Professional Documents
Culture Documents
Ce 711 FB 6
Ce 711 FB 6
المطهرون((
Shamela.org ١
المحتو يات
٥ almesnad-21 ١
٢
المحتو يات
عن الكتاب
الكتاب :بحث في تحقيق معنى قوله تعالى) :لا يَم َ ُ ّ
سه إلا المُطَ َهّرون( وما يتفرع عنه من أحكام
المؤلف :د .محمد بن عبد العزيز المسند
المصدر :الشاملة الذهبية
نبذه عن الكتاب:
وهو مناقشة لرسالة بعنوان:
آية من كتاب الل ّٰه وتأو يلها)) :لا يمسه إلا المطهرون((
للأستاذ :محمد إبراهيم شقرة
Shamela.org ٣
المحتو يات
عن المؤلف
Shamela.org ٤
almesnad-21 ١
almesnad-21 ١
بحث في تحقيق معنى قوله تعالى :
))لا يَم َ ُ ّ
سه إلا المُطَ َهّرون ((
وما يتفرع عنه من أحكام
إعداد :د .محمد بن عبد العزيز المسند
وهو مناقشة لرسالة بعنوان :
آية من كتاب الل ّٰه وتأو يلها)) :لا يمسه إلا المطهرون ((
للأستاذ :محمد إبراهيم شقرة
المقدمة
إن الحمد لل ّٰه نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ ُ بالل ّٰه من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا من يهده الل ّٰه فلا مضل له ،ومن يضلل فلا
هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الل ّٰه وحده لا شر يك له ،وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله .
لا ّ و َأَ نتُم ُمّسْل ِم ُونَ(( )آل عمران. (١٠٢: )) ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا ْ َات ّق ُوا ْ اللّه َ ح ََقّ تُق َاتِه ِ و َلا َتَمُوت َُنّ ِإ َ
جه َا و َب َ َّث مِنْهُم َا رِج َالا ً كَث ِيرا ً و َنِس َاء و ََات ّق ُوا ْ اللّه َ ال َ ّذ ِي تَس َاءلُونَ
ق مِنْهَا ز َ ْو َ
حدَة ٍ وَخ َل َ َ اس َات ّق ُوا ْ ر ََب ّكُم ُ ال َ ّذ ِي خ َلَقَك ُم مّ ِن َن ّ ْف ٍ
س و َا ِ )) ي َا أَ ُ ّيهَا َ
الن ّ ُ
بِه ِ و َالأَ ْرح َام َ ِإ َ ّ
ن اللّه َ ك َانَ عَلَيْك ُ ْم ر َق ِيباً(( )النساء. (١:
الل ّه َ وَرَسُولَه ُ فَق َ ْد فَاز َ فَو ْزا ً
سدِيدا ً * يُصْ ل ِحْ لـَك ُ ْم أَ عْمَالـَك ُ ْم و َيَغْفِر ْ لـَك ُ ْم ذ ُنُوبَك ُ ْم وَم َن يُط ِـعْ َ
الل ّه َ و َق ُولُوا قَو ْلا ً َ )) ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا َات ّق ُوا َ
عَظ ِيما ً(( )الأحزاب. (٧١-٧٠:
أما بعد:
فقد سبق أن اطلعت على رسالة صغيرة الحجم ،بعثها إليّ أحد الإخوة من بلاد الشام ،وكانت بعنوان ) آية من كتاب الل ّٰه وتأو يلها
)) َلّا يَم َ ُ ّ
سه ُ ِإ َلّا ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( )الواقعة (٧٩:للأستاذ محمد إبراهيم شقرة ،فشدني العنوان إلى قراءتها ومعرفة ما جاء فيها ،لا سيما وأن
موضوعها من صميم تخصصي ،وبعد قراءتها رأيت كاتبها قد أتى بمسائل وأحكام واستنباطات غريبة ،تخالف ما عليه جمهور العلماء ،
والمحققون من أهل العلم ،وقد استدل على ذلك بأدلة ،واستشهد بنقول عن بعض علماء السلف من المتقدمين والمتأخرين قد فهموا
منها – أو من أكثرها – غير ما فهمه هو ،مما حفزني إلى التفكير في دارسة هذه المسائل ،وتحقيقها تحقيقا ًعلميا ًمتجردا ً ،ومما زادني
حماسا ًلذلك ؛ أمور منها:
-١أن هذه الرسالة قد طبعت مراراً ،وذكر كاتبها أنه قد أعاد طباعتها بعد نفاد طبعتها الثانية ،واشتداد الطلب عليها !!
-٢الأسلوب الذي نهجه الكاتب في رسالته من التجهيل والتسفيه ،واتهام المخالفين له باتباع الهوى والرأي والتعصب )!( ،ومجاراة
الدهماء )!( وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء )!( ..إلى غير ذلك من العبارات الشائنة ،مع اعترافه بأن القائلين بخلاف ما يقول ،هم
جمهور العلماء.
-٣أهمية هذا الموضوع ،وحاجة الناس إليه ،وصلته الوثيقة بحياتهم اليومية .
فوجدت الفرصة سانحة ومواتية لدراسة هذه الرسالة ،وتحقيقها تحقيقا ًعلميا ًموثقاً ،والرد عليها.
هذا ،وبعد دراسة الرسالة المذكورة ،وتوثيق نصوصها ،وتحقيق مسائلها ،ومراجعة أدلتها؛ ظهر لي على سبيل الإجمال ما يلي:
-١خلوها – في كثير من المسائل – من التوثيق العلمي الدقيق ،والتحقيق الوثيق ،على الرغم من أنها طبعت مرارا ً .
-٢اشتمالها على أحكام متناقضة وعبارات مضطربة لا محل لها من الإعراب والنظر.
-٣الفهم القاصر أو الخاطئ للنصوص وأقوال الأئمة ،وتوجيهها على غير مرادهم .
-٤الجرأة والتسرع في إصدار الأحكام مع الجزم بصحتها ،دون تر ٍو وتحقق .إلى غير ذلك مما لا يخفى على من له أدنى بصيرة بالعلم
الشرعي .
Shamela.org ٥
almesnad-21 ١
هذا ولم أستوف كل ما في هذه الرسالة من ملاحظات ،لأسباب عدة ،منها أن موضوع البحث ٺتنازعه تخصصات عدة :قرآنية
وحديثية وفقهية ،والحديث في كل منها يطول ،لذا حرصت على ألا يخرج ما كتبته في هذا البحث عن التخصص إلا فيما له علاقة
وثيقة به .
وبعد؛ فهذا هو جهد المقل ،فما كان فيه من صواب ؛ فمن الل ّٰه وحده لا شر يك له ،وما كان فيه من تقصير أو خطأ أو نسيان ؛ فمني
ومن الشيطان ،والل ّٰه ورسوله منه بريئان .والحمد لل ّٰه رب العالمين .
تمهيد
لقد رأيت – قبل الدخول في صلب الموضوع – أن أذكر نبذة مختصرة – حسب اجتهادي القاصر – عن المدرسة التي ينتمي إليها كاتب
الرسالة – وفقه الل ّٰه – حتى يكون القارئ على بينة من ذلك ،فأقول مستعينا ًبالل ّٰه :
الأستاذ محمد إبراهيم شقرة ينتمي إلى مدرسة الحديث السلفية بالشام والتي من أبرز علمائها فضيلة الشيخ العل ّامة المحُ ّدِث محمد ناصر
الدين الألباني ـ رحمه الل ّٰه ـ ،وتتميز هذه المدرسة بما يلي :
أولا ً :تبني العقيدة السلفية الصحيحة ،والدعوة إليها ونشرها ،والدفاع عنها ،ومحاربة الشرك والبدع ،والأفكار الهدامة ،والفرق
الضالة .
ثانيا ً :العناية بالسنة المطهرة – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، -وتنقيتها من الشوائب ،والأحاديث المنكرة والموضوعة ،وإخراجها
للناس مصفاة ،في ثوب قشيب ،وحلة بهية .
