Professional Documents
Culture Documents
www.wojoooh.com
اململكة العربية السعودية -الرياض
هاتف+ 966 1 4562410 :
info@wojoooh.com
4
تقديم
ِ
األنبياء ِ
أرشف الم ىَ
عل والس ُ
َّ والصال ُة
َّ رب العاملنيَ ،
احلمدُ هلل ِّ
أج ِعنيَ .أما بعد:
وص ْحبِ ِه مْ َ
وعل آلِ ِه َىَ ِ
وإمامنا حُم َّم ٍد وا ُمل َ
رسلني ،نبِ ِّينا
أعظم
ِ وق إليك قصة حدثت يف أس َالكريم أن ُ
َ القارئ
َ فيرسين أخي
ُّ
َ
رسائل فهي: طي هِاتا فه التاريخِ ،
حتم ُل يف َّ عر ُ
جمتمع وأروع جيل َ
ٍ
اضطرابات نفسية!.. رسالة إىل َمن ُيعاين ِمن
ٌ
بأز َم ٍ
ات!.. ٌ
رسالة إىل َمن َي ُم ُّر َ
وشدائِدَ .
رسالة إىل َمن ُيعاين ِمن متاعب َ ٌ
الش ِ
يطان لألخطاء اخلالص من استثامر َّ
ُ تصف َ
كيف يكون ُ ٌ
رسالة
والكبوات.
5
جاة ِمن استغالل األعداء لبعض األحداث التي َي ُم ُّر
وتبينِّ سبيل ال َّن ِ
هبا املؤمن.
ريها ْتأ َ
تيك يف ال َّت ْج ِربة العظيمة ا َّلتي َو َق َع ْت الرسائلِ وغ ُ كل هذه َّ ُّ
خاض معاناهتا أحد السابقني إىل َ وأفض ِل ِه ،وقد
َ أط َه ِر مجُ َ
تم ٍع وأنْقا ُه يف ْ
6
تقديم
أع َرق قبائلِ األنصا ِرِ ،من َخ ْز َر ِجها ،إ َّن ُه كعب ٍ
قبيلة من ْ َينت َِس ُب إىل
بن مالك بن أيب كعب عمرو بن ال َقينْ بن كعب بن سواد بن َغ ْنم بن
اخلزرجي2..
ّ األنصاري،
ّ كعب بن سلمة
ومعانا َت ُه يف ُأ ْس ُل ٍ
وب مالك ريض ُ
اهلل عنه جت ِربت َُه ُ بن ٍ سط َر لنا َك ْعب ُ ل َقد َّ
نفس َك يف َثنايا القصة و َبينْ َ ُف ُصولهِ َا، ص ماتِ ٍع َأ َّخ ٍ
اذ ،جيعلك َت َ
نسى َ َق َص يِ ٍّ
ِ
اجحة. القص ِة العظيمة وال َّت ْج ِربة ال َّن و َتست َْم ُ
تع بقراءة هذه َّ
يف،الط ِ
اهر َّ ِ
أجواء ا ْل ُ
ـم ْجت ََمع ال َّنب ِو ِّي الشرَّ ِ يش يفالق َّص َة لت َِع َ
فدُ و َن َك ِ
ـمت ََأ ِّلق امليضء(.)3ال َّن ِق ّي ،ا ْل ُ
د .حييى بن إبراهيم اليحيى
yiy55555@gmail.com
( )1أخرجه ابن أيب الدنيا يف اإلرشاف عىل منازل األرشاف (ص )301بإسناده عن ابن
سريين ،وانظر :سري أعالم النبالء (.)525/2
( )2بيت من الوافر ،من قصيدة مطلعها: 2
7
الوالدين بركة
َ ِبر
البخاري يف صحيحه قالَ :حدَّ َثنَا يحَ ْ َيى ْب ُن ُب َكيرْ ٍَ ،حدَّ َثنَا ال َّل ْي ُث، ُّ روى
ب ْب ِن ح ِن ْب ِن َع ْب ِد اهلل ْب ِن َك ْع ِ ابَ ،ع ْن َع ْب ِد َّ
الر مْ َ َع ْن ُع َق ْيلٍ َ ،ع ْن ا ْب ِن ِش َه ٍ
يه ِحنيَ َع ِم َي ب ِم ْن َبنِ ِان َقائِدَ َك ْع ٍ ك َو َك َ ب ْب ِن َمالِ ٍ ك َأ َّن َع ْبدَ اهلل ْب َن َك ْع ِ
َمالِ ٍ
وك. ك يحُ َ دِّ ُث ِحنيَ خَ َت َّل َ
ف َع ْن ِق َّص ِة َت ُب َ الَ :س ِم ْع ُت َك ْع َب ْب َن َمالِ ٍ
َق َ
ريها ٌ
ناجتة عن األ رَس العلمية يف املدينة النبوية وغ ِ إن ظاهر َة ُبروز ُ
ّ -1
ُ
نجاح الرتبية؛ فعبدُ الرمحن َيروي عن أبيه ِ
عبد اهلل ،وعبدُ اهلل يروي القص َة
العلم والعملِ ،
ِ نبغت يف ٌ
كاملة ْ سعن أبيه كعب!؛ ولقد برزت يف تارخينا ُأ رَ ٌ
ٍ
وحممدُ ،ك ُّل ُه ْم إبراهيم وموسى
َ وعمرِ ،
وآل عقب َة: َ ٍ
حممد مثلِ :
آل املنكد ِر ُ
ِ
وعبد احلكيم
ِ ِ
وعبد َ
إسحاق بن أيب فرو َة: وآل ِ
عبد اهللِ ِ ثونِ ،فقهاء حمدِّ َ
ُ
9
ِ
وعبدالغ ّفار ،ولو تأ َّملنا وإبراهيم،
َ ِ
احلسن، وصالح ،وأيبٍ ويونس
َ األعىل
ريا ِ
والدعوة يف زماننا لوجدنا انفصا ًما وخ َللاً كب ً ري من أهل العلم حال َة كث ٍ
راجع يفٌ ولعل ذلكّ والتوجهات،
ُّ بينهم وبني ُأ رَسهم ،وتبا ُينًا يف اهلِ َمم
ري منه إىل ضعف املخالطة املؤ ِّثرة بينهم وبني ُأ رَسهم. ٍ
جانب كب ٍ
ِ
وجود إفساح املجال لألبناء خلدمة والدهم؛ فمعُ -2من ُحسن الرتبية
أن كع ًبا جعل قياد َت ُه البنه ِ
عبداهلل ،فقا ِر ْن اخلدَ م والعبيد عند الصحابة نجد ّ
بني هذا وبني َمن يعتمدون عىل اخلدَ م والسائقني مع وجود أبنائهم!،
أج ِر ال ّرب.
ف َيح ِرموهنم من االستفادة من خرباهتم ،ومن ْ
ٍ
بنصيب االبن
ُ ِ
واملالزمة لألب أن يحَ َظى رب والصلة -3من فضائلِ ال ّ
واف ٍر من العلم واألدب ،وهلذا روى هذه القص َة العظيمة عبدُ اهلل من
ُ
فمصاحبة اآلباء تعود بفوائدَ بني إخوانه؛ لكونه قائدَ أبيه حني َع ِمي،
حيث ُتتيح هلم فرص َة َأ ْخ ِذ ال ّتجا ِرب واخلربات من ٍ
عظيمة عىل األبناء ُ
أنوسهولة ،كام ُّ آبائهم ف ُيساعدُ هم ذلك عىل خوض ِغامر احلياة بيُسرْ
ِ
أخطاء أبنائهم وإرشا َدهم إىل األحسن تصويب
َ مصاحب َة اآلباء ُت ُ
تيح هلم
ألن اآلباء ُيصا ِرحون أبنا َءهم وال يجُ املوهنم؛ حلرصهم عىل دائام؛ ّ
مأمورا َبو ْعي التاريخ املايض ّ
فإن االستفاد َة ً ِ
املسل ُم مصاحلهم ،فإذا كان
ب املعارصين َأ ْوىل: من تجَ ا ِر ِ
ٍ
كعب مع كث َْر ِة اخلدَ م والعبيد يف ذلك الوقت مل يرتك هلم ُ
أبناء َ -4
ِ
وكون وع ْم ِق الرتبية، خدم َة والدهم ،وهذا ٌ
دليل عىل َو ْعي األوالدُ ،
بِر الوالدَ ين ُ
بركة
11
فالقصة من مناقب كعب ،ون َق َلها
ُ ٌ
رشف لألبناء؛ ُ
رشف اآلباء -5
لألبناء تربي ًة هلم ،فال َيليق هبم أن ُيقصرِّ وا عن سلوك طريق آبائهم،
قال لبيد:
()1 رون َ
األوائِ ُل الق ُ علمك َفا ْنت َِس ْب َل َع َّل َك هَت َ
ديك ُ َفإِن َأ َ
نت لمَ َي ْ
نفع َك ُ
12
عم ِل الخير
للتقاعس عن َ
ُ سو َغ
ال ُم ِّ
13
أمره ،ويف ذلك من
طاعة اهلل ورسوله ،وعن سبب ذلك ،وما آل إليه ُ
ِّ
والرش وما يرتت ُّب عليها ما هو من طرق اخلري ِ
وبيان ُ ِ
والنصيحة التحذي ِر
أهم األمور»(.)1
ِّ
ُ
معرفة قيمة األعامل ،واألحداث ،واألحوال: -2من األمور املهمة
«و َما ُأ ِح ُّب ّ
أن يل هبا َمشْ َهدَ بد ٍر ...إلخ». َ
14
عملِ اخلري
للتقاعس عن َ
ُ سو َغ
ال ُم ِّ
املتعارف
َ أمر حممود ،مع أن
-3ذكر اخلطأ الذي يستفيد منه األبناء ٌ
ُ
واختالق املعاذير، وعدم االعرتاف،
ُ ُ
اللجاجة عليه لدى عامة الناس
وهذا من َضعف الشخصية ،وعد ِم الثقة بالنفس.
فت عنه» يفقط أقوى وال أيسرَ َ حنيَ خَت َّل ُ -4قال كعب« :مل ُأكن ُّ
رد عىل املتقاعسني حديثه عن غنا ُه وتو ُّف ِر مجيع األسباب له عندما خَت َّلف ٌّ
الصالح كتَع ُّلم العلم أو الدعوة عىل تو ُّفر بعض
َ َ
العمل الذين ُيع ِّلقون
ُ
العائق أن هذا هووانفتاح الرزق ،فيظنون ّ ِ احلاجات ،وتيسرُّ ِ األحوال،
كل يشء ،ومع ذلك مل َيلحق باجليش، تو َّفر له ُّ فكعب
ٌ الوحيد هلم؛
الراحل َة و َب َكوا حينام مل جيدوا ما حيم ُلهمَّ َ
رسول اهلل وقد سأل آخرون
متاع ُه عىل ظهره ولحَ ِق برسول
حل َ ذر ملا قعدت به راحل ُته مَ َ
عليه ،وأبو ٍّ
. اهلل
وعدم رؤيتها؛
ُ ُ
نسيان أعامله الصاحلة ِ -6من كامل بصرية اإلنسان
وكنت،
ُ كنت ذكر مشاهدَ ُه ك َّلها َ
مع َر ُسول اهلل ،ومل يقلُ : فكعب مل َي ُ
ٌ
15
وفعلت
ُ قاتلت
ُ بشعري عن اإلسالم واملسلمني ،وأنا قد ونافحت ِ
ُ
ريا س َل َب رؤي َة أعاملِه القيم« :فإن اهلل إذا أراد ٍ
بعبد خ ً ابن ّوفعلت! .قال ُ
وش َغ َل ُه برؤية ذنبه ،فال يزال
واإلخبار هبا من لسانهَ ،
َ احلسنة ِمن قلبه،
فإن ما ُتق ِّبل من األعامل ُر ِف َع من القلب
ُن ْص َب عينيه حتى يدخل اجلنةّ ،
رؤي ُته ومن اللسان ِذ ُ
كره»(.)1
اليوم ُيكثِر من التمدُّ ح بأعامله و َينسى نِ َع َم اهلل عليه
َ ُ
وبعض الناس
وشاركت
ُ مرة، حج ْج ُت كذا ّ
كمن يقولَ : ف عن ُشك ِرهاَ ،ضع َ
فيها ،وقد ُ
بكذا وكذا من أعامل اخلريَ ،
واأل ْوىل أن ينسى أعام َل ُه الصاحل َة ،كام قال
يشء
ٌ ضيع ٌ
كفيل بأنه ال َي ُ « :ال َت ُعدّ وا حسناتِكم فأنا ابن مسعود
منها ،ولكن َأ ُ
حصوا سيئاتِ ُكم»(.)2
ُ
رسول أحدً ا ممن خت َّلف عن غزوة بد ٍر؛ لكون ال ّنفري الم
-7ما َ
نحي بالالئمة عىل أبنائه أو إخوانه عندوبعض الناس اليوم ُي ِ
ُ عاما،
ليس ًّ
يأم ْرهم به أو يع ِز ْم عليهم ،أو حيدِّ ْدخت ُّل ِفهم عن أداء عملٍ يريدُ ه مع أنه مل ُ
يقوم به ،فيغطي فش َل ُه بال ّل ْوم.
شخصا بعينه ُ
ً
فالنبي
ُّ تدار ُكه؛ -8ينبغي ُ
ترك اللوم بعد فوات األوان فيام ال ُيمكن ُ
أحد أو ُي ِ
ؤس ْفه عىل عدم مشاركته يف بدر. يثرب عىل ٍ
مل ِّ
16
ّ
لكل حالةٍ ما يناس ُبها
سواء كانت
ٌ ٍ
إعانة اخلاص َة التي حيتاج فيها إىل
ّ والبعض َيك ُتم قضاياه
أمر ُه عىل عامل ٍ ليستفت َيه أو
وسواء َع َرض َ
ٌ القضية اجتامعية ،أو صحية،
17
األمور تتأ ّثر
َ أن هذه َ
ليعاجله ،مع ّ ٍ
طبيب لينص َحه أو ٍ
صديق َ ليرُ شدَ ه أو
بام ُي ْكتَم من املعلومات.
18
المجتمع تربى على تحمل المسؤولية
ال يجَ َْم ُع ُه ْمَكثِ ٌريَ ،و َ ول اهللِون َم َع َر ُس ِ «والمْ ُ ْس ِل ُم َ ال َك ْع ٌبَ : َق َ
ال َك ْع ٌبَ :فماَ َر ُج ٌل ُي ِريدُ َأ ْن َيت ََغ َّي َب إِ َّ
ال انَ ،ق َ يو َ اف ٌظُ ،ي ِريدُ الدِّ َ َاب َح ِ ِكت ٌ
ول اهللِ تِ ْل َك يه َو ْح ُي اهللَِ ،و َغزَ ا َر ُس ُ َظ َّن َأ ْن َس َي ْخ َفى َل ُه َما لمَ ْ َي ْن ِز ْل ِف ِ
ونَوالمْ ُ ْس ِل ُم َ ول اهللِال ُلَ ،وتجَ َ َّهزَ َر ُس ُ
الظ َ ا ْل َغ ْز َو َة ِحنيَ َطا َب ْت ال ِّثماَ ُر َو ِّ
َم َع ُه».
