You are on page 1of 55

‫محاضرات في مقياس "القانون الدستوري"‬

‫طلبة السنة الأولى حقوق‪-‬المجموعة –د ‪-D-‬‬

‫م‬‫ل‬
‫ض‬
‫لستاذ ا حا ر‬ ‫اأ‬
‫ا‪.‬ذ‪ .‬ع ـمـار كو ـ‬
‫سـة‬
‫ل‬
‫كلتة ا حقوق والعلوم ال ستاستة‪-‬جامعة سطيف‪2‬‬

‫الجزء الثاني من برنامج السداسي الثاني‬


‫السنة أولى حقوق –المجموعة "د"‬

‫‪ -1‬النظم الانتخابية والمنازعة الانتخابية في الجزائر (طبقا للأمر ‪ 01-21‬الصادر في ‪10‬‬


‫مارس ‪ 2021‬المتضمن القانون العضوي للانتخابات‪ ،‬ج‪ .‬ر رقم ‪ 17‬المعدل بالأمر‬
‫‪ 05-21‬المؤرخ في ‪ 22‬أبر يل ‪ ،2021‬ج‪ .‬ر رقم ‪)30‬‬
‫‪ -2‬الأحزاب السياسية في الجزائر ومنازعاتها( القانون العضوي ‪ 04-12‬الصادر في ‪12‬‬
‫يناير ‪ ،2012‬ج‪.‬ر رقم ‪)02‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫إذا كان فقهاء القانون الدستوري اتفقوا على أن الانتخاب هو الوسيلة الوحيدة لإسناد السلطة‬

‫السياسية في النظام الديمقراطي‪ ،‬فإنهم اختلفوا في تكييف هذه الوسيلة الديمقراطية‪ ،‬وعددوا‬

‫أسس وأساليب الانتخاب وإجراءاته وأنظمته‪.‬كما أن الانتخاب قد تترتب عليه منازعات ناتجة‬

‫عن تطبيقه‪ ،‬لذلك يحتاج الى تسو يتها إدار يا وقضائيا‪.‬‬

‫نحاول من هذه الدراسة التطرق إلى الانتخاب بوجه عام من حيث مفهومه وتطوره‬

‫التار يخي وتكييفه القانوني وأساليب ممارسته‪ ،‬ثم المنازعة الانتخابية من حيث المفهوم‬

‫والخصائص مع الت ركيز على المنازعة الانتخابية في المجال السياسي في الجزائر من خلال دراسة‬

‫مفصلة للانتخابات الرئاسية والتشر يعية والمحلية بمرحلتيها‪ ،‬المرحلة التحضير ية ومرحلة الفرز‬

‫وإعلان النتائج وذلك وفق أحدث تعديل دستوري (‪ )2020‬والأمر رقم ‪ 01-21‬الصادر‬

‫في ‪ 10‬مارس ‪ 2021‬المتضمن القانون العضوي للانتخابات‪ ،‬المعدل بالأمر ‪ 05-21‬المؤرخ‬

‫في ‪ 22‬أبر يل ‪ ،2021‬والمراسيم والقرارات المنظمة للعملية‪.‬‬


‫النظام الانتخابي‬
‫يحتاج النظام الانتخابي إلى معرفة مفهوم الانتخاب ومضمونه وتكييفه القانوني وأساليبه مع‬

‫مختلف تطوراته التار يخية‪.‬‬


‫النظر ية العامة للانتخابات‪.‬‬
‫تعر يف الانتخاب ومضمونه‬
‫الانتخاب هو طر يقة أو أسلوب يستعمل لعرض المترشحين على الناخبين وفرز النتائج‬

‫وتحديدها‪ ،‬وهي كثيرة يمكن إدراجها ضمن أساليب ممارسة الحق أو الوظيفة‪ ،‬فهو حق أو‬

‫وظيفة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وعرفت نظم الحكم القديمة والحديثة‪ ،‬وخاصة الديمقراطية الليبرالية منها‪ ،‬نظام الانتخاب‪.‬‬

‫إلا أن هذه الوسيلة اشتهرت في النظم القانونية الغربية نتيجة استحالة تطبيق الديمقراطية‬

‫المباشرة بعد انتقادها من الدولة اليونانية القديمة‪ ،‬باعتبارها لا تحقق المساواة بين المواطنين‬

‫في تولي السلطة‪ ،‬فاعتمدوا القرعة في تولي الوظائف العامة‪.‬‬


‫التطور التار يخي للانتخاب‪.‬‬
‫ساد في الع صر القديم نظام كان يسمى بالديمقراطية المباشرة‪ ،‬والذي كان يعني تسيير‬

‫شؤون الدولة مباشرة دون إنابة‪ .‬وكانت بدايته في اليونان حينما كان يجتمع المواطنون‬

‫الأحرار في جمعيات لاتخاذ القرارات الضرور ية لتسيير شؤونهم‪ .‬ثم انهار هذا النظام‪ ،‬وساد‬

‫الحكم الفردي باستثناء فترات معينة في روما والدولة الإسلامية‪ ،‬إلى ان جاءت الثورة‬

‫الفكر ية التي اعتمدت على الديمقراطية كأساس لحكم الشعب وارتبط مفهومها بالانتخاب حتى‬

‫أصبح الفقه يربط بين النظام الديمقراطي والانتخاب الشعبي‪.‬‬


‫التكييف القانوني للانتخاب‪.‬‬
‫كان هناك جدل واسع بين فقهاء القانون الدستوري الفرنسي‪ ،‬بعد الثورة الفرنسية‪،‬‬

‫حول تكييف الانتخاب‪ .‬وارتبط هذا الجدل بنظر ية السيادة ومفهومها ومن له الحق بممارستها‪.‬‬

‫فحين ساد مبدأ "سيادة الأمة" اعتبر الانتخاب وظيفة‪ ،‬وحين ساد مبدأ "سيادة الشعب" اعتبر‬

‫الانتخاب حقا شخصيا‪ .‬ل كن هناك نظر يات أخرى لتكييف الانتخاب ظهرت فيما بعد‪.‬‬

‫وسنتطرق تباعا إلى هذه النظر يات بالتفصيل‪.‬‬


‫الانتخاب وظيفة‪:‬‬
‫اعتبر الانتخاب وظيفة عندما سادت نظر ية مبدأ "سيادة الأمة" وعدم جواز تجزئة السيادة‬

‫بين الأفراد الذين عليهم واجب اختيار ممثليهم ضمن مجموع واحد يعبر عن إرادتهم‪ .‬لذلك يعد‬

‫الانتخاب‪ ،‬وفق هذه الرؤ ية‪ ،‬وظيفة وواجبا دستور يا‪ .‬وتبنى هذا المفهوم قادة الثورة الفرنسية‬

‫‪3‬‬
‫وأعضاء الجمعية التأسيسية الذين نادوا بمبدأ سيادة الأمة وقننوه في إعلان حقوق الإنسان‬

‫والمواطن الفرنسي‪ ،‬مؤكدين أنه لا يجوز لأي فرد الادعاء بوجود أي حق له في ممارسة‬

‫السيادة بالانتخاب‪ ،‬وإنما الانتخاب هو تكليف وواجب على الأفراد لاختيار ممثليهم والتعبير‬

‫عن الإرادة العامة للجميع‪.‬‬

‫ونتج عن هذه النظر ية إجازة إجبار وإلزام الناخبين على الانتخاب وجعل التصويت‬

‫إجبار يا وتقرير العقوبات المناسبة على من يتخلف عن آدائها‪ .‬كما يجيز الأخذ بنظام الاقتراع‬

‫المقيد في الانتخاب بوضع شروط مالية أو علمية أو اجتماعية في الناخب تمهيدا لحصر من‬

‫يجوز له الترشح وتمثيل الأمة‪ .‬فصفة الناخب لا تعدو أن تكون وظيفة عامة لا يجوز لأي‬

‫فرد الادعاء بحق فيها بمنحها المجتمع على النحو الذي تمليه مصلحته‪ ،‬وإن شاءت الأمة أن‬

‫تجعل ممارسة هذا العمل إجبار ية‪ ،‬فليس ما يمنعها من ذلك‪.‬‬

‫وكانت هناك جملة من الانتقادات التي وجهت لهذه النظر ية‪ ،‬منها أنه يوجد نوعين أو‬

‫طبقتين من المواطنين‪ ،‬طبقة سلبية تتمتع بحقوق مدنية دون حقوق سياسية‪ ،‬وطبقة من‬

‫المواطنين إيجابية‪ ،‬تتمتع بحقوق مدنية وسياسية‪.‬‬


‫الانتخاب حق شخصي‪:‬‬
‫اتجه جانب آخر من الفقه الدستوري لاعتبار الانتخاب حقا شخصيا يمل كه كل مواطن‬

‫باعتباره من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز نزعها أو التنازل عنها‪ .‬وكان جون جاك روسو‬

‫أول من صرح بذلك صراحة بقوله إن التصويت حق لا يمكن انتزاعه من المواطنين‪.‬‬

‫وكان أنصار هذا الاتجاه هم من أنصار نظر ية مبدأ "سيادة الشعب"‪ ،‬أي أن كل فرد‬

‫من الشعب يملك جزءا من السيادة‪ ،‬وأن الانتخاب هو أحد طرق ممارسة هذه السيادة‪،‬‬

‫وينتج عن ذلك حق الناخب في ممارسة هذا الحق أو عدم ممارسته دون أن يتعرض لأي‬

‫مسؤولية‪ ،‬لأنه اختياري وليس إجباري‪ .‬كما أنه يقرر طر يقة الاقتراع العام الذي لا يمنع‬

‫‪4‬‬
‫أي مواطن من الانتخاب نتيجة شروط معينةكالشروط المالية أو العلمية أو الاجتماعية‪ ،‬دون‬

‫المساس ببعض الشروط التنظيمية كالسن والجنسية والأهلية‪ .‬وكانت هناك فئة قليلة من‬

‫رجال الثورة الفرنسية من ساندوا هذه النظر ية‪ ،‬ومنهم الفقيه روبسبير ‪.Robespierre‬‬
‫الانتخاب وظيفة وحق‪:‬‬
‫ظهر هناك اتجاه ثالث رأى بأن الانتخاب حق ووظيفة في الوقت نفسه‪ ،‬فالتصريح بأن‬

‫الانتخاب حق إنما هو اعتراف للفرد ببعض حقوقه الطبيعية والتي لا يجوز المساس بها أو‬

‫الإنقاص منها لأنها تسمو على القانون الوضعي‪ .‬أما التصريح بأن الانتخاب وظيفة فذلك معناه‬

‫أن الانتخاب ليس خيارا للفرد‪ ،‬بل هو إجباري عليه ولا بد له أن يمارسه وإلا كان مسؤولا‬

‫أمام القانون‪ ،‬وهو ما يدفع أكبر عدد ممكن من الافراد يتوجهون لممارسه الانتخاب‪ ،‬مما‬

‫يجعلهم مسؤولين عن كل ما يحدث في المجتمع‪.‬‬


‫الانتخاب سلطة قانونية‪:‬‬
‫يقوم الخلاف على طبيعة الانتخاب في الغالب على اعتبارات سياسية أكثر منها نظر يات‬

‫قانونية‪ .‬فتكييف الانتخاب وفق النظر يات السابقة لا يلزم المشرع في شيء خلال تبنيه لنص‬

‫معين أو إهماله لنص آخر‪ .‬فالصالح العام هو هدف أجهزة الدولة والناخب معا‪ ،‬لذلك رأى‬

‫اتجاه أن الانتخاب هو سلطة قانونية مقررة للناخب يحددها القانون و يضع شروطها‪ ،‬تسمح‬

‫بالمشاركة في الحياة السياسية بشكل عادل ومتساوي‪ .‬فالتحديد للمشرع والممارسة من عدمها‬

‫للناخب وفق ما حدده هذا المشرع‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أساليب ممارسة العملية الانتخابية‪.‬‬
‫تبنى الفقه الدستوري أسلوبين أساسيين لممارسة الانتخاب‪ ،‬هما أسلوب الاقتراع المقيد‬

‫وأسلوب الاقتراع العام‪ ،‬كما تبنى أسلوبين لفرز نتائجها من خلال نظام الأغلبية ونظام التمثيل‬

‫النسبي‪ .‬وسوف نعرض لهذه الأساليب بالتفصيل فيما يلي‪:‬‬


‫أساليب الانتخاب‬
‫هناك عدة أساليب للانتخاب‪ ،‬منها أسلوب الانتخاب المقيد والانتخاب العام‪ ،‬ثم الانتخاب‬

‫المباشر والانتخاب غير المباشر‪.‬‬


‫الانتخاب المقيد ‪:‬‬
‫إن مصطلح التقييد الوارد في هذا النوع من الاقتراع أو الانتخاب يعني وجوب اشتراط‬

‫توافر أمور محددة في المترشح كالنصاب المالي أو مستوى ثقافي معين أو هما معا‪ ،‬إضافة إلى‬

‫شروط أخرى تسمح بممارسة حق الاقتراع‪ .‬وانتشر هذا النوع من الاقتراع في الدساتير التي‬

‫ظهرت في القرن الثامن عشر‪ ،‬كالدستور الأمريكي والدساتير الفرنسية حتى سنة ‪1848‬‬

‫باستثناء دستور ‪ 1793‬والنظام الانتخابي الانجليزي حتى سنة ‪ ،1918‬وذلك لسيطرة نظر ية‬

‫مبدأ سيادة الأمة خلال هذه الفترة‪ .‬وكانت رؤ ية واضعي نظام الاقتراع المقيد آنذاك هي‬

‫تحقيق التوازن بين مصلحتين‪ ،‬هما الاختيار الأفضل لفئات الأمــــــــــــ ة القادرة على‬

‫التمثيل الأحسن والابتعــــاـد على النزوات الشخصية والمصالح الخاصة‪ .‬فشرط النصاب‬

‫المالي اشترطه مختلف الدساتير والقوانين الانتخابية في وقت من الأوقات‪ ،‬وذلك لسعي الطبقة‬

‫البورجواز ية الاحتفاظ بالسلطة السياسية بعد أن انتزعتها منها الطبقة الأرستقراطية‪.‬‬

‫كما ذهب رأي آخر إلى أن اشتراط النصاب المالي وامتلاك ثروة‪ ،‬خاصة العقار ية منها‪،‬‬

‫بهدف المساهمة في تحمل نفقات الدولة‪ ،‬وبالتالي المساهمة في الدفاع عن الوطن‪ .‬كما أن‬

‫امتلاك هذه الثروة دون غيره من المواطنين يعني حسن الإدارة وال كفاءة في التسيير‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫كما ذهب اتجاه آخر لتبرير هذا الشرط آنذاك وهو أن ما دام أصحاب الثروات هم الذي‬

‫يدفعون الضرائب‪ ،‬فهم الذين يحق لهم المشاركة في الحيــــــــــــــــــــاـة السياسية‬

‫وممارسة حــــ ق الانتخاب‪.‬‬

‫ل كن هذا القيد تعرض لعدة انتقادات‪ ،‬لأنه خلق فئة كبيرة من المواطنين بعيدة عن‬

‫مصدر القرارات السياسية‪ ،‬لذلك تراجع هذا القيد مع تطور الوعي الديمقراطي وز يادة‬

‫المشاركة الشعبية‪ ،‬وهو ما تجسد في صدور التعديل الرابع والعشرين للدستور الأمريكي سنة‬

‫‪ ،1964‬وصدور الإصلاح الانتخابي في انجلترا عام ‪ .1918‬أما شرط ال كفاءة أو التعليم‬

‫فمضمونه وجوب حصول الناخب على مستوى تعليمي معين أو درجة علمية أو الإلمام بالقراءة‬

‫والكتابة‪ ،‬مثلما ذهبت بعض القوانين الأساسية لولايات الجنوب الأمريكية حينما اشترطت‬

‫الكتابة والقراءة باللغة الانجليز ية وتفسير الدستور الأمريكي‪ .‬كما أن بعض الأنظمة القانونية‬

‫خففت من شرط النصاب المالي بشرط توافر المستوى العلمي لدرجة معينة‪.‬‬
‫الانتخاب العام‪:‬‬
‫يقصد بمصطلح "العام" في هذا النوع من الاقتراع أو الانتخاب هو عدم اشتراط أي شرط‬

‫في الناخب‪ ،‬مالي أو تعليمي أو أي شرط آخر‪ .‬فبمجرد ورود شرط معين كان الاقتراع‬

‫مقيدا‪ .‬وكان الانتقال إلى هذا النوع من الاقتراع هو التطور الديمقراطي والرغبة في توسيع‬

‫القاعدة الشعبية المشاركة‪ .‬غير أن عدم اشتراط النصاب المالي والمستوى التعليمي لا يعني‬

‫عدم إمكانية اشتراط شروط أخرى تكون في مصلحة الناخب والمترشح في آن واحد‪،‬‬

‫كاشتراط سن معينة‪ ،‬لأنه لا يصلح أن ينتخب الأطفال أو المجانين أو فاقدي الأهلية‪.‬‬

‫كما أن هناك شرط آخر لا يتنافى مع الاقتراع العام هو شرط الجنسية‪ ،‬فالانتخاب هو‬

‫من أهم الحقوق السياسية لأي مواطن‪ ،‬لذلك فإنه من البديهي أن يقتصر على مواطني الدولة‬

‫الذين يحملون جنسيتها‪ .‬أما الأجانب فلا يتمتعون بهذا الحق‪ ،‬لأنه لا يعقل مساواة الاثنين في‬

‫‪7‬‬
‫ممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬بل هناك من الدول من تميز حتى بين المواطن الأصلي والمتجنس‪،‬‬

