حمياز سمير

You might also like

You are on page 1of 23

‫ورقة بحثية مقدمة للملتقى الدولي المنظم‬

‫من طرف جامعة قالمة حول‪:‬‬

‫صناعة المستقبل في السياسات العربية‪ :‬نحو تفعيل لدور الدراسات المستقبلية‬

‫يومي‪ 8 :‬و‪ 9‬ديسمبر ‪2018‬‬

‫بعنوان‪:‬‬

‫البنية الجيوسياسية العربية في ظل المتغيرات الدولية الراهنة‪ :‬بين مخاطر التدخالت األجنبية‬

‫وتحديات مشاريع التفكيك وإ عادة البناء‬

‫االسم واللقب‪ :‬سمير حمياز‪.‬‬


‫الرتبة العلمية‪ :‬أستاذ محاضر "ب"‪.‬‬
‫التخصص‪ :‬عالقات دولية‪.‬‬
‫الوظيفة‪ :‬أستاذ جامعي‪.‬‬
‫مجال البحث‪ :‬القضايا الجيوسياسية واإلستراتيجية‪.‬‬
‫المؤسسة‪ :‬جامعة بومرداس‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.‬‬
‫الهاتف‪0560542773 :‬‬
‫البريد االلكتروني‪samirhamiaz@hotmail.com:‬‬
‫محور المداخلة‪ ،‬المحور األول‪ :‬اتجاهات األحداث‪ :‬العالم العربي في بيئة متغيرة‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫البنية الجيوسياسية العربية في ظل المتغيرات الدولية الراهنة‪ :‬بين مخاطر التدخالت األجنبية‬
‫وتحديات مشاريع التفكيك وإ عادة البناء‬
‫د‪.‬حمياز سمير‪ ،‬أستاذ محاضر "ب"‬
‫جامعة بومرداس‬
‫‪samirhamiaz@hotmail.com‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫يحاول الموضوع محل الدراسة‪ ،‬البحث في التحديات اإلستراتيجية التي تواجه العالم العربي في‬
‫ظل المتغيرات الدولية الراهنة‪ ،‬بين مخاطر التدخالت األجنبية وتحديات مش‪NN‬اريع التفكي‪NN‬ك وإ ع‪N‬ادة البن‪NN‬اء‪،‬‬
‫فض‪NN‬ال عن إب‪NN‬راز المض‪NN‬اعفات الخط‪NN‬يرة ال‪NN‬تي أفرزته‪NN‬ا ه‪NN‬ذه الت‪NN‬دخالت والمش‪NN‬اريع على المنطق‪NN‬ة‪ ،‬واق‪NN‬تراح‬
‫أفض‪NN N‬ل الخي‪NN N‬ارات والب‪NN N‬دائل اإلس‪NN N‬تراتيجية‪ ،‬ال‪NN N‬تي يمكن أن ترتك‪NN N‬ز عليه‪NN N‬ا ال‪NN N‬دول العربي‪NN N‬ة في المس‪NN N‬تقبل‪،‬‬
‫لمواجه‪NN‬ة الت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة ومخ‪NN‬اطر االخ‪NN‬تراق والتقس‪NN‬يم ال‪NN‬تي تع‪NN‬اني منه‪NN‬ا البني‪NN‬ة الجيوسياس‪NN‬ية العربي‪NN‬ة‬
‫الراهنة‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study aims to examine the strategic challenges facing the Arab World in the‬‬
‫‪context of the current international changes, between the risks of foreign interventions and the‬‬
‫‪challenges of division projects in the region. This paper also, attempts to highlight the dangers‬‬
‫‪repercussions of these projects on the region, and propose solutions and strategies capable of‬‬
‫‪confronting the dangers of division in the Arab world.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يشكل العالم العربي في ظل المتغيرات الدولي‪N‬ة الراهن‪N‬ة‪ ،‬أح‪N‬د الفض‪N‬اءات الجيوسياس‪N‬ية "الحساس‪N‬ة"‬
‫األكثر تأثرا بإستراتيجيات التدخل الدولي وبمشاريع التفكيك وإ ع?ادة البن??اء‪ ،‬ال‪NN‬تي تهندس‪NN‬ها وتس‪NN‬عى إلى‬
‫تكريسها قوى الهيمنة الدولية في هذه المنطقة ال‪NN‬تي تحظى بأهمي‪NN‬ة حيوي‪NN‬ة في الجيوسياس‪NN‬ة العالمي‪NN‬ة‪ ،‬بحكم‬
‫أهميتها الجيواستراتيجية والطاقوية في الصراع على الهيمنة العالمية‪.‬‬
‫والمالح‪NN‬ظ أن المنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة‪ ،‬وبش‪NN‬كل أخص ال‪NN‬دول المت‪NN‬أثرة "ب‪NN‬الربيع الع‪NN‬ربي"‪ ،‬أص‪NN‬بحت تمث‪NN‬ل‬
‫إح‪NN‬دى الس‪NN‬احات المفتوح‪NN‬ة أم‪NN‬ام مختل‪NN‬ف أس‪NN‬اليب وص‪NN‬ور الت‪NN‬دخل ال‪NN‬دولي‪ ،‬س‪NN‬واء ك‪NN‬انت قمعي‪NN‬ة مباش‪NN‬رة من‬
‫خالل تحري ‪NN‬ك الجي ‪NN‬وش النظامي ‪NN‬ة‪ ،‬وف??ق المنط??ق "الكالوزفي??تزي" "الح??رب هي اس??تمرار للسياس??ة ولكن‬
‫بوس ??ائل أخ ??رى"‪ ،‬أو من خالل اللج‪NN N‬وء إلى تكتيك‪NN N‬ات الت‪NN N‬دخل واالخ‪NN N‬تراق غ‪NN N‬ير المباش‪NN N‬ر‪ ،‬بغي‪NN N‬ة تحقي‪NN N‬ق‬
‫الرهان‪NN N‬ات اإلس‪NN N‬تراتيجية المس‪NN N‬طرة في مفك‪NN N‬رة السياس‪NN N‬ات الخارجي‪NN N‬ة للق‪NN N‬وى المتدخل‪NN N‬ة في ه‪NN N‬ذه المنطق‪NN N‬ة‬
‫المركزية في السياسة الدولية‪ ،‬والتي تحظى بأهمية بالغة في لعبة التوازنات الجيوسياسية والدولية‪.‬‬
‫عالوة على المخ ‪NN N‬اطر ال ‪NN N‬تي تفرزه ‪NN N‬ا الت ‪NN N‬دخالت الدولي ‪NN N‬ة‪ ،‬ف ‪NN N‬إن البني???ة الجيوسياس???ية العربي???ة‪،‬‬
‫وبالخصوص تلك الدول ال‪NN‬تي تن‪NN‬درج ض‪NN‬من "محور المقاومة أو الممانعة" المن‪NN‬اهض للسياس‪NN‬ة األمريكي‪NN‬ة‬
‫واإلس‪NN‬رائيلية في المنطق‪NN‬ة‪ ،‬تح‪NN‬ولت بع‪NN‬د "الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي" إلى موضوع وه?دف لمش??اريع التفكي??ك وإ ع?ادة‬

‫‪1‬‬
‫البناء التي شرعت إدارة المح‪N‬افظين الج‪N‬دد على تجس‪N‬يدها في منطق‪N‬ة الش‪N‬رق األوس‪N‬ط في أعق‪N‬اب الح‪N‬ادي‬
‫عشر من سبتمبر ‪.2001‬‬
‫وتأسيس ‪NN‬ا على ذل ‪NN‬ك‪ ،‬ف‪NNN‬إن مخرج??ات وم??آالت "الربي ‪NN‬ع الع ‪NN‬ربي" ال ‪NN‬تي تجلت باألس ‪NN‬اس في تن ‪NN‬امي‬
‫ظ ‪NN‬اهرة الفوض ‪NN‬ى‪ ،‬االنفالت األم ‪NN‬ني‪ ،‬انهي ‪NN‬ار الدول ‪NN‬ة الوطني ‪NN‬ة‪ ،‬االص ‪NN‬طفافات والص ‪NN‬راعات الطائفي ‪NN‬ة‪ ،..‬ق ‪NN‬د‬
‫اتس??قت وتم??اهت بش ‪NN‬كل واض ‪NN‬ح م ‪NN‬ع الرهان ‪NN‬ات واأله ‪NN‬داف ال ‪NN‬تي انط ‪NN‬وت عليه ‪NN‬ا المش ‪NN‬اريع ال ‪NN‬تي أطلقته ‪NN‬ا‬
‫الواليات المتحدة األمريكية في المنطقة بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪.2001‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن واقع الممارسة الدولية‪ ،‬يقر ب‪N‬أن م‪N‬ا ُأطل‪N‬ق علي‪N‬ه "بث‪N‬ورات الربي‪N‬ع الع‪N‬ربي"‬
‫ال يعدو أن يكون سوى استمرار في تجسيد مشاريع التفكيك وإ عادة البناء‪ ،‬المتمثلة أساس ‪NN‬ا في الفوضى‬
‫الخالقة‪ ،‬الشرق األوسط الكبير‪ ،‬فضال عن الطروحات االستشراقية الجديدة "لبرنارد لويس" التي ت‪NN‬دعو‬
‫إلى إعادة تقسيم المنطقة العربية وفق منطق "سايكس بيكو جديد" ولكن على أسس عرقية ومذهبية‪.‬‬
‫ض‪NN‬ف إلى ذل‪NN‬ك المراهن‪NN‬ة على إستراتيجية شد األطراف (دعم مح‪NN‬ور االعت‪NN‬دال) وإ ض?عاف دول‬
‫القلب وتفكيكه??ا ( مح‪NN‬ور المقاوم‪NN‬ة)‪ ،‬وب‪NN‬ذلك ينتظم المش??هد الجيوسياس??ي المس??تقبلي في المنطق??ة وف??ق‬
‫الرؤية األمريكية‪ ،‬وبالشكل الذي يودي إلى استدامة المصالح الحيوية العليا للواليات المتح ‪NN‬دة‪ ،‬ويضمن‬
‫أمن إسرائيل ويخدم تطلعاتها اإلقليمية في المنطقة العربية‪.‬‬
‫بي ‪NN‬د أن سياس ‪NN‬ات الت ‪NN‬دخل ال ‪NN‬دولي‪ ،‬ومش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء ال ‪NN‬تي يس ‪NN‬تمر تجس ‪NN‬يدها تحت‬
‫مس‪NN N‬مى "الربي‪NN N‬ع الع‪NN N‬ربي" (االس‪NN N‬تثمار في "الث‪NN N‬ورات" وتحويره‪NN N‬ا)‪ ،‬لم ت‪NN N‬ؤدي فق‪NN N‬ط إلى إف‪NN N‬راز مض‪NN N‬اعفات‬
‫خط ‪NN‬يرة على س ‪NN‬يادة دول المنطق ‪NN‬ة وأمنه ‪NN‬ا الق ‪NN‬ومي‪ ،‬وإ نم ‪NN‬ا أيض ‪NN‬ا أفض ‪NN‬ت إلى اإلجه??از على م??ا تبقى من‬
‫النظام اإلقليمي العربي‪.‬‬
‫األم‪NN N N N‬ر ال‪NN N N N‬ذي يس‪NN N N N‬تدعي "يقظ ? ??ة إس ? ??تراتيجية"‪ ،‬تفض‪NN N N N‬ي إلى بن‪NN N N N‬اء مجموع‪NN N N N‬ة من السياس‪NN N N N‬يات‬
‫واإلس ‪NN N‬تراتيجيات المس ‪NN N‬تقبلية‪ ،‬ال ‪NN N‬تي يمكن ترتك ‪NN N‬ز عليه ‪NN N‬ا ال ‪NN N‬دول العربي ‪NN N‬ة لمواجه ‪NN N‬ة الت ‪NN N‬دخالت األجنبي ‪NN N‬ة‬
‫ومش‪NN‬اريع التفكي‪NN‬ك وإ ع‪NN‬ادة البن‪NN‬اء في المنطق‪NN‬ة‪ .‬إذ يمكن أن تت‪NN‬وزع ه‪NN‬ذه الب‪NN‬دائل اإلس‪NN‬تراتيجية ض‪NN‬من ثالث‪NN‬ة‬
‫مس ‪NN‬تويات أساس ‪NN‬ية‪ ،‬على المس??توى الوط??ني‪ ،‬من خالل اس??تكمال مس??ار بن??اء الدول??ة الوطني??ة ومعالج??ة‬
‫الض??عف الهيكلي والعج??ز ال??وظيفي لألنظم ‪NN‬ة القائم ‪NN‬ة‪ .‬على المس??توى اإلقليمي‪ ،‬بالمراهن ‪NN‬ة على الخي??ار‬
‫التك??املي‪ ،‬وك??ذا العم??ل على بن??اء ترتيب??ات أمني??ة إقليمي??ة‪ ،‬أو ح ‪NN‬تى على المس??توى ال??دولي‪ ،‬من خالل‬
‫التنوي ??ع من الش ??ركاء ال ??دوليين‪ ،‬وبالخص‪NN N‬وص المراهن‪NN N‬ة على ال‪NN N‬دور الص‪NN N‬يني والروس‪NN N‬ي‪ ،..‬ليس فق‪NN N‬ط‬
‫لموازن?ة ومواجه?ة الت‪NN‬دخالت واألدوار ال‪NN‬تي تمارس‪NN‬ها ق?وى التفكي?ك في المنطق‪NN‬ة‪ ،‬وإ نم‪NN‬ا أيض‪NN‬ا الكتس?اب‬
‫هامش أوسع من المناورة ومن حرية العمل في السياسة الدولية‪.‬‬
‫أهداف الورقة البحثية‪:‬‬
‫تتوخى هذه الورقة البحثية‪ ،‬تحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫الكش ‪NN‬ف عن األبع ‪NN‬اد والرهان ‪NN‬ات ال ‪NN‬تي انط ‪NN‬وت عليه ‪NN‬ا اإلس ‪NN‬تراتجيات التدخلي ‪NN‬ة للق ‪NN‬وى الك ‪NN‬برى في‬ ‫‪‬‬
‫المنطق ‪NN‬ة العربي ‪NN‬ة‪ ،‬من ‪NN‬ذ أح ‪NN‬داث‪ 11‬س ‪NN‬بتمبر إلى "الث ‪NN‬ورات العربي ‪NN‬ة"‪ ،‬وك ‪NN‬ذا الوق ‪NN‬وف على دراس ‪NN‬ة‬
‫مض‪NN N‬امين مش‪NN N‬اريع التفكي‪NN N‬ك وإ ع‪NN N‬ادة البن‪NN N‬اء (الفوض‪NN N‬ى الخالق‪NN N‬ة‪ ،‬الش‪NN N‬رق األوس‪NN N‬ط الكب‪NN N‬ير‪ ،‬إذك‪NN N‬اء‬
‫الص ‪NN‬راعات الطائفي ‪NN‬ة) ال ‪NN‬تي طرحته ‪NN‬ا اإلدارة األمريكي ‪NN‬ة بع ‪NN‬د أح ‪NN‬داث ‪ 11‬س ‪NN‬بتمبر‪ ،‬وتس ‪NN‬تمر في‬
‫تجسيدها تحت مسمى "الربي‪N‬ع الع‪N‬ربي"‪ ،‬من خالل االس‪N‬تثمار في "الث‪N‬ورات العربي‪N‬ة" والعم‪N‬ل على‬
‫تحويرها‪.‬‬
‫التأس ??يس ل ??وعي إس ??تراتيجي مس ??تقبلي‪" ،‬يقظ ??ة إس ??تراتيجية"‪ ،‬بش ‪NN N‬أن المض ‪NN N‬اعفات والتبع ‪NN N‬ات‬ ‫‪‬‬
‫الخط‪NN‬يرة ال‪NN‬تي أفرزته‪NN‬ا إس‪NN‬تراتيجيات الت‪NN‬دخل ال‪NN‬دولي ومش‪NN‬اريع التفكي‪NN‬ك وإ ع‪NN‬ادة البن‪NN‬اء على البني‪NN‬ة‬
‫الجيوسياسية العربية الراهنة‪.‬‬
‫اقتراح الب‪N‬دائل والخي‪N‬ارات اإلس‪N‬تراتيجية المتاح‪N‬ة‪ ،‬ال‪N‬تي يمكن أن ت‪N‬راهن عليه‪N‬ا ال‪N‬دول العربي‪N‬ة في‬ ‫‪‬‬
‫المس ‪NN‬تقبل‪ ،‬لمواجه ‪NN‬ة الت ‪NN‬دخالت الدولي ‪NN‬ة ومخ ‪NN‬اطر االخ ‪NN‬تراق والتقس ‪NN‬يم ال ‪NN‬تي تع ‪NN‬اني منه ‪NN‬ا المنطق ‪NN‬ة‬
‫العربية وبخاصة دول "محور المقاومة"‪.‬‬
‫إشكالية الورقة البحثية‪:‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬تحاول هذه الورقة البحثية اإلجابة على اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫م ‪NN‬ا هي الرهان ‪NN‬ات واألبع ‪NN‬اد ال ‪NN‬تي تنط ‪NN‬وي عليه ‪NN‬ا إس ‪NN‬تراتيجيات الت ‪NN‬دخل ال ‪NN‬دولي ومش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك‬
‫وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء ال ‪NN‬تي تس ‪NN‬عى إلى تجس ‪NN‬يدها ق ‪NN‬وى الهيمن ‪NN‬ة الدولي ‪NN‬ة في الع ‪NN‬الم الع ‪NN‬ربي؟ وم ‪NN‬ا هي الت ‪NN‬داعيات‬
‫والمضاعفات التي أفرزتها هذه اإلستراتيجيات والمشاريع على البنية الجيوسياسية العربي‪NN‬ة الراهن‪NN‬ة؟ وم‪NN‬ا‬
‫هي الب‪NN N‬دائل والخي‪NN N‬ارات اإلس‪NN N‬تراتيجية المس‪NN N‬تقبلية المتاح‪NN N‬ة ال‪NN N‬تي يمكن أن ترتك‪NN N‬ز عليه‪NN N‬ا ال‪NN N‬دول العربي‪NN N‬ة‬
‫لمواجهة التدخالت الدولية ومخاطر االخ‪N‬تراق والتقس‪N‬يم ال‪N‬تي تع‪N‬اني منه‪N‬ا المنطق‪N‬ة العربي‪N‬ة‪ ،‬وبالخص‪NN‬وص‬
‫دول "محور المقاومة" بعد "الربيع العربي"؟‪.‬‬
‫فرضيات الورقة البحثية‪:‬‬
‫اتس‪NN N‬اقا م‪NN N‬ع اإلش‪NN N‬كالية المطروح‪NN N‬ة‪ ،‬ف‪NN N‬إن المنط‪NN N‬ق المنهجي يس‪NN N‬تدعي فحص واختب‪NN N‬ار الفرض‪NN N‬يات‬
‫التالية‪:‬‬
‫انتظام التوازنات الجيوسياسية واإلقليمية‪ ،‬بالشكل ال‪NN‬ذي يض‪NN‬من اس‪NN‬تدامة المص‪NN‬الح العلي‪NN‬ا للتح‪NN‬الف‬ ‫‪‬‬
‫األم ‪NN‬ريكي–اإلس ‪NN‬رائيلي في المنطق ‪NN‬ة العربي ‪NN‬ة‪ ،‬يتوق ‪NN‬ف على م ‪NN‬دى نج ‪NN‬اح اإلس ‪NN‬تراتيجيات التدخلي ‪NN‬ة‬
‫لتغيير النظم (وبخاصة في محور المقاومة) ومشاريع التفكيك وإ عادة البناء‪.‬‬
‫الضعف الهيكلي والعجز الوظيفي لألنظمة السياسية القائمة في المنطقة‪ ،‬أدى إلى تحف‪NN‬يز ق‪NN‬وى‬ ‫‪‬‬
‫الهيمن‪NN N‬ة الدولي‪NN N‬ة للت‪NN N‬دخل في ش‪NN N‬ؤون المنطق‪NN N‬ة والعم‪NN N‬ل تقس‪NN N‬يمها‪ ،‬بالش‪NN N‬كل ال‪NN N‬ذي يخ‪NN N‬دم مش‪NN N‬اريعها‬
‫ورهاناتها الجيوسياسية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫اإلس ‪NN‬تراتيجية التدخلي ‪NN‬ة ومش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء (الفوض ‪NN‬ى الخالق ‪NN‬ة‪" ،‬الربي ‪NN‬ع الع ‪NN‬ربي"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الشرق األوسط الكبير) أدت إلى اإلجهاز على ما تبقى من النظام اإلقليمي واألمني العربي‪.‬‬
‫فعالية اإلستراتيجيات المستقبلية لمواجه‪N‬ة الت‪N‬دخالت األجنبي‪N‬ة والتص‪N‬دي لمش‪N‬اريع التفكي‪N‬ك وإ ع‪N‬ادة‬ ‫‪‬‬
‫البن‪NN‬اء‪ ،‬مرهون‪NN‬ة بم‪NN‬دى النج‪NN‬اح في اس?تكمال مس?ار بن?اء الدول?ة الوطني?ة‪ ،‬بن?اء ترتيب?ات التكام?ل‬
‫اإلقليمي‪ ،‬والتنويع من الشركاء الدوليين‪ ،‬وبالخصوص التعامل مع روسيا‪ ،‬الص‪NN‬ين‪ ،..‬لموازن‪NN‬ة‬
‫ومواجهة مشاريع وأدوار قوى التفكيك في العالم العربي‪.‬‬
‫هيكلة وتقسيم الورقة البحثية‪:‬‬
‫س‪NN‬عيا لإلجاب‪NN‬ة على اإلش‪NN‬كالية واختب‪NN‬ار الفرض‪NN‬يات‪ ،‬فق‪NN‬د تم تقس‪NN‬يم ه‪NN‬ذه الورق‪NN‬ة البحثي‪NN‬ة إلى هيكل?ة‬
‫منهجية متضمنة للمحاور التالية‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬في تحديد المجال الجغرافي والقيمة اإلستراتيجية للمنطقة العربية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬اإلستراتيجيات التدخلية في المنطقة العربية‪ :‬منذ أحداث ‪ 11‬سبتمبر إلى "الربيع‬ ‫‪‬‬
‫العربي"‪ :‬األبعاد والرهانات‪.‬‬
‫المح??ور الث??الث‪ :‬البني ‪NN‬ة الجيوسياس ‪NN‬ية العربي ‪NN‬ة في مواجه ‪NN‬ة مش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء‪ :‬من‬ ‫‪‬‬
‫الفوضى الخالقة إلى ما بعد "الربيع العربي"‪.‬‬
‫المح??ور الراب??ع‪ :‬ت ‪NN‬داعيات اإلس ‪NN‬تراتيجيات التدخلي ‪NN‬ة ومش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء على البني ‪NN‬ة‬ ‫‪‬‬
‫الجيوسياسية العربية الراهنة‪.‬‬
‫المح? ??ور الخ? ??امس‪ :‬آلي ‪NN N‬ات التص ‪NN N‬دي والمواجه ‪NN N‬ة‪ :‬بحث في الب ‪NN N‬دائل والخي ‪NN N‬ارات اإلس ‪NN N‬تراتيجية‬ ‫‪‬‬
‫المستقبلية المتاحة‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬في تحديد المجال الجغرافي والقيمة اإلستراتيجية للمنطقة العربية‪.‬‬
‫تشكل المنطقة العربية أحد الفضاءات الجيوسياسية "الحساسة"‪ ،‬التي تحظى بأهمية بالغة في لعب‪NN‬ة‬
‫التوازن‪NN‬ات الدولي‪NN‬ة‪ ،‬وتحت‪NN‬ل مكان‪NN‬ة هام‪NN‬ة في س‪NN‬لم اس‪NN‬تراتيجيات الق‪NN‬وى الك‪NN‬برى‪ ،‬ليس فق‪NN‬ط بحكم مركزي?ة‬
‫المنطقة في السياسة الدولية‪ ،‬وإ نما أيضا بالنظر إلى أهميتها الحيوية على جميع األصعدة الجيوسياس‪NN‬ية‪،‬‬
‫الجيواقتصادية‪ ،‬والحضارية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تحديد النطاق الجغرافي للمنطقة العربية‪:‬‬
‫ُيطل ‪NN‬ق مص ‪NN‬طلح المنطق ‪NN‬ة العربي ‪NN‬ة (الع ‪NN‬الم الع ‪NN‬ربي)‪ ،‬للدالل ‪NN‬ة على ذل ‪NN‬ك النط ‪NN‬اق الجغ ‪NN‬رافي الش ‪NN‬ديد‬
‫االتس‪NN‬اع‪ ،‬والممت‪NN‬د من المحي‪NN‬ط إلى الخليج‪ ،‬وال‪NN‬ذي يجم‪NN‬ع بين المش‪NN‬رق والمغ‪NN‬رب الع‪NN‬ربي‪ .‬إذ يش‪NN‬كل ه‪NN‬ذا‬
‫الح ‪NN‬يز الجغ ‪NN‬رافي ملتقى تق ‪NN‬اطع الق ‪NN‬ارات الثالث‪ ،‬إفريقي ‪NN‬ا‪ ،‬أوروب ‪NN‬ا وآس ‪NN‬يا‪ ،‬فض ‪NN‬ال عن كون ‪NN‬ه يمث ‪NN‬ل خط ‪NN‬ا‬
‫(‪)1‬‬
‫حدوديا فاصال بين الشرق والغرب أو بين العالم اإلسالمي والعالم المسيحي‪.‬‬
‫والمالحظ أن النطاق الجغرافي للعالم العربي‪ ،‬يتم‪N‬اهى م‪N‬ع مص‪N‬طلح الش‪N‬رق األوس‪N‬ط ال‪N‬ذي أطلق‪N‬ة‬
‫"ألفري??د ماه??ان" ع ‪NN‬ام ‪ ،1902‬بي ‪NN‬د أن الكتاب ‪NN‬ات اإلس ‪NN‬تراتيجية الغربي ‪NN‬ة تفض ‪NN‬ل اس ‪NN‬تخدام مص ‪NN‬طلح الش ‪NN‬رق‬

