الهدف من المحاضرة: تعريف الطالب بمفهومي الصحة والمرض وفق بعض النظريات ،وبعض المقاربات التي تفسر الصحة والمرض داخل اإلطار االجتماعي. -1تعريف المرض: للمرض معاني مختلفة تختلف باختالف األفراد فهو يشمل على نواتج طبية واجتماعية والمرض في اللغة هو من فسدت صحته فضعف ،أو هو من به نقص أو انحراف ،أو كل ما خرج بالكائن الحي عن حد الصحة واالعتدال( .أميرة منصور يوسف علي)62 :7991 ، المرض حادث اجتماعي ،ألنه يظهر في مواقف اجتماعية فحسب ،بل إن جذوره قائمة في بنية الجماعة نفسها ،وال يمكن تفسيره إال في اإلطار الثقافي الذي يبدو فيه( .محي الدين مختار)373 :7996 ، -1-1المرض النفسي: تعتبر األمراض النفسية العصابية المسبب األول والرئيسي في ظهور المرض العقلي إذ أن الحاالت المتطورة من العصاب قد تدخل الفرد في مرحلة (الذهان) ،والفرق الجوهري بين األمراض العصابية و األمراض الذهنية فرق في الدرجة والعمق والخطورة. والمرض النفسي كما جاء في التقرير السنوي لجمعية الطب النفسي الصادرة في سنة ( )7996عبارة عن اضطرابات وظيفية في الشخصية( .فيصل محمد خير الزاد، )174 :7991 أي أن المرض النفسي اضطراب وظيفي في الشخصية ال يرجع إلى إصابة أو تلف في الجهاز العصبي ،وإنما يرجع في أساسا إلى الخبرات المؤلمة والصدمات االنفعالية أو اضطراب عالقة الفرد مع الوسط االجتماعي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه إلى غير ذلك من ألوان ال خبرات المؤلمة التي تعرض لها الفرد في ماضي حياته وخاصة في طفولته المبكرة أما المرض العقلي فهو خلل شامل في الشخصية يعوق نشاط الفرد ذاتيا واجتماعيا .فالمرض النفسي ترجع أسبابه األساسية إلى العوامل النفسية نتيجة القلق لضغط النفسي ،كما تلعب العوامل العصبية دورا هاما أما المرض العقلي فتلعب العوامل الوراثية دورا هاما كما في الذهان العضوي( .شرف محمد عبد الغني الشريت ،أحمد السيد حالوة)799 :6446 ، -2-1المرض الجسمي: هو ضعف في الجسم ينشأ من خلل في تكوين أعضائه أو أجهزته أو عن طريق عطب يلحق هذه األعضاء فيفسد تكوينها الطبيعي ويجعلها عاجزة عن أداء وظائفها وبما أن كل التغيرات التي تحدث في الجسم لها عالقة بالعقل ،فإن المرض في الجسم له عالقة بالعقل والمرض العقلي سببه عجز بعض المراكز العصبية العليا عن أداء وظائفها مع سالمة تكوينها وعدم إصابتها بعطب مادي والعكس( .محمد جاسم محمد)776 :6441 ، -3-1المرض االجتماعي: وهو عدم القدرة على التكيف مع البيئة الخارجية وتتمثل في المشكالت االجتماعية كاالنحراف واإلدمان وغيره( .أميرة منصور علي)69 :7991 ، -2تعريف الصحة: إن مفهوم الصحة مفهوم متشعب يختلف باختالف الثقافات في المجتمعات وقد أعطى الكثير من العلماء تعاريف ومفاهيم لمعنى الصحة وحسب منظمة الصحة العالمية الصحة هي "حالة متكاملة من الرفاه الجسمي والعقلي واالجتماعي ،وهي ليست مجرد غياب المرض أو وجود العجز")World health organizition, 7919( . الصحة حسب مؤتمر اوتاو بكندا :الصحة هي"المدى التي تستطيع به مجموعة أو فرد تمكينهم لتحقيق طموحا وتلبية احتياجاته ومن ناحية أخر تتطور مع الوسيلة آو تتكيف معها، هذا المفهوم يسلط الضوء على االيجابية االجتماعية والفردية وكذلك القدرات البدنية الصحة ال تنتمي فقط إلى القطاع الصحي بل أنها تتجاوز أسلوب الحياة الصحي وتهدف لتحقيق الرفاهية" (ميثاق اوتاو.)7997 ، إذن الصحة ليست مرتبطة بالجانب العضوي والخلو من المرض فقط بل هي مجموع مترابط بين الجوانب الجسمية والنفسية والعقلية واالجتماعية والتي تمكن اإلنسان القيام بدوره في الحياة كما ينبغي