‫حيث تشترط في هذا الأخير مدة معينة حتى يمكن قياس مدى اندماجه وولائه للدولة التي‬

‫رغب في حمل جنسيتها‪ .‬كما أن هناك شرطا آخر أضافته بعض الدساتير والأنظمة الانتخابية‬

‫وهو شرط الجنس‪ ،‬فالانتخاب يقتصر على الذكور دون الإناث‪ .‬وكان إلى وقت معين منح‬

‫الإناث حق الانتخاب يعد مخالفة دستور ية‪ .‬وكان مبرر هذا الاتجاه أن الرجال يتفوقون على‬

‫الإناث بحكم التكوين الجسماني والنفسي وهو ما ينعكس على أعمالهم ومنها الانتخاب‪ .‬ومع‬

‫انتشار الديمقراطيات الحديثة وز يادة حركات تحرير المرأة‪ ،‬ذهبت غالبية الدساتير في العالم‬

‫إلى الاعتراف للنساء بحق الانتخاب‪ ،‬بل الأكثر من ذلك الحق في الترشح‪ .‬كما أن هناك بعض‬

‫الدساتير والأنظمة الانتخابية تشترط بلوغ سن معينة لممارسة حق الانتخاب‪ ،‬ويسمى هذا‬

‫السن بالسن الانتخابي أو سن الرشد السياسي‪ ،‬وهو السن الذي يمكن من ممارسة الحق‬

‫الانتخابي بعد استيفاء الشروط الأخرى‪ ،‬فسن الرشد السياسي يفترض اكتمال النضج‬

‫السياسي لصاحبها‪ ،‬والذي يمكنه من ممارسة حق الانتخاب والمشاركة في تدبير بعض الأمور‬

‫ا لسياسية‪ .‬لذلك ذهبت غالبية الدول إلى فرض سن الرشد السياسي أكبر من سن الرشد‬

‫المدني‪ .‬وكانت غالبية الدول قد أخذت بسن الرشد السياسي بين ‪ 18‬و‪ 25‬سنة‪ .‬كما أن هناك‬

‫دول اشترطت الأهلية العقلية والأهلية الأدبية‪ ،‬أو ما يسمى بالاعتبار الأدبي الناتج عن عدم‬

‫الحكم الجزائي أو الحجر أو سلب الحر ية‪.‬‬

‫واتجه الفقه الدستوري إلى أن الاقتراع العام يتماشى مع الديمقراطية والحر ية والمساواة‪ ،‬فهو‬

‫يسمح للشعب بالمشاركة في الحياة السياسية عكس الاقتراع المقيد‪ ،‬لأنه يسمح بتربية سياسة‬

‫جيدة ويدفع بالمواطن للاهتمام أكثر بالشؤون العامة وإصلاح الأمور السياسية والاجتماعية‬

‫للشعب بالمشاركة الفعالة من خلال الاقتراع‪ .‬كما رأى جانب آخر من الفقه أن الاقتراع‬

‫العام هو سبيل للوقاية من الثورات الناتجة عن الحقد الذي ولده الاقتراع المقيد‪ .‬لذلك فإن‬

‫‪8‬‬
‫الأنظمة السياسية والقانونية التي جربت هذه الآثار لا يمكنها العودة إليه‪ ،‬بل وتسعى إلى‬

‫توطيد أسس الاقتراع العام‪.‬‬


‫الانتخاب المباشر والانتخاب غير المباشر‪:‬‬
‫إن الانتخاب المباشر هو الذي يقوم به الناخبون مباشرة لاختيار ممثليهم‪ ،‬أما الانتخاب غير‬

‫المباشر فهو الذي يقوم فيه الناخبون باختيار مندوبين عنهم يتولون بدورهم انتخاب ممثليهم‬

‫من المترشحين‪ .‬فالانتخاب المباشر يكون على درجة واحدة‪ ،‬بينما الانتخاب غير المباشر يكون‬

‫على درجتين أو أكثر‪ .‬وأصبح نظام الانتخاب المباشر هو الشائع في مختلف الأنظمة القانونية‬

‫الحديثة بسبب خدمته للديمقراطية وارتباطه بالاقتراع العام وما له من مزايا وإيجابيات‪.‬‬

‫فعيوب الانتخاب غير المباشر جعلت الدول تستبعده إلا في أمور محددة كالدول التي تأخذ‬

‫بنظام المجلسين في السلطة التشر يعية‪ ،‬بحيث يكون انتخاب الأول بطر يقة مباشرة‪ ،‬و يكون‬

‫انتخاب المجلس الثاني بطر يق غير مباشر‪ .‬كما أن الانتخاب المباشر يوسع تمثيل القاعدة الشعبية‬

‫وتنمية شعورها بالمسؤولية السياسية‪.‬‬


‫الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة‪:‬‬
‫يتم الانتخاب الفردي بتقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية بقدر عدد النواب المراد انتخابهم‪،‬‬

‫وبالتالي يكون لكل دائرة انتخابية نائب واحد ينتخبه سكانها‪ ،‬ولا يجوز لأي ناخب أن‬

‫ينتخب أكثر من مترشح واحد‪ .‬أما الانتخاب بالقائمة فيقلل عدد الدوائر الانتخابية و يخصص‬

‫لكل دائرة عدد من النواب يتم انتخابهم في قائمة‪ ،‬و يقوم الناخب بانتخاب نواب الدائرة‬

‫الانتخابية بواسطة قائمة يكتب فيها أسماء المرشحين الذين يختارهم بالعدد الذي يحدده قانون‬

‫الانتخاب‪ .‬والانتخاب بالقائمة قد يكون انتخابا مغلقا بحيث يشترط على الناخب التصويت على‬

‫القائمة كلها دون تغييرها أو تعديلها‪ ،‬أو المزج بين عدة قوائم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اختلف فقهاء القانون الدستوري في تقييمهم لكل نوع من هذين النوعين من الانتخاب‪.‬‬

‫وكان لكل اتجاه حججه ومبرراته‪ .‬فأما مبررات وحجج الاتجاه المؤيد للانتخاب الفردي فيرون‬

‫أنه نظام يمتاز بالسهولة والبساطة‪ ،‬لأن الناخب يسهل عليه اختيار نائب واحد من المترشحين‬

‫في دائرته الانتخابية‪ ،‬بينما الانتخاب بالقائمة يصعب اختيار الناخب‪ .‬فالانتخاب الفردي يسهل‬

‫الحكم على المترشح منفردا‪ ،‬بالإيجاب أو بالسلب‪ ،‬بينما الانتخاب بالقائمة قد لا يسمح بالحكم‬

‫على المترشحين ما دام أنه يمكن وضع أسماء ذات وزن وأسماء أخرى ليست كفؤة أو سمعتها‬

‫لا تسمح لها بالترشح‪ .‬كما أن الانتخاب الفردي يحقق المساواة بين الدوائر الانتخابية ما دام أن‬

‫كل دائرة يمثلها مترشح واحد‪ ،‬وهو النائب الذي سيمثلها‪ .‬بينما في الانتخاب بالقائمة فإن‬

‫النواب يختلف عددهم‪ .‬لذلك يرى الفقه الدستوري أن هذا الفرق يؤدي إلى إعطاء فرصة‬

‫للأحزاب الصغيرة في الفوز بمقاعد عكس الانتخاب بالقائمة الذي قد يجعل الفوز بالمقاعد‬

‫المخصصة للدائرة الانتخابية مخصصا فقط للأحزاب ال كبيرة‪ .‬أما مبررات وحجج الانتخاب‬

‫بالقائمة فيرون هذا النظام أفضل من الانتخاب الفردي‪ ،‬لأن الانتخاب على القائمة يعني‬

‫الانتخاب على البرنامج والسياسات وليس على العلاقات الشخصية‪ .‬كما أن التوسيع من الدوائر‬

‫الانتخابية يوجه الاهتمام إلى المستوى الوطني بدل المستوى المحلي‪ .‬فالانتخاب بالقائمة يجنب‬

‫المجتمع وسائل تشو يه الانتخابات كالضغط على الناخبين أو المرشحين‪ ،‬فقد قيل إنه من السهل‬

‫تسميم كوب ماء‪ ،‬ل كن من الصعب تسميم نهر بأكمله‪.‬‬

‫إن هذا التقييم‪ ،‬من خلال مزايا وعيوب كل نظام‪ ،‬جعلت الدول مترددة في اتباع‬

‫نظام معين‪ .‬ففرنسا مثلا ترددت بين النظامين لمدة طو يلة‪ ،‬حيث اتبعت نظام الانتخاب‬

‫بالقائمة منذ سنة ‪ ،1857‬ثم رجعت إلى نظام الانتخاب الفردي عام ‪ ،1889‬ثم إلى نظام‬

‫القائمة سنة ‪ 1919‬ثم الفردي سنة ‪ 1927‬ثم القائمة سنة ‪.1946‬‬

‫‪10‬‬
‫أساليب فرز النتائج الانتخابية‬
‫هناك أسلوبين رئيسيين لفرز النتائج الانتخابية هما أسلوب الأغلبية وأسلوب التمثيل النسبي‪.‬‬

‫ويتعلق هذان النظامان بنتائج الانتخاب وليس بطر يقة التصويت‪ ،‬فهما وسيلتين لفرز‬

‫الأصوات وتحديد المقاعد التي تحصل عليها المترشحون‪.‬‬


‫أولا‪ :‬نظام الأغلبية‬
‫يقصد بنظام الأغلبية أن الفوز سيكون حليف المرشح الذي حصل على أكبر عدد من‬

‫الأصوات‪ ،‬سواء كان انتخابا فرديا أو انتخابا بالقائمة‪ .‬فإذا كان الانتخاب فرديا فإن المترشح‬

‫الفائز هو الذي يتحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين‪ ،‬أما إذا كان الانتخاب بالقائمة‬

‫فإن الأغلبية تعني فوز القائمة التي تحصلت على أكبر عدد من الأصوات‪.‬‬

‫وتتنوع الأغلبية إلى أغلبية مطلقة (‪ )Absolue‬وأغلبية نسبية أو بسيطة ( ‪Simple ou‬‬

‫‪.)relative‬‬
‫الأغلبية المطلقة‪:‬‬
‫تعني الأغلبية المطلقة حصول المترشح الفائز (سواء كان انتخابا فرديا أو بالقائمة) على أكثر‬

‫من نصف عدد أصوات الناخبين الصحيحة التي انتخبت‪ ،‬أي نسبة ‪ %50‬من الأصوات زائد‬

‫صوت على الأقل‪ ،‬وهذا معناه أن باقي المترشحين‪ ،‬مهما كان عددهم‪ ،‬سيحصلون مجتمعين‬

‫على أقل من خمسين بالمئة‪ ،‬لذلك يقال إنها نسبة مطلقة‪ ،‬أي طليقة ولا تحتاج إلى أي شرط‬

‫أو سبب لتكملتها‪ ،‬فهي حرة من أي عامل مكمل آخر‪ ،‬وتسمى منه الأغلبية بالمطلقة وتفترض‬

‫تحقيق هذا العدد مهما كان عدد الأدوار التي تتم فيها العملية الانتخابية‪.‬‬
‫الأغلبية النسبية أو البسيطة‪:‬‬
‫تفترض هذه الأغلبية فوز كل مترشح (مهما كان نوع الانتخاب‪ ،‬فرديا أو بالقائمة) الذي‬

‫حصل على أكبر عدد من الأصوات‪ ،‬مهما كان عددها‪ ،‬فالمهم في العملية هو فوز المترشح‬

‫‪11‬‬
‫الذي كان نصيبه من الأصوات المعبر عنها والصحيحة أكبر‪ ،‬وهذا مهما كان مجموع الأصوات‬

‫التي تحصل عليها بقية المترشحين‪ .‬ومثال ذلك لو كان عدد الأصوات الصحيحة في العملية‬

‫الانتخابية ‪ 5000‬صوت‪ ،‬تحصل المترشح الأول على ‪ 1500‬صوت‪ ،‬وتحصل الثاني على ‪1000‬‬

‫صوت‪ ،‬والثالث على ‪ 900‬صوت‪ ،‬والرابع على ‪ 800‬صوت‪ ،‬والخامس على ‪ 800‬صوت‪،‬‬

‫فإن المترشح الفائز هو الذي يتحصل على ‪ 1500‬صوت ولو كان مجموع ما تحصل عليه البقية‬

‫أكبر منه‪ ،‬وهذا مهما كان نوع الانتخاب فرديا أو بالقائمة‪ .‬لذلك تسمى الانتخابات التي يتم‬

‫فرز نتائجها بهذه الطر يقة بانتخابات الجولة الواحدة أو الجولة الأولى‪.‬‬
‫نظام التمثيل النسبي‪:‬‬
‫توزع المقاعد في هذا النظام الانتخابي على الأحزاب المشاركة في الانتخابات أو القوائم‬

‫الحرة بحسب عدد أصوات الناخبين التي تحصل عليها كل قائمة في هذه العملية الانتخابية‪.‬‬

‫لذلك فإن هذا النظام يفترض أن تكون العملية الانتخابية بالقائمة مع تقسيم الدولة إلى دوائر‬

‫انتخابية‪.‬‬

‫ولفهم أكبر لهذه الطر يقة أو هذا النظام (نظام التمثيل النسبي) نسرد هذا المثال البسيط‪،‬‬

‫فلنفترض أن دائرة انتخابية ما خصص لها خمسة عشر مقعدا‪ ،‬وكل مقعد يحتاج إلى ‪1000‬‬

‫صوت‪ .‬تحصلت القائمة (أ) على ‪ 5000‬صوت وتحصت القائمة (ب) على ‪ 4000‬صوت‬

‫والقائمة (ج ) على ‪ 3000‬صوت‪ ،‬والقائمة (د) على ‪ 2000‬صوت‪ ،‬والقائمة (ه) على ‪1000‬‬

‫صوت‪ ،‬فيكون نصيب القائمة (أ) ‪ 5‬مقاعد‪ ،‬و يكون نصيب القائمة (ب) ‪ 4‬مقاعد‪ ،‬و يكون‬

‫نصيب القائمة (ج ) ‪3‬مقاعد‪ ،‬و يكون نصيب القائمة (د) مقعدين‪ ،‬وأخيرا يكون نصيب‬

‫القائمة (ه ) مقعد واحد‪ .‬فلو كان النظام هو نظام الأغلبية‪ ،‬فيفوز الحزب (أ) على المقاعد‬

‫الخمسة عشر‪ ،‬فنظام التمثيل النسبي يضمن للأحزاب الصغيرة المشاركة في الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫يمتاز نظام الأغلبية بالبساطة والوضوح والقدرة على تكوين أغلبية برلمانية متماسكة وقو ية‬

‫لتشكيل حكومة متجانسة تضمن استقرارا في الحكم‪ ،‬خصوصا في الدول التي تعتنق النظام‬

‫السياسي البرل ماني‪ .‬كما يمتاز هذا النظام أيضا ببساطة الإجراءات والسرعة في فرز النتائج‬

‫الإيجابية‪.‬‬

‫وإذا كان من إيجابيات نظام الأغلبية أنه يضمن تشكيل حكومة متماسكة‪ ،‬خصوصا في‬

‫الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني‪ ،‬فإن هذه الإيجابية قد تتحول إلى سلبية إذا ما استبدت‬

‫هذه الأغل بية وواجهت الأقلية ولم تحترم الرأي الآخر‪ ،‬أو لم تشكل الحكومة إلا من حزب‬

‫واحد‪ ،‬فقد نكون أمام فساد سياسي يؤدي إلى فساد النظام النيابي ككل‪ .‬كما رأى غالبية‬

‫الفقه الدستوري أن نظام التمثيل النسبي أكثر الأنظمة قربا واتفاقا مع الديمقراطية‪ ،‬لأنه‬

‫يسمح بتمثيل كافة شرائح الشعب واتجاهاته‪ ،‬ويسمح لأكبر عدد ممكن من الوصول إلى‬

‫المراكز والمناصب السياسية‪ ،‬فهو‪ ،‬في رأي الفقه الدستوري‪ ،‬الأكثر عدالة من ضمن بقية‬

‫الأنظمة‪ .‬يشجع النظام الانتخابي المبني على التمثيل النسبي الناخبين على كما أنه لن تكون هناك‬

‫أغلبية تؤدي إلى استبداد واحتكار للممارسة السياسية‪ ،‬فهو يحافظ على التنافس السياسي من‬

‫خلال الحفاظ على الأحزاب الموجودة في الدولة ال كبيرة منها والصغيرة‪.‬‬

‫بينما لنظام التمثيل النسبي عدة سلبيات‪ ،‬رغم الإيجابيات التي سبق التفصيل فيها‪ .‬ومن‬

‫هذه السلبيات كثرة وتعقيد إجراءاته‪ ،‬فهو نظام معقد في العملية الانتخابية وفي تحديد وفرز‬

‫الأصوات وإعلان النتائج‪ .‬كما يؤدي نظام التمثيل النسبي إلى تعدد الأحزاب السياسية وكثرتها‪،‬‬

‫مما قد يشتت الحياة السياسية و يجعل من الصعب اختيار الحزب الأجدر بتمثيل الشعب‪ .‬ثم‬

‫إن نظام التمثيل النسبي يجعل من وصول عدد أكبر من الأحزاب إلى البرلمان (الانتخابات‬

‫التشر يعية)‪ ،‬وهي ميزة من ميزات هذا النظام‪ .‬ل كن قد تنقلب هذه الميزة إلى سلبية وعقبة‬

