأنت تطوف حول الكعبة تذ ّكر أن الطواف حول البيت صالة‪ .‬صالة في صورة خطوات‬
‫ورفق بإخوانك أثناء الطواف ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب‬
‫ب وأد ٍ‬
‫ودورات ودعوات ‪ ،‬فأ ّده كأدائك للصالة ‪ :‬في خشوع وحضور قل ٍ‬
‫طالع للا عليك وأنت تؤدى هذه العبادة حول بيته الحرام ‪ ،‬واعلم أن قلبك هو موضع نظر الرب هلالج لج‪.‬‬ ‫واستشعر ا ّ‬
‫فأخل قلبك من كل شيء إال للا وحب للا ‪ ،‬واإلخالص هلل ‪ :‬حينئ ٍذ تسمو روحك وكأنها هي التي تطوف حول‬
‫البيت‪ ،‬وليست األقدام‪ .‬ولت ُكثر من ذكر للا ‪ ،‬والدعاء لك وإلخوانك ولدعوتك ولإلسالم والمسلمين‪.‬‬

‫وأنت في هذا المقام ال تنسى أولى القبلتين وثالث الحرمين ‪ :‬المسجد األقصى األسير ‪ ،‬وادعو للا أن يرزقك صالة‬
‫في رحابه بعد أن يخلصه من براثن اليهود ‪.‬‬

‫وأنت تطوف تذ ّكر أن المالئكة تطوف فوقك‪ .‬استشعر صورة المالئكة فوقك وهي تطوف ‪ .‬أين ؟ أنها تطوف‬
‫حول العرش وأين ؟ حول بيت للا المعمور‪ ،‬في السماء السابعة في نفس النقطة ‪ ،‬وبنفس الحركة واالتجاه ‪،‬‬
‫طف مثلهم وفي مثل خشـوعهم وذُلّهم هلل عـز‬ ‫واسأل نفسك عن حالة خشوع المالئكة وذلهم هلل تبارك وتعالى! ف ُ‬
‫مالئكي الطبع في‬
‫ّ‬ ‫وجل ‪ ،‬والرسول ﷺ يقول ‪ « :‬من تشبّه بقوم فهو منهم أو هو معهم » ‪ ) 2( .‬فحاول أن تكون‬
‫طوافك ‪ ،‬وفي حجك ‪ ،‬في عمرتك ‪ ،‬وبعد الحج وبعد العمرة‪ .‬وعند العودة إلي بلدك‪.‬‬

‫وحبذا التحلي بهذا الخلق في كل شؤون حياتك ‪ ،‬وأنت تطوف حول الكعبة المعظمة تعلّم كيف تطوف في حياتك‬
‫حول األمور العظيمة ‪ ،‬وال تجعل طوافك ومحور تحركاتك حول األمور التافهة والرخيصة ؟! )‬
‫[ ماوراء مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬لطارق حسن السقة ‪ ( ،‬مجلد ‪ ، 1‬ص‪ ، ) 7‬مكتبة الحاج والمعتمر ‪ ،‬جامع الكتب اإلسالمية ]‪.‬‬

‫‪ : 1‬إشارة إلى قوله ﷺ ‪ « :‬الطواف بالبيت صالة » ‪ .‬صححه األلباني في إرواء الغليل (‪ ، )1178‬من حديث عبد للا بن عباس رضي للا عنهما‪.‬‬
‫‪ : 2‬رواه أبو داود ( اللباس ‪ ، ) 3512‬قال األلباني ‪ :‬في صحيح أبي داود ‪ :‬حسن صحيح ‪ ،‬برقم (‪. )3471‬‬

‫‪53‬‬
‫والر همل‬
‫‪ - 2‬االضطباع ‪ّ ،‬‬
‫ونتناولهما هذه المرة من حيث األمور التالية ‪:‬‬
‫لر َمل للنساء ‪ ،‬في أي طواف يكون‬
‫حكمهما ‪ ،‬ومشروعيتهما ‪ ،‬والحكمة من مشروعيتهما ‪ ،‬حكم االضطباع وا َ‬
‫االضطباع والرمل ؟ اقتران االضطباع والرمل من حيث المشروعية ‪ ،‬حكم تارك االضطباع والرمل ‪ ،‬هل يُشرع‬
‫االضطباع في ركعتي الطواف ؟ هل يُشرع االضطباع في السعي ؟ هل يُشرع االضطباع والرمل ألهل مكة ؟‬

‫والر همل‬
‫أ ‪ -‬حكم االضطباع ‪ّ ،‬‬
‫( اتفق العلماء ‪ -‬رحمهم للا ‪ -‬على أنّه (‪ « ) 1‬اضطبع ورمل في طوافه » ‪ ،‬إال أنهم اختلفوا في بقاء‬
‫(‪) 2‬‬
‫مشروعيتهما بعد زوال سببهما ‪ ،‬بتمكن اإلسالم وظهوره ‪ ،‬وذهاب الشرك وأهله من مكة ) اهـ ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مشروعيتهما ‪:‬‬
‫‪ -‬االضطباع ‪:‬‬
‫اختلف العلماء حول مشروعية االضطباع في الطواف ‪ ،‬على قولين ‪:‬‬
‫ب ال ُجمهـور ‪:‬‬ ‫للرجال دون النّساء ‪ ،‬وهذا همذ ههـ ُ‬
‫طواف ‪ ،‬وهو ّ‬ ‫س هنن ال َّ‬
‫سنَّة من ُ‬
‫ع ُ‬
‫‪ -‬القول األول ‪ ( :‬االضطبا ُ‬
‫طبِعًا » )‪ .‬اهـ‬
‫(‪) 3‬‬ ‫ض َ‬‫ال هحنهفيَّة ‪ ،‬والشَّافعيَّة ‪ ،‬وال هحنابلة‪ .‬لحديث يهعلهى بن أ هميَّةه هرض هي للاُ عنه ‪ « :‬أن النبي ﷺ طاف ُم ْ‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب ال هح ّج ‪ ،‬الباب السادس ‪ :‬الطواف ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬حكم االضطباع‪ .‬بتصرف ‪ ،‬أما فيما يخص أدلة هذا القول ‪:‬‬
‫‪ ،‬وما‬ ‫‪236‬‬ ‫انظر « الموسوعة الفقهية » ‪ ،‬أو « أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ -‬المطلب الرابع ‪ :‬حكم االضطباع والرمل » ‪ :‬عبد للا الزاحم ( ص‬
‫بعدها ) ‪ ،‬على سبيل المثال ]‪.‬‬

‫‪ -‬القول الثاني ‪ :‬اإلمام مالك يرى عدم سنيته ‪ ،‬وأنه كان مرتبطا بإظهار ال هجلهد مع ّ‬
‫الرمل ‪ ،‬فانتفى حكمه بتمكن‬
‫اإلسالم وظهوره ؛ وقد « سئل مالك عن حسر المحرم عن منكبيه إذا هو طاف بالبيت الطواف الواجب في الرمل ؟‬
‫(‪)4‬‬
‫قال ‪ :‬ال يفعل »‪.‬‬

‫وقال الباجـي ‪ « :‬الرمل في الطواف ‪ :‬هو اإلسراع فيه بالخبب ‪ ،‬ال يحسر عـن منكبيـه ‪ ،‬وال يحركهما »‪.‬‬
‫[ المنتقى شرح موطأ مالك ‪ ،‬للباجي (‪ ،)493/3‬تحقيق دمحم عبد القادر أحمد عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫‪ -‬الترجيح ‪ [ :‬ال ريب أن ما ذهب إليه جمهور العلماء ‪ ...‬أن االضطباع سنة باقيـة ‪ ،‬ومن مستحبات الطواف ‪،‬‬
‫هو الرأي المختار ‪ ،‬لما يلي ‪:‬‬

‫ع همره ‪ ،‬بل وفي هحجته أيضا (‪ ) 5‬نصوص صريحة صحيحة ‪: ...‬‬


‫‪ -‬األدلة على أنه ﷺ كان يضطبع في ُ‬
‫(‪) 6‬‬
‫‪ - 1‬ثبت أن الصحابة « اضطبعوا بعد وفاة النبي ‪ ،‬كما د ّل على ذلك أثر عمر »‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن قول ابن عباس ‪ ،‬أكثر ما فيه أن « سبب االضطباع والرمل ما ذكره » ‪ ،‬ولكنهما صارا سنة بذلك‬
‫السبب ‪ ،‬فيبقى بعد زواله ‪ ،‬كرمي الجمار ‪ :‬سببه رمي الخليل عليه السالم الشيطان ‪ ،‬ثم بقي بعد زوال ذلك‬
‫السبب‪ ( .‬المبسوط ‪ . 17 / 4 :‬وعبّر الكاساني عن ذلك بقوله ‪ :‬إن النبي لما رمل بعد زوال ذلك السبب ‪ ،‬صار الرمل سنة مبتدأة ‪ ،‬فنتبع النبي في ذلك ‪،‬‬
‫وإن كان ال نعقل معناه‪ .‬وإلى هذا أشار عمر « حين رمل في الطواف »‪) .‬‬

‫‪ - 3‬ينتقض قول مالك بعدم مشروعية االضطباع لزوال سببه‪ ،‬بالرمل؛ فإنه يقول ببقاء مشروعيته مع زوال‬
‫سببه‪ [ .‬انظر ‪ :‬المجموع ( ‪]. ) 21 / 8‬‬

‫‪ : 1‬أي النبي ﷺ ‪.‬‬


‫‪ : 2‬كتاب أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ -‬المطلب الرابع ‪ :‬حكم االضطباع والرمل ‪ :‬عبد للا بن إبراهيم الزاحم ( ص ‪. ) 236‬‬
‫‪ : 3‬رواه أبو داود (‪ ، )1883‬قال الترمذي ‪ :‬حسن صحيح ‪ ،‬وحسنه األلباني « في صحيح سنن ابن ماجه » (‪ ، )2954‬وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ : 4‬البيان والتحصيل (‪ ، )449/4‬كتاب الحج األول ‪ ،‬البن رشد القرطبي ‪ ،‬تحقيق األستاذ ‪ :‬أخمد الحبابي ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ : 5‬قال ابن كثير ‪ :‬في البداية والنهاية ( ‪ ( : ) 157 / 5‬فأما االضطباع في حجة الوداع ‪ ،‬فقد قال قبيصة ‪ ،‬والفريابي ‪ ...‬عـن ابن يعلى بن أمية ‪ ،‬عن أبيه‬
‫قال ‪ « :‬رأيتُ رسول للا يطوف بالبيت مضطبعا »‪ .‬رواه الترمذي من حديث الثوري‪ .‬وقال ‪ :‬حسن صحيح ‪.) ..‬‬
‫‪ : 6‬قلت ‪ :‬ثبت عن عمر رضي للا عنه أنه قبل الحجر األسود ‪ ،‬وقال ‪ « :‬إني أعلم أنك حجر ال تضر وال تنفع ‪ ،‬ولوال أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك »‪.‬‬
‫انظر ‪ [ :‬فتح الباري البن حجر ( ‪ ، ) 347 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ما ذكر في الحجر األسود ‪ ،‬حديث ‪ ، 1527‬من حديث عابس بن ربيعة ‪ -‬رضي للا عنه ‪.] -‬‬

‫‪54‬‬
‫وغيرهما‪ .‬انظر [ بدائع الصنائع ( ‪].) 147 / 2‬‬ ‫‪ - 4‬إن بقاء السبب ليس بشرط لبقاء الحكم ‪ ،‬كالبيع والنكاح‬
‫‪ - 5‬إن القول بزوال السبب ممنوع ‪ ،‬ألن الحكم يجوز أن يثبت بعلل متعددة‪ .‬فذهاب بعضها ال يستلزم زوال‬
‫الحكم ‪ ،‬وكون النبي اضطبع في حجة الوداع بعد ذهاب غلبة المشركين‪ ،‬دليل على بقاء علة أخرى للحكم ‪،‬‬
‫كتذكر نعمة األمن بعد الخوف ‪ ،‬ليُشكر عليها (‪.]) 1‬‬
‫[ أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ ،‬لعبد للا الزاحم ‪ -‬المطلب الرابع ‪ :‬حكم االضطباع والرمل ‪ ،‬مشروعية اإلضطباع ‪ ( ،‬ص ‪]. ) 239 ، 238‬‬

‫الر همل ‪:‬‬


‫‪ّ -‬‬
‫« اختلف العلماء ‪ ...‬كذلك في بقاء مشروعية الرمل في الطواف بعد زوال سببه ‪ ،‬وذهاب وقت الحاجة إليه‬
‫‪ ،‬بظهور اإلسالم وتمكنه ‪ ،‬واضمحالل الشرك وأهله من مكة ‪ .‬على قولين ‪:‬‬

‫سنَّة باقية ‪ ،‬وشعيرة ثابتة ‪ ،‬وإن زال سببها ‪...‬‬


‫‪ -‬القول األول ‪ :‬إن الرمل ُ‬
‫وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء ‪ ،‬ومنهم أصحاب المذاهب األربعة »‪.‬اهـ‬
‫(‪) 2‬‬

‫– المطلب الرابع ‪ :‬حكم االضطباع والرمل ‪ « ،‬مشروعية الرمل » ]‬ ‫ص ‪242 - 247‬‬ ‫[ أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ ،‬لعبد للا بن إبراهيم الزاحم ‪،‬‬

‫ومن األدلة المعتمدة هنا ‪:‬‬


‫‪ « -‬أنه ﷺ كان إذا طاف بالبيت الطـواف األول رمل ثالثـة ‪ ،‬ومشى أربعـة من الحجـر إلى الحجـر »‪.‬‬
‫(‪)1261‬‬ ‫[ متفق عليه ‪ :‬أخرجه البخاري في الحج ‪ ،‬باب ما جاء في السعي ‪ ، )1644( ..‬وابن ماجة في المناسك ‪ ،‬باب الرمل ‪ ، ) 2957 ( ...‬ومسلم في الحج‬
‫‪ ،‬من حديث ابن عمر رضي للا عنهما ]‪.‬‬

‫‪ « -‬أن رسول هللا ﷺ وأصحابه رضي هللا عنهم اعتمروا من الجعرانة ‪ ،‬فرملوا بالبيت ‪ ،‬وجعلوا أرديتهم‬
‫تحت آباطهم ‪ ،‬قذفوها على عواتقهم اليسرى »‪.‬‬
‫[أخرجه أبو داود ‪ :‬المناسك ‪ ،‬باب االضطباع في ‪ ، ) 1884 ( ...‬من حديث ابن عباس رضي للا عنه ‪ ،‬وصححه األلباني في اإلرواء ( ‪]) 292 / 4‬‬

‫‪ « -‬القول الثاني ‪ :‬الرمل ليس بمشروع ‪ ،‬وال يُستحب في الطواف‪ .‬وإنما فعله النبي لسبب ‪ ،‬وقد زال‬
‫بظهور اإلسالم‪ .‬فإن شاء رمل ‪ ،‬وإن شاء لم يرمل‪ .‬وهذا القول مروي عن جماعة من التابعين ‪ ،‬منهم ‪:‬‬
‫عطاء ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وطاوس ‪ ،‬والحسن ‪ ،‬وسالم ‪ ،‬والقاسم ‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬وعلي بن الحسين‪ ) 3( .‬وهو‬
‫األشهر عن ابن عباس ‪ ،‬و به قال بعض الحنفية (‪.» ) 4‬‬
‫[ أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ ،‬لعبد للا بن إبراهيم الزاحم ( ص ‪].) 242 - 247‬‬

‫‪ : 1‬انظر ‪ :‬منسك مال القاري ‪ ،‬ص ‪ ( .178‬وقد عبّر عنه ابن نجيم في البحر الرائق ( ‪ ) 354 / 2‬بقوله ‪ « :‬واعلم أن األصل زوال الحكم ‪ ،‬ثم زوال العلة ؛ ألن‬
‫الحكم ملزوم لوجود العلة ‪ ،‬ووجود الملزوم بدون الالزم محال ‪ .‬وقول من قال ‪ :‬إن علة الطواف في الرمل زالت ‪ ،‬وبقي الحكم ممنوع ‪ ،‬فإن النبي رمل‬
‫في حجة الوداع ‪ ،‬تذكيرا لنعمة األمن بعد الخوف ‪ ،‬ليُشكر عليها ‪ ،‬فقد أمر للا بذكر نعمه في مواضع من كتابه ‪ ،‬وما أمرنا بذكرها إال لنشكرها‪ .‬ويجوز‬
‫أن يثبت الحكم بعلل متبادلة ‪ ،‬فحين غلبة المشركين ‪ :‬كانت علة الرمل ‪ ،‬إيهام المشركين قوة المؤمنين‪ .‬وعند زوال ذلك تكون علته تذكير نعمة األمن ‪. ) ...‬‬
‫‪ : 2‬انظر ‪ :‬أحكام القرآن ‪ ،‬للجصاص ( ‪ ، ) 97 / 1‬المبسوط ( ‪ ، ) 17 / 4‬بدائع الصنائع ( ‪ ، ) 147 / 2‬االستذكار ( ‪ ، ) 127 / 12‬الرسالة مع شرحها تنوير‬
‫المقالة ( ‪ ، ) 435 / 3‬قوانين األحكام الشرعية ‪ ،‬ص ‪ ، 139‬المجموع ( ‪ ، ) 41 / 8‬المغني ( ‪ ... ) 217 / 5‬إلى آخر قائمة المصادر ‪.‬‬
‫‪ : 3‬انظر المصنف البن أبي شيبة ( ‪ ، ) 277 / 3‬التمهيد ( ‪ ، ) 77 / 2‬االستذكار ( ‪. ) 128 ، 127 / 12‬‬
‫‪ : 4‬انظر ‪ :‬فتح القدير ( ‪ ، ) 454 / 2‬حاشية ابن عابدين ( ‪.) 498 / 2‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي ‪:‬‬
‫( عن أبي الطفيل قال ‪ :‬قلت البن عباس ‪ :‬زعم قومك أن رسول هللا قد رمل بالبيت ‪ ،‬وأن ذلك سنة ؟ قال ‪:‬‬
‫صدقـوا ‪ ،‬وكذبـوا‪ .‬قلت ‪ :‬ما صدقـوا ‪ ،‬وما كذبوا ؟ قال ‪ :‬صدقوا ‪ ،‬رمل رسول هللا بالبيت ‪ ،‬وكذبوا ‪ ،‬ليست‬
‫شا قالت زمن الحديبية ‪ :‬دعـوا محمدًا وأصحابـه حتى يموتـوا مـوت النغَـف (‪ . ) 2‬فلما صالحوه‬ ‫بسنة (‪ . ) 1‬إن قري ً‬
‫على أن يجـيء في العـام المقبـل فيُقيـم ثالثـة أيام بمكـة ‪ ،‬فقـدم رسـول هللا وأصحابــه ‪ ،‬والمشـركــون على‬
‫جبل قُعَ ْي ِقعان ‪ ،‬فقال رسول هللا ألصحابه ‪ « :‬ار ُملوا بالبيت ثالثًا » وليست بسنة ‪...‬‬
‫[ أخرجه بهذا اللفظ أبو داود ( ‪ ، ) 1885‬والطحاوي في شرح معاني اآلثار ( ‪ ) 179 / 2‬من طريق أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل به‪ .‬وأخرجه مسلـم في الحج‬
‫ومختصرا ] ‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬باب استحباب الرمل ( ‪ ، ) 12 17 / 9‬وأحمد (‪ ، )229 /1‬والبيهقي (‪ ، ) 82 / 5‬وغيرهم من طرق عن أبي الطفيل بنحوه‬

‫ُري المشركين قوته »‪.‬‬


‫وعنه قال ‪ « :‬إنما سعى رسول هللا ‪ ،‬ورمل بالبيت ‪ ،‬لي َ‬
‫[ متفق عليه‪ .‬أخرجه البخاري في الحج ‪ ،‬باب ما جاء في السعي ( ‪ ، 171 / 2 ) 87‬ومسلم ( ‪ ، ) 939 / 9‬واللفظ له ]‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬إن أمر النبي ﷺ ألصحابه أن يمشوا بين الركنين ‪ ،‬حيث ال يراهم المشركون ‪ ،‬دليل على أن الرمل‬
‫إنما كان ليرى المشركون أن بهم قوة ‪ ...‬ال ألن ذلك سنة (‪ [ ) ... ) 3‬أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ ،‬لعبد للا بن إبراهيم‬
‫الزاحم ( ص ‪ - ) 244 - 243‬المطلب الرابع ‪ :‬حكم االضطباع والرمل ‪ « ،‬مشروعية الرمل » ]‪.‬‬

‫‪ -‬الترجيح ‪:‬‬
‫القول بما ذهب إليه الجمهور ‪ « :‬بقاء مشروعيته بعد زوال سببه ‪ ،‬بتمكن اإلسالم وظهوره » ‪ ،‬حيث ثبت ‪:‬‬
‫‪ -‬أنه ﷺ « رمل من الحجر األسود إلى الحجر األسود ثالثا ‪ ،‬ومشى أربعا »‪.‬‬
‫[ السنن الكبرى ‪ ،‬للبيهقي (‪ « ، )83/ 5‬ك الحج » ‪ « ،‬باب االبتداء بالطواف من الحجر األسود إلى الحجر األسود ‪ ،‬يرمل ثالثا ‪ ،‬ويمشي أربعا » ‪ ،‬رواه‬
‫مسلم في الصحيح ‪ ،‬عن عبد للا بن عمر رضي للا عنهما ]‪.‬‬

‫‪ -‬وفي وصف حجته ﷺ « حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ‪ ،‬فرمل ثالثا ‪ ،‬ومشى أربعا »‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬

‫ومن خالل هذه األحاديث ‪ ،‬وغيرها يتبين أنه ( قد رمل النبي ﷺ و أصحابه ‪ ،‬واضطبع في حجة الوداع بعد‬
‫ع همره كلّها ‪ ،‬وفي‬
‫الفتح ‪ ،‬فثبت أنها سنة ثابتة ‪ ،‬وقال ابن عباس رضي للا عنهما ‪ « :‬رمل النبي ﷺ في ُ‬
‫(‪) 5‬‬
‫هح ّجه ‪ ...‬والخلفاء الراشدون من بعده »‪ [ .‬رواه أحمد في المسند ( ‪ ) ]225 / 1‬اهـ‪.‬‬

‫ومن ذلك أيضا ما ( « ورد في الحديث الصحيـح ‪ ،‬عن ابن عباس أنهم رملوا في عمرة الجعـرانة ‪،‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫واضطبعـوا ‪ ،‬وهو رد عليه ‪ ،‬فإن عمرة الجعرانة لم يبق في أيامها خوف ؛ ألنها بعد الفتح » (‪.) ) 6‬‬
‫وهو آخر فعل النبي ﷺ ‪ ،‬في حجة الوداع ‪ ،‬والصحابة من بعده‪.‬‬

‫الر همالن اليوم ‪ ،‬والكشف عن المناكب ‪ ،‬وقد أ ّ‬


‫طأ للا اإلسالم ‪،‬‬ ‫وهذا عمر رضي هللا عنه ‪ ،‬يتساءل ‪ « :‬فيم ّ‬
‫ونفى الكفر وأهله ؟ »‪ ) 8(.‬ثم ما لبث أن « رأى اإلتباع أولى من طريق المعنى »‪.‬‬
‫[ الفتج البن حجر ( ‪ ، ) 583 ، 582 /3‬الحج ‪ ،‬باب الرمل في الحج ‪ ...‬تحقيق عبد ابن باز ‪ ،‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت]‪.‬‬
‫[ المصدر ذاته]‬ ‫فقال ‪ « :‬مع ذلك ال ندع شيئا كنا نفعله على عهد ه ﷺ »‪.‬‬

‫‪ :‬أي أنه أمر لم يُسن فعله لكل المسلمين ‪ ،‬على معنى القربة ‪ ،‬كالسنن التي هي عبادات ‪ ،‬ولكن فعله ﷺ لسبب خاص‪.‬انظر ‪ :‬معالم السنن ( ‪ ، ) 193 / 1‬القرى ص ‪.297‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬النغف ‪ :‬جمع نغفة ‪ ،‬وهي دود تكون في أنوف األنعام ‪ .‬ويقال للرجل إذا استحقر واست ُضعف ‪ :‬ما هو إال نغفة‪ .‬انظر ‪ :‬معالم السنن ( ‪ ، ) 193 / 1‬النهاية‬ ‫‪2‬‬
‫( ‪ ، ) 87 / 5‬القاموس المحيط ص ‪ ، 1178‬القرى ص ‪. 297‬‬
‫‪ :‬انظر ‪ :‬شرح معاني اآلثار ( ‪.) 179 / 2‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬رواه مسلم في صحيحه ( ‪ ، ) 887 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬حديث رقم ‪ ، 1218‬من حديث جابر رضي للا عنه‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬المغني البن قدامة (‪ ، )218 / 5‬الحج ‪ -‬قال ‪( :‬ورمل ثالثة أشواط ‪ ،‬ومشى أربعة‪ ،)...‬تحقيق ‪:‬عبد للا التركي ‪ ،‬د ‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ :‬رواه حماد بن سلمة ‪ ،‬عن عبد للا بن عثمان بن خثيم ‪ ،‬عن سعيد بن جبير ‪ ،‬عن ابن عباس « أن الرسول ﷺ وأصحابه اعتمروا من الجعرانة ‪ ،‬فرملوا‬ ‫‪6‬‬
‫بالبيت ‪ ،‬واضطبعوا ‪ ،‬ووضعوا أرديتهم تحت آباطهم ‪ ،‬وعلى عواتقهم »‪.‬‬
‫‪ :‬البداية والنهاية ‪ ،‬البن كثير ( ‪ ، ) 157 / 5‬الطبعة ‪ 1479 ( 6‬هـ ‪ 1988 /‬م ) ‪ ،‬ضبط وتصحيح ‪ ،‬وشرح ‪ :‬هيئة تحت إشراف الناشر ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ :‬رواه أبوداود (‪ ، )1887‬واللفظ له ‪ ،‬وابن الملقن في البدر المنير ( ‪ ، ) 274/6‬وقال عنه األلباني في ( صحيح سنن أبي داود ) ‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪56‬‬
‫والر همل ‪:‬‬
‫جـ ‪ -‬الحكمة من مشروعية االضطباع ‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬من باب إظهار قوة المسلمين وشوكتهم ‪ ،‬إلغاظة المشركين ‪ :‬فإنهم ( قالوا ‪ - :‬قبل دخول النبي ﷺ مكة في‬
‫عمرة القضاء سنة سبع ‪ : -‬يقدُم عليكم غدا قوم قد هو ههنهتهم الحمى ‪ ،‬فقدم النبي ﷺ ‪ ،‬والمشركون جالسون مما‬
‫يلي الحجر ‪ ...‬فرمل النبي ﷺ ‪ ،‬واضطبع ‪ ،‬وأمر أصحابـه أن ير ُملوا ثالثة أشواط ‪ ،‬وأن يمشوا بين الركنين ‪،‬‬
‫حيث ال يراهم المشركون ‪ ،‬إبقا ًء عليهم ‪ ،‬كما قال ابن عباس ( ‪ ) 1‬رضي للا عنهما‪ .‬فرملوا كذلك ‪ ،‬واضطبعوا ‪،‬‬
‫« ليرى المشركون قوتهم بالرمل ‪ ،‬وصحة أبدانهم باالضطباع »‪) .‬‬
‫[ هداية السالك إلى المذاهب األربعة البن جماعة (‪ ، )955 / 1‬الحج ‪ ،‬سنن الطواف ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ /‬صالح بن ناصر بن صالح الخزيم ‪ ،‬دار ابن الجوزي ]‪.‬‬

‫‪ -‬وأخيرا فإن ‪ ( :‬الحكمة من مشروعية الرمل في بادئ األمر كان‪ « :‬إظهار ال هجلهد والقوة للمشركين »‪.‬‬
‫ولكـن هـذه السنـة بقيت ثابتـة حتى بعد هـالك المشـركيـن ‪ ،‬وتطهـير مكة منهـم ‪ ،‬وما يؤكـد هذا أن النبي ﷺ‬
‫« رمل في حجة الوداع بعد الفتح »‪ .‬وعلى هذه السنة تتابع عامة الصحابة رضي للا عنهم ‪.‬‬
‫ولهذا قال ابن حجر ‪ :‬في مشروعية االضطباع ‪ :‬الحكمة في أصل مشروعيته كالرمل ‪ :‬إظهار الجالدة والقوة‬
‫للمشركين ‪ ،‬وبالنسبة إلينا ‪ « :‬إظهار التأسي واإلتباع والجد في العبادة »‪ ) ) 2(.‬اهـ‬
‫[ أحكام الطواف بالبيت الحرام ‪ ،‬لوليد بن عبد للا الهويريني ‪ ،‬ص ‪ ( ، 227‬الرمل ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬دليل مشروعيته ‪ ،‬والحكمة من مشروعيته ‪،‬‬
‫« حكمة مشروعيته » ) ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1437‬هـ ‪ ،‬دار ابن الجوزي ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ]‪.‬‬

‫‪ -‬جاء في فتح الباري ‪ ،‬البن حجر ‪ « :‬إن عُمر كان ه ّم بترك الرمل في الطواف ؛ ألنه عرف سببه ‪ ،‬وقد انقضى‬
‫‪ ،‬فه ّم أن يتركه ‪ ،‬لفقد سببه ‪ ،‬ثم رجع عن ذلك ‪ ،‬الحتمال أن تكون له حكمة ما اطلع عليها ‪ ،‬فرأى اإلتباع نعمة‬
‫أولى من طريق المعنى ‪ .‬وأيضا إن فاعل ذلك إذا تذكر السبب الباعث على ذلك ‪ ،‬فيتذكر للا على إعزاز اإلسالم‬
‫وأهله »‪.‬اهـ [ الفتح البن حجر ( ‪ ، ) 583 ، 582 /3‬الحج ‪ ،‬باب الرمل في الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ابن باز ‪ ،‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت]‪.‬‬

‫حيث بدلهم من بعد خوفهم أمنا ‪ ،‬وكثرهم ‪ ،‬وقواهم ‪ ،‬بعد القلة والضعف ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ « :‬واذكروا إذ أنتم‬
‫قليل مستضعفون في األرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم‬
‫تشكرون »‪ [ .‬األنفال ‪] 26 :‬‬

‫د ‪ -‬حكم االضطباع وال هر همل للنساء ‪:‬‬


‫ال يُشرع لهن اضطباع ‪ ،‬وال هر همل ‪ ،‬إجماعا ‪ ،‬قال ابن المنذر ‪ « :‬أجمع أهل العلم على أنه ال رمل على النساء‬
‫حول البيت ‪ ،‬وال بين الصفا والمروة ‪ ،‬وليس عليهن اضطباع‪ .‬وذلك ألن األصل فيهما إظهار ال هجلهد (‪ ، ) 3‬وال‬
‫يُقصد ذلك في حق النساء ‪ ،‬وألن النساء يُقصد في حقهن الستر ‪ ،‬وفي الرمل واالضطباع تعرض للتكشف »‪.‬‬
‫[ االستذكار (‪ « ، )197/4‬باب الرمل ‪ ، » ...‬تحقيق ‪ :‬سالم دمحم عطا ‪ ،‬دمحم علي معوض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 2777‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال النووي ‪ « :‬اتفق العلماء على أن الرمل ال يُشرع للنساء ‪ ،‬كما ال يُشرع لهن شدة السعي بين الصفا‬
‫والمروة »‪ ) 4(.‬وقال ابن عبد البر ‪ « :‬وأجمعوا أن ليس على النساء رمل في طوافهن بالبيت ‪ ،‬وال هرولة في‬
‫(‪) 5‬‬
‫سعيهن بين الصفا والمروة »‪.‬‬

‫‪ :‬البخاري في الحج ‪ ،‬باب ‪ :‬كيف كان بدء الرمل ( ‪ ، ) 176 / 2‬ومسلم في الحج ‪ ،‬باب ‪ :‬استحباب الرمل في الطواف والعمرة ( ‪... ) 923 / 2‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬ابن حجر ‪ :‬حاشية اإليضاح ص ‪.142‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬أضواء البيان ‪ ،‬دمحم األمين الشنقيطي ( ص ‪.) 392 :‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬ال هج هلد ‪ :‬القوة ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 8 ، 7 / 9‬الحج ‪ ،‬باب استحباب الرمل ‪ ،‬وفي الطواف األول في الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬عن [ المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 478 / 4‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬وليس على النساء وال آل مكة رمل وال اضطباع ‪ ...‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪].‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪57‬‬
‫هـ ‪ -‬في أي طواف يكون االضطباع والرمل ؟‬
‫يُستحبان في طوافي ( العمرة ‪ ،‬والقدوم ) ‪ :‬حيث يُشرعان في أول طواف يطوفه القادم إلى مكة ‪ ،‬سواء كان‬
‫طواف عمرة ‪ ،‬أو طواف قدوم في حج ‪.‬‬

‫ثم أن ( الرمل ال يُسن في غير األشواط الثالثة األول « من طواف القدوم ‪ ،‬أو طواف العمرة » ‪) .‬‬
‫[ المغني البن قدامة ( ‪ ، )227 / 5‬كتاب الحج‪ - 612 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ورمل ثالثة أشواط ‪ ،‬ومشى أربعة ‪ ،) ...‬تحقيق د ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪ ،‬د‬
‫‪ :‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالـم الكتب ‪ ،‬الرياض ‪.‬اهـ ‪ .‬قال المالكيـة ‪ « :‬يُسـن الرمـل لمحـرم بحـج أو عمـرة في طـواف القـدوم ‪ ،‬وطـواف العمـرة » ‪،‬‬
‫« وهوعند الحنفية والشافعية سنة في كل طواف يعقبه سعي »‪ .‬من كتاب ‪ ( :‬الفقه اإلسالمي وأدلته د‪/‬الزحيلي ‪ ، 166،167/3‬سنن الطواف ) ] ‪.‬‬

‫ثم قال ابن قدامة ‪ -‬مؤكدا ‪ « : -‬وال يُسن الرمل واالضطباع في طواف سوى ما ذكرناه ؛ ألن النبي ﷺ‬
‫وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا في ذلك »‪ [ .‬المغني ( ‪.] ) 221 / 5‬‬

‫وبه قال ابن باز ‪ « :‬وير ُمل في جميع الثالثة األول من الطواف األول‪ ،‬وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم‬
‫مكة‪ ،‬سواء كان معتمرا أو متمتعا‪ ،‬أو محرما بالحج وحده ‪ ،‬أو قارنا بينه وبين العمرة ‪ ،‬ويمشي في األربعة الباقية‬
‫»‪.‬اهـ [ كتاب التحقيق واإليضاح لكثير من مسائل الحج ‪ ...‬للشيخ ابن باز ‪ « ،‬فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة ‪ ،‬وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد‬
‫الحرام من الطواف » ‪ ،‬ص‪ .11‬و ( جامع مناسك العلماء الثالث ‪ ،‬ص‪ « ، 57‬فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة ‪ ، » ...‬الشيخ دمحم بازمول ) ]‪.‬‬

‫وعند الحنفية والشافعية ‪ :‬يُسن االضطباع في كل طواف بعده سعي ؛ « كطواف القدوم ‪ ،‬لمن أراد أن يسعى‬
‫بعده ‪ ،‬وطواف العمرة ‪ ،‬وطواف الزيارة ‪ ،‬إن أخر السعي إليه ‪ ،‬وزاد الحنفية طواف النفل ‪ ،‬إذا أراد أن يسعى بعده‬
‫من لم يعجل السعي بعد طواف القدوم ‪ .‬وقال الحنابلة ال يضطبع في غير طواف القدوم »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية‬
‫( ‪ - )134 / 29‬طالق عدديّات ‪ ،‬سنن الطواف ‪ ،‬اإلضطباع ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 1414‬هـ ‪ 1993 /‬م ) ‪ ،‬مطابع دار الصفوة للطباعة والنشر ] ‪.‬‬

‫لذلك فال اضطباع في طواف الوداع ‪ « :‬ألن اإلنسان ليس ب ُمحرم ؛ فاإلنسان يطوف طواف الوداع ‪ ،‬وعليه‬
‫ثيابه المعتادة ؛ ليس عليه إزار ورداء ‪ ،‬وحتى لو فُرض أنه ليس لديه ثياب معتادة ‪ ،‬كالقميص ‪ ،‬وأن عليه‬
‫ردا ًء وإزارا ‪ ،‬فإنه ال يضطبع ؛ ألن االضطباع إنما هو في الطواف أول ما يقدم اإلنسان إلى مكة »‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪.] ) 317 / 22‬‬

‫و ‪ -‬اقتران االضطباع والرمل من حيث المشروعية‬


‫للر همل ؛‬
‫شرع أحدهما تبعه اآلخر ‪ :‬قال النووي ‪ « :‬االضطباع مالزم ّ‬
‫والر همل مقترنان ؛ فحيثما ُ‬
‫ّ‬ ‫االضطباع ‪،‬‬
‫فحيث استحببنا الرمل فكذا االضطباع ‪ ،‬وحيث لم نستحبه فكذا االضطباع »‪.‬‬
‫‪ ،‬تحقيــق وتعليـق ‪ :‬مجموعـة من المؤلفيـن ‪ ،‬كتاب الحـج ‪ ،‬باب صفـة الحـج والعمـرة ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬ ‫( ‪) 48 / 9‬‬ ‫[ المجمـوع‬
‫(‪) 1‬‬
‫سنّ فيه االضطباع ‪ ،‬وما ال ‪ ،‬فال »‪.‬‬
‫سنّ فيه الرمل ‪ُ ،‬‬
‫وقال أيضا ‪ « :‬وكل طواف ُ‬

‫ز ‪ -‬حكم تارك االضطباع والرمل‬


‫ال شيء على من ترك الرمل ‪ ،‬واالضطباع ‪ :‬قال الشافعي ‪ « :‬وإن لم يضطبع بحال ‪ ،‬كرهتُه له ‪ ،‬كما أكره له‬
‫(‪) 2‬‬
‫ترك الرمل في األطواف الثالثة ‪ ،‬وال فدية عليه ‪ ،‬وال إعادة »‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ « :‬من نسي الرمل فال إعادة عليه ‪ :‬إنما كان كذلك ؛ ألن الرمل هيئة ‪ ،‬فال يجب بتركه إعادة ‪،‬‬
‫وال شيء ؛ كهيئات الصالة ‪ ،‬وكاالضطباع في الطواف ‪ ،‬ولو تركه عمدا ‪ ،‬لم يلزمه شيء أيضا‪ .‬وهذا قول عامة‬
‫الفقهاء»‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 475 ، 474 / 4‬ك الحج ‪ - 246 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ومن نسي الرمل فال إعادة عليه ‪ .‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال أيضا ‪ « :‬فإن ترك الرمل فيها (‪ ) 1‬لم يقضه في األربعة الباقية ؛ ألنها هيئة فات موضعهما ‪ ،‬فسقطت ‪.» ...‬‬
‫[ المغني البن قدامة ( ‪ ، )227 / 5‬وانظر ‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )7،8/9‬كتاب الحج ‪ - 39 ،‬باب استحباب الرمل في الطواف ‪ ،‬والعمرة ‪ ،‬وفي الطواف‬
‫األول في الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫‪ : 1‬روضة الطالبين ( ‪ ، ) 369 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب دخول مكة ‪ ،‬تحقيق الشيـخ عـادل أحمـد عبد الموجـود ‪ ،‬الشيـخ علـي دمحم معـوض ‪ ،‬دار عالـم‬
‫الكتـب ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬طبعـة خاصـة ( ‪ 1423‬هـ ‪ 2773 /‬م ) ‪ ،‬بموافقة دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ : 2‬األم ( ‪ ، ) 197 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬االضطباع ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪ 1473‬هـ ‪ 1983 /‬م )‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ح ‪ -‬هل يُشرع االضطباع في ركعتي الطواف ؟‬
‫( فيه وجهان ‪ « :‬األصح » ال يُسن ؛ ألن صورة االضطباع مكروهة في الصالة ‪) .‬‬
‫‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيــق وتعليــق ‪ :‬مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬ ‫( ‪) 23 /9‬‬ ‫[ المجموع‬
‫(‪) 2‬‬
‫ومعنى ذلك ؛ أن الطائف « إذا فرغ من الطواف أزال االضطباع ‪ ،‬وصلى ‪.» ...‬‬

‫حيث « االضطباع سنة في جميع أشواط الطواف ‪ ،‬فإذا فرغ من الطواف ترك االضطباع ‪ ،‬حتى أنه تُكره‬
‫صالة الطواف مضبعا ‪ ،‬كما صرح بذلك الحنفية والشافعية »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪.] ) 134 / 29‬‬

‫قال ابن قدامة ‪ « :‬وإذا فرغ من الطواف ّ‬


‫سوى ردا هءه ‪ ،‬ألن االضطباع غير مستحب في الصالة »‪.‬‬
‫ع هطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 467 /4‬كتاب الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬عبد القادر ه‬
‫انظر [ مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( ‪ ، ) 379 / 22‬و الشيخ ابن باز ( ‪.] ) 217 ، 279 / 17‬‬ ‫وبه قال الشيخان ‪:‬‬

‫ط ‪ -‬فهل يُشرع االضطباع في السعي ؟‬


‫(‪) 3‬‬
‫• قال النووي ‪ « :‬يُسن االضطباع أيضا في السعي ‪ ،‬هذا هو المذهب ‪ ،‬وبه قطع الجمهور ‪.» ...‬‬
‫ويستوعب االضطباع مسافة السعي كلها ؛ بين الصفا والمروة ‪ ،‬خالل األشواط السبعة‪.‬‬
‫إذ « المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور ‪ :‬أنه يضطبع في جميع مسافة السعي بين الصفا‬
‫والمروة ‪ ،‬ومن أول السعي إلى آخره »‪ [ .‬المصدر السابق ذاته ] ‪.‬‬

‫• لكن ابن قدامة ‪ « :‬ال يرى سنية االضطباع في السعـي » ؛ قال ‪ « :‬وال يضطبع في السعي ‪ ،‬وقال الشافعي ‪:‬‬
‫يضطب ُع فيه ؛ ألنه أح ُد الطوافين ‪ ،‬فأشبه الطواف بالبيت ‪ .‬ولنا ‪ :‬أن رسول للا ﷺ لم يضطبع فيه ‪ ،‬والسنة في‬
‫(‪) 5‬‬
‫االقتداء به ‪ ،‬قال أحمد ‪ :‬ما سمعنا فيه شيئا (‪ ، ) 4‬والقياس ال يصح إال فيما عُقل معناه ‪ ،‬وهذا تعبّد محض »‪.‬‬
‫وقال ‪ ( :‬الرمل ال يُسن في غـير األشواط الثالثة األول « من طواف القدوم ‪ ،‬أو طواف العمرة » )‪ ) 6( .‬ثم قال ‪:‬‬
‫« ال يُسن الرمل واالضطباع في طواف سوى ما ذكرناه ؛ ألنه ﷺ وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا في ذلك »‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪.] )221 / 5‬‬

‫وهو اختيار ابن باز ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬ال يُشرع الرمل في غير هذا الطواف ‪ ،‬وال في السعي ‪ ...‬ألن النبي ﷺ لم‬
‫(‪) 7‬‬
‫يفعل الرمل واالضطباع إال في طوافه األول ‪ ،‬الذي أتى به حين قدم مكة »‪.‬‬

‫وابن عثيمين ‪ ،‬قائال ‪ « :‬بعض الناس يظنون أن االضطباع ‪ ...‬يكون في الطواف والسعي ‪ ،‬وفي كل اإلحرام‬
‫؛ من حين أن ي ُحـرم وهو مضطبـع ‪ ...‬وهـذا خطـأ ؛ إذ السنـة ‪ :‬أن يكون االضطباع في طواف القدوم ؛ أي في‬
‫(‪) 8‬‬
‫الطواف أول ما يقدم ‪ ،‬ال في السعي ‪ ،‬وال في غيره »‪.‬‬

‫‪ : 1‬أي في األشواط الثالثة األولى ‪.‬‬

‫‪ :‬المصدر السابق ذاته ‪ ،‬وانظر شرح العمدة ‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ( ‪ ، ) 152 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزير شمس ‪ ،‬دار عالم الفوائد‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬المجموع شرح المهذب ( ‪.) 23 /9‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬أي من هديه ﷺ ‪ ،‬أو أصحابه رضي للا عنهم ‪ ،‬من بعده ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬المغني ( ‪ - 2454 ، ) 132 ، 131 / 3‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ويضطبع بردائه ) ‪ ،‬اعتنى به دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ :‬المغني البن قدامة ( ‪ ، )227 / 5‬كتاب الحج ‪ -‬مسألة ‪ ( :‬ورمل ثالثة أشواط ‪ ،‬ومشى أربعة ‪ ، ) ...‬تحقيق ‪ :‬د ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن‬ ‫‪6‬‬
‫التركي ‪ ،‬د ‪ :‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز ( ‪ ، ) 16 / 16‬و مجموع فتاوى ابن باز ( ‪. ) 342 / 29‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ :‬المجموع المتين من فقه وفتاوى العمرة والحج ‪ ،‬البن عثيمين ‪ ،‬ص ‪ « ، 179‬أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر عند الطواف » ‪ ،‬د ‪ /‬أحمد‬ ‫‪8‬‬
‫مصطفى متولي ‪ :‬المشرف العام على شبكة الطريق إلى الجنة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ك ‪ -‬هل يُشرع االضطباع والرمل ألهل مكة ؟‬
‫( اختلف العلماء في مشروعية االضطباع والرمل ألهل مكة ‪ ،‬أو لمن أحرم منها من غير أهلها ‪ ،‬على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪ :‬ال يُشرع االضطباع والرمل إال لآلفاقي ؛ الذي يأتي إلى مكة من خارجها ‪ ،‬أما أهل مكة ‪ ،‬ومن‬
‫يُحرم منها ‪ ،‬من غير ‪ :‬أهلها ‪ ،‬فال يُشرع لهم االضطباع‪ .‬وإلى هذا القول ذهب الشافعي في القديم ‪ ،‬والحنابلة ‪،‬‬
‫وهو مروي عن ابن عمر ‪ ،‬وابن عباس رضي للا عنهم ‪ ،‬والحسن ‪ ،‬وعطاء‪ .‬قال الترمذي ‪ « :‬قال بعض أهل‬
‫العلم ‪ :‬ليس على أهل مكة رمل ‪ ،‬وال على من أحرم منها »‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬يُشرع االضطباع والرمل ألهل مكة ‪ ،‬ومن أحرم منها ‪ ،‬كما يُشرع لغيرهم‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وإلى هذا ذهب ‪ :‬الشافعية في المذهب ‪ ،‬والمالكية في المشهور ‪ ،‬وهو مروي عن مجاهد‪.‬‬

