Professional Documents
Culture Documents
1
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس األول
المياه الداخلية
كي نتعرف على مفهوم المياه الداخلية في القانون الدولي للبحار ،البد لنا أن نتناول محتوى المياه
الداخلية وطبيعتها القانونية ،ومن ثم نتطرق الى المركز القانوني للسفن األجنبية.
عرفت الفقرة األولى من المادة الثامنة من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982المياه
ّ
الداخلية بأنها» المياه الواقعة على الجانب المواجه للبر من خط األساس للبحر اإلقليمي« ،ويعرفها الفقه
بأنها »:تلك األجزاء المائية التي تتغلغل في إقليم الدولة وتتداخل فيه دون أن تتجاوز حدودها اإلقليمية«.
وبالتالي فإن المياه الداخلية تشمل الموانئ واألحواض البحرية والخلجان واألنهار والبحيرات
الداخلية والمياه األرخبيلية التي تقع في الدول األرخبيلية و المياه المحصورة في التعاريج الساحلية الواقعة
بين الشاطيء و بين خطوط األساس المستقيمة التي يقاس منها ابتداء البحر اإلقليمي.
كما نصت المادة الثانية في فقرتها األولى من ذات االتفاقية فإن هذه المياه تخضع لتمام سيادة
الدولة الساحلية ،و بالتالي يحق للدولة الساحلية أن تمنع السفن األجنبية من دخولها إال في الحاالت
االستثنائية كحالة الضرورة الملحة مثل لجوء السفن األجنبية إلى موانيء الدولة الساحلية هروبا من الرياح
أو األعاصير الشديدة أو في الحاالت المحددة والنادرة التي يطبق فيها حق المرور البريء على المياه
الداخلية.
2
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
ولقد حرص واضعوا اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار على استخدام تعبير المياه الداخلية بدال
من البحر الداخلي تجنبا للخلط بينها وبين البحر اإلقليمي ،ومن ثم يجب التفرقة التامة بين المياه الداخلية
والبحر اإلقليمي.
أما فيما يتعلق بالمركز القانوني للسفن األجنبية المتواجدة في المياه الداخلية لدولة ما ،فإنه يجب
التمييز بين السفن التجارية أو الخاصة ( السفن التجارية أو الخاصة :هي السفن التي تقوم بنشاط تجاري
أو تمارس أنشطة النقل بالمعنى الواسع لألشخاص والبضائع أو حتى للنزهة أو إلجراء أبحاث خاصة و
ذلك سواء كانت مملوكة لشركات أو أشخاص أو حتى للدولة ،وهي تستهدف ممارسة نشاط تجاري بغية
الربح و ليس أداء خدمة عامة للدولة و تخضع لقيادة ربان) ،وبين السفن الحكومية العامة كالسفن
الحربية( عرفت المادة 29من اتفاقية قانون البحار :1982السفن الحربية بأنها سفينة تابعة للقوات
المسلحة لدولة ما وتحمل العالمات الخارجية المميزة للسفن الحربية التي لها جنسية هذه الدولة ،وتكون
تحت إمرة ضابط معين رسميا من قبل حكومة تلك الدولة ويظهر اسمه في قائمة الخدمة المناسبة أو فيما
يعادلها و يشغلها طاقم من األشخ اص خاضع لقواعد االنضباط في القوات المسلحة النظامية ).والسفن
الحكومية المستخدمة ألغراض غير تجارية.
فإذا كانت السفينة تجارية أو خاصة ،فإن القاعدة العامة في أنه يحق للدولة الساحلية أن تطبق
وأن تفرض قوانينها على الجرائم المرتكبة فوق تلك السفن في أثناء تواجدها في مياهها الداخلية.
إضافة لذلك وكما نصت عليه المادتان 218و 220من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار1982
فإنه يحق للدولة الساحلية أن تباشر إجراءاتها القانونية ضد السفن التجارية المتواجدة في مياهها الداخلية
بالنسبة لمخالفات التلوث البيئي المرتكبة في المناطق المائية األخرى .
وال يفهم من ذلك أن إختصاص الدولة الساحلية بالنسبة لألعمال المرتكبة على ظهر السفن
التجارية المتواجدة في مياهها الداخلية بأنه اختصاص حصري أو إلزامي بل يظل االختصاص أيضا
منعقدا لدولة العلم (ما لم تمارسه مثال الدولة الساحلية) كما أن الدولة الساحلية يمكنها متى رأت بأن الجرم
3
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
المرتكب ال يمثل مساسا بنظامها العام ،أن تترك التدخل لدولة العلم ،وكذلك وكما هو مطبق ،فإن الدول
الساحلية ال تتدخل بالنسبة لألعمال التأديبية التي يمارسها القبطان ضد طاقم السفينة.
أما فيما يتعلق بالسفن الحكومية والعام ة ،فإن الوضع على خالف ذلك ،حيث تتمتع هذه السفن
بحصانة ضد الخضوع لالختصاص القضائي للدول األجنبية (م ،)32وبالتالي ال يمكن للدولة الساحلية
أن تطبق قوانينها عليها ،وال يمكنها حتى مجرد الصعود على سطحها إال بعد الحصول على موافقة
سلطات دولة العلم أو قبطانها.
كما أن هذه الحصانة تمتد لطاقم السفينة ،فال يمكن للدولة الساحلية إخضاعهم الختصاصها
القضائي بالنسبة للجرائم المرتكبة على ظهر السفينة ،أو بالنسبة للجرائم المرتكبة على الساحل أثناء تأدية
مهمة رسمية ،أو أثناء ارتداء المالبس الرسمية ،جل ما يمكن للدولة الساحلية أن تمارسه ضد هذه السفن
هو أن تطلب منها مغادرة مياهها الداخلية فو ار (م 30من اتفاقية )1982
4
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس الثاني
المياه األرخبيلية
يضمن النظام الجديد للدولة االرخبيلية اتساعا مدهشا في مجاالتها البحرية فهي باإلضافة لما
تملكه من حقوق على البحر اإلقليمي والمنطقة المجاورة والجرف القاري والمنطقة االقتصادية الخاصة
كغيرها من الدول البحرية ،تمارس أيضا وفق المادة 49من اتفاقية األمم المتحدة السيادة على المياه
الواقعة داخل خطوط األساس األرخبيلية والمسماة بالمياه االرخبيلية .فما المقصود بالمياه األرخبيلية ،وما
هي طبيعتها القانونية؟ وما هو نظام المرور فيها؟
ُيقصد باألرخبيل مجموعة الجزر وأجزائها ،والمياه الواصلة فيها ،والتضاريس الطبيعية األخرى
التي تجمعها رابطة وثيقة تجعل من تلك الجزر والمياه والتضاريس الطبيعية األخرى وحدة جغرافية
واقتصادية وسياسية ال تنفصم عراها ،أو التي تعتبر كذلك من الوجهة التاريخية.
ولم تضع إتفاقية جنيف لعام 1958تعريفا لألرخبيل ،لكن إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار
لعام 1982أوردت في الجزء الرابع منها تحت عنوان الدول األرخبيلية ليس فقط تعريفا لألرخبيل بل
وضعت نظاما قانونيا لها في المواد من 46إلى ، 54وعرفت الدولة األرخبيلية واألرخبيل في المادة 46
فنصت على" :ألغ ارض هذه اإلتفاقية :تعني الدولة األرخبيلية الدولة التي تتكون كليا من أرخبيل واحد أو
أكثر وقد تضم جز ار أخرى".
يعني األرخبيل :مجموعة من الجزر بما في ذلك أجزاء من جزر والمياه الواصلة بينها وبين
المعالم الطبيعية األخرى التي يكون الترابط فيما بينها وثيقا إلى حد تشكل معه هذه الجزر والمياه والمعالم
الطبيعية األخرى كيانا جغرافيا واقتصاديا وسياسيا قائما بذاته أو التي اعتبرت كذلك تاريخيا".
5
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وطبقا لهذه المادة تكون الجزر أرخبيال في حالتين :أن تكون مجموعة الجزر والمياه الواصلة بينها
والمعالم الطبيعية مرتبطة ارتباطا وثيقا وقوية وال يمكن فصلهما عن بعضهم البعض ،وأن تكون تلك الجزر
اعتبرت لظروف تاريخية معينة أرخبيال.
كما أن الدولة األرخبيلية التي ينطبق عليها النظام القانوني المبين في إتفاقية قانون البحار هي
التي تتكون كلية من مجموعة من الجزر وأجزاء مثل أندونيسيا والفلبين ،أما إذا كانت تنتمي إلى إحدى
القارات وتتصل بأرخبيل أو أكثر مثل النرويج والسويد فال تخضع لهذا النظام ( المادة 12 ،1/53من
إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار .)1982
وتختلف المياه االرخبيلية عن المياه الداخلية فسيادة الدولة على المياه الداخلية سيادة كاملة ال
تختلف عن سيادتها على اإلقليم البري في حين سيادتها على المياه االرخبيلية تقيدها جملة من الحقوق
المترتبة للدول األخرى على هذه المياه منها المرور البريء والمرور األرخبيلي وحقوق الصيد ومد األسالك
المغمورة فيها.
وتختلف المياه األرخبيلية عن البحر اإلقليمي هو وجود حق المرور العابر والتحليق للسفن
والطائرات عبر الممرات البحرية األرخبيلية الموجودة في المياه األرخبيلية هذا المرور الذي ال يوجد مثيل
له في البحر اإلقليمي وإنما فقط في المضائق الدولية.
وتختلف المياه األرخبيلية عن البحر العالي في أن األخير ال يخضع لسيادة أحد ويضمن القانون
الدولي حرية المالحة والصيد فيه ،بخالف المياه األرخبيلية التي تخضع لسيادة الدولة االرخبيلية والتي
تنظم المالحة فيها وفقا لنظامي المرور البريء والمرور األرخبيلي.
لذا يمكن القول إن المياه األرخبيلية ذات طبيعة خاصة تختلف عن بقية المجاالت البحرية وتخضع
ألحكام وقواعد خاصة بها تختلف عن األحكام والقواعد التي تنظم بقية المجاالت البحرية.
ثانيا) المرور في المياه األرخبيلية:
منحت إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار الدولة األرخبيلية سلطة تحديد الممرات البحرية والطرق
الجوية لمرور السفن والطائرات مرو ار متواصال وسريعا خالل أو فوق مياهها األرخبيلية ،والبحر اإلقليمي
المالصق لها ،وفي حالة تخلف الدولة األرخبيلية عن استخدام هذه السلطة يجور للسفن والطائرات في
هذه الحالة ممارسة حق المرور في الممرات البحرية والجوية األرخبيلية خالل الطرق المستخدمة عادة في
6
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
المالحة الدولية ،وفي كلتا الحالتين تتمتع جميع السفن والطائرات دون تمييز بحق المرور البريء في هذه
الممرات(المادة 3،4/53من نفس االتفاقية).
ويقتصر نطاق المرور األرخبيلي على حقوق المالحة والتحليق بالطرق العادية ،ويجب أن يكون
مرو ار متواصال سريعا بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة ،ويمتد نطاق هذا الحق
ليشمل بالنسبة للسفن :جميع القنوات المالحية العادية بشرط أال يكون من الضروري إنشاء طرق جديدة
تماثلها في المالءمة بين نقطتي الدخول والخروج.
وألزمت المادة 54من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982السفن والطائرات أثناء
مرورها في المياه األرخبيلية ،أو تحليقها في أجوائها بذات االلتزامات الملقاة على عاتق السفن والطائرات
أثناء ممارست ها لحق المرور العابر في المضايق المستخدمة للمالحة الدولية والمقررتين في المواد 39،40
على أن أهم جوانب نظام المرور عبر الممرات البحرية هو عدم جواز إيقاف السفن أو الطائرات األجنبية
أثناء ممارستها للمرور العابر على الرغم من أنها تمارس ذلك الحق في مناطق تخضع لسيادة الدولة
األرخبيلية.