‫‪4‬‬
‫األوس ‪NN‬ط ب ‪NN‬دال من مص ‪NN‬طلح ال ‪NN‬وطن الع ‪NN‬ربي‪ ،‬وذل ‪NN‬ك من أج ‪NN‬ل ال ‪NN‬زج بإس ‪NN‬رائيل وجعله ‪NN‬ا كيان ‪NN‬ا طبيعي ‪NN‬ا في‬
‫المنطق ‪NN‬ة العربي ‪NN‬ة‪ ،‬فض ‪NN‬ال عن اجتث ‪NN‬اث الحس الوح ‪NN‬دوي واستئص ‪NN‬ال العناص ‪NN‬ر الدافع ‪NN‬ة والمحف ‪NN‬زة لتحقي ‪NN‬ق‬
‫الوح ‪NN‬دة والتكام ‪NN‬ل بين دول المنطق ‪NN‬ة‪ )2(.‬كم ‪NN‬ا أن االس ‪NN‬تخدامات الغربي ‪NN‬ة لمص ‪NN‬طلح الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط يغلب‬
‫عليه???ا الط???ابع التحكمي‪ ،‬باعتباره ‪NN N‬ا اس ‪NN N‬تندت في تعريفاته ‪NN N‬ا للش ‪NN N‬رق األوس ‪NN N‬ط إلى مع???ايير واعتب???ارات‬
‫إستراتيجية أكثر منها جغرافية وموضوعية‪ )3(.‬وعليه‪ ،‬فالشرق األوسط من منظور غربي هو مص ‪NN‬طلح‬
‫فضفاض ومطاط قد يضيق ويتسع بحسب الرؤى والمصالح الجيوسياسية لقوى الهيمنة الدولية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األهمية الجيوسياسية للمنطقة العربية‪:‬‬
‫إذا تناولن‪NN N‬ا أهمي‪NN N‬ة المنطق‪NN N‬ة العربي‪NN N‬ة على ه‪NN N‬دي النظري‪NN N‬ات الجيوسياس‪NN N‬ية‪ ،‬ف‪NN N‬إن المنطق‪NN N‬ة حس‪NN N‬ب‬
‫طروحات "هالفورد ماكيندر" تشكل أح‪N‬د مراك‪N‬ز الثق‪N‬ل األساس‪N‬ية في جزي‪N‬رة الع‪N‬الم‪ ،‬كم‪N‬ا أن المنطق‪N‬ة تمث‪N‬ل‬
‫حلق‪NN‬ة اتص‪NN‬ال ورب‪NN‬ط بين قل‪NN‬بي األرض الش‪NN‬مالي والجن‪NN‬وبي‪ ،‬وعلي‪NN‬ه‪ ،‬فالمنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة تع‪NN‬د بح‪NN‬ق مح‪NN‬ورا‬
‫رئيس ‪NN N‬يا من مح ‪NN N‬اور إس ‪NN N‬تراتيجيات الهينم ‪NN N‬ة العالمي ‪NN N‬ة‪ .‬كم ‪NN N‬ا تع ‪NN N‬د المنطق ‪NN N‬ة العربي ‪NN N‬ة في ض ‪NN N‬وء النظري ‪NN N‬ة‬
‫الجيوسياس‪NN‬ية ال‪NN‬تي طرحه‪NN‬ا "نيكوالس سبيكمان" ج‪NN‬زءا أساس‪NN‬يا من "المحي‪NN‬ط األرض‪NN‬ي" "‪ "Rimlands‬ال‪NN‬ذي‬
‫(‪)4‬‬
‫يعتبر التحكم فيه مدخال أساسيا لتحقيق السيطرة العالمية‪.‬‬
‫وت‪NN‬برز األهمي‪NN‬ة الجيوسياس‪NN‬ية للع‪NN‬الم الع‪NN‬ربي‪ ،‬في كون‪NN‬ه يش‪NN‬رف على مض‪NN‬ائق إس‪NN‬تراتيجية ومع‪NN‬ابر‬
‫(‪)5‬‬
‫بحري‪NN‬ة هام‪NN‬ة‪ ،‬ومن ذل‪NN‬ك‪ ،‬قن‪NN‬اة الس‪NN‬ويس‪ ،‬مض ‪NN‬يق ع‪NN‬دن‪ ،‬مض ‪NN‬يق جب‪NN‬ل ط‪NN‬ارق‪ ،‬ومض ‪NN‬يق ب‪NN‬اب المن‪NN‬دب‪.‬‬
‫عالوة على ذل‪NN‬ك‪ ،‬ف‪NN‬إن اتس‪NN‬اع الح‪NN‬يز الجغ‪NN‬رافي للع‪NN‬الم الع‪NN‬ربي ي‪NN‬وفر للمنطق‪NN‬ة العم‪NN‬ق اإلس‪NN‬تراتيجي والق‪NN‬درة‬
‫على نشر القواعد العسكرية الكفيلة بالدفاع وتأمين المنطقة من التهديدات والمخاطر الخارجية‪.‬‬
‫بالنظر إلى أهمية المنطقة ومركزيتها في الجيوسياسية العالمي??ة‪ ،‬يق‪NN‬ول "ج??ورج لينزوس??كي" في‬
‫مؤلف ‪NN‬ه الش ‪NN‬هير "الش??رق األوس??ط في الش??ؤون العالمي??ة"‪" :‬ال يمكن ألي??ة سياس??ة خارجي??ة رش??يدة تس??عى‬
‫(‪)6‬‬
‫للهيمنة أن تتجاهل الشرق األوسط وأثره على بقية مناطق العالم‪".‬‬
‫ثالثا‪ :‬األهمية الجيواقتصادية للمنطقة العربية‪:‬‬
‫تحظى المنطقة العربية بأهمية بالغة على الصعيد الجيواتصادي‪ ،‬باعتبارها تمتاز ب‪N‬وفرة الم‪N‬وارد‬
‫الطبيعي‪NN‬ة وال‪NN‬ثروات المعدني‪NN‬ة ومص‪NN‬ادر الطاق‪NN‬ة‪ ،‬إذ تش‪NN‬ير لغ‪NN‬ة األرق‪NN‬ام إلى أن الع‪NN‬الم الع‪NN‬ربي يحت‪NN‬وي على‬
‫ثلثي ‪ %63‬من االحتي‪NN‬اطي الع‪NN‬المي المؤك‪NN‬د من النف‪N‬ط‪ .‬وعلى ح‪NN‬والي ‪ % 24‬من االحتي‪NN‬اطي الع‪NN‬المي من‬
‫الغاز الطبيعي‪ ،‬كموارد حيوية وإ ستراتيجية بالنسبة لحضارة التصنيع العالمية‪.‬‬
‫(‪)7‬‬