ثالثا ً :محاربة الجمود الفكري ،والدعوة إلى التحرر من ربقة التقليد المذموم ،وإلى تقديم ما صح عن النبي ـ صلى الل ّٰه عليه وسلم ـ على
قول غيره من الناس كائنا ًمن كان)¬.(١
ولـكن يؤخذ على هذه المدرسة ما يلي :
¬__________
)¬ - (١انظر :الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام للألباني .ط الدار السلفية ،الطبعة الثالثة ١٤٠٠ .هـ .
-١الشدة على المخالف وقطع خط الرجعة عليه ،ولو كان من أهل السنة ،وأهل الدعوة السلفية .ولذا كثر المختلفون مع هذه المدرسة
،والمنتقدون لها .
-٢قلة العناية بأصول الفقه وقواعده وضوابطه ،وعرض نصوص الشارع عليه ،فتبني الأحكام على أحاديث مفردة ،قد تكون صحيحة
في ذاتها لـكنها عامة مخصّ صة بنصوص أخرى صحيحة .أو مطلقة قيدتها نصوص أخرى ،ولغياب هذا الأصل العظيم قد يلجأ بعضهم
إلى تضعيف بعض الأحاديث أو ردها بحجة التعارض ،فيصدرون أحكاما ًشاذة مخالفة لما دلت عليه النصوص مجتمعة .
-٣أن بعض من ينتسبون إلى هذه المدرسة قد يذم تقليد الأئمة وعلماء السلف ،لـكنه ربما وقع في شر من ذلك وهو تقلد شيخه الذي
يعظمه ،ولا يخرج عن قوله قيد أنملة ،وإن ادعى خلاف ذلك .
-٤أن بعض من ينتسبون إلى هذه المدرسة لم يدرسوا العلم الشرعي دراسة منهجية مؤصلة لظروف معينة ،مما له أثر واضح على ما
يصدر عنهم من أحكام واجتهادات.
وهذه المآخذ ليست خاصة بهذه المدرسة وحدها ،فقد توجد في غيرها ،بل أكثر منها ،كما أنها لا تقلل من شأنها ،فجهودها معروفة
مشكورة ،لا ينكرها إلا حاسد حاقد ،أو ضال مبتدع .والل ّٰه تعالى أعلم .
والآن مع التفصيل:
أولا ً :تحقيق معنى الآية :
-١ذكر الكاتب – وفقه الل ّٰه – في أول رسالته :تفسير هذه الآية مع آيتين قبلها وآية بعدها ،فنقل كلام ابن كثير – رحمه الل ّٰه – في
تفسير هذه الآيات ،ثم نقل قول مالك – رحمه الل ّٰه – في الموطأ " :أحسن ما سمعت في هذه الآية ..أنها بمنزلة الآية التي في ))عَب ََس
و َتَو َلَ ّى(( )عبس ) : (١:كلا إنها تذكرة .فما شاء ذكره .في صحف مكرمة .مرفوعة مطهرة .بأيدي سفرة ( ] الآيات ١٥ -١١ /
[ .ثم أتى بكلام من عنده لبيان ما فهمه من قولهما ...ولي على ما نقله وما فهمه ثلاثة مآخذ :
Shamela.org ٦
almesnad-21 ١
المأخذ الأول :حول ما نقله عن ابن كثير – رحمه الل ّٰه – فهو لم ينقل كلام ابن كثير كاملا ًوإنما اجتزأ منه بعضه ،ولم يشر إلى ذلك
عند الإحالة في الهامش ،ولا شك أن مثل هذا العمل ليس من الأمانة العلمية ،لا سيما وأنه قال قبل ذلك عن كلام ابن كثير بأنه
" كلام موجز مبين ")¬.(١
اب َمّكْن ُونٍ(( )الواقعة (٧٨:قال ناقلا ً عن
المأخذ الثاني :أنه زاد في كلام ابن كثير ما لم يقله ،ففي تفسير قوله تعالى )) :فِي ك ِت َ ٍ
تفسير ابن كثير ) : -أي معظم في كتاب معظم محفوظ موقر " فكلمة )معظم ( الثانية ليست في تفسير ابن كثير ولعلها كتبت خطأ
،أو أن النسخة التي عنده مختلفة .
المأخذ الثالث :فسر الكاتب – وفقه الل ّٰه – الكتاب المكنون – حسب ما فهمه من كلام ابن كثير ومالك رحمهما الل ّٰه – بأنه اللوح
المحفوظ ،وابن كثير لم يقل ذلك ،وإنما قال ) :في كتاب محفوظ موقر ( وقال) الكتاب الذي في السماء ()¬ .(٢وكذا مالك رحمه
الل ّٰه ذكر أن هذه الآية بمنزلة الآية التي في ) عبس ( ،ولم يذكر اللوح المحفوظ ،والصواب من أقوال العلماء – وهو الذي تعضده الأدلة
– أن الكتاب المكنون هو الكتاب أو الصحف التي بأيدي الملائكة ،وتفسيره باللوح المحفوظ لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين كابن
جرير وابن كثير وابن عطية بدليل قوله تعالى )) َلّا يَم َ ُ ّ
سه ُ ِإ َلّا ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( )الواقعة (٧٩:فهو بأيديهم يمسونه)¬.(٣
¬__________
)¬ - (١انظر :ص ٣من رسالة الكاتب .
)¬ - (٢انظر :تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/٢٩٨ط دار المعرفة ،بيروت – لبنان ١٤٠٣ ،هـ .
)¬ - (٣انظر :التبيان في أقسام القرآن للإمام ابن القيم ص ، ١٤١توز يع رئاسة إدارات البحوث العلمية ..بالر ياض .
قال الإمام ابن العربي – رحمه الل ّٰه " : -أما من قال إن المراد بالكتاب :اللوح المحفوظ ،فهو باطل ،لأن الملائكة لا تناله في وقت ،
ولا تصل إليه بحال .فلو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه محل .وأما من قال إنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف ؛ فإنه
قول محتمل ،وهو الذي اختاره مالك " ..وذكر قول مالك الذي نقله الكاتب من الموطأ)¬ . .(١وابن العربي رحمه الل ّٰه – وهو من
أوائل علماء المالـكية وأبرزهم – أعلم بقول مالك واختياراته من الكاتب وغيره ،لا سيما وقد نُقل عن مالك التشديد في مس المصحف
وحمله لغير المتوضىء حيث قال – رحمه الل ّٰه " : -أحسن ما سمعت أنه لا يحمل المصحف بعلاقته ،ولا في غلافه إلا وهو طاهر ،
وليس ذلك لأنه يدنسه ،ولـكن تعظيما ًللقرآن ")¬.(٢
-٢ذكر الكاتب أن الضمير في قوله تعالى َ )) :لّا يَم َ ُ ّ
سه ُ ِإ َلّا ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( يعود إلى الكتاب المكنون بناء على القاعدة المعروفة أن الضمير
يعود إلى أقرب مذكور ..إلخ انظر :ص . ٥ ،٤
¬__________
)¬ - (١انظر :أحكام القرآن لابن العربي . ١٧٣٨ ، ٤/١٧٣٧تحقيق :علي البجاوي .دار المعرفة ،بيروت .
)¬ - (٢انظر :الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ،٢٢٧ /١٧دار إحياء التراث ،والمغني لابن قدامة . ١/١٣٩المكتبة السلفية
ل مّ ِن َرّ ِّ
ب الْع َالم َي ِنَ(( )الواقعة (٨٠:؛ والجواب :أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها بدليل قوله تعالى في الآيات نفسها )) :تَنز ِي ٌ
فإننا لو أعدنا الضمير فيه إلى أقرب مذكور لكان عائدا ً على الكتاب المكنون الذي هو في رأي الكاتب اللوح المحفوظ ،ومعلوم – قطعا ً
– أن الل ّٰه عز وجل لم ينزل اللوح المحفوظ .مما يحتم عود الضمير إلى القرآن الـكريم ،وهذا على رأي الكاتب .ويزول الإشكال إذا
فسرنا الكتاب المكنون بأنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف ؛ فإن الل ّٰه أنزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ الذي في السماء السابعة
إلى بيت العزة في السماء الدنيا ،كما أنه لا يمنع – في الوقت نفسه – أن يكون الضمير عائدا ً إلى القرآن الـكريم ،فيكون المقصود إنزاله
من السماء الدنيا إلى الأرض ،والآية محتملة للوجهين جميعا ً كما سيأتي بيانه إن شاء الل ّٰه .