فإذا حدثت مخالفة للقوانين واألنظمة التي اعتمدتها الدولة األرخبيلية بشأن مرور عبر المياه
األرخبيلية مرو ار عاب ار فال يجوز للدولة األرخبيلية إيقاف السفن والطائرات أو مباشرة االختصاص القضائي
في مواجهتها ،ألن االختصاص يظل في تلك ا ألحوال لدولة علم السفينة والطائرة ،وكل ما يترتب من أثر
في مثل تلك األحوال هو تقرير مسؤولية دولة العلم طبقا لقواعد المسؤولية الدولية ،وهذا هو الحكم الذي
يستفاد من إحالة المادة 53بصدد قوانين الدولة األرخبيلية إلى نص المادتين 44،42من اإلتفاقية واللتان
تتعلقان بالمرور عبر المضايق المستخدمة للمالحة الدولية.
7
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس الثالث
البحر اإلقليمي
ان فكرة البحر اإلقليمي في مفهومها الحديث لم تظهر اال بعد سقوط اإلمبراطورية الرومانية
وأخذت تتطور بشكل خاص في فترة القرون الوسطى متأثرة بعاملين ،األول سياسي يقوم على ضرورة
حماية شواطئ البحر المتوسط من هجمات القراصنة ،والثاني اقتصادي يقوم على رغبة الدول دول أوروبا
الشمالية في حماية مصالح مواطنيها من خالل منع اآلخرين من الصيد قرب شواطئها ،لكن لم يتبلور
البحر اإلقليمي بمفهومه الحديث اال في القرن السادس عشر.
ويقتضي التعرف على البحر اإلقليمي التعرف على :ماهيته (تعريفه ،تحديد مداه) ،طبيعته
القانونية ،نظام المرور البريء فيه ،ومركز السفن األجنبية فيه.
اختلف الفقه الدولي في تعريف البحر اإلقليمي ،فعرفه البعض بأنه »:شريط المياه المحصورة
بين المياه الداخلية من جهة والبحر العالي من جهة أخرى«.
كما عرفه آخر بأنه » المياه المحصورة في منطقة معينة أو حزام معين يسمى بالحزام الحدودي
أو البحري ،والذي يحيط بالدولة ،وهكذا يضم جزًء من المياه التي تشمل بعض الخلجان والمضايق «.
أما إتفاقية جنيف للبحر االقليمي والمنطقة المتاخمة 1958فنصت في مادتها األولى على أن":
تمتد سيادة الدولة خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية ،إلى منطقة من البحر متاخمة لشواطئها تعرف
باسم البحر اإلقليمي" .و أخذت المادة الثانية من إتفاقية 1982بتعريف مشابه ،إذ قالت" :تمتد سيادة
الدولة الساحلية خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية ،أو مياهها األرخبيلية إذا كانت دولة أرخبيلية ،إلى
حزام بحري مالصق يعرف بالبحر اإلقليمي" والفرق بين هذا التعريف وتعريف 1958هو أن األول
استثنى المياه االرخبيلية من وصف البحر اإلقليمي بعد أن أخذت بها االتفاقية بنصوص صريحة.
8
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
تتطلب معرفة الطبيعة القانونية للبحر اإلقليمي دراسة سيادة الدولة الساحلية على هذا البحر،
وكذلك تأثير عرض البحر اإلقليمي على المالحة الدولية ،حيث أن وضع المالحة الدولية يختلف من
منطقة بحرية ألخرى ،وأي تغيير يط أر على الوضع القانوني للمساحات البحرية البد وأن يؤثر على حقوق
السفن األجنبية بالمرور في هذه المناطق.
حددت المادة الثالثة من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار 1982مساحة البحر اإلقليمي للدولة
الساحلية بمقدار ال يتجاوز 12ميل بحري ،حيث نصت على أنه »:لكل دولة الحق في أن تحدد عرض
بحرها اإلقليمي بمسافة ال تتجاوز 12ميال بحريا اعتبا ار من خطوط األساس المقررة وفقا ألحكام هذه
اإلتفاقية« ( أثير خالف قانوني واسع حول عرض البحر اإلقليمي حيث لم تتمكن اتفاقية جنيف لعام
1958من حسمه إلى أن جاءت اتفاقية 1982بحل قبلته معظم الدول و ذلك في المادتين 3و 4اللتين
تقضيان بأنه لكل دولة الحق في تحديد عرض بحرها اإلقليمي بمسافة ال تتجاوز 12ميال بحريا مقاسة
من خطوط األساس التي يقاس منها البحر اإلقليمي).
ومن خطوط األساس التي يبدأ منها قياس عرض البحر اإلقليمي خطوط األساس العادية ،وخطوط
األساس المستقيمة.
فبالنسبة لخطوط األساس العادية نصت عليها المادة 5من االتفاقية والتي قضت على أنه":
باستثناء الحاالت التي تنص فيها هذه االتفاقية على غير ذلك ،خط األساس العادي لقياس عرض البحر
اإلقليمي هو حد أدنى الجزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف
بها بها رسميا من قبل الدولة الساحلية".
ووفقا لهذه المادة فإن الطريقة األساسية لقياس عرض البحر اإلقليمي هي الطريقة التي تأخذ بعين
اال عتبار تعرجات الساحل الطبيعية ،ونقاط انحسار مياه البحر مياه البحر إلى أدنى حد تصله هذه المياه
في حالة الجزر.
9
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وحددت المادة 6من االتفاقية كيفية قياس عرض البحر اإلقليمي في حال وجود جزر فوق حلقات
مرجانية ،أو محاطة بشعاب مرجانية هو الحد األدنى للجزر لهذه الشعب.
كما تناولت المادة 13رسم خطوط األساس في حالة وجود المرتفعات الطبيعية المحاطة بالمياه،
والتي تعلو عليها في حالة الجزر ،ولكنها تكون مغمورة بالمياه عند المد ،حيث فرقت االتفاقية بين حالتين:
الحالة األولى عندا يكون المرتفع واقعا بشكل كلي أو جزئي على مسافة ال تتجاوز عرض البحر اإلقليمي
من البر أو من جزيرة وفي هذه الحالة يستخدم حد أدنى الجزر في ذلك المرتفع لرسم خط األساس العادي
الذي يقاس بدء منه البحر اإلقليمي.
أما الحالة الثانية عندما يكون المرتفع واقعا بشكل كلي على مسافة تتجاوز عرض البحر اإلقليمي
من البر أو من جزيرة ،وهنا ال يكون لذلك المرتفع أي أثر في رسم خط األساس وبالتالي يون عديم األثر
في تحديد المناطق البحرية للدولة الساحلية.
أما خطوط األساس المستقيمة تستخدم عند صعوبة أو عدم إمكانية استخدام طريقة خطوط
األساس العادية ،فإذا كانت هناك انبعاجات عميقة في الشاطئ أو إذا كانت هناك سلسلة جزر قريبة من
الساحل فإن طريقة قياس عرض البحر اإلقليمي التي تعتمد في هذه الحالة هي خطوط األساس المستقيمة
التي تصل بين نقاط مناسبة ومتقاربة (المادة 7من االتفاقية)
وتضمنت المواد 12 ،11 ،10 ،9من اتفاقية 1982أحكاما تتعلق برسم خطوط األساس
المستقيمة لبعض الحاالت الخاصة كمصاب األنهار والخلجان والموانئ و المراسي والمرتفعات التي تنحسر
عنها المياه عند الجزر.
ويخضع البحر اإلقليمي بما في ذلك مجاله الجوي وقاعه وباطن أرضه للسيادة الكاملة للدولة
الساحلية وال يوجد من تلك السيادة سوى استثناء وحيد وهو حق المرور البرئ للسفن األجنبية في البحر
اإلقليمي ،وهو ما أكدته المادة الثانية من إتفاقية األمم المتحدة لعام ،1982حيث يتضح أن واضعي
اإلتفاقية ينظرون إلى البحر اإلقليمي على أنه رقعة من البحار اقتضت اعتبارات معينة منح سلطات
الدولة الساحلية المطلة عليها مباشرة تنظيم المالحة فيها ،وهذه االعتبارات ترجع إلى أهمية المحافظة على
10
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
المصالح األمنية واالقتصادية للدولة الساحلية ،وهذه المحافظة التي ينبغي إجراؤها في ضوء اعتبارات
الصالح العام للجماعة الدولية منعا للتعسف في استعمالها للحق.
إذن فالسيادة المقررة للدولة الساحلية ليست مطلقة بل مقيدة بما ُيعرف بحق المرور البرئ ،الذي
يعني أن للسفن التابعة للدول األخرى غير الدولة الساحلية الحق في أن تعبر البحر اإلقليمي ،مادام
عبورها منه يتسم بالبساطة وال ينطوي على إهانة للدولة الساحلية أو على إضرار بمصالحها.
يقصد بالمرور البريء حق السفن األجنبية بالمالحة في البحر اإلقليمي لعبوره ،وليس للتوقف
فيه ،ويشترط فيه أن يكون متواصال وسريعا ،وال يؤدي إلى المساس بأمن الدولة الساحلية ونظامها العام
وسالمة أراضيها(.المادة 18من اتفاقية )1982
والمرور البرئ ليس رخصة تمنح للسفن األجنبية من جانب سلطات الدول الساحلية ،بل هو حق
ثابت لها ،تتوافر له كل عناصر الحق التكوينية ،وجميع خصائصه .وهو حق رتبه العرف المتواتر بين
الدول منذ زمن بعيد كما تم تقنينه بموجب االتفاقيات الدولية كاتفاقية البحار لعام.1982
كما أقرت إتفاقية قانون البحار أن مرور سفن الصيد األجنبية عبر البحر اإلقليمي ال يعد بر ًيئا
إذا لم تراع القوانين واألنظمة التي تكون الدولة الساحلية قد وضعتها ونشرتها ألجل تنظيم الصيد في البحر
اإلقليمي.
وقد حددت الفقرة الثانية من المادة 19األنشطة التي من شأنها تهديد أمن وسالمة الدولة الساحلية
ونظامها العام ،والمتمثلة في:
-أي تهديد بالقوة أو أي استعمال لها ضد سيادة الدولة الساحلية أو سالمتها اإلقليمية أو استقاللها
السياسي ،أو بأي صورة أخرى انتهاكا لمبادئ القانون الدولي المجسدة في ميثاق األمم المتحدة
11
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
-أي عمل يهدف الى جمع معلومات تضر بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها
-أي عمل دعائي يهدف إلى المساس بدفاع الدولة الساحلية أو أمنها
-تحميل أو انزال أي سلعة أو عملة أو شخص خالفا لقوانين وأنظمة الدولة الساحلية الجمركية أو
الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة
-أي فعل يهدف الى التدخل في عمل أي من شبكات المواصالت أو من المرافق أو المنشآت األخرى
للدولة الساحلية
إن المتمعن لهذه األحكام يدرك أن هذه األنشطة ال تعرقل أو تعيق المالحة الدولية في البحر
اإلقليمي ،بل تمنع في الحقيقة األعمال التي يمكن أن تضر بالدولة الساحلية وهذا ال يتعارض مع حرية
المالحة.
كما أن األنشطة المذكور آنفا فإنها وفقا للبند (ل) ليست حصرية ،بل ترك المجال مفتوحا لتقدير
الدولة الساحلية التي يمكن اعتمادا على أحكامه اعتبار نشاط ما يضر بمصالحها نشاطا محظورا ،وتفسير
هذه األحكام يمكن أن يؤدي إلى نزاع بين الدولة الساحلية المعنية والدول التي ترفع السفن األجنبية علمها.
12
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
بعد توضيح مفهوم المرور البريء ،سنتطرق للمركز القانوني للسفن األجنبية في البحر اإلقليمي
في الفقرة التالية.
