Professional Documents
Culture Documents
ال تكون حماية المصالح اإلجتماعية فعالة إال عن طريق اإلثبات الذي من خالله يتم توقيع
العقاب على األشخاص الذين يرتكبون أفعاال جرمية فاإلثبات في المادة الجنائية من أهم
األعمدة التي يقوم عليها صرح العدالة الجنائية إذ بواسطته تتكون لدى المحكمة قناعة تامة
للحكم من خالل األدلة التي توفرت في الدعوى بحيث يعد من أهم األمور التي يلجأ إليها
القاضي الجنائي إلثبات أو نفي التهمة عن المتهم لذلك أعطى المشرع للقاضي الجنائي
السلطة التقديرية الواسعة في تقدير األفعال المجرمة وإثباتها ,وعلى هذا األساس إرتأينا إلى
تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب األول للحديث عن ماهية اإلثبات الجنائي
.في حين ندرس في المطلب الثاني قواعد نظام اإلثبات الجنائي المغربي
المطلب األول :ماهية اإلثبات الجنائي
اإلثبات الجنائي هو الوقوف على حقيقة واقعة تنطوي على جريمة أو شبهة جريمة و تنبعث
منها امارات قوية و شبهات مقبولة ترجح نسبتها إلى شخص معين ,والوقوف على الحقيقة
رهن اقامة الدليل على وقوع الجريمة بالفعل وجمع دالئل كافية ثتبت نسبت الفعل إلى المتهم
وهذا مايجعل اإلثبات في المادة الجنائية يختلف عن اإلثبات المدني .وعليه سنقسم هذا
المطلب إلى فقرتين نخصص األولى إلى التعريف اللغوي و االصطالحي في حين نعرض
.في الفقرة الثانية الفرق بين اإلثبات الجنائي و اإلثبات المدني
الفقرة األولى :التعريف اللغوي و االصطالحي
اإلثبات في اللغة: أ-
يدل اإلثبات في اللغة على الحجة و الدليل و جاء في معاجم اللغة ثبت ثباثا و ثبوثا وفي
كتاب هللا العزيز قال تعالى "يمحو هللا ما يشاء ويثبت" اثبت األمر حققه و صححه ويقال
أثبت الكتاب سجله والحق أقام حجته ,و أثبت الشئ :عرفه حق المعرفة ,وعلى هذا
فاإلثبات عند علماء اللغة تأييد وجود حقيقة من الحقائق بأي دليل.
اإلثبات في اإلصطالح: ب-
اإلثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود
واقعة قانونية ترثبت أثارها ,و الواقع أن فكرة اإلثبات في حد ذاتها فكرة مركبة فهي تحتمل
أكثر من وجه ,ولكل وجه معناه المتميز و مشاكله الخاصة لذلك اختلف فقهاء القانون
الجنائي في تعريفهم لإلثباث الجنائي ,وتباينت تعريفاتهم باختالف وجهات النظر لكل مهنم,
فمنهم من اعتبر اإلثبات إقامة دليل لدى السلطات المختصة باإلجراءات الجنائية على حقيقة
واقعة ذات أهمية قانونية ,ومنهم من اعتبره عملية تشمل كل مراحل الخصومة الجنائية
ومنهم من اعتبره نتيجة لهذه العملية إلى غير ذلك من التعريفات ,أما التشريع المغربي
الجنائي لم يعرف اإلثبات ال في القانون المدني بقسميه وال في القانون الجنائي لذلك يمكن
تعريف اإلثبات الجنائي بأنه إقامة دليل على ثبوت وقوع الجريمة في ذاتها وأن المتهم هو
مرتكب الفعل المنسوب إليه .