‫األدلة ‪ :‬استدل أصحاب القول األول بما يلي ‪:‬‬


‫‪ -‬عن نافع قال ‪ « :‬إن عبد للا بن عمر رضي للا عنه كان إذا أحرم من مكة ‪ ،‬لم يطف بالبيت ‪ ،‬وال بين‬
‫الصفا والمروة حتى يرجع من منى ‪ ،‬وكان ال يرمل إذا طاف حول البيت ‪ ،‬إذا أحرم من مكة‬
‫[ موطأ مالك ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب الرمل في الطواف ‪ ، 365/1‬وابن أبي شيبة في مصنفه ‪ ، 374/3‬والبيهقي ‪].84/5‬‬ ‫»‪.‬‬

‫‪ -‬وسئل عطاء عن ال ُمجاور إذا أه ّل من مكة ‪ ،‬هل يسعى األشواط الثالثة ؟ قال ‪ :‬إنهم يسعون‪ .‬فأما ابن عباس‬
‫فإنه قال ‪ « :‬إنما ذلك على أهل اآلفاق »‪ [ .‬مصنف ابن أبي شيبة ‪ ، 374/3‬المحلى ‪].96/7‬‬

‫‪ -‬إن الرمل إنما شُرع ‪ ...‬إلظهار ال هجلهد والقوة ألهل البلد‪ .‬وهذا المعنى معـدوم في أهـل البلد »‪.‬‬
‫االضطباع سنة الرمل‪ .‬فمن ال يُشرع له الرمل ‪ ،‬ال يُشرع له االضطباع ‪ ،‬كالنساء‪.‬‬

‫واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي ‪:‬‬


‫إن الرمل سنة ثابتة بعد زوال سببها ‪ ،‬فيستوي فيها المكي وغيره‪.‬‬
‫إنه يُشرع في كل طواف يعقبه سعي ‪ ،‬فيستوي في ذلك المكي وغيره ‪) .‬‬
‫[ أحكام االضطباع والرمل في الطواف ‪ ،‬لعبد للا الزاحم ‪ ( ،‬ص ‪ ، ) 374 – 371‬المطلب السابع ‪ « :‬من يُشرع له االضطباع والرمل » ]‪.‬‬

‫الرأي المختار ‪:‬‬


‫« ليس في هذه المسألة نصوص من السنة يُعتمد عليها في الترجيح أو االختيار‪ .‬ولعل ما ذهب إليه أصحاب‬
‫القول األول ‪ ،‬القائلـون ‪ :‬بعدم استحبـاب االضطبـاع والرمل للمكي ‪ ،‬وللمحرم منها من غير أهلها ‪ ،‬هو أولى‬
‫الرأيين باالختيار ‪ ،‬وذلك لما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬مضى تقرير أن النبي ﷺ إنما رمل في طوافـه األول في حجتـه‪ .‬وأهـل مكة لم يطـوفوا مع النبي ﷺ هذا‬
‫الطـواف ‪ ،‬ليقتدوا به في ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬مضى أيضا ً تقرير أن النبي ﷺ لم يرمل في طواف اإلفاضة ‪ ،‬ولم يثبت أنه أمر أهل مكة بالرمل فيه‪ .‬وهو‬
‫الطواف الذي يختص به المكي‪ .‬فظاهر هذا أن أهل مكة لم يرملوا في حجهم مع النبي ﷺ مطلقا‪.‬‬

‫إن ما استدل به أصحاب القول األول من الرواية عن بعض الصحابة رضي للا عنه في التفريق بين المكي‬
‫ويقويه‪ .‬وللا أعلم »‪ [ .‬أحكام االضطباع والرمل ‪ ...‬الزاحم ‪ ،‬ص ‪.] 374 – 373‬‬
‫ّ‬ ‫وغيره ‪ ،‬يعضد هذا القول‬

‫‪ : 1‬انظر ‪ :‬مصنف ابن أبي شيبة ‪ . 374 ،277/3‬ويظهر أن الحنفية يذهبون إلى هذا القول ‪ ،‬ولم أقف على تصريح لهم بذلك ‪ ،‬إال أنهم يوافقون المالكية والشافعية‬
‫على أن الرمل يُشرع في كل طواف يعقبه سعي ‪ ،‬بل يرون مشروعية تكراره في الحج ‪ ،‬كما مضى تقريره في الفرع األول ‪ ،‬من المطلب السادس‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ - 3‬طواف الوداع‬
‫نعالج في هذا الموضوع النقاط التالية ‪:‬‬
‫مفهوم طواف الوداع ‪ ،‬وكيفيته ‪ ،‬وسبب تسميته ‪ ،‬وحكمه‪.‬‬

‫أ ‪ -‬مفهومه ‪:‬‬
‫هو الطواف الذي يسبق عودة الحاج إلى أهله ‪ ،‬و يؤديه « اآلفاقـي » (‪ ) 1‬توديعـا للبيت الحـرام ؛ عند إنهائه‬
‫لمناسكه ‪ ،‬وأموره الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬وعليه مغادرة مكة فور فراغه من الطواف ‪ ،‬وال يشتغل بعده بغير السفر ومستلزماته ‪ :‬كشـراء الزاد ؛ من‬
‫مأكل ومشرب ‪ ،‬أو وقود للسيارة ‪ ،‬أو إصالح مركوبه ‪ ،‬أو انتظار رفقة ‪..‬‬

‫ب ‪ -‬كيفية طواف الوداع ‪:‬‬


‫‪ -‬فإذا عزم على الرحيل ‪ ،‬فعليـه أن يودع البيت بالطـواف ‪ ،‬ليكـون آخـ هر عهـده بالبيت ؛ ( لحديث ابن عباس‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬كان الناس ينصرفون في كل وجه ‪ ،‬فقال النبي ﷺ ‪ « :‬ال ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت‬
‫»‪ ( [ .‬رواه مسلم وغيره ‪ ،‬والبخاري بنحوه ‪ ،‬وهو مخرج في اإلرواء ‪ ، 1786‬وصحيح أبي داود ‪ . ) 1747‬قلت ‪ :‬ورد في شرح النووي على مسلم ‪، 446/9‬‬
‫كتاب الحج ‪ ،‬باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض ‪ ،‬حديث ‪ ، 1327‬والبخاري ‪ :‬فتح الباري ‪ ، 685 / 3‬الحج ‪ ،‬باب طواف الوداع ‪ ،‬ح‪].1668 /‬‬

‫ـ وقد كانت المرأة الحائض أُمرت أن تنتظر حتى تطهر ‪ ،‬لتطـوف طواف الوداع ‪ .‬ثم ُرخص لها أن تنفر ‪ ،‬وال‬
‫تنتظر ‪ ،‬لحديث ابن عباس أنه ﷺ قال ‪ « :‬رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف ‪ ،‬إذا كانت قد طافت طواف‬
‫اإلفاضة »‪ [ ) .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬لأللباني ‪ ،‬ص ( ‪ ، )41، 47‬كتاب الحج ‪ « ،‬طواف الوداع » ]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬سبب تسميتة ‪:‬‬


‫؛‬ ‫(‪) 2‬‬
‫« يسمى طواف الوداع ؛ ألنه لتوديع البيت ‪ ،‬وطواف الصدر ؛ ألنه عند صدور الناس من مكة »‬
‫أي خروجهم منها‪.‬‬

‫‪ : 1‬أو النائي ‪ :‬وهو من لم يكن مقيما بمكة ‪ ،‬بل من أهل اآلفاق ‪ ،‬والنواحي البعيدة‪.‬‬
‫‪ : 2‬المغني البن قدامة (‪ ، )237/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج ‪ ،‬مسألة طواف الوداع ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫د ‪ -‬حكم طواف الوداع للمعتمر ‪:‬‬
‫الشيخ العثيمين ‪ :‬ميز بين نوعين من المعتمرين ‪:‬‬
‫• من أنهى نسـك العمرة ‪ ،‬ورجع مباشرة إلى بلده ‪ ( :‬فال طـــــــــــــــــــــواف عليه )‪.‬‬
‫• ومن بقي مقيما ‪ -‬بعد العمرة ‪ -‬بمكة يوما فأكثر ‪ :‬فهذا ( يجب عليه طواف الوداع )‪.‬‬

‫فقال ‪ « :‬طواف الوداع للمعتمر إذا كان من نيته حين قدم مكة أن يطوف ويسعى ‪ ،‬ويقصر أو يحلق ثم يرجع ‪،‬‬
‫فال طواف عليه ؛ ألن طواف العمرة في حقه صار بمنزلة طواف الوداع ‪ ،‬أما إذا بقي في مكة فالراجح أنه‬
‫يجب عليه أن يطوف للوداع ‪ [ .» ...‬فتاوى ورسائل للمعتمرين ( ‪.] ) 24/1‬‬

‫والصواب ‪:‬‬
‫أن طواف الوداع ليس واجبا في العمرة ‪ ،‬وإنما يُسنّ طوافه عند سفره ‪ ،‬فلو خرج ولم يودع فال حرج ‪،‬‬
‫« وهذا بات ّفاق المذاهب الفقهيَّة األربعة ‪ :‬ال هحنهفيَّة في المشهور ‪ ،‬والمالكيَّة ‪ ،‬والشَّافعيَّة ‪ ،‬وال هحنابلهة »‪.‬‬
‫األول ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ُ :‬حك ُم طواف الوداع لل ُمعت همر ]‪.‬‬
‫الوداع ‪ :‬الفصل َّ‬
‫طواف ه‬
‫ُ‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب الرابع عشر ‪:‬‬

‫‪ « -‬لعدم الدليل على الوجوب ‪ ،‬وألنه ﷺ لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء ‪.» ...‬‬
‫[ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ‪ ...‬الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ ،‬وغيره ‪ .‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪. ] )336/11‬‬

‫ع هم ٍر بال ريب » ‪ -‬قبل حجه ‪-‬‬


‫[ زاد المعاد البن القيم ( ‪، ) 93 / 2‬‬ ‫‪ -‬والثابت عنه ‪ -‬كما في الصحيحين ‪ « -‬أنه اعتمر أربه هع ُ‬
‫تحقيق ‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪ ،‬وعبد القادر األرنؤوط ‪ ،‬الطبعة الثالثة (‪1418‬هـ ) مؤسسة الرسالة ] ‪ ،‬ولم يأمر أصحابه المعتمرين أن يودعوا‪.‬‬
‫ع همر »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )235 /8‬باب بيان عدد ُ‬
‫ع همر النبي ﷺ‬ ‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬والصواب أنه ﷺ اعتمر أربع ُ‬
‫وزمانهن ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1327‬هـ‪1929/‬م ) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫[ ذاته ]‬ ‫ع َمر‪ ،‬كلهن في ذي القعدة ‪ ،‬إال التي اعتمر مع حجته »‪.‬‬


‫« وعن أنس رضي هللا عنه أنه ﷺ اعتمر أربع ُ‬
‫« وعن قتادة قال ‪ :‬سألتُ أنسا ‪ :‬كم اعتمر النبي ﷺ ؟ قال ‪ :‬أربعا ‪.» ...‬‬
‫[ صحيح البخاري بشرح ابن حجر (‪ ، )771/3‬الحج ‪ ،‬باب كم اعتمر النبي ﷺ ؟ ح‪ ، 1778 /‬تحقيق ‪ :‬عبد القادر شيبة ال هح همد ‪ ،‬الطبعة ‪1421 ( 1‬هـ ) ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ - 4‬مسائل في الطواف ‪:‬‬
‫تدخل معالجة الموضوعات التالية ضمن خصوصيات الطواف ‪:‬‬
‫حكم أداء ركعتي الطواف في أوقات الكراهة ‪ ،‬حكم المكث بعد طواف الوداع بمكة ‪ ،‬مقدار المكث الموجب إلعادة‬
‫طواف الوداع ‪ ،‬حكم إيقاع السعي قبل الطواف ‪ ،‬حكم إيقاع السعي بعد طواف الوداع ‪ ،‬تقبيل الحجر األسود حال‬
‫الزحام‪.‬‬

‫أ ‪ -‬حكم أداء ركعتي الطواف في أوقات الكراهة ‪:‬‬


‫للولوج إلى موضوعنا هذا نتناول ‪ :‬حكم الصالة في أوقات النهي ‪ ،‬ويعقبها ‪ :‬حكم إيقاع ركعتي الطواف وقت‬
‫النهي‪:‬‬

‫‪ -‬حكم الصالة في أوقات النهي ‪:‬‬


‫جماهير العلماء أجمعوا على كراهة صالة ال سبب لها في أوقات النهي ‪ ،‬واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة‬
‫(‪) 1‬‬
‫فيها‪ .‬واختلفوا بشأن النوافل التي لها سبب ؛ كالعيد ‪ ،‬والجنازة ‪ ،‬والطواف ‪...‬‬

‫‪ -‬حكم إيقاع ركعتي الطواف وقت النهي‬


‫هذه المسألة اختلف فيها العلماء ‪:‬‬
‫جمهور الصحابة و همن بعدهم ‪ ،‬ومنهم من كره ذلك ؛ أخذا‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬فقد « هر ّخص في الصالة بعد الطواف في كل وقت‬
‫بعموم النهي عن الصالة بعد الصبح وبعد العصر ؛ وهو قول عمر ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وطائفـة ‪ ،‬وذهب إليه مالك ‪،‬‬
‫وأبو حنيفة »‪ [ .‬كما ذكر ابن المنذر ؛ نقال عن ‪ :‬فتح الباري البن حجر ( ‪ ،) 571/3‬الحج ‪ ،‬باب الطواف بعد الصبح والعصر‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد القادر شيبة‬
‫الحمد ‪ ،‬مكتبة الملك فهد ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪ -‬ومن العلماء المعاصرين الذين تكلموا في ذلك بشيء من اإلسهاب ‪ :‬الشيخ دمحم المختارالشنقيطي (‪ ، ) 2‬وأوضح‬
‫أن للعلماء فيها قولين ‪ [ -‬وانظر في ذلك أيضا ‪ :‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الصالة ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬أوقات النهي ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬حكم الصالة في أوقات‬
‫التهي ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬حكم الصالة ذات السبب في أوقات النهي ‪ - ] .‬وانتهى إلى ترجيح القول الثاني ‪ :‬كراهة ركعتي الطواف وقت‬
‫النهي ؛ من باب إتيان المسلم األحوط لدينه ‪ ،‬فكان من كالمه ‪:‬‬

‫( ‪ - 1‬قال بعضهم ‪ :‬يجوز فيها إيقاع ركعتي الطواف ؛ لعموم قوله ﷺ ‪ « :‬يا بني عبد مناف ال تمنعوا أي رج ٍل‬
‫طاف بهذا البيت ‪ ،‬وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار»‪ [ .‬أخرجه الترمذي في الحج (‪ ، )868‬وأصحاب السنن األربع بإسناد‬
‫صحيح ‪ ،‬وصححه ابن الملقن في البدر المنير (‪ ، )279/3‬واأللباني في اإلرواء (‪ . ] )239/2‬وألن لركعتي الطواف سببا ؛ وكل ما له سبب‬
‫(‪)3‬‬
‫يجوز إيقاعه في أوقات النهي ‪ ،‬عند الشافعية والحنابلة‪.‬‬
‫‪ - 2‬وذهب آخرون ‪ -‬الحنفية والمالكية ‪ ،‬وبعض أصحاب اإلمام أحمد ‪ -‬إلى عدم جواز إيقاع الركعتين في هذه‬
‫األوقات ؛ ذلك ألن العموم مخصص ‪ ،‬وألن النهي عن فعل الصالة في هذا الوقت نص في موضع النزاع ‪ ،‬وألن‬
‫القاعدة في األصول ‪ « :‬إذا تعارض نصان ‪ :‬أحدهما نهي والثاني أمر ‪ ،‬يقدم النهي على األمر »‪.‬‬

‫فركعتا الطواف أبلغ ما فيها إذا كانت عن طواف واجب أنها واجبة ‪ ،‬فتعارض النهي عن فعل الصالة ‪ ،‬واألمر‬
‫بفعلها ‪ ،‬فيقدم النهي‪.‬‬

‫والوجه الثاني للترجيح ‪ :‬أنه إذا تعارض نصان وعمل الخلفاء الراشدون ‪ ،‬أو واحد منهم بواحد من النصين‬
‫كان مرجحا ً ‪ ،‬فلما تعارض حديث يدل على جواز فعل ركعتي الطواف على العموم ‪ ،‬وحديث أوقات النهي قلنا ‪:‬‬

‫‪ : 1‬اإلعالم بفوائد عمدة األحكام (‪ ، )467/1‬ك الصالة ‪ ،‬باب المواقيت ‪،‬اعتنى به أبو عبد للا دمحم علي سمك ‪ ،‬وعلي بن إبراهيم بن مصطفى ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ : 2‬كتاب شرح زاد المستقنع ( ‪ « ، ) 56 / 8‬حكم إيقاع ركعتي الطواف وقت النهي » ‪ ،‬بتصرف ‪.‬‬
‫‪ : 3‬قلت ‪ :‬وبه قال اإلمام النووي ‪ [ :‬المجموع شرح المهذب (‪ ، )177/4‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب الساعات التي نهي عن الصالة فيها ]‪ ،‬و من العلماء المعاصرين ‪:‬‬
‫الشيخ ابن باز في رده على سؤال حول « ركعتي الطواف وقت النهي » ‪ [ :‬مجموع الفتاوى ( ‪ ، ] ) 295 ، 294/11‬وكذا الشيخ ابن عثيمين ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫« وهو روايـة عن اإلمـام أحمد ‪ ،‬واختيـار شيـخ اإلسـالم ابن تيمية » ‪ [ :‬مجموع الفتاوى والرسائل ( ‪ ، ) 247 / 14‬الموسوعة الشاملة ] ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫نرجع إلى الخلفاء الراشدين ‪ ،‬فنجد عمر رضي للا عنه كان يؤخر ركعتي الطواف حتى تطلع الشمس ‪ ،‬وحتى‬
‫تغرب‪.‬‬
‫وفي األثر الصحيح عنه الذي رواه مالك في الموطأ ‪ :‬أنه « طاف طواف الوداع بعد صالة الصبح ‪ ،‬فأخر‬
‫بمحضر من الصحابة وباطالعٍ منهم ‪ ،‬ولم ينكر عليه أحد » ‪ ،‬فكان هذا‬
‫ٍ‬ ‫ركعتي الطواف إلى ذي طوى وهذا‬
‫مرجحا ً‪.‬‬
‫والوجه الثالث لرجحان مذهب من يقول بالمنع ‪ :‬أنَّ حديث ‪ « :‬يا بني عبد مناف »‪ .‬عام دخله التخصيص ‪،‬‬
‫ألم يقل النبي ﷺ ‪ « :‬إذا أقيمت الصالة فال صالة إال المكتوبة » ‪ ،‬وبنا ًء على ذلك لو أنه استأنف الصالة بعد‬
‫التخصيص لم يصح االستدالل‬
‫ُ‬ ‫النص العا هم‬
‫َّ‬ ‫المكتوبة ل ُمنع ‪ ،‬فدخل العموم التخصيص‪ .‬ولذلك قالوا ‪ :‬إنه إذا دخل‬
‫بعمومه ‪ ،‬مع أنهم يقولون ‪ :‬إنه عام ويخص باألوقات ‪ ،‬والقاعدة ‪ « :‬ال تعارض بين عام وخاص »‪ .‬فقوله ‪« :‬‬
‫يا بني عبد مناف ال تمنعوا أي رج ٍل طاف بهذا البيت ‪ ،‬وصلى أي ساع ٍة شاء من لي ٍل أو نهار »‪ .‬نقول هذا عام‬
‫‪ ،‬وجاءت أحاديث المواقيت خاصة ‪ ،‬فيخص العموم ‪ ،‬للقاعدة ‪ :‬ال تعارض بين عام وخاص‪.‬‬

‫الترجيح ‪ :‬وهذا المذهـب ال شـك أنه أحـوط وأسلـم ‪ ،‬خاصـةً أنه لو أخـر ركعتـي الطـواف إلى ما بعد الطلـوع‬
‫أو الغروب خرج من الخالف ‪ ،‬ولم يحصل له محظور ‪ ،‬لكن لو فعلها في وقت النهي شك هل تجزيه أو ال‬
‫(‪) 1‬‬
‫تجزيه‪ .‬وبنا ًء على ذلك يحتاط اإلنسان إليقاعها بعد الطلوع ‪ ،‬وبعد الغروب ‪ ،‬وللا أعلم‪ ) .‬اهـ‬

‫وقد ذهب إلى القول األول ‪ :‬النووي‪.‬‬


‫[ المجموع (‪ ، )177/4‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب الساعات التي نهي عن الصالة فيها ]‪.‬‬
‫وممن أخذ به من العلماء المعاصرين ‪ :‬ابن عثيمين ‪ ،‬وابن باز ( مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ‪ ، ) 294،295/11‬وقال ‪:‬‬
‫« وهذا القول هو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬وتلميذه ابن القيم ‪ [ .» ...‬مجموع فتاوى ابن باز ( ‪.] ) 288 / 11‬‬

‫ب ‪ -‬حكم المكث بعد طواف الوداع بمكة ( بعذر ‪ ،‬و بغير عذر )‬
‫• الماكث بعذر ‪:‬‬
‫ألداء صالة حضرت ‪ ،‬أو للسعي بعد طوافه (‪ ، ) 2‬أواشتغاال بأسباب السفر؛ كشراء الزاد ‪ ،‬وإصالح مركوبه ‪،‬‬
‫أو انتظار رفقة ‪ ،‬أو طلب مفقود ‪ ..‬فهذا ال شيء عليه‪.‬‬

‫جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ‪ « :‬وعند المالكية والشافعية والحنابلة ‪ ...‬يغتفر له أن يشتغل بعده‬
‫بأسباب السفر ؛ كشراء الزاد وحمل األمتعة ونحو ذلك ‪ ،‬وال يعيده »‪ ، )59/17( [ .‬الطبعة الثانية ( ‪1417‬هـ ‪ ، ) 1997 /‬طباعة ذات‬
‫السالسل ] ‪.‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬وإن اشتغل بأسباب الخروج ؛ كشراء الزاد ‪ ،‬وشد الرحال‪ .‬فهل يحتاج إلى إعادته ؟ فيه‬
‫طريقان‪ ،‬قطع الجمهور بأنه ال يحتاج »‪ [ .‬المجموع ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة (‪ ، )193/9‬تحقيق ‪ :‬مجموعة مؤلفين ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ « :‬لكن إذا قضى حاجته ‪ ،‬أو اشترى شيئا في طريقه بعد الوداع ‪ ،‬أو دخل إلى المنزل الذي هو‬
‫فيه ليحمل المتاع على دابته ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬مما هو من أسباب الرحيل ‪ ،‬فال إعادة عليه »‪.‬‬
‫[ مجموع الفتاوى ( ‪ ، ) 142 / 26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ...‬مجمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ] ‪.‬‬

‫وقال البهوتي ‪ [ :‬و ( ال ) يعيد الوداع ( إن اشترى حاجة في طريقه) ‪ ،‬أو اشترى زادا ‪ ،‬أو شيئا لنفسه ]‪.‬‬
‫‪ ،‬الحج ‪ ،‬فصل فإذا أراد الخروج من مكة ‪ ،‬حققه ‪ :‬أبوعبد للا دمحم حسن إسماعيل الشافعي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ) ‪.‬‬ ‫‪595 / 2‬‬ ‫( كشاف القناع‬

‫قال الشيخ العثيمين ‪ ... « :‬لكن يسمح لإلنسان بعد طواف الوداع أن يصلي الصالة إذا كان قد دخل وقتها ‪،‬‬
‫وأن يشتري حاجة بطريقه وهو ماش »‪ [ .‬فتاوى نور على الدرب ‪ ،‬شريط رقم ‪ ، 571‬المناسك ‪ ،‬صفة الحج والعمرة ‪ ،‬الطواف ‪ ،‬وانظر ‪:‬‬
‫الشرح الممتع ( ‪ ، ) 365/ 7‬ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪.] ) 367 / 23‬‬

‫‪ : 1‬كتاب شرح زاد المستقنع ( ‪ « ، ) 56 / 8‬حكم إيقاع ركعتي الطواف وقت النهي » ‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ : 2‬ولكن ‪ :‬هل يصح إيقاع السعي بعد طواف الوداع ‪ ،‬وطواف الوداع ال يصح إال بعد إتمام المناسك؟ (هذا ما سنجيب عنه الحقا ‪ ،‬إن شاء للا)‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫• الماكث بغير عذر ‪:‬‬
‫كمن اشتغل بغير اإلعداد للسفر؛ كاإلتجـار ‪ ،‬وحضور جنازة ‪ ،‬وزيارة األحباب ونحوه ‪ ..‬فعليه إعادة الطواف‬
‫‪ « :‬عند المالكية والشافعية والحنابلة »‪.‬اهـ [ انظر الموسوعة الفقهية (‪.] )59/17‬‬

‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬ينبغي أن يقع طواف الوداع بعد جميع األشغال ‪ ،‬ويعقبه الخروج بال مكث ‪ ،‬فإن مكث‬
‫نظر إن كان لغير عذر ‪ ،‬أو لشغل غير أسباب الخروج ؛ كشراء متاع أو قضاء دين ‪ ،‬أو زيارة صديق أو عيادة‬
‫مريض ‪ ،‬لزمه إعادة الطواف »‪ [ .‬المجموع شرح المهذب (‪ ، )193/9‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعة مؤلفين ] ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬مقدار المكث الموجب إلعادة طواف الوداع‬
‫العبرة في ذلك ليس بمدة اإلقامة التي يقضيها المودع ‪ -‬بعد الطواف ‪ ،‬طالت أم قصرت ‪ -‬بل بالنية ؛ فمن‬
‫نوى اإلقامة ‪ ،‬ولوساعة من الزمن ‪ ،‬أعاد الطواف ‪ ،‬ومن لم ينوها ‪ ،‬فال إعادة عليه ‪ ،‬وإن طالت المدة‪.‬‬

‫قال الكاساني ‪ « :‬لوطاف طواف الصدر ‪ ،‬ثم أطال اإلقامة بمكة ‪ ،‬ولم ينو اإلقامة بها ‪ ،‬ولم يتخذهـا دارا ‪ ،‬جاز‬
‫طوافه ‪ ،‬وإن أقام سنة بعد الطواف ‪ ،‬إال أن األفضل أن يكون طوافه عند الصدر »‪.‬‬
‫[ بدائع الصنائع (‪ ، )176/3‬الحج ‪ ،‬فصل في بيان وقته ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬الشيخين ‪ :‬علي دمحم معوض ‪ ،‬وعادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت]‪.‬‬

‫وقد سئل الشيخ العثيمين ‪ « :‬ما الذي يوجب إعادة طواف الوداع ‪ ،‬إذا تأخر اإلنسان بعده » ؟‬
‫فأجاب ‪ « :‬الذي يوجب إعادة طواف الوداع ‪ :‬فيما لو تأخر بنية اإلقامة ‪ ،‬ولو ساعة ‪.» ...‬‬
‫الشرح الممتع ( ‪ ، ) 366 ، 365 / 7‬للشيخ العثيمين ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1424‬هـ ) ‪ ،‬دارابن الجوزي ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ]‪.‬‬

‫د ‪ -‬حكم إيقاع السعي قبل الطواف‬


‫اختلف أهل العلم في حكم السعي قبل الطواف على قولين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬القول بعدم صحته ‪ ( :‬وهو مذهب الجمهور )‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪ -‬ألن النبي ﷺ كان يقدم الطواف على السعي ‪ ،‬وقال ‪ « :‬لتأخذوا مناسككم »‪.‬‬
‫لذلك فمن شروط صحة السعي ‪ « :‬إيقاعه بعد الطواف »‪.‬‬
‫سعي ‪،‬‬ ‫الباب الثَّامنُ ‪ ،‬الفصل الخامس ‪ :‬شُرو ُ‬
‫ط ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ج‪،‬‬
‫كتاب ال هح ّ‬
‫ُ‬ ‫[ وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة ‪ :‬انظر ( الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪،‬‬
‫طواف ‪ .‬و ( الفقه اإلسالمي وأدلته ‪ ،‬د‪ /‬الزحيلي (‪ « ، )177/3‬واجبات السعي أو شروطه » ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 1991‬م ) ‪].‬‬ ‫الشرط الرابع ‪ :‬أن يكون بعد ال َّ‬

‫قال ابن قدامة ‪ « :‬والسعي تبع للطواف ‪ ،‬ال يصح إال أن يتقدمه طواف ‪ ،‬فإن سعى قبله لم يصح‪ ) 2(.‬وبذلك‬
‫(‪) 3‬‬
‫قال مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأصحاب الرأي »‪.‬‬

‫وقال النووي ‪ « :‬قال أصحابنا ‪ :‬يُشترط كون السعي بعد طواف صحيح ؛ سواء كان بعد طواف القدوم ‪،‬‬
‫أو طواف الزيارة ‪ [ .» ...‬المجموع شرح المهذب (‪.] )72/8‬‬

‫قال الماوردي ‪ « :‬فإذا ثبت وجوب السعي ‪ ،‬فمن شرط صحته أن يتقدمه الطواف ‪ ،‬وهو إجماع ليس يُعرف‬
‫فيه خالف بين الفقهاء ؛ ألن الرسول ﷺ لم يسع قط إال عقيب طواف »‪ [ .‬كتاب الحاوي الكبير (‪ ، )376/4‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫(‪) 4‬‬
‫« وقد نقل اإلجماع على ذلك السرخسي ‪ ،‬والماوردي ‪ ،‬وأقره النووي »‪.‬اهـ‬
‫قال النووي ‪ « :‬و نقل الماوردي ‪ ،‬وغيره اإلجماع في ذلك »‪ [ .‬المجموع شرح المهذب (‪.] )62/8‬‬

‫الثاني ‪ :‬القول بصحته ‪:‬‬

‫‪ : 1‬شرح النووي على مسلم (‪ ، )419/9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ‪ ..‬حديث ‪.1297 :‬‬
‫‪ : 2‬وكذا قال البغوي في شرح السنة (‪ ، )126 /4‬تحقيق ‪ :‬الشيخ علي دمحم معوض ‪ ،‬والشيخ عادل أحمد عبد الموجود ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ : 3‬المغني ( ‪ ، ) 195 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ذكر الحج ودخول مكة ‪ ،‬مسألة نسي الرمل في بعض سعيه ‪ ،‬فصل السعي تبع للطواف ‪.‬‬

‫‪ : 4‬أحكام الحج من الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ص ‪ ، 64‬الفصل الخامس ‪ :‬شروط السعي ‪ ،‬إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫( وهو مذهب عطاء ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وطائفة من أهل الحديث ‪ ،‬ورجحه بعض العلماء المعاصرين )‪.‬‬
‫‪ -‬حيث ال يجب لصحة السعي أن يتقدمه طواف‪.‬‬

‫وفي الموسوعة الفقهية ‪ « :‬القول الثاني ‪ :‬ال يُشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف ‪ ،‬وهذا مذهب‬
‫الظاهرية‪ ،‬ورواية عن أحمد ‪ ،‬وبه قال بعض السلف ‪ ،‬واختاره ابن باز ( فتاواه (‪ ، )339/17 - 147/16‬والعثيمين ( الشرح‬
‫الممتع ‪.» )237،273/7‬‬
‫سعي ‪ ،‬الشرط الرابع ‪ :‬أن يكون بعد ال َّطواف ]‪.‬‬
‫[ كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ ،‬الفصل الخامس ‪ :‬شروط ال ّ‬

‫وحجة هؤالء حديث أسامة بن شريك رضي هللا عنه قال ‪ « :‬خرجتُ مع النبي ﷺ حاجا ‪ ،‬فكان الناس يأتونه ‪،‬‬
‫(‪1‬‬
‫فم ْن قائل ‪ :‬يا رسول هللا سعيتُ قبل أن أطوف‪ ،‬أو قدمتُ شيئا أو أخرتُ شيئا‪ ،‬فكان يقول ‪ :‬ال حرج ال حرج »‪.‬‬
‫ِ‬
‫)‬

‫فال مانع إذن من أسبقية السعي للطواف‪.‬‬

‫الطحـاوي‪ [ .‬مشكل اآلثار ( ‪.] ) 338 ، 337/3‬‬


‫‪ -‬وممن قال بجواز تقدم السعي على الطواف ‪ :‬األوزاعي ‪ ،‬كما ذكر‬
‫وقد نقل ابن قدامة الجواز مطلقا عن عطاء بن أبي رباح ‪ ،‬ورواية عن أحمد في حق الناسي ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫( وقال عطاء ‪ :‬يُجزيه‪ .‬وعن أحمد ‪ :‬يُجزيه إن كان ناسيا‪ ،‬وإن كان عمدا لم يُجزه سعيُه ؛ ألن النبي ﷺ لما‬
‫سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل والنسيان ‪ ،‬قال ‪ « :‬ال حرج »‪ .‬ووجه األول أن النبي ﷺ إنما سعى‬
‫بعد طوافه‪ ،‬وقد قال ‪ « :‬لتأخذوا عني منا سككم »‪ [ ) .‬المغني ( ‪ ، ) 195 / 3‬الحج ‪ ،‬باب ذكر الحج ودخول مكة ‪ ،‬فصل السعي تبع‬
‫للطواف ]‪.‬‬
‫وفي هذا ما يؤكد أن اإلجماع الذي أورده الماوردي بشأن ‪ :‬وجوب تقدم الطواف على السعي ‪ ،‬إجماع فيه نظر‪.‬‬

‫التعارض الظاهري في الحديث مع ما نقل إجماعا‪.‬‬


‫إن تعارض ظاهر الحديث مع ظاهر سنته ﷺ القولية والفعلية ‪ ،‬الدالة على أنه يجب لصحة السعي أن يتقدمه‬
‫غيره من العلماء على تأويل قوله ‪ « :‬سعيت قبل أن أطوف » ؛ على أنه « سعى بعد‬ ‫طواف ‪َ ،‬ح َم َل الخطابي و َ‬
‫طواف القدوم ‪ ،‬وقبل طواف اإلفاضة »‪ [ .‬معالم السنن للخطابي (‪ ].)433/2‬حتى وصف الخطابي القول « بجواز تقديم‬
‫السعي على الطواف »‪ « .‬كالشاذ ‪ ،‬ال اعتبار له »‪ [ .‬المنة الكبرى شرح وتخريج السنن الصغرى للبيهقي ‪ :‬د‪ /‬دمحم ضياء الرحمن األعظمي‬
‫(‪ ، )275/4‬كتاب المناسك ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1422‬هـ‪ 2771 /‬م ) ‪ ،‬مكتبة الرشد ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬وانظر المجموع للنووي (‪.] )78/8‬‬

‫وكذا اإلمام الطبري ‪ ،‬حيث قال ‪ ( :‬وقوله ‪ « :‬سعيت قبل أن أطوف »‪ .‬هذا ال أعلم أحـدا قال بظـاهره ‪ ،‬واعت ّد‬
‫بالسعي قبل الطواف إال ما روي عن عطاء ‪ « ،‬وهو شاذ‪ ،‬وال عبرة به » ‪ ،‬ولعله اعتمد على ظاهر هذا الحديث‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ ،‬وهو محمول على تقديم السعي مع طواف القدوم ‪ ،‬ويصدق عليه أنه سعى قبل الطواف )‪.‬‬

‫‪ -‬وممن تأولوا حديث أسامة بن شريك عن ظاهره ابن حجر ‪ ،‬فقال ‪ « :‬وأما ما وقع في حديث أسامة بن‬
‫شريك‪ ،‬فمحمول على من سعى بعد طواف القدوم ‪ ،‬ثم طواف اإلفاضة ‪ ،‬فإنه يصدق عليه أنه سعى قبل الطواف‬
‫؛ أي طواف الركن »‪ [ .‬فتح الباري (‪.] )669/3‬‬

‫ومنهم من ذهب إلى إعالل لفظ ‪ « :‬سعيت قبل أن أطوف » ‪ ،‬كالشوكاني ‪ ،‬الذي قال عنه ‪ « :‬ليس بمحفوظ‬
‫»‪ [ .‬السيل الجـرار ( ‪ ، ) 198 / 2‬تحقيق ‪ :‬محمود إبراهيم زايد ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪ .‬وابن القيم ‪ ،‬إذ قال ‪ ( :‬وقوله ‪« :‬‬
‫سعيت قبل أن أطوف » ‪ ،‬في هذا الحديث ليس بمحفوظ ‪ ،‬والمحفوظ ‪ :‬تقديم الرمي والنحر‪ ،‬والحلق بعضها‬
‫على بعض)‪ [ .‬زاد المعاد ( ‪] . ) 259 / 2‬‬

‫يمكننا القول في الخالصـة أن هناك من قال ‪:‬‬


‫‪ - 1‬بوجوب تقديم الطواف على السعي ‪:‬‬

‫‪ : 1‬أخرجه أبو داود في المناسك ‪ ،‬باب فيمن قدم شيئا ‪ ، )2715( ...‬وابن خزيمة في صحيحه (‪ ، )2774‬والتمهيد (‪ )287/8‬البن عبد البر ‪ ،‬وصححه األلباني ‪ ،‬في صحيح أبي داود ( ‪.) 1775‬‬
‫‪ : 2‬غاية اإلحكام في أحاديث األحكام ‪ ،‬لإلمام الطبري (‪ ، )268/5‬تحقيق ‪ :‬د‪ /‬حمزة أحمد الزين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وهو مذهب الجمهور ‪ ،‬كما أسلفنا ؛ ألنه ﷺ كان يقدم الطواف على السعي ‪ ،‬وقال ‪ « :‬لتأخذوا مناسككم »‪.‬‬
‫(‪1‬‬

‫« وقـد نقـــل اإلجمـــاع على ذلك السرخســـي ‪ ،‬والمــاوردي ‪ ،‬وأقـــره النـــووي »‪.‬اهـ‬ ‫)‬

‫[ أحكام الحج من الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ص ‪ ، 64‬الفصل الخامس ‪ :‬شروط السعي ‪ ،‬إعداد القسم العلمي ‪ .‬وانظر بداية المجتهد البن رشد (‪، )277/1‬‬
‫كتاب الحج ‪ ،‬القول في السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬القول في ترتيبه ‪ ،‬تنقيح وتصحيح ‪ :‬خالد العطـار ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬
‫قال النـووي في [ المجموع ( ‪ « : ] ) 62 / 8‬و نقل الماوردي ‪ ،‬وغيره اإلجماع في ذلك »‪.‬‬

‫ومن العلماء المعاصرين القائلين بذلك ( ابن باز ‪ ،‬والعثيمين ) ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬الشيخ ابن باز ‪:‬‬
‫عنده أن « السنة ‪ :‬أن يكون الطواف أوال ‪ ،‬ثم السعى بعده »‪ ) 2(.‬وبرر ذلك بما « ثبت عن رسول للا ﷺ أنه‬
‫ع همره يسعى بعد الطواف ‪ ،‬ولم يثبت عنه ﷺ فيما نعلم أنه سعى قبل الطواف في حج أو عمرة‬ ‫كان في حجه هو ُ‬
‫»‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز (‪.] )338/17‬‬

‫وقال ‪ ( :‬ويحمل ما ذكره الشيخ ابن تيمية ‪ ...‬من كون « السعي بعد الطواف محل وفاق »‪ .‬على أن ذلك هو‬
‫األفضل ‪ ،‬أما الجواز ‪ :‬ففيه الخالف الذي أشرنا إليه )‪ [ .‬المرجع ذاته ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الشيخ العثيمين ‪:‬‬


‫بدوره « اشترط تقدم الطواف على السعي » ‪ ،‬فقال ‪ « :‬والمؤلف ‪ -‬رحمه للا ‪ -‬أتى بالسعي بعد الطواف ‪،‬‬
‫فهل يشترط أن يتقدمه طواف ؟ الجواب ‪ :‬نعم يُشترط ‪ ،‬فلو بدأ بالسعي قبل الطواف ‪ :‬وجب عليه إعادته بعد‬
‫الطواف؛ ألنه وقع في غير محله »‪ [ .‬الشرح الممتع (‪].)273/7‬‬

‫‪ - 2‬جواز تقديم السعي على الطواف في الحج والعمرة معا ‪:‬‬


‫وهو مذهب عطاء ‪ « ،‬واألوزاعي ‪ ،‬كما ذكر الطحاوي » [ مشكل اآلثار للطحاوي ( ‪ ،] ) 338 ، 337/3‬وداود ‪ ،‬وطائفة من‬
‫أهل الحديث ‪ ،‬ورجحه بعض العلماء المعاصرين‪.‬‬

‫‪ -‬حيث ال يجب لصحة السعي أن يتقدمه طواف‪.‬‬


‫‪ -‬ولحديث أسامة بن شريك رضي هللا عنه وفيه ‪ « :‬يا رسول هللا سعيتُ قبل أن أطوف ‪ ،‬أو قدمتُ شيئا أو‬
‫أخرتُ شيئا ؟ فكان يقول ‪ :‬ال حرج ال حرج »‪ [ .‬أبو داود في المناسك ‪ ،‬باب فيمن قدم شيئا ‪ ، )2715( ...‬وابن خزيمة في صحيحه (‪، )2774‬‬
‫والتمهيد (‪ )287/8‬البن عبد البر ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود (‪.] )1775‬‬

‫‪ -‬عند الشيخ العثيمين ‪:‬‬


‫« الراجح ‪ :‬جواز تقديم السعي على الطواف في الحج » (‪ « ، ) 3‬دون العمرة » ‪ ( ،‬لحديث أسامة بن‬
‫شريك رضي هللا عنه ‪ ،‬وفيه ‪ « :‬يا رسول هللا سعيتُ قبل أن أطـوف ‪ ،‬أو قدمتُ شيئا أو أخرتُ شيئا ؟ فكان‬
‫يقول ‪ :‬ال حرج ال حرج ‪ -‬تقدم تخريجه في ص ‪ [ ) .» - 147‬فتاوى الحج للعثيمين ]‪.‬‬

‫وهذا الحديث عنده ‪ « ( :‬في الحج وليس في العمرة » ‪ ،‬وأنه ال ينبغي أن نخلـط بين النسكين في هـذه‬
‫المسألة ‪ ،‬وبرر ذلك قائال ‪ « :‬ألن اإلخـالل بالترتيب في العمـرة يُخ ّل بها تماما ؛ ألن العمرة ليس فيها إال‬
‫طواف ‪ ،‬وسعي ‪ ،‬وحلق أو تقصير ‪ ،‬واإلخالل بالترتيب في الحج ال يؤثر فيه شيئا ؛ ألن الحج تفعل فيه‬
‫خمسة أنساك في يوم واحد ‪ ،‬فال يصح قياس العمرة على الحج في هذا الباب »‪ [ ) .‬الشرح الممتع (‪.] )273/7‬‬

‫‪ -‬الشيخ ابن باز ‪:‬‬

‫‪ : 1‬شرح النووي على مسلم (‪ ، )419/9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ‪ ..‬حديث ‪.1297 :‬‬
‫‪ : 2‬فتاوى ابن باز (‪ ، )337/17‬جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان ‪.‬‬
‫‪ : 3‬مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (‪ ، )384 ، 383/22‬جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫بعد أن ذكر « أولوية تقدم الطواف على السعي » ‪ ،‬كما أسلفنا ‪ ،‬قال ‪ -‬مستدركا ‪ « ( : -‬ولكن قد ثبت عنه‬
‫ﷺ أنه قال في حجة الوداع لما سئل عن أعمال يوم النحر ؛ من الرمي ‪ ،‬والنحر ‪ ،‬والحلق أو التقصير ‪،‬‬
‫والطواف والسعي ‪ ،‬والتقديم والتأخير ‪ ،‬قال ‪ :‬ال حرج »‪ .‬ليؤكد « جواز تقديم السعي على الطواف في الحج‬
‫والعمرة على حد سواء » ‪ ،‬قائال ‪ « :‬وهذا الجواب المطلق يدخل فيه تقديم السعي على الطواف في الحج‬
‫والعمرة ‪ ،‬وبه قال جماعة من العلماء »‪.‬‬

‫مستدال بحديث أسامة بن شريك رضي هللا عنه ‪ ،‬وفيه ‪ « :‬يا رسول هللا سعيتُ قبل أن أطوف ‪ ،‬أو قدمتُ‬
‫شيئا أو أخرتُ شيئا ؟ فكان يقول ‪ :‬ال حرج ال حرج »‪ [ .‬تقدم تخريجه ‪ ،‬ص‪.] 148‬‬
‫ثم ختم قائال ‪ « :‬وهذا الجواب يعم سعي الحج والعمرة ‪ ،‬وليس في األدلة الصحيحة الصريحة ما يمنع ذلك‬
‫»‪.‬‬
‫والشيخ مع ذلك ‪ :‬نصح بإعادة السعي بعد الطواف ؛ من باب األحوط لدينه ‪ ،‬وخروجا من خالف العلماء ‪..‬‬
‫فقال ‪ « :‬لكن يُشرع أن يعيده بعد طواف النسك ؛ احتياطا ‪ ،‬وخروجا من خالف العلماء ‪ ،‬وعمال بما فعله‬
‫ع همره »‪ [ ) .‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( ‪.] ) 339 /17‬‬
‫النبي ﷺ في حجه ‪ ،‬و ُ‬

‫‪68‬‬
‫جواز ذلك (‪ ) 1‬للمعذور ‪ ،‬والمتعمد على حد سواء ‪:‬‬
‫ولم يقف ابن باز ‪ -‬في القول « بجواز تقديم السعي على الطواف » ‪ -‬عند حد المعذور بجهل أو نسيان ‪ ،‬بل‬
‫تجاوزه إلى غيره ‪ ،‬قال ‪ ( :‬فمن قدم بعضا على بعض ‪ ،‬فال حرج ‪ ،‬سواء كان عامدا أو جاهـال أو ناسيـا ‪،‬‬
‫فيدخـل في ذلـك الطـواف والسعـي أيضـا ؛ فإذا سعى قبـل أن يطـوف ناسيـا أو جاهال ‪ ،‬فال حرج بال شك ‪،‬‬
‫وهكذا لوكان عامدا على الصحيح ‪ ،‬لعموم قوله ﷺ لسائل ‪ « :‬سعيتُ قبل أن أطوف » ؟ قال ‪ « :‬ال حـرج »‪.‬‬
‫ولم يسألـه ‪ :‬هـل أنت ناسـي ؟ أو جاهـل ؟ بل أطلـق ‪ ،‬واإلطـالق يدل على التعميم ) اهـ‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ‪ ،‬سؤال ‪ :‬حول « حكم تقديم السعي على الطواف » ]‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬حكم إيقاع السعي بعد طواف الوداع‬