‫كم ‪NN‬ا أن األهمي ‪NN‬ة الجيواقتص ‪NN‬ادية للع ‪NN‬الم الع ‪NN‬ربي‪ ،‬ال تكمن فق ‪NN‬ط في أهمي ‪NN‬ة موقع??ه المتوس??ط ال ‪NN‬ذي‬
‫يتحكم في ط‪NN‬رق المواص‪NN‬الت ال‪NN‬تي تعت‪NN‬بر بمثاب‪NN‬ة الش‪NN‬رايين الحيوي‪NN‬ة للتج‪NN‬ارة الدولي‪NN‬ة‪ ،‬وإ نم‪NN‬ا أيض‪NN‬ا بحكم‬
‫اش ‪NN‬تماله على س ‪NN‬وق اس ‪NN‬تهالكية واس ‪NN‬عة‪ ،‬مم ‪NN‬ا يجعل ‪NN‬ه يش ‪NN‬كل إح ‪NN‬دى الس ‪NN‬احات الرئيس ‪NN‬ية للح ‪NN‬روب التجاري ‪NN‬ة‬
‫المحتدمة بين القوى الفاعلة التي تحكم حركة االقتصاد العولمي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬األهمية الجيوحضارية للمنطقة العربية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫تكتسي المنطقة العربية أهمية بالغة على المستوى الجيوحضاري‪ ،‬بالنظر إلى كونها تش‪NN‬كل مه‪NN‬دا‬
‫للحض ‪NN N‬ارات ومرك ‪NN N‬زا لإلش ‪NN N‬عاع الثق ‪NN N‬افي والعلمي‪ ،‬فض ‪NN N‬ال عن كونه ‪NN N‬ا تمث ‪NN N‬ل مهبط ‪NN N‬ا لل ‪NN N‬ديانات الس ‪NN N‬ماوية‬
‫التوحيدية الثالث (اليهودي‪NN‬ة‪ ،‬المس‪NN‬يحية واإلس‪NN‬الم)‪ .‬وعلي‪NN‬ه‪ ،‬فالمنطق‪N‬ة تمث‪NN‬ل مهب‪NN‬ط ال‪NN‬وحي وأرض األنبي‪NN‬اء‪،‬‬
‫ذل‪NN‬ك أن ال‪NN‬ديانات الس‪NN‬ماوية الثالث ظه‪NN‬رت في منطق‪NN‬ة الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط ومنه‪NN‬ا انتش‪NN‬رت إلى ب‪NN‬اقي أنح‪NN‬اء‬
‫(‪)8‬‬
‫العالم‪.‬‬
‫ول??ذلك ليس من الغ??ريب أن يك??ون للمنطق??ة ثق??ل دي??ني وحض??ور وج??داني عن??د معتنقي ال??ديانات‬
‫الثالث عبر العالم‪.‬‬
‫تأسيس‪N‬ا على م‪N‬ا تق‪N‬دم‪ ،‬يتض‪NN‬ح أن األهمي‪N‬ة البالغ‪N‬ة ال‪N‬تي تحظى به‪N‬ا المنطق‪N‬ة العربي‪N‬ة‪ ،‬جعلته‪N‬ا تش‪N‬كل‬
‫مرك‪N‬ز اس‪N‬تقطاب ومح‪N‬ور ان‪N‬دفاع السياس‪N‬ات التدخلي‪N‬ة لق‪N‬وى الهيمن‪N‬ة الدولي‪N‬ة‪ ،‬فض‪N‬ال عن كونه‪N‬ا تح‪N‬ولت إلى‬
‫موض ??وع وه ??دف لمش‪NN N‬اريع التفكي‪NN N‬ك وإ ع‪NN N‬ادة البن‪NN N‬اء‪ ،‬قص‪NN N‬د إض‪NN N‬عاف المنطق‪NN N‬ة والس‪NN N‬يطرة على ثرواته‪NN N‬ا‬
‫ومقدراتها‪.‬‬
‫المح??ور الث??اني‪ :‬اإلس??تراتيجيات التدخلي??ة في المنطق??ة العربي??ة‪ :‬من??ذ أح??داث ‪ 11‬س??بتمبر إلى "الربي??ع‬
‫العربي"‪ :‬األبعاد والرهانات‪.‬‬
‫ب ‪NN‬الرغم من أن مب ‪NN‬دأ ع ‪NN‬دم الت ‪NN‬دخل‪ ،‬الس ‪NN‬يادة‪ ،‬اح ‪NN‬ترام ح ‪NN‬ق الش ‪NN‬عوب في تقري ‪NN‬ر مص ‪NN‬يرها واختي ‪NN‬ار‬
‫أنظمته ‪NN‬ا السياس ‪NN‬ية واالقتص ‪NN‬ادية‪ ،..‬بش??كل ح??ر وس??يد‪ ،‬تعت ‪NN‬بر من "القواع??د اآلم??رة" ال ‪NN‬تي أقره ‪NN‬ا الق ‪NN‬انون‬
‫الدولي لنقل العالقات والتفاعالت الدولية من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع حس‪NN‬ب التعب‪NN‬ير األث‪NN‬ير عن‪NN‬د‬
‫"ه?وبز"‪ ،‬إال سياس‪NN‬ات الق‪NN‬وى الك‪NN‬برى القائم‪NN‬ة على منط‪NN‬ق االس‪NN‬تخدام األح‪NN‬ادي للق‪NN‬وة‪ ،‬انتهكت ك‪NN‬ل القواع‪NN‬د‬
‫والمكاسب التي توصل إليها القانون الدولي‪.‬‬
‫والمالح‪NN‬ظ أن البني‪NN‬ة الجيوسياس‪NN‬ية العربي‪NN‬ة من‪NN‬ذ أح‪NN‬داث ‪ 11‬س‪NN‬بتمبر إلى "الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي" ش‪NN‬كلت‬
‫موضوع وهدف لمختلف صور التدخل الدولي س‪N‬واء ك‪N‬انت ه‪N‬ذه الت‪N‬دخالت مباش‪N‬رة أم غ‪N‬ير مباش‪N‬رة‪ ،‬كم‪N‬ا‬
‫يوضح الشكل التالي‪:‬‬

‫(‪)9‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)1‬أبعاد اإلستراتيجيات التدخلية الشاملة في المنطقة العربية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫استخدام القوة العسكرية لإلطاحة‬
‫تدخالت مباشرة‬ ‫باألنظمة‪ ،‬حروب إسباقية‪ ،‬تدخالت‬
‫‪...‬عسكرية لحماية حقوق اإلنسان‬

‫اإلستراتيجية التدخلية الشاملة في‬


‫مقاربة تدخلية شاملة‬
‫المنطقة العربية‬

‫مبادرات اإلصالح السياسي‬

‫تدخالت غير مباشرة‬ ‫والديمقراطي‪ ،‬الضغوطات‬


‫الخارجية‪ ،‬تمويل ودعم وتسليح‬
‫‪...‬المعارضة‬

‫أوال‪ :‬اإلستراتيجيات التدخلية في المنطقة العربية بعد أحداث‪ 11‬سبتمبر‪:‬‬


‫ارتك‪NN‬زت اإلس‪NN‬تراتيجية األمريكي‪NN‬ة لتغي‪NN‬ير النظم في المنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة على مقاربة تدخلية شاملة‪،‬‬
‫لم تقتصر فقط على االستخدام األحادي للقوة‪ ،‬وفق المنطق "الكالوزفيتزي" القائم على فكرة "الحرب هي‬
‫استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخ??رى"(‪ ،)10‬وإ نم ‪NN‬ا أيض ‪NN‬ا لج ‪NN‬أت إلى مختل ‪NN‬ف ص ‪NN‬ور وأس ‪NN‬اليب الت ‪NN‬دخل غ ‪NN‬ير‬
‫المباش ‪NN‬ر‪ .‬وق ‪NN‬د مثلت الض ‪NN‬ربات االس ‪NN‬تباقية بع ‪NN‬د أح ‪NN‬داث‪ 11‬س ‪NN‬بتمبر‪ ،‬المب??دأ الح??اكم والمح??رك للسياس ‪NN‬ة‬
‫الخارجي‪NN N‬ة األمريكي‪NN N‬ة في المنطق‪NN N‬ة‪ ،‬ليس فق‪NN N‬ط من أج‪NN N‬ل القض‪NN N‬اء على التنظيم‪NN N‬ات اإلرهابي‪NN N‬ة‪ ،‬وإ نم‪NN N‬ا أيض‪NN N‬ا‬
‫لتغيير األنظمة السياسية التي يتشكل منها "محور المقاومة" المناهض للسياسة األمريكية في المنطقة‪.‬‬
‫وق‪NN‬د تجلت ه‪NN‬ذه اإلس‪NN‬تراتيجية بش‪NN‬كل واض‪NN‬ح في الخط‪NN‬اب السياس‪NN‬ي األم‪NN‬ريكي‪ ،‬المتمح‪NN‬ور ح‪NN‬ول‬
‫مفاهيم بالغة الخطورة‪ ،‬من قبيل‪" :‬ترويض الدول"‪ " ،‬تأديب األمم"‪" ،‬إعادة بناء الدول"‪...‬الخ‪.‬‬
‫والالفت للنظ‪NNN‬ر‪ ،‬أن الت‪NNN‬دخالت العس‪NNN‬كرية األمريكي‪NNN‬ة لتغي ‪NN‬ير النظم‪ ،‬لم ترتك ‪NN‬ز فق ‪NN‬ط على التف ‪NN‬وق‬
‫العس‪NN‬كري الكاس‪NN‬ح للوالي‪NN‬ات المتح‪NN‬دة‪ ،‬ال‪NN‬ذي ي‪NN‬ركن إلى منطق الثورة في الش?ؤون العس?كرية (‪ )RMA‬أو‬
‫حتى استخدام الحلف األطلسي كظهير إستراتيجي في الحمالت األمريكية‪ ،‬ولكن الواليات المتحدة لجأت‬
‫أيض ‪NN‬ا إلى توظي ‪NN‬ف المرتزق??ة والش??ركات األمني??ة الخاص??ة على غ ‪NN‬رار ال ‪NN‬دور ال ‪NN‬ذي لعبت ‪NN‬ه "ش??ركة بالك‬
‫(‪)11‬‬
‫ووتر" في العراق‪ ،‬وذلك لتنفيذ بعض "المهمات القذرة" ولإلفالت من المسؤولية الجنائية الدولية‪.‬‬
‫في الحقيق ‪NN‬ة أن الوالي ‪NN‬ات المتح ‪NN‬دة لم تقتص ‪NN‬ر فق ‪NN‬ط على االس ‪NN‬تخدام المباش ‪NN‬ر للق ‪NN‬وة العس ‪NN‬كرية‪ ،‬ب ‪NN‬ل‬
‫لج‪NN‬أت أيض‪NN‬ا إلى مختل‪NN‬ف أس‪NN‬اليب الت‪NN‬دخل غ‪NN‬ير المباش‪NN‬ر‪ ،‬ول‪NN‬ذلك من‪NN‬ذ إعالن ش‪NN‬عار "الح?رب الكوني?ة على‬
‫اإلره??اب"‪ ،‬ت‪NN‬والت على المنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة المب‪NN‬ادرات والض‪NN‬غوط األمريكي‪NN‬ة لدمقرط??ة المنطق??ة وإ ص??الحها‬
‫(كص‪NN‬ور للت‪NN‬دخل غ‪NN‬ير المباش‪NN‬ر)‪ ،‬نتيج‪NN‬ة إقام‪NN‬ة سلس??لة من العالق??ات االرتباطي??ة بين انع??دام الديمقراطي??ة‬
‫وانتشار اإلرهاب‪ ،‬وبين تحقيق الديمقراطية وإ حالل السالم‪ ،‬وبين إحالل السالم واالزدهار االقتصادي‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫وبين االزدهار االقتصادي واالستقرار السياسي‪ ،‬وبين االس??تقرار السياس??ي وحماي??ة المص??الح الحيوي??ة‬
‫األمريكية في الشرق األوسط‪.‬‬
‫(‪)12‬‬

‫ذلك أن االنطباع العام السائد في الدوائر اإلستراتيجية الغربية‪ ،‬يقوم على فكرة مفادها أن الفش‪NN‬ل‬
‫السياس‪NN‬ي والعج‪NN‬ز ال‪NN‬ديمقراطي‪ ،..‬كله‪NN‬ا عوام‪NN‬ل ت‪NN‬وفر البيئ‪NN‬ة المالئم‪NN‬ة لتن‪NN‬امي حركي‪NN‬ات العن‪NN‬ف واإلره‪NN‬اب‪،‬‬
‫وفي ه‪NN‬ذا‬ ‫(‪)13‬‬
‫ال‪NN‬ذي ع‪NN‬ادة م‪NN‬ا يتم تص ‪NN‬ديره إلى "الع‪NN‬الم المتحض ‪NN‬ر"‪ :‬الوالي‪NN‬ات المتح‪NN‬دة األمريكي‪NN‬ة وأوروب‪NN‬ا‪.‬‬
‫اإلط ‪NN‬ار أك ‪NN‬د ال ‪NN‬رئيس "ب??وش" (االبن) في خطاب ‪NN‬ه ال ‪NN‬ذي ألق ‪NN‬اه أم ‪NN‬ام الك ‪NN‬ونجرس عن حال ‪NN‬ة اإلتح ‪NN‬اد في ‪21‬‬
‫جانفي ‪" :2004‬طالما بقي الش‪N‬رق األوس‪N‬ط مكان‪N‬ا لالس‪N‬تبداد والي‪N‬أس والغض‪NN‬ب‪ ،‬ف‪NN‬إن المنطق‪N‬ة ستس‪N‬تمر في‬
‫تف ‪NN‬ريخ الن ‪NN‬اقمين والحرك ‪NN‬ات المه ‪NN‬ددة ألمن أمريك ‪NN‬ا وأص ‪NN‬دقائها‪ ،‬له ‪NN‬ذا ف ‪NN‬إن الوالي ‪NN‬ات المتح ‪NN‬دة مص ‪NN‬رة على‬
‫المض‪NN‬ي ق‪NN‬دما في إس‪NN‬تراتيجيتها لتحقي‪NN‬ق أك‪NN‬بر ق‪NN‬در ممكن من الحري‪NN‬ة والديمقراطي‪NN‬ة في الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط‪".‬‬
‫وفي الس‪NN‬ياق ذات‪NN‬ه‪ ،‬أك‪NN‬د "ريشارد هاس" أن قض‪NN‬ية نش‪NN‬ر وتوس‪NN‬يع رقع‪NN‬ة الديمقراطي‪NN‬ة ك‪NN‬انت وال ت‪NN‬زال‬ ‫(‪)14‬‬

‫تش‪NN‬كل قض‪NN‬ية مركزي‪NN‬ة وتقلي‪NN‬د راس‪NN‬خ في مفك‪NN‬رة السياس‪NN‬ة الخارجي‪NN‬ة األمريكي‪NN‬ة‪ ،‬ذل‪NN‬ك أن الوالي‪NN‬ات المتح‪NN‬دة‬
‫سوف تزدهر كش‪N‬عب وكدول‪N‬ة في ع‪N‬الم من ال‪N‬ديمقراطيات وليس وس‪N‬ط األنظم‪N‬ة االس‪N‬تبدادية والفوض‪N‬وية‪".‬‬
‫(‪)15‬‬

‫بيد أن الديمقراطية هي ليست وصفة جاهزة يمكن تص?ديرها من مجتم?ع إلى آخ?ر‪ ،‬أو فرض?ها‬
‫عبر الضغوطات والتدخالت الخارجية‪ ،‬ذلك أن العنصر الخارجي قد يعزز التطور الديمقراطي لكنه أب??دا‬
‫ال يخلقه من العدم‪ ،‬ذلك أن الديمقراطية تتطلب مجموعة من الشروط الموض??وعية والفني??ة المتع??ارف‬
‫(‪)16‬‬
‫عليها في أدبيات علم التحول الديمقراطي‪.‬‬
‫إن الدوائر اإلس‪NN‬تراتيجية األمريكي‪NN‬ة‪ ،‬ت‪NN‬رى أن تحقي‪NN‬ق مص‪NN‬الحها األمني‪NN‬ة والجيوسياس‪NN‬ية في ال‪NN‬وطن‬
‫العربي‪ ،‬يقتضي باألساس إعادة ترتيب وهيكلة مجمل المنطقة‪ ،‬من خالل االعتماد على تكتيك‪N‬ات الت‪N‬دخل‬
‫(‪)17‬‬
‫واالختراق غير المباشر إلحداث إصالحات بنيوية وظيفية في مجمل النظام اإلقليمي العربي‪.‬‬
‫وتأسيس‪NN‬ا على ذل‪NN‬ك‪ ،‬فق‪NN‬د انط‪NN‬وت األبع‪NN‬اد المض‪NN‬امينية الش‪NN‬املة للمب‪NN‬ادرات اإلص‪NN‬الحية الوافدة على‬
‫المنطق??ة من الخ??ارج‪ ،‬وال‪NN‬تي ع‪NN‬بر عنه‪NN‬ا "مش‪NN‬روع الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط الكب‪NN‬ير" على مختل‪NN‬ف أس‪NN‬اليب الت‪NN‬دخل‬
‫غ ‪NN‬ير المباش ‪NN‬ر‪ ،‬للت ‪NN‬أثير على التركيب??ة الس??لطوية ل ‪NN‬دول المنطق ‪NN‬ة‪ ،‬فض ‪NN‬ال عن تغي ‪NN‬ير أنس ‪NN‬اقها االجتماعي ‪NN‬ة‬
‫والثقافية والقيمية‪ ،..‬وذلك من خالل التدخالت التالية‪:‬‬
‫آلي??ات الت??دخل الثق??افي‪ :‬من خالل العم‪NN‬ل على إح‪NN‬داث تغي‪NN‬يرات جذري‪NN‬ة في األنس‪NN‬اق الثقافي‪NN‬ة ونظ‪NN‬ام القيم‬
‫والمف‪NN‬اهيم والمعتق‪NN‬دات اإلس‪NN‬المية‪ ،‬فض‪NN‬ال عن الت‪NN‬دخالت األمريكي‪NN‬ة في المن‪NN‬اهج التعليمي‪NN‬ة والتربوي‪NN‬ة‪ ،‬وفي‬
‫نظ‪NN‬ام األس‪NN‬رة وقوانينه‪NN‬ا‪ ،‬ب‪NN‬ل ح‪NN‬تى ال‪NN‬دين اإلس‪NN‬المي أص‪NN‬بح عرض‪NN‬ة لإلص‪NN‬الح والتح‪NN‬ديث الستئص‪NN‬ال جمي‪NN‬ع‬
‫المعتقدات التي تدعو إلى التطرف واإلرهاب (حسب المنظور الغربي)‪.‬‬
‫(‪)18‬‬

