You are on page 1of 4

‫‪171‬‬ ‫تاريخ األدب العريب ونصوصه‬

‫املوضوع الثامن‬
‫رسالة عبد احلميد الكاتب إىل أهله وهو منهزم‬
‫أهداف الدرس‪:‬‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ ‪1‬يذكر ترمجة عبد احلميد الكاتب‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬يوضح مناسبة الرسالة‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬حيدد سامت شخصية ا ُمل ْر ِسل وخصائص أسلوبه‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬يرشح الرسالة بأسلوبه اخلاص‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬حيفظ الفقرات املقررة من الرسالة‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬يبني أثر البيئة ىف أسلوب الرسالة‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬يبني مواطن اجلامل ىف الرسالة‪.‬‬

‫التعريف بالكاتب‪:‬‬
‫فاريس‪ ،‬نشأ باألنبار من أرض العراق‪ ،‬ثم‬‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫أصل‬ ‫هو عبد احلميد بن حييى بن سعيد العامري‪ ،‬من‬
‫انتقل إىل الكوفة حيث بدأ حياته مع ِّلم صبيان‪ ،‬ثم َّ‬
‫حتول إىل الشام واتَّصل بخلفاء بني أم َّية‪ ،‬وكان أول‬
‫َمن اتَّصل به من اخللفاء‪ :‬هشام ابن عبد امللك‪ ،‬فكتب له‪ ،‬وكان آخر من صحب منهم‪ :‬مروان بن‬
‫حممد‪ ،‬مدة خالفته‪ ،‬واستمر وف ًّيا له يف حمنته حتى ُقتال سنة ‪ 132‬هـ‪.‬‬
‫واحتل عبد احلميد منزل ًة رفيعة بني ُكتَّاب عرصه‪ ،‬حتى ُعدَّ شيخ ُكتَّاب الرسائل‪ ،‬ومن ثم قيل فيه‪:‬‬
‫" بدئت الكتاب ُة بعبد احلميد‪ ،‬وختمت بابن العميد "‪.‬‬
‫ولعبد احلميد الفضل يف االرتقاء بأسلوب الكتابة وحسن تقسيمها‪ ،‬وجعلها واضحة طبيعية‪ ،‬ال جياريه‬
‫يف ذلك أحد‪ ،‬وله رسائل طوال منها رسالته إىل الكتُّاب‪.‬‬
‫مناسبة الرسالة‪:‬‬
‫كان عبد احلميد من أملع ُكتَّاب عرصه‪ ،‬وكان كات ًبا وف ًّيا ملروان بن حممد آخر خلفاء بني أمية‪،‬‬
‫والزمه يف حياته‪ ،‬فلام تنكرت األيام ملروان‪ ،‬وقام بنو العباس بثورهتم عليه‪ ،‬وضيقوا عليه اخلناق‪ ،‬أبى‬
‫الصف األول الثانوي‬ ‫‪172‬‬