-٣ثم قال – غفر الل ّٰه لنا وله " : -ثم إن كلمة )) ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( ومعناها الملائكة ؛ كما ذكر ابن كثير ،تدل في أصل وضعها على أن
صفة الطهر صفة كونية ..إلى أن قال " :وليس في القراءات – حتى الشاذ منها – هذه القراءة ] يعني المتطهرون [ ،ولا ما يؤيدها
الخ ..انظر :ص .٦ ،٥
Shamela.org ٧
almesnad-21 ١
والجواب :لا شك أن القراءة المشهورة الصحيحة هي المثبتة في المصحف ،وهي ) :المُطَ َهّرون ( ،وأن معناها الملائكة ؛ إذ إن المتوضئ
لا يوصف بكونه مطَ َهّرا ً ،إلا أن الآية وإن كانت قد دلت على ذلك بصريح العبارة ؛ فإنها تدل بالتنبيه والإشارة على أن المصحف لا
يمسه إلا طاهر ،لأن الصحف التي في السماء إذا كانت لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة ،فكذلك الصحف التي بأيدينا ،فإنها
فرع عنها فلا ينبغي أن يمسها إلا متطهر ،وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الل ّٰه)¬ –(١وغيره من أهل العلم ،وقرره
ابن القيم أحسن تقرير)¬.(٢
أما زعم الكاتب بأنه ليس في القراءات حتى الشاذ منها ما يؤيد ذلك ،فهو قول بلا علم ،وجرأة على كتاب الل ّٰه تعالى ،فقد ذكر بعض
أئمة التفسير والقراءات أربع قراءات في هذه الآية غير القراءة المشهورة ،وهي كما يلي :
القراءة الأولى ) :المتطهرون ( ،وهي صر يحة في الحكم .وقد ذكرها أبو حيان في تفسيره)¬(٣والزمخشري في الـكشاف)¬ .(٤ولم
ينسباها لأحد .
¬__________
)¬ - (١انظر :التبيان في أقسام القرآن ص ، ١٤٣ومدارج السالـكين ، ٤١٨ ، ٤١٧ /٢تحقيق :محمد حامد الفقي .دار الكتاب
العربي ،بيروت .الطبعة الثانية ١٣٩٤هـ .
)¬ - (٢انظر :إعلام الموقعين عن رب العالمين ، ٢٢٥ /١وسيأتي نقل كلامه رحمه الل ّٰه ،انظر ص ١٥من هذا البحث .
)¬ - (٣أنظر :معجم القراءات القرآنية للدكتورين .عبد العال مكرم وأحمد مختار عمر . ٧٤ /٧من مطبوعات جامعة الـكويت .
الطبعة الأولى ١٤٠٥هـ
)¬ - (٤انظر :الـكشاف ، ٤/٦٢تخريج الإمام ابن حجر ،دار المعرفة ،بيروت .
القراءة الثانية ) :الم ُ َ ّ
طهّ ِرون ( بتشديد الطاء المفتوحة والهاء مكسورة ،وأصلها :المتطهرون ،وهي قراءة سلمان الفارسي ـ رضي الل ّٰه عنه
ـ والحسن وعبد الل ّٰه بن عون)¬ .(١وذكرها الـكرماني في شواذ القراءة لابن مسعود رضي الل ّٰه عنه)¬.(٢
القراءة الثالثة ) :المُطَهّ ِرون ( بتخفيف الطاء وتشديد الهاء مكسورة ،أي المطهرون أنفسهم ،قرأ بها سلمان الفارسي ،وذكرها ابن
عطية في تفسيره)¬(٣وأبو حيان)¬.(٤
القراءة الرابعة ) :الم ُ ْطه َرون ( بسكون الطاء وتخفيف الهاء مفتوحة ،وهي قراءة نافع وأبي عمر ٍو وعيسى الثقفي ،وذكرها أبو حيان في
تفسيره)¬(٥وابن خالو يه في شواذ القرآن)¬.(٦
وهذه القراءات وإن كانت شاذة ،فهي مفسرة للقراءة الصحيحة المشهورة ومبينة لها كما قرر ذلك أهل الشأن ،فقد نقل الزركشي عن
أبي عبيد )¬(٧
¬__________
)¬ - (١انظر :مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالو يه عني بنشره ،ج .برجشتراسر ص . ١٥١دار الهجرة .ومعجم
القراءات القرآنية . ٧/٧٤
)¬ - (٢انظر كتاب ) :قراءة عبد الل ّٰه بن مسعود .مكانتها مصادرها إحصاؤها ( للدكتور محمد أحمد خاطر ص . ١٦٢دار الاعتصام
.
)¬ - (٣انظر :المحرر الوجيز ، ٢٧٠ /١٤تحقيق السيد عبد العال ،من مطبوعات المحاكم الشرعية بقطر ط. ١
)¬ - (٤انظر :البحر المحيط.٢١٤ /٨ :
)¬ - (٥السابق.
)¬ - (٦انظر :مختصر في شواذ القرآن :ص.١٥١
)¬ - (٧هو :القاسم بن سلام أبو عبيد الخراساني الأنصاري مولاهم البغدادي الإمام الـكبير الحافظ ،أحد الأعلام المجتهدين وصاحب
التصانيف في القراءات والحديث والفقه واللغة والشعر ومناقبه كثيرة ،توفي سنة . ٢٢٤
انظر ترجمته في :غاية النهاية ومعرفة القراء وتذكرة الحفاظ وتقريب التهذيب ..وغيرها .
في كتابه فضائل القرآن قوله ) :إن القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ( وذكر أمثلة لذلك ،ثم قال ) :
Shamela.org ٨
almesnad-21 ١
فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن ،وقد كان ي ُروى مثل هذا عن التابعين في التفسير في ُستحسن ذلك ،فكيف إذا
ر ُوي عن كبار الصحابة ثم صار في نفس القراءة ؟ ،فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى ،فأدنى ما يُستنبط من هذه الحروف صحة
التأو يل ،على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله ،إنما يعرف ذلك العلماء ،ولذلك يُعتبر بها وجه القرآن .(١¬)" ..
فإن قيل :إننا إذا اعتبرنا هذه القراءات الشاذة ؛ اختلف المعنى وصار هناك تعارض ..
والجواب :إن من القواعد المقررة في أصول التفسير أن الآية إذا كانت ٺتضمن معنيين لا يتنافيان فإنها تُحمل عليهما جميعاً)¬(٢؛ ولا
تنافي بين المعنيين في الآية ،بل الثاني فرع عن الأول ،فإن الكتاب المكنون إذا كان لا يمسه إلا المطهرون ؛ فكذلك الكتاب الذي
بأيدينا ينبغي أن لا يمسه إلا طاهر كما سبق من قول شيخ الإسلام ـ رحمه الل ّٰه ـ .وهذه القراءات تؤيد ما ذكرت ،إضافة إلى ما سيأتي–
إن شاء الل ّٰه ـ من أدلة السنة المطهرة .
وقول الكاتب " :ونحن نشاهد أن المصحف يمسه المتطهر وغير المتطهر ..إلخ " .وكذا قوله في ص " : ٦لو أن الل ّٰه أراد بما أخبر أن
يحفظ القرآن من مس غير المؤمن ،أو من المؤمن غير المتوضئ ،لجعله محرزا ً من ذلك بأي سبب يحرز به " ...
¬__________
)¬ - (١البرهان في علوم القرآن ،١/٣٣٦تحقيق :محمد أبو الفضل إبراهيم ،دار الجيل ،بيروت ١٤٠٨هـ .
