Professional Documents
Culture Documents
التقادم الجنائي
التقادم الجنائي
التقادم الجنائي
مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق
شعبة القانون الخاص
تخصص القانون الخاص و العلوم الجنائية
السنة الجامعية
2013-2012
شكر و تقدير
الحمد هلل الذي أعاننا عمى إنجاز ىذا العمل
األستاذ عبد الرحمان خمفي عمى رحابة صدره وسعتو بأن تحمل
إلى كل األصدقاء
ساسي طارق
إهداء
أهدي هذا الجهد المتواضع إلى روح أبي الذي له كل الفضل عمي
إلى كل األصدقاء
_2باللغة الفرنسية
_
p: page
_
et al: autres
التقادم الجنائي فكرة قانونية نجد تطبيقاتيا في معظم القوانين ،فقد وجد ىذا النظام منذ
القدم في تشريعات الدول بمختمف أنظمتيا القانونية والسياسية ،ونظام الحكم فييا ،ومنيا
التشريع الجزائري.
يعرف التقادم الجنائي بأنو تمك الوسيمة لمتخمص من أثار الجريمة أو من اإلدانة
الجنائية بتأثير مرور الزمن ،وىو يمثل وسيمة انقضاء الحق في تنفيذ الحكم الجنائي الصادر
باإلدانة ،فالتقادم يؤدي إلى سقوط حق الدولة في مالحقة الجاني إما بانقضاء حقيا في
محاكمتو ،واما بسقوط حقيا في توقيع العقاب عميو(.)1
فالتقادم الجنائي ىو سبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية ،وسقوط الحق في تنفيذ
العقوبة بمضي المدة(.)2
وتقادم الدعوى العمومية يختمف عن تقادم العقوبة ،فمن حيث النطاق يتحدد نطاق التقادم
بالنسبة لمدعوى في الفترة السابقة عمى صدور الحكم النيائي في موضوعيا ،أما بالنسبة
لتقادم العقوبة فال يكون إال في الفترة الالحقة عمى صدور الحكم( ،)3كما يختمفان كذلك من
حيث المدة فالعادة أن يجعل المشرع مدة تقادم العقوبة أطول من مدة تقادم الدعوى العمومية،
وما يبرر ىذا ىو أن الحكم الصادر بالعقوبة يفترض فيو أن حق الدولة في العقاب قد تأكد
وثبت عمى نحو ال يثور فيو أي شك ،أما الدعوى ففييا لم يتأكد بعد يقينا حق الدولة في
العقاب ،إذ يمكن أن تسفر المحاكمة عن براءة المتيم(.)4
( _)1إبراىيم حامد طنطاوي ،التقادم الجنائي وأثره في إنياء الدعوى العمومية وسقوط العقوبة ،د .ط ،دار النيضة العربية،
مصر ،8991 ،ص.1.
( _)2عبد المالك جندي ،الموسوعة الجنائية ،الجزء الرابع( رشوة_ ظروف الجريمة) ،د.ط ،د.ب.ن ،8001 ،ص.989.
( _)3إبراىيم حامد طنطاوي ،المرجع السابق ،ص.8.
( _)4سميمان عبد المنعم ،أصول اإلجراءات الجزائية ،د.ط ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان ،8009 ،ص.188.
1
إن معالجتنا لموضوع التقادم يرجع ألىميتو وتأثيره عمى سير الدعوى العمومية وتنفيذ
العقوبة ،إذ يمكن أن يؤدي عدم التمكن أو عدم فيم أحكام التقادم إلى الحكم بتقادم الدعوى
تأسيسا عمى مرور المدة دون التطبيق السميم لمقانون ،كما أنو قد يؤدي ذلك إلى الحكم
بعقوبة لمن تقرر التقادم لمصمحتو.
كما قد ينجر عن إطالة أمد النزاعات إحداث اضطرابات في المجتمع ،و ىذا ماال
تقتضيو مصمحة الدولة ،لذلك تم تقرير نظام التقادم بيدف تحقيق االستقرار القانوني.
إن اليدف من دراستنا لموضوع التقادم الجنائي ىو معرفة أحكامو التي نظميا المشرع
الجزائري في عدة نصوص قانونية ،باإلضافة إلى تمك األحكام التي لم ينص عمييا ،كون
موضوع التقادم الجنائي موضوع جديد بكر في الدراسات والبحوث خاصة منيا العربية.وبما
أن المشرع الجزائري نص عمى التقادم الجنائي بشقيو( تقادم الدعوى العمومية ،وتقادم
اء تعمق األمر بأساسو العقوبة) و كون ىذا األخير يطرح عدة إشكاالت و استفسارات سو ً
المحل الذي يرد عميو ،وكيفية حساب مواعيده ،و األسباب القاطعة والواقفة لو ،واآلثار
المترتبة عميو وىذا ما يجعمنا نتساءل :ما مدى نجاعة السياسة الجنائية لممشرع الجزائري في
تأطيره لنظام التقادم الجنائي؟
2
األول) ،كما س نتناول فيو أجال تقادم الدعوى العمومية وذلك بتحديدىا وتبيان كيفية سريانيا
باإلضافة إلى اآلثار المترتبة عمى انتياءىا والعوارض التي يمكن أن تصيب سريانيا(
المبحث الثاني)؛ أما ا لفصل الثاني فقد خصصناه لمعالجة تقادم العقوبة وذلك من خالل
التطرق إلى العقوبات الخاضعة لمتقادم و االستثناءات الواردة عمى تقادم العقوبة( المبحث
سريانيا واآلثار المترتبة عمى األول) ،باإلضافة إلى تحديد أجال تقادم العقوبة وبداية
انتياءىا ،مع ذكر العوارض التي تصيب سريان ىذه اآلجال( المبحث الثاني).
3
تقادم الدعوى العمومية هو مضي مدة زمنية يحددها القانون ،تبدأ من تاريخ ارتكاب
الجريمة دون أن يتخذ خاللها إجراء من إجراءاتها ،مما يترتب على مرور هذه المدة انقضاء
الدعوى العمومية(.)1
قد اختلف الفقهاء في تبرير األخذ بنظام تقادم الدعوى الجنائية ،فهناك من يرى أن
الرأي العام ال يرى ضرورة تقرير العقاب على جريمة تكون أثارها قد زالت من ذاكرة األفراد
بسبب مضي وقت معين على ارتكابها( .)2ويرى جانب أخر أن مرور الزمن يؤدي إلى
انطماس أدلة اإلثبات ،وتصبح داللتها أمام القضاء اقل يقينا ،ألنها إما فقدت قيمتها ،أو
اختفت( .)3وذهب البعض إلى القول أن الجاني يظل طوال مدة التقادم مختفيا عن األنظار
ينتابه الخوف ،ويبقى مهددا برفع الدعوى عليه ،وهذا كله يعتبر معادال للعقاب ،وتوقيع
العقوبة عليه بعد ذلك كأنه تمت معاقبته مرتين على جريمة واحدة( .)4ويرى البعض األخر
أن مبدأ االستقرار القانوني هو الذي يملي األخذ بفكرة التقادم ،وهذا حتى ال يحدث اضطراب
لمصالح األفراد بسبب تهديدهم بالدعوى الجنائية لمدة طويلة .ويبرر البعض التقادم باإلهمال
في استعمال الدعوى الجنائية(.)5
(_)1عبد الحميد الشواربي ،التعليق الموضوعي على قانون اإلجراءات الجنائية ،الكتاب األول ،د.ط ،منشأة المعارف،
مصر ،2002 ،ص.110.
( _)2سليمان بارش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،الجزء األول(المتابعة الجزائية ،الدعوى الناشئة عنها
واجراءاتها األولية) ،د.ط ،دار الهدى ،الجزائر،2002 ،ص.72.
( _)3محمد زكي أبو عامر ،اإلجراءات الجنائية(مرحلة جمع االستدالالت ،سير الدعوى الجنائية ،والدعوى المدنية المرتبطة
بها ،التحقيق ،وطرق الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية) ،د.ط ،منشأة المعارف ،مصر ،1991 ،ص.154.
( _)4محمد عيد الغريب ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول (الدعوى الجنائية ،الدعوى المدنية التبعية ،االستدالل
والتحقيق االبتدائي) ،طبعة الثانية ،د.د .ن ،د.ب ن،1992 ،ص.242.
( _)5عبد الحميد الشواربي ،أسامة عثمان ،أحكام التقادم في ضوء القضاء والفقه ،طبعة مزيده ومنقحة ،منشأة المعارف،
مصر،1994 ،ص.592.
4
وقد اتجه جانب من الفقه إلى توجيه نقد لنظام التقادم ،وأسسوا ذلك على أن سقوط
الدعوى العمومية ال يؤدي إلى إصالح المجرم ،بل أن ذلك سيكون بمثابة تشجيع له للتمادي
في اإلج ارم.
أما فيما يخص التشريعات فنجد أن بعضها ال تأخذ بفكرة تقادم الدعوى العمومية
كالقانون االنجليزي ،والبعض األخر ذهب إلى عدم األخذ بفكرة التقادم بالنسبة لبعض الجرائم
دون األخرى(.)1
إن المشرع الجزائري على غرار معظم التشريعات أخذ بفكرة تقادم الدعوى العمومية،
إذ نص على ذلك صراحة في المادة السادسة( )4ق إج و جاء فيها ":تنقضي الدعوى
العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفاة المتهم ،وبالتقادم،)2("...وهذا في معظم الجرائم غير
أنه لم يجعل المدة المقررة لها واحدة ،وأخذ بفكرة التدرج في تحديده لمدة التقادم وفقا لجسامة
الجريمة (جناية ،جنحة ،مخالفة)،والمشرع الجزائري بتبنيه لفكرة تقادم الدعوى العمومية
استبعد جرائم معينة من تأثير التقادم ،ونص عليها صراحة في نصوص متفرقة ،وقد يكون
مصدرها االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر ،أو التشريع الداخلي.
في الواقع إن موضوع تقادم الدعوى العمومية يطرح عدة إشكاالت واستفسارات،
وانطالقا منها ارتأينا معالجته وفقا لمبحثين ،المبحث األول سنتناول فيه نطاق تقادم الدعوى
العمومية ،أما المبحث الثاني فسنخصصه لمعالجة سريان تقادم الدعوى العمومية.
جعل المشرع الجزائري التقادم من أحد أسباب انقضاء الدعوى العمومية ،في الجنح،
و الجنايات والمخالفات ،إال أن هذه القاعدة التي قررها ليست مطلقة ،إذ جعل بعضا من
أنواع هذه الجرائم ال تتقادم بمضي المدة.
ولدراسة هذه المسائل قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين ،المطلب األول نتناول فيه تقادم
الدعوى العمومية كأصل ،أما المطلب الثاني فنتطرق فيه إلى عدم تقادم الدعوى العمومية
كاستثناء.