19
أهل الضعف كثريون الذين يحَ ِرصون عىل حضور املجامع الضخمة
بحيث ُي َظ ّن هبم اخلري ،و َي ِق ُّلون ويتف َّلتون عند العمل اجلا ّد والتكاليف،
وقت
َ الط َمع و َي ِق ُّلون عند الفزَ ع ،فالتخ ُّلف ي ّت ِضح
يك ُثرون عند ّ
حتتق أورا ُقهم يف تلك األوقات ،ويندجمون مع الشدائد ،واملتقاعسون رَ ِ
وقت الرخاء:
السباقني يف َ ّ
()1
ليل َو َل ِك َّن ُهم يف النائِ ِ
بات َق ُ َ
خوان حنيَ َتعدُّ ُهم َفام َأك َث َر ا ِ
إل
ٌ
رجل استشعار مراقبة اهلل :قال كعب« :فام
ُ -2من جليلِ األعامل
وح ُي اهلل» ،وقال
ينزل فيه ْ ال َظ َّن ْ
أن س َي ْخ َفى له ما مل ْ يتغي َب إ ّ
يريدُ أن َّ
يف «خ ِش ُ
يت أن َين ِزل َّ جابر« :كنا نعزل والقرآن ينزل ،)2(»..وقال عمرَ :
قرآن»(.)3
ربط الناس بمراقبة اهلل تعاىل، ويف هذه النصوص تتجىل أمهية ِ
ِ
وتعاهدهم الفين َة بعد الفينة؛ فإن اإليامن يخَ ْ َلق كام يخَ ْ َلق الثوب.
20
املجتمع تربى عىل حتمل املسؤولية
كانت الظالل والثامر قد أثرت عىل رجلٍ ُي َعدُّ من أفاضلِ ِ -4فإذا
ريه؟! ،وهلذا َينبغي للمسلم فكيف بغ ِ َ الصحابة ،وممن َش ِهد العقبة، ّ
دة الدّ نيا التي ُت ِ
قعدُ ه احلذر وال ّت َو ّقي من ِم ْص َي ِ
ُ ُ
الداعية إىل اهلل- -وال سيام
عن اخلري وهو ال يشعر.
عن املعايل و ُيغ ِري املر َء َ
بالكســــلِ هم ِ
صاحبه ِ
السالمة َيثْني َّ حب
ُّ
ِ ()1
األرض أو سلَّماً يف ِّ
اجلو فاعتزل ِ يف قـــا جنحت إليه خَّ ِ
فات ْذ َن َف ً َ فإن
ُ
االشتغال بالن َِّعم عن ُشك ِرها ِ
املتأصلة فيه ومن طبيعة اإلنسان
كل َمن خ َل ْت ُ
نفسه من التزكية والرتبية للم ِ
نعم ،وهكذا ُّ ِ
واالعرتاف هبا ُ
وبار َز ُه
َ يب له بالنِّعم ،وأعرض عن ذك ِر ِه،
املتفض َل عليه واملر َ
ِّ نيس
باملعايص ،كام قال تعاىل :ﱹﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ(.)2
لوغ
أعظم أسباب ُب ِ ِ -5التغلب عىل الشهوات وامللذات من
ُ
رسول اهلل اللَ ،وتجَ َّهزَ امر ِّ
والظ ُ ِ
طابت ال ِّث ُ أعايل الدرجات« :حني
املرء من األعذار النفسية أصبح عىل ُأ ْهبة واملسلمون معه» فإذا خال ُ
( )1البيتان من بحر البسيط ،للحسني بن عيل الطغرائي ،من الميته املشهورة بالمية العجم.
( )2سورة اإلرساء.83 :
( )3سورة يونس.12 :
21
ساحلذر من وسا ِو ِ
ُ ألي عملٍ يف خدمة دينه؛ فينبغي االستعداد ِّ
ِّ
فيضخ ُم اليش َء القليل حتى فينظر ما تحُ ّب،
ُ القلوب
َ الشيطان فإنه َي َش ُّم
اإلنسان عظيماً .
ُ يراه
22
تضييع ُ
للف َرص ٌ في التسويف
23
اخلروج
َ بل َس َّوف خيرج مع النبي كث ٍ
ري من الصحابة ،ومع ذلك مل ُ
تفارط اجليش.
حتى َ
سبب يف االنقطاع عن حتقيق فرص ٌ سويف والتأجيل ُ -2ال ّت
فص ُلوا ثم ُ
أحلقهم ،فغدَ ْو ُت بعد أن َ املسابقة« :أتجَ َّه ُز بعدَ ُه بيو ٍم أو يوم ِ
ني ّ
ض شيئًا، ثم غدَ ْو ُت ُث ّم ْ
رجع ُت ومل أ ْق ِ ض شيئًاّ ،فرجع ُت ومل أ ْق ِ
ْ ألتجَ َّهزَ
مت أن أرتحَ ِل ُفأد ِر َك ُهم».
الغ ْز ُو ،وهمَ َ ُ
وتفارط َ
َ فلم َيزَ ْل يب ح ّتى َ
أرس ُعوا
ِّ
«أحذ ُركم (سوف)». رصي:
قال احلسن ال َب ّ
ح َل ُه عىل
من العلم واملعرفة والرغبة ما مَ َ -3كان عند كعب
َ
قبل بالنبي
ِّ لتمك َن من ال ُّلحوق اهلم َ
باجل َهاز ،فلو تكا َم َل ْت إراد ُته ّ ّ
فوق ذلك ،وكان يف ذلك من اخلري العظيم ولكن َقدَ َر اهلل َ
ّ أن َيرجع،
اليشء الكثري ،فريض اهلل عنه ُ والدروس الكبرية التي استفادهتا األمة
24
تضييع ُ
للف َرص ٌ يف التسويف
ُ
والعمل السليم َي ُم ُّر باملعرفة ثم اإلرادة ثم العزيمة ،فإذا مل َت ْق َو وأرضاه.
تعطلت اإلرادة ..وهكذا ،فمتى تكاملت هذه العنارص تحّ َّقق العزيمة ّ
اهلدف بعد توفيق اهلل.
ِ
والطاعة ُ
فرصة القربة «إن الرجل إذا حرضت له القيمّ :
ابن ّ
-4قال ُ
والعجز يف تأخريها،
ُ ِ
واملبادرة إليها، كل احلزم يف انتهازها، فاحلزم ُّ
ُ
سيام إذا مل َيثِقْ بقدرته ُّ
ومتكنه من أسباب حتصيلها؛ ُ
والتسويف هبا ،وال ّ
رسيعة االنتقاض ق ّلام َتث ُبت ،واهلل سبحانه ُي ُ
عاقب ُ واهلم َم
َ العزائم
َ ّ
فإن
ول بني قلبه وإرادتِه؛ فال
ري فلم َينت ِه ْزه = بأن يحَ ُ َ
َمن َفت ََح له با ًبا من اخل ِ
ُي َم ِّكن َُه بعدُ ِمن إرادته؛ عقوب ًة له ،فمن مل يستجب هلل ورسوله إذا دعاه،
ُ
االستجابة بعدَ ذلك. حال بينه وبني قلبه وإرادتِه ،فال ُي ْم ِكنُه
25
احتجاجا بالقدر،
ً جيوز ُ
ترك العمل -5ال أحدَ َيع ِرف ما قدّ ر اهلل له ،فال ُ
يعب
تداركه فللمرء أن رِّ
وأ ّما بعد فوات األمر وانقضائه وعد ِم القدرة عىل ُ
احتجاج اإلنسان
ُ ،وكذلك ال جيوز بأنه مل ُي َقدَّ ر له ،كام قال كعب
وتقاع ِسه عن اخلري والعمل الصالح.
ُ بالقدر عىل ذنوبه ومعاصيه
26
المتخاذ ِلين
ِ الحي ال َيأ َنس مع
ّ القلب
ُ
ول اهللِوج َر ُس ِ اس َب ْعدَ ُخ ُر ِ ال َك ْع ٌبَ « :ف ُك ْن ُت إِ َذا َخ َر ْج ُت فيِ ال َّن ِ َق َ
اق َأ ْو َر ُجلاً
وصا َع َل ْي ِه ال ِّن َف ُ ال َأ َرى إِ َّ
ال َر ُجلاً َمغْ ُم ً َف ُط ْف ُت ِفي ِه ْم َأ ْحزَ َننِي َأنيِّ َ
الض َع َف ِ
اء». ممِ َّْن َع َذ َر ُ
اهلل ِم ْن ُّ
27
()1
فار ْبأ بنفسك أن َ
ترعى مع اهلمل ْ هيؤُ وك ألم ٍر لو َف ِطنت له
قد ّ
كعب معرف ُته بأهلِ ال ّنفاق ،فاملسلم ينبغي أن يتحىل ٍ -2من ِفراسة
ِ
املنافق واملؤمن ،قال تعاىل: بالو ْعي والفهم الذي يخُ َ ِّو ُل ُه ال َّتمييز بني
َ
ﱹﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﱸ( ،)2ومن البصرية
معرفة حال الناس دون غفلة أو إفراط يف ال َّتصنيف.
قو ُة الرتبية النبوية؛ إذ مل يتخ ّلف إال صنفان من -3يف القصة ّ
ِّفاق أو رجلاً ممن َع َذ َر اهلل من ُّ
الضعفاء». «مغموصا عليه الن ُ
ً املجتمع:
ٍ
مشاركة ال يقدِّ م والتوجع ألحوال املسلمني َ
دون عملٍ أو ُّ ُ
احلزن -4
شيئا ،والبكاء يف البيوت ال يزرع ُ
تعاط َف الناس مع القضية .فلو جلس
ِ
التعاطف الكبري .قال الناس معه َ
مثل هذا ُ يتعاط ِ
ف َ كعب حزينا يف بيته مل
ٌ
ري ابن تيمية« :وكث ٌري من الناس إذا رأى َ
املنكر ،أو تغيرُّ َ كث ٍ شيخ اإلسالم ُ ُ
منهي
أهل املصائب! ،وهو ٌّينوح ُ من أحوال اإلسالم َج ِزع َ
وك َّل وناح كام ُ
ِ
والثبات عىل دين اإلسالم ،وأن ُّ
والتوكل مأمور بالصرب
ٌ عن هذا ،بل هو
بأن اهلل مع الذين اتقوا والذين ُهم حمسنونّ ،
وأن العاقبة للتقوى، يؤمن ّ
حق ،وليستغفر لذنبه، إن وعد اهلل ٌّ وأن ما ُيصيبه فهو بذنوبه فليصرب؛ ّ ّ
ُ
احلزن َيزيد فيه الشيطان، وليسبح بحمد ر ِّبه بالعيش واإلبكار ،)3( »...هذا
قعدُ عن العمل. فريض به و َي ُ و ُي ِ
شعر صاح َب ُه أنّه أدى شيئًا ّما ىَ
( )1البيت من بحر البسيط ،للحسني بن عيل الطغرائي من الميته املشهورة بالمية العجم.
( )2سورة األنعام.55 :
( )3جمموع الفتاوى (.)295/18
28
املتخاذلِني
ِ احلي ال َيأ َنس مع
القلب ّ
ُ
ِ
رسول خرجت يف الناس بعدَ ُخروج
ُ «فكنت إذا
ُ كعب:
-5يقول ٌ
فت فيهم أحزَ َنني» ،قد يتخ ّلف اإلنسان عن عملِ خ ٍ
ري رغب ًة ُ
فط ُ اهلل
الصدر ،أو ِ
وضيق ّ يف توفري الراحة لنفسه ،فيعا َق ُب بفقداهنا إما باحلزن
غ ِ
ريمها من األعراض.
()1
ثل َأن َأ َت َقدَّ ما
لِنَفيس َحيا ًة ِم َ احليا َة َف َلم َأ ِجد َت َأ َّخ ُ
رت َأستَبقي َ
29
صاحب المواقف ُي َ
فتقد
وعظيم بالئِه،
ِ وشهر ُته ٌ
دليل عىل صدق إيامنه، كعب ُ ٍ ُ
منزلة -1
ُ
والعمل الصالح ُيشْ ِه ُر صاح َب ُه ف ُيف َتقدُ ! ،بخالف من عمل ل َيشْ َت ِه َر؛ َّ
فإن
َمن بحث عن الشهرة والذكر َب ُعد عنه ،ومن أعرض عنها أرسعت إليه،
وقد حيصل عىل الشهرة املز َّي َفة متعرض هلا بعد تعب وذلة.
31
اسم ُه
ُ اسمه ،بل ر ّبام ُنسيِ
بعض الناس إذا غاب َر ْس ُمه غاب ُ ُ -2
العلامء والدّ عاة واملصلحون الذين خيالطون الناس، ُ حي!ِ ،
لكن وهو ٌّ
قلوب الناس وإن كانوا أموا ًتا ُ
منذ ِ ويحَ ِملون مهو َمهم َي ْب َقون أحيا ًء يف
مئات السنني:
()1 مي ٍ
ت عىل أقدامه انتصبا ور َّب ْ
ُ خام القرب مسكنُه
حي ُر ُ
يا ُر َّب ٍّ
كل الصحابة ،وكان ُّ
كل ِ
عطفها َّ ُ
ظالل ُ
الرتبية النبوية َش َملت -3
ُ
ورسول اهلل ِ
رسول اهلل ، واحد منهم ُ
ينال نصي َب ُه من اهتام ِم ٍ
ٍ
جيش الشخص الواحدَ من بني
َ عارف هبم وبأحواهلم ،وهلذا َي ِ
فتقدُ ٌ
كعب حلاجته إليه؛ فليس يف ق َّل ٍة
ٍ عن ِ
رسول اهلل ُ
سؤال كبري ،وليس
. حيث َح ِظي بصحبته يف هذه الغزوة أصحابه
من العدَ د؛ ُ
أعر ُف
قوم كعب بالسؤال عنه؛ ألهنم َ َ ُ
رسول اهلل صَ -4خ ّ
ومعاذ من أبناء عمومته .فينبغي ٌ فكعب من بني ِ
سلمة، ٌ الناس به،
وأكثرهم به معرف ًة ُب ْعدً ا عن
ُ أقرب الناس إليه
ُ أن ُي َ
سأل عن الرجل
32
صاحب املواقف يفقد
ً
وحفظا للوقت ،وتسهي ً
ال للوصول وقطعا للقالة يف الرجل،
ً الغيبة،
إىل املقصود.