‫فار من وجه أعدائه‪ ،‬وهناك يف قرية‬


‫عبد احلميد إال أن يالزمه يف حمنته‪ ،‬فمىض مع مروان وهو منهزم ٌّ‬
‫(بوصري) املرصية لقيا حتفهام عىل يد جنود العباسيني‪.‬‬
‫وكتب عبد احلميد هذه الرسالة إىل أهله يف رحلة فراره مع صديقه؛ خيربهم فيها بحاله‪.‬‬
‫الرسالة‪:‬‬
‫ور‪َ ،‬فمن ساعدَ ه َ ِ‬ ‫م ُفو َف ًة باملك ِ ِ‬
‫وم ْن‬‫احل ُّظ فيها َسك ََن إل ْي َها‪َ ،‬‬ ‫والس ِ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َاره ُّ‬ ‫فإن اهلل َج َع َل الدُّ ْن َيا َ ْ ْ‬ ‫َّأما بعد‪َّ :‬‬
‫َاها ُم ْست َِزيدً ا َلا‪.‬‬ ‫َابا َذمها س ِ‬
‫وشك َ‬ ‫اخ ًطا َع َل ْيها‪َ ،‬‬ ‫َع َّض ْت ُه بِن ِ َّ َ َ‬
‫وخ ُش َن‬ ‫حم ْتنَا مول َية َف َم ُل َح َع ْذ ُبا‪َ ،‬‬ ‫ت بِنَا نَافِرةً‪ ،‬ور َ‬ ‫ج َح ْ‬ ‫َاها‪ ،‬ثم َ َ‬ ‫اويق استحلين َ‬ ‫َت أ َذا َق ْتنَا أ َف َ‬ ‫وقد كَان ْ‬
‫َاز َح ٌة‪ ،‬وال َّطري َب ِ‬
‫ار َح ٌة‪.‬‬ ‫وان‪ ،‬فالدَّ ُار ن ِ‬ ‫اإلخ ِ‬ ‫األوطان‪ ،‬و َف َّرقتنا َع ِن ْ‬ ‫ِ‬ ‫لين َُها‪ ،‬فأب َعدَ ْتنَا َع ِن‬
‫ُ‬
‫آخر ال َع ْه ِد‬
‫فإن تَتم البلي ُة إىل أقىص ُمدَّ هتا َيك ُْن ُ‬
‫ت واأليام ت َِزيدُ نَا منكم بعدً ا‪ ،‬وإليكم وجدً ا‪ِ ْ ،‬‬
‫َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َو َقدْ ك َت ْب ُ‬
‫ُّ‬ ‫جع إليكم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وإن يلحقنا َظ َف ٌر‬ ‫بِكُم وبِنَا‪ْ ،‬‬
‫ش َجار‪.‬‬‫والذل َ ٌ‬ ‫بذل اإلسار‪،‬‬ ‫أظفار َم ْن يليكم ن َْر ْ‬ ‫جارح من‬
‫ٌ‬
‫آمنة‪ ،‬جتمع سالمة‬ ‫دار ٍ‬ ‫ب لنا ولكم ُألف ًة جامعة يف ٍ‬ ‫يشاء ُّ‬ ‫ُ‬
‫أن َ َي َ‬ ‫يشاء ْ‬ ‫من ُ‬ ‫ويذل ْ‬ ‫نسأل اهلل الذي ُيع ُّز من ُ‬
‫رب العاملني وأرحم الرامحني‪.‬‬ ‫األبدان واألديان‪ ،‬فإنَّه ُّ‬
‫معاني املفردات‪:‬‬
‫"املكاره"‪ :‬الشدائد‪" ،‬حمفوفة"‪ :‬حماطة‪" ،‬أفاويق"‪ :‬أوقات‪ ،‬والفواق ما بني احللبتني من الوقت‪،‬‬
‫"مجحت"‪ :‬نفرت وغلبت‪" ،‬نافرة"‪ :‬جمافية‪" ،‬رحمتنا"‪ :‬رضبتنا بالرمح‪" ،‬نازحة"‪ :‬بعيدة‪" ،‬بارحة"‪:‬‬
‫مغادرة‪" ،‬الوجد"‪ :‬املحبة‪" ،‬الظفر"‪ :‬االنتصار‪" ،‬اإلسار"‪ :‬األرس‪ُ ،‬‬
‫"ألفة"‪ :‬اجتامع‪.‬‬
‫الشرح‪:‬‬
‫يف الفقرة األوىل نجد األفكار اجلزئية اآلتية‪:‬‬
‫‪1‬ـ طبيعة الدنيا التَّقلب‪.‬‬
‫‪2‬ـ الناس فيها فريقان‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ساخط عليها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫راض عنها‪ ،‬وسيئ احلظ‬ ‫‪3‬ـ سعيد احلظ‬
‫‪4‬ـ ابتسمت احلياة للكاتب فرتة ثم كرشت عن أنياهبا‪.‬‬
‫‪173‬‬ ‫تاريخ األدب العريب ونصوصه‬