)¬ - (٢انظر:شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد العثيمين ص.٥٦دار الوطن ط ١
الجواب :أن النفي في الآية ،وكذلك في قوله ـ صلى الل ّٰه عليه وسلم – )) لا يمس القرآن إلا طاهر (( .يصلح أن يكون نظير قوله ـ
صلى الل ّٰه عليه وسلم ـ عن مكة )) :لا يُعضد ُ شجرها (()¬(١فإنه خبر عن الشارع ،أي لا يحل أن يعضد شجرها ،فإن وقع خلاف
ن َ .لّا يَم َ ُ ّ
سه ُ ِإ َلّا ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( )الواقعة٧٧ : اب َمّكْن ُو ٍ منها شيء من المراد ،وأنت إذا تأملت قوله تعالى ِ )) :إ َن ّه ُ لَقُر ْآ ٌ
ن كَر ِيم ٌ .فِي ك ِت َ ٍ
Shamela.org ٩
almesnad-21 ١
( ٧٩ ، ٧٨ ،وجدت الآية من أظهر الأدلة على نبوة النبي ـ صلى الل ّٰه عليه وسلم ـ ،وأن هذا القرآن جاء من عند الل ّٰه ،وأن الذي
ت بِه ِ ال َ ّ
شيَاطِينُ .وَم َا يَنبَغ ِي لَه ُ ْم وَم َا جاء به روح مطهر ،فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل ،ووجدت الآية أخت قوله )) :وَم َا تَنَز ّل َ ْ
يَسْتَط ِيع ُونَ (( )الشعراء . (٢١١ ،٢١٠ :ووجدتها دالة بأحسن الدلالة على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر)¬ ،(١ووجدتها دالة أيضا ً
بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا من آمن به وعمل به ،كما فهمه البخاري من الآية ؛ فقال في صحيحه في باب )) :
ق ُلْ ف َأْ تُوا ْ ب َِالت ّوْر َاة ِ فَات ْلُوه َا ِإن كُنتُم ْ صَادِق ِينَ (()آل عمران.(٩٣ :
¬__________
)¬ - (١يريد الشيخ :الطهارة الحسية الشرعية ،لا المعنو ية كما صرح بذلك في مواضع أخرى :انظر :التبيان في أقسام القرآن ص
. ١٤٣ومدارج السالـكين . ١٤٨ /٢
الت ّوْر َاة َ ث َُم ّ ل َ ْم يَحْم ِلُوه َا
ن حُم ِّلُوا َ
ل ال َ ّذ ِي َ
لا يمسه :لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ،ولا يحمله بحقه إلا المؤمن ،لقوله تعالى )) :م َث َ ُ
الل ّه ِ و ََالل ّه ُ ل َا يَهْدِي الْقَوْم َ ال َ ّ
ظالِمِينَ (( سورة الجمعة ،الآية . (٥ ):وتجد ن ك َ َذّبُوا ب ِآي ِ
َات َ ل الْقَو ْ ِم ال َ ّذ ِي َ
ْس م َث َ ُ
ل أَ سْ ف َارا ً بِئ َ كَمَث َ ِ
ل ا ْلحِمَارِ يَحْم ِ ُ
تحته أيضا ًأنه لا ينال معانيه ،و يفهمه كما ينبغي إلا القلوب الطاهرة ،وأن القلوب النجسة ممنوعة من فهمه ،مصروفة عنه .فتأمل
هذا النسب القريب ،وعقد هذه الأخوة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية ،واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بأحسن
وجه وأبينه ،فهذا من الفهم الذي أشار إليه علي ـ رضي الل ّٰه عنه ـ")¬. (١
فلل ّٰه در ابن القيم – رحمه الل ّٰه – ما أعظم فقهه وأدق فهمه ،فنسأل الل ّٰه العظيم من فضله .
-٤في ) ص ( ٦قال الكاتب ما نصه " :إذا ً فيكون الإخبار ) يعني في الآية ( إخبارا ً عن شيء للقرآن لا يكون في الأرض قطعا ً
،وإنما يكون في السماء قبل تنزله التنزل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا ،ألا وهو الكتاب الذي حُفظ فيه القرآن عند التنزل
الأول في اللوح المحفوظ ".
ل مّ ِن َرّ ِّ
ب الْع َالم َي ِنَ (( سورة وعلق في الهامش قائلا ً " :وهذا يبطل قول من توهم أن قوله تعالى في سياق الآيات نفسها )) تَنز ِي ٌ
الواقعة (٨٠ ) ،إنما يراد تنز يل القرآن على قلب محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم أ هـ.
وأقول :بل يبطل قوله هو في تفسير الكتاب المكنون باللوح المحفوظ ؛ فإن الل ّٰه لم ينزل اللوح المحفوظ – كما سبق ، -وإنما أنزل القرآن
،فالكاتب يرد على نفسه .
¬__________
)¬ - (١إعلام الموقعين عن رب العالمين ، ٢٢٥ /١تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد .ط دار الفكر ،بيروت – لبنان .
ثم العجيب قوله ) :التنزل الثاني إلى بيت العزة ( والمعروف أن هذا هو التنزل الأول ،فإن القرآن أنزل جملة في ليلة القدر إلى بيت
العزة في السماء الدنيا ،وهذا هو التنزل الأول ،ثم ُأنزل منجما ً بحسب الوقائع على قلب محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم )¬ (١وهو التنزل
الثاني ،فكلام الكاتب هنا في غاية الاضطراب والتناقض .
ل مّ ِن َرّ ِّ
ب الْع َالم َي ِنَ (( يعود إلى القرآن لا إلى الكتاب المكنون .فالجواب :إنك قد قررت قبل ذلك فإن قال :إن قوله تعالى )) تَنز ِي ٌ
)¬ (٢أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور ،وإن أعادة الضمير في قوله تعالى )) َلّا يَم َ ُ ّ
سه ُ ِإ َلّا ال ْمُطَ َهّر ُونَ(( إلى القرآن قول فاسد وبعيد
ل مّ ِن َرّ ِّ
ب ال ْع َالم َي ِنَ (( إلى القرآن ،فما جوابه على ذلك جدا ً بل خطأ جدا ً ..إلخ ،فمن باب أولى أن لا يعود الضمير في قوله )) تَنز ِي ٌ
؟.
-٥ثم ذكر حديث عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وفيه أن )) :لا يمس القرآن إلا طاهر (( ،وذكر
أن المانعين يستدلون به على ما ذهبوا إليه .
والحديث حسن بطرقه وشواهده كما ذكر )¬ ، . (٣وقد تلقته الأمة بالقبول ،قال الإمام أحمد :أرجو أن يكون صحيحا ً ،وقال :
لا أشك أن الرسول كتبه .وقال يعقوب بن سفيان :لا أعلم كتابا ً ] أي مكتوبا ً [ أصح من هذا الكتاب ؛ فإن أصحاب رسول الل ّٰه
Shamela.org ١٠
almesnad-21 ١
Shamela.org ١١
almesnad-21 ١
الأرض كلها لما زال عنه هذا الوصف حتى يؤمن ،فدل ذلك – بالمقابلة – على أن المقصود بالنجاسة في الحديث :النجاسة الحكمية
المعنو ية التي لا تزول إلا بزوال وصف الإيمان ،لا الحسية الشرعية التي تزول بزوال سببها في كل وقت ،ولهذا – والل ّٰه أعلم – جاء
التعبير بالفعل المضارع )ينجس( الذي يدل على التجدد والاستمرار والدوام .
ويتفرع عن هذا أن الكافر لا يجوز تمكينه من مس المصحف لأنه فاقد للطهارتين الحسية والمعنو ية ،بخلاف ما قرره الكاتب – غفر
الل ّٰه لنا وله – من أن ذلك جائز للضرورة .وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الل ّٰه .
أما حديث عائشة رضي الل ّٰه عنها " :كان يذكر الل ّٰه على كل أحيانه " فليس فيه دليل صريح على جواز مس المصحف لغير المتطهر ولا
قراءة الجنب للقرآن ،وليس هو معارضا ًلأحاديث المنع ،فإن الجمع بينهما ممكن ،وهو أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كان يذكر الل ّٰه على
كل أحيانه ،فإن أصابته جنابة امتنع عن قراءة القرآن دون سائر الذكر حتى يتطهر ،وهذا لا يخرجه من كونه ذاكرا ً لل ّٰه على كل
أحيانه ،ولذا لم تقل عائشة :كان يقرأ القرآن على كل أحيانه ،وهذا من فقهها رضي الل ّٰه عنها ،ثم إن وقت الجنابة لا يطول في العادة
.
وإذا أمكن الجمع بين الأحاديث والنصوص ؛ فإنه لا يقال بالتعارض ،ولا يُلجأ إلى الترجيح ،وإعمال النصوص كلها أولى من إهمال
بعضها ،أو تكلف تأو يلها وردها .