القاعدة أن التقادم يسري على كل الجرائم أي كان نوعها ،أو مصدرها القانوني،
ومهما كان ضررها إذ كان يمس المصلحة العامة أو بشخص واحد(.)1
وبتفحصنا نصوص المواد ،7،2و 9من ق إ ج نجد المشرع الجزائري ينص على أنه
تتقادم الدعوى العمومية في الجنايات والجنح والمخالفات.
ولهذا ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى ثالثة فروع ،ونتناول في كل واحد منهم نوع من
الجريمة الخاضعة لتقادم على التوالي.
ففي المعنى العام هي :أي عمل أو سلوك خطر بشكل خاص يعتدي على النظام
واألمن ،و يناهض القيم االجتماعية المسلم بها ،ويشجبه الضمير وتعاقب عليه القوانين؛
( _)1محمد عوض األحوال ،انقضاء سلطة العقاب بالتقادم ،رسالة مقدمة لكلية الحقوق بجامعة القاهرة،1941،ص.92.
6
أما التعريف التقني فهي جرم يعاقب عليه القانون بعقوبة –مؤلمة-وشائنة(.)1
فالجنايات إذاً هي من أشد أنواع الجرائم جسام ًة ،ومنه فقد أطال المشرع الجزائري مدة
التقادم بالنسبة لها ،وهذا على افتراض أنه كلما كانت الجريمة جسيمة كلما كان نسيانها
ال من ذاكرة الناس.
طوي ً
وعليه فإن أجال التقادم فيها يكون طويالً لكي يتسنى نسيانها لدى عامة الناس.
تعد جنحاً تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالحبس من مدة تزيد عن شهرين
إلى خمس سنوات ،أو بغرامة تزيد على ألفي ( )2000دينار جزائري ،وذلك فيما عدا
االستثناءات المنصوص عليها في القانون وهذا ما جاء به نص المادة 227فقره 1ق إ ج
و التي تنص... ":وتعد جنحاً تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالحبس من مدة تزيد
على شهرين إلى خمس سنوات أو بغرامة أكثر من 2000ألفي دينار وذلك فيما عدا
االستثناءات المنصوص عليها في قوانين خاصة".
تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري عدل من قيمة الغرامات وهذا في المادة 142
مكرر بموجب القانون 22-04المعدل لقانون العقوبات التي فيها ":ترفع قيمة الغرامات
المقررة في مادة الجنح كما يأتي:
-يرفع الحد األدنى للغرامات إلى 200000دج ،إذا كان هذا الحد أقل من 200000دج،
-يرفع الحد األقصى للغرامات إلى 1000000دج ،إذا كان هذا الحد أقل من 1000000
دج،
( _)1جيرارد كورنو ،معجم المصطلحات القانونية ،ترجمة منصور القاضي ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
الطبعة األولى ،1997 ،ص.411.
7
-يضاعف الحد األقصى لغرامات الجنح األخرى إذا كان هذا الحد يساوي أو يفوق
1000000دج ،ما عدا الحاالت التي ينص القانون فيها على حدود أخرى.)1(".
وجرائم المخالفات جاءت ضمن التقسيم الثالثي للجرائم وهذا ما تبينه نص المادة22
من قانون العقوبات ،والمخالفات عبارة عن سلوك منحرف خفيف قليل الخطورة(.)2محدود
األثر ال يسبب ضر اًر كبي اًر ،والمشرع الجزائري نص على المخالفات وعقوباتها في المواد من
110إلى 144من قانون العقوبات .وهي تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالحبس من
اء كانت ثمة مصادرة لألشياء المضبوطة
شهرين فأقل أو بغرامة ألفي ( )2000دج فأقل سو ً
أم ال ،ومهما بلغت قيمة تلك األشياء ،هذاما جاءت به المادة 227فقرة 2ق إج .فقد عدلت
الغرامات في مواد المخالفات بموجب المادة 142مكرر 01بموجب القانون 22-04المعدل
لقانون العقوبات.
استثنى المشرع الجزائري جرائم معينة من تأثير التقادم ،بحيث قد يكون مصدر هذه
اء كان قانون اإلجراءات الجزائية أو قانون
الجرائم االتفاقيات الدولية ،أو القوانين الداخلية ،سو ً
القضاء العسكري ،أو قانون مكافحة الفساد والوقاية منه ،أو قانون مكافحة التهريب.
( _)1المادة 142مكرر من األمر 154-44المؤرخ في 7يونيو سنة ،1944الذي يتضمن ق ع المعدل و المتمم
بالقانون رقم 22_04المؤرخ في 20سبتمبر ،2004ج.ر.ج.ج عدد 71المؤرخ في ديسمبر.2004
( _)2نصرالدين مروك ،محاضرات في اإلثبات الجنائي ،الجزء األول ،د.ط ،دار هومه للطبع والنشر والتوزيع ،الجزائر،
،2002ص.272.
8
الفرع األول :الجرائم الواردة في قانون اإلجراءات الجزائية
استثنى قانون اإلجراءات الجزائية جرائم معينة وجعلها ال تخضع لتقادم الدعوى
العمومية ،وقد نص عليها على سبيل الحصر في نص المادة 07مكرر منه.
المشرع لم يتوقف عند حد استبعاد تقادم الدعوى العمومية في هذه الجرائم ،بل تعدى
ذلك إلى عدم تقادم الدعوى المدنية المتصلة بها ،وتتمثل هذه الجرائم في:
تم النص عليها تحت عنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ،وخص
المشرع الجزائري الجنايات و الجنح دون المخالفات أي اعتمد على معيار الخطورة والمساس
بالنظام العام و هذا ما ال يتحقق في المخالفات ،فاألفعال اإلرهابية والتخريبية تم النص عليها
في المواد 87مكرر إلى 72مكرر 10التي استحدثها بموجب األمر رقم 11-95والمعدل
(.)1
بالقانون رقم 09_01من قانون العقوبات
تنص المادة 72مكرر من قانون العقوبات على ":يعتبر فعال إرهابياً أو تخريبياً ،في
مفهوم هذا األمر ،كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسالمة الترابية و استقرار
المؤسسات وسيرها العادي عن طريق أي عمل غرضه ما يأتي:
( _)1عبد القادر ميراوي ،التقادم الجنائي وأثره في إنهاء الدعوى العمومية و سقوط العقوبة ،مذكرة لنيل شهادة المدرسة
العليا للقضاء ،9002 ،ص.00.
9
_عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق والتجمهر أو االعتصام في الساحات
العمومية.
-االعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن األرض أو إلقائها
عليها أو في المياه بما فيها اإلقليمية من شأنها جعل صحة اإلنسان أو الحيوان أو البيئة
الطبيعية في خطر،
-عرقلة عمل السلطات العمومية أو حرية ممارسة العبادة والحريات العامة وسير المؤسسات
المساعدة للمرفق.
عرقلة سير المؤسسات العمومية أو االعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتهم أو عرقلة
تطبيق القوانين والتنظيمات.
كما تضيف المواد 72مكرر 10،2،4،5،1،2جرائم أخرى موصوفة على أنها أفعال إرهابية
وتخريبية.
لقد تمت مصادقة الجزائر بتحفظ على االتفاقية الدولية للجريمة المنظمة عبر الوطنية
بموجب المرسوم الرئاسي رقم 55-02المؤرخ في 05فبراير .)1(2002
( _)1فارس بعداش ،تقادم الدعوى العمومية في ضوء تعديالت 10نوفمبر ،2001مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا
للقضاء،2002،ص.11.
10
بحيث تنص المادة 21في البند األول من هذه االتفاقية على ما يلي ":تتخذ كل دولة
كل دولة طرف ما يلزم من تدابير ،بما في ذلك التدابير التشريعية و اإلدارية ،وفقاً للمبادئ
األساسية لقانونها الداخلي لضمان تنفيذ التزاماتها بمقتضى هذه االتفاقية.
وهذا ما اتجه إليه المشرع الجزائري ،إذ قام بإدراج بنود االتفاقية المذكورة في القانون
الداخلي ،فنص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية في المادة 07مكرر ،كما استحدث
المشرع قوانين داخلية تطبيقاً لما تضمنته هذه االتفاقية من أحكام(.)1
كما جاءت المادة 11منها في بندها الخامس ...":تحدد كل دولة طرف في إطار
قانونها الداخلي ،عند االقتضاء ،مدة تقادم طويلة تستهل أثنائها اإلجراءات الخاصة بأي جرم
مشمول بهذه االتفاقية ،ومدة أطول عندما يكون الجاني المزعوم قد فر من وجه العدالة."...
بالرجوع إلى بنود اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبرة الوطنية
وهذا في المادة الثالثة منها التي تنص على:
-1تنطبق هذه االتفاقية ،باستثناء ما تنص عليه خالفاً لذلك على منع الجرائم التالية،
والتحقيق فيها ،ومالحقة مرتكبيها:
أ_ األفعال المجرمة بمقتضى المواد 5و 4و 7و 22من هذه االتفاقية؛
ب -الجريمة الخطيرة حسب التعريف الوارد في المادة 02من هذه االتفاقية؛
-2في الفقرة 01من هذه المادة ،يكون الجرم ذا طابع عبر وطني إذا:
ب -أرتكب في دولة واحدة ولكن جرى جانب كبير من اإلعداد أو التخطيط له أو توجيهه ،أو
اإلشراف عليه في دولة أخرى؛
ج -أرتكب في دولة واحدة ،ولكن ضلعت في ارتكابه جماعة إجرامية منظمة تمارس أنشطة
إجرامية في أكثر من دولة واحدة؛
د -أرتكب في دولة واحدة ،ولكن له أثا اًر شديدة في دولة أخرى(.)1
كانت جريمتا الرشوة و اختالس األموال العمومية معرفتين ومنصوص عليهما في
قانون العقوبات من المواد 119إلى ، 122ولكن بصدور القانون المتعلق بالوقاية من
الفساد ومكافحته تم نقل هاتين الجريمتين من قانون العقوبات إليه ،مع تعديل في األحكام
الجزائية لكلتا الجريمتين ،فلم تعد جريمة اختالس األموال العمومية تشكل جناية ،وأصبحت
أقصى عقوبة لها 20سنة ،أما بخصوص الرشوة فميز المشرع بين الرشوة في القطاع العام
المادة ،25والرشوة في القطاع الخاص المادة ،10وألغى المشرع بموجب القانون ،01-04
( _)1المادة 02من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،التي صادقت عليها الجزائر بموجب
المرسوم الرئاسي رقم 55-02مؤرخ في 5فبراير 2002يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة األمم المتحدة يوم 15نوفمبر ،2000
ج.ر.ج.ج عدد 09المؤرخ في 10فبراير.2002
12
المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،األحكام المخالفة لهذا القانون خاصة المواد ،119
119مكرر واحد 124 ،124 ،مكرر 122 ،المتعلقة بجريمتي االختالس و الرشوة.