ُ
جواز القيم ذاكر ًا ما ُيفاد من حديث كعب« :ومنها ابن ّ -6قال ُ
وغ ِلط ،كام قال ُم ٌ
عاذ ظن الرا ّد أنه َو ِهم َ
الر ِّد عىل الطاعن إذا غلب عىل ِّ
َ
رسول اهلل ما علمنا عليه إال قلت ،واهلل يا
طعن يف كعب :بئس ما َ
للذي َ
33
عىل واحد منهام»( .)1و يف هذا ُ
بيان أمهية ُ
رسول اهلل ريا ،ومل ُينكر
خ ً
ض املسلم.الذب عن ِع ْر ِ
ّ
34
التأ ّني في ا ّتخاذ القرارات َ
سداد
افلاً َحضرَ َ نيِ همَ ِّ ي، كَ « :ف َلماَّ َب َل َغنِي َأ َّن ُه َت َو َّج َه َق ِ ال َك ْع ُب ْب ُن َمالِ ٍ َق َ
ول :بِماَ َذا َأ ْخ ُر ُج ِم ْن َس َخ ِط ِه َغدً اَ ،و ْ
است ََع ْن ُت َو َط ِف ْق ُت َأ َت َذ َّك ُر ا ْل َك ِذ َب َو َأ ُق ُ
َقدْ َأ َظ َّل ول اهللِيل :إِ َّن َر ُس َ َع ىَل َذلِ َك بِ ُك ِّل ِذي َر ْأيٍ ِم ْن َأ ْهليِ َ ،ف َلماَّ ِق َ
يه َك ِذ ٌب، اط ُلَ ،و َع َر ْف ُت َأنيِّ َل ْن َأ ْخ ُر َج ِم ْن ُه َأ َبدً ا بِشيَ ْ ٍء ِف ِاح َعنِّي ا ْل َب ِ اد ًما َز َ َق ِ
َق ِ
اد ًما». ج ْع ُت ِصدْ َق ُهَ ،و َأ ْص َب َح َر ُس ُ
ول اهللِ َف َأ مْ َ
ال ي ّت ِخ َذ قرار ًا َ
حال اخلوف؛ ّ
ألن الشيطان يستغل -1ينبغي للمرء أ ّ
يكذب
َ ُ
الشيطان عليه أن احلال باقرتاحاته ا ُمل ْر ِدية .وهنا ألقى
َ هذه
ِ
يستغ ّل ضع َفه. حما ِو ً
ال أن
35
ُ
الشيطان ِ
كاحلزن الشديد ،وقد خدع َ
والغضب الشديدان، الفرح
ُ ومث ُله
فأوحى إليهم
َ ِ
لوفاة علامئهم، نوح يف عبادهتم لألصنام ،حني ح ِزنوا
قوم ٍ َ
سول ُ
اجليل َّ ّ
ليتذكروهم وي ّتعظوا هبم ،فلام انقرض ذلك صوروهمأن ُي ّ
عبادتم.
هَ للجيل التايل
املؤمن من مكايد الشيطان َ ِ -2من فضلِ اهلل عىل عبده محاي ُته عبدَ ُه
وق َعه لوال أن َت َ
داركه الرمحن الشيطان أن ُي ِ
ُ يب كاد
ودسائسه ،فهذا الصحا ّ
ض له ،أو َيشْ َم َت بأهلِ يتعر َ ِ
للمرء أن يتم ّنى البال َء أو َّ برمحته وال َينبغي
صب أم َيفتتِن؟ ،ﱹﭣ ﭤ ﭥ ﭦ البالء؛ ألنّه ال َيد ِري ما ُي ىَ
قض له أ َي رِ ُ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶﱸ(.)1
36
التأنيّ يف خّاتاذ القرارات سداد
يتصور
ّ ُ
وبعضهم اليوم ال ُي ِّ
فكر يف االستشارة، َ وكثري من الناس
ٌ
ورجاحة العقل ،وكلام كان ّ
أن االستشارة نقص! ،مع أهنا من الكامل َ
َّ
استقل ضعف عق ُل ُه أكثر رشدً ا كان َ
أكثر استشارة ،وكلام ُ ُ
اإلنسان َ
أكثر الناس
وكان َ َ
األرض أحدٌ أرشدَ من رسول اهلل برأيه ،ومل يطإِ
من اخللفاء أرجح عقلاً بعد نبيها
َ ُ
األمة استشار ًة ،ومل َتع ِرف
الراشدين وكانوا ُيكثِرون من االستشارة.
37
وحسن اخلامتة حيتاج إىل ِ
كثرة األعامل الصاحلةَّ ،
فلعل أحس َن عملاً ُ ،
َمن َ
ِ
وخدمة اإلسالم. ٍ
كعب ما قدَّ مه من اخلري، من أسباب نجاة
38
المتخاذ ِلين
ِ ُ
سالح ُ
اختالق األعذا ِر
39
وقد جتد من يتخ ّل ُف عن صالة الفريضة يف املسجد حنيَ ُوصولِه إىل
بحجة ال ّت َعب من السفر!. ِ
بلده ُ
عذ ُروه ،وال يطلبوا منه ما ُيط َلب من عا ّمة -2ينبغي ألهلِ العامل أن َي ِ
ٌ
متعلقة به ،ويف مصالح الناس
ُ َ
العامل ليس هلم وحدَ ُهم ،بل الناس؛ ألن
مشاركة له يف َأج ِره.
ٌ ِ
ووقوف ِهم معه مساعدهتم له
النظر يف
ُ ري عند رجوعه من س َف ٍر
ين واألم ِ
-3ينبغي للعامل الربا ّ
ُ
أول ما بدأ به ُ
فالرسول عام؛ ٍ
مكان ّ والب ُ
وز هلم يف مصالح الناس ،رُ
ِ
أي من بيوته. املسجدُ ّ ،
ثم جلس للناس ،ومل َيذهب إىل ٍّ
جيلس
ُ فالذي ينبغي للعامل والداعي إىل اهلل أن يخُ ِّصص وق ًتا معلو ًما
فيه لعا ّمة الناس.
سفر عىل بع ٍ
ري وشدّ ُة -4تدَ َّب ْر هذه الرحل َة الشاق َة للرسول ٌ :
ُ
منذ يأخ ْذ راح ًة ،وكان هذا دأ َب ُه ٍ
مسافة ،ومع ذلك مل ُ حر ،و ُبعدُ
ٍّ
بن ِ
عبد العزيز ِ
البعثة ،وهكذا كان َد ْيدَ ُن َمن سار عىل نهَ ْ ِجه ،قال ُ
عمر ُ
ُ
الفراغ، غت لنا؟! ،قال« :وأين
تفر َ لبعض أصحابه ُ
القدماء ملا قالوا :لو َّ ِ
الفراغ ،فال َ
فراغ إال عند اهلل»(.)1 ُ ذهب
َ
ُ
وفراغ ُه خلو ٌة بربه. ِ
فاملؤم ُن العامل هلل راح ُته
40
املتخاذلِني
ِ سالح
ُ ُ
اختالق األعذا ِر
األعذار
ُ سالح املتخ ّلفني عن مشاهد اخلري والعمل الصالح
ُ -6
عذر.
ري ٌ ِّ
فلكل تقص ٍ املدعومة باأليامن،
ُ
النيات
خول يف ّ ِ وعدم الدّ
ُ أخذ الناس ّ
بالظاهر، ُ الواجب
ُ -7
َح َك َم بظواه ِر النبي
َّ الوحي كان َين ِز ُل إال ّ
أن َ فمع ّ
أن واملقاصد؛ َ
املنافقني.
اس إىل ّ
الط ْعن يف مقاصد بعض ال ّن ِ
اليوم من ُمسارعة ِ
َ وإنك َل َ
تعج ُب
الناس ونياهتم!.
41
عات على َق ْد ِر اإلمكانات
ُ ال ّت ِب
ال: بُ ،ث َّم َق َال َك ْع ٌبَ « :ف ِج ْئ ُت ُه َف َلماَّ َس َّل ْم ُت َع َل ْي ِه َت َب َّس َم َت َب ُّس َم المْ ُغْ َض ِ
َق َ
ال ليِ َ :ما َخ َّل َف َك؟ َألمَ ْ الَ ،ف ِج ْئ ُت َأ ْمشيِ َح َّتى َج َل ْس ُت َبينْ َ َيدَ ْي ِهَ ،ف َق َ َت َع َ
َت ُك ْن َق ِد ا ْبت َْع َت َظ ْه َر َك؟ َف ُق ْل ُتَ :ب ىَل ،إِنيِّ َواهللِ َل ْو َج َل ْس ُت ِع ْندَ َغيرْ ِ َك ِم ْن
يت َجدَ لاً ، َأ ْهلِ الدُّ ْن َيا َل َر َأ ْي ُت َأ ْن َس َأ ْخ ُر ُج ِم ْن َس َخ ِط ِه بِ ُع ْذ ٍرَ ،و َل َقدْ ُأ ْع ِط ُ
ب َت ْر ىَض بِ ِه َعنِّي يث َك ِذ ٍَو َل ِكنِّي َواهللِ َل َقدْ َع ِل ْم ُت َلئِ ْن َحدَّ ْث ُت َك ا ْل َي ْو َم َح ِد َ
يث ِصدْ ٍق تجَ ِدُ َعليَ َّ وش َك َّن اهللُ َأ ْن ُي ْس ِخ َط َك َعليَ َّ َ ،و َلئِ ْن َحدَّ ْث ُت َك َح ِد َ َل ُي ِ
ان ليِ ِم ْن ُع ْذ ٍرَ ،واهللِ َما ُك ْن ُت َق ُّط ال َواهللِ َما َك َ يه َع ْف َو اهللَِ ،أل ْر ُجو ِف ِيه إِنيِّ َ
ِف ِ
ول اهللِ َ :أ َّما َه َذا ال َر ُس ُال َأيْسرَ َ ِمنِّي ِحنيَ خَ َت َّل ْف ُت َع ْن َكَ ،ف َق َ َأ ْق َوى َو َ
يك». اهلل ِف َ َف َقدْ َصدَ َقَ ،ف ُق ْم َح َّتى َي ْقضيِ َ ُ
43
متنع من معاتبته. ُ
منزلة اإلنسان وأسبقي ُت ُه ال ُ -1
ابتعت
َ -3املحاسبة وال ّتبِعات عىل َقدْ ِر اإلمكانات« :أمل تكن
يشء آخر… قال
يشء وعىل العلامء ٌ
فالواجب عىل العامة ٌ
ُ ظهرك؟»،
تعاىل :ﱹﮧ ﮨ ﮩ ﮪﱸ( ،)3وقال تعاىل :ﱹﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
وكثري من الناس يستد ُّلون هبذه اآليات وهي عليهم ال
ٌ ﯜﱸ(،)4
ُ
وبذل ّ
كل الوسع استنفاد مجيع الطاقات والقدرات،
ُ هلم؛ فاملراد باآلية
يف عمل الطاعات وفعلِ اخلريات.
. العامري
ّ األسود
( )3سورة التغابن.17 :
( )4سورة البقرة.286 :
44
عات عىل َقدْ ِر اإلمكانات
ال ّتبِ ُ
كعب
كي يرىض عنهم ،ففاز ٌ حر ُصوا عىل االعتذار إىل رسول اهلل
َ
وخرس املنافقون:ﱹﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
وبعض الغالة من أهل البدع ُ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﱸ(.)1
تكفي، النبي
ّ أن حمب َةويزعمون ّ
ُ عصون اهلل تعاىل ورسو َله
َي ُ
.وبعض الناس فسيعلمون غد ًا أهنم قد أسخطوا َ
اهلل ورسو َله
الناس و َيعمل بهّ ،
ويط ِر ُح ما ُيريض اهلل تعاىل وال ُيبايل ُ ير ُقب ما ُيريدُ
ريين من أجل الناس ،فإن لبس فمن أجلِ أصبح ْت حيا ُة الكث ِ
َ ،حتى
سكن فمن أجل الناس!.. الناس! ،وإن َر ِكب أو َ
45
والبعض قد يتو ّقف عن ِ
قول كلمة حقٍّ حيا ًء من كبري ُ كان يل من عذ ٍر»،
أو عظيم!.
واضحا يعني
ً مفصلاً
دق والوضوح يف االعرتاف باخلطإ ّ الص ُ
ّ -9
ِ
لضعف ٌ
تغطية واالعتذار هو
ُ الشجاع َة والثق َة بالنفس ،والتف ُّل ُت
توفري
ٌ واملسوغات؛ ففي االعرتاف باحلقّ
ِّ الشّ خصية باختالق األعذا ِر
والصحبة ،ويف اإلنكار واملجادلة خسار ٌة بتضييع ُّ للوقت والفك ِر
ِ
والبحث عن املعاذير ،واعتذارك بام يعلم وشغْ ل الفكر بالكذب الوقت َ
أصحابك خالفه يسبب فساد الوداد وفقد األحباب.
بكل ُمال َبسات األمر ح ّتى ما دار يف نفسه: اعرتف ِّ فكعبٌ
س بينه وبني نفسه ،ومعأردت أن أرجع ُفأ َك ِّذ َب نفيس» ،وهذا رِ ٌّ
ُ «حتى
ث بنعمة اهلل عليه. اآلخرين وال َّتحدُّ ِ
كش َف ُه إلفادة َذلك َ
46
عات عىل َقدْ ِر اإلمكانات
ال ّتبِ ُ
وخطر ُه
ُ كبري،
شأن ٌ الواجب ٌ
ِ شأن التخ ُّلف عن اجلهاد والغز ِو
ُ -10
صدر فيه ُحكمً ،بل مل ُي ِ َ
رسول اهلل وأمره شديد ،حتى ّ
إن ُ عظيم،
ٌ
بِ واخلري ِ
أعامل ال ِّ بيان ُخ ُطورة التخ ُّلف عن
انتظر فيه ُح ْك َم اهلل ،وفيه ُ
وحيتج البعض بفهمه املخطئ لقول اهلل تعاىل :ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧﱸ ،مع أنه لو قرأ ما قب َلها وما بعدَ ها َل َع ِلم َمن هو الذي ليس
ٌ
سبيل. لوم وال
عليه ٌ
ِ
اآليات من سورة التوبة بقوله :ﱹﮐ ﮑ ﮒ ُ
فاهلل تعاىل صدَّ َر
ﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫﱸ(.)1
ري هؤالء -الذين َذ َكر اهلل تعاىلَ -ينالُم احلرج، ومفهوم اآلية ّ
أن غ َ ُ
أعذارهم
َ الضعيف وامل ِريض والفقري -مع ّ
أن احلرج عن َّ
َ ومل َينف اهلل
ظاهر ٌة وليست باختيارهم -إال بعد أن ُيؤَ ُّدوا ما عليهم مما ال ُيؤ ِّثر فيه
وتقديم
ِ الرأي واملشورة ،وال ُّنصح، والفقر ،مثل ِ
بذل ّ ُ ض واملر ُ
الضعف َ ُ
اخلربات وال َّتجا ِرب للمسلمني.
47
أشق شئ عليهم ،وملَّا
أسباب احلصول عليها حتى املسألة وهي ُّ َ وبذلوا
اعتذر إليهم الرسول بعدم ُقدرته عىل ْ
حَل ِهم مل يفرحوا ويقولوا :قد
َّأدينا الذي علينا ،بل َح ِزنوا و َب َكوا عىل عدم القدرة وعد ِم وجود َمن
ُيساعدهم عىل املشاركة يف اخلري.
واملستطيع
ُ القادر
ُ فهؤالء ُهم املحسنون الذين ليس عليهم سبيل ،أما
كم ُل ُه وال ُيتِ ُّمه فهذا ليس من املحسنني.
يُ ُّل بعمله أو ال ُي ِ
والذي ِ
واهلوى
َ يكون عن الشرّ ع ،ال عن الرأيِ ُ َ -11أ ْخ ُذ األحكا ِم إنّام
يك» ،وخيطئ اهلل ِف َ والبيئة والناسَ :
«أ َّما َه َذا َف َقدْ َصدَ َق َف ُق ْم َح َّتى َي ْقضيِ َ ُ
جوع إىل
الر ِ
املواقف واحلوادث ُدون ُّ ِ بعض الناس يف إصدا ِر أحكام يف ُ
ٌ
مصلحة!، ِ
والبحث يف املسألة ،فتجدُ َمن يقول :ال بأس ،هذه الرشع
كل الناس َي ُ
فعل هذا! ،وإنّام الذي حيدد املصلح َة أو :هذه رضور ٌة! ،أوُّ :
شعر ،فيقول
قع يف اإلثم وهو ال َي ُ ُ
وبعض الناس َي ُ الرشع ال األذواق،
ُ هو
ٌ
تضييق عىل ملنعت كذا ،و َل ُ
فعلت كذا ،مما يكون فيه ُ مثلاً :لو كان يل ٌ
أمر
تح َّر ما يريض اهلل َ ،
فبدل املسلمني ،وهو مل َيع ِر ْ
ض رأ َي ُه عىل الشرّ ع ،و َي َ
يتح َّم ُل ال ِوزْ َر يف ِ
موط ٍن كان يف اهلل عىل العافية من املسؤولية َ أن يحَ َْمدَ َ
غنى عنه.
