Professional Documents
Culture Documents
عبدالرحمن يوسف الكواري النسخة المقبولة للرسالة - مكتب الدراسات العليا
عبدالرحمن يوسف الكواري النسخة المقبولة للرسالة - مكتب الدراسات العليا
كليّة القانون
اعدّت بواسطة
كليّة القانون
القانون
] يناير[ 2019
استعرضت الرسالة المقدّمة من الطالب/ة عبد الرحمن يوسف احمد علي الكواري بتاريخ
نحن اعضاء اللجنة المذكورة ادناه ،وافقنا على قبول رسالة الطالب المذكور اسمه اعاله .وحسب
معلومات اللجنة فان هذه الرسالة تتوافق مع متطلبات جامعة قطر ،ونحن نوافق على ان تكون جزء
مناقش
ت ّمت الموافقة:
ب
ال ُمل َّخص
يناير .2019
يسلط البحث الضوء على التشريعات الدولية والوطنية لجرائم االتجار بالبشر ،والن موضوع االتجار
بالبشر متنوع ومتشعب في جوانب عدة وظاهرة تاريخيه قديمة ليس سهال تحديد المحطات التاريخية
المحددة التي يمكن الوقوف عليها في هذا الصدد ،ونتيجة الى ما اطلعنا عليه من احصاءات مروعه
لتقارير دولية عن جرائم االتجار بالبشر خاصا ما يقع على النساء واالطفال ،ولكونها من اخطر الجرائم
المعاصرة التي تمس امن البشرية والدول ،وتضرب بالقيم والمبادئ االنسانية ،فمن المسلم به ان
مكافحة االتجار بالبشر ،تلقي اهتمامات المجتمع الدولي ،نظرا لفداحة االثار االجتماعية واالقتصادية
واالمنية المترتبة على تلك الجريمة ،االمر الذي يستوجب ضرورة مكافحتها ،ولكن مازالت اجراءات
ووسائل مكافحتها غير كافيه لمنع هذه الجريمة النكراء ومواجه اثارها .
حيث استخدمت تلك الجرائم طرق غير قانونيه واساليب غير انسانيه ،والتي تتضمن في افعال التجنيد
والنقل وااليواء واالستقبال الشخاص طبيعيين وكذلك البيع وعرض البيع والشراء وعرض الشراء ،
والتي تقع غالبا على االطفال والنساء ،وذلك عن طريق استخدام اساليب االكراه واستعمال القوة او
التهديد باستعمالها و الخطف واستغالل السلطة وحالة الضعف او استعمال اساليب االحتيال والخداع
ت
وتقديم امتيازات او الوعد بتقديمها ألخذ موافقة ذوي الضحايا او من لهم سلطة عليهم ،وكل فعل من
االمر الذي دفع المجتمعات الدولية والتشريعات الوطنية الى االهتمام في تقنين تلك الجرائم والمعاقبة
عليها ،ومن اجل ذلك انتجت غالبية التشريعات العقابية سياسة تجريم االتجار بالبشر وتحديد صور هذا
االعتداء والعقوبات المقررة لها ،وكذلك حرصت العديد من التشريعات المقارنة الى تحديد العناية
ث
شكر وتقدير
الى كل من علمني علما نافعا ،الى كل من انار لي الطريق الى النجاح الى من أرشدني وعلمني اتقدم
بالشكر والعرفان الجزيل ،لسعادة الدكتور /غنام محمد غنام الذي افادنا من علمه
الذي افادونا من علمهم وساعدونا على تخطي بالمشروع إلظهاره بالصورة الجيدة.
ج
االهداء
الى بؤرة النور في دربي الى من اتسع قلبه ليحتوي حلمي وروض الصعاب من أجلى ،وسار في حلكة
الدرب ليغرس معاني النور والصفاء في قلبي ،وعلمني ان العيش من اجل الحق هو حق وال يكون اال
بالعلم.
والدي الحبيب..
الى التي تمتهن الحب وتغزل االمل في قلبي لتبقى روحي متأللئة مستبشرة ،وتنير دربي برضاها
ودعائها ،فتبقى امنياتي على وشك التحثث طالما يدها تحنوا على يدي ،وصنارة جهدها وتعبها يصطاد
اليك اهدي نجاحي يا سيدة الفضيلة وانشودة الحنان ،فاهديني رضاك يا جنتي ...
ح
فهرس المحتويات
االهداء ................................................................................................................ح
مقدمة 1..................................................................................................................
المطلب االول التطور التاريخي لفكرة االتجار بالبشر في المجتمعات القديمة 8..........................
الفرع االول جريمة االتجار بالبشر في العصر البطلمي و بالد النهرين 8................................
خ
الفرع االول الرق عند اليهودية 11...............................................................................
المبحث االول ماهية االتجار بالبشر في القانون الوضعي وبعض التشريعات العربية والدولية23....
د
الفرع الثالث تعريف االتجار بالبشر في المنظمات الدولية 27...............................................
المطلب الثاني تعريف االتجار بالبشر في القانون القطري وبعض التشريعات العربية 30.............
تحليل النص القانوني لتعريف جريمة االتجار بالبشر عند المشرع القطري 31............................
التعقيد35...............................................................................................................:
المطلب الثالث جريمة االتجار بالبشر ظاهرة اجرامية مركبة ومستمرة 37...............................
المطلب الرابع جريمة االتجار بالبشر من الصور المستحدثة الواقعة على االشخاص38...............
المبحث الثالث التفرقة بين جرائم االتجار بالبشر والجرائم التي تتشابه معها 39..........................
المطلب االول التفرقة بين جريمة االتجار بالبشر عن جريمة تهريب المهاجرين 39....................
اوال اوجه التشابه بين جريمة االتجار بالبشر وجريمة البغاء 42............................................
ذ
ثانيا اوجه االختالف بين جريمة االتجار بالبشر وجريمة البغاء 42..........................................
المطلب الثالث التمييز بين االتجار بالبشر وزرع ونقل االعضاء البشرية43.............................
المطلب االول تجريم االتجار بالبشر في القانون الوضعي والتشريعات العربية 45......................
تحليل النص القانوني لتجريم جريمة االتجار بالبشر عند المشرع القطري 46..............................
االستقبال 53............................................................................................................
ر
اوال الوسائل القسرية 54..............................................................................................
الفصل الثالث التعاون الوطني والدولي في مجال مكافحة جرائم االتجار بالبشر 63......................
المبحث االول التعاون الوطني لمكافحة االتجار بالبشر على المستوي الدولي واالقليمي 63..........
المطلب االول اساليب المكافحة والتعاون الدولي في التشريع القطري الفرع االول االطار القانوني
تحليل النص القانوني الساليب المكافحة والتعاون الدولي في التشريع القطري 67.........................
المطلب الثاني اساليب المكافحة والتعاون الدولي على المستوي التشريعات العربية67.................
الفرع االول اساليب المكافحة والتعاون الدولي عند المشرع االماراتي 67................................
المبحث الثاني التعاون الدولي لمكافحة االتجار بالبشر في االتفاقيات الدولية 71.........................
الفصل الرابع السياسة االجرائية والجزائية لجرائم االتجار بالبشر والحماية القانونية لضحاياها 86..
المبحث االول السياسة العقابية في مجال العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر 86..................
المطلب االول السياسة العقابية لجرائم االتجار بالبشر على المستوي الوطني واالقليمي 86...........
الفرع االول العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر في التشريع القطري 87.........................
اإلماراتي 90................... الفرع الثاني العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر في التشريع
الفرع الثالث العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر في التشريع المصري وبعض التشريعات
العربية 92...............................................................................................................
س
المطلب الثاني السياسة العقابية لجرائم االتجار بالبشر على المستوي الدولي 94..........................
المطلب االول اوجه الحماية القانونية لضحايا جريمة االتجار بالبشر 97...................................
الفرع االول مالمح االستراتيجية الوطنية القطرية في حماية ضحايا جريمة االتجار بالبشر 98.....
تحليل االستراتيجية الوطنية القطرية في حماية ضحايا جريمة االتجار بالبشر 99.........................
الفرع الثاني مالمح االستراتيجية في التشريعات المقارنة لحماية ضحايا جريمة االتجار بالبشر 100
المطلب الثاني اوجه الحماية القانونية لضحايا جريمة االتجار بالبشر على الصعيد الدولي 102........
الخاتمة108.............................................................................................................
ش
المراجع باللغة العربية 118..........................................................................................
المالحق 126...........................................................................................................
ص
مقدمة
تعتبر جريمة االتجار بالبشر من الجرائم المستحدثة ،والتي ظهرت مع ظهور الكثير من الجرائم في
العصر الحديث ،فمن المسلم به ان مكافحة االتجار بالبشر تلقى اهتمامات المجتمع الدولي ،نظرا
لفداحة االثار االجتماعية واالقتصادية واألمنية المترتبة على جريمة االتجار بالبشر ،االمر الذي دفع
الى ضرورة مكافحتها ،في اآلونة المعاصرة اهتماما كبيرا ،حيث توالت االتفاقيات والبرتوكوالت
الدولية والتشريعات الداخلة ،التي تسعى جاهدة الى مواجهة هذا النوع من التجارة المحرمة ،بمقتضى
الدين والدساتير والقانون والعرف ،وبمقتضى الضمير االنساني ،فاالتجار بالبشر يشكل اعتداءا سافرا
()1
على النوع االنساني بكل المعايير.
اصبح موضوع االتجار بالبشر بصوره المتباينة من اهم الموضوعات القانونية في الوقت الراهن ،
فقد حظي هذا الموضوع باهتمام جميع الدول ،والعديد من المنظمات الدولية واالقليمية ،وذلك بعد
كشف االحصاءات والتقارير الوطنية والدولية عن تعاظم ظاهرة االتجار بالبشر ،السيما ان الضحايا
في هذه الجرائم اغلبهم من الفئات الضعيفة ،كالنساء واالطفال ،الذين دفعتهم الظروف المعيشية
()1
– د /احمد لطفي السيد مرعي ،استراتيجية مكافحة جرائم االتجار بالبشر (دراسة مقارنة) ،دار الكتب ، 2016ص11
1
واالقتصادية الى ان يكونوا محال لالتجار واالستغالل.
والحقيقة ان ظاهرة االتجار بالبشر اصبحت من أكبر التحديات التي تواجه السياسة الجنائية المعاصرة
في االلفية الثالثة ،وذلك بعدما كشفت االحصاءات والتقارير الوطنية والدولية عن ان االلوف من النساء
واالطفال والرجال قد دفعتهم ظروف المعيشية السيئة ،او االوضاع السياسية المضطربة في بلدانهم،
الى ان يكونوا محال لالتجار واالستغالل ،السيما االستغالل الجنسي للنساء واالطفال او السخرة في
العمل.
فقد اصبحت ظاهرة االتجار في البشر تمثل جريمة عالمية منظمة ،واضحت تجارة رائجة وواسعة،
وتمارسها وتدعمها وتخطط لها عصابات دولية ،تجد دعما من بعض الحكومات الفاسدة ،وتعتمد في
ممارستها على مهربين دوليين ومحترفين ،ولهذه الظاهرة اسباب متعددة والتي منها عدم االستقرار
السياسي و العولمة والنزاعات المسلحة ،حيث تتجلي اهم االثار المترتبة عن جرائم االتجار بالبشر في
()2
االثار السياسية واالنسانية واالقتصادية واالجتماعية.
وامام هذا التنامي لظاهرة االتجار بالبشر ،فانه ال يجوز للمجتمع الدولي ان يقف سلبيا امام تنامى تلك
الظاهرة ،ومن اجل ذلك اجمعت الجهود الدولية لإلعالن عن الرغبة في مكافحه تلك الظاهرة وذلك
عن طريق اتفاقية االمم المتحدة لمكافحه الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو) والبروتوكول
()3
المكمل لها (برتوكول باليرمو) والمتعلق بمنع وقمع ومعاقبة االتجار بألشخاص.
()2
– د /حامد سيد محمد ،االتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود ،المرجع السابق ،ص42
()3
– protocole visant a prevenir reprimer et punir la traite des personnesوقد اعتمدته الجمعية العامة لالمم المتحدة
بموجب قرارها رقم RES/A/25 /55
2
االشكاالت الخاصة بموضوع البحث
تشكل ظاهرة االتجار بالبشر تحديا كبيرا امام البشرية وتفوق في حجمها اغلب النماذج واالشكال
االجرامية االخري ،وبالتالي تفرض على المجتمع الدولي عامة ،والدول االعضاء خاصة بذل اقصى
الجهود التخاذ التدابير واصدار التشريعات الالزمة في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ،السيما ان
التقارير الدولية والوطنية سنة بعد االخرى تفاجئ المهتمين باضطراد حجم هذه الظاهرة .
اوال ما لمقصود بجريمة االتجار بالبشر في نظر الفقه االسالمي والتشريعات الدولية والوطنية
والتشريعات المقارنة؟
ثانيا ماهي وسائل تجريم االتجار بالبشر في الفقه االسالمي والمجتمع الدولي والتشريعات الوطنية؟
ثالثا ماهي الوسائل المتبعة لمكافحة االتجار بالبشر وطرق التعاون الدولي؟
رابعا ما مدى حماية حقوق االنسان لضحايا االتجار بالبشر في التشريعات الدولية والتشريعات
المقارنة؟
خامسا ماهي السياسة العقابية في مواجهة جرائم االتجار بالبشر في التشريعات الدولية والوطنية؟
3
اهمية البحث
تتمثل اهمية البحث في انها تقوم على تسليط الضوء على ظاهره االتجار بالبشر ،والتي تجاوز حدودها
في السنين االخيرة مقدرة الحكومات والمنظمات الدولية ،خاصا وان هناك االالف من الرجال والنساء
واالطفال الذين دفعتهم ظروفهم االقتصادية المتدهورة او نتيجة للكوارث الطبيعية والحروب واالزمات
االقتصادية او لمجرد رغبة منهم في تحسين الظروف المعيشية الى ان يكونوا فريسه سهله لالتجار
يمثل االتجار بالبشر نوعا من انواع الرقيق المعاصر ،فقد ذهبت تلك التجارة تتضخم حتى اصبحت
تمثل جريمة االتجار بالبشر في حد ذاتها جريمة اتجاه الدولة والفرد وبذلك فهي تعد انتهاكا لحقوق
االنسان وتمس االمن البشري في انحاء العالم ،الى جانب ارتباطها بجرائم اخرى مهمة مثل جرائم
تكمن اهمية جريمة االتجار بالبشر في انها تعد من الجرائم التي تمثل خطرا على امن الدول ،وذلك لما
تتسم به من خصائص متنوعة مثل السرية والتنظيم والدولية ،والتي تتطلب استعمال كل سبل التعاون
4
اهداف الدراسة
اوال فكرة االتجار بالبشر وخاصة في المجتمعات القديمة وكيف اصبحت من الجرائم المنظمة والعابرة
للحدود.
ثانيا المقصود باالتجار بالبشر في القانون الوضعي ،وموقف الفقه االسالمي من قضية االتجار بالبشر.
ثالثا التمييز بين جريمة االتجار بالبشر والجرائم التي تتشابه معها ألنه قد يحدث لبس بين هذه الجريمة
رابعا التعرف على اهم صور االتجار بالبشر سواء في القوانين الوضعية والدولية.
خامسا التعرف على اركان جريمة االتجار بالبشر من حيث متي تبدأ الشخصية القانونية ومتي تنتهي.
سادسا التعرف على كيفية مكافحة جرائم االتجار بالبشر وطرق التعاون الدولي في التشريعات الدولية
والوطنية.
سابعا التعرف على السياسات العقابية في مواجهة جرائم االتجار بالبشر في التشريعات الدولية
والوطنية.
5
منهجية البحث
تتبع دراستنا بحسب االصل منهجا مقارنا يجمع بين الوصف والتحليل ،يستهدف رصد المالمح العامة
للظاهرة دون االرتباط ايضا بدولة محددة ،اال اننا سوف نركز عند رصد الظاهرة على بعض مالمحها
بصفة عامة في دولة قطر والتشريعات العربية والدولية ،خصوصا ان دولة قطر ماتزال من بين الدول
التي تدرجها التقارير الدولية السيما تقارير حقوق االنسان والعمل باعتبارها من الدول الغير متعاونة
ان دولة قطر تعتبر مصبا لحاالت االتجار بالبشر كما توضح التقارير الدولية وذلك كونها بلدا جالبا
للعمالة االجنبية الوافدة بشكل ملحوظ ،السيما في مجال االنشاءات والخاصة بمسابقة كاس العالم 2022
ومجال الخدمة المنزلية ،ولذلك فان الحديث عن استراتيجية وطنية لمكافحة ظاهرة االتجار بالبشر في
موضوع البحث
رغبة منا في المساهمة في رسم استراتيجية دولية ووطنية لمكافحة ظاهرة االتجار بالبشر ،فإننا سوف
وفي ضوء ما سبق فإننا سوف نقسم خطتنا لهذه الدراسة على النحو التالي
6
الفصل التمهيدي التطور التاريخي لظاهرة االتجار بالبشر
ان ظاهرة االتجار بالبشر ظاهره تاريخية قديمة ،فال يمكن تحديد محطه تاريخيه محددة يمكن الوقوف
عندها في هذا الصدد ،فقد تناقلت العديد من الحضارات القديمة نصوصا تفيد ان ظاهرة استعباد البشر
وشرائهم وبيعهم من الظواهر التجارية السائدة بين الدول في ذلك الوقت ،وان الملوك والسالطين
واصحاب المال كانوا يملكون عبيد واماء ،فكانت بعض الحضارات تميز العبيد بعالمات محددة ولم
يكن هناك حدود عمرية او جنس معين لشرائهم او بيعهم كعبيد ،فقد يكونون كبا ًر او صغا ًر ،اوحتي
اطفاال رضعا ،وقد يكونون نسا ًء او رجاال ،فكانت الحروب تعد اكثر المصادر الستعباد البشر الى
()4
جانب مصادر اخري.
ظاهرة االتجار بالبشر ليست حديثة العهد ،بل انها قديمة قدم االنسانية ذاتها ،فالرق واالسترقاق
وتجارة العمالة والتسول والدعارة افعال وجدت في كافة المجتمعات القديمة ،بغض النظر عن طبيعة
ولكن بصورة اوسع واعمق ،وليست على المستوي الداخلي وفقط ،بل وعلى المستوي الدولي ،بل
ان الرق عند اليهودية والنصرانية لم يلقى اهتماما واضحا كما فعلت الشريعة االسالمية ،بل ظل الرق
موجود عند هذه الديانات ولم تحاول منعه او تضيقه ( ،)5لذا سوف اتناول هذا المبحث من خالل مطلبين
()4
– د /خالد بن سليم الحربي ،ضحايا التهريب البشري من االطفال – جامعة نايف العربية للعلوم االمنية الرياض – الطبعة االولي –
2011ص©55
– د /فايز محمد حسين محمد ،قانون مكافحة االتجار بالبشر في مصر وحماية حقوق االنسان ،قراءة مقارنة سنة ، 2010مجلة الحقوق ()5
7
المطلب االول التطور التاريخي لفكرة االتجار بالبشر في المجتمعات القديمة
تعتبر جريمة االتجار بالبشر جريمة قديمة قدم البشرية ،وتعيد هذه الجريمة الى االذهان تلك التجارة
القديمة من العبودية والرق وعليه سوف نتحدث عن االسترقاق في العصر البطلمي وبالد النهرين
انتشر في العصر البطلمي جريمة استعباد االشخاص ،وذلك عن طريق الخطف او التقاط االطفال الذين
()6
تركهم ذويهم ،وذلك لتربيتهم عبيدا.
انتشرت جريمة استعباد االشخاص في بالد النهرين عرفت هذه البالد نظام الرق منذ اقدم العصور
وتطلق النصوص على العبيد لفظ (ورد) وعلى االناث لفظ(امتو) ،وكان تجار الرقيق يقومون باستيراد
()7
الرقيق وبيعها في جهات اخري ،وكان االب يبيع اوالده من شده الفقر .
ومن خالل احكام المدونات العراقية القديمة ،وكذلك الوثائق المثبتة للمعامالت يتضح ِان الرقيق كانوا
صورة من صور االموال حيث اوردتهم ضمن ممتلكات الفرد ،او المعبد او الدولة وبالتالي كان محال
()8
للحق ،بل ان العبد كان في منزلة وسطى بين المعادن الثمينة والحيوانات االليفة.
ثانيا الشراء حيث كانت تجارة الرقيق شائعة. اوال الحروب بين دويالت ما بين النهرين
– د /محمد عبد الهادي الشقنقري ،مذكرات في تاريخ القانون المصري ،الطبعة االولي 1977/ 1976م دار الفكر العربي ص.386 ()6
()7
– د /محمود سالم زناتي ،النظم االجتماعية والقانونية في بالد النهرين وعند العرب قبل االسالم ،مكتبة النهضة المصرية 1986
ص.41
– د /السيد عبد الحميد فوده ،القانون العراقي القديم ،دار النهضة 1982 ،ص.217 ()8
8
الفرع الثاني جريمة استغالل االشخاص عند الرومان
ارتبط الرق عند الرومان في البداية بفكرة الجنسية ،فالشخص ال يكون حرا اال إذا كان متمتعا بالجنسية
الرومانية ،فاألجنبي الذي ال يرتبط بروما باي معاهدة او تحالف او حماية يعتبر بالنسبة لهم عبدا ،ومن
()9
ثم يجوز االستيالء عليه واستعباده فالرقيق عند الرومان هو االجنبي الذي استحوذ عليه روماني.
االولي هي طبقة االشراف وهي تتمتع بجميع الحقوق وتنال جميع االمتيازات.
الثانية هي طبقة العبيد وهؤالء كانوا محرومين من اغلب الحقوق وال يعملون اال لمصلحة الطبقة االولي
وال يملكون النفسهم ضرا وال نفعا ،وانما يتآمرون بأمر االشراف وينفذون رغباتهم دون ان يكون لهم
()10
اي حول اوقوة.
اجاز القانون الروماني القديم بيع الفرد الروماني وبالتالي استرقاقه إذا ما ارتكب فعال معيبا ،كالهروب
من الحرب ،او من الجندية او اهمال القيد في قوائم التعداد ،او االعتداء على دولة اجنبية موالية لروما
ويتم البيع بمعرفة الحاكم وكذلك اجاز القانون القديم بيع السارق الذي يضبط متلبسا بالسرقة وكذلك بيع
()11
المدين المدين المعسر بواسطة دائنيه او بيع االبناء بواسطة االب.
()9
– د /احمد ابراهيم حسن ،تاريخ النظم القانونية واالجتماعية ،الجزء االول دار المطبوعات الجامعية 2000ص.59
()10
– د /عبد الفتاح بهيج العواري ،جريمة خطف االطفال ،المركز القومي لالصدارات القانونية القاهرة ،الطبعة االولي 2010 ،م ،الجزء
االول ص.105
()11
– د /ابراهيم احمد حسن ،تاريخ النظم القانونية واالجتماعيه الجزء االول دار المطبوعات الجامعيه 2000م ،ص.71،72
9
اذن يعتبر الرقيق عند الرومان شيئا فهو يعامل معاملة االشياء ال االشخاص ،وبصفته شيئا يكون مملوكا
لسيده ،والذي يكون له بموجب حق الملكية سلطة التصرف فيه ،والمطالبة به تحت اي يد ويجوز له
()12
ايضا ان يقتله.
في ظل العصر الروماني كان العبيد يعملون في المزارع وهم مصفدون في االغالل وذلك لمنعهم من
الفرار ،حيث لم يقوموا بتقديم الطعام لهم اال لسد رمقهم وابقائهم على قيد الحياة ليعملوا كالحيوانات
مسخرين ،فكانوا اثناء العمل يساقون بالسياط ليس لشيء اال للذة ممتعه يحسها سيدهم ،وكانوا يتبارزون
()13
حتى الموت لكي يرى الملوك هذه المبارزة للتسلية.
وكان االسري عند الرومان ثمنهم زهيد ،فكان النخاسون عند الرومان يقومون بسرقة االطفال والنساء
()14
وبيعهم لالتجار بهم وبأعراضهم.
كانت طبقة االرقاء تمثل جزءا مهما من المجتمع في بالد اليونان ،وكان يعتمد عليهم في كثير من
االعمال خاصة الزراعة والعمل كبحارة في السفن التجارية ،وكما اقر الفالسفة االغريق نظام الرق
لقد عرف االغريق خطف االحرار كسبب من اسباب الرق فكانوا يختطفون االشخاص بواسطة
القراصنة ،او قطاع الطريق ومن ثم يفقدونهم حريتهم ويباعون في االسواق ومن اسباب الرق عندهم
()15
خطف االطفال اللقطاء الذين نبذهم اهليهم.
()12
– د /صوفي ابو طالب ،تاريخ النظم القانونية واالجتماعية القديمة ،دار النهضة العربية 1976م ،ص397
– د /عبد هللا ناصح علوان ،نظام الرق في االسالم ،دار السالم القاهرة 2004 ،م ،ص 13،14 ()13
()14
– د /حمدي شفيق ،االسالم محرر العبيد ،دار التقريب بين المذاهب االسالميه بالقاهره 1949،ص12
– د /محمود السقا ،تاريخ القانون المصري ،مكتبة القاهرة الحديثة 1974م ،ص152 ()15
10
وكذلك نجد ان استغالل البشر نظام قديم قدم المظالم واالستعباد والطبقية واالستغالل في تاريخ
العبرانيين واشار اليه القران الكريم في قصة يوسف في قوله تعالي } وجاءت سيارة فارسلوا واردهم
على ان ينفعنا او نتخذه ولَدًا وكذلك مكنا ليوسف في االرض ولنعلمه من تأويل االحاديث و َ
ّللا غالب ٰ
()16
امره ولَكن اكثر الناس ال يعلمونَ {
ان ظاهرة االتجار بالبشر ليست حديثة العهد بل انها قديمة قدم االنسانية ذاتها ،فالرق واالسترقاق
وتجارة العمالة والتسول والدعارة افعال وجدت في كافة المجتمعات القديمة ،بغض النظر عن طبيعة
انظمتها ،لذا سوف نتناول في هذه المطلب الرق عند اليهودية والنصارى واخيرا الرق في االسالم
وجد عند اليهود نوعان من االسترقاق ،استرقاق بسبب خطيئة او دين ،واسترقاق بسبب الحرب ونبين
سمحت التوراة للعبري بان يستعبد العبري االخر إذا افتقر ،بحيث يقوم الفقير ببيع نفسه للغني ،او يقوم
المدين بتقديم نفسه للدائن لكي يوفي له الثمن ،ويبقي عبدا له لمدة ست سنوات ثم يتحرر ،او يكون
()17
االستراق بسبب خطيئة من الخطايا المحرمة شرعا.
()16
– سورة يوسف االيات 19،20،21
– د /عبد الودود شلبي ،مجتمع بال فوارق ،دار الثقافة 2015م ،ص75 ()17
11
ففي سفر الخروج احكام مختصة عن العبيد ومن هذه االحكام ( اذا اشتريت عبدا عبرانيا فست سنين
يخدم وفي السابعة يخرج حرا مجانا ،ان دخل وحده فوحده يخرج ،ان كان بعل امرأة تخرج امراته
معه ،ان اعطاه سيده امرأة وولدت له بنين او بنات فالمرأة واوالدها يكونون لسيدة وهو يخرج وحده
،ولكن ان قال العبد احب سيدي وامراتي واوالدي ،ال اخرج حرا يقدمه سيده الى هللا ويقربه الى
الباب او الى القائمة ويثقب سيده اذنه بالمثقب فيخدمه الى االبد ،واذا باع رجل ابنته امة ال تخرج كما
يخرج العبيد ،ان قبحت في عيني سيدها الذي خطبها لنفسه يدعها تفك ،وليس له سلطان ان يبيعها
لقوم اجانب لغدره بها ،وان خطبها البنه فبحسب حق البنات يفعل لها ،ان اتخذ لنفسه اخري ال ينقص
()18
طعامها وكسوتها ومعاشرتها ،وان لم يفعل لها هذا الثالث تخرج مجانا بال ثمن)
وال يكون ذلك اال لغير اليهودي ،فهو وحده الذي يجوز استرقاقه بالحرب وكانوا يبيعون اسراهم االرقاء
بيع السلع ويستخدمونهم بالخدمة في المنازل وفي الزراعة ويعاملون معاملة الماشية ،ويعامل بعنف
وال يجوز تحريره ،او افتداؤه ويبقي رقيقا ابد الدهر فاالسترقاق اثناء الحروب كان يقوم به اليهودي
()19
بأعدائهم.
ذهب الدين المسيحي واقر بالرق ،فنص القديسون على شرعية خدمة الرقيق لسادتهم ،وليس في االنجيل
ولم يمنع السيد المسيح عليه السالم االسترقاق ولم يضع حدودا و ال وسيلة تؤدي الى تقليله ،ولكن نادى
()18
– سفر الخروج االصحاح 21 1-11
()19
– د /عبد الودود شلبي ،مرجع سابق ،ص75
12
الى المساواة بين الناس ،واوصي اتباعه ان يعاملوا الناس كما يحبون ان يعاملوهم به وهذا ما ورد في
()20
يوحنا االصالح.13
جاء االسالم والرق منتشر عند االمم المجاورة ،فلم يتمكن االسالم من الغاء الرق في العالم حتى ال
ألنه من المعلوم ان الرق كان عملة اقتصادية واجتماعية متداولة ال يستنكرها انسان ،كذلك لم يرد
تحريمه ايضا في الديانات السابقة على االسالم ،فلم يلغ االسالم الرق دفعة واحدة وهذه هي من
خصائص االسالم التدرج في التشريع فانه قد اقر الرق مؤقتا ولم يلغ الرق دفعة واحدة وانما هيا اسباب
()21
القضاء على الرق وحرم سائر مصادره.
كان الرق نظاما شائعا في العالم باسره قبل االسالم ،فاسترق العرب في الجاهلية وكانت لهم اسواق
يباعون فيها ،فلما جاء االسالم حدد مصادر االسترقاق بمصدرين اثنين وهما
االسري والسبي ِ من حروب االعداء الكافر إذا راي االمام في ذلك مصلحة.
()22
ماولد من ام رقيقه من غير سيد لها ،اما من ولد وكان له سيد فهو حر.
()20
– د /وهبة الزحيلي ،اثار الحرب في االسالم ،دراسة مقارنة ،دار الفكر دمشق سنة 1998م ،الطبعة الثالثة ،ص441
– د /وهبة الزحيلي مرجع سابق ص ، 443د /فوزية عبد الستار ،االسالم وحقوق االنسان ،القاهرة مكتبة الفالح ،2004ص74 ()21
13
النوع االول تقييد رق الحرب
فولي االمر مخير فيه بين امرين اما المن واما الفداء ،الن المن او الفداء منصوص عليه في القران
وهي ايه محكمة ال نسخ فيها اذ ان ذلك هو التشريع الدائم حينما عز االسالم فلم يخير المسلمين اال بين
امرين ال ثالث لهما وهما المن والفداء فليس في ظاهر اآلية قتل او استرقاق ولم يشرع االسالم الرق
()24
اال معاملة بالمثل.