‫في الحياة السياسية للدولة‪ ،‬وربما الوصول إلى حالات فراغ دستوري يهدد الدولة‪ ،‬وذلك‬

‫‪13‬‬
‫من خلال عدم حصول أي حزب على أغلبية تسمح له من تشكيل الحكومة بمفرده‪ ،‬مما يجبره‬

‫على اللجوء إلى بقية الأحزاب أو القوائم الحرة‪ ،‬ربما لم تحصل على أصوات كثيرة‪ ،‬وذلك‬

‫لتشكيل حكومة تسمى حكومة "ائتلافية"‪ .‬وإذا ما تشكلت هذه الحكومة الائتلافية فإنها‬

‫تكون ضعيفة في مواجهة القرارات والوضع ما دامت ستكون مبنية على تعدد الآراء وبالتالي‬

‫قد تكون نتيجة مجاملات سياسية‪ ،‬ربما نتجت عن مساومات خاصة دون مراعاة للصالح‬

‫العام‪ .‬وإذا لم يكتب لهذه المساومات أن تحققت‪ ،‬فإن مآل الحكومة هي الفشل وبالتالي‬

‫الانهيار‪ ،‬مما يجعل الحياة السياسية مهددة في كل مرة‪ .‬كما أن هذا اللا استقرار الحكومي‬

‫يؤدي إلى عدم الاستقرار الوزاري‪ ،‬ما دام كل حزب أو قائمة حرة يساوم على الحقائب‬

‫الوزار ية التي يرى أنها تخدم مصالحه بغض النظر عن المصلحة الوطنية‪ ،‬فهو يرى أن الذين‬

‫لجأوا إليه هم في حاجة ماسة إليه‪ ،‬ولو لم يتحصل على عدد كاف من المقاعد النيابية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫المنازعات الانتخابية‪.‬‬
‫يعد الانتخاب الطر يقة أو الأسلوب الذي يستعمل لاختيار الأشخاص الذي تسند لهم مهام‬

‫ممارسة السيادة أو الحكم نيابة عن الناخبين‪ ،‬فهو طر يقة أو أسلوب لعرض المترشحين على‬

‫الناخبين ثم فرز النتائج وتحديدها‪.‬‬

‫وهناك نوعين من الانتخابات‪ ،‬سياسية ومهنية‪ .‬فأما السياسية فهي التي تتم داخل المجتمع‬

‫السياسي‪ ،‬كالانتخابات الرئاسية والتشر يعية والمحلية (البلدية والولائية)‪ .‬أما الانتخابات المهنية‬

‫فهي التي تجري داخل المجتمع ال مهــــني (المرافق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية)‪.‬‬

‫تتم العملية الانتخابية وفق أسس سليمة وصحيحة من الناحية القانونية‪ ،‬وإلا كانت هناك‬

‫طعون على العملية‪ ،‬سواء في مراحلها التمهيدية أو التي تعاصرها أو التي تأتي بعدها‪ .‬وتعرف‬

‫هذه الطعون بما يسمى في الفقه الدستوري بــ "المنازعة الانتخابية"‪ .‬و يتم الفصل في المنازعة‬

‫الانتخابية عن طر يق ما يعرف بالدعوى الانتخابية‪ ،‬والتي تعد جزءا من الدعوى الدستور ية‬

‫بوجه عام‪ .‬فالدعوى الانتخابية تلعب دورا هاما في المنازعة الانتخابية لأنها وسيلة الطعن في‬

‫الانتخاب ووسيلة لإيصاله إلى الجهة المخولة قانونا كلي تفصل فيه‪ .‬لذلك أصبحت مختلف‬

‫القوانين الانتخابية تهتم بالمنازعة الانتخابية في كل مراحل العملية الانتخابية‪ .‬لذا يستوجب معرفة‬

‫المنازعة الانتخابية وطبيعتها القانونية‪ ،‬ثم أنواع الطعون الانتخابية‪ .‬كما يستوجب التطرق إلى‬

‫تنظيم المشرع الجزائري للمنازعة الانتخابية وفق ما وصلت الدساتير والتعديلات الدستور ية‬

‫والقوانين الانتخابية‪.‬‬
‫المنازعة الانتخابية في المجال السياسي‬
‫العملية الانتخابية عبارة عن مجموعة من العمليات التي تنطلق بإجراءات سابقة عن عملية‬

‫الاقتراع ذاتها‪ ،‬ذلك أن عملية الانتخاب لا تبدأ من لحظة الذهاب إلى مراكز التصويت‪ ،‬بل‬

‫تبدأ منذ قيد الناخبين في القوائم الانتخابية‪ ،‬وتنتهي بإعلان المرشح الفائز‪ .‬فالعملية الانتخابية‬

‫‪15‬‬
‫عملية مركبة‪ ،‬لذلك قد تطرأ عليها نزاعات تشكك في مرحلة من مراحلها‪ ،‬ونكون أمام‬

‫طعون تنصب على عملية من العمليات الانتخابية أو العملية برمتها‪.‬‬


‫مفهوم المنازعة الانتخابية في المجال السياسي‬
‫تقتضي دراسة مفهوم المنازعة الانتخابية معرفة تعر يفها وخصائصها‪.‬‬
‫تعر يف المنازعة الانتخابية في المجال السياسي‬
‫لم تهتم مختلف التشر يعات الانتخابية بوضع تعر يف دقيق للمنازعة الانتخابية‪ ،‬لذلك لا بد‬

‫من الرجوع إلى التعار يف الفقهية‪ ،‬فعرف الدكتور حسن البدراوي المنازعة الانتخابية بأنها‬

‫تلك المنازعة ال تي تدور حول النتائج الانتخابية‪ .‬و يظهر من هذا التعر يف أنه قصر المنازعة‬

‫الانتخابية على الطعون الموجهة ضد نتائج العملية الانتخابية دون بقية مراحل العملية الانتخابية‪.‬‬

‫ل كن هذه الأخيرة أوسع وأشمل‪ ،‬فهي تشمل الدعوة إلى الانتخاب وتنتهي بإعلان النتائج‬

‫مرورا بعدة مراحل سنعرفها في حينها‪.‬‬

‫كما عرفت المنازعة الانتخابية بأنها تلك المنازعة التي يكون أحد طرفيها الإدارة والمترشح‬

‫للانتخابات‪ ،‬وفي بعض الأحيان الناخب‪.‬‬


‫خصائص المنازعة الانتخابية في المجال السياسي‬
‫لكل منازعة قضائية خصائصها التي تميزها عن بقية المنازعات‪ .‬لذلك تتميز المنازعة الانتخابية‬

‫بخصائص معينة‪.‬‬
‫دعوى معفاة من الرسوم‬
‫لكل دعوى قضائية مصار يف ومبالغ يتعين على أطراف الدعوى التكفل بها مقابل السير‬

‫والفصل فيها‪ ،‬مرورا بإجراءاتها وشهودها وخبرائها والمعاينة إن كانت ضرور ية فيها‪ ،‬ثم حكمها‬

‫وتحريره وتسليمه‪ .‬ل كن عريضة الدعوى الانتخابية في المجال السياسي تودع بطر يقة بسيطة‬

‫وعادية ومعفاة من شرط الرسوم‪ .‬كما يعفى الطاعن في أي نزاع انتخابي من دفع مصار يف‬

‫‪16‬‬
‫التقاضي‪ ،‬وهو ما نصت عليه مثلا المادة ‪ 69‬من الأمر ‪ 01-21‬المتضمن القانون العضوي‬

‫للانتخابات الصادر في ‪ 10‬مارس ‪ ،2021‬المعدل‪ ،‬في الطعون المتعلقة بالقوائم الانتخابية بنصها‬

‫على أنه" يسجل هذا الطعن‪...‬دون مصار يف الإجراءات‪."...‬‬

‫والسبب في إعفاء المنازعة الانتخابية في المجال السياسي من رسوم الطابع ومصار يف‬

‫التسجيل تكاد تكون خاصية مشتركة بين أغلب التشر يعات الانتخابية بالنظر لطبيعة هذه‬

‫الطعون وحساسيتها لاتصالها الوثيق بالمصلحة العامة من جهة‪ ،‬وإلى السرعة التي يجب أن‬

‫تشمل هذه المنازعة من حيث تقديم الطعن الانتخابي أو إصدار الأحكام‪ ،‬ومنها التشر يع‬

‫الجزائري‪.‬‬
‫قصر المواعيد‬
‫تتميز الدعوى الانتخابية بطابع خاص ومستعجل مما أدى إلى تقصير المهل والمواعيد‪.‬‬

‫وتختلف هذه المواعيد حسب نوع الانتخابات‪ .‬وهناك مواعيد نص عليها القانون العضوي‬

‫المتعلق ب الانتخابات سيتم تفصيلها فيما بعد عند الحديث عن المنازعة الانتخابية في الجزائر‪.‬‬

‫الإعفاء من توكيل محام‬


‫بالرغم من أن المنازعة الانتخابية في المجال السياسي قد يعرض جانبا مهما منها أمام الهيئات‬

‫العليا في الدولة أو الجهات القضائية العليا‪ ،‬إلا أنها تكون دون اشتراط محامي‪ ،‬وهذا يعد‬

‫خروجا عن القواعد العامة‪ ،‬لأن عرض النزاع على المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو حتى‬

‫المجلس القضائي يشترط توكيل محامي مقبول لدى هذه الهيئات‪ .‬فعر يضة الطعن في المواد‬

‫الانتخابية لا يشترط أن تكون موقعة من طرف محامي‪ ،‬والمادة ‪ 69‬من الأمر ‪،01-21‬‬

‫المعدل‪ ،‬أكدت ذلك بنصها على أنه"‪...‬وبدون إلزامية توكيل محام‪."...‬‬

‫‪17‬‬
‫علاقة المنازعة الانتخابية في المجال السياسي بدعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل‪.‬‬
‫إن التساؤل الذي يطرح بشأن المنازعة الانتخابية‪ ،‬باعتبارها منازعة قضائية‪ ،‬هو هل تنتمي‬

‫إلى قضاء الإلغاء أم قضاء التعو يض أم إليهما معا؟‬


‫علاقة المنازعة الانتخابية في المجال السياسي بقضاء الإلغاء‬
‫تعرف دعوى الإلغاء بأنها دعوى تهدف إلى إلغاء قرار إداري غير مشروع‪ ،‬فهل تدخل‬

‫المنازعة الانتخابية ضمن هذا المجال؟‬

‫إن العملية الانتخابية عملية مركبة‪ ،‬كما سبق تفصيله‪ ،‬تتميز بالتعقيد لأنها لا تمر بمرحلة واحدة‪،‬‬

‫بل بمراحل متعددة وخطوات وإجراءات تكون وفق قرارات رئيسية وقرارات فرعية‪ ،‬لها‬

‫صفة ابتدائية وقد تكون نهائية‪ .‬فالعملية الانتخابية لها عمليات سابقة لها‪ ،‬ثم عملية الانتخاب‬

‫(الاقتراع ذاته)‪.‬‬

‫تصدى القضاء الإداري الفرنسي‪ ،‬وعلى رأسه مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬لمعالجة مثل هذه‬

‫المسائل القانونية‪ .‬فبداية‪ ،‬لم يعترف مجلس الدولة الفرنسي بجواز الطعن في القرارات الصادرة‬

‫داخل العمليات المركبة بالإلغاء‪ ،‬مثل القرارات السابقة عن العملية الانتخابية بحجة أن مثل‬

‫هذه القرارات تكون كل متكامل ومتماسك غير قابل للتجزئة أو التقسيم " ‪tout‬‬

‫‪ ،"indivisible‬وبالتالي لا يمكن عزل أي منها أو فصله عن باقي مكونات العملية‪ .‬كما‬

‫أضاف مجلس الدولة الفرنسي حجة أخرى هي أن الطعن بالإلغاء هو في الحقيقة طعن احتياطي‬

‫أو استثنائي بالنسبة للطعن العادي وبالتالي لا يجوز اللجوء إليه إذا كان يمكن اللجوء إلى الطر يق‬

‫العادي للطعن‪ ،‬ولذلك فإن فهذه المرحلةكان يشترط فيها مجلس الدولة لقبول دعوى الإلغاء‬

‫عدم وجود طر يق آخر للطعن الموازي‪ .‬لذلك كان مجلس الدولة‪ ،‬بناء على هذين الحجتين‪،‬‬

‫يقضي بعدم قبول دعوى الإلغاء ضد القرارات في العمليات المركبة‪ ،‬منها العملية الانتخابية‪،‬‬

‫طالـــــــما هناك طعنا يمكن رفعه أمام قاضي آخر مثل قاضي الانتخاب‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ثم حدث تطور جديد في موقف مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬من خلال تقليصه لفكرة الطعن‬

‫الموازي كشرط لقبول دعوى لإلغاء من عدم قبولها‪ ،‬وأصبح يطبق فكرة القرارات الإدار ية‬

‫القابلة للانفصال‪ ،‬في عدة عمليات قانونية عديدة منها الضريبية‪ ،‬والانتخابية وأعمال السيادة‪.‬‬

‫وكانت المناسبة الأولى التي طبقت فيها فكرة القرارات القابلة للانفصال في نطاق العمليات‬

‫الانتخابية بدءا من سنة ‪ 1903‬في طعن تقدم به بعض الناخبين ضد بعض القرارات المتعلقة‬

‫بالعملية الانتخابية‪ ،‬وتم قبول الطعن بالإلغاء في هذه القرارات المستقلة عن العملية الانتخابية‪.‬‬

‫ومنذ ذلك التاريخ توسع مجلس الدولة الفرنسي في تطبيق فكرة القرارات المنفصلة التي تؤدي‬

‫لقبول دعوى الإلغاء بصفة مستقلة عن العملية الأصلية والنهائية‪ .‬ل كن بالرغم من ذلك‬

‫تبقى دعوى الإلغاء تختلف عن الدعوى الانتخابية من حيث إجراءات رفع الدعوى أو من‬

‫حيث المدد كما سبق تفصيله‪.‬‬

‫وتلتقي دعوى الإلغاء مع الدعوى الانتخابية في القرارات المنفصلة الصادرة بإرادة منفردة‬

‫من الإدارة بمناسبة العملية الانتخابية المركبة‪ .‬كما أن المرسوم أو القرار المتعلق باستدعاء الهيئة‬

‫الناخبة يعد عملا من أعمال السيادة‪ ،‬لذلك رفض مجلس الدولة الفرنسي قبول دعوى إلغائه‪،‬‬

‫والشيء نفسه كان مع قرارات تسجيل الناخبين وتسجيل المترشحين‪ .‬بينما قبل مجلس الدولة‬

‫الطعن بالإلغاء ضد قرار إداري بفض تجمع حزب مشارك في حملة استفتاء باعتباره قرارا‬

‫إدار يا مستقلا ومنفصلا عن عملية الاستفتاء وذلك في قضية "التجمع" " ‪Regroupement‬‬

‫‪ "National‬في ‪ ،1961/10/27‬والقرار نفسه كان في قبول الطعن في قرار تنظيم الحملة‬

‫الانتخابية والتصويت في قضية "‪" "Procas‬بروكاس" في ‪ 19‬أكتوبر ‪ ،1962‬فالأصل في‬

‫المنازعة الانتخابية في المجال السياسي أنها ذات طبيعة خاصة وبعيدة عن دعوى الإلغاء‪،‬‬

‫ل كن القضاء الإداري يلجأ أحيانا إلى تطبيق نظر ية القرارات الإدار ية القابلة للانفصال عن‬

‫العملية الانتخابية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫علاقة المنازعة الانتخابية في المجال السياسي بالقضاء الكامل‬
‫المقصود بالقضاء الكامل هو الذي يؤمن حماية للأفراد من الإدارة‪ ،‬حيث تمتد سلطة‬

‫القاضي لتشمل الإلغاء والتعو يض‪ .‬والقضاء الانتخابي ينتمي إلى دعاوى القضاء الكامل‪،‬‬

‫فالفقيه "‪ "Odent‬رأى بأن المنازعة الانتخابية تدخل ضمن منازعات القضاء الكامل‪ ،‬حيث‬
‫يكون للقاضي سلطة مراقبة عملية سير الانتخابات والترشيح وتوز يع الأصوات وتقرير عدد‬
‫الأصوات الصحيحة‪ .‬وأدخل مجلس الدولة الفرنسي المنازعات الانتخابية ضمن دعاوى القضاء‬

‫الكامل مثلها مثل دعاوى العقود‪ ،‬دعاوى التعو يض‪ ،‬دعاوى المديونية المرفوعة ضد الدولة‪.‬‬

‫كما سار القضاء المصري المسار نفسه‪ ،‬إذ اعتبرت المحكمة الإدار ية العليا‪ ،‬بوصفها جهة‬

‫استئنافية للمحكمة الابتدائية (محكمة القضاء الإداري)‪ ،‬الطعون المتعلقة بالعملية الانتخابية‪،‬‬

‫سواء الإجراءات الممهدة لها أو المصاحبة لها أو تلك المتعلقة بفرز الأصوات وإعلان النتائج‬

‫من ضمن مهام القضاء الكامل‪ ،‬الذي قد تصل إلى حد إعلان الطاعن هو الفائز بعد إعلان‬

‫إلغاء فوز المطعون ضده‪ .‬كما قد ينتهي الأمر إلى إبطال العملية الانتخابية برمتها‪ ،‬لذلك فإن‬

‫المنازعة الانتخابية تنتمي إلى القضاء الكامل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المنازعة الانتخابية في الجزائر‬

‫تمر العملية الانتخابية بمرحلتين أساسيتين‪ ،‬المرحلة التحضير ية والتي تشمل التسجيل في‬