بهذا أصبحت جريمة الرشوة و اختالس األموال العمومية المادة 119ق ع الملغاة
وجريمة استعمال هذه األموال على نحو غير شرعي المادة 119مكرر 1ق ع الملغاة في
مادة واحدة وهي المادة 29من القانون 01-04المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،أما
بخصوص المواد 124 ،124مكرر 129 ،122 ،من ق ع تعوض بالمادة 25من هذا
القانون(.)1
الفرع الثاني :الجرائم التي استثناها المشرع من تأثير التقادم طبقاً لقانون التهريب
أصبحت جرائم التهريب إما جنايات طبقاً للمادتين 11و 15من هذا األمر ،واما جنحاً طبقاً
للمواد من 10إلى 12منه ،ال تنقضي بالتقادم ،وهذا ما يستق أر من نص المادة 21من نفس
األمر ،التي تنص على تطبيق القواعد المعمول بها في مجال الجريمة المنظمة على جرائم
التهريب ،والجريمة المنظمة ال تنقضي بالتقادم كما جاء في نص المادة 7مكرر من ق إ ج
المستحدثة بموجب القانون رقم 11-01المؤرخ في .)2(2001/11/10
إن الدعوى الجبائية في جرائم التهريب ال تسقط بالتقادم ،عمال بمقتضيات المادة 08مكرر
من ق إ ج فقرة 2التي نصت بصراحة على عدم انقضاء الدعوى المدنية بالتقادم في هذه
الجرائم(.)3
يستكشف من نص المادة 20فقرة 2من قانون القضاء العسكري عدة حاالت ال
تنقضي فيها الدعوى العمومية عن طريق التقادم ،وتتمثل فيما يلي:
_ عندما يلجأ العاصي أو الفار في زمن الحرب ،لبالد أجنبية أو يبقى فيها هربا من أداء
واجباته العسكرية.
-الفرار مع عصابة مسلحة طبقا للمادة 245من قانون القضاء العسكري.
-الفرار إلى العدو أو أمام العدو طبقا للمواد ،242 ،244من قانون القضاء العسكري(.)1
الفرع الرابع :الجرائم الواردة في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته
نستخلص من المادة 51من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،أنه ال
تتقادم الدعوى العمومية قي الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون في حالة ما إذا تم
تحويل عائدات هذه الجرائم إلى الخارج(.)2
وقبل التعرض لمختلف الجرائم الواردة فيه نحاول التطرق لجريمتي الرشوة
و اختالس األموال العمومية على اعتبار أنهما منصوص عليهما في القانون المتعلق بالوقاية
من الفساد ومكافحته ،باإلضافة إلى قانون اإلجراءات الجزائية ،و وفق شروط مختلفة.
وبالتالي نتساءل عن القانون الواجب التطبيق عليهما ،هل نطبق األحكام الواردة في قانون
اإلجراءات الجزائية ،أم األحكام الواردة في المادة 51من قانون المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته؟
( _)1المادة 20من األمر رقم 1-22المؤرخ في 05يناير سنة 1922يتضمن تتميم المادة 221من األمر رقم 27-21
المؤرخ في 22أبريل 1921والمتضمن قانون القضاء العسكري ،ج .ر.ج.ج عدد 97المؤرخ في 14أبريل .1922
( _)2المادة 51من القانون رقم 01-04المؤرخ في 20فبراير سنة ،2004يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته،
ج.ر.ج.ج عدد 11المؤرخ في 07مارس .2004
14
أوالً :في جريمة الرشوة
تخضع جريمة الرشوة بمختلف صورها لما نصت عليه المادة 51من القانون المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته في فقرتيها األولى و الثانية.
حيث يفهم من نص المادة السالفة الذكر أنه ال تتقادم الدعوى العمومية في الجرائم
المنصوص عليها في هذا القانون ،وهذا في حالة ما إذا تم تحويل عائداتها إلى خارج الوطن
أما؛ في غير هذه الحالة فقد أحالتنا المادة 51فقرة 2إلى تطبيق أحكام قانون اإلجراءات
الجزائية.
وبالرجوع إلى نص المادة 07مكرر من ق.إ.ج نجد أن الدعوى العمومية ال تتقادم في
الجنايات ،والجنح المتعلقة بالرشوة.
وكخالصة عامة الرشوة جريمة ال تخضع لتقادم الدعوى العمومية(.)1
ثانياً -في جريمة اختالس األموال العمومية
تضمنت المادة 51فقرة 2من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،حكماً
ممي اًز فيما يخص الجريمة المنصوص عليها في المادة 29من هذا القانون والتي تتمثل في
جريمة اختالس األموال العمومية بحيث تكون مدة تقادم الدعوى العمومية مساوية للحد
األقصى للعقوبة المقررة لها أي 10سنوات على خالف مدة تقادم الدعوى العمومية المقررة
للجنح المنصوص عليها في المادة 07من قإج والمحددة ب 02سنوات إال أنه ال تتقادم
الدعوى العمومية في جريمة اختالس األموال العمومية ،وهذا في حالة إذ ما تم تحويل
عائداتها إلى الخارج ،وهذا ما تضمنته المادة 51فقرة 1من نفس القانون ،وهذا الحكم عام
ينطبق على كافة جرائم الفساد المنصوص عليها فيه.
تجدر اإلشارة إلى أن المادة 07مكرر ق إ ج المستحدثة إثر تعديل قانون اإلجراءات
الجزائية بموجب القانون رقم 11/01المؤرخ في ،2001/11/10التي جاء فيها أنه ال
ثالثاً :مختلف الجرائم التي جاء بها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته
( _)1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،الطبعة الثالثة ،دار هومه ،الجزائر ،د.س.ن،
ص.22.
16
-جريمة إعاقة السير الحسن للعدالة وجريمة اإلضرار بالشهود والخبراء والمبلغين والضحايا (
المادة .)15
_ جريمة البالغ الكيدي وجريمة عدم اإلبالغ عن الجرائم( المادتين .)12 ،14
17
المبحث الثاني :سريان تقادم الدعوى العمومية
حددت التشريعات على نحو ملزم مدد تقادم الدعوى العمومية ،فلم تنص على مدة
واحدة ،بل جعلتها تختلف باختالف نوع الجريمة ،ولكن كثي اًر ما يثور إشكال في تحديد نوع
الجريمة عندما يتغير وصفها القانوني من جناية إلى جنحة إعماال لظرف مخفف ،أو من
جنحة إلى جناية إعماال لظرف مشدد.
تبدأ سريان مدة تقادم الدعوى العمومية كأصل عام من يوم وقوع الجريمة ،ولكن
اإلشكال المطروح هو حول بدأ سريان مدة التقادم بالنسبة ألنواع معينة من الجرائم ،قد تثور
بشأنها أحيانا بعض الصعوبات ،كما قد تعترض مدة التقادم عوارض تؤدي إما إلى الوقف
،أو القطع وفي حالة تمام اآلجال يترتب على ذلك عدة أثار.
لهذا ارتأينا تخصيص مطلبين لنعالج فيهما كل هذه المسائل ،المطلب األول نتناول في أجال
تقادم الدعوى العمومية ،أما الثاني فسنخصصه عوارض سريان مدة تقادم الدعوى.
المطلب األول :أجال تقادم الدعوى العمومية
حدد المشرع الجزائري مدد تقادم الدعوى العمومية بحسب نوع الجريمة ،إذ جعلها
تختلف من جريمة إلى أخرى ،كما قام بتحديد مبدأ لبداية سريان أجال تقادم هذه األخيرة
والذي جعله من يوم وقوع الجريمة.
فإذا ما بدأت أجال التقادم في السريان وأكملت مدتها ترتب على ذلك مجموعة من
اآلثار.
الفرع األول :تحديد أجال تقادم الدعوى العمومية.
()1
أخذ المشرع الجزائري في االعتبار جسامة الجريمة عند تحديد مدد التقادم ،وهذا وفقاً
لجسامة الفعل إذا كان يشكل جناية أو جنحة أو مخالفة فإذا كنا بصدد جريمة ما يتوجب
علينا لحساب مدة تقادمها تحديد طبيعتها ،و وصفها القانوني ،وهذا األمر ال يثير أي إشكال
تثور صعوبة في حالة تغير وصف الجريمة من جناية إلى جنحة إعماالً بظرف
مخفف ،أو تغيرها من جنحة إلى جناية تطبيقاً لظرف مشدد ،في تحديد نوع الجريمة ،فيثور
التساؤل إذا كان نوع الجريمة()4يتحدد وفقاً للعقوبة التي نطق بها القاضي إعماال
لإلجابة على هذا التساؤل نتطرق إلى موقف المشرع الجزائري و الذي يتضح من
المواد 27و 29قع ،فحسب م 27قع فإن المشرع الجزائري استقر على أنه ال يؤثر الظرف
المخفف وال حالة العود في تغير الوصف القانوني للجريمة؛ أما المادة 29فإنها توضح
موقف المشرع الجزائري بخصوص الظروف المشددة إذ أخذ بتغير الوصف القانوني للجريمة
إذا اقترنت بظرف مشدد فمثالً إذا اقترنت جنحة بظرف مشدد فإنها تتحول إلى جناية،
وتسقط بمدة التقادم المقررة للجنايات .وتستثنى حالة العود كظرف مشدد فال تأثير لها في
تغيير الوصف القانوني للجريمة إعماالً بالمادة 27قع.
الفرع الثاني :بداية سريان أجال تقادم الدعوى العمومية
نتناول المبدأ في سريان تقادم الدعوي العمومية ،و تراخي بداية التقادم.
باستقرائنا لنصوص المواد 9،7،2ق إ ج يتضح أن مبدأ سريان مدة تقادم الدعوى
العمومية يتحدد من يوم اقتراف الجريمة؛ أما إذا اتخذت إجراءات في تلك الفترة فال يسري
التقادم إال من تاريخ أخر إجراء بحسب نوع الجريمة ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة،
وفي حساب مدة التقادم ال يحسب اليوم الذي وقعت فيه الجريمة وانما تبدأ من اليوم التالي
لوقوعها وذلك تطبيقاً للمادة 224ق إج.
ومدة التقادم تحسب بالتقويم الميالدي ،وليس بالتقويم الهجري( ،)2وتحسب المدة باأليام
إذا كانت من جرائم السلوك والنتيجة تحسب المدة من تاريخ وقوع النتيجة الغير
المشروعة باعتبارها المكملة لعناصر الجريمة .أما إذا كانت من جرائم السلوك المجرد تحسب
المدة من تاريخ ارتكاب السلوك اإلجرامي(.)4
ب_ الجرائم السلبية
فيتم التفرقة فيها بين جرائم االرتكاب باالمتناع أو الترك التي تحسب فيها مدة التقادم
من تاريخ وقوع النتيجة ،إذ أن تحقق النتيجة أمر الزم للعقاب ،مثل األم التي تمتنع عن
إرضاع ولدها بقصد قتله تحسب مدة التقادم عن هذه الجريمة من تاريخ حصول الوفاة.
