You are on page 1of 28

‫الدعوى المدنية التابعة‬

‫للدعوى العمومية‬
‫محمد اكدو _ حسناء أعدراوي‬ ‫عرض من انجاز ‪:‬‬
‫سليمان اكدو _ خولة بشار‬

‫تحت اشراف ‪ :‬الدكتور محمد متيوي مشكوري‬


‫مقدمة ‪:‬‬

‫إن االنسان معرض إلرتكاب جملة من األفعال التي تعتبر بمثابة‬


‫جريمة بموجب القانون الجنائي ‪ ،‬بمعنى أن هنالك بعض األفعال‬
‫التي يرتكبها األفراد بمثابة جريمة ينتج عنها مسؤولية جنائية ‪،‬‬
‫وعند قيام هذه األخيرة ‪ ،‬فإن النيابة العامة تقوم بتحريك‬
‫الدعوى العمومية لمعاقبة المسؤول وتقديمه للعدالة ‪ ،‬غير أن‬
‫بعض األفعال تنتج عنها مسؤوليتين ‪ ،‬مسؤولية جنائية ومدنية‬
‫في آن واحد ‪ ،‬بالتالي يولد عنها حقان ‪ ،‬حق عام للمجتمع شريطة‬
‫أن يلحق اضطرابا بالمجتمع ‪ ،‬وحق خاص وهو حق المضرور من‬
‫الجريمة في التعويض ‪ ،‬ومثال ذلك كأن يقوم شخص بقتل أحد‬
‫ما ألنه يكن له ضغينة ويريد اإلنتقام منه فيرديه قتيال ‪ ،‬بالتالي‬
‫تكون جريمة القتل مستوفية ألركانها ‪ ،‬ركن مادي والمتمثل في‬
‫اإلعتداء ‪ ،‬والمعنوي المتمثل في وجود قصد جنائي لدى الجاني‬
‫‪ ،‬هنا تقوم النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية ضد الجاني‬
‫أو ما يطلق عليه المتهم ‪ ،‬ألن هنالك جريمة ومسؤولية جنائية‬
‫مترتبة على القاتل ‪ ،‬بالتالي ستتم إحالته على القضاء ومعاقبته ‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان يكون الشخص القتيل او الضحية هو المعيل‬
‫الوحيد ألسرته ‪ ،‬والشخص الذي يحميهم ويرعاهم ويوفر لهم‬
‫األمان ‪ ،‬وفقدانه يسبب لهم ضرر معنوي ألنهم فقدوا شخصا‬
‫عزيزا عليهم وضرر مادي ألنهم فقدوا معيلهم ‪ ،‬بالتالي ما الذي‬
‫يجب على المضرور أن يفعله ؟ وجذير بالذكر أن المتهم قد‬
‫حركت ضده دعوى عمومية ‪ ،‬هل يجب على المتضرر رفع‬
‫دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض ؟ وهل يجوز ذلك في ضل‬
‫وجود دعوى عمومية ضد المتهم ؟ وهل يجوز رفع دعوى‬
‫مدنية لدى الجهة القضائية التي تبت في الدعوى العمومية ؟‬
‫وإن كان ممكنا ما آثر ذلك ؟‬

‫‪01‬‬
‫إجابة عن كل هذه اإلشكاليات ‪ ،‬يمكن القول بأنه للشخص‬
‫المتضرر الحق في اإلختيار بين أن يرفع دعوى مدنية مستقلة‬
‫لدى القضاء المدني المختص في النظر في المطالب المتعلقة‬
‫بجبر األضرار الخاصة وذلك وفق الفقرة االولى من المادة ‪ 10‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية " يمكن إقامة الدعوى المدنية‪،‬‬
‫منفصلة عن الدعوى العمومية‪ ،‬لدى المحكمة المدنية‬
‫المختصة " ‪ ،‬وذلك عن طريق إتباع إجراءات المسطرة المدنية ‪،‬‬
‫وإن إختار المتضرر أن يرفع هذه الدعوى بشكل مستقل عن‬
‫الدعوى العمومية فإن هنالك قيود تتمثل في ما جاءت به‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 10‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫" يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى‬
‫أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت‬
‫إقامتها " ‪ ،‬بالتالي يفهم من هذه الفقرة من الفصل ان المحكمة‬
‫المختصة بالبت في الدعوى المدنية يجب ان توقف البت في‬
‫الدعوى المدنية إن كانت هنالك دعوى عمومية قد حركت ‪،‬‬
‫وهذا التوقف يكون إلى ان يصدر حكم او قرار نهائي في الدعوى‬
‫العمومية ‪ ،‬أي إلى أن يكتسب الحكم او القرار قوة الشيء‬
‫المقضي به ‪ ،‬لكن كإختيار أخر يمكن للمتضرر ان يلجأ إلى رفع‬
‫دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية واألساس القانوني لذلك‬
‫هو الفقرة األولى من المادة ‪ 9‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫التي تنص على أنه " يمكن إقامة الدعوى المدنية والدعوى‬
‫العمومية في آن واحد أمام المحكمة الزجرية المحالة إليها‬
‫الدعوى العمومية " ‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫هناك إشكالية تطرح ‪ ،‬ما أساس القول بأن المدني يتبع‬
‫الجنائي وليس العكس ؟ ولماذا ال يمكن تحريك الدعوى‬
‫العمومية تابعة للدعوى المدنية ؟ ببساطة ال يمكن ألن حق‬
‫المجتمع سابق عن الحق الخاص ‪ ،‬وال يمكن مخالفة القاعدة‬
‫الفقهية القائلة بأن المدني يتبع الجنائي ‪ ،‬وهو امر سار عليه‬
‫المشرع كذلك في قانون المسطرة الجنائية من خالل المادة‬
‫‪ 9‬منه ‪ ،‬وتتجلى أهمية هذه الدعوى أنها متى كانت المحكمة‬
‫الجنائية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى المدنية معا ‪،‬‬
‫فإنها تكون ملزمة بالفصل فيهما بحكم واحد ‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫ذلك فالدعوى المدنية التابعة تخضع ألحكام قواعد المسطرة‬
‫الجنائية وال يجوز تطبيق قواعد المسطرة المدنية عليها إال إذا‬
‫وجد نص صريح ينص على ذلك ‪ ،‬لكن رغم التبعية ‪ ،‬هنالك‬
‫بعض القواعد التي تستقل بها الدعوى المدنية التابعة عن‬
‫الدعوى العمومية ‪ ،‬وتتجلى هذه االستقاللية أساسا في‬
‫أسباب اإلنقضاء ‪ ،‬فكل دعوى لها أسباب خاصة بها ‪،‬فسقوط‬
‫الدعوى العمومية ال يترتب عنه سقوط الدعوى المدنية التابعة‬
‫وتبقى خاضعة الختصاص المحكمة الزجرية ‪ ،‬ونظرا ألهمية‬
‫الدعوى المدنية التابعة ‪،‬تطرح مجموعة من اإلشكاليات ‪ ،‬ما‬
‫هي مظاهر تبعية الدعوى المدنية للدعوى المدنية ؟‬
‫وأطراف الدعوى المدنية التابعة ؟ وما هو موضوع وسبب‬
‫الدعوى المدنية التابعة ؟‬