‫القوائم الانتخابية والترشح واعداد قائمة أعضاء مكاتب التصويت والحملة الانتخابية‪ .‬أما المرحلة‬

‫الثانية فهي مرحلة الانتخاب والفرز وإعلان النتائج‪ .‬ولكل مرحلة منازعات مرتبطة بها‪.‬‬

‫المنازعات المتعلقة بالإجراءات التمهيدية للعملية الانتخابية‪.‬‬


‫تسبق أي انتخابات بعملية تحضير ية لها وإجراءات ممهدة‪ ،‬وهي عمليات وإجراءات‬

‫ضرور ية لا يمكن إجراء المرحلة الثانية من العملية الانتخابية إلا بها‪ ،‬فهي لا تقبل الانفصال‬

‫عن العملية الأخرى (الانتخاب وإعلان النتائج)‪ .‬ومن بين العمليات التحضير ية والإجراءات‬

‫التمهيدية لأي عملية انتخابية هي إعداد القوائم الانتخابية وفتح الترشيحات وتعيين قوائم أعضاء‬

‫مكاتب التصويت والحملات الانتخابية (لن يتم التطرق لمنازعات الحملة الانتخابية لأنها مقررة‬

‫في مستوى دراسي آخر)‪.‬‬


‫منازعات القوائم الانتخابية‪.‬‬
‫إن المقصود بالقوائم الانتخابية هي مجموعة الجداول التي تحوي أسماء وألقاب الناخبين وكل‬

‫المعلومات المتعلقة بهم (تواريخ ومكان الميلاد وأسماء الأولياء والموطن أو محل الإقامة في‬

‫الدائرة الانتخابية)‪ .‬لذلك فإن المشرع يجبر أي مواطن أن يكون مسجلا في القائمة الانتخابية‬

‫في الموطن الذي يقيم فيه‪ ،‬سواء كمسجل جديد متى بلغ السن الانتخابية المطلوبة أو كان‬

‫مسجلا وغير محل إقامته‪.‬‬

‫تتولى لجنة بلدية عملية إعداد القوائم الانتخابية ومراجعتها بمناسبةكل استحقاق انتخابي أو‬

‫استفتائي‪ .‬وتتكون هذه اللجنة من قاضي وعضو ية ثلاثة مواطنين تختارهم المندوبية الولائية‬

‫‪21‬‬
‫للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات من بين الناخبين المسجلين في القائمة الانتخابية للبلدية‬

‫المعنية‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 63‬من الأمر ‪ 01-21‬المتضمن القانون العضوي المتعلق‬

‫بالانتخابات‪ ،‬المعدل ‪.‬أما في الخارج فتتكون هذه اللجنة من رئيس الممثلية الدبلوماسية أو‬

‫رئيس المركز القنصلي أو ممثله رئيسا ‪ ،‬وبعضو ية ناخبين إثنين من القائمة الانتخابية للدائرة‬

‫الدبلوماسية أو القنصلية تعينهما السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات‪ ،‬وموظف قنصلي عضوا‬

‫طبقا للمادة ‪ 64‬من الأمر ‪ ، 01-21‬المعدل‪.‬‬


‫الطعن الإداري في القوائم الانتخابية‬
‫إن القائمة الانتخابية هي تلك القائمة التي تحوي جميع أسماء كل من تتوفر فيهم الشروط‬

‫القانونية المنصوص عليها في المواد‪ 52 ،51 ،50‬من الأمر ‪ ، 01-21‬المعدل‪ ،‬من السن‬

‫المطلوب (‪ 18‬سنة كاملة يوم الاقتراع) والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وغير فاقد للأهلية‬

‫المحددة (المادة ‪ ،)50‬وأن يكون مقيما في البلدية بمفهوم الإقامة الواردة في المادة ‪ 36‬من‬

‫القانون المدني (المادة ‪ ،)51‬ثم ألا يكون له سلوك معادي للثورة التحرير ية أو محكوم عليه‬

‫في جناية ولم يرد له اعتباره أو محكوم عليه بالحبس في الجنح التي يحكم فيها بالحرمان من‬

‫ممارسة حق الانتخاب وفقا للمواد ‪ 9‬مكرر‪ 1‬و‪ 14‬من قانون العقوبات أو أشهر إفلاسه ولم‬

‫يرد اعتباره أو المحجور عليه (المادة ‪.)52‬‬

‫مكن المشرع المواطن من الطعن إدار يا في القوائم الانتخابية إذا رفضت المصالح البلدية‬

‫تسجيل اسمه في القائمة بالرغم من توافر الشروط القانونية سالفة الذكر‪ .‬كما يجوز الطعن في‬

‫أي عملية تسجيل لشخص لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة أو شخص تم اغفال تسجيله‪ ،‬طبقا‬

‫للمادتين ‪ 66‬و ‪ 67‬من الأمر ‪ . 01-21‬و يحال هذا الطعن على اللجنة البلدية سالفة الذكر‬

‫التي تفصل في الطعن بقرار في أجل أقصاه ‪ 03‬أيام حسب المادة ‪ 68‬من الأمر نفسه‪،‬‬

‫والذي يقوم رئيس اللجنة البلدية بتبليغه للطاعن في ظرف ‪ 03‬أيام من صدوره (المادة ‪.)68‬‬

‫‪22‬‬
‫الطعن القضائي في القوائم الانتخابية‬
‫يعتبر قرار اللجنة البلدية المختصة بنظر الطعن الإداري في القائمة الانتخابية قرارا قابلا للطعن‬

‫القضائي طبقــــاـ لنص المــــــــاـدة ‪ 69‬من الأمر ‪ 01-21‬وذلك في خلال مدة ‪05‬‬

‫أيام من تبليغه من طرف رئيس اللجنة البلدية طبقا للفقرة الأولى من هذه المادة‪ .‬و يكون‬

‫الطعن أمام المحكمة التابعة للنظام القضائي العادي المختصة إقليميا طبقا للفقرة الثالثة من المادة‬

‫نفسها‪ ،‬التي تفصل في هذا الطعن بحكم خلال ‪ 05‬أيام دون أية مصار يف قضائية‪.‬و يكون‬

‫حكمها نهائيا غير قابل لأي طر يق من طرق الطعن( الفقرة الأخيرة من المادة نفسها)‪.‬‬
‫المنازعات المتعلقة بعملية الترشح‬
‫ب عد الانتهاء من عملية إعداد القوائم الانتخابية وتصنيفها وحل كل الطعون المتعلقة بها‪،‬‬

‫سواء كان طعنا إدار يا أو قضائيا‪ ،‬تأتي مرحلة الترشح للانتخابات‪ .‬وتكون عملية الترشح وفقا‬

‫لنوع الانتخابات المراد إجراؤها‪ ،‬فقد تكون انتخابات رئاسية أو تشر يعية أو محلية‪ .‬فالترشح قد‬

‫يكون صحيحا فيقبل من الجهات المعنية‪ ،‬وقد يكون الترشح معيبا فترفضه الجهة المختصة‬

‫باستقبال ملفات الترشح‪ ،‬وهنا تثور المنازعة الانتخابية المتعلقة بعملية الترشح‪ .‬لذلك سوف‬

‫ندرس هذا النوع من المنازعة حسب نوع الانتخابات‪.‬‬

‫منازعات الترشح للانتخابات الرئاسية‬


‫حددت المادة ‪ 87‬من التعديل الدستوري ‪ 2020‬شروط الترشح للانتخابات الرئاسية‪،‬‬

‫حيث اشترطت الجنسية الجزائر ية الأصلية‪ ،‬الديانة الإسلامية‪ ،‬سن الأربعين يوم الانتخاب‪،‬‬

‫الجنسية الجزائر ية للزوجة والمشاركة في الثورة التحرير ية لمن كان مولودا قبل يوليو ‪،1942‬‬

‫وإثبات عدم تورط الأبوين في نشاط معادي للثورة إذا كان مولودا بعد يوليو ‪ ،1942‬وأخيرا‬

‫التصريح بالممتلكات العقار ية والمنقولة داخل الوطن وخارجه‪ .‬ثم أحالت المادة ذاتها إلى‬

‫‪23‬‬
‫قانون عضوي لتحديد شروط أخرى‪ ،‬وهو ما تكفلت به المادة ‪ 249‬من الأمر ‪،01-21‬‬

‫المعدل‪.‬‬

‫يودع ملف الترشح للرئاسيات من المترشح للرئاسيات شخصيا لدى رئيس السلطة الوطنية‬

‫المستقلة للانتخابات أو من ينوب عنه بتفو يض من رئيس السلطة‪ ،‬مقابل وصل كما سبق‬

‫تفصيله‪( ،‬المادة ‪ 249‬من الأمر ‪ ،)01-21‬وذلك خلال والأربعين (‪ )40‬يوما الموالية لنشر‬

‫المــــرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة وهذا طبقاـ للمادة ‪ 251‬من الأمر‬

‫‪ ،01-21‬المعدل‪ .‬و يتم بالمقابل استدعاء الهيئة الانتخابية ‪ 90‬يوما قبل إجراء الاقتراع في‬

‫الدور الأول طبقا للمادة ‪ 246‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ .‬وتتولى السلطة الوطنية المستقلة‬

‫للانتخابات تحديد تاريخ لإيداع الملفات يكون محددا لأول يوم وآخر يوم لجميع من يريد إيداع‬

‫ملفه وذلك لتسهيل دراستها جملة واحدة وتصفيتها وإعلان المقبولة منها والمرفوضة لتبليغ‬

‫أصحابها ونشرها في الجريدة الرسمية للجمهور ية الجزائر ية‪.‬‬

‫تتولى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات دراسة ملف كل مترشح وفحصه‪ .‬وبعد التأكد‬

‫من محتوى كل ملف ومدى مطابقته للشروط الدستور ية والقانونية‪ ،‬تقوم السلطة بإجراء‬

‫مداولة مغلقة في اجتماع مغلق وموسع للفصل في الملفات الكاملة والمقبولة‪ ،‬ثم تعلن عن‬

‫قائمة المترشحين المقبولين والمرفوضين لدخول الانتخابات الرئاسية في ظرف سبعة أيام (‪)07‬‬

‫من تاريخ إيداع أخر ملف بقرار معلل تعليلا قانونيا‪ ،‬وترتبهم ترتيبا هجائيا وفق ألقابهم (المادة‬

‫‪ 252‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫يحق لكل مترشح الطعن في قرار السلطة لدى المحكمة الدستور ية خلال ‪ 48‬ساعة من التبليغ‬

‫الشخصي‪ .‬كما تقوم السلطة الوطنية بدورها بإرسال كل الملفات‪ ،‬المقبولة والمرفوضة‪ ،‬للمحكمة‬

‫الدستور ية في أجل ‪ 24‬ساعة من صدور قرارها بمعالجة الملفات المودعة لديها (المادة ‪252‬‬

‫من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫تعتمد المحكمة الدستور ية بقرار نهائي على القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية خلال‬

‫سبعة(‪ )07‬أيام من تاريخ إرسال قرار السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات‪ ،‬مع مراعاة أحكام‬

‫المادة ‪ 95‬من الدستور‪ .‬وينشر قرار المحكمة الدستور ية في الجريدة الرسمية‪ ،‬وهو قرار نهائي‬

‫غير قابل للطعن بأي طر يقة من طرق الطعن‪.‬‬

‫منازعات الترشح للانتخابات التشر يعية‬


‫تمارس السلطة التشر يعية في الجزائر بواسطة مجلسين‪ ،‬هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس‬

‫الأمة‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 114‬من التعديل الدستوري ‪.2020‬‬

‫يشترط القانون مجموعة من الشروط للترشح لعضو ية هاتين الهيئتين‪ ،‬وهي الشروط التي نصت‬

‫عليها المادة ‪ 200‬وما بعدها من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬بالنسبة للمجلس الشعبي الوطني‪،‬‬

‫وهي التسجيل في القائمة الانتخابية وبلوغ سن ‪ 25‬سنة كاملة يوم الاقتراع والجنسية الجزائر ية‬

‫وغير محكوم عليه في جناية أو جنحة المنصوص ولم يرد اعتباره‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 221‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬على شروط الترشح لعضو ية مجلس‬

‫الأمة في الثلثين المنتخبين من بين أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية‪ ،‬وهذه الشروط‬

‫هي بلوغ ‪ 35‬سنة كاملة يوم الانتخاب‪ .‬ثم أضاف الأمر المتضمن القانون العضوي الخاص‬

‫بالانتخابات شروطا أخرى في طر يقة وضع القائمة سواء كان المترشح حرا أو تابعا لحزب‬

‫سياسي‪ ،‬إضافة إلى شروط أخرى‪.‬‬

‫فيما يخص انتخابات المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬يودع الملف لدى المندوبية الولائية للسلطة‬

‫الوطنية المستقلة للانتخابات في نسختين‪ ،‬من طرف المترشح‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪201‬‬

‫من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ .‬و يقدم الترشيح إما من مترشح موكل من الحزب السياسية أو‬

‫من مترشحي القوائم المستقلة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫تفصل المندوبية الولائية للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في صحة الترشيحات أو عدم‬

‫صحتها بعد دراستها وتصدر قرارها بقبول الترشح أو رفضه (المادة ‪ 206‬من الأمر ‪،01-21‬‬

‫المعدل)‪ .‬و يكون قرار الرفض في ظرف يومين‪ 08‬أيام من إيداع مــــلف الترشح (الأمر‬

‫‪ .)01-21‬كما يمكن لرئيس السلطة الوطنية المستقلة تمديد هذا الاجل أربعة أيام على الأكثر‬

‫(الجديد في الأمر ‪ .)05-21‬و يكون قرار الرفض مسببا ومعللا‪ ،‬وهو قابلا للطعن‪ ،‬وفق‬

‫المادة ‪ 206‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬أمام المحكمة الإدار ية المختصة إقليميا خلال ‪03‬‬

‫أيام ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الرفض‪ .‬وتفصل المحكمة الإدار ية خلال يوميــــــــن (‪)02‬‬

‫(بعد أن كانت ‪ 04‬أيام في الأمر ‪ ،)01-21‬وحكمها قابلا للطعن بالاستئناف أمام المحكمة‬

‫الإدار ية للاستئناف في ظرف يومين (‪( )02‬كانت ‪ 03‬أيام في الأمر ‪ )01-21‬من تبليغ‬

‫حكم المحكمة الإدار ية التي تفصل في الطعن في يومين (‪( )02‬كانت ‪ 04‬أيام في الأمــــر‬

‫‪ ،)01-21‬وقرارها نهائيا غير قابل للطعن (المادة ‪ 206‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫أما فيما يخص انتخابات ثلثي مجلس الامة‪ ،‬فيودع الملف لدى المندوبية الولائية للسلطة‬

‫الوطنية المستقلة للانتخابات في نسختين‪ ،‬من طرف المترشح ‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪222‬‬

‫من الأمر ‪ ،01-21‬مع ضرورة ارفاق ملف الترشح بشهادة تزكية من المسؤول الأول عن‬

‫الحزب إذا كان المترشح قدم ملفه تحت غطاء حزب سياسي‪.‬‬

‫تفصل المندوبية الولائية للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في صحة الترشيحات أو عدم‬

‫صحتها بعد دراستها وتصدر قرارها بقبول الترشح أو رفضه (المادة ‪ 226‬من الأمر ‪،01-21‬‬

‫المعدل)‪ .‬و يكون قرار الرفض في ظرف يومين من إيداع ملف الترشح‪ ،‬و يكون قرار الرفض‬

‫مسببا ومعللا‪ ،‬وهو قابلا للطعن وفق المادة ‪ 206‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬أي أمام‬

‫المحكمة الإدار ية المختصة إقليميا خلال ‪ 03‬أيام ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الرفض‪ .‬وتفصل‬

‫‪26‬‬
‫المحكمة الإدار ية خلال يومين (‪ ،)02‬وحكمها قابلا للطعن بالاستئناف أمام المحكمة الإدار ية‬

‫للاستئناف في ظرف ثلاث أيام من تبليغ حكم المحكمة الإدار ية التي تفصل في الطعن في‬

‫يومين (‪ ،)02‬وقرارها نهائيا غير قابل للطعن (المادة ‪ 206‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫منازعات الترشح للانتخابات المحلية (البلدية والولائية)‬


‫تعتبر البلدية والولاية الجماعات المحلية في النظام الإداري الجزائري حسب نص المادة ‪17‬‬

‫من التعديل الدستوري ‪ .2020‬فالولاية جماعة عمومية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنو ية‬

‫والاستقلال المالي وتشكل مقاطعة إدار ية للدولة وتنشأ بموجب قانون‪ ،‬لها مجلس منتخب‬

‫يسمى المجلس الشعبي الولائي‪ .‬أما البلدية فلها مجلس يسمى المجلس الشعبي البلدي منتخب‬

‫يدير شؤونها‪.‬‬

‫يتم انتخاب أعضاء المجالس الشعبية الولائية والبلدية بموجب انتخابات عامة يشارك فيها‬

‫مواطنو الولاية والبلدية‪ ،‬باختيارهم لمترشحين‪ ،‬لهم أحزاب سياسية أو أحرار‪ ،‬يحدد القانون‬

‫شروط ترشحهم‪ ،‬وهو ما حددته المادة ‪ 184‬من الأمر ‪ 01-21‬المتضمن القانون العضوي‬

‫للانتخابات‪ ،‬المعدل‪ ،‬منها أن يكون ناخبا طبقا للمادة ‪ 50‬من هذا الأمر‪ ،‬ثم بلوغ سن ‪23‬‬