ذهب الفقه االسالمي الى ان الولد يكون تابعا المه في الحرية ،ففي حالة ما كانت االم حرة كان ابنها
حرا ،وان كانت امةَ كان ولدها رقيقا ،وهذا ال خالف عليه بين الفقهاء ولكن يستثني منها من كان التولد ً
()25
من سيدة االمةَ ،حيث يولدَ حرا ويكون سببا لحرية امه ،فتصبح حرة بموت سيدها.
اذن نجد ان االسالم حصر مصادر الرقَ في اسر اعداء االسالم الذين يكفرون به ويحاربونه ،ويكون
()26
ذلك معاملة لهم بالمثل ،ان راي الحكام في ذلك مصلحة.
اتخذت الشريعة االسالمية عدة وسائل لتحرير الرقيق ،منها العتق و المكاتبة والتدبير وجعل تحرير
()23
– سورة محمد ،االية 4
()24
– د /وهبة الزحيلي ،اثار الحرب في االسالم ،دراسة مقارنة مرجع سابق ص460،461
()25
– وحاشية الشلبي ،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ،المطبعة الكبري االميرية بوالق ،القاهرة 1313هـ ،ج 5ص176
()26
– الشيخ عبد هللا ناصح علوان مرجع سابق ص26
14
حث االسالم على العتق
نجد ان القران الكريم لم يرد فيه نص يبيح الرق ،وانما جاء فيه الدعوة الى العتق ،حيث ثبت ان الرسول
صلى هللا عليه وسلم أعتق ما كان عنده من رقيق في الجاهلية واعتق كذلك ما اهدي اليه منهم بل اطلق
()27
ارقاء مكة وارقاء بني المصطلق وارقاء حنين.
وهذا ما دل عليه القران الكريم وسنة النبي الكريم في قوله تعالى } فَ َال ا ْقت َ َح َم ا ْلعَقَبَةَ (َ )11و َما اد َْراكَ
()28 َما ا ْلعَقَبَة ) (12فَ ُّك َرقَبَة ) (13ا ْو ا ْ
طعَا ٌم فِي يَ ْوم ذِي َم ْسغَبَة {
وكذلك روي ان النبي _ صلى هللا عليه وسلم _ قال له رجل علمني عمال يدخلني الجنة قال اعتق
النسمة وفك الرقبة قال اليسا ،سواء يا رسول هللا فقال ال عتق النسمة ان تنفرد بعتقها وفك الرقبة ان
()29
تعين في ثمنها .
س ِط َما ت ْ
ط ِعمونَ ا ْه ِليك ْم ا ْو ِكس َْوته ْم ا ْو تَحْ ِرير َرقَ َبة ۖ فَ َمن ساكِينَ ِم ْن ا ْو َ
عش ََرةِ َم َ ا ْال ْي َمانَ ۖ فَ َكفَا َرته ا ْ
ط َعام َ
ص َيام ث َ َالث َ ِة ايَام ۚ ٰذَلِكَ َكفَا َرة ا ْي َمانِك ْم اذَا َحلَ ْفت ْم ۚ َواحْ فَظوا ا ْي َمانَك ْم ۚ َك ٰذَلِكَ يبَيِّن َ
ّللا لَك ْم ا َياتِ ِه لَ َعلَك ْم لَ ْم َي ِج ْد فَ ِ
الناظر في حالة الشريعة االسالمية عند مواجهة كافة الجرائم يجد انها تقوم بمواجهة الجريمة بطريقين
االول المواجهة الوقائية وهي تعمل على عدم وقوع الجريمة من االصل.
الثاني اذا لم يتم منع الجريمة بالطرق الوقائية يتم مكافحة الجريمة .
()27
– فقه السنة السيد ،مرجع سابق ج ، 3دار الفتح لالعالم العربي ص63
()28
– سورة البلد اية من 14-11
()29
– السنن الكبري ،للبهقي ،دار الكتب العلمية ،ج ، 10ص406
()30
– المائدة جزء من االية 89
15
لذلك نتناول في هذا المبحث كل من المواجهة الوقائية وذلك في الفرع االول فيما نتناول في الفرع
يقصد بالوقاية في االصطالح هي مجموعة من الوسائ َل واالجراءات التي تتخذها الدولة او من يقوم
()31
مقامها والتي بدورها تحول دون الشخصية االجرامية في المجتمع.
على خالف القوانين الوضعية فان االسالم اول ما يهدف الى الوقاية من الجريمة وذلك بما يفرضه على
المسلمين من التزام باألخالق الحميدة وبالفضائل وترك المعاصي والرذائل لذلك نالحظ قلة عدد
الجرائم التي ورد النص بشأنها في الكتاب والسنة وهي التي تسمي بالحدود والقصاص والتي ال يزيد
عددها عن اثنتي عشر جريمة اذا قورنت بما تشتمل عليه القوانين الوضعية من جرائم لذلك يضع
االسالم خطين للوقائية من الجريمة االول الوقاية من الجريمة وهو خاص بكل الناس اما الخط الثاني
()32
فهو يواجه كل من يخترق الخط االول ورتب عليه العقوبة المناسبة.
فلقد حمي االسالم االنسان من االعتداء عليه والبعد كل البعد عن اهدار كرامته وحرم االسالم كل ما
يؤدي الى اهدار هذه الكرامة فقال هللا تعالي } َولَقَ ْد َك َر ْم َنا َب ِني ادَ َم َو َح َم ْلنَاه ْم ِفي ا ْل َب ِ ّر َوا ْل َبحْ ِر َو َرزَ ْقنَاهم
ض ً
يال {( )33فال يجوز اهدار هذه الكرامة بالقتل. ت َوفَض َْلنَاه ْم َ
علَ ٰى َك ِثير ِ ّم َم ْن َخلَ ْقنَا ت َ ْف ِ ِ ّمنَ ا َ
لط ِيّبَا ِ
()31
– ابراهيم بن عبد هللا بن عمار سياسة الوقاية والمنع من الجريمة في عهد عمر بن الخطاب ،رسالة مقدمة الستكمال درجة الماجستير
،جامعة نايف ،عام ، 2005ص.58
()32
– د /احمد على المجدوب ،التكافل االجتماعي في االسالم واثره في منع الجريمة والوقاية منها _ دار النشر بالمركز العربي للدراسات
االمنية والتدريب بالرياض ، 1421ص365 ،364
()33
– سورة االسراء االية 70
16
نف َوا ْالذنَ بِا ْالذ ِن س بِالنَ ْف ِس َوا ْلعَيْنَ بِا ْلعَي ِْن َوا ْال َ
نف بِا ْال ِ علَ ْي ِه ْم فِي َها ا َن النَ ْف َ
وكذلك قوله تعالي } َو َكت َ ْبنَا َ
وقد يكون الهدف من جريمة االتجار بالبشر هو االعتداء على االعراض ( االستغالل الجنسي) للنساء
او االطفال لذلك حرمت الشريعة االسالمية االعتداء على االعراض في قول هللا تعالي } َو َال ت َ ْق َربوا
()35 سبِ ً
يال{ شةً َو َ
سا َء َ ا ِّ
لزنَا ۖ انَه َكانَ فَا ِح َ
وكذلك في قول رسول هللا عن ابي هريرة ان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال )ال يزني الزاني
حين يزني وهو مؤمن و ال يسرق السارق حيث يسرق وهو مؤمن وال يشرب الخمر حين يشربها وهو
()36
مؤمن )
حيث حرمت الشريعة االسالمية كل ما يؤدي الى ارتكاب هذه الجريمة بجميع اشكالها
ان المصطلح المعاصر لجريمة " االتجار بالبشر" يشتمل على عدة جرائم مختلفة كما بينا فيما سبق
عند الحديث عن صور جرائم االتجار بالبشر فكل جريمة من هذه الجرائم لها من العقاب ما يتناسب
معها وفقا ألحكام العقوبات في الفقه االسالمي التي تحتاج الى تفصيل وتدرج في العقوبة ويمكن اجمال
المبدأ االول مبدا الفصل بين الحد والتعزيز فان كانت صورة االتجار بالبشر يستحق الجاني الحد
بشروطه الشرعية لم يملك ولى االمر ان يحيد عنه او ان يقبل فيه الشفاعة.
()34
– سورة المائدة اية 45
()35
– سورة االسراء االية 32
الجمع بين الصحيحين محمد بن فتوح الحميدي دار بن حزم رقم200 22ج 3ص 40السنن الكبري للبيهقي ج 10ص.186 (– )36
17
المبدأ الثاني مبدا التناسب بين العقوبة ونوع الجريمة التعزيرية وصفه مرتكبها لتحقيق صوره العدالة
ومعني التأديب ،وهذا يستوجب التعددية في تلك العقوبة ،فاستخدام االطفال قسرا كاسترقاقهم ،واستخدام
القوة والعنف واالختطاف السالب لإلدارة بالكلية ليس كاستغالل حاله الضعف او الطيش او الحاجة،
فالحد هو المنع لذلك سميت العقوبات حدودا لكونها مانعة من ارتكاب اسبابها وهو فصل ما بين كل
شيئين حد بينها ومنتهي كل شيء حده( ،)37حيث يجب تطبيق الحدود كما وجبت عند استيفاء شروطها
()38
ض او غيره ان يخففها او يسقطها اال بما يسمح له المشرع من ذلك.
،و ال يملك قا َ
ّللاِ فَاو ٰلَئِكَ هم وفي قوله تعالي ايضا } ِت ْلكَ حدود َ
ّللاِ فَ َال ت َ ْعت َدو َها ۚ َو َمن يَت َ َعدَ حدودَ َ لَ َعلَه ْم يَتَقونَ {
()39
()40 ا َ
لظا ِلمونَ {
وكذلك عن ابن عمر ان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال (اقامة حد من حدود هللا خير من مطر
()41
اربعين ليلة في بالد هللا )
اما العقوبات العزيرية هي مجموعة من العقوبات غير المقدرة ،تبدا بأتفه العقوبات كالنصح واالنذار،
وتنتهي بأشد العقوبات كالحبس والجلد بل قد تصل الى القتل في الجرائم الخطيرة ويترك للقاضي ان
يختار من بينها العقوبة المالئمة للجريمة ولحال المجرم ونفسيته وسوابقه ،حيث لم ينص الشارع على
تهذيب اللغة دار احياء التراث العربي بيروت ج 3ص 269مقاييس اللغة ج 2ص.3 (– )37
د /حسن على الشاذلي ،الجانيات في الفقه االسالمي دارسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون ،دار الكتاب الجماعي ص134 (– )38
سورة البقرة اية 187 (– )39
سورة البقرة اية 229 (– )40
د /حسن على الشاذلي ،الجانيات في الفقه االسالمي دارسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون ،دار الكتاب الجماعي ص134 (– )41
18
الجرائم التعزيرية بنص قراني او حديث نبوي مع ثبوت نهي الشارع عنها ألنها فساد في االرض ،او
()42
تؤدي الى االفساد فيها وانها لكثيرة بكثرة ما يرتكب ابن ادم من فنون االجرام.
قيدت الدول ظاهرة الرق في مظهرها الذي كان سائدا سلفا ،وبدأت في عقاب ومالحقة القائمين عليه ،
ولكن اصحاب المصالح فيه بدأوا في البحث عن البديل ومن ثم فقد ظهر على االفق انواع اخري جديدة
للرق بمفاهيم مختلفة ،وجاءت هذه المظاهر لترسخ مبدا هام ،سبق وذكرنا ،ان االنسان ال يرغب في
ان يكون اخيه في االنسانية مثله في التحمل بالحقوق وااللتزام بالواجبات بل يريد ان يخضعه لسلطانه
بكافة اشكاله الخضوع حتي يكون له عليه السلطة المادية الكاملة ،ومن هنا فقد ظهرت انواع اخري
مستحدثة لالتجار بالبشر لم تعرف بالرق ومنها االستعمار والتمييز العنصري واالسترقاق ،وسوف
يقترن اسم االستعمار بقيام الدول األوربية وعلى راسها انجلترا وفرنسا باقتسام دول العالم للسيطرة
على خيراتها ،وكان احتالل المجتمعات القوية لمجتمعات اخرى ضعيفة موجود منذ عصور طويلة ،
وكان عبارة عن احتالل لألرض واستعباد لألشخاص ولم يكن يسمي باسم االستعمار ،ولكن نشأة هذا
االسم كان مع قيام الدول األوربية بتسمية الدول التي وقعت تحت سيطرتها بالمستعمرات ،ويعني
االستعمار الذي اتي به االوربيون تسخير الشعوب والسيطرة عليها واستعباد ابنائها لمصالحهم
واستثمار ثرواتها لرفاهيتهم ،فاصبح اسم االستعمار بغيض عن النفس البشرية ألنه بمثابة نهب لثروات
الشعوب واسترقاق جماعي لها )43(.وتأتي ظهور فكرة االستعمار نتيجة استشعار االوربيون بعد انقضاء
د /عبد القادر عودة التشريع الجنائي االسالمي ج 1دار الكتاب العربي رقم 477ص.685 (– )42
– استاذ /عبد السالم الترمانيني ،الرق ماضيه وحاضره ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واالداب -الكويت 1979م ،ص195 ()43
19
نظام الرق في اوربا انهم في حاجة الى رق من نوع جديد ،يتم فيه استغالل الثروات الطبيعية في
المستعمرات اضافة الى استغالل الثروة البشرية االنسانية في الدول التي يستعمرها ،فتطلعوا الى الهند
في البداية ثم جاء دور االميركتين ،وانتهوا بأفريقيا وارسلوا جنودهم الستعمارها والسيطرة عليها
وتسخير ابنائها لتامين مصالحهم وصاروا ينهبون كل ما يقع تحت ايديهم من ثروات طبيعية ،وافقدوا
تلك البلدان هويتها ولغتها وعملتها وصيروها بالتبعية لهم )44( .وكان لصدور ميثاق االمم المتحدة
وانضمام الدول اليه ،وكذلك االعالن العالمي لحقوق االنسان فقد وقعت الدول على مواثيق جديدة تعني
بمنع االستعمار ،فصدر اعالن منح االستقالل للبلدان والشَعوب المستعمرة ،والذى وضع رسالة للدول
()45
التي تسيطر على غيرها في وجوب ترك تلك الدول وحقها في تقرير مصيرها .
خضوع الشعوب لالستعباد االجنبي وسيطرته واستغالله يشكل انكارا لحقوق االنسان االساسية،
لجميع الشعوب الحق في تقرير مص ِيرها ولها بمقتضي هذا الحق ان تحدد بحريةَ مركزها السياسيِ،
يجب وضع حد لجميع انواع االعمال المسلحة او التدابير القمعية الموجهة ضد الشعوب المستعمرة،
لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في االستقالل التام ،وتحترم سالمة ترابها الوطني.
()44
– استاذ /عبد السالم الترمانيني المرجع السابق – ص200
– قرار الجمعية العامة لالمم المتحدة ( 1514د )15-المؤرخ في 14كانون االول/ديسمبر 1960 ()45
" اذ تذكر ان شعوب العالم قد اعلنت في ميثاق االمم المتحدة عن عقدها العزم علي ان تؤكد من جديد ايمانها بحقوق االنسان االساسية،
وبكرامة االنسان وقدره ،وبتساوي حقوق الرجال والنساء وحقوق االمم كبيرة وصغيرة ،وعلي ان تعزز التقدم االجتماعي وتحسين مستويات
الحياة في جو من الحرية افسح ،واذ تدرك ضرورة ايجاد ظروف تتيح االستقرار والرفاه واقامة عالقات سلمية وودية علي اساس احترام
مبادئ تساوي جميع الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها ،واالحترام والمراعاة العامين لحقوق االنسان والحريات االساسية للناس
جميعا دون تمييز بسبب العرق او الجنس او اللغة او الدين ،واذ تدرك التوق الشديد الي الحرية لدي كافة الشعوب التابعة ،والدور الحاسم
الذي تقوم به هذه الشعوب لنيل استقاللها"
20
يجب اتخاذ التدابير الالزمة لنقَل جميِع السلطاتَ الى شعوب تلك االقاليم المستعمرة ،دون اية شروط
او تحفظاتَ ،ووفقا ألرادتها ورغبتهم التي تعرب عنها بحرية ،بدون ت َمييز بسبب العرقَ او المعتقد او
يجب ان ت َلتزم جميع الدول بأمانة ودقة بأحكام ميثاق االمم المتحدة واالعالن العالمي لحقوق االنسان
على اساس المساواة َ وعدم التدخل في الشئون الداخلية لجميع الدول ،واحترام حقوق السيادة َ والسالمة
التمييز العنصري هو اسلوب يقوم على التفرقة بين االفراد داخل وطن واحد بسبب اختالف الوانهم ،
فبالرغم من اعالن تحرير الزنوج في الواليات المتحدة االمريكية اال انهم في الواقع الفعلي لم يحصلوا
على حريتهم كاملة ،ومن ثم فقد ابى االمريكان االوربيون البيض دون ان يكون هناك تحريرا كامال
فطوقوهم بقوانين واعراف وقواعد اشبه بالرق وكانت اكثر اضطهادا ،فتم عزلهم من المجتمع تارة
بعدم منحهم حق سياسي في اختيار ممثلين لهم ،وتارة اخري في تحريم الزواج بين السود وجعلوا لهم
طرق مواصالت خاصة وحظروا قيامهم بدخول المحال التي يرتادها البيض ،وقضت محاكم الواليات
()46
المحازة للبيض بشرعية التمييز العنصري وايدتها المحكمة العليا في عام .1896
ونظرا الى تلك المعاناة فان الزنوج وفي ظل االضطهاد والقهر والقتل لهم ،الفوا في عام 1919جمعية
فيما بينهم غرضها تحريرهم من القهر واسموها الجمعية العالمية للزنوج ،وقام مؤسسها ماركوس
جرافي بالدعوة الى اعادة الزنوج ألفريقيا موطنهم االصلي ،واثاروا فكرة القومية االفريقية ،وعقب
الحرب العالمية الثانية تم اعالن ميثاق االمم المتحدة واالعالن العالمي لحقوق االنسان فان الواقع المرير
()46
– د /خالد مصطفي فهمي ،النظام القانوني لمكافحة جرائم االتجار بالبشر ،دارسة مقارنة ،دار الفكر الجامعي ،2011االسكندرية
ص65
21
لم ينقضي ،وظل التمييز العنصري مطروحا حتي بدأت المحكمة العليا تتراجع عن رؤيتها حول
()47
الزنوج ،وبدأت تضع مبدا عاما إللغاء التمييز العنصري وهذا ما اكد عليه اعالن فيينا .
اما الفصل العنصري هو ما كان يحدث في دول الجنوب االفريقي من تفريق بين البيض والسود وحكم
االقلية البيضاء والسود وحكم االقلية البيضاء لألكثرية السوداء فكان بمثابة مأساة حقيقية ،فاالستعمار
االوربي خلف من ورائه تحديد اماكن إلقامة السود وتشغيلهم فهم ال يصلحون اال لألعمال الشاقة ،اما
البيض فيتميزون بالعقل واالدراك فحرموا الزنوج من كل الحقوق االنسانية الطبيعة ،حتى اكد االعالن
العالمي لحقوق االنسان ان الناس يولدون جميعا احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولكل انسان
ان يتمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة في هذا االعالن دون تمييز من اي نوع والسيما التمييز
(48
بسبب العرق او اللون او االصل.
()47
– اعالن فيينا بشان الجريمة والعدالة لسنة ، 2000نحن الدول االعضاء في االمم المتحدة ،اذ يساورنا القلق ازاء االثر الذي يتركه
ارتكاب جرائم خطيرة ذات طبيعة عالمية على مجتمعاتنا ،واقتناعا منا بضرورة التعاون الثنائي واالقليمي والدولي في مجال منع الجريمة
والعدالة الجنائية،
واذ يساورنا القلق بشكل خاص ازاء الجريمة المنظمة عبر الوطنية واالرتباطات بين مختلف اشكالها ،واقتناعا منا بان وجود برامج وافية
للوقاية والتاهيل يمثل ضرورة اساسية الي استراتيجية فعالة لمكافحة الجريمة ،وبانه ينبغي لتلك البرامج ان تراعي العوامل االجتماعية
واالقتصادية التي تجعل الناس اكثر تعرضا لالنخراط في السلوك االجرامي وتزيد من احتمال انخراطهم فيه ،واذ نشدد على ان وجود نظام
عدالة جنائية يتصف باالنصاف والمسؤولية واالخالقية والفعالية يمثل عامال مهما في تعزيز التنمية االقتصادية واالجتماعية وامن
االنسان ،وادراكا منا للوعود التي تبشر بها نهوج العدالة التصالحية التي تستهدف الحد من االجرام وتساعد على ابراء الضحايا والجناة
والمجتمعات".....
()48
– االتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لألمم المتحدة ( 3068د )28-المؤرخ في 30تشرين الثاني/نوفمبر
1973ان الدول االطراف في هذه االتفاقية ،اذ تشير الي احكام ميثاق االمم المتحدة التي تعهد فيها جميع االعضاء بالعمل جماعة
وفرادي ،بالتعاون مع المنظمة ،لتحقيق االحترام والمراعاة العالميين لحقوق االنسان والحريات االساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب
العرق او الجنس او اللغة او الدين ،واذ تأخذ بعين االعتبار االعالن العالمي لحقوق االنسان الذي يعلن ان الناس يولدون جميعا اح ار ار
ومتساوين في الكرامة والحقوق ،وان لكل انسان ان يتمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة في هذا االعالن ،دون تمييز من اي نوع ،وال
سيما التمييز بسبب العرق او اللون او االصل القومي ،واذ تأخذ بعين االعتبار اعالن منح االستقالل للبلدان والشعوب المستعمرة ،الذي
اعلنت فيه الجمعية العامة انه ال يمكن مقاومة مسار حركة التحرر او عكس وجهتها ،وان من الواجب ،خدمة للكرامة االنسانية والتقدم
والعدالة ،وضع حد لالستعمار وجميع اساليب العزل والتمييز المقترنة به.
22
الفصل االول ماهية االتجار بالبشر
واجه المجتمع الدولي في اآلونة االخيرة َ تزايد ظاهرة االتجار بالبشر ،فمع تطور الصراعات المسلحة
سوا ًء كانت داخلية او خارجيا وتعرض الكثير من بلدان العالم من اضطرابات داخلية وعدم استقرار
سياسي وتدهور االوضاع االقتصاديةَ في بعض الدول ،مما ساهم في نشأت بعض الظروف المعيشية
التي سهلت في وجود العديد من الضحايا لتكون فريسه سهله لعصابات الجريمةَ المنظمةَ وذلك من اجل
()49
تحقيق مبالغ طائلة من وراء استغاللهم.
وقد اعتبر المشرع القطري تلك الجريمة من الجرائم عالمية التطبيق اتفاقا مع كافة االتفاقيات الدولية
ألنها ترتكب من عتاه االجرام في عصابات اجرامية منظمة تدور فلكها في العديد من الدول فمن الممكن
ان يكون البيع في بلد واالستقبال في اخرى وثالثة ترانزيت ،كما انه يمكن ان تشترك فيها العديد من
الجنسيات.
وسوف نتحدث من خالل هذا الفصل عن مفاهيم االتجار بالبشر في الفقه والتشريع القطري والتشريعات
العربية والدولية ،ثم نتحدث عن خصائص جريمة االتجار بالبشر ،واخيرا سوف نتناول التفرقة بين
المبحث االول ماهية االتجار بالبشر في القانون الوضعي وبعض التشريعات العربية
والدولية
يعتبر االتجار بالبشر من الجرائم التي ينتهك فيها الفرد وتضيع حقوقه ويستغل اسوء استغالل ممكن،
وقد راعت كافة االتفاقيات الدولية والتشريعات وضع حد لهذا الفعل ،وعلى ذلك سوف نتحدث في هذا
– د /محمود شريف بسيوني ،الجريمة المنظمة عبر الوطنية ماهيتها ووسائل مكافحتها عربيا ودوليا ،القاهرة ،دار الشروق ،2004 ()49
ص80
23
المبحث عن مفاهيم االتجار بالبشر في التشريعات الدولية والعربية والقانون الوضعي القطري وذلك
ذهب بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وخاصا للنساء واالطفال ،والمكمل التفاقية
االمم المتحدة لمكافحة الجريمةَ المنظمةَ عبر الوطنيةَ لعام 2000االتجار بالبشر في المادة 3فقرة (ا)
على انه " ت َجنيد اشخاص او نقلهم او تنقيلهم او ايواءهم او استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة او استعمالها
او غير ذلك من اشكال القسر او االختطاف او االحتيال او الخدع او استغالل السلطة او استغالل حالة
استضعاف او بإعطاء او تلقي مبالغ ماليه او مزايا لنيل موافقه شخص له سيطرة على شخص اخر
لغرض االستغالل ويشمل االستغالل كحد ادني ،استغالل دعارة الغير او سائر اشكال االستغالل
الجنسي ،او السخرة او الخدمة قسرا او االسترقاق او الممارسات الشبيهةَ بالرق او االستعباد او نزع
()50
االعضاء "
ويعد هذا اكثر التعريفات وضوحا ومتفق عليه من الجانب دولي بخوص االتجار بالبشر ،فيعرف
البروتوكول االتجار بالبشر لغرض تحديد نطاقه ،وكذلك لتحديد اساسا مشترك لصياغة القوانين الداخلية
بخصوص االفعال االجرامية فكل الدول االطراف في االتفاقية ملزمة بموجب نصوص بروتوكول
تجريم االتجار بالبشر اما بصفته فعال مجرما منفردا واما في نطاق مجموعة من الجرائم التي تشمل
ِّ
المكمل التفاقية االمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر – بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، ()50
الوطنية
اعتمد البروتوكول اعاله وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة 25الدورة الخامسة والخمسون
المؤرخ في 15تشرين الثاني/نوفمبر.2000
24
كامل نطاق السلوك المشمول بالتعريف ،بحيث يرتبط االلزام االساسي بتقرير الجرائم الجنائية ارتباطا
()51
مباشرا بتعريف االتجار بالبشر.
-2كل وسائل متمثلة في التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او االختطاف او
االحتيال او الخداع او استغالل السلطة او حالة استضعاف او اعطاء او تلقي مبالغ مالية او
مزايا للحصول على موافقةَ شخَص له سيطرة على شخص اخر ،حيث نجد ان استعمال وسيلة
-3الهدف من االستغالل ان البروتوكول لم يعرف االستغالل بل ت َضمن قائمة غير محددة بأشكال
االستغالل التي تشمل كحد ادني استغالل دعارة الغير او سائر اشكال االستغالل الجنسي او
()52
السخرة او الخدمة قسرا او االسترقاق او الممارسات الشبيهة للرق او لنزع االعضاء.
ومن ثم فان اي سلوك او فعل يجمع بين هذه الوسائل او االفعال المذكورة للحصول على اي غرض
ذهبت اتفاقية المجلس االوربي بشان اجراءات مكافحة االتجار بالبشر لعام 2005االتجار بالبشر في
نص المادة الرابعة منه على ان " ت َجنيد او نقل او تحويل او ايواء او استالم االشخاص عن طريق
التهديد باستخدام القوة او استخدامها او غير ذلك من اشكال القسر واالختطاف او االحتيال او الخداع
()51
– د /محمد يحيي مطر ،الجهود الدولية في مكافحة االتجار بالبشر ،جامعة االمير نايف للعلوم االمنية 2012م ،ص276
()52
– د /سالم ابراهيم بن احمد النقبي ،جرائم االتجار بالبشر واستراتيجيات مكافحتها على الصعيدين الدولي واالقليمي ،دار المتحدة
للطباعة ، 2012ص.40
25
او اساءة استخدام السلطة او استغالل حالة استضعاف ،او بإعطاء او تلقى مبالغ ماليه او مزايا للحصول
على موافقة شخص له سيطرة على شخص اخر لغرض االستغالل ويشمل االستغالل كحد ادنى
استغالل دعارة الغير او سائر اشكال االستغالل الجنسي او السخرة او الخدمة قسرا او االسترقاق او
()53
الممارسات الشبيهة بالرق او االستعباد او نزع االعضاء"
فيما عرفت االتفاقية العربية لمكافحه الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2010االتجار بالبشر في
" اي تهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او االختطاف المادة 11منه على انه
او االحتيال او الخداع او اساءة استعمال السلطة او استغالل حالة الضعف وذلك من اجل استخدام او
نقل او ايواء او استقبال اشخاص لغرض استغاللهم بشكل غير مشروع في ممارسة الدعارة (البغا ِء)
او سائر اشكال االستغالل الجنسي او السخرة او الخدمة القسرية او االسترقاق او الممارسات الشبيهة
بالرق او االستعباد وال يعت َد برضا الشخص ضحيه االتجار في كافة صور االستغالل متى استخدمت
()54
الوسائل المبنية في هذا النص"
و يتضح من التعريف السابق بانه يتماثل مع التعاريف السابقة فيما يتعلق بالوسائل المستعملة ،كما انه
نص على بعض االفعال التي نص عليها البروتوكول وهي (نقل او ايواء او استقبال) ،اال انه يختلف
عن التعاريف السابقة من حيث غرض االستغالل فالغرض في البروتوكول واتفاقية المجلس االوربي
لمكافحه االتجار بالبشر ورد على سبيل المثال ال الحصر ،اما االتفاقية العربية لمكافحه الجريمة
()53
– اتفاقية مجلس اوربا بشان اجراءات مكافحة االتجار بالبشر ،مجموعة معاهدات مجلس اوربا ،رقم ، 197والتي تم التوقيع عليها
في وارسو في /16ايار2005 /
()54
– حررت هذه اإلتفاقية بمدينة القاهرة في جمهورية مصر العربية في 2010/10/21وصدقت عليها دولة قطر بتاريخ مصادقة
قطر 28/05/2012الموافق 1433/07/07هجري.
26
المنظمة نصت على صور االستغالل على سبيل الحصر ال على سبيل المثال كما انها ال تعد نزع
()55
االعضاء البشرية من ضمن صور االستغالل بل اعتبرتها جريمة منفردة بذاتها .
نصت الجمعية العامة لألمم المتحدة االتجار بالبشر في القرار المرقم) ( 166/49المؤرخ في
( ( 2004/12/20على انه " انتقال االشخاص بصوره غير مشروعه وسريه عبر الحدود الوطنية
والدولية بقدر كبير من البلدان النامية ومن بعض البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحله انتقاليه بهدف
نهائي يتمثل في اجبار النساء والفتيات على التعرض لحاالت قهريه واستغاللية من الناحية الجنسية او
االقتصادية ألجل تحقيق ارباح لمستعمل ِيهن والمتاجريِن بهن والمنظمات اإلجرامية وكذلك األنشطة
غير القانونية االخرى ذات الصلة باالتجار مثل االجبار على العمل في المنازل والزواج الكاذب
()56
والعمالة الخفية والتبني "
" جميع االعمال المدرجة في وتعرف منظمة االمن والتعاون االوربي االتجار بالبشر على انه
التوظيف واالختطاف والنقل وايواء او استقبال اشخاص ،عن طريق التهديد او استخدام القوة او الخداع
او القسر ألغراض االستغالل او يجبرون على العمل لدائن في مجتمع اخر غير الذى عاش فيه الشخص
()57
من قبل"
()55
– حيث اشارت المادة الثانية من االتفاقية العربية على " تتعهد كل دولة طرف ان تتخذ ما يلزم من تتدابير تشريعية وتدابير اخري
لتحريم ارتكاب او المشاركة في ارتكاب افعال انتزاع االعضاء الجسدية او االنسجة العضوية او االتجار فيها او نقلها باالكراه او التحايل
او التغرير عندما تقوم بها جماعة اجرامية منظمة او احد اعضائها وال يعتد برضا الشخص ضحية هذه االفعال متي استخدمت فيها
الوسائل المبينة في هذه المادة"
– القرار 59/166المؤرخ 20كانون االول 2004/المعنون "االتجار بالنساء والفتيات " /http //www.un.org ()56
()57
– انظر التقرير الصادر عن المنظمة بعنوان https //www.osce.org/ar/who/99759
27
كما عرفته منظمه العفو الدولية بانه " انتهاك حقوق االنسان بما فيها الحق في السالمة الجسدية والعقلية
والحياة والحرية وامن الشخص والكرامة والتحرر من العبودية وحريه التنقل والصحة والخصوصية
()58
والسكن واالمن "
مؤتمر بروكسل لعام 1890لم تتوقف تجاره الرقيق فكانت السفن األوربية تجوب
على الرغم من دعوه َ
قارات العالم لخطف االشخاص وبيعهم في االسواق األوربية مما دفع بعض الدول األوربية الى عقد
اتفاقيه " سان جرمان" عام 1919التي وضعت تنقيحا للصكين الموقعين في " برلين وبروكسل "
فأكدت عزمها على ضمان القضاء الكامل على الرق بصوره جميعها وعلى االتجار بالرقيق في البر
()59
والبحر.