وفيما يتعلق بالمركز القانوني للسفن األجنبية في البحر اإلقليمي فإنه يجب التمييز بين السفن
التجارية الخاصة وبين السفن الحكومية العامة ،فبالنسبة للسفن التجارية أو الخاصة ،فإنه يجب التفرقة
أيضا بين الوالية الجنائية وبين الوالية المدنية للدولة الساحلية.
فالوالية الجنائية للدول الساحلية ال يمكن ممارستها من أجل توقيف أي شخص أو إجراء أي
تحقيق بصدد أية جريمة ارتكبت على ظهر السفن األجنبية المارة مرو ار بريئا في بحرها اإلقليمي ،إال إذا
توافرت إحدى الحاالت التي نصت عليها المادة 27من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م
كحالة:
-امتداد نتائج الجريمة إلى الدولة الساحلية :وفي هذه الحالة تنعقد الوالية الجنائية للدولة الساحلية
عل ى السفن األجنبية التي تبحر في مياهها اإلقليمية ،وذلك باعتبار أن الجريمة التي وقعت على
ظهر السفينة لم تنحصر آثارها في السفينة ،بل امتدت إلى الدولة الساحلية فانتهكت قوانينها،
حيث تجاوزت نتائج الجريمة حيز السفينة ونطاقها المكاني لتمتد إلى مياه الدولة الساحلية التي
هي جزء من إقليمها ،وتمارس عليه كامل سيادتها ،وتخضع الجرائم التي تقع فيها لمبدأ
اإلختصاص اإلقليمي.
لذلك يجوز للدولة الساحلية توقيف السفينة وزيارتها وتفتيشها والقبض على األشخاص ذوي العالقة
بالجريمة ولو كان ربانها ،ولها كذلك إجراء التحقيق وجمع األدلة ،واستجواب الشهود وضبط األشياء وغير
ذلك من كافة سلطات الدولة -كاالستدالل والتحقيق -التي تساعد على الكشف عن الجريمة ومحاكمة
مرتكبيها ،حيث تختص محاكمها وسجونها بالمعاقبة وتنفيذ العقوبة.
-كما تختص الدولة الساحلية بالتحقيق في حوادث التصادم البحري التي تقع على إقليمها المائي
إذا ترتب عليها أضرار مادية أو خسائر في األرواح ،وذلك إلخاللها بأمن المالحة وسالمتها.
13
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
-إذا كانت الجريمة من نوع يخل بسلم البلد أو بحسن النظام في البحر اإلقليمي :حيث تنطوي هذه
الحالة على نوعين من الجرائم هما :الجرائم التي تخل بسلم الدولة الساحلية وأمنها كأن يتم
التجسس عليها أو نصب أجهزة تصوير أو تنصت على السفينة أو تقوم بتصوير الدفاعات
والمنشآت الحيوية القريبة من الشاطئ أو تحصيناتها لتأمين إقليمها ،أو تم تبادل إطالق نار بين
أفراد ركاب السفينة أو طاقمها ترتب عليه إحداث رعب وفزع في المنطقة اإلقليمية للدولة الساحلية
أو قرب أحد شواطئها( الم .)27
-الجرائم التي تمس سالمة المالحة البحرية وحسن تنظيم المرور في البحر اإلقليمي ،كإنزال بضائع
مهربة أو ركاب أو تحميلهم ،ومخالفة قوانين الصحة والجمارك والضرائب والتلوث البيئي.
إذا طلب ربان السفينة أو ممثل دب لوماسي أو موظف قنصلي لدولة العلم مساعدة السلطات -
األجنبية :حيث أن آثار الجريمة لم تمتد للدولة الساحلية وال يوجد مبرر لتدخلها ،ولكن تتدخل
بناء على رغبة المسؤولين عن السفينة سواء من ربانها للسيطرة على أحداث تخرج عن سيطرته
ومقدرته ،كأن يعجز عن فض مشاجرة نشبت بين أفراد الطاقم أو بين عدد من المسافرين ينتمون
إلى جنسيات مختلفة وبين مسلحين ،وبادروا إلى استخدام األسلحة النارية أو األسلحة البيضاء،
هنا قد يطلب الربان تدخل قوات األمن للسيطرة على الموقف وإلقاء القبض على الجناة.
بناء على طلب ممثل دبلوماسي أو موظف قنصلي للدولة الساحلية ،وصل
-وقد تتدخل السلطات ً
الخبر إليهم عن تعرض السفينة لمشكلة عن طريق ربان السفينة أو أي مصدر ،وذلك باعتبار
أن هؤالء يمثلون دولة العلم ويملكون التحدث باسمها والتعبير عن إرادتها والتصريح لتلك السلطات
بصعود السفينة والسيطرة على الموقف والقبض على الجناة.
إذا كانت هذه التدابير الزمة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على -
العقل :حيث إن جريمة االتجار غير المشروع في المخدرات من المواد المؤثرة في العقل تدخل
في عداد تصنيف الجرائم الدولية ،حيث ترتكب عبر العديد من الدول وال سيما عبر البحار حيث
تحمل السفن بضائع هائلة.
حمل
وقد كشف الواقع العملي أن الشحنات الكبيرة من المواد المخدرة يتم نقلها عبر السفن حيث تُ َ
هذه الشحنات من دول اإلنتاج وتجوب بها البحار لتوزيعها على من يطلبها مستغلة ما خوله القانون
الدولي للبحار من حرية المالحة وحق المرور البرئ عبر مياهها اإلقليمية.
14
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وألجل ذلك عمدت إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982على تخويل الدول الساحلية
الحماية الجنائية ،واتخاذ ما يلزم من تدابير تراها مناسبة لمكافحة هذه الجرائم الواقعة في البحر ،والقبض
على السفن المشبوهة ،وبالتالي تبسط هذه اإلتفاقية بموجب المادة 17الفقرة األولى البند د االختصاص
الجنائي للدولة الساحلية على السفن األجنبية.
ولذا يحق لها مراقبتها وزيارتها وتفتيشها واحتجازها ومحاكمة ركابها ومصادرة المخدرات الموجودة
إيمانا من واضعي هذه اإلتفاقية بعالمية حق العقاب عن هذه الجريمة ،وذلك وفق مبدأ
ً عليها ،وذلك
االختصاص العالمي بالمحاكمة عنها ،والذي يعني حق كل دولة في المعاقبة على هذه الجرائم بغض
النظر عن جنسية الجاني ومكان ارتكابها.
إذا ارتكبت الجريمة في المياه الداخلية للدول الساحلية ،حتى لو تركت هذه السفينة المياه الداخلية، -
بشرط أن تكون مازالت في البحر اإلقليمي للدولة الساحلية وال يجوز للدول الساحلية أن تمارس
واليتها الجنائية بالنسبة للجرائم المرتكبة على ظهر سفينة أجنبية قبل دخولها للبحر اإلقليمي إذا
كانت السفينة قادمة من ميناء أجنبي ومارة فقط أو خالل تواجدها على البحر اإلقليمي دون دخول
المياه الداخلية.
ويستثنى من ذلك بعض الحاالت التي نصت عليها الفقرة الخامسة من المادة 27والمتعلقة بالمخالفات
المرتكبة في المنطقة االقتصادية الخالصة ،أو بتلك المتعلقة بحماية البيئة البحرية و المحافظة عليها.
أي أن القاعدة العامة هي أن الوالية الجنائية تكون لدولة العلم ما لم تتوافر إحدى الحاالت
االستثنائية المشار إليها في المادة 27من اتفاقية .1982
وفيما يتعلق بالوالية المدنية على السفن التجارية والخاصة ،فإنه ال يجوز للدولة الساحلية أن
توقف سفينة أجنبية مارة خالل بحرها اإلقليمي ،أو تغير اتجاهها لغرض ممارسة اختصاصها المدني تجاه
شخص موجود على ظهرها ،كما ال يجوز لها أن توقع إجراءات التنفيذ أو الحجز ضد السفينة لغرض أي
دعوى مدنية إال فيما يتعلق بااللتزامات والمسؤوليات التي تم التعاقد عليها ،أو تم تحملها من قبل السفينة
أو من أجل مرورها في مياه الدولة الساحلية ،أو إذا نص القانون الوطني على إجراءات يجب اتخاذها
ضد السفن األجنبية التي ترسو أو تمر في البحر اإلقليمي بعد مغادرتها للمياه الداخلية.
15
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
أما السفن العامة أو الحكومية فإنها تتمتع بحصانة خاصة تجعلها في منأى عن الوالية الجنائية
والمدنية للدولة الساحلية وبالتالي فإن الدولة الساحلية ال يمكنها أن تباشر أي إجراء إزاء المخالفات المرتكبة
من هذه السفن سوى مطالبتها بالمغادرة الفورية لمياهها اإلقليمية ،مع تحرير محضر رسمي إلثبات المخالفة
المرتكبة ،وتتحمل دولة العلم المسؤولية عن أية خسارة أو أي ضرر يلحق بالدولة الساحلية بسبب مخالفات
سفنها العامة والحكومية (المادة 32 ،30من اتفاقية )1982
أما فيما يتعلق بالسفن الحربية وهي السفن التابعة للقوات المسلحة لدولة ما ( عرفت المادة 29
من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار 1982السفن الحربية على أنها ":ألغراض هذه اإلتفاقية تعني
"السفينة الحربية" سفينة تابعة للقوات المسلحة لدولة ما وتحمل العالمات الخارجية المميزة للسفن الحربية
التي لها جنسية هذه الدولة ،وتكون تحت إمرة ضابط معين رسميا من قبل حكومة تلك الدولة ويظهر
اسمه في قائمة الخدمة المناسبة أو فيما يعادلها ،ويشغلها طاقم من األشخاص خاضع لقواعد االنضباط
في القوات المسلحة النظامية" ، ).والمختصة بمتابعة السفن المشتبه بها في أعالي البحار ،فإذا دخلت
المياه اإلقليمية لدولة ما ،وأخلت بأنظمة تلك الدولة ،أو لم تمتثل لقوانين وأنظمة الدولة الساحلية ،يحق
لتلك الدولة أن تطلب إلى السفن الحربية مغادرة البحر اإلقليمي
ذلك أن الدولة الساحلية ال تمنع مرور السفن الحربية األجنبية في مياهها اإلقليمية ،وال تشترط
عليها الحصول على إذن مسبق أو تقديم إشعار ،ولكن للدولة الساحلية الحق في تنظيم شروط ذلك
المرور ،وهو ما أجازته لجنة القانون الدولي للدولة الساحلية ،أو في أن تشترط اإلذن المسبق أو اإلشعار،
قبل دخول السفن الحربية إلى مياهها اإلقليمية
أما فيما يتعلق بالسفن النووية وهي تلك السفن األجنبية التي تعمل بالقوة النووية ،أو التي تحمل
مواد نووية أو غيرها من المواد ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية أو الملوثة للبحار ،حيث جاءت المادة
23من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982لتقرير مبدأ مرور السفن األجنبية التي تعمل
بالطاقة النووية في المياه اإلقليمية للدولة الساحلية (.نصت المادة 23من اتفاقية االمم المتحدة عن
السفينة التي تعمل بالقوة النووية على أنه":على السفن األجنبية التي تعمل بالقوة النووية والسفن التي تحمل
مواد نووية أو غيرها من المواد ذات الطبيعة الخطرة أو المؤذية ،أثناء ممارستها لحق المرور البرئ عبر
16
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
البحر اإلقليمي ،أن تحمل من الوثائق وأن تراعي من التدابير الوقائية الخاصة ما قررته االتفاقيات الدولية
فيما يتعلق بتلك السفن").