‫سنة كاملة يوم الاقتراع والجنسية الجزائر ية وغير محكوم عليه وغيرها من الشروط المذكورة‬

‫في هذا الأمر‪ .‬كما أن هناك شروط خاصة في حالة الانتماء إلى حزب سياسي (المادة ‪178‬‬

‫من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل) أو كان المترشح حرا أن تتوافر فيه نسبة مساندة معينة (المادة‬

‫‪ 178‬مـــن الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫تودع الترشيحات لدى المندوبية الولائية للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات طبقا للمادة‬

‫‪ 177‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬من طرف مترشح في القائمة المدعومة من حزب سياسي‪،‬‬

‫أو من مترشحي القائمة المستقلة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تقوم المندوبية الولائية للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بدراسة ملفات الترشح وتصدر‬

‫قرارات إدار ية بقبولها أو رفضها طبقا للمادة ‪ 183‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪.‬‬

‫ففي حالة رفض الترشح‪ ،‬يبلغ المعني (المترشح الحر أو القائمة الحزبية) بقرار معلل في خلال‬

‫‪ 08‬أيام من تاريخ إيداع الترشح (الفقرة الثانية من المادة ‪ ،)183‬و يكون هذا القرار الإداري‬

‫بالرفض محلا للطعن القضائي أمام المحكمة الإدار ية المختصة إقليميا خلال ‪ 03‬أيام من تبليغ‬

‫قرار الرفض‪ ،‬لتصدر حكمها خلال ‪ 04‬أيام من تاريخ رفع الطعن (المادة ‪ ،183‬الفقرتين‬

‫‪ .)4 ،3‬و يكون حكم المحكمة الإدار ية قابلا للطعن أمام المحكمة الإدار ية للاستئناف في‬

‫ظرف ‪ 03‬أيام من تبليغ قرار الرفض‪ ،‬وللمحكمة الإدار ية للاستئناف مهلة ‪ 04‬أيام للفصل‬

‫في الطعن‪ ،‬وحكمها نهائيا غير قابل للطعن‪( .‬الفقرتين ‪ 5‬و ‪ 6‬من المادة ‪.)183‬‬

‫منازعات قوائم أعضاء مكاتب التصويت‬


‫أما فيما يخص المنازعات المتعلقة بقوائم أعضاء مكاتب التصويت‪ ،‬فقد عالجت المادة‬

‫‪ 128‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬تكوين هذه المكاتب‪ ،‬فهي تتكون من رئيس ونائب‬

‫للرئيس وكاتب ومساعدين اثنين‪ ،‬اللذين يعينون بقرار من منسق المندوبية الولائية للسلطة‬

‫الوطنية المستقلة للانتخابات (المادة ‪ .)129‬وتسلم قوائم أعضاء مكاتب التصويت إلى‬

‫الأحزاب وممثليهم والمترشحين الأحرار‪ .‬ولهؤلاء الاعتراض على القائمة كتابيا خلال ‪ 05‬أيام‬

‫من نشرها وتسليمها لهم‪ .‬وفي حالة رفض المندوب الولائي للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات‬

‫للاعتراض المقدم ضد القوائم المحددة لتكوين مكاتب التصويت‪ ،‬يمكن الطعن في قراره أمام‬

‫المحكمة الإدار ية المختصة إقليميا خلال ‪ 03‬أيام من تبليغ قرار الرفض‪ ،‬و يكون قرار المحكمة‬

‫الإدار ية قابلا للطعن أمام المحكمة الإدار ية للاستئناف في مهلة ‪ 05‬أيام من تبليغ قرار‬

‫الطعن‪ ،‬وقرار هذه المحكمة الاستئنافيةنهائيا‪( .‬المادة ‪.)129‬‬

‫‪28‬‬
‫المنازعات المتعلقة بمشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج‪.‬‬

‫يقصد بمنازعات مشروعية عمليات التصويت تلك المنازعات المتعلقة بمشروعية عملية‬

‫الاقتراع والفرز وإعلان النتائج‪ ،‬أي المرحلة الثانية من العملية الانتخابية ككل‪ ،‬بعد المرحلة‬

‫التمهيدية أو التحضير ية‪.‬‬

‫و يتم تفصيل هذه المرحلة تباعا حسب نوع الانتخابات (الرئاسية‪ ،‬التشر يعية‪ ،‬المحلية‪،‬‬

‫الاستفتاء‪.)...‬‬

‫منازعات مشروعية عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج المتعلقة بالانتخابات الرئاسية‪.‬‬

‫أصبحت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات هي الجهة المكلفة باستقبال ملفات الترشح‬

‫للانتخابات الرئاسية كما سبق تفصيله‪ .‬بينما أصبحت المحكمة الدستور ية جهة طعن لمن تم‬

‫رفض ملفه‪.‬‬

‫أثناء عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية‪ ،‬يحق لكل مترشح أو ممثله القانوني أن يطعن‬

‫في صحة عمليات التصويت (المادة ‪ 258‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل) بإدراج احتجاجه في‬

‫المحضر الموجود في مكتب التصويت‪ ،‬ثم يخطر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات فورا بهذا‬

‫الاحتجاج‪ .‬وتعني كلمة "فورا" أن يكون في ذلك اليوم‪ ،‬أي يوم الانتخاب مما يعني أن المواعيد‬
‫تكاد تكون منعدمة تماما في الطعن بصحة الانتخاب في الانتخابات الرئاسية‪.‬‬
‫تعلن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية خلال ‪ 72‬ساعة‬

‫من استلامها محاضر اللجان الانتخابية الولائية (المادة ‪ 259‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫تودع الطعون المتعلقة بالنتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية لدى المحكمة الدستور ية في ظرف‬

‫‪ 48‬ساعة من اعلان النتائج المؤقتة‪ .‬وتشعر المحكمة الدستور ية المترشح المنتخب بتقديم‬

‫ملاحظاته ودفوعه في ظرف ‪ 72‬ساعة من تبليغه‪.‬‬

‫تعلن المحكمة الدستور ية النتائج النهائية للرئاسيات في ظرف ‪ 10‬أيام من تسلمها المحاضر‬

‫من رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات (المادة ‪ 260‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫منازعات مشروعية عملية التصويت المتعلقة بالانتخابات التشر يعية‪.‬‬

‫أثناء سير العملية الانتخابية في الانتخابات التشر يعية( المجلس الشعبي الوطني أو مجلس‬

‫الأمة) قد تقع بعض التصرفات التي تشكك في مصداقية العملية‪ ،‬بدء ً من التصويت إلى‬

‫إعلان النتائج‪.‬‬

‫انتخابات المجلس الشعبي الوطني‪:‬‬

‫تعلن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات النتائج المؤقتة لانتخابات المجلس الشعبي الوطني‬

‫خلال ‪ 48‬ساعة الموالية لاستلامها محاضر الفرز من اللجان الانتخابية الولائية واللجنة الانتخابية‬

‫للمقيمين في الخارج‪ .‬ويمكن تمديد هذه المدة إلى ب ‪ 24‬ساعة بقرار من رئيس السلطة الوطنية‬

‫المستقلة للانتخابات (المادة ‪ 209‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫كما يقدم الطعن في النتائج المؤقتة لدى كتابة ضبط المحكمة الدستور ية خلال ال ‪ 48‬ساعة‬

‫الموالية لإعلان هذه النتائج المؤقتة من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات (المادة ‪209‬‬

‫القانون الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫تقوم المحكمة الدستور ية بدراسة الطعوم المقدمة لها وتتشعر القائمة المعترض عليها أو المترشح‬

‫المعترض عليه لإبداء دفاعه بموجب عريضة خلال ‪ 72‬ساعة‪ .‬ثم تفصل المحكمة الدستور ية‬

‫خلال ‪ 03‬أيام (المادة ‪ 210‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪ ،‬وذلك بقرار معلل إما بإلغاء‬

‫الانتخاب المتنازع فيه أو إعادة صياغة المحضر المعد وإعلان المترشح المنتخب فائزا قانونا (الفقرة‬

‫الثانية من المادة نفسها)‪.‬‬

‫وتعلن المحكمة الدستور ية نتائج الاقتراع في ظرف ‪ 10‬أيام من تاريخ تسلمها النتائج المؤقتة‬

‫من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات‪ .‬ويمكن تمديد هذا الأجل ب ‪ 48‬ساعة‪.‬‬
‫انتخابات ثلثي مجلس الأمة‪:‬‬
‫فيما يخص الاحتجاج الذي يقدمه أحد المترشحين‪ ،‬فقد عالجته المادة ‪ 237‬من الأمر‬

‫‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬حيث نصت على أنه في حالة وقوع احتجاج‪ ،‬يدون هذا الأخير في المحضر‬

‫المذكور (محضر الفرز كما سمته في المادة ‪.)236‬‬

‫تعلن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات النتائج المؤقتة لانتخابات تجديد مجلس الأمة طبقا‬

‫للمادة ‪ 238‬من الأمر ‪ ،01 -21‬المعدل‪ ،‬خلال ‪ 48‬ساعة من استلامها محاضر الفرز وتركيز‬

‫النتائج الولائية‪ .‬وترسل هذه النتائج والمحاضر للمحكمة الدستور ية دون أجل‪.‬‬

‫بعد إرسال هذا المحضر إلى المحكمة الدستور ية تعلن هذه الأخيرة النتائج النهائية خلال ‪10‬‬

‫أيام من استلامها النتائج المؤقتة (المادة ‪ 241‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫منازعات مشروعية عملية التصويت المتعلقة بالاستفتاء‪.‬‬
‫وردت المسائل المتعلقة بالاستفتاء في المواد من ‪ 261‬إلى ‪ 263‬من الأمر ‪.01-21‬‬

‫ويتميز الاستفتاء بأنه عملية مفاضلة في مسألة ما مطروحة بورقتين تحمل إحداهما كلمة "نعم"‬

‫والأخرى كلمة "لا" وبلونين مختلفين (المادة ‪ 262‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل) إجابة عن‬

‫السؤال الذي يطرح بصيغة "هل أنتم موافقون على‪ ...‬المطروح عليكم؟"‬

‫تخضع عمليات التصويت والنزاعات المتعلقة بالاستفتاء إلى المــــاـدتين ‪ 259‬و‪ 272‬من‬

‫الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪.‬‬

‫تعلن المحكمة الدستور ية نتائج الاستفتاء خلال ال ‪ 10‬أيام بدءا من تاريخ استلام محاضر‬

‫اللجان الانتخابية والمنصوص عليها في المواد ‪ 266‬و‪ 275‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ .‬ل كن‬

‫هل يتصور قيام منازعة انتخابية في استفتاء ما؟ نعم‪ ،‬يمكن تصور ذلك‪ ،‬إذ يحق لكل ناخب‬

‫في حالة الاستفتاء (لا يتصور وجود مترشح إطلاقا) أن يطعن في صحة عمليات التصويت‬

‫طبقا للمادة ‪ 258‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬بإدراج احتجاجه في المحضر الموجود في‬

‫مكتب التصويت‪ ،‬ليحول للسلطة المستقلة للانتخابات للبت فيه‪ .‬ثم يحول للمحكمة الدستور ية‬

‫لتفصل فيه مع نتائج الاستفتاء‪ ،‬مثله مثل الانتخابات الرئاسية تماما‪ .‬فالطعن ليس له مدة‬

‫إطلاقا كما هو الحال في انتخابات المجلس الشعبي الوطني (‪ 48‬ساعة) وانتخابات مجلس الأمة‬

‫(‪ 24‬ساعة)‪.‬‬

‫منازعات مشروعية عملية التصويت في الانتخابات المحلية‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 186‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل‪ ،‬أنه بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية‬

‫البلدية والولائية‪ ،‬يحق لكل مترشح أو قائمة مترشحين‪ ،‬ولكل حزب الطعن في صحة عمليات‬

‫‪32‬‬
‫التصويت بإيداع طعنه في مكتب التصويت الذي صوت به‪ ،‬ثم يدون هذا الطعن أو‬

‫الاحتجاج في محضر مكتب التصويت‪ ،‬ويرسل إلى المندوبية الولائية للسلطة الوطنية المستقلة‬

‫للانتخابات‪ .‬وتفصل المندوبية الولائية في الطعون والاحتجاجات وتصدر النتائج المؤقتة‬

‫للانتخابات المحلية في ظرف ‪ 48‬ساعة من استلامها محاضر اللجنة الانتخابية الولائية‪ .‬و يكون‬

‫قرار المندوبية الولائية قابلا للطعن أمام المحكمة الإدار ية المختصة إقليميا خلال ‪ 48‬ساعة من‬

‫اعلان النتائج المؤقتة‪ .‬وللمحكمة الإدار ية ‪ 05‬أيام للفصل في الطعن‪ ،‬و يكون حكمها قابلا‬

‫للطعن أمام المحكمة الإدار ية للاستئناف في ظرف ‪ 03‬أيام من تبيلغ الحكم ‪ .‬وتفصل المحكمة‬

‫الإدار ية للاستئناف في ظرف ‪ 05‬أيام في الطعن المقدم لها ‪ .‬و يكون قرارها نهائيا غير قابل‬

‫للطعن‪.‬‬

‫وبعد الطعون القضائية تصبح نتائج الانتخابات المحلية نهائية غير قابلة لأي طعن (الفقرة‬

‫الأخيرة من المادة ‪ 186‬من الأمر ‪ ،01-21‬المعدل)‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الأحزاب السياسية ومنازعاتها في الجزائر‬
‫(وفق لقانون العضوي ‪)04-12‬‬

‫تقتضي دراسة منازعات الأحزاب السياسية في الجزائر التطرق أولا للنظر ية العامة‬

‫للأحزاب السياسية من خلال المفهوم بوجه عام وتمييزها عن تجمعات أخرى مشابهة لها‪ ،‬ثم‬

‫تفصيل مختلف المنازعات التي تنشأ في الأحزاب السياسية في الجزائر في مرحلتي التأسيس‬

‫والاعتماد وذلك وفق أحدث قانون عضوي يحكم المسألة في الجزائر وهو القانون العضوي‬

‫‪.04-12‬‬
‫النظر ية العامة للأحزاب السياسية‬
‫مفهوم الحزب السياسي وتمييزه عن التجمعات الأخرى‬
‫المفهوم اللغوي‬
‫ورد في معجم الوسيط أن الحزب هو الجماعة فيها قوة وصلابة‪ ،‬وكل قوم تشاكلت قلوبهم‬

‫وأعمالهم‪ ،‬وجمعها أحزاب‪.‬‬

‫كما عرفه قاموس لاروس "‪ "La Rousse‬الفرنسي أنه كلمة ‪ Parti‬في المدلول اللغوي تعني‪:‬‬

‫‪" Parti : groupe de personnes unies par la même opinion, les mêmes‬‬

‫‪intérêts, la même action politique ".‬‬

‫أما مصطلح "سياسي" فهو مأخوذ من كلمة "سياسة"‪ ،‬والسياسة تعني في اللغة القيام‬

‫بشؤون الرعية‪ .‬وتشمل دراسة السياسة نظام الدولة الأساسي ونظام الحكم فيها والأنشطة‬

‫الفرديــــــــــــــــــــــــــــ ة والجماعية للحياة العامة داخلها‪.‬‬


‫المفهوم الاصطلاحي‬
‫اختلف فقهاء القانون العام بصفة عامة‪ ،‬وفقهاء القانون الدستوري بصفة خاصة‪ ،‬في إيجاد‬

‫تعر يف موحد للحزب السياسي‪ ،‬وذلك باختلاف الزاو ية أو المنطلق في تعر يفه‪ ،‬فعرفه البعض‬

‫‪34‬‬
‫من خلال أهدافه وبرامجه‪ ،‬أي مشروعه السياسي الذي أنشأ من أجله‪ ،‬وهناك من عرفه‬

‫على ضوء مختلف خصائصه‪.‬‬


‫التعر يف على ضوء المشروع السياسي‬
‫عرف الفقيه بيردو ‪ Burdeau‬الحزب السياسي بأنه كل تجمع من الأشخاص الذين يؤمنون‬
‫ببعض الافكار السياسية و يعملون على انتصارها وتحقيقها‪ ،‬وذلك بجمع أكبر عدد ممكن من‬
‫المواطنين حولها والسعي للوصول إلى السلطة‪ ،‬أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة‬
‫الحاكمة‪.‬‬

‫وعرفه سليمان الطماوي بأنه جماعة متحدة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل‬

‫الديمقراطية للفوز بالحكم بقصد تنفيذ برنامج سياسي معين‪.‬‬

‫وعرفه رمزي الشاعر بأنه جماعة من الناس لهم نظام خاص وأهداف ومبادئ يلتفون‬

‫حولها ويدافعون عنها ويسعون إلى تحقيقها عن طر يق الوصول إلى السلطة أو الاشتراك فيها‪.‬‬

‫أما محمد عبد العال السناري فعرفه بأنه جماعة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل‬
‫الديمقراطية للفوز بالحكم أو المشاركة فيه بقصد تنظيم برامج محددة تتعلق بالشؤون السياسية‬
‫والاقتصادية والاجتماعية للدولة‪.‬‬

‫التعر يف على ضوء خصائص الحزب‬


‫عرف الحزب السياسي وفق هذا المعيار بناء على عناصر أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬

‫أ‪-‬الحزب هو تنظيم دائم‪ ،‬فهو ليس مؤقتا أو مرتبطا بتحقيق هدف معين ثم يختفي‪ ،‬وإلا كانت‬