ثم إن الكاتب ناقض نفسه بنفسه ،فجعل الخـبر في قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم )) لا يمس القرآن (( بمعنى الأمر ،على المعنى الذي فهمه
،فقال " :والمراد :عدم تمكين المشرك من مسه " ،وكان قد قرر قبل ذلك بما نقله عن ابن حزم أن الخـبر لا يجوز صرفه عن ظاهره
إلى معنى الأمر إلا بنص جلي ،أو إجماع متيقن ) انظر ص ، (٦فأين هنا النص الجلي أو الإجماع المتيقن ؟! .
فإن قال :بل هناك نص جلي ؛ وهو نهي النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ..
فالجواب :إن هذا غير مسل ّم ،فإن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم إنما نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو خشية امتهانه كما جاء في بعض
روايات الحديث )¬ ، (١لا من أجل مجرد المس .وقد قرر ذلك الكاتب بنفسه كما في ص ، ١٣فيبقى الخـبر كما قررته سابقا ً ،لا
خبرا ً عن الواقع ،ولا بمعنى الأمر .وإنما خبر عن الشرع ،فيكون المعنى :حقه وقدره ألا يمسه إلا مسلم متطهر .
ثم ذكر الوجه الثاني ،المرجح – عنده – لـكون كلمة ) طاهر ( في الحديث تعني المؤمن ،فقال " :الثاني :أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
كان يكتب إلى الملوك الـكفار ،و يضمن كتبه إليهم هذه آيات من القرآن ،ولا شك أنهم كانوا يمسون هذه الـكتب ،أو يمسها من
يقرأ لهم من بطانتهم ممن على مثل دينهم " ) ص. ( ٨
والجواب عن ذلك :أن هذه الـكتب التي يبعثها النبي إلى الـكفار لا تسمى قرآنا ً– وإن تضمنت منه آية أو آيتين – ولا هي في حكم
القرآن أو المصحف ،فهي كسائر كتب التفسير والحديث والأذكار ونحوها ، ..وهذه لا خلاف في جواز مسها
فإن قال – وقد قال ذلك : -إن الآية مكية ،والقرآن لم يجمع في مصحف واحد إلا في المدينة بعد وفاة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ..
) ص . ( ٢٦
فالجواب عن ذلك من وجهين :
¬__________
)¬ - (١انظر مسند أحمد ٦/٢٦١ح ٤٥٧٦ط أحمد شاكر .
أحدهما :أن هذا إخبار عن المستقبل ،وأن القرآن سيجمع في كتاب واحد وهو المصحف ،وهذا نظير قوله تعالى في سورة المزمل :
الل ّه ِ (( سورة المزمل ،الآية ، (٢٠ ) :ومعلوم أن هذه السورة مكية ،بل هي من أوائل ما نزل في
ل َ ))و َآخَر ُونَ يُق َاتِلُونَ فِي سَب ِي ِ
مكة ،والقتال لم يشرع إلا في المدينة .
الثاني :أن لفظ القرآن يطلق على القليل منه والـكثير ،فيدخل في ذلك ما كُتب في الألواح والرقاع والعسب من القرآن لا يخالطه
شيء .ولهذا – والل ّٰه أعلم – جاء التعبير بلفظ ) القرآن ( دون المصحف ،ليشمل القليل والـكثير ،ولهذا أيضا ً– والل ّٰه تعالى أعلم –
صدر النهي عن كتابة شيء غير القرآن خشية أن يختلط بغيره ،بل صدر الأمر بمحو ما كُتب غير القرآن فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم )) :
Shamela.org ١٢
almesnad-21 ١
لا تكتبوا عني شيئا ً إلا القرآن ،فمن كتب عني غير القرآن فليمحه ، (١¬) (( ..وهذا لا يعارض قوله لعبد الل ّٰه بن عمرو )) :
اكتب ،فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق (( )¬ (٢؛ لأن النهي عن الكتابة إنما كان في أول الأمر لئلا يختلط القرآن بغيره ،
فلما عُلم القرآن وتميز و ُأفرد بالضبط والحفظ ،و ُأمنت عليه مفسدة الاختلاط ُ ،أذن في الكتابة ..كما قرر ذلك العلامة ابن القيم رحمه
الل ّٰه )¬ . (٣ومن ذلك يتبين أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لم يأذن لغير المسلم أن يمس القرآن ،لا للضرورة ولا لغيرها ،وهذا هو
الذي فهمه الصحابة رضي الل ّٰه عنهم كما جاء في قصة إسلام عمر ،وامتناع أخته تسليمه رقعة كتب فيها شيء من القرآن حتى يتطهر
وهذه القصة وإن كان في سندها مقال ؛ لـكن يُستأنس بها .
¬__________
)¬ - (١أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق ،باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ، ٢٢٩ /٨وأحمد في المسند ،٣/٧١إعداد
:محمد سليم إبراهيم ،المكتب الإسلامي ،بيروت .الطبعة الأولى ١٤١٣هـ .
)¬ - (٢أخرجه الإمام أحمد في المسند /١٠برقم ، ٦٥١٠ت :أحمد شاكر .دار المعارف بمصر .
)¬ - (٣انظر حاشية المسند ، ٦٥١٠ /١٠تحقيق :أحمد شاكر ،وانظر :تأو يل مختِلف الحديث لابن قتيبة ص . ١٩٣دار الكتاب
العربي ،بيروت .
وقد جاء الكاتب من عنده باستثناءات غريبة ،بناها على أساس غير متين ،فقال " :إذا ً فقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم :لا يمس القرآن
إلا طاهر ،معناه :لا يمسه لغير حاجة داعية ،أو ضرورة قائمة غير مسلم ،فيكون الاستثناء محتاجا ًلاستثناء فقهي آخر يبينه و يقيده
،يُعرف من أدلة أخرى ،فيصير الكلام هكذا :لا يمس القرآن إلا طاهر ،مسلم ،إلا لحاجة وضرورة ،فيجوز حينئذ لغير الطاهر
المسلم مسه " ..انتهى كلامه ) .انظر ص ، ( ١٠ولا يخفى ما فيه من التناقض والاضطراب .
-٦ثم قال في الصفحة نفسها ) :ولا فرق بين أن يكون المسلم جنبا ً ،وبين أن يكون غير جنب ،وبين أن تكون المرأة حائضا ً أو
نفساء ،وبين أن تكون غير ذلك ،فلا يحظر عليهما مس المصحف في الحالين لأنهما طاهران غير نجسين ..إلخ ( واحتج بحديث عائشة
حين طمثت في الحج ،فقال لها النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم " :اصنعي كل ما يصنعه الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت " ،وزاد الكاتب "
ولا تصلي " )¬ . (١ولم يذكر )!!( " حتى تطهري " .ثم قال " :فأباح لها الرسول صلى الل ّٰه عليه وسلم كل أنواع القرب والعبادات ،
ما عدا الصلاة والطواف بالبيت " ..
والجواب :
¬__________
)¬ - (١الحديث في الصحيحين ،وقد ٺتبعت ألفاظ الحديث فيهما فلم أجد هذه الز يادة من كلام النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ،وإنما
ذكرها البخاري من كلام الجابر ،ولهذا بوب البخاري لهذا الحديث بقوله :باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ،
ولم يذكر الصلاة لأن ترك الحائض للصلاة أمر معروف في الحج وغيره .فلا أدري كيف تجرأ الكاتب وتق َو ّل على النبي صلى الل ّٰه عليه
وسلم ما لم يقل دون ٺثبت وعلم ، .وأعجب من ذلك قوله في الهامش " :وموه ) بعضهم ( هكذا بين قوسين ( بحذف لفظ الصلاة
من الحديث ليلزم القائلين بجواز القراءة والمس أن يجوزوا الصلاة لها وأنى له ذلك " )!!! ( .وقد زاد في الحديث كلمة أخرى وهي
) كل ( مع أنها لم ترد في جميع روايات الصحيحين فلا أدري من أين جاء بها ؟! فعجبا ًمن صنيع هذا الرجل .