‫‪8‬‬
‫آلي??ات الت??دخل اإلعالمي‪ :‬وذل ‪NN‬ك ليس فق ‪NN‬ط من خالل استص ‪NN‬دار الق ‪NN‬وانين ال ‪NN‬تي ته ‪NN‬دف إلى غل ‪NN‬ق القن ‪NN‬وات‬
‫اإلعالمي‪NNN‬ة ال‪NNN‬تي تعتبره‪NNN‬ا الوالي‪NNN‬ات المتح‪NNN‬دة تح‪NNN‬رض على المقاوم ‪NN‬ة‪ ،‬ولكن أيض‪NN N‬ا من خالل الت‪NNN‬دخل في‬
‫مضامين الصحافة واإلعالم في الدول العربية بذريعة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫آليات التدخل السياسي‪ :‬من خالل مش‪NN‬اريع اإلص‪NN‬الح ال‪NN‬ديمقراطي والسياس‪NN‬ي الواف‪NN‬دة من الخ‪NN‬ارج‪ ،‬وال‪NN‬تي‬
‫تس ‪NN‬تهدف تغي ‪NN‬ير األنظم ‪NN‬ة السياس ‪NN‬ية والت ‪NN‬أثير على التركيب ‪NN‬ة الس ‪NN‬لطوية ل ‪NN‬دول المنطق ‪NN‬ة‪ ،‬وبالخص ‪NN‬وص تل ‪NN‬ك‬
‫المناهضة للسياسة األمريكية في الش‪N‬رق األوس‪N‬ط‪ ،‬فض‪N‬ال عن التص‪N‬ريحات والخطب الرس‪N‬مية ال‪N‬تي تناش‪N‬د‬
‫ش‪NN N‬عوب دول المنطق‪NN N‬ة لإلطاح‪NN N‬ة بحكوماته‪NN N‬ا من خالل تموي‪NN N‬ل المجتم‪NN N‬ع الم‪NN N‬دني وإ ث‪NN N‬ارة حرك‪NN N‬ات التم‪NN N‬رد‬
‫والثورة‪.‬‬
‫آليات التدخل الدبلوماسي‪ :‬بواس‪N‬طة ممارس‪N‬ة مختل‪N‬ف أش‪N‬كال الض‪N‬غط واإلك‪N‬راه على دول المنطق‪N‬ة لجره‪N‬ا‬
‫وإ دماجه‪NN‬ا في المش‪NN‬اريع الجيوسياس‪NN‬ية األمريكي‪NN‬ة‪-‬الص‪NN‬هيونية كمش‪NN‬روع الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط الكب‪NN‬ير‪ ،‬أو لل‪NN‬زج‬
‫بها في دوائر التح‪N‬الف اإلس‪N‬تراتيجي واألم‪N‬ني ال‪N‬ذي تق‪N‬وده ق‪N‬وى الهيمن‪N‬ة الدولي‪N‬ة بزعام‪N‬ة الوالي‪N‬ات المتح‪N‬دة‬
‫األمريكي‪NN N‬ة‪ ،‬كالمب‪NN N‬ادرات األمني‪NN N‬ة ال‪NN N‬تي يطرحه‪NN N‬ا الحل‪NN N‬ف األطلس‪NN N‬ي على دول المنطق‪NN N‬ة‪ ،‬ض‪NN N‬ف إلى ذل‪NN N‬ك‬
‫الض‪N‬غوطات المختلف‪N‬ة ال‪N‬تي تم‪N‬ارس على دول المنطق‪N‬ة إلجباره‪N‬ا على التع‪N‬اون األم‪N‬ني واالس‪N‬تخباراتي في‬
‫(‪)19‬‬
‫إطار الحملة األمريكية على اإلرهاب‪.‬‬
‫كم‪NN‬ا تج‪NN‬در اإلش‪NN‬ارة‪ ،‬أن الوالي‪NN‬ات المتح‪NN‬دة ع‪NN‬ادة م‪NN‬ا تلج‪NN‬أ إلى توظي‪NN‬ف ورق‪NN‬ة اإلص‪NN‬الح والتبش‪NN‬ير‬
‫بالديمقراطي ‪NN N‬ة وحق ‪NN N‬وق اإلنس ‪NN N‬ان لمس ‪NN N‬اومة دول المنطق ‪NN N‬ة‪ ،‬والض ‪NN N‬غط عليه ‪NN N‬ا إلجباره ‪NN N‬ا لتق ‪NN N‬ديم معلوم ‪NN N‬ات‬
‫إستخباراتية والتعاون األمني مع الواليات المتحدة في إطار حربها الكونية على اإلرهاب‪.‬‬
‫آليات التدخل االقتصادي والعقوب??ات الدولي??ة‪ :‬من خالل تفعي‪NN‬ل آلي‪NN‬ات الحص‪NN‬ار‪ ،‬المقاطع‪NN‬ة والض‪NN‬غوطات‬
‫االقتص‪NN N‬ادية لتل‪NN N‬يين المواق‪NN N‬ف السياس‪NN N‬ية لل‪NN N‬دول المناهض‪NN N‬ة للسياس‪NN N‬ة األمريكي‪NN N‬ة‪ ،‬والعم‪NN N‬ل على الت‪NN N‬أثير في‬
‫توجه ‪NN N‬ات سياس ‪NN N‬اتها الداخلي ‪NN N‬ة والخارجي ‪NN N‬ة‪ .‬وفي ه ‪NN N‬ذا الس ‪NN N‬ياق‪ ،‬تج ‪NN N‬در اإلش ‪NN N‬ارة إلى مختل ‪NN N‬ف العقوب ‪NN N‬ات‬
‫والض ‪NN‬غوطات األمريكي ‪NN‬ة ال ‪NN‬تي ُم ورس ‪NN‬ت على س ‪NN‬وريا للت ‪NN‬أثير على توجه ‪NN‬ات سياس ‪NN‬تها الخارجي ‪NN‬ة لتحقي ‪NN‬ق‬
‫األهداف التالية‪:‬‬
‫االمتن‪NN‬اع عن دعم حرك‪NN‬ات المقاوم‪NN‬ة‪ ،‬ال‪NN‬تي ع‪NN‬ادة م‪NN‬ا توص‪NN‬ف في ال‪NN‬دوائر األمريكي‪NN‬ة واإلس‪NN‬رائيلية‬ ‫‪‬‬
‫باإلرهابية‪.‬‬
‫عدم توفير مأوى لقادة النظام العراقي الذي أطاحت به الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وغيره‪NN‬ا من‬ ‫‪‬‬
‫(‪)20‬‬
‫القضايا األخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلستراتيجيات التدخلية في إطار الثورات العربية‪:‬‬
‫لق‪NN‬د ش‪NN‬كلت المنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة بع‪NN‬د "الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي"‪ ،‬إح‪NN‬دى الس‪NN‬احات الرئيس‪NN‬ية للت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة‪،‬‬
‫األمر ال‪N‬ذي تجلى باألس‪N‬اس من خالل الت‪N‬دخل األطلس‪N‬ي في ليبي‪N‬ا‪ ،‬وك‪N‬ذا تح‪N‬ول الدول‪N‬ة الس‪N‬ورية إلى مرك‪N‬ز‬
‫استقطاب ومحور اندفاع القوى اإلقليمية والدولية وبأجندات ومصالح متباينة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫والمالح‪NNN‬ظ أن‪NNN‬ه ب‪NNN‬الرغم من أن الم‪NNN‬بررات والمس‪NNN‬وغات ال ‪NN‬تي تق ‪NN‬دمها الق ‪NN‬وى المتدخل‪NNN‬ة في إط‪NNN‬ار‬
‫"الث‪NN N‬ورات العربي‪NN N‬ة"‪ ،‬كم‪NN N‬ا توض‪NN N‬ح ذل‪NN N‬ك الحال‪NN N‬ة الليبي‪NN N‬ة تتمح‪NN N‬ور باألس‪NN N‬اس ح‪NN N‬ول حماي‪NN N‬ة حق‪NN N‬وق اإلنس‪NN N‬ان‬
‫والديمقراطية‪ ،..‬بيد أن الواقع الدولي‪ ،‬يقر بأن هذه التدخالت انطوت على أهداف ورهان‪NN‬ات إس‪NN‬تراتيجية‬
‫بامتي ‪NN‬از‪ ،‬ومن ذل ‪NN‬ك‪ ،‬تفكي ‪NN‬ك أنظم ‪NN‬ة دول الممانع ‪NN‬ة المناوئ ‪NN‬ة للمص ‪NN‬الح األمريكي ‪NN‬ة‪ ،‬فض ‪NN‬ال عن الت ‪NN‬أثير على‬
‫(‪)21‬‬
‫التوازنات اإلقليمية وجعل المشهد الجيوسياسي اإلقليمي ينتظم وفق الرؤية األمريكية واإلسرائيلية‪.‬‬
‫وُيضاف إلى ما سبق‪ ،‬استهداف التدخالت التي تمارسها قوى الهيمن‪N‬ة الدولي‪N‬ة كم‪N‬ا توض‪N‬ح الحال‪N‬ة‬
‫الليبي‪NN N‬ة‪ ،‬تحقي‪NN N‬ق الرهان‪NN N‬ات الجيواقتص‪NN N‬ادية والطاقوي‪NN N‬ة‪ ،‬خاص‪NN N‬ة في ظ‪NN N‬ل ب‪NN N‬روز مقول‪NN N‬ة "من يس ??يطر على‬
‫(‪)22‬‬
‫مصادر الطاقة يتحكم في التوازنات الجيواتصادية الدولية ومن ثم يهيمن على العالم‪".‬‬
‫على ضوء ما س‪N‬بق‪ ،‬يمكن الق‪N‬ول‪ ،‬أن‪N‬ه إذا ك‪N‬انت الت‪N‬دخالت العس‪N‬كرية المباش‪N‬رة في الع‪N‬راق وليبي‪N‬ا‬
‫(م ‪NN N‬ؤخرا) هي وس ‪NN N‬يلة لتغي???ير األنظم???ة من األعلى‪ ،‬ف ‪NN N‬إن المش ‪NN N‬اريع اإلص ‪NN N‬الحية الواف ‪NN N‬دة على المنطق ‪NN N‬ة‬
‫و"ث‪NN‬ورات الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي"‪ ،‬هي بمثاب‪NN‬ة وس‪NN‬يلة لتغي??ير النظم من األس??فل‪ ،‬من خالل تفعي‪NN‬ل آلي‪NN‬ات الت‪NN‬دخل‬
‫واالختراق غير المباشر‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬البنية الجيوسياسية العربية في مواجهة مشاريع التفكي??ك وإ ع??ادة البن??اء‪ :‬من الفوض??ى‬
‫الخالقة إلى ما بعد "الربيع العربي"‪.‬‬
‫من‪NN‬ذ "مؤتمر كامبل بانرمان" (‪ ،)1907‬إلى "الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي"‪ ،‬والمنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة تواج‪NN‬ه تح‪NN‬ديات‬
‫ومخاطر التفكيك وإ عادة البناء التي يمكن إبرازها في المشاريع التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مشروع الشرق األوسط الكبير‪:‬‬
‫لق ‪NN‬د ش ‪NN‬كل مش ‪NN‬روع الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط الكب ‪NN‬ير ال ‪NN‬ذي أطلقت ‪NN‬ه إدارة المح ‪NN‬افظين الج ‪NN‬دد س ‪NN‬نة ‪ ،2004‬أح ‪NN‬د‬
‫المحاور األساسية في اإلستراتيجية األمنية األمريكي‪N‬ة تج‪N‬اه الش‪N‬رق األوس‪N‬ط‪ ،‬وق‪N‬د تض‪N‬من المش‪N‬روع ثالث‪N‬ة‬
‫أبعاد رئيسية‪:‬‬
‫تش??جيع الديمقراطي??ة والحكم الص??الح‪ :‬من خالل تش ‪NN‬جيع االنتخاب ‪NN‬ات الح ‪NN‬رة‪ ،‬حري ‪NN‬ة واس ‪NN‬تقاللية‬ ‫‪‬‬
‫(‪)23‬‬
‫اإلعالم‪ ،‬الشفافية ومكافحة الفساد‪ ،‬تطوير وترقية منظمات المجتمعات المدني‪...‬الخ‪.‬‬
‫بن ??اء مجتم ??ع مع ??رفي‪ :‬من خالل معالج‪NN N‬ة تح‪NN N‬ديات التعليم في المنطق‪NN N‬ة وتط‪NN N‬وير وإ ص‪NN N‬الح التعليم‬ ‫‪‬‬
‫وتعزي‪NN N N‬ز الجه‪NN N N‬ود الس‪NN N N‬اعية لمح‪NN N N‬و األمي‪NN N N‬ة‪ ،‬واس‪NN N N‬تخدام التكنولوجي‪NN N N‬ات المتقدم‪NN N N‬ة ومن‪NN N N‬اهج التعليم‬
‫الحديثة‪...‬الخ‪.‬‬
‫توس??يع الف??رص االقتص??ادية‪ :‬من خالل إطالق ديناميكي‪NN N‬ة جدي‪NN N‬دة في المنطق‪NN N‬ة تس‪NN N‬تهدف تحقي‪NN N‬ق‬ ‫‪‬‬
‫التنمي ‪NN‬ة والتح ‪NN‬ول االقتص ‪NN‬ادي‪ ،‬وإ طالق ق ‪NN‬درات القط ‪NN‬اع الخ ‪NN‬اص وال ‪NN‬زج بالمنطق ‪NN‬ة في الليبرالي ‪NN‬ة‬
‫(‪)24‬‬
‫االقتصادية وتعزيز التجارة الحرة والتعاون اإلقليمي‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ب‪NN N‬الرغم من أن ه‪NN N‬ذا المش‪NN N‬روع وض‪NN N‬ع الي‪NN N‬د على القض‪NN N‬ايا واإلش‪NN N‬كاليات الرئيس‪NN N‬ية ال‪NN N‬تي عص‪NN N‬فت‬
‫بالمنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة وجعلته‪NN‬ا في "الثقب األسود"‪ ،‬كانع‪NN‬دام الديمقراطي‪NN‬ة والتنمي‪NN‬ة وض‪NN‬عف األداء االقتص‪NN‬ادي‬
‫والسياس ‪NN‬ي لألنظم ‪NN‬ة القائم ‪NN‬ة‪ ،‬إال أن ه ‪NN‬ذا المش ‪NN‬روع ينط ‪NN‬وي على أبع ‪NN‬اد ومض ‪NN‬امين جيوسياس ‪NN‬ية خط ‪NN‬يرة‪،‬‬
‫باعتب‪NN‬اره يه‪NN‬دف إلى إع‪NN‬ادة ت‪NN‬رتيب الخارط‪NN‬ة الجيوس‪NN‬تراتيجية للمنطق‪NN‬ة‪ ،‬ع‪NN‬بر تفعي‪NN‬ل آلي‪NN‬ة "التفكي‪NN‬ك وإ ع‪NN‬ادة‬
‫البن‪NN‬اء"‪ ،‬وبالت‪NN‬الي واإلجه‪NN‬از على م‪NN‬ا تبقى من النظ‪NN‬ام اإلقليمي الع‪NN‬ربي‪ ،‬لتق‪NN‬وم على أنقاض‪NN‬ه هيكل??ة وبن??اء‬
‫(‪)25‬‬
‫جيوسياسي جديد يقوم على فكرة الشرق أوسطية التي يقودها التحالف األمريكي‪-‬اإلسرائيلي‪.‬‬
‫كم‪N‬ا أن المش‪N‬روع يه‪N‬دف إلى جع‪N‬ل إس‪N‬رائيل ككي‪N‬ان ط‪N‬بيعي في المنطق‪N‬ة‪ ،‬وك‪N‬ذا العم‪N‬ل على طمس‬
‫الهوي ‪NN N‬ة العربي ‪NN N‬ة واإلس ‪NN N‬المية وإ ف ‪NN N‬راغ المنطق ‪NN N‬ة من محتواه ‪NN N‬ا الع ‪NN N‬ربي واإلس ‪NN N‬المي‪ ،‬وب ‪NN N‬ذلك‪ ،‬يتم ض ‪NN N‬رب‬
‫المقومات الثقافية والحضارية اإلسالمية للوطن العربي وتذويبه في نطاق أوسط غير محدد العالم‪.‬‬
‫وب‪NN‬النظر إلى المخ‪NN‬اطر الجس‪NN‬يمة والنزع‪NN‬ة التدخلي‪NN‬ة ال‪NN‬تي ينط‪NN‬وي عليه‪NN‬ا مش‪NN‬روع الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط‬
‫الكب‪NN‬ير‪ ،‬تبل‪NN‬ورت ممانع‪NN‬ة كب‪NN‬يرة للمش‪NN‬روع من ط‪NN‬رف ش‪NN‬عوب وحكوم‪NN‬ات المنطق‪NN‬ة‪ ،‬ب‪NN‬ل ح‪NN‬تى ال‪NN‬دول ال‪NN‬تي‬
‫ُي طلق عليها "بالمعتدلة والصديقة" في الدوائر األمريكية‪ ،‬رفضت هذه المشروع الوافدة من الخارج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مشروع الفوضى الخالقة‪:‬‬
‫تعت‪NN N‬بر الفوض‪NN N‬ى الخالق‪NN N‬ة مش‪NN N‬روع سياس‪NN N‬ي‪-‬إس‪NN N‬تراتيجي أطلق ??ة اليمين السياس ??ي في الوالي‪NN N‬ات‬
‫المتحدة‪ ،‬وتم التنظير له في "معهد أمريكان أنتربرايز" ال‪NN‬ذي يعت‪NN‬بر "قلعة" المحافظين الجدد‪ .‬وق ‪NN‬د أطلقت‬
‫"كوندوليزا رايس" مصطلح الفوضى الخالقة في عام ‪ 2005‬في ص‪NN‬حيفة "واشنطن بوست" للدالل‪NN‬ة على‬
‫رؤية إصالحية لتغيير الشرق األوسط "نحو األفضل"‪.‬‬
‫ويش‪NN N‬ير مفه‪NN N‬وم الفوض‪NN N‬ى الخالق‪NN N‬ة في إطاره‪NN N‬ا الع‪NN N‬ربي الش‪NN N‬رق أوس‪NN N‬طي‪ ،‬إلى فك‪NN N‬رة مفاده‪NN N‬ا "أن‬
‫المجتمعات العربية راك‪N‬دة سياس‪N‬يا‪ ،‬ولكي يتح‪N‬رك ركوده‪N‬ا ال ب‪N‬د من إح‪N‬داث ش‪N‬يء من الفوض‪N‬ى والخلخل‪N‬ة‬
‫وعلى ه ‪NN‬ذا‪ ،‬فالفوض ‪NN‬ى الخالق ‪NN‬ة تتأس ‪NN‬س نظري ‪NN‬ا على ثنائية التفكيك والتركيب‪،‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫حتى يحص ‪NN‬ل التغي ‪NN‬ير‪".‬‬
‫ومن فكرة أن النظام ينبثق من الفوضى‪.‬‬
‫وقد شكلت الفوضى الخالقة محورا هاما في إستراتيجية المحافظين الجدد تج‪NN‬اه مس‪NN‬ارات التغي‪NN‬ير‬
‫والحمالت الطويلة من الهندسة االجتماعية في الوطن العربي‪ ،‬ولذلك‪ ،‬ي ‪NN‬رى "مايكل ليدن" "أن "الت??دمير‬
‫البناء" هو صفتنا المركزية‪ ،‬فالوقت قد حان إلعادة صياغة المنطقة العربية‪ ،‬عبر تغي‪N‬ير ليس فق‪N‬ط النظم‬
‫بمع ‪NN N‬نى‬ ‫(‪)27‬‬
‫بل الجغرافيا السياسية أيضا‪ ،‬انطالقا من رؤية خاصة تقود إلى "تصميم جديد لبناء مختلف‪".‬‬
‫إحداث الفوضى لتفكيك الدول العربية وإ عادة تركيبه‪N‬ا وف‪NN‬ق منط‪N‬ق س‪N‬ايكس بيك‪N‬و جدي‪N‬د‪ ،‬ولكن على أس‪N‬س‬
‫عرقية ومذهبية‪.‬‬
‫والمالحظ أن العراق شكل إحدى الدول العربية األكثر تأثرا بنظري‪N‬ة الفوض‪N‬ى الخالق‪N‬ة‪ ،‬باعتب‪N‬اره‬
‫تع‪NN‬رض إلى آلي‪NN‬ة "العالج بالصدمة" وإ لى ثنائي‪NN‬ة التفكي‪NN‬ك وإ ع‪NN‬ادة البن‪NN‬اء‪ ،‬وه‪NN‬و األم‪NN‬ر ال‪NN‬ذي تجلى باألس‪NN‬اس‬
‫من خالل تعاليم "بول بريمر" والتدمير األمريكي للعراق وحل وتفكيك مؤسسات الدولة العراقي??ة‪ .‬ومن‬