أما إذا كانت جريمة تقع باالمتناع عن القيام بااللتزام الذي فرضه القانون على الجاني في
موعد محدد ،يبدأ التقادم من تاريخ االمتناع ،والذي يكون من اليوم التالي النتهاء المدة
هي الجريمة التي يستوجب القانون لقيامها تكرار الفعل المادي إذ ال يكفي وقوعه مرة
واحدة لقيام هذه الجريمة ،فيجب أن يتكرر هذا الفعل أكثر من مرة(.)5
فهذه األفعال لو أخذ كل منها منفرداً لكان غير معاقب عليها ،ولكنها في مجموعها تكون
جريمة( ،)6ومن جرائم العادة الواردة في قانون العقوبات الجزائري نجد جريمة االعتياد على
تحريض القصر على الفسق وفساد األخالق المنصوص عليها في المادة 212قع.
وقضاء يرى أن مدة
ً أما فيما يخص سريان التقادم بالنسبة لهذه الجريمة ،فالرأي الراجح فقهاً
التقادم يبدأ من اليوم التالي ألخر فعل يدخل في تكوين الجريمة(.)7
( _)1المادة 00من القانون رقم 00-00المؤرخ 31مايو 9000يعدل ويتمم األمر رقم 00-00المؤرخ في 92سبتمبر
3200والمتضمن القانون المدني ،ج .ر.ج.ج عدد 13المؤرخ في 31مايو .9000
( _)2قرار صادر يوم 24نوفمبر 1975من الغرفة الجنائية األولى في الطعن ،رقم ،11-915المجلة القضائية للمحكمة
العليا ،العدد األول سنة ،1990مشار إليه في جياللي بغدادي ،المرجع السابق ،ص.221.
24
الجنائية التي تعتبر وسيلة الدولة في اقتضاء العقوبة( ،)1ويترتب عن ذلك عدم جواز اتخاذ
أي إجراء من إجراءاتها فإذا كانت الدعوى لم يتم رفعها بعد فال يجوز رفعها ،وأما إذا كانت
قد حركت أمام النيابة فعليها أن تصدر قرار بأال وجه إلقامة الدعوى الجنائية ألنها انقضت
بالتقادم(.)2
كما يترتب على استكمال مدة تقادم الدعوى العمومية إنتاج أثارها السابقة بالنسبة
لجميع المساهمين في الجريمة ،إذ ال يمكن تصور القول بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة
ألحد المساهمين في الجريمة ،واستم ارره بالنسبة لآلخرين.
ال يكون لتقادم الدعوى الجنائية تأثير على التكييف اإلجرامي للفعل والمسؤولية الناشئة
عنه ،فالفعل يظل غير مشروع والمسؤولية عنه قائمة ،ولكن ينغلق السبيل اإلجرامي إلى
تقرير ذلك واستخالص نتائجه(.)3
وفيما يخص هذا المجال جاء في أحد ق اررات المحكمة العليا ما يلي ":تنقضي الدعوى
العمومية في مواد الجنح بالتقادم بعد مضي ثالث سنوات متى توافرت الشروط المنصوص
عليها في المادتين 2و 7من قانون اإلجراءات الجزائية.)4(".
تتميز قوانين التقادم بالطبيعة الموضوعية ،فاكتمال مدة تقادم الدعوى الجنائية ينتج
عنها سقوط مسؤولية المتهم عن الجريمة المسندة إليه ،فيجب على المحكمة إذا ما أقيمت
أمامها الدعوى الجنائية أن تقضي ببراءة المتهم ،فقد قضت محكمة النقض تطبيقاً لذلك بأن
الحكم بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة هو في الواقع وحقيقة األمر حكم صادر في
( _)1إدوارد غالي الدهبي ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،الطبعة الثانية ،مكتبة غريب ،مصر،1990 ،
ص.171.
( _)2محمد عيد الغريب ،المرجع السابق ،ص.290-279.
( _)3عبد الحميد الشواربي ،المرجع السابق ،ص.121.
( _)4قرار صادر يوم 20أفريل 1971من القسم الثاني للغرفة الجنائية الثانية في الطعن رقم ،220110مشار إليه في
جياللي بغدادي ،المرجع السابق ،ص.225.
25
الدعوى ،ومعناه براءة المتهم لعدم وجود وجه إلقامة الدعوى الجنائية عليه ،وال يجوز بحال
للمحكمة االستئنافية أن تتخلى عن النظر في الموضوع وترد القضية إلى محكمة الدرجة
األولى بعد أن استنفذت هذه كل ما لها من سلطة فيها(.)1
ثانياً :تقادم الدعوى الجنائية متعلق بالنظام العام
تقررت أحكام التقادم لحماية المصلحة العامة بغض النظر عن مصلحة المتهم ،ومن
ثمة فهي كلها متعلقة بالنظام العام .فعلى المحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها ولو لم
يتمسك به المتهم ،بل حتى ولو تنازل عنه وطلب السير في الدعوى.
يجوز للمتهم أن يدفع بالتقادم ولو ألول مرة أمام محكمة النقض( ،)2شريطة أن يكون
في الحكم المطعون فيه ما يفيد صحة الدفع(.)3
وقد قضت المحكمة العليا على هذا األساس في الكثير من ق ارراتها منها ":لما كان من
الثابت أن المتهم أفرج عنه مؤقتاً يوم 02سبتمبر 1921ومن ذلك التاريخ توقف التحقيق
ضده ولم يستأنف إال في فاتح أكتوبر 1921أي بعد مرور ثالث سنوات وكانت القواعد
المتعلقة هي من النظام العام تعين التصريح بانقضاء الدعوى العمومية(.)4
ثالثا :عدم تأثير تقادم الدعوى العمومية على سير الدعوى المدنية التبعية
تقادم الدعوى الجنائية ليس له تأثير على الدعوى المدنية الناشئة عنالجريمة(،)5
فيستكشف من نص المادة 10من ق إ ج الجزائري أن الدعوى المدنية تخضع من حيث
التقادم ألحكام القانون المدني.
( _)1قرار صادر يوم 24يناير 1921من الغرفة الجنائية – نشرة القضاء لسنة -1922صفحة ،12مشار إليه في
جياللي بغدادي ،المرجع السابق ص.224.
( _)2التقادم الثالثيني كان ساريا وقت صدور القرار في 24يناير ،1921لكن عندما صدر القانون المدني سنة 1925تم
تقليص مدة التقادم إلى 15سنة عوض 20سنة التي كان منصوص عليها في القانون الفرنسي ،الذي مدد العمل به إلى
غاية صدور القانون المدني.
27
فيستخلص من نص المادة 10فقرة 2ق إ ج أنه ال يجوز رفع الدعوى المدنية أمام الجهة
القضائية الجزائية بعد انقضاء أجل تقادم الدعوى العمومية.
يجب على المشرع الجزائري أن يعيد النظر في صياغة هذه المادة بحيث يستلزم عليه
صياغتها بشكل أو على نحو يزيل كل الغموض واللبس(.)1
المطلب الثاني :عوارض سريان تقادم الدعوى العمومية
قد يعترض سريان تقادم الدعوى العمومية أسباب أو عوائق تؤدي؛ إما إلى انقطاعه
أو إيقافه ،ونكون بصدد انقطاع تقادم الدعوى العمومية إذا أدى السبب إلى إسقاط المدة
التي انقضت ثم احتسابها كاملة من جديد( الفرع األول)؛ أما اإليقاف فيتحقق بعائق يوقف
سير التقادم حتى إذا ما زال عاد التقادم إلى سريانه الستكمال مدته من التاريخ الذي كان قد
توقف فيه ( الفرع الثاني).
الفرع األول :انقطاع تقادم الدعوى العمومية
نتطرق فيه إلى كل من تعريف انقطاع تقادم الدعوى العمومية ،واإلجراءات القاطعة
للتقادم.
أوال :تعريف انقطاع مدة تقادم الدعوى العمومية
يقصد بانقطاع مدة التقادم ظهور سبب يمحو المدة التي مضت بحيث يتعين بعد
زوال سبب االنقطاع أن تبدأ مدة جديدة كاملة ،فال تضاف إليها المدة التي قبله(.)2
( _)1رغم أن القانون الفرنسي يماثل نظيره الجزائري إال أنه نالحظ أن القضاء الفرنسي باإلضافة إلى اإلجراءين السابقين
الذكر أضاف إجراء أخر يتمثل في محاضر االستدالل المحررة إلثبات وقوع الجريمة وجمع األدلة عنها وفي حالة التلبس.
( _)2عبد المالك جندي ،المرجع السابق ،ص .252.
( _)3عبد الحميد الشواربي ،المرجع السابق ،ص.122.
( _)4محمد زكي أبو عامر ،المرجع السابق ،ص.121.
29
اء بإصدار أمر أو قرار بأن ال وجه للمتابعة أو
أو القبض فضال عن إجراءات التصرف سو ّ
باإلحالة إلى المحكمة(.)1
كما تعد من إجراءات التحقيق المحاضر المحررة من ضباط الشرطة القضائية
تلقائياً ،أو بطلب من النيابة العامة ،متى كانت المحاضر وفق الشروط المنصوص عليها في
المادة 211ق إ ج ،وهي أن تكون المحاضر صحيحة من حيث الشكل ،وأن يكون قد حرره
واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته وأورد فيه عن موضوع داخل في اختصاصه.
الفرع الثاني :وقف مواعيد تقادم الدعوى العمومية
نتطرق فيه إلى كل من تعريف وقف التقادم ،وأسباب وقف التقادم.
أوالً :تعريف وقف مدة تقادم الدعوى العمومية
يقصد بوقف مدة التقادم قيام سبب من شانه أن يمنع من سريان المدة ،بحيث إذا زال
أضيفت المدة السابقة عليه إلى المدة الجديدة في حساب التقادم(.)2
( -)1فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية(بين النظري و العملي) ،مطبعة البدر ،الجزائر ،د.س.ن ،ص.51.
( -)2سليمان بارش ،المرجع السابق ،ص.91.
( -)3فضيل العيش ،المرجع السابق ،ص .51.
( -)4محمد عيد الغريب ،المرجع السابق ،ص.225.
( -)5فضيل العيش ،المرجع السابق ،ص.52.
31
تقادم العقوبة هو انقضاء حق فرض تنفيذ العقوبة( ،)1كما يقصد به كذلك مضي مدة
زمنية بدءاً من صدور الحكم البات وحتى تاريخ انتهاء المدة التي يحددها القانون ،وذلك دون
أن يتم اتخاذ أي إجراء من إجراءات تنفيذ العقوبة(.)2
وقد تعرضت فكرة تقادم العقوبة إلى جدال فقهي ،فهناك من يؤيد فكرة التقادم ،كما يوجد
جانب أخر ينتقدها.