‫‪03‬‬
‫محاور الموضوع‬

‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية للدعوى‬


‫العمومية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬قواعد لها ارتباط بمسألة الدعوى‬


‫المدنية التابعة للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية التابعة ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬موضوع وسبب الدعوى المدنية‬


‫التابعة ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬أسباب انقضاء الدعوى‬


‫العمومية التابعة ‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية‬
‫للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫المظهر االول ‪:‬‬


‫ال يمكن إصدار الحكم وال البت في الدعوى المدنية التابعة ‪ ،‬إال‬
‫إذا تأكدت المحكمة الزجرية من أن الشخص الذي رفعت ضده‬
‫الدعوى االمدنية ‪ ،‬هو حقا مرتكب الجريمة والتي سببت ضررا‬
‫للمدعي صاحب الدعوى المدنية ‪ ،‬ألنه في الحالة التي يثبت‬
‫للمحكمة الزجرية أن المدعى عليه ليس مرتكب الجريمة ‪ ،‬بمعنى‬
‫إثبات براءتة ‪ ،‬فإن الحكم النهائي بالبراءة يؤثر على الدعوى‬
‫المدنية ‪ ،‬بالتالي ال يجوز لشخص لم يثبت أنه المسؤول أن‬
‫يعوض المتضرر ‪ ،‬والتركيز على هذه المسألة كان لدواعي‬
‫عديدة من قبيل ‪ ،‬أنه لو تم البت والحكم في الدعوى المدنية‬
‫وإصدار الحكم فيها بأداء التعويض للمتضرر ‪ ،‬وذلك اثناء البت‬
‫في الدعوى العمومية ‪ ،‬فقد يصدر حكم أو قرار نهائي في وقت‬
‫الحق يفيد بأن المتهم بريىء ولم تثبت إدانته ‪ ،‬هذا يخلق لنا‬
‫عدة اشكاليات من قبيل ‪ ،‬لماذا تم الحكم على شخص بأداء‬
‫التعويض ‪ ،‬وهذا الشخص ليس هو المسؤول عن الضرر في‬
‫األصل وذلك ما اثبتته المحكمة الزجرية في حكمها بأنه بريئ ‪،‬‬
‫بالتالي لتجنب هذا التناقض الخطير على مستوى الجهات‬
‫القضائية ‪ ،‬تم فرض إيقاف البث وإصدار الحكم في الدعوى‬
‫المدنية التابعة للدعوى العمومية إلى ان يصدر الحكم من‬
‫المحكمة الزجرية بخصوص الدعوى العمومية ‪.‬‬

‫‪05‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية‬
‫للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫المظهر الثاني ‪:‬‬


‫يجب لقبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الزجرية ‪ ،‬أن يتم‬
‫بشكل مبدئي قبول الدعوى العمومية ‪ ،‬ألنه منطقيا ال يمكن‬
‫أن تكون هنالك دعوى مدنية تابعة في الحالة التي لم تقم‬
‫الدعوى العمومية ألن المدنية تتبع الجنائية فإن لم تتوفر‬
‫الجنائية فلن يقبل رفع الدعوى المدنية لدى المحكمة الزجرية ‪،‬‬
‫ولقبول الدعوى العمومية البد من توفر جملة من الشروط‬
‫والتي جاء ذكرها في قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬المواد ‪ 3‬و ‪83‬‬
‫و ‪ 95‬و ‪ 265‬و ‪ 260‬و ‪ 267‬و ‪ 268‬و ‪ 309‬و ‪ 384‬و ‪ 419‬و‬
‫‪ 420‬و ‪ 463‬و ‪ 470‬و ‪ 486‬و ‪ 487‬و ‪ ، 708‬مثال تشترط المادة‬
‫‪ ، 83‬إلزامية التحقيق في التحقيق في الجنايات المعاقب عليها‬
‫باإلعدام او السجن المؤبد او التي يصل الحد األقصى للعقوية‬
‫المقررة لها ثالثين سنه ‪ ،‬وكذا في الجنايات المرتكبة من طرف‬
‫األحداث ‪ ،‬وفي الجنح بنص خاص في القانون ‪ ،‬وعدم القيام‬
‫بالتحقيق في الجرائم التي تكون عقوباتها مثل العقوبات‬
‫السابق ذكرها كالقتل عقوبته اإلعدام وفق القانون الجنائي ‪،‬‬
‫هنا يلزم القيام بالتحقيق وفي حالة عدم القيام بهذا الشرط ال‬
‫تقبل الدعوى العمومية ‪ ،‬ونفس األمر إن لم تتوفر الشروط‬
‫الالزمة الواردة بالمواد السابق ذكرها ‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية‬
‫للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫المظهر الثالث ‪:‬‬