وفي ضوء تقرير لجنه الرق المؤقت التي عينها مجلس عصبه االمم في /12حزيران ، 1924ورغبه
في توسيع االنجاز الذي تحقق بفضل صك " بروكسل " وفي العثور على وسيلة للتنفيذ العملي في
واالسترقاق واعترافا بان من الضروري ان يتفق ،طلبا لهذا الغاية ،على ترتيبات اكثر تفصيال من
تلك التي اشتملت عليها تلك الصكوك ،عقدت اتفاقيه منع تجاره الرق في جنيف في يوم 1926/9/25
في ظل عصبه االمم ( ،)60التي الزمت الدول االطراف بمنع تجاره الرقيق ،فنصت في المادة الثانية
على انه " يتعهد االطراف السامون المتعاقدون ،كل منهم في ما يخص االقاليم الموضوعة تحت سيادته
او واليته او حمايِته او سلطانه او وصايتِه ،وبقَدر كونه لم يتخذ بعد التدابير الضرورية لذلك
()58
– د /على هلوهول المرويلي مكافحة االتجار بالبشر ط ، 1الرياض ،مكتبة الملك فهد الوطنية ، 2012ص6
()59
– د /عبد الواحد محمد الفار الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ،مصدر سابق ،ص505
– د /سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة القانون الدولي الجنائي ( جرائم االبادة الجماعية وجرائم ضد االنسانية ) ط 1عمان ،دار الثقافة ()60
28
-1بمنع االتجار بالرقيق والمعاقبة عليه -2بالعمل تدريجيا وبالسرعة الممكنة على القضاء كليا على
كما ابرمت صكوك دوليه عدة متعلقة بمحاربه االتجار بالنساء واالطفال ،بتاريخ 1949/12/2اقرت
الجمعية العامة لألمم المتحدة اتفاقية حظر االتجار باألشخاص واستغالل دعارة الغير ،وان هذه االتفاقية
قد وحدت اربعه صكوك دوليه في هذا الشأن كانت قد اعدت في وقت سابق تحت اشراف عصبة االمم،
وقد نصت هذه االتفاقية في المادة االولي على انه " يتفق أطراف هذه االتفاقية على إنزال العقاب باي
شخص يقوم ،ارضاء ألهواء اخر بقوادة شخص اخر او غوايته او تضليه على قصد الدعارة ،حتى
كما اقرت هيئه االمم المتحدة بتاريخ 1956/9/7اتفاقيه جديدة تؤكد االلتزام باالتفاقية السابقة في تحريم
الرق وتجاره الرقيق ،وهذه االتفاقية هي " االتفاقية التكميلية ألبطال الرق وتجاره الرقيق واالعراف
وبذلك فان القانون الدولي وضع قواعد الزم الدول الموقعة على اتفاقيات منع تجارة الرق جميعها بمنع
الرق ومعاقبه االشخاص الذين يتاجرون فيه والعمل بشكل تدريجي على القضاء على نحو نهائي على
ونتيجة لذلك أصبح من المبادئ الراسخة في القانون الدولي ،ان حظر الرق والممارسات المتصلة به
قد بلغ مستوى القانون الدولي العرفي واكتسب مراكز القاعدة القطعية ،لذا فقد برزت حاجه المجتمع
الدولي الى اتباع نهجا عالميا الغرض منه تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام
29
2000وقد الحق بها بروتوكول منع وقمع ومعاقبه االتجار باألشخاص وخاصه النساء واالطفال
()61
وبروتوكول مكافحه تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
المطلب الثاني تعريف االتجار بالبشر في القانون القطري وبعض التشريعات العربية
عرفت المادة ( )2من القانون رقم ( 15لسنة ( 2011االتجار بالبشر بانه ()62ا
يعد مرتكبا جريمة االتجار بالبشر كل من استخدم باي صوره شخصا طبيعيا او ينقله او يسلمه او يأويه
او يستقبله او يستلمه ،سوا ِء في داخل الدولة ام عبر حدودها الوطنية ،اذا تم ذلك بواسطه استعمال القوه
او العنف او التهديد بهما ،او بواسطه االختطاف او االحتيال او الخداع ،او استغالل السلطة ،او استغالل
حاله الضعف او الحاجه ،او الوعد بإعطاء او تلقى مبالغ ماليه او مزايا مقابل الحصول على موافقه
شخص على االتجار بشخص اخر له سيطرة عليه ،وذلك كله اذا كانت هذه االفعال بقصد االستغالل
أيا كانت صوره بما في ذلك االستغالل في اعمال الدعارة او غيرها من اشكال االستغالل الجنسي
واستغالل االطفال في ذلك وفي المواد االباحية او التسول ،والسخرة او الخدمة قسرا ،او االسترقاق او
الممارسات الشبيهة بالرق او االستعباد او استئصال االعضاء او االنسجة البشرية او جزء منها.
وفي تطبيق احكام هذا القانون ،يقصد بكل من العبارات والكلمات االتية المعاني المبينة قرين كل منها
الجماعة اإلجرامية المنظمة بانها الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثالثة اشخاص على االقل للعمل
بصفة مستمرة او لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جرائم االتجار بالبشر وحدها او مع غيرها ،وذلك من
اجل الحصول بشكل مباشر او غير مباشر على منفعة مالية او مادية اخرى.
()61
–د /سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة المنظمات الدولية لالمم المتحدة ،ج( 3االنجازات واالتفاقيات ) ط ، 1عمان دار الحامد للنشر
والتوزيع ، 2011،ص158
– انظر الى قانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر http ()62
//www.almeezan.qa/LawPage.aspx?language=ar&id=2512
30
الجريمة ذات الطابع عبر الوطني اي جريمة ارتكبت في اكثر من دولة ،او ارتكبت في دولة واحدة
وتم االعداد او التخطيط لها او التوجيه او االشراف عليها او تمويلها في دولة اخرى ،او ارتكبت في
دوله واحده عن طريق جماعه اجراميه منظمه تمارس انشطه اجراميه في اكثر من دوله ،او ارتكبت
()63
في دولة واحدة وكانت لها اثار جسيمة في دولة اخرى.
تحليل النص القانوني لتعريف جريمة االتجار بالبشر عند المشرع القطري
بنظر الى التعريف السابق نجد ان المشرع القطري استخدم العديد من الصور االجرامية في وصف
انها افعال تساعد وتساهم في عملية االتجار بالبشر والتي من الممكن القول بانها تشمل جميع الحاالت
التي يمكن ان تستخدم في تلك الجريمة حيث جاءت تلك الصور متوافقة ومتشابهة مع التعريفات
والبروتوكوالت الدولية ،كما جاء التعريف ليشمل العديد من الحاالت التي تعد من جرائم االتجار
بالبشر والتي تتمثل في استغالل السلطة او االستغالل الجنسي واستغالل حالة الضعف او الحاجة
وغيرها ،والتي تعد لها دورا كبيرا في عالمنا المعاصر في المساهمة وارتكاب جريمة االتجار بالبشر
وكذلك الصور االكثر استخداما لما تعبر عن وقوع الضحية لتلك الحاالت من االستغالل
عرف قانون مكافحة االتجار بالبشر المصري (رقم 64لسنة )2010االتجار بالبشر في المادة ()2
" يعد مرتكبا لجريمة االتجار بالبشر كل من يتعامل بأي صوره مع شخص طبيعي بما في ذلك البيع
او العرض للبيع او الشراء او الوعد بهما او االستخدام او النقل او التسليم او االيواء او االستقبال او
التسلم سواء في داخل البالد او عبر حدودها الوطنية ،اذا تم ذلك بواسطه استعمال القوه او العنف او
– انظر الى قانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر http ()63
//www.almeezan.qa/LawArticles.aspx?LawTreeSectionID=8359&lawId=2512&language=ar
31
التهديد بهما ،او بواسطة االختطاف او االحتيال او الخداع ،او استغالل السلطة ،او استغالل حالة
الضعف او الحاجه ،او الوعد بإعطاء او تلقى مبالغ ماليه او مزايا مقابل الحصول علي موافقه شخص
علي االتجار بشخص اخر له سيطرة عليه – وذلك بهدف االستغالل اي كانت صورة بما في ذلك
االستغالل في اعمال الدعارة وسائر اشكال االستغالل الجنسي ،واستغالل االطفال في ذلك وفي المواد
االباحية او السخرة او الخدمة قسرا ،او االسترقاق او الممارسات الشبيهة بالرق او االستعباد ،او
()64
التسول ،او استئصال االعضاء او االنسجة البشرية ،او جزء منها".
عرف قانون مكافحة االتجار بالبشر االماراتي رقم ( 51لسنة )2006في شان مكافحه جرائم االتجار
بالبشر المعدل بالقانون االتحادي رقم ( )1لسنة 2015في المادة 1مكرر 1بانه
ب -استقطب اشخاصا او استخدمهم او جندهم او نقلهم او رحلهم او اواهم او استقبلهم او سلمهم او
استلمهم سواء داخل البالد ام عبر حدودها الوطنية بواسطة التهديد بالقوة او باستعمالها او غير ذلك من
اشكال القسر او االختطاف او االحتيال او الخداع او اساءة استعمال السلطة او استغالل النفوذ او اساءة
ج -اعطى او تلقى مبالغ ماليه او مزايا لنيل موافقه شخص له سيطرة على شخص اخر لغرض استغالل
االخير.
– 2يعتبر اتجارا بالبشر ،ولو لم ينطو على استعمال اي من الوسائل المبينة في الفقرة السابقة ما يلي
()64
منشورت قانونية https
ا – نشر في الجريدة الرسمية لجمهورية مصر العربية في العدد ( )18في ، 2010/5/9وانظر ايضا موقع
//manshurat.org/node/778
32
ا – استخدام طفل او نقله او ترحيله او ايواءه او استقباله بغرض االستغالل.
– 3يشمل االستغالل في حكم هذه المادة جميع اشكال االستغالل الجنسي او استغالل دعارة الغير او
السخرة او نزع االعضاء او الخدمة قسرا او االسترقاق او التسول او الممارسات الشبيهة بالرق او
()65
االستعباد .
وبالنظر الى التشريعات السابقة نالحظ ان المشرع القطري لم يذهب على نهج كل من المشرع
االماراتي والمصري والذي حدد السلوك االجرامي لجريمة االتجار بالبشر في كل من قام( ببيع او
عرض للبيع او شراء او وعد بها او االستخدام ) ،فنجد ان تعريف المشريع االماراتي كان مطابقا
لتعريف المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبه االتجار باألشخاص وخاصه النساء واالطفال ،
وبالنظر الى التعريف عند المشرع المصري نجد انه قد سار على نهج بروتوكول منع وقمع ومعاقبة
االتجار باألشخاص وخاصه النساء واالطفال اال ان المشرع المصري قد اضاف الى افعال االتجار
المنصوص عليها في البروتوكول مصطلحات اخري وهي ( البيع او العرض للبيع او الشراء او الوعد
()65
– انظر الى موقع النيابة العامة http
//rakpp.rak.ae/ar/Pages/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86 -
%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D9%8A-51-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-
2006-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9--
%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1.aspx
33
المبحث الثاني خصائص جريمة االتجار بالبشر
تتميز جريمة االتجار بالبشر بعدة خصائص لعل اهمها انها جريمة منظمة ،وانها جريمة مركبة
ومستمرة ،وانها من الجرائم العابرة للحدود ،واخيرا انها من الجرائم المستحدثة والواقعة على
االشخاص
تعد جريمة االتجار بالبشر من الجرائم المنظمة ،الن هذه الجريمة تمارسها عصابات احترفت الجريمة
()66
وجعلتها محورا ومجاال لنشاطها ومصدرا لدخلها .
وجرائم االتجار بالبشر من الجرائم التي اتسع تطبيقها بشكل ملحوظ خالل الحقبة األخيرة حيث يتم من
خاللها نقل ماليين من البشر عبر الحدود الدولية سنويا ليتم االتجار بهم ،وال توجد اي منطقه جغرافية
في العالم بمناي عن هذه الجريمة التي ينظر اليها على انها مظهر حديث من مظاهر العبودية التي
()67
جرمتها العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية .
وبالرغم من كون اتفاقية االمم المتحدة لمكافحه الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000لم تعرف
الجريمة المنظمة ،اال انها عرفت عددا من التعابير ذات الصلة بالجريمة المنظمة ونبين منها تعريف
جماعه ذات هيكل تنظيمي مؤلفه من ثالثة اشخاص او اكثر ، الجماعة اإلجرامية المنظمة بانها
موجودة لفترة من الزمن ،وتعمل بصوره متضافره بهدف ارتكاب واحده او اكثر من الجرائم الخطيرة
()66
– د /حامد سيد محمد حامد ،االتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين االسباب التداعيات الرؤي االستراتيجية ،مرجع سابق
ص16
()67
– د /عبد الفتاح الصيفي ،الجريمة المنظمة التعريف واالنماط واالتجاهات ،اكاديمية نايف العربية للعلوم االمنية ،مركز البحوث
والدراسات الرياض ،1999 ،ص105
34
او االفعال المجرمة وفقا لهذه االتفاقية من اجل الحصول ،بشكل مباشر او غير مباشر على منفعة
()68
ماليه او منفعة مادية اخري .
وبذلك يمكننا القول بان المقصود بالجريمة المنظمة هي جريمة تقوم بها تنظيمات غير مشروعة تملك
سلطة مركزية ولها تدرج هرمي في وظائفها ويخضع اعضائها لقواعد ملزمة ،ولها منفذون يلتزمون
()69
بالوالء والطاعة ألوامره.
فان اهم ما يميز الجريمة المنظمة على مستوي العالم انها تعمل في االشتراك فيما بينها وبكفاءة وانسجام
كبيرين وتقسم العالم الى مناطق سيطرة ونفوذ وتعتمد على اهم ركائز العمل الجماعي والتي تتمثل في
االحتراف :اذ تعتبر الجريمة المنظمة اجراما احترافيا يستعمل الحيلة تبعا للفرص والوسائل المادية
وغالبا ما يكون نشاط هذه العصابات داخل حدود الدول التي تعمل بها ،وقد تتعاون مع منظمات اجرامية
تعمل في دول اخري وخاصة في مجال البغاء وكافة اشكال االستغالل الجنسي والسخرة في العمل
()70
وخطف االطفال او شرائهم من اجل التبني.
()68
– المادة 2فقرة 2من اتفاقية االمم المتحدة للجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام .2000
– د /طارق احمد فتحي سرور ،الجماعة االجرامية المنظمة دراسة مقارنة ،مرجع سابق ص13 ()69
()70
– د /عبد الفتاح الصيفي ،الجريمة المنظمة التعريف واالنماط واالتجاهات ،اكاديمية نايف العربية للعلوم االمنية ،مركز البحوث
والدراسات الرياض ،1999 ،ص106
35
المطلب الثاني جريمة االتجار بالبشر جريمة عابرة للحدود
جريمة االتجار بالبشر بحسب طبيعتها متعدية الحدود الوطنية ،او تحمل في طياتها عنصرا اجنبيا يتمثل
في كون الجريمة قد تم االعداد والتخطيط لها في دولة اخرى ،او كان الضحايا والشهود ينتمون الى
دوله اجنبيه او ان أحد العناصر المادية للجريمة قد تم في اقليم دوله اخرى ،او ان الجاني قد فر الى
()71
دوله خالف التي ارتكبت فيها الجريمة.
ويقصد بالجريمة العابرة للحدود هنا هي اية جريمة ارتكبت في اكثر من دوله ،او ارتكبت في دوله
واحده وتم االعداد او التخطيط لها او التوجيه او االشراف عليها او تمويلها في دوله اخرى او بواسطتها
،او ارتكبت في دوله واحده عن طريق جماعه اجراميه منظمه تمارس انشطه اجراميه في اكثر من
()72
دوله ،او ارتكبت في دوله واحده وكانت لها اثار في دوله اخري.
حيث تتصف جريمة االتجار بالبشر كجريمة عابرة للحدود بعدة خصائص والتي تتمثل في
ارتكب في دولة واحدة ولكن جانبا كبير من االعداد او التخطيط له او توجيهه او االشراف عليه جرى
ارتكب في دولة واحدة ولكن ضلعت في ارتكابه جماعة اجرامية منظمة تمارس انشطة اجرامية في
()71
– د /فايز محمد حسين محمد ،مرجع سابق ،ص346
– د /طارق احمد فتحي سرور ،الجماعة االجرامية المنظمة دراسة مقارنة ،مرجع سابق ص19 ()72
36
المطلب الثالث جريمة االتجار بالبشر ظاهرة اجرامية مركبة ومستمرة
الجريمة المركبة هي الجريمة التي يتكون النشاط الجرمي لها من اكثر من فعل ،او هي الجريمة التي
تقع من عده افعال ماديه ذات طبيعة مختلفة يصلح كل منها لقيام الجريمة منفردا ( ،)73ومثالها الخطف
المقترن باالغتصاب ،فبالنسبة لالتجار بالبشر فان كال من التهديد او االختطاف او االحتيال يصبح
وسيله تسخر الرتكاب افعال اخرى وهي النقل او التجنيد او االيواء او االستقبال وبالتالي عند اقتران
()74
تلك االفعال بالجريمة نكوم امام جريمة واحده وهي جريمة االتجار بالبشر المركبة .
وبذلك تتصف جريمة االتجار بالبشر كجريمة مركبة بعدة مراحل والتي تتمثل في
الضحية (السلعة) هو الشخص الذى يتم تجنيده او نقله او ايوائه او استقباله من بلد الى اخرى من اجل
استغالله طواعية او اختيار منه او قسرا وكرها عنه في الدعارة او البغاء او في مجال االعضاء البشرية
الوسيط وهو الجماعة االجرامية التي تقوم بنقل الضحية (السلعة) وتسهيل هروبها من الدولة.
()75
التاجر هو شخص ينقل الناس بغية الحصول على ارباح اقتصادية او منفعة من جراء استغالله.
اما عن خاصية االستمرارية وعلى اعتبار ان الجريمة المستمرة هي التي من شانها ان يكون تنفيذها
قابال بطبيعته لالمتداد في الزمن كلما اراد فاعلها ذلك او هي الجريمة التي يغلب استمرار النشاط
االرادي المكون لها ،فعال كان او امتناعا ،فترة زمنية تطول او تقصر ،فان جريمة االتجار بالبشر
قد تستغرق وقتا طويال الن الجاني عندما يقوم بنقل المجني عليه او ايوائه او استقباله او تجنيده لغرض
– د /احسن بو سقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر ، 2011 ،ص105 ()73
()74
– د /دهام اكرم عمر ،جريمة االتجار بالبشر (دراسة مقارنة ) ،دار الكتب القانونية 2011م ،ص65
()75
– د /حامد سيد محمد حامد ،االتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين االسباب التداعيات الرؤي االستراتيجية ،مرجع سابق
ص19
37
استغالله في الدعارة او العمل القسري او االسترقاق ،فانه يحتاج إلكمال فعله الجرمي الى بعض
()76
الوقت فيكون الزمن عنصرا جوهريا في جريمة االتجار بالبشر.
المطلب الرابع جريمة االتجار بالبشر من الصور المستحدثة الواقعة على االشخاص
ارتبطت الجريمة باإلنسان منذ بداية الخلق واخذت تتشكل وتتنوع على مر العصور واالزمنة ،فكانت
مصاحبة لإلنسان اينما وجد ،واصبح في كل عصر من العصور جرائم جديدة لم تكن موجودة في
السابق نتيجة التطور العلمي والتقني ،فقد يبدو ان جريمة االتجار بالبشر هي من الجرائم الواقعة على
االموال طالما ان الهدف الرئيس للجاني من هذه الجريمة هو الحصول على المال من وراء االتجار
باإلنسان عند استغالله في الدعارة او العمل القسري او العبودية ،وهذا غير صحيح الن العبرة في
تحديد نوع الجريمة هي بتحديد الحق المعتدي عليه ،وان الحق المعتدي عليه في جريمة االتجار بالبشر
هو حق االنسان في الحرية او الكرامة مثال ،لذا فموضوع جريمة االتجار بالبشر تقع على االنسان
ولصيقة به وهذا ما استقر عليه نصوص المواثيق الدولية واالقليمية و التشريعات الخاصة كما وضحنا
()77
سابقا في التعريفات.
لذلك نجد ان من اهم خصائص جريمة االتجار بالبشر ان السلعة محل االتجار هم البشر انفسهم وليست
مقصورة على جنس معين او سن معين ،بل هي تشمل االطفال والنساء والرجال وفي مختلف االعمار
،كما تعتبر جريمة االتجار بالبشر هي الجريمة الوحيدة التي تلجا فيها الضحية للجاني حتي يرتكب
جريمته ،كما هو الحال في بعض حاالت االستغالل الجنسي للنساء والهجرة غير الشرعية ونقل
وبذلك نجد ان اهم ما يميز الجرمية المستحدثة التي يكون محلها االنسان ما يلي
()76
– د /دهام اكرم عمر ،جريمة االتجار بالبشر (دراسة مقارنة ) المرجع السابق ،ص71
()77
– د /دهام اكرم عمر ،جريمة االتجار بالبشر (دراسة مقارنة ) المرجع السابق ،ص72
38
انها لم تكن موجودة في السابق.
انها ليست محلية الطابع وانما هي عبارة للدول بسبب التقنية الحديثة.
ارتباطها بالجرائم المنظمة والعصابات المنظمة لسريتها وممارسة انشطتها على نطاق واسع على
المبحث الثالث التفرقة بين جرائم االتجار بالبشر والجرائم التي تتشابه معها
قد تتشابه جريمة االتجار بالبشر من حيث الخصائص او االركان مع كثير من الجرائم االخرى الواقعة
على االشخاص ،اال ان لكل جريمة اركان واوصاف خاصة بها تميزها عن غيرها من الجرائم ،لذا
سنقوم بتمييز جريمة االتجار بالبشر عن جريمة تهريب المهاجرين وذلك في المطلب االول ،بينما في
نتناول في المطلب الثاني التمييز بينها وبين جريمة البغاء ،واخيرا التمييز بينها وبين زراعة ونقل
االعضاء البشرية وذلك في المطلب الثالث ونبين ذلك على النحو التالي
المطلب االول التفرقة بين جريمة االتجار بالبشر عن جريمة تهريب المهاجرين
يختلف تعريف االتجار بالبشر عن تهريب المهاجرين في اشكال عدة ولكن في البداية نوضح ما
المقصود بتهريب المهاجرين بانه " كل ت َدبير غير قانوني لدخول شخص ما الى دوله ليست لذلك
الشخص ليكون من رعاياها او من المقيمين الدائ َمين فيها ،وذَلك من اجل الحصول بصوره مباشره او
()78
– د /محمد هشام محمد عزمي االتجار بالبشر والجريمة المنظمة ،دار الثقافة للنشر .والتوزيع عمان 2008 .،ص 78ومابعدها.
39
غير مباشره على منفعة ماليه او منفعة اخرى ،وتهريب المهاجرين يكون بجلب االشخاص ونقلهم من
()79
دولة الى دوله اخري بطريقة غير قانونيه بهدف تحقيق ربح.
وال يعتبر تسهيل دخول االشخاص من دوله الى دولة او المرور من خاللها بطريقة غير قانونيه جريمة
اتجار بالبشر ،رغم ان تنفيذه يتم غالبا في ظروف خطره او مهينه ،ويستلزم تهريب المهاجرين احيانا
موافقتهم على القيام بذلك النشاط ،بل يتضمن االتجار بالبشر موافقة الض َحايا او اذا تم الحصول على
موافقتهم في البداية ،فان تصرفات التجارة المؤذية والقسرية والمخادعة ،تؤدى الى الغاء تلك الموافقة،
غالبا ما يجهل ضحايا االتجار بالبشر انهم سيجبرون على العمل في البغاء او سيستغلون في اعمال
مهينة وحقيرة ،ولذلك من الممكن ان يتحول تهريب المهاجرين من هجرة غير شرعية ليدخل ضمن
()80
مفهوم جريمة االتجار بالبشر
وبالنظر الى التشريع القطري نجد انه قد خلى من نصوص تتعلق بمسالة تهريب المهاجرين والهجرة
غير الشرعية ،في حين نجد ان المشرع المصري قدر عرف تهريب المهاجرين في القرار رقم 298
لسنة 1995بشان تامين الحدود بانه التسلل عبر الحدود بانه دخول وخروج الشخص واالجنبي للحدود
المصرية االجنبية المختلفة بطريقة غير شرعية ،ويحذر القرار التواجد بالمناطق المالصقة للحدود
اال بتصريح من الجهة العسكرية والمحددة بقرار من وزير الدفاع ،ويعاقب بالحبس مدة ال تقل عن
ستة اشهر وال تزيد عن ثالث سنوات والغرامة التي ال تقل عن 1000جنية وال تتجاوز 5000جنية
ونلخص من هذا الى ان اهم اوجه التفرقة بين تهريب المهاجرين واالتجار بالبشر تتمثل في االتي
()79
– راجع في ذلك المادة الثالثة من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو ،المكمل التفاقية االمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في .2000/1/15
– د /عبد الهادي هاشم محمد ،االتجار بالبشر ،بين الفقه االسالمي والقانون الوضعي ،دار الفكر الجامعي ،االسكندرية،2015 ، ()80
ص89
40
الموافقةَ بالرغم من ان الضلوع بتهريب المهاجرين يجري في كثير من االحيان في ظروف خطره او
مهينه فانه ينطوي على موافقه المهاجرين على التهريب ،واما ضحايا االتجار بالبشر ،فانهم لم يوافقوا
قط على ذلك حتى ان كانوا قد وافقوا في البدء فان تلك الموافقة تصبح ال معني لها من جراء الوسائل
القسرية او االحتيالية او المسيئة التي يتبعها مرتكبو جريمة االتجار قبل ضحاياهم ،وكذلك يمكن ان تقع
جريمة االتجار بالبشر على الرغم من موافقة المجني عليه كما في حالة شبكات الدعارة.
االستغالل تهريب المهاجرين ينتهي بوصولهم الى وجهتهم المقصودة في حين ان االتجار بالبشر
ينطوي على استمرار استغالل الضحايا ،ومن الناحية الفعلية يالحظ ان ضحايا االتجار غالبا ما يقع
عليهم ضرر أكثر قسوة ،ومن ثم يكونون في حاجه اشد الى الحماية من معاوده ايذائهم كضحايا ومن
()81
تعرضهم ألشكال اخرى من اإلساءة في معاملتهم اشد من حاجه المهاجرين المهربين.
عبر الحدود التهريب يتسم دائما بطابع عابر للحدود الوطنية ،اما االتجار فقد ال يكون كذلك اذ يمكن
ان يقع االتجار بصرف النظر عما اذا كان الضحايا قد اخذوا الى دولة اخرى او نقلوا من مكان الى
()82
اخر داخل الدولة المعنية ذاتها
يقصد بالبغاء استخدام الجسم رغبة بإرضاء شهوات الغير مباشرة ,أي تعاطي لزنا او اللواط مع اكثر
من شخص او مباشرة األفعال الجنسية الطبيعية او غير الطبيعية مع الناس إرضاءا ً لشهوات الغير
الجسدية او شهرة الفاعل ويمثل االستغالل الجنسي للنساء او البغاء اهم واخطر صور االتجار بالبشر
و اكثرها انتشارا على مستوي العالم ،حيث ت َشمل المتاجرة بالجنس قسما مهما من المتاجرة االجمالية
بالبشر ،تشمل هذه الجريمة جلب النساء إلجبارهن على البغاء ،وهذا النشاط عادة ما يتم من خالل
()81
– د /ايمان محمد الجابري ،مرجع سابق ،ص27
()82
– د /حامد سيد محمد ،المرجع السابق ،ص 15ومابعدها.
41
منظمات اجرامية ذات طابع دولي يتم من خالل وسائل عدة يلجا اليها التجار وتشمل الوعود بحياة
افضل وعقود عمل مغرية في بالد اجنبية ،وغالبا ما يتم ذلك بطرق االختطاف واالغتصاب واالجبار
ولذلك نبين اوجه التشابه واالختالف بين جريمة االتجار بالبشر وجريمة البغاء كما يلي
تتفق جريمة االتجار بالبشر مع جريمة البغاء في انهما من الجرائم الواقعة على االشخاص وتنقصان
()83
من كرامة االنسان ،كما انهما من الجرائم العمدية.
تقوم المرأة في جريمة البغاء ببيع المتعة وهذا في حد ذاته كاف لمساءلتها جنائيا ،في حين في جرائم
االتجار بالبشر هناك شخص او اشخاص اخرون ذكورا كانوا ام اناثا ،يتولون قيادة هذه المرأة بحيث
تعد جريمة البغاء من الجرائم المنافية لألخالق واآلداب العامة اما جريمة االتجار بالبشر فهي من
تحتاج جرائم البغاء الى جهود محلية لمكافحتها ،اما جرائم االتجار بالبشر فهي من الجرائم عبر الحدود
()84
الوطنية ،ولذلك فهي تعتبر مشكلة دولية تتصدي لها كافة الدول عن طريق وسائل التعاون الدولي.
()83
– د /دهام اكرم عمر ،المرجع السابق ،ص81
()84
– د /ايمان محمد الجابري ،مرجع سابق ،ص28
42
المطلب الثالث التمييز بين االتجار بالبشر وزرع ونقل االعضاء البشرية
يمكن تعريف جريمة االتجار باألعضاء البشرية بانها قيام فرد او جماعة اجرامية منظمة بتجميع
االشخاص دون رضاء منهم ،بالتحايل او االكراه ،حيث يتم نزع اعضاء هؤالء الضحايا وبيعها
()85
كبضاعة من اجل الحصول على ارباح مالية.
فيكون المجني عليه ضحية افعال خداع او تهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او
االختطاف او االحتيال او الخداع او اساءة َ استعمال السلطة او اساءة استغالل حالة االستضعاف ،او
بإعطاء او تلقى مبالغ ماليه او مزايا لنيل موافقه شخص له سيطره على شخص اخر ،ويكون من شان
هذه الوسائل جميعها ان اعدمت ارادة الضحية ،فال يكون االنتزاع برضائه.