‫‪11‬‬
‫خالل ه‪NNN‬ذه الفوض‪NN N‬ى يتم بن‪NNN‬اء الع‪NNN‬راق الجدي‪NNN‬د ال‪NNN‬ذي ينقس‪NNN‬م وف‪NN N‬ق المخط ‪NN‬ط األم ‪NN‬ريكي إلى ثالث دويالت‬
‫(‪)28‬‬
‫طائفية‪ :‬دولة السنة‪ ،‬وأخرى للشيعة وثالثة لألكراد‪.‬‬
‫وعلي‪NN‬ه‪ ،‬إن م‪NN‬ا اعتبرت‪NN‬ه "رايس" "تغي‪NN‬ير نح‪NN‬و األفض‪NN‬ل" عن‪NN‬د طرحه‪NN‬ا لمش‪NN‬روع الفوض‪NN‬ى الخالق‪NN‬ة‪،‬‬
‫اتضح أنه ال يعدو أن يكون سوى تغيير نحو األس‪NN‬وأ‪ ،‬ذل‪NN‬ك أن التجرب‪NN‬ة العراقي‪NN‬ة أثبتت م‪NN‬دى فش‪NN‬ل الثورة‬
‫الديمقراطي??ة الموع??ودة ال??تي تنطل??ق من الع??راق لتعم الش??رق األوس??ط بأكمل??ه‪ ،‬ب ‪NN‬ل أن تط ‪NN‬بيق مش ‪NN‬روع‬
‫الفوض‪NN‬ى الخالق‪NN‬ة‪ ،‬ق‪NN‬اد الع‪NN‬راق من أقص??ى الديكتاتوري??ة إلى أقص??ى درج??ات الفوض??ى واالنفالت األم??ني‪،‬‬
‫وهو ما ساهم أيضا في تحول العراق إلى أرض خصبة لتفشي ظاهرة اإلرهاب ومركزا الستقطابه عبر‬
‫العالم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطروحات اإلستشراقية الجديدة‪" :‬برنارد لويس" وحدود الدم‪:‬‬


‫تض‪NN‬من المش‪NN‬روع ال‪NN‬ذي طرح‪NN‬ه المستش‪NN‬رق اليه‪NN‬ودي "برن??ارد ل??ويس"‪ ،‬وواف??ق علي??ه الك??ونغرس‬
‫األم? ??ريكي ع‪NN N N‬ام ‪ ،1983‬وعملت اإلدارات األمريكي‪NN N N‬ة المتعاقب‪NN N N‬ة على تطبيق‪NN N N‬ه‪ ،‬وبخاص‪NN N N‬ة في مرحل‪NN N N‬ة‬
‫المح ‪NN‬افظين الج ‪NN‬دد‪ ،‬خط ‪NN‬ة متكامل ‪NN‬ة لتقس ‪NN‬م وتقطي ‪NN‬ع ال ‪NN‬وطن الع ‪NN‬ربي إلى دويالت ص ‪NN‬غيرة تق ‪NN‬وم على أس ‪NN‬س‬
‫عرقية ومذهبية‪ ،‬وقد جاء في هذا المشروع أن سوريا ستقسم إلى أربع دويالت‪ :‬دويل‪NN‬ة دمش‪NN‬ق الس‪NN‬نية‪،‬‬
‫دويل ‪NN‬ة حلب الس ‪NN‬نية‪ ،‬دويل ‪NN‬ة علوي ‪NN‬ة ودويل ‪NN‬ة درزي ‪NN‬ة‪ .‬أم??ا مص??ر فستقس??م إلى ثالث دويالت‪ :‬دويل ‪NN‬ة قبطي ‪NN‬ة‬
‫عاص ‪NN‬متها اإلس ‪NN‬كندرية‪ ،‬دويل ‪NN‬ة س ‪NN‬نية عاص ‪NN‬متها الق ‪NN‬اهرة‪ ،‬ودويل ‪NN‬ة النوب ‪NN‬ة عاص ‪NN‬متها أس ‪NN‬وان‪ .‬أم??ا المغ??رب‬
‫الع??ربي‪ ،‬فسيقس‪NN‬م إلى‪ :‬دول‪NN‬ة المغ‪NN‬رب الع‪NN‬ربي‪ ،‬دول‪NN‬ة ال‪NN‬بربر‪ ،‬دول‪NN‬ة البول‪NN‬يزاريو‪ .‬ونفس المنط‪NN‬ق ينس‪NN‬حب‬
‫(‪)29‬‬
‫على العراق‪ ،‬لبنان والسودان (الذي تم تقسيمه) المرشحة للتقسيم على أسس عرقية ومذهبية‪.‬‬
‫ومن بين المش ‪NN‬اريع األمريكي ‪NN‬ة ال ‪NN‬تي تنط ‪NN‬وي على مخ ‪NN‬اطر جس ‪NN‬يمة على س ‪NN‬يادة الدول ‪NN‬ة ووح??دتها‬
‫الترابي??ة في الع ‪NN‬الم الع ‪NN‬ربي‪ ،‬تج ‪NN‬در اإلش ‪NN‬ارة إلى الخريط ‪NN‬ة ال ‪NN‬تي ح ‪NN‬ددت مالمح الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط الجدي ‪NN‬د‪،‬‬
‫والمنش‪NN N‬ورة في مجل ??ة الق ??وات العس ??كرية األمريكي ??ة في جويلي‪NN N‬ة ‪ ،2006‬تحت عن‪NN N‬وان‪" :‬ح ??دود ال ??دم"‪،‬‬
‫والتقري ‪NN‬ر يتم ‪NN‬اهى بش ‪NN‬كل واض ‪NN‬ح م ‪NN‬ع مش??روع "ل??ويس"‪ ،‬ويق ‪NN‬وم على فك ‪NN‬رة أساس ‪NN‬ية مؤداه ‪NN‬ا أن الح ‪NN‬دود‬
‫السياس‪N‬ية ال‪N‬تي رس‪N‬متها الق‪N‬وى االس‪N‬تعمارية األوروبي‪N‬ة (فرنس‪N‬ا وبريطاني‪N‬ا) ل‪N‬دول المنطق‪N‬ة في أوائ‪N‬ل الق‪N‬رن‬
‫العشرين‪ ،‬لم تأخذ بعين االعتبار الحدود األنثروبولوجية والخصائص العرقية والدينية لشعوب المنطقة‪.‬‬
‫األمر الذي أدى إلى تجميع العديد من العرقيات المتناحرة في دولة واحدة‪ ،‬وعلى هذا األس‪NN‬اس‪،‬‬
‫فإن ح‪N‬دود الش‪N‬رق األوس‪N‬ط تس‪N‬بب خلال وظيفي‪N‬ا داخ‪N‬ل الدول‪N‬ة نفس‪N‬ها‪ ،‬وبين ال‪N‬دول م‪N‬ع بعض‪N‬ها البعض‪ ،‬من‬
‫خالل سياسات ال أخالقية تمارس ضد األقليات القومية والدينية واإلثنية‪ ،‬بسبب التطرف الديني‪ ،‬الق‪NN‬ومي‬
‫والم‪NN‬ذهبي‪ ،‬األمر الذي يس?توجب إع?ادة رس?م ح?دود سياس?ة جدي?دة ل?دول المنطق?ة‪ ،‬من خالل لم الش?مل‬
‫ولعل هذا ما‬ ‫(‪)30‬‬
‫على أساس الدين والقومية في دولة واحدة‪ ،‬مما يعزز االستقرار في الشرق األوسط‪.‬‬
‫توضحه الخريطة التالية‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫(‪)31‬‬
‫الخريطة رقم (‪ :)1‬التقسيم الجديد للوطن العربي‪.‬‬