‫وجوب الفصل في الدعوتين العمومية والمدنية بحكم واحد ‪،‬‬
‫وعليه متى كانت المحكمة الزجرية تبت في الدعوى العمومية‬
‫والمدنية معا فإنها ملزمة بالفصل فيهما بحكم واحد ‪ ،‬فال‬
‫يتصور مثال إصدار حكم بالبراءة في الدعوى العمومية والحكم‬
‫بالتعويض في المدنية ‪ ،‬هذه تناقضات بالتالي يجب تجنبها‬
‫بإصدار حكم واحد في الدعوتين مثال الحكم بإدانة المتهم ثم‬
‫إصدار الحكم بإلزامه بأداء التعويض ‪ ،‬وكما هو معلوم أن لكل‬
‫قاعدة استثناء ‪ ،‬واالستثناء الوارد على وجوب البت في‬
‫الدعوى المدنية بنفس المقرر الصادر في جوهر الدعوى‬
‫العمومية نخص بالذكر ‪:‬‬
‫تحريك الدعوى العمومية ورفع الدعوى المدنية بعدها‬ ‫☑‬
‫بشكل صحيح ‪ ،‬وإذا وقع سبب يسقط الدعوى العمومية فإن‬
‫الدعوى المدنية تبقى قائمة وتخضع إلختصاص القضاء الزجري‬
‫رغم سقوط الدعوى العمومية بالتقادم او بسبب اخر ‪ ،‬وقد‬
‫كرس كذلك المجلس األعلى بمحكمة النقض في مجموعة من‬
‫قراراتها نخص بالذكر منها ‪:‬‬
‫‪ 2224‬بتاريخ ‪ 2019/12/11‬في الملفين‬ ‫القرار رقم‬
‫المضمومين عدد‪ 2018/7/6/7189-7185 :‬و الذي جاء فيه ‪:‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي تنص بأنه (إذا كانت‬
‫المحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى المدنية‬
‫معا فإن وقوع سبب مسقط للدعوى العمومية يترك الدعوى‬
‫المدنية قائمة‪ .‬وتبقى خاضعة الختصاص المحكمة الزجرية)‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية‬
‫للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫وكذا القرار الصادر بتاريخ ‪ 2011/10/30‬تحت عدد ‪ 1007‬في‬


‫الملف الجنائي د عدد ‪ 13/11/6/17706‬والتي إعتبرت من‬
‫خالله محكمة النقض بأن ‪:‬‬
‫المادة ‪ 12‬من ق‪ .‬م‪.‬ج تنص إذا كانت المحكمة الزجرية تنظر‬
‫في الدعوى العمومية و الدعوى المدنية معا‪ .‬فإن وقوع سبب‬
‫مسقط للدعوى العمومية يترك الدعوى المدنية قائمة‪ ،‬و‬
‫تبقى خاضعة إلختصاص المحكمة الزجرية‪ ،‬و هو ما يفسر أن‬
‫الدعوى المدنية تبقى قائمة‪ ،‬و إن سقطت الدعوى العمومية‬
‫بالتقادم عمال بالمادة المذكورة أعاله‪ .‬و هو ما قضت به‬
‫المحكمة‪ .‬و بالتالي يبقى القرار المطعون فيه معلال تعليال‬
‫سليما‪.‬‬
‫أعتبر هذا القرار إلى حد ما إجتهادا فريدا‪ ،‬على هامش المادة‬
‫‪ 14‬من ق م ج الذي توارى وراء التطبيق المجرد و التفسير‬
‫الواسع للمادة ‪ 12‬من نفس القانون و الذي لم يعد يميز في‬
‫أمر تاريخ طروء السبب المسقط للدعوى العمومية‬
‫إن الطعن في المقرر الصادر في جوهر الدعوى العمومية‬ ‫☑‬
‫فيما يتعلق بمقتضياته المدنية وحدها ‪ ،‬وال يكون للحكم الصادر‬
‫في هذا الطعن تأثير على المقتضيات الجنائية للحكم الصادر في‬
‫جوهر الدعوى العمومية ‪.‬‬
‫اذا اصدرت المحكمة الزجرية حكما تمهيديا بإجراء بحث أو‬ ‫☑‬
‫خبرة ‪ ،‬وقبلت مبدأ مسؤولية مرتكب الجريمة ‪ ،‬ومنحت الطرف‬
‫المدني تعويضا مسبقا يخصم من التعويض النهائي ‪ ،‬حيث يمنح‬
‫التعويض المسبق قبل صدور حكم في جوهر الدعوى‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر تبعية الدعوى المدنية‬
‫للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫المظهر الرابع ‪:‬‬


‫عند وجود دعوى مدنية تابعة فإن القواعد التي تطبق عليها‬
‫هي قواعد المسطرة الجنائية ‪ ،‬وليس قواعد المسطرة المدنية‬
‫بحجة أن الدعوى مدنية ‪ ،‬صحيح أنها مدنية لكنها تابعة للدعوى‬
‫العمومية ‪ ،‬عالوة على ان الدعوى المدنية التابعة ينظر فيها‬
‫أمام المحكمة الزجرية وليس المدنية ‪ ،‬بالتالي ال يمكن تطبيق‬
‫قواعد المسطرة المدنية على الدعوى المدنية التابعة للدعوى‬
‫العمومية ‪ ،‬بل يجب لزوما تطبيق قواعد المسطرة الجنائية ‪،‬‬
‫لكن ال يمكن أن ننفي مسألة أن المحكمة الزجرية قد تلجأ الى‬
‫قواعد المسطرة المدنية في حالة عدم وجود نص في قواعد‬
‫المسطرة الجنائية وهو امر اكدته محكمة النقض في قرارها‬
‫رقم ‪ 1408‬الصادر بتاريخ ‪ 1977/10/6‬الذي جاء فيه "مادام أن‬
‫قانون المسطرة الجنائية لم ينص على مسطرة إدخال الغير‬
‫ففي الدعوى ‪ ،‬فإنه يتعين الرجوع إلى قانون المسطرة المدنية‬
‫والذي يعتبر القانون االصلي " ‪.‬‬
‫لكن هذا القرار ال ينفي أن االصل أو القاعدة العامة هي تطبيق‬
‫مقتضيات المسطرة الجنائية على الدعوى المدنية التابعة ‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قواعد لها ارتباط بمسألة الدعوى‬
‫المدنية التابعة للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫قاعدة الخيار بين رفع الدعوى لدى القضاء‬