ً
48
خف ُ
ف األثقال بالصالحين ُي ِّ
ّ التأسي
ِّ
ال ِم ْن َبنِي َس ِل َم َةَ ،فا َّت َب ُعونيِ َف َقا ُلوا ار ِر َج ٌ َق َ
ال َك ْع ٌبَ « :ف ُق ْم ُت َو َث َ
َاك ُك ْن َت َأ ْذ َن ْب َت َذ ْن ًبا َق ْب َل َه َذاَ ،و َل َقدْ َع َج ْز َت َأ ْن َ
ال ليِ َ :واهللِ َما َع ِل ْمن َ
ونَ ،قدْ َك َ
ان اعت ََذ َر إِ َل ْي ِه المْ ُت ََخ ِّل ُف َ
ول اهللِ بِماَ ْ اعت ََذ ْر َت إِلىَ َر ُس ِ
ون َْت ُك َ
اهللِ َما َزا ُلوا ُيؤَ ِّن ُبونيِ
َل َكَ ،ف َو ِ ول اهللِِ
ار َر ُس ِ استِغْ َف ُ َك ِ
اف َي َك َذ ْن َب َك ْ
َح َّتى َأ َر ْد ُت َأ ْن َأ ْر ِج َع َف ُأ َك ِّذ َب َن ْفسيِ ُ ،ث َّم ُق ْل ُت لهَ ُ ْمَ :ه ْل َل ِق َي َه َذا
يل لهَ ُماَ ِمث ُْل َما اال ِمث َْل َما ُق ْل َتَ ،ف ِق َ
ال ِن َق ََم ِعي َأ َحدٌ ؟ َقا ُلواَ :ن َع ْمَ ،ر ُج َ
يع ا ْل َع ْم ِر ُّي َو ِه َ
ال ُل ْب ُن يل َل َكَ ،ف ُق ْل ُتَ :م ْن همُ َ ا؟ َقا ُلواُ :م َر َار ُة ْب ُن َّ
الربِ ِ ِق َ
ُأ َم َّي َة ا ْل َو ِاق ِف ُّيَ ،ف َذ َك ُروا ليِ َر ُج َلينْ ِ َصالحِ َ ينْ ِ َقدْ َش ِهدَ ا َبدْ ًرا ِفي ِهماَ ُأ ْس َو ٌة،
َف َم َض ْي ُت ِحنيَ َذ َك ُروهمُ َ ا ليِ ».
49
َ
تساهل ومن
الذنبَ ، بخطورة ّ ِ -1من ِف ْق ِه َّ
الر ُجل َمع ِرف ُت ُه ُ
بالذنب ا ِّتكاال عىل التوبة قد يحُ َر ُم بسببه التوب َة ،قال ُسفيانَ « :ت ْر ُك
َّ
نب ُث ّم أفع ُل ّ
الذ َ بعضهمَ :ب ال ّتوبة»( ،)1يقول ُ الذنب أيْسرَ ُ من ط َل ِّ
أستغفر وأتوب! ،وما ُيد ِريك؟ فقد ال ُتو َّف ُق للتوبة! ،وقد ال ُتقبل ُ
الشيخ فالن! ،أو :استغ َف َر
ُ بعضهم :دعا يل ُ
ويقول ُ تو َب ُتك إن ُت َ
بت!.
يمحو عنه ذن َب ُه
ُ استغفار رسول اهلل
َ كعب مل َي َر
ٌ يل اإلمام! ،فهذا
أعظم استغفار ،وهذا
ُ استغفار رسول اهلل
َ أن إذا َ
كذ َب عليه؛ مع ّ
يف القلوب وعلو منزلته
ِّ ِ
وتعظيمه، ِ
إجالل رسول اهلل من
ضعفحجة .ومل َي ُ استغفاره ّ
ُ كذ ُب عليه و ُي َّت َ
خذ والنفوس ،فال ُي َ
نفسه ا ِّتكا ً
ال عىل كذ َب َود و ُي ِّ
ليع َ
غطهم عليه ُ وض ِ
مع قيام قومه معه َ
. استغفا ِر رسول اهلل
مفاهيم
ِ ِ
ضغطهم عىل ري األقا ِرب واجللساء ّ
وقوة -2وفيها ِع َظ ُم تأث ِ
راجع ِ
مباد َئ ُه جيب عىل املسلم أن خيتار ُجلسا َء ُه ،وأن ُي ِ
اإلنسان ،لذلك ُ
ٍ
تارك للخري يرتاج َع حتت َضغْ ط الواقع ،فكم من
َ ويؤص َلها حتى ال
ِّ
بسبب هذا الرتاجع.
50
بالصاحلني يخُ ِّف ُف األثقال
التأس ّ
يِّ
َ
ينتظرون املحابر والدّ فاتر
ُ خارج القرص ،فوجد أعداد ًا كبري ًة َ
مع ُهم َ
جواب اإلما ِم أمحد!.
َ
،من قصيدة ترثي هبا ( )1من بحر الوافر ،للشاعرة متارض بنت عمرو الشهرية باخلنساء
أخاها.
51
التربية النبو ّية كاملة
53
بالعقوبات التي ُتصي ُبه بسبب ُذنوبه،
َ -1ينبغي للمسلم أن َيرىض ُ
والصرب ،ويعلم ّ
أن عاقبتَها إىل خري؛ ّ التحمل
ُّ روسا يف
و َيكتسب منها ُد ً
ومن بعد النظر أن ال هيتم لألذى احلاصل اآلن ،وإنام ينظر إىل املصلحة
الكبرية املتح ِّققة من ذلك.
ِ
ستعجل احلكم عىل األشياء بال ّنفع أو الضرّ َ ر دون ري َ
النظر َي وقص ُ
النظر يف العواقب ومآالت األمور.
ُ
رشوطه اهلج ِر يكون عند احلاجة إليه إذا تو َّفرت ُ
استعامل ْ -2
القيم:
ّ ابن
وهو من أعظم العقوبات .قال ُ موانعهُ ،
ُ وانتفت
ب،الع ْت َ
ستوجب َ ِ ران اإلمام والعامل واملطاع ملن فعل ما َي ِ
«ه ْج ُ
ضعف عن ُح ُصول الشفاء ويكون ِه ْجرا ُنه دوا ًء له؛ بحيث ال َي ُ
املراد تأدي ُب ُه
ُ إذ والكيفية عليه ف ُي ِ
هل َكه»()1؛ ِ ّ مية به ،وال َي ِزيد يف َ
الك ّ
املراد منه
ُ ُ
اهلداية ال ال ّنكاية .فاهلجر ومقصود الشرّ ع
ُ ال تعذي ُبه،
شخصا فينبغي أن يكون ً هج ْر َت اإلصالح ال العداو ُة ُ
والك ْره ،فإذا َ ُ
وشفقة عليه؛ فالنبي مع هج ِره ومقاطعته كعب ًا ٌ ٌ
رمحة له يف قلبك
نظ َر إليه َ
نظ َر هيج ْر ُه من كل وجه ،بل كان إذا أق َب َل عىل صالته َ
مل ُ
ٍ
رمحة وشفقة.
-3املعانا ُة قد تسبِ ُق َق ُب َ
ول التوبة :لقد َ
ذكر اهلل تعاىل يف كتابه أنّه
تصور ُ
فبعض الناس َي ّ ﱹﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﱸ(،)2
54
الرتبية النبو ّية كاملة
يف ُص ْل ِح ُ
احلدَ يبية، َ
رسول اهلل ملّا َ
راجع بن اخلطاب فهذا ُع َمر ُ
وع َمر هنا َيذكر ذن َب ُه بعد عقدَ ْي ِن من «فعم ْلت لذلك أعاملاً »(ُ ،)1 ِ قال:
َأ ْع َت َق ْت فيِ َن ْذ ِر َها َأ ْر َب ِعنيَ َر َق َب ًةَ ،و َكا َن ْت َت ْذ ُك ُر ُ
عائشة الز َمان ،وهذه ّ
ار َها(.)2 خ َ وع َها مِ َ
َن ْذ َر َها َب ْعدَ َذلِ َك َفت َْب ِكي َح َّتى َت ُب َّل ُد ُم ُ
القم ِة من
وصلت إىل هذه ّ ْ ِ
املدرسة النبو ّية! كيف أمر
عجيب ٌُ -4
مجيع األفراد رجالاً ونسا ًء وصبيا ًنا وعبيدً ا، ِ
املتكاملة الشاملة َ الرتبية
اجلميع عىل مقاطعتِهم حتى
ُ فق ٍ
أفراد من ال ّناس في ّت ُ ِ
ثالثة َهب ْج ِر يأمر
ُ
أقاربهُ م ومعار ُفهم ،وحتى نساؤُ هم ،فيعيش الواحدُ منهم يف ِزنزانة
ري يف تاريخ البرشية؟!ّ ،
إن ِ
السجن الكب ِ متجولة ،هل ُس ِمع بمثل هذاِّ
طبقَ
ت لكي ُي َّ ٍ
جهد أو َو ْق ٍ هذه الرتبي َة القو ّي َة ال حتتاج إىل ن َف ٍ
قات وال إىل
وأمرا
ملموسا ًً واقعا
صبح ً ٍ
كلمة يف املسجد ُت ُ فمجر ُد
َّ قرار من قراراهتا، ٌ
ِ
األهداف الكبرية املنشودة فر ِق ُّي املجتمع ُي َس ِّهل حتقيقَ
مل ِز ًما للجميعُ ،
( )1صحيح البخاري (ح .)2732
( )2صحيح البخاري (ح .)6073
55
ريا َك ْم
أي قرا ٍر َيصدُ ر يف زماننا ولو كان صغ ً
وراق ْب َِّ و ُيق ِّلل ال ّت ِ
كلفة..
ّفة معت واجلهد واحلمالت اإلعالمية املكث ِ حيتاج من األموال والو ْق ُِ
نسبة تف ُّلت املجتمع من
ريها كي ُيلتَزَ َم به؟ ،وكم ُ العقوبات املالية وغ ِ
هذا القرار؟
56
الرتبية النبو ّية كاملة
أمهية
أشب منهام ،يظهر ّ َّ كعب بينه وبني صاح َب ْيه بكونه -9تفريق ْ
وقليل من الناس َمن ُي ِّ
فكر يف التفريق بني نفسه ٌ ِ
املختل َفينْ ِ ، ال ّتف ِر ِ
يق بني
مع ّ
أن عنده من الطاقات والقدرات ما عملِ ّ
الطاعةَ ، وبني الناس يف َ
ُ
املنافسة به يف ُس ُبل اخلري والطاعات. َينبغي
ونفسه م ّت ٌ
زنة ،متكاملة ،واعية، ُ ثوابت ال تتغيرَّ ،
ُ املسلم عنده
ُ -10
السوق ُ
فأهل ُّ السوق ال َيتغيرَّ منه إال ِ
املوقع، واثقة؛ فهو يف املسجد ويف ُّ
بيع جتارهتم ُ
واملنافسة يف ِ تسويق بِضاعتِهم
ُ أهل املسجد ،مل َي ُغ َّر ُهمُهم ُ
ب بن مالك. كع ِ
بتكليم ْ
ِ ِ
بمخالفة أ ْم ِر رسول اهلل
فكعب
ٌ هج ُروك؛ -13من امل ِه ّم أن ُتشا ِر َك اآلخرين يف اخلري ولو َ
احلرج واألملِ يف أدائها
ِ ِ
وجود الصلوات مجاع ًة مع ف عن أداء ّ مل يتخ ّل ْ
اهلجر.
لس ُهل عليه ْمعهم ،ولو ج َلس يف بيتِ ِه َ
57
ٍ
ضاحية أي ٍ
مزرعة أو إىل ِّ خير َج إىلأن ُ ٍ
كعب -14كان بإمكان
اختار
َ لس فيها حتى يأ َذ َن اهلل بالفرج ،ولك ّنه
من ضواحي املدينة ويجَ َ
قو ًة يف
فاكتس َب بذلك ّ
َ اهلج ِر املبارش
وجتر َع مرار َة َّْ خمالط َة الناس
التعامل مع األزمات
ُ التحمل والصرب كانت له زا ًدا ملا بقي من ُع ُمره يف
ُّ
وحتملِ الصعاب ،فعىل املرء أن يستفيدَ من األحداث ويربيِّ َ َ
نفسه هبا، ُّ
يرتكها مَ ُت ُّر دون فائدة ،أو ُ
هير َب منها وخيتفي. وال َ
58
َأث ُر ُمراقبة اهلل عظيم
اس َم َش ْي ُت َح َّتى ال َعليَ َّ َذلِ َك ِم ْن َج ْف َو ِة ال َّن ِ «ح َّتى إِ َذا َط َ ال َك ْع ٌبَ : َق َ
اس إِليَ َّ ،َت َس َّو ْر ُت ِجدَ َار َحائِ ِط َأبيِ َقتَا َد َةَ ،و ُه َو ا ْب ُن َع ِّمي َو َأ َح ُّب ال َّن ِ
ال َمَ .ف ُق ْل ُتَ :يا َأ َبا َقتَا َد َةَ ،أن ُْشدُ َك َف َس َّل ْم ُت َع َل ْي ِهَ ،ف َو ِ
اهللِ َما َر َّد َعليَ َّ َّ
الس َ
بِاهللَِ ،ه ْل َت ْع َل ُمنِي ُأ ِح ُّب اهللِ َو َر ُسو َل ُه؟ َف َس َك َتَ ،ف ُعدْ ُت َل ُه َفن ََشدْ ُت ُه،
َاي، اض ْت َع ْين َ اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ف َف َ
الُ : َف َس َك َتَ ،ف ُعدْ ُت َل ُه َفن ََشدْ ُت ُهَ ،ف َق َ
َو َت َو َّل ْي ُت َح َّتى َت َس َّو ْر ُت الجْ ِدَ َار».