‫القول بعدم صحته ‪:‬‬
‫؛ وطواف الوداع ال يصح إال بعد إتمام‬ ‫(‪) 2‬‬
‫‪ -‬إذ من شروط صحة السعي ‪ « :‬إيقاعه بعد طواف صحيح »‬
‫المناسك‪ .‬فكيف يصح قبل السعي ؟‬

‫‪ -‬كما أنه لو أخرالسعي إلى ما بعد الطواف ‪ ،‬لم يُعتد بوداعه ؛ إذ لم « يكن آخرعهده بالبيت الطواف » ‪ ،‬كما‬
‫ينص الحديث‪.‬‬

‫قال اإلمام النووي ‪ … « :‬يُشترط كون السعي بعد طـواف صحيـح ؛ سـواء كان بعـد طـواف القـدوم ‪ ،‬أو‬
‫طواف الزيارة ‪ ،‬وال يُتصور وقوعه بعد طواف الوداع ؛ ألن طواف الوداع هو الواقع بعد فراغ المناسك ‪ ،‬فإذا‬
‫بقي السعي لم يكن المفعول طواف الوداع »‪ [ .‬المصدر ذاته ]‪.‬‬

‫القول بصحته ‪:‬‬


‫وممن قال بجواز إيقاع السعي بعد طواف الوداع ‪:‬‬
‫يب طواف الوداع أجزأه عند مالك‪ ،‬خالفا البن عبد الحكم‬ ‫القرافي في الذخيرة ‪ ... « :‬ولو أ ّخره ‪ -‬أي السعي ‪ -‬عهق ه‬
‫»‪ ، ) 83/3( [ .‬الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أبي إسحاق أحمد عبد الرحمن ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫وشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،‬قائال ‪ « :‬فإن الحج فيه ثالثة أطوفة ‪ ... :‬طواف القدوم ‪ ...‬وطواف اإلفاضة ‪...‬‬
‫والثالث ‪ :‬طواف الوداع ‪ ،‬وإذا سعى عهقيب واحد منها أجزأه »‪ [ .‬الفتـاوى (‪.] )127/26‬‬

‫‪ -‬لذلك ‪ « :‬ال يُشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف ‪ ،‬وهذا مذهب الظاهريـة ‪ ،‬وروايـة عن أحمد ‪ ،‬وبه قال‬
‫بعض السلف ‪ ،‬واختاره ابن باز [ مجموع فتاوى ابن باز ( ‪ ، ] ) 339/17 - 147/16‬وابن عثيمين [ الشرح الممتع للعثيمين ( ‪] ) 273 ، 237/7‬‬

‫»‪.‬‬
‫سعي ‪ ،‬الشرط الرابع ‪ :‬أن يكون بعد ال َّطواف ]‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ ،‬الفصل الخامس ‪ :‬شروط ال ّ‬

‫أي ال يجب لصحة السعي أن يتقدمه طواف صحيح؛ فيجوز إيقاعه بعد (طواف القدوم‪ ،‬أو الزيارة‪ ،‬أو الوداع )‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫بل ويجوز على العكس من ذلك ‪ ( :‬تقدم السعي على الطواف ) ‪ ،‬كما هو الشأن عند اإلمام األوزاعي‪.‬‬
‫وقد مر نقل ابن قدامة الجواز مطلقا عن عطاء بن أبي رباح ‪ ،‬ورواية عن أحمد في حق الناسي‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 195 / 3‬الحج ‪ ،‬باب ذكر الحج ودخول مكة ‪ ،‬مسألة نسي الرمل ‪ ...‬فصل السعي تبع للطواف ]‪.‬‬

‫‪ : 1‬أي تقديم السعي على الطواف‪.‬‬


‫‪ : 2‬المجموع شرح المهذب ( ‪.) 72 / 8‬‬
‫‪ : 3‬مشكل اآلثار للطحاوي ( ‪.) 338 ، 337/3‬‬

‫‪69‬‬
‫و ‪ -‬حكم تقبيل الحجر األسود حال الزحام ‪:‬‬

‫‪ -‬للرجال ‪:‬‬
‫« إذا وجد الطائف زحاما ‪ ،‬يجتنب اإليذاء ‪ ،‬ويكتفي باإلشارة إلى الحجر األسود بيده ؛ وذلك ألن الزحام‬
‫يؤذيه ويؤذي غيره ‪ ...‬ويخرج بالطواف عما شُرع من أجله‪ ،‬من التعبد هلل ‪ ،‬وربما حصل به لغو ‪ ،‬وجدال‬
‫ومقاتلة »‪ [ .‬مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪.] ) 287 / 24‬‬

‫قال األلباني ‪ - 32 ( :‬وال يزاحم عليه ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬يا عمر! إنك رجل قوي ‪ ،‬فال تؤذ الضعيف ‪ ،‬إذا أردت‬
‫استالم الحجر ‪ ،‬فإن خال لك فاستلمه ‪ ،‬وإال فاستقبله وكبر «‪ .‬أخرجه الشافعي وأحمد ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬وهو حديث‬
‫قوي ‪ ،‬كما بينتُه في الحج الكبير )‪ [ .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص (‪ ، )21‬طواف القدوم الطبعة األولى ( ‪1999 / 1427‬م ) ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪ -‬للنساء ‪:‬‬
‫قال النووي ‪ « :‬ال يُستحب للنساء تقبيـل الحجـر ‪ ،‬وال استالمه إال عند خلو المطـاف ليال ‪ ،‬أو غيره ؛ لما‬
‫فيه من ضررهن ‪ ،‬وضرر الرجال بهن »‪.‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 38 / 9‬الحج‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة‪ ،‬المحرم إذا رأى البيت ‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ « :‬وال يُستحب لها مزاحمة الرجال الستالم الحجر ‪ ،‬لكن تشير بيدها إليه ‪ ،‬كالذي ال يمكنه‬
‫الوصول إليه »‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 131 / 3‬الحج « ‪ - 2453‬فصل ‪ :‬والمرأة كالرجل ‪.] « ...‬‬

‫وجاء في ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ) ‪ ... 1226 « :‬حدثني منبوذ عن أمه ‪ ،‬قالت ‪ :‬كنتُ عند‬
‫عائشـة رضي للا عنها إذ انتهت موالة لها ‪ ،‬فقالـت ‪ :‬إني استلمتُ الحجـر ثالث مـرات في سبع طفتُه ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫عقهدت و هم هررت ‪ ،‬أردت أن تدافعي الرجال ؟! »‪.‬‬ ‫ال آجرك للا ‪ -‬مرتين أو ثالثا ‪ -‬هال كبَّرت و ه‬
‫[ ابن حجر ( ‪ ، ) 436 / 6‬تحقيق ‪ :‬الشتري ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1419‬هـ ‪ 1998 /‬م ) ‪ ،‬دار العاصمة ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ - 5‬دعــاء ال ُملت ه ه‬
‫ـزم‬

‫نعالج في هذا الموضوع النقاط التالية ‪:‬‬


‫تعريـف الملتزم ‪ ،‬وسبب تسميتـة ‪ ،‬قدره ‪ ،‬ومشروعية لزوم الملتزم ‪ ،‬وكيفيـة الوقـوف عنده ‪ ،‬والدعـاء عنده ‪ ،‬بم‬
‫يدعو عند الملتزم ؟ تنبيه ‪ ،‬وزمن إتيان الملتزم للدعاء‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تعريف ال ُملت ه هزم ‪:‬‬


‫« مكان االلتزام من الكعبة » ‪ ،‬وهو جزء من جدار الكعبة المشرفة ‪ ،‬و َم ْعلَم من معالم المسجد الحرام ؛ يقع‬
‫ما بين الحجر األسو د ‪ ،‬وباب الكعبة ‪.‬‬

‫وعرفهُ ابن عباس ‪ « :‬ما بين الركن والباب يُدعى الملتزم‪ ،‬ال يلزم ما بينهما أحد يسأل للا شيئا إال أعطاه للا‬ ‫ّ‬
‫إياه»‪ [ .‬السنن الكبرى لإلمام البيهقي (‪ ، )268/5‬الحج ‪ ،‬باب الوقوف في الملتزم‪ ،‬قال البيهقي ‪« :‬هذا موقوف »‪ .‬تحقيق دمحم عبد القادر عطا ‪].‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬الملتزم ‪ ...‬قالوا ‪ :‬هو ما بين ركن الكعبة ‪ ،‬والباب ؛ يعنون ‪ :‬بين الركن الذي فيه الحجر األسود ‪،‬‬
‫وباب الكعبة ‪ ،‬وهذا متفق عليه »‪ [ .‬تهذيب األسماء واللغات (‪ ، )585/2‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬سبب التسمية ‪:‬‬


‫وسمي كذلك ؛ اللتزام الطائفين هذا المكان واعتناقه عند الدعاء ‪ « ،‬ألن الناس يعتنقونه ؛ أي يضمونه إلى‬
‫صدورهم »‪ [ .‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ‪ ،‬الفيومي المقـري (‪]. )264/8‬‬

‫فهو مكان االلتزام من الكعبة‪.‬‬


‫جـ ‪ -‬قـدره ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫أربعة أذرع ؛ نحو المترين ‪ ،‬بين الركن والباب‪ « .‬قال األزرقي ‪ :‬وذرعه أربعة أذرع »‪.‬‬

‫باب الكعبة‬

‫الحجراألسود‬ ‫الملتزم‬

‫‪ : 1‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (‪.)264/8‬‬

‫‪71‬‬
‫جـ ‪ -‬مشروعية لزوم الملتزم‬
‫الطائف ال ُملتهزم بعد طواف الوداع ؛‬
‫ُ‬ ‫لزومه ‪ :‬مشروع ؛ إذ « ال خالف بين الفقهاء في أنه يستحب أن يلتزم‬
‫اقتداء بالرسول ﷺ »‪.‬اهـ [ الموسوعة الفقهية (‪ ( ، ) 26 /39‬ملتزم ) ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1427‬هـ ‪ 2777 /‬م ) ‪ ،‬وزارة الوقاف ‪ ،‬الكويت ]‪.‬‬

‫لفعله ﷺ ‪ ،‬وفعل أصحابه رضي للا عنهم من بعده ‪:‬‬


‫‪ -‬فعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال ‪ « :‬طفت مع عبد هللا بن عمرو ‪ ،‬فلما فرغنا من السبع ركعنا في دبر‬
‫الكعبة‪ ،‬فقلت ‪ :‬أال نتعوذ باهلل من النار ؟ قال ‪ :‬أعوذ باهلل من النار ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم مضى فاستلم الركن ‪ ،‬ثم قام بين‬
‫ال َح َجر والباب‪ ،‬فألصق صدره ويديه وخده إليه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هكذا رأيت رسول هللا ﷺ يفعل »‪.‬‬
‫[ أخرجه ابن ماجة ‪ :‬المناسك ‪ ،‬باب الملتزم ‪ ، ) 2962( ، )225/2( ،‬وأبو داود ‪ :‬المناسك (‪ ، )1971‬والتلخيص الخبير البن حجـر ( ‪ ، ) 545 / 2‬واألزرقي ‪ ،‬والبيهقي‬
‫( ‪ ، ) 93 / 5‬وقد صححه األلباني في « الصحيحة » ( ‪.] ) 177 / 5‬‬

‫‪ : 9766 ( -‬وعن عبد للا بن عباس أنه كان يلزم ما بين الركن والباب ‪ ،‬وكان يقول ‪ « :‬ما بين الركن والباب‬
‫(‪) 1‬‬
‫يُدعى الملتزم ‪ ،‬ال يلزم ما بينهما أحد يسال للا شيئا إال أعطاه للا إياه »‪) .‬‬

‫‪ -‬ولقول مجاهد (‪ « : ) 2‬كانوا يلتزمون ما بين الركن والباب ‪ ،‬ويدعون »‪ ) 3(.‬أي أن جماعة من الصحابة كانوا‬
‫يفعلون ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬قال ابن قدامـة ‪ ( :‬قال منصـور ‪ « :‬سألـتُ مجاهـدا ‪ :‬إذا أردتُ الوداع كيـف أصنع » ؟ قال ‪ « :‬تطوف‬
‫بالبيت سبعا ‪ ،‬وتصلي ركعتين خلف المقام ‪ ،‬ثم تأتي زمزم فتشرب من مائها ‪ ،‬ثم تأتي الملتزم؛ ما بين الحجر‬
‫(‪) 4‬‬
‫والباب ‪ ،‬فتستلمه ‪ ،‬ثم تدعـو ‪ ،‬ثم تسـأل حاجتـك ‪ ،‬ثم تستلـم الحجــر وتنصرف »‪) .‬‬

‫‪ ( -‬قال القاضي أبو الطيب في تعليقه ‪ :‬قال الشافعي في « مختصر كتاب الحج » ‪ « :‬إذا طاف للوداع استحب‬
‫أن يأتي الملتزم ‪ ،‬فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ‪ ،‬ويبسط يديه على الجدار ؛ فيجعل اليمنى مما يلي الباب ‪،‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫واليسرى مما يلي الحجر األسود ‪ ،‬ويدعو »‪) .‬‬

‫‪ -‬قال النووي ‪ « :‬فإذا فرغ من طواف الوداع‪ ،‬فالمستحب أن يقف في الملتزم ‪ ،‬وهو ما بين الركن والباب ‪،‬‬
‫فيدعو»‪ [ .‬المجموع للنووي (‪]. )197/9‬‬

‫‪ -‬وقال ابن تيمية ‪ « :‬وإن أحب أن يأتي إلى الملتزم ‪ -‬وهوما بين الحجر األسود والباب ‪ -‬فيضع عليه صدره‬
‫ووجهه ‪ ،‬وذراعيه وكفيه ‪ ،‬ويدعو ويسأل للا تعالى حاجته فعل ذلك ‪ ...‬والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين‬
‫دخول مكة »‪ [ .‬مجموع فتاوى ابن تيمية (‪ ، )143، 142/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬وساعده ابنه دمحم ‪ .‬مجمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة‬
‫المنورة‪ .‬وانظر ‪ :‬الشرح الممتع للعثيمين (‪ ، )473 ، 472/7‬ومناسك الحج والعمرة لأللباني ‪ ،‬ص‪ ، 22‬الطبعة األولى (‪1999/1427‬م)‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ : 1‬السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 268 / 5‬الحج ‪ ،‬باب الوقوف في الملتزم ‪ ،‬تحقيق دمحم عبد القادر عطا‪1424( ،‬هـ‪2773/‬م) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ .‬قال‬
‫البيهقي ‪« :‬هذا موقوف »‪.‬‬
‫‪ : 2‬انظر ترجمته في فهرس األعالم والشخصيات ‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫‪ : 3‬مصنف ابن أبي شيبة (‪ ، )318/5‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ‪ -112 ( :‬أين هو من البيت ؟ ) ‪ ، )13947( ،‬تقديم الشيخ ‪ :‬سعد بن عبد للا آل حميد ‪ ،‬تحقيق‬
‫‪ :‬حمد بن عبد للا الجمعة ‪ ،‬ودمحم بن ابراهيم اللحيدان ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1425‬هـ ‪ 2774 /‬م ) ‪ ،‬مكتبة الرشد ناشرون ‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ : 4‬المغني (‪ ، )247/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج ‪ ،‬مسألة المرأة إذا حاضت قبل طواف الوداع ‪ ،‬فصل ‪ :‬يستحب أن يقف المودع في الملتزم ‪.‬‬
‫‪ : 5‬المجموع للنووي (‪ ، )198/9‬تحقيق مجموعة من األساتذة ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫د ‪ -‬كيفية الوقوف في الملتزم‬
‫• صفة الوقوف ‪:‬‬
‫أن يضع الطائف صدره ووجهه ‪ ،‬وذراعيه وكفيه بين الركن والباب ‪ ،‬ويدعو‪ .‬فإن تعذر عليه ذلك ‪ ،‬وقف عند‬
‫الباب ‪ ،‬ودعا هنالك ‪ ،‬من غير التزام‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ « :‬وإن أحب أن يأتي إلى الملتزم ‪ ...‬فيضع عليه صدره ووجهه ‪ ،‬وذراعيه وكفيه ‪ ،‬ويدعو ‪،‬‬
‫ويسأل للا تعالى حاجته ‪ ،‬فعل ذلك ‪ ...‬والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة ‪ ...‬ولو وقف عند الباب ‪،‬‬
‫ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنا »‪ [ .‬مجموع فتاوى ابن تيمية (‪ ، ) 142،143/26‬كتاب الحج ‪ ،‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمان بن‬
‫دمحم بن قاسم ‪ ،‬مجمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة (‪1425‬هـ‪2774/‬م ) ]‪.‬‬

‫( قال القاضي أبو الطيب في تعليقه ‪ :‬قال الشافعي في « مختصر كتاب الحج » ‪ « :‬إذا طاف للوداع استحب‬
‫أن يأتي الملتزم‪ ،‬فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت‪ ،‬ويبسط يديه على الجدار ؛ فيجعل اليمنى مما يلي الباب ‪،‬‬
‫واليسرى مما يلي الحجر األسود ‪ ،‬ويدعو بما أحب من أمر الدنيا واآلخــرة ‪) .» ...‬‬
‫[ المجموع للنووي (‪ ، )198/9‬تحقيق مجموعة من األساتذة ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪ ،‬لبنان ] ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬الدعاء عندالملتزم مستجاب‬


‫يستجاب عنده الدعاء ؛ لحديث عبد للا بن عباس أنه ( كان يلزم ما بين الركن والباب ‪ ،‬وكان يقول ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫« ما بين الركن والباب يُدعى الملتزم ‪ ،‬ال يلزم ما بينهما أحد يسال للا شيئا إال أعطاه للا إياه »‪) .‬‬

‫و ‪ -‬بم يدعو عند الملتزم ؟‬


‫دعاء اإلمام الشافعي ‪:‬‬
‫السنة ‪ :‬أن يبدأ الدعاء بالحمد والثناء على هللا عزوجل ‪ ،‬والصـالة على النبي ﷺ ‪ ،‬ويختمه بذلك ‪ ،‬ويدعو بما‬
‫شاء من خيري الدنيا واآلخرة ‪ ،‬ولكن األفضل ‪ :‬الدعاء الذي أورده اإلمام الشافعي في « األم » ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬أحب‬
‫له إذا ودّع البيت أن يقف في الملتزم ‪ ،‬وهو بين الركن والباب ‪ ،‬فيقول ‪ « :‬اللهم البيت بيتك ‪ ،‬والعبد عبدك‬
‫وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك ‪ ،‬حتى سيّرتني في بالدك ‪ ،‬وبلّغتني بنعمتك حتى‬
‫أعنتني على قضاء مناسكك ‪ ،‬فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا ‪ ،‬وإال فهمنه اآلن قبل أن تنأى عن بيتك داري‬
‫‪ ،‬فهـذا أوان انصرافـي إن أذنت لي ‪ ،‬غير مستبدل بك وال ببيتك وال راغب عنك وال عن بيتك ‪ ،‬اللهم‬
‫فاصحبني بالعافية في بدني ‪ ،‬والعصمة في ديني ‪ ،‬وأحسن منقلبي ‪ ،‬وارزقني طاعتك ما أحييتني »‪.‬اهـ [ األم (‪/2‬‬

‫‪ ، )243‬كتاب الحج ‪ ،‬مختصر الحج ‪ ،‬التلبية ] ‪.‬‬

‫ذهكهر هذا الدعا هء اإلما ُم النووي ‪:‬‬


‫قال ‪ [ :‬فإذا فرغ من طواف الوداع ‪ ،‬فالمستحب أن يقف في الملتزم ( وهو ما بين الركن والباب ) ‪ ،‬فيدعو‬
‫ويقول ‪ « :‬إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك ‪ ،‬حتى‬
‫سيّرتني في بالدك ‪ ،‬وبلّغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك ‪ ،‬فإن كنت رضيت عني فازدد عني‬
‫رضا‪ ،‬وإال فهمنه اآلن قبل أن ينأى عـن بيتك داري ‪ ،‬هذا أوان انصرافي إن أذنت لي ‪ ،‬غير مستبدل بك وال ببيتك‬
‫وال راغب عنك وال عن بيتك ‪ ،‬اللهم اصحبني العافية في بدني ‪ ،‬والعصمة في ديني ‪ ،‬وأحسن منقلبي ‪ ،‬وارزقني‬
‫طاعتك ما أبقيتني »‪ .‬فإنه قد روي ذلك عن بعض السلف ‪ ،‬وألنه دعاء يليق بالحال ‪ ،‬ثم يصلي على النبي ﷺ ‪].‬‬
‫[ المجموع للنووي (‪ ، )197/9‬تحقيق مجموعة من األساتذة ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫قال ‪ -‬في شرحه ‪ ( : -‬هذا الدعا ُء ذكره الشافعي رحمه للا في « اإلمالء » ‪ ،‬وفي « مختصر الحج » ‪ ،‬واتفق‬
‫األصحاب على استحبابه »‪ [ ) .‬المجموع (‪.] )198/9‬‬

‫‪ : 1‬السنن الكبرى للبيهقي (‪ ، )268/5‬الحج ‪ ،‬باب الوقوف في الملتزم ‪ ،‬قال البيهقي ‪ « :‬هذا موقوف »‪ .‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد القادر عطـا ‪1424 ( ،‬هـ‪2773/‬م ) ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ثم قال ‪ ( :‬قال القاضي أبو الطيب في تعليقه ‪ :‬قال الشافعي في « مختصر كتاب الحج » ‪ « :‬إذا طاف للوداع‬
‫استحب أن يأتي الملتزم ‪ ،‬فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ‪ ،‬ويبسط يديه على الجدار فيجعل اليمنى مما يلي‬
‫(‪) 1‬‬
‫الباب ‪ ،‬واليسرى مما يلي الحجر األسود ‪ ،‬ويدعو بما أحب من أمر الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وللا أعلم » ‪) .‬‬

‫وتابع شرحه قائال ‪ ( :‬ولفظ « فهمنه اآلن » ‪ « :‬يجوز فيه ضم الميم ‪ ،‬وتشديد النون ‪ ،‬وهو األجود » ‪ ،‬وكسر‬
‫الميم ‪ ،‬وتخفيف النون ‪ ،‬مع فتحها وكسرها )‪.‬‬
‫[ المصدر ذاته‪ .‬اهـ ‪ ،‬واإلمام النووي يقصد ‪ « :‬وإال فه ُمنّ اآلن » ؛ من ال همنّ ‪ :‬أي « يسأل للا أن ي ُمنّ عليه » ]‪.‬‬

‫قال اإلمام النووي ‪ ( :‬قال الشافعي واألصحاب ‪ « :‬وما زاد على هذا الدعاء فحسن »‪.‬‬
‫قال األصحاب ‪ :‬وقد زيد فيه ‪ « :‬واجمع لي خيري الدنيا واآلخرة إنك قادر على ذلك »‪ [ ) .‬المجموع ( ‪.] ) 198 / 9‬‬

‫وذكره اإلمام البيهقي ‪:‬‬


‫وروى اإلمام البيهقي ( ‪ - 9767‬عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬أنبأنا الشافعي قال‪ :‬أحب له إذا ودّع البيت أن يقف في‬
‫الملتزم ‪ ،‬وهو بين الركن والباب‪ ،‬فيقول ‪ « :‬اللهم البيت بيتك ‪ ،‬والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك ‪ .» ...‬وعند‬
‫نهاية الدعاء قال ‪ « :‬وهذا من قول الشافعي رحمه للا ‪ ،‬وهو حسن » اهـ‪ [ ).‬السنن الكبرى للبيهقي ( ‪] ) 269 ، 268/5‬‬
‫ولم يذكر ‪ « :‬واجمع لي بين خيري الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وما بعده »‪.‬‬

‫وأورده شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:‬‬


‫وقال عنه ‪ « :‬الدعـاء المأثـور عن ابن عبـاس » ‪ ،‬ولكـن يبـدأ بقولـه ‪ « :‬اللهـم إنـي عبـدك وابـن عبـدك‬
‫وابن أمتك ‪ ، » ...‬فقال ‪ [ :‬وإن أحب أن يأتي إلى الملتزم ( وهو ما بين الحجر األسود والباب ) ‪ ،‬فيضع عليه‬
‫صـدره ووجهـه ‪ ،‬وذراعيـه وكفيـه ‪ ،‬ويدعـو ‪ ...‬وإن شـاء قال في دعائـه الدعـاء المأثـور عن ابن عباس ‪« :‬‬
‫اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك ‪ ،‬وسيّرتني في بالدك ‪ ،‬حتى‬
‫بلّغتني بنعمتك إلى بيتك ‪ ،‬وأعنتني على أداء نسكي ‪ ،‬فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا ‪ ،‬وإال فمن اآلن‬
‫فارض عني ‪ ،‬قبل أن تنأى عن بيتك داري ‪ ،‬فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي ‪ ،‬غير مستبدل بك ‪ ،‬وال ببيتك ‪،‬‬
‫وال عن بيتك ‪ ،‬اللهم فاصحبني العافية في بدني ‪ ،‬والصحة في جسمي ‪ ،‬والعصمة في‬ ‫وال راغب عنك‬
‫ديني ‪ ،‬وأحسن منقلبي ‪ ،‬وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا واآلخرة ‪ ،‬إنك على كل شيء‬
‫« ولو وقف عند الباب ‪ ،‬ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنا »‪[ ].‬‬ ‫قدير »‪ .‬ثم قال ‪:‬‬
‫مجموع فتاوى ابن تيمية (‪.] )142،143/26‬‬

‫ز ‪ -‬تنبيـه‬
‫‪ -‬الدعاء عند الملتزم ال يعني مزاحمة الناس وأذيتهم من أجله ‪ :‬وينبغي أال يطيل الدعاء ؛ فيشق على إخوانه‬
‫المسلمين بالوقوف واالنتظار ‪ ،‬فإن وجد فسحة دعا ‪ ،‬وإال ففي الطواف والسعـي ‪ ،‬وسجود الصالة ما يغنيه عن‬
‫ذلك‪ .‬قال العثيمين ‪ ... « :‬فااللتزام ال بأس به ‪ ،‬ما لم يكن فيه أذية ‪ ،‬وضيق »‪.‬اهـ [ الشرح الممتع (‪.] )473 ، 472/7‬‬

‫‪ -‬القاعدة الفقهية في ذلك ‪ « :‬درء المفاسد مقدم على جلب المصالح » ؛ فالدعاء عند الملتزم سنة ‪ ،‬والتحرز‬
‫عن أذى المسلم واجب‪.‬‬

‫‪ : 1‬المصدر ذاته‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ك ‪ -‬زمن إتيان الملتزم للدعاء ‪ ( :‬هل يكون قبل طواف الوداع ‪ ،‬أو بعده ) ؟‬
‫• يكون « قبل طواف الوداع ‪ ،‬أو بعده » ‪:‬‬
‫‪ -‬قال ابن تيمية ‪ ( :‬وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع ؛ فإن هذا االلتزام ال فرق بين أن يكون « حال الوداع‬
‫(‪) 1‬‬
‫أو غيره » ‪ ،‬والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة )‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ -‬وكذا قال ابن القيم ‪ « :‬فهذا يحتمل أن يكون في وقت الوداع ‪ ،‬وأن يكون في غيره »‪.‬‬
‫• يكون « بعد الطـــــــــــــــــــــــــواف » ‪:‬‬
‫بيد أن ابن القيم استدرك القول ‪ -‬مستشهدا بأقتوال مجاهـد والشافعي ‪ ،‬وغيرهما ‪ -‬بما يفضي إلى أن « ذلك‬
‫يكون بعد الطواف » ؛ فقال ‪ ( :‬ولكن قال مجاهد والشافعي بعـده ‪ ،‬وغيرهما ‪ « :‬إنه يستحب أن يقف في‬
‫الملتزم بعـد طواف الوداع ‪ ،‬ويدعو »‪ .‬اهـ [ زاد المعاد (‪. ] )467/1‬‬

‫قلتُ ‪ « :‬نعم بعده »‪ ،‬فقد قال الشافعي ‪ « :‬أ ُح ّ‬


‫ب له إذا ودّع البيت أن يقف في الملتزم ‪ ،‬وهو بين الركن والباب »‪.‬‬
‫[ « األم » ( ‪ ، ) 243 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬مختصر الحج ‪ ،‬التلبية ]‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬قال منصور ‪ « :‬سألت مجاهدا ‪ :‬إذا أردتُ الوداع كيف أصنع » ؟ قال ‪ « :‬تطوف بالبيت‬
‫سبعا ‪ ،‬وتصلي ركعتين خلف المقام ‪ ،‬ثم تأتي زمزم فتشرب من مائها ‪ ،‬ثم تأتي الملتزم ؛ ما بين الحجر والباب ‪،‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫فتستلمه ‪ ،‬ثم تدعو ‪) .» ...‬‬

‫( وقال القاضي أبو الطيب فـي تعليقه ‪ :‬قال الشافعي في « مختصر كتاب الحج » ‪ « :‬إذا طاف للوداع استحب‬
‫أن يأتي الملتزم ‪ ،‬فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ‪ ...‬ويدعو بما أحب من أمر الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وللا أعلم »‬
‫)‪ [ .‬المجموع للنووي (‪ ، )198/9‬تحقيق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ]‪.‬‬

‫‪ : 1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ( ‪. ) 143 ، 142 / 26‬‬


‫‪ : 2‬زاد المعاد (‪ ، )467/1‬اعتنى به محمود بن الجميل ‪ ،‬إشراف ومراجعة مكتب التحقيق بدار اإلمام مالك ‪ ،‬ط ‪1428 ( 1‬هـ‪ 2777/‬م ) ‪ ،‬دار اإلمام مالك الجزائر‪.‬‬
‫‪ : 3‬المغني (‪ ، )247/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج ‪ ،‬مسألة المرأة إذا حاضت قبل طواف الوداع ‪ ،‬فصل ‪ :‬يستحب أن يقف المودع في الملتزم ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مناسك العمرة ‪ ،‬وكيفية أدائها‬
‫المبحث األول ‪ -‬صفة أداء العمـرة‬
‫نعالج في هذا المبحث المطالب التالية ‪:‬‬
‫مفهوم العمرة ‪ ،‬أعمال المعتمر عند الميقات ‪ ،‬وأعمال ما بعد الميقات‬
‫المطلـب األول ‪ -‬مفهوم العمرة اصطالحا‬
‫العمرة ‪ « :‬نسك كالحج ‪ ،‬ليس له وقت معيّن ‪ ،‬وال وقوف بعرفة »‪ ) 1(.‬يتعبد الناسكُ للاه تعالى فيه ؛ يبدأ‬
‫باإلحرام والتلبية ‪ ..‬فالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬ثم التحلل بالحلق أو التقصير‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقات‬


‫نتناول في هذا المطلب ‪ :‬مستحبات ما قبل اإلحرام ‪ ،‬واإلحرام ومتعلقاته‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مستحبات ما قبل اإلحرام‬
‫إذا وصل المعتمر إلى الميقات (‪ ) 2‬استحب له التهيؤ لإلحرام بفعل األمور التالية ‪:‬‬
‫االغتسال ‪ ،‬والتطيب ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ،‬الصالة بوادي العقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬االغتسال ‪:‬‬
‫ويُسن له أن‬ ‫(‪) 3‬‬
‫« يُسن االغتسال لإلحرام ‪ ،‬وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة ‪ ...‬و ُحكي فيه اإلجماع »‪.‬‬
‫يتنظف ؛ ( حلق اإلبطين والعانة ‪ ،‬وتقليم األظافر إلخ )‪.‬‬

‫[‬ ‫الحائض و النفساء ‪ :‬وهكذا تفعل المرأة ‪ ،‬ولو كانت حائضا أو نفساء « باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪.‬‬
‫‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب إحرام‬ ‫(‪)133/8‬‬ ‫الموسوعة الفقهية ذاتها ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬حكم اغتسال الحائض والنفساء‪ ] .‬وانظر ‪ [ :‬صحيح مسلم بشرح النووي‬
‫النفساء واستحباب اغتسالها لإلحرام وكذا الحائض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 347‬هـ ‪ 1929 /‬م ) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫من أحكام الحائض والنفساء في الحج والعمرة ‪:‬‬


‫• الحائض يصح منها جميع أفعال الحج والعمرة إال الطواف ‪:‬‬
‫فلها أن ت ُ ِ‬
‫حرم بالنسـك الذي تريده ‪ ،‬وتذكر هللا تعالى ‪ ،‬وتتضرع إليه ‪ ،‬وتقصر من شعرها ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬غير أنها ال‬
‫تطـوف بالبيت ‪ ،‬وال تدخـل المسجـد الحــرام حتى تطهــر وتغتســــل ‪:‬‬

‫‪ -‬فعن عائشة رضي للا عنها أن النبي ﷺ قال لها حين حاضت وهي محرمة ‪ « :‬افعلي ما يفعل الحاج ‪ ،‬غير‬
‫أال تطوفي بالبيت حتى تطهري »‪.‬‬
‫[ فتح الباري شرح صحيح البخاري ( ‪ ، ) 588/ 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب تقضي الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت ]‪.‬‬

‫‪ -‬وثبت أنه أمر أسماء بنت عُميس لما ولدت بالميقات ‪ « :‬اغتسلي واست هثفري بثوب ثم أحرمي »‪.‬‬
‫[ صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬ص ‪ 887‬اهـ ‪ .‬واغتسال المحرم الطاهر أولى من الحائض أو النفساء ‪ ،‬التي ال يبيح لها هذا االغتسال‬
‫مباشرة سـائر الطاعـات ( كالصالة والطواف ‪. ) ...‬‬

‫ومعنى « االستثفار ‪ :‬أن تش ّد في وسطها خرقة عريضة ‪ ،‬تجعلها على محل الدم ‪ ،‬وتشد طرفيها من قدامها‬
‫ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها » (‪ ) 4‬؛ لتمنع بذلك سيالن الدم‪.‬‬

‫‪ : 1‬معجم المعاني الجامع ‪.‬‬


‫‪ : 2‬الموضع الذي يُحرم منه الحاج أو المعتمر‪.‬‬
‫‪ : 3‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬االغتسال ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬حكم االغتسال لل ُمحرم‪.‬‬
‫‪ : 4‬شرح النووي على مسلم ( ‪ ، ) 329/8‬كتاب الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬ح‪. 1218 /‬‬
‫مالحظة ‪ :‬تستعمل المرأة اليوم لهذا الغرض » فوطات صحية ‪ -‬نسائية » ‪sanitary napkins , Des serviettes hygiéniques :‬‬

‫‪76‬‬
‫• سقوط طواف القدوم عن الحائض ‪:‬‬
‫سنّة فات وقتها ‪ ،‬وأما عند المالكية ‪ :‬فلكونه‬
‫الحائض « يسقط عنها طواف القدوم ‪ :‬أما عند الجمهور ؛ فألنه ُ‬
‫عذرا يسقط به ‪ ،‬ولو كان واجبا ‪ ،‬إال أن يزول المانع ‪ ،‬ويتسع الزمن لطواف القدوم ‪ ،‬فإنه حينئذ يجب عليها »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 77/17‬حجاب ‪ -‬حفيد ‪ ،‬حج ‪ ،‬أحكام خاصة بالحج ‪ ،‬األول ‪ -‬حج المرأة والحائض والنفساء الطبعة الثانية ( ‪1417‬هـ ‪1997 /‬م )]‪.‬‬

‫• سقــوط طــواف الوداع عنهــا ‪:‬‬


‫فإن حاضت المعتمرة بعد الطواف ‪ ،‬فعلت كل شيء ؛ فلها أن تسعى بين الصفا والمروة ‪ ،‬وتقص من شعرها‬
‫نهي عمرتها ؛ وسقط عنها طواف الوداع ‪ ،‬باعتباره عبادة متعلقة بالبيت اشتُرط فيه ( الطهارة من الحيض‬ ‫‪ ،‬وت ُ َ‬
‫والنفاس ؛ فال يجب طواف الوداع على الحائض والنفساء ‪ ،‬وال يجب عليهما دم بتركه ‪ ،‬وهذا باتفاق المذاهب‬
‫الفقهية األربعة ‪ [ .) ...‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج‪ ،‬الباب الرابع عشر‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬شروط طواف الوداع ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬الطهارة من الحيض ‪...‬‬
‫]‪.‬‬

‫• جواز شرب المرأة الدواء لتأخير الحيض ‪:‬‬


‫إذا دعت الحاجة الشرعية إليه ‪ ،‬كالخوف من عدم انتظار ِ‬
‫الرفقة في الحج والعمرة إذا تأخرت بسبب الحيض‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫• طواف الحائض عند الضرورة ‪:‬‬


‫قال ابن تيمية ‪ « :‬وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك ‪ ،‬على الصحيح من قولي العلماء »‪.‬‬
‫[ مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪ ، )127/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬مج ّمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ]‪.‬‬
‫« كأن تكون مع رفقة ال ينتظرونها ‪ ،‬وال يمكنها البقاء‪ ،‬وهذا اختيار ابن تيمية ‪ ،‬وابن القيم ‪ ،‬وابن عثيمين ‪،‬‬
‫وبه أفتت اللجنة الدائمة »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب ‪ ، 6‬الفصل ‪ ، 2‬المبحث ‪ ، 2‬المطلب ‪ ، 3‬الفرع الثاني ‪ :‬طواف الحائض عند الضرورة‬
‫]‪.‬‬

‫‪ -‬فإن لم يتيسر االغتسال في الميقات فال حرج ‪:‬‬


‫« قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أن اإلحرام جائز بغير اغتسال ‪ ،‬وأنه غير واجب »‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 48 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ذكر اإلحرام ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪].‬‬

‫‪ -‬والسنة ‪ :‬اتصال الغسل باإلحرام ‪:‬‬


‫حرم ‪ :‬عند إرادة الدخول في النسك بالميقات‪.‬‬
‫أي إيقاع الغسل قبيل اإلحرام ؛ بحيث يغتسل ال ُم ِ‬
‫‪ -‬وهذا عند « المالكية ‪ .‬أما عند بقية المذاهب ‪ :‬فوقت االغتسال لإلحرام موسع »‪.‬‬
‫‪ - 2‬التـطيب‬
‫ويتطيب الرجل في بدنه ‪ ،‬دون مالبس إحرامه ـ وهذا قبل اإلحرام ـ وال يضره بقاء الطيب بعد اإلحرام‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ارتداء مالبس اإلحرام ‪ :‬نتناول في هذا الموضوع النقاط التالية ‪:‬‬
‫صفة ارتداء مالبـس اإلحـرام ‪ ،‬وجـواز االغتسـال وارتـداء مالبـس اإلحرام قبل الميقات ‪ ،‬و جواز غسل‬
‫المحرم ‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها بغيرها ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬صفة ارتداء مالبس اإلحرام ‪:‬‬


‫الرجـــــل ‪ :‬يلبس اإلزار ؛ الذي يستر الجزء األسفل من البدن والرداء ؛ الجـزء األعلى ‪ ،‬ويستحب أن يكونا‬
‫(‪) 2‬‬
‫أبيضين ‪ ،‬نظيفين ‪ « :‬البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم »‪.‬‬
‫‪ [ : 1‬كشّاف القناع للبهوتي ( ‪ ، ) 256 /1‬كتاب الطهارة ‪ ،‬حققه ‪ :‬أبوعبد للا دمحم حسن إسماعيل ‪ ،‬مصنف عبد الرزاق ‪ ، ) 318 / 1 ( ،‬تحقيق ‪ :‬المحدث حبيب الرحمن األعظمي ‪،‬‬
‫وانظر ‪ [ :‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الطهارة ‪ ،‬الباب ‪ ، 11‬الفصل األول ‪ ،‬المبحث ‪ ، 6‬المطلب ‪ : 2‬ما ت ُمنع منه الحائض ‪ ...‬الفرع التاسع ‪ :‬تناول الدواء لتأخير الحيض ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬كتاب اللباس ‪ ،‬باب في البياض (‪ ، )51/4‬رقم (‪ ، )4761‬والترمذي ‪ ،‬أبواب الجنائز عن رسول للا ﷺ ‪ ،‬باب ما يستحب من األكفان (‪ ، )317/3‬رقم ‪، 994‬‬
‫من حديث ابن عباس رضي للا عنهما ‪ ،‬وصححه ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬كما صححه األلباني في صحيح الترمذي ( ‪. ) 572 / 1‬‬

‫‪77‬‬
‫أما المرأة ‪ :‬فتُحرم في مالبسها العادية التي ليس فيها زينة وال ُ‬
‫شهرة ‪ ،‬وتستر بدنها عدا الوجه والكفين ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جواز االغتسال وارتداء مالبس اإلحرام قبل الميقات ‪:‬‬
‫ويجوز للمحرم » أن يلبس اإلحرام قبل الميقات ؛ ولو في بيته ‪ ،‬كما فعله الرسول ﷺ وأصحابه »‪.‬‬
‫[ األلبانـي ‪ ،‬مناسـك الحـج والعمــرة ‪ ،‬ص‪ ، 13‬وانظـر مجمــوع فتـاوى العثيميـن ( ‪ . ] ) 314 / 21‬أوفي المطـــار ‪ ،‬أو في الطائــرة‪.‬‬
‫» وفي هذا تيسير على من يحجون بالطائرة ‪ ،‬وال يمكنهم لبس اإلحـرام عند الميقـات ‪ [ .» ...‬المرجع ذاته ] ‪.‬‬
‫قال األلباني ‪ » :‬ولكنهم ال يُحرمون إال قبل الميقات بيسير‪ ،‬حتى ال يفوتهم الميقات وهم غير محرمين » اهـ‪ [ .‬ذاته‬
‫]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬جواز غسل المحرم ‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها ‪ ،‬من وسخ أو نحوه‬
‫[ شرح العمدة ‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ( ‪ ، ) 549 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزير شمس ‪ ،‬دار عالم الفوائد ‪ ،‬والجامع الممتاز في الفقه البن باز ص‪.] 172‬‬

‫‪ - 4‬الصالة بوادي العقيق‬


‫« من كان إحرامه من ذي ال ُحليفة ‪ -‬ميقات أهل المدينة ‪ -‬استُحب له أن يصلي فيه قبل اإلحرام فريضة ‪ ،‬أو‬
‫نافلة ‪ ،‬ثم يحرم بعد ذلك ‪ ،‬ال لخصوص اإلحرام ‪ ،‬وإنما لخصوص المكان وبركته »‪ « [ .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬األلباني ‪،‬‬
‫‪1461‬‬ ‫ص ‪ [ ، ] » 16‬وانظر نص حديث عمر رضي للا عنه في ذلك ‪ :‬الفتح البن حجر (‪ ، )458/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب قول النبي ﷺ ‪ « :‬العقيق واد مبارك »‪ .‬ح ‪/‬‬
‫]‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬اإلحرام ومتعلقاته‬


‫بعد االغتسال ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ..‬نعالج فيما يلي الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫اإلحرام عند الميقات ومعنى اإلحرام ‪ ،‬والمواقيت ‪ ،‬واإلهالل بنسك العمرة ‪ ،‬واإلحصـار واالشتراط ‪ ،‬والتلبية ‪،‬‬
‫والدخول في نسك العمرة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اإلحرام عند الميقات ‪ ،‬ومعنى اإلحرام ‪.‬‬


‫ُحرم المعتمر من الميقات ‪ -‬وجوبا ‪ -‬وال يتجاوزه دون إحرام ‪.‬‬
‫ي ِ‬
‫‪ -‬فما معنى اإلحرام ؟‬
‫اإلحرام ‪ :‬هو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة ‪ ،‬مقرونة بعمل من أعمال النسك ؛ كالتلبية ‪ ،‬أوالتجرد ؛‬
‫ُحرم على نفسه ما كان حالال قبـل اإلحرام ؛ ( كحلق الرأس ‪ ،‬وتغطيته ‪ ،‬وتغطية المـرأة وجهها‬ ‫فالمسلم ي ِ‬
‫ويديـهـــا ‪ ،‬ومـالمـســــــــة النســـــــــــــاء ‪ ...‬وســـــــــائـــــــر المحظـــــــــــورات ) ‪.‬‬
‫واإلحرام بالحج أو العمرة له ميقاتان ‪ ،‬كما يتضح فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 2‬المواقيت ‪:‬‬
‫نتطرق في هذا الموضوع إلى ما يلي ‪ :‬قسما المواقيت ‪ ،‬أ حكامها ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬قسما المواقيت ‪ ( -‬زمانية ‪ ،‬ومكانية )‬
‫مالحظــة ‪ :‬فيما يخص تفاصيل المواقيت الزمانية ‪ ،‬والمكانية ( انظر ص ‪ ، 25‬وما بعدها من هذا الكتاب ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أحكام المواقيت ‪:‬‬
‫نتناول هنا الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫حكم من تجاوز الميقات دون إحرام ‪ ،‬حكم اإلحرام قبل الميقات ‪ ،‬وميقات أهل المدينة والواردين إليها ‪،‬‬
‫وموضع اإلحرام بالحج والعمرة ألهل مكة ‪ ،‬وميقات اآلفاقيين المتوجهين إلى مكة ‪ ،‬وميقات من هو دون‬
‫المواقيت ‪ ،‬وموضع اإلحرام لمن َمر بميقاتين ‪ ،‬حكم تأخير راكب الجو إحرامه حتى ينزل بجدة ‪.‬‬

‫• حكم من تجاوز الميقات دون إحرام‬

‫‪78‬‬
‫من تجاوزه ‪ -‬ولم يرجع إليه ليحرم منه ‪ -‬فعليه دم جبران ‪ :‬وعليه أن يواصل بعد ذلك النسك ‪ ،‬لكن يُج ِب ُر‬
‫النقص بشاة يذبحها ‪ ،‬ويوزعها على فقراء الحرم ‪ [ .‬المغني البن قدامة » كتاب الحج » ‪ » ،‬مسألة جاوز الميقات مريدا‬
‫َ‬ ‫هذا‬
‫‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب‬ ‫( ‪) 287 ، 286 / 21‬‬ ‫للنسك غير محرم » ( ‪ ، ) 116 / 3‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬سنة ‪1475‬هـ‪1985/‬م ‪ .‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ‪...‬الشيخ العثيمين‬
‫س ‪ ، 341 :‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى و مقاالت الشيخ ابن باز (‪.] ) 17 / 17‬‬ ‫المواقيت ‪،‬‬