وقد حظيت هذه المسألة بكثير من االهتمام خالل مؤتمر األم المتحدة الثالث لقانون البحار ،حيث
عبرت كثير من الدول عن التخوف من األخطار التي يمكن أن تنجم عن مباشرة السفن التي تعمل بالطاقة
النووية ،أو تحمل مواد نووية خطرة ،أو الخشية من وقوع حوادث لتلك السفن ،وإمكانية حدوث ثلويث أو
مساس بالبيئة ،بينما حرصت الدول الصناعية الكبرى على التأكيد على حق السفن النووية أو التي تحمل
مواد نووية في مباشرة حق المرور البرئ في ضوء تلك النصوص التي تم تضمينها في نص المادة 23
المشار إليها.
واذا تأملنا في المادة 23اآلنفة الذكر ،وما انطوى عليها من من التزام ألقى على عاتق السفن
النووية أو التي تحمل مواد نووية أو ذات طبيعة خطرةُ ،ندرك أن تنفيذ مثل ذلك االلتزام يتعين له بالضرورة
تدخال من جانب سلطات الدولة الساحلية ،للتحقق من توافر تلك االحتياطات والتدابير ،واستيفاء الوثائق
المقررة وفقا ألحكام االتفاقيات الدولية النافذة ،وهو األمر الذي ال يمكن تنفيذه بغير أن يتصل علم الدولة
الساحلية بواقعة المرور ،وهو األمر الذي ال يتصور تحققه بغير تطلب اإلخطار المسبق بالمرور.
كما تتمتع بعض أنواع السفن الحربية بقابلية الحركة والعمل فوق الماء وتحته ،مما قد يعرض أمن
وسالمة الدولة الساحلية إلى الخطر ،ال سيما أثناء عمل هذه السفن تحت الماء بسبب صعوبة تحديد
نوعها ومكانها كما هو الحال في الغواصات ،لذلك فقد وضعت المادة 20من اتفاقية األمم المتحدة لقانون
البحار 1982شرطين أثناء مرور ا لغواصة في المياه اإلقليمية للدولة الساحلية ،حيث اشترطت أن تبحر
وهي طافية على سطح البحر وتكون رافعة علمها.
ويمكن القول إن مرور السفن الحربية في المياه اإلقليمية وكذلك مرور الغواصات سواء كانت
مغمورة أم طافية يهدد أمن الدولة الساحلية تهديدا كبيرا ،حيث أن لكل دولة حق ثابت في صيانة بقائها
ومن الطبيعي أن يؤخذ دائما في االعتبار.
ويجب على األمم المتحدة أن تعيد التشريع في هذا الموضوع ،وهو أن تضيف مادة في القانون
الدولي للبحار تجرم فيها دخول السفن الحربية وكذا الغواصات إلى المياه اإلقليمية ألي دولة ساحلية،
17
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
كونها تهدد أمن هذه الدول ،وهو ما تستغله الدول الكبرى التي تمتلك أساطيل بحرية كبيرة بداعي حق
المرور البرئ وهو ليس بريئا وإنما فيه هيمنة على المناطق االستراتيجية في البحار ،وهو ما تفعله الواليات
المتحدة األمريكية في كثير من مناطق العالم سواء في الخليج العربي أو في خليج عدن أو غير ذلك من
المناطق.
ويستثنى مما تقدم أن يكون للدولة الساحل ية موقف قوة وهو أن تسمح بمرور السفن الحربية في
المياه اإلقليمية ألسباب ضرورية ،منها تموين تلك السفن بالوقود من موانئ تلك الدول ،أو لظروف قوة
قاهرة أجبرت تلك السفينة الحربية على التوجه إلى المياه اإلقليمية لتلك الدولة ،أو أنه ال يوجد ممر بحري
غير ذلك الممر الذي يدخل في المياه اإلقليمية لتلك الدولة الساحلية ولكن بشرط اإلذن المسبق ،وإذا
كانت غواصة أن تكون طافية ورافعة العلم ،لهذه األسباب فقط يجوز السماح ،أو إذا كان هناك إتفاق بين
دولة الساحل ودولة علم السفينة الحربية.
18
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس الرابع
المنطقة المتاخمة
يسترعي الحديث عن المنطقة المتاخمة التطرق الى تعريف المنطقة المتاخمة وتحديدها ،ثم بيان
سلطات الدولة الساحلية عليها ،فالمركز القانوني للسفن األجنبية المتواجدة في المنطقة المتاخمة
تعرف المنطقة المتاخمة بالمنطقة المالحقة أو المجاورة في ذلك الجزء الذي يبدأ من نهاية البحر
اإلقليمي تجاه البحر العالي ،تمارس الدولة الساحلية السيطرة الالزمة لمنع خرق بعض قوانينها و أنظمتها.
يرجع إنشاء هذه المنطقة إلى قوانين الذئاب التي أصدرتها إنجلت ار في القرن 18والتي أكدت من
خاللها على حقها في ممارسة مجموعة من االختصاصات على طول شواطئها في مسافات تتجاوز نطاق
بحرها اإلقليمي الذي كان عرضه أنداك ثالثة أميال بحرية ،وذلك بهدف فرض رقابتها خارج نطاقه،
ومعاقبة كل من يخرق قوانينها المتعلقة بالهجرة والجمارك ،ردا على السفن التي لم تكن ترسو في الموانئ
البريطانية بشكل طبيعي ،بل تتربص بشواطئها من المسافة الخارجية للبحر اإلقليمي ،وتتصرف بطريقة
مشبوهة لتستغل الفرصة وتغافل السلطات البريطانية فتقوم بإفراغ حمولتها ،أو تقوم بشحن بضائع مهربة،
فكان من شأن إحداث المنطقة المذكورة أن يسمح لسفن الدولة الساحلية فرض الرقابة الجمركية على السفن
األجنبية خارج نطاق المياه اإلقليمية البريطانية ،وقد انتقلت الفكرة إلى غيرها من الدول ،ولقيت إهتماما
ملموسا في الواليات المتحدة االمريكية التي تبنت سلسلة من القوانين استهدفت إقامة نظام قانوني مماثل
للنظام البريطاني.
19
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وأدت هذه اإلجراءات الى انتشار فكرة هذه المنطقة وإدراك أهميتهاـ فلقيت تأييدا كبي ار من قبل
الفقهاء وعدد كبير من الدول ،ثم االعتراف بمفهوم المنطقة المتاخمة في مؤتمر عصبة األمم في الهاي
عام ،1930ثم أكد عليها مؤتمر األمم المتحدة في جنيف .1958
نصت اتفاقية جنيف لعام 1958المتعلقة بالبحر اإلقليمي والمنطقة المتاخمة في الفقرة الثانية
من المادة 24على أنه ال يجوز للدولة الساحلية أن تمد عرض المنطقة المتاخمة إلى أكثر من 12ميال
بحريا مقيسة من خط األساس ،وهذا من شأنه أن يلغي من الناحية العملية وجود هذه المنطقة في الحالة
التي تمد فيها الدولة الساحلية عرض بحرها اإلقليمي الى 12ميال بحريا مما يؤدي الى انعدام المنطقة
المتاخمة.
وقد تداركت اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982هذا األمر ،فجاء نص الفقرة الثانية
من المادة 33على شكل يعطي هذه المنطقة وجودا حقيقيا ،حيث سمحت للدولة الساحلية بمد المنطقة
المتاخمة إلى 24ميال بحريا ،وقد نصت هذه الفقرة على أنه ":ال يجوز أن تمتد المنطقة المتاخمة إلى
أبعد من 24ميال بحريا من خطوط األساس التي يقاس منها عرض البحر اإلقليمي".
إن سلطات الدولة الشاطئية على المنطقة المتاخمة أقل من تلك المقررة على بحرها اإلقليمي من
ناحية النظر إلى الهدف من تلك السلطات وهو "الوقاية" من األنشطة التي تشكل إخالال بأنظمتها الصحية
والجمركية وشؤون الصيد ،ومن ناحية أخرى ،بالنظر إلى تلك المنطقة ال تعد أصال امتدادا لإلقليم الوطني،
فهي خارج منطقة البحر اإلقليمي وتعتبر بحسب األصل جزءا من البحر العالي.
وتلتزم كل دولة ،بالتعاون مع الدول األخرى بالحفاظ على البيئة البحرية للمنطقة المتاخمة ،واتخاذ
التدابير الالزمة لمراقبة التلوث فيها ومنعه والسيطرة عليه.
ولقد تناقصت أهمية المنطقة المجاورة بعد ظهور المنطقة االقتصادية الخالصة بسبب احتواء
المنطقة الخالصة على مفهوم المنطقة المجاورة.
20
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
أما فيما يتعلق بالمركز القانوني للسفن األجنبية المتواجدة في المنطقة المجاورة فتتمتع بحق المرور
الحر والتوقف ،والدخول والخروج منها بدون موافقة الدولة الساحلية.
وليس للدولة الساحلية والية جنائية ،أو مدنية بالشكل الذي تمارسه في البحر اإلقليمي ،ولكنها
تستطيع معاقبة السفن التي خرقت قوانينها وأنظمتها في البحر اإلقليمي ،إذ تستطيع متابعتها في المنطقة
المتاخمة ومعاقبتها.
وإذا كانت الدولة الساحلية ال تملك الوالية على السفن األجنبية في المنطقة المتاخمة كما تملكها
في البحر اإلقليمي ،فإنها تستطيع منع السفن األجنبية من استغالل مياه البحر وقاعه ألغراض اقتصادية،
كالصيد والبحث العلمي والتعدين ،بدون موافقة الدولة الساحلية بشكل صريح.
ونالحظ أن هناك حقوق ثابتة للدولة الساحلية على الثروات الموجودة في مياه المنطقة المتاخمة
والمنطقة اإلقتصادية الخالصة وعلى قاعها وباطنها ،ولكنها في الوقت نفسه ال تملك الوالية القانونية
بتنظيم هذه المنطقة وممارسة الحقوق القانونية التي تمارسها في البحر اإلقليمي.
21
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس الخامس
خصصت اتفاقية األمم المتحدة لعام 1982جزء خاصا بهذه المنطقة التي لم تكن موجودة في اتفاقيات
قانون البحار السابقة ،وتتمته هذه المنطقة بأهمية كبيرة نظ ار لحقوق الدولة الساحلية عليها.
طرح مفهوم المنطقة االقتصادية ألول مرة من قبل مندوب كينيا في اللجنة القانونية االستشارية
األفرو-آسيوية في اجتماعها السنوي الذي عقد في كولومبو عام 1971عندما أعلن أنه يتوجب النظر
إلى هذه المنطقة بوصفها نطاقا يحق للدولة الساحلية أن تصدر بشأنه تصاريح للصيد مقابل حصولها
على مساعدات فنية ،وعاد في الدورة التالية للجنة في الجوس عام 1972وأعلن االختصاص المطلق
للدولة الساحلية على الموارد البيولوجية والمعدنية في المنطقة االقتصادية ،ووجدت أفكاره تأييدا من قبل
لجنة االستخدامات السلمية لقاع البحار والمحيطات ،ومن قبل بعض الدول االفريقية ،وجاء إعالن منظمة
الوحدة االفريقية الذي تم إق ارره في أديس بابا عام 1973ليؤكد تأييد الدول االفريقية إلقرار المنطقة
االقتصادية الخالصة التي ال تتجاوز 200ميل بحري ،يكون فيها للدول الساحلية سيادة دائمة على
مواردها البيولوجية والمعدنية ،كما وجدت فكرة المنطقة االقتصادية ترحيبا من قبل الدول اآلسيوية ودول
أمريكا الالتينية.
وقد تبنت اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار 1982فكرة المنطقة االقتصادية ،فنصت المادة 55
منها على أن المنطقة االقتصادية هي :المنطقة الواقعة وراء البحر اإلقليمي والمالصقة له ،وتنطبق عليها
األحكام الواردة في الجزء الخامس الخاص بهذه المنطقة وفقا للنظام المقرر في هذا الجزء ،وأضافت المادة
أن حقوق الدولة الساحلية وواليتها ،وحقوق الدول األخرى وحرياتها يخضع لألحكام ذات الصلة من
اإلتفاقية.