يتفق االتجار بالبشر مع االتجار باألعضاء البشرية وزرع ونقل االعضاء البشرية في ان كل منهما فيه
مساس بجسم االنسان وكرامته تلك الكرامة المتأصلة في الجنس البشري باإلضافة الى المكاسب
الضخمة المتولدة عنهما ،ويختلف االتجار باألعضاء البشرية عن االتجار بالبشر في ان االتجار
باألعضاء البشرية يتم عن طريق البيع والشراء للعضو والذي فيه مساس بكرامة االنسان ،اما الزرع
لذلك يعتبر االتجار باألعضاء البشرية هو احد صور االتجار بالبشر ،كما يختلف االتجار باألعضاء
البشرية عن نقل وزراعة االعضاء البشرية في ان موضوع زرع ونقل االعضاء البشرية اوسع نطاقا
من االتجار باألعضاء البشرية ،ألنه عالوة على تنظيمه لنقل وزراعة االعضاء البشرية ،فانه يتضمن
()86
النصوص التجريمية والعقابية التي تجرم وتعاقب على االتجار باألعضاء البشرية.
()85
– راميا محمد شاعر ،االتجار بالبشر (قراءة قانونية اجتماعية) المرجع السابق ،ص24
– د /عمر ابو الفتوح المحامي ،االتجار باألعضاء البشرية بين الواقع والقانون دراسة مقارنة ،دار النهضة ،2010 ،ص7،8 ()86
43
لذلك تم صدور قانون رقم ( 15لسنة )2015الخاص بتنظيم نقل وزراعه االعضاء البشرية في دولة
اال لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المتلقي ،او لتحقيق ضرورة عالجيه ،وبشرط ان يكون النقل
هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الضرورة ،واال يكون من شان النقل تعريض المتبرع لخطر جسيم
وال يجوز استئصال عضو لألغراض العلمية والطبية اال من جثة متوفى ،ووفقا ألحكام هذا القانون".
وكذلك صدر القانون رقم ( 5لسنة )2010المصري بتنظيم نقل االعضاء البشرية لصيانة امن وسالمة
وكرامة المصريين ،ويجنبهم االستغالل ،ويحفظ سالمة اجسامهم وحرمة جثث موتاهم ويحمي التبرع
والمريض من اخطار صحية جسيمة ناجمة عن اجراء هذه الجراحات في الخفاء وفي ظروف طبية
()87
رديئة ال تتالءم مع ما يتطلبه اجراء هذه الجراحات الدقيقة من خبرات بشرية وامكانات مادية.
()87
– د /بشير سعد زغلول ،االحكام القانونية للتبرع باألعضاء البشرية دراسة على ضوء رقم 5لسنة ، 2010دار النهضة 2010
،ص23
44
الفصل الثاني تجريم االتجار بالبشر
ت َعد جريمة االتجار بالبشر جريمة وطنيه إذا ارتكبت داخل حدود الدولة من دون ان تتعدي خارج حدود
الدولة ،ومن مبادئ المعترف بها دوليا ووطنيا ان قانون اي دوله هو وحده الذي يسرى داخل اقليمها،
وهذا ما يسمي بمبدأ اقليميه قانون العقوبات والذي يعني وجوب تطبيق القانون على كل جريمة تقع
داخل اقليم الدولة ،بغض النظر عن جنسيه الجاني وطنيا كان ام اجنبيا وبصرف النظر عن جنسيه
()88
المجني عليه اجنبيا او وطنيا سواء اهدرت الجريمة مصلحه للوطن ام لدوله اجنبيه.
ولمعرفة اهم االحكام الموضوعية لجريمة االتجار بالبشر سوف نقسم هذا الفصل الى
ان االساس القانوني في تجريم االتجار بالبشر اما ان يكون بموجب الشريعة والفقه اوالمواثيق الدولية
او التشريعات الوطنية ،ومن هنا سوف نقوم بتقسيم هذا المبحث على مطلبين وذلك على النحو التالي
لجات العديد من الدول الى سن تشريعات وطنية خاصة لمكافحة ومنع ومعاقبة جرائم االتجار بالبشر،
وذلك بموجب التشريعات الخاصة بذلك حيث نتناول في هذا المطلب تجريم االتجار بالبشر في القانون
– د /سمير عالية ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) ،بيروت ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر 2002 ، ()88
،ص118
45
عالج المشرع القطري ظاهرة االتجار بالبشر ووضع القوانين للحد من تفشيها ،وذلك من خالل القانون
رقم ( 15لسنة )2011بشأن مكافحة االتجار بالبشر حيث جاءت في الفقرة الثانية منه على تجريم كل
()89
االفعال التي تساعد على قيام جريمة لالتجار بالبشر.
يتبين لنا من خالل القانون رقم 15لسنة 2011ان المشرع القطري ذهب على نهج بروتوكول منع
وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص وخاصا للنساء واالطفال ،وكان تعريفه لجريمة االتجار بالبشر واسع
النطاق حيث شملت حاالت عدة ومنها (االختطاف او االحتيال او الخداع ،او استغالل السلطة ،او
استغالل حالة الضعف او الحاجة ،او الوعد بإعطاء) وبذلك يتضح لنا ان المشرع القطري كان تعريفه
فيتميز هذا النص بإيجابية اخرى تتمثل بإيراد وسائل ارتكاب جريمة االتجار بالبشر وهو موقف ايجابي
الن من الممكن ارتكاب جريمة االتجار بالبشر بوسائل اخرى غير منصوص عليها في التعريف.
تحليل النص القانوني لتجريم جريمة االتجار بالبشر عند المشرع القطري
نجد ان المشرع القطري قد اورد صورة االستغالل على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال خالفا
لما ورد في المادة (/3ا) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبه االتجار باألشخاص وخاصا للنساء واالطفال
وهذا برأينا نص غير دقيق ألنه من الممكن استغالل المجني عليه بصور اخري من االستغالل والتي
منها على سبيل المثال نزع االعضاء او اي غرض اخر وان حصر االستغالل ببعض الصور قد يؤدى
الى تضييق مفهوم االتجار بالبشر مما يؤدى بالنتيجة الى افالت الجناه من العقاب.
ويعد هذا التجريم لمرتكبي جرائم االتجار بالبشر تدابير وقائية ،والمتمثلة في انشاء هيئة مكافحة االتجار
بالبشر والفساد المالي ،ووضع قواعد سلوك للموظفين العموميين وتدابير لتعزيز نزاهة القضاء،
وتدابير التعاون الدولي مثل ابرام معاهدات لتبادل المساعدات وتسليم المطلوبين للعدالة وغيرها.
– انظر قانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر نص المادة الثانية الفصل الثاني . ()89
46
المطلب الثاني تجريم االتجار بالبشر في التشريعات العربية
ذهبت العديد التشريعات العربية الى تجريم االتجار بالبشر ،في حين ان بعض الدول قد عمدت الى
تضمين حظر االتجار بالبشر في قوانينها الدستورية ذلك من اجل احاطتها بشيء من الثبات واالستقرار،
فقد نصت بعض الدساتير على تحريم او حظر االتجار بالبشر ،منها قانون االتحادي في دولة االمارات
رقم ( 51لسنة )2006في شان مكافحة جرائم االتجار بالبشر المعدل بالقانون االتحادي رقم ( )1لسنة
()90
.2015
فيتبين لنا هنا ان المشرع االماراتي قد سار على نهج بروتوكول منع وقمع ومعاقبه االتجار باألشخاص
وخاصة النساء واالطفال في تعريف االتجار بالبشر ،حيث انه لم ينص على " استغالل حالة
االستضعاف " كوسيلة من وسائل االتجار بالبشر بل اكتفى بالتهديد بالقوة واستعمالها او غير ذلك من
اشكال القسر او االختطاف او االحتيال او الخداع او استغالل السلطة او بإعطاء او تلقي مبالغ مالية او
وكذلك تم انشاء الحكومة المصرية في يوليو عام 2007لجنة وطنية معينة بمكافحة االتجار في االفراد
لتكون الية تنسيق وكمرجعية استشارية للسلطات والهيئات الوطنية ،فقد تم اصادر القانون رقم) (64
لسنة 2010في التشريع المصري في شان مكافحة االتجار بالبشر والذي استهدف المشرع المصري
بهذا القانون تجريم كافة اشكال االتجار بالبشر وفرض عقوبات صارمة على جميع االطراف المتورطة
)91(.
في جريمة االتجار ،حيث جاء في نص المادة الثانية
– انظر قانون رقم ( )51لسنة 2006في شان مكافحة جرائم االتجار بالبشر المعدل بالقانون االتحادي رقم ( )1لسنة 2015مادة 1 ()90
مكرر.
– انظر قانون رقم ) (64لسنة 2010في التشريع المصري في شان مكافحة االتجار بالبشر نص المادة الثانية. ()91
47
ويتضح لنا من خالل هذا التعريف ان المشرع المصري قد سار ايضا على نهج بروتوكول منع وقمع
ومعاقبة االتجار باألشخاص وذلك بتحديده وسائل االتجار على سبيل الحصر وصور ،اال ان المشرع
المصري قد اضاف الى افعال االتجار المنصوص عليها في البروتوكول مصطلحات اخرى وهي
فيما ذهب القانون رقم ( 1لسنة )2008بشأن مكافحة االتجار باألشخاص البحريني حيث حدد في المادة
ا -المقصود باالتجار باألشخاص ،هو تجنيد الشخص او نقله او تنقيله او ايوائه او استقباله بغرض
اساءة االستغالل ،وذلك عن طريق االكراه او التهديد او الحيلة او باستغالل الوظيفة او النفوذ او بإساءة
استعمال سلطه ما على ذلك الشخص او بأية وسيله اخرى غير مشروعه سوا ًء كانت مباشره او غير
مباشره.
وتشمل اساءة االستغالل ،استغالل ذلك الشخص في الدعارة او في اي شكل من اشكال االستغالل او
االعتداء الجنسي ،او العمل او الخدمة قسرا او االسترقاق او الممارسات الشبيهه بالرق ،او االستعباد
ب -يعتبر اتجارا باألشخاص تجنيد او نقل او تنقيل او ايواء او استقبال من هم دون الثامنة عشره او
من هم في حالة ظرفيه او شخصيه ال يمكن معها االعتداد برضائهم او حريه اختيارهم ،متى كان ذلك
بغرض اساءه استغاللهم ولو لم يقترن الفعل باي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة.
()92
ج -ويفترض علم الجاني بالسن الحقيقية للمجنى عليه الذي لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنه.
وفيما ذهب المشرع السعودي في نص المادة الثالثة من الفقرة االولى من نظام مكافحه االتجار
باألشخاص السعودي الصادر برقم (م )40/وتاريخ 21رجب 1430هـ نجد ان القانون السعودي
– انظر قانون رقم ( )1لسنة 2008بشأن مكافحة االتجار باألشخاص البحريني نص المادة االولي. ()92
48
يحظر االتجار باي شخص باي شكل من االشكال ،بما في ذلك االكراه او التهديد او االحتيال عليه او
خداعة او خطفه ،او استغالل الوظيفة او النفوذ ،او اساءة استعمال سلطه ما عليه ،او استغالل ضعفه
او اعطاء مبالغ ماليا او مزايا او تلقيها ،لنيل موافقه شخص له سيطرة على اخر ،ألجل االعتداء الجنسي
او العمل او الخدمة قسرا او التسول ،او االسترقاق او الممارسات الشبيهه بالرق او االستعباد ،او نزع
()93
االعضاء او اجراء تجارب طبيه عليه ،وذلك وفقا لنص المادة الثانية من النظام.
ان االركان العامة لجريمة االتجار بالبشر هي مجموعه من االجزاء التي تشكل منها الجريمة او جميع
الجوانب التي ينطوي عليها بنيان الجريمة والتي يترتب على وجود الجريمة او انتفائها او انتفاء احد
()94
اركانها.
واركان الجريمة المتطلبة في نطاق القانون الجنائي الداخلي بخصوص ما يقتضي توافره ألجل تحقق
الجريمة تتطلب توافر كل من الركن المادي والركن المعنوي ،ومما تقدم فان جريمة االتجار بالبشر
سوا ًء كانت وطنيه او عابر للحدود تستند الى ركنين اساسيين وهو ركن مادي ومعنوي لذا سنقسم هذا
المبحث على مطلبين وهما الركن المادي وذلك في المطلب االول بينما نتناول الركن المعنوي في
يمثل الركن المادي في االتجار بالبشر والذى يشكل اعتداء او خطر على احدى المصالح التي يحميها
القانون او يسبب لها ضررا ،فال جريمة من دون سلوك مادي ملموسا اذ من دون ذلك السلوك ال يحدث
اخالل بنظام المجتمع او مساس بالمصالح الجديرة بالحماية ويترتب على ذلك ان القانون الجنائي ،ال
– انظر قانون السعودي رقم (م )40/بتاريخ 21رجب 1430هـ المادة الثالثة الفقرة االولي. ()93
– د /على عبد القادر القهوجي ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) بيروت منشورات الحلبي الحقوقية ،2008ص533 ()94
49
يعتد بالنوايا وحدها اذ لم تقضى الى سلوك خارجي يعد انعكاسا لإلدارة ،فالركن المادي لجريمة
االتجار بالبشر سوا ًء كانت داخليا او دوليا تتكون من عنصريين اساسيين هما السلوك اإلجرامي
تتمثل صور السلوك االجرامي في جرائم االتجار بالبشر من خالل ارتكاب احد االفعال المنصوص
عليها من قانون منع االتجار بالبشر وهي النقل ،االستقطاب ،االيواء واالستقبال ،وال تتفاوت كثيرا
عن صور السلوك الواردة في التشريعات المقارنة كالفرنسي واالماراتي والمصري ،وتتوافق الى حد
كبير بالصور المنقولة عن البروتوكول االممي والتي تتمثل في افعال التجنيد والنقل والترحيل وااليواء
. واالستقبال
ويتضح مما سبق ان غالبية التشريعات المقارنة قد حددت صور السلوك االجرامي في جرائم االتجار
بالبشر ،مع التباين في اعتماد بعض النماذج من االفعال المجرمة وكما سنبينه وهي االستقطاب والنقل
ويعنى هذا السلوك ان التعامل مع الضحية بقيام العصابة االجرامية باتخاذ اجراءاتها في بيع الضحية
لألخرين او عرض الضحية للبيع او شراء الضحية من متعاملين فيها او الوعد بالبيع او الشراء ،وكان
االنسان اصبح مجرد سلعة يتعامل معها سواء كان التعامل مباشرة او من خالل الوسائط االلكترونية.
()95
– د/ /امون سالمة ،قانون العقوبات ،القسم العام ،دار الفكر ص106 ()95
50
حيث اصبح االنترنت طريقا سريعا للمعلومات ،كما اضحى وسيلة جعل من العالم كانه قريه متناهيه
الصغر ،وبالتالي باتت شئون التجارة بين الدول امرا ميسورا بسببه ،وقد استغلت الجماعات االجرامية
المنظمة هذه التكنولوجيا الحديثة في تيسير شؤون االتجار بالنساء واالطفال عبر االنترنت ،فمما ألشكل
فيه ان ظاهرة االتجار بالنساء واالطفال قد انتشرت في العالم بسبب استخدام الجماعات االجرامية
فعن طريق التجارة اإللكترونية الخاصة بالنساء واالطفال ،يمكن ابرام الصفقات بين الجماعات
االجرامية المنظمة وبين الضحايا في بلدانهم دون االنتقال ،وبالتالي يكون هناك ثمة توفير للوقت
والتنقل ،فتبرم الصفة دون ان يكون ثمة لقاء مباشر قد تم بين الطرفين ،وايضا من الممكن ان تتم وسيله
()96
الدفع من جهاز الى جهاز فتعقد الصفقة فورا.
يقصد بالنقل بانه النشاط الذي يقوم به الجاني ليغير بمقتضاه مكان اقامه ووجود المجني عليه ،سوا ًء
كان النقل من مكان الى اخر داخل الدولة ام خارجها بقصد االستغالل فيها ،وسواء ان تم قسرا او تحقق
برضاء المجني عليه او رضاء من له سلطه عليه ،وعليه فان نشاط النقل كأحد نماذج االفعال المجرمة
في جرائم االتجار بالبشر هو النشاط الذي يقوم به الجاني ليغير بمقتضاه مكان الضحية من مكان الى
مكان اخر ،سواء داخل الدولة ،او خارجها بقصد استغالله بأساليب تتصف بالخداع او العنف او
وتجريم النقل قد يتم عن طريق نقل الضحية من دوله المصدر الى دوله العبور او المقصد مباشرة،
وتصنف الدول فيما يتعلق بجرائم االتجار بالبشر وفق التقارير الدولية الى دول مصدرة ،ويتم النقل
()96
– د/ /عمرو حسين عباس ،ادلة االثبات الجنائي والجرائم المعلوماتية ،بحث مقدم الى المؤتمر االقليم الثاني حول تحديد تطبيق
الملكية الفكرية في الوطن العربي في الفترة من 2008/4/27-2مقر جامعة الدول العربية ص.9
51
عن طريق وسائل النقل سواء كانت شرعية او غير شرعية عن طريق البر او البحر او الجو لنقل
()97
الضحايا من جهة المنشأ الى الوجهة النهائية ،وإذا تحقق هذا الفعل تكون الجريمة تامة.
ويقصد باالستقطاب مجموعة االنشطة التي يقوم بها الجاني من اجل جذب ضحاياه والسيطرة عليهم
بالخداع او االكراه وحسب الصور المذكورة في نص المادة الثانية وبالتالي هو بطبيعته النموذج القانوني
لهذه الصورة يفترض التطويع والتجنيد ،كما ان النص القانوني لهذه الصورة من صور النشاط المجرم،
وغالبا ما يتم استقطاب ونقل الضحايا بأفعال ونشاطات مختلفة ،تبدأ بالبحث عن الضحية او الفتاة
المستهدفة من خالل وسطاء ،ثم تأتي مرحلة محاولة جذب الضحية واستدراجها للسيطرة عليها ،ومثال
ذلك االعالن في الصحف عن الحاجة الى وظائف ،او االعالن على التقدم للزواج من فتاة ،او عرض
عمل على فتاة خارج البالد براتب مغري ومزايا ،وقد يستجيب الضحية لهذه االعالنات ويقدم نفسه،
()98
وبعدئذ تتم السيطرة على الضحية ،وقد يتم استغاللها مباشرة او نقلها الى مكان بقصد استغاللها.
االتجار بالبشر كما يتحقق بفعل االستقطاب والنقل ،فقد يتحقق باإليواء او االستقبال ،فغالبا بعد استقطاب
الضحية يتم نقلها الى منطقة اخرى داخل الدولة او خارجها ،ويحتاج بعدئذ الى الماوي سواء اثناء النقل
ام بعده ،كما قد يحتاج االشخاص المتاجر بهم الى وجود اشخاص يقومون باستقبال الضحية عند
التجنيد :الجند هم االعوان او االنصار ،فلفظ التجنيد المنصوص عليه في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة
االتجار باألشخاص وبخاصه النساء واالطفال هو الت َجنيد او الت َطويع ،و عبارة تجنيد االشخاص
– د/ /امون سالمة ،قانون العقوبات ،القسم العام ،دار الفكر ص106 ()97
– د /محمود احمد طه ،شرح قانون العقوبات القسم العام ص101 ()98
52
بوصفها صوره من صور السلوك اإلجرامي فتعنى تطويع االشخاص واستخدامهم كسلعه قابله للتداول
هؤالء
لغرض االستغالل وجنى االرباح اي كانت الوسائل المستخدمة وهذا يعنى ان ضحايا االتجار من َ
()99
االشخاص يكونون خاضعين تماما للجانى وينفذون ما يطلب منهم طوعيه نتيجة السيطرة عليهم
وااليواء :هو النشاط الذي يقوم به الجاني عن طريق توفير مكان اإلقامة للضحية سواء بصورة دائمة
ام بصورة مؤقتة ،وبقصد استغاللها ،ويتمثل هذا النشاط بقيام الجاني توفير مكان إلقامة الضحية
بقصد االستغالل ،وقد يكون هو المستغل ،او بتوفير الماوي بقصد استغالل الضحية من االخرين ،
او مأوى مؤقت لحين نقلها الى مكان اخر بقصد استغاللها.
وااليواء قد يكون المرحلة النهائية لعملية االتجار بالبشر ،وقد يكون مؤقتا للضحية اثناء النقل او
االستقطاب ،و ال فرق ان يتم استغالل الضحية في ذات المأوى المقيمة فيه ،او ان يتم استغالله في
()100
اي مكان اخر غير المأوى.
االستقبال :جرم المشرع القطري االستقبال كصورة مستقلة ،شانه شان افعال النقل ،الن االستقبال
قد يكون نشاطا قائما بذاته ،وقد يستتبع النقل او االيواء او االستغالل ،النه عادة ما يقوم الجناة باستقبال
الضحية في بلد المقصد ويتم في معابر الحدود او في المطار ،حيث يستقبل الجاني الضحية وينهي
اجراءات الدخول ،ومن ثم يقوم بنقل الضحية ،ومن ثم ايوائها او تسليمها الى اخري لحين وصولها
الى المقرر الدائم او مكان االستغالل ،وقد يكون االستقبال داخل بيت البغاء لالستغالل الجنسي ،او
داخل المستشفى بقصد نزع االعضاء ،او داخل مصنع بقصد العمل في السخرة .
– د /عادل الماجد ،مكافحة االتجار بالبشر في االتفاقيات الدولية والقانون الوطني ،سلسلة الدراسات القانونية ،ط 1دولة االمارات ()99
العربية ،2007،ص87
– د /هاللي عبد هللا احمد ،شرح قانون العقوبات القسم العام ط ،1987 1ص44 ()100
53
وبذلك يقصد باالستقبال هنا بانه ذلك النشاط الذي يتضمن تلقي الضحية حال وصولها الى المكان الذي
تم استقطابها او نقلها اليه بقصد استغاللها على وجه من اوجه االتجار بالبشر بأساليب تتصف بالخداع
()101
او االكراه او استغالل السلطة او استغالل حالة الضعف.
تتعدد الوسائل التي يتحقق بها النشاط الجرمي في جرائم االتجار بالبشر ،بحيث ال يتصور قيام جريمة
االتجار بالبشر دونها ،وهي وسائل قسرية ،واخرى غير قسرية ونبين تلك الوسائل على النحو التالي
تشمل الوسائل القسرية االكراه والتهديد بالقوة واستعمال القوة واالختطاف واشكال القسر االخرى
االكراه ينقسم االكراه الى نوعين اكراه مادي واكراه معنوي حيث يذهب االول في انه يعدم اإلرادة
()102
بصوره مطلقه ،بينما الثاني ال يعدم اإلرادة كليا بل ينقصها او يقيد من حريتها.
االكراه المادي :هو قوه يستحيل على الشخص مقاومتها اذ هي تسيطر على حريته وتدفعه نحو التسبب
في احداث النتيجة ،فماديات الجريمة وان تبدو من حيث الظاهر انها صادره ممن اتي الفعل لكنها في
الحقيقة صادرة عن مصدر االكراه المادي فيكون هو المسؤول عن الجريمة كفاعل اصلى اما من خضع
لإلكراه فقد كان مجرد وسيله استعملت في الجريمة فهو غير مسؤول عنها.
ومثال على ذلك ان تجبر احدى النساء المتاجر بها على ممارسه البغاء بقصد استغاللها ففي هذا المثال
()103
وقعت النتيجة الجرمية بسبب من صدر عنه االكراه وليس بسبب من نسب اليه الفعل.
()101
– د /قوراري ،المرجع السابق ،ص190
– د /على عبد القادر القهوجي ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) ،مصدر سابق ،ص.702 ()102
– د /محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،1992 ،ص.211 ()103
54
التهديد بالقوة ويقصد بها ازعاج المجنى عليه او القاء الرعب في نفسه او احداث الخوف عنده من خطر
()104
يراد ايقاعه بشَخصه او بماله او بشَخص اخر على نحو يهدد نفسه وحريته.
اما موضوع التهديد الذي ينذر المهدد ايقاعه بالمهدد او بشخص اخر فهو يشمل كل انواع االعتداء على
سالمة جسم االنسان او حريته وحرمته وعرضه وشرفه كالتهديد او بتر احد االعضاء او الضرب او
االغتصاب او هتك العرض او بإسناد امور تخدش الشرف وتشمل كذلك كل نوع من انواع االعتداء
()105
على االموال ألتالفها او حرقها او االستيالء عليها.
والمقصود بالتهديد هو نفس المعنى لإلكراه المعنوي فاذا كان التهديد بالقوة هو كل عبارة من شانها
ادخال الرعب في نفس المجني عليه من خطر يراد ايقاعه بنفسه او ماله او نفسه غيره او ماله فان
االكراه المعنوي هو االخير يفيد هذا المعني كذلك نتفق مع الراي القائل بان التهديد ما هو اال اكراه
معنوي وبتعبير ادق فان التهديد ما هو اال صورة من صور االكراه المعنوي.
استعمال القوة يتحقق ركن القوة في بعض الجرائم بصور انعدام الرضا كافة لدي المجني عليه فهو
يتم بكل وسيله قسريه تقع على االشخاص تقصد تعطيل قوه المقاومة او اعدامها تسهيال الرتكاب
()106
الجريمة لذلك فان استعمال القوة ما هو اال االكراه المادي نفسه.
لذا نرى ان كل ما تقدم ذكره عن بيان مضمون االكراه المادي ينطبق هنا على وسيله استعمال القوة
اما االكراه المعنوي يقصد به ان يلجا الشخص الى ارتكاب جريمة بسبب الضغط على ارادته من
شخص اخر ،مما يجرده من حريه االختيار من دون ان يكون في وسعه دفعها.
– د /فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات (القسم الخاص) بغداد ،مطبعة الزمان.1996 ، ()105
()106
– د /محمد يحيي مطر ،الجهود الدولية ،في مكافحة االتجار بالبشر ،مصدر سابق ص 165
55
ومثال على ذلك ان تأتي امرأة الفعل المادي لجريمة البغاء بغرض استغاللها من الجاني وتحت تأثير
تشمل الوسائل غير القسرية االحتيال والخداع واساءه استعمال السلطة واستغالل حاله استضعاف
االحتيال يعرف االحتيال بانه تلك الجريمة التي تحقق من خالل توصل الجاني او شخص اخر الى
تسليم مال منقول مملوك للغير من دون وجه حق نتيجة استخدام الجاني الحدي وسائل الخداع
المنصوص عليها في القانون على سبيل الحصر والتي تسفر عن وقوع المجنى عليه في الغلط الدافع
()107
الى الت َسليم .
الخداع اكد بروتوكول السالف ذكره على هذه الوسيلة ،وكذلك اغلب التشريعات الوطنية الخاصة
بمكافحه االتجار بالبشر اذ وردت هذه الوسيلة الى جانب االحتيال وهذا امر منتقد لكون تعبير الخداع
()108
مرادفا لتعبير االحتيال لذلك كان االجدر االكتفاء بإيراد احدي الوسيلتين.
ان تعبير اساءة استعمال السلطة جاء بشكل مطلق في المواثيق الدولية اساءةَ استعمال السلطة
والتشريعات الوطنية الخاصة بمكافحه االتجار بالبشر ومن ثم يمكن القول ان السلطة يقصد بها اما
()109
السلطة الوظيفية كالموظف الذي يشغل وظيفه في ارتكاب هذه الجريمة .
وتتحقق هذه الصورة في الحاالت التي يترك فيها المشرع للموظف قدرا من الحرية في ممارسه سلطات َه
ليقَرر في حدود الصالح العام بمحض اختياره ما يراه محققا لهذه الغاية والفكرة الجوهرية في هذه
()107
– د /دهام اكرم عمر جريمة االتجار بالبشر ،ط ،1القاهرة ،دار الكتب القانونية ،2011ص103
– د /على عبد القادر القهوجي ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) بيروت منشورات الحلبي الحقوقية ،2008ص543 () 108
()109
– د /خالد مصطفي فهمي ،النظام القانوني لمكافحة االتجار بالبشر ،مصدر سابق ،ص.172
56
الصورة اذ ان الشارع حينما خَول الموظف سلطه فقد اراد بذلك ان يستعملها لتحقيق مصلحه عامه
()110
حددها فان ابتغي باستعمالها تحقيق مصلحه خاصه لنفسه او لغيره فقد اساء استعمال سلطته.
يعني ذلك االستغالل الذي يعتقد الشخص المعنى انه ليس لديه بديل معقول سوى الخضوع للعمل
المطلوب او الخدمات المطلوبة منه ،ويشمل ذلك على سبيل المثال ال الحصر استغالل حاالت
االستضعاف الناتجة عن دخول الشخص الى البلد المعنى على نحو غير قانوني او من دون وثائق
صحيحه او حالة الحمل لدي المرأة المعنية ،او اي مرض جسدي او عقلي او عجز يعانيه الشخص
المعنى بما في ذلك حالة االدمان على تعاطى اي ماده او نقصان القدرة على تكوين احكام عقليه تحكم
()111
كون الشخص طفال.
ومما سبق نستطيع تعريف حاله االستضعاف بانها استغالل الجانى ألي وضع يكون فيه الضحية ليس
لديه اي بديل سوي الخضوع او االستسالم لطلبات الجانى التي ما كان ليقبل بها لو كان بوضعه
الطبيعي ،وقد نصت المواثيق الدولية واغلب التشريعات الخاصة بمكافحه االتجار بالبشر على حالة
االستضعاف كوسيلة من وسائل ارتكاب جريمة االتجار بالبشر والتي تتمثل في التالي.
قد يأتي العمل القسري ،والمعروف ايضا باالسترقاق اإلرادي ،نتيجة استغالل ارباب العمل عديمي
الضمير لعمال اصبحوا اكثر عرضه لالستغالل ،بسبب ارتفاع معدالت البطالة او الفقر او الجريمة او
بسبب التمييز او الفساد او النزاعات السياسية او القبول الثقافي لهذه الممارسات ،ويكون المهاجرون
معرضون لالستغالل في اعمال االتجار بالبشر بشكل خاص ،ومع ذلك يحدث ايضا اجبار االشخاص
()110
– د /سالم ابراهيم بن احمد النقيي ،جرائم االتجار بالبشر واستراتيجيات مكافحتها ،مصدر سابق ،ص.69
()111
– د /دهام اكرم عمر ،جرائم االتجار بالبشر (دراسة مقارنة) مصدر سابق ،ص.106
57
على العمل قسرا في بالدهم ،وفي كثير من االحيان يجرى اخضاع االناث من ضحايا العمل القسري
()112
لالستغالل الجنسي ،وخاصه النساء والفتيات اللواتي يقدمن خدماتهم في المنازل الخاصة .
يعتبر االسترقاق المنزلي الالإرادي نمطا فريدا من العمل القسري في المنازل الخاصة ،الن هذا المكان
ال يعتبر مكانا رسميا للعمل ،فهو متصل بمكان سكن العاملين بعد اوقات الدوام وغالبا ال يشاركهم فيه
عمال اخرون ،وكثيرا ما تفرض مثل هذه البيئة عزلة اجتماعية على خدم المنازل ،وتساهم في تعرضهم
لالستغالل رغما عنهم الن السلطات ال تستطيع تفتيش االمالك الخاصة بنفس السهولة المتاحة لتفتيش
()113
االماكن العامة.