‫‪79‬‬
‫[ انظر تفاصيل هذا الموضوع ص ‪ 27‬وما بعدها من الكتاب ] ‪.‬‬ ‫• حكم اإلحرام قبل الميقات ‪:‬‬
‫من قدّم اإلحرام على الميقات ‪ ،‬فإحرامه صحيح بإجماع ‪:‬‬
‫قال ابن المنذر ‪ « :‬أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات فهو ُمحرم »‪ .‬أي ‪ :‬إحرامه صحيح‪.‬‬
‫[ ا إلجماع البن المنذر‪ ،‬ص ‪ . 51‬وممن وافق ابن المنذر في هذا اإلجماع أيضا ‪ :‬النووي ‪ ( :‬المجموع ‪ ) 275/7‬والخطابي ‪ ،‬والكاساني ‪ ،‬وابن قدامة ‪ ،‬والقرطبي‬
‫]‪.‬‬

‫‪ -‬أفضلية اإلحرام من الميقات ‪:‬‬


‫البن رشد ( ‪ . ] ) 261 / 1‬وهو‬ ‫« قال مالك ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وأحمد ‪ :‬إحرا ُمه من المواقيت أفضل »‪.‬اهـ‬
‫[ بداية المجتهد‬
‫قول الشافعي في أصح القولين [ المجموع للنووي (‪ ، ] ) 276/7‬واختيار ابن قدامة ‪ ،‬والنووي [ المغني (‪ ، )43/3‬المجموع ( ‪/ 7‬‬

‫‪.] ) 278‬‬

‫‪ -‬واإلحرام قبله يصح مع الكراهة ‪:‬‬


‫‪ -‬إذ « كره مالك رحمه للا أن يُحرم أحد قبل الميقات »‪.‬‬
‫[ ابن عبد البر ( ‪ ، ) 73 / 8‬وتفسير القرطبي ( ‪.] ) 264 / 3‬‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪) 1‬‬
‫( وهو مذهب المالكية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬واختاره ابن باز [ مجموع الفتاوى (‪ ، ])48/17‬وابن عثيمين‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثالث ‪ :‬مواقيت الحج والعمرة ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬المواقيت المكانية ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب‬
‫السابع ‪ :‬حكم التقدم باإلحرام قبل المواقيت المكانية ]‪ .‬مالحظة ‪ :‬للتوسع في موضوع ‪ :‬اإلحرام قبل الميقات ‪.‬‬

‫• ميقات أهل المدينة ‪ ،‬والقادمين إليها ‪:‬‬


‫من كان من أهل المدينة ‪ ،‬أو مارا بها ‪ ،‬ولبس مالبس اإلحرام بالفندق أو غيره ‪ ،‬ووصل إلى الميقات ‪ ،‬وجب‬
‫حليفة )‪ [ .‬أو « أبيار علي » ‪ ،‬وهو أبعد المواقيت عن مكة ‪ 437 :‬كلم ]‪.‬‬
‫عليه أن يُحرم ‪ ،‬وذلك من ميقات أهل المدينة ؛ ( ذي ال ُ‬
‫• موضع اإلحرام بالحج والعمرة ألهل مكة ‪:‬‬
‫أهل مكة يحرمون من الحل للعمرة ‪ ،‬ومن مكة للحج ‪:‬‬
‫اإلحرام بالعمرة ‪ :‬من أراد أن يحرم بالعمرة ‪ ،‬وهو في مكة ‪ ،‬أو داخل حدود الحرم ؛ من المكيين ‪ ،‬أو‬
‫الحل؛ ( التنعيم(‪ ، ) 2‬أو الجعرانة ‪ ،‬أو غيرهما‪ ،‬كعرفة ‪ ،‬أو جدة ) ‪،‬‬ ‫القادمين إليها ‪ :‬فالبد أن يخرج من الحرم إلى ِ‬
‫حرم منها‪.‬‬
‫لي ُ ِ‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬أمره ﷺ عائشة أن تأتي بالعمرة من التنعيم برفقة أخيها عبد الرحمن ـ رضي هللا عنهما ـ الذي‬
‫أخبر‪ » :‬أن النبي ﷺ أمره أن يردف عائشة ‪ ،‬ويعمرها من التنعيم »‪ [ .‬صحيح البخاري (‪ ، )779 /3‬ك العمرة ‪ ،‬باب عمرة التنعيم ‪،‬‬
‫ح‪. ] 16 92/‬‬

‫• ميقات اآلفاقيين المتوجهين إلى مكة‬


‫الميقات بالنسبة إلى من مروا بالمدينة ‪ ،‬قاصدين مكة ‪ :‬هو « ذو ال ُحليفة » ‪ ،‬أو أبيار علي ‪ ،‬باعتباره‬
‫ميقات أهل المدينة‪ ،‬ومن مر بها‪ ،‬من غير أهلها‪ .‬أما إن توجهوا مباشرة إلى مكة‪ ،‬والطائرة ال تهبط إال في «‬
‫جدة » ‪ :‬فهو « الجحفة » ‪ ،‬أو ما يسمى بـ « رابغ » ‪ :‬باعتباره أحد المواقيت الخمسة ‪ ،‬التي ال يجوز‬
‫تجاوزها لقاصد الحج أو العمرة إال محرما‪ .‬حيث « يُحرم من رابغ من لم يمر بالمدينة المنورة من أهل لبنان‬
‫وسوريا واألردن وفلسطين ومصر والسودان ‪ ،‬وحكومـات المغـرب األربـع ‪ ،‬وبلـدان أفـريقيا ‪ ،‬وبعـض‬
‫المنطقـة الشماليـة في المملكة العربية السعودية »‪ [ .‬كتاب مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ص‪ - 645‬كتاب حدود المشاعر المقدسة‬
‫للشيخ عبد للا بن عبد الرحمن البسام‪ ،‬باب المواقيت ‪ -‬المكتبة الشاملة ]‪ .‬فإن مروا بالمدينة فميقاتهم ‪ :‬ذو الحليفة‪.‬‬

‫[ انظر ص‪ 33‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫• ميقــــات من هو دون المـواقيت ‪:‬‬


‫[ انظر ص‪ 33‬وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مر بميقاتين ‪:‬‬
‫• موضع اإلحرام لمن ّ‬

‫‪ [ : 1‬مجموع الفتاوى ( ‪.] )387 / 21‬‬


‫‪ : 2‬وهو أدنى الحل إلى مكة ‪ ،‬وهو المسمى اليوم مسجد عائشة‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫[ انظر ص‪ 33‬وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مر بها ( برا أو جوا أو بحرا ) ‪:‬‬
‫• حكم اإلحرام من جدة لغير أهلها ؛ ممن ّ‬

‫‪81‬‬
‫‪ - 3‬كيفية اإلهالل بنسك العمرة ‪:‬‬
‫نتعرف إلى كيفية ذلك من خالل التطرق إلى النقاط التالية ‪:‬‬
‫صفة اإلحرام ولفظ اإلهالل بالعمرة ‪ ،‬ومستحبات اإلحرام‬

‫أ ‪ -‬صفة اإلحرام ‪ ،‬ولفظ اإلهالل بالعمرة ‪:‬‬


‫(‪) 1‬‬
‫ـ يعقد النية ‪ ،‬و يُه ّل بالعمرة ؛ ( يتلفظ بلسانه قائال ‪ « :‬لبيك عمرة » ‪ ،‬أو « اللهم لبيك عمرة »‪) .‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ـ ويقول ‪ « :‬لبيك عمرة ‪ ،‬ال رياء فيها وال سمعة »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ما يُستحب عند اإلحرام ‪:‬‬


‫(‪) 3‬‬
‫‪ -‬استقبال القبلة عند اإلهالل ‪ :‬يعقد النية ‪ « ،‬ثم يستقبل القبلة قائما «‪.‬‬
‫‪ -‬التحميد والتسبيح والتكبير عند االستواء على مركوبه قبل اإلهالل يعلن نيته قائال ‪ « :‬لبيك اللهم عمرة »‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫لحديث أنس رضي للا عنه ‪ « :‬ثم ركب حتى استوت به على البيداء ‪َ :‬ح ِمد هللا ‪ ،‬وسبح ‪ ،‬وكبر ‪ ،‬ثم أهل »‪.‬‬
‫لذلك استُحب أن « تستقبل القبلة ‪ ،‬وتقول ‪ :‬سبحان للا والحمد هلل وال إله إال للا وللا أكبر »‪.‬‬
‫[ الشيخ سعد الخثالن ‪ :‬شرح عمدة الفقه البن قدامة ؛ تابع شرح كتاب الحج والعمرة ‪ -‬موقع الشيخ سعد بن تركي الخثالن ]‪.‬‬

‫‪ - 4‬اإلحصار واالشتراط ‪:‬‬


‫نتعرف في هذا الموضوع إلى النقاط التالية ‪ :‬معنى اإلحصار واالشتراط ‪ ،‬وحكم االشتراط وصيغته ‪ ،‬وهل‬
‫تتعين هذه الصيغة ذاتها ؟ متى يكون االشتراط ؟ هل تكفي النية في االشتراط ؟ ما فائدة االشتراط ؟ وما حكم‬
‫المحصر لمن اشترط ومن لم يشترط ؟ مكان ذبح هدي اإلحصـار وزمانـه ‪ ،‬حكم المحصر العاجزعن الهدي ‪.‬‬
‫[ للتعرف إلى ذلك كله ‪ ،‬انظر ص‪ 56‬ومابعدها من الكتاب ]‪.‬‬

‫‪ - 5‬التلبيــة‬
‫أ ‪ -‬الشروع في التلبية‬
‫ثم يشرع في التلبية قائال ‪ « :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك‬
‫»‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المواضع التي تُشرع فيها التلبية‬

‫قال العلماء ‪ :‬يُستحب اإلكثار من التلبية ‪ ،‬واإلتيان بها عند االنتقال من حال إلى حال ؛ فيلبي عقب الصلوات‬
‫المفروضة ‪ ،‬وإذا ركب سيارة ‪ ،‬أوعال مرتفعا ‪ ،‬أو نزل منحـدرا ‪ ،‬أو أقبـل اللـيـل والنهـار ‪ ،‬أو التقـت الرفـاق‪.‬‬
‫[ ينظر الفتاوى البن تيمية ( ‪.] ) 116 ، 115/26‬‬

‫‪ :‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز (‪. )425/17‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪ :‬كما قال أنس في وصفه إلهالل رسول للا ﷺ ‪ ،‬عن كتاب » موقع اإلسالم ‪ ،‬سؤال وجواب ‪ ،‬ص‪ - 3695‬المكتبة الشاملة » ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬انظر [ فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪» ، )482/3‬كتاب الحج » ‪ ،‬باب اإلهالل مستقبل القبلة ] ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪ )481/3‬كتاب « الحج » ‪ ،‬باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل اإلهالل عند الركوب على الدابة ‪ ،‬ح‪. 1476/‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪82‬‬
‫جـ ‪ -‬متى يشرع المحرم في التلبية ‪ ،‬ومتى يقطعها ؟‬
‫• بدء التلبيـة ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫شرع في التلبية إذا تلبس باإلحرام ‪ ،‬ودخل في النسك‪ « .‬باتفاق المذاهب األربعة »‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫• قطع التلبية ‪:‬‬
‫اختلفوا في وقت قطعها ‪ -‬في العمرة ‪ -‬على قولين ‪:‬‬
‫األول ‪ -‬تنتهي التلبية إذا دخل الحرم ‪:‬‬
‫‪.‬اهـ‬ ‫( قال مالك ‪ « :‬يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحـرم » ‪) ...‬‬
‫[ بداية المجتهد البن رشد ( ‪ ، ) 272 / 1‬الحج ‪ ،‬القول في اإلحرام ‪ ،‬تنقيح وتصحيح ‪ :‬خالد العطار ‪1426( ،‬هـ‪ 2775 /‬م ) ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫الثاني ‪ -‬ذهب جمهور العلماء إلى أنه ال يقطعها إال عند بدء الطواف للمعتمر ‪:‬‬
‫( ‪ ...‬وهذا مذهب الجمهور ‪ :‬الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ...‬وذهب إليه أكثر أهل العلم «‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتها ُء هوقت الت َّلب هية في ال ُعم هرة ] ‪.‬‬
‫كتاب ال هح ّج الباب َّ‬
‫ُ‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪،‬‬

‫والظاهر أن القول األول مذهب مرجوح ؛ إذ الصواب ‪ -‬وللا تعالى أعلم ‪ « : -‬أنه يستمر في التلبية إلى‬
‫أن يشرع في الطواف ‪ [ .» ...‬دروس خالد المصلح ‪ :‬الموجز في أحكام الحج والعمرة (‪ )34‬متى يشرع قطع التلبية في الحج ؟ ]‬

‫د ‪ -‬رفع الصوت بالتلبية‬


‫« أتاني‬ ‫• بالنسبة للرجال ‪ :‬يستحب رفع الصوت بها للرجل ؛ بحيث ال يُجهد نفسه ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪:‬‬
‫‪) 2( .‬‬
‫جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية »‬

‫• بالنسبة للنساء ‪:‬‬


‫تخش الفتنة ؛ لعموم الحديثين السابقـين (‪ ، ) 3‬وألن عائشة كانت ترفع صوتها ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬ترفع المرأة صوتها ‪ :‬ما لم‬
‫حتى يسمعها الرجال ‪ ،‬فعنها قالت ‪ « :‬إني ألعلم كيف كان رسول هللا ﷺ يلبي ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ال‬
‫شريك لك لبيك ‪ [ .» ...‬أخرجه البخاري في صحيحه ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب التلبية ‪ ،‬حديث رقم (‪.] )1486‬‬
‫‪.‬‬
‫وبه قال ابن حزم ‪ [ :‬ال ُمحلى ‪ ،‬المجلد الثاني ص‪ ، 58‬مسألة رقم ‪ ، ] 829‬واأللباني ‪ [ :‬مناسك الحج والعمرة ( ‪] ) 18 ، 17‬‬

‫بالرجال‪ [ .‬ابن عبد البر ‪ :‬التمهيد ( ‪.] ) 242 / 17‬‬ ‫‪ -‬و رأى آخرون ‪ :‬أن رفع الصوت بالتلبية أمر يختص‬
‫‪ -‬وتوسط بعضهم فقال ‪ « :‬والمرأة ترفع صوتها ‪ ،‬بحيث تُسمع رفيقتها ‪ ،‬وعليه يُحمل فعل عائشة رضي‬
‫للا عنها »‪ [ .‬فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪. ] ) 115 / 26 ( :‬‬

‫هـ ‪ -‬فضل التلبية‬

‫التلبية من « شعائر الحج » ‪ :‬وهو جزء من حديث ‪ « :‬أمرني جبريل برفع الصوت في اإلهالل ‪ ،‬فإنه من‬
‫(‪) 5‬‬
‫ملب يلبي إال لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر ‪.» ...‬‬
‫شعائر الحج »‪ ) 4(.‬وحديث ‪ « :‬ما من ّ ٍ‬

‫‪ :‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب الرابع ‪ :‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثَّاني ‪ُ :‬‬
‫سنهنُ اإلحرام ‪ ،‬المطلب الخامس ‪ ،‬الفرع األول ‪ :‬ابتداء وقت التلبية‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬أخرجه الترمذي ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية (‪ ، )829‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في « صحيح الجامع « (‪.)62‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬والحديثان هما ‪ « :‬أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية » ‪ « ،‬أفضل الحج ‪ :‬العج والثج » ‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫[ « العج ‪ :‬رفع الصوت بالتلبية ‪ ،‬والثج ‪ :‬إراقة دماء الهدي « ‪ :‬فتاوى ابن تيمية (‪.] )115،116/26‬‬
‫‪ [ :‬حديث صحيح ‪ ،‬مخرج في « السلسلة الصحيحة » ‪ .] ) 828 ( ،‬واإلهالل ‪ :‬التلبية‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬رواه ابن خزيمة ‪ ،‬والبيهقي بسند صحيح ‪ ،‬كما في « تخريج الترغيب والترهيب » (‪ .] )118/2‬وقد ُروي ‪ « :‬من لبى حتى تغرب الشمس ‪ ،‬فقد أمسى مغفورا له » ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ - 6‬الدخول في نسك العمرة‬
‫تنبيه حول معنى اإلحرام ‪:‬‬
‫التجرد من ال َمخيط ‪ ،‬وفعل مستحبات اإلحرام ‪ :‬من اغتسال ‪ ،‬وتطيب ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ..‬تدخل ضمن‬
‫« التهيؤ لإلحرام « ‪ ،‬وليس إحراما ‪ ،‬كما يظن العامة‪ .‬ألن اإلحرام ‪ :‬هو« نية الدخول والشروع في النسك » ‪،‬‬
‫إذن مجرد ارتداء مالبس اإلحرام ‪ -‬قبل اإلهالل ‪ -‬ليس إحراما‪ ،‬فله أن يغطي رأسه‪ ،‬ويتطيب [ في بدنه ال في مالبس اإلحرام]‬

‫‪ ،‬وال شيء عليه ‪ ،‬ألنه غير ُمحرم‪ .‬فإذا لبس مالبس اإلحرام ‪ ،‬ونوى المعتمر قائال ‪ « :‬اللهم لبيك عمرة » ‪.‬‬
‫عند الميقات ‪ ،‬دخل في نسك العمرة ‪ .‬ومن هنا تبدأ المحظورات ‪ :‬من عقد النية ‪ ،‬ال من لُبس مالبس اإلحرام‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال ما بعد الميقات ‪:‬‬


‫بعد مرحلة ( أعمال المعتمر عند الميقات ) ‪ ،‬يستهل الناسك خالل مرحلة الحقة ‪ ( -‬أعمال ما بعد الميقات ) ‪-‬‬
‫أعماله بجملة ضوابط ‪ ،‬ممثلة في ‪ :‬محظورات اإلحرام ‪ ،‬ثم تعقبهـا أعمال أخرى ‪ ،‬يأتي بهـا المعتمر تِ َباعا ً ‪ :‬صفة‬
‫الدخول إلى مكة ‪ ،‬وصفـة الدخـول إلى المسجـد الحـرام ‪ ،‬وكيفيـة طـواف العمـرة ‪ ،‬والسعي بين الصفـا والمـروة ‪،‬‬
‫والحلـق أو التقصير ‪ ،‬والتحلل من العمرة ‪ ،‬ثم نعرج على موضوع ‪ :‬متعلقات الطواف نوضحها على النحو التالي ‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬محظـورات اإلحرام (‪ ( : ) 1‬تعريفها ‪ ،‬أقسامها )‬


‫‪ - 1‬تعريفها ‪:‬‬
‫« محظورات اإلحرام اصطالحا ‪ :‬هي الممنوعات التي يجب على المحرم اجتنابها ؛ بسبب إحرامه‬
‫ودخوله في النسك «‪ [ .‬الشرح الممتع ‪ ،‬للعثيمين (‪ ، )114/7‬عن « الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ص ‪ - 123‬الباب ‪ : 5‬محظورات اإلحرام ‪ - ...‬المكتبة الشاملة »] ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أقسامها ‪:‬‬
‫منها ما يخص الرجل ‪ ،‬ومنها ما يخص المرأة ‪ ،‬ومنها ما هو مشترك بينهما ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬ما يخص الرجل ‪ :‬يحظر على الرجل ما يلي ‪:‬‬
‫• تغطية الرأس ‪ :‬كله أو بعضه ‪ ،‬بشيء مالصق ؛ كالعمامة والطاقية ‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫س ال همخيط ‪ :‬وهو كل ما فصل لستر البدن أو بعضه ؛ ( كالقميص ‪ ،‬والسروال ‪ ،‬والتبان ـ السروال القصير ـ‬ ‫• لُـب ُ‬
‫والعمامة ‪ [ .) ...‬والمخيط المحظور ‪ :‬يتمثل في لبسه على الوجه المعتاد ؛ فال حرج في أن يلف المحرم القميص على بدنه ‪ ،‬دون لبسه ]‪.‬‬

‫ض ِو ‪ ،‬بحيث يُحي ُ‬
‫ط به ‪ ،‬سواء كان بخياطة أو ال‪.‬‬ ‫صـ ُل على قَد ِْر البَدَن أو العُ ْ‬ ‫• لُب ُ‬
‫س ال ُمحيط ‪ :‬أي المف َ‬
‫‪ -‬وما أحاط بجزء منه ‪ :‬كالطاقية ‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬ما أحاط بالبدن ‪ :‬كالقميص ‪ ،‬والبُرنس ‪،‬‬ ‫وهو إذن نوعان ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫والخف‪.‬‬
‫والنوعان كالهما محظوران ‪.‬‬

‫ويجوز له لُبس حذاء غير ساتر للكعبين ‪ ،‬وأصابع القدمين ‪ ،‬فإن لم يجد فخفين ‪ ،‬لحديث ابن عمر رضي‬
‫هللا عنهما ‪ ،‬وفيه ‪ « :‬ال تلبسوا القميص وال السراويالت وال العمائم وال البرانس ‪ ،‬إال أن يكون أحد ليست له‬
‫(‪) 2‬‬
‫نعالن فليلبس الخفين ‪ ،‬وليقطع أسفل من الكعبين »‪.‬‬
‫‪ -‬ففي الحديث نهي صريح للمحرم عن لُبْس الخف ‪ ،‬ونحوه ؛ مما يستر كامل القدم ‪ ،‬وبه أخذ العثيمين (‪.) 3‬‬
‫جوز الحنفية لبس ما يستر مقدم القدم ‪ ،‬وعقبه ‪ ،‬بشرط أال يكون ساترا للكعبين ‪.‬‬ ‫ـ في حين ّ‬
‫[ الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ( ، ) 194/2‬الجزء من ‪ 1‬إلى ‪ ] ) 39‬اهـ ‪ ،‬وبه أفتى ابن تيمية‪ [ .‬مجمـوع الفتـاوى ‪ « ،‬الفقه ‪ ،‬الحج » ‪،‬‬
‫« منسك شيخ اإلسالم ( ‪ ، » ) 179/26‬ما يستحب فعله في اإلحرام ‪ .‬واختاره ابن باز ‪ :‬فتاوى نور على الدرب ( ‪.] ) 275 / 17‬‬

‫‪ : 1‬االمتناع عن محظورات اإلحرام ‪ ،‬من تعظيم شعائر للا ‪.‬‬


‫‪ : 2‬الفتح البن حجر (‪ ، )46/4‬جزاء الصيد ‪ ،‬باب ‪ :‬ما يُنهى من الطيب للمحرم ‪ ...‬تحقيق ابن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ح‪ ، 1838 /‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ : 3‬مجموع الفتاوى ( ‪ ) 136 / 22‬اهـ ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫ب ‪ -‬ما يخص المرأة ‪:‬‬
‫يحظر عليها ما يلي ‪:‬‬
‫• ستر الوجه ‪ :‬بما خيط على قدر الوجه ؛ كالنقاب ‪ ،‬والبرقع‪.‬‬
‫• ستر الكفين ‪ :‬بارتداء القفازين ؛ لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تنتقب المرأة ‪ ،‬وال تلبس القفازين »‪ [ .‬الفتح البن حجر ( ‪) 653 / 2‬‬
‫]‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬لمعرفة ‪ :‬حكم تغطية وجه المرأة في اإلحرام ‪ ،‬هل تُبقي المرأة وجهها مكشوفا طوال مدة اإلحرام ؟‬
‫صفة تغطية الوجه للمحرمة ‪ [ .‬انظر ص ‪ 65‬من هذا الكتاب ] ‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ما هو مشترك بينهما من المحظورات ‪ :‬استالم ال هح هجر بعد ركعتي الطواف ‪:‬‬
‫يحظر عليهما ما يلي ‪:‬‬
‫[« وال تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله » ‪ ،‬البقرة‬ ‫• إزالة شعر الرأس ‪ :‬وشعر البدن عموما ؛ بحلقه أو تقصيره ‪ ،‬أو نتفه‪.‬‬
‫‪].195‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫• تقليم األظافـــــــر ‪ :‬لكن نزع الظفر المكسور ‪ ،‬أوقص القدر المؤذي منه مباح باتفاق األئمة‪.‬‬
‫بس القفازيــــن ‪ :‬ويدخل تحت مسمى ال ُمحيط ؛ أو ما فُصل على قدر العضو‪.‬‬
‫• لُـ ُ‬
‫• الفســـــــــــــوق ‪ :‬المعاصي كلها ؛ كالعقوق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬والغيبة ‪ ،‬ومنها فعل محظورات اإلحرام ‪.‬‬
‫• الجــــــــــــــدال ‪ :‬المخاصمة ‪ ،‬والمنازعة ‪ ،‬والمماراة بغير حق ‪ ،‬أما المجادلة بالتي هي أحسن ‪ ،‬لبيان الحق‬
‫‪ ،‬فهذا ال حرج فيه‪.‬‬

‫• عقد النكــــــاح ‪ :‬يحرم على المحرم ذلك ‪ ،‬في حق نفسه أو لغيره ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬ال هينكح ال ُمحر ُم وال يُنكهح‬
‫ب »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )539/9‬كتاب النكاح ‪ ،‬باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ‪ ،‬حديث رقم ‪.] 1479 :‬‬ ‫وال يخ ُ‬
‫ط ُ‬
‫• التطـــــــــــــيب ‪ :‬ال يجوز للمحرم استعمال الطيب في البدن ‪ ،‬وال في مالبس اإلحرام (‪ ، ) 2‬أو في المأكل‬
‫والمشرب ؛ كخلط القهوة بالزعفران‪.‬‬

‫»‪ [ .‬سورة البقرة ‪.] 196 :‬‬ ‫• المباشــــــــــرة ‪ :‬بتقبيل ‪ ،‬أو لمس ‪ ،‬أو ضم ‪ ...‬لعموم قوله تعالى ‪ « :‬فال رفث‬
‫والرفث ‪ :‬الجماع ‪ ،‬ومقدماته القولية ‪ ،‬والفعلية‪.‬‬

‫[ البقرة ‪] 196‬‬ ‫• الجمـــاع ‪ :‬قال تعالى ‪ « :‬فمن فرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج »‪.‬‬
‫• قتل الصيد البري ‪ :‬يحرم قتل الصيد (‪ ، ) 3‬حال اإلحرام ‪ ،‬وفي الحـرم ‪ ،‬أو الداللة عليه ‪ ،‬أو اإلعانة على مسكه‪.‬‬
‫[ المائدة ‪] 96 :‬‬ ‫ما صيد البحر فيجوز ‪ « :‬أحل لكم صيد البحر ‪ ...‬و ُحرم عليكم صي ُد البر ما دمتم ُح ُرما »‪.‬‬

‫ومن المحظورات ‪:‬‬


‫• قطع شجر الحرم ‪ ،‬أو كسر أغصانه ‪ ،‬إخافة الحمام ‪ ،‬دهس الجراد في الحرم‪ .‬لكن تحريم قطع الشجر ال‬
‫حرم على من كان داخل حدود الحرم ‪ ،‬سواء أكان ُمحـرما أو غير محـرم »‪.‬‬‫عالقة له باإلحرام ‪ « ،‬وإنما هي ُ‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 279/24‬الحج والعمرة ‪ ...‬جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫وأغلظ المحظورات ‪:‬‬

‫‪ : 1‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 177/2‬أجل ‪ -‬إذن ‪ ،‬ما يُباح في اإلحرام ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪1474‬هـ‪1983/‬م ) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تلبسوا شيئا مسه زعفران وال الورس » ‪ [ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪ ،‬البن حجر (‪ ، )46/4‬كتاب ‪ :‬جزاء الصيد ‪ ،‬باب ‪ :‬ما يُنهى‬
‫من الطيب للمحرم ‪ ...‬تحقيق عبد العزيز بن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ح‪ ، 1838/‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬
‫‪ : 3‬وهو كل حيوان متوحش مأكول اللحم ؛ كالظباء ‪ ،‬واألرانب ‪ ،‬والحمار الوحشي ‪ ،‬والحمام ‪ « : ...‬يا أيها الذين آمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم »‪ [ .‬المائدة ‪.] 94:‬‬

‫‪85‬‬
‫• الجماع الذي يُفسد الحـج والعمـرة بإجمـاع ‪ ،‬حيث ‪ « :‬أجمعـت األمـة على تحريـم الجمـاع في اإلحـرام ‪،‬‬
‫ســواء كان اإلحرام صحيحا أم فاسدا ‪ ،‬وتجب به الكفارة والقضاء »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪] . ) 297،414/7‬‬
‫حكم الجماع في إحرام العمرة ‪ [ :‬للتعرف إلى تفاصيل ذلك ‪ :‬انظر ص ‪ 274‬من الكتاب ]‪.‬‬

‫معنى المخيط المحظور‬


‫يجهل عامة الناس الضوابط الشرعية في » لباس اإلحرام « ؛ فيخلطون فيه بين المشروع والممنوع ؛ إذ‬
‫يمتنعون عن لُبس كل مخيط ‪ ،‬وهذا مجانب للصواب‪ [ .‬لمعرفة وتوضيح هذه المسألة ‪ :‬انظر ص ‪ 274‬من الكتاب ]‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬صفة الدخول إلى مكة ( من آداب الدخول إلى مكة ما يلي ) ‪:‬‬
‫[ انظر بقية اآلداب ص ‪ 275‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫االغتسال لدخول مكة ‪ ،‬دخول مكة من أعالها والخروج من أسفلها ‪ ،‬دخولها نهارا ‪:‬‬

‫ثالثا ‪ -‬صفة الدخول إلى المسجد الحرام ( من آداب الدخول إلى المسجد الحرام ما يلي ) ‪:‬‬
‫‪ - 1‬دخوله من باب بني شيبــــة ‪:‬‬
‫صالة‬
‫سالم‪ ،‬إذ منه « دخل عليه ال ّ‬
‫( ويستحب له أن يدخل المسجد من باب بني شيبة المعروف اآلن بباب ال ّ‬
‫سالم » ‪ .‬هذا ما انعقد إجماع األئ ّمة عليه )‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪. ] )275/39‬‬
‫وال ّ‬
‫‪ - 2‬دخولـــه متوضئــــــــــــــــــــا ‪:‬‬
‫فإذا وصل المسجد الحرام ‪ ،‬يدخله متوضئا ‪ ،‬لحديث عائشة رضي هللا عنها ‪ « :‬أن أول شيء بدأ به حين قَدِم‬
‫النبي ﷺ أنه توضأ ثم طاف »‪ [ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري( ‪ ، ) 215 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى‬
‫بيته ‪ ...‬دار الفكر للطباعة والنشر ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 1441 - 1447‬هـ ‪ 2719 /‬م ) ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪ - 3‬تقديم رجله اليمنى في الدخول ‪:‬‬


‫وقول ‪ « :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم »‪ « [ .‬عن عبد للا بن عمرو‬
‫بن العاص عن النبي ﷺ أنه كان إذا دخل المسجد قال ‪ :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا قال ذلك ‪ ،‬قال‬
‫الشيطان ‪ :‬حُفظ مني سائر اليوم »‪ .‬أخرجه أبوداود في سننه (‪ ، )466‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح‬
‫الجامع ( ‪ ، ) 217/ 4‬وقال عنه اإلمام النووي في األذكار (‪ « : )121/ 1‬حديث حسن رواه أبوداود بإسناد جيد » ]‪.‬‬
‫( « بسـم للا والصــالة (‪ ، ) 1‬والســالم على رســول للا (‪ ، ) 2‬اللهــم افتــح لـي أبــواب رحمتــك (‪) .» ) 3‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ - 4‬رفع يديه عند رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما شاء ‪ ،‬إن شاء ‪ :‬لثبوته عن ابن عباس رضي للا عنهما‪.‬‬
‫و له أن يقول ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا بالسـالم ‪ ،‬لما روي أن عمر رضي للا عنه كان‬
‫إذا نظر إلى البيت قال ذلك »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 19 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعـمـرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪،‬‬
‫تحقيق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ] .‬وقال األلباني ‪ ( :‬يدعو بما تيسر له ‪ ،‬وإن دعا بدعاء عمر ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك‬
‫السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا بالسـالم » فحسـن ؛ لثبوتـه عنه رضي للا عنه )‪ [ .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪ ، 27‬ط ‪1999 / 1427 ( 1‬م ) ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪ - 5‬الطواف والسعي ‪:‬‬


‫بعد رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪ ،‬يطوف بالكعبة ‪ ،‬ويسعى(‪ ) 5‬بين الصفا والمروة ‪ ،‬ويحلق أو يقصر شعره‬
‫‪ [ :‬طواف ‪ ،‬سعي ‪ ،‬تقصير] ‪ ،‬ويتحلل من إحرامه ‪ ،‬ويستمتع بكل شيء‪ ،‬دون استثناء ‪.‬‬

‫‪ :‬رواه ابن السني برقم ‪ ، 88‬وحسنه األلباني في « الثمر المستطاب »‪ .‬ص ‪ ، 776‬و « في الكلم الطيب » ‪ ،‬برقم ( ‪.)64‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬أبو داود في سننه (‪ ، )126/1‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب ما يقوله الرجل عند دخوله المسجد‪ .‬وانظر صحيح الجامع (‪.)528/1‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬رواه مسلم (‪ .)494/1‬وفي سنن ابن ماجة ‪ ،‬من حديث فاطمة رضي للا عنها ‪ » :‬اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك » ‪ .‬وصححه‬ ‫‪3‬‬
‫األلباني لشـواهده ‪ ،‬أنظر صحيح ابن ماجة ( ‪ ) 128/1‬ـ ‪ . 129‬وانظر [ اللحنة الدائمة للبحوث العلمية وإلفتاء ( ‪ ، ) 292 ، 291 / 5‬برئاسة ابن باز ]‪.‬‬
‫‪ :‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ ، )436/3‬وصححه األلباني في مناسك الحج والعمرة ص‪ ، 18‬انظر كتاب » العمدة في أعمال الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪.» 48‬‬ ‫‪4‬‬
‫للشيخ دمحم علي فركوس‪.‬‬
‫‪ :‬البد أن يستشعر الناسك ‪ :‬أن السعي ليس مجرد هرولة بين جبلين ‪ ،‬ولكن يطلب بهذا السعي من للا تعالى أن ينقذه من براثن الرذيلة ‪ ،‬ويغنيه بفضله‬ ‫‪5‬‬
‫عمن سواه ‪ ،‬وأن يشمله برحمته الواسعة ‪ ،‬كما رحم للا السيدة هاجر وابنها بماء زمزم ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ - 6‬تقديم رجله اليسرى في الخروج ‪ ،‬وقول ‪ « :‬بسم للا والصالة والسالم على رسول للا ‪ ،‬اللهم إني أسألك‬
‫من فضلك (‪ ، ) 1‬اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم (‪.» ) 2‬‬

‫رابعا ‪ -‬كيفية طـواف العمـرة‬


‫نتعرف إلى كيفية أداء طواف العمرة من خالل َ‬
‫ط ْرق الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫االضطباع والرمل ‪ ،‬وقطع التلبية عند الشروع في الطواف ‪ ،‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪ ،‬الشروع في‬
‫الطواف بالبيت ‪ ،‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪ ،‬التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬وصالة ركعتي‬
‫الطواف‪ ،‬استحباب استالم ال َح َجر بعد الركعتين ‪ ،‬والشرب والتضلع من ماء زمزم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬االضطباع ‪ ،‬والرمل ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬االضطباع ‪:‬‬
‫يستحب للرجل أن يضطبع قبل أن يبدأ في الطواف‪ .‬فما معنى االضطباع ‪ ،‬وماصفته ‪ ،‬وزمنه ؟‬
‫• معنى االضطباع لغة ‪:‬‬
‫ق منه الضَّبع ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬ال هعضُد ؛ ُ‬
‫س ّم هي بذلك إلبداء أحد الضَّبعين »‪ ) 3(.‬اهـ‬ ‫« مشت ٌّ‬
‫• االضطباع اصطالحا ‪:‬‬
‫« أن يجعـل الر ُج ُل وسط ردائه تحت منكبه عند إبطه ‪ ،‬ويطرح طرفيه على منكبه األيسر ‪ ،‬ويكون منكبه‬
‫األيمن مكشوفا »‪ [ .‬متن اإليضاح في المناسك ‪ ،‬لإلمام النووي‪ ،‬ص‪ ،68‬الحج‪ ،‬الفصل الثاني في كيفية الطواف ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1475‬هـ ‪ 1985 /‬م ) ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪ .‬ويُنظر [ المغنى البن قدامة ( ‪ ، ) 339/ 3‬الحج ‪ ،‬باب ذكر الحج ودخول مكة ‪ ،‬مسألة يستحب االضطباع في طواف القدوم ‪ ،‬المكتبة‬
‫الشاملة]‪.‬‬

‫• صفة االضطباع ‪ :‬أن يكشف الرجل الكتف األيمن ‪ ،‬ويغطي الكتف األيسر جميع األشواط ‪ .‬إذ « االضطباع‬
‫سنة في جميع أشواط الطواف »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ )134/29‬سنن الطواف ‪ ،‬اإلضطباع ‪ ،‬مطابع دار الصفوة للطباعة ]‪.‬‬

‫(‪) 4‬‬
‫• زمن االضطباع ‪ « :‬يُستحب أن يضطبع مع دخوله في الطواف ‪ ،‬فإن اضطبع قبله بقليل فال بأس »‪.‬‬
‫الـر همـل ‪:‬‬
‫ب‪ّ -‬‬
‫أجمع العلماء على مشروعية الرمل للرجال ‪ ،‬دون النساء‪ .‬فما معنى الرمل ‪ ،‬وما صفته ؟‬
‫• معنى الرمل ‪:‬‬
‫« اإلسراع في المشي مع تقارب الخطى ‪ ،‬وهـو دون العدو ‪ ،‬وفـوق المشي المعتاد » ‪ ) 5( .‬ويسمى أيضا ‪:‬‬
‫ال هخبهب ‪ ،‬تأسيا به ﷺ ‪ ،‬حيث ثبت أنه « رمل من الحجر األسود إلى الحجر األسود ثالثا ‪ ،‬ومشى أربعا »‪.‬‬
‫[ السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 83 / 5‬الحج ‪ ،‬باب االبتداء بالطواف من الحجر األسود ‪ ...‬رواه مسلم في الصحيح ‪ ،‬عن عبدللا بن عمر بن أبان ‪ .‬وعن جابر‬
‫بن عبد للا رضي للا عنهما ‪ ،‬أنه قال ‪ « :‬رأيتُ رسول للا ﷺ رمل من الحجر األسود ‪ ،‬حتى انتهى إليه ثالثة أطواف » ]‪.‬‬

‫• صفة الرمل ‪:‬‬

‫‪ ... » : 1‬فإذا خرج فليقل ‪ :‬اللهم إني أسألك من فضلك »‪ .‬أبو داود (‪ ، )393‬ابن ماجة (‪ ، )764‬وصححه األلباني ‪ :‬انظر صحيح الكلم الطيب (‪.)65‬‬
‫‪ ... » : 2‬وإذا خرج فليسلم على النبي ﷺ ‪ ،‬وليقل ‪ :‬اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم »‪ .‬صحيح ابن ماجة (‪ ، )129/1‬وصححه األلباني في ذات الكتاب ‪.626‬‬

‫‪ : 3‬ينظر ‪ :‬لسان العرب البن منظور (‪ ، ) 216/8‬والقاموس المحيط للفيوز آبادي ( ‪ ، ) 747 / 1‬و « اإليضاح في مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬للنووي ‪ ،‬الفصل الثاني ‪:‬‬
‫كيفية الطواف ‪ ،‬ص‪ ، 277‬دار البشائر اإلسالمية ‪ ،‬المكتبة اإلمدادية ‪ ،‬مكة المكرمة «‪.‬‬
‫‪ : 4‬متن اإليضاح في المناسك ‪ ،‬لإلمام النووي ‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ : 5‬إحياء علوم الدين ( ‪ ، ) 327 / 1‬ألبي حامد الغزالي ‪ ،‬كتاب أسرار الحج ‪ ،‬الباب الثاني ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬و[ الموسوعة الفقهية ‪-‬‬
‫الدرر السنية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ :‬الطواف ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬الرمل ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬تعريف الرمل ]‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬أوضح ابن قدامة أنه يُسن للمحرم الرمل في األشواط الثالثة األولى فقط ‪ ،‬فقال ‪ « :‬الرمل سنة في األشواط‬
‫الثالثة بكمالها ‪ ،‬ير ُم ُل من الحجر إلى أن يعود إليه ‪ ،‬ال يمشي في شيء منها »‪.‬‬
‫[ المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 218 / 5‬كتاب الحـج ‪ - 612 ،‬مسألـة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ورمـل ثالثـة أشــواط ‪ ،‬ومشى أربعـة ‪ ، ) ...‬تحقيق د ‪ /‬عبد للا بن عبد المحسن‬
‫التركي ‪ ،‬د ‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض ‪ .‬وانظر ‪ :‬زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، ) 419 /1‬الحج ‪ ،‬دار اإلمام مالك للكتاب ‪ ،‬الجزائر] ‪.‬‬

‫»‪ [ .‬زاد المعاد (‪. ] ) 419 /1‬‬‫ب بين خطاه‬ ‫وإنما يمشي في بقية األشواط األربعة ؛ « بحيث يُسرع في مشيه ‪ ،‬ويُقار ُ‬
‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر [ االستذكار (‪ « ، )197/4‬باب الرمل في الطواف » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬سالم دمحم عطا ‪ ،‬دمحم علي معوض‪].‬‬

‫‪ - 2‬قطع التلبية عند الشروع في الطواف ‪:‬‬


‫‪ « -‬يقطع المعتمر التلبية » (‪ ، ) 1‬ويبدأ الطواف حول الكعبة ‪،‬‬
‫باستقبال الحجر األسود‪.‬‬

‫‪ - 3‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪:‬‬


‫يقصد الحجر األسود ‪ ،‬ثم يقوم بما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يستقبله ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » ‪:‬‬
‫عمر ‪ ،‬إنك هر ُجل قوي ‪،‬‬‫لقوله ﷺ لعمر رضي للا عنه ‪ « :‬يا ُ‬
‫الضعيف ‪ ،‬إن و هجدته ُخلوةً فاستلمه‬
‫ه‬ ‫ال تُزاحم على ال هح هجر فتؤذ ه‬
‫ي‬
‫‪ ،‬وإال فاستقبله فهلل وكبّر «‪.‬‬
‫سنه ا ألرناؤوط ‪ :‬تخريج المسند ( ‪ ، ) 197‬وقواه األلباني ‪ « :‬مناسك الحج والعمرة »‪ ،‬ص ‪]. 21‬‬
‫[ أخرجه البيهقي ‪ :‬السنن الكبرى (‪ ، )9261‬وح ّ‬

‫]‪.‬‬ ‫( ‪) 27‬‬ ‫والتسمية قبل التكبير « صحت عن ابن عمر موقوفا »‪.‬‬
‫[ مناســك الحــــج والعمــرة للشيخ األلبانــــي ‪ ،‬ص‬
‫روى عبد الرزاق في مصنفه ( ‪ ) 33 / 5‬عن ابن عمر رضي للا عنهما « أنه كان إذا استلم الركن قال ‪ « :‬بسم للا ‪،‬‬
‫وللا أكبر »‪ [ .‬صححه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (‪.] ) 247/2‬‬

‫ب ‪ -‬يستلمه (‪ ) 2‬بيمينه ‪ ،‬ويُقبّله إن تيسر ‪ ،‬ويسجد عليه أيضا ‪:‬‬


‫لقول عمر رضي للا عنه ‪ « :‬إني ألعلم أنك حجر ال تضر وال تنفع ‪ ،‬ولوال أني رأيتُ النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك‬
‫»‪.‬‬
‫[ صحيح البخاري ‪ ،‬باب تقبيل الحجر ‪ ،‬ح‪ ، 1544/‬صحيح مسلم ‪ ،‬باب استحباب تقبيل الحجر األسود في الطواف ‪ ،‬ح‪.] 2315/‬‬
‫[ األلباني ‪ :‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص‬ ‫( فقد فعله الرسول ﷺ ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وابن عباس ‪ :‬أخرجه الشافعي وأحمد ‪ ،‬وغيرهما‪).‬‬
‫‪.]27‬‬

‫جـ ‪ -‬وإال يستلمه بيده ويقبّل يده ‪:‬‬


‫(‪) 3‬‬
‫قال النبي ﷺ ‪ « :‬إن مسح الحجر األسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا »‪.‬‬
‫وقال ‪ « :‬ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما‪ ،‬ولسان ينطق به‪ ،‬يشهد على من استلمه بحق‬
‫»‪ [ .‬سنن الترمذي ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ما جاء في الحجر األسود ( ‪ ، ) 294/3‬مسند أحمد (‪ ، )921/1‬وصححه األلباني في صحيح الجامع ( ‪]. ) 5222‬‬

‫د ‪ -‬أو يستلمه بعصا ونحوها ‪ ،‬ويُقبّل ما استلمه به ‪:‬‬


‫قال ابن حجر ‪ « :‬السنة أن يستلم الركن ‪ ،‬ويُقبّل يده ‪ ،‬فإن لم يستطع أن يستلمه بيده ‪ ،‬فبشيء في يده ‪،‬‬
‫وقبّل ذلك الشيء ‪ ،‬فإن لم يستطع أشار إليه ‪ ،‬واكتفى بذلك »‪ [ .‬شرح صحيح البخاري ( ‪ ، ) 477 / 3‬الحج ‪ ،‬باب استالم الركن‬
‫بالمحجن ‪].‬‬

‫‪ : 1‬وذلك عند بدء الطواف للمعتمر ‪ « :‬وهذا مذهب الجمهور ‪ :‬الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول طائفة من السلف ‪ ،‬وذهب إليه أكثر أههل العلم ‪« .‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتهاء وقت التلبية ‪ .] ...‬و [ اإليضاح في المناسك ‪ ،‬للنووي‪] .‬‬
‫‪ : 2‬أي ‪ :‬يلمسه ‪ ،‬أو يمسحه بكفه‪.‬‬
‫‪ : 3‬سنن النسائي ‪ ،‬كتاب منسك الحج ‪ ،‬باب ذكر الفضل في الطواف بالبيت ( ‪ ، ) 221 / 5‬مسند أحمد ( ‪ ، ) 11 / 2‬صححه األلباني في صحيح الجامع ( ‪. ) 2197‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬ودليل استحباب تقبيل ما استلم به ‪ :‬ما رواه مسلم عـن معـــروف بـن خـربـوذ ‪ ،‬قال ‪ « :‬سمعتُ أبا الطفيل‬
‫المحْ َجن »‪.‬‬
‫بمحْ َجن معه ‪ ،‬ويُـقبل ِ‬ ‫يقول ‪ :‬رأيتُ رسول هللا ﷺ يطوف بالبيت ‪ ،‬ويستلم الركن ِ‬
‫[ صحيح مسلم ( ‪ ، ) 927 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب جواز الطواف على بعير وغيره ‪ ،‬واستالم الحجر بمحجن ونحوه للراكب ‪ ،‬رقم ‪] . 1275‬‬