22
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وأضافت المادة 57فيما يتعلق بعرض المنطقة االقتصادية ،أنها تمتد كحد أقصى إلى 200ميل
بحري من خطوط األساس التي يقاس منها عرض البحر اإلقليمي للدولة الساحلية .وليس بالضرورة أن
تكون لكل دولة ساحلية منطقة اقتصادية حدها مئتي ميل ،فقد تؤدي الظروف الجغرافية إلى نقصان هذا
الحد عن مائتي ميل ،مثال ذلك الخليج العربي حيث تشغل إيران الجانب الشرقي فيه وتشغل الجانب
الغربي كل من الكويت والسعودية واإلمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان.
وتضمنت المادة 74في فقرتها األولى أحكاما تتعلق بتعيين حدود المنطقة االقتصادية بين الدول
ذات السواحل المتقابلة أو المتجاورة ،على أن يتم تعيين الحدود باالتفاق على أساس القانون الدولي ،وفقا
لما ورد في المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية من أجل التوصل إلى حل منصف.
وفي حال تعذر التوصل إلى اتفاق خالل فترة معقولة فإن الفقرة الثانية من المادة 74قضت
بلجوء الدول الى اإلجراءات المنصوص عليها في الجزء الخامس عشر من االتفاقية المتعلق بتسوية
النزاعات المتعلقة بتفسير االتفاقية وتطبيقها بالوسائل السلمية وفقا لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة
الثانية من ميثاق األمم المتحدة ،وإيجاد حل بأحد الوسائل المبينة في الفقرة 33من الميثاق.
تمارس الدولة الساحلية على المنطقة االقتصادية الخالصة وفق المادة 56من اتفاقية األمم
المتحدة حقوقا سيادية على الثروات االقتصادية الموجودة بها ،وحقوق والية فيما يتعلق بإقامة واستعمال
الجزر االصطناعية والمنشآت والتركيبات والبحث العلمي البحري وحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها،
وحقوق وواجبات أخرى .وهو ما سيتم التطرق اليه فيمايلي
أ) الحقوق السيادية للدولة الساحلية في المنطقة االقتصادية الخالصة :تقضي الفقرة األولى أ من
المادة 56من اتفاقية 1982بأن يكون ل لدولة الساحلية في المنطقة االقتصادية حقوق سيادية لغرض:
-1استكشاف واستغالل الموارد الطبيعية الحية وحفظها وادارتها :بقصد بها كافة الثروات الحية الموجودة
في العمود المائي أو على القاع أو في باطن القاع ،الحيوانية منها والنباتية(راجع المواد 77 ،68من
اتفاقية ،)1982ويشمل حق الدولة الساحلية في هذه الثروات استكشافها(وهي جميع اإلجراءات التي تتخذها
23
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدولة الساحلية للقيام بالمسح الشامل للقطاعات المختلفة في المنطقة للتعرف على حياة وحركة التجمعات
السمكية ومعرفة ظروفها وطبيعة بيئتها وتسهيل إجراءات حفظها) واستغاللها وحفظها(المادة 61الفقر:
1،2حددت المقصود بحفظ الموارد الحية "..عدم تعرض بقاء الموارد الحية في المنطقة االقتصادية لخطر
االستغالل المفرط"...و..".صون أرصدة األنواع المجتثاة أو تجديدها بمستويات يمكن أن تدر أقصى غلة
قابلة للدوام كما تعينها العوامل البينية واالقتصادية ذات الصلة ) "...وادارتها
-2استكشاف واستغالل الموارد الطبيعية غير الحية وحفظها وادارتها :قضت بهذا الحق المادة 56الفقرة
األولى أ من اتفاقية ، 1982والذي يقصد به حق الدولة الساحلية في غي اجراء مسح شامل للمنطقة
االقتصادية ولثرواتها سواء كانت مباشرة أو بواسطة مواطنيها أو بواسطة دول أخرى أم شركات أجنبية،
ويشمل االستكشاف الحفر والجرف وأخذ العينات الجوفية والتنقيب وإذابة المعادن.
أما االستغالل فهو يشمل كافة األعمال التي تهدف استخراج الثروات المعدنية سواء من عمودها
المائي أم من القاع أو باطن الفاع.
وما تجدر اإلشارة اليه أن الجزء الخامس من االتفاقية لم يعالج موضوع حفظ وإدارة الموارد
الطبيعية غير الحية ،بل أٌحيلت بموجب المادة 3/56الى الجزء السادس الخاص بالجرف القاري ،وهذا
يثير تساؤالت ،أولها يتعلق باألحكام التي تنظم استكشاف واستغالل وإدارة وحفظ الموارد غير الحية
والموجودة في العمود المائي للمنطقة االقتصادية الخالصة اذ أنها غير مشمولة بالفقرة الثالثة من المادة،56
وهي في نفس الوقت غير مشمولة باألحكام الخاصة بالثروات الحية فماهي إذا األحكام التي تنظمها؟
والتساؤل الثاني يتعلق بالعالقة بين الجرف القاري والمنطقة االقتصادية الخالصة فإذا كانت
األحكام الخاصة بالجرف القاري هي نفسها التي تطبق على قاع المنطقة االقتصادية الخالصة وباطن
أرضها فلماذا هذا الفصل بين المؤسستين؟ وهل هناك ضرورة لبقاء مؤسسة الجرف القاري؟
24
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
) 3االستكشاف واالستغالل االقتصاديين للمنطقة االقتصادية الخالصة فيما يتعلق باألنشطة األخرى :وهو
ما تضمنته المادة / 56الفقرة االولى/أ وهو يشمل أي نشاطات في المستقبل ،باستثناء ما ذكر من نشاط
واحد هو انتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح والتي لم تفصل فيه االتفاقية بشكل دقيق.
ب) والية الدولة الساحلية في المنطقة االقتصادية الخالصة :نصت الفقرة األولى ب من المادة 56على
ان للدولة الساحلية في المنطقة االقتصادية الخالصة والية على الوجه المنصوص عليه في االحكام ذات
الصلة من هذه االتفاقية فيما يتعلق بمايلي:
-إقامة واستعمال الجزر االصطناعية والمنشآت والتركيبات :تم النص عليها في المادة 56من اتفاقية
1982ولكن لم تفرد أحكاما خاصة بكل منها .وأقرت الفقرة األولى من المادة 60بالحق للدولة
الساحلية وحدها بإقامة وتشغيل واستخدام هذه الجزر والمنشآت والتركيبات وقد تسمح للغير بذلك اذا
سمحت لذلك الغير المشاركة في استكشاف واستغالل الثروات الطبيعية لمنطقتها االقتصادية وفقا
لالتفاقية.
أما فيما يتعلق بقاع البحر وباطن أرضه والنظام القانوني لمياهه والحيز الجوي ،فقد أشارت الفقرة
الثالثة من المادة اآلنفة الذكر إلى أن الدولة الساحلية تمارس حقوق السيادة والوالية والحقوق األخرى ،وفقا
لما ورد من أحكام في الجزء السادس من االتفاقية المخصص للجرف القاري ،والمتضمن أحكاما تتعلق
بمد الكابالت وخطوط األنابيب المغمورة على الجرف القاري ،وإقامة الجزر االصطناعية والمنشآت
والتركيبات المقامة على الجرف وحرية المالحة البحرية والطيران.
25
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
تقضي المادة 58الفقرة األولى على أن كافة الدول تتمتع في المنطقة االقتصادية الخالصة
بالحريات المشار إليها في المادة 87المتعلقة بالمالحة البحرية والتحليق ووضع الكابالت وخطوط األنابيب
المغمورة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحريات من أوج ه استخدام البحر المشروعة دولياـ كتلك المرتبطة
بتشغيل السفن والطائرات والكابالت وخطوط األنابيب المغمورة والمتفقة مع أحكام االتفاقية.
كما أشارت الفقرة الثانية من المادة 58إلى انطباق المواد 115-88من االتفاقية وغيرها من
قواعد القانون الدولي المتعلقة بالبحار على المنطقة االقتصادية الخالصة ( وهي مواد تتعلق بتخصيص
أعالي البحار لألغراض السلمية ،وعدم صحة االدعاءات عليها ،وحق المالحة وجنسية السفن للدولة التي
ترفع علمها ،والوضع القانوني للسفن ،وواجبات دولة العلم ،وحصانة السفن الحربية ،والسفن التي تستخدم
فقط في مهمات حكومية غير تجارية ،وحظر نقل الرقيق ،وقمع القرصنة ،واالتجار غير المشروع
بالمخدرات أو التي تؤثر على العقل ،وأحكام أخرى تتعلق بالبث اإلذاعي غير المصرح به في أعالي
البحار ،وحق الزيارة ،وحق المطاردة الحثيثة ،ووضع الكابالت وخطوط األنابيب المغمورة )
وبناء على ما تتضمنه هذه المواد من أحكام فإننا نجد أن ما ورد فيها ينطبق على المنطقة
االقتصادية الخالصة ،أي أن جميع الدول تتمتع بالحريات التقليدية المقررة في أعالي البحار ،مع مراعاة
ما للدولة الساحلية من حقوق سيادة ووالية في هذه المنطقة ،حيث يشترط على رعايا الدول األخرى وفقا
للمادة 62فقرة 4والذين يقومون بالصيد في المنطقة االقتصادية الخالصة التقيد بقوانين وأنظمة
الدولة الساحلية التي يجوز أن تتناول مايلي:
26
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
-تنظيم مواسم الصيد وقطاعاته ،وأنواع وأدوات الصيد وأحجامها وكمياتهاـ وأنواع وأحجام وعدد سفن الصيد
المسموح باستخدامها
-تحديد المعلومات المطلوب من سفن الصيد تقديمها مثل كمية الصيد ومجهوده
-تقوم الجهات المعنية بإذن من الدولة الساحلية وتحت رقابتها ،ببرامج أبحاث محددة عن مصائد األسماك
وتنظيم إجراء هذه األبحاث
-كما يجوز أن تتناول قوانين الدولة الساحلية األحكام والشروط المتصلة بالمشاريع المشتركة أو غيرها من
الترتيبات التعاونية
-االحتياجات إلى تدريب العاملين ،ونقل تكنولوجيا المصائد ،بما في ذلك تعزيز قدرة الدولة الساحلية على
القيام باألبحاث الخاصة بالمصائد
-إجراءات التنفيذ
وبجب على الدولة الساحلية وفقا للفقرة الخامسة من المادة ،62أن تقوم باإلعالن الواجب عن القوانين
التي تتبناها ف ي مجال حفظ الموارد الحية وغير الحية وإدارة استثمار تلك الموارد.
وفيما يتعلق بالطبيعة القانونية للمنطقة االقتصادية فإنها كما وصفها األستاذ كينوديك منطقة
انتقال وسطى ،بين البحر اإلقليمي والبحر العالي ،ومن هنا تأتي طبيعتها المختلطة ذات الصفة الهجين
التي تجعل منها وحدة قانونية متميزة.
27
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
غالبا ما تقدم المنطقة االقتصادية الخالصة كمنطقة اختصاص وظيفي تمارس فيها الدولة
الساحلية ،بموجب ما لها من حقوق على الموارد ،اختصاصا تشريعيا وقضائيا لغرض حماية تلك الحقوق
ومعاقبة كل مس بها .وهي بذلك ال تخضع لسيادة الدولة الساحلية على النحو المطبق في البحر اإلقليمي،
وإنما تخضع لوالية الدولة الساحلية فيما يتعلق بحماية البيئة البحرية والبحث العلمي ووضع المنشآت
والجزر االصطناعية ،مع مراعاة احترام حريات وحقوق الدول األخرى فيها .اذ يمكن القول ان للدولة
"سيادة اقتصادية" على هذه المنطقة تسري على الثروات الحية وغير الحية وعلى مصادر الطاقة من الماء
والتيارات والرياح وليس على المجال البحري نفسه الذي يبقى مفتوحا للحريات التقليدية للمالحة
والمواصالت.