فاآلراء المؤيدة ترى أن الحكمة من سقوط العقوبة بمرور الزمن تكمن في نسيان المجتمع
للجريمة ،وهذا نتيجة عدم تنفيذها ،كما أن مرور هذه الفترة كفيل بإيالم المحكوم عليه لخوفه
الدائم من القبض عليه ،وتنفيذ العقوبة ضده(.)3
ورغم هذا فقد تعرضت فكرة التقادم النتقادات باعتبارها تسمح للمجرمين الخطرين من
التنصل من العقاب بفعل ظروف يستغلونها ،وهذا ما يتنافى مع تحقيق العدالة التي يرمي
إليها الجزاء الجنائي(.)4
ال يمكن القول بتقادم العقوبة دون وجود شروط وكيفيات ذلك ،فمما ال شك فيه هو أن
تقادم العقوبة ينصب في مجمله على الحكم ،وهذا األخير يجبأن يكون حكماً جنائياً والذي
هو ذلك القرار الصادر من سلطة الحكم لإلعالن عن إرادتها في موضوع الدعوى الجزائية
بالبراءة أو باإلدانة .كما يجب أن يكون نهائياً وحائ اًز لقوة الشيء المقضي فيه ،والحكم
)1(- GASTON Stefani , LEVASSEUR Georges, BOULOC Bernard, Droit Penal gènèral,
16eme edition, Dalloz, France, 1997, p .555.
( _)2جالل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات( النظام القانوني الجنائي ،نظرية الجريمة ،نظرية المسؤولية
الجنائية ،نظرية الج ازء الجنائي) ،طبعة منقحة ،دار الهدى للمطبوعات ،مصر9111 ،ن ص.139.
( _)3سليمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات( دراسة مقارنة) ،د.ط ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان،3003 ،
ص.698.
( _)4علي محمد جعفر ،العقوبات و التدابير وأساليب تنفيذها ،الطبعة األولى ،المؤسسات الجامعية للدراسات و النشر
والتوزيع ،د.ب.ن ،9166 ،ص.901.
32
اء العادية أو غير العادية
النهائي هو ذلك الحكم الذي استنفذ جميع طرق الطعن ،سو ً
باستعمالها أو بغير استعمالها( ،)1والحكم الحائز لقوة الشيء المقضي فيه يمنع منعاً باتاً على
الخصوم الذين صدر في حقهم هذا الحكم العودة إلى المناقشة في المسألة و إثارة النزاع،
حتى ولو كان ذلك بأدلة جديدة( .)2باإلضافة إلى المدة التي تعتبر جوهر نظام التقادم فإذا لم
تتوفر فال مجال للحديث عن تقادم العقوبة ،ويقصد بها تلك الفترة الزمنية الالحقة على
صدور الحكم الجنائي(.)3
لقد عرف نظام تقادم العقوبة طريقه إلى أغلب القوانين الوضعية ،والتي نجد منها
القانون الجزائري الذي أقره ونظمه في قانون اإلجراءات الجزائية ،وهذا في المواد من 893
إلى .896
وفي الواقع إن موضوع تقادم العقوبة يطرح عدة إشكاالت واستفسارات ،وانطالقا منها
ارتأينا معالجتها وفقا مبحثين ،المبحث األول سنتناول فيه نطاق تقادم العقوبة ،أما المبحث
الثاني سنخصصه لمعالجة سريان تقادم العقوبة.
( _)1عبد العزيز سعد ،إجراءات ممارسة الدعوى الجزائية ذات العقوبة الجنحية ،الطبعة الثانية ،دار هومه،
الجزائر ،3008،ص.11.
( _)2سعيد أحمد شعلة ،قضاء النقض في المرافعات ،الجزء الرابع ،د.ط ،مطبعة االنتصار الطباعة ،د.ب.ن،9116،
ص.630.
( _)3جالل ثروت ،نظم اإلجراءات الجنائية ،د.ط ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،9116 ،ص.303.
33
المبحث األول :نطاق تقادم العقوبة
نص المشرع الجزائري على التقادم كسبب من أسباب انقضاء العقوبة وحدد مواعيده ،إال أنه
لم يجعله كقاعدة مطلقة ،بل أورد استثناءات عليه ،إذ أخضع بعض العقوبات للتقادم لكن
بمدد مختلفة عن تلك المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية ،كما علق بعض
العقوبات على شرط لبداية سريان التقادم فيها ،و استثنى كذلك عقوبات معينة إذ أخضعها
لقاعدة عدم التقادم.
نقسم هذا المبحث إلى مطلبين ،المطلب األول نتناول فيه عمومية تقادم العقوبة ،أما
المطلب الثاني نخصصه لالستثناءات الواردة على مبدأ عمومية تقادم العقوبة.
المطلب األول :العقوبات الخاضعة للتقادم
المبدأ العام و األصل ،هو أن جميع العقوبات تنقضي بالتقادم وهذا على أساس أن
إجراءات تنفيذها لم تتخذ خالل المدة المحددة لذلك ،ويستوي في ذلك العقوبات األصلية
والتكميلية ،بحيث يظل التقسيم القائم على ضرورة التمييز بين العقوبة األصلية والتكميلية،
فهذا التقسيم يكفل بيان األحكام القانونية المختلفة لكل منهما( .)1وعليه سنقسم هذا المطلب
إلى العقوبات األصلية( الفرع األول) ،العقوبات التكميلية( الفرع الثاني).
الفرع األول :العقوبات األصلية
تنص المادة 01من قانون العقوبات الجزائري المعدل والمتمم بالقانون رقم 33_08
المؤرخ في 30ديسمبر 3008على ":العقوبات األصلية في مادة الجنايات هي:
_9اإلعدام،
_3السجن المؤبد،
_3السجن المؤقت لمدة تتراوح بين خمسة سنوات( )01وعشرين( )30سنة.
( _)1عبد اهلل سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري( القسم العام) ،الجزء الثاني( الجزاء الجنائي) ،الطبعة السادسة ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،3006 ،ص.139.
34
العقوبات األصلية في مادة الجنح:
_ 9الحبس مدة تتجاوز شهرين إلى خمس سنوات ما عدا الحاالت التي يقررها فيها القانون
حدود أخرى،
_3الغرامة التي تتجاوز 300000دج،
العقوبات األصلية في مادة المخالفات:
_9الحبس من يوم واحد على األقل إلى شهرين على األكثر،
_3الغرامة من 30000دج إلى 300000دج،
وبمراجعة المادة السالفة الذكر يتضح أن العقوبات األصلية هي اإلعدام ،العقوبات
السالبة الحرية( السجن المؤبد والمؤقت ،الحبس) ،والغرامة.
أوالً :اإلعدام
ترجع عقوبة اإلعدام في جذورها التاريخية إلى المجتمعات القديمة ،حيث اعتبرت
الوسيلة الفضلى القتالع جذور الجريمة ،واقترنت عقوبة اإلعدام في تلك المجتمعات بأساليب
التعذيب الجسدي في تنفيذها(.)1
وتعرف على أنها إزهاق روح المحكوم عليه و إنهاء حياته( ،)2ووظيفتها العليا هي
اإلستأصال ،فهي تقضي على المجرمين الخطرين(.)3
لقد نص المشرع الجزائري على عقوبة اإلعدام في عدة مواد من قانون العقوبات ،وهذا
لمواجهة أخطر الجرائم و أشدها نجد ذلك في مواجهة الجرائم الخاصة بأمن الدولة كجرائم
) _(1قانون رقم 37_07مؤرخ في 33ديسمبر 3007يتضمن قانون المالية سنة ،3003ج.ر.ج.ج عدد 14مؤرخ في
32ديسمبر .3003
( _)2تنص المادة 279ق إ ج على ":تتقادم العقوبات الصادرة بقرار أو حكم يتعلق بموضوع الجنح بعد مضي خمس
ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه هذا القرار أو الحكم نهائياً.
ً سنوات كاملة
غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضي بها تزيد على الخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة".
39
ال يسري إال ابتداء من اليوم الذي يبلغ فيه العاصي أو الفار سن الخمسين".
المشرع وضع شرط بلوغ العاصي أو الفار سن الخمسين ليبدأ سريان تقادم العقوبات
الصادرة عن الفرار أو العصيان.
الفرع الثاني :العقوبات التي ال تخضع للتقادم
أخضع المشرع الجزائري عدة عقوبات لعدم تقادم العقوبة ،وقد نص عليها في قوانين
مختلفة ،منها قانون اإلجراءات الجزائية وهذا في المادة 893مكرر باإلضافة إلى قانون
الوقاية من الفساد ومكافحته ،وقانون مكافحة التهريب وتتمثل في:
أوال :عقوبة الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية
التشريعات لم تضع تعريف موحد جامع ومانع لإلرهاب أو للجريمة اإلرهابية على حد
سواء( ،)1ويبقى فقط الفقه في محاوالته الجادة إلعطاء مفهوم للظاهرة فعرفه على أنه :عمل
من األعمال اإلجرامية الموجهة ضد الدولة والتي في هدفها أو من طبيعتها إثارة الرعب لدى
األفراد أو في مجموعات من األفراد أو العامة وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري
طبقطابع القسوة وعدم تقادم العقوبة المطبقة على مرتكب هذه األفعال رغبةً منه في توفير
أكبر قدر من الحماية(.)2
ثانياً :عقوبة الجريمة العابرة للحدود الوطنية
رغم النمو واالنتشار الذي تشهده الجريمة المنظمة فال يوجد تعريف متفق عليه
( _)1شروانة نوال ،بوقندورة نضيرة ،المعالجة القانونية لظاهرة اإلرهابية في الجزائر ،مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا
للقضاء ،3006 ،ص.9.
( _)2المرجع نفسه ،ص.3،9.
40
ومقبول لها من كل دول العالم(.)1
لقد عرفها المؤتمر الخامس لمكافحة الجريمة ومعاملة المدنيين لألمم المتحدة المنعقد
في جنيف عام 9161على أنها ":أن الجريمة المنظمة تتضمن نشاطاً إجرامياً معقداً ،وعلى
نطاق واسع تنفذه مجموعات من األشخاص على درجة من التنظيم ،وتهدف إلى تحقيق ثراء
المشتركين فيها على حساب المجتمع وأفراده ،وهي غالباً ما تتم عن طريق اإلهمال التام
للقانون ،وتتضمن جرائم تهدد األشخاص ،وتكون مرتبطة في بعض األحيان بالفساد
السياسي(.)2
ثالثاً :عقوبة جريمة الرشوة
لم يعطي المشرع الجزائري على غرار كثير من التشريعات األخرى تعريفاً لجريمة
الرشوة ،بل اكتفى بالتنصيص عليها مبيناً صفة الجاني فيها و األفعال التي تتم بها
الجريمة(.)3
تُعرف الرشوة بوجه عام على أنها االتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة العامة أو
استغاللها ،بأن يطلب الجاني أو يقبل أو يجعل على عطية أو وعد أو أية منفعة أخرى ألداء
عمل من أعمال وظيفته أو االمتناع عنها(.)4
تقتضي جريمة الرشوة وجود طرفين هما الراشي والمرتشي ،وقد يتوسط بينهما شخصثالث
والذي سماه القانون بالوسيط.