‫له تسمية أخرى‪.‬‬

‫ب‪-‬هو تنظيم وطني‪ ،‬فهو يمتاز بأنه وطني أو أكثر‪ ،‬وليس له طابع محلي وإلا أصبح جمعية أو‬

‫أي منظمة أخرى‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫جـ ‪-‬يسعى للوصول إلى السلطة‪ ،‬فأعضاؤه يسعون إلى تحقيق برنامج سياسي معين‪ ،‬ولن يكون‬

‫ذلك إلا بالسعي للوصول إلى السلطة‪.‬‬

‫د‪-‬الحصول على الدعم الشعبي‪ ،‬وهذا لن يعرف مداه إلا بالانتخابات بمختلف مراحلها‬

‫ومستو ياتها‪.‬‬

‫موقف المشرع الجزائري من تعر يف الحزب السياسي‬


‫لم يكن مسموحا بتشكيل الأحزاب السياسية في الجزائر قبل سنة ‪ ،1989‬ل كن بعد صدور‬

‫دستور ‪ 1989‬ودخول الجزائر مرحلة التعددية السياسية‪ ،‬نصت المادة ‪ 40‬منه على حق‬

‫إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬جاء فيها‪« :‬حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي‪،‬‬
‫معترف به‪ .‬ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحر يات الأساسية‪ ،‬والوحدة الوطنية‬
‫والسلامة الترابية واستقلال البلاد وسيادة الشعب»‪.‬‬

‫وصدر فعلا القانون رقم ‪ 11-89‬والمتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬الذي‬

‫نصت مادته الثانية على أنه‪« :‬تستهدف الجمعية ذات الطابع السياسي في إطار أحكام المادة‬
‫‪ 40‬من الدستور جمع مواطنين جزائر يين حول برنامج سياسي‪ ،‬ابتغاء هدف لا يدر ر بحا وسعيا‬
‫للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية»‪.‬‬

‫وأضافت المادة الخامسة من القانون ذاته أنه يمنع تأسيس أي جمعية ذات طابع سياسي‬

‫على الممارسة الطائفية والجهو ية والإقطاعية والمحسوبية‪ .‬كما منعت المادة ذاتها استغلال الجمعية‬

‫ذات الطابع السياسي في ممارسة سلوك استغلال وتبعية‪ ،‬أو سلوك مخالف للإسلام وقيم أول‬

‫نوفمبر ‪.1954‬‬

‫‪36‬‬
‫أما التعديل الدستوري ‪ 1996‬فقد غير التسمية من جمعيات ذات طابع سياسي إلى‬

‫أحزاب سياسية‪ ،‬حيث نصت مادته ال ‪ 42‬على أن‪« :‬حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف‬

‫به ومضمون»‪.‬‬

‫فهذه المادة كانت أوسع من المادة ‪ 40‬الواردة في دستور ‪ ،1989‬حيث أضافت أنه‪" :‬لا‬
‫يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحر يات الأساسية والقيم والمكونات الأساسية للهو ية‬
‫الوطنية والوحدة الوطنية وأمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد وسيادة الشعب‬
‫وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة‪ .‬وفي ظل احترام أحكام هذا الدستور‪ ،‬لا يجوز‬
‫تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي‪.‬‬
‫ولا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة‬
‫السابقة‪ .‬يحظر على الأحزاب السياسية كل شكل من أشكال التبعية للمصالح أو الجهات‬
‫الأجنبية‪ .‬لا يجوز أن يلجأ أي حزب سياسي إلى استعمال العنف أو الإكراه مهما كانت‬
‫طبيعتهما أو شكلهما»‪.‬‬

‫وصدر فعلا القانــــــــــــــــ ون العضــــوي المتعلق بالأحزاب السياسية بموجب‬

‫الأمر رقم ‪ 09-97‬الذي عرفت مادته الثانية الحزب السياسي وفق معيار الهدف والمبتغى‬

‫من إنشائه‪ ،‬حيث نصت على أن‪« :‬يهدف الحزب السياسي في إطار أحكام المادة ‪ 42‬من‬
‫الدستور‪ ،‬إلى المشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية من خلال جمع مواطنين‬
‫جزائر يين حول برنامج سياسي‪ ،‬دون ابتغاء هدف يدر ر بحا»‪.‬‬

‫ثم عددت المواد ‪ 5 ،4 ،3‬من الأمر نفسه أهداف الحزب وحدوده والممنوعات التي لا‬

‫يجب عليه تجاوزها‪.‬‬

‫وصدر القانون العضوي ‪ 04-12‬المتعلق بالأحزاب السياسية‪ ،‬الذي ألغــــــــــى الأمر‬

‫‪ 09-97‬نهائيا وأصبح هذا القانون العضوي هو الذي يسير الأحزاب السياسية في الجزائر‬

‫حاليا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫غير أن ما يمكن ملاحظته في القانون العضوي الجديد (‪ )2012‬هو تعر يفه للحزب‬

‫السياسي في المادة الثالثة منه بأنه‪« :‬الحزب السياسي هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار‬
‫و يجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية‬
‫وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية»‪.‬‬

‫ثم أضافت المادة الرابعة من القانون العضوي نفسه بأن الحزب السياسي يؤسس لمدة غير‬

‫محددة و يعتمد في تسييره وتنظيمه وهيكلته على المبادئ الديمقراطية‪.‬‬

‫و يظهر أن المشرع الجزائري اعتنق معيار الخصائص المميزة للحزب كأساس لتعر يفه‪ ،‬إضافة‬

‫إلى معيار المشروع السياسي في المادة الثالثة‪ ،‬حيث دمج بين المعيارين في مادتين متتاليتين‪،‬‬

‫وذلك تج نبا للانتقادات الموجهة للتعار يف التي سبق تفصيلها‪ ،‬وهو عمل يحسب له‪ ،‬لأنه‬

‫استدرك النقائص الموجودة في تعار يف قانون ‪ 1989‬وأمر ‪.1997‬‬


‫التعر يف القضائي للحزب السياسي‬
‫تطرق القضاء في بعض أحكامه إلى تعر يف الحزب السياسي‪ ،‬فعرفته محكمة القضاء‬

‫الإداري المصري بأنه‪« :‬وفقا للمسلم به في الفقه الدستوري ومبادئ العلوم السياسية أن‬
‫الحزب لا يعدو أن يكون جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظيما لمجموعة من المواطنين‬
‫يعمل كوحدة سياسية لتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق‬
‫بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة وصولا للحصول على ثقة أغلب الناخبين‬
‫بما يمكنه بشكل شرعي من وضع هذه الأهداف والبرامج موضع التنفيذ»‪.‬‬

‫وكانت الفرصة للمحكمة الدستور ية العليا المصر ية لتعر يف الحزب السياسي بأنه «جماعات‬
‫منظمة‪ ،‬تعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة في مسؤوليات‬
‫الحكم لتحقيق برامجها التي تستهدف الإسهام في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي‬
‫والاقتصادي للبلاد»‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫تمييز الأحزاب السياسية عن التجمعات الأخرى‪.‬‬
‫هناك بعض التجمعات الأخرى داخل الدولة تهدف إلى تحر يك الحياة الثقافية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية داخل هذه الدولة‪ ،‬مثلها مثل الأحزاب السياسية‪ ،‬ل كن تختلف‬

‫عنها‪ ،‬لذلك وجب وضع تمييز بين بعض هذه التجمعات والأحزاب السياسية‪.‬‬
‫المقارنة بين الحزب السياسي والجمعية‬
‫الج معية هي جماعة منظمة لها وجود مستمر لتحقيق هدف اجتماعي أو ثقافي معين من‬

‫دون السعي إلى الربح المادي‪ ،‬بينما يهدف الحزب السياسي إلى تحقيق غرض سياسي من‬

‫خلال الوصول إلى السلطة أو على الأقل المساهمة فيها‪.‬‬

‫وأكدت المحكمة الإدار ية العليا في مصر مثل هذه التفرقة في أحد أحكامها عندما قررت‬

‫أنه‪...« :‬ومن حيث أن النصوص تبين أن الحزب السياسي هو جماعة منظمة‪ ...‬تقوم على‬
‫أهداف تعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج‪ ...‬عن طر يق المشاركة في‬
‫مسؤوليات الحكم‪ ...‬بينما يتبين من نصوص القانون رقم ‪ 32‬لسنة ‪ 1964‬أن الجمعيات‪...‬‬
‫تهدف إلى تحقيق أغراض غير مادية تتمثل في ميادين الرعاية الاجتماعية المختلفة وتقديم‬
‫الخدمات الثقافية والعلمية والعمل على تنمية المجتمع‪.»...‬‬

‫المقارنة بين الحزب السياسي والنقابة‬


‫تعتبر النقابة من مكونات المجتمع المدني التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي والتربوي والحوار‬

‫الهادف بين أفراد المجتمع‪ .‬فالنقابة هي جماعة منظمة ومستمرة لأصحاب مهنة معينة تهدف‬

‫إلى الدفاع عن مصالح أعضائها وتحسين مستواهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي‪ ،‬فهي‬

‫تتشابه مع الحزب السياسي في عنصري التنظيم والم كون البشري‪ ،‬إلا أنهما يختلفان في‬

‫الهدف أو الغرض‪ ،‬فالحزب السياسي‪ ،‬كما سبق تفصيله‪ ،‬هدفه الوصول إلى السلطة أو‬

‫‪39‬‬
‫المشاركة فيها‪ ،‬بينما تهدف النقابة إلى خدمة وتحقيق مصالح اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية‬

‫تهم عدد محدود وهم أعضاؤها أو المنضمين إليها‪.‬‬


‫المقارنة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة‬
‫قبل وضع التفرقة بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة‪ ،‬يجدر تعر يف هذه الأخيرة‬

‫وتفصيل أنواعها ووسائلها‪.‬‬

‫لم يتفق الفقهاء الدستور يون في إعطاء تعر يف موحد للجماعة الضاغطة لصعوبة الإحاطة‬

‫بها وتعددها‪ ،‬فأعطيت تعار يف متعددة للجماعة الضاغطة منها أنها هي كل مجموعة ذات‬
‫مصالح تستعمل التدخل لدى الحكومة بأي شكل كان وبأية صفة كانت من أجل تحقيق‬
‫مطالبها وانتصار وجهات نظرها‪ .‬كما عرفها الفقيه ‪ Charlot‬بأنها مجموعات تسعى للدفاع عن‬

‫مصالح أعضائها الخاصة عن طر يق التأثير على السلطة‪.‬‬

‫وعرفها الدكتور سعيد بوالشعير بأنها تلك الجماعات التي تضم مجموعة أو مصالح معينة‪،‬‬
‫لـكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجار ية أو الاستيلاء على السلطة كما هو الحال بالنسبة‬
‫للشركات التجار ية أو الأحزاب السياسية‪.‬‬

‫وعرفها الدكتور فوزي أبو دياب بأنها منظمة تضم مجموعة من الناس تجمعهم صفات أو‬
‫مصالح مشتركة قد تكون مؤقتة أو عابرة‪ ،‬فإذا ما زالت انقرض عقد الجماعة‪ .‬وقد تكون دائمة‬
‫تمارس نشاطها للتأثير على السلطات العامة من أجل تحقيق رغباتها وتلبية مطالبها‪.‬‬

‫صنف فقهاء القانون الدستوري الجماعات الضاغطة إلى عدة أنواع‪ ،‬وذلك حسب‬

‫الوسائل والأفكار والأهداف التي تتوخاها هذه الجماعات‪ .‬فهناك من صنفها إلى جماعات‬

‫مصالح وجماعات أفكار وذلك من خلال الهدف الذي تريد هذه الجماعة الوصول إليه‪،‬‬

‫وصنفها البعض الآخر إلى جماعات الضغط الكلي وجماعات الضغط الجزئي‪ ،‬وذلك بحسب‬

‫معيار المدى المكاني الذي تمارس فيه الجماعة نشاطها‪ ،‬دوليا‪ ،‬وطنيا أو محليا‪ .‬كما صنفها‬

‫‪40‬‬
‫البعض الآخر بحسب مجالات نشاطها‪ ،‬فهناك جماعات ضغط سياسية‪ ،‬وهناك جماعات‬

‫ضغط إنسانية كجمعيات رعاية فئات معينة من المجتمع والجمعيات الخير ية وغيرها‪ ،‬ثم جمعيات‬

‫ذات الهدف الواحد والأساسي كجمعية السلم الأخضر وجمعيات البيئة‪.‬‬

‫تمارس الجماعة الضاغطة مهامها بعدة وسائل‪ .‬فهي أولا تحاول أن تكون لها علاقات وطيدة‬

‫بالحكومات والدول ورجال السياسة والحكم‪ ،‬من خلال تكوين صداقات وعلاقات شخصية‪،‬‬

‫واستعمال المال والنفوذ والمهرجانات والمنتديات والولائم والهدايا الثمينة‪ .‬كما تحاول استمالة‬

‫ممثلي الشعب في مختلف المجالس المنتخبة للتأثير في مختلف عمليات التصويت وتمكينهم من‬

‫تقارير دور ية ومعلومات سر ية قد يكون لها تأثير في مجر يات الحياة السياسية والاجتماعية‬

‫والاقتصادية والثقافية في الدولة‪ ،‬ثم قد تلجأ الجماعات الضاغطة لحد استعمال المال في‬

‫الحملات الانتخابية وتفضيل شخص على آخر حسب ما يخدم مصالحها‪ ،‬وخير دليل على ذلك‬

‫الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية‪ .‬ثم تلجأ أخيرا إلى الرأي العام لتعبئته ضد أو مع‬

‫مسألة ما‪.‬‬

‫مما سبق تتضح الفروق الجوهر ية بين الحزب السياسي والجماعة الضاغطة‪ ،‬وهذه الفروق‬

‫يمكن إجمالها في النقاط الآتية‪:‬‬

‫‪ -1‬الجماعة الضاغطة لا تسعى للوصول إلى السلطة عكس الحزب السياسي‪ ،‬بل لخدمة وتحقيق‬

‫مصالح معينة‪ ،‬مادية أو معنو ية‪.‬‬

‫‪ -2‬لها أهداف محددة‪ ،‬عكس الحزب السياسي‪ ،‬فهدفها تمكين شيء ما أو إزالته‪ ،‬شخصا كان‬

‫أو قانونا أو أي مسألة أخرى‪.‬‬

‫‪ -3‬لا تعتمد على ال كم‪ ،‬أي عدد المنخرطين فيها كالحزب السياسي‪ ،‬بل تعتمد على عوامل‬

‫أخرى ولو بعدد قليل من منخرطيها‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -4‬تمارس الأحزاب العمل السياسي بالمشاركة في مختلف المواعيد الانتخابية وذلك بطر يقة‬

‫مباشرة‪ ،‬بينما لا تمارس الجماعات الضاغطة العمل السياسي بطر يق مباشر‪ ،‬بل بطرق غير‬

‫مباشرة‪.‬‬

‫منازعات الأحزاب السياسية في الجزائر‬


‫تمر المنازعة المتعلقة بالأحزاب السياسية في الجزائر بمرحلتين أساسيتين‪ ،‬المنازعة المتعلقة‬

‫بمرحلة تأسيس الحزب السياسي والمنازعة المتعلقة بمرحلة منح الاعتماد‪ .‬ففي كل مرحلة‬

‫من هاتين المرحلتين قد يحدث نزاع قانوني يتطلب حله إدار يا وقضائيا‪.‬‬
‫المنازعة المتعلقة بمرحلة تأسيس الحزب السياسي‬
‫إضافة إلى شروط تأسيس الحزب السياسي في الجزائر‪ ،‬والتي عالجها المشرع في المادتين‬

‫‪ 16‬و‪ 17‬من القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬المتعلق بالأحزاب السياسية‪ ،‬من خلال شروط‬

‫عامة تخص الحزب وشروط متعلقة بالأعضاء المؤسسين‪ ،‬فإن المشرع وضع مجموعة من‬

‫الإجراءات التي يجب على الأعضاء المؤسسين اتباعها ومنها مرحلة التصريح التأسيسي‪.‬‬
‫طلب التصريح بتأسيس الحزب‬
‫يتطلب التصريح بتأسيس حزب سياسي إيداع طلب يودع لدى وزارة الداخلية لدراسته‬

‫والتأكد من شروطه القانونية‪ ،‬ليكون الرد بالقبول أو الرفض أو السكوت‪.‬‬

‫عند إيداع ملف طلب التأسيس لدى وزارة الداخلية يكون هذا الايداع مقابل وصل‬

‫يثبت وضع التصريح حال التحقق من استيفاء الملف لكافة الوثائق‪ ،‬وهذا ما نصت عليه‬

‫المادة ‪ 18‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬التي جاء فيها‪« :‬يتم التصريح بتأسيس حزب سياسي‬
‫بإيداع ملف لدى وزارة الداخلية‪ ،‬و يترتب على هذا الإيداع وجوب تسليم وصل إيداع‬
‫التصريح بعد التحقق الحضوري من وثائق الملف»‪ .‬ثم أضافت المادة ‪ 19‬من القانون العضوي‬

‫ذاته مكونات هذا الملف وهي أن يكون هناك طلب تأسيس حزب سياسي يوقعه ثلاثة‬

‫‪42‬‬
‫أعضاء مؤسسين‪ ،‬وتعهد مكتوب يوقعه عضوان مؤسسان على الأقل عن كل ولاية‪ ،‬منبثقة‬

‫عن ربع (‪ )4/1‬ولايات الوطن على الأقل يتضمن احترام أحكام الدستور والقوانين‬

‫السار ية‪ ،‬ثم مشروع القانون الأساسي للحزب ومشروع تمهيدي للبرنامج السياسي ووثائق إدار ية‬