‫»‪ [ .‬فتح الباري ( ‪ ، ) 477 / 3‬وزاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، ) 418 /‬كتاب الحج ‪ .‬والمجموع للنووي (‪.] )36/9‬‬ ‫« والمح هجنُ ‪ :‬عصا منحنية الرأس‬

‫‪89‬‬
‫هـ ‪ -‬فإن تعذر أشار إليه بيمناه من بعيد ‪ ،‬قائال ‪ « :‬للا أكبر » (‪: ) 1‬‬
‫دون أن يُقبل يده ‪ ،‬ودون توقف ‪ ،‬يفعل ذلك في كل شوط ‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 42 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق وتعليق مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ .‬و زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪ . ) 419 / 1‬وانظر مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة ‪ ،‬البن باز ( ‪ « ، ) 427 / 17‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج‬
‫والعمرة ‪ ،‬أعمال مناسك العمرة » ‪ ،‬جمع وإشراف ‪ :‬د ‪ /‬دمحم بن سعد الشويعر ‪ 1421 ( ،‬هـ ) ‪ ،‬دار القاسم ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ - 4‬الشروع في الطواف بالبيت ‪:‬‬


‫نتعرف إلى ذلك من خالل طرق الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫موضع بدء الطواف ‪ ،‬وما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪ ،‬واستالم الركن اليماني وما يقال عنده ‪ ،‬وما يقال‬
‫بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬موضع بدء الطواف ‪:‬‬


‫يبدأ الطائـف طوافـه من الركـن الذي فيه الحجـر األسـود ؛ يجعل الكعبة عن يسـاره ‪ ،‬ويطـوف حولهـا ‪:‬‬
‫« كل مرة من الحجر األسود إلى الحجر األسود »‪ ) 2(.‬حيث من الحجر األسود إليه يُعذ « شوطا «‪.‬‬
‫« ثم يطوف ثانية وثالثة حتى يكمل سبع طوفات ؛ من الحجر األسود إليه طوفة »‪ [ .‬المجموع ( ‪.] ) 15 / 9‬‬

‫حيث ‪ « :‬ابتداء الطواف من الحجر األسود شرط لصحة الطواف ‪ ،‬فال يُعتد بالشوط الذي بدأه بعد الحجر‬
‫األسود ‪ ،‬وهو مذهب الشافعية والحنابلة ‪ ،‬ورواية عند الحنفية ‪ ،‬وقول عند المالكية »‪ [ .‬الموسوعو الفقهية ‪ -‬الدرر‬
‫السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬شروط الطواف‪ ،‬المطلب الرابع ‪ :‬ابتداء الطواف من الحجر األسود ]‪.‬‬

‫ب‪ -‬ما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪:‬‬


‫يُستحب أن يقول في بداية طوافه ‪( :‬عند استالم الحجر األسود ‪ ...‬وعند ابتدائه بالمشي في الطواف ‪ -‬أيضا ‪-‬‬
‫‪ « :‬بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهـم إيمانا بـك ‪ ،‬وتصديقـا بكتابـك ‪ ،‬ووفـا ًء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك ﷺ »‪) .‬‬
‫(‪ « ) 3‬ويأتي بهذا الدعاء عند محاذاة الحجر األسود في كل طوفة »‪.‬‬
‫[ حاشية ابن حجر على شرح اإليضاح في مناسك الحج للنووي‪ ،‬ص ‪ ، 267‬كتاب الحج ‪ ،‬سنن الطواف وآدابه ‪ ،‬دار الحـديث للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت‬
‫‪ .‬لكن الشيخ العثيمين قال ‪ :‬يقوله عند أول مرة فقط ‪ « ،‬يقول ‪ :‬بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهم إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪ ،‬ووفا ًء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة‬
‫نبيك دمحم ﷺ ‪ ،‬ثم إذا حاذى الحجر يقول ‪ :‬للا أكبر فقط »‪ .‬انظر ‪ :‬كتاب اللقاء الشهري ‪ -‬ص ‪ ، 6‬صفة العمرة ‪ -‬المكتبة الشاملة الحديثة ]‪.‬‬

‫‪ « : 1‬قال مالك ‪ :‬يكبر ويمضي ‪ ،‬وال يرفع يديه «‪[ .‬المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك ( ‪ ، ) 396 / 1‬كتاب الحج األول ‪ ،‬ط ‪1415 ( 1‬هـ ‪1994 /‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫عن ابن عباس ‪ -‬رضي للا عنهما ‪ -‬قال ‪ « :‬طاف النبي ﷺ بالبيت على بعير ‪ ،‬كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده ‪ ،‬وك ّبر « ‪:‬‬
‫[ صحيح البخاري ( ‪ ، ) 186 / 1‬الحج ‪ ،‬باب التكبير عند الركـن ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنـان‪ .].‬قال ابن عبد البر ‪ « :‬ال يختلف العلماء أن تقبيل‬
‫الحجر األسود في الطواف من سنن الحج لمن قدر عليه ‪ ،‬ومن لم يقدر عليه وضع يده على فيه ‪ ،‬ثم وضعها عليه مستل ًما ‪ ،‬ورفعها إلى فيه ‪ ،‬فإن لم‬
‫يقدر أيضا على ذلك ‪ ،‬ك ّبر إذا قابله وحاذاه ‪ ،‬فإن لم يفعل ‪ ،‬فال أعلم أحدا أوجب عليه دما وال فدية « ‪ [ :‬االستذكار ‪ ، ) 271 / 4 ( :‬كتاب الحج ‪ ،‬باب تقبيل‬
‫الركن األسود ‪ ...‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 25 / 9‬الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪.‬‬
‫‪ : 3‬المجموع للنووي ( ‪ . ) 41 ، 47 /9‬و[ كتاب اللقاء الشهري للعثيمين ( جـ ‪ ، 17‬ص‪ ، ) 6‬المكتبة الشاملة ]‪ .‬و [التحقيق واإليضاح‪ ...‬البن باز ‪ ،‬ص‪ ، 42‬ط ‪.] 19‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ - 5‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪:‬‬
‫نتناول في هذا الموضوع مايلي ‪ :‬موقع الركن اليماني ‪ ،‬صفة استالم الركن اليماني ‪ ،‬وما يقال عنده ‪ ،‬وما يقال‬
‫بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬موقع الركن اليماني ‪:‬‬


‫هو الركن الواقع قبل ركن الحجر األسود ؛ بحيث يَ ُمر به الطائف قبل مروره بالحجر األسود‪ ( .‬انظر الصورة المرفقة )‪.‬‬

‫ب ‪ -‬صفة استالم الركن اليماني ‪ ،‬وما يقال عنده ‪:‬‬


‫• صفة استالمه ‪ :‬فإذا وصل إلى الركن اليماني استلمه بيمينه ؛ أي وضع يمناه عليه‪.‬‬
‫[ زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، )419/1‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( ‪] . ) 219 / 17‬‬ ‫• ما يقال عنده ‪ :‬وقال ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر »‪.‬‬
‫)‪ [ :‬انظر تفاصيل هذه المذاهب ص ‪ 217‬من الكتاب ] ‪.‬‬ ‫‪ -‬صفة استالمه ( حسب المذاهب األربعة‬
‫والصواب ما يلي ‪:‬‬
‫يُجزئ في هذا االستالم وضع اليد عليه فقط ‪ :‬وعدم ثبوت تقبيله ‪ ،‬أو تقبيل اليد بعد المسح ‪:‬‬
‫• استحباب استالم الركن اليماني دون تقبيله ‪ ،‬وذلك باتفاق أهل العلم ‪:‬‬
‫‪ -‬لثبـوت استالمـه عن النبي صلى للا عليه وسلـم ‪ ،‬وعدم ثبـوت تقبيلـه ‪ ،‬أو تقبيـل اليد بعد المسـح ‪ ،‬في غير‬
‫(‪) 1‬‬
‫ما حديث ‪ ،‬كما في « في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي ﷺ كان يستلمه فقط »‪.‬‬
‫[ نيل األوطار للشوكاني (‪ ، )47/ 5‬الحج ‪ ،‬باب الطائف يجعل البيت ‪ ...‬ضبطه ‪ :‬دمحم سالم هاشم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫(‪) 2‬‬
‫‪ -‬وعند ابن القيم ‪ « :‬أنه استلم الركن اليماني ‪ ،‬ولم يثبت عنه أنه قبّله ‪ ،‬وال قبّل يده عند استالمه »‪.‬‬
‫• استحباب استالم الركن اليماني ‪ ،‬وقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » (‪ : ) 3‬وذلك في كل طوفة‪.‬‬
‫جاء في « المغني » ‪ ( :‬ويستلم الركنين ؛ األسود واليماني في كل طوفة ؛ ألن ابن عمر قال ‪ « :‬كان رسول‬
‫هللا ﷺ ال يدع أن يستلم الركن اليماني وال َح َج َر في كل طوفة » ‪ [ . ) ...‬ابن قدامة ( ‪ . ] ) 227 / 5‬يفعل ذلك في كل طوفة ‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أي « يُشرع للطائف أن يستلم الحجر األسود ‪ ،‬والركن اليماني في كل شوط من أشواط الطواف »‪.‬‬

‫ق عليه استال ُمه ‪:‬‬


‫• فإن ش ّ‬
‫‪ -‬يُكبّر ويمضى في طوافه عند محاذاته ‪ ،‬دون إشارة ‪:‬‬
‫دونة الكبرى ‪ « :‬قلتُ البن القاسم ‪ :‬فما قول مالك فيمن لم يستطع أن يستلم الركن اليماني لزحام‬ ‫جاء في ال ُم َّ‬
‫الناس ‪ ،‬أهيُكبّر ويمضي ‪ ،‬أم ال يُكبّر ؟ قال ‪ :‬يُكبّ ُر ويهمضي »‪ [.‬المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك (‪ ، ) 396 / 1‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت]‪.‬‬

‫‪ -‬ال يُكبّر وال يشير إليه عند المحاذاة ‪:‬‬


‫سنة استالمه ‪ ،‬وال يُقبّل ‪ ،‬وال يُشار إليه عند العجز‬ ‫جاء في الموسوعة الحديثية ‪ « :‬أما الركن اليماني فال ُّ‬
‫عن استالمه ‪ ،‬واليُكبّر عند استالمه »‪ [ .‬الدرر السنية ‪ -‬شروح الحديث ‪ ،‬المشرف العام ‪ :‬علوي بن عبد القادر السقاف ]‪.‬‬

‫قال ابن باز ‪ ( :‬أما الركن اليماني فلم هيرد فيما نعلم ما يدل على اإلشارة إليه ‪ ،‬وإنما يستلمه بيمينه ‪ ،‬إذا‬
‫استطاع ‪ ،‬من دون مشقة ‪ ،‬وال يقبله ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » أو « للا أكبر » ‪ ،‬أما مع المشقة فال‬

‫‪ [ : 1‬نيل األوطار للشوكاني (‪ ، )47/ 5‬الحج ‪ ،‬باب الطائف يجعل البيت ‪ ...‬ضبطه ‪ :‬دمحم سالم هاشم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫‪ [ : 2‬زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪ ] . ) 418 / 1‬وكذا قال ابن قدامة ‪ ،‬وابن عبد البر في « التمهيد » ‪ :‬عن [ المغني ( ‪.] ) 226 / 5‬‬
‫‪ : 3‬أخرجه أحمد ( ‪ ) 14 / 2‬من حديث ابن عمر رضي للا عنه‪ .‬وقال األرناؤوط ( ‪ : ) 4628‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫‪ : 4‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز ( ‪. ) 219 / 17‬‬

‫‪91‬‬
‫يُشرع له استالمه ‪ ...‬ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير ‪ [ .) ..‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز ( ‪. ) 219 /17‬‬
‫و الجامع الممتاز في فقه وفتاوى الحج والعمرة ‪ ،‬للعالمة ابن باز ‪ ،‬ص ( ‪ ، ) 517‬و« حكم استالم الركن اليماني » ‪ ،‬د ‪ /‬أحمد مصطفى متولي ]‪.‬‬

‫لذلك فاألمر هنا واسع ‪ :‬فللطائف العاجز عن استالم الركن اليماني خياران ‪:‬‬
‫‪ -‬يُكبّر ويمضي عند محاذاته ‪ ،‬كما في المدونة ‪ -‬اإلمام مالك‪.‬‬
‫‪ -‬أو يمضي دون إشارة أو تكبير ‪ ،‬عند من يرى عدم ثبوت شيء من ذلك عن النبي ﷺ ‪.‬‬
‫كما مر مع الشيخين ‪ :‬ابن باز ‪ ،‬وابن عثيمين رحمهما للا ‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ما يقال بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬


‫« كان النبي ﷺ يختم طوافه بين الركنين بقوله ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب‬
‫النار » [ البقرة ‪ ، ] 271‬كما كان يختم سائر دعائه ‪ [ .» ...‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ( ‪ ، ) 261 ، 266 / 62‬جمع وترتيب عبد الرحمن بن دمحم‬
‫بن قاسم رحمه للا ‪ ...‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ‪ ،‬المدينة المنورة ( ‪ 2261‬هـ ‪ 6002 /‬م ) ]‪.‬‬
‫‪ [ :‬زاد المعاد ( ‪ ، ) 418 / 1‬كتاب الحـج ]‪.‬‬ ‫وكذا قال ابن القيم‬

‫‪ - 6‬التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬


‫نتناول هنا ‪ :‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬
‫فإذا فرغ من الطواف ‪ ،‬غطى كتفه ‪ ،‬وتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬وقرأ ‪ « :‬واتخذوا من مقام إبراهيم‬
‫مصلى »‪ [ .‬البقرة ‪] 124 :‬‬

‫ب ‪ -‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫نتطرق في هذا الموضوع إلى مايلي ‪ :‬موضع صالة الركعتين ‪ ،‬وصفة صالتهما‪.‬‬
‫• موضع صالة الركعتين ‪:‬‬
‫ثم يصلي ركعتين خلف المقام ‪ ،‬فإن تعذر ذلك ‪ ،‬صلى في أي موضع من المسجد الحرام ‪.‬‬
‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬فقال ‪ « :‬وأجمعوا أيضا على أن الطائف يصلي الركعتين حيث شاء من‬
‫ص ّل عند المقام ‪ ،‬أو خلف المقام ‪ ،‬فال شيء عليه »‪.‬‬
‫المسجد ‪ ،‬وحيث أمكنه ‪ ،‬وأنه إن لم يُ ه‬
‫[ االستذكار ( ‪ ، ) 176 / 4‬ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪ ، ) 413 / 22‬س ‪ ، 937 :‬باب دخول مكة ‪ ،‬جمع وترتيب ‪ :‬فهد بن ناصر السليمان ‪] .‬‬

‫• صفة صالة الركعتين ‪:‬‬


‫نتناول صفَت َها عل النحو التالي ‪ ( :‬التجوز في صالة الركعتين ‪ ،‬وما يُقرأ فيهما ‪ ،‬والدعاء عقبهما ) ‪:‬‬
‫التجوز في صالة الركعتين ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫المطلوب ‪ :‬عدم إطالة القراءة ‪ ،‬والركوع والسجود ‪ ،‬والقيام والقعود في ركعتي الطواف ‪ ،‬كما يفعل‬
‫البعض! وهذا مخالف لهديه ﷺ ‪ ،‬حيث كان يخففهما‪.‬‬

‫‪ -‬القراءة فيهما ‪:‬‬


‫(‪)55 /9‬‬ ‫اإلخالص ‪ [ .‬المجموع للنووي‬ ‫فيقرأ ‪ -‬في الركعتين ‪ ،‬بعد الفاتحة ‪ -‬في األولى ‪ :‬سورة الكافرون‪ ،‬وفي الثانية ‪:‬‬
‫]‪.‬‬
‫قال ابن تيمية ‪ ( :‬ويُستحب أن يقرأ فيهما بسورتي اإلخالص ‪ « :‬قل يأيها الكافرون » ‪ ،‬و« اإلخالص » ‪) .‬‬
‫[ مجموع الفتاوى ( ‪ ، ) 127 / 26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ‪ ،‬مج ّمع الملك فهد ‪ ،‬المدينة المنورة ]‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫« وذلك باتفاق المذاهـب األربعة »‪ ) 1(.‬وإن قرأ بغيرهما فال حرج ؛ لما ثبت « عن جابر بن عبد هللا أن‬
‫رسول للا ﷺ قرأ في ركعتي الطواف بسورتي اإلخالص ‪ :‬قل يا أيها الكافرون ‪ ،‬وقل هو هللا أحد »‪ ) 2(.‬وانظر ‪:‬‬
‫[ تحفة األحوذي للمباركفوري ( ‪ ، ) 677 / 3‬الحج ‪ « ،‬باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف »‪ .‬والتحقيق واإليضاح لكثير من مسائل الحج ‪ ...‬البن باز‬
‫‪ ،‬ص‪].47‬‬
‫‪ -‬الدعاء عقبهما ‪:‬‬
‫كما أن الدعاء عقب ركعتي الطواف غير مشروع ‪ « :‬ألن الرسول ﷺ لم يفعله‪ ،‬وال أرشد أمته إليه ‪ ،‬وخير‬
‫الهدي هدي دمحم ﷺ ‪ ،‬فال ينبغي لإلنسان أن يبقى بعد الركعتين ليدعو؛ ألن ذلك خالف السنة ‪ ،‬وألنه يؤذي‬
‫غيره أولى به ؛ ممن أتموا الطواف ‪ ،‬وأرادوا أن‬ ‫الطائفين ‪ ،‬إذا كان الطواف مزدحما ً ‪ ،‬وألنه يحجز مكانا ً ‪ُ ،‬‬
‫يصلوا في هذا المكان »‪ [ .‬فتاوى الحج للعثيمين ‪ ،‬أخطاء تقع في الطواف ‪ ،‬موقع العثيمين ]‪.‬‬

‫‪ - 7‬استحباب استالم ال هح هجر بعد ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫من السنن المهجورة ‪ :‬استالم ال َح َجر األسود بعد صالة ركعتي الطواف ‪ ،‬وقبل السعي ‪ ،‬وذلك لجهل الكثير من‬
‫الناس بهذه السنة ‪ ،‬إذ المشروع « لمن انتهى من طوافه ‪ ،‬وصلى ركعتي الطواف أن يعود إلى ال هح هجر فيستل همه ‪،‬‬
‫باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب ‪ ، 6‬الفصل ‪ ، 3‬المبحث التاسع ‪ :‬استالم الحجر بعد االنتهاء من الطواف ‪] .‬‬

‫ودليل مشروعية استالم الحجر األسود ‪ -‬بعد ركعتي الطواف ‪: -‬‬


‫• ما ورد في شرح صحيح مسلم ‪ « ( : -‬ثم رجع إلى الركن فاستلمه ‪ ،‬ثم خرج من الباب إلى الصفا ‪.» ...‬‬
‫فيه داللة لما قاله الشافعي ‪ ،‬وغيره من العلماء ‪ :‬أنه يُستحب للطائف طواف القدوم إذا فرغ من الطواف‬
‫وصالته خلف المقام ‪ ،‬أن يعود إلى الحجر األسود فيستلمه ‪ ،‬ثم يخرج من باب الصفا ليسعى‪ .‬واتفقوا أن هذا‬
‫االستالم ‪ ...‬سنة لوتركه لم يلزمه دم )‪ .‬انتهى من [ شرح النووي لصحيح مسلم ( ‪ ، )176/8‬الطبعة األولى (‪1347‬هـ‪1929/‬م) ‪ ،‬المطبعة‬
‫المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫• وما ثبت عنه ﷺ كما في الموطأ أنه ‪ « :‬كان إذا قضى طوافه ركع الركعتين ‪ ،‬وإذا أراد أن يخرج إلى الصفا‬
‫والمروة استلم الركن األسود قبل أن يخرج »‪ [ .‬موطأ اإلمام مالك ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب االستالم في الطواف‪ ،‬رقم ‪.]1765 :‬‬

‫‪ -‬والمراد بالركن ‪ :‬الحجر األسود ؛ قال النووي ‪ -‬في المجموع ‪ ( : -‬قوله ‪ « :‬ثم يعود إلى الركن فيستلمه »‪.‬‬
‫المراد به ‪ :‬الركن األسود ؛ وهو الذي فيه الحجر األسود )‪ [ .‬المجموع شرح المهذب ( ‪.] ) 56 / 9‬‬

‫• وهذه السنة تتأكد في حق من فرغ من الركعتين ‪ ،‬وأراد السعي بين الصفا والمروة ‪:‬‬
‫‪ -‬ورد في الموطأ أنه ﷺ « إذا أراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن األسود قبل أن يخرج »‪.‬‬
‫[ موطأ اإلمام مالك ‪ ،‬الحج ‪ ،‬باب االستالم في الطواف‪ ،‬رقم ‪.] 1765 :‬‬

‫‪ -‬المراد أنها « سنة لمن أراد الخروج للسعي ‪ ،‬وأما من طاف وخـرج لغير السعي ‪ ،‬فليس بسنة ‪ ،‬وكذلك‬
‫لو لم يتيسر له االستالم ‪ ،‬فالظاهر أنه ال يشير إليه »‪ [ .‬تعليقات ابن عثيمين على الكافي البن قدامة‪ .‬وانظر ‪ :‬التحقيق واإليضاح‬
‫لكثير من مسائل الحج والعمرة ‪ ..‬البن باز ‪ ،‬ص‪ ، 47‬ط ‪ ، 26‬سنة ‪ 1412‬هـ ‪ ،‬الرئاسة العامة إلدارات البحوث ‪ ...‬والدعوة واإلرشاد ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫• والسنة هنا ‪ :‬االستالم فقط ‪ ،‬فإن تعذر ‪ ،‬لزحام ونحوه ‪ ،‬مضى من غير إشارة ‪ ،‬وال شيء عليه‪.‬‬

‫قال دمحم المختار الشنقيطي ‪ « :‬فإن عجز عن االستالم انصرف ‪ ،‬وأما اإلشارة فال يُحفظ فيها دليل ‪ ...‬وإنما‬
‫ثبتت اإلشارة عنه ﷺ داخل الطواف ‪ ،‬وأما خارجه ‪ ،‬فتحتاج إلى دليل خاص ‪ ،‬وال دليل يدل عليها »‪.‬‬
‫[ كتاب شرح زاد المستقنع ‪ -‬جـ ‪ ، 122‬ص ‪ ، 27‬المكتبة الشاملة ] ‪.‬‬

‫‪ : 1‬أحكام الطواف بالبيت الحرام ‪ ،‬لوليد بن عبد للا الهويريني ‪ ،‬ص ‪ « ، 212‬الفرع الخامس ‪ :‬ما يُشرع قراءته في ركعتي الطواف »‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1437‬هـ ‪ ،‬دار ابن الجوزي ‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ : 2‬سنن الترمذي ( ‪ ، ) 179 / 2‬الحج ‪ « ،‬باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف » ‪ ،‬حديث ‪ ، 877 :‬دار الفكر للطاعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ 8‬ـ الشرب والتضلع من زمزم ‪:‬‬
‫ويُسن له أن يشرب من زمزم ‪ ،‬ويتضلع منه (‪ ، ) 1‬ويصب على رأسه ‪ ،‬ويدعو بما شاء ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬لثبوته في السنة ‪ ،‬كما في حديث جابر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪ -‬ولقوله ﷺ ‪ « :‬ماء زمزم ل هما شُرب له »‪.‬‬
‫[ من حديث جابر الطويــل ‪ ،‬وقد حسنه المنذري ‪ « :‬الترغيب والترهيب » (‪ ، )136/2‬وصححه األلباني‪ «:‬إرواء الغليـل » (‪ .)1123‬قال سفيان بن عيينة ‪ ( :‬قال عمر‬
‫بن الخطاب ـ رضي للا عنه ـ ‪ « :‬اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة »‪ ) .‬كنز العمال في سنن األقوال ‪ ...‬للمتقي الهندي (‪. )54/14‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ « :‬وقد جربت أنا وغيري من االستشفاء بماء زمزم أمورا ً عجيبة ‪ ،‬واستشفيت به من عدة أمراض ‪ ،‬فبرأت بإذن للا ‪ ،‬وشاهدت من يتغذى‬
‫به األيام ذوات العدد ‪ ،‬قريبا ً من نصف الشهر أو أكثر ‪ ،‬وال يجد جوعا ً ‪ ،‬ويطوف مع الناس كأحدهم ‪ » ...‬زاد المعاد (‪.] ) 327 ، 319/4‬‬

‫( قال الشافعي واألصحاب وغيرهم ‪ « :‬يُستحب أن يشرب من ماء زمزم ‪ ،‬وأن يُكثر منه ‪ ،‬وأن يتضلّع منه ‪...‬‬
‫ويُستحب أن يشربه لمطلوباته من أمور اآلخرة والدنيا »‪) .‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 052 / 8‬المسألة الثانية ‪ ،‬صححه وعلق عليه ‪ :‬دمحم نجيب المطيعي ‪ ،‬مكتبة اإلرشاد جدة ‪ ،‬السعودية ]‪.‬‬

‫من آداب الشُّرب ‪:‬‬


‫استقال القبلة ‪ ،‬والتسمية ‪ ،‬والتنفس ثالثا ‪ ،‬وحم ُد للا تعالى ‪:‬‬
‫قال النووي ‪ -‬بشأن ماء زمزم ‪ ( : -‬فإذا أراد أن يشربـه للمغفـرة أو الشفـاء من مرض ونحـوه ‪ ،‬استقبل‬
‫القبلـة ‪ ،‬ثم ذكر للا تعالى ‪ ،‬ثم قال ‪ « :‬اللهم إنه بهلهغني أن رسولك ﷺ قال ‪ :‬ماء زمزم لما شُرب له‪ .‬اللهم إني‬
‫أش هربُه لتغفر لي ‪ ،‬اللهم فاغفر لي ‪ ،‬أو اللهم إني أش هربُه مستشفيا به من مرض ‪ ،‬اللهم فاشفني ‪.» ...‬‬
‫حم هد للا تعالى )‪ [ .‬المصدر ذاته ] ‪.‬‬
‫ويُستحب أن يتنفس ثالثا ‪ -‬كما في كل شُرب ‪ -‬فإذا فرغ ه‬

‫‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬ ‫ص‪166‬‬ ‫‪ : 1‬والتضلّع من ماء زمزم ‪ :‬شدة االرتواء منه ‪ ،‬بحيث « يشرب حتى يمتلئ جوفه ‪ ،‬ويصل إلى أضالعه »‪ [ .‬تحفة الذاكرين للشوكاني ‪،‬‬
‫مكتبة المتنبي ‪ ،‬القاهرة ]‪ .‬ويُنظر ‪ :‬ابن عثيمين [ الشرح الممتع ( ‪. ] ) 379 ، 378 ، 377/7‬‬
‫وصب‬
‫ّ‬ ‫‪ « : 2‬أن النبي ﷺ رمل ثالثة أطواف من الحجر إلى الحجر ‪ ،‬وصلى ركعتين ‪ ،‬ثم عاد إلى الحجر ‪ ،‬ثم ذهب إلى زمزم ‪ ،‬فشرب منها ‪،‬‬
‫على رأسه »‪ .‬انظر ‪ :‬مسند اإلمام أحمد ( ‪ : ) 394 / 3‬وإسناده صحيح‪ .‬انظر [ جامع المسانيد والسنن ‪ ...‬البن كثير ( ‪ ، ) 6821 / 24‬مسند جابر‬
‫بن عبد للا رضي للا عنه ‪ ،‬توثيق ‪ ،‬و تخريج ‪ ،‬وتعليق ‪ :‬د‪ /‬عبد المعطي أمين قلعجي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫خامسا ‪ -‬السعي بين الصفا والمروة‬
‫صفة السعي بين الصفا والمروة ‪:‬‬
‫ونعرض فيه للنقاط التالية ‪ :‬الصعود إلى الصفا ‪ ،‬والبدء من الصفا والدنو منه ‪ ،‬وارتقاء الصفا واستقبال الكعبة‬
‫‪ ،‬والدعاء بين التهليالت ‪ ،‬والشروع في السعي ‪ ،‬واإلكثار في السعي من الذكر والدعاء‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الصعود إلى الصفا ‪:‬‬


‫يتوجه المعتمر نحو الصفا ‪ ،‬للسعي ‪ ،‬ويؤدي‬
‫مناسكـــه على النحــو التــالي ‪:‬‬

‫ب ‪ -‬البدء من الصـفا ‪ ،‬والدنو منه ‪:‬‬


‫يبدأ بالصفا ‪ ،‬ويدنو منه ‪ ،‬ثم يتلو قوله‬
‫تعالى‪ « :‬إن الصفا والمروة من شعائر للا‬
‫فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن ي ّط ّوف بهما فمن تطوع خيرا فإن للا شاكرعليم »‪[ .‬البقرة ‪ ]158‬ويقول ‪:‬‬
‫« أبدأ ُ بما بدأ للا به » ‪ ،‬لحديث ‪ ( :‬فلما دنا من الصفا قرأ ‪ « :‬إن الصفا والمروة من شعائر للا » ‪ « ،‬أبدأ ُ بما بدأ‬
‫للا به »‪).‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬ك الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬حديث رقم ( ‪ ، ) 1218‬تحقيق دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ ،‬من حديث جابر رضي للا عنه ‪ ،‬وأخرجه أبو داود في المناسك ‪ ،‬باب صفة حجة النبي ﷺ ( ‪ ، ) 1975‬وغيره بلفظ ‪ « :‬نبدأ » ]‪.‬‬

‫وال يكرر اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » في غير هذا الموضع ؛ أي « يقتصر في قوله هذا ‪ -‬على‬
‫الصفا ‪ -‬في المرة األولى فقط »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪،‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الصعود على الصفا والمروة والدعاء ]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ارتقاء الصفا ‪ ،‬واستقبال الكعبة ‪:‬‬


‫ثم يرتقي الصفا ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والرقي أفضل (‪ ) 1‬حتى يرى الكعبة ‪ :‬فيستقبلها ‪ ،‬ويرفع يديه ‪،‬‬
‫فيحمد هللا ويكبره ثالثا ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬ال إله إال للاُ ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو‬
‫على كل شيء قدير‪ ،‬ال إله إال للاُ وحده ‪ ،‬أنجز وعده ‪ ،‬ونصر عبده ‪ ،‬وهزم األحزاب وحده »‪ .‬يكرر ذلك ثالث‬
‫مرات‪.‬‬

‫قال جابر رضي هللا عنه ‪ ... ( :‬فبدأ بالصفـا ‪ ،‬فرقى عليـه ‪ ،‬حتى رأى البيت ‪ ،‬فاستقبـل القبلـة ‪ ...‬وقال ‪:‬‬
‫« ال إله إال للاُ ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على كل شيء قدير ‪ ،‬ال إله إال‬
‫للاُ وحده ‪ ،‬وعده ‪ ،‬ونصرعبده ‪ ،‬وهزم األحزاب وحده » ‪ ،‬ثم دعا بين ذلك‪ .‬قال مثل ذلك ثالث مرات‪) .‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪.] ) 144 ، 138 / 7‬‬

‫د ‪ -‬الدعاء بين التهليالت ‪:‬‬


‫ويدعو بين التهليالت بما تيسر من األدعية ‪ ،‬رافعا يديه ‪ ،‬ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬يُسن أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة ‪ ،‬ويذكر للا تعالى بهذا الذكر المذكور ‪ ،‬ويدعو‬
‫ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات ‪ ،‬هذا هو المشهور عند أصحابنا ‪ ،‬وقال جماعة من أصحابنا ‪ :‬يكرر الذكر‬
‫ثالثا ‪ ،‬والدعاء مرتين فقط ‪ ،‬والصواب األول »‪ [ .‬شرح صحيح مسلم للنووي ( ‪.] ) 144 ، 138 / 7‬‬

‫‪ : 1‬قال ابن قدامة ‪ « :‬والصعود عليها ‪ -‬أي الصفا ‪ -‬هو األولى ‪ ،‬اقتدا ًء بفعل النبي ﷺ ‪ ،‬فإن ترك مما بينهما شيئا ‪ ،‬ولو ذراعا ‪ ،‬لم يُجزئه حتى يأتي به ‪،‬‬
‫والمرأة ال يُسن لها أن ترقى ‪ ،‬لئال تزاحم الرجال ‪ ،‬وتركُ ذلك أستر لها ‪ ...‬والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي ‪ ،‬كحكم الرجل » ‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪، )476 / 3‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ...‬فصل ‪ :‬فإن لم يهرقه على الصفا ‪ ...‬الطبعة األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪] .‬‬
‫‪ : 2‬انظر ‪ :‬الموسوعة الفقهية السالفة الذكر ‪ .‬وانظر ‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪ ، ) 259 / 11 ( ..‬الحج والعمرة ‪ ،‬السؤال الرابع من فتوى رقم ( ‪، ) 9121‬‬
‫جمع وترتيب ‪ :‬أحمد بن عبد الرزاق الدويش ‪ ،‬دار العاصمة للنشر ‪ ..‬الرياض‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫دعاء ابن عمر رضي للا عنهما ‪:‬‬
‫[ انظر ص ‪ 256‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫أورده ابن تيمية عن نافع ‪ ،‬وص ّحح إسناده ‪ ،‬وذكره ابن قدامة وغيره ‪:‬‬

‫هـ ‪ -‬الشروع في السعي‬


‫نتناول هنا ‪ :‬النزول من الصفا إلى المروة ‪ ،‬وما يقال بين الميلين ‪ ،‬والصعود إلى المروة ‪ ،‬والنزول من المروة‪.‬‬
‫• النزول من الصفا إلى المروة ‪:‬‬
‫ثم ينزل من الصفا إلى المروة ‪ ،‬ليسعى بينهما ‪ ،‬ويُستحب في هذا النزول ما يلي ‪:‬‬
‫المشي على عادته إلى المروة ‪ ،‬والهرولة ‪ -‬للرجل ‪ -‬فيما بين الميلين ( العلمين ) األخضرين ‪:‬‬
‫‪ -‬جاء في الموسوعة الفقهية ‪ ( :‬إال ما كان بين العالمتين الخضراوين ‪ ،‬فإنه يُسن « للرجال السعي الشديد‬
‫بينهما » ‪ ،‬وذلك في األشواط السبعة )‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪:‬‬
‫سنن السعي ‪ ..‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬السعي الشديد بين العالمتين الخضراوين ]‪.‬‬

‫‪ -‬وعند اإلمام النووي يستحب للرجل ‪ « ( :‬السعي الشديد في بطن الوادي (‪ ، ) 1‬حتى يصعد ‪ ،‬ثم يمشي باقي‬
‫المسافة إلى المروة على عادة مشيه ‪ ،‬وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع ‪،‬‬
‫والمشي مستحب في ما قبل الوادي ‪ ،‬وما بعده » ‪ « ...‬ولو مشى في الجميع ‪ ،‬أو سعى في الجميع أجزأه ‪،‬‬
‫وفاتته الفضيلة ‪ ) . » ...‬انتهـى من [ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ . ] ) 145 / 7‬وهذا « باتفاق العلماء ‪ ،‬وال شيء عليه »‪.‬‬
‫[ مجموع الفتاوى البن تيمية (‪ ، )128/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ]‪.‬‬

‫• ما يقال بين الميلين ‪:‬‬


‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬إنك أنت األعز األكرم »‪.‬‬
‫ويقول الساعي بين الميلين ‪ّ « :‬‬
‫لثبوته عن جمع من السلف ‪ ،‬كابن عمر ‪ ،‬وابن مسعود رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫[ رواه ابن أبي شيبة ( ‪ ، ) 68، 68 / 4‬عن ابن مسعود ‪ ،‬وابن عمر رضي للا عنهما بإسنادين صحيحين ‪ ...‬من كتاب « مناسك الحج والعمرة لأللباني » ‪،‬‬
‫ص‪ ، 27‬كتاب الحج ‪ ،‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1427‬هـ ‪ 1999 /‬م ) ]‪.‬‬

‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬وأنت‬ ‫قال النووي ‪ ( :‬ويُستحب أن يقول ‪ -‬في مروره بينهما ‪ّ « : -‬‬
‫األعز األكرم ‪ ،‬اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‪) .‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 81 / 9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬الذكر والدعـاء ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬مجموعـة مـن الباحثيـن ‪ ،‬دارالكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ]‬

‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬قال أبو عبد للا ‪ :‬كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬واعف عما تعلم ‪ ،‬وأنت األعز األكرم »‪ [ ) .‬المغني ( ‪ ، )476 / 3‬الحج ‪ ،‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪]...‬‬
‫« ِ‬

‫• الصعود إلى المروة ‪:‬‬


‫ثم يمشي مشيا عاديا إلى المروة ‪ ،‬فيرتقي جبل المروة ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والصعود فوقه أفضل ‪ ،‬إن‬
‫تيسر ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪ ( ،‬ويقول ‪ ،‬ويفعل على « المروة » كما قال ‪ ،‬وفعل على « الصفا » في األشواط‬
‫السبعة‪ ،‬ماعدا قراءة اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » ) ‪ ) 2(.‬حيث « يُسن عليها من الذكـر والدعاء‬
‫والرقي مثل ما يُسن على الصفا ‪ ،‬وهذا متفق عليه » ‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬حديث رقم ( ‪] . ) 1218‬‬

‫• النزول من المروة إلى الصفا ‪:‬‬


‫ثم ينزل من المروة إلى الصفا ماشيا ‪ ،‬ويهرول في موضع إسراعه ‪ ،‬ويرتقي الصفا ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪ ،‬ويقول‬
‫مثلما قاله أول مرة‪.‬‬

‫‪ : 1‬و بطن الوادي ‪ :‬هو مجرى السيل ‪ ،‬ومكانه ‪ :‬ما بين العلمين أو ( الميلين ) األخضرين اآلن ‪ ،‬كما سيتبين الحقا ‪ -‬بمشيئة للا ‪. -‬‬
‫‪ : 2‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب األول ‪:‬‬
‫الصعود على الصفا والمروة والدعاء‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬ويُتم سعيه بسبعة أشواط ؛ ذهابُه ‪ :‬شوط ‪ ،‬ورجوعُه من المروة ‪ :‬شوط آخر ؛ حيث « ‪ ...‬الذهاب من‬
‫الصفا إلى المروة ‪ ،‬يُحسب مرةً ‪ ،‬والرجوع إلى الصفا ثانية ًً‪ ،‬والرجوع إلى المروة ثالثةً ‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬فيكون‬
‫ابتداء السبع من الصفا ‪ ،‬وآخرها بالمروة »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪.] ) 145 / 7‬‬
‫و ‪ -‬اإلكثار في السعي من الذكر والدعاء‬
‫ويستحب أن يكثر في سعيه من الذكر ‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫َعرض هنا إلى نقطتين أساسيتين ‪ :‬عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪ ،‬جواز الطواف والسعي راكبا لعذر‬
‫ن ِ‬
‫• عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪:‬‬
‫يُستحب أن يكون الناسك متوضئا ‪ ،‬ولو سعى على غير طهارة ‪ ،‬فال حرج ‪ ،‬قال ابن قدامة ‪ ( :‬أكثر أهل‬
‫العلم يرون أال تُشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة‪ .‬وممن قال ذلك ‪ :‬عطاء‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأبو‬
‫(‪) 2‬‬
‫ثور ‪ ،‬وأصحاب الرأي ‪) ...‬‬

‫ولكن « المستحب مع ذلك ‪ ،‬لمن قدر على الطهارة أال يسعى إال متطهرا ‪ ،‬وكذلك يُستحب أن يكون طاهرا‬
‫في جميع مناسكه‪ [ . » ..‬المصدر ذاته ]‬

‫• جواز الطواف والسعي راكبا لعذر ‪ ،‬والمشي أفضل لغير العاجز‪.‬‬


‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬وابن القيم‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬حكم السعي ‪ ..‬المطلب األول ‪ :‬السعي بين‬
‫الصفا والمروة راكبا لعذر ‪. ] ...‬‬

‫‪ [ : 1‬المغني ( ‪ ، )476 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ،‬فيقف عليه ‪ ، ..‬فصل ‪ :‬فإن لم يرق على الصفا ‪ ،...‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪].‬‬
‫‪ : 2‬المغني ( ‪ ، ) 246 / 5‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ؛ قال ‪ :‬ومن سعى بين الصفــا والمــرو ة ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬د‪ /‬عبد للا بن عبد المحسـن التركـي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتـاح دمحم الحلـو ‪،‬‬
‫دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫سادسا ‪ -‬الحلق أو التقصير ‪:‬‬
‫صفَةُ ومقدار الحلق‬
‫نتعرف إلى ذلك من خالل طرق المواضيع التالية ‪ :‬ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪ ،‬و ِ‬
‫أوالتقصير للجنسين ‪ ،‬من متعلقات الحلق والتقصير ‪ ،‬وزمان الحلق ومكانه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪:‬‬


‫‪ -‬فإن أتم المعتمر السعي ‪ ،‬تحلل بحلق جميع الشعر ‪ ،‬أو تقصيره كله ‪ ،‬ويختلف الرجل والمرأة في ذلك‪.‬‬
‫أ ‪ -‬بالنسبة للرجل ‪ ( :‬الحلق أو التقصير ‪ ،‬والحلق أفضل )‬
‫الحلق أفضل للرجال ‪ :‬ألنه ﷺ حلق ‪ ،‬وقال ‪ « :‬خذو عني مناسككم »‪ ) 1 (.‬وألنه دعا بالرحمة والمغفرة‬
‫للمحلقين ثالث مرات ‪ ،‬وللمقصرين مرة واحدة ‪ ،‬فقال ‪ « :‬رحم للا المحلقين ‪ ،‬قالوا ‪ :‬والمقصرين يا رسول هللا‬
‫(‪) 2‬‬
‫؟ قال ‪ :‬رحم للا المحلقين ‪ ...‬فلما كان في الرابعة ‪ ،‬قال ‪ :‬والمقصرين »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬بالنسبة للمرأة ‪ ( :‬السنة في حقها التقصير ال الحلق ‪ ،‬إجماعا ) ‪:‬‬


‫(‪) 3‬‬
‫‪ -‬لقول رسول للا ﷺ ‪ « :‬ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير »‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪ « :‬المشروع للمرأة التقصير ‪ ،‬دون الحلق ‪ .‬ال خالف في ذلك‪ .‬قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع على‬
‫ل العلم »‪ [ .‬المغني (‪ ، )377/5‬الحج ‪ - 651،‬مسألة ؛ قال ‪ ( :‬والمرأة تقصر من شعرها مقدار األنملة ) ‪ ،‬تحقيـق ‪ :‬الدكتـور عبد للا بن عبد‬
‫هذا أه ُ‬
‫المحسن التركي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ - 2‬صفة ومقدار التقصير أو الحلق للجنسين‬


‫أ ‪ -‬صفة التقصير بالنسبة للرجل والمرأة ‪:‬‬
‫• الرجل ‪:‬‬
‫صر من رؤوس ضفائره »‪.‬‬
‫صره ‪ :‬جمع الشعر‪ ،‬وقص منه » (‪ ) 4‬؛ « فإن كان الشعر مضفورا ق ّ‬
‫« إذا ق ّ‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 245 /5‬الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ] ‪.‬‬

‫• والمـرأة ‪:‬‬
‫تجمع ضفائر شعرها ‪ ،‬أوأطرافه إلى مقدم رأسها ‪ ،‬إن لم يكن لها ضفائر‪ ،‬وتقصره‪ « .‬قال مالك ‪ :‬تُق ّ‬
‫صر‬
‫المرأة من جميع قرونها [ أي ضفائرها ] ‪ ،‬وال يجب التقصير من كل شعرة ؛ ألن ذلك ال يُعلم إال بحلقه »‪ [ .‬ذاته ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬القدر المستحب لمن أراد التحلل بتقصير الشعـر ‪:‬‬


‫يُستحب التقصير ‪ -‬للجنسين ‪ -‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫• االستيعاب ‪ :‬أن يشمل التقصير جميع الرأس ‪ ،‬والمرأة والرجل في ذلك سواء ‪:‬‬
‫المشروع « واألفضل أن يحلق جميع الرأس إن أراد الحلق ‪ ،‬أو يقصر من جميعه إن أراد التقصير »‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 153 / 9‬ك الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ ( :‬يلزم التقصير أوالحلق من جميع شعره ‪ ،‬وكذلك المرأة‪ .‬نص عليه ‪ -‬أي اإلمام أحمد ‪-‬‬
‫وبه قال مالك ) ‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 244 /5‬كتاب الحج ‪ ،‬فصـل ‪ :‬يلـزم التقصـير أو الحلـق مـن جميـع شعــره ] ‪.‬‬

‫‪ : 1‬رواه مسلم ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح الجامع برقم ( ‪. )5761‬‬


‫(‪. )1371‬‬ ‫‪ : 2‬متفق عليه ‪ :‬البخاري ‪ « ،‬الحج » ‪ « ،‬باب الحلق والتقصير ‪ ، » ...‬رقم (‪ ، )1727‬ومسلم ‪ ،‬واللفظ له «الحج » ‪ « ،‬باب تفضيل الحلق على التقصير ‪ » ...‬رقم‬
‫‪ .‬ورواه أبوداود ( ‪ ، ) 273/2‬كتاب المناسك ‪،‬‬ ‫صرن » ‪ ،‬رقم‬
‫‪9189‬‬ ‫‪ [ : 3‬السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 174 / 5‬كتاب الحج ‪ « ،‬باب ليس على النساء حلق ولكن يُق ّ‬
‫باب الحلق والتقصير ‪ ،‬رقم ‪ . 1984‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود برقم ‪] 1984‬‬
‫‪ : 4‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬صفحة ‪ « ، ) 65‬كتب الفقه‪ /‬كتاب الحج » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫• التقصير مقدار أنملة ‪:‬‬
‫صا من شعرهما كلّه قدر أنملة ‪ُ ( :‬روي عن ابن عمر أنه قال ‪ « :‬مقدار أنملة » ) ‪.‬‬
‫أن يهقُ ُّ‬
‫[ المنتقى ( ‪ ، ) 56 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثاني في صفة الحالق والتقصير ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد القادر أحمد عطا ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:‬‬