‫والمالح ‪NN‬ظ أن ه ‪NN‬ذه اإلس ‪NN‬تراتيجية‪ ،‬تلتقي تمام ‪NN‬ا م ‪NN‬ع السياس ‪NN‬ة الص ‪NN‬هيونية ال ‪NN‬تي ته ‪NN‬دف إلى تقس ‪NN‬يم‬
‫وإ ض‪NN N‬عاف مجم‪NN N‬ل المنطق‪NN N‬ة العربي‪NN N‬ة خدم‪NN N‬ة لمطلب األمن الق‪NN N‬ومي اإلس‪NN N‬رائيلي‪ ،‬وفي ه‪NN N‬ذا الص‪NN N‬دد يق‪NN N‬ول‬
‫"جوناثان كوك"‪" :‬إن المح‪NN‬افظين الج‪NN‬دد يش‪NN‬اركون إس‪NN‬رائيل بق‪NN‬وة في ض‪NN‬رورة مواص‪NN‬لة ه‪NN‬ذه االس‪NN‬تراتيجية‬
‫ال‪NN‬تي ته‪NN‬دف إلى إلغ‪NN‬اء أي دور ل‪NN‬دول الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط وإ غراقه‪NN‬ا في المش‪NN‬كالت الداخلي‪NN‬ة ال‪NN‬تي تعم‪NN‬ق من‬
‫ض‪NN‬عفها‪ ،‬وتص‪NN‬رفها على إتب‪NN‬اع سياس‪NN‬ة موح‪NN‬دة لتحقي‪NN‬ق الطموح‪NN‬ات ال‪NN‬تي ع‪NN‬برت عنه‪NN‬ا ش‪NN‬عوب المنطق‪NN‬ة في‬
‫مراح‪NN N N‬ل تاريخي‪NN N N‬ة متعاقب‪NN N N‬ة‪ ،‬وال‪NN N N‬تي ال يراه‪NN N N‬ا ه‪NN N N‬ذا التي‪NN N N‬ار السياس‪NN N N‬ي مواتي‪NN N N‬ة إلس‪NN N N‬رائيل‪ ،‬وال للمص‪NN N N‬الح‬
‫اإلستراتيجية األمريكية" ويتابع "كوك" قول‪NN‬ه‪" :‬إن اله‪NN‬دف ه‪NN‬و ب‪NN‬دأ موج‪NN‬ة من الص‪NN‬راع الط‪NN‬ائفي انطالق‪NN‬ا من‬
‫(‪)32‬‬
‫العراق إلى كل المنطقة‪".‬‬
‫رابعا‪ :‬الربيع العربي بين الثورة والفوضى وسيناريوهات التقسيم‪:‬‬
‫في ظل ما تشهده المنطقة العربية من حراك وتحوالت‪ ،‬هناك عدة تس‪N‬اؤالت تط‪N‬رح نفس‪N‬ها ح‪N‬ول‬
‫"ربي‪NN‬ع" التغي‪NN‬ير الع‪NN‬ربي‪ ،‬في م‪NN‬ا إذا ك‪NN‬ان اس‪NN‬تمرار للفوض‪NN‬ى الخالق‪NN‬ة ال‪NN‬تي تبنته‪NN‬ا اإلدارة األمريكي‪NN‬ة أو أن‪NN‬ه‬
‫ص‪NN‬نيعة مواق‪NN‬ع التواص‪NN‬ل االجتم‪NN‬اعي ض‪NN‬من س‪NN‬ياق مخطط‪NN‬ات أمريكي‪NN‬ة ته‪NN‬دف إلى إع‪NN‬ادة رس‪NN‬م الخريط‪NN‬ة‬
‫الجيوسياس ‪NN‬ية للمنطق ‪NN‬ة‪ ،‬أو أن ‪NN‬ه ك ‪NN‬ان رد فع ‪NN‬ل منطقي لش ‪NN‬عوب عاش ‪NN‬ت حال ‪NN‬ة من االحتق ‪NN‬ان والتهميش لع ‪NN‬دة‬
‫(‪)33‬‬
‫عقود من الزمن‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫من المعروف أن بداية الثورات ليست مثل نهايتها‪ ،‬وهن‪N‬اك مس‪ّN‬لمة في العل‪N‬وم االجتماعي‪N‬ة‪ ،‬تق‪N‬ر‬
‫أن الحكم على الظاهرة خالل ح‪N‬دوثها لن يوص‪NN‬لنا إلى اس‪N‬تنتاجات قطعي‪N‬ة وموض‪NN‬وعية‪ ،‬ذل‪N‬ك أن الظ‪N‬واهر‬
‫االجتماعية والسياسية تطلب رصدًا وتحليًال في حالة من االستمرارية والسيرورة والتقاطع م‪N‬ع مجموع‪N‬ة‬
‫بنيوي‪NN‬ة‪ ،‬وه‪NN‬ذا يتطلب ف‪NN‬ترة من ال‪NN‬زمن ح‪NN‬تى نس‪NN‬تطيع رص‪NN‬د التح‪NN‬والت الهيكلي‪NN‬ة الك‪NN‬برى ج ‪ّN‬ر اء "الث‪NN‬ورات‬
‫العربي‪NNN‬ة" بش‪NNN‬كل موض‪NNN‬وعي‪ .‬وعلي‪NNN‬ه‪ ،‬ليس من الحكم‪NNN‬ة التعجي‪NNN‬ل ب ‪NN‬إطالق األحك ‪NN‬ام النهائي ‪NN‬ة على "الربي‪NNN‬ع‬
‫الع ‪NN‬ربي"‪ ،‬بي ‪NN‬د أن الواق??ع يق??ر بع ‪NN‬د م ‪NN‬رور‪ 6‬س ‪NN‬نوات على انطالق "الث ‪NN‬ورات" أن حص ‪NN‬اد ونت ‪NN‬ائج "الربي ‪NN‬ع‬
‫الع ‪NN N N‬ربي" م ? ??دمرة حيث أدت إلى حال ‪NN N N‬ة من الفوض ‪NN N N‬ى واالنفالت األم ‪NN N N‬ني‪ ،‬تراج ‪NN N N‬ع مع ‪NN N N‬دالت اإلنت ‪NN N N‬اج‪،‬‬
‫االضطرابات الطائفية‪ ،‬انهيار الدولة الوطنية وتنامي دور الفواعل غير الدوالتية كالتنظيمات اإلرهابي‪NN‬ة‪،‬‬
‫انهيار ما تبقى من النظام اإلقليمي العربي‪...‬الخ‪.‬‬
‫وعلى ه ‪NN‬ذا‪ ،‬هن ‪NN‬اك من المحللين من يعت ‪NN‬بر أن ه??ذه الث??ورات ال تع??دو أن تك??ون س??وى اس??تمرار‬
‫لمش??اريع س??ابقة أطلقته??ا الوالي??ات المتح??دة في المنطق??ة‪ ،‬كمش ‪NN‬روع الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط الكب ‪NN‬ير والفوض ‪NN‬ى‬
‫الخالقة‪ ،‬ذلك أن مآالت ومخرجات هذه الثورات اتسقت وتماهت تمام‪NN‬ا م‪NN‬ع األه‪NN‬داف العلي‪NN‬ا ال‪NN‬تي أطلقته‪NN‬ا‬
‫تلك المشاريع‪ ،‬خصوصا ما يتعلق بتغي‪N‬ير الخارط‪N‬ة الجيوسياس‪N‬ية للمنطق‪N‬ة‪ ،‬من خالل ط‪N‬رح س‪N‬يناريوهات‬
‫لتقس‪NNN‬يم دول "الربي‪NNN‬ع الع‪NNN‬ربي" على أس‪NNN‬س عرقي‪NNN‬ة ومذهبي‪NNN‬ة‪ ،‬كم ‪NN‬ا ه ‪NN‬و الح ‪NN‬ال بالنس ‪NN‬بة "لس??وريا المفي??دة"‬
‫المرشحة للتقسيم‪ ،‬نفس المنطق ينسحب على ليبيا واليمن‪.‬‬
‫كم‪NN‬ا أن نت‪NN‬ائج الث‪NN‬ورات‪ ،‬تؤك‪NN‬د على االس‪NN‬تمرار في تط‪NN‬بيق إس??تراتيجية ش??د األط??راف (دعم دول‬
‫االعت‪NN N‬دال‪ ،‬دول الخليج الص‪NN N‬ديقة للوالي‪NN N‬ات المتح‪NN N‬دة) وتمزي ??ق دول القلب (مح‪NN N‬ور المقاوم‪NN N‬ة) وإ غراقه‪NN N‬ا‬
‫بإذك‪NN‬اء الص‪NN‬راعات الطائفي‪NN‬ة(‪ ،)34‬كم‪NN‬ا ه‪NN‬و الح‪NN‬ال بالنس‪NN‬بة لس‪NN‬وريا والع‪NN‬راق س‪NN‬ابقا‪ ،‬ول‪NN‬ذلك‪ ،‬فال‪NN‬دول األك‪NN‬ثر‬
‫ت ‪NN‬أثرا "ب ‪NN‬الربيع الع ‪NN‬ربي" هي دول مح??ور المقاوم??ة المن ‪NN‬اهض إلس ‪NN‬رائيل والوالي ‪NN‬ات المتح ‪NN‬دة األمريكي ‪NN‬ة‪،‬‬
‫األم‪N‬ر ال‪N‬ذي يجع‪N‬ل من التوازن‪N‬ات اإلقليمي‪N‬ة في المنطق‪N‬ة تنتظم وف‪N‬ق الرؤي‪N‬ة الخادم‪N‬ة التح‪N‬الف األم‪N‬ريكي‪-‬‬
‫اإلسرائيلي‪.‬‬
‫المح???ور الراب???ع‪ :‬ت???داعيات اإلس???تراتيجيات التدخلي???ة ومش???اريع التفكي???ك وإ ع???ادة البن???اء على البني???ة‬
‫الجيوسياسية العربية الراهنة‪.‬‬
‫لق ‪NN‬د أفض ‪NN‬ت األبع ‪NN‬اد الكلي ‪NN‬ة لإلس ‪NN‬تراتيجية التدخلي ‪NN‬ة ومش ‪NN‬اريع تفكي ‪NN‬ك المنطق ‪NN‬ة وإ ع ‪NN‬ادة بنائه ‪NN‬ا‪ ،‬إلى‬
‫إف‪NN‬راز مض‪NN‬اعفات خط‪NN‬يرة على البني‪NN‬ة الجيوسياس‪NN‬ية العربي‪NN‬ة‪ ،‬كم‪NN‬ا أدت السياس‪NN‬ات التدخلي‪NN‬ة لق‪NN‬وى الهيمن‪NN‬ة‬
‫الدولي‪N‬ة إلى انته‪N‬اك س‪N‬يادة دول المنطق‪N‬ة والتع‪N‬دي على ح‪N‬ق ش‪N‬عوبها في تقري‪N‬ر مص‪NN‬يرها واختي‪N‬ار أنظمته‪N‬ا‬
‫السياس‪NN N N‬ية واالقتص‪NN N N‬ادية والثقافي‪NN N N‬ة والدس‪NN N N‬تورية (القانوني‪NN N N‬ة) بش‪NN N N‬كل ح‪NN N N‬ر وس‪NN N N‬يد‪ ،‬بعي‪NN N N‬دا عن اإلمالءات‬
‫كم ‪NN‬ا أدت إلى اإلجهاز على م??ا تبقى من النظ??ام اإلقليمي واألم??ني الع??ربي‬ ‫(‪)35‬‬
‫والض ‪NN‬غوطات الخارجي ‪NN‬ة‪.‬‬
‫الذي وصفه "أحمد داود أوغلو" في كتابه الشهير "العمق اإلستراتيجي" "بأنه كجدار مخلخ‪NN‬ل البن‪NN‬اء مفك‪NN‬ك‬
‫(‪)36‬‬
‫اللبنات‪ ،‬وبالتالي فإن تحريك أية لبنة من لبناته سيؤدي حتما إلى انهياره‪".‬‬

‫‪14‬‬
‫وعلي‪NN‬ه‪ ،‬فالع‪NN‬الم الع‪NN‬ربي‪ ،‬وبالخص‪NN‬وص في المرحل‪NN‬ة الممت‪NN‬دة من‪NN‬ذ ‪ 11‬س‪NN‬بتمبر إلى م‪NN‬ا بع‪NN‬د "الربي‪NN‬ع‬
‫الع‪N‬ربي" أص‪N‬بح يواج‪N‬ه تح‪N‬ديات إس‪N‬تراتيجية خط‪N‬يرة‪ ،‬باعتب‪N‬ار المنطق‪N‬ة ش‪N‬كلت أح‪N‬د المج‪N‬االت الجيوسياس‪N‬ية‬
‫األكثر تأثرا بالحملة األمريكية على اإلرهاب وبمشاريع التفكيك وإ عادة البناء وبتداعيات الربيع العربي‪،‬‬
‫كم ‪NN‬ا مثلث إح ‪NN‬دى الس ‪NN‬احات المفتوح ‪NN‬ة على ك ‪NN‬ل أس ‪NN‬اليب وتكتيك ‪NN‬ات الت ‪NN‬دخل ال ‪NN‬دولي ال ‪NN‬تي ك ‪NN‬انت تس ‪NN‬تهدف‬
‫اإلطاح‪NN‬ة باألنظم‪NN‬ة المناوئ‪NN‬ة للسياس‪NN‬ة األمريكي‪NN‬ة في المنطق‪NN‬ة وتنص‪NN‬يب أخ‪NN‬رى موالي‪NN‬ة‪ ،‬فض‪NN‬ال عن اللج‪NN‬وء‬
‫أك‪NN‬ثر إلى سياس‪NN‬ات الهيمن‪NN‬ة وبس‪NN‬ط النف‪NN‬وذ ومختل‪NN‬ف أس‪NN‬اليب القس‪NN‬ر واإلك‪NN‬راه‪ ،..‬كم‪NN‬ا أن المنطق‪NN‬ة أص‪NN‬بحت‬
‫تش‪NN‬كل موضوع وهدف للحروب والقواع?د العس?كرية األمريكي?ة ومختل?ف المش?اريع الجيوسياس?ية ال‪NN‬تي‬
‫تقوم على منطق التفكيك وإ عادة البناء‪ ،‬كالفوضى الخالقة‪ ،‬الشرق األوسط الكب‪N‬ير‪" ،‬الربي‪N‬ع الع‪N‬ربي" على‬
‫الوج‪NN‬ه ال‪NN‬ذي يخ‪NN‬دم المص‪NN‬الح الحيوي‪NN‬ة للتح‪NN‬الف اإلس‪NN‬تراتيجي األم‪NN‬ريكي‪-‬اإلس‪NN‬رائيلي‪ ،‬األم‪NN‬ر ال‪NN‬ذي أدى إلى‬
‫(‪)37‬‬
‫وضع مجمل المنطقة العربية على خط اإلنكشافية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يرى "برهان غليون" "أن المشاريع والتدخالت األجنبية في الش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط‪ ،‬من‪NN‬ذ أح‪NN‬داث‬
‫‪ 11‬سبتمبر إلى "الربيع العربي"‪ ،‬تهدف إلى وضع وصاية مباش‪NN‬رة على دول المنطق‪NN‬ة‪ ،‬من خالل إع‪NN‬ادة‬
‫تشكيل وترس‪N‬يخ قواع‪N‬د نظ‪N‬ام ش‪N‬رق أوس‪N‬طي ش‪N‬به اس‪N‬تعماري‪ ،‬كم‪N‬ا ته‪N‬دف ه‪N‬ذه المش‪N‬اريع إلى الحف‪N‬اظ على‬
‫نظام التدخالت األجنبية التي طبعت مصير الش‪N‬رق األوس‪N‬ط وح‪N‬ددت اتجاه‪N‬ات تط‪N‬وره من‪N‬ذ انقض‪N‬اء حقب‪N‬ة‬
‫ومن ه‪NN‬ذا المنطل‪NN‬ق‪ ،‬ف‪NN‬إن ه‪NN‬ذه المش‪NN‬اريع والسياس‪NN‬ات التدخلي‪NN‬ة تع‪NN‬د‬ ‫(‪)38‬‬
‫التحرر من السيطرة االس‪NN‬تعمارية‪".‬‬
‫انتهاكا صارخا لسيادة دول المنطقة وأمنها القومي‪.‬‬
‫ول‪NN N‬ذلك‪ ،‬إن اإلس‪NN N‬تراتيجية التدخلي‪NN N‬ة لتغي‪NN N‬ير النظم ومش‪NN N‬اريع التفكي‪NN N‬ك وإ ع‪NN N‬ادة البن‪NN N‬اء المتمثل‪NN N‬ة في‬
‫الفوض ‪NN‬ى الخالق ‪NN‬ة‪ ،‬الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط الكب ‪NN‬ير‪" ،‬الربي ‪NN‬ع الع ‪NN‬ربي"‪ ،‬أص??ابت في الص??ميم معاه??دة واس??تفاليا (‬
‫‪ )1648‬ال ‪NN‬تي لطالم ‪NN‬ا رس ‪NN‬خت مجموع ‪NN‬ة من المب ‪NN‬ادئ المعياري ‪NN‬ة المكرس ‪NN‬ة لقدس ‪NN‬ية س ‪NN‬يادة الدول ‪NN‬ة ومناع ‪NN‬ة‬
‫(‪)39‬‬
‫حدودها اإلقليمية عبر إقرار مبدأ عدم التدخل كحصن منيع لحماية السيادة الوطنية للدولة‪.‬‬
‫وبص‪NN N‬فة عام‪NN N‬ة‪ ،‬ويمكن إب‪NN N‬راز الت‪NN N‬داعيات ال‪NN N‬تي أفرزته‪NN N‬ا اإلس‪NN N‬تراتيجيات التدخلي‪NN N‬ة لتغي‪NN N‬ير النظم‬
‫ومشاريع التفكيك وإ عادة البناء منذ أحداث ‪ 11‬سبتمبر إلى الربيع العربي‪ ،‬في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تق‪NN‬ويض س‪NN‬يادة دول المنطق‪NN‬ة وأمنه‪NN‬ا الق‪NN‬ومي‪ ،‬بفع‪NN‬ل الت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة لتغي‪NN‬ير ليس فق‪NN‬ط األنظم‪NN‬ة‬
‫السياسية‪ ،‬وإ نما أيضا األنساق القيمية واالجتماعية والثقافية‪ ،..‬األمر الذي يشكل انتهاكا صارخا‬
‫لح‪NN‬ق ش‪NN‬عوب المنطق‪NN‬ة في اختي‪NN‬ار طبيع‪NN‬ة أنظمته‪NN‬ا السياس‪NN‬ية واالقتص‪NN‬ادية والقيمي‪NN‬ة‪ ،..‬بش‪NN‬كل ح‪NN‬ر‬
‫وسيد‪.‬‬
‫تق‪NN‬ويض الوح‪NN‬دة الترابي‪NN‬ة والس‪NN‬المة اإلقليمي‪NN‬ة ل‪NN‬دول المنطق‪NN‬ة‪ ،‬من خالل مش‪NN‬اريع الفوض‪NN‬ى الخالق‪NN‬ة‬ ‫‪‬‬
‫الش ‪NN‬رق األوس ‪NN‬ط الكب ‪NN‬ير‪" ،‬الربي ‪NN‬ع الع ‪NN‬ربي"‪ ،‬ال ‪NN‬تي أدت إلى تقس ‪NN‬يم دول المنطق ‪NN‬ة كم ‪NN‬ا ه ‪NN‬و الح ‪NN‬ال‬
‫بالنس ‪NN‬بة للس ‪NN‬ودان‪ ،‬واألم ‪NN‬ر ق ‪NN‬د ينس ‪NN‬حب أيض ‪NN‬ا على س ‪NN‬وريا‪ ،‬الع ‪NN‬راق‪ ،‬اليمن‪ ،‬وليبي ‪NN‬ا بفع ‪NN‬ل م ‪NN‬آالت‬
‫"الربيع العربي"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫استهداف الدولة الوطنية الس‪N‬يما دول "مح‪N‬ور المقاوم‪N‬ة"‪ ،‬لتح‪N‬ل محله‪N‬ا دويالت طائفي‪N‬ة في درج‪N‬ة‬ ‫‪‬‬
‫كبيرة من التناحر وعدم القدرة على التعايش‪.‬‬
‫انته‪NN‬اك الس‪NN‬يادة االقتص‪NN‬ادية ل‪NN‬دول المنطق‪NN‬ة‪ ،‬من خالل النهب ال‪NN‬ذي تمارس‪NN‬ه ق‪NN‬وى الهيمن‪NN‬ة الدولي‪NN‬ة‬ ‫‪‬‬
‫لل ‪NN‬ثروة للنفطي ‪NN‬ة في الع ‪NN‬راق وليبي ‪NN‬ا‪ ،‬الس ‪NN‬يما بع ‪NN‬د س ‪NN‬يطرة تنظيم الدول ‪NN‬ة اإلس ‪NN‬المية (داعش) على‬
‫المن‪NN‬اطق النفطي‪NN‬ة‪ .‬وعلي‪NN‬ه‪ ،‬فالمس‪NN‬اعي الغربي‪NN‬ة للتحكم في ال‪NN‬ثروة النفطي‪NN‬ة للمنطق‪NN‬ة‪ ،‬تتع‪NN‬ارض م‪NN‬ع‬
‫حق الدولة الكامل وغير المنقوص في السيادة على مواردها وثروتها الطبيعية‪.‬‬
‫تن‪NN‬امي ظ‪NN‬اهرة الفوض‪NN‬ى واالنفالت األم‪NN‬ني‪ ،‬انتش‪NN‬ار الس‪NN‬الح‪ ،‬انهي‪NN‬ار الدول‪NN‬ة الوطني‪NN‬ة وتن‪NN‬امي دور‬ ‫‪‬‬
‫الفواع‪NN N‬ل غ‪NN N‬ير الدوالتي‪NN N‬ة‪ ،‬مث‪NN N‬ل تنظيم الدول‪NN N‬ة اإلس‪NN N‬المية في الع‪NN N‬راق والش‪NN N‬ام‪ ،..‬نتيج‪NN N‬ة ت‪NN N‬داعيات‬
‫(‪)40‬‬
‫"الربيع العربي"‪.‬‬
‫ب‪NN N‬النظر إلى الت‪NN N‬داعيات الخط‪NN N‬يرة ال‪NN N‬تي أفرزته‪NN N‬ا الت‪NN N‬دخالت األجنبي‪NN N‬ة لتغي‪NN N‬ير النظم‪ ،‬والمش‪NN N‬اريع‬
‫الجيوسياس ‪NN‬ية للتفكي ‪NN‬ك وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء‪ ،‬فق ‪NN‬د تح ‪NN‬ول الع ‪NN‬الم الع ‪NN‬ربي إلى منطق??ة رخ??وة في درج??ة كب??يرة من‬
‫االختراق واالنكشافية‪ ،‬وهو ما دفع "كارل براون" إلى الق‪NN‬ول‪" :‬إن المنطقة العربي??ة أص??بحت المنظوم??ة‬
‫(‪)41‬‬
‫الفرعية األكثر اختراقا من بين منظومات العالقات الدولية‪".‬‬
‫المح??ور الخ??امس‪ :‬آلي??ات التص??دي والمواجه??ة‪ :‬بحث في الب??دائل والخي??ارات اإلس??تراتيجية المس??تقبلية‬
‫المتاحة‪.‬‬
‫تقتضي عملية مواجهة تحديات التدخالت األجنبية‪ ،‬والتصدي لمشاريع التفكي‪NN‬ك وإ ع‪N‬ادة البن‪NN‬اء في‬
‫المنطق‪NN N N‬ة‪ ،‬أن ت‪NN N N‬راهن ال‪NN N N‬دول العربي‪NN N N‬ة في المس‪NN N N‬تقبل المنظ‪NN N N‬ور على مجموع‪NN N N‬ة من الب‪NN N N‬دائل والخي‪NN N N‬ارات‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬التي يمكن إدراجها ضمن ثالث مستويات أساسية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الخيارات والبدائل على المستوى الوطني‪:‬‬
‫يش‪NN‬كل اس‪NN‬تكمال مس‪NN‬ار عملي‪NN‬ة بن‪NN‬اء الدول‪NN‬ة‪ ،‬بك‪NN‬ل م‪NN‬ا تنط‪NN‬وي علي‪NN‬ه ه‪NN‬ذه العملي‪NN‬ة من أبع‪NN‬اد سياس‪NN‬ية‬
‫ومؤسس‪NNN‬اتية واقتص‪NN N‬ادية وأمني‪NNN‬ة‪ ،‬إح‪NNN‬دى اآللي‪NNN‬ات ال‪NNN‬تي يمكن أن ت ‪NN‬راهن عليه ‪NN‬ا ال ‪NN‬دول العربي‪NNN‬ة لمواجه‪NNN‬ة‬
‫الت‪NN‬دخالت والمش‪NN‬اريع ال‪NN‬تي تطرحه‪NN‬ا ق??وى التفكي??ك على المنطق‪NN‬ة‪ ،‬خاص‪NN‬ة وأن الض??عف الهيكلي والعج??ز‬
‫الوظيفي لألنظمة السياسية لدول المنطقة‪ ،‬كان على الدوام هو السبب الرئيس‪NN‬ي لت‪NN‬دويل قض‪NN‬اياها وت‪NN‬دخل‬
‫الق ‪NN‬وى الك ‪NN‬برى في ش ‪NN‬ؤونها الداخلي ‪NN‬ة‪ ،‬وه ‪NN‬و أيض ‪NN‬ا الس ‪NN‬بب الرئيس ‪NN‬ي ال ‪NN‬ذي جع ‪NN‬ل الكث ‪NN‬ير من دول المنطق ‪NN‬ة‬
‫تتح‪NN‬ول إلى موضوع للتبعية الخارجية ولسياس?ات الهيمن?ة الدولي?ة‪ .‬ول‪NN‬ذلك‪ ،‬يع‪NN‬د اس‪NN‬تكمال مس‪NN‬ار عملي‪NN‬ة‬
‫بناء الدولة حصنا منيعا أمام سياسات التدخل الدولي ومشاريع التفكيك وإ عادة البناء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخيارات والبدائل على المستوى اإلقليمي‪:‬‬
‫يتعين على ال‪NN‬دول العربي‪NN‬ة قص‪NN‬د مواجه‪NN‬ة الت‪NN‬دخالت والمش‪NN‬اريع ال‪NN‬تي تطرحه‪NN‬ا ق‪NN‬وى التفكي‪NN‬ك في‬
‫المنطقة‪ ،‬المراهن‪NN‬ة على ط‪NN‬رح مش‪NN‬روع تك‪NN‬املي خ‪NN‬اص به‪NN‬ا‪ ،‬يعكس مص‪NN‬الحها الحيوي‪NN‬ة ويع‪NN‬بر عن إرادتها‬
‫الس??يادية بعي??دا عن الض??غوطات ال??تي تمارس??ها الق??وى الك??برى‪ ،‬ذل‪NN‬ك أن التوج‪NN‬ه نح‪NN‬و اإلقليمي‪NN‬ة (الخي‪NN‬ار‬