وكذلك قد يصعب تحقيقها لكن يمكن أن توازن بين عناصرها من اجل تحقيقها(Ander Donat, et Jacpues Bournef,1993, p819-820) . -1-2عالمات الصحة: حسب سمير ،احمد أبو العيون ( )6473هي مجموعة المظاهر التي تبدو على الجسم لتعبر عن تمتعه بمستوى صحي معين وهى: الطاقة وتعني وجود طاقة كافية في الجسم تمكنه من مزاولة نشاطه اليومي. • المقاومة وتعني قدرة الجسم على مقاومة األمراض المعدية المختلفة. • التكيف وتعني قدرة اإلنسان على التكيف مع الضغوط الحياتية المختلفة بدون توتر • زائد. التفاؤل وتعني تمتع الشخص بنظرة تفاؤل للحياة والتمتع بها. • تحمل المسؤولية وتعني تحلي الشخص بالقدرة على تحمل المسؤولية مع الشعور • بالرضا والقناعة. الواقعية وتعني أن يكون الشخص واقعيا عند التخطيط للحياة حتى ال يصاب • باإلحباط. النوم وتعني قدرة الشخص على الراحة والنوم الهادئ دون الحاجة إلى وسائل • خارجية كالمهدءات مثال. الحيوية وتعني تمتع اإلنسان بالمظاهر الحيوية( .سمير احمد أبو العيون-79 :6473 ، • )64 -3النظريات والنماذج المفسرة للصحة والمرض: اهتم علماء الطب واالجتماع وعلماء النفس بدراسة الصحة ومدى تأثيرها على نوعية حياة األفراد األصحاء والمرض وعلى سلوكياتهم والتعزيز الصحي لهم ومن أهم هذه النظريات هي: أوال :نظرية المنشأ الصحي: تعد نظرية المنشأ الصحي النتونوفسكي من ابرز النظريات التي اهتمت بموضوع الصحة والتي ظهرت قبل حوالي عقدين من الزمن كمحاولة لتفسير الصحة وكيفية المحافظة عليها انطلقت نظرية المنشأ الصحي في عملية تغييرها للصحة من خالل التساؤالت التالية: • لماذا يظل الناس أصحاء على الرغم من وجود الكثير من المؤثرات المضرة بالصحة؟ • كيف يستطيع الناس تحقيق الشفاء من المرض؟ • ما خصائص أولئك الناس الذين ال يمرضون على الرغم من تعرضهم إلرهاق شديد؟ هذه التساؤالت شكلت منطلق أعمال النتونوفسكي لصياغة هذه النظرية وعملية تفسيرها للصحة وتساهم نظرية المنشأ في مساعدة األفراد في مواجهة المشكالت التي تعترضهم وكيفية التغلب عليهم في مجال الصحة وتعزيز الجانب الصحي واالرتقاء من خالل االستخدام األمثل للموارد المتاحة للفرد ووفقا لنظرية المنشأ الصحي فانه هناك اتجاهات في فهم الصحة. )1االتجاه القائم على المنشأ المرضي: ينطلق هذا االتجاه السائد في الطب من ثنائية الصحة والمرض ويرى أن اإلنسان إما أن يكون صحيحا آو مريضا،وإما أن يعاني من أعراض معينة آو ال يعاني منها من خالل هذا االتجاه يمكن أن نعرف الصحة من خالل غياب المرض كما يمكن أن نفهم الصحة من خالل منشأ األمراض وتطورها وكيفية عالجها ضرورة االبتعاد عن السلوكات التي تؤدي إلى ظهور األمراض وتجنبها. )2االتجاه القائم على المنشأ الصحي: ينطلق هذا االتجاه من متصل الصحة والمرض أي أن اإلنسان يكون في كل لحظة من لحظات حياته صحيحا بدرجة ومريضا بدرجة ما وبمقدار ما يتجه إلى الجانب الصحي على المتصل أن يكون أكثر صحة وبمقدار ما يتجه إلى الجانب المرضي ويبقى اإلنسان ممتلكا لمساحات من التصرف تمكنه من التعامل مع المرض وعواقبه بنجاح. ثانيا :نظرية دافع الحماية (الوقاية): وضع روجرز نظرية دافع الحماية ( )PMTوأشار إليه بأنه دافع لحماية السلوكيات المرتبطة بالصحة ويقوم هذا النموذج على حماية-وقاية –عالج على التمث ل المعرفي للمعلومات المهددة للصحة واتخاذ القرارات للقيام بإجراءات مالئمة بمعنى القيام بأنماط السلوك الصحي ،ويمكننا في هذا النموذج التفريق بين العناصر األربعة التالية: الدرجة المدركة من الخطورة Severityالمتعلقة بتهديد الصحة مثل سرطان القولون. القابلية