‫‪ -‬الرجل ‪ « :‬يقص منه بقدر األنملة ‪ ،‬أو أقل ‪ ،‬أو أكثر‪.‬‬
‫[ مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬صفحة ‪ « ، ) 65‬كتب الفقه‪ /‬كتاب الحج » ‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬ ‫‪ -‬والمرأة ‪ :‬ال تقص أكثر من ذلك »‪.‬‬
‫مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪ .‬أي تأخذ من كل قرن ‪ -‬أي ضفيرة ‪ ( -‬مقدار األنملة ؛ األنملة ‪:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫« رأس األصبع ‪ ،‬من المفصـل األعلى »‪ ) 1( ) .‬ومقـداره ‪ « :‬اثنان سنتيمتر تقريبـا »‪.‬اهـ‬
‫« وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية (‪ ، )291/2‬المطلب الثاني ‪ :‬مقدار تقصير شعر المرأة ‪ ،‬المكنبة الشاملة ]‪.‬‬

‫[ للتوسع أكثر في ‪ « :‬صفة ومقدار التقصير أو الحلق للجنسين » ‪ ،‬انظر ص ‪ 219‬وما بعدها من الكتاب ] ‪.‬‬

‫‪ - 3‬زمان الحلق ومكانه ‪:‬‬


‫ذهب أبو حنيفة إلى أن للحلق زمانا يتمثل في « أيام التشريق » ‪ ،‬ومكانا ‪ :‬وهو « الحرم »‪ .‬وعلى من خالف‬
‫ذلك دما‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ . ] ) 57 /17‬وعند المالكية ‪ « :‬الراجح أال يجب شيء بالتأخير عن أيام التشريق ‪...‬‬
‫ما لم يرجع إلى بلده »‪ [ .‬الفقه اإلسالمي وأدلته ( ‪ ( . ] ) 211 / 3‬قال الشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ...‬ال يجب الدم بتأخير الحلق عن‬
‫« أيام الرمي » ‪ ،‬أو « ل هما بعد العودة إلى البلد »‪ [ ) .‬المرجع ذاته ]‪ .‬وانظر ‪ [ :‬المجموع للنووي ( ‪.] ) 159 / 9‬‬

‫سابعا ‪ -‬التحلل من العمرة‬


‫نطرق في هذا الموضوع النقـاط التالية ‪:‬‬
‫إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪ ،‬والمراد بالتحلل من العمرة أو الحج ‪ ،‬ومن متعلقات الطواف‪.‬‬

‫إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪:‬‬


‫(‪) 3‬‬
‫‪ « -‬وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة‪ .‬ويُح ّل ال ُمحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير ‪.» ...‬‬
‫وبذلك يَ ِحل له ما كان محظورا عليه بإحرامه‪.‬‬
‫والمراد بالتحلل من العمرة أو الحج ‪:‬‬
‫حرم إلى ما كان عليه قبل‬
‫أي ‪ :‬هوعود ال ُم ِ‬ ‫(‪) 4‬‬
‫« الخروج من اإلحرام‪ ،‬وح ّل ما كان محظورا عليه وهو ُمحرم »‪.‬‬
‫إحرامه‪.‬‬

‫‪ : 1‬المغني ( ‪، ) 185 / 3‬الحج ‪ - 2553 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬والمرأة تقصر من شعرها ‪ ، ) ...‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ : 2‬العثيمين ‪ ،‬الشرح الممتع ( ‪. ) 329 / 7‬‬
‫‪ : 3‬فقه السنة ‪ ،‬للسيد سابق ( ‪ ، ) 125 / 2‬الحج ‪ ،‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬شروطه ‪ ،‬طبعة ُمخرجة األحاديث على كتب األلباني ‪ ،‬دار اإلمام مالك ‪ ،‬البُليدة ‪ ،‬الجزائر ‪.‬‬
‫‪ : 4‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 175 / 2‬أهجهل ‪ -‬إذن ‪ « ،‬الفصل الثامن ‪ :‬التحلل من اإلحرام » ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪ 1474‬هـ ‪ 1983 /‬م ) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ثامنا ‪ -‬من متعلقات الطواف ‪:‬‬
‫من مقتضيات مسألة الطواف معالجة الموضوعات التالية ‪:‬‬
‫آداب الطواف ‪ ،‬االضطباع والر َمل ‪ ،‬وطواف الوداع ‪ ،‬ومسائل في الطواف ‪ ،‬ودعاء الملتزم ‪.‬‬

‫‪ [ :‬للتعرف إلى بقية اآلداب ‪ ،‬انظر ص ‪ 226‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫‪ - 1‬آداب الطواف‬
‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬قال أصحابنا وغيرهم ‪ :‬ينبغي له أن يكون في طوافه خاشعا متخشعا ‪ ،‬حاضر القلب ‪،‬‬
‫مالزم األدب ‪ ،‬بظاهره وباطنه ‪ ،‬وفي هيئته وحركته ونظره ؛ فإن الطواف صالة (‪ ، ) 1‬فيتأدب بآدابها ‪ ،‬ويستشعر‬
‫بقلبه عظمة من يطوف ببيته‪.‬‬

‫ويُكره له األكل والشرب في الطواف ‪ ،‬وكراهة الشرب أخف‪ ،‬وال يبطل الطواف بواحد منهما ‪ ،‬وال بهما‬
‫جميعا»‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 51 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق مجموعة من المؤلفين ] ‪.‬‬

‫والر همل‬
‫‪ - 2‬االضطباع ‪ّ ،‬‬
‫ونتناولهما هذه المرة من حيث األمور التالية ‪:‬‬
‫في أي طواف يكون االضطباع والرمل ؟ اقتران االضطباع والرمل من حيث المشروعية ‪ ،‬هل يُشرع‬
‫االضطباع في ركعتي الطواف ؟ هل يُشرع االضطباع في السعي ؟‬

‫أ ‪ -‬في أي طواف يكون االضطباع والرمل ؟‬


‫يُستحبان في طوافي ( العمرة ‪ ،‬والقدوم ) ‪ :‬حيث يُشرعان في أول طواف يطوفه القادم إلى مكة ‪ ،‬سواء كان‬
‫طواف عمرة ‪ ،‬أو طواف قدوم في حج ‪.‬‬

‫ثم أن ( الرمل ال يُسن في غير األشواط الثالثة األول « من طواف القدوم ‪ ،‬أو طواف العمرة »‪).‬‬
‫[ المغني البن قدامة ( ‪ ، )227 / 5‬كتاب الحج ‪ - 612 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ورمل ثالثة أشواط ‪ ،‬ومشى أربعة ‪ ، ) ...‬تحقيق د ‪ :‬عبد للا بن عبد المحسن التركي ‪،‬‬
‫د ‪ :‬عبد الفتاح دمحم الحلو ‪ ،‬دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض ‪.‬اهـ ‪ .‬قال المالكية ‪ « :‬يُسن الرمل لمحرم بحج أو عمرة في طواف القدوم ‪ ،‬وطواف العمرة » ‪،‬‬
‫« وهوعند الحنفية والشافعية سنة في كل طواف يعقبه سعي » ‪ .‬انظر ( الفقه اإلسالمي وأدلته للزحيلي ( ‪ ، )166،167/3‬سنن الطواف ‪ُ ،‬‬
‫طبع بالجزائر ) ]‪.‬‬

‫ثم قال ابن قدامة ‪ -‬مؤكدا ‪ « : -‬وال يُسن الرمل واالضطباع في طواف سوى ما ذكرناه ؛ ألن النبي ﷺ‬
‫وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا في ذلك »‪ [ .‬المغني ( ‪ .] ) 221 / 5‬وبه قال ابن باز ‪ [ :‬كتاب التحقيـق واإليضـاح لكثير من مسائل‬
‫الحج ‪ ...‬للشيخ ابن باز ‪ « ،‬فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة ‪ ،‬وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطـواف » ‪ ،‬ص‪ .11‬و( جامع مناسك العلماء‬
‫الثالث ‪ ،‬ص‪ « ، 57‬فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة ‪ ، » ...‬الشيخ دمحم بازمول ) ]‪.‬‬

‫وعند الحنفية والشافعية ‪ :‬يُسن االضطباع في كل طواف بعده سعي ؛ « كطواف القدوم ‪ ،‬لمن أراد أن‬
‫يسعى بعده ‪ ،‬وطواف العمرة ‪ ،‬وطواف الزيارة ‪ ،‬إن أخر السعي إليه ‪ ،‬وزاد الحنفية طواف النفل ‪ ،‬إذا أراد أن‬
‫يسعى بعده من لم يعجل السعي بعد طواف القدوم ‪ .‬وقال الحنابلة ال يضطبع في غير طواف القدوم »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، )134 / 29‬سنن الطواف ‪ ،‬اإلضطباع ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 1414‬هـ ‪ 1993 /‬م ) ‪ ،‬مطابع دار الصفوة للطباعة والنشر ] ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اقتران االضطباع والرمل من حيث المشروعية‬


‫للر همل ؛‬
‫شرع أحدهما تبعه اآلخر ‪ :‬قال النووي ‪ « :‬االضطباع مالزم ّ‬
‫والر همل مقترنان ؛ فحيثما ُ‬
‫ّ‬ ‫االضطباع ‪،‬‬
‫فحيث استحببنا الرمل فكذا االضطباع ‪ ،‬وحيث لم نستحبه فكذا االضطباع »‪.‬‬
‫‪ ،‬تحقيــق وتعليـق ‪ :‬مجموعـة من المؤلفيـن ‪ ،‬كتاب الحـج ‪ ،‬باب صفـة الحـج والعمـرة ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬ ‫( ‪) 48 / 9‬‬ ‫[ المجمـوع‬
‫(‪) 2‬‬
‫سنّ فيه االضطباع ‪ ،‬وما ال ‪ ،‬فال »‪.‬‬
‫سنّ فيه الرمل ‪ُ ،‬‬
‫وقال أيضا ‪ « :‬وكل طواف ُ‬

‫‪ : 1‬إشارة إلى قوله ﷺ ‪ « :‬الطواف بالبيت صالة » ‪ .‬صححه األلباني في إرواء الغليل (‪ ، )1178‬من حديث عبد للا بن عباس رضي للا عنهما‪.‬‬
‫‪ : 2‬روضة الطالبين ( ‪ ، ) 369 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب دخول مكة ‪ ،‬تحقيق الشيـخ عـادل أحمـد عبد الموجـود ‪ ،‬الشيـخ علـي دمحم معـوض ‪ ،‬دار عالـم‬
‫الكتـب ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬طبعـة خاصـة ( ‪ 1423‬هـ ‪ 2773 /‬م ) ‪ ،‬بموافقة دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫جـ ‪ -‬حكم تارك االضطباع والرمل‬
‫ال شيء على من ترك الرمل ‪ ،‬واالضطباع ‪ :‬قال الشافعي ‪ « :‬وإن لم يضطبع بحال ‪ ،‬كرهتُه له ‪ ،‬كما أكره‬
‫(‪) 1‬‬
‫له ترك الرمل في األطواف الثالثة ‪ ،‬وال فدية عليه ‪ ،‬وال إعادة »‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ « :‬من نسي الرمل فال إعادة عليه ‪ :‬إنما كان كذلك ؛ ألن الرمل هيئة ‪ ،‬فال يجب بتركه‬
‫إعادة‪ ،‬وال شيء ؛ كهيئات الصالة ‪ ،‬وكاالضطباع في الطواف ‪ ،‬ولو تركه عمدا ‪ ،‬لم يلزمه شيء أيضا‪ .‬وهذا‬
‫قول عامة الفقهاء ‪ [ . » ...‬المغني ( ‪ ، ) 475 ، 474 / 4‬الحج ‪ .‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬

‫د ‪ -‬هل يُشرع االضطباع في ركعتي الطواف ؟‬


‫( فيه وجهان ‪ « :‬األصح » ال يُسن ؛ ألن صورة االضطباع مكروهة في الصالة ‪) .‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 23 /9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيــق وتعليــق ‪ :‬مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬
‫ومعنى ذلك ؛ أن الطائف « إذا فرغ من الطواف أزال االضطباع ‪ ،‬وصلى ‪.» ...‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 23 /9‬وانظر ‪ :‬شرح العمدة ‪ ،‬للشيخ ابن تيمية ( ‪ ، ) 152 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عزير شمس ‪ ،‬دار عالم الفوائد ]‪.‬‬

‫سوى ردا هءه ‪ ،‬ألن االضطباع غير مستحب في الصالة »‪.‬‬


‫قال ابن قدامة ‪ « :‬وإذا فرغ من الطواف ّ‬
‫ع هطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪.] )134 / 29‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، )467 /4‬كتاب الحج ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬عبد القادر ه‬

‫انظر [ مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( ‪ ، ) 379 / 22‬و الشيخ ابن باز ( ‪.] ) 217 ، 279 / 17‬‬ ‫وبه قال الشيخان ‪:‬‬

‫هـ ‪ -‬فهل يُشرع االضطباع في السعي ؟‬


‫(‪) 2‬‬
‫‪ -‬قال النووي ‪ « :‬يُسن االضطباع أيضا في السعي ‪ ،‬هذا هو المذهب ‪ ،‬وبه قطع الجمهور ‪. » ...‬‬
‫ويستوعب االضطباع مسافة السعي كلها ؛ بين الصفا والمروة ‪ ،‬خالل األشواط السبعة‪.‬‬
‫إذ « المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور ‪ :‬أنه يضطبع في جميع مسافة السعي بين الصفا‬
‫والمروة ‪ ،‬ومن أول السعي إلى آخره » ‪ [ .‬المصدر السابق ذاته ] ‪.‬‬

‫‪ -‬لكن ابن قدامة ‪ « :‬ال يرى سنية االضطباع في السعي » ؛ قال ‪ « :‬وال يضطبع في السعي ‪ ،‬وقال الشافعي‬
‫‪ :‬يضطب ُع فيه ؛ ألنه أح ُد الطوافين ‪ ،‬فأشبه الطواف بالبيت ‪ .‬ولنا ‪ :‬أن رسول للا ﷺ لم يضطبع فيه ‪ ،‬والسنة‬
‫في االقتداء به ‪ ،‬قال أحمد ‪ :‬ما سمعنا فيه شيئا (‪ ، ) 3‬والقياس ال يصح إال فيما عُقل معناه ‪ ،‬وهذا تعبّد محض‬
‫(‪) 4‬‬
‫»‪.‬‬

‫ثم قال ابن قدامة ‪ « :‬ال يُسن الرمل واالضطباع في طواف سوى ما ذكرناه ؛ ألنه ﷺ وأصحابه إنما رملوا‬
‫واضطبعوا في ذلك »‪ [ .‬المغني ( ‪.] )221 / 5‬‬

‫وهو اختيار ابن باز ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬ال يُشرع الرمل في غير هذا الطواف ‪ ،‬وال في السعي ‪ ...‬ألن النبي ﷺ لم‬
‫(‪) 5‬‬
‫يفعل الرمل واالضطباع إال في طوافه األول ‪ ،‬الذي أتى به حين قدم مكة »‪.‬‬

‫وابن عثيمين ‪ « :‬بعض الناس يظنون أن االضطباع ‪ ...‬يكون في الطواف والسعي ‪ ،‬وفي كل اإلحرام ؛ من‬
‫حين أن ي ُحرم وهو مضطبع ‪ ...‬وهذا خطأ ؛ إذ السنة ‪ :‬أن يكون االضطباع في طواف القدوم ؛ أي في الطواف‬
‫(‪) 6‬‬
‫أول ما يقدم ‪ ،‬ال في السعي ‪ ،‬وال في غيره »‪.‬‬

‫‪ :‬األم ( ‪ ، ) 197 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬االضطباع ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪ 1473‬هـ ‪ 1983 /‬م )‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬المجموع شرح المهذب ( ‪.) 23 /9‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬أي من هديه ﷺ ‪ ،‬أو أصحابه رضي للا عنهم ‪ ،‬من بعده ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ :‬المغني ( ‪ - 2454 ، ) 132 ، 131 / 3‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ويضطبع بردائه ) ‪ ،‬اعتنى به دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز ( ‪ ، ) 16 / 16‬و مجموع فتاوى ابن باز ( ‪. ) 342 / 29‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ :‬المجموع المتين من فقه وفتاوى العمرة والحج ‪ ،‬البن عثيمين ‪ ،‬ص ‪ « ، 179‬أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر عند الطواف » ‪ ،‬د ‪ /‬أحمد مصطفى متولي ‪:‬‬ ‫‪6‬‬
‫المشرف العام على شبكة الطريق إلى الجنة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ - 3‬طواف الوداع‬
‫نعالج في هذا الموضوع النقاط التالية ‪:‬‬
‫مفهوم طواف الوداع ‪ ،‬وكيفيته ‪ ،‬وسبب تسميته ‪ ،‬وحكمه ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬مفهومه ‪:‬‬
‫هو الطواف الذي يسبق عودة الحاج إلى أهله ‪ ،‬و يؤديه « اآلفاقي » (‪ ) 1‬توديعا للبيت الحرام ؛ عند إنهائه‬
‫لمناسك‪ ،‬وأموره الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬وعليه مغادرة مكة فور فراغه من الطواف ‪ ،‬وال يشتغل بعده بغير السفر ومستلزماته ‪ :‬كشـراء الزاد ؛ من‬
‫مأكل ومشرب ‪ ،‬أو وقود للسيارة ‪ ،‬أو إصالح مركوبه ‪ ،‬أو انتظار رفقة ‪..‬‬

‫ب ‪ -‬كيفية طواف الوداع ‪:‬‬


‫آخر عهـده بالبيت ؛ ( لحديث ابن عباس‬ ‫‪ -‬فإذا عـزم على الرحيل ‪ ،‬فعليه أن يودع البيت بالطواف ‪ ،‬ليكون ه‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬كان الناس ينصرفون في كل وجه ‪ ،‬فقال النبي ﷺ ‪ « :‬ال ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت‬
‫»‪ ( [ .‬رواه مسلم وغيره ‪ ،‬والبخاري بنحوه ‪ ،‬وهو مخرج في اإلرواء ‪ ، 1786‬وصحيح أبي داود ‪ . ) 1747‬قلت ‪ :‬ورد في شرح النووي على مسلم ‪، 446/9‬‬
‫كتاب الحج ‪ ،‬باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض ‪ ،‬ح ‪ ، 1327 /‬والبخاري ‪ ،‬كما في فتح الباري ‪ ، 685 / 3‬الحج ‪ ،‬باب طواف الوداع ‪ ،‬ح ‪/‬‬
‫‪].1668‬‬

‫ـ وقد كانت المرأة الحائض أُمرت أن تنتظر حتى تطهر ‪ ،‬لتطوف طواف الوداع‪ .‬ثم ُرخص لها أن تنفر ‪،‬‬
‫وال تنتظر ‪ ،‬لحديث ابن عباس أنه ﷺ قال ‪ « :‬رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف ‪ ،‬إذا كانت قد طافت‬
‫طواف اإلفاضة » ‪ [ ) .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬لأللباني ‪ ،‬ص ( ‪ ، )41، 47‬كتاب الحج ‪ « ،‬طواف الوداع » ]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬سبب تسميتة ‪:‬‬


‫« يسمى طواف الوداع ؛ ألنه لتوديع البيت ‪ ،‬وطواف الصدر ؛ ألنه عند صدور الناس من مكة » (‪ ) 2‬؛ أي‬
‫خروجهم منها‪.‬‬
‫د ‪ -‬حكم طواف الوداع للمعتمر ‪:‬‬
‫الشيخ العثيمين ‪ :‬ميز بين نوعين من المعتمرين ‪:‬‬
‫• من أنهى نسـك العمرة ‪ ،‬ورجع مباشرة إلى بلده ‪ ( :‬فال طـــــــــــــــــــــواف عليه )‪.‬‬
‫• ومن بقي مقيما ‪ -‬بعد العمرة ‪ -‬بمكة يوما فأكثر ‪ :‬فهذا ( يجب عليه طواف الوداع )‪.‬‬

‫فقال ‪ « :‬طواف الوداع للمعتمر إذا كان من نيته حين قدم مكة أن يطوف ويسعى ‪ ،‬ويقصر أو يحلق ثم يرجع‬
‫‪ ،‬فال طواف عليه ؛ ألن طواف العمرة في حقه صار بمنزلة طواف الوداع ‪ ،‬أما إذا بقي في مكة فالراجح أنه‬
‫يجب عليه أن يطوف للوداع ‪ [ .» ...‬فتاوى ورسائل للمعتمرين ( ‪.] ) 24/1‬‬

‫والصواب ‪:‬‬
‫أن طواف الوداع ليس واجبا في العمرة ‪ ،‬وإنما يُسنّ طوافه عند سفره ‪ ،‬فلو خرج ولم يودع فال حرج ‪،‬‬
‫« وهذا بات ّفاق المذاهب الفقهيَّة األربعة ‪ :‬ال هحنهفيَّة في المشهور ‪ ،‬والمالكيَّة ‪ ،‬والشَّافعيَّة ‪ ،‬وال هحنابلهة »‪.‬‬
‫األول ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ُ :‬حك ُم طواف الوداع لل ُمعت همر ]‪.‬‬
‫الوداع ‪ :‬الفصل َّ‬
‫طواف ه‬
‫ُ‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب الرابع عشر ‪:‬‬

‫‪ « -‬لعدم الدليل على الوجوب ‪ ،‬وألنه ﷺ لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء ‪.» ...‬‬
‫[ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية ‪ ...‬الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ ،‬وغيره ‪ .‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪. ] )336/11‬‬

‫‪ : 1‬أو النائي ‪ :‬وهو من لم يكن مقيما بمكة ‪ ،‬بل من أهل اآلفاق ‪ ،‬والنواحي البعيدة‪.‬‬
‫‪ : 2‬المغني البن قدامة (‪ ، )237/3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج ‪ ،‬مسألة طواف الوداع ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ع هم ٍر بال ريب » ‪ -‬قبل حجه ‪-‬‬
‫[ زاد المعاد البن القيم ( ‪، ) 93 / 2‬‬ ‫‪ -‬والثابت عنه ‪ ،‬كما في الصحيحين « أنه اعتمر أربه هع ُ‬
‫تحقيق ‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪ ،‬وعبد القادر األرنؤوط ‪ ،‬الطبعة الثالثة (‪1418‬هـ ) مؤسسة الرسالة ] ‪ ،‬ولم يأمر أصحابه المعتمرين أن يودعوا‪.‬‬
‫ع همر »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )235 /8‬باب بيان عدد عُ همر النبي‬
‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬والصواب أنه ﷺ اعتمر أربع ُ‬
‫ﷺ وزمانهن ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪1327‬هـ‪1929/‬م ) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫[ ذاته ]‬ ‫ع َمر‪ ،‬كلهن في ذي القعدة‪ ،‬إال التي اعتمر مع حجته »‪.‬‬


‫« وعن أنس رضي هللا عنه أنه ﷺ اعتمر أربع ُ‬
‫« وعن قتادة قال ‪ :‬سألتُ أنسا ‪ :‬كم اعتمر النبي ﷺ ؟ قال ‪ :‬أربعا ‪.» ...‬‬
‫[ صحيح البخاري بشرح ابن حجر (‪ ، )771/3‬الحج ‪ ،‬باب كم اعتمر النبي ﷺ ؟ ح‪ ، 1778 /‬تحقيق ‪ :‬عبد القادر شيبة ال هح همد ‪ ،‬الطبعة ‪1421 ( 1‬هـ ) ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪ - 4‬مسائل في الطواف ‪:‬‬


‫تدخل الموضوعات التالية ضمن خصوصيات الطواف ‪:‬‬
‫حكم أداء ركعتي الطواف في أوقات الكراهة ‪ ،‬حكم المكث بعد طواف الوداع بمكة ‪ ،‬مقدار المكث الموجب‬
‫إلعادة طواف الوداع ‪ ،‬حكم إيقاع السعي قبل الطواف ‪ ،‬حكم إيقاع السعي بعد طواف الوداع ‪ ،‬تقبيل الحجر‬
‫األسود حال الزحام ‪.‬‬
‫مالحــــــــــــــظة ‪ [ :‬لمعرفة هذه الموضوعات ‪ ،‬انظر ص ‪ 236‬وما بعدها من الكتاب ]‬

‫أ ‪ -‬حكم تقبيل الحجر األسود حال الزحام ‪:‬‬


‫• للرجال ‪:‬‬
‫« إذا وجد الطائف زحاما‪ ،‬يجتنب اإليذاء ‪ ،‬ويكتفي باإلشارة إلى الحجر األسود بيده ؛ وذلك ألن الزحام‬
‫يؤذيه ويؤذي غيره ‪ ...‬ويخرج بالطواف عما شُرع من أجله‪ ،‬من التعبد هلل‪ ،‬وربما حصل به لغو ‪ ،‬وجدال‬
‫ومقاتلة »‪ [ .‬مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪.] ) 287 / 24‬‬

‫قال األلباني ‪ - 32 ( :‬وال يزاحم عليه ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬يا عمر! إنك رجل قوي ‪ ،‬فال تؤذ الضعيف ‪ ،‬إذا أردت‬
‫استالم الحجر ‪ ،‬فإن خال لك فاستلمه ‪ ،‬وإال فاستقبله وكبر «‪.‬‬
‫أخرجه الشافعي وأحمد ‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬وهو حديث قوي ‪ ،‬كما بينتُه في الحج الكبير)‪ [ .‬مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص (‪.])21‬‬

‫• للنساء ‪:‬‬
‫قال النووي ‪ « :‬ال يُستحب للنساء تقبيـل الحجـر ‪ ،‬وال استالمه إال عند خلو المطـاف ليال ‪ ،‬أو غيره ؛ لما‬
‫فيه من ضررهن ‪ ،‬وضرر الرجال بهن »‪.‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 38 / 9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬المحرم إذا رأى البيت ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬

‫وقال ابن قدامة ‪ « :‬وال يُستحـب لها مزاحمة الرجـال الستـالم الحجـر ‪ ،‬لكـن تشـير بيدها إليه ‪ ،‬كالذي ال‬
‫يمكنه الوصول إليه »‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 131 / 3‬الحج « ‪ - 2453‬فصل ‪ :‬والمرأة كالرجل ‪.] « ...‬‬

‫و جاء في ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ) ‪ ... 1226 « :‬حدثني منبوذ عن أمه ‪ ،‬قالت ‪ :‬كنتُ عند‬
‫عائشة ‪ -‬رضي للا عنها ‪ -‬إذ انتهت موالة لها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إني استلمتُ الحجر ثالث مرات في سبع طفتُه ‪،‬‬
‫عقهـدت و هم هررت ‪ ،‬أردت أن تدافعـي الرجـال ؟! » ‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬ال آجـرك للا ‪ -‬مرتين أو ثالثا ‪ -‬هـال كبَّرت و ه‬
‫[ ابن حجر (‪ ، )436 /6‬تحقيق ‪ :‬الشتري ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 1419‬هـ ‪ 1998 /‬م ) ‪ ،‬دار العاصمة ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ - 5‬دعــاء ال ُملت ه ه‬
‫ـزم‬

‫أ ‪ -‬تعريف ال ُملت ه هزم ‪:‬‬


‫« مكان االلتزام من الكعبة » ‪ ،‬وهو جزء من جدار الكعبة المشرفة ‪ ،‬و َم ْعلَم من معالم المسجـد الحـرام ؛ يقع‬
‫ما بين الحجر األسو د ‪ ،‬وباب الكعبة ‪.‬‬

‫وعرفهُ ابن عباس ‪ ،‬فقال ‪ « :‬ما بين الركن والباب يُدعى الملتزم ‪ ،‬ال يلزم ما بينهما أحد يسأل للا شيئا إال‬ ‫ّ‬
‫(‪) 1‬‬
‫أعطاه للا إياه »‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي ‪ « :‬الملتزم ‪ ...‬قالوا ‪ :‬هو ما بين ركن الكعبة ‪ ،‬والباب ؛ يعنون ‪ :‬بين الركن الذي فيه‬
‫(‪) 2‬‬
‫الحجر األسود ‪ ،‬وباب الكعبة ‪ ،‬وهذا متفق عليه »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬سبب التسمية ‪:‬‬


‫وسمي كذلك ؛ اللتزام الطائفين هذا المكان واعتناقه عند الدعاء ‪ « ،‬ألن الناس يعتنقونه ؛ أي يضمونه إلى‬
‫صدورهم » ‪ [ .‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ‪ ،‬الفيومي المقـري (‪.] )264/8‬‬
‫فهو مكان االلتزام من الكعبة‪.‬‬

‫د ‪ -‬قـدره ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أربعة أذرع ؛ نحو المترين ‪ ،‬بين الركن والباب‪ « .‬قال األزرقي ‪ :‬وذرعه أربعة أذرع »‪.‬‬

‫باب الكعبة‬

‫الحجراألسود‬
‫الملتزم‬

‫مالحظــــــــــــــة ‪ [ :‬للتعرف إلى بقية النقاط الواردة في المقدمة ‪ ،‬انظر ص ‪ 245‬من الكتاب ]‬

‫‪ : 1‬السنن الكبرى لإلمام البيهقي (‪ ، )268/5‬كتاب الحج ‪ ،‬باب الوقوف في الملتزم ‪ ،‬قال البيهقي ‪« :‬هذا موق وف »‪ .‬تحقيق دمحم عبد القادر عطا ‪،‬‬
‫( ‪1424‬هـ ‪ 2773 /‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ : 2‬تهذيب األسماء واللغات (‪ ، )585/2‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ : 3‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (‪.)264/8‬‬

‫‪104‬‬
‫مناسك العمرة ‪ ،‬وكيفية أدائها‬
‫المبحث األول ‪ -‬صفة أداء العمـرة‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬أعمال المعتمر عند الميقات‬
‫نتناول في هذا المطلب ‪ :‬مستحبات ما قبل اإلحرام ‪ ،‬واإلحرام ومتعلقاته‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مستحبات ما قبل اإلحرام‬
‫إذا وصل المعتمر إلى الميقات (‪ ) 1‬استحب له التهيؤ لإلحرام بفعل األمور التالية ‪:‬‬
‫االغتسال ‪ ،‬والتطيب ‪ ،‬وارتداء مالبس اإلحرام ‪ ،‬الصالة بوادي العقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬االغتسال ‪:‬‬
‫ويُسن له أن‬ ‫(‪) 2‬‬
‫« يُسن االغتسال لإلحرام ‪ ،‬وهذا باتفاق المذاهب الفقهية األربعة ‪ ...‬و ُحكي فيه اإلجماع »‪.‬‬
‫يتنظف ؛ ( حلق اإلبطين والعانة ‪ ،‬وتقليم األظافر إلخ )‪.‬‬

‫الحائض و النفساء ‪ :‬وهكذا تفعل المرأة ‪ ،‬ولو كانت حائضا أو نفساء « باتفاق المذاهب الفقهية األربعة »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ذاتها ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬حكم اغتسال الحائض والنفساء‪ ] .‬وانظر ‪ [ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )133/8‬كتاب الحج ‪ ،‬باب إحرام‬
‫النفساء واستحباب اغتسالها لإلحرام وكذا الحائض ‪ ،‬الطبعة األولى ( ‪ 347‬هـ ‪ 1929 /‬م ) ‪ ،‬المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬

‫من أحكام الحائض والنفساء في الحج والعمرة ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬الحائض يصح منها جميع أفعال الحج والعمرة إال الطواف ‪:‬‬
‫حرم بالنسك الذي تريده ‪ ،‬وتذكر هللا تعالى ‪ ،‬وتتضرع إليه ‪ ،‬وتقصر من شعرها ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬‫فلها أن ت ُ ِ‬
‫غير أنها ال تطــوف بالبيت ‪ ،‬وال تدخـل المسجـد الحــرام حتى تطهــر وتغتســــل ‪:‬‬
‫ومن أحكام الحائض والنفساء أيضا ‪:‬‬
‫ب ‪ -‬سقوط طواف القدوم عن الحائض ‪ :‬ألنه ُسنة فات وقتها ‪ ،‬ولكونه عذرا يسقط به ‪ ،‬ولو كان واجبا‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬سقــوط طــواف الوداع عنهــا ‪ :‬فإن حاضت المعتمرة بعد الطواف ‪:‬‬
‫فعلت كل شيء ‪ :‬فلها أن تسعى بين الصفا والمروة ‪ ،‬وتقص من شعرها ‪ ،‬وت ُ َ‬
‫نهي عمرتها‬
‫د ‪ -‬جواز شرب المرأة الدواء لتأخير الحيض‬
‫هـ ‪ -‬جواز طواف الحائض عند الضرورة ‪:‬‬
‫إذا دعت الحاجة الشرعية إليه ‪ ،‬كالخوف من عدم انتظار ِ‬
‫الرفقة في الحج والعمرة إذا تأخرت بسبب الحيض‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫مال حظــــــــــــة ‪ [ :‬لمعرفة تفاصيل هذه المواضيع ‪ ،‬انظر ص ‪ 22‬من الكتاب ]‬

‫• فإن لم يتيسر االغتسال في الميقات فال حرج ‪:‬‬


‫« قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أن اإلحرام جائز بغير اغتسال ‪ ،‬وأنه غير واجب »‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪ ، ) 48 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب ذكر اإلحرام ‪ ،‬اعتنى به ‪ :‬دمحم عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪].‬‬

‫‪ : 1‬الموضع الذي يُحرم منه الحاج أو المعتمر‪.‬‬


‫‪ : 2‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬االغتسال ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬حكم االغتسال لل ُمحرم‪.‬‬
‫‪ [ : 3‬كشّاف القناع للبهوتي ( ‪ ، ) 256 /1‬كتاب الطهارة ‪ ،‬حققه ‪ :‬أبوعبد للا دمحم حسن إسماعيل ‪ ،‬مصنف عبد الرزاق ‪ ، ) 318 / 1 ( ،‬تحقيق ‪ :‬المحدث حبيب الرحمن األعظمي ‪،‬‬
‫وانظر ‪ [ :‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الطهارة ‪ ،‬الباب ‪ ، 11‬الفصل األول ‪ ،‬المبحث ‪ ، 6‬المطلب ‪ : 2‬ما ت ُمنع منه الحائض ‪ ...‬الفرع التاسع ‪ :‬تناول الدواء لتأخير الحيض ]‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫• والسنة ‪ :‬اتصال الغسل باإلحرام ‪:‬‬
‫حرم ‪ :‬عند إرادة الدخول في النسك بالميقات‪.‬‬
‫أي إيقاع الغسل قبيل اإلحرام ؛ بحيث يغتسل ال ُم ِ‬
‫‪ -‬وهذا عند « المالكية ‪ .‬أما عند بقية المذاهب ‪ :‬فوقت االغتسال لإلحرام موسع »‪.‬‬
‫‪ - 2‬التـطيب‬
‫ويتطيب الرجل في بدنه ‪ ،‬دون مالبس إحرامه ـ وهذا قبل اإلحرام ـ وال يضره بقاء الطيب بعد اإلحرام‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ارتداء مالبس اإلحرام‬


‫أ ‪ -‬صفة ارتداء مالبس اإلحرام ‪:‬‬

‫• الرجـــــل ‪ :‬يلبس اإلزار ؛ الذي يستر الجزء األسفل من البدن والرداء ؛ الجـزء األعلى ‪ ،‬ويستحب أن يكونا‬
‫(‪) 1‬‬
‫أبيضين ‪ ،‬نظيفين ‪ « :‬البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم »‪.‬‬
‫• أما المرأة ‪ :‬فتُحرم في مالبسها العادية التي ليس فيها زينة وال ُ‬
‫شهرة ‪ ،‬وتستر بدنها عدا الوجه والكفين ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جواز االغتسال وارتداء مالبس اإلحرام قبل الميقات ‪ :‬وذلك في البيت ‪ ،‬أو في المطار ‪ ..‬إلخ‬
‫‪ [ :‬انظر ص‬ ‫جـ ‪ -‬جواز غسل المحرم ‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها ‪ :‬من وسخ أو نحوه‬
‫‪.]24‬‬

‫[ انظر ص ‪ 25‬من الكتاب ] ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الصالة بوادي العقيق ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ -‬اإلحرام ومتعلقاته‬


‫‪ - 1‬اإلحرام عند الميقات ‪ ،‬ومعنى اإلحرام ‪.‬‬
‫ُحرم المعتمر من الميقات ‪ -‬وجوبا ‪ -‬وال يتجاوزه دون إحرام ‪.‬‬
‫ي ِ‬
‫‪ -‬فما معنى اإلحرام ؟‬
‫اإلحرام ‪ :‬هو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة ‪ ،‬مقرونة بعمل من أعمال النسك ؛ كالتلبية ‪ ،‬أوالتجرد ؛‬
‫ُحرم على نفسه ما كان حالال قبل اإلحرام ؛ ( كحلق الرأس ‪ ،‬وتغطيته ‪ ،‬وتغطية المرأة وجهها ويديها‬
‫فالمسلم ي ِ‬
‫‪ ،‬ومالمسة النساء ‪ ..‬وسائر المحظورات ) ‪.‬‬

‫واإلحرام بالحج أو العمرة له ميقاتان ‪:‬‬

‫‪ - 2‬المواقيت ‪ :‬نتناول هنا ‪ ( :‬قسما المواقيت ‪ ،‬وأ حكامها )‬

‫أ ‪ -‬قسما المواقيت ‪ ( -‬مواقيت زمانية ‪ ،‬ومكانية )‬

‫( انظر ص ‪ ، 25‬وما بعدها من هذا الكتاب ) ‪.‬‬ ‫مالحظــة ‪ :‬فيما يخص تفاصيل المواقيت الزمانية ‪ ،‬والمكانية‬
‫ب ‪ -‬أحكام المواقيت ‪:‬‬
‫• حكم من تجاوز الميقات دون إحرام‬
‫من تجاوزه ‪ -‬ولم يرجع إليه ليحرم منه ‪ -‬فعليه دم جبران ‪ :‬وعليه أن يواصل بعد ذلك النسك ‪ ،‬لكن يُجبِ ُر هذا‬
‫النقص بشاة يذبحها ‪ ،‬ويوزعها على فقراء الحرم ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ : 1‬أخرجه أبو داود ‪ ،‬كتاب اللباس ‪ ،‬باب في البياض (‪ ، )51/4‬رقم (‪ ، )4761‬والترمذي ‪ ،‬أبواب الجنائز عن رسول للا ﷺ ‪ ،‬باب ما يستحب من األكفان (‪ ، )317/3‬رقم ‪، 994‬‬
‫من حديث ابن عباس رضي للا عنهما ‪ ،‬وصححه ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬كما صححه األلباني في صحيح الترمذي ( ‪. ) 572 / 1‬‬

‫‪106‬‬
‫[ المغني البن قدامة » كتاب الحج » ‪ » ،‬مسألــة جـاوز الميقـات مريدا للنسك غير محرم » ( ‪ ، ) 116 / 3‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬سنة ‪1475‬هـ‪1985/‬م ‪.‬‬
‫وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ‪...‬الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 287 ، 286 / 21‬الحج ‪ ،‬باب المواقيت ‪ ،‬س ‪ ، 341 :‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى و مقاالت الشيخ ابن باز (‪.]) 17 / 17‬‬
‫[ انظر تفاصيل هذا الموضوع ص ‪ 27‬وما بعدها من الكتاب ] ‪.‬‬ ‫• حكم اإلحرام قبل الميقات ‪:‬‬
‫من قدّم اإلحرام على الميقات ‪ ،‬فإحرامه صحيح بإجماع ‪:‬‬
‫قال ابن المنذر ‪ « :‬أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات فهو ُمحرم »‪ .‬أي ‪ :‬إحرامه صحيح‪.‬‬
‫[ ا إلجماع البن المنذر‪ ،‬ص ‪ . 51‬وممن وافق ابن المنذر في هذا اإلجماع أيضا ‪ :‬النووي ‪ ( :‬المجموع ‪ ) 275/7‬والخطابي ‪ ،‬والكاساني ‪ ،‬وابن قدامة ‪ ،‬والقرطبي ]‪.‬‬

‫‪ -‬أفضلية اإلحرام من الميقات ‪:‬‬


‫البن رشد ( ‪ . ] ) 261 / 1‬وهو قول‬ ‫« قال مالك ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وأحمد ‪ :‬إحرا ُمه من المواقيت أفضل »‪.‬اهـ‬
‫[ بداية المجتهد‬
‫‪ ،‬المجموع ( ‪.] ) 278 / 7‬‬ ‫الشافعي في أصح القولين [ المجموع للنووي (‪ ، ] ) 276/7‬واختيار ابن قدامة ‪ ،‬والنووي [ المغني (‪)43/3‬‬

‫‪ -‬واإلحرام قبله يصح مع الكراهة ‪:‬‬


‫إ ْذ « كره مالك رحمه للا أن يُحرم أحد قبل الميقات »‪.‬‬
‫[ ابن عبد البر ( ‪ ، ) 73 / 8‬وتفسير القرطبي ( ‪.] ) 264 / 3‬‬
‫( وهو مذهب المالكية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬واختاره ابن باز [ مجموع الفتاوى (‪ ، ])48/17‬وابن عثيمين (‪.) ) 1‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثالث ‪ :‬مواقيت الحج والعمرة ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬المواقيت المكانية ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب‬
‫السابع ‪ :‬حكم التقدم باإلحرام قبل المواقيت المكانية ]‪ .‬مالحظة ‪ :‬للتوسع في موضوع ‪ :‬اإلحرام قبل الميقات ‪ ( :‬انظر ص‪ 27‬وما بعدها من الكتاب )‪.‬‬

‫• ميقات أهل المدينة ‪ ،‬والقادمين إليها ‪:‬‬


‫من كان من أهل المدينة ‪ ،‬أو مارا بها ‪ ،‬ولبس مالبس اإلحرام بالفندق أو غيره ‪ ،‬ووصل إلى الميقات ‪ ،‬وجب‬
‫حليفة )‪ [ .‬أو « أبيار علي » ‪ ،‬وهو أبعد المواقيت عن مكة ‪ 437 :‬كلم ] ‪.‬‬
‫عليه أن يُحرم ‪ ،‬وذلك من ميقات أهل المدينة ؛ ( ذي ال ُ‬
‫• موضع اإلحرام بالحج والعمرة ألهل مكة ‪:‬‬
‫أهل مكة يحرمون من الحل للعمرة ‪ ،‬ومن مكة للحج ‪:‬‬
‫اإلحرام بالعمرة ‪ :‬من أراد أن يحرم بالعمرة ‪ ،‬وهو في مكة ‪ ،‬أو داخل حدود الحرم ؛ من المكيين ‪ ،‬أو‬
‫الحل ؛ ( التنعيم (‪ ، ) 2‬أو الجعرانة ‪ ،‬أو غيرهما ‪ ،‬كعرفة ‪ ،‬أو جدة‬
‫القادمين إليها ‪ :‬فالبد أن يخرج من الحرم إلى ِ‬
‫حرم منها ‪ ،‬دليل ذلك ‪ [ :‬انظر ص ‪ 32‬من الكتاب ] ‪.‬‬
‫) ‪ ،‬لي ُ ِ‬
‫• ميقات اآلفاقيين المتوجهين إلى مكة‬
‫الميقات بالنسبة إلى من مروا بالمدينة ‪ ،‬قاصدين مكة ‪ :‬هو « ذو ال ُحليفة » ‪ ،‬أو أبيار علي ‪ ،‬باعتباره‬
‫ميقات أهل المدينة ‪ ،‬ومن مر بها ‪ ،‬من غير أهلها‪.‬‬

‫أما إن توجهوا مباشرة ‪ -‬بالطائرة ‪ -‬إلى مكة ‪ ،‬مرورا « بجدة » ‪ :‬فهو « الجحفة » ‪ ،‬أو ما يسمى بـ « رابغ‬
‫»‪.‬‬

‫[ انظر ص‪ 33‬وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مر بميقاتين ‪:‬‬


‫• موضع اإلحرام لمن ّ‬
‫[ انظر ص‪ 33‬وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مر بها ( برا أو جوا أو بحرا ) ‪:‬‬
‫• حكم اإلحرام من جدة لغير أهلها ؛ ممن ّ‬

‫‪ [ : 1‬مجموع الفتاوى ( ‪.] )387 / 21‬‬


‫‪ : 2‬وهو أدنى الحل إلى مكة ‪ ،‬وهو المسمى اليوم مسجد عائشة‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ - 3‬كيفية اإلهالل بنسك العمرة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬صفة اإلحرام ‪ ،‬ولفظ اإلهالل بالعمرة ‪:‬‬
‫ـ يعقد النية ‪ ،‬و يُه ّل بالعمرة ؛ ( يتلفظ بلسانه قائال ‪ « :‬لبيك عمرة » ‪ ،‬أو « اللهم لبيك عمرة » ‪) .‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫ـ ويقول ‪ « :‬لبيك عمرة ‪ ،‬ال رياء فيها وال سمعة »‪ .‬انظر [ كتاب » موقع اإلسالم ‪ ،‬سؤال وجواب ‪ ،‬ص‪ - 3695‬المكتبة الشاملة » ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ما يُستحب عند اإلحرام ‪:‬‬


‫(‪) 2‬‬
‫• استقبال القبلة عند اإلهالل ‪ :‬يعقد النية ‪ « ،‬ثم يستقبل القبلة قائما «‪.‬‬
‫• التحميد والتسبيح والتكبير عند االستواء على مركوبه قبل اإلهالل ‪.‬‬
‫يعلن نيته قائال ‪ « :‬لبيك اللهم عمرة »‪ .‬لحديث أنس رضي للا عنه ‪ ،‬وفيه ‪ « :‬ثم ركب حتى استوت به على‬
‫(‪) 3‬‬
‫البيداء ‪َ :‬ح ِمد هللا ‪ ،‬وسبح ‪ ،‬وكبر ‪ ،‬ثم أهل »‪.‬‬
‫لذلك استُحب أن « تستقبل القبلة ‪ ،‬وتقول ‪ :‬سبحان للا والحمد هلل وال إله إال للا وللا أكبر »‪.‬‬
‫[ الشيخ سعد الخثالن ‪ :‬شرح عمدة الفقه البن قدامة ؛ تابع شرح كتاب الحج والعمرة ‪ -‬موقع الشيخ سعد بن تركي الخثالن ]‪.‬‬