‫المدني أو القضاء الزجري‪:‬‬
‫األساس القانوني لحق المضرور في اإلختيار إما اللجوء للجهة‬
‫المدنية وإما الجهة الزجرية أي الحق في اإلختيار بين رفع‬
‫الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية ‪ ،‬أو رفع الدعوى‬
‫المدنية بشكل مستقل عن الدعوى العمومية ‪ ،‬هي المادة ‪9‬‬
‫والمادة ‪ 10‬من قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬فبالعودة للمادة‬
‫‪ 9‬في فقرتها األولى ‪ ،‬يتضح من خالل مضمونها أنه يمكن إقامة‬
‫الدعوى المدنية والدعوى العمومية في آن واحد أمام المحكمة‬
‫الزجرية المحالة إليها الدعوى العمومية ‪ ،‬فاإلختيار األول هنا‬
‫الحق في رفع الدعوى المدنية التابعة ‪ ،‬أما الخيار الثاني فجاء‬
‫في المادة ‪ 10‬في فقرتها االولى ‪ ،‬إذ يتضح من خالل مضمونها‬
‫أنه ‪ ،‬يمكن إقامة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى‬
‫العمومية لدى المحكمة المدنية المختصة ‪ ،‬بالتالي فوجود‬
‫إختيارين يمنح للمتضرر سلوك ما يراه مناسبا ويجب لإلستفادة‬
‫من حق الخيار توفر شرطين أساسين األول أن ال يكون باب كل‬
‫من القضائين المدني والزجري مغلقا والشرط الثاني أن يكون‬
‫الضرر ناشئ عن الجريمة ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قواعد لها ارتباط بمسألة الدعوى‬
‫المدنية التابعة للدعوى العمومية ‪.‬‬

‫قاعدة الجنائي يعقل المدني ‪:‬‬


‫مفاد هذه القاعدة مستفاد من نص المادة ‪ 10‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية التي تقضي أنه في حالة أثيرت الدعوى‬
‫العمومية وكانت الدعوى المدنية مرفوعة أمام المحكمة‬
‫المدنية ولم يتم البت فيها نهائيا وجب وقفها إلى حين البت‬
‫النهائي في الدعوى العمومية ‪.‬‬

‫قاعدة الجنائي يقيد المدني ‪:‬‬


‫بمعنى أن األحكام النهائية الصادرة عن المحكمة الزجرية‬
‫بخصوص دعوى عمومية تقيد الدعوى المدنية ‪ ،‬إذا كان‬
‫أساس المسؤوليتين واحدة ‪ ،‬بالتالي ال يمكن أن يتصور صدور‬
‫حكم نهائي في الدعوى العمومية ‪ ،‬ثم صدور حكم مخالف له‬
‫في الدعوى المدنية ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية‬
‫التابعة‬
‫تتمثل أطرف الدعوى العمومية التابعة في المدعي وهو كل‬
‫شخص تعرض شخصيا لضرر جسماني أو مادي أو معنوي‬
‫تسببت فيه الجريمة مباشرة أو من ينوب عنه أو ورثته أو وكيله‬
‫‪ ،‬والمدعى عليه هو الفاعل األصلي أو المساهم أو المشارك‬
‫وكذا ورثتهم أو األشخاص المسؤولين مدنيا للتوضيح اكثر‬
‫سنتناول في الفقرة االولى المدعي ‪ ،‬وفي الفقرة الثانية‬
‫المدعى عليه ‪.‬‬

‫المدعي ‪:‬‬
‫هو الشخص المتضرر وفق المادة ‪ 7‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية إذ يتضح من خالل مضمونها أنه يرجح الحق في إقامة‬
‫الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن مخالفة أو جنحة‬
‫أو جناية لكل من تعرض شخصيا لضرر جسماني أو مادي أو‬
‫معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة ‪ ،‬لكن لرفع الدعوى‬
‫المدنية التابعة البد من توفر ثالث شروط أساسية ‪ ،‬حتى‬
‫يكتسب الشخص حق التقاضي وهذه الشروط وفق المادة ‪1‬‬
‫من قانون المسطرة الجنائية الصفة ‪ ،‬األهلية والمصلحة ‪،‬‬
‫ولتحقق المصلحة في الدعوى المدنية التابعة البد من تحقق‬
‫عنصر الضرر وعليه سنتناول أهلية التقاضي وتحقق عنصر الضرر‬
‫‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية‬
‫التابعة‬

‫أ‪-‬أهلية التقاضي ‪:‬‬


‫المدعي سواءا كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا ملزم بإثبات صفته‬
‫وتوفره على الشخصية القانونية التي تخول له حق التقاضي ‪،‬‬
‫وفي الحالة التي ال يثبت فيها الشخص صفته تثير المحكمة‬
‫تلقائيا إنعدام الصفة أو األهلية أو اإلذن بالتقاضي وتنذر‬
‫الطرف المدني بتصحيح المسطرة خالل أجل تحدده ‪ ،‬فإذا تم‬
‫تصحيح المسطرة أعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة‬
‫وإذا لم يتم تصحيح المسطرة تقوم المحكمة بالتصريح بعدم‬
‫قبول الدعوى ‪ ،‬وال يجوز لالشخاض الذين ليست لهم اهلية‬
‫التقاضي أن يقيموا الدعوى المدنية التابعة إال بإذن ممثلهم أو‬
‫بمساعدته ‪ ،‬فإذا كان الشخص الذي يدعي الضرر غير مؤهل‬
‫ليقيم الدعوى المدنية التابعة إما بسبب مرض عقلي أو قصوره‬
‫ولم يكن له ممثل قانوني فللمحكمة أن تعين له لهذا الغرض‬
‫وكيال خاصا بناء على ملتمس من النيابة العامة ‪.‬‬