‫أخرى تتعلق بالأعضاء والمؤسسين‪.‬‬

‫و يظهر أن التعهد الذي يمضيه عضوان مؤسسان عن كل ولاية على الأقل‪ ،‬منبثقة عن‬

‫ربع (‪ )4/1‬ولايات الوطن‪ ،‬أي أن العدد لا يقل عن ‪ 24‬عضوا مؤسسا‪ .‬وكان هذا العدد‬

‫خلافا للعدد الذي كان يشترطه الأمر ‪ 09-97‬المتعلق بالأحزاب السياسية في المادة ‪14‬‬

‫التي كانت تشترط ‪ 25‬عضوا موزعين على ‪ 16‬ولاية دون تحديد عدد الموقعين عن كل‬

‫ولاية‪.‬‬

‫بعد أن يقدم الملف وفق شروط المادتين ‪ 18‬و‪ 19‬من القانون العضوي ‪ ،04-12‬تقوم‬

‫وزارة الداخلية بتسليم وصل مقابل الاستلام‪ ،‬و يكون هذا التسليم فور يا ومباشرا بعد التحقق‬

‫من الملف بحضور الأعضاء المؤسسين المفوضين بوضع الملف‪ .‬ويبدو أن تسليم وصل الإيداع‬

‫فورا و بحضور واضعي الملف كان حلا لإشكال وارد في المادة ‪ 12‬من‬

‫القانــــــــــــــــــــون القديم (أمر ‪ ،)09-97‬حينما كانت تنص عن أنه‪« :‬يتم التصريح‬


‫بتأسيس حزب سياسي بإيداع الأعضاء المؤسسين ملفا لدى الوزير المكلف بالداخلية مقابل‬
‫وصل»‪ .‬فهذه المادة لم تحدد تاريخ تسليم الوصل بالرغم من أهمية هذا التاريخ لأن كل‬

‫المواعيد اللاحقة‪ ،‬الإدار ية والقضائية‪ ،‬مرتبطة به‪ .‬كما أن عدم تحديد تاريخ لتسليم الوصل‬

‫قد يؤدي إلى تهاون الإدارة وجعله وسيلة تحكم ومساومة للأحزاب وتقييد لحر ية إنشائها‪.‬‬

‫فتحديد تاريخ لتسليم الوصل في القانون الجديد يعد ضمانة وتقدم نوعي في التشر يع الجزائري‬

‫مقارنة بالقانون القديم‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دراسة الملف ومدى مطابقته للقانون العضوي‬
‫تتولى وزارة الداخلية دراسة ملف طلب تأسيس الحزب السياسي وذلك في مدة أقصاها‬

‫‪( 60‬ستون) يوما تبدأ من تاريخ تسليم وصل الإيداع‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 20‬من‬

‫القانون العضوي ‪ " 04-12‬للوزير المكلف بالداخلية أجل أقصاه ستون (‪ )60‬يوما للتأكد‬
‫من مطابقة التصريح بتأسيس الحزب السياسي‪ .‬و يقوم خلال هذا الأجل بالتحقق من محتوى‬
‫التصر يحات ويمكنه طلب تقديم أي وثيقة ناقصة وكذا استبدال أو سحب أي عضو لا يستوفي‬
‫الشروط كما هي محددة في المادة ‪ 17‬من هذا القانون العضوي"‪ .‬فوزارة الداخلية تدرس‬

‫الملف وتطلب أي وثيقة تراها ناقصة أو إجراء لم يكتمل‪ ،‬وإن كان هذا النقص كان يمكن‬

‫تداركه أثناء وضع الملف وقبل تسليم الوصل‪ ،‬لأن هذا التسليم يكون حضور ياـ‪ ،‬أي أن‬

‫الطرفين‪ ،‬الوزارة والأعضاء المؤسسين‪ ،‬درسا الملف سو يا‪ ،‬لذلك فإن طلب إكمال أي نقص‬

‫قد يكون عذرا بيد الإدارة كان يمكن تفاديه‪.‬‬

‫بعد أن يتم دراسته الملف المتضمن طلب التأسيس‪ ،‬يمكن تصور ثلاث نتائج مترتبة عن‬

‫هذه الدراسة‪:‬‬
‫قبول التصريح بتأسيس الحزب‬
‫عندما تتأكد وزارة الداخلية من مطابقة الملف المودع لديها للشروط القانونية فإنها تصدر‬

‫قرارا إدار يا يسلم للأعضاء المؤسسين يسمح لهم بعقد مؤتمرهم التأسيسي مع ضرورة قيام‬

‫هؤلاء الأعضاء المؤسسين بنشر هذا القرار في جريدتين يوميتين ذات توز يع وطني‪ ،‬وهذا ما‬

‫اشترطته المادة ‪ 21‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬بنصها أنه " يرخص الوزير المكلف بالداخلية‬
‫للحزب السياسي بعقد مؤتمره التأسيسي بعد مراقبة مطابقة وثائق الملف مع أحكام هذا القانون‬
‫العضوي‪ ،‬ويبلغه إلى الأعضاء المؤسسين‪ .‬ولا يعتد بهذا القرار أمام الغير إلا بعد إشهاره من‬
‫الأعضاء المؤسسين في يوميتين إعلاميتين وطنيتين على الأقل ويذكر في هذا الإشهار اسم ومقر‬

‫‪44‬‬
‫الحزب السياسي وألقاب وأسماء ووظائف الأعضاء المؤسسين في الحزب السياسي الموقعين‬
‫على التعهد المذكور في المادة ‪ 19‬أعلاه‪."...‬‬

‫و يظهر أن محتوى هذه المادة جاء مخالفا لمحتوى المادة ‪ 15‬من الأمر ‪ 09-97‬التي كانت‬

‫تنص على أن نشر وصل التصريح يكون من الوزير المكلف بالداخلية شخصيا وفي الجريدة‬

‫الرسمية للجمهور ية الجزائر ية‪ .‬ولا يمكن تفسير هذا التحول إلا بمحاولة وزارة الداخلية التخفيف‬

‫من أعبائها من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانيةكمحاولة لمعرفة مدى جدية الأعضاء المؤسسين ومكانتهم‬

‫في المجتمع من حيث الدعم الشعبي لهم‪ ،‬خصوصا في بداية الطر يق نحو تأسيس الحزب‬

‫واعتماده‪ .‬كما أن اطلاع عامة الناس على الجرائد اليومية يكون أكبر من الاطلاع على محتوى‬

‫الجريدة الرسمية الذي يكون مقتصرا على فئة معينة‪.‬‬


‫رفض التصريح بتأسيس الحزب‬
‫إذا ما تم رفض الملف من طرف وزارة الداخلية بحجة عدم مطابقته للقانون العضوي‬

‫أو لأي سبب رأته الوزارة بأنه سبب جدي للرفض‪ ،‬تقوم بإصدار قرار معلل بالرفض يبلغ‬

‫إلى الأعضاء المؤسسين وهذا خلال مدة الستين (‪ )60‬يوما المعطاة لها لدراسة الملف‪ ،‬وهذا‬

‫الرفض يكون طبقا للمادة ‪ 22‬من القانون العضــــ وي ‪ 04-12‬التي نصت على‬

‫أنـــــــــــــــه‪ « :‬عندما يتأكد الوزير المكلف بالداخلية من أن شروط التأسيس المطلوبة‬


‫بموجب أحكام هذا القانون العضوي غير متوفرة‪ ،‬يبلغ قرار رفض التصريح بالتأسيس معللا‬
‫قبل انقضاء الأجل المذكور في المــــاــــدة ‪ 20‬أعلاه‪.» ...‬‬

‫و يعتبر هذا القرار بالرفض قرارا إدار يا قابلا للطعن أمام مجلس الدولة خلال مدة ‪30‬‬

‫(ثلاثين) يوما تبدأ من تاريخ تبليغ قرار الرفض‪ .‬و يكون هذا الطعن أمام مجلس الدولةكأول‬

‫وآخر درجة‪ ،‬يعد تراجعا عن طر يقة الطعن التي كانت على درجتين في الأمر ‪ 09-97‬وفق‬

‫ما ورد في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ‪ 17‬من هذا الأمر‪ ،‬حيث كانت هذه المادة‬

‫‪45‬‬
‫تنص على أنه « يجب على الوزير المكلف بالداخلية‪ ،‬إذا رأى أن شروط التأسيس المطلوبة‬
‫في المادتين ‪ 13‬و‪ 14‬من هذا القانون لم تستوف‪ ،‬أن يبلغ رفض التصريح التأسيسي بقرار‬
‫معلل قبل انقضاء الأجل المنصوص عليه في المادة ‪ 15‬من هذا القانون‪.‬‬
‫يمكن مؤسسي الحزب الطعن في قرار الرفض المذكور أعلاه أمام الجهة القضائية‬
‫الإدار ية المختصة خلال أجل شهر ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الرفض‪ .‬يكون القرار القضائي‬
‫الصادر في هذا الشأن قابلا للاستئناف أمام مجلس الدولة»‪.‬‬

‫وقد يعود سبب تراجع المشرع الجزائري عن التقاضي على درجتين في المادة ‪ 22‬من‬

‫القانون العضوي ‪ 04-12‬إلى درجة واحدة بقوله‪ ...« :‬و يكون قرار الرفض قابلا للطعن‬

‫أمام مجلس الدولة‪ ،‬ويمارس هذا الطعن الأعضاء المؤسسون» هو محاولة منه لتسهيل إجراءات‬

‫التقاضي واختصارا لها للسرعة في تأسيس الحزب السياسي‪ .‬بينما رأى البعض أنه تقليص‬

‫من فرص تأسيس الأحزاب السياسية‪ .‬كما أنه قد يعد تراجعا عن مبدأ التقاضي على درجتين‬

‫الذي يعتبر من المبادئ المستقر عليها دستور يا وقضائيا‪.‬‬


‫سكوت الإدارة وعدم الرد خلال المدة المحددة قانونا‬
‫إذا سكتت الإدارة ولم ترد على طلب مؤسسي الحزب خلال المدة المحددة قانونا‪ ،‬وهي‬

‫ستين يوما من إيداع طلب التصريح بتأسيس الحزب‪ ،‬سواء إيجابا أو سلبا‪ ،‬فإن هذا السكوت‬

‫يجعل من الحزب السياسي ومشروعه حزبا مصرحا به وبمثابة ترخيص لتحضير المؤتمر‬

‫التأسيسي‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 23‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬التي جــــــــاـء‬

‫فيها‪ « :‬يعد سكوت الإدارة بعد انقضاء أجل الستين (‪ )60‬يوما المتاح لها‪ ،‬بمثابة ترخيص‬
‫للأعضاء المؤسسين من أجل العمل على عقد المؤتمر التأسيسي للحزب السياسي في الأجل‬
‫المنصوص عليه في هذا القانون العضوي»‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ل كن هل الواقع ي سمح للأعضاء المؤسسين باللجوء إلى المرحلة الثانية من مراحل تأسيس‬

‫الحزب السياسي إذا سكتت الإدارة؟ وهل اعتبار المشرع السكوت في هذه الحالة قبولا‬

‫ضمنيا يعد قفزة نوعية نحو تسهيل تأسيس الأحزاب السياسية أم تراجعا؟‬
‫المنازعة المتعلقة باعتماد الحزب السياسي‬
‫يمكن تصور لجوء الأعضاء المؤسسين إلى المرحلة الثانية من مراحل تكوين الحزب‬

‫السياسي وهي مرحلة طلب الاعتماد من خلال موافقة وزارة الداخلية موافقة صر يحة لتوافر‬

‫شروط التصريح بالتأسيس طبقا لنص المادة ‪ 21‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬أو بعد سكوت‬

‫الوزارة وعدم ردها بعد مدة الستين يوما الممنوحة لها‪ ،‬لأن سكوتها في هذه الحالة يعد قبولا‬

‫ضمنيا كما نصت عليه المادة ‪ 23‬سالفة الذكر أو بعد رفض الوزارة منح الترخيص بتأسيس‬

‫الحزب ولجوء هذا الأخير للقضاء واستصدار قرار لصالحه‪ ،‬ليبلغ للوزارة لمنح الموافقة‪ ،‬وهي‬

‫الحالة التي لم ينص عليها القانون العضوي وكأن الطعن القضائي في رفض منح التصريح‬

‫سيكون لصالح الوزارة مسبقا‪.‬‬

‫وفي كل الأحوال‪ ،‬وبعد حصول الأعضاء المؤسسين على الترخيص بإنشاء الحزب ونشره‬

‫في الجريدتين اليوميتين كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 21‬من القانون العضــــ وي ‪-12‬‬

‫‪ ،04‬يسعى هؤلاء الأعضاء إلى عقد مؤتمرهم التأسيسي من خلال السماح لهم بكل‬

‫النشاطات والأعمال التحضير ية التي تسمح لهم بذلك وهذا خلال سنةكاملة لا يجوز تجاوزها‬

‫لعقد المؤتمر التأسيسي وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 24‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬التي جاء‬

‫فيها‪ « :‬يعقد الأعضاء المؤسسون مؤتمرهم التأسيسي خلال أجل أقصاه سنة (‪ )1‬واحدة‬
‫ابتداء من إشهار الترخيص المنصوص عليه في المادة ‪ 21‬أعلاه‪ ،‬في يوميتين إعلاميتين‬
‫وطنيتين»‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ما يلاحظ على هذه المادة أن المشرع لم يبين تاريخ سر يان مدة السنة لعقد المؤتمر التأسيسي‬

‫إذا ما سكتت الإدارة ولم ترد بالإيجاب أو بالرفض‪ ،‬بالرغم من أن المادة ‪ 23‬نصت على‬

‫أن السكوت يعد قبولا بعقد المؤتمر التأسيسي‪ ،‬وهو ما يجعلنا نرى أن مدة السنة تحسب بعد‬

‫نهاية مدة الستين يوما المقررة للإدارة مباشرة لأنه لا يتصور نشر ترخيص غير موجود أصلا‪.‬‬

‫يعقد المؤتمر التأسيسي وفق شروط نصت عليها المادتان ‪ 24‬و‪ 25‬من القانون العضوي‬

‫‪ 04-12‬سالف الذكر‪ ،‬وهي شروط شكلية وشروط موضوعية‪ ،‬ومن هذه الشروط أنه لا‬

‫يصح عقد المؤتمر التأسيسي إلا إذا كان التمثيل الحاضر يساوي ثلث (‪ )3/1‬الولايات على‬

‫الأقل‪ ،‬أي ‪ 16‬عشر ولاية باعتبار عدد الولايات الجزائر ية ‪ 48‬ولاية‪ .‬كما يجب أن يحضر‬

‫المؤتمر التأسيسي بين ‪ 400‬و‪ 500‬مؤتمر‪ ،‬منتخبين من طرف ‪ 1600‬منخرط على الأقل‪،‬‬

‫دون أن يقل عدد المؤتمرين عن ‪ 16‬مؤتمر عن كل ولاية وعدد المنخرطين عن ‪ 100‬منخرط‬

‫عن كل ولاية‪ ،‬مع ضرورة تمثيل المرأة بنسبة لم يحددها القانون العضوي‪ .‬ثم أضافت المادة‬

‫‪ 25‬جملة من شروط عقد المؤتمر التأسيسي للحزب‪ ،‬وهي أن يتم عقده على التراب الوطني‪،‬‬

‫و بحضور محضر قضائي لتحرير محضر يثبت فيه ألقاب وأسماء الأعضاء المؤسسين الحاضرين‬

‫والغائبين والمؤتمرين الحاضرين ومكتب المؤتمر والمصادقة على القانون الاساسي للحزب وهيئات‬

‫القيادة وغيرها من مجر يات المؤتمر التأسيسي التي يراها ضرور ية التحرير في المحضر‪.‬‬

‫أما إذا لم يسع الأعضاء المؤسسون إلى عقد المؤتمر التأسيسي للحزب في مدة السنة‪ ،‬فإن‬

‫الترخيص الممنوح لهم يعد هو والعدم سواء‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 26‬من القانون‬

‫العضوي ‪ 04-12‬التي جاء فيها‪« :‬يصبح الترخيص الإداري المنصوص عليه في المادة ‪24‬‬
‫أعلاه‪ ،‬لاغيا إذا لم يعقد المؤتمر التأسيسي للحزب السياسي في الأجل المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 21‬أعلاه‪ ،‬و يؤدي إلى وقف كل نشاط للأعضاء المؤسسين تحت طائلة العقوبات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 78‬من هذا القانون العضوي‪.»...‬‬

‫‪48‬‬
‫وإذا رجعنا إلى نص المادة ‪ 78‬من ذات القانون العضوي فإن العقوبات المقررة في‬

‫هذه الحالة هي الغرامة المالية بين ‪ 300.000‬دج و‪ 600.000‬دج‪ .‬غير أن هذه المدة المحددة‬

‫بسنة لعقد المؤتمر التأسيسي قد تمدد إذ ما كانت هناك قوة قاهرة لم تسمح بعقده‪ ،‬وهذا بقرار‬

‫من وزير الداخلية‪ ،‬ل كن هذا التمديد لا يمكن أن يتجاوز ستة (‪ )06‬أشهر‪ .‬أما إذا رفص‬

‫وزير الداخلية التمديد‪ ،‬فإن قرار الرفض قابلا للطعن أمام مجلس الدولة خلال خمسة عشر‬

‫يوما من تاريخ تبليغ قرار رفض التمديد‪ ،‬وتكون القضية محل دراسة مستعجلة‪ ،‬وهذا ما نصت‬