أولا ً :قد ورد في التفر يق بين الجنب وغير الجنب أحاديث منها حديث عليّ رضي الل ّٰه عنه " :كان رسول الل ّٰه لا يحجبه عن القرآن
شيء ليس الجنابة " رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان .قال الحافظ ابن حجر " :وضع ّف بعضهم بعض رواته ،والحق
أنه من قبيل الحسن ،يصلح للحجة " )¬ . (١لـكن الكاتب قال :إن سلمنا بصحة هذا الحديث ،فإنه معارِض لحديث عائشة في صحيح
مسلم " :كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يذكر الل ّٰه على كل أحيانه " ،ثم إن في الاستدلال به نظر ،لأنه حكاية فعل فلا يدل على تحريم
ما عداه ..إلخ
والجواب :أما معارضته لحديث عائشة فإنه ليس بينهما تعارض ،وقد سبق الجواب عن ذلك )¬. (٢
Shamela.org ١٣
almesnad-21 ١
وأما قوله إنه حكاية فعل ،فقد ورد ما هو أصرح منه ،ففي المسند للإمام أحمد عن علي أنه ُأتي بو َضوء فتوضأ وضوءه للصلاة ثم قال
" :هكذا رأيت رسول الل ّٰه توضأ ،ثم قرأ شيئا ًمن القرآن ،ثم قال ) :هذا لمن ليس بجنب ،فأما الجنب فلا ،ولا آية ()¬. (٣
¬__________
)¬ - (١انظر :فتح الباري ، ٤٠٨ /١بتصحيح وتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز .دار المعرفة ،بيروت ،لبنان .وانظر تلخيص
الحبير . ١٤٧ /١وقد صحح الحديث الحاكم ،ووافقه الذهبي ،وقال أحمد شاكر :إسناده صحيح .
)¬ - (٢انظر :ص ٨من هذا الحديث .
)¬ - (٣المسند للإمام أحمد ١٦٢ /٢رقم ، ٨٧٢تحقيق :أحمد شاكر – رحمه الل ّٰه – وقد حكم بصحة إسناده ،واحتج به شيخنا
العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الل ّٰه ، -وقال :إسناده جيد )انظر :مجموع فتاوى الشيخ ،جمع وإشراف الدكتور محمد بن سعد
الشو يعر ، (٣٨٤ /٤وكونه ر ُوي موقوفا ًعلى علي رضي الل ّٰه عنه لا يضر ،بل يقو يه كما ذكر ذلك الحافظ ،في التلخيص )١٤٧ /١
( وقال :إنه يعضد الحديث المرفوع ،حديث عبد الل ّٰه بن سلمة .
– ٤أخرجه الطبراني في الأوسط ،١٦٤ /٣ :برقم.٢٣٣٣ :
وهذا نص صريح واضح في أن الجنب لا يقرأ شيئا ًمن القرآن ،ولا آية واحدة .وعند الطبراني" :نهاني رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم
عن القراءة وأنا جنب" .وهو نص صريح.
وقول الكاتب :إن ما صح عن عائشة وابن عباس -رضي الل ّٰه عنهما – وهما أكثر عددا ً ،وعائشة أعلم بأحوال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم
من علي )!( -يكفي في رد حديث علي رضي الل ّٰه عنه ،فكيف وهو لم يصح .
الجواب عنه :أن حديث علي إن كان لم يصح عند الكاتب ؛ فقد صح عند غيره – كما سبق – ولو أراد تصحيحه أو تحسينه لم يعجزه
ذلك .أما قوله إن عائشة وابن عباس أكثر عددا ً ..فغير مسل ّم ،فإن عائشة لم يرد عنها ما يدل صراحة على جواز قراءة الجنب للقرآن
،بل صح عنها قولها " إن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن ")¬ . (١قال ابن دقيق العيد " :
في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرآ القرآن ،لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى
التنصيص عليها " )¬. (٢
أما ابن عباس ،فلعله لم يبلغه هذا الحديث ،ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ،وعلى رضي الل ّٰه عنه أكبر منه سنا ً ،وأعلم منه بأحوال
النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ،لا سيما وقد وافقه عدد من الصحابة ،منهم :ابن عمر ،وحكيم بن حزام ،وعثمان بن أبي العاص ،وغيرهم
.
¬__________
)¬ - (١أخرجه البخاري في كتاب الحيض ،باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض .ومسلم في الحيض ،باب جواز غسل
الحائض رأس زوجها .
)¬ - (٢فتح الباري . ٤٠٢ /١
ثانيا ً :احتجاج الكاتب بحديث عائشة ) :افعلي ما يفعل الحاج ..إلخ ( على جواز مس الحائض والجنب للقرآن وقراءتهما له ؛ احتجاج
غير صحيح ،فالحديث لا يدل على شيء من ذلك ؛ أما الجنب فهو غير داخل في هذا الحديث أصلا ً ،لأن الخطاب إنما هو للحائض
،وقياس الجنب على الحائض غير صحيح كما سبق ،فيبقى الجنب ممنوعا ً من مس المصحف بالآية ،و بحديث عمرو بن حزم ،ومن
القراءة بحديث علي رضي الل ّٰه عنه .
وأما الحائض – وفي حكمها النفساء – فقد أمرها الشارع بأن تفعل ما يفعل الحاج ،وفي حديث جابر رضي الل ّٰه عنه ) :فأمرها النبي
أن تنسك المناسك كلها ( ؛ وليس من مناسك الحج الواجبة –بالنسبة للحائض –قراءة القرآن ،ولا مسه ،فلو أنها حجت ولم تقرأ
القرآن ،ولم تمسه فحجها صحيح كامل .
وأما قول الكاتب – غفر الل ّٰه له " : -فأباح لها الرسول صلى الل ّٰه عليه وسلم كل أنواع الق ُر َب والعبادات ،ما عدا الصلاة والطواف
Shamela.org ١٤
almesnad-21 ١
بالبيت ( ؛ فهو افتراء على رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ،وجهل بمراده ومقصده ،فإن الرسول صلى الل ّٰه عليه وسلم لم يبح لها كل
أنواع العبادات والقرب ،بل هي – وغيرها من الحجاج – ممنوعون من قُر ٍَب كثيرة ،كعقد النكاح ،والجماع قبل التحلل الأول ،وغير
ذلك ،بنصوص أخرى .وكذلك مس المصحف ؛ م ُنعت منه الحائض – وغيرها – بنص آخر كما سبق ،بل إن في قوله صلى الل ّٰه
عليه وسلم في آخر هذا الحديث " :حتى تطهري " دلالة واضحة على أن الحائض ليست بطاهر ،وقد قال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ))
لا يمس القرآن إلا طاهر(( ولهذا السبب – والل ّٰه أعلم – أغفل الكاتب ذكر هذا الجزء من الحديث ،وزاد في الحديث ما ليس منه كما
سبق ،والل ّٰه يحاسبه على ذلك .
أما قراءة القرآن بدون مس المصحف لغير الجنب ،أو مسه بحائل ،فلا بأس لعدم وجود ما يمنع صراحة .
ثم قال الكاتب)ص ) : (١٢وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري ) (١/٤٠٧عن ابن رشيد – تبعا ًلابن بطال – قوله في مناسبة
التبويب " :إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الل ّٰه عنها ،واستحسنه الحافظ ( .أهـ .
قوله " :استحسنه الحافظ " فيه إبهام واضح ،فإن الحافظ – رحمه الل ّٰه – لم يستحسن الحكم نفسه ،وإنما استحسن قول ابن رشيد –
تبعا ً لابن بطال – في بيان مراد البخاري فيما ذكره من الأحاديث والآثار في الباب كما يدل على ذلك أول كلام الحافظ في شرح
أحاديث الباب .
ومن ذلك قول الكاتب )ص ) : ( ١٨وما أحسن ما قاله ابن حجر رحمه الل ّٰه في التلخيص الحبير )هكذا ( ) (١/١٣٩عن حديث
علي " :قال ابن خزيمة ( ..فالقول هنا لابن خزيمة ،نقله عنه الحافظ مع كلام آخر كثير ،فلا يعد ذلك قولا ً للحافظ رحمه الل ّٰه كما
يُفهم من عبارة الكاتب ٍ .
فالكاتب – والل ّٰه أعلم بالنيات – كأنه يريد أن يوهم القارئ بأن الحافظ ابن حجر يرى رأيه في جوز قراءة الحائض والجنب ،والذي
ظهر لي من كلام الحافظ أنه لم يرجح أحد القولين على الآخر ،وإنما اقتصر على ذكر أدلة الفر يقين ،والل ّٰه تعالى أعلم .