‫ب‪-‬تحقق عنصر الضرر ‪:‬‬


‫من المبادئ العامة والثابتة في المجال المدني أن الشخص ال‬
‫يعتبر مسؤوال لمجرد إرتكابه خطأ عقدي أو تقصيري وإنما‬
‫باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬يستلزم قيام المسؤولية أن يكون هذا‬
‫الخطأ قد سبب ضررا مباشرا للغير وبذلك يعتبر الضرر ركنا ثانيا‬
‫في المسؤولية المدنية بنوعيها ‪ ،‬فهو التجسيد المادي‬
‫والملموس لإلخالل بالتزام سواء عقدي أو قانوني وهو المبرر‬
‫الذي يستند عليه في رفع دعوى التعويض ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية‬
‫التابعة‬
‫لذلك فهو ملزم بإثباته ويجوز ذلك بجميع وسائل اإلثبات‬
‫كالبينة والقرائن ‪ ،‬لذلك نجد المشرع المغربي أجاز طبقا‬
‫للمادة ‪ 7‬من قانون المسطرة الجنائية رفع الدعوى المدنية‬
‫أمام المحاكم الزجرية لتعويض الضرر الناتج عن الجريمة ‪ ،‬لكن ال‬
‫يكفي لهذا الضرر أن يكون ناتج عن الجريمة حتى يكون للمتضرر‬
‫الحق بالمطالبة بالتعويض عنه وتقبل دعواه المدنية ‪ ،‬وإنما‬
‫يلزم أن تتوفر فيه شروط تتمثل أساسا في أن يكون شخصيا‬
‫ومباشرا و محققا وناشئا عن الجريمة المرفوعة بها الدعوى‬
‫العمومية ‪.‬‬
‫المدعى عليه في الدعوى المدنية التابعة ‪:‬‬
‫بالرجوع للمادة ‪ 8‬من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص‬
‫على أنه "يمكن إقامة الدعوى المدنية ضد الفاعلين األصليين أو‬
‫المساهمين أو المشاركين في إرتكاب الجريمة وضد ورثتهم‬
‫واألشخاص المسؤولين مدنيا عنهم " ‪.‬‬
‫ويمكن تعريف المدعى عليه في الدعوى المدنية بأنه كل‬
‫شخص طبيعي أو معنوي يلزمه القانون بتعويض الناشئ عن‬
‫الجريمة سواءا كان فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا في‬
‫إرتكابها ‪ ،‬كما يجوز إقامتها على ورثة مرتكب الجريمة أو ضد‬
‫األشخاص المسؤولين عليه مدنيا ‪ ،‬وعليه فإن صفة المدعى‬
‫عليه تتوفر في الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية‬
‫لألشخاص الطبيعية والمعنوية التالية ‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية‬
‫التابعة‬

‫أ‪ -‬المتهم ‪:‬‬


‫هو الشخص المتابع في الدعوى العمومية الذي إرتكب‬
‫الجريمة بإتيانه فعال أصليا يجعل منه فاعال فيها أو مشاركا أو‬
‫مساهما في إرتكابها ‪ .‬وتجوز مقاضاة المتهم الذي أقيمت في‬
‫حقه الدعوى العمومية من أجل مطالبته بالتعويضات المدنية‬
‫سواءا كان شخصا معنويا ما دام القانون الجنائي أجاز الحكم‬
‫على الشخص اإلعتباري بالعقوبات والتدابير المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ ، 127‬واذا تعدد المتهمون في الجريمة الواحدة‬
‫كما يحدث غالبا ووقعت متابعتهم بدعوى عمومية واحدة ‪،‬‬
‫يكون للمتضرر الحق في اإلختيار إما أن يطالب كل فرد فيهم‬
‫بالتعويض على حدة أو أن يطالبهم بالتعويض مجتمعين ‪ ،‬وال‬
‫يجوز لمن وقعت مطالبته دون األخرين أن يدفع بعدم قبول‬
‫الدعوى المدنية من قبله بعلة وجود مسؤولين آخرين معه‬
‫مسؤولين عن الضرر ‪ ،‬ولم يقع إدخالهم من طرف المتضرر في‬
‫مطالبته ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ورثة المتهم ‪:‬‬


‫في حالة توفي المتهم قبل صدور الحكم في الدعوى العمومية‬
‫فإن هذه االخيرة تسقط بموته وتبقى الدعوى المدنية قائمة‬
‫في مواجهة الورثة طبقا لما نصت عنه المادة ‪ 12‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية ‪ ،‬وبمفهوم المخالفة فإنه اذا حدثت وفاة‬
‫المتهم قبل رفع الدعوتين العمومية والمدنية التابعة لها إلى‬
‫المحكمة على النحو الصحيح ‪ ،‬يتعين على المحكمة الزجرية أن‬
‫تثبت عدم رفع الدعوى العمومية إليها وتقتضي تبعا لذلك‬
‫بعدم اختصاصها للبت في الدعوى المدنية ‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أطراف الدعوى المدنية‬
‫التابعة‬

‫ألنه ال يجوز رفع الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية ضد‬


‫الورثة دون أن تكون قد رفعت إبتداء على الموروث وتوصلت‬
‫بها المحكمة الزجرية قبل وفاته ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الوكيل القضائي ‪:‬‬