أما فيما يتعلق بالمركز القانوني للسفن فإن الجرائم والتصرفات التي تقع في المنطقة االقتصادية
الخالصة ال تتمتع الدولة الساحلية بالوالية القانونية والقضائية عليها كما هو الحال بالنسبة للجرائم
والتصرفات التي تقع في البحر اإلقليمي.
وتعد المنطقة االقتصادية الخالصة خارج حدود الدولة الساحلية القضائية ،وكأن الجرائم التي
وقعت فيها ،وقعت في منطقة أعالي البحار ،ويسري على الجرائم التي تقع في المنطقة االقتصادية
الخالصة ،ما يسري على الجرائم التي تقع في أعالي البحار.
أما االعتداء على حقوق الدولة الساحلية في المنطقة االقتصادية الخالصة فإنها ال تخضع للوالية
القانونية والقضائية للدولة الساحلية ،إنما تخضع لقواعد القانون الدولي الخاص بالمنازعات الدولية ،وقواعد
المسؤولية الدولية,
وهكذا يمكن القول أن حريات أعالي البحار مكفولة لجميع الدول ساحلية كانت أو غير ساحلية،
في نطاق المنطقة االقتصادية الخالصة ،باستثناء ما يتعلق بالثروات الطبيعية (الحية وغير الحية) الذي
يعتبر حقا إنفراديا مانعا (حق سيادة) للدولة الشاطئية ،وإن كان يمكن للدول الغير أن تشترك معها في
استغالل الثروات ،في إطار قواعد القانون الدولي العام.
28
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس السادس
الجرف القاري
كشفت العلوم الجغرافية البحرية الحديثة أن شواطئ الدولة الساحلية عندما تحدها مياه البحار قد
تمتد تحت سطح المياه امتدادات تختلف في طبيعتها الجغرافية ،فتارة ينحدر الشاطئ األرضي تحت سطح
المياه -بعد مسافة قليلة -انحدا ار حادا عميقا دفعة واحدة ،وتارة يكون هذا االنحدار خفيفا ،يتدرج في
العمق تحت سطح الماء إلى مسافات بعيدة.
وهذا االنحدار الخفيف قد يتخذ في تدرجه في العمق أشكاال وصو ار مختلفة :فقد يمتد في عمق
متقارب مسافة طويلة ثم ينحدر بعد ذلك دفعة واحدة انحدا ار حادا نحو العمق الكبير ،وقد يمتد في عمق
بسيط في تدرج متصل إلى أن يصل إلى العمق الكبير ،وهو في ذلك كله يكون قاع البحر غير المرئي
من السطح المائي ،وقد توجد عليه ،أو به ،أو فيما تحته من طبقات ،ثروات حيوانية أو معدنية مختلفة
وقد يمتد هذا القاع -في انحداره الخفيف -إلى مسافات كبيرة تتجاوز نطاق عرض البحر اإلقليمي للدولة
الساحلية .هذا االنحدار الذي يعرف بالجرف القاري أو الرضيف القاري أو االفريز القاري سنتطرق له
بالتفصيل فيمايلي.
ل قد كان للواليات المتحدة السبق في إعالن واليتها على جروفها القارية بموجب تصريح
ترومان ،1945وقد جرى استخدام اصطالح الجرف القاري ألول مرة عندما اقترح Ole Buenالمدير
العام للمصايد االسبانية على المؤتمر الوطني لصيد البحر الذي عقد في مدريد عام 1916أن يلحق
البحر اإلقليمي منطقة بحر أطلق عليها Plate forme Continentaleوذكر أن هذه المنطقة هي أكثر
مناطق البحر صالحية لنمو الثروة السمكية وأغناها بالصيد.
29
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
واستخدمت حكومة روسيا هذا االصطالح رسميا في مذكرة بتاريخ 29سبتمبر ،1916وأكدت
فيها أنها تعتبر جزر Bennett, jeannett, Henriettداخلة ضمن إقليم روسيا ،ألنها تؤلف مع سيبيريا
الجديدة و Warargelوغيرها الجرف القاري لسيبيريا ،وقد عادت الحكومة السوفييتية السابقة بعد قيام
الثورة االشتراكية إلى تأكيد المعنى السابق في مذكرة وجهتها إلى الدول في 4فيفري ،1924واستعملت
أيضا اصطالح الجرف القاري.
ونشير هنا إلى أن معاهدة باريا هي المصدر األصلي للفكرة القانونية لالمتداد القاري.
وقد عرفت إتفاقية جنيف لعام 1958الخاصة بالجرف القاري في مادتها األولى بأنه » :قاع
البحر واألرض تحت قاع البحر في المساحات المائية المتاخمة للشاطئ الكائنة خارج منطقة البحر
اإلقليمي ،وذلك إلى عمق مائتي مت ار أو أبعد تبعا لعمق المياه المتاخمة وبقدر ما يسمح ذلك باستغالل
الموارد الطبيعية لتلك المناطق«.
وعرفته إتفاقية قانون البحار 1982في المادة 76الفقرة األولى بمايلي":يشمل الجرف القاري ألي
دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرها اإلقليمي في جميع أنحاء
االمتداد الطبيعي إلقليم الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية ،أو إلى مسافة 200ميل بحري
من خطوط األساس التي يقاس منها عرض البحر اإلقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية
يمتد إلى تلك المسافة".
عالجت إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982األحكام الخاصة بالجرف القاري في الجزء
السادس من اإلتفاقية -المواد -76،85وتوسعت في تحديد امتداد الجرف القاري توسعا كبيرا ،فقد طرحت
جانبا معيار العمق حتى 200متر ،أو القدرة على االستغالل ،معتبرة طبقا للفقرة األولى من المادة76
أن الجرف القاري ألي دولة ساحلية يشمل قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي خارج بحرها اإلقليمي
في جميع أنحاء االمتداد الطبيعي إلقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية ،أو إلى
مسافة 200ميل بحري من خطوط األساس التي يقاس منها عرض البحر اإلقليمي إذا لم يكن الطرف
الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة.
30
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
وفي حالة ما إذا امتد جرفها القاري إلى أكثر من 200ميل بحري ،فان الدولة الساحلية تقدم
المعلومات بذلك إلى لجنة حدود الجرف القاري على أساس التمثيل الجغرافي العادل(.المادة 4/76بند
أ) ،وبموجب المادة 82تلزم الدولة الساحلية بدفع مساهمات نقدية أو عينية عن استغالل الموارد غير
الحية في هذه المنطقة ،وتتدرج هذه المساهمات من 1حتى 7بالمائة من قيمة حجم اإلنتاج ،وتقدم هذه
المساهمات إلى السلطة التي تتولى توزيعها على الدول األطراف في االتفاقية مع األخذ باالعتبار مصالح
الدول النامية والدول غير الساحلية.
وتضمنت المادة 83أحكاما تتعلق بتعيين حدود الجرف القاري بين الدول ذات السواحل المتقابلة
أو المتجاورة ،ونصت الفقرة األولى منها على أن ذلك يتم عن طريق االتفاق على أساس القانون الدولي،
وفقا لما نصت عليه المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية من أجل التوصل إلى حل
منصف.
وفي حال تعذر التوصل إلى اتفاق خالل فترة معقولة فقد تضمنت الفقرة الثانية أنه على الدول
أن تلجأ إلى اإلجراءات المنصوص عليها في الجزء الخامس عشر من االتفاقية.
كما تمت اإلشارة إلى أنه ريثما يتم التوصل إلى اتفاق وفقا لما ذكر أعالهـ فإن على الدول أن
تبذل بروح من التفاهم والتعاون قصارى جهدها ،للدخول في ترتيبات مؤقتة ذات طابع عملي خالل هذه
الفترة االنتقالية.
تضمنت المادة 77من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982حقوق الدولة الساحلية في
جرفها القاري القيام بأعمال االستغالل واالستكشاف للموارد الطبيعية إال أن ذلك الحق ال يجب أن يؤثر
على النظام القانوني للمياه العلوية (المادة 78من االتفاقية) ومن ثم ال يجب المساس بحرية المالحة
وغيرها من حقوق وحريات الدول األخرى وال أن يسفر ذلك الحق عن أي تدخل ال مبرر له في تلك
الحقوق والحريات خاصة حرية المالحة.
31
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
كما منحت المادة 79حقوقا للدول األخرى تتضمن وضع الكابالت وخطوط األنابيب المغمورة
على الجرف القاري ،مع مراعاة حقوق الدولة الساحلية في اتخاذ التدابير المعقولة الستكشاف الجرف
القاري واستغالل موارده الطبيعية ومنع التلوث من خطوط االنابيب وخفضه والسيطرة عليه(المادة )3/79
وفي حالة قيام الدولة الساحلية بإقامة جزر اصطناعية أو منشآت أو تركيبات يحق لها أن تقيم
حولها مناطق سالمة معقولة ولها أن تتخذ من التدابير المناسبة لضمان سالمة المالحة وسالمة الجزر
االصطناعية والمنشآت والتركيبات ،وال يجب أن تتجاوز مناطق السالمة مسافة 500مت ار حولها وبشرط
أال يؤدي ذلك إلى إعاقة استخدام الممرات البحرية المعترف بأنها جوهرية للمالحة الدولية لعل هذا هو
األثر الوحيد للجرف القاري على المالحة البحرية.
32
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
الدرس السابع
أعالي البحار
أعالي البحار أو يسميها فقهاء القانون الدولي (البحر العالي ،الحر ،العام ،المفتوح) تعد من أهم
المناطق البحرية ،ألنها ال تخضع لسيادة الدول الساحلية أو واليتها ،وتنبع هذه األهمية من الطبيعة
القانونية لتلك المنطقة ،فهي مفتوحة لكافة دول العالم الساحلية منها وغير الساحلية.
لذلك ال بد من د ارسة مفهوم أعالي البحار ،الحريات الرئيسية فيه ،والمركز القانوني للسفن المتواجدة
فيه.
ينصرف اصطالح البحر العالي قانونا إلى كافة أجزاء البحر غير الخاضعة كلية أو جزئيا ،وبأي
صورة من الصور لالختصاص اإلقليمي ألي دولة من دول العالم.
فالبحار العالية هي جميع أجزاء البحر التي ال تشملها المنطقة االقتصادية الخالصة أو البحر
اإلقليمي أو المياه الداخلية لدولة ما ،أو ال تشملها المياه األرخبيلية لدولة أرخبيلية ،أي أن أعالي البحار
تشمل تلك االمتدادات البحرية التي ال تخضع لسيادة أو والية الدولة الساحلية ،فمنطقة أعالي البحار ال
تخضع لسيادة أية دولة ،وال يمكن لدولة ما أن تدعي سيادتها على أي من أجزائه أو أن تمنع غيرها من
الدول من استخدامه.
هذه الجرية التي أقرت بعد الجدل الكبير بين فقه القانون الدولي (سلدن و جروسيوس :البحر
الحر والبحر المغلق) ،وأقرت فيما بعد في االتفاقيات والمؤتمرات الدولية كمؤتمر جنيف لعام 1958الذي
توصل الى عقد أربع اتفاقيات تتعلق بالبحر اإلقليمي والجرف القاري والصيد وأعالي البحار ولم يتوصل
المؤتمرون فيه إلى عقد أي اتفاقية ،وأكدت اتفاقية جنيف المتعلقة بأعالي البحار عام 1958على أن
33
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
"يكون البحر العالي مفتوحا لكل األوطان ،وأن أي دولة ال يمكنها االدعاء بشرعية إخضاع أي جزء منه
لسيادتها".
