You are on page 1of 3

‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة لإلثبات في المادة الجنائية‬

‫ال تكون حماية المصالح اإلجتماعية فعالة إال عن طريق اإلثبات الذي من خالله يتم توقيع‬
‫العقاب على األشخاص الذين يرتكبون أفعاال جرمية فاإلثبات في المادة الجنائية من أهم‬
‫األعمدة التي يقوم عليها صرح العدالة الجنائية إذ بواسطته تتكون لدى المحكمة قناعة تامة‬
‫للحكم من خالل األدلة التي توفرت في الدعوى بحيث يعد من أهم األمور التي يلجأ إليها‬
‫القاضي الجنائي إلثبات أو نفي التهمة عن المتهم لذلك أعطى المشرع للقاضي الجنائي‬
‫السلطة التقديرية الواسعة في تقدير األفعال المجرمة وإثباتها‪ ,‬وعلى هذا األساس إرتأينا إلى‬
‫تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب األول للحديث عن ماهية اإلثبات الجنائي‬
‫‪.‬في حين ندرس في المطلب الثاني قواعد نظام اإلثبات الجنائي المغربي‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية اإلثبات الجنائي‬
‫اإلثبات الجنائي هو الوقوف على حقيقة واقعة تنطوي على جريمة أو شبهة جريمة و تنبعث‬
‫منها امارات قوية و شبهات مقبولة ترجح نسبتها إلى شخص معين‪ ,‬والوقوف على الحقيقة‬
‫رهن اقامة الدليل على وقوع الجريمة بالفعل وجمع دالئل كافية ثتبت نسبت الفعل إلى المتهم‬
‫وهذا مايجعل اإلثبات في المادة الجنائية يختلف عن اإلثبات المدني‪ .‬وعليه سنقسم هذا‬
‫المطلب إلى فقرتين نخصص األولى إلى التعريف اللغوي و االصطالحي في حين نعرض‬
‫‪.‬في الفقرة الثانية الفرق بين اإلثبات الجنائي و اإلثبات المدني‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف اللغوي و االصطالحي‬
‫اإلثبات في اللغة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يدل اإلثبات في اللغة على الحجة و الدليل و جاء في معاجم اللغة ثبت ثباثا و ثبوثا وفي‬
‫كتاب هللا العزيز قال تعالى "يمحو هللا ما يشاء ويثبت" اثبت األمر حققه و صححه ويقال‬
‫أثبت الكتاب سجله والحق أقام حجته‪ ,‬و أثبت الشئ ‪ :‬عرفه حق المعرفة‪ ,‬وعلى هذا‬
‫فاإلثبات عند علماء اللغة تأييد وجود حقيقة من الحقائق بأي دليل‪.‬‬
‫اإلثبات في اإلصطالح‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫اإلثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود‬
‫واقعة قانونية ترثبت أثارها‪ ,‬و الواقع أن فكرة اإلثبات في حد ذاتها فكرة مركبة فهي تحتمل‬
‫أكثر من وجه‪ ,‬ولكل وجه معناه المتميز و مشاكله الخاصة لذلك اختلف فقهاء القانون‬
‫الجنائي في تعريفهم لإلثباث الجنائي‪ ,‬وتباينت تعريفاتهم باختالف وجهات النظر لكل مهنم‪,‬‬
‫فمنهم من اعتبر اإلثبات إقامة دليل لدى السلطات المختصة باإلجراءات الجنائية على حقيقة‬
‫واقعة ذات أهمية قانونية‪ ,‬ومنهم من اعتبره عملية تشمل كل مراحل الخصومة الجنائية‬