59
()1
تو َّج ُع شك َوى إىل ذي ُم ٍ
روءة ُيواسيك أو ُي ْسليك أو َي َ وال بدَّ من ْ
60
أ َث ُر ُمراقبة اهلل عظيم
الظاهر
ُ هذا الكال ِم جوا ًبا له مل يحَ نث ،وال ِس ّيام إذا مل ي ْن ِو به مكاملت َُه ،وهو
من حال أيب قتادة»(.)1
وأحب
ُّ عمه تسو ًرا اجلدار ،ومع ذلك مل َي ِر َّق له ُ
ابن ّ -6خرج ُم ِّ
ٍ
ومجود ٍ
وفظاظة لظ ٍة كلم ُه أو َي ِ
عتذ ْر إليه ،وليس هذا عن ِغ َ ِ
الناس إليه أو ُي ْ
، ِ
تعظيمهم ألم ِر رسول اهلل يف العواطف -حاشاهم ،-وإنّام هو من
وتقديمهم له عىل املشاع ِر واألحاسيس التي تجَ يش يف ال ّن ْفسُ ،
فهم ِ
كام وص َفهم اهلل :ﱹﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﱸ(.)2
ِ
بولده ،ف ُيغ ِّل ُبها عىل أم ِر اهلل الرمحة ُ
تأخذ ُه ّ وكث ٌري من الناس اليوم
ِ
لصالة الفجر يف شدّ ة األمر إىل عد ِم إيقاظه
ُ ورسولِه ،وقد َي ِص ُل به
ِ
إسقاط حدٍّ من حتم ُله ِ
احلم ّي ُة عىل وبعضهم قد ُِ الربد أو عند ال ّت َعب!،
وج َب عىل ٍ
أحد من قرابته. حدود اهلل َ
61
استعالء المؤمن بإيمانه
اط َأ ْهلِ وق المْ َ ِدين َِة إِ َذا َن َب ِط ٌّي ِم ْن َأ ْن َب ِ ال َك ْع ٌبَ « :ف َب ْينَا َأ َنا َأ ْمشيِ بِ ُس ِ َق َ
ب ْب ِن ولَ :م ْن َيدُ ُّل َع ىَل َك ْع ِ الط َعا ِم َيبِ ُيع ُه بِالمْ َ ِدين َِة َي ُق ُ الش ْأ ِم ممِ َّْن َق ِد َم بِ َّ َّ
ك ون َل ُه َح َّتى إِ َذا َجا َءنيِ َد َف َع إِليَ َّ ِكتَا ًبا ِم ْن َم ِل ِ ري َ اس ُي ِش ُ ك؟ َف َط ِفقَ ال َّن ُ َمالِ ٍ
اكَ ،ولمَ ْ اح َب َك َقدْ َج َف َ يهَ :أ َّما َب ْعدُ َ ،فإِ َّن ُه َقدْ َب َل َغنِي َأ َّن َص ِ انَ ،فإِ َذا ِف ِ َغ َّس َ
اس َكَ ،ف ُق ْل ُت لمَ َّا َق َر ْأ هُتَا: ال َم ْض َي َع ٍةَ ،فالحْ َ قْ بِنَا ُن َو ِ ان َو َ اهلل بِدَ ا ِر َه َو ٍ يجَ َْع ْل َك ُ
ال ِء َف َت َي َّم ْم ُت بهِ َ ا ال َّت ُّن َ
ور َف َس َج ْر ُت ُه بهِ َ ا». َو َه َذا َأ ْي ًضا ِم ْن ا ْل َب َ
ابتالء من
ٌ ان له باملص ِ
ري إليه القيم« :ويف ُمكاتبة َم ِلك ّ
غس َ ابن ّ قال ُ
للصحابة أنّه وإظهار ّ
ٌ وامتحان إليامنِ ِه ّ
وحمبته هلل ورسوله، ٌ اهلل تعاىل،
النبي واملسلمني له ،وال هو ممن تحَ ِم ُله هبج ِر ّليس ممن َض ُعف إيام ُنه ْ
63
ِ
الرسول واملؤمنني له عىل ُمفارقة غبة يف اجلاه وامللك مع ِه ْجران الر ُ ّ
دق ِه
وص ِ دينِ ِه ،فهذا فيه ِمن ت ِ
ربئة اهللِ له من ال ّنفاق ،وإظها ِر ُق ّوة إيامنهِ ،
رب ِه ِ
نعمة اهلل عليه ،و ُل ْطفه به ،وج ِ لرسوله وللمسلمني ما هو من متام
وس ُه ،وما َينط ِوي عليه؛ فهو البالء ُيظ ِه ُر ُل َّب ُ
الرجل رِ َّ ُ لك ِ
رسه ،وهذا
ري الذي يخُ ِرج اخلبيث من ّ
الط ِّيب»(.)1 ِ
كالك ِ
وخاص ًة بعد
ّ الصدْ ِر َأ ْو َج ُه عند ْ
كع ٍ
ب، يق ّ احلزن ِ
وض ُ ُ -1لقد ب َلغ
رفيع
ٍ ستوى وأحب الناس إليهُ ،ث ّم جاءه َ
الع ْو ُن من ُم ً ِّ ابن عمه ِ
موقف ِ
مهجور من اجلميع ،إ ّ
ال ٌ ستضعف
َ ٌ
ضعيف ُم -مستوى امللوك -وهو
ُ
ضعيفة البِ ِ
نية، ِ مدرسة هشّ ٍة،
ٍ ِ
العواطف مل ُت ِ
واجه فر ًدا من أن دغدغةّ
الراشدة ِ
أفراد املدرسة النبوية ّ واجه ْت فر ًدا من
َ هتزة القناعة ،بل
ُم ّ
مع ّ
أن فحس ُب ،بل عدَّ ُه من البالء! َ
صمدْ أمامه ْ املتكاملة ،فلم َي ُر َّد ُه أو َي ُ
يظه ُر ال َف ُ
رق بني أهلِ اإليامن يتع َّلق ب َقشّ ة»ُ ،
وهنا َ ُ
«الغريق َ امل َث َل يقول:
ُ
واملنافقون زدادون إيام ًنا مع إيامهنم،
وأهلِ النِّفاق يف الشدائد ،أولئك َي ُ
كش ُفون عام يف صدورهم و َيكشِون عن أنياهبم؛ قال اهلل تعاىل واص ًفا َي ِ
وموقف املؤمنني يف شدَّ ِة غزوة األحزاب :ﱹﮝ ﮞ
َ َ
موقف املنافقني
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﱸ( ،)2وقال
عن املؤمنني :ﱹﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ
ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓﱸ(.)3
64
استعالء املؤمن بإيامنه
أكثر من غ ِ
ريها؛ وهلذا تعظم بالطاقات الشا ّبة َ عناية الك ّفا ِر ُ
ُ -4
رفع ُمستوى
رسل لصاح َب ْيه!؛ فينبغي ُ لكعب ومل ُي ِ
ٍ غسان أرسل ِ
مل ُك ّ َ
وحظ يف بعض ُ
اجل ْمهوريات والو ْعي لدى شباب األ ّمة .وقد ُل ِ التد ُّين َ
أمريكية النتقاء األذكياء من شباب املسلمني وإرساهلم إىل ّ إنشاء ِ
مراكزَ ُ
أمريكا وإغرائِهم بالبقاء عندَ هم ،و َمن مل يستطيعوا استغال َل ُه َقتَلوه أو
ري ِه. َ
وسائل الفساد من ِّ
كل جانب لتدم ِ س َّلطوا عليه
65
والرتاح ِم
ُ ف وال ّتوا ّد،التعاط ِ
ُ جمتمع ُربِّ عىل
ٌ اإلسالمي
ُّ املجتمع
ُ -5
املجتمع من حالِنا
ُ والتعارف ،فيع ِرفون ٍّ
لكل ح َّقه ،فأين هذا ُ الحم،
وال ّت ُ
اليوم؟!؛ إذ جتدُ كثري ًا م ّنا ال يع ِرفون ِجريا ُنَم فضلً عن أهل ح ِّي ِهم،
َ
قول رسوهلم خيرجون من َتبِعة ِ
فكيف ُيقدِّ مون هلم خدمات؟ ،وكيف ُ
َ « :من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر ف ْل ُيك ِرم َ
جار ُه»(.)1
. العدوي
ّ ( )1أخرجه البخاري (ح )6019واللفظ له ،ومسلم (ح ،)47عن أيب شرُ يح
( )2املعجم الكبري للطرباين (.)50/19
66
استعالء املؤمن بإيامنه
67
مة ِبشا َر ٌة َ
بالف َرج اشتداد األ ْز ِ
ُ
ولون َل ْي َل ًة ِم ْن الخْ َ ْم ِسنيَ إِذا َر ُس ُ «ح َّتى إِ َذا َم َض ْت َأ ْر َب ُع َ ال َك ْع ٌبَ : َق َ
ول اهللِ َي ْأ ُم ُر َك َأ ْن َت ْع َت ِز َل ا ْم َر َأ َت َك، ال :إِ َّن َر ُس َ ول اهللِ َي ْأتِينِيَ ،ف َق َ َر ُس ِ
ال َت ْق َربهْ َ اَ ،و َأ ْر َس َل إِلىَ
اع َت ِزلهْ َا َو َ
ال َبلِ ْ الَ : َف ُق ْل ُتُ :أ َط ِّل ُق َها َأ ْم َما َذا َأ ْف َع ُل؟ َق َ
ك َفت َُكونيِ ِع ْندَ ُه ْم َح َّتى اح َب َّي ِمث َْل َذلِ َكَ ،ف ُق ْل ُت ال ْم َر َأ يِت :الحْ َ ِقي بِ َأ ْه ِل ِ َص ِ
ال ِل ْب ِن ُأ َم َّي َة َر ُس َ
ول ال َك ْع ٌبَ :ف َجا َء ْت ا ْم َر َأ ُة ِه َ اهلل فيِ َه َذا َ
األ ْم ِرَ .ق َ َي ْقضيِ َ ُ
ُ
س َل ُه ال َل ْب َن أ َم َّي َة َش ْي ٌخ َضائِ ٌع َل ْي َ ول اهللِ ،إِ َّن ِه َ اهللِ َ ،ف َقا َل ْتَ :يا َر ُس َ
كَ ،قا َل ْت :إِ َّن ُه َواهللِ الَ ،و َل ِك ْن َ
ال َي ْق َر ْب ِ الَ : اد ٌمَ ،ف َه ْل َت ْك َر ُه َأ ْن َأ ْخدُ َم ُه؟ َق َ
َخ ِ
ان ِم ْن َأ ْم ِر ِه َما َك َ
ان إِلىَ ال َي ْب ِكي ُم ْن ُذ َك َ َما بِ ِه َح َر َك ٌة إِلىَ شيَ ْ ٍءَ ،واهللِ َما َز َ
فيِ ا ْم َر َأتِ َك ول اهللِاست َْأ َذن َْت َر ُس َ ض َأ ْهليِ َ :ل ْو ْ ال ليِ َب ْع ُ َي ْو ِم ِه َه َذاَ ،ف َق َ
69
ال َأ ْست َْأ ِذ ُن ِف َيهاال ِل ْب ِن ُأ َم َّي َة َأ ْن خَ ْتدُ َم ُهَ ،ف ُق ْل ُتَ :واهللِ َ
َكماَ َأ ِذ َن ال ْم َر َأ ِة ِه َ
است َْأ َذ ْن ُت ُه ِف َيها،
ول اهللِ إِ َذا ْ ول َر ُس ُ ول اهللِ َ ،و َما ُيدْ ِرينِي َما َي ُق ُ َر ُس َ
خ ُس َ
ون ال َح َّتى َك َم َل ْت َلنَا مَ ْابَ ،ف َلبِث ُْت َب ْعدَ َذلِ َك َعشرْ َ َل َي ٍ َو َأ َنا َر ُج ٌل َش ٌّ
ال ِمنَا».َع ْن َك َ ول اهللِ َل ْي َل ًة ِم ْن ِحنيَ نهَ َ ى َر ُس ُ
ٍ
خمالفة فإنّه تب َقى له قيم ُته عملٍ وارتكب من املسلم من َ
ُ -1مهام أتى
ظل ِصل ُته به قائم ًة؛ فمتابع ُت ُه ولو بالعقوبات فيها
يف املجتمع املسلم ،و َت ُّ
كع ًبا بي
لقضيته ،لقد أ َم َر ال ّن ُّ
ّ اللة عىل اهتام ِم املجتمع به ومتابعتِهم
َد ٌ
فتجر َد هلل سبحانه وتعاىل ،ومن َّ مجيع العالئق حتى من زوجتِه أن َيقطع َ
وقرب
جل وعال ُ أن املؤمن ك َّلام أيِ َ
س من ال َبشرَ ازدا َد تع ُّل ُقه باهلل ّ املعلوم ّ
فر ُجه.
َ
()1
تفرج
وكنت أظ ُّنها ال ُ
ُ ضاقت فلام استحكمت ح َلقاهتا ُفرجت
وإرشاد هلم
ٌ تنبيه ِ
باعتزال النساء ،وفيه ٌ الثاين :من ُخ ُصوصية أم ِرهم
حمل ال َّل ْهو وال ّل ّذة، وشدِّ املئزَ ِر ،واعتِ ِ
زال ِّ إىل ا ِ
جلدِّ واالجتهاد يف العبادةَ ،
70
شار ٌة بال َف َرج اشتداد األزْ ِ
مة بِ َ ُ
فالتدر ُج يف العقوبة
ُّ تدرج يف العقوبة؛ ِ
باعتزال زوجته ُّ -4ويف أم ِره
ص و َيفتح اخليارات. ُيتيح ُ
الف َر َ
71
اهلجر، ُ
عقوبة ْ احلية ِ
القلوب ّ -6من أشدِّ العقوبات عىل أصحاب
والتقارب..
ُ التواص ُل
ُ ِ
املحافظة التي َيظهر فيها وخاص ًة يف املجتمعات
ومن الناسوج َلسائهِ ،
اهلجر ين َف ُع مع َمن هيت َُّم بانتقاء أصحابِه ُ
ُ وهذا
اليوم من ال يجُ ِدي فيهم اهلجر؛ ألهنم ال يهُ ِ ُّمهم َمن يجُ السون ،بل ُّ
املهم َ
ومستواه. النظ ِر عن نوعه ُ ض َ أن يجَ ِدُ وا َمن يؤانسهم َبغ ِّ
أعظم
ِ الفرج منه ِمن
وانتظار َ
ُ وح ْس ُن ّ
الظ ّن به ُ
األمل يف اهلل ُ -7
كعب« :ح ّتى َيقيض ُ
اهلل يف هذا ٌ حتمل االبتالء ،كام قال
ما ُيعني عىل ُّ
األمر» :ﱹﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﱸ(.)1
ييأس ألي ُمصيبة ،أو اليأس يف الناس اليوم! ،كث ٌري منهم ُ
َ أرس َع
ما َ
اليأس ُي ِ
قعد املر َء ُ وفساد يقع من ِ
ولده ،وهذا ٍ ٍ
انحراف ض يع ِر ُ
ض له ،أو َم َر ٍ
قطعه عن سبل ال ّنجاح ،ولكنك جتد ِ
األسباب وتالفيها ،و َي ُ عن معرفة
ٍ
وبحث عن الوسائل التي ُتوصل إىل النجاح. ٍ
اجتهاد أهل ِ
الفأل َ أصحاب
ُ
معرفة الذنب صالح القلب واستقامتِه ويقظتِه
ِ -8من عالمة
تعظيم اهلل وخوفه،
ِ واستمرار الند ِم عليه ،وهذا ٌ
دليل عىل ُ واالقالع عنه
ُ
فاستمرار أ َث ِر ّ
الذنب يف نفوس ُ أخ َوف، أعر َف كان منه ْ
و َمن كان باهلل َ
وجل« :وما زال َيبكي ُ
منذ كان من ّ عز
الصحابة إنّام هو من تعظيمهم هلل ّ
ٍ
ساعات ،هذا إن عرفوها، أم ِره» .ومن الناس من َي َ
نس ْون ذنوبهَ ُ م بعد
يتذكر الواحدُ منهم ذن َب ُه بعد ُع ٍ
قود من السنني، ُ
السلف الصالح َّ وكان
عمل ُته منذ أربعني سنة!». ابن ِسريين« :ملا ُسجنت ّ
تذكرت ذن ًبا ِ قال ُ
72
شار ٌة بال َف َرج اشتداد األزْ ِ
مة بِ َ ُ
وعظيم
َ وقدر ُه
َ النساء يف زمن النبوة قيم َة ّ
الزوج ُ توع ِ -9لقد َ
نسه وراحتِه ،فقمن بخدمة وأ ِسكن الرجل ُ ِ ح ِّقه ّ ،
وأن املرأة مصدَ ُر
بأي ُعذ ٍر ُيتيح هلا َ
ترك اليوم ُتسرَ ُّ ّ
َ ُ
وبعض ال ّنساء أزواجهن ورعايتِهم،
ِ
خدمة زوجها!.