يشار الى هذا الشكل من اشكال اجبار االشخاص على العمل بعبارة " السخره" او " العبودية “ ،ويتضح
لنا ان يقع العمال في مختلف انحاء العالم ضحايا للعبودية على اساس الدين عندما يستغل المت َاجرون
تجنيد الطفل الذي يقل سنه عن ثمانية عشر عاما او نقله او تحيله او ايواؤه او استقباله لغرض االستغالل.
ويمكن ممارسة اعمال االتجار بالبشر لغرض استغاللهم في النشاط الجنسي ضمن اطار اخضاع
الضحايا لالستعباد مقابل سداد الدين ،حيث ترغم النساء والفتيات على االستمرار في ممارسة البغاء
– د /محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،1992 ،ص.254 ()112
– د /على عبد القادر القهوجي ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) بيروت منشورات الحلبي الحقوقية ،2008ص451 ()113
()114
– د /دهام اكرم عمر ،جرائم االتجار بالبشر (دراسة مقارنة) مصدر سابق ،ص.112
58
الفرع الرابع النتيجة االجرامية
النتيجة كظاهرة مادية هي التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي كاثر للسلوك اإلجرامي او هي
العدوان الذي ينال مصلحه او حقا قدر الشارع جدارته بالحماية الجنائية ،فقد تكون الجرائم مادية ويقال
عنها بانها الجرائم ذات النتيجة وقد تكون شكلية ويقال عنها جرائم السلوك او النشاط البحت ،وقد تكون
()115
من جرائم الضرر او من جرائم الخطر.
فجرائم االتجار بالبشر تفترض سلوكا اجراميا ترتب عليه اثار يتمثل فيها العدوان الفعلي الحال على
الحق الذي يحميه القانون ،فالنتيجة امر الحق على السلوك االرادي االجرامي ايجابيا كان ام سلبيا وهي
الضرر او الخطر الذي يلحق على السلوك االرادي االجرامي ايجابيا كان ام سلبيا وهي الضرر او
فيكتفي في جرائم االتجار بالبشر بتوقع النتيجة في صورة معينة كالعمل الجبري او الخدمة القسرية ثم
توجه االرادة الى تحقق النتيجة في نزع عضو من اعضاء المجني عليه ،أيا كان العضو محل
االستئصال ،على ان يتم استغالل ذلك العضو باستخدامه لغرض معين كزرعه لشخص اخر بحاجة
اليه ويستوي ان يتم االستئصال بدفع مقابل للمجني عليه او بدون مقابل(.)116
يتمثل الركن المعنوي في الجرائم العمدية بالقصد الجنائي وهو انصراف ارادة الجانى الى السلوك
واحاطه علمه بعناصر الجريمة او قبولها ،واإلرادة في القصد الجنائي يجب ان تصب على السلوك
()117
والنتيجة المعاقب عليها .
()115
– د /دهام اكرم عمر ،جرائم االتجار بالبشر (دارسة مقارنة) مرجع سابق ،ص.81
()116
– د /فتحية قوراري المواجهة الجنائية لجرائم االتجار بالبشر ،مرجع سابق ص228،229
– د /محمود نجيب حسني ،قانون العقوبات (القسم العام) ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،1989 ،ص213 ()117
59
وال يكفي توافر القصد الجنائي العام في جريمة االتجار بالبشر ،بل ينبغي له ان يقترن هذا القصد العام
الفرع الثاني القصد الجنائي الخاص الفرع االول القصد الجنائي العام
صد العام باتجاه ارادة الجانى نحو تحقيق واقعه اجراميه مع العلم بعناصرها القانونية كافة،
يت َحدد الق َ
فمجرد اتجاه اإلرادة نحو سلوك يجرمه القانون من دون سعى الى تحقيق غاية محدودة او باعث معين
يكفي لتحقيق ذلك القصد ،وعليه يتكون القصد الجنائى العام سواء في القانون الدولي او القانون الداخلي
()118
من عنصرين هما العلم واإلرادة.
ال َعلم هو الصورة الذهنية التي تتولد لدى الجانى عن عناصر الجريمة ،فيجب ان يعلم الجانى بموضوع
الحق المعتدى عليه ،فال يتوافر القصد الجرمى في جريمة االتجار بالبشر اال إذا علم مرتكبها ان فعله
وان السلوك الصادر عنه يندرج ضمن السلوك المجرم قانونا اي ان القانون يعاقب على الفعل وهو علم
()119
مفترض في حق الفاعل فال يقبل منه االعتذار بالجهل بالقانون.
كما يجب ان يعلم الجانى بخطورة السلوك االجرامى الذي يرتكبه وان من شان هذا السلوك االعتداء
على حق االنسان في الحياة او الحرية او الكرامة اوسالمه الصحة بسبب قيام الجاني بإتقان السلوك
– د /احمد فتحي سرور ،الوسيط ،في قانون العقوبات ،القسم العام ،ط ،6القاهرة ،دار النهضة العربية ،1996ص.285 ()118
– د /جمال ابراهيم الحيدري ن الوافي في شرح احكام القسم العام من قانون العقوبات ،مصدر سابق ،ص.309 ()119
60
االجرامى المتمثل بنقل المجنى عليه او تجنيده او تنقيله او استقباله او ايوائه او اي فعل من االفعال
()120
المكونة للركن المادي.
االرادة هي العنصر الثاني من عنصري القصد الجرمى وهي اتجاه ارادة الجانى ،الى احداث النتيجة
االجراميه او يعلم انها ستحدث بنا َء على سلوكه االجرامى ،ولذلك البد وان تتجه اإلرادة الى السلوك
()121
والنتيجة المترتبة عليه.
وتتمثل اإلرادة بشكل عام في نشاط نفسي يتجه الى تحقيق غرض معين عليه يجب ان تتجه ارادة الجانى
في جريمة االتجار بالبشر الى تجنيد المجنى عليه او نقله او تنقيله او استقباله او ايوائه ،بمعنى اتجاه
ويلزم ان تكون اراده المتهم واعيه ومدركه وتتوافر لديه حريه االختيار ،اما اذا كان وقت ارتكاب
الجريمة فاقد االدراك واإلرادة لجنون او عاهة في العقل او بسبب صغر السن او السكر غير االختياري
او وقوعه تحت اكراه مادى او معنوي او حاله ضرورة او اي سبب اخر يقرر العلم انه يفقد األدراك
واإلرادة ،فان ارادته يشوبها عيب من عيوب االرادة تنفى معها حريه االختيار ومن ثم تنفى عنه
()122
المسؤولية الجنائية.
يعد القصد الجنائى الخاص من حيث عناصره كالقصد الجنائى العام يقوم على العلم واالراده ،علم
بعناصر الجريمة واراده متجهه الى تحقيق هذه العناصر ،ولكنه يمتاز عنه بامتداد العلم واالراده الى
()123
واقعة التعد من عناصر الجريمة .
()120
– د /دهام اكرم عمر ،جرائم االتجار بالبشر( دارسة مقانة ) مرجع سابق ،ص.118
– د /مامون سالمة ،قانون العقوبات (القسم الخاص) مصدر سابق ص28 ()121
– د /سمير عالية ،شرح قانون العقوبات (القسم الخاص) مصدر سابق ،ص260 ()122
– د /فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي ،شرح قانون العقوبات (القسم الخاص) ،مصدر سابق ،ص320 ()123
61
فالقصد الجنائي الخاص ال يكتفي بما يتطلبه القصد الجنائي العام ،وانما يتطلب عنصرا يضاف اليهما
فالقانون يستلزم في بعض الجرائم ان يكون مرتكبها قد انصرفت نيته في ارتكاب االفعال المادية
المكونة لها الى غاية معينة او ان يكون قد دفعه اليها باعث خاص ،ففي هذا النوع من الجرائم يدخل
()124
الباعث في تحديد القصد الجرمى.
ففي جريمة االتجار بالبشر تكون غايه الجاني من القيام باألفعال المكونة للركن المادي للجريمة هو
استغالل الضحية وهذا ما اشار اليه بروتوكول منع وقمع ومعاقبه االتجار باألشخاص وخاصة النساء
واالطفال في المادة الثالثة فقرة (ا) " لغرض االستغالل ويشمل االستغالل كحد ادني ،استغالل دعارة
الغير او سائر اشكال االستغالل الجنسي ،او السخرة او الخدمة قسرا او االسترقاق او ممارسات شبيهه
وان هذه المادة لم تعرف االستغالل بل تضمنت قائمه غير حصريه لصور االستغالل وقد سار على
هذا االتجاه اغلب القوانين الخاصة بمكافحه االتجار بالبشر فنصت على اعتبار الباعث من جريمة
االتجار بالبشر هو استغالل الضحية ،كما يمكن ان يكون القصد الخاص في جريمة االتجار بالبشر هو
االستغالل او البيع.
كما يمكن ان يكون القصد الخاص في جريمة االتجار بالبشر هو االستغالل او البيع في اعمال الدعارة
او االستغالل الجنسي او السخرة او العمل القسري او االسترقاق او التسول او المتاجرة بأعضائهم
حيث يمثل القصد الخاص في الجرائم العمدية بانصراف ارادة الجاني الى السلوك واحاطة علمه
بعناصر الجريمة او قبولها ،واالرادة في القصد الجرمي يجب ان تنصب على السلوك والنتيجة المعاقب
– د /جمال ابراهيم الحيدري الوافي في شرح احكام القسم العام من قانون العقوبات ،مصدر سابق ،ص.355 ()124
62
وتبدو اهمية القصد الخاص في جريمة االتجار بالبشر في انه الزم لوجود الجريمة بالوصف المحدد
في نص القانون بحيث لو تخلف القصد الخاص يؤدى بالمقابل الى تغير الوصف القانوني للجريمة الى
()125
ما هو اشد مثل جريمة الخطف او الى ما هو أخف مثل جريمة النصب واالحتيال.
الفصل الثالث التعاون الوطني والدولي في مجال مكافحة جرائم االتجار بالبشر
تشكل جريمة االتجار بالبشر تحديا فعليا للبشرية ،وتستلزم تعاون كافة القوى الوطنية والدولية لمكافحة
هذه الظاهرة الخطيرة ،ومن ثم فان كافة المجتمعات المتحضرة والنامية تسعي من جانبها للتعاون معا
نحو مكافحة تلك الجريمة ،وتقييم مرتكبيها للعدالة ،فالتطور السريع في مجاالت تكنولوجيا المعلومات
واالنترنت واالتصاالت وغيرها من المجاالت التي يجب ان تكون دافعا لتطوير منظومة التعاون المثمر
حتى ال تكون بمثابة وسيلة لعتاه االجرام لإلفالت من العقاب ،وخاصة وان هذه الجرائم تقوم بها
()126
عصابات اجرامية منظمة تتعاون فيما بينها لنشر الجريمة بكافة صورها في دول العالم.
وسوف نتناول بعض مظاهر التعاون سواء في المجال الوطني واالقليمي بين الجهات المختصة وكذلك
في المجال الدولي لذلك سوف نقسم هذا الفصل على مبحثين وهما كالتالي
المبحث االول التعاون الوطني لمكافحة االتجار بالبشر على المستوي الدولي
واالقليمي
لقد ظهر على االفق الكثير من االتجاهات الفقهية التي تنادي بتقديم المساعدة والعون لضحايا الجرائم،
اما من خالل انشاء جمعيات اهلية تقدم المساعدات العاجلة المادية والعينية لضحايا تلك الجرائم ،او من
خالل انشاء صناديق حكومية تمول من خالل الغرامات والكفاالت والتعويضات واالعانات التي تصب
()125
– د /فتحية قوراري المواجهة الجنائية لجرائم االتجار بالبشر ،مرجع سابق ص.245
– د /جمال ابراهيم الحيدري الوافي في شرح احكام القسم العام من قانون العقوبات ،مصدر سابق ،ص.355 ()126
63
في تلك الصناديق ،ومن هنا نبين اوجه التعاون الوطني لمكافحة االتجار بالبشر على المستوي الدولي
المطلب االول اساليب المكافحة والتعاون الدولي في التشريع القطري الفرع االول
تستوجب مكافحة االتجار بالبشر تضافر جهود المجتمع الدولي ،وانطالقا من موقف دولة قطر الداعم
لمكافحة االتجار بالبشر وكافة صور االعتداء على حقوق االنسان في الداخل والخارج فقد عالج القانون
النظام القانوني للتعاون القضائي الدولي بين السلطات القطرية المختصة والسلطات االجنبية المماثلة
مع مراعاة السيادة القطرية واحكام االتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل واسس القانون الجنائي
()127
الدولي.
ونظرا لما تشكله ظاهرة تجاره الرقيق من انتهاك صارخ لحقوق االنسان وحرمانه من الحياة بكرامة
وشرف لم يكن من المستغرب ان تكون هناك جهود دوليه عديدة لمحاوله الحد من تفاقم هذه الظاهرة
وانتشارها ،كما كان للمشرع القطري موقف من هذه الجريمة ،فقد اتخذت دولة قطر عدة خطوات في
مواجهة تجارة االتجار بالبشر ،ومنها صدور قرار مجلس الوزراء رقم ( )15لسنة 2017بشان انشاء
اللجنة الوطنية لمكافحه االتجار بالبشر تنشا بوزارة التنمية االدارية والعمل والشؤون االجتماعية لجنة
()128
تسمى "اللجنة الوطنية لمكافحه االتجار بالبشر".
تهدف اللجنة الى القيام بدور المنسق الوطني لرصد ومنع ومكافحة االتجار بالبشر من خالل التنسيق
مع الجهات المعنية في هذا الشأن ،ويكون لها في سبيل ذلك القيام بما يلي
()127
– د /خالد مصطفي فهمي ،تعويض المضرورين من االعمال االرهابية ،مرجع سابق ،ص 233ومابعدها .
()128
– انظر الى قرار مجلس الوزراء رقم ( )15لسنة 2017بشأن انشاء اللجنة الوطنية لمكافحة االتجار بالبشر.
64
وضع الخطة الوطنية لمكافحه االتجار بالبشر ،واعداد البرامج واالليات المنفذة لها بالتنسيق مع الجهات
المعنية بالدولة ،واعداد قاعده بيانات تتضمن التشريعات الدولية ذات الصلة باالتجار بالبشر واساليب
مراجعة التشريعات الوطنية ذات الصلة وضمان اتساقها مع االتفاقيات والمواثيق الدولية التي تم
اعداد ونشر تقرير سنوي عن جهود الدولة في منع ورصد ومكافحة االتجار بالبشر.
دراسة التقارير الدولية واإلقليمية المتعلقة بمنع ورصد ومكافحه االتجار بالبشر ،واتخاذ الالزم بشأنها.
التنسيق مع السلطات المختصة والجهات المعنية لتامين الحماية والدعم لضحايا االتجار بالبشر بما في
نشر الوعي بالوسائل المتعلقة باالتجار بالبشر من خالل اقامه المؤتمرات والندوات واعداد النشرات
وبرامج التدريب وغيرها بما يحقق اهداف اللجنة ،وتبادل المعلومات والخبرات مع المنظمات واللجان
الوطنية العربية واالقليمية والدولية المعنية بمكافحة االتجار بالبشر وتوثيق الروابط معها.
المشاركة مع الجهات المعنية في الدولة في المؤتمرات والمنتديات الدولية المتعلقة بمكافحه االتجار
()129
بالبشر ،والقيام باي اعمال تكلف بها اللجنة في مجال مكافحة االتجار بالبشر.
وكذلك قد اشار القانون رقم ( 15لسنة )2011بشأن مكافحة االتجار بالبشر في الفصل الرابع منه على
()129
–انظر الى موقع الميزان http
//www.almeezan.qa/LawArticles.aspx?LawArticleID=73317&LawId=7186&language=ar
65
تت َعاون الجهاتَ القَضائية المخت َصة مع الجهاتَ االجنبية المماثلة لها فيما يت َعلق بمكافحه جرائ َم االتجار
بالبشر ومالحقه مرتكبيِها ،بما في ذلك تبادل المعلومات واجراء التحريات والمساعدات واالنابات
القضائية وتسليم االشياء واسترداد االموال وغير ذلك من صور التعاون القضائي ،وذلك كله في اطار
القواعد التي يقررها قانون االجراءات الجنائية المشار اليه ،واالتفاقيات الثنائية او متعددة االطراف
النافذة في الدولة او وفقا لمبدا المعاملة بالمثَل ،وذلك بما ال يتعارض مع المباد َ
ئ األساسية للنظام
القانوني في الدولة.
للجهات القضائية المختصة ان تامر بتنفيذ االحكام الجنائية النهائية الصادرة من الجهات القضائية
األجنبية المختصة بضبط او مصادره او استرداد االموال المتحصلة من جرائم االتجار بالبشر
وعائداتها ،وذلك وفق القواعد واالجراءات التي تتضمنها االتفاقيات الثنائية او متعددة االطراف النافذة
()130
في الدولة او وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
ومن اجل تفعيل تلك المنظومة ودعم استراتيجية التعاون بين الجهات االمنية ،نري انه يجب ان تتعاون
اجهزة الوزارة في تفعيل اجراءات مواجهة تلك الجرائم ،وتتمثل اوجه التعاون فيما يلي
المشاركة الفعالة في المؤتمرات الوطنية واإلقليمية والدولية ذات الصلة بهذا الموضوع ،وتدعيم اواصر
اعداد الكوادر األمنية المتخصصة في مجال مكافحه جرائم االتجار في االفراد من خالل تنظيم دورات
تدريبيه في مجال مكافحه الصور المختلفة للجريمة المنظمة ومنها جرائم االتجار في االفراد وايفاد تلك
الكوادر للحصول على دورات تدريبيه متقدمة لتنميه مهاراتها ،والتعرف على االتجاهات الدولية
–انظر الى قانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر القطري ،الفصل الرابع المواد 12 ، 11 ()130
66
وتجارب الدول الرائدة في مجال االتجار في االفراد ووضعها ضمن المناهج الدراسية بالمؤسسات
والمعاهد التعليمية.
نشر التوعية االعالمية من خالل وسائل االعالم بمخاطر تلك االنشطة االجرامية وتبصير المواطنين
بمظاهرها المختلفة.
التنسيق بين وزارة الداخلية وقوات حرس الحدود والقوات البحرية للعمل على ضبط حاالت التسلل
()131
للبالد.
بالنظر الى اوجه التعاون الدولي في مجال مكافحة جريمة االتجار بالبشر عند المشرع القطري ،نجد
انه قد اشار الى العديد من القوانين التي تتوافق مع القوانين والمنظمات الدولية والتي بدورها تساهم في
اوجه التواصل بين الحكومات والمنظمات الدولية للحد من تلك الجريمة والقضاء عليها ،حيث جاءت
نصوص القانون رقم ( 15لسنة )2011بشان مكافحة االتجار بالبشر في الفصل الرابع منه على
ضرورة التعاون القضائي بين الجهات القضائية مع الجهات االجنبية وتسهيل العمل بينهم وتنفيذ االحكام
المطلب الثاني اساليب المكافحة والتعاون الدولي على المستوي التشريعات العربية
ذهب المشرع االماراتي في القانون رقم ( )51لسنة 2006في شان مكافحه جرائم االتجار بالبشر
()131
– د /فتحية قوراري المواجهة الجنائية لجرائم االتجار بالبشر ،مرجع سابق ص.308
67
تنشا بموجب هذا القانون لجنة تسمى " اللجنة الوطنية لمكافحه االتجار بالبشر " يصدر بتشكيلها وتحديد
رئاستها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير ،وتعتبر تلك اللجنة خطوة ايجابية في إطار
الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومة لتنفيذ التزاماتها في مجال مكافحه الجريمة المنظمة عبر الوطنية
()132
وخاصه االتجار في البشر.
حيث نص المادة ( )13تختص اللجنة المنصوص عليها في المادة ( )12من هذا القانون بما يأتي
وضع استراتيجية وطنيه شامله لمكافحه االتجار بالبشر واعداد الخطط والبرامج واالليات المنفذة لها
دراسة وتحديث التشَريعات والنظم المتعلقة بمسائ َل االتجار بالبشر بما يحقق الحماية المطلوبة للضحايا
اعداد قاعده بيانات تتضمن التشريعات الدولية ذات الصلة بجريمة االتجار بالبشر واساليب االتجار
اعداد التقارير عن التدابير التي اتخذتها الدولة لمكافحه االتجار بالبشر بالتنَسيق مع الجهات المعنية
بالدولة.
دراسة الت َقارير الدولية واإلقليمية والمحلية المتعلقة بمنع االتجار بالبشر واتخاذ االجراءات والت َدابير
الالزمة بشأنها.
التنسيق مع السل َ
طات المختصة والجهات المعنية لتامين الحماية والدعم للمتضررين باالتجار بالبشر
بما في ذلك برنامج الرعاية والتأهيل لمساعدة الضحايا على االندماج المجتمعي.
–انظر الى نص المادة ( )12من القانون االتحادي االماراتي رقم ( )1لسنة 2015الخاص بمكافحة االتجار بالبشر. ()132
68
لمؤتمرات والندوات والنشرات والتدريب
نشر الوعي بالمسائ َل المتعلقة باالتجار بالبشر واقامه ا َ
بالبشر ،ونقل وجهة نظر الدولة في هذه المحافل الدولية ،ووضع االليات المناسبة للتعرف على الضحايا
في قضايا االتجار بالبشر ،والقيام بأية اعمال تكلف بها اللجنة في هذا مجال مكافحه جرائم
()133
االتجار بالبشر.
حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1584لسنة 2007بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية
لمكافحه االتجار في البشر بوزارة الخارجية برئاسة مساعد وزير الخارجية لشئون الهيئات والمنظمات
الدولية ،وتختص اللجنة بالعديد من االمور التي تهدف الى التصدي لقضية االتجار في البشر من خالل
خطة عمل قومية وصياغة رؤية مصرية موحده تعكس كافة االبعاد القانونية واألمنية والسياسية ذات
مراجعة التشريعات الوطنية ذات الصلة واقتراح كيفية تحقيق التوافق بينها ،وبين االتفاقيات الدولية
التي تصدقت عليها مصر مع دراسة اقتراح صياغة تشريع موحد لمعالجه قضية االتجار في االفراد.
اقتراح االجرا َءات الالزمة لمساعده الضحايا وحمايتهم باإلضافة إلعداد البحوث وحمالت التوعية
االسهام في اعداد برامج التدريب ،ودعم قدرات القائمين على انفاذ القانون.
()133
–انظر الى موقع http //rakpp.rak.ae/ar/Pages/default.aspx
69
اعداد قاعدة بيانات مركزيه بالتنسيق مع الجهات والهيئ َات المعينة.
تفعيل التعاون مع مكتب االمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والبرنامج العالمي لمكالحه االتجار
في البشر.
تعزيز اليات التعاون القضائي الدوري بالمسائل الجنائية عن طريق تشجيع االتفاقيات الثنائية واإلقليمية
()134
والدولية المتعددة االطراف ذات الصلة.
تتعاون الجهات القضائية والشرطة المصرية مع الجهات األجنبية المماثلة لها فيما يتعلق بمكافحه
ومالحقه جرائم االتجار بالبشر ،بما في ذلك تبادل المعلومات واجراء التحريات والمساعدات واالنابات
القضائية وتسليم المجرمين واالشياء واسترداد االموال ونقل المحكوم عليهم وغير ذلك من صور
التعاون القضائي والشرطي ،وذلك كله في إطار القواعد التي تقررها االتفاقيات الثنائية او متعددة
االطراف النافذة في جمهوريه مصر العربية ،او وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
يكون للجهات القضائية المصرية واألجنبية ان تطلب اتخاذ االجراءات القانونية الالزمة لتعقب او ضبط
او تجميد االموال موضوع جرائم االتجار او عائداتها او الحجز عليها ،مع عدم االخالل بحقوق الغير
حسنى النية.
للجهات القضائية المصرية المختصة ان تامر بتنفيذ االحكام الجنائية النهائية الصادرة من الجهات
القضائية األجنبية المختصة بضبط او تجميد او مصادره او استرداد االموال المتحصلة من جرائم
– د /عبد الهادي هاشم محمد ،االتجار بالبشر بين الفقه االسالمي والقانون الوضعي ،دار الفكر الجامعي ،االسكندرية،2015 ، ()134
ص.339
70
االتجار بالبشر وعائداتها ،وذلك وفق القواعد واالجراءات التي تتضمنها االتفاقيات الثنائية او متعددة
()135
االطراف النافذة في جمهوريه مصر العربية ،او وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
يعد التعاون الدولي القائم بين الدول االساس التعاهدي الذي بموجبه تلتزم الدولة الطرف تجاه مثيالتها
لذلك تحرص هذه االخيرة على ان يكون هذا التعاون قائم على المبادئ األساسية المعترف بها دوليا،
وثمة مبدا أساسي يقوم عليه التعاون الدولي في مجال تصدى لجريمة االتجار بالبشر ،اال وهو ضرورة
ان يكون هذا التعاون متسقا مع احترام حقوق االنسان وحمايه الحريات األساسية للفرد ،ومالم تتوافر
هذه الضمانات األساسية ،فان التدابير التي تتخذ قد تتعرض لالنتقاد وقد تعجز عن اكتساب المشروعية
()136
وهو امر قد تسرع المنظمات اإلجرامية عبر الوطنية الى استغالله.
ولمعرفه أبرز اوجه التعاون الدولي في مكافحه االتجار بالبشر نقسم هذا المبحث على مطلبين
تتطلب مكافحه المنظمات اإلجرامية الضالعة في االتجار بالبشر اتباع سبل تعاونيه مرنه مشتركه بين
هيئات عدة واسعه النطاق على المستويين الدولي والوطني على حد سواء ،ومن هنا نسلط الضوء على
مكافحه االتجار بالبشر على المستوى الدولي وذلك على النحو التالي
نوضح في هذا المطلب اهم الصكوك الدولية الخاصة والدولية واالقليمية التي تجرم االتجار بالبشر
()135
– د /عبد الهادي هاشم محمد ،مرجع سابق ،دار الفكر الجامعي ،االسكندرية ، 2015 ،ص.340 ، 339
– د /عبد هللا على عبو سلطان ،دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق االنسان ،مصدر سابق ،ص81 ()136
71
اوال الصكوك الدولية الخاصة باالتجار بالبشر
ذهب مؤتمر بروكسل المنعقد عام 1890الى وقف تجارة الرقيق حيث كانت السفن األوربية تجوب
دول العالم لخَطف االشخاص وبيعهم في االسواق األوربية مما دفع بعض الدول األوربية الى عقد
اتفاقية (سان جرمان" عام )1919والتي حددت االساس القانوني للصكين الموقعين في كل من برلين
وبروكسل فقد اكدت عزمها على ضمان القضاء الكامل على الرق بصوره جميعها وعلى االتجار
مختلف انحاء العالم للرغبات التي أعلن عنها موقعوا اتفاقية سان جرمان بصدد تجاره الرقيق
واالسترقاق واعترافا بان من الضروري ان يتفق طلبا لهذه الغاية ،على ترتيبات اكثر تفصيال من تلك
التي اشتملت عليها تلك الصكوك ،حيث عقدت اتفاقية منع تجارة الرق في جنيف في يوم 1926/9/25
والتي الزمت كل الدول االطراف فيها على منع تجارة الرقيق ،فقد نصت المادة الثانيه منه على ان "
يت َعهد االطراف السامون المتعاقدون كل منهم في ما يخص االقاليم الموضوعة تحت سيادتها او
االطراف السامون المتعاقدون ،كل منهم في مايخص االقليم الموضوعه تحت سيادتهم او االطراف
السامون المتعاقدون ،كل منهم في ما يخص االقليم الموضوعه تحت سيادتهم او واليتهم او حمايتهم
او سلطانهم او وصايتهم ،وبقدر كونه لم يتخذ بعض التدابير الضرورية لذلك والتي منها
منع االتجار بالرقيق والمعاقبه عليه ( ،ب) العمل تدريجيا وبالسرعه الممكنه على القضاء كليا على
– سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة القانون الدولي الجنائي (جرائم االبادة الجماعية وجرائم ضد االنسانية ) ط 1عمان دار الثقافة ()137
72
كما ابرمت صكوك دوليه عده متعلقه بمحاربه االتجار بالنساء واالطفال بتاريخ 1949/12/2والتي
فنجد ان هذه اإلتفاقية قد وحدت اربعه صكوك دوليه في هذا الشان كانت قد اعدت في وقت سابقا تحت
()138
اشراف عصبة االمم .
وكذلك قد اقرت هيئه االمم المتحدة بتاريخ 1956/9/7اتفاقية جديده تؤكد االلتزام باإلتفاقية السابقه
في تحريم الرق وتجاره الرقيق ،وهذه اإلتفاقية هي " اإلتفاقية التكميليه البطال الرق وتجاره الرقيق
واالعراف والممارسات الشبيهه بالرق والتي نصت في المادة االولي على ان " تتخذ كل من الدول
االطراف في هذه اإلتفاقية جميع التدابير التشريعيه وغير التشريعيه القابلة للتنفيذ العملى والضروريه
للوصول تدريجيا وبالسرعه الممكنه الى ابطال االعراف والممارسات التالية او هجرها ".........
ومن هنا نجدان القانون الدولي وضع قواعد الزام الدول الموقعه على اتفاقيات منع تجاره الرق جميعها
بمنع الرق ومعاقبه االشخاص الذين يتاجرون فيه والعمل بشكل تدريجى على القضاء على نحو نهائى
على صور الرق جميعها ،ونتيجة لذلك اصبح من المبادئ الراسخه في القانون الدولي ان حظر الرق
()139
والممارسات المتصله به قد بلغ مستوى القانون الدولي العرفى واكتسب مراكز القاعدة القطعيه .
فقد برزت حاجات المجتمع الدولي الى اتباع نهجا عالميا يكون الغرض منه تعزيز التعاون على منع
الجريمة المنظمة عبر الوطنيه ومكافحتها ،فقد تم ابرام اتفاقيه االمم المتحده لمكافحه الجريمة المنظمة
()138
– تتمثل االتفاقيات الموحدة بما يلى " االتفاق الدولي المعقود في 1904حول تحريم االتجار بالرقيق االبيض والمعدل بالبروتوكول
الذي اقرته الجمعية العامة لالمم المتحدة في ، 1948وكذلك اإلتفاقية الدولية المعقودة في 1910حول تحريم االتجار بالرقيق االبيض
والمعدل بالبروتوكول المذكور انفا ،واإلتفاقية الدولية المعقودة في 1921حول تحريم االتجار بالنساء واالطفال والمعدلة بالبروتوكول الذي
اقرته الجمعية لالمم المتحدة .
()139
– سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة المنظمات الدولية لالمم المتحدة ج ( 3االنجازات واالتفاقيات) ط 1عمان دار الحامد للتوزيع
، 2011ص158
73
عبر الوطنيه لسنة 2000والتي لحق بها بروتوكول منع وقمع االتجار بألشخاص وخاصا النساء
بما ان الحق هو المصلحة المشروعة التي يحميها القانون فان وجود القانون وتنظيمه للحقوق يعد
الر َكيزة االساسيه لحمايه حقوق االنسان ،فقد جاء االعالن العالمى لحقوق االنسان الذي اصدرته
الجمعيه العامه لالمم المتحده في العاشر من كانون االول لعام 1948والذي يؤكد فيه على ضرورة
التزام الدول االعضاء باحترام حقوق االنسان ،ومنذ ذلك التاريخ الذي صدر فيه هذا االعالن فان فكرة
()140
حقوق االنسان ارتفعت قيمتها الى المستوى الدولي الواقعى .