-٧ثم في ) ص (٢٢قال الكاتب تحت عنوان :عَوْد ٌ على بدء " :ولو أننا عدنا إلى النظر في حديث علي الذي يتخذه المانعون من مس
الجنب القرآن أو تلاوته )¬ ، (١لوجدنا فيه :كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ، ..فكيف يجتمع
لهم قولان ضدان ،لدليلين في آن واحد معا ً)¬ .. (٢إلخ "
¬__________
)¬ - (١العبارة غير تامة !!!
)¬ - (٢حاولت أن أفهم هذه العبارة لـكنني لم أستطع .
والجواب :المانعون – وهم الجمهور – استدلوا على منع الجنب من القراءة بهذا الحديث ،و بحديث عليّ أيضا ً في المسند أن النبي صلى
الل ّٰه عليه وسلم توضأ ،ثم قرأ شيئا ًمن القرآن ،ثم قال " :هذا لمن ليس بجنب ،فأما الجنب فلا ،ولا آية " – وقد سبق الكلام عنه
)¬ – . (١كما استدلوا بمنع غير المتطهر من مس المصحف بالآية ،و بحديث )) :لا يمس القرآن إلا طاهر (( ،وليس بين هذه
النصوص – ولل ّٰه الحمد – أي تعارض .
ظ ِمت صحائف المصحف إلا لما فيها من كلام الل ّٰه ..فهل تجوز القراءة ويُمنع المس ..ومن يفرق بينهما
وقول الكاتب " :ثم هل ع ُ ّ
يعوزه الدليل ولا دليل " ؛ أقول :قوله هذا مجرد رأي يخالف النصوص السابقة ،وقد قال هو في موضع آخر من رسالته " :لا يجدر
بمؤمن عاقل أن يعرف الحق بدليله ،ثم يعدل عنه إلى ما سواه ،اتباعا ًلرأي . (٢¬) " ..فإن الأدلة قد دلت على التفر يق كما سبق
،وجرى على ذلك جمهور العلماء ،إلا القليل ،بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك )¬ (٣وفيه نظر لوجود مخالف كابن عباس من
الصحابة ،والطبري والبخاري وغيرهم ،والـكثرة والقلة وإن لم تكن حجة في الأحكام ،إلا أنها – في الغالب –قرينة على قوة القول أو
ضعفه ،لا سيما في المسائل العلمية .والل ّٰه تعالى أعلم .
¬__________
Shamela.org ١٥
almesnad-21 ١
)¬ - (١انظر ص ٢٨من هذا البحث .وقد أخرج هذا الحديث أبو يعلى الموصلي في مسنده ٣٠٠ /١ح ٣٦٥بلفظ مقارب ،ت
حسين سليم ،وقال :إسناده قوي ،ط دار المأمون للتراث ،بيروت .وقال الهيثمي :رجاله موثوقون .
)¬ - (٢انظر :ص . ٢٩
)¬ - (٣انظر :حاشية الروض المربع لعبد الرحمن بن قاسم .٢٦٢ /١ /الطبعة الثانية ١٤٠٣هـ .ونيل الأوطار للشوكاني .١/٢٦٠
ط دار الفكر .الطبعة الأولى ١٤٠٣هـ .
-٨ثم قال ) ص ( ٢٠تحت عنوان ) :استدلال متناقض ( " :وإنه لمن الغريب حقا ًأن يجو ّز بعض العلماء – كما أشرت – مس
المصحف للجنب إن كان معلما ًأو متعلما ً،أو كان بعضا ًمنه كالآية والآيتين ،أو قراءة الجنب للآية أو الآيات إن قصد بقراءتها الدعاء
،كل هذا التفر يق لا دليل لهم عليه ،لا من كتاب ،ولا من سنة ،إنما هو الرأي وحده " ..
والجواب :قد تضمن قوله هذا ثلاث مسائل :
الأولى :مس الجنب للمصحف إن كان معلما ًأو متعلما ً،ولم يذكر من قال بهذا القول ،وليس هذا قول الجمهور .
الثانية :مس الجنب للمصحف إن كان بعضا ًمنه كالآية والآيتين ،وهذا لا أدري كيف يكون ،وليس هو أيضا ًقول الجمهور .
الثالثة :قراءة الجنب للآية أو الآيتين إن قصد بها الدعاء ،وهذا قد قال به العلماء وأجازوه ،وهو قول وجيه ،والدليل على التفر يق بين
التلاوة والدعاء قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم" :إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى " )¬، .(١وهذا الحديث أصل من أصول
سب ْحانَ ال َ ّذ ِي سَ َخ ّر َ لَنَا هَذ َا وَم َا ك َُن ّا لَه ُ م ُ ْقرِنِينَ * و َِإ َن ّا
الشر يعة ،وهو من القواعد الكلية الـكبرى في الفقه ،فمن ركب دابته وقال ُ )) :
ِإلَى ر َب ّنَِا لَمُنق َلِب ُونَ (( )الزخرف. ( ١٤ ،١٣ :
ونوى بذلك دعاء الركوب ،لم يُع َ َ ّد تاليا ًللقرآن ،وكذا من قال ) بسم الل ّٰه الرحمن الرحيم ( ولم ينو بذلك التلاوة ،وأمثلة هذا كثيرة ،
فكيف يقال إنه لا دليل على التفر يق ؟!
-٩ثم قال الكاتب في الخاتمة ما نصه :
" فهلا عقل أولئك الظانون بأنفسهم أنهم علماء ،أن وعي الدين ،ومعرفة الأحكام ،إنما يكون بفهم ما أنزل الل ّٰه على نبيه الأمين ،من
ن نَز ّل ْنَا الذِّك ْر َ و َِإ َن ّا لَه ُ لَحَافِظ ُونَ (( )الحجر. (٩:، وحيه المحفوظِ )) :إ َن ّا َ
نح ْ ُ
¬__________
)¬ - (١أخرجه البخاري في بدء الوحي ،باب :كيف كان بدء الوحي ،ومسلم في كتاب الإمارة ،باب قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم :
إنما الأعمال بالنية .
وليس من تقليد يُشفى بهم على الهلـكة !! أفليس ما تقدم من براهين شرعية ،واستدلالات استنباطية ،ودلالات لغو ية بكاف على
صحة ما ذهبنا ) كذا ( ،وسبقنا إليه عدد من الأئمة والعلماء متقدمين ومتأخرين – رحمهم الل ّٰه أجمعين – ثم أليس هذا بمبطل ذلك
الرهق المذهبي الذي جثم على عقول طوائف من جهلة المقلدة من أشباه العلماء – ولا علماء – وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء ؟! " ..
) ص. ( ٣٠
وأقول :إن هذا الذي قاله الكاتب في خاتمته – غفر الل ّٰه له – هو من الجهل والسفه ،فإن القائلين بالمنع هم جمهور العلماء ،ومنهم الأئمة
الأربعة – رحمهم الل ّٰه -؛ أفيكون متبع أولئك الأئمة الأعلام – مع قوة أدلتهم ووضوحها – مقلدا ً تقليدا ً يُشفى به على الهلـكة ؟!! أو
من جهلة المقلدة من أشباه العلماء – ولا علماء وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء ؟!! ،فضلا ًأن يكون الأئمة أنفسهم كذلك ) لأن كلام
الكاتب يتناولهم أيضا ً(.
أظن أن هذه الأوصاف أولى بها قائلها ،لا سيما وقد تبېن ما في كلامه من التناقض والاضطراب والإبهام ،وضعف التحقيق العلمي
وتوثيق النصوص ،وعدم الفهم الصحيح لها ،والقول على الل ّٰه ورسوله صلى الل ّٰه عليه وسلم بغير علم ،والجرأة على التحريم والتحليل بناء
على عمومات مطلقة ،إلى غير ذلك . .