ستحون من
عىل الوضوح والبساطة ،فال َي ُ ُ
الصحابة -11تر ّبى
ستحى منه مع
األمر الذي ُي َ
ُ مهام كان احلقّ أن ُ
يذكروه لرسول اهلل
النبوي
ّ وتأدبهِ م باألدب
واحرتامهُّ ، ِ
بإجالل رسول اهلل ِ
احتفاظهم
ستحى منه..
يف التكنية عام ُي َ
نجاحا
ً نج َح كعب وصاحباه قد َ ٌ املعنوي الذي دخله
َّ جن
الس َ ّ
إن ِّ
خمالفة واحدة ملدة مخسني يو ًما .وهذا أ َث ٌر من آثا ِر
ٌ ريا ،ومل ُت ّ
سجل فيه كب ً
الزمن ما أك َث َر
ِ مجيع أفراد املجتمع ،ويف هذا
لت َ الرتبية النبوية التي َش َم ْ
الطاقات والقدرات رصف اليوم من ّ ملجر ِد املخالفة ...وكم ُي َ
من يخُ الف ّ
ِ
تطبيق ِ
حتقيق أ ْم ٍن ،أو ٍ
جريمة ،أو واإلمكانات واألموال عىل حماربة
جزء منها
صُف ٌ ُ
األهداف املنشود ُة ،ولو ِ نظام! ،ومع ذلك ال َتتح َّق ُق
ِ
أهدافنا. ُ
حتقيق ولس ُهل علينا
ريا َ ِ
تربية املجتمع وتوجي ِهه لو ّف ْرنا كث ً يف
73
واقب من الرشد
بالع ِ
َ االهتمام
ُ
ال ُي َصليِّ َعليَ َّ ال َّنبِ ُّي،وت َف َ «و َما ِم ْن شيَ ْ ٍء َأ َه ُّم إِليَ َّ ِم ْن َأ ْن َأ ُم َال َك ْع ٌبَ : َق َ
ال ُي َك ِّل ُمنِي اس بِتِ ْل َك المْ َ ْن ِز َل ِةَ ،ف َ
ون ِم ْن ال َّن ِ َف َأ ُك َ ول اهللِوت َر ُس ُ َأ ْو َي ُم َ
َأ َحدٌ ِم ْن ُه ْم َو َ
ال ُي َصليِّ َعليَ َّ ».
اهلج ُر بعد ِ
وفاة كعب عىل نفسه أن ُيفتَن إذا طال عليه ْ َ
خيش ٌ -1لقد
غسان يف حياة الرسول ،ك ّ لفتنة َم ِل ِ
ِ عر َ
ض ِ
رسول اهلل ،فقد َت َّ
ُ
احلال بعد موت النبي ؟ .ف َينبغي طم ُع يف التوبة ،فكيف يكون
وهو َي َ
كل حال. الثبات يف ِّ
َ ويسأل َ
اهلل َ للمسلم أن َ
خياف عىل نفسه من الفتن،
75
ِ
جمالس املواقع السيئة يف اإلنرتنت والقنوات ،والسياحة ،وحضو ِر
ِ
وكل هذا يؤدي إىل َض ْع ِ
ف إيامنه أو االفتتان. الشبهات والشهواتُّ ،
رسول اهلل الصال َة ُ من اخلري إذا اجتَنب كعب
رجو ٌ -4ماذا َي ُ
احلية هيتمون ألم ِر
أصحاب القلوب ُّ أموت فال يصليِّ ع ّ
يل»!. َ عليه...« :أن
أصحاب القلوب امليتة فال يهَ ُّتمون ألمر
ُ دينِهم َ
أكثر من أم ِر دنياهم ،وأ ّما
حارضهم فضلاً عن عاقبتهم ،فتجدُ أحدَ هم ال ينظر َمن يجُ اوره ويساكنُه،
ِ
غسله ،فينبغي للمسلم أن بل َمن ُيصاهره ،فضلاً عمن ُيصليِّ عليه أو ُي ِّ
َ
يرغ َب يف صالة أهلِ اخلري عليه ملا ُي َ
رجى من قبول دعائهم.
76
بالع ِ
واقب من الرشد االهتامم َ
ُ
ِ
االحتامالت ؛ إذ ق ّلب ٍ
كعب -5يتبينّ من هذا ُب ْعدُ َ
النظ ِر عند
مع إدراكه ما َيرتتَّب عليها من نتائج. التي ُيمكن أن ت َق َع عليه يف ّ
قضيتهَ ،
77
األمة المسلمة كالجسد الواحد
ِحنيَ َب ِق َي ال ُّث ُل ُث ِ
اآلخ ُر ال َك ْع ٌبَ « :ف َأ ْنزَ َل ُ
اهلل َت ْو َب َتنَا َع ىَل َنبِ ِّي ِه َق َ
ِع ْندَ ُأ ِّم َس َل َم َةَ ،و َكا َن ْت ُأ ُّم َس َل َم َة حُم ِْس َن ًة فيِ ول اهللِ ِم ْن ال َّل ْيلِ َو َر ُس ُ
ب. يب َع ىَل َك ْع ٍ ول اهللِ َ :يا ُأ َّم َس َل َم َة ،تِ َ ال َر ُس ُ َش ْأنيِ َم ْعنِ َّي ًة فيِ َأ ْم ِريَ ،ف َق َ
اسَ ،ف َي ْمن َُعو َن ُك ْم ال :إِ ًذا يحَ ِْط َم ُك ُم ال َّن ُ ال ُأ ْر ِس ُل إِ َل ْي ِه َف ُأ َبشرِّ َ ُه؟ َق َ
َقا َل ْتَ :أ َف َ
ال َة ا ْل َف ْج ِر آ َذ َن بِت َْو َب ِة
َص َ ال َّن ْو َم َسائِ َر ال َّل ْي َل ِةَ ،ح َّتى إِ َذا َص ىَّل َر ُس ُ
ول اهللِ
اهللِ َع َل ْينَا».
79
ُ
والعقوبة التي قضية ُأ ّمة،
ِ قضي ٍة شخصية إىل ٍ
كعب وصاح َب ْيه من ّ قص ُة
ّ
فاملجتمع ك ُّله َي ِ
نتظ ُر َح َّلها عىل ُ ٌ
عقوبة رشعية ومع ذلك صدَ َرت فيهم
جتاو ًبا ُي َ
ذكر اليوم ُ
َ أح َّر من اجلمر« :إذ ًا يحَ ِط َمكم الناس» .وقد ال جتد
َ
قص ُف و ُتباد!. مسلمة بأكملها تحُ َ
ار ُب و ُت َ ٍ ٍ
شعوب لقضايا
80
األمة املسلمة كاجلسد الواحد
األمر
َ عرضت ٍ
رسول إليه بالبشارة ،بل َ ِ
املبادرة بإرسال ٍ
كعب عىل عىل
اجلواب يم ِّث ُل
ُ عىل رسول اهلل ،فأجاهبا« :إ ًذا ،يحَ ِط َمكم الناس» ،فهذا
مستوى عال ًيا
ً أن موق َفها يحَ كي
مستوى راق ًيا يف التعامل مع الزوجة ،كام ّ
ً
من الفهم واالحرتام.
فتجدُ قي َم ُ
األرسة الرتبية املعارصة تب ُّلدً ا يف اإلحساس!؛ ِ ِّ
ُ وأفرزت
ٍ
صوت ،ثم هتديدٌ ووعيد ،ومع ذلك ال رفع
صح ُبه ُ
رصيح َي َ
ٍ يأم ُر بأم ٍر
ُ
حريص
ٌ الرفق باألهل؛ فهو دليل عىل ِّ أيضا ٌ ين َّف ُذ األمر! ،ويف القصة ً
بي يف عىل راحتهم ال ُيريد أن يحَ ِط َمهم الناس ،وانظر إىل هدْ يِ ال ّن ّ
الباب
َ «فأخ َذ ِردا َء ُه ُر َويدً ا ،وانت ََعل ُر َويدً ا ،وفتح
َ حديث عائش َة :
فخ َرج ،ثم أجا َف ُه رويدً ا»( )1أخرجه مسلم.
َ
81
الصدق حميدة عاق ُ
بة ِّ ِ
83
ول اهللِ َ ،ف َي َت َل َّقانيِ ال َّن ُ
اس است ََع ْر ُت َث ْو َبينْ ِ َف َلبِ ْس ُت ُهماَ َ ،وان َْط َل ْق ُت إِلىَ َر ُس ِ
َو ْ
ون :لِت َْهنِ َك َت ْو َب ُة اهللِ َع َل ْي َكَ ،ق َ
ال َك ْع ٌب: َف ْو ًجا َف ْو ًجا يهُ َ ُّنونيِ بِال َّت ْو َب ِة؛ َي ُقو ُل َ
اماسَ ،ف َق َ َجالِ ٌس َح ْو َل ُه ال َّن ُ ول اهللِ
َح َّتى َد َخ ْل ُت المْ َ ْس ِجدَ َ ،فإِ َذا َر ُس ُ
إِليَ َّ َط ْل َح ُة ْب ُن ُع َب ْي ِد اهللِ يهُ َ ْر ِو ُلَ ،ح َّتى َصا َف َحنِي َو َه َّنانيِ َ ،واهللَِ ،ما َق َ
ام إِليَ َّ
اها لِ َط ْل َح َة».ال َأن َْس َ
ين َغيرْ َ ُهَ ،و َ
اج ِر ََر ُج ٌل ِم ْن المْ ُ َه ِ
84
ِ
عاق ُبة ِّ
الصدق محيدة
يأس
قال اهلل تعاىل :ﱹﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱸ( ،)1فال َ
وادهلم ِ
ت اخلطوب ،وكام قيل: َّ من الفرج مهام اشتدّ ِ
ت الكروب
()2
قد آ َذ َن لي ُلك بال َب َل ِج اش َتدِّ ي ُ
أزمة َتنف ِرجي
وقال اآلخر:
ُ َ ُف ِرجت ضاقت فلام است َ
َحك َم ْت ح َلقاهتا
وكنت أظ ُّنها ال ُت َ
فر ُج ْ
()3
85
إخفاء
ُ ُ
اللطف يف قوله تعاىل :ﱹﮊ ﮋ ﮌﱸ( )1بأنّه وقد ُفسرِّ َ
األمو ِر يف ُص َو ِر أضدادها:
ِ
ليوسف إخفاء األمو ِر جاء يف ُص َو ِر االضداد كام
ُ ُ
اللطف
وعزا ر ُّبه َتعــــــاىل ري ُه ِر ًقا لكي َينـــــــــاال ُم ً
لكا ًّ ص َّ
وقيل:
كر ِه املَكرو َه ِعندَ ُنزولِ ِ
ـــه إِ َّن املَكا ِر َه لمَ َتزَ ل ُمتَبايِنَه ال َت َ
ِ ()2
َكم نِ َ
عم ٍة لمَ َتست َِق َّل بِ ُشك ِرهــا هللِ يف َط ِّي املَكا ِر ِه كامنَه
ُ
األرض ُ
فتضيق عليه الذنوب واملخالفات تكدِّ ُر حيا َة املؤمن،
ُ -7
مال وال ٍ
ولد، نفسه ،فال جيد َل َّذ ًة وال راح ًة يف ٍ مع َس َعتِها ،و َت ُ
ضيق عليه ُ
سكن وال َ
مركب. وال َم ٍ
()3
التقي هو السعيدُ
َّ ولكن
ّ مجع ٍ
مال ولست أرى السعاد َة َ
ُ
الفرح كع ًبا عن ُسجود الشكر ،وهذا مما يدُ ُّل عىل ُق ْربِه من
ُ -8مل ُي ِ
ذهل
ِ
العاطفة عن العقل. جل وعال ،وفرا ِغ قلبه ممّن ِسواه ،وعد ِم انفصال اهلل ّ
ناتج
النبوي ٌ
ِّ والتفاعل يف املجتمع
ُ والعملية
ّ ُ
املشاركة القلبية -9
وكثري من الناس ُيمكن أن يشا ِرك
ٌ التطبيق العم ّ
يل لإلسالم.. ِ عن
86
ِ
عاق ُبة ِّ
الصدق محيدة
ٍ
طوات عملي ًة يف املشاركة إلخوانه قليل منهم َمن ي ّت ُ
خذ ُخ بقلبه ،لكن ٌ
أخا له َيعيش يف ُمشكلةجتدُ َمن َيعلم أن ً ِ
وأتراحهم ،وقد ِ يف أفراحهم
أن ظل ًام وقع عىل ِ
أحد يعلم ّفكر يف املشاركة يف ح ِّلها ،أو ُ
اجتامعية وال ُي ّ
املسلمني فال َيسعى لرفعه.
فكع ٌب مل
صغرْ ، ٍ
واحد وإن ُ ٍ
موقف ُ
الصحابة حيفظون ِودا َد -13
ينس لطلح َة قيا َم ُه لتهنئته .وما أك َث َر َمن ّ
يتنكر للمعروف ،بل رأينا َمن َ
يقاب ُله باإلساءة ،ولكن هذا ال َيمنع من ِفعلِ املعروف؛ ألنه ال َينبغي أن
ِ
فانتظ ِر اإلساءة»(.)1 أحسنت
َ ِ
رشط املكافأة« ،إذا ُي َ
فعل عىل
87
ٌ
رؤوف رحيم بالمؤمنين
89
يث ُم ْن ُذ َذ َك ْر ُت اهلل فيِ ِصدْ ِق الحْ َ ِد ِال ُه ُ َما َأ ْع َل ُم َأ َحدً ا ِم ْن المْ ُ ْس ِل ِمنيَ َأ ْب َ
النيِ َ ،ما َت َع َّمدْ ُت ُم ْن ُذ َذ َك ْر ُت َذلِ َك َأ ْح َس َن ممِ َّا َأ ْب َ ول اهللِ َذلِ َك لِ َر ُس ِ
أل ْر ُجو َأ ْن يحَ ْ َف َظنِي ُ
اهلل إِلىَ َيو ِمي َه َذا َك ِذ ًباَ ،وإِنيِّ َ اهللِ
ول ِ لِ َر ُس ِ
ْ
اهلل َع ىَل َر ُسولِ ِه :ﱹﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ يتَ ،و َأ ْنزَ َل ُ ِفيماَ َب ِق ُ
ﯞ ﯟﱸ إِلىَ َق ْولِ ِه :ﱹﭷ ﭸ ﭹﱸ،
ال ِم َأ ْع َظ َم فيِ اهلل َعليَ َّ ِم ْن نِ ْع َم ٍة َق ُّط َب ْعدَ َأ ْن َهدَ انيِ ل ِ
إل ْس َ اهللِ َما َأن َْع َم ُ َف َو ِ
ون َك َذ ْب ُت ُه َف َأ ْه ِل َك َكماَ َه َل َك
ال َأ ُك َ
َأ ْن َ اهللِ
ول ِ َن ْفسيِ ِم ْن ِصدْ ِقي لِ َر ُس ِ
ين َك َذ ُبوا ِحنيَ َأ ْنزَ َل ا ْل َو ْح َي شرَ َّ َما َق َ
ال ال لِ َّل ِذ َ ين َك َذ ُبواَ ،فإِ َّن َ
اهلل َق َ ا َّل ِذ َ
ار َك َو َت َعالىَ :ﱹﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﱸ إِلىَ ال َت َب َأل َح ٍد؛ َف َق ََ
ال َك ْع ٌبَ :و ُك َّنا َق ْولِ ِه :ﱹﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﱸَ ،ق َ
ِحنيَ اهللِ
ول ِ ين َقبِ َل ِم ْن ُه ْم َر ُس ُ ال َث ُة َع ْن َأ ْم ِر ُأو َلئِ َك ا َّل ِذ َ خَ َت َّل ْفنَا َأيهُّ َ ا ال َّث َ
َأ ْم َر َنا َح َّتى ول اهللِ اس َتغْ َف َر لهَ ُ ْمَ ،و َأ ْر َج َأ َر ُس ُ َح َل ُفوا َل ُهَ ،ف َبا َي َع ُه ْم َو ْ
س اهلل :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔﱸَ ،و َل ْي َ ال ُ يهَ ،فبِ َذلِ َك َق َ َق ىَض ُ
اهلل ِف ِ
ت ِل ُيف ُه إِ َّيا َنا َوإِ ْر َجاؤُ ُه َأ ْم َر َنا
اهلل ممِ َّا ُخ ِّل ْفنَا َع ْن ا ْل َغ ْز ِو إِ َّنماَ ُه َو خَ ْ
ا َّل ِذي َذ َك َر ُ
اعت ََذ َر إِ َل ْي ِه َف َقبِ َل ِم ْن ُه».