و المشرع الجزائري أخضع عقوبة جريمة الرشوة إلى عدم تقادم العقوبة فيها.
( _)1صباح مريوة ،التعاون العربي في مكافحة اإلجرام المنظم العابر لألقطاب ،مذكرة ماجستير ،جامعة سعد البليدة،
،3002ص.72.
( _)2المرجع نفسه ،ص.96،98.
( _)3خديجة عميور ،جرائم الفساد في القطاع الخاص في التشريع الجنائي الجزائري ،مذكرة الماجستير جامعة قاصدي
مرباح ،ورقلة ،3093 ،ص.90.
( _)4عادل مستاري ،جريمة الرشوة السلبية( الموظف العام) في ظل قانون 09_08المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته،
مجلة االجتهاد القضائي ،العدد الخامس ،جامعة بسكرة ،ص.988.
41
رابعاً :عقوبة جريمة االختالس
تنص المادة 11من القانون رقم 09_08المؤرخ في 30فبراير سنة ،3008المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته على انه ":دون اإلخالل باألحكام المنصوص عليها في قانون
اإلجراءات الجزائية ،ال تتقادم الدعوى العمومية وال العقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص عليها
في هذا القانون ،في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن"...
ومنه نجد أن المشرع الجزائري جعل جريمة االختالس ال تتقادم فيها العقوبة في حالة
ما إذا تم تحويل عائداتها إلى خارج الوطن.
خامساً :العقوبات العسكرية
فالجريمة العسكرية هي إخالل بالقواعد التي يفرضها قانون العقوبات العسكرية(
ويسمى في الجزائر قانون القضاء العسكري) من قبل األشخاص الخاضعين لهذا القانون(.)1
تنص المادة 338فقرة 3من قانون القضاء العسكري على...":بيد أن العقوبات ال
تتقادم عندما يكون الحكم الغيابي صاد اًر عن الجرائم المشار إليها في المواد 381و 388
و 386أو عندما يلجأ فار أو عاص إلى بلد أجنبي ويبقى فيه زمن الحرب ليتخلص من
التزاماته العسكرية".
المادة 381تنص على جريمة الفرار مع عصابة مسلحة.
و المادة 388و 386تنص على جريمة الفرار إلى العدو أو أمام العدو.
بحيث أن العقوبات الصادرة على هذه الجرائم ال تخضع للتقادم.
سادساُ :عقوبة الجرائم الواردة في القانون المتعلق بمكافحة التهريب
أخضعت المادة 31من قانون مكافحة التهريب الجرائم المنصوص عليها في المواد
( _)1عبد اهلل سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،الجزء األول( الجريمة)،د.ط ،ديوان المطبوعات،
الجزائر ،3006 ،ص.310.
42
من 90إلى 91إلى نفس القواعد اإلجرائية المعمول بها في مجال الجريمة المنظمة العابرة
للحدود الوطنية(.)1
وبالرجوع إلى المادة 893مكرر من ق إ ج نجد أن العقوبات المحكوم بها في
الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ال تخضع للتقادم ،وبالتالي عدم خضوع العقوبات
الصادرة في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 90إلى 91من قانون التهريب لتقادم
العقوبة.
( _)1المادة 31من األمر رقم 08_01المؤرخ في 33غشت 3001والمتعلق بمكافحة التهريب ،ج.ر.ج.ج عدد 11
المؤرخ في 36غشت .3001
43
المبحث الثاني :سريان أجال تقادم العقوبة
لما كانت العقوبة تنقضي بالتقادم أقر لها المشرع إجراءات خاصة ،ونص المشرع
الجزائري على مدد التقادم وكيفية احتسابها وسريانها ،وجعل المدد تختلف باختالف نوع
العقوبة المحكوم بها(جنائية ،جنحية ،أو عقوبة المخالفة) ،فانقضاء مدة التقادم يترتب عليه
أثار ،ولكن قد يط أر سبب يؤدي إلى انقطاع التقادم أو وقفه ،فسريان تقادم العقوبة يطرح عدة
استفسارات ارتأينا لمعالجته وفق مطلبين ،المطلب األول نتناول فيه أجال تقادم العقوبة ،أما
الثاني فنخصصه لعوارض سريان أجال التقادم.
المطلب األول :أجال تقادم العقوبة
حدد المشرع الجزائري مدد تقادم العقوبة وجعلها تختلف باختالف العقوبة المحكوم بها
ما إذا كانت جنائية أو جنحية أو عقوبة المخالفة ،كما جعل مبدأ لحساب مدة التقادم وهو
من وقت صيرورة الحكم نهائياً .وان مدة تقادم العقوبة إذا ما بدأت بالسريان فذلك يستلزم
بالضرورة انتهائها حتى ترتب أثارها.
الفرع األول :تحديد أجال تقادم العقوبة
تم النص على المدد المقررة لتقادم العقوبات في المواد 893إلى 891ق إ ج إذ
أخضعها المشرع لمبدأ التدرج (جناية ،جنحة ،مخالفة).
أوالً :الجنايات
لقد صنف المشرع الجزائري في ق إ ج مدة التقادم في الجريمة بحسب نوعها
وخطورتها ففي الجنايات تتقادم العقوبة بمضي 30سنة كاملة من التاريخ الذي يصبح الحكم
نهائياً (المادة 893ق إ ج) ،وتسري هذه المدة على جميع العقوبات المقررة للجنايات سواء
العقوبة المؤبدة ،اإلعدام ،السجن المؤقت(.)1
( _)1فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري و العملي(مع أخر التعديالت طبعة منقحة ومعدلة) ،د.ط،
الجزائري ،د.س ،ص.66.
44
ثانياً :الجنح
يستكشف من نص المادة 891ق إ ج أن مدة التقادم التي قررها المشرع الجزائري
في حالة العقوبات الجنحية هي بمرور خمسة سنوات كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصبح
فيه القرار أو الحكم الذي صدرت بموجبه العقوبة نهائياً ،أما فيما يخص العقوبات المحكوم
بها في مواد الجنح و التي تزيد مدتها عن خمس سنوات ،ففي هذه الحالة فإن مدة تقادم
تكون مساوية للمدة المحكوم بها أي العقوبة المقررة.
ثالثاً :المخالفات
تتقادم العقوبات الصادرة بقرار أو بحكم في مواد المخالفات بمضي سنتين من التاريخ
الذي يصبح فيه هذا القرار أو الحكم نهائياً ،وهذا طبقاً لنص المادة 891منق إ ج.
الفرع الثاني :كيفية احتساب أجال تقادم العقوبة
سريان التقادم بالنسبة للعقوبة المقضي بها يتعلق بصدور الحكم من حيث هو حكم
حضوري ،أو غيابي فال عقوبة بدون حكم ،وعلى هذا األساس تم احتساب سريان التقادم من
تاريخ صدور الحكم أو القرار الصادر بالعقوبة ،والتي استنفذت كل طرق الطعن العادية
وغير العادية ،باستعمالها أو بعدم استعمالها .وبداية سريان التقادم يختلف ما إذا كان الحكم
حضوري أو غيابي.
أوالً :الحكم الحضوري
يكون الحكم حضوري إذا حضر المتهم الجلسات التي تتم فيها المرافعات(.)1والمتهم في
المجال الجزائي يحضر بشخصه فالقانون الجزائري ال يجيز الحضور التمثيلي للمتهم ،إال في
حالة واحدة وهي إذا كانت التهمة تشكل مخالفة يعاقب عليها القانون بالغرامة المالية فقط،
التقادم تسري من تاريخ صدور الحكم النهائي ،واذا كان الحكم حضورياً وابتدائياً أي قابالً
لالستئناف فإن مدة التقادم تسري من تاريخ انقضاء ميعاد االستئناف(.)1
ثانياً :الحكم الغيابي
يكون الحكم غيابياً إذا تخلف المتهم عن حضور الجلسات التي تتم فيها المرافعات.
( _)1نظام توفيق المجالي ،شرح قانون العقوبات القسم العام( دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة و المسؤولية
الجزائية) ،الطبعة األولى ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،األردن ،3004 ،ص.953.
( _)2عبد الحكم فوده ،انقضاء الدعوى الجنائية وسقوط عقوبتها ،د.ط ،مطبعة عصام جابر ،منشأة المعارف ،مصر،
،3005ص.974.
( _)3عبد المالك جندي ،المرجع السابق ،ص.240.
( _)4يالحظ عدم تساهل المشرع الجزائري عندما نص على الحظر من اإلقامة طيلة حياة الجاني في إقليم التي يقيم فيها
المجني عليه أو ورثته المباشرين ،وهذا األمر منطقي ألنه ال يمكن تصور أن يرى أهل الضحية الجاني أمامهم ح اًر كأنه
لم يرتكب الجريمة ،فهذا الحظر أقره المشرع ليحافظ على شعور أهل الضحية وعدم قيام روح االنتقام لديهم.
49
والمحكوم عليه بعقوبة مؤبدة إذا ما تقادمت عقوبته المحكوم بها عليه ال يمكنه اإلقامة
ابتداء من تاريخ اكتمال مدة
ً في الوالية التي يتواجد فيها أهل الضحية لمدة خمس سنوات
التقادم.
وتجدر اإلشارة أن المحكوم عليهم غيابياً ،أو بسبب تخلفهم عن الحضور الذين
تقادمت عقوبتهم ال يمكنهم المطالبة بإعادة المحاكمة مرة أخرى وهذا ما جاء في المادة 898
ق إ ج التي تنص على ":ال يجوز أن يتقدم المحكوم عليهم غيابياً أو بسبب تخلفهم عن
الحضور إذا ما تقادمت عقوبتهم إلعادة المحاكمة".
كما أنه ال تأثير النقضاء العقوبة بالتقادم على ما قضى به الحكم في الدعوى
المدنية ،أضف إلى ذلك أن المحكوم عليهم الذين تقادمت عقوبتهم ال يمكن لهم االستفادة من
اء القانوني أو القضائي إال بشروط أشد من تلك التي تطبق في الحاالت
رد االعتبار سو ً
العادية.
ففيما يخص االعتبار القانوني فقد نصت عليه المادة 866ق إ ج ،أما االعتبار
القضائي فال يمكن أن يتقدم المحكوم عليهم الذين تقادمت عقوبتهم بطلبه المادة 863فقرة 3
ق إ ج.
لكن هناك حالة واحدة يمكن فيها رد االعتبار القضائي و التي جاءت بها نص المادة
861ق إ ج(.)1
المطلب الثاني :عوارض تقادم العقوبة
لم ينص المشرع الجزائري على عوارض تقادم العقوبة ،ولم ينظمها في قانون
اإلجراءات الجزائية كما فعلت باقي التشريعات ،إال أننا رأينا وجوب التطرق إليها وذلك لما
تطرحه من إشكاالت سوف نحاول اإلجابة عنها.