وليته اقتصر على هذا؛ بل راح يسفه من خالفه و يجهله و يضلله ،ولئن كان الخلاف والرد سائغا ً في المسائل الاجتهادية؛ فإن التجهيل
Shamela.org ١٦
almesnad-21 ١
Shamela.org ١٧
almesnad-21 ١
فهرس الآيات
السورة الآية رقم الصفحة
ـــــــــ
آل عمران ) قُلْ ف َأْ تُوا ْ ب َِالت ّوْر َاة ِ فَات ْلُوه َا ( ١٦ ٩٣
التوبة ) إنما المشركون نجس( ٢١ ٢٨
ن ن َز ّل ْنَا الذِّك ْر َ ( ٤٣ ٩ الحجر ) ِإ َن ّا َ
نح ْ ُ
الشعراء ) وما تنزلت به الشياطين ( ١٦ ٢١٠
= ) وما ينبغي لهم وما يستطيعون ( ١٦ ٢١١
الزخرف ) سبحان الذي سخر لنا هذا ٣٤ ١٣ (..
= ) وإنا إلى ربنا لمنقلبون ( ٣٤ ١٤
الواقعة ) إنه لقرآن كريم ( ١٦ ٧٧
= )في كتاب مكنون ( ٨،١٦،٣٧ ٧٨
= ) لا يمسه إلا المطهرون ( ٢،٨،٩،١٤،١٦،١٨ ٧٩
٣٧
= ) تنز يل من رب العالمين ( ٩،١٧،١٨ ٨٠
الجمعة ) مثل الذين حملوا التوراة ( ١٦ ٥
المزمل ) وآخرون يقاتلون في سبيل الل ّٰه ( ٢٤ ٢٠
عبس ) عبس وتولى ( ٧ ١
= ) كلا إنها تذكرة ( ٧ ١١
= ) فمن شاء ذكره ( ٧ ١٢
= ) في صحف مكرمة ( ٧ ١٣
= ) مرفوعة مطهرة ( ٧ ١٤
= ) بأيدي سفرة ( ٧ ١٥
فهرس الأحاديث
الحديث رقم الصفحة
" افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"
" اكتب ،فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق "
" إنما الأعمال بالنيات "
"كان رسول الل ّٰه لا يحجبه عن القرآن شيء ليس القرآن "
" كان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يذكر الل ّٰه على كل أحيانه "
" كان يتكئ في حجري وأنا حائض "
" لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر "
" لا تكتبوا عني شيئا ًغير القرآن "
" لا يمس القرآن إلا طاهر "
" المؤمن لا ينجس "
" هذا لمن ليس بجنب ،أما الجنب "
" ولا يعضد شجرها "
فهرس الأعلام .
)أ(
أحمد بن حنبل
الأثرم
Shamela.org ١٨
almesnad-21 ١
)ب (
البخاري :محمد بن إسماعيل
ابن بطال
)ت (
الترمذي :محمد بن عيسى الترمذي
ابن تيمية :أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني
)ث(
ثوبان مولى عثمان
)ج(
جابر بن عبد الل ّٰه
ابن جرير :أبو جعفر محمد بن جرير الطبراني
)ح(
ابن حبان :أبو حاتم محمد
ابن حجر :الحافظ أحمد بن علي العسقلاني
ابن حزم :علي بن أحمد
الحسن البصري
حكيم بن حزام
أبو حيان :أثير الدين محمد بن يوسف
)خ(
ابن خالو يه
ابن خزيمة :محمد بن إسحاق النيسابوري
) د(
ابن دقيق العيد
) ر(
ابن رشد
)ز(
الزركشي :بدر الدين
الزمخشري :جار الل ّٰه محمود
)س (
سلمان الفارسي
)ع (
عائشة أم المؤمنين
عبد الل ّٰه بن عباس
عبد الل ّٰه بن عمر
عبد الل ّٰه بن عمرو بن العاص
عبد الل ّٰه بن عون
عبد الل ّٰه بن مسعود
أبو عبيد :القاسم بن سلام
عثمان بن أبي العاص
ابن العربي :أبو بكر محمد بن عبد الل ّٰه
ابن عطية :أبو محمد عبد الحق
Shamela.org ١٩
almesnad-21 ١
Shamela.org ٢٠
almesnad-21 ١
-١٠حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع ،عبد الرحمن بن قاسم .ط١٤٠٣ ،٢هـ.
-١١حاشية مقدمة التفسير ،عبد الرحمن بن قاسم .ط١٤١٠ ،٢هـ.
-١٢الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ،محمد ناصر الألباني .الدار السلفية ،ط١٤٠٠ ،٣هـ.
)ر(
-١٣الردود ،بكر أبو زيد .دار العاصمة ،الر ياض .ط١٤١٤ ،١هـ.
)س (
-١٤سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام ،أحمد بن علي الصنعاني ،تصحيح وتعليق :محمد محرز حسن سلامة .توز يع جامعة
الإمام محمد بن سعود١٣٩٧ ،هـ.
-١٥سير أعلام النبلاء ،شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ،تحقيق جماعة بإشراف وتخريج :شعيب الأرنؤوط ،مؤسسة الرسالة ،بيروت،
لبنان ،ط١٤٠٦ ،٤هـ.
)ش(
-١٦شرح مقدمة التفسير ،محمد بن عثيمين .دار الوطن ،الر ياض .ط١٤٠١ ،١هـ.
)ص(
-١٧صحيح البخاري ،بعناية مصطفى ديب البغا ،دار القلم ،بيروت – لبنان ،ط١٤٠١ ،١هـ.
– ١٨صحيح الجامع الصغير ،محمد ناصر الدين الألباني ،المكتب الإسلامي بيروت ،ط١٤٠٢ ،٣هـ.
-١٩صحيح سنن ابن ماجه ،محمد ناصر الدين الألباني ،المكتب الإسلامي ،بيروت .ط١٤٠٨ ،٣هـ.
-٢٠صحيح مسلم ،توز يع دار الإفتاء بالر ياض.
) ف(
-٢١فتاوى إسلامية ،جمع وترتيب محمد المسند ،دار الوطن .ط١٤١٥ ،١هـ.
-٢٢فتح الباري شرح صحيح البخاري ،أحمد بن حجر ،بعناية محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب ،دار المعرفة – بيروت – لبنان.
)ق(
-٢٣قراءة عبد الل ّٰه بن مسعود ..مكانتها مصادرها إحصاؤها ،محمد أحمد خاطر .دار الاعتصام.
-٢٤قرة العينين برفع اليدين في الصلاة ،الإمام البخاري .تحقيق :أحمد شر يف .دار الأرقم .الـكويت.
)ك (
-٢٤الـكشاف ،جار الل ّٰه الزمخشري ،بتخريج الحافظ بن حجر .دار المعرفة ،بيروت – لبنان.
)م(
-٢٦مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ،جمع وترتيب :عبد الرحمن بن قاسم.
-٢٧مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ،عبد العزيز بن باز ،جمع وترتيب وإشراف محمد الشو يعر .دار أولي النهى١٤١٣ ،هـ.
-٢٨المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،أبو محمد عبد الحق بن عطية .بتحقيق جماعة ،توز يع رئاسة المحاكم الشرعية بقطر ،ط،١
١٣٩٨هـ.
-٢٩مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالو يه ،عني بنشره :ج .برجشتراسر .دار الهجرة.
-٣٠مدارج السالـكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ،ابن قيم الجوز ية .تحقيق :محمد حامد الفقي .دار الكتاب العربي ،بيروت –
لبنان .ط١٣٩٤ ،٢هـ.
-٣١المسند للإمام أحمد بن حنبل رحمه الل ّٰه .بتخريج :أحمد شاكر ،دار المعارف بمصر .ط١٣٧٣ ،٤هـ.
-٣٢معجم القراءات القرآنية ،عبد العال سالم مكرم ،وأحمد مختار عمر .مطبوعات جامعة الـكويت .ط١٤٠٥ ،١هـ.
-٣٣المغني والشرح الـكبير ،ابن قدامة المقدسي .المكتبة السلفية.
-٣٤المنتقى من أخبار المصطفى ،المجد بن تيمية ،طبع ونشر رئاسة البحوث العلمية والإفتاء بالر ياض.
)ن(
-٣٥نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ،محمد بن علي الشوكاني ،دار الفكر ،بيروت – لبنان .ط١٤٠٢ ،١هـ .
Shamela.org ٢١
almesnad-21 ١
Shamela.org ٢٢