ف َل ُه َو ْ َع َّم ْن َح َل َ
وفرح ِه به
ِ بذلك ِ
رسول اهلل القيم« :ويف رُسو ِر
ابن ّ
-1قال ُ
دليل عىل ما جعل اهلل فيه من ِ
كامل الشّ فقة عىل األ ّمة، ِ
واستنارة وج ِهه ٌ
ٍ
كعب فرح
أعظم من ِ َ فرح ُه كان
لعل َوالرمحة هبم والرأفة ،حتى ّ ِ
يفر َح بام ُ
ينال ببعض املسلمني أن َ ِ محة وصاح َب ْيه» .وقد تب ُلغُ ّ
الر ُ ()1
أكثر من ِ
فرحهم ألنفسهم. إخوا ُنه من اخلري َ
90
ٌ
رؤوف رحيم باملؤمنني
ُ
متابعة الصحابة لرسول اهلل ومعرف ُتهم به -2يتبينّ ُ من ِ
الق ّصة
ِ
املصاح ُب َ
يكون يف مجيع أحوالِه من رسو ٍر وغ ِ
ريه .وهكذا ينبغي أن
كنت أهل العلم والفضل ،وكان عبدُ الرمحن ُ
بن القاسم رمحه اهلل يقولُ : َ
وكنت أجدُ منه يف
ُ آيت مالك ًا غ َلس ًا ،فأسأ ُله عن مسألتني ،ثالثة ،أربعة،
سح ٍر. فكنت آيت َّ
كل َ ُ انرشاح صد ٍر،
َ ِ
الوقت ذلك
ٍ
لكعب بال ُبرشى ،مع أنّه الرسول تل ِّقيه ِ
أخالق َّ -3من مكار ِم
ليس ِ
رسول اهلل ٍ
كعب لل ُبرشى من وسامع
ُ الناس ل ُيبشرِّ وه،
َ آ َذن
كسامعه هلا من غريه.
ِ
الصدق يف التوبة، يل عىل النعمة ومن ُ
إنفاق املال من الشك ِر العم ّ -5
وطلب دوام النعمة ،قال تعاىل :ﱹﭭ ﭮ ِ ِ
والصدق يف البذل،
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﱸ(.)1
يكاد ِ
وطلب التوبة ُ كرا للنعمة خاصة يف ترك الذنوب ُ
وإنفاق املال ُش ً
ُيف َقد يف زماننا.
ُ
رسول هلل ِ -6ع َظ ُم الفرح ،وال ُبرشى ،و ِوسام الشرّ ف الذي ق ّلده
ٍ
كعب املالية؛ فأ َم َر ُه باإلبقاء من ال ّنظر يف مصالح بي
منع ال ّن َّ
كع ًبا مل َي ِ
91
والنظر يف األصلح له ،ولو
ُ صح للمسلم عىل ِ
بعض ماله .ولذا َينبغي ال ُّن ُ
فيحس ُن بالعامل
ُ بعض مالِه الذي يريد أن ُينفقه يف سبيل اهلل. ِ يف إبقاء
صيحة هلم يف دينِ ِهم،
ِ ص عىل نفع الناس وال ّنوطالب العلم أن يحَ ِر َ
ِ
فيقع الضرّ ر.
الفرح َ
ُ ودنياهم ،وال ينبغي أن َ
يطغى
األمورحقائق ُ
ِ ِ
ملعرفة أعظم نِ َع ِم اهلل عىل العبد أن ُيو ِّفقه
ِ ّ -8
إن من
الصالح احلميدة هلا ،والرسو ِر بالعمل ّ ِ وإدراك العواقب ِ عىل وج ِهها،
مة كعبَ « :ف َواهلل ما َأن َْع َم اهلل ع َّ
يل من نِ ْع ٍ وإن كان شا ّق ًا عىل النفس ،قال ٌ
ِ
لرسول اهلل دقي َق ُّط بعدَ أن هداين لإلسالم َأ َ
عظ َم يف نفيس من ِص ِ
ولقيت منُ ريا
فعلت خ ً
ُ وكثري من الناس يقول:
ٌ أن ال أكون كذب ُت ُه».
مستعج ٌل للعاقبة ،وما يدريك؟ ّ
لعل اهلل ا ّد َخر ِ ُ
ومثل هذا ال ّناس ً
رشا،
92
ٌ
رؤوف رحيم باملؤمنني
دت ُم ُ
نذ -9ينبغي االستفاد ُة من اخلطإ يف تربية النفس« :ما َتع َّم ُ
ِ
لرسول اهلل إىل يومي هذا كذ ًبا ،وإين ألرجو أن يحَ فظني رت ذلك َ
ذك ُ
التام عىل اهلل ،وعد ِم االتّكال ِ
االعتامد ّ ِ
وجوب اهلل فيام َب ِق ُ
يت…» ،مع
وتتكرر وال َيستفيدُ منها!،
ّ ٍ
أخطاء يقع اإلنسان يف
عىل النفس ،وكم ُ
ُ
تأخذه نشو ُة ال ّنجاة ريه ،وكم ممن ِ
أخطاء غ ِ ِ
االستفادة من فضلاً عن
َ
فضل اهلل عليه ،وتأييدَ ُه له. فينسى
والنجاح َ
ِ واالنتصا ِر
بج ٍ
هد وابتالء« :واهلل ما الص ِ
دق التي ناهلا ُ كع ٌب قيم َة ِّ
عرف ْ َ -10
قط بعد أن هداين…» ،ومن الناس من إذا َصدَ ق ٍ
نعمة ُّ أنعم اهلل ع ّ
يل من َ
بالء عزَ م عىل ِ
الكذب مستقبلاً !. يف أم ٍر ثم ناله ٌ
ٍ
وعناء بذل فيه من ُج ٍ
هد ومش ّقة، قيمة اليشء ب َقدْ ر ما ُي َ
-11ترتفع ُ
أكثر من غريه. ٍ
كعب قيمة الصدق عند وابتالء ،وهلذا ارتفعت ُ
93
ُ
الخاتمة
95
دق وأ َث َر ُه يف ال ّنرص ،ولو َبدا ُم ًّرا يف بادئ -لقد ملَ ْسنا مجيع ًا عاقب َة ّ
الص ِ
املجتمع بأكمله مع الصادق حني َيلت ِزم خ ُلقَ ُ األمر ،وكيف َيتجاوب
الصدق.
ِّ
ِ
العناية باستنباط الدروس والفوائد من أدركت أمهي َة
َ -لع ّلك
السرية النبوية.
ونرتس ُم
َّ ، نتدارس فيها سري َة نب ِّينا
ُ ٍ
كثرية نحتاج إىل َج َلسات
ُ -
ب. العظات ِ
والع رَ َ ِ طري َقه ،ونست ْل ِه ُم منها
96
حديث كعب بن مالك
ول اهلل فيِ َغ ْز َو ٍة ف َع ْن َر ُس ِ قال :لمَ ْ َأ خَ َت َّل ْ كب ْب ِن َمالِ ٍ َع ْن َك ْع ِ
وكَ ،غيرْ َ َأنيِّ ُك ْن ُت خَ َت َّل ْف ُت فيِ َغ ْز َو ِة َبدْ ٍر َولمَ ْ ُي َعاتِ ْب ال فيِ َغ ْز َو ِة َت ُب ََغزَ َاها إِ َّ
ج َع ُ
اهلل ش َح َّتى مَ َ ول اهللِ ُي ِريدُ ِع َ
ري ُق َر ْي ٍ ف َع ْن َها ،إِ َّنماَ َخ َر َج َر ُس ُ َأ َحدً ا خَ َت َّل َ
ول اهللِ َل ْي َل َة ادَ ،و َل َقدْ َش ِهدْ ُت َم َع َر ُس ِ َب ْين َُه ْم َو َبينْ َ َعدُ ِّو ِه ْم َع ىَل َغيرْ ِ ِم َيع ٍ
ال ِمَ ،و َما ُأ ِح ُّب َأ َّن ليِ بهِ َ ا َمشْ َهدَ َبدْ ٍر َوإِ ْن إل ْس َ ا ْل َع َق َب ِة ِحنيَ َت َوا َث ْقنَا َع ىَل ا ِ
بيَ :أنيِّ لمَ ْ َأ ُك ْن َق ُّط َأ ْق َوى ان ِم ْن َخ رَ ِ اس ِم ْن َهاَ .ك َ َكا َن ْت َبدْ ٌر َأ ْذ َك َر فيِ ال َّن ِ
اجت ََم َع ْت ِع ْن ِدي َق ْب َل ُه ال َأيْسرَ َ ِحنيَ خَ َت َّل ْف ُت َع ْن ُه فيِ تِ ْل َك ا ْل َغزَ ِاة َو اهللِ َما ْ َو َ
ج ْع ُت ُهماَ فيِ تِ ْل َك ا ْل َغ ْز َو ِة. َان َق ُّط َح َّتى مَ َاح َلت ِ َر ِ
97
اس َت ْق َب َل َس َف ًرا َب ِعيدً ا
يدَ ،و ْ ول اهللِ فيِ َح ٍّر َش ِد ٍ تِ ْل َك ا ْل َغ ْز َو ُةَ ،غزَ َاها َر ُس ُ
رياَ ،ف َج ىَّل لِ ْل ُم ْس ِل ِمنيَ َأ ْم َر ُه ْم لِ َيت ََأ َّه ُبوا ُأ ْه َب َة َغ ْز ِو ِه ْم،
ازا َو َعدُ ًّوا َكثِ ً َو َم َف ً
ب ُه ْم بِ َو ْج ِه ِه ا َّل ِذي ُي ِريدُ .َف َأ ْخ رَ َ
َاب َح ِ
اف ٌظُ ،ي ِريدُ ال يجَ َْم ُع ُه ْم ِكت ٌ َكثِ ٌريَ ،و َ ول اهللِون َم َع َر ُس َِوالمْ ُ ْس ِل ُم َ
ال َظ َّن َأ ْن َس َي ْخ َفى َل ُه َما ال َك ْع ٌبَ :فماَ َر ُج ٌل ُي ِريدُ َأ ْن َيت ََغ َّي َب إِ َّ انَ ،ق َ يو َالدِّ َ
ول اهللِ تِ ْل َك ا ْل َغ ْز َو َة ِحنيَ َطا َب ْت ال ِّثماَ ُر يه َو ْح ُي اهللَِ ،و َغزَ ا َر ُس ُ لمَ ْ َي ْن ِز ْل ِف ِ
َوالمْ ُ ْس ِل ُم َ
ون َم َع ُه. ال ُلَ ،وتجَ َ َّهزَ َر ُس ُ
ول اهللِ الظ ََو ِّ
98
حديث كعب بن مالك
. ول اهللِ ال َخيرْ ً اَ ،ف َس َك َت َر ُس ُ ول اهللِ َما َع ِل ْمنَا َع َل ْي ِه إِ َّ َيا َر ُس َ
افلاً َحضرَ َ نيِ همَ ِّ يَ ،و َط ِف ْق ُت َأ َت َذ َّك ُر ا ْل َك ِذ َب َف َلماَّ َب َل َغنِي َأ َّن ُه َت َو َّج َه َق ِ
است ََع ْن ُت َع ىَل َذلِ َك بِ ُك ِّل ِذي َر ْأيٍ ول :بِماَ َذا َأ ْخ ُر ُج ِم ْن َس َخ ِط ِه َغدً اَ ،و ْ َو َأ ُق ُ
اط ُل، اح َعنِّي ا ْل َب ِ اد ًما َز ََقدْ َأ َظ َّل َق ِ اهللِ
ول ِ يل :إِ َّن َر ُس َ ِم ْن َأ ْهليِ َ ،ف َلماَّ ِق َ
ج ْع ُت ِصدْ َق ُه، يه َك ِذ ٌبَ ،ف َأ مْ َ َو َع َر ْف ُت َأنيِّ َل ْن َأ ْخ ُر َج ِم ْن ُه َأ َبدً ا بِشيَ ْ ٍء ِف ِ
اد ًما. َق ِ اهللِ
ول ِ َو َأ ْص َب َح َر ُس ُ
99
اهللِ َل َكَ ،ف َواهللِ َما َزا ُلوا ُيؤَ ِّن ُبونِ َح َّتى َأ َر ْد ُت َأ ْن َأ ْر ِج َع َف ُأ َك ِّذ َب َن ْفسِ،
اال ِمث َْل َما
ال ِن َق َ ُث َّم ُق ْل ُت ُلَ ْمَ :ه ْل َل ِق َي َه َذا َم ِعي َأ َحدٌ ؟ َقا ُلواَ :ن َع ْمَ ،ر ُج َ
هُا؟ َقا ُلواُ :م َر َار ُة ْب ُن َّ
الربِ ِ
يع يل َل َكَ ،ف ُق ْل ُتَ :م ْن َ يل ُلَمَ ِمث ُْل َما ِق َ ُق ْل َتَ ،ف ِق َ
الِ ِ
يْ َقدْ َش ِهدَ ا يْ َص َ ال ُل ْب ُن ُأ َم َّي َة ا ْل َو ِاق ِف ُّيَ ،ف َذ َك ُروا لِ َر ُج َل ِ
ا ْل َع ْم ِر ُّي َو ِه َ
َبدْ ًرا ِفي ِهمَ ُأ ْس َو ٌةَ ،ف َم َض ْي ُت ِحنيَ َذ َك ُرو َ
هُا لِ.