‫‪16‬‬
‫التك ‪NN‬املي) ال يش ‪NN‬كل فق ‪NN‬ط حص??نا منيع??ا لمواجه ‪NN‬ة المس ‪NN‬اعي األمريكي ‪NN‬ة‪-‬واإلس ‪NN‬رائيلية إلض ‪NN‬عاف المنطق ‪NN‬ة‬
‫والسيطرة عليها‪ ،‬وإ نم‪NN‬ا أيض‪NN‬ا ك‪NN‬ون الخي‪NN‬ار التك‪NN‬املي يع‪NN‬د ضرورة إستراتيجية ومسألة حتمية في عص?ر‬
‫العولم??ة ال??ذي ال تعيش في??ه إال التكتالت اإلقليمي??ة‪ ،‬كم ‪NN‬ا أن التوج ‪NN‬ه نح ‪NN‬و اإلقليمي ‪NN‬ة س ‪NN‬يحقق الكث ‪NN‬ير من‬
‫المزايا للدول العربية‪ ،‬ومن ذلك‪ ،‬اكتساب القوة التفاوضية ال‪NN‬تي تمكنه‪NN‬ا من التعام‪NN‬ل بندي‪NN‬ة م‪NN‬ع األط‪NN‬راف‬
‫الخارجية وفق مبدأ توازن القوى وتوازن المصالح‪ ،‬وإ قام‪NN‬ة عالق‪NN‬ات تع‪NN‬اون وش‪NN‬راكة م‪NN‬ع ه‪NN‬ذه األط‪NN‬راف‬
‫تكون من نوع كاسب‪/‬كاسب‪ ،‬باإلض‪NN‬افة إلى تحقي‪NN‬ق األمن والتنمي‪NN‬ة‪ ،‬وك‪NN‬ذا االن‪NN‬دماج في االقتص‪NN‬اد الع‪NN‬المي‬
‫وفي مسار العولمة بشكل إيجابي‪ ،‬وتجنب مخاطر التهميش واإلقصاء‪...‬الخ‪.‬‬
‫بي ‪NN‬د أن ال ‪NN‬دول العربي ‪NN‬ة ال ت ‪NN‬زال تفتق ‪NN‬ر إلى اإلرادة السياس ‪NN‬ية ولم ت ‪NN‬درك بع ‪NN‬د أهمي ‪NN‬ة بن ‪NN‬اء التكام ‪NN‬ل‬
‫اإلقليمي‪ ،‬ب‪NN‬ل واألك‪NN‬ثر من ذل‪NN‬ك اتجهت كم‪NN‬ا يق‪NN‬ول "محمد الس??عيد إدريس"‪ " :‬إلى التمس??ك بس??يادتها إلى‬
‫حد اإلسراف إبان الدعوة للمشاريع الوحدوية‪ ،‬وتمسكت بقوة بمبدأ عدم الت??دخل في الش??ؤون الداخلي??ة‬
‫وجعلته حصنا منيعا لصد أية دعوة إلى الوحدة العربية‪ ،‬كما كانت المشاحنات والخصومات تنفجر بين‬
‫الدول العربية بدافع الغيرة على السيادة‪ ،‬ولكن كل هذا لم يحدث في عالقة الدول العربية مع األط??راف‬
‫(‪)42‬‬
‫الخارجية‪ ،‬حيث كان التساهل لدرجة التفريط في كل ما يمت بصلة لهذه السيادة الوطنية‪".‬‬
‫كم ‪NN N‬ا يتعين على ال ‪NN N‬دول العربي ‪NN N‬ة المراهن ‪NN N‬ة على تفعي ‪NN N‬ل هياك ‪NN N‬ل األمن اإلقليمي "اتفاقي ‪NN N‬ة ال ‪NN N‬دفاع‬
‫المش‪NN‬ترك" لجامع‪NN‬ة ال‪NN‬دول العربي‪NN‬ة‪ ،‬ب‪NN‬دال من االس‪NN‬تعانة بالت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة إلدارة األزم‪NN‬ات في المنطق‪NN‬ة‪،‬‬
‫األم‪NN‬ر ال‪NN‬ذي جع‪NN‬ل من األمن العربي قضية أطلسية أكثر منه?ا عربي?ة‪ ،‬وبالت‪NN‬الي يص‪NN‬بح الحل‪NN‬ف األطلس‪NN‬ي‬
‫هو الحكم والفيصل السياسي والعسكري في حس‪N‬م النزاع‪N‬ات واألزم‪N‬ات ال‪N‬تي تنش‪N‬ب في المنطق‪N‬ة العربي‪N‬ة‪،‬‬
‫خاص‪NN‬ة أن بعض دول المنطق‪NN‬ة فتحت األب‪NN‬واب على مص‪NN‬راعيها للت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة‪ ،‬األم‪NN‬ر ال‪NN‬ذي س‪NN‬يؤدي‬
‫إلى أطلس??ة األمن الع??ربي‪ ،‬حيث تص ‪NN‬بح الحماي ‪NN‬ة األمني ‪NN‬ة األطلس ‪NN‬ية أهم بكث ‪NN‬ير من أي ‪NN‬ة إس ‪NN‬تراتيجية أمني ‪NN‬ة‬
‫(‪)43‬‬
‫عربية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الخيارات والبدائل على المستوى الدولي‪:‬‬


‫يرى "يوهان غالتونغ" أن التنويع من الش‪N‬ركاء اإلس‪N‬تراتيجيين ال‪N‬دوليين آلي‪N‬ة هام‪N‬ة لكس‪N‬ر عالق‪N‬ات‬
‫التبعية والهيمنة الخارجية‪ ،‬ومن هذا المنطل‪N‬ق‪ ،‬يتعين على ال‪N‬دول العربي‪N‬ة‪ ،‬أن ال تحص‪N‬ر عالق‪N‬ات الدولي‪N‬ة‬
‫م‪NN‬ع دول بعينه‪NN‬ا‪ ،‬وإ نم‪NN‬ا عليه‪NN‬ا التوج‪NN‬ه إلى سياس‪NN‬ة التنوي‪NN‬ع من الش‪NN‬ركاء ال‪NN‬دوليين‪ ،‬وبخاص‪NN‬ة المراهن‪NN‬ة على‬
‫دور الصين‪ ،‬روس‪NN‬يا‪ ،‬الهن‪NN‬د وإ ي‪NN‬ران ليس فق‪NN‬ط لموازنة ومواجهة المش‪NN‬اريع ال‪NN‬تي تمارس‪NN‬ها ق‪NN‬وى التفكي‪NN‬ك‬
‫في المنطقة‪ ،‬وإ نما أيضا الكتساب هامش أوسع من المناورة ومن حرية العمل في السياسة الدولية‪.‬‬
‫وُيض ??اف إلى م ??ا س ??بق‪ ،‬أهمي ??ة وض ??رورة االهتم ??ام بمراك ??ز البح ??وث والدراس ??ات‪ ،‬باعتباره ??ا‬
‫تؤسس لوعى إس??تراتيجي و"يقظ??ة إس??تراتيجية"‪ ،‬وتعلب دور المنب??ه بالمخ??اطر والتح??ديات ال?تي تواج??ه‬

‫‪17‬‬
‫العالم العربي‪ ،‬فضال عن كونها يمكن أن تشكل "ظهير معرفي" يعين األنساق العليا لدول المنطق??ة على‬
‫اتخ??اذ أفض??ل الخي??ارات والب??دائل اإلس??تراتيجية ال??تي من ش??أنها مواجه??ة الت??دخالت األجنبي??ة ومش??اريع‬
‫التفكيك وإ عادة البناء التي تعاني منها الكثير من الدول العربية‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل تضاعيف صفحات هذه الورقة البحثية‪ ،‬تم التوصل إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫التأكيد على أنه‪ ،‬بالرغم من ك‪N‬ون العوام‪N‬ل ال‪N‬تي أدت إلى انكش‪N‬اف البني‪N‬ة الجيوسياس‪N‬ية العربي‪N‬ة ترج‪N‬ع‬ ‫‪‬‬
‫إلى ح ‪NN‬رب الخليج الثاني ‪NN‬ة (‪ ،)1991‬ال ‪NN‬تي ع ‪NN‬ززت التواج ‪NN‬د العس ‪NN‬كري األجن ‪NN‬بي في المنطق ‪NN‬ة‪ ،‬إال أن‬
‫الت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة ومش‪NN‬اريع التفكي‪NN‬ك وإ ع‪NN‬ادة البن‪NN‬اء‪ ،‬وم‪NN‬ا أفرزت‪NN‬ه "الث‪NN‬ورات العربي‪NN‬ة" من ت‪NN‬داعيات‪،..‬‬
‫أدت إلى اإلجهاز على ما تبقي من النظام اإلقليمي واألمني العربي‪.‬‬
‫التأكي‪NN‬د على أن‪NN‬ه‪ ،‬إذا ك‪NN‬انت س‪NN‬يادة الدول‪NN‬ة وأمنه‪NN‬ا الق‪NN‬ومي في المنطق‪NN‬ة العربي‪NN‬ة‪ ،‬ك‪NN‬انت ض??حية "للعب??ة‬ ‫‪‬‬
‫صفرية" في إط‪NN‬ار الصراع القطبي والتنافس اإلس?تراتيجي األم‪NN‬ريكي الس‪NN‬وفياتي في مرحل‪NN‬ة الح‪NN‬رب‬
‫الب ‪NN‬اردة‪ ،‬ف ‪NN‬إن أح ‪NN‬داث الح ‪NN‬ادي عش ‪NN‬ر من س ‪NN‬بتمبر و"الربي ‪NN‬ع الع ‪NN‬ربي" أدت إلى إف ‪NN‬راز مش ‪NN‬اريع جدي ‪NN‬دة‬
‫للتفكيك وإ عادة البناء‪ ،‬ومن ذلك‪ ،‬الشرق األوسط الكبير‪ ،‬الفوضى الخالقة‪" ،‬ثورات الربي‪NN‬ع الع‪NN‬ربي"‪،‬‬
‫إذكاء الصراعات الطائفية‪...‬الخ‪.‬‬
‫التأكي ‪NN‬د على أن البني ‪NN‬ة الجيوسياس ‪NN‬ية العربي ‪NN‬ة الراهن ‪NN‬ة‪ ،‬أص ‪NN‬بحت مح??ل انته??اك واخ??تراق على نط ‪NN‬اق‬ ‫‪‬‬
‫واس‪NN‬ع من األعلى‪ ،‬من خالل الت‪NN‬دخالت األجنبي‪NN‬ة في إط‪NN‬ار "الث‪NN‬ورات العربي‪NN‬ة" ومكافح‪NN‬ة اإلره‪NN‬اب‪،..‬‬
‫ومن األسفل بفعل مشاريع التفكيك وإ عادة البناء‪ ،‬كالفوضى الخالقة‪ ،‬الشرق األوسط الكبير‪" ،‬الربي‪NN‬ع‬
‫الع‪NN N‬ربي"‪ ،‬إذك‪NN N‬اء الص‪NN N‬راعات الطائفي‪NN N‬ة‪" ،‬إس‪NN N‬تراتيجية ش‪NN N‬د األط‪NN N‬راف"‪ ،‬وغيره‪NN N‬ا من السياس‪NN N‬ات ال‪NN N‬تي‬
‫تستهدف تفجير دول المنطقة من الداخل‪( ،‬وبخاص‪NN‬ة في مح‪NN‬ور المقاوم‪NN‬ة)‪ .‬وعلي‪NN‬ه‪ ،‬ف‪NN‬إذا ك‪NN‬انت س‪NN‬يادة‬
‫الدول‪NN‬ة في منطق?ة المرك?ز تحظى بدرج?ة كب?يرة من المناع?ة والحص?انة‪ ،‬ف‪NN‬إن األم‪NN‬ر ه‪NN‬و ليس ك‪NN‬ذلك‬
‫بالنسبة لدول المحيط‪ ،‬وبالخصوص في المنطقة العربية‪.‬‬
‫التأكي‪NNN‬د على أن الع‪NNN‬الم الع‪NNN‬ربي في ظ‪NNN‬ل المتغ‪NNN‬يرات الدولي ‪NN‬ة الراهن ‪NN‬ة‪ ،‬أص ‪NN‬بح يواج ‪NN‬ه تح‪NNN‬ديات بالغ‪NNN‬ة‬ ‫‪‬‬
‫الخط‪NN N N‬ورة خاص‪NN N N‬ة في ظ? ??ل تح? ??ول اإلس‪NN N N‬تراتيجيات ال‪NN N N‬تي ترس‪NN N N‬م للمنطق‪NN N N‬ة في ال‪NN N N‬دوائر األمريكي‪NN N N‬ة‬
‫واإلسرائيلية من تغيير النظم إلى تفكيك الدول وفق منطق "س??ايكس بيك??و" جدي??د‪ ،‬ولكن على أس??س‬
‫عرقي???ة ومذهبي???ة‪ ،‬بالش ‪NN N‬كل ال ‪NN N‬ذي يجع ‪NN N‬ل التوازن ‪NN N‬ات الجيوسياس ‪NN N‬ية واإلقليمي ‪NN N‬ة تنتظم وف ‪NN N‬ق الرؤي ‪NN N‬ة‬
‫األمريكي‪NNN‬ة‪ ،‬وبم‪NNN‬ا ي‪NNN‬ؤدي إلى اس??تدامة المص??الح العلي??ا للتح ‪NN‬الف األم ‪NN‬ريكي–اإلس ‪NN‬رائيلي في ال‪NNN‬وطن‬
‫الع ‪NN‬ربي‪ .‬ول ‪NN‬ذلك‪ ،‬فاإلس ‪NN‬تراتيجية المس ‪NN‬تقبلية الكفيل ‪NN‬ة بمواجه ‪NN‬ة الت ‪NN‬دخالت األجنبي ‪NN‬ة ومش ‪NN‬اريع التفكي ‪NN‬ك‬
‫وإ ع ‪NN‬ادة البن ‪NN‬اء‪ ،‬مرهون ‪NN‬ة بم ‪NN‬دى النج ‪NN‬اح في اس??تكمال مس??ار بن??اء الدول??ة الوطني??ة ومعالج ‪NN‬ة الض??عف‬
‫الهيكلي والعج??ز ال??وظيفي لألنظم‪NNN‬ة السياس‪NNN‬ية القائم‪NNN‬ة‪ ،‬فض‪NN N‬ال عن أهمي ‪NN‬ة وض‪NN N‬رورة بن‪NNN‬اء مش??اريع‬