( _)1تنص المادة 861ق إ ج على ":إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبالد مخاط اًر
في سبيلها بحياته لم يتقيد طلب رد االعتبار بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة".
50
يمكن أن يواجه سريان تقادم العقوبة عدة عراقيل ،وهذه األخيرة تؤدي إما إلى إيقاف
سريان مدة تقادم العقوبة( الفرع األول) ،أو إلى انقطاعها( الفرع الثاني).
الفرع األول :وقف تقادم العقوبة
سوف نتطرق فيه إلى تعريف وقف التقادم ،واألسباب(الموانع) التي تؤدي إلى وقف
التقادم.
أوال :تعريف وقف تقادم العقوبة
فمعناه حدوث مانع قانوني أو مادي أثناء فترة سريان مدة التقادم يحول دون تنفيذ
العقوبة( ،)1وأثره هو إسقاط المدة التي قام بها المانع من مدة التقادم مع احتساب المدة
السابقة على قيام المانع ،فإذا زال السبب يستمر السريان وتضاف إليه المدة السابقة لكي
تكتمل المدة(.)2
ثانياً :أسباب وقف تقادم العقوبة
يوقف التقادم كلما ط أر مانع يحول دون تنفيذ العقوبة ،وهذا المانع إما قانوني أو
مادي.
وسنتطرق بإيجاز إلى كل من المانع القانون والمادي كالتالي:
_1المانع القانوني
هو كل سبب ُيسند إلى قاعدة قانونية ُيحظر على السلطات العامة تنفيذ العقوبة،أو
يجيز لها االمتناع عن تنفيذها ،ومن أمثلته إرجاء تنفيذ عقوبة الحبس على المحكوم عليها
الحامل ،أو على أحد الزوجين اللذين في عهدتهما ولد دون الثامنة عشر( ،)3باإلضافة إلى
إن السبب في وقف التقادم لمانع قانوني أو مادي حسب تعليل الفقه ،هو تطبيقاً
()3
لقاعدة أصولية تقضي بأنه ":ال يسقط بالتقادم حق ال يمكن استعماله".
الفرع الثاني :انقطاع تقادم العقوبة
سوف نتناول فيه كل من معنى انقطاع تقادم العقوبة ،وأسبابه.
أوالً :تعريف انقطاع تقادم العقوبة
يقصد بانقطاع تقادم العقوبة طروء أو اعتراض سبب ،أو حدث أو اتخاذ إجراء أو
بأحد أفعال التنفيذ أثناء سريانه) ،(4ويترتب عليه إزالة ومحو المدة السابقة على االنقطاع
أي اعتبارها كأنها لم تكن ،وبدء حساب مدة جديدة تماماً لتقادم(.)5
ثانياً :أسباب انقطاع تقادم العقوبة
تقوم أسباب انقطاع تقادم العقوبة على فكرة مفادها أنه قد صدر عن السلطات العامة
( _)1جالل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات ،طبعة منقحة ،دار الهدى للمطبوعات ،مصر ،ص.138.
( _)2محمود نجيب حسني ،المرجع السابق ،ص.9390.
( _)3جالل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات ،المرجع السابق ،ص.136،138.
)4(_GASTON Stefani, LEVASSEUR George, BOULOC Bernard, procédure Pénale , 14eme
édition, Dalloz, France, 1990, p.557.
(5)_ LRVASSEUR Georges, et al, Droit pénale et général et procédure pénale, 13emeèdition,
France, 1999, p.367.
52
أو عن المحكوم عليه ما ينفي نسيان الجريمة أو العقوبة ،وينفي كذلك تنازل المجتمع عن
حقه في تنفيذ العقوبة(.)1
يعاب على المشرع الجزائري أنه لم يقم بتحديد وتنظيم أسباب انقطاع تقادم العقوبة
مثلما فعل المشرع المصري،أو اللبناني اللذين نظما هذا اإلجراء الجوهري.
وتتمثل أسباب انقطاع تقادم العقوبة في:
_1حضور المحكوم عليه
إذ من شأنه عرض أمره أمام السلطة التخاذ اإلجراء المناسب في حقه(.)2
_2كل عمل تجريه السلطة العامة بغية التنفيذ
إن الشرط المتطلب في هذا العمل يتعلق بغايته ووجوب اتجاهها مباشرةإلى تنفيذ
العقوبة ،ومن أمثلة هذه األعمال نجد توقيف المحكوم عليه لتنفيذ اإلعدام ضده ،أو تنفيذ أية
عقوبة سالبة للحرية أو مقيدة لها ،والحجز على ماله بغية تنفيذ عقوبة مالية عليه ،ولو لم
يكن ذلك الحجز في مواجهته أو لم يصل إلى علمه(.)3
وعلى هذا فإن لم يكن اإلجراء الذي اتخذ من إجراءات التنفيذ بل من مقدماته ،فإنه ال
يقطع التقادم ولو علم به المحكوم عليه أو اتخذ في مواجهته ،ومن أمثلة ذلك البحث عن
المحكوم عليه تمهيداً للقبض عليه ،وكذا إعالمه بالحكم الصادر ضده وتكليفه بالوفاء
بالغرامة المحكوم بها(.)4
_3ارتكاب المحكوم عليه جريمة من نوع الجريمة المحكوم عليه من أجلها أو معادلة لها
والتي أوجبت العقوبة أو التدابير أو جريمة أهم يقطع التقادم بالنسبة لهذه العقوبة
نص المشرع الجزائري عمى التقادم كسبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية وىذا
ما جاء بو نص المادة 06من قانون اإلجراءات الجزائية ،وقام بتفصيل أحكامو في نصوص
المواد 9،8،7من نفس القانون.
وقام بوضع استثناءات عمى مبدأ تقادم الدعوى العمومية ،ذلك بإخراج بعض أنواع
الج رائم من نطاق التقادم وذلك لسبب خطورتيا وجسامتيا ،ونص عمييا في قوانين مختمفة،
وتتضمن المادة 08مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية بعضاً منيا .لكن بإستحداث المشرع
لمقانون 01_06المتضمن مكافحة الفساد والوقاية منو أصبحت جريمة اختالس األموال
العمومية تخضع لمتقادم لكن في حالة تحويل عائداتيا إلى خارج الوطن تصبح غير خاضعة
لمتقادم.
كما نص قانون العقوبات العسكري عمى عدم تقادم أنواع معينة من الجرائم و أخرجيا
من دائرة التقادم ،باإلضافة لقانون المتعمق بمكافحة التيريب.
وبدء سريان تقادم الدعوى العمومية يبدأ من يوم اقتراف الجريمة وىذا حسب المادة
07من ق إ ج.
إال أن المادة 726ق إ ج تنص عمى أن المواعيد المنصوص عمييا في ىذا القانون
مواعيد كاممة بحيث ال يحسب يوم بدايتيا وال يوم انقضائيا ،فإذا كانت مواعيد سريان أجال
التقادم محددة طبقاً لممواد 9 ،8 ،7من ق إ ج ،إال أنو ىناك بعض الحاالت التي يصعب
فييا تحديد بداية سريان مدة التقادم وىذ إذا تعمق األمر بالجرائم المستمرة وجرائم العادة،
والجرائم المتكرر.
55
و المشرع الجزائري لم يتطرق إلى الحاالت التي توقف سريان مدة تقادم الدعوى
اء كانت قانونية أو مادية.
العمومية ،رغم تعرض ىذه المدة إلى أسباب تؤدي إلى وقفيا سو ً
وفيما يتعمق بالدعوى المدنية التبعية فقد ثار خالف بشأن المادة 10من ق إ ج،
فكانت محل تفسيرين مختمفين ،فيناك من يرى أن المادة تنص فقط عمى الدعوى المدنية
المستقمة ،أما الرأي ا ألخر فيتجو إلى القول أن الدعوى المدنية بنوعييا تتقادم وفق أحكام
القانون المدني ،ورغم التعديل الذي قام بو المشرع الجزائري في 2006/12/20إال أنو لم
يزل المبس ويحسم األمر بالشكل الذي كان منتظ اًر.
اوالً :أن يقوم بتعديل المادة 10من ق إ ج عمى نحو يزيل كل الغموض والمبس فيما يخص
الدعوى المدنية التبعية.
ثانيًا :إضافة فقرة ثانية إلى المادة الثامنة من قانون اإلجراءات الجزائية فيما يخص الجنح
التي قرر ليا عقوبة تفوق خمس سنوات.
ثالثاً :عميو النص عمى أن تقادم الدعوى العمومية من النظام العام ،و النص كذلك عمى
مسألة وقف تقادم الدعوى العمومية التي لم يتطرق إلييا المشرع الجزائري.
كما أخضع المشرع العقوبة لمتقادم إذ جعل ىذا األخير من أحد أسباب انقضاء
العقوبات ،وفصل أحكامو في المواد من 612إلى 617من ق إ ج ،وقد استثنى بعض
العقوبات من تأثير التقادم نص عمييا في قوانين متعددة منيا المادة 612ق إ ج التي
يالحظ فييا أنيا لم تنص عمى عقوبة اختالس األموال العمومية عمى عكس المادة 08
مكرر من نفس القانون التي نص ت عمى الجرائم التي ال تتقادم الدعوى العمومية فييا ،ولكن
أُخضعت عقوبة االختالس لقانون الوقاية من الفساد ومكافحتو وبالتالي أصبحت تخضع
لمتقادم ،ولكن في حالة ما إذا ما تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن تصبح غير
خاضعة لمتقادم ،كما تضمن قانون التيريب و قانون القضاء العسكري عدة جرائم ال تخضع
لمتقادم.
56
ويبدأ سريان تقادم العقوبة حسب المواد 615 ،614 ،613ق إ ج من التاريخ الذي
يصبح فيو الحكم أو القرار نيائياً.
و لكن ىناك قصور من طرف المشرع الجزائري في نصو عمى تقادم الدعوى العمومية
لبعض الجرائم دون أ ن يقابميا بتقادم العقوبة ،ومن أمثمة ذلك عدم تقادم الدعوى العمومية في
الجرائم المرتكبة ضد الحدث إال ببموغو سن الرشد ،فيما لم ينص عمى تقادم العقوبة المرتكبة
ضد الحدث ،إذ كان من األحرى بو أن ينظم ىذا المبدأ خاصة في ظل اإلنتياكات التي
يتعرض ليا االحداث ،و التطورات التي تشيدىا الجرائم المرتكبة ضد األحداث من اختطاف،
ىتك العرض واإلستغالل ،والتي تعتبر من ضمن الجرائم الخطيرة التي تيدد كيان المجتمع
وأمنو واستم ارره.
كما نالحظ قصور المشرع الذي يظير جمياً في عدم نصو عمى تقادم الجرائم الدولية
اء من حيث النص عمى عدم تقادم الجريمة ،أو من حيث عدم تقادم العقوبة.