‫بالعودة لمضمون المادة ‪ 3‬من قانون المسطرة الجنائية نجد‬
‫انه إذا أقيمت الدعوى العمومية في حق قاض أو موظف‬
‫عمومي أو عون أو مأمور للسلطة أو القوة العمومية‪ ،‬فتبلغ‬
‫إقامتها إلى الوكيل القضائي للمملكة‪ ،‬وكذلك تقوم بمهمة‬
‫إشعار اإلدارة التي ينتمي إليها القضاء والموظفين أو األعوان‬
‫التابعين للسلطة أو القوة العمومية الذين أقيمت في حقهم‬
‫المتابعات ‪.‬‬
‫بالتالي يتضح من المادة أنه يمكن إقامة دعوى مدنية تابعة‬
‫للدعوى العمومية في حق االشخاص السالف ذكرهم ‪ ،‬وفي‬
‫حالة إقامتها فإن المراكز القانونية لألشخاص تتغير ‪ ،‬بالتالي‬
‫تصبح لألشخاص السالف ذكرهم صفة المدعى عليه في حالة‬
‫رفع دعوى مدنية تابعة ضدهم ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫اذا كان موضوع الدعوى العمومية هو االمطالبة بإنفاد الجزاء‬
‫على الشخص المخالف للقانون الجنائي سواء كان هذا الجزاء‬
‫عقوبة أو تدبير وقائي أو هما معا ‪ ،‬فإن موضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة يتمثل في حق المتضرر في طلب رفع وجبر‬
‫األضرار الالحقة به من جراء الجريمة ‪ ،‬وال يكون ذلك إال‬
‫بالتعويض عن كل ذلك ‪ ،‬فعندما تنتهي المحكمة الزجرية من‬
‫النظر في الدعويين ‪ ،‬فإنها تفصل إضافة الى العقوبة والتدبير‬
‫الوقائي في مواضيع فرعية ‪ ،‬يتعين عليها البث فيها بنفس‬
‫الحكم كمصاريف الدعوى والرد ‪ ،‬ونشر الحكم ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالسبب الذي تستند عليه الدعوى المدنية‬
‫التابعة فيتمثل في الجريمة التي ترتبت عنها أضرار للغير ‪،‬‬
‫ويكون للمتضرر هنا الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر ‪،‬‬
‫وكذا المصروفات التي إستزمت لحصوله على حقه والمدعى‬
‫عليه في الدعوى المدنية التابعة هو الذي يلتزم بأداء هذه‬
‫التعويضات ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫‪ -1‬مصاريف الدعوى ‪:‬‬
‫فإن مجانية التقاضي مبدأ سام يقضي بإعفاء المتقاضين من‬
‫أداء مصاريف الدعوى ‪ ،‬ولكن الدولة لما لها من اعباء ونفقات‬
‫باهظة إضطرت إلى إلزام المتقاضين مدنيا ‪ ،.‬بآداء مصاريف‬
‫قضائية لفائدة خزينة الدولة ‪ ،‬وهكذا نصت المادة ‪ 105‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية على أن " كل حكم بعقوبة أو تدبير‬
‫وقائي ‪ ،‬يجب أن يبت في الصوائر ومصاريف الدعوى طبقا‬
‫للقواعد المنصوص عليها في المادتين ‪ 367‬و ‪ 368‬من‬
‫المسطرة الجنائية " ‪ ،‬وقد حدد المشرع المبادئ العامة التي‬
‫تحكم الصائر والمصاريف والتي يمكن إجمالها في القواعد اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يتعين أن يتضمن الحكم في جوهر الدعوى ‪ ،‬تصفية المصاريف‬
‫مع تحديد مدة اإلكراه البدني عند اإلقتضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬يتحمل المطالب بالحق المصاريف ‪ ،‬ما لم يكن متمتعا‬
‫بالمساعدة القضائية ‪ ،‬إذا كان هو الذي أثار الدعوى العمومية ‪.‬‬
‫‪ -‬تتحمل الخزينة العامة المصاريف المرتبطة بالدعوى العمومية‬
‫‪ ،‬ومن قبيل ذلك ‪ ،‬مصاريف تنقل الشهود وأتعاب الخبير ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت النيابة العامة هي التي حركت الدعوى العمومية ‪ ،‬وصدر‬
‫حكم بالبراءة (حكم رقم ‪ 8611119‬صادر عن غرفة الجنايات‬
‫بطنجة بتاريخ ‪ ) 1986/05/19‬ولم يكن ثمت مطالب بالحق‬
‫المدني ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫هذا وتجذر اإلشارة إلى أن بعض الشراح تستعمل مصطلح‬
‫المصاريف القضائية ‪ ،‬بمعنى خاص جذا ‪ ،‬فيربطه بالنفقات التي‬
‫يتكبدها المطالب بالحق المدني بغرض الوصول إلى إقتضاء‬
‫التعويض الجابر للضرر الذي لحقه شخصيا ‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫النفقات الرسوم القضائية المؤداة اذا كانت واجبة ‪ ،‬وأتعاب‬
‫المحامي الذي يقوم له بالمسطرة ‪ ،‬وغيرها من المصاريف التي‬
‫البد منها حتى يتسنى له اقتضاء التعويض ‪ ،‬وقم تم التنصيص‬
‫على هذه المصاريف في مجموعة من المواد منها المادة ‪ 95‬و‬
‫‪ 216‬و ‪ 223‬و ‪ 224‬وغيرها من المواد من قانون المسطرة‬
‫الجنائية ‪.‬‬

‫‪ -2‬الرد ‪:‬‬
‫أما فيما يتعلق بمسألة الرد ‪ ،‬فهذا المصطلح يفهم به عادة ‪،‬‬
‫إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة‪ ،‬وبذلك يبدو‬
‫وكأنه صورة من صور التعويض العيني عندما يطلبه المجني‬
‫عليه ومثال ذلك كالذي يطالب برد األشياء التي سرقت منه أو‬
‫نصب عليه فيها ‪ ،‬كما أن الفقرة األولى من الفصل ‪ 106‬من‬
‫القانون الجنائي قد عرفت لنا الرد بكونه "إعادة األشياء أو‬
‫المبالغ أو األمتعة المنقولة الموضوعة تحت يد العدالة إلى‬
‫أصحاب الحق فيها ‪ ،‬كما يمكن للمحكمة أن تأمر بالرد ولو لم‬
‫يطلبه صاحب الشان‪.‬‬
‫وبهذا يمكن لقاضي التحقيق أو المحكمة أن يأمر بالرد و بدون‬
‫تقديم طلب بذلك إلى ضحية الجريمة أو لغيره أو للمتهم نفسه‬
‫في حالة ما إذا تبين أن الشئ المحجوز ال عالقة له بالجريمة‪ ،‬أو‬
‫صدر قرار بعدم المتابعة أو حكمت المحكمة ببراءة المتهم ‪،‬‬
‫وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 389‬من قانون‬