‫‪18‬‬
‫تكاملي??ة وترتيب??ات أمني??ة إقليمي??ة‪ ،‬وك‪NN‬ذا التنوي??ع من الش??ركاء ال??دوليين‪ ،‬وبالخص‪NN‬وص التع‪NN‬اون م‪NN‬ع‬
‫روسيا‪ ،‬الصين‪ ،‬لموازنة ومواجهة مشاريع وأدوار قوى التفكيك في العالم العربي‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫األش‪NN‬هب نعيم والحس‪NN‬يني م‪NN‬ازن‪ ،‬مش?روع الش?رق األوس?ط الكب?ير أعلى مراح?ل التبعي?ة‪ ،‬عم‪NN‬ان‪ :‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫الشروق للنشر والتوزيع‪.2005 ،‬‬
‫أوغل‪NN‬و أحم‪NN‬د داود‪ ،‬العمق اإلس?تراتيجي‪ :‬موق?ع تركي?ا ودوره?ا في الس?احة الدولي?ة‪ ،‬ترجم‪NN‬ة‪ :‬محم‪NN‬د‬ ‫‪-‬‬
‫جابر ثلجي وطارق عبد الجليل‪ ،‬الدوحة‪ :‬مركز الجزيرة للدراسات‪.2010 ،‬‬
‫ج‪NN‬رجس ف‪NN‬واز‪ ،‬النظ??ام اإلقليمي الع??ربي والق??وى الك??برى‪ ،‬ب‪NN‬يروت‪ :‬مرك‪NN‬ز دراس‪NN‬ات الوح‪NN‬دة العربي‪NN‬ة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1997‬‬
‫الح ‪NN‬وات محم ‪NN‬د علي‪ ،‬الع??رب وأمريك??ا من الش??رق أوس??طية إلى الش??رق األوس??ط الكب??ير‪ ،‬الق ‪NN‬اهرة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫مكتبة مدبولي‪.2005 ،‬‬
‫الحي‪NN‬الي ن‪NN‬زار إس‪NN‬ماعيل‪ ،‬دور حلف شمال األطلسى بع?د الح?رب الب?اردة‪ ،‬أبوظ‪NN‬بي‪ :‬مرك‪NN‬ز اإلم‪NN‬ارات‬ ‫‪-‬‬
‫للبحوث والدراسات اإلستراتيجية‪.2003 ،‬‬
‫دوغين ألكسندر‪ ،‬أسس الجيوبوليتيكا‪ ،‬مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي‪ ،‬ترجمة‪ :‬عماد حاتم‪ ،‬بيروت‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دار الكتاب الجديد‪.2004 ،‬‬
‫الس‪NN‬لطان جم‪NN‬ال مص‪NN‬طفى عب‪NN‬د اهلل‪ ،‬اإلستراتيجية األمريكي?ة في الش?رق األوس?ط‪ ،‬عم‪NN‬ان‪ :‬دار وائ‪NN‬ل‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2002‬‬
‫الس ‪NN‬يد مص ‪NN‬طفى كام ‪NN‬ل‪ ،‬اإلص??الح السياس??ي في ال??وطن الع??ربي‪ ،‬الق ‪NN‬اهرة‪ :‬مرك ‪NN‬ز دراس ‪NN‬ات وبح ‪NN‬وث‬ ‫‪-‬‬
‫الدول النامية‪.2006 ،‬‬
‫ش ‪NN‬اهر إس ‪NN‬ماعيل الش ‪NN‬اهر‪ ،‬أولوي??ات السياس??ة الخارجي??ة األمريكي??ة بع??د أح??داث ‪ 11‬أيل??ول ‪،2001‬‬ ‫‪-‬‬
‫دمشق‪ :‬منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب‪.2009 ،‬‬
‫عباس سليم عبد الغفار‪ ،‬مستقبل العقوبات الدولية باألمم المتحدة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2008‬‬
‫العس ‪NN‬اف سوس ‪NN‬ن‪ ،‬إس??تراتيجية ال??ردع‪ :‬العقي??دة العس??كرية األمريكي??ة الجدي??دة واالس??تقرار ال??دولي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪ :‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر‪.2008 ،‬‬
‫غليون برهان‪ ،‬العرب والعالم بعد ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر ‪.2005 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪19‬‬
‫_________‪ ،‬المتغيرات الدولية واألدوار اإلقليمية الجديدة‪ ،‬بيروت‪ :‬المؤسس‪N‬ة العربي‪N‬ة للدراس‪N‬ات‬ ‫‪-‬‬
‫والنشر‪ ،2005 ،‬ص ‪.41‬‬
‫مراد محمد‪ ،‬السياسة األمريكية تجاه الوطن العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار المنهل اللبناني‪.2009 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مس ‪NN‬عد نيفين‪ ،‬قض??ايا حق??وق اإلنس??ان‪ ،‬الطري??ق إلى الديمقراطي??ة‪ ،‬ب ‪NN‬يروت‪ :‬دار المس ‪NN‬تقبل الع ‪NN‬ربي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2004‬‬
‫المنياوي رمزي‪ ،‬الفوضى الخالقة‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الكتاب العربي‪.2012 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ولد أباه السيد‪ ،‬عالم ما بعد ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2001‬اإلشكاليات الفكري?ة واإلس?تراتيجية‪ ،‬ب‪NN‬يروت‪ :‬ال‪NN‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫العربية للعلوم‪.2004 ،‬‬
‫المذكرات والرسائل الجامعية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫عب ‪NN‬دو حس ‪NN‬ن‪ ،‬النظ??ام الع??المي ومس??تقبل س??يادة الدول??ة في الش??رق األوس??ط‪ ،‬م ‪NN‬ذكرة ماجس ‪NN‬تير في‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسات الشرق أوسطية‪ ،‬جامعة األزهر (غزة)‪ :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪.2010 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪- Chateaux Jacque, La fin de l’ordre militaire et le retour des mercenaires, 1991-2001,‬‬
‫‪France : Aix-en-Provence, institut d’études politiques, 2003.‬‬
‫‪- Cooley John K, An alliance against Babylon : The M.S, Israel and Irak, London: Pluto‬‬
‫‪press, 2005.‬‬
‫‪- Coutau-Begarie Hervé, Traité de Stratégie, Paris : Economica, 2003.‬‬
‫‪- Lacoste Yves, Géopolitique, la longue histoire d’aujourd’hui, Paris Larousse, 2009.‬‬
‫‪- Lenezowski George, The Middle East in world Affairs, New-York: Connell university‬‬
‫‪press, 1982.‬‬

‫الهوامش‬

‫‪20‬‬
‫‪)(1‬‬
‫أحمد داود أوغلو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ :‬موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية‪ ،‬ترجم‪NN‬ة‪ :‬محم‪NN‬د ج‪NN‬ابر ثلجي وط‪NN‬ارق عب‪NN‬د الجلي‪NN‬ل‪ ،‬الدوح‪NN‬ة‪ :‬مرك‪NN‬ز الجزي‪NN‬رة‬
‫للدراسات‪ ،2010 ،‬ص ‪.358‬‬
‫‪ )(2‬محمد مراد‪ ،‬السياسة األمريكية تجاه الوطن العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار المنهل اللبناني‪ 2009 ،‬ص ‪.358‬‬
‫‪ )(3‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.156-155‬‬
‫‪)(4‬‬
‫ألكسندر دوغين‪ ،‬أسس الجيوبوليتيكا‪ ،‬مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي‪ ،‬ترجمة‪ :‬عماد حاتم‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب الجديد‪ ،2004 ،‬ص‪.106‬‬
‫‪)(5‬‬
‫أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.360‬‬
‫)(‪6‬‬
‫‪George Lenezowski, The Middle East in world Affairs, New-York: Connell university press, 1982. P.10.‬‬
‫)(‪7‬‬
‫‪Yves Lacoste, Géopolitique, la longue histoire d’aujourd’hui, Paris : Larousse, 2009, P. 319.‬‬
‫‪ )(8‬أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫‪ )(9‬الشكل من إعداد الباحث‪.‬‬
‫)(‪10‬‬
‫‪Hervé Coutau-Begarie, Traité de Stratégie, Paris : Economica, 2003.p.97.‬‬
‫‪ )(11‬للمزيد من التفاصيل حول موضوع الشركات األمنية الخاصة‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪- Jacque Chateaux, La fin de lordre militaire et le retour des mercenaires, 1991-2001, France : Aix-en-Provence, institut‬‬
‫‪d’études politiques, 2003.‬‬
‫‪ )(12‬نيفين مسعد‪" ،‬مقدمة تحليلية حول اإلصالح في الشرق األوسط"‪ ،‬في‪ :‬نيفين مسعد‪ ،‬قضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬الطريق إلى الديمقراطية‪ ،‬ب‪NN‬يروت‪ :‬دار المس‪NN‬تقبل‬
‫العربي‪ ،2004 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪)(13‬‬
‫زينب عب‪NN‬د العظيم محم‪NN‬د‪" ،‬الرؤي‪NN‬ة األمريكي‪NN‬ة للش‪NN‬رق األوس‪NN‬ط الكب‪NN‬ير"‪ ،‬في‪ :‬مص‪NN‬طفى كام‪NN‬ل الس‪NN‬يد‪ ،‬اإلصالح السياسي في الوطن الع??ربي‪ ،‬الق‪NN‬اهرة‪ :‬مرك‪NN‬ز‬
‫دراسات وبحوث الدول النامية‪ ،2006 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪)(14‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ )(15‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪)(16‬‬
‫أحمد المنيسي‪" ،‬الواليات المتحدة وقضية الديمقراطية في الوطن العربي"‪ ،‬في‪ :‬نيفين مسعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.30-29‬‬
‫‪)(17‬‬
‫السيد ولد أباه‪ ،‬عالم ما بعد ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2001‬اإلشكاليات الفكرية واإلستراتيجية‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم‪ ،2004 ،‬ص ص‪.103-102‬‬
‫‪)(18‬‬
‫نفس المرجع ص ‪.103‬‬
‫‪ )(19‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.104-103‬‬
‫‪)(20‬‬
‫عبد الغفار عباس سليم‪ ،‬مستقبل العقوبات الدولية باألمم المتحدة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،2008 ،‬ص ص‪.310-309‬‬
‫)(‪21‬‬
‫‪John K. Cooley, An alliance against Babylon: The M.S, Israel and Irak, London: Pluto press, 2005, pp.204-205.‬‬
‫‪)(22‬‬
‫أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫‪)(23‬‬
‫محمد علي الحوات‪ ،‬العرب وأمريكا من الشرق أوسطية إلى الشرق األوسط الكبير‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبولي‪ ،2005 ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪)(24‬‬
‫نعيم األشهب ومازن الحسيني‪ ،‬مشروع الشرق األوسط الكبير أعلى مراحل التبعية‪ ،‬عمان‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،2005 ،‬ص‪.20‬‬
‫‪)(25‬‬
‫فهمي هويدي‪" ،‬العالم اليوم"‪ ،‬في‪ :‬برهان غليون‪ ،‬المتغيرات الدولية واألدوار اإلقليمية الجديدة‪ ،‬ب‪N‬يروت‪ :‬المؤسس‪N‬ة العربي‪N‬ة للدراس‪N‬ات والنش‪N‬ر‪ ،2005 ،‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪)(26‬‬
‫رمزي المنياوي‪ ،‬الفوضى الخالقة‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الكتاب العربي‪ ،2012،‬ص‪.13‬‬
‫‪)(27‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪)(28‬‬
‫شاهر إسماعيل الش‪NN‬اهر‪ ،‬أولويات السياسة الخارجية األمريكية بعد أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ ،2001‬دمش‪NN‬ق‪ :‬منش‪NN‬ورات الهيئ‪NN‬ة العام‪NN‬ة الس‪NN‬ورية للكت‪NN‬اب‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.132‬‬
‫‪)(29‬‬
‫رمزي المنياوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪154-153‬‬
‫‪ )(30‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪ )(31‬حسن عبدو‪ ،‬النظام العالمي ومستقبل سيادة الدولة في الشرق األوسط ‪ ،‬مذكرة ماجستير في الدراسات الشرق أوسطية‪ ،‬جامعة األزهر (غزة)‪ :‬كلية اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،2010 ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ )(32‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪)(33‬‬
‫رمزي المنياوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ )(34‬جمال مصطفى عبد اهلل السلطان‪ ،‬اإلستراتيجية األمريكية في الشرق األوسط‪ ،‬عمان‪ :‬دار وائل‪ ،2002 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪)(35‬‬
‫برهان غليون‪ ،‬العرب والعالم بعد ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ ،2005 ،‬ص‪.93‬‬
‫‪)(36‬‬
‫أحمد داود أوغلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫‪)(37‬‬
‫فهمي هويدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪)(38‬‬
‫حسن عبدو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪)(39‬‬
‫سوسن العساف‪ ،‬إستراتيجية الردع‪ :‬العقيدة العسكرية األمريكية الجديدة واالستقرار الدولي‪ ،‬ب‪NN‬يروت‪ :‬الش‪NN‬بكة العربي‪NN‬ة لألبح‪NN‬اث والنش‪NN‬ر‪ ،2008 ،‬ص ص‬
‫‪.198-197‬‬
‫‪)(40‬‬
‫رمزي المنياوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪)(41‬‬
‫فواز جرجس‪ ،‬النظام اإلقليمي العربي والقوى الكبرى‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1997 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ )(42‬حسن عبدو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪)(43‬‬
‫نزار إسماعيل الحيالي‪ ،‬دور حلف شمال األطلسى بعد الحرب الباردة ‪ ،‬أبوظبي‪ :‬مركز اإلمارات للبحوث والدراسات اإلستراتيجية‪ ،2003 ،‬ص ‪.151‬‬

You might also like