الفقرة الثانية :الفرق بين اإلثبات الجنائي و اإلثبات المدني
اإلثبات الجنائي موضوعه األفعال الجنائية وهي متعددة ومتنوعة فاإلثبات الجنائي هو
الوقوف على حقيقة يساندها دليل أما اإلثبات المدني فينصب على تصرفات قانونية محددة
وتنظم أثارها قواعد قانونية صريحة وصارمة بغرض إقامة دليل ولتمييز بين اإلثبات
:الجنائي و اإلثبات المدني البد من الوقوف على العناصر التالية
من حيث غرض االثبات: أ-
إن اإلثبNNات الجنNNائي ينشNNد و يبحث عن الحقيقNNة وال مNNانع أن تظNNل هNNذه الحقيقNNة محNNل بحث
وتنقيب إلى أن تصNNل إلى ذروة العلم و اليقين فNNإذا لم يقم الNNدليل كامNNل على إذانNNة المتهم في
الNNدعوى فال يجNNوز الحكم عليNNه بعقوبNNة مNNا ,بNNل يجب الحكم ببراءتNNه ألن األصNNل في المتهم
البراءة إلى أن تثبت إذانته بدليل تقبله المحكمة بحيث ال يدع مجNNال للشNNك فيNNه ,أمNNا اإلثبNNات
المدني فغرضه الفصل في النزاع القائم بين طرفي الخصومة على حق يدعي به كل منهما
من حيث عبء اإلثبات: ب-
إن تحريNNك و مباشNNرة الNNدعوى العموميNNة يتم بمعرفNNة النيابNNة العامNNة بعNNدما يتم اإلبالغ عن
الجريمة من المجني عليه ,أو الشرطة أو من أي فرد من أفراد المجتمNNع ولNو كNان الشNNخص
الذي بلغ مجهوال بإسثتناء االحوال التي قيد فيها القNانون سNلطة االتهNام في تحريNك الNدعوى
الجنائيNNة وهي الشNNكوى و االذن و الطلب N,هNNذا و مNNا دامت الNNدعوى العموميNNة تحNNرك ضNNد
شخص يفترض أنه بريء فإن عبء اإلثبات يقع ال محالNNة على النيابNNة العامNNة ,أمNNا اإلثبNNات
المدني فالعبء يقع على الخصوم بحيث يلتزم كل طرف بNNأن يثبت الواقعNNة المNNدعي بهNNا في
مواجهة الخصم االخر و إال حكم القاضي لمصحلة الطرف الNNذي أثبت الواقعNNة المNNدعى بهNNا
دون خصمه لذلك فإن نجاح الدعوى المدنية يتوقف على من يقع عليه اإلثبات إذا لم يستطيع
الطرف األخر إثبات العكس.
من حيث أدلة اإلثبات ت-
لقد منح المشرع للقاضي الجنNNائي كامNNل الحريNNة في تقNNدير األدلNNة المقدمNNة إليNNه في الNNدعوى
الجنائية تطيقا لمبدأ حرية اإلثبات ,أما القانون المدني فهو مقيد سلفا بأدلNNة اإلثبNNات بحيث أن
القانون حددها وأوضح الحاالت الثي تتخد فيها كNNل طريقNNة من هNNذه الطNNرق وجعNNل للبعض
منها حجة ملزمة بحيث تكفي بمفردها لإلثبات مثل االقرار و اليمين الحاسمة .
من حيث دور القاضي في الدعوى: ث-
يختلف دور القاضي الجنائي عنNNد النظNNر في الNNدعوى عن القاضNNي المNNدني بحيث أن الNNدور
األول هو دور إيجابي أما دور القاضي المدني هو دور سNNلبي حيث أن هNNذا األخNNير يقتصNNر
دوره على أعمال الموازنة بين األدلNة المقدمNة من قبNل الخصNوم في الNدعوى .أمNا القاضNي
الجنNNائي فNNدوره يتعNNدى النطNNاق الضNNيق الى مرحلNNة اكNNثر اتسNNاعا بNNالبحث عن الحقيقNNة في
الدعوى بكافة الطرق القانونية وإقامة الدليل فقNNد أجNNاز لNNه القNNانون أن يطلب من تلقNNاء نفسNNه
تقديم أي دليل يراه الزما ومعينا في إظهار الحقيقة .