‫‪19‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫المسطرة الجنائية بقولها "إذا تبين أن المتهم لم يرتكب الفعل‬
‫أو أن الفعل ال يكون مخالفة للقانون الجنائي فإن المحكمة‬
‫تصدر حكما بالبراءة وتصرح بعدم اختصاصها للبث في الدعوى‬
‫المدينة‪ ،‬وثبت عند اإلقتضاء في رد ما يمكن رده‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد قضت غرفة الجنايات بمحكمة اإلستئناف‬
‫بطنجة برد المحجوزات إلى أصحابها الشرعيين بعد أن تبين لها‬
‫أنه ال عالقة لهم بالجريمة المرتكبة (قرار عدد ‪ )83/158‬صادر‬
‫عن محكمة اإلستناف بطنجة بتاريخ ‪1983/6/6‬‬
‫فالمحكمة يمكنها أن تأمر بالرد ولو لم يطلبه صاحب الشان‬
‫وذلك حسب ما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 106‬من‬
‫القانون الجنائي‬
‫وقد أخد المشرع المغربي بالمفهوم الضيق للرد ‪ ،‬إذ ال يجوز‬
‫حسب الفصل ‪ 107‬من مجموعة القانون الجنائي رد غير ‪:‬‬
‫>األشياء أو المبالغ أو االمتعة المنقولة الموضوعة تحت يد‬
‫العدالة إلى أصحاب الحق فيها‪.‬‬
‫>المبالغ المتحصلة من بيع األشياء أو األمتعة المنقولة التي‬
‫كان للمطالب بالحق في استردادها عينا‪.‬‬
‫>األشياء أو األمتعة المنقولة المتحصل عليها بواسطة ما نتج‬
‫عن الجريمة مع احترام حقوق الغير‬
‫وحتى نفك اإللتباس بين الرد و التعويض فالبد من الوقوف‬
‫على النقاط التالية ‪ :‬طالب التقويض أمام المحكمة الزجرية‪،‬‬
‫يملكه المتضر شخصيا من الجريمة دون غيره في حين أن الرد‬
‫يمكن أن يطلبه كل من له الحق على الشئ وذلك وفق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 106‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫باإلضافة إلى أن التعويض كيفما كان نوعه يطلبه المتضرر وال‬
‫يمكن للمحكمة الزجرية أن تحكم به حتى و لو تبين لها من خالل‬
‫وقائع الدعوى أن هناك من آضرت به الجريمة وإلى جانب ذلك‬
‫أيضا‪ ،‬أن طلب التعويض مهما كان نوعه تقضي به المحاكم‬
‫العادية‪ ،‬في حين أن الرد تقرره المحاكم اإلستئنا‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إال أنه البدا عند التحدث عن الرد التطرق‬
‫إلى مقتضيات المادتان ‪ 10‬و ‪ 49‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬والذي استحدث إجراء جديد يتعلق بإرجاع الحالة عند‬
‫االعتداء على الحيازة إلى من كانت عليه‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التعويضي ونشر الحكم ‪ :‬إذا كان موضوع‬
‫الدعوى المدينة التابعة هو طلب التعويض من جراء ما لحق‬
‫المتضرر من ضرر ناتج عن الجريمة ‪ .‬فإن نشر الحكم تبقى له غاية‬
‫معنوية بالنسبة للضحية وهو غسل العار الذي من مني به‬
‫بسبب ما تعرض له من اعتداء‬

‫‪ -3‬التعويض ‪:‬‬
‫تعتبر المطالبة بالتعويض من الشروط الشكلية لقبول الدعوى‬
‫المدنية أمام قضاء الحكم‪ ،‬بحيت يتعين على المطالب بالحق‬
‫المدني أن يحدد مقدار ونوعية التعويض الذي يرغب في‬
‫الحصول عليه‪.‬‬
‫وقد قضى المجلس األعلى في هذا الشأن بأنه "ال تكفي‬
‫شكاية المجنى عليه لتحريك الـدعوة العمومية من طرفه‬
‫والحكم له بالتعويض بل ال بد أن يعبر عن رغبته في المطالبة‬
‫بالحق المدني ويحدد مبلغ التعويض عن الضرر الذي أصابه‬
‫"قرار عدد ‪ 1084‬و تاريخ ‪ 1982/7/23‬د‪.‬م‪.‬أ عدد ‪ 30‬ص ‪80‬‬

‫‪21‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫وتقدير التعويض‪ ،‬يرجع للقضاء الذي يجب عليه اعتماد جملة‬
‫من العناصر الموضوعية كطبيعة الضرر‪ ،‬ومقدار ما فات المضرور‬
‫من كسب أو لحقه من خسارة ‪ ،‬وال مجال إلغفال فكرة تجزئة‬
‫المسؤولة عند الحديث عن التعويض و يتعلق األمر بالحالة التي‬
‫يتعدد فيها المتسببون في الضرر‪ ،‬وفي هذا السياق نص‬
‫الفصل ‪ 109‬من القانون الجنائي على أن "جميع المحكوم‬
‫عليهم من أجل نفس الجناية أو نفس الجنحة أو نفس المخالفة‬
‫يلزمون متضامنين بالغرامات والرد والتعويضات المدنية‬
‫والصوائر ‪ ،‬إلى إذا نص الحكم على خالف ذلك ‪.‬‬
‫و بمقتضى هذا الفصل فإن الحكم بالتضامن ال يشمل إال‬
‫األشخاص المحكوم عليهم ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫رابعا ‪ :‬سبب وموضوع الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬

‫‪ -4‬نشر الحكم ‪:‬‬


‫فالمشرع المغربي اعتبر نشر الحكم القاضي باإلدانة من جملة‬
‫العقوبات اإلضافية التي يعود للمحكمة صالحية الحكم فيها ‪،‬‬
‫ويمكن للمحكمة أن تقرر بأن يكون النشر كليا أو جزئيا في‬
‫صحيفة أو في عدة صحف تعينها ‪.‬‬
‫كما يجوز لها أن تأمر بتعليق الحكم في أماكن تحددها دون أن‬
‫تتجاوز مدة التعليق شهرا واحدا ويتحمل الشخص المدان صائر‬
‫النشر و يخضع تقدير هذا الصائر لسلطة المحكمة ‪.‬‬
‫ومن أمثلة الحاالت التي منح فيها المشرع القاضي صالحية‬
‫الحكم بالنشر و التعليق‬
‫حالة إرتكاب جريمة انتحال الوظائف أو األلقاب أو استعمالها‬
‫حالة إدانة الشخص من أجل الوشاية الكاذبة ‪.‬‬
‫وبهذا فنشر الحكم له غاية معنوية وهي غسل العار الذي لحق‬
‫بالضحية بسبب ما تعرض له من اعتداء جعله يقف موقف‬
‫الضعيف أمام من يتعامل معه ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫خامسا ‪ :‬أسباب انقضاء الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫‪ -1‬التقادم كسبب من أسباب إنقضاء‬
‫الدعوى العمومية ‪:‬‬
‫التقادم المسقط ‪ :‬أثر قانوني مترتب على عدم ممارسة صاحب‬
‫الحق لحقه خالل المدة المحددة قانونا لممارسته ‪ ،‬فعدم‬
‫ممارسة الدعوى المدنية التابعة خالل المدة التي حددها القانون‬
‫يترتب عن ذلك سقوط هذه الدعوى وإنقضاؤها ‪ ،‬وجذير بالذكر‬
‫أنه لكل من الدعوى العمومية والدعوى المدنية تقادم مختلف‬
‫تستقل به كل دعوى عن األخرى ‪.‬‬
‫فالدعوة العمومية تتقادم وفق ما جاءت به المادة ‪ 5‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية بمرور ‪ 15‬سنة تبتدئ من يوم اقتراف الجريمة‬
‫وذلك بالنسبة للجنايات ‪ ،‬أما الجنح فتتقادم بمرور ‪ 4‬سنوات ‪ ،‬أما‬
‫المخالفات فتتقادم بمرور سنة واحدة ‪ ،‬أما بخصوص الدعوى‬
‫المدنية فيختلف فيها التقادم بحسب نوع الدعوى المدنية والتي‬
‫يوجد فيها نوعان تقصيرية وعقدية ‪ ،‬بالعودة للفصل ‪ 106‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود يتضح ان دعوى المسؤولية التقصيرية‬
‫تتقادم بمرور ‪ 5‬سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ إلى علم‬
‫المتضرر بالضرر والمسؤول عنه ‪ ،‬وتتقادم بجميع األحوال بمرور ‪20‬‬
‫سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر إن لم يعلم المتضرر بالضرر‬
‫والمسؤول عنه ‪ ،‬وبالنسبة للمسؤولية العقدية تتقادم بمرور ‪15‬‬
‫سنة تبتدئ من تاريخ إبرام العقد ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫خامسا ‪ :‬أسباب انقضاء الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫بعد التطرق ألجاالت التقادم ‪ ،‬يمكن طرح اإلشكالية التالية فيما‬
‫يتعلق بالدعوى المدنية التابعة ‪ ،‬هل يؤدي سقوط الدعوى‬
‫العمومية بالتقادم الى سقوط الدعوى المدنية التابعة لها ام‬
‫ال ؟‬
‫جوابا على هذا اإلشكال نستحضر حكم صادر عن إبتدائية فداء‬
‫درب السلطان بتاريخ ‪ 2003/07/01‬الذي جاء فيه " إذا كانت‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 12‬من قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬تنص على‬
‫أنه إذا كانت المحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية‬
‫والدعوى المدنية معا ‪ ،‬فإن وقوع حوادث مسقطة للدعوى‬
‫العمومية يترك الدعوى المدنية قائمة وتبقى خاضعة إلختصاص‬
‫المحكمة الزجرية فإن هذا النص العام ‪ ،‬وإن كان يشمل التقادم‬
‫كإجراء مسقط للدعوى العمومية طبقا للفصل الثالث من نفس‬
‫القانون إال أن مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 14‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية " إذا تقادمت الدعوى العمومية فال يمكن‬
‫أنذاك إقامة الدعوى المدنية سوى أمام المحكمة المدنية " ‪،‬‬
‫تعتبر مقتضيات قانونية خاصة تتعلق بأثر تقادم الدعوى العمومية‬
‫على مصير الدعوى المدنية التابعة ‪ ،‬وهي المقتضيات األولى‬
‫بالتطبيق وبالتالي يترتب عن ذلك الحكم بعدم قبول المطالب‬
‫المدنية شكال " ‪.‬‬
‫بالتالي يتضح من الحكم القضائي ومن مقتضيات المواد المذكورة‬
‫فيه أن سقوط الدعوى العمومية ال يترتب عنه سقوط الدعوى‬
‫المدنية ‪ ،‬بل أن هذا السقوط يترك الدعوى المدنية التابعة قائمة‬
‫وخاضعة الختصاص القضاء الزجري ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫خامسا ‪ :‬أسباب انقضاء الدعوى‬
‫المدنية التابعة‬
‫وجذير بالذكر أن هنالك أسباب أخرى إلنقضاء الدعوى المدنية‬
‫التابعة الى جانب التقادم ‪ ،‬نخص بالذكر من هذه االسباب ‪:‬‬

‫‪ -2‬الصلح ‪:‬‬
‫تعتبر الدعوى المدنية التابعة دعوى مرتبطة بالمصالح الخاصة‬
‫لألفراد وليس بالنظام العام اي الحق العام للمجتمع ‪ ،‬لذا يجوز‬
‫الصلح فيها بمقابل وغالبا ما يكوم مقابل بمبلغ مالي أو جبر الضرر‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 3‬التنازل ‪:‬‬
‫يمكن التنازل عن الدعوى العمومية التابعة وهذا التنازل ال يمنع‬
‫من رفع الدعوى مرة أخرى أمام القضاء المدني ولم يحدد‬
‫المشرع شكال للتنازل فقد يكون كتابيا أو شفويا أو ضمنيا كحالة‬
‫عدم تقديم مذكرة طلب تعويض ‪ ،‬غير أن التنازل عن اإلستئناف‬
‫يجب أن يكون صريحا وللمتهم أن يعارض التنازل ‪ ،‬كما لو تبين‬
‫للمدعي أن المتهم بريئ ‪ ،‬وتنازل حتى ال يحكم عليه بالتعويض‬
‫لصالح المتهم ‪.‬‬
‫‪ - 4‬صدور الحكم النهائي ‪:‬‬
‫فعلى إعتبار أن الغاية التي يسعى إليها المدعي المدني من وراء‬
‫دعواه هي البت فيها بحكم يستجيب لمطالبه المدنية ‪ ،‬فإذا صدر‬
‫هذا الحكم وأصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به فإن الدعوى‬
‫المدنية تنقضي ألنها تكون قد حققت الغاية من رفعها ‪ ،‬هذا‬
‫ويتعين أن يكون الحكم نهائيا قد فصل موضوع الدعوى المدنية‬
‫ولم يقتصر على عدم قبولها بسبب فقدان الصفة او األهلية أو‬
‫لعيب شكلي آخر ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وختاما نشكر الدكتور الفاضل محمد‬
‫متيوي مشكوري والذي منح لنا فرصة‬
‫إلنجاز هذا الموضوع ‪ ،‬فله منا كامل‬
‫الشكر والتقدير ‪.‬‬

You might also like