وتم عقد مؤتمر ثان لألمم المتحدة في جنيف عام ،1960ولم يتم التوصل فيه إلى حل للمسائل
المطروحة ،ومن ثم جاء المؤتمر الثالث لألمم المتحدة عام 1980التي تمثل قانونا للبحار تتضمن أحكاما
تتعلق بعرض المناطق البحرية الخاضعة لسيادة أو والية الدول الساحلية ،وحدد مفعوم أعالي البحار
وحريات الدول فيه ،وهو ال يختلف كثي ار عن المفهوم الذي حددته إتفاقية عام .1958
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن اتفاقية جنيف 1958استبعدت في مادتها األولى فقط البحر اإلقليمي
والمياه الداخلية ،ذلك أن المنطقة االقتصادية الخالصة والمياه األرخبيلية لم يكن منصوصا عليهما في هذه
االتفاقية ،في حين أخرجت اتفاقية قانون البحار 1982المياه الداخلية واإلقليمية ،باإلضافة إلى المياه
االرخبيلية والم نطقة االقتصادية الخالصة نظ ار الستحداثها لهاتين المنطقتين ،كما استبعدت االتفاقية قاع
أعالي البحار وباطن قاعها من مفهوم أعالي البحار.
من هنا نالحظ أن االتفاقيات استبعدت المناطق البحرية الخاضعة لسيادة الدولة الساحلية وواليتها
من تطبيق األحكام المتعلقة بأعالي البحار ،باستثناء بعض الحريات الممنوحة لكافة الدول في المنطقة
االقتصادية الخالصة.
وقد نصت المادة 89من اتفاقية قانون البحار 1982على عدم صحة ادعاءات السيادة على
أعالي البحار ،وجاء فيها أنه" :ال يجوز ألية دولة شرعا أن تدعي إخضاع أي جزء من أعالي البحار
لسيادتها" .ونصت المادة 88على تخصيص منطقة أعالي البحار لألغراض السلمية(وإن كان ما نالحظه
في الواقع حركة األساطيل الحربية المجهزة بأحدث و أخطر األسلحة الفتاكة وأسلحة الدمار الشامل في
أعالي البحار).
34
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
إن المبدأ المطبق في أعالي البحار هو مبدأ حرية أعالي البحار ،هذا المبدأ الذي كرسته المادة
4من اتفاقية جنيف لعام 1958المتعلقة بأعالي البحار ،وأكدته المادة 87من اتفاقية 1982لقانون
البحار في فقرتها األولى على أن" أعالي البحار مفتوحة لجميع الدول ،ساحلية كانت أو غير ساحلية،
وتمارس حرية أعالي البحار بموجب الشروط التي تبينها هذه االتفاقية وقواعد القانون الدولي األخرى".
كما نصت هذه المادة على أهم الحريات في أعالي البحار والتي تشمل:
-حرية المالحة والتحليق :تعتبر هذه الحرية من أهم الحريات ،وقد نشأت بشكل تدريجي ،وتتضمن الحق
في المالحة لكافة السفن الخاصة والعامة ،الحربية منها وغير الحربية ،على سطح الماء أو تحتها ،وبأي
حجم ولجميع األغراض وبالطرق التي تختارها وفقا لقواعد القانون الدولي ذات الصلة.
وقد نصت المادة 90من اتفاقية قانون البحار ان "لكل دولة ساحلية كانت أو غير ساحلية الحق في
تسيير سفن ترفع علمها في أعالي البحار" .وتركت المادة 91للدول تحديد شروط منح الجنسية للسفن،
والتسجيل في اقليمها ،والحق في رفع علمها .وأكدت المادة 92أنه يجب على السفن أن تبحر تحت علم
واحد فقط.
وقد قضت المادة /1/87ب ان المجال الجوي لمنطقة أعالي البحار ال يخضع لسيادة أي دولة ،والتحليق
فيه جر لجميع الدول شرط التزامها بمراعاة القواعد القانونية الدولية الواجبة ،وبشكل خاص تلك التي تقررها
منظمة الطيران المدني الدولية.
-حرية وضع الكابالت وخطوط األنابيب المغمورة :نصت الفقرة األولى من المادة 87في البند األول
على هذه الحرية ،واعتبرتها من الحريات األساسية ألعالي البحار ،وخصصت المواد من .115-112
-حرية الصيد في أعالي البحار :تحتوي أعالي البحار على ثروات وفيرة من الموارد الحية ،لذا اعتمدت
االتفاقية بتنظبم موضوع الصيد في هذه المنطقة ،وأعطت الحق لكافة الدول ورعاياها بالصيد في أعالي
البحار ،إال أن ذلك مرهونا وفق المواد 120-116بمايلي:
35
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
مراعاة التزاماتها الناشئة عن المعاهدات/مراعاة حقوق الدول األخرى وواجباتها المنصوص عليها في
االتفاقية /االلتزام بأن تتخذ التدابير واإلجراءات الالزمة تجاه رعاياها ،بهدف المحافظة على الثروات
الحية ،وعد القيام باستخدام وسائل صيد من شأنها انقراض األسماك في أعالي البحار.
-حرية البحث العلمي وإقامة الجزر الصناعية وغيرها من المنشآت :يحق لكل دولة إقامة ما تشاء من
الجزر الصناعية والمنشآت والتركيبات األخرى بشرط أال تكون متعارضة مع قواعد القانون الدولي ،وال
يكون لهذه الجزر والمنشآت مركز الجزر الطبيعية ،وبالتالي ال يكون لها بحر إقليمي أو منطقة اقتصادية
خالصة أو جرف قاري.
كما يحق لكافة الدول والمنظمات الدولية إجراء ما تشاء من البحوث العلمية وفق المادة 238من
االتفاقية ،بشرط أن يجرى البحث العلمي لألغراض السلمية وحدها ،وبالوسائل والطرق العلمية المناسبة
دون التعرض ألوجه االستخدام المشروعة األخرى للبحار ،ويجب أن يجرى حسب األنظمة ذات الصلة
المعتمدة وفقا لالتفاقية بما في ذلك األنظمة المتعلقة بحماية البيئة البحرية وحفظها.
إال أن مبدأ حرية المالحة في أعالي البحار ليس مطلقا إذ ترد عليه بعض القيود التي سنتطرق
اليها فيمايلي.
ورد على مبدأ حرية أعالي البحار عدة قيود ،وذلك لضمان ممارسة الحريات المطبقة عليه في
حدود األهداف المقررة ،وحتى ال يؤدي استخدام هذه الحريات إلى الفوضى وإلى ارتكاب الجرائم ،ثم
اإلفالت من العدالة الجزائية.
وتتمثل هذه القيود في استخدام أعالي البحار لألغراض السلمية(الم ، )88حظر نقل الرقيق( الم
، )99مكافحة القرصنة( الم ، )100مكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات أو بالمواد األخرى التي
تؤثر على العقل(الم ، )108قمع البث اإلذاعي غير المصرح به من أعالي البحار(الم ، )109حق الزيارة
والتفتيش(الم ،)110وحق المطاردة الحثيثة(الم ، )111حماية البيئة البحرية(الم ، )87إيالء المراعاة الواجبة
لمصالح الدول األخرى في ممارستها لحرية أعالي البحار ،وكذلك االعتبار الواجب لما تنص عليه هذه
االتفاقية من حقوق فيما يتعلق باألنشطة في المنطقة( .سيتم شرحهم بالتفصيل في المحور الالحق)
36
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
بالنسبة للمركز القانوني للسفن في أعالي البحار فإن القاعدة هي خضوع السفن لوالية واختصاص
وسلطات دولة العلم فقط .وبالتالي ال يجوز ألية دولة أخرى أن تمارس أي اختصاص تجاه السفن األجنبية
في هذه المنطقة ،ويرجع التبرير الذي تستند إليه تلك القاعدة إلى اعتبار السفينة جزء من إقليم الدولة ،وقد
أيد الفقه والقضاء الدولي تلك القاعدة.
وخضوع السفينة الختصاص دولة العلم يعني خضوعها لقوانين هذه الدولة وسلطتها ،وتشريعات
دولة العلم هي التي تنظم السفينة ونشاطاتها ،وهي التي تطبق أيضا على الحوادث التي تقع على ظهرها
والتي تؤدي إلى إحداث آثار قانونية.
لذلك قضت المادة 91من إتفاقية قانون البحار 1982بضرورة تحديد جنسية السفينة وعلمها
كمعيار لتحديد القانون الذي تخضع له السفينة ،كما يجب أن تُبحر السفينة تحت علم دولة واحدة فقط
وتكون خاضعة لواليتها.
كما قضت المادة 94من ذات اإل تفاقية أنه يجب على الدولة التي ترفع السفينة علمها أن تتخذ
ما يلزم من تدابير لتأمين السالمة في البحار وذلك فيما يتعلق بعدة أمور منها بناء السفن ومعداتها
وصالحيتها لإلبحار ،تكوين طاقم السفن ،وشروط العمل الخاصة بهم ،وتدريبهم ،مع األخذ في االعتبار
الوثائق الدولية المنطبقة ،واستخدام اإلشارات والمحافظة على اإلتصاالت ومنع المصادمات.
ومن بين التدابير التي على دولة العلم إتخاذها تلك الالزمة لتأمين سالمة السفينة وكفالة صالحيتها
للمالحة ،وإلمام طاقم السفينة باألنظمة الدولية التي تكفل سالمة األرواح في البحار ومنع التلوث البحري
وخفضه والسيطرة عليه ،وعلى كل دولة أن تأمر بإجراء تحقيق موضوعي في كل حادث بحري أو حادثة
مالحية في أعالي البحار يكون للسفينة التي ترفع علمها شأن بها وتنجم عنها أضرار بشرية أو مادية،
وعليها أن تتعاون مع غيرها من الدول.
وفي حالة تعرض سفينة دولة ما لمعاملة ال تتفق مع القانون الدولي من جانب إحدى الدول ،فإن
لدولة العلم االحتجاج لدى الدولة المخالفة للقانون الدولي ،وتُبنى مطالب السفينة دوليا تطبيقا لنظام الحماية
الدبلوماسية ،وإلى جانب ذلك تخضع السفن لما تبرمه دولة العلم من معاهدات دولية ،وتتمتع بما تقرره
37
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
من حماية وضمانات مختلفة ،كالمعاهدات التجارية ومعاهدات المالحة التي تحتوي على القواعد الخاصة
برسو السفن ووجودها في موانئ الدول األطراف والتسهيالت المختلفة التي تقرر ما لها.
وتجدر اإلشارة إلى أن الحماية الجنائية للسفن في أعالي البحار تكون لدولة العلم بالنسبة للجرائم
التي تقع على متنها(الم ،)97أما إذا تعرضت لقرصنة من قبل سفينة أخرى فهنا يكون اإلختصاص ألكثر
من دولة ،فقد يكون اإلختصاص لدولة علم السفينة الحربية التي قامت بضبط سفينة القرصنة ،وقد يكون
لدولة المجني عليه ،وقد يكون للدولة الساحلية.
كما تتمتع دولة العلم باإلختصاص الجنائي على سفنها الحربية حتى ولو امتدت آثار الجريمة
إلى خارجها ،كما لو تم إلقاء جثة في أعالي البحار أو تلوث البيئة البحرية ،أو المصادمة البحرية بسفينة
أخرى مما ترتب عليه غرقها أو غرق بعض أشخاصها.