َاك ال ِم ْن َبنِي َس ِل َم َةَ ،فا َّت َب ُعونِ َف َقا ُلوا لِ :واهللِ َما َع ِل ْمن َ ار ِر َج ٌ َف ُق ْم ُت َو َث َ
ولاعت ََذ ْر َت إِلَ َر ُس ِ ون ْ ال َت ُك َُك ْن َت َأ ْذ َن ْب َت َذ ْن ًبا َق ْب َل َه َذاَ ،و َل َقدْ َع َج ْز َت َأ ْن َ
ول استِغْ َف ُار َر ُس ِ ان َك ِ
اف َي َك َذ ْن َب َك ْ ونَ ،قدْ َك َ اعت ََذ َر إِ َل ْي ِه ا ُلْت ََخ ِّل ُف َ
اهللِ بِمَ ْ
اهللِ َل َكَ ،ف َواهللِ َما َزا ُلوا ُيؤَ ِّن ُبونِ َح َّتى َأ َر ْد ُت َأ ْن َأ ْر ِج َع َف ُأ َك ِّذ َب َن ْفسِ،
اال ِمث َْل َما ال ِن َق َُث َّم ُق ْل ُت ُلَ ْمَ :ه ْل َل ِق َي َه َذا َم ِعي َأ َحدٌ ؟ َقا ُلواَ :ن َع ْمَ ،ر ُج َ
هُا؟ َقا ُلواُ :م َر َار ُة ْب ُن َّ
الربِ ِ
يع يل َل َكَ ،ف ُق ْل ُتَ :م ْن َ يل ُلَمَ ِمث ُْل َما ِق َ ُق ْل َتَ ،ف ِق َ
يْ َقدْ َش ِهدَ ا الِ ِ
يْ َص َ ال ُل ْب ُن ُأ َم َّي َة ا ْل َو ِاق ِف ُّيَ ،ف َذ َك ُروا لِ َر ُج َل ِ ا ْل َع ْم ِر ُّي َو ِه َ
هُا لِ. َبدْ ًرا ِفي ِهمَ ُأ ْس َو ٌةَ ،ف َم َض ْي ُت ِحنيَ َذ َك ُرو َ
100
حديث كعب بن مالك
اس َم َش ْي ُت َح َّتى َت َس َّو ْر ُت لَ َذلِ َك ِم ْن َج ْف َو ِة ال َّن ِ ال َع َّ َح َّتى إِ َذا َط َ
اس إِ َّلََ ،ف َس َّل ْم ُت ِجدَ َار َحائِ ِط َأبِ َقتَا َد َةَ ،و ُه َو ا ْب ُن َع ِّمي َو َأ َح ُّب ال َّن ِ
ال َمَ .ف ُق ْل ُتَ :يا َأ َبا َقتَا َد َةَ ،أن ُْشدُ َك باهللَِِ ،ه ْل الس َ َع َل ْي ِهَ ،ف َو ِ
اهللِ َما َر َّد َع َّ
لَ َّ
اهلل َو َر ُسو َل ُه؟ َف َس َك َتَ ،ف ُعدْ ُت َل ُه َفن ََشدْ ُت ُهَ ،ف َس َك َت، َت ْع َل ُمنِي ُأ ِح ُّب َ
َايَ ،و َت َو َّل ْي ُت
اض ْت َع ْين َ اهلل َو َر ُسو ُل ُه َأ ْع َل ُمَ ،ف َف َ
الُ :َف ُعدْ ُت َل ُه َفن ََشدْ ُت ُهَ ،ف َق َ
لْدَ َار.
َح َّتى َت َس َّو ْر ُت ا ِ
الش ْأ ِم مِ َّْن َق ِد َم اط َأ ْهلِ َّوق الَْ ِدين َِة إِ َذا َن َب ِط ٌّي ِم ْن َأ ْن َب ِ
َف َب ْينَا َأ َنا َأ ْمشِ بِ ُس ِ
اس ك؟ َف َط ِفقَ ال َّن ُ ب ْب ِن َمالِ ٍ ولَ :م ْن َيدُ ُّل َعلَ َك ْع ِ الط َعا ِم َيبِ ُيع ُه بِالَْ ِدين َِة َي ُق ُ
بِ َّ
يهَ :أ َّما انَ ،فإِ َذا ِف ِك َغ َّس َ ون َل ُه َح َّتى إِ َذا َجا َءنِ َد َف َع إِ َّلَ ِكتَا ًبا ِم ْن َم ِل ِ ري َ ُي ِش ُ
اناهلل بِدَ ا ِر َه َو ٍ اكَ ،و ْلَ يَ َْع ْل َك ُ اح َب َك َقدْ َج َف َ َب ْعدُ َ ،فإِ َّن ُه َقدْ َب َل َغنِي َأ َّن َص ِ
ال ِءاس َكَ ،ف ُق ْل ُت لََّا َق َر ْأتَُاَ :و َه َذا َأ ْي ًضا ِم ْن ا ْل َب َ لْقْ بِنَا ُن َو ِ ال َم ْض َي َع ٍةَ ،فا َ َو َ
ور َف َس َج ْر ُت ُه َبِا. َف َت َي َّم ْم ُت َبِا ال َّت ُّن َ
ول اهللِ ول َر ُس ِ لْ ْم ِسنيَ إِذا َر ُس ُ ون َل ْي َل ًة ِم ْن ا َ َح َّتى إِ َذا َم َض ْت َأ ْر َب ُع َ
َي ْأ ُم ُر َك َأ ْن َت ْع َت ِز َل ا ْم َر َأ َت َكَ ،ف ُق ْل ُت: ول اهللِ ال :إِ َّن َر ُس َ َي ْأتِينِيَ ،ف َق َ
اح َب َّي ال َت ْق َر َ ْباَ ،و َأ ْر َس َل إِلَ َص ِاع َت ِز َلْا َو َ ال َب ْل ْالَ : ُأ َط ِّل ُق َها َأ ْم َما َذا َأ ْف َع ُل؟ َق َ
هلل
ضا ُ ك َفت َُكونِ ِع ْندَ ُه ْم َح َّتى َي ْق َ ِ لْ ِقي بِ َأ ْه ِل ِ ِمث َْل َذلِ َكَ ،ف ُق ْل ُت ال ْم َر َأتِ :ا َ
ول اهللِ ، ال َك ْع ٌبَ :ف َجا َء ْت ا ْم َر َأ ُة ِه َ
ال ِل ْب ِن ُأ َم َّي َة َر ُس َ فِ َه َذا َ
األ ْم ِرَ .ق َ
ُ
اد ٌمَ ،ف َه ْل س َل ُه َخ ِ ال َل ْب َن أ َم َّي َة َش ْي ٌخ َضائِ ٌع َل ْي َ ول اهللِ ،إِ َّن ِه َ َف َقا َل ْتَ :يا َر ُس َ
كَ ،قا َل ْت :إِ َّن ُه َواهللِ َما بِ ِه َح َر َك ٌة ال َي ْق َر ْب ِ الَ ،و َل ِك ْن َ الَ : َت ْك َر ُه َأ ْن َأ ْخدُ َم ُه؟ َق َ
ال ان إِلَ َي ْو ِم ِه َه َذاَ ،ف َق َ ان ِم ْن َأ ْم ِر ِه َما َك َ ال َي ْب ِكي ُم ْن ُذ َك َ شَ ٍءَ ،واهللِ َما َز َإِلَ ْ
ول اهللِ فِ ا ْم َر َأتِ َك َكمَ َأ ِذ َن ال ْم َر َأ ِة است َْأ َذن َْت َر ُس َ ض َأ ْهلَِ :ل ْو ْ لِ َب ْع ُ
101
، ال َأ ْست َْأ ِذ ُن ِف َيها َر ُس َ
ول اهللِ ال ِل ْب ِن ُأ َم َّي َة َأ ْن ْتَدُ َم ُهَ ،ف ُق ْل ُتَ :واهللِ َ
ِه َ
است َْأ َذ ْن ُت ُه ِف َيهاَ ،و َأ َنا َر ُج ٌل َش ٌّ
اب، ول اهللِ إِ َذا ْ ول َر ُس ُ َو َما ُيدْ ِرينِي َما َي ُق ُ
ون َل ْي َل ًة ِم ْن ِحنيَ َنى ال َح َّتى َك َم َل ْت َلنَا ْ
خَ ُس َ َذلِ َك َع َ
شْ َل َي ٍ َف َلبِث ُْت َب ْعدَ
ال ِمنَا.
َع ْن َك َ ول اهللِ
َر ُس ُ
لَ ال َّنبِ ُّي َ ،أ ْو ال ُي َصلِّ َع َّ وت َف َ شَ ٍء َأ َه ُّم إِ َّلَ ِم ْن َأ ْن َأ ُم َ َو َما ِم ْن ْ
ال ُي َك ِّل ُمنِي َأ َحدٌ
اس بِتِ ْل َك الَْ ْن ِز َل ِةَ ،ف َ َف َأ ُك َ
ون ِم ْن ال َّن ِ ول اهللِ
وت َر ُس َُي ُم َ
ل. ِم ْن ُه ْم َو َ
ال ُي َصلِّ َع َّ َ
102
حديث كعب بن مالك
اس ول اهللِ َ ،ف َي َت َل َّقانِ ال َّن ُيْ َف َلبِ ْس ُت ُهمََ ،وان َْط َل ْق ُت إِلَ َر ُس ِ است ََع ْر ُت َث ْو َب ِ
َو ْ
ال َك ْع ٌب: ون :لِت َْهنِ َك َت ْو َب ُة اهللِ َع َل ْي َكَ ،ق َ
َف ْو ًجا َف ْو ًجا َ ُي ُّنونِ بِال َّت ْو َب ِة؛ َي ُقو ُل َ
ام اسَ ،ف َق َ َجالِ ٌس َح ْو َل ُه ال َّن ُ ول اهللِ
َح َّتى َد َخ ْل ُت الَْ ْس ِجدَ َ ،فإِ َذا َر ُس ُ
ام إِ َّلَ إِ َّلَ َط ْل َح ُة ْب ُن ُع َب ْي ِد اهللِ َ ُي ْر ِو ُلَ ،ح َّتى َصا َف َحنِي َو َه َّنانَِ ،واهللَِ ،ما َق َ
اها لِ َط ْل َح َة.ال َأن َْس َ
يْ ُهَ ،و َ
ين َغ َ َر ُج ٌل ِم ْن ا ُلْ َه ِ
اج ِر َ
ب ُق َو ُه َو َي ُ ْ ول اهللِ ال َر ُس ُ َق َ ول اهللَِف َلمَّ َس َّل ْم ُت َعلَ َر ُس ِ
ال: ْك ُأ ُّم َكَ ،ق َ
ي َي ْو ٍم َم َّر َع َل ْي َك ُم ْن ُذ َو َلدَ ت َ
ش بِ َخ ِْ سو ِرَ :أ ْب ِْ َو ْج ُه ُه ِم ْن ال ُُّ
الَ ،ب ْل ِم ْن ِع ْن ِد
الَ : ول اهللِ َأ ْم ِم ْن ِع ْن ِد اهللِ؟ َق َ ُق ْل ُتَ :أ ِم ْن ِع ْن ِد َك َيا َر ُس َ
َار َو ْج ُه ُه َح َّتى َك َأ َّن ُه ِق ْط َع ُة َق َم ٍر،
اس َتن َس ْ ول اهللِ إِ َذا َُّ ان َر ُس ُ اهللَِ ،و َك َ
ول اهللِ ،إِ َّن يْ َيدَ ْي ِه ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ َو ُك َّنا َن ْع ِر ُف َذلِ َك ِم ْن ُهَ ،ف َلمَّ َج َل ْس ُت َب َ
ول ال َر ُس ُ ول اهللَِ ،ق َ ِم ْن َت ْو َبتِي َأ ْن َأن َْخ ِل َع ِم ْن َمالِ َصدَ َق ًة إِلَ اهللِ َوإِلَ َر ُس ِ
ي َل َكُ ،ق ْل ُتَ :فإِنِّ ُأ ْم ِس ُك ض َمالِ َك َف ُه َو َخ ٌ ْ اهللِ َ :أ ْم ِس ْك َع َل ْي َك َب ْع َ
الصدْ ِق، اهلل إِ َّنمَ َن َّجانِ بِ ِّ ول اهللِ إِ َّن َ َس ْه ِمي ا َّل ِذي بِ َخ ْيبََ ،ف ُق ْل ُتَ :يا َر ُس َ
يتَ ،ف َواهللِ َما َأ ْع َل ُم َأ َحدً ا ال ِصدْ ًقا َما َب ِق ُ ال ُأ َحدِّ َث إِ َّ َوإِ َّن ِم ْن َت ْو َبتِي َأ ْن َ
ول اهللِ يث ُم ْن ُذ َذ َك ْر ُت َذلِ َك لِ َر ُس ِ لْ ِد ِ اهلل فِ ِصدْ ِق ا َ ال ُه ُ ِم ْن ا ُلْ ْس ِل ِمنيَ َأ ْب َ
ول اهللِ إِلَ النَِ ،ما َت َع َّمدْ ُت ُم ْن ُذ َذ َك ْر ُت َذلِ َك لِ َر ُس ِ َأ ْح َس َن مَِّا َأ ْب َ
اهلل َعلَ يتَ ،و َأ ْنزَ َل ُ أل ْر ُجو َأ ْن ْيَ َف َظنِي ُ
اهلل ِفيمَ َب ِق ُ َيو ِمي َه َذا َك ِذ ًباَ ،وإِنِّ َ
ْ
:ﱹﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱸ َر ُسولِ ِه
ل ِم ْن نِ ْع َم ٍة إِلَ َق ْولِ ِه :ﱹﭷ ﭸ ﭹﱸَ ،ف َواهللِ َما َأن َْع َم ُ
اهلل َع َّ َ
ول اهللِ َأ ْن ال ِم َأ ْع َظ َم فِ َن ْفسِ ِم ْن ِصدْ ِقي لِ َر ُس ِ إل ْس ََق ُّط َب ْعدَ َأ ْن َهدَ انِ ل ِ
ين َك َذ ُبوا ال لِ َّل ِذ َ ين َك َذ ُبواَ ،فإِ َّن َ
اهللِ َق َ ون َك َذ ْب ُت ُه َف َأ ْه ِل َك َكمَ َه َل َك ا َّل ِذ َ ال َأ ُك َ َ
103
ال َت َب َار َك َو َت َعالَ :ﱹﭲ أل َح ٍد؛ َف َق َ ال َ ِحنيَ َأ ْنزَ َل ا ْل َو ْح َي َّ
شَ َما َق َ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﱸ إِلَ َق ْولِ ِه :ﱹﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ين ال َث ُة َع ْن َأ ْم ِر ُأو َلئِ َك ا َّل ِذ َ ال َك ْع ٌبَ :و ُك َّنا تَ َّل ْفنَا َأ َ ُّيا ال َّث َ ﮖﱸَ ،ق َ
اس َتغْ َف َر ُ َل ْمَ ،و َأ ْر َج َأ ِحنيَ َح َل ُفوا َل ُهَ ،ف َبا َي َع ُه ْم َو ْ ول اهللِ َقبِ َل ِم ْن ُه ْم َر ُس ُ
اهلل :ﱹﭑ ﭒ ال ُ يهَ ،فبِ َذلِ َك َق َ َأ ْم َر َنا َح َّتى َقضَ ُ
اهلل ِف ِ ول اهللِ َر ُس ُ
هلل ِمَّا ُخ ِّل ْفنَا َع ْن ا ْل َغ ْز ِو إِ َّنمَ ُه َو ْ َ
ت ِل ُيف ُه س ا َّل ِذي َذ َك َر ا ُ ﭓ ﭔﱸَ ،و َل ْي َ
اعت ََذ َر إِ َل ْي ِه َف َقبِ َل ِم ْن ُه».
ف َل ُه َو ْ إِ َّيا َنا َوإِ ْر َجاؤُ ُه َأ ْم َر َنا َع َّم ْن َح َل َ
104
فهرس الموضوعات
105
رقم الصفحة املوضوع
106