وقد نص العهد العالمي لحقوق االنسان في المادة الرابعة على انه " اليجوز استرقاق احد او استعباده
فيما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيه والسياسيه الذي اصدرته الجمعيه العامه لالمم المتحده
فقد تنطوي جريمة االتجار بالبشر في اغلب الحاالت على انتهاك الحقوق في عدم التعرض لمعامله
قاسيه او ال انسانيه الذي كفلتها المادة السابعه من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيه والسياسيه والتي
– عروبة جبار الخزرجي ،القانون الدولي لحقوق االنسان ،ط ، 1عمان دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 2010 ،ص11 ()140
74
نصت على ان " اليجوز اخضاع احد للتعذيب وال المعامله او العقوبه القاسيه او الالانسانيه او الحاطه
بالكرامه وعلى وجه الخصوص ،ال يجوز اجراء ايه تجربه طبيه او عمليه دون رضاه الحر"
وكذلك مانصت عليه المادة الخامسة من االعالن العالمي لحقوق االنسان " اليعرض اي انسان للتعذيب
()141
وال للعقوبات ،او المعامالت القاسية ،او الوحشية او الحاطه بالكرامه "
وكذلك نصت اإلتفاقية االوربيه لحمايه حقوق االنسان والحريات االساسية الموقعة في روما سنه
1950على انه
فقد نصت المبادئ التوجيهية الموصى بها فيما يتعلق بحقوق االنسان واالتجار بالبشر الصادره عن
" تشكل انتهاكات حقوق االنسان في الوقت ذاته سببا من اسباب االتجار بالبشر واحدى نتائجه وعليه
فانه من االساس جعل حمايه حقوق االنسان كافه محور جميع التدابير الراميه الى منع هذا االتجار
والقضاء عليه والينبغي ان تؤثر تدابير مكافحه االتجار تاثيرا سلبيا في حقوق االنسان وكرامه
االشخاص وبخاصة حقوق اولئك الذين تم االتجار بهم والمهاجرين والمشردين داخليا والالجئين
– انظر نص المادة الثانية عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . ()141
– انظر نص المادة الثامنة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اصدرته الجمعية العامة لالمم المتحدة في ()142
. 1966
75
البروتوكوالت الدولية واالقليمية لحقوق االنسان الفرع الثاني
لما كان الحق هو مصلحه مشروعه يحميها القانون فان وجود القانون وتنظيمه للحقوق يعد الركيزه
االساسية لحمايه حقوق االنسان ،وقد جاء االعالن العالمى لحقوق االنسان الذى اصدرته الجمعيه
العامه لالمم المتحده في العاشر من كانون االول عام 1948ليؤكد ضروره التزام الدول االعضاء
باحترام حقوق االنسان ومنذ التاريخ الذي صدر فيه هذا االعالن فان فكره حقوق االنسان ارتفعت
()143
قيمتها الى المستوي الدولي الواقعى .
وقد نص االعالن العالمي لحقوق االنسان في المادة الرابعه على انه " اليجوز استرقاق احد او استعباده
كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية الذي اصدرته الجمعية العامة لالمم المتحدة
اليجوز استرقاق احد ،ويحظر الرق واالتجار بالرقيق بجميع صورهما .
وكثيرا ما تصحب عمليه االتجار بالبشر حاالت عديده من انتهاك اخرى لحقوق االنسان فعلي سبيل
المثال ان عمليه االتجار بالبشر التقليديه تقوم على خطف او اغواء او تقديم وعود كاذبه تنطوى على
انتهاك لحق الفرد في الحريه وفي االمن على شخصه على نحو يعد انتهاك للماده التاسعه من العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنيه والسياسيه ،والتى نصت علي انه " لكل فرد حق فى الحريه االمان
– د /هادي نعيم المالكي ،المدخل لدراسة القانون الدولي لحقوق االنسان ،مصدر سابق ص10 ()143
76
على شخصه وال يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفا واليجوز حرمان احد من حريته اال السباب ينص
()144
عليها القانون وطبقا لالجراء المقرر فيه ".
وكذلك مانصت عليه الماده الخامسه من االعالن العالمى لحقوق االنسان " اليعرض اي انسان للتعذيب
وال للعقوبات او المعامالت القاسيه ،او الوحشيه او الحاطه بالكرامه " ويعانى ضحايا االتجار بالبشر
من الحرمان من حقهم في حريه الحركه وحريه اختيار مكان اقامتهم الحق الذى نصت عليه الماده
وتكاد تكون قائمه الظروف المشدده وانتهاكات الحقوق االساسيه المصاحبه لالتجار بالبشر انتهاكات
قائمه التنتهى وتشمل في اشد الحاالت قسوة حرمان االفراد من هويتهم " باعطائهم اسما جديدا كثيرا
ما يكون مرتبطا بدين مختلف او هيويه عرقيه مختلفه " والزامهم بالحديث بلغه جديده واكراههم على
تغيير دينهم او اخضاعهم للقسر على نحو يشكل انتهاكا للمداة ( )18من العهد الدولي الخاص بالحقوق
()145
المدنيه والسياسيه .
اما مواثيق حقوق االنسان االقليميه فقد نصت على حظر العبوديه والعمل القسرى واالتجار بالبشر ،
فنصت اإلتفاقية االوربيه لحمايه حقوق االنسان والحريات االساسيه الموقعه في روما /4تشرين الثاني
1950/على انه
اليجوز استرقاق احد او استعباده .اليجوز ارغام احد على القيام بعمل جبرى او قسرى.
هناك الكثير من الصكوك الدوليه اضافه الى الصكوك الخاصه باالتجار بالبشر والصكوك الخاصه
بحقوق ا ِالنسان قد نصت على حظر االتجار وهذه الصكوك شَكلت قاعدة قانونيه اليستهان بها في مجال
– د /عروبة جبار الخزرجي ،القانون الدولي لحقوق االنسان ،ط 1عمان ،دار الثقافة والتوزيع ، 2010ص11 ()144
– انظر نص المادة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . ()145
77
تجريم االتجار بالبشر بوصفها جريمة ضد االنسانيه ومنها اتفاقيه القضاء على جميع اشكال التمييز
()146
ضد المراة لعام . 1979
والتي نصت في المادة ( )6منها على انه " تتخذ الدول االطراف جميع التدابير المناسبه بمافى ذلك
التشريعى منها لمكافحه جميع اشكال االتجار بالمراة َ واستغالل بغا َء المراة َ"
كما نصت اتفاقيه االمم المتحده لقانون البحار لعام ،)147(1982في الماده ( )99منها على انه " تتخذ
الدولة تدابير فعاله لمنع ومعاقبه نقل الرقَيق بالسفن الماذون لها برفع علمها ولمنع االستخدام غير
المشروع لعلمها في هذا الغرض ،واي عبد يلجا على ظهر ايه سفينه ايه كان علمها يصبح حرا بحكم
الواقَع".
كذلك الزمت اتفاقية حقَوق الطفل لعام 1989الدول االطراف بموجب الماده ( )19منها بان " تت َخذ
الدول االطراف جميع الت َدابير التشريعيه واالداريه واالجتماعيه والتعليميه المالئمه لحمايه الطفل من
كافه اشكال العنف او الضرر او االساءه البدنيه او العقليه او االهَمال او المعامله المنطويه على االهمال
ونص البروتوكول االختيارى التفاقيه حقوقا لطفل بشان بيع ا ِالطفال واستغاللهم في البغا َء وفي المواد
َ
االباحيه في المادة ( )1منه على ان " تحظر الدول االطراف بيع االطفال واستغالل االطفال في البغا َء
واما اتفاقيات القانون الجنائ َى الدولي فلم تخل ايه وثيقه قانونيه تعرف الجرائ َم ضد االنسانيه من ذكر
()148
جريمة االسترقاق "
()146
– اعتمدت اإلتفاقية اعاله وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لالمم المتحدة 34/180المؤرخ في 18
كانون االول ، 1979ودخلت حيز النفاذ في /3ايلول .1981
()147
– اعتمدت اإلتفاقية اعاله وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لالمم المتحدة رقم 3067في
، 1982/12/10ودخلت حيز النفاذ في . 1994/11/16
– د/صفوان مقصود خليل ،الجرائم ضد االنسانية واالبادة الجماعية وطرق مكافحتها ،مصدر سابق ص.97 ()148
78
وقد بين نظام روما االساسي في المادة السابعه فقره ( )1منه المقَصود بالجرائ َم َ
ضد االنسانيه حيث
جا َء فيها " لغرض هذا النظام االساسى يشَكل اي فعل من االفعال التاليه جريمة ضد االنسانيه متى
ارتكبت في اطار ه َجوم واسع النطاق او منهجى موجه ضد ايه مجموعه من السكان المدنيين وعن علم
بالهجوم ،وكذلك االسترقاق االغتصاب او االسعباد او االكراه على البغا َء او العمل القسرى او التعَقيم
القسرى او اي شَكل اخر من اشكال العنف الجنسى على مثل هذه الدرجة من الخَطورة "
بما ان االتجار بالبشر كثيرا ما ينطوى على بعد عابر للحدود الوطنيه فان التصدى له بفاعليه يقتضى
وبغيه تعزيز كفاءة َ عمل اليات التعاون الدولي ينبغى للدول ان تر َكز في اقرار سريان الواليه القضائيه
كاالتي
تقتضى اتفاقيه االمم المتحده لمكافحه الجريمة المنظمة من الدول االطراف ان تعنى بتاكيد سريان
واليتها القضائيه بشان التحقيق في جميع االفعال المجرمه بمقتضى اإلتفاقية وبروت ِوكول االتجار
بألشخاص ومالحقت َها قضائيا والمعاقبه عليها ومن الواضح جدا انَه البد اوال من تاكيد سريان الواليه
– اعتمدت المبادئ اعاله بموجب تقرير مفوضية االمم المتحدة لحقوق االنسان المرفوع الى المجلس االقتصادي واالجتماعي في ()149
/20حزيران. 2002/
79
القضائيه على االفعال االجراميه المرتكبه جميعها ضمن نطاق الواليه القضائيه االقليميه للبلد المعنى
()150
صاص االقليمى".
،بما في ذلك مراكبه البحريه وطائراته وهذا مايسمى " بمبدا االخت َ
ولمواجه هذه االنواع من الجرائ َم فقد شَجعت اتفاقيه االمم المتحده لمكافحه الجريمة المنظمة الدول
االطراف على تاكيد سريان الواليه القضائيه على اساس َخارج النطاق االقليمى والواليه خارج االقليمى
ممارسه الواليه القضائيه خارج النطاق االقليمى بحيث تشَمل القضايا التى يكون فيها رعايا دوله ما ،
ولمبدا االختصاص الشخصى وجهان ،وجه ايجابى وو َجه سلبى ويعنى الوجه االيجابى تطبيق النص
الجنائى على كل من ي َحمل جنسيه الدولة حتى لو ارتكب المواطن الجريمة خارج اقليم الدولة ،اما
الوجه السلبى فيعنى تطبيق النص الجنائى على جريمة يكون المجنى عليه فيها منتميا لجنسيه الدولة
()152
ولو كان مرتكبها اجنبيا وارتكبها خارج اقليم الدولة .
وقت نصت اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة على هذا المبدا اذا اجازت لكل دولة طرف
اقليمها ،واذا ما كانت اغلب التشريعات الوطنيه تحظر تسليم رعاياها او االجنبي الموجود في اقليمها
فانه يجب عند ذلك تاكيد سريان الواليه القضائيه على االفعال االجراميه التى يرت َكبها اولئ َك فى اي
()150
– نصت اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية على هذا المبدا في المادة 15فقرة ( )1تعتمد كل دولة طرف
ماقد يلزم من تدابير لتاكيد سريان واليتها القضائية على االفعال المجرمة بمقتضي المواد 8،6 ،5،23من هذه اإلتفاقية في الحاالت التالية
عندما يرتكب الجرم على متن سفينة ترفع علم تلك الدولة الطرف او طائرة مسجلة بموجب قوانين تلك الدولة وقت ارتكاب الجرم" أ-
– د/محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،مصدر سابق ،ص.148 ()151
– د/محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،مصدر سابق ،ص.149 ()152
80
مكان في العالم وهذا ما نصت عليه الماده ( )3،4/15من اتفاقيه االمم المتحده لمكافحه الجريمة المنظمة
()153
.
مرتكبى الجرائم الخطيره بغض النظر عن المكان الذى ارتكبت فيه الجريمة وبغض النظر عن جنسيه
مرتكبها او ض َحاياها ،حيث يعد مبدا االختصاص العالمى بمثابه اختصاص مكمل لالختصاص
االقليمى شانه شان االختصاص الشخصى ،اال ان عله العقاب وفقا لالختصاص الشخصى تستند الى
فكره السياده المطلقه للدوله وانها تلحق رعاياها اينما وجدوا ،في حين ان العقاب وفقا لالختصاص
العالمى فهو مقرر لمصلحه الدولة التي تقضى على المجرم استنادا الى فكره التعاون بين الدول لمكافحه
هذه الجرائم وحمايه المصالح المشتركه بين الدول ،فالدولة التى تعاقب على هذه الجرائم والتى تمارس
اختصاصها العالمى ال تستند الى حقها في السياده المطلقه لكنها تمارس هذا االختصاص بقصد حمايه
()154
مصلحه البشريه جمعاء .
الجريمة والمجرمين وحمايه المجتمعات من المخلين بامنها واستقرارها وحتي اليبقى اولئ َك العابثين
بمناي عن العقاب ،وهذا النوع من التعاون الدولي هو نتيجه طبيعيه للتطورات التي حدثت في المجاالت
()153
– راجع نص المادة 15فقرة 4، 3 ،2من اتفاقية االمم لمكافحة الجريمة المنظمة.
– د/عمر الفاروق الحسني ،المشكالت الهامة في الجرائم المتصلة بالحاسب االلي وابعادها الدولية ،القاهرة ،بدون دار نشر، ()154
، 1995ص138
– د /هشام عبد العزيز مبارك ،تسليم المجرمين بين الواقع والقانون ،ط ، 1القاهرة ،دار النهضة العربية ، 2006 ،ص24-23 ()155
81
وللتعرف على نظام تسليم المجرمين البد لنا من التطرق اوال الى ماهيه نظام ت َسليم المجرمين ومصادر
الت َسليم ومن ثم شروط التسليم واخيرا مظاهر التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين .
وهو يعنى تسليم دوله ما ( الدولة المطلوب منها التسليم ) شخصا موجودا في اقليمها الى دوله اخرى (
الدولة طالبه التسليم ) بناءا على طلبها لغرض محاكمتهَ عن جريمة نسب اليه ارتكابها او لتنفيذ حكم
()156
ضده من محاكمها .
صادر َ
بمعنى اخر تسليم دوله لدوله اخرى شخصا منسوبا اليه اقتراف جريمة ما او صدر ضده حكما بالعقاب
لتتولى محاكمتهَ او تنفيذ العقاب عليه ،والواضح مما سبق ان فكره التسليم تقوم من جهه على وجود
عالقه بين دولتِين ،االولى تطالب بان يسلم اليها مرتكب الجريمة للَتتخذ بحقهَ االجراءات الالزمه
اليقاع العقوبه الالزمه عليه والثانيه يوجه اليها طلب التسليم لتقرر بعد ذلك اما االستجابه له اذا كان
متوافقا مع تشَريع نافذ المفعول فيها او اتفاق يربط بينها وبين الدولة الطالبه ،واما الرفض لعدم وجود
لم تظهر ايهَ احكام او معاهدات دوليه بشان تسليم المجرمين وكان تسليم المجرمين الى حد
لمده طويله َ
كبير يعد من المسائ َل التى يحكمها مبدا المعامله بالمثَل او حسن المعامله بين الدول وكان الراي السائ َد
عموما في ظل غياب معاهده دوليه ملزمه قائمه هو انه ال وجود اللَتزام دولى بتسليم المجرمين ومع
()156
– د /سراج محمد الروبي ،االنتربول ومالحقة المجرمين ،ط ، 1القاهرة ،الدار المصرية اللبنانية ،1998 ،ص.40
82
ذلك كان يوجد اتجاها ينادى بضروره االعتراف بوجوب تسليم المجرم او محاكمته وخصوصا في
()157
جرائم دوليه معينه .
اما فيما يتعلق في التعَاون الدولي في مجال تسليم المجرمين في جريمة االتجار بالبشر فقد الزمت اتفاقيه
االمم المتحده لمكافحه الجريمة المنظمة عبر الوطنيه لعام 2000الدول االطراف بان تكون جريمة
االتجار بالبشر خاضعه لتسليم المجرمين في اي معاهده لتسليم المجرمين ساريه حاليا ،وان تتعهد
الدول االطراف في اإلتفاقية بادراج جريمة االتجار بالبشر في كل معاهده لتسليم المجرمين تبرم فيما
()158
بعد .
وقَد شجعت اإلتفاقية الدول االطراف التى تطلب وجود اساس تعاهدى لتسِليم المجرمين على الرجوع
تسليم المجرمين مشوطا بوجود معاهده طلب تسليم من دوله طرف اخرى الترتبط معها بمعاهده لتسليم
المجرمين جاز لها ان تعتبر هذه اإلتفاقية االساس القانونى للتسليم فيما يتعلق باي جرم تنطبق عليه
بالبشر بوصفه من االفعال االجراميه التى تستوجب تسليم مرتكبيها فيما بعد .
()157
M. cherif bassiouni the need for in ternational accountability internation al criminal law vole fff3 –
1999.p3
()158
– نصت المادة ( 16ف )3من اتفاقي ة االمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية على انه " يعتبر كل جرم من الجرائم التي
تنظبق عليها هذه المادة مدرجا في عدد الجرائم الخاضعة للتسليم في اية معاهدة لتسليم المجرمين سارية بين الدول االط ارف وتتعهد الدول
االطراف بادراج تلك الجرائم في عداد الجرائم الخاضعة للتسليم في اية معاهدة لتسليم المجرمين تبرم بينها"
83
الفرع الثالث تبادل المساعدة القانونية
ان جريمة االتجار بالبشر جريمة تقَع في كثير من االحيان عبر الحدود بين الدول ،فالبد من القيام
بالخطوات الضرورية لضمان توافر االمكانيات التي تتيح لها ان تتعاون معا وان تقدم كل منها
المساعدة الى األخري ،الن بلدان المنشأ والعبور والمقصد اذ تتبادل المساعدة القانونية فيما بينها ،
تتمكن من اتخاذ اجراءات عمل لضمان الق ِيام بالت َحديات والت َحقيقات بشان المتاجرين بالبشر
ومالحقتهم قضائيا وكذلك حمايه الضحايا وتقديم المساعده اليهم ومن ثم مكافحه هذا االتجار.
ذلك ان الحراك الدولي الذى يتسم به الجناة واستعمالهم التكنولوجيات المتقدمة هما عامالن من ضمن
عوامل اخرى تجعل من الضروري اكثر من اي وقت مضى ان تعمد سلطات انفاذ القوانين والسلطات
القضائيه الى التعاون في العمل وتقديم المساعده لصالح الدولة التي تضطلع بالواليه القضائيه بشان
سن قوانين تجيز لها توفير ما ِيلزم لذلك التعاون الدولي ،
وب ِغيه تحقيق هذا ،عمد عدد من الدول الى َ
واخذت تلجا بقدر متزايد الى ابرام معاهدات بشان تبادل المساعده القانونيه في المسائ َل الجنائيه ،ومنها
ما نصت عليه المادة 1/18من اإلتفاقية على الزام الدول االطراف بان تقدم لبعضها البعض اكبر قدر
من المساعده القانونيه المتبادله في التحقيقات والمالحقات واالجراءات القضائيه فيما يتصل بالجرائ َم
رفض تبادل المساعده القانونيه بموجب شروط معينه حسب نص الماده ، 21/18بيد انها توضح في
84
وان الدول مطالبه بتقديم اسباب الي رفض لتقديم المساعده حسب نص الماده ، 23/18ومن ناحيه
اخرى فقد نصت الماده 24/18على انه يجب على الدول تنفيذ طلبات المساعده على وجه السرعه
وعليها ان تراعى مايمكن ان يكون محددا من مواعيد نهائيه تحرص عليها السلطات في الدولة الطالبه
للمساعده ،وقد عمدت دول كثيره الى تطوير قدرات اليات االتصال لدعم التعاون القضائى وخصوصا
فيما يتعلق بمختلف اشكال الجرائ َم المنظمة العابره للحدود الوطنيه فقد بادر االتحاد االوربى في عام
، 2002الى انشاء شبكه اتصال من المدعيِن العاميِن الجل االنضمام الى الشبكه بغيه التصدى بمزيد
من الكفاءه للجريمة المنظمة ،وهذه الشبكه تحسن التعاون بين السلطات المختصه في الدول االعضاء
()159
وخصوصا بتس ِيير تنفيذ طلبات المساعده القانونيه المتبادله على الصعيد الدولي .
– يورو جست ،وحدة التعاون االوربي القضائي في االتحاد االوربي ،متاح على الموقع االلكتروني http ، ()159
//www.eurojust.eu.int
85
الفصل الرابع السياسة االجرائية والجزائية لجرائم االتجار بالبشر والحماية القانونية
لضحاياها
اوضحنا مدى اهتمام المنظمات الدولية واالقليمية اعتماد االتفاقيات والمواثيق والبروتوكوالت التي
رصدت في توجيه التشريعات الوطنية الى اصدار القوانين واالجراءات والتدابير التي تكفل مواجهة
فعالة لجرائم االتجار بالبشر ،واوضحنا اتجاها فعاال للتشريعات الوطنية الى اصدار القوانين
واالجراءات والتدابير التي تكفل مواجهة فعالة لجرائم االتجار بالبشر ،ومن خالل هذه الدارسة تم ابراز
نطاق السياسة التجريمية في التشريعات المقارنة من حيث نوع وطبيعة االفعال المجرمة ونبين ذلك
المبحث االول السياسة العقابية في مجال العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر
تعَد العقوبه هي عنوان المنهج العقابى الذى ياخذ به المشرع الجنائى للتعامل مع الظاهره االجراميه ،
ويتمثل المنهج العقابى الذى اخذت به التشريعات العربيه واالجنبيه في مكافحه جرائ َم االتجار بالبشر
فى فرض عقوبات رادعه على الجناه في هذه الجرائ َم لذلك نتناول في هذا المبحث السياسه العقابيه
لجرائ َم االتجار بالبشر على المستوى الوطنى واالقليمى وذلك في المطلب االول ،فيما نتناول في
المطلب الثاني السياسة العقابية على المستوي الدولي وذلك على النحو التالي
المطلب االول السياسة العقابية لجرائم االتجار بالبشر على المستوي الوطني
واالقليمي .
نالحظ تباين المناهج التشريعية في تحديد العقوبة المقررة لجرائم االتجار بالبشر ،جانب منها يجعل
العقوبة المقررة من صنف الجنايات وتشريعات اخري يجعلها من الجنح المشددة ونجد ان اغلبية
86
التشريعات العربية تبنت منهجا مشددا في مواجهة هذا النوع من الجرائم ونبين ذلك بشيئا من التفصيل
تجريم الفعل يفترض اقترانه بعقوبه او تدابير احترازية بمعني اخر ان القانون يقرر للفعل جزاءا
ان ِ
()160
جنائيا وعليه فال قيمة لتجريم الفعل مالم يكن مشفوعا بانذار الفاعل بالعقاب .
حيث ذهب القانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر القطري بتشريع العقوبات
حيث اكدت نص المادة( )14على ان " ي َعاقب بالحبس مده ال تجاوز سبع سنوات وبالغرامه التى ال
تزيد على ( )250,000مائتين وخمسين الف لاير ،كل من ارتكب احدى جرائ َم االتجار بالبشر
وكذلك نصت المادة ()15على ان يعاقب بالحبس مدة ال تجاوز خمس عشره سنه وبالغرامه التي ال
تزيد على ( )300,000ثالثمائه الف لاير ،كل من ارتكب جريمة االتجار بالبشر في اي من الحاالت
االتية
اذا كان المجنى عليه انثى او طفال او من عديمى االهليه او من ذوى االعاقه.
اذا كان الجانى زوجا للمجنى عليه او احد اصوله او فروعه او ممن له الواليه او الوصايه او السلطه
عليه.
– د /مامون محمد سالمة قانون العقوبات القسم الخاص ،ج 1بدون مكان نشر ،دار الفكر العربي سنة 1988ص.53 ()160
87
اذا ارتكب الفعل عن طريق التهديد بالقتل او االيذاء الجسيم او التعذيب البدنى او النفسى او بواسطه
اذا كان الجانى موظفا عاما او مكلفا بخدمه عامه ،وارتكب جريمته باستغالل هذه الصفه.
اذا ارتكبت الجريمة بواسطه جماعه اجراميه منظمه ،وكان المتهم احد اعضائها.
()161
اذا كانت الجريمة ذات طابع عبر وطنى.
وذهبت نص المادة ( ) 16الى ان يَعاقب بالحبس مده ال تجاوز خمس سنوات وبالغرامه التي ال تزيد
على ( )200,000مائتى الف لاير ،كل من استعمل القوة او التهديد او عرض عطيه او مزيه من اي
نوع او وعد بشي َء من ذلك لحمل شخص اخر على ا ِالدالء بشهادة زور او كتمان امر من االمور او
االدالء باقوال او معلومات غير صحيحه في اي ِ مرحله من مراحل جمع االستدالالت او التحقيق او
ونصت المادة ( )17على ان " ي َعاقب بالحبس مده ال تجاوز ثالث سنوات وبالغرامه التي ال تزيد
على ( )200,000مائتى الف لاير ،كل من شرع في ارتكاب اي من جرائ َم االتجار بالبشر المنصوص
على ( )150,000مائه وخمسين الف لاير ،كل من اخفى احد الجناه او االشياء او االموال المتحصله
من اي من الجرائ َم المنصوص عليها في هذا القانون او اخفى ايا من معالم الجريمة او ادواتها مع علمه
بذلك".
– انظر نص المادة 15/14من القانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر القطري. ()161
http //www.almeezan.qa/LawPage.aspx?language=ar&id=2512
88
ويجوز للمحكمه االعفاء من العقوبه اذا كان من اخفى احد الجناه زوجا له او احد اصوله او فروعه
ونصت المادة () 19على ان" يِعاقب بالَحبس مده ال تجاوز ثالث سنوات وبالغرامه التي ِ ال تزيد على
( )150,000مائه وخمسين الف لاير ،كل من ثبَت علمه بارتكاب اي من الجرائ َم المنصوص عليها
في هذا القانون او بالشروع فيها ولم يبلغ الجهات المختصه بذلك ،وتكون العقوبه الحبس مده ال تجاوز
خمس سنوات وبالغرامه التي ال تزيد على ( )200,000مائتى الف لاير ،اذا كان الجانى موظفا عاما
او مكلفا بخدمه عامه ووقعت الجريمة نتيجه الخالله بواجبات وظيفته او بما ِكلف به.
ويجوز للمحكمه االعفاء من العقوبه اذا كان من امتنع عن االبالغ زوجا للجانى او احد اصوله او
وكذلك اكدت المادة ( ) 20على ان " ِيعاقب بالحبس مدة ال َتجاوز سنتين وبالغرامه التي ال تزيد على
( )50,000خمسين الف لاير ،كل من افصح او كشف عن هويه المجنى عليه او الشاهد بما يعرضه
سهل اتصال الجناه به ،او امده بمعلومات غير صحيحه عن حقوقه
للخطر ،او يصيبه بالضرر ،او َ
ونصت المادة ( ) 21ايضا على ان " ِيعاقب بالحبس مده ال تجاوز سبع سنَوات وبالغرامه التى ال
تزيد على ( )50,000خمسين الف لاير ،كل من حرض باي وسيله على ارتكاب جريمة من الجرائ َم
()162
المنصوص عليها في المواد السابقه من هذا الفصل ،ولو لم يترتب على التحريض اثر.
كما نصت المادة 22على ان يعاقب المسؤول عن االدارة الفعلية للشخص المعنوي بالحبس مدة ال
تجاوز خمس سنوات وبالغرامة ال تجاوز خمس سنوات وبالغرامة ال تزيد على ( )200,000مائتي
– انظر نص المواد 16/17/18/19/20/21من القانون رقم ( )15لسنة 2011بشان مكافحة االتجار بالبشر القطري. ()162
http //www.almeezan.qa/LawPage.aspx?language=ar&id=2512
89
الف لاير ،اذا ارتكبت اي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بواسطة احد العاملين
في الشخص المعنوي باسمه ولصالحه ،اذا ثبت علمه بها او اذا كانت الجريمة قد وقعت بسبب اخالله
ويكون الشخص المعنوى مسؤوال بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية اذا كانت الجريمة
ويجوز للمحكمة ان تقضي بوقف نشاط الشخص المعنوي لمدة التتجاوز سنتين او الغاء اوسحب
بالنظر الى نصوص المواد السابقة نجد ان المشرع القطري قد وضع سياسة عقابية عادلة لجريمة
االتجار بالبشر وعقوبات صارمة تحد من تلك الجريمة لما لها من تاثير على المجتمع واالفراد حيث
جاءت بتفصيل محدد للجرائم سوا ًء كانت واقعة على كل من النساء او االطفال وكذلك شملت العديد
من الصور االجرامية المستخدمة في تلك الجريمة سواء كانت فاعال ام مساهما ،ولكن نجد ان
النصوص العقابية شابها القصور في وضع نصوص تجرم كل افعال تصدر من االشخاص المعنوية
والتي خلى نص المشرع منها وهو تجريم االفعال الصادرة من االشخاص المعنوية والمتعلقة بجريمة
االتجار بالبشر
ذهب المشرع االماراتي في القانون رقم ( )51لسنه 2006في شان مكافحة جرائ َم االتجار بالبشر
المعدل بالقانون االتحادى رقم ( )1لسنة 2015على نص عقوبات لتجريم جرائ َم االتجاربالبشر ،
90
حيث نصت المادة ( )2منه على ان يعاقب كل من ارتكب ايا من جرائ َم االتجار بالبشر المنصوص
- 1يعَاقب بالحبس مده ال تقل عن سنه وال تزيد على خمس سنوات والغرامه التي ال تقل عن خمسه
االف درهم او باحدى هاتين العقوبتين كل من علم بارتكاب اي من الجرائم المنصوص عليها في هذا
- 2يجوز االعفاء من هذه العقوبه اذا كان من امتنع عن االبالغ زوجا للجانى او من اصوله او فروعه
القــوه او التهديد ،او عرض عطيه او مزيه من اي نوع او وعد بشي َء مـن ذلك لحمـل شخص اخر
على االدالء بشهاده زور او كتمان امر من االمور او االدالء باقوال او معلومات غـير صحيحه امام
اية جهه قضائيه في اجراءات تتعلق بارتكاب اية جريمة من الجرائ َم المنصوص عليها في هذا القانون
من احدى الجرائ َم المنصوص عليها في هذا القانون ،او اخفى شخصا او اكثر من الذين اشتركوا فيها
()163
بقصد معاونته على الفرار من وجه العداله مع علمه بذلك ،او ساهم في اخفاء معالم الجريمة .