‫فعبد احلميد حياول أن خيفف من وقع املصيبة بأهله‪ ،‬فيذكرهم بحال الدنيا‪ ،‬ويبني هلم أن شأهنا‬
‫السعادة والشقاء‪ ،‬فتغدق اخلري حينًا‪ ،‬وتصيب برشها أحيانًا‪ ،‬والناس معها حسب حظهم منها‪ ،‬فمنهم‬
‫الشقي ومنهم السعيد‪.‬‬
‫ُّ‬
‫أما الذين شقوا فقد مستهم بأذاها‪ ،‬وعضتهم بناهبا‪ ،‬فإذا هم ساخطون غاضبون عليها‪ ،‬ولكنهم‬
‫راغبون يف البقاء فيها‪ ،‬مؤملون أن تسعد حاهلم وتقبل عليهم بنعيمها‪.‬‬
‫وأما الذين سعدوا فيها فهم الذين ابتسم هلم الدهر‪ ،‬فهم راضون عنها‪ ،‬فرحون هبا‪.‬‬
‫ثم يذكر الكاتب ألهله أن ماضيه كان سعيدً ا بام أمدته دنياه من ٍ‬
‫خري‪ ،‬وما أنعمت عليه من آالء‪،‬‬
‫ولكنه اليوم بائس تعس؛ ألن الدنيا و َّلت عنه مدبرة‪ ،‬ورضبته رضبة قاسية‪ ،‬فانقلب النعيم ً‬
‫بؤسا‪ ،‬واحللو‬
‫ُم ًّرا‪ ،‬واللني خشنًا‪ ،‬وصارت الدار بعيدة‪.‬‬
‫وح ًّبا إليهم‪ .‬ويف حني أنه‬
‫ومتيض األيام ـ وهو يكتب رسالته هذه ـ فتزيده بعدً ا عن أهله وأحبابه‪ُ ،‬‬
‫األرس‪ ،‬إن حلق هبام‬
‫ُ‬ ‫وصديقه يعاجلان مصيبتهام‪ ،‬ال يدريان عىل ماذا تكون هناية فرارمها؟ أهي املوت أم‬
‫جنود بني العباس‪ ،‬وهم يطاردوهنام؟‬
‫ويف ختام رسالته يدعو الكاتب ربه أن جيمع شمله بأهله‪ ،‬وأن هيب للجميع السالمة يف الدين‬
‫والبدن‪ ،‬إنه رب العاملني وأرحم الرامحني‪.‬‬
‫من مواطن اجلمال‪:‬‬
‫يف قوله‪« :‬ومن عضته بناهبا» استعارة مكنية حيث ش َّبه الدنيا بحيوان مفرتس له أنياب‪ ،‬ثم حذف‬
‫املشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «الناب» عىل سبيل االستعارة املكنية‪ .‬ويف قوله‪« :‬فملح‬
‫عذهبا» بني امللوحة والعذوبة طباق‪ ،‬أبرز املعنى‪ ،‬ووضحه ومثله قوله‪« :‬وخشن لينها»‪.‬‬
‫مسات الرسالة‬
‫يالحظ عىل أسلوب عبد احلميد الكاتب‪:‬‬
‫سهولة العبارة‪ ،‬وجزالة األلفاظ‪ ،‬وقوة التعبري‪ ،‬والعناية باملعنى‪ ،‬وجتنب الغريب‪ ،‬واستعامل األلفاظ‬
‫املجازية يف مواضعها بال شطط وال إرساف‪.‬‬
‫***‬
‫الصف األول الثانوي‬ ‫‪174‬‬

‫تدريبات‬
‫من خالل قراءتك للرسالة أجب‪:‬‬
‫ـ ‪( 1‬مكاره ـ حمفوفة ـ نافرة ـ الوجد) ما مضاد األوىل‪ ،‬وفعل الثانية‪ ،‬ومرادف الثالثة‪ ،‬ومضاد‬
‫الرابعة؟‬
‫ٍ‬
‫عرص تنتمي؟‬ ‫أي‬
‫‪2‬ـ ‪2‬ما مناسبة الرسالة؟ وإىل ِّ‬
‫رس مجاهلا؟‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ما نوع الصورة يف قوله «ومن عضته بناهبا»؟ وما ُّ‬
‫‪4‬ـ ‪4‬مل قيل‪ُ « :‬بدئت الكتابة بعبد احلميد»؟‬
‫ت بِنَا نَافِرةً‪ ،‬ور َ‬
‫حم ْتنَا‬ ‫ج َح ْ‬
‫َاها‪ ،‬ثم َ َ‬
‫اويق استحلين َ‬‫َت أ َذا َق ْتنَا أ َف َ‬
‫‪5‬ـ ‪5‬قال عبد احلميد الكاتب‪« :‬وقد كَان ْ‬
‫َاز َح ٌة‪،‬‬ ‫اإلخ ِ‬
‫وان‪ ،‬فالدَّ ُار ن ِ‬ ‫ِ‬
‫األوطان‪ ،‬و َف َّرقتنا َع ِن ْ‬ ‫وخ ُش َن لين َُها‪ ،‬فأب َعدَ ْتنَا َع ِن‬
‫مول َية‪َ ،‬ف َم ُل َح َع ْذ ُبا‪َ ،‬‬
‫ار َح ٌة»‪.‬‬‫وال َّطري َب ِ‬
‫ُ‬
‫( أ ) ضع عنوانـًا للفقرة السابقة‪.‬‬
‫رس مجاهلا‪.‬‬
‫(ب) استخرج من الفقرة صورة بيانية و َب ِّي َّ‬
‫أثرمها ىف املعنى‪.‬‬
‫(جـ) استخرج من الفقرة حمسنني بديعني و َب ِّي َ‬
‫( د ) تكشف الفقرة عن حالتني للكاتب‪ ،‬اذكرها‪.‬‬
‫( هـ ) تكشف الرسالة عن مالمح شخصية الكاتب‪ ،‬اذكر بعض هذه املالمح‪.‬‬
‫(و) بم يمتاز أسلوب الرسالة؟‪.‬‬
‫***‬

You might also like