‫عليه الفقرتان الثانية والثالثة من المادة ‪ 26‬التي جاء فيها‪« :‬غير أن هذا الأجل يمكن تمديده‬
‫لأسباب القوة القاهرة مرة واحدة من قبل الوزير المكلف بالداخلية بطلب من الأعضاء‬
‫المؤسسين‪ .‬ولا يمكن أن يتجاوز التمديد مدة ستة (‪ )06‬أشهر‪ .‬و يكون رفض تمديد الأجل‬
‫قابلا للطعن خلال خمسة عشر (‪ )15‬يوما أمام مجلس الدولة الفاصل في القضايا‬
‫الاستعجالية»‪.‬‬

‫وما يلاحظ على نص الفقرة الثانية من هذه المادة أن المشرع نص على القوة القاهرة‬

‫دون الحادث الفجائي‪ ،‬فالقوة القاهرة لا يمكن توقعها ولا يمكن ردها‪ ،‬بينما الحادث الفجائي‬

‫يمكن توقعه ولو أنه لا يمكن رده‪ ،‬وأحسن المشرع عندما نص على القوة القاهرة فقط حتى‬

‫لا يترك الباب مفتوحا لعدم عقد المؤتمر التأسيسي في وقته‪.‬‬

‫بعد عقد المؤتمر التأسيسي وفق الشروط المطلوبة قانونا‪ ،‬يتعين على الأعضاء المؤسسين‬

‫تكوين ملف جديد لطلب اعتماد الحزب‪ ،‬يودع في ظرف ثلاثين يوما الموالية لانتهاء المؤتمر‬

‫التأسيسي من طرف عضو من أعضائه وذلك لدى وزارة الداخلية مقابل تسليم وصل إيداع‬

‫فوري‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 27‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬التي جاء فيها‪« :‬يفوض‬
‫المؤتمر التأسيسي صراحة إثر انعقاده عضوا من أعضائه يقوم خلال الثلاثين (‪ )30‬يوما التي‬
‫تليه بإيداع ملف طلب الاعتماد لدى الوزير المكلف بالداخلية‪ ،‬مقابل تسليم وصل إيداع‬
‫حالا»‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 28‬من القانون العضوي ذاته مكونات الملف الذي يودع لطلب‬

‫الاعتماد‪ ،‬والمتمثلة في طلب خطي للاعتماد ونسخة من محضر عقد المؤتمر التأسيسي وثلاث‬

‫نسخ من القانون الأساسي للحزب السياسي وثلاث نسخ من برنامج الحزب ثم النظام الداخلي‬

‫له‪.‬‬
‫إيداع ملف الاعتماد ودراسته من وزارة الداخلية‬
‫يتم إيداع ملف الاعتماد لدى وزارة الداخلية وفق شروط المادتين ‪ 27‬و‪ 28‬من القانون‬

‫العضوي ‪ ،04-12‬مع ضرورة تسليم وصل الإيداع فورا كما سبق تفصيله‪ .‬وتتولى وزارة‬

‫الداخلية مراجعة ودراسة الملف ومراقبة مدى مطابقته للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب‬

‫السياسية وذلك في مدة ستين (‪ )60‬يوما من تاريخ إيداع ملف طلب الاعتماد طبقا للمادة‬

‫‪ 29‬من هذا القانون العضوي «للوزير المكلف بالداخلية أجل ستين (‪ )60‬يوما للتأكد من‬

‫مطابقة طلب الاعتماد مع أحكام هذا القانون العضوي‪.»...‬‬

‫ويمكن لوزارة الداخلية‪ ،‬خلال هذه المدة أن تطلب استكمال أي وثيقة ناقصة أو‬

‫استخلاف أي عضو قيادي لا تتوافر فيه الشروط القانونية المطلوبة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه‬

‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 29‬نفسها‪ .‬ويبدو أن هذه الفقرة لا تعني شيئا في الواقع ما دام أن‬

‫الملف المقدم لوزارة الداخلية يتم دراسته بحضور العضو المكلف بتقديم الملف لتسليم الوصل‬

‫فورا‪.‬‬
‫رد وزارة الداخلية على ملف طلب الاعتماد‬
‫بعد دراسة الملف خلال المدة الممنوحة لوزارة الداخلية‪ ،‬وهي ستين (‪ )60‬يوما‪ ،‬يمكن‬

‫تصور رد الوزارة في ثلاث مواقف‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫قبول اعتماد الحزب السياسي‬
‫إذا ما تأكدت وزارة الداخلية من مطابقة ملف طلب الاعتماد للشروط القانونية‪ ،‬يسلم‬

‫وزير الداخلية الاعتماد للحزب المعني وذلك بنشره لهذا الاعتماد في الجريدة الرسمية‬

‫للجمهور ية الجزائر ية بعد تبليغه للهيئة القيادية للحزب‪ ،‬وهو ما يجعل هذا الحزب يكتسب‬

‫الشخصية المعنو ية والأهلية القانونية‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادتان ‪ 31‬و‪ 32‬من القانون‬

‫العضوي ‪ ،04-12‬حيث جاء في المادة ‪ 31‬على أنه‪« :‬يعتمد الحزب السياسي بقرار صادر‬
‫عن الوزير المكلف بالداخلية ويبلغه إلى الهيئة القيادية للحزب السياسي وينشره في الجريدة‬
‫الرسمية للجمهور ية الجزائر ية الديمقراطية الشعبية»‪ .‬كما أضافت المادة ‪ 32‬من ذات القانون‬

‫العضوي على أنه‪« :‬يخول الاعتماد الحزب السياسي الشخصية المعنو ية والأهلية القانونية ابتداء‬

‫من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية للجمهور ية الجزائر ية الديمقراطية الشعبية»‪.‬‬

‫ل كن التساؤل الذي يطرح في هذا المقام هو لماذا أوجب القانون العضوي أن يكون‬

‫النشر في هذه الحالة‪ ،‬حالة منح الاعتماد‪ ،‬لوزير الداخلية وفي الجريدة الرسمية بدلا من أن‬

‫يكون النشر من الأعضاء المؤسسين وفي جرائد يومية كما كان عليه الحال في المرحلة الأولى‪،‬‬

‫مرحلة التأسيس؟‬

‫إن الإجابة الأقرب إلى المنطق بهذا الخصوص هي أن منح الاعتماد لحزب سياسي أمر‬

‫مهم جدا في أي دولة‪ ،‬لأن علم العامة والخاصة باعتماد حزب سياسي سيرتب آثارا هامة في‬

‫التعامل معه قانونيا وواقعيا‪ ،‬داخليا وخارجيا‪ .‬فالحزب السياسي مرآة للدولة ومدى‬

‫ديمقراطيتها‪ .‬كما أن النشر في الجريدة الرسمية يعد دليلا على قانونيته ووجوده‪ ،‬لذلك لا يعذر‬

‫أي شخص‪ ،‬معنوي أو طبيعي‪ ،‬بجهل ما يرد في الجريدة الرسمية باعتبارهكأنه قانون يستوجب‬

‫معرفته‪ ،‬ولو أن الاطلاع على الجريدة الرسمية لن يكون متاحا للعامة عكس الجرائد اليومية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫رفض اعتماد الحزب السياسي‬
‫يحق لوزير الداخلية رفض منح الاعتماد للحزب السياسي إذا ما تأكد من عدم مطابقة‬

‫الملف المقدم إليه لأحكام القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية‪ ،‬وذلك بموجب قرار‬

‫إداري معللا تعليلا قانونيا خلال الآجال الواردة في المادة ‪ 29‬من القانون العضوي ذاته‪،‬‬

‫أي الستين يوما‪ ،‬وهذا وفقا للمادة ‪ 30‬من هذا القانون العضوي التي جاء فيها‪" :‬يمنح الوزير‬
‫المكلف بالداخلية الاعتماد أو يرفضه‪ ،‬بعد دراسة الملف المودع‪ ،‬وفقا لأحكام هذا القانون‬
‫العضوي‪ .‬و يجب أن يكون قرار الرفض معللا تعليلا قانونيا وفقا للآجال المحددة في المادة‬
‫‪ 29‬أعلاه‪"...‬‬
‫و يكون قرار الوزير المكلف بالداخلية قابلا للطعن أمام مجلس الدولة وفقا للفقرة الثانية‬

‫من المادة ‪ 30‬ذاتها‪ ،‬في أجل شهرين من تبليغ قرار الرفض طبقا للمادة ‪ 33‬من القانون‬

‫العضوي نفسه التي نصت على أنه‪« :‬يكون قرار رفض الاعتماد المعلل الصادر عن الوزير‬
‫المكلف بالداخلية قابلا للطعن أمام مجلس الدولة من قبل الأعضاء المؤسسين خلال شهرين‬
‫(‪ )2‬من تاريخ تبليغه»‪.‬‬

‫وإذا ما تم قبول الطعن من مجلس الدولة‪ ،‬فإن هذا القبول يعد منحا للاعتماد للحزب‬

‫السياسي‪ ،‬ويسلم الاعتماد فورا بقرار من الوزير المكلف بالداخلية ويبلغ للحزب السياسي‪،‬‬

‫وهو ما يعد اعتمادا قضائيا بموجب قرار إداري‪ ،‬وهو ما أكدت عليه الفقرة الثانية من المادة‬

‫‪ 33‬التي جاء فيها‪ ...« :‬يعد قبول مجلس الدولة الطعن المقدم من قبل الأعضاء المؤسسين‬
‫للحزب السياسي بمثابة اعتماد‪ .‬ويسلم الاعتماد فورا بقرار من الوزير المكلف بالداخلية ويبلغ‬
‫للحزب السياسي المعني»‪.‬‬
‫سكوت الإدارة وعدم الرد على طلب الاعتماد‬
‫في حالة انقضاء مدة الستين (‪ )60‬يوما الممنوحة لوزارة الداخلية لدراسة ملف طلب‬

‫الاعتماد‪ ،‬ولم يكن هناك ردا إيجابيا أو سلبيا‪ ،‬فإن المادة ‪ 34‬من القانون العضوي ‪04-12‬‬

‫‪52‬‬
‫اعتبرت هذا السكوت بمثابة قبول للاعتماد‪ ،‬ويبلغ هذا الاعتماد للحزب السياسي ضمن‬

‫شروط المادة ‪ 31‬من ذات القانون العضوي أي النشر في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫ل كن التساؤل المطروح في هذه النقطة بالذات هو ماذا لو لم ترد الإدارة خلال الستين‬

‫يوما‪ ،‬ولم تقم بنشر الاعتماد الممنوح ضمنيا كما أجبرتها المادة ‪ 34‬من القانون العضوي ‪-12‬‬

‫‪04‬؟ كيف يتصرف الحزب الذي أودع ملف الاعتماد خاصة أن ليس له قرار يطعن‬

‫فيه؟ وهل يستطيع ممارسة النشاطات السياسية؟ هذه الأسئلة لم يجب عليها القانون‬

‫العضــــــوي ‪.04-12‬‬

‫توقيف الحزب السياسي وحله‬


‫هناك حالات طارئة قد تطرأ خلال مراحل تأسيس الحزب السياسي واعتماده تدفع‬

‫الإدارة‪ ،‬ممثلة في وزارة الداخلية‪ ،‬إلى توقيف الحزب عن ممارسة نشاطه أو تلجأ إلى القضاء‬

‫المختص لطلب توقيفه أو حله‪.‬‬


‫توقيف نشاط الحزب السياسي قبل اعتماده‬
‫نصت المادة ‪ 64‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬المتعلق بالأحزاب السياسية على أنه يمكن‬

‫للوزير المكلف بالداخلية أن يوقف‪ ،‬بقرار معلل تعليلا قانونيا‪ ،‬كل نشاطات الحزب‬

‫ونشاطات أعضائه وغلق مقراته وهذا قبل منح الاعتماد لهذا الحزب وأثناء التحضير للمؤتمر‬

‫التأسيسي‪.‬‬

‫وعددت هذه المادة شروط وقف الحزب بنصها على أنه‪« :‬دون الإخلال بأحكام هذا‬
‫القانون العضوي والأحكام التشر يعية الأخرى‪ ،‬وفي حالة خرق الأعضاء المؤسسين للحزب‬
‫للقوانين المعمول بها أو لالتزاماتهم قبل انعقاد المؤتمر التأسيسي أو بعده‪ ،‬وفي حالة الاستعجال‬
‫والاضطرابات الوشيكة الوقوع على النظام العام‪ ،‬يمكن الوزير المكلف بالداخلية أن يوقف‬

‫‪53‬‬
‫بقرار معلل تعليلا قانونيا‪ ،‬كل النشاطات الحزبية للأعضاء المؤسسين و يأمر بغلق المقرات‬
‫التي تستعمل لهذه النشاطات‪.»...‬‬
‫إن أول ملاحظة يمكن إبداؤها حول هذه المادة أنها قررت غلق مقرات الحزب ووقف‬

‫نشاطاته بقرار من وزير الداخلية قبل منح الاعتماد‪ .‬ل كن هذه المادة كانت واسعة جدا في‬

‫تعداد حالات الوقف والغلق من خلال تعداد حالات تبدو واسعة التفسير‪ ،‬فما المقصود‬

‫بخرق القوانين مثلا؟ وما المقصود بحالة الاستعجال والاضطرابات الوشيكة الوقوع؟ كلها‬

‫عبارات تحتمل تفسيرات مختلفة‪ ،‬مما قد يجعلها سلاحا بيد الإدارة لتوقيف حزب بمجرد‬

‫قراءتها لوضعية ما أنها وضعية مستعجلة أو اضطراب وشيك أو خرق لقانون معين‪ .‬ل كن‬

‫ربما يقل هذا التخوف إذا ما عرف أن قرار الوقف والغلق قرارا قابلا للطعن أمام مجلس‬

‫الدولة بحسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 64‬ذاتها «يبلغ القرار فور صدوره للأعضاء المؤسسين‬

‫و يكون قابلا للطعن أمام مجلس الدولة»‪ ،‬ولو أن المادة لم تحدد مدة للطعن القضائي ومتى‬

‫يبدأ سر يان ميعاد هذا الطعن‪.‬‬


‫توقيف الحزب السياسي وحله بعد الاعتماد‬
‫عالجت المادة ‪ 65‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬حالات وقف الحزب السياسي وحله‬

‫بعد أن يكون حزبا معتمدا ويمارس نشاطه‪ ،‬حيث نصت على أنه‪« :‬عندما تكون المخالفات‬
‫المنصوص عليها في إطار تطبيق هذا القانون العضوي بفعل حزب معتمد فإن توقيف الحزب‬
‫أو حله أو غلق مقراته لا يمكن أن يتم إلا بقرار يصدر عن مجلس الدولة الذي يخطره الوزير‬
‫المكلف بالداخلية قانونا»‪.‬‬

‫حددت هذه المادة الإطار العام والوسيلة التي يتم بها وقف نشاط حزب سياسي معتمد‬

‫أو حله أو غلق مقراته وهي أن يتم ذلك بموجب قرار قضائي وليس إداري كما هو عليه في‬

‫الوقف قبل الاعتماد‪ .‬ثم عالجت المادتان ‪ 66‬و‪ 67‬من القانون العضوي ذاته حالة توقيف‬

‫الحزب السياسي من طرف مجلس الدولة توقيفا مؤقتا واعذاره من وزير الداخلية قبل وقفه‬

‫‪54‬‬
‫لمعالجة كل المخالفات‪ .‬ثم عالجت المواد ‪ 72 ،71 ،70 ،69 ،68‬و‪ 73‬حالات حل الحزب‬

‫السياسي المعتمد‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 68‬على حالات الحل وهما الحل الإرادي الذي يتم‬

‫بإرادة أعضاء الحزب أنفسهم أو الحل القضائي‪ ،‬وهو المقصود في هذه الدراسة‪ .‬ثم عالجت‬

‫المادة ‪ 70‬الحالات التي يجوز فيها لوزير الداخلية اللجوء إلى مجلس الدولة لطلب حل الحزب‬

‫السياسي المعتمد‪ ،‬وهي حالة قيام الحزب بنشاطات مخالفة لأحكام القانون العضوي المتعلق‬

‫بالأحزاب السياسية أو تلك الأحكام المنصوص عليها في قانونه الأساسي‪ ،‬ثم حالة عدم تقديم‬

‫الحزب لمرشحين في أربع انتخابات تشر يعية ومحلية متتالية على الأقل‪.‬‬

‫بعد تقديم الطلب إلى مجلس الدولة يمكن لهذا الأخير أن يحل الحزب السياسي‪ ،‬و يترتب‬

‫على هذا الحل القضائي ما ورد في المادة ‪ 72‬من القانون العضوي ذاته‪ ،‬وهو توقف كل‬

‫نشاطات الحزب وهيئاته وغلق مقراته وتوقيف نشر ياته وتجميد حساباته وتصفية أملاكه‬

‫وأيلولتها للدولة كما نصت المادة ‪.73‬‬

‫وفي آخر دراسة منازعات الأحزاب السياسية‪ ،‬يجدر الذكر أن اتصال القضايا المتعلقة‬

‫بذلك بمجلس الدولة‪ ،‬منح القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية لمجلس الدولة أجل‬

‫شهرين كاملين للفصل في أي قضية توضع أمامه في هذا الشأن‪ ،‬وهذا طبقا للمادة ‪ 76‬التي‬

‫نصت على أنه‪ " :‬يفصل مجلس الدولة في القضايا المطروحة عليه في أجل شهرين (‪ )2‬ابتداء‬

‫من تاريخ إيداع العر يضة الافتتاحية"‪.‬‬

‫‪55‬‬

You might also like