المدركة لإلصابة والدافع للحماية هو متغير وسيط تتمثل مهمته في إثارة واستمرار وتوجيه السلوك الصحي الوقائي ووفقا لما أضافه روجرز والدافع للحماية هو متغير وسيط تتمثل مهمته في إثارة واستمرار وتوجيه السلوك الصحي الوقائي ووفقا لما أضافه روجرز ( )Vulneralrlityبهذه التهديدات الصحية مثل مرضى اإلصابة بسرطان األمعاء الفاعلية المدركة Response Effectirenessاإلجراء من اجل الوقاية أو إزالة التهديد الصحي على سبيل المثال ستكون حميتي مناسبة لتحسين صحتي. توقعات الكفاءة الذاتية Selfellicacyالكفاءة الذاتية لصد الخطر على سبيل المثال أنا واثق من أنني استطيع تغيير حميتي والدافع للحماية هو نتيجة لتقييم التهديد وتغيير التعامل وتقييم التهديد هو تقدير لفرصة اإلصابة بالمرض(الضعف) والتقديرات لخطورة المرض (الشدة) تقييم التعامل يتكون من فعالية االستجابة والكفاءة الذاتية فعالية االستجابة ا لمتوقعة للفرد أن تتضمن التوصيات التي يمكن أزلة هذا التهديد الكفاءة الذاتية ( (Boer, هو االعتقاد في قدرة المرء على تنفيذ توصيات جلسات العالج بنجاح. seydel, 1996 والدافع للحماية هو متغير وسيط تتمثل مهمته في إثارة واستمرار وتوجيه السلوك الصحي الوقائي ووفقا لما أضافه روجرز ( )7999إن شدة القابلية والخوف المتعلق بتقييم التهديد أي تقييم التهديد الخارجي وفعالية االستجابة والكفاءة الذاتية المتصلة بتقييم التعامل وفقا ( )PMTفان العناصر الخمسة (الكفاءة الذاتية ،فعالية االستجابة ،الشدة ،القابلية الخوف) والتي تشير أما التكيف الستجابة التكيف أي النية السلوكية آو رد فعل غير قادر على التعامل مثل التجنب والحرمان ويمكن توضيح ذلك من خالل المخطط التالي( :رياض ،نايل العاسمي)79 :6472 ،
ثالثا :نظرية الطب السيكوسوماتي:
إن مصطلح السيكوماتي تقسم إلى قسمين األول سيكو وتعني الجسم آو كل ما يتعلق بالجسم والثاني سوما وتعني النفس. إن فكرة األمراض النوعية كرست ألجل الصراعات الداخلية الالشعورية لألفراد وهذا من خالل عمل )7934( Flanders Dunlasوالكسندر )7994) Alexandreبمعنى أن الصراعات الداخلية تولد األمراض وعلى سبيل المثال وضع Alxeandreبروفيل للقرحة المعدية لشخص وأشار بان القرحة المعدية قد تكون ناتجة عن اضطراب الشخصية وخصوصا االحتياجات المفرطة للتبعية والحياة وكذا ارتفاع ضغط الدم والربو وتتميز األمراض السيكوسوماتية بما يلي: تلعب العوامل االنفعالية دورا مهما وأساسيا في ظهور األعراض الجسمية آو زيادة التأثير فيها وهذا ما يميزها عن األعراض العضوية. اضطرابات في وظائف األعضاء وتلف واضح في العضو نفسه. االضطرابات السيكوسوماتية باختالف الجنس فبعض االضطرابات تكون أكثر شيوعا لدى النساء مقار نة بالرجال فمثال حاالت روماتيزم المفاصل أكثر شيوعا لدى النساء. تمر االضطرابات السيكوسوماتية بمراحل مختلفة حيث تصبح في النهاية اضطرابات مزمنة.. قد يصاب الفرد باضطرابات سيكوسوماتية مختلفة ومتعددة وتختلف الحالة من شخص ألخر فالبعض يصاب باضطراب آو عدة اضطرابات. تحدث االضطرابات السيكوسوماتية نتيجة لعدم فاعلية أساليب المواجهة لإلصابة بنفس االضطراب آو بما يشابهه. غالبا ما يوجد له تاريخ مرضى( .