‫‪ - 4‬اإلحصار واالشتراط ‪ ( :‬معنى اإلحصار واالشتراط ‪ ،‬حكم االشتراط وصيغته ‪ ..‬إلخ ‪ .‬انظر ص‪ 56‬ومابعدها ‪) .‬‬
‫‪ - 5‬التلبيــة‬
‫أ ‪ -‬الشروع في التلبية‬
‫ثم يشرع في التلبية قائال ‪ « :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك‬
‫»‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المواضع التي تُشرع فيها التلبية‬

‫يُستحب اإلكثار من التلبية ‪ ،‬واإلتيان بها عند االنتقال من حال إلى حال ؛ فيلبي عقب الصلوات المفروضة ‪ ،‬وإذا‬
‫ركب سيارة ‪ ،‬أوعال مرتفعا ‪ ،‬أو نزل منحدرا‪ ،‬أو أقبل الليل والنهار‪ ،‬أو التقت الرفاق‪ [ .‬الفتاوى البن تيمية ( ‪) 116 ، 115/26‬‬

‫]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬متى يشرع المحرم في التلبية ‪ ،‬ومتى يقطعها ؟‬


‫• بدء التلبيـة ‪:‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫شرع في التلبية إذا تلبس باإلحرام ‪ ،‬ودخل في النسك‪ « .‬باتفاق المذاهب األربعة »‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫• قطع التلبية ‪:‬‬
‫اختلفوا في وقت قطعها في العمرة على قولين ‪:‬‬
‫‪.‬اهـ‬ ‫األول ‪ -‬تنتهي التلبية إذا دخل الحرم ‪ ( :‬قال مالك ‪ « :‬يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحـرم » ‪) ...‬‬
‫[ بداية المجتهد البن رشد ( ‪ ، ) 272 / 1‬الحج ‪ ،‬القول في اإلحرام]‪.‬‬

‫الثاني ‪ -‬ذهب جمهور العلماء إلى أنه ال يقطعها إال عند بدء الطواف للمعتمر ‪ ... ( :‬وهذا مذهب الجمهور ‪:‬‬
‫الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ...‬وذهب إليه أكثر أهل العلم «‪.‬‬

‫‪ : 1‬مجموع فتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز (‪. )425/17‬‬


‫‪ : 2‬انظر [ فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪» ، )482/3‬كتاب الحج » ‪ ،‬باب اإلهالل مستقبل القبلة ] ‪ .‬وفي الرواية الثانية ـ ح رقم (‪ ، )1479‬ص (‪ )483‬ـ بلفـظ ‪:‬‬
‫» وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هكذا رأيت النبي ﷺ يفعل »‪ .‬قال ابن حجر ـ في شرح الحديث ‪ ( :‬ومعنى » استقبل القبلة قائما » ؛‬
‫صفهه بالقيام ‪ ،‬لقيام ناقته ‪) . » ...‬‬
‫أي مستويا على ناقته ‪ ،‬أو هو ه‬
‫ح‪. 1476/‬‬‫‪ : 3‬فتح الباري شرح صحيح البخاري (‪ )481/3‬كتاب « الحج » ‪ ،‬باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل اإلهالل عند الركوب على الدابة ‪،‬‬
‫‪ : 4‬الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪ ،‬ال هح ّج ‪ ،‬الباب ‪ : 4‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثَّاني ‪ُ :‬‬
‫سنهنُ اإلحرام ‪ ،‬المطلب الخامس ‪ ،‬الفرع األول ‪ :‬ابتداء وقت التلبية‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الرابع ‪ :‬اإلحرا ُم ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتها ُء هوقت الت َّلبيهة في العُم هرة ] ‪.‬‬
‫كتاب ال هح ّج الباب َّ‬
‫ُ‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪،‬‬
‫والظاهر أن القول األول مذهب مرجوح ؛ إذ الصواب ‪ -‬وللا تعالى أعلم ‪ « : -‬أنه يستمر في التلبية إلى أن‬
‫يشرع في الطواف ‪ [ .» ...‬دروس خالد المصلح ‪ :‬الموجز في أحكام الحج والعمرة (‪ )34‬متى يشرع قطع التلبية في الحج ؟ ]‬

‫د ‪ -‬فضل التلبية‬
‫التلبية من « شعائر الحج » ‪ :‬وهو جزء من حديث ‪ « :‬أمرني جبريل برفع الصوت في اإلهالل ‪ ،‬فإنه من شعائر‬
‫(‪) 2‬‬
‫ملب يلبي إال لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر ‪.» ...‬‬
‫الحج »‪ ) 1(.‬وحديث ‪ « :‬ما من ّ ٍ‬
‫‪ - 6‬الدخول في نسك العمرة‬
‫إذا لبس مالبس اإلحرام ‪ ،‬ونوى المعتمر قائال ‪ « :‬اللهم لبيك عمرة » عند الميقات ‪ ،‬دخل في نسك العمرة ‪.‬‬
‫ومن هنا تبدأ المحظورات ‪ :‬من عقد النية ‪ ،‬ال من لُبس مالبس اإلحرام‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -‬أعمال ما بعد الميقات ‪:‬‬


‫أوال ‪ -‬محظـورات اإلحرام ‪ ( :‬تعريفها ‪ ،‬أقسامها )‬
‫أقسامها ‪:‬‬
‫منها ما يخص الرجل ‪ ،‬ومنها ما يخص المرأة ‪ ،‬ومنها ما هو مشترك بينهما ‪.‬‬
‫‪ - 1‬ما يخص الرجل ‪ :‬يحظر على الرجل ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تغطية الرأس ‪ :‬كله أو بعضه ‪ ،‬بشيء مالصق ؛ كالعمامة والطاقية ‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫ب ‪ -‬لُـب ُ‬
‫س ال همخيط ‪ :‬وهو كل ما فصل لستر البدن أو بعضه ؛ ( كالقميص ‪ ،‬والسروال ‪ ،‬والعمامة ‪.) ...‬‬
‫يلف المحرم القميص على بدنه ‪ ،‬دون لبسه ]‪.‬‬
‫[ والمخيط المحظور ‪ :‬يتمثل في لبسه على الوجه المعتاد ؛ فال حرج في أن ّ‬

‫ض ِو ‪ ،‬بحيث يُحي ُ‬
‫ط به ‪ ،‬سواء كان بخياطة أو ال‪.‬‬ ‫صـ ُل على قَد ِْر البَدَن أو العُ ْ‬ ‫جـ ‪ -‬لُب ُ‬
‫س ال ُمحيط ‪ :‬أي المف َ‬
‫‪ -‬وما أحاط بجزء منه ‪ :‬كالطاقية ‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬ما أحاط بالبدن ‪ :‬كالقميص ‪ ،‬والبُرنس ‪،‬‬ ‫وهو إذن نوعان ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫والخف‪.‬‬
‫والنوعان كالهما محظوران ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ما يخص المرأة ‪ :‬يحظر عليها ما يلي ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ستر الوجه ‪ :‬بما خيط على قدر الوجه ؛ كالنقاب ‪ ،‬والبرقع‪.‬‬


‫[ الفتح البن حجر (‪.]) 653/ 2‬‬ ‫ب ‪ -‬ستر الكفين ‪ :‬بارتداء القفازين ؛ لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تنتقب المرأة ‪ ،‬وال تلبس القفازين »‪.‬‬
‫‪ - 1‬ما هو مشترك بينهما من المحظورات ‪:‬‬
‫يحظر عليهما ما يلي ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أ ‪ -‬إزالة شعر الرأس ‪ :‬وشعر البدن عموما ؛ بحلقه أو تقصيره ‪ ،‬أو نتفه‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ب ‪ -‬تقليم األظافـــــــر ‪ :‬لكن نزع الظفر المكسور ‪ ،‬أوقص القدر المؤذي منه مباح باتفاق األئمة‪.‬‬
‫بس القفازيــــن ‪ :‬ويدخل تحت مسمى ال ُمحيط ؛ أو ما فُصل على قدر العضو‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬لُـ ُ‬
‫د ‪ -‬الفســــــــــــــوق ‪ :‬المعاصي كلها ؛ كالعقوق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬والغيبة ‪ ،‬ومنها فعل محظورات اإلحرام‪.‬‬

‫]‪ .‬واإلهالل ‪ :‬التلبية‪.‬‬ ‫( ‪) 828‬‬ ‫‪ [ : 1‬حديث صحيح ‪ ،‬مخرج في « السلسلة الصحيحة » ‪،‬‬
‫‪ : 2‬رواه ابن خزيمة ‪ ،‬والبيهقي بسند صحيح ‪ ،‬كما في « تخريج الترغيب والترهيب » (‪ .] )118/2‬وقد ُروي ‪ « :‬من لبى حتى تغرب الشمس ‪ ،‬فقد أمسى مغفورا له » ‪.‬‬
‫‪ : 3‬لقوله تعالى ‪ « :‬و ال تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله » ‪ ،‬سورة البقرة ‪.195 :‬‬
‫‪ : 4‬الموسوعة الفقهية الكويتية ( ‪ ، ) 177/2‬أجل ‪ -‬إذن ‪ ،‬ما يُباح في اإلحرام ‪ ،‬الطبعة الثانية ( ‪1474‬هـ‪1983/‬م ) ‪ ،‬طباعة ذات السالسل ]‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫هـ ‪ -‬الجــــــــــــــــدال ‪ :‬المخاصمة ‪ ،‬والمنازعة ‪ ،‬والمماراة بغير حق ‪ ،‬أما المجادلة بالتي هي أحسن ‪ ،‬لبيان‬
‫الحق‪ ،‬فهذا ال حرج فيه‪.‬‬

‫و ‪ -‬عقد النكـــــــــاح ‪ :‬يحرم على المحرم ذلك ‪ ،‬في حق نفسه أو لغيره ‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ « :‬ال يهنكح ال ُمحر ُم وال يُنكهح‬
‫(‪) 1‬‬
‫ب »‪.‬‬ ‫وال يخ ُ‬
‫ط ُ‬
‫ز ‪ -‬التطــــــــــــــيب ‪ :‬ال يجوز للمحرم استعمال الطيب في البدن ‪ ،‬وال في مالبس اإلحرام (‪ ، ) 2‬أو في المأكل‬
‫والمشرب ؛ كخلط القهوة بالزعفران‪.‬‬

‫»‪ [ .‬سورة البقرة ‪.] 196 :‬‬ ‫ح ‪ -‬المباشـــــــــــرة ‪ :‬بتقبيل ‪ ،‬أو لمس ‪ ،‬أو ضم ‪ ...‬لعموم قوله تعالى ‪ « :‬فال رفث‬
‫والرفث ‪ :‬الجماع ‪ ،‬ومقدماته القولية ‪ ،‬والفعلية‪.‬‬

‫[ البقرة ‪] 196‬‬ ‫ط ‪ -‬الجمـــاع ‪ :‬قال تعالى ‪ « :‬فمن فرض فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحج »‪.‬‬
‫ك ‪ -‬قتل الصيد البري ‪ :‬يحرم قتل الصيد (‪ ، ) 3‬حال اإلحرام‪ ،‬وفي الحرم‪ ،‬أو الداللة عليه‪ ،‬أو اإلعانة على مسكه‪.‬‬
‫أما صيد البحر فيجوز ؛ قال تعالى ‪ « :‬أحل لكم صيد البحر ‪ ...‬و ُحرم عليكم صي ُد البر ما دمتم ُ‬
‫ح ُرما »‪ [ .‬المائدة ‪] 96 :‬‬

‫ومن المحظورات ‪:‬‬


‫قطع شجر الحرم ‪ ،‬أو كسر أغصانه ‪ ،‬إخافة الحمام ‪ ،‬دهس الجراد في الحرم‪ .‬لكن تحريم قطع الشجر ال عالقة‬
‫حرم على من كان داخل حدود الحرم‪ ،‬سواء أكان ُمحرما أو غير محرم »‪.‬‬ ‫له باإلحرام ‪ « ،‬وإنما يه ُ‬
‫[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ( ‪ ، ) 279/24‬الحج والعمرة ‪ ...‬جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫وأغلظ المحظورات ‪:‬‬


‫الجماع الذي يُفسد الحج والعمرة بإجماع ‪ ،‬حيث ‪ « :‬أجمعت األمة على تحريم الجماع في اإلحرام ‪ ،‬سواء كان‬
‫اإلحرام صحيحا أم فاسدا ‪ ،‬وتجب به الكفارة والقضاء »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪] . ) 297،414/7‬‬

‫حكم الجماع في إحرام العمرة ‪:‬‬


‫[ للتعرف إلى تفاصيل ذلك ‪ :‬انظر ص ‪ 274‬من الكتاب ]‪.‬‬

‫معنى المخيط المحظور ‪:‬‬


‫يجهل عامة الناس الضوابط الشرعية في » لباس اإلحرام « ؛ فيخلطون فيه بين المشروع والممنوع ؛ إذ يمتنعون‬
‫[ لمعرفة وتوضيح هذه المسألة ‪ :‬انظر ص ‪ 274‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫عن لُبس كل مخيط ‪ ،‬وهذا مجانب للصواب‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬صفة الدخول إلى مكة ( من آداب الدخول إلى مكة ما يلي ) ‪:‬‬
‫[ انظر ص ‪ 275‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫االغتسال لدخول مكة ‪ ،‬ودخول مكة من أعالها والخروج من أسفلها ‪ ،‬دخولها نهارا ‪:‬‬

‫‪ : 1‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )539/9‬كتاب النكاح ‪ ،‬باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ‪ ،‬حديث رقم ‪.1479 :‬‬
‫‪ : 2‬لقوله ﷺ ‪ « :‬وال تلبسوا شيئا مسه زعفران وال الورس » ‪ [ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪ ،‬البن حجر (‪ ، )46/4‬كتاب ‪ :‬جزاء الصيد ‪ ،‬باب ‪ :‬ما يُنهى‬
‫من الطيب للمحرم ‪ ...‬تحقيق عبد العزيز بن باز ‪ ،‬ودمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ح‪ ، 1838/‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ] ‪.‬‬
‫‪ : 3‬وهو كل حيوان متوحش مأكول اللحم ؛ كالظباء ‪ ،‬واألرانب ‪ ،‬والحمار الوحشي ‪ ،‬والحمام ‪ « : ...‬يا أيها الذين آمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم »‪ [ .‬المائدة ‪.] 94:‬‬

‫‪110‬‬
‫ثالثا ‪ -‬صفة الدخول إلى المسجد الحرام ( من آداب الدخول إلى المسجد الحرام ما يلي ) ‪:‬‬

‫‪ - 1‬دخوله من باب بني شيبــــة ‪:‬‬


‫صالة‬
‫سالم‪ ،‬إذ منه « دخل عليه ال ّ‬
‫( ويستحب له أن يدخل المسجد من باب بني شيبة المعروف اآلن بباب ال ّ‬
‫سالم » ‪ .‬هذا ما انعقد إجماع األئ ّمة عليه )‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪. ] )275/39‬‬
‫وال ّ‬
‫‪ - 2‬دخولـــه متوضئــــــــــــــــــــا ‪:‬‬
‫فإذا وصل المسجد الحرام ‪ ،‬يدخله متوضئا ‪ ،‬لحديث عائشة رضي هللا عنها ‪ « :‬أن أول شيء بدأ به حين قَدِم‬
‫النبي ﷺ أنه توضأ ثم طاف »‪ [ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري( ‪ ، ) 215 / 4‬كتاب الحج ‪ ،‬باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى‬
‫بيته ‪ ...‬دار الفكر للطباعة والنشر ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 1441 - 1447‬هـ ‪ 2719 /‬م ) ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ]‪.‬‬

‫‪ - 3‬تقديم رجله اليمنى في الدخول ‪:‬‬


‫وقول ‪ « :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم »‪.‬‬
‫[ « عن عبد للا بن عمرو بن العاص عن النبي ﷺ أنه كان إذا دخل المسجد قال ‪ :‬أعوذ باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من الشيطان‬
‫الرجيم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا قال ذلك ‪ ،‬قال الشيطان ‪ُ :‬حفظ مني سائر اليوم »‪ .‬أخرجه أبوداود في سننه (‪ ، )466‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب فيما يقوله الرجل عند‬
‫دخوله المسجد ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح الجامع ( ‪ ، ) 217/ 4‬وقال عنه اإلمام النووي في األذكار (‪ « : )121/ 1‬حديث حسن رواه أبوداود بإسناد‬
‫جيد » ]‪.‬‬
‫( « بسـم للا والصــالة (‪ ، ) 1‬والســالم على رســول للا (‪ ، ) 2‬اللهــم افتــح لـي أبــواب رحمتــك (‪) .» ) 3‬‬
‫[ حصن المسلم ‪ ،‬ص‪ ، 23‬للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني ]‪ .‬ويقول ذلك عند دخول أي مسجد‪.‬‬

‫‪ - 4‬رفع يديه عند رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما شاء ‪ ،‬إن شاء ‪:‬‬
‫لثبوته عن ابن عباس رضي للا عنهما‪ ) 4(.‬و له أن يقول ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا‬
‫بالسالم‪ ،‬لما روي أن عمر رضي للا عنه كان إذا نظر إلى البيت قال ذلك »‪ [ .‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 19 / 9‬كتاب الحج «‬
‫‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق وتعليق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ] .‬وقال‬
‫( يدعو بما تيسر له ‪ ،‬وإن دعا بدعاء عمر ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم ‪ ،‬فحيّنا ربَّنا بالسالم » فحسن ؛ لثبوته عنه‬ ‫األلباني ‪:‬‬
‫[ مناسك الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪ ، 27‬ط ‪1999 / 1427 ( 1‬م ) ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ]‪.‬‬ ‫رضي للا عنه )‪.‬‬

‫‪ - 5‬الطواف والسعي ‪:‬‬

‫بعد رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما تيسر ‪ ،‬يطوف بالكعبة ‪ ،‬ويسعى (‪ ) 5‬بين الصفا والمروة ‪ ،‬ويحلق أو يقصر شعره ‪:‬‬
‫[ طواف ‪ ،‬سعي ‪ ،‬تقصير] ‪ ،‬ويتحلل من إحرامه ‪ ،‬ويستمتع بكل شيء ‪ ،‬دون استثناء ‪.‬‬

‫‪ - 6‬تقديم رجله اليسرى في الخروج ‪ ،‬وقول ‪:‬‬


‫« بسم للا والصالة والسالم على رسول للا ‪ ،‬اللهم إني أسألك من فضلك (‪ ، ) 6‬اللهم اعصمني من الشيطان‬
‫الرجيم (‪.» ) 7‬‬

‫‪ :‬رواه ابن السني برقم ‪ ، 88‬وحسنه األلباني في « الثمر المستطاب »‪ .‬ص ‪ ، 776‬و « في الكلم الطيب » ‪ ،‬برقم ( ‪.)64‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪ :‬أبو داود في سننه (‪ ، )126/1‬كتاب الصالة ‪ ،‬باب ما يقوله الرجل عند دخوله المسجد‪ .‬وانظر صحيح الجامع (‪.)528/1‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬رواه مسلم (‪ .)494/1‬وفي سنن ابن ماجة ‪ ،‬من حديث فاطمة رضي للا عنها ‪ » :‬اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك » ‪ .‬وصححه‬ ‫‪3‬‬
‫األلباني لشـواهده ‪ ،‬أنظر صحيح ابن ماجة ( ‪ ) 128/1‬ـ ‪ . 129‬وانظر [ اللحنة الدائمة للبحوث العلمية وإلفتاء ( ‪ ، ) 292 ، 291 / 5‬برئاسة ابن باز ]‪.‬‬
‫‪ :‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ ، )436/3‬وصححه األلباني في مناسك الحج والعمرة ص‪ ، 18‬انظر كتاب » العمدة في أعمال الحج والعمرة ‪ ،‬ص ‪.» 48‬‬ ‫‪4‬‬
‫للشيخ دمحم علي فركوس‪.‬‬
‫‪ :‬البد أن يستشعر الناسك ‪ :‬أن السعي ليس مجرد هرولة بين جبلين ‪ ،‬ولكن يطلب بهذا السعي من للا تعالى أن ينقذه من براثن الرذيلة ‪ ،‬ويغنيه بفضله‬ ‫‪5‬‬
‫عمن سواه ‪ ،‬وأن يشمله برحمته الواسعة ‪ ،‬كما رحم للا السيدة هاجر وابنها بماء زمزم ‪.‬‬
‫‪ ... » :‬فإذا خرج فليقل ‪ :‬اللهم إني أسألك من فضلك »‪ .‬أبو داود (‪ ، )393‬ابن ماجة (‪ ، )764‬وصححه األلباني ‪ :‬انظر صحيح الكلم الطيب (‪.)65‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ ... » :‬وإذا خرج فليسلم على النبي ﷺ ‪ ،‬وليقل ‪ :‬اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم »‪ .‬صحيح ابن ماجة (‪ ، )129/1‬وصححه األلباني في ذات الكتاب ‪.626‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪111‬‬
‫مالحظــــــــة ‪ :‬أما ما يتعلق بكيفية ( طواف العمرة والسعي ‪ ،‬ومتعلقاتهما ) ‪ ،‬تناوله فيما يلي ‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫رابعا ‪ -‬كيفية طـواف العمـرة‬
‫‪ - 1‬االضطباع ‪:‬‬
‫يستحب للرجل أن يضطبع قبل أن يبدأ في الطواف‪.‬‬
‫أ ‪ -‬صفة االضطباع ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكشف الرجل الكتف األيمن ‪ ،‬ويغطي الكتف األيسر جميع‬
‫األشواط ‪ ،‬إذ « االضطباع سنة في جميع أشواط الطواف »‪.‬‬
‫(‪1414‬هـ )‬ ‫[ الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ ، )134/29‬سنن الطواف ‪ ،‬اإلضطباع ‪ ،‬طعبة األولى‬
‫]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬زمن االضطباع ‪:‬‬


‫[ متن اإليضاح ‪ ،‬للنووي ‪ ،‬ص ‪]. 68‬‬ ‫« يُستحب أن يضطبع مع دخوله في الطواف ‪ ،‬فإن اضطبع قبله بقليل فال بأس »‬
‫الـر همـل ‪:‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫أ ‪ -‬معنى الرمل ‪:‬‬
‫« اإلسراع في المشي مع تقارب الخطى ‪ ،‬وهو دون العدو ‪ ،‬وفوق المشي المعتاد »‪ ، ) 1(.‬تأسيا بالنبي ﷺ ‪،‬‬
‫حيث ثبت أنه « رمل من الحجر األسود إلى الحجر األسود ثالثا ‪ ،‬ومشى أربعا »‪ [ .‬رواه مسلم في الصحيح ]‪.‬‬

‫ب ‪ -‬صفة الرمل ‪:‬‬


‫‪ .‬انظر [ المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 218 / 5‬وزاد المعاد البن القيم ]‪.‬‬
‫‪ -‬يُسن للمحرم الرمل في األشواط الثالثة األولى فقط‬
‫ب بين خطاه »‪ [ .‬زاد المعاد (‪.] )419 /1‬‬‫وإنما يمشي في بقية األشواط األربعة ؛ « بحيث يُسرع في مشيه ‪ ،‬ويُقار ُ‬
‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ [ :‬االستذكار (‪ « ، )197/4‬باب الرمل في الطواف » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬سالم دمحم عطا ‪ ،‬دمحم علي معوض‪].‬‬

‫‪ - 2‬قطع التلبية عند الشروع في الطواف ‪:‬‬


‫‪ « -‬يقطع المعتمر التلبية » (‪ ، ) 2‬ويبدأ الطواف حول الكعبة ‪ ،‬باستقبال الحجر األسود‪.‬‬

‫‪ - 3‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪:‬‬


‫يقصد الحجر األسود ‪ ،‬ثم يقوم بما يلي ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أ ‪ -‬يستقبله ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » ‪ :‬والتسمية قبل التكبير « صحت عن ابن عمر موقوفا »‪.‬‬
‫ب ‪ -‬يستلمه بيمينه [ أي ‪ :‬يلمسه ‪ ،‬أو يمسحه بكفه ] ‪ ،‬ويُقبّله إن تيسر ‪ ،‬ويسجد عليه أيضا ‪:‬‬
‫والعمرة ‪ ،‬ص ‪27‬‬ ‫[ األلباني ‪ :‬مناسك الحج‬ ‫( فقد فعله الرسول ﷺ ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وابن عباس ‪ :‬أخرجه الشافعي وأحمد ‪ ،‬وغيرهما‪).‬‬
‫]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬وإال يستلمه بيده ويقبّل يده ‪:‬‬


‫قال ابن حجر ‪ « :‬السنة أن يستلم الركن ‪ ،‬ويُقبّل يده ‪ ،‬فإن لم يستطع أن يستلمه بيده ‪ ،‬فبشيء في يده ‪،‬‬
‫وقبّل ذلك الشيء ‪ ،‬فإن لم يستطع أشار إليه ‪ ،‬واكتفى بذلك »‪ [ .‬شرح صحيح البخاري (‪ ، ) 477 / 3‬الحج ‪ ،‬باب استالم الركن‬
‫بالمحجن ‪].‬‬

‫د ‪ -‬أو يستلمه بعصا ونحوها ‪ ،‬ويُقبّل ما استلمه به ‪:‬‬

‫‪ : 1‬إحياء علوم الدين ( ‪ ، ) 327 / 1‬ألبي حامد الغزالي ‪ ،‬كتاب أسرار الحج ‪ ،‬الباب الثاني ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬و[ الموسوعة الفقهية ‪-‬‬
‫الدرر السنية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب السادس ‪ :‬الطواف ‪ ،‬الفصل الثالث ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬المبحث الثاني ‪ :‬الرمل ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬تعريف الرمل ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬وذلك عند بدء الطواف للمعتمر ‪ « :‬وهذا مذهب الجمهور ‪ :‬الحنفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وهو قول طائفة من السلف ‪ ،‬وذهب إليه أكثر أههل العلم ‪« .‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج الباب الرابع ‪ :‬اإلحرام ‪ ،‬الفصل الثاني ‪ :‬سنن اإلحرام ‪ ،‬الفرع الثَّالث ‪ :‬انتهاء وقت التلبية ‪ .] ...‬و [ اإليضاح في المناسك ‪ ،‬للنووي‪] .‬‬
‫‪ [ : 3‬مناسك الحج والعمرة لأللباني ‪ ،‬ص ( ‪.] ) 27‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬ودليل استحباب تقبيل ما استلم به ‪:‬‬
‫انظر [ صحيح مسلم ( ‪ ، ) 927 / 2‬كتاب الحج ‪ ،‬باب جواز الطواف على بعير وغيره ‪ ،‬واستالم الحجر بمحجن ونحوه للراكب ‪ ،‬رقم ‪] . 1275‬‬
‫هـ ‪ -‬فإن تعذر أشار إليه بيمناه من بعيد ‪ ،‬قائال ‪ « :‬للا أكبر » (‪: ) 1‬‬
‫دون أن يُقبل يده ‪ ،‬ودون توقف ‪ ،‬يفعل ذلك في كل شوط ‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 42 / 9‬كتاب الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق وتعليق مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ .‬و زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم ( ‪ . ) 419 / 1‬وانظر مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة ‪ ،‬البن باز ( ‪ « ، ) 427 / 17‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج‬
‫والعمرة ‪ ،‬أعمال مناسك العمرة » ‪ ،‬جمع وإشراف ‪ :‬د ‪ /‬دمحم بن سعد الشويعر ‪ 1421 ( ،‬هـ ) ‪ ،‬دار القاسم ‪ ،‬الرياض ] ‪.‬‬

‫‪ - 4‬الشروع في الطواف بالبيت ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬موضع بدء الطواف ‪:‬‬
‫يبدأ الطائف طوافه من الركن الذي فيه الحجر األسود ؛ يجعل الكعبة عن يسـاره ‪ ،‬ويطـوف حولهـا ‪:‬‬
‫« كل مرة من الحجر األسود إلى الحجر األسود »‪ ) 2(.‬حيث من الحجر األسود إليه يُعذ « شوطا «‪.‬‬
‫« ثم يطوف ثانية وثالثة حتى يكمل سبع طوفات ؛ من الحجر األسود إليه طوفة »‪ [ .‬المجموع ( ‪.] ) 15 / 9‬‬

‫ب‪ -‬ما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪:‬‬


‫ويُستحب أن يقول في بداية طوافه ‪ ( :‬عند استالم الحجر األسود أوال ‪ ،‬وعند ابتدائه بالمشي في الطواف ‪-‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أيضا ‪ « : -‬بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهم إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪ ،‬ووفا ًء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك ﷺ »‪) .‬‬
‫« ويأتي بهذا الدعاء عند محاذاة الحجر األسود في كل طوفة »‪.‬‬
‫[ حاشية ابن حجر على شرح اإليضاح في مناسك الحج للنووي‪ ،‬ص ‪ ، 267‬كتاب الحج ‪ ،‬سنن الطواف وآدابه ‪ ،‬دار الحـديث للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫لكن الشيخ العثيمين قال ‪ :‬يقوله عند أول مرة فقط ‪ « ،‬يقول ‪ :‬بسم للا وللا أكبر ‪ ،‬اللهم إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪ ،‬ووفا ًء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك‬
‫دمحم ﷺ ‪ ،‬ثم إذا حاذى الحجر يقول ‪ :‬للا أكبر فقط »‪ .‬انظر ‪ :‬كتاب اللقاء الشهري ‪ -‬ص ‪ ، 6‬صفة العمرة ‪ -‬المكتبة الشاملة الحديثة ]‪.‬‬

‫‪ - 5‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬موقع الركن اليماني ‪:‬‬


‫هو الركن الواقع قبل ركن الحجر األسود؛ بحيث يَ ُمر به الطائف قبل مروره بالحجر األسود‪ ( .‬انظر الصورة المرفقة )‪.‬‬

‫ب ‪ -‬صفة استالم الركن اليماني‬


‫فإذا وصل إلى الركن اليماني استلمه بيمينه ؛ أي وضع يده عليه‬
‫جـ ‪ -‬ما يقال عنده ‪:‬‬
‫[ زاد المعاد ‪ ،‬البن القيم (‪ ، )419/1‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( ‪] . ) 219 / 17‬‬ ‫وقال ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر »‪.‬‬
‫وذلك في كل طوفة‪ [ .‬ابن قدامة ( ‪.] ) 227 / 5‬‬

‫ق عليه استال ُمه ‪:‬‬


‫• فإن ش ّ‬
‫[ لتفاصيل أكثر انظر ص ‪ 211‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫مضى في طوافه عند محاذاتـه ‪ ،‬دون إشــارة أو تكبير‪.‬‬

‫‪ « : 1‬قال مالك ‪ :‬يكبر ويمضي ‪ ،‬وال يرفع يديه «‪ [ .‬المدونة الكبرى ‪ -‬اإلمام مالك ( ‪ ، ) 396 / 1‬كتاب الحج األول ‪ ،‬ط ‪1415 ( 1‬هـ ‪1994 /‬م ) ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫عن ابن عباس ‪ -‬رضي للا عنهما ‪ -‬قال ‪ « :‬طاف النبي ﷺ بالبيت على بعير ‪ ،‬كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده ‪ ،‬وكبّر « ‪:‬‬
‫[ صحيح البخاري ( ‪ ، ) 186 / 1‬الحج ‪ ،‬باب التكبير عند الركـن ‪ ،‬دار الكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنـان‪ .].‬قال ابن عبد البر ‪ « :‬ال يختلف العلماء أن تقبيل‬
‫الحجر األسود في الطواف من سنن الحج لمن قدر عليه ‪ ،‬ومن لم يقدر عليه وضع يده على فيه ‪ ،‬ثم وضعها عليه مستل ًما ‪ ،‬ورفعها إلى فيه ‪ ،‬فإن لم‬
‫يقدر أيضا على ذلك ‪ ،‬كبّر إذا قابله وحاذاه ‪ ،‬فإن لم يفعل ‪ ،‬فال أعلم أحدا أوجب عليه دما وال فدية « ‪ [ :‬االستذكار ‪ ، ) 271 / 4 ( :‬كتاب الحج ‪ ،‬باب تقبيل‬
‫الركن األسود ‪ ...‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫‪ : 2‬المجموع للنووي ( ‪ « ، ) 25 / 9‬الحج « ‪ « ،‬باب صفة الحج والعمرة « ‪ « ،‬المحرم إذا رأى البيت « ‪ ،‬تحقيق مجموعة من الباحثين ‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت ‪.‬‬
‫‪ : 3‬المجموع للنووي ( ‪ . ) 41 ، 47 /9‬و[ كتاب اللقاء الشهري للعثيمين ( جـ ‪ ، 17‬ص‪ ، ) 6‬المكتبة الشاملة ]‪ .‬و [التحقيق واإليضاح‪ ...‬البن باز ‪ ،‬ص‪ ، 42‬ط ‪.] 19‬‬

‫‪114‬‬
115
‫جـ ‪ -‬ما يقال بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود ) ‪:‬‬
‫( كان النبي ﷺ يختم طوافه بين الركنين بقوله ‪ « :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‬
‫[ البقرة ‪ ، ] 271‬كما كان يختم سائر دعائه ‪ [ . ) ...‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ( ‪ ، ) 261 ، 266 / 62‬و زاد المعاد ( ‪ ، ) 418 / 1‬ك الحـج ]‬

‫‪ - 6‬التوجه إلى مقام إبراهيم ‪ ،‬وصالة ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬
‫فإذا فرغ من الطواف ‪ ،‬غطى كتفه ‪ ،‬وتقدم إلى مقام إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬وقرأ ‪ « :‬واتخذوا من مقام إبراهيم‬
‫مصلى »‪ [ .‬البقرة ‪] 124 :‬‬

‫ب ‪ -‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫• موضع صالة الركعتين ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ثم يصلي ركعتين خلف المقام ‪ ،‬فإن تعذر ذلك ‪ ،‬صلى في أي موضع من المسجد الحرام ‪ ،‬بإجماع ‪.‬‬
‫• صفة صالة الركعتين ‪:‬‬
‫التجوز في صالة الركعتين ‪( :‬عدم إطالة القراءة ‪ ،‬والركوع والسجود ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬إلتاحة الفرصة لغيره )‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬القراءة فيهما ‪ :‬يقرأ ‪ -‬في الركعتين ‪ ،‬بعد الفاتحة ‪ -‬في األولى ‪ :‬سورة الكافرون ‪ ،‬وفي الثانية ‪ :‬اإلخالص‪.‬‬
‫[ المجموع للنووي (‪ ، )55 /9‬ومجموع الفتاوى البن تيمية (‪ « .] )127/26‬باتفاق المذاهـب األربعة »‪ ) 2(.‬وإن قرأ بغيرهما فال حرج‪.‬‬
‫(‪3‬‬

‫)‬

‫‪ - 7‬استحباب استالم ال هح هجر بعد ركعتي الطواف ‪:‬‬


‫من السنن المهجورة ‪ :‬استالم ال َح َجر األسود بعد صالة ركعتي الطواف ‪ ،‬وقبل السعي ‪ ،‬وذلك لجهل الكثير‬
‫من الناس بهذه السنة‪ .‬مالحظــــة ‪ [ :‬لمعرفة تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع ‪ :‬انظر ص ‪ 213‬وما بعدها من الكتاب ] ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ الشرب والتضلع من زمزم ‪:‬‬


‫ويُسن له أن يشرب من زمزم ‪ ،‬ويتضلع منه (‪ ، ) 4‬ويصب على رأسه ‪ ،‬ويدعو بما شاء ‪:‬‬
‫لثبوته في السنة ‪ ،‬كما في حديث جابر رضي هللا عنه (‪ ، ) 5‬ولقوله ﷺ ‪ « :‬ماء زمزم ل هما شُرب له »‪.‬‬
‫[ انظر ص ‪ 214‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫من آداب الشُّرب ‪ :‬استقال القبلة ‪ ،‬والتسمية ‪ ،‬والتنفس ثالثا ‪ ،‬وحم ُد للا تعالى ‪:‬‬

‫‪ [ : 1‬االستذكار البن عبد البر ( ‪ . ) 176 / 4‬وانظر ‪ :‬مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( ‪.] ) 413 / 22‬‬
‫‪ : 2‬أحكام الطواف بالبيت الحرام ‪ ،‬لوليد بن عبد للا الهويريني ‪ ،‬ص ‪ « ، 212‬الفرع الخامس ‪ :‬ما يُشرع قراءته في ركعتي الطواف »‪ .‬دار ابن الجوزي ‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫‪ : 3‬سنن الترمذي ( ‪ ، ) 179 / 2‬الحج ‪ « ،‬باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف » ‪ ،‬حديث ‪ ، 877 :‬دار الفكر للطاعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ : 4‬والتضلّع من ماء زمزم ‪ :‬شدة االرتواء منه ‪ ،‬بحيث « يشرب حتى يمتلئ جوفه ‪ ،‬ويصل إلى أضالعه »‪ [ .‬تحفة الذاكرين للشوكاني ‪ ،‬ص‪ ، 166‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫مكتبة المتنبي ‪ ،‬القاهرة ]‪ .‬ويُنظر ‪ :‬ابن عثيمين [ الشرح الممتع ( ‪. ] ) 379 ، 378 ، 377/7‬‬
‫وصب‬
‫ّ‬ ‫‪ « : 5‬أن النبي ﷺ رمل ثالثة أطواف من الحجر إلى الحجر ‪ ،‬وصلى ركعتين ‪ ،‬ثم عاد إلى الحجر ‪ ،‬ثم ذهب إلى زمزم ‪ ،‬فشرب منها ‪،‬‬
‫على رأسه »‪ .‬انظر ‪ :‬مسند اإلمام أحمد ( ‪ : ) 394 / 3‬وإسناده صحيح‪ .‬انظر [ جامع المسانيد والسنن ‪ ...‬البن كثير ( ‪ ، ) 6821 / 24‬مسند جابر‬
‫بن عبد للا رضي للا عنه ‪ ،‬توثيق ‪ ،‬و تخريج ‪ ،‬وتعليق ‪ :‬د‪ /‬عبد المعطي أمين قلعجي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪].‬‬

‫‪116‬‬
‫خامسا ‪ -‬السعي بين الصفا والمروة‬
‫صفة السعي بين الصفا والمروة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الصعود إلى الصفا ‪:‬‬
‫يتوجه المعتمر نحو الصفا ‪ ،‬للسعي ‪ ،‬ويؤدي‬
‫مناسكـــه على النحــو التــالي ‪:‬‬

‫ب ‪ -‬البدء من الصـفا ‪ ،‬والدنو منه ‪:‬‬


‫يبدأ بالصفا‪ ،‬ويدنو منه ‪ ،‬ثم يتلو قوله تعالى‬
‫‪ « :‬إن الصفا والمروة من شعائر للا فمن‬
‫حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن ي ّ‬
‫ط ّوف بهما فمن تطوع خيرا فإن للا شاكرعليم »‪[ .‬البقرة ‪ ]158‬ويقول ‪« :‬‬
‫أبدأ ُ بما بدأ للا به » ‪ ،‬لحديث ‪ ( :‬فلما دنا من الصفا قرأ ‪ « :‬إن الصفا والمروة من شعائر للا » ‪ « ،‬أبدأ ُ بما بدأ‬
‫للا به »‪).‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬ك الحج ‪ ،‬باب حجة النبي ﷺ ‪ ،‬حديث رقم ( ‪ ، ) 1218‬تحقيق دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ ،‬من حديث جابر رضي للا عنه ‪ ،‬وأخرجه أبو داود في المناسك ‪ ،‬باب صفة حجة النبي ﷺ ( ‪ ، ) 1975‬وغيره بلفظ ‪ « :‬نبدأ » ]‪.‬‬

‫وال يكرر اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » في غير هذا الموضع ؛ أي « يقتصر في قوله هذا على‬
‫الصفا في المرة األولى فقط »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪،‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الصعود على الصفا والمروة والدعاء ]‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬ارتقاء الصفا ‪ ،‬واستقبال الكعبة ‪:‬‬


‫ثم يرتقي الصفا ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والرقي أفضل (‪ ) 1‬حتى يرى الكعبة ‪ :‬فيستقبلها ‪ ،‬ويرفع يديه ‪،‬‬
‫فيحمد هللا ويكبره ثالثا ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬ال إله إال للاُ ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو‬
‫على كل شيء قدير ‪ ،‬ال إله إال للاُ وحده ‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده ‪ ،‬وهزم األحزاب وحده »‪ .‬يكرر ذلك ثالث‬
‫مرات‪ .‬انظر [ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪.] ) 144 ، 138 / 7‬‬

‫د ‪ -‬الدعاء بين التهليالت ‪:‬‬


‫ويدعو بين التهليالت بما تيسر من األدعية ‪ ،‬رافعا يديه ‪ ،‬ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬يُسن أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة ‪ ،‬ويذكر للا تعالى بهذا الذكر المذكور ‪ ،‬ويدعو‬
‫ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات ‪ [ .» ...‬المصدر ذاته ]‪.‬‬

‫دعاء ابن عمر رضي للا عنه ‪:‬‬


‫[ انظر ص ‪ 216‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫أورده ابن تيمية عن نافع ‪ ،‬وصحح إسناده ‪ ،‬وذكره ابن قدامة وغيره ‪:‬‬

‫هـ ‪ -‬الشروع في السعي‬


‫• النزول من الصفا إلى المروة ‪:‬‬
‫ثم ينزل من الصفا إلى المروة ‪ ،‬ليسعى بينهما ‪ ،‬ويُستحب في هذا النزول ما يلي ‪:‬‬

‫‪ : 1‬قال ابن قدامة ‪ « :‬والصعود عليها ‪ -‬أي الصفا ‪ -‬هو األولى ‪ ،‬اقتدا ًء بفعل النبي ﷺ ‪ ،‬فإن ترك مما بينهما شيئا ‪ ،‬ولو ذراعا ‪ ،‬لم يُجزئه حتى يأتي به ‪،‬‬
‫والمرأة ال يُسن لها أن ترقى ‪ ،‬لئال تزاحم الرجال ‪ ،‬وتركُ ذلك أستر لها ‪ ...‬والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي ‪ ،‬كحكم الرجل » ‪.‬‬
‫[ المغني ( ‪، )476 / 3‬الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ...‬فصل ‪ :‬فإن لم يهرقه على الصفا ‪ ...‬الطبعة األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪] .‬‬
‫‪ : 2‬انظر ‪ :‬الموسوعة الفقهية السالفة الذكر ‪ .‬وانظر ‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪ ، ) 259 / 11 ( ..‬الحج والعمرة ‪ ،‬السؤال الرابع من فتوى رقم ( ‪، ) 9121‬‬
‫جمع وترتيب ‪ :‬أحمد بن عبد الرزاق الدويش ‪ ،‬دار العاصمة للنشر ‪ ..‬الرياض‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ ( -‬المشي بين الصفا والمروة ‪ ،‬إال ما كان بين العالمتين الخضراوين ‪ ،‬فإنه يُسن « للرجال السعي الشديد‬
‫بينهما » ‪ ،‬وذلك في األشواط السبعة )‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ك الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪:‬‬
‫(‪)145/7‬‬ ‫سنن السعي ‪ ...‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬السعي الشديد بين العالمتين الخضراوين ]‪ .‬وكذا [ صحيح مسلم بشرح النووي‬
‫]‪.‬‬

‫قال النووي ‪ « :‬ولو مشى في الجميع ‪ ،‬أو سعى في الجميع أجزأه ‪ ،‬وفاتته الفضيلة ‪.» ...‬اهـ‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي (‪ .] )145/7‬وانظر ‪ [ :‬مجموع الفتاوى البن تيمية (‪ ، )128/26‬جمع وترتيب ‪ :‬عبد الرحمن بن دمحم بن قاسم ]‪.‬‬

‫• ما يقال بين الميلين ‪:‬‬


‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬إنك أنت األعز األكرم » ‪ ،‬لثبوته عن‬ ‫ويقول الساعي بين الميلين ‪ّ « :‬‬
‫جمع من السلف ‪ ،‬كابن عمر ‪ ،‬وابن مسعود رضي هللا عنهما‪ « [ .‬مناسك الحج والعمرة لأللباني » ‪ ،‬ص‪.] 27‬‬
‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬وأنت‬ ‫قال النووي ‪ ( :‬ويُستحب أن يقول ‪ -‬في مروره بينهما ‪ّ « : -‬‬
‫األعز األكرم ‪ ،‬اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار »‪) .‬‬
‫[ المجموع ( ‪ ، ) 81 / 9‬الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬الذكر والدعـاء ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬مجموعـة مـن الباحثيـن ‪ ،‬دارالكتب العلميـة ‪ ،‬بيروت ]‬

‫• الصعود إلى المروة ‪:‬‬


‫ثم يمشي مشيا عاديا إلى المروة ‪ ،‬فيرتقي جبل المروة ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والصعود فوقه أفضل ‪ ،‬إن‬
‫تيسر ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪ ( ،‬ويقول ‪ ،‬ويفعل على « المروة » كما قال ‪ ،‬وفعل على « الصفا » في األشواط‬
‫(‪) 1‬‬
‫السبعة ‪ ،‬ماعدا قراءة اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » )‪.‬‬
‫حيث « يُسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يُسن على الصفا ‪ ،‬وهذا متفق عليه »‪.‬‬
‫[ صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪ ، ) 144 ، 138 / 7‬حديث رقم ( ‪] . ) 1218‬‬

‫• النزول من المروة إلى الصفا ‪:‬‬


‫ثم ينزل من المروة إلى الصفا ماشيا ‪ ،‬ويهرول في موضع إسراعه ‪ ،‬ويرتقي الصفا ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪،‬‬
‫ويقول مثلما قاله أول مرة‪.‬‬

‫آخر‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي ( ‪.] ) 145 / 7‬‬ ‫‪ -‬ويُتم سعيه بسبعة أشواط ؛ ذهابُه ‪ :‬شوط ‪ ،‬ورجوعُه من المروة ‪ :‬شوط‬
‫(‪) 2‬‬
‫و ‪ -‬اإلكثار في السعي من الذكر والدعاء بما تيسر‬
‫• عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫يُستحـب أن يكـون الناســك متوضئـا ‪ ،‬ولو سعى على غير طهـارة ‪ ،‬فال حـرج‬
‫ولكن « المستحب مع ذلك ‪ ،‬لمن قدر على الطهارة أال يسعى إال متطهرا ‪ ،‬وكذلك يُستحب أن يكون‬
‫طاهرا في جميع مناسكه‪ [ .» ..‬المصدر ذاته ]‬

‫• جواز الطواف والسعي راكبا لعذر ‪ ،‬والمشي أفضل لغير العاجز‪.‬‬


‫القيم‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الباب ‪ ، 8‬المبحث ‪ ، 2‬المطلب ‪ : 1‬السعي بين الصفا والمروة ]‪.‬‬ ‫نقل اإلجماع على ذلك ابن عبد البر ‪ ،‬وابن‬