سو ً
لم ينص المشرع عمى وقف تقادم العقوبة ضمن القواعد العامة في قانون اإلجراءات
الجزائية.
وتقادم العقوبة لو أثر عمى انقضاء اإللتزام بتنفيذىا مع بقاء وجوده القانوني ،فال
يستفيد المحكوم عميو من رد اإلعتبار القضائي إال في حالة واحدة نصت عمييا المادة 684
ق إ ج ،أما القانوني فيمكنو ذلك.
نرى انو ىناك عقوبات وجب عمى المشرع التصدي وعدم التساىل مع مرتكبييا ،وليذا
وجب عميو إخراجيا من دائرة التقادم ،وىذا من خالل إجراء تعديالت وتوسيع من دائرة
العقوبات التي ال ينطبق عمييا التقادم ،وتتمثل العقوبات التي ال يجب أن تخضع لمتقادم في:
أوالً :عقوبة اختطاف االطفال و التنكيل بيم التي أصبحت واسعة اإلنتشار في األونة
األخيرة ،لذا وجب عمى المشرع أن يضع حداً ليذه الظاىرة بجعل عقوبتيا ال تخضع لمتقادم.
ثانيًا :عقوبة الجرائم التي ترتكب ضد األصول لضمان اإلرتباط األسري وحفاظًا عمى القيم،
والمحافظة عمى المجتمع من اإلنقسام.
57
ثالثاً :عقوبات جرائم الدم وىذا إلنتشار جريمة القتل و استحالل األرواح بشكل يدعوا إلى
الخوف ،فمن يقتل يمكنو أن يفعل ذلك لمرات عدة ،وبالتالي نرى انو وجب عمى المشرع
عدم إخضاع ىذه الجرائم لمتقادم.
رابعاً :عقوبة المخدرات ال يجب أن يستفيد من تقادم العقوبة المتاجرين بالمخدرات لكونيم
يدمرون المجتمع في صمت ،والتي ىي أىم أسباب إنتشار الجرائم.
وختامًا نقول أنو نظ ار لألىمية و المكانة التي يحتميا التقادم الجنائي ،كان وجوبًا عمى
المشرع الجزائري إعادة النظر في تقادم بعض الجرائم ،والعقوبات و المجرمين الذين
يستفيدون من نظام التقادم.
58
:Iبالغة العربية
أوال :الكتب.
_1المؤلفات العامة
أ_ أحسن بوسقيعة ،المنازعات الجمركية (،تعريف وتصنيف الجرائم الجمركية ،متابعة وقمع
الجرائم الجمركية) ،الطبعة الرابعة ،دار ىومو ،الجزائر.9003 ،
ب_ أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،الطبعة الثالثة ،دار
ىومو ،الجزائر ،د .س .ن.
ت_ إدوارد غالي الذىبي ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،الطبعة الثانية ،مكتبة
غريب ،د ب ن.0330 ،
ث_ جالل ثروت ،نظم اإلجراءات الجنائية ،د ط ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.0331 ،
ج_ جالل ثروت ،نظم القسم العام في قانون العقوبات (،النظام القانوني الجنائي ،نظرية
الجريمة ،نظرية المسؤولية الجنائية ،نظرية الجزاء الجنائي) ،طبعة منقحة ،دار اليدى
لممطبوعات ،مصر.0333 ،
ح_ جندي عبد المالك ،الموسوعة الجنائية ،الجزء الرابع( الرشوة ،ظروف الجريمة ) ،د ط،
د.د.ن ،د ب ن.9002 ،
خ_ جيال لي بغدادي ،االجتياد القضائي في المواد الجزائية ،الجزء األول ،د .ط ،طبع
المؤسسة الوطنية لالتصال والنشر واإلشيار ،الجزائر.0331،
59
د_ سعد أحمد شعمة ،قضاء النقض في المرافعات ،الجزء الرابع ،د ط ،مطبعة االنتصار
لمطباعة ،د .ب .ن.0331 ،
ذ_ سميمان بارش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،الجزء األول( المتابعة الجزائية،
الدعوى الناشئة عنيا واجراءاتيا األولية) ،د ط ،دار اليدى ،الجزائر.9001،
ر_ سميمان عبد المنعم ،أصول اإلجراءات الجزائية ،د ط ،منشورات الحمبي الحقوقية ،لبنان،
.9002
ز_ سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات( دراسة مقارنة) ،د ط ،منشورات
الحمبي الحقوقية ،لبنان.9002 ،
س_ عبد الحميد الشواربي ،التعميق الموضوعي عمى قانون اإلجراءات الجنائية ،الكتاب
األول ،د ط ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،مصر.9009 ،
ش_ عبد الرحمان خمفي ،محاضرات في قانون اإلجراءات الجزائية ،د ط ،دار اليدى،
الجزائر.9000 ،
ص_ عبد العزيز سعد ،إجراءات ممارسة الدعوى الجزائية ذات العقوبة الجنحية ،الطبعة
الثانية ،دار ىومو ،الجزائر.9001 ،
ط_ عبد هللا سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري(القسم العام ) ،الجزء الثاني ( ،الجزاء
الجنائي) ،الطبعة السادسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.9002 ،
ض_ عبد هللا سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري( القسم العام) ،الجزء األول( الجريمة)،
د ط ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.9002 ،
60
ع_ عمي محمد جعفر ،العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذىا ،الطبعة األولى ،المؤسسة
الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع ،د .ب .ن.0331 ،
غ _ فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعممي( مع أخر
التعديالت) ،طبعة جديدة منقحة ومعدلة ،الجزائر ،د .س.ن.
ف _ فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية( بين النظري والعممي) ،د .ط ،مطبعة
البدر ،الجزائر ،د .س .ن.
ك_ لحسن بن شيح ،مبادئ القانون الجزائي العام ،د ط ،دار ىومو ،الجزائر.9009 ،
ل_ محمد زكي أبو عامر ،اإلجراءات الجنائية( مرحمة جمع االستدالالت ،سير الدعوى
الجنائية و الدعوى المدنية المرتبطة بيا ،التحقيق ،و طرق الطعن في الحكم الصادر في
الدعوى الجنائية) ،د .ط ،منشأة المعارف ،مصر.0331 ،
م_ محمد عيد الغريب ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول( الدعوى الجنائية،
الدعوى التبعية ،االستدالل والتحقيق االبتدائي) ،الطبعة الثانية ،د .ب .ن.0331 ،
ن _ نصر الدين مروك ،محاضرات في اإلثبات الجنائي ،الجزء األول ،د ط ،دار ىومو
لمطبع والنشر والتوزيع ،الجزائر.9002 ،
ه_ نظام توفيق المجالي ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام (،دراسة تحميمية في النظرية
العامة لمجريمة و المسؤولية الجزائية) ،الطبعة األولى ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن،
.9003
61
_2المؤلفات الخاصة
أ_ إبراىيم حامد طنطاوي ،التقادم الجنائي وأثره في إنياء الدعوى العمومية وسقوط العقوبة،
د .ط ،دار النيضة العربية ،مصر.0332 ،
ب_ عبد الحميد الشواربي ،أسامة عثمان ،أحكام التقادم عمى ضوء القضاء والفقو ،د .ط ،د.
ب .ن.0331 ،
_0محمد عوض األحوال ،انقضاء سمطة العقاب بالتقادم ،رسالة مقدمة لكمية الحقوق
بجامعة القاىرة.0311 ،
_9خديجة عميور ،جرائم الفساد في القطاع الخاص في التشريع الجزائري ،مذكرة ماجستير،
جامعة قاصدي مرباح.9009/ 01 /03 ،
_2نوال شروانة_ نظيرة بوقندورة ،المعالجة القانونية لظاىرة اإلرىاب في الجزائر ،مذكرة
تخرج لنيل إجازة المدرسة العميا لمقضاء .9002 ،
_1صباح مريوة ،التعاون العربي في مكافحة اإلجرام المنظم العابر لألوطان ،مذكرة
ماجستير ،جامعة سعد دحمب بالبميدة.9001،
_1عبد القادر ميراوي ،التقادم الجنائي وأثره في إنياء الدعوى العمومية وسقوط العقوبة،
مذكرة لنيل شيادة المدرسة العميا لمقضاء.9003 ،
62
ثالثا :المقاالت العممية
رابعا :القواميس
_0جيرارد كورنو ،معجم المصطمحات القانونية ،ترجمة منصور القاضي ،الطبعة األولى،
المؤسسات الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع ،د ب ن.0332 ،
-0اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،اعتمدت وعرضت لمتوقيع،
والتصديق ،و االنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الدورة الخامسة والعشرين
المؤرخ في 05نوفمبر ،9000صادقت عمييا الجزائر بتحفظ طبقاً لممرسوم الرئاسي رقم
55-09المؤرخ في 99ذو القعدة عام 0199الموافق 5فبراير سنة ،9009ج ر عدد 03
المؤرخ في 00فبراير سنة .9009
63
-2األمر رقم 9_19المؤرخ في 00فبراير 0319يتضمن قانون تنظيم السجون واعادة
تربية المساجين ،ج ر .ج ج .عدد 031الموافق 1محرم.0239
-1األمر رقم 01_05المؤرخ في 92غشت سنة 9005و المتعمق بمكافحة التيريب ،ج
ر .ج ج عدد 53المؤرخ في 92غشت .9005
-5القانون رقم 01-05المؤرخ في 02مايو سنة 9001يعدل ويتمم األمر رقم 52-15
المؤرخ في 91سبتمبر سنة 0315والمتضمن القانون المدني ،ج ر .ج ج عدد 20المؤرخ
في 02مايو .9001
_IIبالمغة الفرنسية
Ouvrages
64
مقدمة1................................................................................
الفرع الثاني :الجرائم التي استثناها المشرع من تأثير التقادم طبقا لقانون التهريب11.........
65
ثالثا :مختمف الجرائم التي جاء بها قانون الوقاية من الفساد و مكافحته16..................
: 1الجرائم المستمرة11..................................................................
66
: 1الجنايات والجنح المرتكبة ضد الحدث14.............................................
ثالثا :عدم تأثير تقادم الدعوى العمومية عمى سير الدعوى المدنية التبعية16................
: 1إجراءات التحقيق19............ّ......................................................
: 1الموانع القانونية11...................................................................
:1الموانع ال مادية11....................................................................
67
الفصل الثاني :تقادم العقوبة11...........................................................
68
خامسا :العقوبات العسكرية41...........................................................
أوال :الجنايات44.......................................................................
ثانيا :الجنح45.........................................................................
ثالثا :المخالفات45......................................................................
69
ثانيا :أسباب وقف تقادم العقوبة51......................................................
: 1المانع القانوني51...................................................................
:1المانع المادي51....................................................................
: 1ارتكاب المحكوم عميه جريمة من نوع الجريمة المحكوم عميه من أجمها معادلة
لها51...................................................................................
الخاتمة55..............................................................................
قائمة المراجع59........................................................................
الفهرس65.............................................................................
70