ونص المادة( )7على ان يعًاقب الشخص االعتبارى بالغرامه التى ال تقل عن مائه الف درهم وال
تجاوز مليون درهم اذا ارتكب ممث ِلوه او مدير ِوه او وكال َؤه لحسابه او باسمه احدى
()163
– د /احمد لطفي السيد مرعي ،استراتيجية مكافحة جرائم االتجار بالبشر(دارسة مقارنة ) ،دار الكتاب الجامعي للنشر والتوزيع
، 2016،جدة ،جامعة الملك سعود ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ص ، 200وكذلك انظر نصوص المواد 5/4/3/2من القانون
االتحادي المعدل رقم 1لسنة 2015
91
بمسؤولية الشخص الطبيعى التابع له ويجوز للمحكمه فضال
َ جرائ َم االتجار بالبشر ،وذلك دون اخالل
()164
عن ذلك الحكم بحله او بغلقه نهائيا او مؤقتا او بغلق احد فروعه .
الفرع الثالث العقوبات المقررة لجرائم االتجار بالبشر في التشريع المصري وبعض
التشريعات العربية
ذهب المشرع المصري على غرار التشريعات العربية في تبني منهجا مشددا في مواجهة هذا النوع
من الجرائم ،حيث اعتبر جرائم االتجار بالبشر من الجنايات المعاقب عليها بالسجن المشدد ،وبانظر
الى تطبيق احكام القانون رقم 64لسنة 2010بشان مكافحة االتجار بالبشر نجد ان الفصل الثانى منه
ذهب الى الجرائم والعقوبات الخاصة بتلك الجريمة ونبين ذلك في نصوص المواد التالية
حيث نصت المادة( )5منه على ان ِيعاقب كل من ارتكب جريمة االتجار بالبشر بالسجن المشدد
وبغرامه ال تقل عن خمسين الف جنيه وال تجاوز مائت َى الف جنيه او بغرامه مساويه لقيمه ما عاد عليه
لمؤبد
يَعاقب كل من ارتكب جريمة االتجار بالبشر بالسجن ا َ وكذلك نصت المادة ( )6على ان
والغرامه التي ال تقل عن مائه الف جنيه وال تجاوز خمسمائه الف جنيه في اي من الحاالت االتية
اذا كان الجانى قد اسس او نظم او ادار جماعه اجراميه منظمه الغراض االتجار بالبشر او تولى قياده
فيها او كان احد اعضائ َها او منضما اليها ،او كانت الجريمة ذات طابع عبر وطنى.
اذا ارتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل او باالذى الجسيم او التعذيب البدنى او النفسى او ارتكب الفعل
– ا/عبد القادر عودة ،التشريع الجنائي االسالمي ،مقارنا بالقانون الوضعي ،مكتبة دار التراث ،بدون دار نشر ،سنة 2015 ()164
،ص.357
92
اذا كان الجانى زوجا للمجنى عليه او من احد اصوله او فروعه او ممن له الواليه او الوصايه عليه او
ونصت المادة ( )7على ان يَعاقب بالسجن كل من استعمل القوه او التهديد او عرض عطيه او مزيه
ئ من ذلك لحمل شخص اخر على االدال َء بشهادة زور او كتمان امر من االمور
من اي نوع او وعد بش َ
او االدالء باقوال او معلومات غير صحيحه في ايه مرحله من مراحل جمع االستدالالت او التحقيق او
()165
المحاكمه في اجراءات تتعلق بارتكاب ايه جريمة من الجرائ َم المنصوص عليها في هذا القانون.
يَعاقب بالسجن كل من حرض باية وسيله علي ارتكاب واخيرا مانصت عليه المادة 10على ان
جريمة من الجرائم المشار اليها في المواد السابقه ولو لم يترتب على التحريض اثر.
اال ان بعض التشريعات قد نصت على عقوبه ال تتناسب مع جسامه جريمة االتجار بالبشر ولعل الملفت
لالنتباه في هذا الشان ما نصت عليه الماده الثامنه من قانون منع االتجار بالبشر االردني رقم 9لسنة
2009على انه " ي َعاقب بالحبس مده التقل عن سته اشهر او بغرامه التقل عن الف دينار والتزيد
على خمسه االف دينار او بكلتا هاتين العقوبتين كل من ارتكب احدى جرائم االتجار بالبشر المنصوص
()166
عليها في البند 1من الفقرة (ا) من المادة 3من هذا القانون "
كما ان بعض القوانين قد نصت على عقوبات قليلة نسبيا قياسا بالتشريعات المذكورة انفا منها قانون
مكافحة االتجار بالبشر العماني رقم 126لسنة ، 2008فقد نص في المادة الثامنة منه على انه "
يعاقب كل من يرتكب جريمة االتجار بالبشر بالسجن مدة ال تقل عن ثالث سنوات والتزيد على سبع
()167
سنوات وبغرامة التقل عن خمسة االف لاير وال تزيد عن مائة الف لاير"
()165
– د /ابراهيم الغماز ،حول الشهادة كدليل اثبات في المواد الجنائية ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة 2011 ،ص.47
– قانون منع االتجار بالبشر االردني رقم 9لسنة 2009نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 4952في 2009/3/1 ()166
– انظر قانون مكافحة االتجار بالبشر العماني صدر بموجب المرسوم رقم 2008/ 126في .2008/11/23 ()167
93
المطلب الثاني السياسة العقابية لجرائم االتجار بالبشر على المستوي الدولي
تنبع فكرة التجريم الدولي من حاجة المجتمع الدولي الى وجود طريقة للردع والعقاب تؤمن عدالة
جزائية من خالل استئصال االجرام المحلي والعالمي ،وتساهم في حماية النظام االجتماعي من الجرائم
ذات الطابع الدولي والتي تعد خروجا على النظام العام الدولي وتتضمن االعتداء عليه ،ويتولي القانون
الجنائي الدولي ضيط الجرائم ذات الطابع الدولي ،والتي تبين لنا فيما سبق ان جريمة االتجار بالنساء
واالطفال تدخل ضمنها ،وذلك عن طريق سن قواعد قانونية محلية ودولية ويضع العقوبات الكفيلة
()168
بالحد من هذه الجرائم .
وعليه سوف نحاول فيما يلي ان نستعرض اليات العقاب التي ينص عليها القانون الدولي الجنائي لمعاقبة
مرتكبي االتجار بالنساء واالطفال والتي تتمثل باختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،واالختصاص
الجنائي العالمي
اوردت المادة ( )7من النظام االساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة على سبيل المثال ال الحصر
مجموعة من االفعال يؤدي ارتكاب اي منها بصورة منهجية وعلى نطاق واسع الى توافر الركن المادي
للجرائم ضد االنسانية ،وبالتالي انعقاد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشانها وهذه االفعال هي
( القتل العمد ،االسترقاق ،االبعاد القسري للسكان ،السجن والحرمان من الحرية ،التعذيب ،
االغتصاب ،االستعباد الجنسي ،االجبار على البغاء ،االجبار على الحمل او التعقيم او اي شكل اخر
لالعتداء الجنسي ،اصطهاد مجموعة سياسية او عرقية او قومية او اثنية او ثقافية او دينية ،االبادة ،
()169
االختفاء القسري لالشخاص ،الفصل العنصري).
()168
– د /جنان فايز الخوري ،مرجع سابق ،ص.205-204
()169
– د /جنان فايز الخوري ،مرجع سابق ،ص.205-204
94
والبد من االشارة هنا الى عالقة جريمة االسترقاق او االتجار بالبشر بغيرها من الجرائم التي تختص
المحكمة الجنائية الدولية بالنظر فيها ،فتحت مظلة الجرائم ضد االنسانية تتداخل جريمة االتجار بالبشر
بشكل عام مع جريمتي االستعباد الجنسي واالكراه على البغاء المضافتين الى جريمة االغتصاب ،
واللتين لم تعرفهما انظمة المحاكم الدولية السابقة ،حيث ادانت محكمة يوغسالفيا السابقة عام 1992
عددا من القادة في قضية مدينة FOCAالشهيرة ،بارتكاب جرائم ضد االنسانية الرتكابهم جرائم
()170
اغتصاب منظم واسترقاق للنساء في هذه المدينة بعد استيالء القوات الصربية عليها .
اما في حال استيفاء فعل االسترقاق او االتجار لالركان المشتركة في كل من جرائم الحرب والجرائم
ضد االنسانية ،فستتداخل جريمة االسترقاق او االتجار مع جريمتي الحرب المتمثلتين باالستعباد
الجنسي واالكراه في حالتي النزاع المسلح الدولي والداخلي ،كما قد تتداخل جريمة السخرة في بعض
الحاالت مع عدد من جرائم الحرب ،المتمثلة باالرغام على الخدمة في صفوف القوات المعادية
واالجبار على االشتراك في عمليات حربية في النزاع المسلح الدولي واستخدام االطفال او تجنيدهم في
وعلى كل حال وحتي في حال عدم استفياء االركان التي حددتها اللجنة التحضيرية الخاصة بالمحكمة
الجنائية الدولية ،تبقي جريمة االتجار بالنساء واالطفال جريمة دولية وفقا للمفهوم الواسع للجريمة
الدولية ،وكذلك وفقا للمواثيق المعتمدة حديثا في ميدان القانون الدولي الجنائي والذي يعد حاالت العمل
الجبري المتطرفة جريمة ضد االنسانية ( المادة 7ه ،ز،ك) ،وبالتالي هي جريمة معاقب عليها استنادا
()171
لالختصاص العالمي المنصوص عليه في القانون الدولي الجنائي.
()170
– د /سوسن تمرخان بكة ،مرجع سابق ذكره ،ص.422
()171
– د /بشري سلمان حسين العبيد ،مرجع سابق ،ص.276
95
الفرع الثاني االختصاص الجنائي العالمي في القانون الدولي الجنائي
يقر القانون الدولي الجنائي على غرار القانون الجنائي الدولي بمبدا االختصاص الجنائي العالمي او
االختصاص الشامل ،الذي اخذت به العديد من الدول من اجل تضامنها وتكاتفها لمحاربة الجرائم التي
تتعدي اثارها الدولة الواحدة ،وذلك من خالل اعطاء الدولة التي تقبض على مرتكبيها الحق في محاكمة
وانزال العقاب بهم ،ولو لم تكن هذه الدولة ضمن الدول المتضررة من ارتكاب الجريمة وايا كانت
اال ان مفهوم عالمية االختصاص الجنائي في القانون الجنائي الدولي تختلف عن مفهومه في القانون
الدولي الجنائي ،فلكي تمارس الدولة االختصاص العالمي الشامل ،يجب ان يكون هناك نص في
قانونها الجنائي الداخلي يجرم االفعال الخاضعة لهذا االختصاص ،كما هو الحال بالنسبة لقانون
العقوبات العراقي الذي نص علي بعض الجرائم التي تخضع لالختصاص العالمي ومن بينها جريمة
االتجار بالنساء واالطفال وكذلك ما اكد عليه القانون القطرى من تجريم سوا ًء كانت واقعة على كل من
()172
النساء او االطفال.
كما ان ممارسة هذا االختصاص العالمي من قبل القاضي الوطني محكوم بمبدأ تسليم المجرمين ،اذ
ان االولوية في تطبيق لقانون الدولة التي وقعت فيها الجريمة او احد اركانها ،وهذا يعني ان
االختصاص العالمي في القوانين الداخلية هو اختصاص احتياطي وليس اصيال اي ياتي في مرحلة
تالية لنظام التسليم ،وهذه قاعدة مستقرة من قواعد القوانين الجنائية الوطنية وبموجب قرارات
()172
– د /سالم محمد سليمان االوجلي ،احكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية ،الدار الجامعية للنشر
والتوزيع واالعالن ،مصراته ،الطبعة االولي ، 2000 ،ص.175
96
واذا ما نظرنا الى الجرائم الدولية نجد ان هناك بعضا منها ،تنص المعاهدات الدولية المنظمة لها
صراحة على حق القضاء الوطني في ممارسة الوالية القضائية العالمية عليها ( ،كالمادة /5ف2وف)3
من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984والمواد 147/130/51/50من اإلتفاقية االولي والثانية
والثالثة والرابعة من اتفاقية جنيف لعام 1949بشان االنتهاكات الجسيمة التي هي جرائم حرب تخضع
لالختصاص القضائي العالمي ،وهناك جرائم اليوجد نص اتفاقي بخصوصها تجيز الوالية العالمية ،
وانما تاتي الوالية العالمية عليها من القانون الدولي القائم على العرف ،كجريمة االبادة الجماعية
()173
والجريمة ضد االنسانية والتي تندرج ضمنها جريمة االتجار بالنساء واالطفال .
نص بروتوكول منع االتجار بالبشر على مجموعة من الحقوق لضحية االتجار بالبشر ،وبالتبع الزم
الدول االطراف عند اصدار القانون الخاص بمكافحة االتجار ما يشير بان يتضمن التشريع الوطني
عددا من الحقوق يوفرها لضحايا جريمة االتجار بالبشر من الناحية القانوينة والناحية الواقعية .
وسوف نقسم هذا الموضوع الى مطلبين نخصص االول في اوجه الحماية القانونية والرعايا لضحايا
االتجار بالبشر على الصعيد الوطني ،والثاني نخصصه في اوجه الحماية القانونية على الصعيد الدولي
المطلب االول اوجه الحماية القانونية لضحايا جريمة االتجار بالبشر على الصعيد
الوطني واالقليمي
حرصت العديد من التشريعات المقارنة الى العناية وحماية ضحايا االتجار بالبشر ،وذلك عن طريق
()173
– د /احسان هندي ،الحماية الجزائية لالتفاقيات الدولية االنسانية ،دمشق ،دار الفكر ،1998 ،ص.312
97
تكريس عدة نصوص تشريعية بذلك االمر ،حيث نتناول في هذا المطلب مالمح االستراتيجية في حماية
الضحايا في التشريعات المقارنة وذلك في الفرع االول ،فيما نتناول في الفرع الثاني مالمح تلك الحماية
القانونية التي وضعها المشرع القطري لضحايا جريمة االتجار بالبشر وذلك على النحو التالي
الفرع االول مالمح االستراتيجية الوطنية القطرية في حماية ضحايا جريمة االتجار
بالبشر
حرص المشرع القطري بموجب قانون مكافحة االتجار بالبشر رقم ( )15لسنة 2011على وضع
استراتيجية وطنية لحماية الضحايا في قانون مكافحة االتجار بالبشر حيث نصت المادة ( ) 5منه "
تكفل الجهات المختصة الحماية والسالمة الجسدية والنفسية للمجني عليهم ،وتوفر لهم الرعاية الصحية
والتعليمية واالجتماعية ،وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة العادة تاهيلهم ودمجهم في المجتمع
بطريقة تراعي احتياجاتهم وكرامتهم االنسانية وسنهم وجنسهم ،كما تقوم بالتعاون والتنسيق مع دول
()174
المجني عليهم ،او الدول التي يقيمون فيها اقامة دائمة على تامين اعادتهم على نحو امن".
وكذلك اكدت المادة ( )6على الجهات المختصة ان تكفل للمجني عليهم الحقوق التالية
-3الحصول على المشوره فيما يتعلق بحقوقهم ،وتبصيرهم باالجرا َءات القانونيه واالداريه المتبعه.
-6الحصول على الت ِعويض المناسب لجبر االضرار التي قد تكون لحقت بهم.
– انظر نص المادة 5من الفصل الثالث من قانون مكافحة االتجار بالبشر رقم 15لسنة 2011الخاص بحماية المجني عليهم . ()174
98
-7الحصول على الحمايه االمنيه الالزمه.
وكذلك نصت المادة 7على ان " توفر الجهات المختصه اماكن مناسبه اليواء المجنى عليهم بحيث
تسمح باستقبالهم لذويهم ومحاميهم وممثلى الجهات المختصه ،فضال عن الضمانات االخرى المقررة
ونصت المادة 8على ان "على الجهات المختصه االلتزام بسريه ما تتحصل عليه من معلومات ذات
صله بالجرائ َم المنصوص عليها في هذا القانون ،وعدم الكشف عنها اال بالقدر الذى يقتضيه تنفيذ
احكامه".
فيما ذهبت نص المادة 9على ان " تتولى وزاره الخارجيه من خالل بعثاتها الدبلوماسيه والقنصليه
بالخارج ،توفير كافه المساعدَات الالزَ مه للمجني عليهم من القطريين ،وتهيئه كافة الظروف المناسبه
واكدت نص المادة 10على ان "على المحكمه الجنائيه المختصه بنظر الدعوى الجنائيه الناشئه عن
اي من الجرائم المنصوص عليها في هذَا القانون ،الفصل في موضوع الدعوى المدنيه الناشئه عن هذه
()175
الجرائ َم".
بالنظر الى نصوص القانون السابقة والخاصة باالستراتيجية القطرية في حماية ضحايا جريمة االتجار
بالبشر نجد ان المشرع القطري قد اخذ بوسائل واساليب ساهمت في حماية ضحايا تلك الجريمة وذلك
عن طريق تكليف الجهات المختصة والرسمية بتوفير كافة المساعدات لحمايتهم واعادة تاهيلهم وايوائهم
– انظر نص المادة 10/9/8/7/6من الفصل الثالث من قانون مكافحة االتجار بالبشر رقم 15لسنة 2011الخاص بحماية المجني ()175
عليهم .
http //www.almeezan.qa/LawArticles.aspx?LawTreeSectionID=8361&lawId=2512&language=ar
99
وتوفير الحماية االمنية الالزمة لهم وتعويضهم ،وبذلك نجد ان المشرع القطري سار على نهج
البروتوكالت الدولية والتي اكدت على تلك المساعدات لضحايا جريمة االتجار بالبشر.
االتجار بالبشر
اشتمل قانون منع االتجار بالبشر االماراتي على مجموعة من الحقوق الخاصة بضحايا جرائم االتجار
بالبشر
في جميع مراحل جمع االستدالالت والتحقيق والمحاكمة في جرائم االتجار بالبشر االجراءات االتية
-1تعريف الضحيه والشاهد بحقوقهما القانونيه بلغه يفهمانها مع اتاحة الفرصة لهما للتعبير عن
-2عرض الضحية اذا تبين انه في حاجة لذلك على اية جهة طبية لتلقي العالج النفسي او العضوي،
ويتم ايداعه احد مراكز التاهيل الطبي او النفسي اذا لزم االمر.
-3ايداع الضحيه احد مراكز االيواء او اية جهة معتمدة اخرى اذا تبين انه في حاجة لذلك.
-4توفير الحماية االمنية الالزمة للضحية والشاهد متى كانا في حاجة اليها.
-5السماح للضحية والشاهد بالبقاء في الدولة اذا اقتضى التحقيق او المحاكمة ذلك وبنا ًء على امر من
-6جواز قيام المحكمة بندب محام للضحية بناء على طلبه وتقدر المحكمة اتعابه ويكون قرارها في
هذا الشان نهائيا ويتم صرف االتعاب بموجب شهادة تعطى له من المحكمة التي تصرف االتعاب".
100
مكررا على ان " يعاقب بالحبس والغرامة التي ال تقل عن عشرة االف درهم
ً وذهبت نص المادة ()6
او باحدى هاتين العقوبتين كل من نشر باحدى طرق العالنية اسماء او صور الضحايا او الشهود في
شرا بكونه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون متى نشات او ارتبطت ارتبا ً
طا مبا ً
مجنيا عليه".
مكررا على ان " يعفى الضحية في جرائم االتجار بالبشر من رسوم الدعوى
ً وايضا نص المادة ()13
المدنية التي يرفعها للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن استغالله في جريمة االتجار بالبشر".
()176
فيما اشتملت االستراتيجية في حماية الضحايا عند المشرع االردني ،وذلك من خالل التعرف على
وقف المالحقة القضائية عن ضحايا جريمة االتجار بالبشر وذلك في نص المادة ( )12من قانون منع
االتجار بالبشر والتي نصت في فقرتها االولي على " مما ورد في اي من المجني عليهم والمتضررين
من جرائم االتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون اذا تبين ارتكابهم الي من تلك الجرائم او
المشاركة او التدخل او التحريض عليها ،وعلى ان يخضع هذا القرار لموافقة لجنة مكونة من رئيس
النيابة العامة رئيسا وقاضيين من محكمة التمييز يختارهما رئيس المجلس القضائي".
وكذلك على السالمة الجسدية والنفسية للضحايا وتوفير دار لاليواء مخصص لهذا الغرض والحرص
على ضمان عودة الضحايا الى اوطانهم او اي دولة يختارونها وذلك في نص المادة الخامسة في فقرتها
– انظر نصوص المواد 13/11/6من القانون اتحادي 51لسنة 2006بشان مكافحة جرائم االتجار بالبشر ( [ ]1المعدل بالقانون ()176
101
رقم (ج) على ضرورة التنسيق بين جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية المعنية بمنع االتجار بالبشر
بما في ذلك ما يلزم من اجراءات لتيسير عودة المجني عليهم والمتضررين من هذه الجرائم الى اوطانهم
()177
او اي دولة اخري يختارونها وتوافق على استقبالهم .
المطلب الثاني اوجه الحماية القانونية لضحايا جريمة االتجار بالبشر على الصعيد
الدولي
لم يات بروتوكول االمم المتحدة الخاصة بمنع االتجار بالبشر باي تعريف محدد لضحايا االتجار بالبشر
،اكتفاء في المادة ( )3على كلمة اشخاص ،اي ان كل شخص يمكن ان يكون ضحية للجريمة ،بصرف
النظر عن سنه وجنسه ،وبحسب اعالن االمم المتحدة ،بشان المبادئ االساسية لتوفير العدالة لضحايا
الجريمة واساءة استعمال السلطة ،فان ضحايا الجريمة بشكل عام هم االشخاص الذين اصيبوا بضرر
فردي او جماعي بما في ذلك الضرر البدني او العقلي او كالمعاناة النفسية او الخسارة االقتصادية او
الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم االساسية عن طريق افعال او حاالت اهمال التشكل انتهاكا
للقوانين الجنائية الوطنية ،ولكنها تشكل انتهاكات للمعايير الدولية المعترف بها والمتعلقة باحترام حقوق
()178
االنسان.
وبناء عليه نحاول في هذا المطلب تسليط الضوء على اوجه الحماية القانونية لضحايا جريمة االتجار
بالبشر على الصعيد الدولي وذلك عن طريق الرعاية الجسدية والنفسية واالجتماعية لضحايا الجريمة،
والتدابير االمنية واالدارية للضحايا ،وكذلك تدابير الحماية القضائية والقانونية وذلك على النحو التالي
– د/حسن العبد الالت ،قانون منع االتجار بالبشر ،رسالة مجاستير ،بدون مكان نشر ،الشبكة القانونية للنساءالعربيات ،االردن ، ()177
،2012ص231
– د/طارق عبد الوهاب سليم ،التعاون الدولي في مجال مواجهة ظاهرة االتجار باالعضاء البشرية ،مطبوعات جامعة نايف للعلوم ()178
102
الفرع االول الرعاية الجسدية والنفسية واالجتماعية
نصت المادة ( )6فى فقرتها الثالثة من البروتول على التزام الدول االطراف اتخاذ التدابير الالزمة
لتامين السالمة الجسدية والنفسية واالجتماعية لضحايا االتجار بالبشر ،وذلك بالتعاون مع المنظمات
غير الحكومية والمنظمات المختصة ،وعناصر المجتمع المدني ،ومن ذلك تلتزم الدول في حال تواجد
الضحايا على اراضيها توفير السكن المالئم للضحية ،واالرشادات والمعلومات المتعلقة خاصة
بالحقوق التي يعترف لها القانون بها وبلغة يفهومونها ،والمساعدة الطبية والنفسية والمادية وفرص
العمل والتربية والتدريب ،ونصت الفقرة الرابعة على التزام الدول عند تطبيق تدابير الحماية بمراعاة
،السن والجنس واالحتياجات الخاصة لضحايا االتجار بالبشر ،وبصفة خاصة المنظمات الخاصة
()179
باالطفال .
كما اكد البروتوكول على ضرورة الزام الدول االطراف بتوفير السالمة البدنية لضحايا االتجار اثناء
تواجدهم داخل اقاليمها ،وهذا في الفقرة الخامسة من المادة ( )6وكذالك تمكين الضحايا من الحصول
ويمثل هذا العمل محنه لضحية االتجار الذي تحدث له اضطراربا في انتظام الروابط االساسية
والجوهرية باالسرة واالصدقاء وبالبيئة الدينية والثقافية وتؤدي الى انهيار القيم المحورية فيما يخص
الوجود االنساني والشعور بوصمة العار عقب الخضوع الفعال تتسم بالوحشية وتشمل التعذيب
واالغتصاب ،ومن ثم فقد تكون العالقات قد تغيرت بما في ذلك العالقة بالمجتمع .
مما يؤدي الى احساس عام بانعدام الثقة باالخرين والخوف من تكوين عالقات جديدة ،وقد يكون
االستعداد للعالقات الحميمة قد انحرف والشعور باألسى قد يكون بليغا وحالة االكتئاب قد تصبح طاغية،
()179
– د /احمد لطفي السيد مرعي ،استراتيجية مكافحة جرائم االتجار بالبشر ،المرجع السابق ،ص112
103
لذا فان استراتيجيات توفير الدعم والمساعدة لضحايا االتجار وبرامجها يتطلب ان تركز في تحقيق
نص البروتوكول الخاص بمنع االتجار بالبشر على عدد من التدابير ذات الصلة بامن وسالمة ضحايا
هذه الجرائم ،حيث نصت المادة ( )6في فقرتها رقم ( )5التزام الدول االطراف بضمان الحماية الجسدية
للضحايا انشاء تواجدهم على اقاليم دول االستقبال ،كما نصت المادة الثامنة من البروتوكول علي
ضمان عودة الضحايا الى اوطانهم او الدول التي يقيمون فيها بشكل دائم ،حيث نصت الفقرة الرابعة
خاص لعودة الضحية الى دولتها االصلية او دولة اإلقامة الدائمة ،والحفاظ على امن الضحية ،ثم
نصت الفقرة االولي من المادة الثامنة على مايلي " التزام الدولة الطرف التي تكون الضحية من
مواطنيها ،او دولة حق اإلقامة الدائم فيها ،عند دخوله دولة االستقبال بتسهيل وقبول عودتها دون ادني
()180
تاخير غير مبرر وغير منطقي "
كما لم يفوت البروتوكول الفرصة للتاكيد للدول االطراف المستقبلة لضحايا االتجار بالبشر على
ضرورة اعتماد تدابير تشريعية او اية تدابير اخرى مناسبة تسمح لضحايا االتجار ان اقتضي االمر
بالبقاء داخل اقليمها بصفة مؤقتة او دائمة وان تولي اهتماما للعوامل االنسانية والوجدانية لهؤالء
()181
الضحايا .
وكذلك في بعض الحاالت قد يحق لضحايا االتجار ان يطلبوا منحهم وضع اللجوء خصوصا عندما
تتعذر االعادة الى الوطن ويمكن ان تكون مساعدة الضحايا في سعيهم للحصول على وضع اللجوء
()180
–د /قوراري ،مرجع السابق ،ص256
()181
– انظر نص المادة 8من بروتكول باليرمو الخاص بمنع و قمع ومعاقبة االتجار بألشخاص السيما النساء واالطفال لعام.2000
104
جزءا حاسم االهمية من خدمات مساعدة الضحايا المتاحة ،وينبغي اال تؤثر قوانين مكافحة االتجار
والبرامج والتدخالت المتعلقة بذلك على حق الضحايا في السعي للحصول على اللجوء من االضطهاد
لذلك فان ضحية االتجار الذي لديه خوف له ما يبرره من االضطهاد في بلده االصلي استنادا الى سبب
واحد او اكثر من سبب يكون اهال لمركز اللجوء ،والتي اكدت عليه اإلتفاقية الخاصة بوضع الالجئين
لعام .1951
ويكون ذلك بغية النجاة من سيطرة المتاجرين بالبشر ،حيث يحتاج ضحايا االتجار الى مالذ يوفر
السالمة واالمن ،ومن ثم فان اهمية اتاحة سبل الوصول الى ماوى امن هي من االهمية مهما قبل في
ذلك ،فعلي الرغم من احتماالت استمرار االيذاء يالحظ ان ضحايا االتجار الينجون بانفسهم من حالة
االيذاء او االستغالل النه ليس لديهم مكان امن يلجاون اليه وان حاجة الضحايا الى ماوى امن وهي
حاجة فورية وطويلة االجل على حد سواء ،ويجب ان تدرك برامج المساعدة التي تقدم الى الضحايا
هذا المطلب وتسعي الى توفير انواع مختلفة من الماوى استنادا الى احتياجات الضحايا ومرحلى التعافي
()182
التي وصلوا اليها .
تنص الفقرة السادسة من المادة السادسة من بروتوكول حظر االتجار بالبشر على ان " تكفل كل دولة
طرف احتواء نظامها القانوني الداخلي على تدابير تتيح لضحايا االتجار بألشخاص امكانية الحصول
()182
– انظر موقع http //www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-12582.htm
105
وما ينبغي االشارة اليه هنا ،ان البروتوكول لم يحدد مصدرا محتمال للتعويض ،وهذا يعني ان اي من
االحكام التي تمكن الضحايا من رفع دعوى على الجناة او غيرهم بمقتضى القانون الداخلي للحصول
على تعويضات بدنية عن االضرار ،االحكام التي تمكن المحاكم الجنائية بدفع تعويضات اي بان يدفع
الجناة تعويضات الى الضحايا ،او فرض اوامر بشان التعويض .
وحرص البروتوكول بموجب المادة السادسة فقرة ( )1على قيام الدولة الطرف في حدود مايسمح به
قانونها الداخلي بحماية الحياة الخاصة للضحية ،والنص على سرية هوية الضحية وخاصة االجراءات
ثم نصت الفقرة ( )2من المادة السادسة ،على قيام كل دولة طرف بتضمين نظامها القانوني او االداري
()183
،احكاما تسمح بتزويد الضحايا عند االقتضاء بما يلي
المساعدة التي تسمح للضحايا بعرض ارائهم واهتماماتهم الخذها بعين االعتبار في مراحل الدعوى
الجنائية على نحو التخل بحقوق الدفاع ،ويتم تعريف الضحايا بهذه الحقوق وتقدم لها االرشاد باللغة
ويعني هذا انه عندما ال توجد امكانية للحصول على تعويض بموجب القانون الوطني يلزم البروتوكول
الدول االطراف لوضع تشريعات تبيح للضحايا الحصول على تعويض ،ويقتضي الحكم المقابل لذلك
في اتفاقية الجريمة المنظمة الوارد في الفقرة ( )2من المادة 25على ان " تضع كل دولة طرف قواعد
– مشار الى ذلك قانون نموذجي لمكافحة االتجار بالبشر وكذلك سلمان ،زهراء تامر ،المتاجرة بألشخاص ،مرجع سابق ص.99 ()183
106
اجرائية مالئمة توفر لضحايا الجرائم المشمولة بهذه اإلتفاقية سبل الحصول على التعويض وجبر
()184
االضرار"
وتوفر المادة ( )14من اتفاقية الجريمة المنظمة اساسا قانونيا للدول االطراف للتعاون على الصعيد
الدولي في المسائل المتعلقة بالتعويض ،كما تلزم المادة نفسها من اإلتفاقية الدول االطراف بان تنظر
على سبيل االولوية وبالقدر الذي يسمح به قانونها الداخلي في رد عائدات الجرائم المصادرة او
الممتلكات المصادرة الى الدولة الطرف الطالبة ،لكي يتسني لها تقديم تعويضات الى الضحايا واليحدد
البروتوكول اي مصدر محتمل معين للتعويض وبالتالي ،غالبا ما تنفي اي من الخيارات العامة التالية
()185
او جميعها بمقتضي البروتوكول.