غير أن المشكل الذي ُيثار في أعالي البحار ،هو مشكل تنازع اإلختصاص ،حيث أن كل دولة
تدعي اختصاصها بالجرائم التي على متن السفينة التي ترفع علمها ،حيث أن كل منها يعتبر أن السفينة
جزء عائم من إقليم الدولة يسبح في أعالي البحار ،ويبلغ هذا التنازع مداه عندما تقع الجريمة على متن
سفينتين ال سفينة واحدة ،كأن يطلق ش خص أعيرة نارية من على متن السفينة فيقتل شخصا آخر على
متن سفينة تحمل علم دولة أخرى ،ففي هذه الحالة يثور التساؤل عن السلطة المختصة في مباشرة إجراءات
التحقيق والمحاكمة ألي السلطات ينعقد االختصاص في القيام بإجراءات التحقيق والمحاكمة؟
ولهذا حاولت المادة 97من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار اإلجابة عن هذا السؤال بقولها:
» -1في حالة وقوع مصادمة أو أية حادثة مالحية أخرى تتعلق بسفينة في أعالي البحار ،وتؤدي إلى
مسؤولية جزائية أو تأديبية لربان السفينة أو أي شخص آخر يعمل في خدمتها ،ال يجوز أن تقام أية دعوى
جزائية أ و تأديبية ضد ذلك الشخص إال أمام السلطات القضائية أو اإلدارية لدولة العلم أو للدولة التي
يكون الشخص من رعاياها« .كما قضت الفقرة الثالثة من ذات المادة» :أال تصدر أية سلطات غير
سلطات دولة العلم أم ار باحتجاز سفينة أو احتباسها ،حتى ولو كان ذلك على ذمة التحقيق «.
38
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
ومفاد هذه النصوص أنها تخول دولة علم السفينة االختصاص الجنائي بمحاكمة المسؤولين من
ربان أو بحارة يعملون في خدمتها -عن األفعال التي تؤدي إلى مسؤوليتهم الجنائية -وبالتالي هي التي
تحاكم الجناة.
ونخلص إلى القول أن دولة العلم هي وحدها صاحبة الوالية العامة على السفن التي ترفع علمها،
وأنه ال يجوز ألي سفينة أو طائرة حربية تابعة لدولة أخرى إيقافها أو تفتيشها أو ضبطها أو مطاردتها أو
احتجازها باعتبارها ترمز لسيادة الدولة وفقا للنصوص الدولية سواء في إتفاقية جنيف ألعالي البحار
،1958أو إتفاقية القانون الدولي للبحار عام .1982إال أن القانون الدولي أقر استثناءات على قاعدة
الوالية المطلقة لدولة العلم.
االستثناءات:
أقر القانون الدولي استثناءات على قاعدة الوالية المطلقة لدولة العلم حفاظا على الجماعة الدولية،
من ذلك ما قررته المادة110من اإلتفاقية العامة للبحار ،وال تي أعطت للسفن العامة الحق في طلب
ومراجعة األوراق التي تصرح للسفينة التجارية برفع علم دولة هذه السفينة ،فإذا ثبتت صحة شكوكها فلها
أن تجري تفتيش السفينة ،وإذا ثبت عكس ذلك وجب عليها إصالح وتعويض ما أصاب السفينة التجارية
من ضرر .وتتمثل تلك االستثناءات فيمايلي:
أوال) حق الزيارة :هو حق يخول السفن الحربية والسفن العامة زيارة السفن التي تنتهك القوانين الساحلية
أو القانون الدولي للبحار ،أو يتوافر في حقها أسباب معقولة لالشتباه في إرتكاب أعمال القرصنة البحرية
أو اإلتجار بالرقيق أو تقوم بأعمال البث اإلذاعي غير المصرح به أو كانت عديمة الجنسية.
وتتم تلك الزيارة عن طريق إرسال زورق تحت قيادة أحد الضباط إلى السفينة المشتبه فيها ،ويمكن
للسفينة الحربية أو السفينة العامة أن تقوم بذلك بنفسها بشرط عدم تعريض السفينة المشتبه فيها للخطر.
ويتم خالل الزيارة اإلطالع على وثائق السفينة والوقوف على طبيعتها وصالحيتها والتحقيق من
مدى ارتكابها للمخالفات التي قامت الدالئل لديها على ارتكابها.
39
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
ثانيا) حق التفتيش :قد تتوقف الزيارة عند حد اإلطالع على الوثائق التي تحملها السفينة والتحقق من
أنها لم ترتكب مخالفات جسيمة ثم يتم النزول من على متنها وتركها تبحر في حال سبيلها .وقد يستدعي
األمر القيام بتفتيش السفينة ،وإجراء المزيد من الفحص على متنها ،كما لو كانت هناك دالئل على ارتكاب
جرائم معينة.
ويجب أن يتم التفتيش وفقا لألصول المرعية أي دون تعمد تعريض السفينة للخطر أو تدميرها
إال في الحاالت القصوى كأن تدفعها الظروف إلى مقاومة السفينة أو لمنعها من االستمرار في الهرب.
ثالثا) المطاردة الحثيثة :يحق للسفن الحربية أو العامة التابعة للدولة الساحلية إذا توافرت لديها األسباب
المعقولة ،أن تقوم بأعمال المطاردة الحارة أو الحثيثة بهدف تعقب السفن األجنبية التي ارتكبت عمال يعد
خرقا ألحكام وقوانين الدولة الشاطئية شريطة أن يتم هذا االنتهاك في مياهها الداخلية أو اإلقليمية أو
المناطق األخرى الخاضعة لرقابتها كالمنطقة المجاورة أو المنطقة اإلقتصادية.
أ -أن تتوافر لدى سلطات الدولة الساحلية أسباب أو قرائن قوية -وال يكفي مجرد اإلشتباه -على أن
السفينة األجنبية قد ارتكبت أثناء وجودها في المياه الداخلية أو المياه األرخبيلية أو البحر اإلقليمي أو
المنطقة المتاخمة أو المنطقة اإلقتصادية أو فوق الجرف القاري مخالفة قانونية ،ويجب أن تكون تلك
المخالفة إنتهاكا لقانون أو لالئحة مما تملك الدولة حق إصداره في شأن مثل هذه المناطق البحرية.
ب -أن تبدأ عملية المطاردة أثناء وجود السفينة المخالفة أو أحد زوارقها في المياه الداخلية أو المياه
األرخبيلية أو البحر اإلقليمي أو المنطقة المتاخمة أو المنطقة اإلقتصادية أو فوق الجرف القاري.
ج -أن تقوم الدولة بإصدار أمر للسفينة المخالفة بالتوقف من مسافة تستطيع معها هذه السفينة أن ترى
اإلشارة أو تسمعها ،ويمكن أن يتم ذلك عن طريق اإلشارات الضوئية أو الالسلكي أو مكبرات الصوت.
د -ال يجوز أن يمارس حق المطاردة الحثيثة إال من قبل السفن أو الطائرات الحربية التابعة للدولة
الساحلية ،أو غيرهما من السفن أو الطائرات التي تحمل عالمات واضحة تدل على أنها في خدمة حكومية
و مأذون لها بذلك.
40
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
ه -أن تكون المطاردة مستمرة غير منقطعة ،فإذا إنقطعت ولو بسبب قوة قاهرة تكون غير مشروعة،
ولكن ال يلزم أن تق وم سفينة واحدة بالمطاردة بل يجوز أن تتابعها عدة سفن أو طائرات متوالية إلى أن يتم
القبض على السفينة المخالفة ،بشرط أن ينتفي أي فاصل زمني بين عمل هذه السفن أو الطائرات.
و -أن يتم القبض على السفينة المخالفة قبل دخولها البحر اإلقليمي للدولة التي تنتمي إليها أو البحر
اإلقليمي لدولة أخرى.
وتجدر اإلشارة إلى أن حق المطاردة يجب أن يتم طبقا لهذه الشروط وإال تعين تعويض السفينة
التي تم احتجازها دون مبرر عن أي خسارة أو ضرر يكون قد لحق بها نتيجة ذلك.
رابعا) حظر نقل الرقيق أو اإلتجار به :تعد جريمة اإلتجار بالرقيق أو نقله بأي وسيلة أم ار محظو ار سواء
كان اإلتجار أو النقل خاصا بالرقيق األسود أو بالرقيق األبيض ،وقد تقرر هذا الحظر كنتيجة طبيعية
متفرعة عن حظر نظام الرق ذاته ،لذلك يجب على كل دولة أن تلتزم في تشريعاتها الداخلية بتجريم جميع
اإلجراءات الكفيلة بمنع السفن التي تحمل علم ها من نقل الرقيق وبإنزال العقوبة عليها إن فعلت ،وهو ما
نصت عليه المادة 99من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار.1982
فإذا ثبت وظهرت أدلة قوية على أن السفينة تباشر تجارة الرقيق ،فإنه يحق للسفن الحربية التابعة
ألي دولة أن تتعرض لها في البحار العالية ،وتقوم بتفتيشها وضبطها ،وتكون جهة اإلختصاص القضائي
لمحاكمة هذه السفينة هي دولة العلم الذي تحمله ،وال يدخل اإلختصاص القضائي لدولة أخرى ،حتى تلك
الدولة التي تتبعها السفينة الحربية التي قامت بتفتيشها.
خامسا) البث اإلذاعي غير المصرح به :يعتبر البث اإلذاعي غير المصرح به سواء كان عن طريق
إرسال اإلذاعات الصوتية أو التلفزيونية ،من سفينة أو منشأة في أعالي البحار ،والموجهة إلى أفراد دولة
معينة بذاتها ،أو لمجموعة من الدول ،وبما يخالف األنظمة الدولية بمثابة إعتداء على سيادة الدولة الموجه
البث إلى أفرادها ،فضال عما يؤد ي إليه هذا العمل من تشويش على موجات البث المعتمدة دوليا ،لذلك
فقد إهتمت الدول بقمع مثل هذا العمل واعتباره جريمة دولية.
وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 109من إتفاقية قانون البحار على أنه "يجوز أن يحاكم أي
شخص يعمل في البث اإلذاعي غير المصرح به أمام محاكم :دولة علم السفينة ،أو دولة تسجيل المنشأة،
41
السنة الثانية ماستر-تخصص قانون دولي- دروس في القانون الدولي للبحار
أو الدولة التي يكون الشخص من رعاياها ،أو أية دولة يمكن استقبال البث فيها ،أو أية دولة يشكل هذا
البث تشويشا على اتصاالتها الالسلكية المصرح بها".
كما أنه يجوز ألي سفينة حربية من الدول ذات الوالية أن تتدخل للقبض على كل شخص يعمل
في البث اإلذاعي غير المصرح به في أعالي البحار ،كما لها أن تقوم بحجز أية سفينة مستخدمة لهذا
الغرض ،ولها الحق في ضبط أجهزة اإلرسال اإلذاعي ومصادرتها.
ونخلص في األخير إلى القول أن أعالي البحار مفتوحة لجميع الدول سواء كانت ساحلية أو غير
ساحلية ،وأن أعالي البحار ال تخضع للسيادة اإلقليمية ألي دولة ،وهو ما أكدته المادة الثانية من إتفاقية
جنيف ألعالي البحار ،1958والمادة 87من إتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار.1982
كما يجب على كل سفينة أن ترفع علم الدولة التي تنتمي إليها حتى يمكن التعرف عليها ،وال
يجوز للسفينة أن ترفع أكثر من علم واحد ،وإذا كان يحق للدولة وفقا لما سبق حرية المالحة في أعالي
البحار باعتبار ذلك أحد حقوقها الثابتة بموجب العرف الدولي ،إال أنه يترتب على ذلك التزامها بعدة
واجبات مثل رقابتها في الشؤون اإلدارية والتقنية واالجتماعية على السفن التي ترفع علم تلك الدولة.
كما أن جميع السفن تخضع الختصاص دولة العلم ،وهذا ما أكدته المادة 92من إتفاقية األمم
المتحدة ،1982والمادة 6من إتفاقية جنيف ألعالي البحار.1958
كما أن للسفينة الحربية مباشرة أعمال البوليس من الضبط والتفتيش ضد السفن الخاصة أو التي
تقوم بأعمال غير مشروعة في أعالي البحار ،وهذه السفن هي التي تقوم بتطبيق القانون الدولي الجنائي
في عرض البحر ،وذلك لغرض حماية البحر من كل األفعال التي تهدد أمن المالحة البحرية وسالمتها.
42