‫‪ : 1‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب األول ‪:‬‬
‫الصعود على الصفا والمروة والدعاء‪.‬‬
‫‪ [ : 2‬المغني ( ‪ ، )476 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ :‬ويخرج إلى الصفا من بابه ‪ ،‬فيقف عليه ‪ ، ..‬فصل ‪ :‬فإن لم يرق على الصفا ‪ ،...‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1475‬هـ ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪].‬‬
‫‪ : 3‬المغني ( ‪ ، ) 246 / 5‬كتاب الحج ‪ ،‬مسألة ؛ قال ‪ :‬ومن سعى بين الصفــا والمــرو ة ‪ ...‬تحقيـق ‪ :‬د‪ /‬عبد للا بن عبد المحسـن التركـي ‪ ،‬د‪ /‬عبد الفتـاح دمحم الحلـو ‪،‬‬
‫دار عالم الكتب ‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫سادسا ‪ -‬الحلق أو التقصير ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪:‬‬
‫‪ -‬فإن أتم المعتمر السعي ‪ ،‬تحلل بحلق جميع الشعر ‪ ،‬أو تقصيره كله ‪ ،‬ويختلف الرجل والمرأة في ذلك‪.‬‬
‫أ ‪ -‬بالنسبة للرجل ‪ ( :‬الحلق أو التقصير ‪ ،‬والحلق أفضل )‬
‫الحلق أفضل للرجال ‪ :‬ألنه ﷺ حلق ‪ ،‬وقال ‪ « :‬خذو عني مناسككم »‪.‬‬
‫[ رواه مسلم ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في‬
‫(‪) 1‬‬
‫صحيح الجامع برقم ( ‪ .] )5761‬وألنه دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثالث مرات ‪ ،‬وللمقصرين مرة واحدة ‪ ،‬فقال ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ب ‪ -‬بالنسبة للمرأة ‪ ( :‬السنة في حقها التقصير ال الحلق ‪ ،‬إجماعا ) ‪ ... « :‬إنما على النساء التقصير »‪.‬‬
‫المنذر‪ [ .‬المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 377 / 5‬الحج ‪ - 651 ،‬مسألة ؛ قال ‪ ( :‬والمرأة تقصر من شعرها مقدار األنملة )‬ ‫نقل اإلجماع على ذلك ‪ :‬ابن‬
‫]‪.‬‬

‫‪ - 2‬صفة ومقدار التقصير أو الحلق للجنسين‬


‫صفة التقصير بالنسبة للرجل والمرأة ‪:‬‬
‫صر من رؤوس‬
‫صره ‪ :‬جمع الشعر ‪ ،‬وقص منه » (‪ ) 3‬؛ « فإن كان الشعر مضفورا ق ّ‬ ‫أ ‪ -‬الرجـــل ‪ « :‬إذا ق ّ‬
‫ضفائره »‪ [ .‬المغني ( ‪ ، ) 245 /5‬الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ] ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬والمـرأة ‪ :‬تجمع ضفـائر شعـرها ‪ ،‬أوأطـرافه إلى مقدم رأسها ‪ ،‬إن لم يكن لها ضفائـر ‪ ،‬وتقصره‪.‬‬
‫« قال مالك ‪ :‬تُق ّ‬
‫صر المرأة من جميع قرونها [ أي ضفائرها ] ‪ ،‬وال يجب التقصير من كل شعرة ‪ [ .» ...‬ذات المصدر‬
‫]‪.‬‬

‫القدر المستحب لمن أراد التحلل بتقصير الشعـر ‪:‬‬


‫يُستحب التقصير ‪ -‬للجنسين ‪ -‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬االستيعاب ‪ :‬أن يشمل التقصير جميع الرأس ‪ ،‬والمرأة والرجل في ذلك سواء ‪:‬‬
‫[ المجموع للنووي ( ‪ ، ) 153 / 9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب صفة الحج والعمرة ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪.‬‬
‫وانظر ‪ [ :‬المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 244 /5‬كتاب الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ] ‪.‬‬

‫صا من شعرهما كلّه قدر أنملة ‪:‬‬


‫ثانيا ‪ :‬التقصير مقدار أنملة ‪ :‬أن يهقُ ُّ‬
‫( ُروي عن ابن عمر أنه قال ‪ « :‬مقدار أنملة » )‪ .‬انظر ‪ [ :‬المنتقى للباجي ( ‪ ، ) 56 / 4‬الحج ‪ ،‬الباب الثاني في صفة الحالق‬
‫والتقصير ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد القادر أحمد عطا ‪ ،‬دارالكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ]‪ .‬و[ مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬ص ‪.]) 65‬‬

‫( مقدار األنملة ‪ « ...‬رأس األصبع ‪ ،‬من المفصـل األعلى »‪ [ ).‬المغني ( ‪، ) 185 / 3‬الحج‪ .]2553 ،‬حوالي سنتمترين‪.‬‬
‫[ للتوسع أكثر في ‪ « :‬صفة ومقدار التقصير أو الحلق للجنسين » ‪ ،‬انظر ص ‪ 219‬وما بعدها من الكتاب ] ‪.‬‬

‫زمان الحلق ومكانه ‪:‬‬


‫ذهب أبو حنيفة إلى أن للحلق زمانا يتمثل في « أيام التشريق » ‪ ،‬ومكانا ‪ :‬وهو « الحرم »‪ .‬وعلى من‬
‫خالف ذلك دما‪ [ .‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪ . ] ) 57 /17‬وعند المالكية ‪ « :‬الراجح أال يجب شيء بالتأخير عن أيام‬
‫التشريق ‪ ...‬ما لم يرجع إلى بلده »‪ [ .‬الفقه اإلسالمي وأدلته ( ‪ ( . ] ) 211 / 3‬قال الشافعية ‪ ،‬والحنابلة ‪ ...‬ال يجب الدم‬
‫ما بعد العودة إلى البلد »‪ [ ) .‬المرجع ذاته ]‪ .‬وانظر ‪ [ :‬المجموع للنووي ( ‪159 / 9‬‬
‫بتأخير الحلق عن « أيام الرمي » ‪ ،‬أو « ل ه‬
‫]‪.‬‬ ‫)‬

‫سابعا ‪ -‬التحلل من العمرة‬

‫‪ : 1‬متفق عليه ‪ :‬البخاري ‪ « ،‬الحج » ‪ « ،‬باب الحلق والتقصير ‪ ، » ...‬رقم (‪ ، )1727‬ومسلم ‪ ،‬واللفظ له «الحج » ‪ « ،‬باب تفضيل الحلق على التقصير ‪ » ...‬رقم (‪. )1371‬‬
‫صرن » ‪ ،‬رقم ‪ ، 9189‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود برقم ‪.] 1984‬‬ ‫‪ [ : 2‬السنن الكبرى للبيهقي ( ‪ ، ) 174 / 5‬كتاب الحج ‪ « ،‬باب ليس على النساء حلق ولكن يُق ّ‬
‫‪ : 3‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬صفحة ‪ « ، ) 65‬كتب الفقه‪ /‬كتاب الحج » ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪ :‬بحيث ي ِحل له كل ما كان محظورا عليه بإحرامه‪ .‬قال السيد سابق ‪:‬‬
‫« وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة‪ .‬ويُح ّل ال ُمحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير »‪.‬‬
‫[ فقه السنة (‪.] )125/2‬‬

‫[ص‬ ‫ثامنا ‪ -‬من متعلقات الطواف ‪ ( :‬حول االضطباع والر َمل ‪ ،‬طواف الوداع ‪ ،‬مسائل في الطواف ‪ ،‬دعاء الملتزم )‬
‫‪.]226‬‬

‫والر همل ‪:‬‬


‫‪ - 1‬حول االضطباع ّ‬
‫أ ‪ -‬في أي طواف يكون االضطباع والرمل ؟‬
‫‪ [ .‬التحقيق واإليضاح لكثير من مسائل الحج ‪ ...‬البن باز ‪ ،‬ص ‪.] 11‬‬ ‫يُستحبان في طوافي ( العمرة ‪ ،‬والقدوم ) (‪ ) 1‬وبه قال ابن باز‬

‫ب ‪ -‬هل يُشرع االضطباع في ركعتي الطواف ؟‬


‫) [ المجموع للنووي ( ‪ . ) 23 /9‬و شرح‬ ‫( األصح ال يُسن ‪ « ...‬فإذا فرغ من الطواف أزال االضطباع ‪ ،‬وصلى ‪.» ...‬‬
‫العمدة البن تيمية (‪ ، )152/4‬والمغني (‪ ، )467/4‬والموسوعة الفقهية (‪ .] )134/29‬واختاره العثيمين [مجموع الفتاوى (‪ ، ])379/22‬وابن باز ( ‪279/17‬‬

‫‪.]) 217 ،‬‬

‫جـ ‪ -‬فهل يُشرع االضطباع في السعي ؟‬


‫‪179‬‬ ‫والعثيمين‪ [ .‬المجموع المتين له ‪ ،‬ص‬ ‫ال يُشرع ‪ [ :‬المغني (‪ . ])132 ،131/ 3‬وهو اختيار ابن باز‪ [.‬مجموع الفتاوى ( ‪، ]) 342 / 29 ( ، ) 16/ 16‬‬
‫]‪.‬‬

‫‪ - 2‬طواف الوداع‬
‫أ ‪ -‬مفهومه ‪:‬‬
‫هو الطواف الذي يسبق عودة الحاج إلى أهله‪ ،‬و يؤديه « اآلفاقي » (‪ ) 2‬توديعا للبيت الحرام ؛ عند إنهائه‬
‫لمناسكه‪ ،‬وأموره الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬وعليه مغادرة مكة فور فراغه من الطواف ‪ ،‬وال يشتغل بعده بغير السفر ومستلزماته ‪ :‬كشـراء الزاد ؛ من‬
‫مأكل ومشرب ‪ ،‬أو وقود للسيارة ‪ ،‬أو إصالح مركوبه ‪ ،‬أو انتظار رفقة ‪..‬‬

‫ب ‪ -‬كيفية طواف الوداع ‪:‬‬


‫آخر عهده بالبيت ‪ ،‬انظر [ شرح النووي على‬ ‫‪ -‬فإذا عزم على الرحيل ‪ ،‬فعليه أن يودع البيت بالطواف ‪ ،‬ليكون ه‬
‫مسلم ‪ ، 446/9‬كتاب الحج ‪ ،‬باب وجوب طواف الوداع ‪ ...‬حديث ‪ ، 1327‬والبخاري ‪ ،‬فتح الباري ‪ ، 685 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب طواف الوداع ‪ ،‬ح‪].1668 /‬‬

‫وما بعدها من الكتاب ]‪.‬‬ ‫‪268‬‬ ‫[ انظر ص‬ ‫جـ ‪ -‬حكم طواف الوداع للمعتمر ‪:‬‬

‫‪ - 3‬مسائل في الطواف ‪:‬‬


‫حكم أداء ركعتي الطواف في أوقات الكراهة ‪ ،‬حكم المكث بعد طواف الوداع بمكة ‪ ،‬مقدار المكث الموجب‬
‫إلعادة طواف الوداع ‪ ،‬حكم إيقاع السعي قبل الطواف ‪ ،‬حكم إيقاع السعي بعد طواف الوداع ‪ ،‬تقبيل الحجر األسود‬
‫حال الزحام ‪ [ .‬لمعرفة ذلك كله انظر ص ‪ 236‬من الكتاب ]‬

‫‪ [ : 1‬المغني البن قدامة ( ‪ ، )227 / 5‬الحج ‪ - 612 ،‬مسألة ‪ :‬قال ‪ ( :‬ورمل ثالثة أشواط ‪ ،‬ومشى أربعة ‪. ) ...‬‬
‫‪ : 2‬أو النائي ‪ :‬وهو من لم يكن مقيما بمكة ‪ ،‬بل من أهل اآلفاق ‪ ،‬والنواحي البعيدة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫دعــاء ال ُملت ه ه‬
‫ـزم‬

‫تعريف الملتزم ‪ ،‬وسبب تسميتة ‪ ،‬قدره ‪ ،‬ومشروعية لزوم الملتزم ‪ ،‬وكيفية الوقوف عنده ‪ ،‬والدعاء عنده ‪ ،‬بم‬
‫يدعو عند الملتزم ؟ تنبيه ‪ ،‬وزمن إتيان الملتزم للدعاء‪.‬‬

‫• تعريف ال ُملت ه هزم ‪:‬‬


‫« مكان االلتزام من الكعبة » ‪ ،‬وهو جزء من جدار الكعبة المشرفة ‪ ،‬و َم ْعلَم من معالم المسجد الحرام ؛ يقع ما‬
‫بين الحجر األسو د ‪ ،‬وباب الكعبة ‪.‬‬

‫باب الكعبة‬

‫الحجراألسود‬ ‫الملتزم‬

‫مالحظــــــــــــــة ‪ [ :‬للتعرف إلى بقية النقاط الواردة في المقدمة ‪ ،‬انظر ص ‪ 245‬من الكتاب ]‬

‫‪121‬‬
‫صفة أداء العمـرة‬
‫أعمال المعتمر عند الميقات‬

‫ثانيا ‪ -‬اإلحرام و متعلقاته‬ ‫أوال ‪ -‬مستحبات ما قبل اإلحرام‬


‫‪ - 2‬اإلحرام عند الميقات ‪:‬‬ ‫‪ - 2‬االغتسال ‪:‬‬
‫ُحرم المعتمرمن الميقات وجوبا‪،‬وال يتجاوزه دون‬
‫ي ِ‬ ‫( يغتسل ‪ ،‬ويحلق اإلبطين والعانة ‪ ،‬ويقلم األظافر إلخ )‪.‬‬
‫إحرام‪.‬‬ ‫وهكذا تفعل المرأة أيضا ولو كانت حائضا أو نفساء ‪.‬‬
‫ومعنى اإلحرام ‪ :‬هو نية الدخول في نسك الحج أو‬ ‫من أحكام الحائض والنفساء في الحج والعمرة ‪:‬‬
‫العمرة ‪ ،‬مقرونة بعمل من أعمال النسك ؛ كالتلبية ‪،‬‬
‫ُحرم على نفسه ما كان حالال قبل‬
‫أو التجرد ؛ فالمسلم ي ِ‬ ‫• الحائض يصح منها كل أفعال العمرة إال الطواف ‪:‬‬
‫اإلحرام ؛ ( كحلق الرأس ‪ ،‬وتغطيته ‪ ،‬وتغطية المرأة‬ ‫حرم بالنسك الذي تريده ‪ ،‬وتذكر هللا تعالى‪،‬‬ ‫فلها أن ت ُ ِ‬
‫وجهها ويديها‪ ،‬ومالمسة النساء ‪ ...‬وسائر المحظورات‬ ‫وتتضرع إليه ‪ ،‬وتقصر من شعرها ‪ .‬إلخ ‪ ،‬ولو كانت‬
‫)‪.‬‬ ‫حائضا أو نفساء ‪ « ،‬وهذا باتفاق المذاهب الفقهية‬
‫‪ - 6‬المواقيت ‪ ( :‬زمانية ‪ ،‬ومكانية )‪.‬‬ ‫األربعة »‪ .‬غير أنها ال تطوف بالبيت ‪ ،‬وال تدخل‬
‫وتغتسل‬ ‫تطهر‬ ‫حتى‬ ‫الحرام‬ ‫المسجد‬
‫‪ - 1‬كيفية اإلهالل ( اإلحرام ) بنسك العمرة ‪:‬‬ ‫[ الموسوعة الفقهية ‪ -‬الدرر السنية ‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫أ ‪ -‬يعقد النية ‪ ،‬و يُهـ ّل بالعمرة ؛ ( يتلفظ بلسانه قائال ‪:‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬حكم اغتسال الحائض والنفساء‪ .‬وانظر ‪ :‬صحيح مسلم‬
‫بشرح النووي (‪ ، )211/8‬كتاب الحج ‪ ،‬باب إحرام النفساء واستحباب‬
‫« لبيك عمرة » ‪ ،‬أو « اللهم لبيك عمرة »‪) .‬‬ ‫اغتسالها لإلحرام وكذا الحائض ‪ ،‬الطبعة األولى (‪ 123‬هـ ‪ 2161 /‬م ) ‪،‬‬
‫المطبعة المصرية باألزهر ]‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ويقول ‪ « :‬لبيك عمرة ‪ ،‬ال رياء فيها وال سمعة »‪.‬‬
‫• سقوط طواف القدوم عن الحائض‬
‫جـ ‪ -‬ما يُستحب عند اإلحرام ‪:‬‬
‫• سقـــوط طـــواف الـوداع عنهـــا‬
‫• استقبال القبلة عند اإلهالل ‪:‬‬
‫• جواز شرب المرأة الدواء لتأخير الحيض‬
‫يعقد النية ‪ « ،‬ثم يستقبل القبلة قائما «‪.‬‬
‫• طواف الحائض عند الضرورة ‪.‬‬
‫• التحميد والتسبيح والتكبير عند االستواء على المركوب‬
‫قبل اإلهالل ‪ :‬ثم يعلن نيته قائال ‪ « :‬لبيك اللهم عمرة »‪.‬‬ ‫‪ -‬فإن لم يتيسر االغتسال في الميقات فال حرج ‪.‬‬
‫لحديث ‪ « :‬ثم ركب حتى استوت به على البيداء ‪َ :‬ح ِمد‬
‫‪ - 6‬التـطيب ‪:‬‬
‫هللا ‪ ،‬وسبح ‪ ،‬وكبر ‪ ،‬ثم أهل ‪ [ . » ...‬الفتح البن حجر ( ‪.] ) 282 / 1‬‬
‫ويتطيب الرجل بأحسن ما عنده في بدنه ‪ ،‬دون مالبس‬
‫‪ - 2‬الشروع في التلبية ‪:‬‬ ‫إحرامه ـ وهذا قبل اإلحرام ـ وال يضره بقاء الطيب بعده‪.‬‬
‫• صيغتها ‪ « :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪،‬‬
‫ـ ارتداء مالبس اإلحرام ‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك »‪.‬‬
‫• الرجـــــل ‪ :‬يلبس اإلزار ؛ الذي يستر الجزء األسفل‬
‫• زمن بدء التلبية ‪:‬‬ ‫من البدن ‪ ،‬والرداء ؛ الجزء األعلى ‪.‬‬
‫شرع في التلبية إذا تلهبّ ه‬
‫س باإلحرام ‪ ،‬ودخل في‬ ‫يَ َ‬ ‫• أما المرأة ‪ :‬فتُحرم في مالبسها العادية التي ليس فيها‬
‫النسك‪.‬‬
‫زينة وال ُ‬
‫شهرة ‪ ،‬وتستر بدنها إال الوجه والكفين ‪.‬‬
‫• قطع التلبيـــــة ‪ :‬يقطعهــا إذا شـرع في الطـواف‪.‬‬
‫• جواز االغتسال وارتداء مالبس اإلحرام قبل الميقات‪.‬‬
‫‪ - 1‬الدخول في نسك العمرة ‪:‬‬ ‫• جواز غسل المحرم ‪ -‬من الرجال والنساء ‪ -‬ثيابه‬
‫إذا لبس مالبس اإلحرام ‪ ،‬ونوى قائال ‪ « :‬اللهم لبيك‬ ‫التي أحرم فيها ‪ ،‬وإبدالها ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫عمرة » عند الميقات ‪ ،‬دخل في نسك العمرة‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫أعمال ما بعد الميقات‬
‫• رفع يديه عند رؤية الكعبة ‪ ،‬والدعاء بما شاء إن‬ ‫أوال ‪ -‬محظورات اإلحرام ‪:‬‬
‫شاء‪ :‬و له أن يقول ‪ « :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم ‪،‬‬ ‫( ما يخص الرجل ‪ ،‬ما يخص المرأة ‪ ،‬ماهو مشترك بينهما‬
‫فحيّنا ربَّنا بالسالم ‪ ،‬لما روي أن عمر رضي للا عنه‬ ‫)‪.‬‬
‫كان إذا نظر إلى البيت قال ذلك »‪.‬‬
‫‪ - 1‬ما يخص الرجل ‪ :‬يحظر على الرجل ما يلي ‪:‬‬
‫• الطواف والسعي ‪:‬‬
‫• تغطية الرأس ‪ :‬بمالصق ؛ كالعمامة والطاقية ‪،‬‬
‫بعد رؤية الكعبة‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪ ،‬يطوف‬
‫ونحوه‪.‬‬
‫بالكعبة‪ ،‬ويسعـى بين الصفـا والمـروة ‪ ،‬ويحلق أو‬
‫• لُـب ُ‬
‫س ال همخيط ‪ :‬كالقميص ‪ ،‬والسروال ‪ ،‬والبرنس ‪..‬‬
‫يقصر شعره ‪ [ :‬طواف ‪ ،‬سعي ‪ ،‬تقصير ] ‪ ،‬ويتحلل‬
‫من إحرامه ‪ ،‬ويستمتع بكل شيء ‪ ،‬دون استثناء‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ما يخص المرأة ‪ :‬يحظر عليها ما يلي ‪:‬‬

‫• تقديم رجله اليسرى في الخروج ‪ ،‬وقول ‪:‬‬ ‫• ستر الوجه ‪ :‬بما يُحيط به ؛ كالنقاب ‪ ،‬والبرقع ‪.‬‬

‫« بسم للا والصالة والسالم على رسول للا‪،‬اللهم‬ ‫• ستر الكفين ‪ :‬بارتداء القفازين ‪.‬‬
‫إني أسألك من فضلك‪،‬اللهم اعصمني من الشيطان‬ ‫‪ - 3‬ما هو مشترك بينهما ‪ :‬يحظر عليهما ما يلي ‪:‬‬
‫الرجيم»‪.‬‬
‫• إزالة شعر الرأس ‪ :‬وشعر البدن عموما ‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬كيفية طـواف العمـرة‬ ‫• تقليم األظافر ‪ :‬ولو تأذى بانكسار ُ‬
‫صه ‪.‬‬
‫فر جاز ق ُّ‬
‫ظ ٍ‬
‫‪ - 1‬االضطباع ‪:‬‬
‫س القفازين ‪ :‬أي ما فُصل على قدر العضو ‪.‬‬
‫• لُب ُ‬
‫يستحـب للرجــل أن يضطبـع قبل أن يبدأ في الطـــواف‪.‬‬
‫• الفسوق ‪ :‬كالعقوق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬والغيبة ‪..‬‬
‫• صفة االضطباع ‪:‬‬
‫• الجدال ‪ :‬المخاصمة ‪ ،‬والمنازعة ‪ ،‬والمماراة بغير‬
‫السنة أن يكشف الرجل الكتف األيمن ‪ ،‬ويغطي‬
‫حق‪.‬‬
‫الكتف األيسر جميع األشواط ‪.‬‬
‫• عقد النكاح ‪ :‬يحرم عليه في حق نفسه أو لغيره ‪.‬‬
‫• زمن االضطباع ‪:‬‬
‫• التطيب ‪ :‬محظور في البدن ‪ ،‬وفي مالبس اإلحرام ‪.‬‬
‫‪ « -‬يُستحب أن يضطبع مع دخوله في الطواف ‪،‬‬ ‫• الجماع ‪ ،‬والمباشرة ‪ :‬بتقبيل ‪ ،‬أو لمس ‪ ،‬أو ضم ‪.‬‬
‫فإن اضطبع قبله بقليل فال بأس‪ [ » .‬متن اإليضاح للنووي ‪،‬‬ ‫(‪) 1‬‬
‫• قتل الصيد البري ‪ :‬حال اإلحرام ‪ ،‬وفي الحرم ‪.‬‬
‫ص ‪.]68‬‬
‫• قطع الشجر ‪ :‬للمحرم ولغيره ‪ ،‬ألنه داخل الحرم ‪.‬‬
‫الـر همـل ‪:‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫ثانيا ‪ -‬من آداب الدخول إلى مكة ‪ :‬االغتسال ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫• معنى الرمـل ‪ « :‬اإلسراع في المشي مع تقارب‬
‫الخطى ‪ ،‬وهو دون العدو ‪ ،‬وفوق المشي المعتاد »‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬من آداب الدخول إلى المسجد الحرام ما يلي ‪:‬‬
‫[ إحياء علوم الدين (‪ ، ) 327 /1‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬المطلب ‪ : 1‬تعريف الرمل‬ ‫سالم ‪.‬‬
‫• دخوله من باب بني شيبة ‪ :‬أي باب ال ّ‬
‫]‪.‬‬ ‫• دخولـــه متوضئـــــــــــــا‬
‫• صفة الرمل ‪:‬‬ ‫• تقديم رجله اليمنى في الدخول ‪ :‬وقول ‪ « :‬أعوذ‬
‫باهلل العظيم ‪ ،‬وبوجهه الكريم ‪ ،‬وسلطانه القديم من‬
‫‪ -‬يُسن للمحرم الرمل في األشواط الثالثة األولى فقط ‪،‬‬
‫الشيطان الرجيم »‪ « .‬بسم للا والصالة‪ ،‬والسالم على‬
‫ويمشي في بقية األشواط األربعة ‪ ،‬نقل اإلجماع على‬
‫رسول للا‪ ،‬اللهم افتح لي أبواب رحمتك »‪.‬‬
‫ذلك ابن عبد البر ‪ [ :‬االستذكار (‪ « ، )197/4‬باب الرمل في الطواف »‬
‫]‪.‬‬

‫‪ - 3‬قطع التلبية عند الشروع في الطواف‬ ‫‪ : 1‬أو الداللة عليه ‪ ،‬أو اإلعانة على مسكه ؛ وهو كل حيوان متوحش مأكول‬
‫اللحم ؛ كالظباء ‪ ،‬واألرانب ‪ ،‬والحمار الوحشي ‪ ،‬أما صيد البحر فيجوز ‪..‬‬
‫يقطع المعتمر التلبية ‪ ،‬ويبدأ الطواف حول الكعبة ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ - 6‬ما يُقال ويُفعل عند الركن اليماني ‪:‬‬ ‫‪ - 4‬ما يُقال ويُفعل عند الحجر األسود ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬موقع الركن اليماني ‪:‬‬ ‫يقصد الحجر األسود ‪ ،‬ثم يقوم بما يلي ‪:‬‬
‫هو الركن الواقع قبل ركن الحجر األسود ؛ بحيث َي ُمر به‬ ‫أ ‪ -‬يستقبله ‪ ،‬ويقول ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر » ‪،‬‬
‫الطائف قبل مروره بالحجر األسود‪ ( .‬انظر الصورة المرفقة )‪.‬‬
‫والتسمية قبل التكبير « صحت عن ابن عمر موقوفا‬
‫[ مناسك الحج والعمرة لأللباني ‪ ،‬ص (‬ ‫»‪.‬‬
‫ب ‪ -‬صفة استالم الركن اليماني ‪ ،‬وما يقال عنده ‪:‬‬ ‫‪.] ) 27‬‬
‫بيمينه ‪ :‬ويُقبّله إن تيسر‪ ،‬ويسجد عليه‬ ‫ب ‪ -‬يستلمه‬
‫(‪) 1‬‬

‫• إذا وصل إلى الركن اليماني استلمه بيمينه ؛ أي وضع‬


‫أيضا‬
‫يمناه عليه ‪ ،‬وقال ‪ « :‬بسم للا ‪ ،‬وللا أكبر »‪.‬‬
‫[ زاد المعاد (‪ ، )419/1‬الحج ‪ ،‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( ‪] . ) 219 / 17‬‬ ‫جـ ‪ -‬وإال يستلمه بيده ويقبّل يده‬
‫د ‪ -‬أو يستلمه بعصا ونحوها ‪ ،‬ويُقبّل ما استلمه به‬
‫ق عليه استال ُمه ‪:‬‬
‫• فإن ش ّ‬ ‫هـ ‪ -‬فإن تعذر أشار إليه بيده من بعيد ‪ ،‬قائال ‪ « :‬للا أكبر‬
‫مضى في طوافه عند محاذاته ‪ ،‬دون إشــارة أو تكبير‪.‬‬ ‫»‪ .‬دون أن يُقبل يده ‪ ،‬ودون توقف ‪ ،‬يفعل ذلك في كل‬
‫[ لتفاصيل أكثر انظر ص ‪ 211‬من الكتاب ]‪.‬‬ ‫[ المجموع للنووي (‪ ، )42/9‬زاد المعاد (‪.] ) 419 / 1‬‬ ‫شوط ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬ما يقال بين الركنين ( اليماني ‪ ،‬والحجر األسود )‬ ‫‪ - 5‬الشروع في الطواف بالبيت ‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬موضع بدء الطواف ‪:‬‬
‫« ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة‬ ‫يبدأ الطائف طوافه من الركن الذي فيه الحجر األسود ؛‬
‫وقنا عذاب النار » ‪ [ .‬البقرة ‪] 271 :‬‬
‫يجعل الكعبة عن يساره ‪ ،‬ويطوف حولها ‪ « :‬كل مرة من‬
‫‪ - 7‬التوجــه إلى مقــام إبراهيــم عليه الســالم ‪:‬‬ ‫الحجر األسود إلى الحجر األسود »‪ .‬حيث من الحجر‬
‫األسود إليه يُعذ « شوطا «‪ .‬وهكذا يفعل‬
‫أ ‪ -‬صفة التوجه إلى مقام إبراهيم عليه السالم‬
‫« حتى يكمل سبع طوفات ‪ -‬أشواط ‪ [ .» -‬المجموع ( ‪) 25 ، 15 / 9‬‬

‫فإذا فرغ من الطواف ‪ :‬يغطى كتفه ‪ ،‬ويتقدم إلى مقام‬ ‫]‪.‬‬


‫إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬ويقرأ ‪ « :‬واتخذوا من مقام‬
‫إبراهيم مصلى »‪ [ .‬البقرة ‪] 124 :‬‬

‫ب ‪ -‬صالة ركعتي الطواف ‪:‬‬

‫• ثم يصلي ركعتين ‪ :‬خلف المقام ‪ ،‬فإن تعذر ذلك ‪،‬‬


‫صلى في أي موضع من المسجد الحرام ‪.‬‬

‫• يقرأ في الركعتين ‪ - :‬بعد الفاتحة ‪ -‬في األولى ‪:‬‬


‫سورة الكافرون ‪ ،‬وفي الثانية ‪ :‬اإلخالص‬

‫‪ - 8‬استحباب استالم ال هح هجر األسود بعد ركعتي الطواف ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬ما يقوله الناسك في بداية الطواف ‪:‬‬
‫المشروع « لمن انتهى من طوافه ‪ ،‬وصلى ركعتي‬ ‫ويُستحب أن يقول في بداية طوافه ‪( :‬عند استالم الحجر‬
‫الطواف أن يعود إلى ال هح هجر فيستل همه ‪ ،‬باتفاق المذاهب‬ ‫األسود أوال ‪ ،‬وعند ابتدائـه بالمشـي في الطـواف أيضا ‪:‬‬
‫الفقهية األربعة »‪ [ .‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب ‪ ، 6‬الفصل ‪، 3‬‬ ‫« بسم للا وللا أكبر‪ ،‬اللهم إيمانا بك‪،‬وتصديقا بكتابك‪،‬‬
‫المبحث التاسع ‪ :‬استالم الحجر بعد االنتهاء من الطواف ‪ .‬وانظر ‪ :‬شرح النووي‬
‫ء بعهـدك ‪ ،‬واتباعا لسنة نبيك ﷺ »‪ [ ).‬المجموع (‪].)47/9‬‬
‫ووفا ً‬
‫لصحيح مسلم ( ‪ ،)176/8‬الطبعة األولى (‪1347‬هـ‪1929/‬م) ‪ ،‬المطبعة المصرية‬
‫باألزهر]‪.‬‬ ‫ويأتي بهذا الدعاء عند محاذاة الحجر األسود في كل طوفة‬
‫[ حاشية ابن حجر على اإليضاح في مناسك الحج للنووي ‪،‬‬ ‫»‪.‬‬
‫‪ - 9‬الشرب والتضلع من زمزم ‪:‬‬ ‫ص‪.] 267‬‬
‫ويُسن له الشرب من زمزم ‪ ،‬والتضلع منه ‪ -‬شدة‬
‫االرتواء منه ‪ -‬ويصب على رأسه ‪ ،‬ويدعو بما شاء ‪.‬‬
‫‪ : 1‬أي ‪ :‬يلمسه ‪ ،‬أو يمسحه بكفه‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬السعي بين الصفا والمروة‬

‫‪125‬‬
‫‪ -‬الصعود إلى الصفا ‪ :‬يتوجه المعتمر نحو الصفا للسعي‬ ‫‪1‬‬

‫‪:‬‬
‫‪ - 2‬البدء من الصفا ‪ ،‬والدنو منه ‪:‬‬
‫ويبدأ بالصفا ‪ ،‬يدنو منه ‪ ،‬ثم يقرأ ‪ « :‬إن الصفا‬
‫والمروة من شعائر للا فمن حج البيت أو اعتمر فال‬
‫ط ّوف بهما فمن تطوع خيرا فإن للا‬ ‫جناح عليه أن ي ّ‬
‫شاكر عليم »‪.‬‬

‫ويقول ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به »‪ .‬وال يكرر اآلية ‪ ،‬وقول‪:‬‬


‫« أبدأ ُ بما بدأ للا به » في غيرهذا الموضع ‪ ،‬أي «‬
‫يقتصر في قوله هذا على الصفا في المرة األولى فقط »‪.‬‬
‫[ الموسوعة الفقهية ‪ ،‬الحج ‪ ،‬الباب ‪ : 8‬السعي بين الصفا والمروة ‪ ،‬الفصل‬
‫السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ ،‬المطلب األول ‪ :‬الصعود على الصفا والمروة ]‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ - 3‬ارتقاء الصفا ‪ ،‬واستقبال الكعبة ‪:‬‬
‫ثم يرتقي الصفا ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والرقي‬
‫أفضل ‪ ،‬حتى يرى الكعبة ‪ :‬فيستقبلها ‪ ،‬ويرفع يديـه ‪،‬‬
‫فيحمد هللا ويكبره ثالثا ‪ ،‬ويقـول ‪ « :‬ال إله إال للاُ ‪،‬‬
‫وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬يحيي‬
‫ويميت‪ ،‬وهو على كـل شـيء قـدير ‪ ،‬ال إله إال للاُ‬
‫وحده ‪ ،‬أنجز وعده ‪ ،‬ونصر عبده ‪ ،‬وهزم األحزاب‬
‫يكرر ذلك ثالث مرات ‪.‬‬ ‫وحده »‪.‬‬

‫‪ - 4‬الدعاء بين التهليالت ‪:‬‬


‫ويدعو بين التهليالت بما تيسر من األدعية ‪ ،‬رافعا يديه ‪ ،‬ويكرر الذكر ‪ ،‬والدعاء ثالث مرات‪.‬‬
‫‪ - 5‬الشروع في السعي‬
‫أ ‪ -‬النزول من الصفا إلى المروة ‪:‬‬
‫ثم ينزل من الصفا إلى المروة ‪ ،‬ليسعى بينهما ‪ ،‬ويُستحب في هذا النزول ما يلي ‪:‬‬
‫• المشي على عادته إلى المروة ‪ • ،‬والهرولة ‪ -‬للرجل ‪ -‬فيما بين الميلين ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ما يقال بين الميلين ‪:‬‬


‫رب اغفر وارحم ‪ ،‬وتجاوز عما تعلم ‪ ،‬إنك أنت األعز األكرم »‪.‬‬
‫ويقول الساعي بين الميلين األخضرين ‪ّ « :‬‬
‫جـ ‪ -‬الصعود إلى المروة ‪:‬‬
‫ثم يمشي مشيا عاديا إلى المروة ‪ ،‬فيرتقي جبل المروة ‪ ،‬وإن وقف عنده أجزأه ‪ ،‬والصعود فوقه أفضل ‪ ،‬إن تيسر ‪،‬‬
‫ويستقبل القبلة ‪ ( ،‬ويقول ‪ ،‬ويفعل على « المروة » كما قال ‪ ،‬وفعل على « الصفا » في األشواط السبعة ‪ ،‬ماعدا‬
‫قراءة اآلية ‪ ،‬وقوله ‪ « :‬أبدأ ُ بما بدأ للا به » )‪ ) 1( .‬حيث « يُسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يُسن على‬
‫الصفا ‪ ،‬وهذا متفق عليه »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪ ، )138،144/7‬حديث ‪] . 1218‬‬

‫د ‪ -‬النزول من المروة إلى الصفا ‪:‬‬


‫ثم ينزل من المروة إلى الصفا ماشيا ‪ ،‬ويهرول في موضع إسراعه ‪ ،‬ويرتقي الصفا ‪ ،‬ويستقبل القبلة ‪ ،‬ويقول مثلما‬
‫قاله أول مرة ‪.‬‬

‫‪ -‬ويُتم سعيه بسبعة أشواط ؛ ذهابُه ‪ :‬شوط ورجوعُه من المروة ‪ :‬شوط آخر « فيكون ابتداء السبع من الصفا ‪،‬‬
‫وآخرها بالمروة »‪ [ .‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.] )145/7‬‬

‫‪ - 6‬اإلكثار في السعي من الذكر والدعاء ‪ :‬يستحب أن يكثر في سعيه من الذكر ‪ ،‬والدعاء بما تيسر‪.‬‬
‫أ ‪ -‬عدم اشتراط الطهارة للسعي ‪:‬‬
‫[ المغني ( ‪] ) 246 / 5‬‬ ‫يُستحب أن يكون الناسك متوضئا ‪ ،‬ولو سعى على غير طهارة ‪ ،‬فال حرج‪.‬‬
‫ولكن « المستحب مع ذلك ‪ ،‬لمن قدر على الطهارة أال يسعى إال متطهرا ‪ ،‬وكذلك يُستحب أن يكون طاهرا في جميع‬
‫مناسكه ‪ [ .» ..‬المصدر ذاته ]‬

‫[ نقل اإلجماع على ذلك ‪ :‬ابن عبد البر ‪ ،‬وابن القيم الجوزيــة ]‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬جواز الطواف والسعي راكبا لعذر ‪ ،‬والمشي أفضل لغير العاجز ‪:‬‬

‫‪ : 1‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬كتاب الحج ‪ ،‬الباب الثامن ‪ :‬السعي بين الصفا والمروة ‪،‬‬
‫الفصل السابع ‪ ،‬المبحث األول ‪ :‬سنن السعي ‪ ،‬المطلب األول ‪:‬‬
‫الصعود على الصفا والمروة والدعاء‪.‬‬

‫‪- 127 -‬‬


‫سادسا ‪ -‬الحلق أو التقصير ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما يُشرع في ذلك بالنسبة للجنسين ‪:‬‬
‫‪ -‬فإن أتم المعتمر السعي ‪ ،‬تحلل بحلق جميع الشعر ‪ ،‬أو تقصيره كله ‪ ،‬ويختلف الرجل والمرأة في ذلك‪.‬‬

‫أ ‪ -‬بالنسبة للرجل ‪ ( :‬الحلق أو التقصير ‪ ،‬والحلق أفضل )‬


‫الحلق أفضل للرجال ‪ :‬ألنه ﷺ حلق ‪ ،‬وقال ‪ « :‬خذو عني مناسككم »‪ ) 1 (.‬وألنه دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين‬
‫ثالث مرات ‪ ،‬وللمقصرين مرة واحدة ‪ ،‬فقال ‪ « :‬رحـم للا المحلقـين ‪ ،‬قالوا ‪ :‬والمقصرين يا رسـول هللا ؟ قال ‪ :‬رحم‬
‫للا المحلقين ‪ ...‬فلما كان في الرابعة ‪ ،‬قال ‪ :‬والمقصرين »‪ [ .‬متفق عليه ] ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬بالنسبة للمرأة ‪ ( :‬السنة في حقها التقصير ال الحلق ‪ ،‬إجماعا ) ‪:‬‬

‫‪ - 2‬صفة التقصير بالنسبة للرجل والمرأة ‪:‬‬


‫[ مجموع الفتاوى ‪ ،‬البن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء‪ / 26‬صفحة ‪.] ) 65‬‬ ‫صره ‪ :‬جمع الشعر ‪ ،‬وقص منه »‬
‫أ ‪ -‬الرجـل ‪ « :‬إذا ق ّ‬
‫ب ‪ -‬المرأة ‪ :‬تجمع ضفائر شعرها ‪ ،‬أو أطرافه إلى مقدم رأسها ‪ ،‬إن لم يكن لها ضفائر ‪ ،‬وتقصره‪.‬‬
‫‪ - 3‬القدر المستحب لمن أراد التحلل بتقصير الشعـر ‪:‬‬
‫يُستحب التقصير ‪ -‬للجنسين ‪ -‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬االستيعاب ‪:‬‬
‫أن يشمل التقصير جميع الرأس ‪ ،‬والمرأة والرجل في ذلك سواء ‪ ،‬إذ المشروع « واألفضل أن يحلق جميع‬
‫(‪) 2‬‬
‫الرأس إن أراد الحلق ‪ ،‬أو يقصر من جميعه إن أراد التقصير »‪.‬‬

‫ب ‪ -‬التقصير مقدار أنملة ‪:‬‬


‫كله قدر أنملة ‪:‬‬
‫شعرهما ِ‬
‫صا من ِ‬‫أن يَقُ ُّ‬
‫[ المنتقى للباجي ( ‪ ، ) 56 /4‬ومجموع فتاوى ابن تيمية مجلد ‪ ( 15‬جزء ‪ / 26‬ص‪.] ) 65‬‬ ‫( ُروي عن ابن عمر أنه قال ‪ « :‬مقدار أنملة » )‪.‬‬

‫حوالي سنتمترين ‪.‬‬ ‫ومعنى ( مقدار األنملة ‪ « : ...‬رأس األصبع ‪ ،‬من المفصـل األعلى »‪ [ ) .‬المغني ( ‪ ، )185/ 3‬الحج ‪ ] 2553 ،‬؛‬
‫جـ ‪ -‬مالحظة ‪:‬‬
‫السنة في حق المتمتع ‪ -‬بعد فرغه من عمرته ‪ -‬تقصير شعره ‪ ،‬فهو أفضل من الحلق ؛ ليجد ما يحلق عند التحلل من‬
‫الحج ‪ ،‬قال ابن قدامة في المغني ‪ « :‬المستحب في حق المتمتع عند حله من عمرته التقصير ‪ ،‬ليكون الحلق للحج‬
‫»‪.‬‬

‫سابعا ‪ -‬التحلل من العمرة‬


‫● إنهاء العمرة والشروع في التحلل ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ « -‬وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة‪ .‬ويُح ّل ال ُمحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير »‪.‬‬
‫بذلك يَ ِحل له ما كان محظورا عليه بإحرامه‪.‬‬

‫‪ : 1‬رواه مسلم ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح الجامع برقم ( ‪. )5761‬‬


‫‪ [ : 2‬المجموع للنووي ( ‪ . ) 153 / 9‬وانظر ‪ :‬المغني البن قدامة ( ‪ ، ) 244 /5‬كتاب الحج ‪ ،‬فصل ‪ :‬يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ] ‪.‬‬
‫‪ [ : 3‬فقه السنة ‪ ،‬للسيد سابق (‪.] )125/ 2‬‬

‫‪- 128 -‬‬


- 129 -
‫ثامنا ‪ -‬من متعلقات الطواف ‪ ( :‬طواف الوداع ‪ ،‬ودعاء الملتزم )‪.‬‬
‫‪ - 1‬طواف الوداع‬
‫أ ‪ -‬مفهومه ‪:‬‬
‫‪ -‬هو الطواف الذي يسبق عودة الحاج إلى أهله ‪ ،‬و يؤديه « اآلفاقي » توديعا للبيت الحرام ؛ عند إنهائه لمناسكه ‪،‬‬
‫وأموره الخاصة‪ .‬و« اآلفاقي » ‪ :‬النائي ‪ :‬وهو من لم يكن مقيما بمكة ‪ ،‬بل من أهل اآلفاق ‪ ،‬والنواحي البعيدة‪.‬‬

‫‪ -‬وعليه مغادرة مكة فور فراغه من الطواف ‪ ،‬وال يشتغل بعده بغير السفر ومستلزماته ‪ :‬كشراء الزاد ؛ من مأكل‬
‫ومشرب ‪ ،‬أو وقود للسيارة ‪ ،‬أو إصالح مركوبه ‪ ،‬أو انتظار رفقة ‪..‬‬

‫ب ‪ -‬كيفية طواف الوداع ‪:‬‬


‫آخر عهده بالبيت ‪ « :‬ال ينفرن أحد حتى يكون‬ ‫‪ -‬فإذا عزم على الرحيل ‪ ،‬فعليه أن يودع البيت بالطواف ‪ ،‬ليكون ه‬
‫آخر عهده الطواف بالبيت »‪ [ .‬شرح النووي على مسلم ‪ ، 446/9‬ح‪ ، 1327 /‬فتح الباري ‪ ، 685 / 3‬كتاب الحج ‪ ،‬باب طواف الوداع ‪ ،‬حديث رقم ‪].1668‬‬

‫‪ - 2‬دعــاء ال ُملت ه ه‬
‫ـزم‬

‫نطرق في هذا الموضوع النقاط التالية ‪ :‬تعريف الملتزم ‪ ،‬وسبب تسميتة ‪ ،‬قدره ‪ ،‬ومشروعية لزوم الملتزم ‪ ،‬وكيفية‬
‫الوقوف عنده ‪ ،‬والدعاء عنده ‪ ،‬بم يدعو عند الملتزم ؟ تنبيه ‪ ،‬وزمن إتيان الملتزم للدعاء‪.‬‬

‫• تعريف ال ُملت ه هزم ‪:‬‬


‫« مكان االلتزام من الكعبة » ‪ ،‬وهو جزء من جدار الكعبة المشرفة ‪ ،‬و َم ْعلَم من معالم المسجد الحرام ؛ يقع ما بين‬
‫الحجر األسو د ‪ ،‬وباب الكعبة ‪.‬‬

‫باب الكعبة‬

‫الحجر األسود‬ ‫الملتزم‬

‫مالحظـة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬للتعرف إلى بقية النقاط الواردة في مقدمة هذا الموضــــــــــوع ‪ ،‬انظـر ص ‪ 245‬من الكتاب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬لالطالع على تفاصيل ‪ ،‬ومصادر ومراجع موضوع العمرة عموما ‪ ،‬انظر ص ‪ 184‬من الكتاب‪.‬‬

‫‪- 130 -‬‬

You might also like