فيصل محمد خير الزراد)7993 ، رابعا :نظرية التحليل النفسي في تفسير الصحة والمرض: ظهرت هذه اإلسهامات في عمل سيجموند فرويد (1939( sigmund freudفي وقت مبكر على الهستيريا التحويلية ووفقا لفرويد يمكن للصراعات الالشعورية إنتاج االضطرابات الجسدية التي ترمز للمكون النفسي لتلك الصراعات يحول المريض للهستيريا وتهويل الصراعات الالشعورية إلى أعراض الإرادية في الجهاز العصبي حيث يصبح الفرد خاليا نسبيا من القلق والصراعات الداخلية وان وجهة نظر فرويد حول األنا( )7963تناسب هذا السياق ،أنا ألنا بشكل أساسي هو أنا جسمي أي أن انعكاس الجسد للمملكة الذهنية فقد أشار إلى توزيع الليبدو وتدفعه إلى الجسد يتغير استناد إلى نمط ثابت خالل تطور الطفل الصغير. ونجد الهستيريا التحويلية التي إثارة نقطة مهمة في تحويل االضطرابات النفسية إلى الجسدية مثل التخدير (في جهة من أجزاء الجسد وفقد اإلحساس) واستجابة لألحداث الضاغطة بما في ذلك المشكالت المفاجئة األقوى مثل فقدان القدرة على النطق والسمع والبصر واالرتجاف والشلل واضطرابات األكل مثل فقدان الشهية(.رياض ،نايل العاسمي، )93- 96 :6472 خامسا :نظرية المناعة النفسية العصبية: في ظهور المرض والصحة وهي تجمع بين الجانب العصبي والمناعي والنفسي واالجتماعي وكيف يؤثر العقل على البدن ووظائفه وخاصة الجهاز العصبي والجهاز المناعي ويرتبط ذلك بمفهوم االتزان الحيوي Homéostasiesوالذي يعني التوازن بين الهرمونات وجهاز العصبي وهذا التوازن هو الذي يحمينا من التهديدات التي تهدد حياتنا بشكل يومي ومن المثير للدهشة أن الجزء المسؤول عن تنظيم هذه الوظائف الحيوية الفسيولوجية هو ساق المخ ،وهو نفسه الذي يسيطر على استجابتنا االنفعالية وقد أظهرت الدراسات الحديثة مدى تأثير األمراض النفسية كاالكتئاب والقلق على جهاز المناعة حيث تبين أن هذه األمراض تقلل الخاليا المعروفة باسم الخاليا اللمفاوية من نوع (ت) التي يفرزها جهاز المناعة في حاالت السرطان( .رياض ،نايل العاسمي)99- 91 :6472 ، سادسا :النموذج البيولوجي النفسي االجتماعي: في هذا النموذج ينظر إلى الصحة والمرض بأنها عواقب مترتبة عن التفاعل بين العوامل البيولوجية والنفسية واالجتماعية ( )sulsrothmainالن العوامل البيولوجية والنفسية واالجتماعية تشكل محورا في البحوث السريرية وهذا النموذج يحافظ على العوامل البيولوجية والنفسية واالجتماعية باعتبارها محددات مهمة للصحة والمرض ويحافظ هذا النموذج على الصحة بفعل عوامل متعددة كما يحافظ على وحدة العقل والجسم ويؤكد كذلك على كل من الصحة والمرض بدال من النظر إلى المرض باعتباره انحرافا من بعض الحاالت المستقرة أي تصبح الصحة تحقق من خالل االهتمام باالحتياجات البيولوجية والنفسية واالجتماعية بدال من التركيز على الجانب البيولوجي بمعنى أخر ينظر هذا النموذج إلى الصحة والمرض من خالل تفاعل العوامل التالية: أ -تفاعل العوامل البيولوجية ما يتضمنه من عوامل وراثية وجينية وفيزيولوجية وجسمية وكذلك البكتيريا والفيروسات التي تعرض إليها الجسم وتسبب له المرض واالضطراب العضوي سواء كان مرضا حادا آو مزمنا. ب -العوامل النفسية وما تشمله من اضطرابات نفسية مصاحبة للمرض العضوي كالقلق واالكتئاب وأنماط سلوكية سلبية كاإلدمان المخدرات واإلفراط في األكل ،باعتبار هذه السلوكيات وأنماط التفكير وغيرها من العمليات العقلية والمعرفية والوجدانية كالمعتقدات السلوكية والصحية وأنماط شخصية وأساليب الحياة الغير السوية تؤثر بسرعة في انتشار المرض. ج -العوامل االجتماعية أن الفرد يعيش في جماعة تؤثر ويتأثر بالسياق الثقافي والسلوكي والفكري لهذه الجماعة فقد يشجع المجتمع بعض العادات الصحية غير السوية والتي يمكن أن تؤثر على صحة اإلنسان فالعالقات االجتماعية قد تسهم بشكل كبير أما في زيادة األمراض النفسية والعضوية وأما تكون مساهمة في تنمية صحته النفسية والجسمية بمعنى أن اإلنسان يكون متكامل في تفاعالته مع وظائفه النفسية والفسيولوجية واالجتماعية.