()184
– انظر نص المادة 2من البروتوكول
()185
– انظر نص المادة 14من البروتوكول
107
الخاتمة
تناول البحث التطور التاريخي لجريمة االتجار بالبشر في كل من المجتمعات القديمة والشرائع
السماوية ،وبين ان ظاهرة االتجار بالبشر ظاهرة تاريخية قديمة انتشرت عند الحضارات السابقة و
تمثلت في استعباد البشر وشرائهم وبيعهم فكان االستعمار والتمييز العنصري في تلك العصور له دور
كبير في انتشار هذه الظاهرة ،كما تناول البحث ماهية جريمة االتجار بالبشر في في ظل التشريعات
الوطنية والعربية والدولية ،وتبين لنا ان المقصود بجريمة االتجار بالبشر انها سلسلة من االفعال
االجرامية بحيث يشكل كل من تلك االفعال جريمة مستقلة وهي ( التجنيد ،النقل ،التنقيل ،االيواء ،
االستقبال ،االستغالل ) ،حيث وضعت العديد من االتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية والمقارنة
اوصفا محددة العتبارها جريمة ،كما ان جريمة االتجار تتميز بالعديد من الخصائص والتي تفرقها
عن غيرها من الجرائم والتي منها انها جريمة منظمة وعابرة للحدود ومن الجرائم المركبة والمستمرة
،كذلك اولت الكثير من المنظمات الدولية واالقليمية والوطنية اهتماما بالغا الصدار قوانين داخلية
خاصة بتجريم االتجاربالبشر ،حيث نصت اغلب التشريعات على شمول وتجريم جريمة االتجار
بالبشر ضمن قوانينها الوضعية ،كما اكدت على ضرورة التعاون الوطني والدولي للحد من جرائم
االتجار بالبشر ومكافحتها ،كما يجب ان يكون هذا التعاون متسقا مع احترام حقوق االنسان وحمايه
الحريات االساسيه للفرد ،واخيرا تناولنا السياسة العقابية واالجراءات والتدابير التي تكفل مواجهة
فعالة لجرائم االتجار بالبشر على المستوي الوطني واالقليمي والدولي وذلك عن طريق سرد العديد من
النصوص القانونية ،كما تناولنا طرق الحماية القانونية لضحايا االتجار بالبشر وذلك عن طريق
الرعاية الجسدية والنفسية واالجتماعية لضحايا الجريمة ،والتدابير االمنية واالدارية للضحايا ،وكذلك
108
فتعد ظاهرة االتجار بالبشر من اخطر الظواهر االجرامية في القرن الحادي والعشرين ،فان تلك
الظاهرة التي تعصف بالعديد من البلدان ،السيما تلك التي تمثل ماوى للعمالة الوافدة وهي الحال بالنسبة
لبلدان الخليج العربي ،حيث كشفت دراستنا عن ان هذه الدول ،رغم جهودها التشريعية التي رصدت
بعضها تلك المعالجة ،مازالت تواجه في الحقيقة مازقا ،ويعود هذا المازق في الحقيقة الى انه لم يتم
توجيه النظر نحو بناء خطة مكافحة متكاملة على المستوي الوطني لظاهرة االتجار بالبشر في هذه
الدول العربية ،فما زالت الجهود ،في راينا يعييها الفردية وعدم التناسق ،وتنطلق من مظاهر اعالمية
تستهدف الدفاع فقط عن السمعة الوطنية امام كل تقرير يحاول ان يتفح بوقا للنيل من سمعة هذه البلد
فان جريمة االتجار بالبشر هي ليست ظاهرة نمطية في العالم العربي لكنها موجودة ،وواجبنا كقانونيين
ان نسلط الضوء عليها ونبرز سلبياتها من اجل تنبيه صانعي القرار الى وجوب تالفيها وسد الثغرات
القانونية والواقعية حتي التتحول الحقا الى جريمة منظمة يصعب التعاطي معها وتصعب مواجهتها
حيث تعتبر جرائم االتجار بالبشر ثالث اكبر تجارة اجرامية في العالم بعد تجارة المخدرات وتجارة
السالح ،وهي تشكل بالنسبة لعصابات االجرام المنظم مخاطر اقل من تجارتي المخدرات واالسلحة ،
كما انه من المتوقع ان تتقدم تجارة االشخاص على تجارة االسلحة في المستقبل القريب.
حيث هناك العديد من العوامل واالسباب التي ساهمت في ظهور مثل هذه الجرائم والتي تعود الى الفقر
،والبنية االقتصادية واالجتماعية الضعيفة والعنف الممارس ضد االطفال والنساء والفساد الحكومي
وعدم االستقرار السياسي والنزاعات المسلحة وازدهار تجارة الجنس وجاذبية الحصول على مستوى
معيشي افضل في مكان اخر وازدياد الطلب على العمالة غير القانونية والرخيصة ،كذلك فان النمو
االقتصادي في بعض البلدان صاحبة زيادة في الفوارق الطبقية ادت الى سيادة النزعة المادية وطغيان
109
قيم االستهالك الترفي والى زعزعة منظومة الحياة التقليدية االمر الذي ادي الى تسهيل الوقوع في
حبائل المتاجرين بالبشر ،فان االتجار بالبشر ينصب في اغلب االحيان على فئتين رئيسيتين تاتي في
وفيما يتعلق بمعالجة الظروف التي تؤدي الى انتشار االتجار بالبشر ،يكون من خالل برامج تهدف
الى توعية المجتمع باخطار هذه الظاهرة ،وذلك عن طريق التدابير التشريعية التي تجرم كافة مظاهرة
االتجار بالبشر ،وتحديد المصطلحات القانونية المرتبطة بتلك الجريمة ،وتوزيع المسؤوليات بين
السلطات القائمة على تنفيذ خطط المكافحة ،ومحاربة الفساد بين القائمين على انفاذ قوانين اإلقامة
والعمل الذي يشكل ستارا يسهل من تفاقم هذه التجارة ،وكذلك فيما يتعلق من اعتماد مبدا الشفافية
االعالمية بشان االجراءات القانونية تجاه المتاجرين بالبشر ،ومن يحرضهم ويقدم المساعدة لهم.
وكذلك اليمكن اغفال دور التنسيق والتعاون الثنائي واالقليمي في تعزيز جهود الدولة في حربها على
تلك الظاهرة ،ذلك التعاون الذي يحول بين المتاجرون بالبشر من الحصول على ماوي قانوني .
فقد قامت العديد من الدول ادراكا منها لخطورة جريمة االتجار بالبشر ،بالتصديق واالنضمام الى
معظم المواثيق الدولية المشتملة على احكام وتدابير ذات صلة بمكافحة االتجار بالبشر واصدار
التشريعات الخاصة بمكافحة هذه الجريمة ،وكذلك فان مكافحة االتجار بالبشر على الصعيد العالمي
تجلت كذلك من خالل االتفاقيات العالمية ،والتي كانت تصب كلها في خانة مكافحة جرائم االتجار
بالبشر بمختلف مظاهرها سواء اتفاقيات حظر االتجار بالرقيق ،اتفاقيات حظر السخرة والعمل الجبري
كما ساهم التقدم العلمي والعولمة السيما في مجال وسائل االتصاالت الحديثة في اتاحة الفرصة امام
العصابات المنظمة لممارسة نشاطها في االتجار بالنساء واالطفال على نطاق واسع لتحقق من وراءها
110
االرباح الطائلة على حساب الحط من كرامة االنسان ،وايذاء في جسمه ونفسه اذا ًء يصل في بعض ،
وايذاء في جسمه ونفسه اذا ًء يصل في بعض االحيان الى حد الموت الحقيقي او المعنوي .
وفي ختام هذه الدراسة التي تناولت جريمة االتجار بالبشر فانه من المفيد تسجيل بعض النتائج وتقديم
بعض التوصيات التي قد تساهم في ايجاد الية فاعلة ضد مرتكبي جريمة االتجار بالبشر وذلك كما يلي
111
بعض النتائج والتوصيات
اوال النتائج
أ -شيوع ظاهرة االتجار بالبشر ،وفي مختلف بقاع االرض ،وفي مختلف الدول الغنية والفقيرة،
واالتجار بالبشر نشاط يتعدي على ادمية االنسان ،وفيه امتهان لكرامته .
ب -تبرز خطورة ظاهرة االتجار بالبشر الى طابعها الخفي ،سواء على المستوي الداخلي ام على
المستوى الدولي ،فضال عن اضطالع استلزم الجهود الدولية لمواجهة هذه الظاهرة البغيضة.
ت -تواتر وتوافق مقررات المنظمات الدولية وتوصيات المؤتمرات العالمية والوطنية الى اعتبار
ان الظروف االقتصادية واالجتماعية هما الرافد الرئيسي لشيوع ظاهرة االتجار بالبشر.
ث -اهتمام العديد من المنظمات الدولية واالقليمية بمكافحة االتجار بالبشر ،فقد توافقت هذه
المنظمات على اصدار عدد من االتفاقيات الدولية والتوصيات التي تحظر وتجرم كافة انماط
االتجار بالبشر.
ج -سارعت اغلب الدول الى اصدار عدد من التشريعات الوطنية لمكافحة او منع االتجار بالبشر،
وتكاد تتوافق هذه التشريعات على التعريف لمصطلح االتجار من حيث طبيعة النشاط ،
والوسائل المستخدمة ،ثم توافق هذه التشريعات على ان االستغالل هو الضابط التجريمي لكل
ح -نجد ان المشرع القطري والتشريعات المقارنة محل الدراسة لم تحرص على تقرير المسؤولية
الجنائية لالشخاص االعتبارية ،حيث نجد ان المشرع االماراتي الوحيد الذي اقر تلك
المسؤولية الجنائية لالشخاص االعتبارية اذا ارتكاب ممثلوها جريمة من جرائم االتجار
بالبشر ،ورصد لهذه الجرائم عقوبة المصادرة ،ثم الغرامة المالية ،ثم جزاء اغالق المؤسسة
112
خ -ان القانون الجنائي الداخلي يتولي في مجال الجريمة الداخلية حماية مصالح االفراد والدولة ،
حيث يناط به مهمة النص على االفعال المحظورة التي تمثل عدوانا على امن االفراد وكيان
الدولة وبيان العقوبات المقررة لها ،وذلك انطالقا من مبدا الشرعية الجنائية " ال جريمة
د -ان قانون مكافحة جريمة االتجار بالبشر الوطني يحدد النطاق الذي يمتد اليه تطبيق نصوص
قانون العقوبات ،وقد يمتد هذا السلطان خارج اقليم الدولة ليشمل الجرائم التي ترتكب خارج
اقليم الدولة ،وهذا االمر يمثل مظهر من مظاهر سيادة الدولة في حماية مصالحها في الداخل
والخارج.
ذ -ان القانون الدولي الجنائي يمثل المرحلة الهامة واالخيرة من مراحل حماية حقوق االنسان ،
فبعد االعالن عن هذه الحقوق والنص عليها في االتفاقيات الدولية ياتي دور القانون الدولي
ر -ان هناك نوعين من الجرائم ،النوع االول يتكون من جرائم داخلية ذات طابع دولى وتسمي
بالجرائم العالمية ،وهي تخضع لقواعد القانون الجنائي الدولي ،ويدخل ضمن نطاقه الجريمة
المنظمة العابرة للحدود ،اما النوع الثاني فيتكون من جرائم دولية بطبيعتها تخضع لقواعد
القانون الدولي الجنائي ،ويدخل ضمن نطاقها جرائم االبادة الجماعية والجرائم ضد االنسانية
ز -ان انشاء بعض المحاكم الجنائية الدولية المخصصة للنظر ببعض الجرائم الدولية ،يعتبر
خطوة هامة في سبيل تفعيل مكافحة الجرائم الدولية ،اال انه ومهما كان الدول التي تلعيه هذه
المحاكم فال يكمن التعويل عليها بصورة كلية لضمان تحقيق العدالة الجنائية من خالل محاكمة
113
ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية ،السيما مع الدور الذي قد يلعبه مجلس االمن في ايقاف نشاط
المحكمة .
س -ان هناك الية عقاب اكثر فعالية من المحكمة الجنائية الدولية في حال اعتمدتها جميع الدول في
تشريعاتها الداخلية ،اال وهي الية االختصاص العالمي التي تمكن الدول من متابعة ومعاقبة
مرتكبي الجرائم االكثر خطورة بغض النظر عن مكان ارتكابها وعن جنسية المتهم والضحية
ش -ان جريمة االتجار بالنساء واالطفال كنموذجا للجريمة المنظمة العابرة للحدود تعتبر االوفر
حظا من بين بقية صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود ،وذلك نظرا لما تتمتع به من
خصوصية جعلها تحظي باكثر من الية عقاب ،فهي بوصفها جريمة منظمة عابرة للحدود
بمكن مالحقة مرتكبيها باستخدام الية االختصاص الجنائي العالمي المنصوص عليه في القانون
الجنائي الدولي ،اما من منطلق كونها جريمة دولية بحسب المفهوم الواسع للجريمة الدولية ،
فانها في هذا الحالة سوف يتوفر لها اليتي عقاب ،تتمثل االولي بالية االختصاص الجنائي
العالمي المنصوص عليه في القانون الدولي الجنائي ،في حين تتمثل االلية الثانية بالمحكمة
الجنائية الدولية التي سوف تختص في هذا الحالة بالنظر بجريمة االتجار بالنساء واالطفال.
ثانيا التوصيات
أ -نود ان نقدم بعض المتقرحات الخاصة لمعالجة بعض العيوب الواردة في التشريع القطري
والتي تتمثل في تفسير اكثر للسلوكيات الخاصة بجريمة االتجار بالبشر حيث نالحظ ان
المشرع القطري لم يذهب على نهج كل من المشرع االماراتي والمصري والذي حدد السلوك
االجرامي لجريمة االتجار بالبشر في ( البيع او العرض للبيع او الشراء او الوعد بها او
االستخدام) كما انه لم يحدد مسئولية جنائية وعقوبات لالشخاص االعتبارية وذلك خالفا
114
ب -بما ان االتجار بألشخاص تجارة متوطنة او عابرة للحدود بين الدول فان اجراءات اي دولة
بمفردها تبقي قاصرة للحد من هذه الظاهرة والبد من تعاون دولي بهذا الخصوص وان دفع
الدول باتجاه تبني اتفاقية دولية ملزمة للدول في االمم المتحدة قد اصبح خيارا البد منه التنظيم
ت -نشر الوعي والتنسيق والتعاون بين كافة الجهات لنشر معلومات حول التشريعات الوطنية ذات
العالقة وادخال قانون منع االتجار بالبشر والتشريعات الخاصة في المناهج المدرسي وتسليط
الضوء على جرائم االتجار في وسائل االعالم المختلفة ومن خالل الدراما التلفزيونية ومن
ث -تاهيل وتدريب الشرطة فيما يتعلق بجرائم االتجار بألشخاص ووجود قسم شرطة خاص
باالطفال والنساء المعنفات وخاصةً اذا كان ذلك مرتبط باالتجار بهم وان يدير هذا القسم
ج -ان مواجهة االتجار بالبشر على المستوى الداخلي الوطني امر مطلوب وفعال ،ومما يقرره
هذه الفاعليه هو تطوير التعاون بمختلف صوره لواد هذه الظاهرة ،من خالل التعاون الدولي
تشير الى تعاظم ظاهرة االتجار بالبشر في دول المشرق العربي ،سواء من خالل استغالل
الضحايا للعمل القسري ،ام استغالل الجنسي ،حيث نري القيام بمايلي
-1اتخاذ التدابير الفعالة للحد من التاشيرات وتصاريح اإلقامة للعمال االجانب التي اليرتبط
بوظيفة فعلية.
-2بذل جهود اكبر في مكافحة ظاهرة التسول لالطفال والحد من ظاهرة تسرب االطفال من
المدارس.
115
-3اطالق حملة توعية بين الجيل الناشئ في المدارس والمعاهد والجامعات عن مخاطر العبودية
-4االعالن المباشر من الجهات المختصة واللجنة الوطنية الخاصة بمكافحة االتجار بالبشر
وبصورة شفافة عن حجم ظاهرة االتجار بالبشر في قطر ،ونوع استغالل الضحية ،والتعريف
-5وضع الية واضحة ومحددة لسفر ونقل الطفال عبر الدول السيما ذوي االحتياجات الخاصة .
-6حسن اختيار الموظفين والعاملين في الدوائر والوحدات ذات الصلة بمكافحة االتجار
ح -البد من التنويه الى ان البداية الصحيحة في سبيل مواجهة ظاهرة االتجار بالبشر ،ليس بكثرة
القوانين التجريمية والعقابية التي تتصدي لهذه الظاهرة ،انما بقيام حكومات الدول المختلفة
برفع المستوى المعيشي الفراد الشعب ،والمساواة في الدخول بين مواطنيها ،والمساواة في
الحقوق السياسية والمدنية ،ومكافحة الفساد ،اعماال لقاعدة ( الوقاية خير من العالج).
خ -يجب على المنظمات الدولية التعامل مع جرائم االتجار بالبشر بمزيد من الحزم والشدة
كاعتبارها جريمة دولية وتخصص لها محاكم جنائية دولية لردع تلك االفعال التي تتعدي على
حقوق االنسان.
د -ضرورة التطوير الدائم والمستمر للتشريعات والقوانين ذات الصلة بقضايا انتهاك حقوق الطفل
ذ -تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة االتجار بالبشر من خالل عقد اتفاقيات ثنائية وجماعية
مع كافة دول العالم ،اذا يصعب مكافحة هذا الظاهرة بدون تعاون دولي نشيط وفعال.
116
ر -تفعيل القوانين العابرة للحدود ومد السلطة القضائية لمحكمة الجناة اينما كانوا وايا كانوا ،
وفرض عقوبات شديدة بحقهم واالتخاذ التدابير المالئمة لضمان عدم عودتهم الى االجرام.
ز -مراقبة التطورات التكنولوجية والحد من ظاهرة تسخيرها واستخدامها لخدمة الجريمة المنظمة
العابرة للحدود ،وذلك من خالل سن قوانين خاصة تنظم استخدام وسائل االتصاالت الحديثة
،وتحدد عقوبات مشددة على من يستخدمها في امور منافية لالخالق والدين السيما االستغالل
س -الغاء نطام الكفالة المعمول به في الدول العربية ،واستبداله باخر يضمن للعمالت الحق في
استالم االجر الشهري في موعده ،والحق في فسخ عقد العمل ،واالحتفاظ بجواز السفر
والمقتنيات الشخصية ،والتغطية الصحية الشاملة وحقوقها االنسانية كعاملة ،اضافة الى الحق
ش -تشريع قانون جنائي عالمي موحد على تعقب ومعاقبة مرتكبي االنتهاكات الجنائية الخطيرة
لحقوق االنسان ،خاصة تلك التي تشكل جريمة كجريمة االتجار بالنساء واالطفال ،وغيرها
من الجرائم ذات االمتداد الدولي وانشاء لجنة لمراقبة تطوير وتنفيذ هذا القانون بشكل فعال ،
وهذا قد يعتبر افضل من وجود قوانين مختلفة لكل دولة مادامت انتهاكات حقوق االنسان تعد
ص -النص صراحة على جريمة االتجار بالنساء واالطفال كواحده من الجرائم التي يمكن اضافتها
الى بقية الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،وتحديد العقوبة
المناسبة لها ،وذلك حتي تستوفي ركن الشرعية التي يجعلها ترتقي الى مصاف الجرائم الدولية
.
117
قائمة المصادر و المراجع
د /احمد ابراهيم حسن ،تاريخ النظم القانونية واالجتماعية ،الجزء االول دار المطبوعات الجامعية
© 2000
ا /احمد نظام المجالي ،جرائم االتجار بالبشر نطاق المواجهة الجنائية دراسة مقارنة ،جامعة االردن ،
د /احسن بو سقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر،
© . 2011
د /احمد فتحي سرور ،الوسيط ،في قانون العقوبات ،القسم العام ،ط ،6القاهرة ،دار النهضة العربية
© .1996
د /احمد لطفي السيد مرعي ،استراتيجية مكافحة جرائم االتجار بالبشر(دارسة مقارنة ) ،دار الكتاب
الجامعي للنشر والتوزيع ، 2016،جدة ،جامعة الملك سعود ،كلية الحقوق والعلوم السياسية© .
د /السيد عبد الحميد فوده ،القانون العراقي القديم ،دار النهضة © .1982 ،
د /ايمان محمد الجابري ،الحماية الجنائية للطفل ،دراسة مقارنة ،كلية الشرطة ابو ظبي .2010 ،
©
الشيخ /ابراهيم محمد الحسن الجمل ،الرق في الجاهلية واالسالم ،مجلة الجماعة االسالمية ،المدينة
المنورة© . 1975
د /جمال ابراهيم الحيدري الوافي في شرح احكام القسم العام من قانون العقوبات ،ط ، 1بغداد ،مكتبة
السنهوري © . 2012
118
د /حسن على الشاذلي ،الجانيات في الفقه االسالمي دارسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون ،دار
د /حمدي شفيق ،االسالم محرر العبيد ،دار التقريب بين المذاهب االسالميه بالقاهره © . 1949 ،
د /حامد سيد محمد حامد ،االتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين االسباب التداعيات
د /خالد بن سليم الحربي ،ضحايا التهريب البشري من االطفال – جامعة نايف العربية للعلوم االمنية
د /خالد مصطفي فهمي ،النظام القانوني لمكافحة جرائم االتجار بالبشر في ضوء االتفاقيات الدولية
د /دهام اكرم عمر ،جريمة االتجار بالبشر (دراسة مقارنة ) ،دار الكتب القانونية 2011م ©
المحامية /راميا محمد شاعر ،االتجار بالبشر قراءة قانونية اجتاعية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،
د /سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة القانون الدولي الجنائي (جرائم االبادة الجماعية وجرائم ضد
د /سهيل حسين الفتالوي ،موسوعة المنظمات الدولية لالمم المتحدة ج ( 3االنجازات واالتفاقيات)
د /سراج محمد الروبي ،االنتربول ومالحقة المجرمين ،ط ، 1القاهرة ،الدار المصرية اللبنانية ،
© .1998
119
د /سليمان عبد المنعم ،الجوانب االشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين ،ط ، 1االسكندرية
د /سمر بشير خيري ،الجريمة المنظمة العابرة للحدود ،منشورات الحلبي الحقوقية ،سوريا ،
©.2017
د /سالم ابراهيم بن احمد النقبي ،جرائم االتجار بالبشر واستراتيجيات مكافحتها على الصعيدين الدولي
د /سمير عالية ،شرح قانون العقوبات (القسم الخاص) ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر.2001 ،
©
د /صوفي ابو طالب ،تاريخ النظم القانونية واالجتماعية القديمة ،دار النهضة العربية 1976م © .
د /عمر ابو الفتوح المحامي ،االتجار باالعضاء البشرية بين الواقع والقانون دراسة مقارنة ،دار
د /عادل الماجد ،مكافحة االتجار بالبشر في االتفاقيات الدولية والقانون الوطني ،سلسلة الدراسات
د/عروبة جبار الخزرجي ،القانون الدولي لحقوق االنسان ،ط ، 1عمان دار الثقافة للنشر والتوزيع
د /على عبد القادر القهوجي ،شرح قانون العقوبات القسم العام (دراسة مقارنة) بيروت منشورات
د /على هلوهول المرويلي مكافحة االتجار بالبشر ط ، 1الرياض ،مكتبة الملك فهد الوطنية 2012
©.
120
د /على حسين الخلف ،الوسيط في شرح قانون العقوبات (المبادئ العامة ،مصادر القانون الجنائي
د /عبد الفتاح الصيفي ،الجريمة المنظمة التعريف واالنماط واالتجاهات ،اكاديمية نايف العربية للعلوم
د /عمرو حسين عباس ،ادلة االثبات الجنائي والجرائم المعلوماتية ،بحث مقدم الى المؤتمر االقليم
الثاني حول تحديد تطبيق الملكية الفكرية في الوطن العربي في الفترة من 2008/4/27-2مقر جامعة
د /عبد الفتاح بهيج العواري ،جريمة خطف االطفال ،المركز القومي لالصدارات القانونية القاهرة،
د /عبد هللا ناصح علوان ،نظام الرق في االسالم ،دار السالم القاهرة 2004 ،م© .
د /عبد الهادي هاشم محمد ،االتجار بالبشر بين الفقه االسالمي والقانون الوضعي ،دار الفكر الجامعي
د /عبد الواحد محمد الفار الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ،دار النهضة العربية ،القاهرة .2007،
©
د /عبد الفتاح محمد سراج ،النظرية العامة لتسليم المجرمين ،دراسة تحليلية ،بدون دار نشر .2005 ،
©
د /عبد الودود شلبي ،مجتمع بال فوارق ،دار الثقافة ،القاهرة 2015م© .
د/عمر الفاروق الحسني ،المشكالت الهامة في الجرائم المتصلة بالحاسب االلي وابعادها الدولية ،
121
د /عبد اللطيف دحية ،التعاون الدولي لمكافحة جرائم االتجار بالبشر ،دار المعتز للنشر والتوزيع ،
، 2018الجزائر© .
د /عبد القادر عودة التشريع الجنائي االسالمي ج 1دار الكتاب العربي رقم © .477
استاذ /عبد السالم الترمانيني ،الرق ماضيه وحاضره ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واالداب -
د /فوزية عبد الستار ،االسالم وحقوق االنسان ،القاهرة ،مكتبة الفالح © .2004
د /فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات ( القسم الخاص) بغداد ،مطبعة الزمان .1996 ،
©
د /فايز محمد حسين محمد ،قانون مكافحة االتجار بالبشر في مصر وحماية حقوق االنسان ،قراءة
مقارنة سنة ، 2010مجلة الحقوق للبحوث القانونية واالقتصادية كلية الحقوق جامعة االسكندرية ©
د /ماجد حاوي علوان الربيعي ،حظر االتجار بالبشر في القانون الدولي (راسة مقارنة مع التشريعات
د /محمد هشام محمد عزمي االتجار بالبشر والجريمة المنظمة ،دار الثقافة للنشر .والتوزيع عمان،
© . 2008
د/مصطفي الرحيباني ،مطالب اولي النهي في شرح غاية المنتهي ،المكتب االسالمي ،دار الكتب
د /مامون محمد سالمة قانون العقوبات القسم الخاص ،ج 1بدون مكان نشر ،دار الفكر العربي سنة
© . 1988
د /محمود نجيب حسني ،قانون العقوبات (القسم العام) ،القاهرة ،دار النهضة العربية © . 1989 ،
122
د /محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،
© .1992
د /محمود السقا ،تاريخ القانون المصري ،مكتبة القاهرة الحديثة 1974م © .
د /محمود سالم زناتي ،النظم االجتماعية والقانونية في بالد النهرين وعند العرب قبل االسالم ،مكتبة
د /محمود شريف بسيوني ،الجريمة المنظمة عبر الوطنية ماهيتها ووسائل مكافحتها عربيا ودوليا ،
د /محمد عبد الهادي الشقنقري ،مذكرات في تاريخ القانون المصري ،الطبعة االولي 1977/ 1976م
د /محمد يحيي مطر ،الجهود الدولية في مكافحة االتجار بالبشر ،جامعة االمير نايف للعلوم االمنية
2012م© .
د /هاللي عبد هللا احمد ،شرح قانون العقوبات القسم العام ط© . 1987 1
د /هشام عبد العزيز مبارك ،تسليم المجرمين بين الواقع والقانون ،ط ، 1القاهرة ،دار النهضة العربية
د /هادي نعيم المالكي ،المدخل لدراسة القانون الدولي لحقوق االنسان © .2011 ،
د /وهبة الزحيلي ،اثار الحرب في االسالم ،دراسة مقارنة ،دار الفكر دمشق ،الطبعة الثالثة 1998م.
©
ا /وحاشية الشلبي ،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ،المطبعة الكبري االميرية بوالق ،القاهرة 1313هـ
،ج© .5
123
د /يوسف حسن يوسف ،جريمة الرق واالتجار بالبشر وفق القوانين الدولية وطرق مكافحتها ،المكتب
ا /فريدة شبري ،تحديد نظام تسليم المجرمين ،رسالة ماجستير ،مقدمة الى مجلس كلية الحقوق في
د /محمد نيازي حتاته ،جرائم البغاء ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة © . 1983 ،
ا /طالل رفيفان الشرفات ،جرائم االتجار بالبشر ،دراسة مقارنة ،رسالة ماجستير ،عمان .2012 ،
©
ا /المرزوق ،خالد بن محمد سليمان ،جريمة االتجار بالنساء واالطفال وعقوباتها في الشريعة االسالمية
والقانون الدولي ،وسالة ماجستير ،جامعة نايف العربية للعلوم االمنية الرياض © .2005 ،
ا /محمد محمود الشناوي ،مكافحة جرائم االتجار بالبشر ،رسالة دكتوراه جامعة القاهرة كلية
الحقوق© .2012
(سورة البقرة -سورة البلد -سورة االسراء –المائدة-النساء -سورة محمد -سورة القراءن الكريم
يوسف )
العهد الجديد رسالة بولس الرسول الى اهل افسس االصحاح السادس .
الجمع بين الصحيحين محمد بن فتوح الحميدي دار بن حزم رقم200 22ج. 3
تهذيب اللغة دار احياء التراث العربي بيروت ج 3ص 269مقاييس اللغة ج 2ص.3
124
قانون اتحادي 51لسنة 2006بشان مكافحة جرائم االتجار بالبشر االماراتي المعدل بالقانون رقم 1
لسنة .2015
بروتوكول باليرمو لمنع ،قمع ومعاقبة االتجار بألشخاص السيما النساء واالطفال لعام .2000
البروتوكول االختياري التفاقية حقوق الطفل بشان بيع االطفال واستغاللهم في البغاء وفي المواد
االباحية لعام.2001
اإلتفاقية رقم 29التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية عام .1930
اإلتفاقية التكميلية البطال الرق وتجارة الرقيق واالعراف والممارسات الشبيهة بالرق لعام .1956
http //www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-12582.htm
http //www.unodc.org
http //www.humantrafficking.org
http //www.kotobarabia.com
http //www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=553914
http //www.al-watan.com/news-details/id/110759
https //www.sasapost.com/human-trafficking
125
المالحق
ملحق (أ)
تجسيد المعاناة
ان احدى الجوانب الكريهة للعبودية المعاصرة ،هي جعل الحياة االنسانية سلعة يتم تحديد قيمة مالية
لحياة االنسان ،ويتم تحديد سعر لحرية الضحية ،واننا ال نستطيع حقا فهم مأساة االتجار بالبشر ،وال
نستطيع التغلب عليها ،اال اذا علمنا من هم ضحاياها ،وكيف يمكن ان نعالج هذه االفة االقتصادية
126 السوداء