‫ومنهم من اعتبره نتيجة لهذه العملية إلى غير ذلك من التعريفات‪ ,‬أما التشريع المغربي‬
‫الجنائي لم يعرف اإلثبات ال في القانون المدني بقسميه وال في القانون الجنائي لذلك يمكن‬
‫تعريف اإلثبات الجنائي بأنه إقامة دليل على ثبوت وقوع الجريمة في ذاتها وأن المتهم هو‬
‫مرتكب الفعل المنسوب إليه ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الفرق بين اإلثبات الجنائي و اإلثبات المدني‬
‫اإلثبات الجنائي موضوعه األفعال الجنائية وهي متعددة ومتنوعة فاإلثبات الجنائي هو‬
‫الوقوف على حقيقة يساندها دليل أما اإلثبات المدني فينصب على تصرفات قانونية محددة‬
‫وتنظم أثارها قواعد قانونية صريحة وصارمة بغرض إقامة دليل ولتمييز بين اإلثبات‬
‫‪:‬الجنائي و اإلثبات المدني البد من الوقوف على العناصر التالية‬
‫من حيث غرض االثبات‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫إن اإلثب‪NN‬ات الجن‪NN‬ائي ينش‪NN‬د و يبحث عن الحقيق‪NN‬ة وال م‪NN‬انع أن تظ‪NN‬ل ه‪NN‬ذه الحقيق‪NN‬ة مح‪NN‬ل بحث‬
‫وتنقيب إلى أن تص‪NN‬ل إلى ذروة العلم و اليقين ف‪NN‬إذا لم يقم ال‪NN‬دليل كام‪NN‬ل على إذان‪NN‬ة المتهم في‬
‫ال‪NN‬دعوى فال يج‪NN‬وز الحكم علي‪NN‬ه بعقوب‪NN‬ة م‪NN‬ا‪ ,‬ب‪NN‬ل يجب الحكم ببراءت‪NN‬ه ألن األص‪NN‬ل في المتهم‬
‫البراءة إلى أن تثبت إذانته بدليل تقبله المحكمة بحيث ال يدع مج‪NN‬ال للش‪NN‬ك في‪NN‬ه‪ ,‬أم‪NN‬ا اإلثب‪NN‬ات‬
‫المدني فغرضه الفصل في النزاع القائم بين طرفي الخصومة على حق يدعي به كل منهما‬
‫من حيث عبء اإلثبات‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫إن تحري‪NN‬ك و مباش‪NN‬رة ال‪NN‬دعوى العمومي‪NN‬ة يتم بمعرف‪NN‬ة النياب‪NN‬ة العام‪NN‬ة بع‪NN‬دما يتم اإلبالغ عن‬
‫الجريمة من المجني عليه‪ ,‬أو الشرطة أو من أي فرد من أفراد المجتم‪NN‬ع ول‪N‬و ك‪N‬ان الش‪NN‬خص‬
‫الذي بلغ مجهوال بإسثتناء االحوال التي قيد فيها الق‪N‬انون س‪N‬لطة االته‪N‬ام في تحري‪N‬ك ال‪N‬دعوى‬
‫الجنائي‪NN‬ة وهي الش‪NN‬كوى و االذن و الطلب‪ N,‬ه‪NN‬ذا و م‪NN‬ا دامت ال‪NN‬دعوى العمومي‪NN‬ة تح‪NN‬رك ض‪NN‬د‬
‫شخص يفترض أنه بريء فإن عبء اإلثبات يقع ال محال‪NN‬ة على النياب‪NN‬ة العام‪NN‬ة‪ ,‬أم‪NN‬ا اإلثب‪NN‬ات‬
‫المدني فالعبء يقع على الخصوم بحيث يلتزم كل طرف ب‪NN‬أن يثبت الواقع‪NN‬ة الم‪NN‬دعي به‪NN‬ا في‬
‫مواجهة الخصم االخر و إال حكم القاضي لمصحلة الطرف ال‪NN‬ذي أثبت الواقع‪NN‬ة الم‪NN‬دعى به‪NN‬ا‬
‫دون خصمه لذلك فإن نجاح الدعوى المدنية يتوقف على من يقع عليه اإلثبات إذا لم يستطيع‬
‫الطرف األخر إثبات العكس‪.‬‬
‫من حيث أدلة اإلثبات‬ ‫ت‪-‬‬
‫لقد منح المشرع للقاضي الجن‪NN‬ائي كام‪NN‬ل الحري‪NN‬ة في تق‪NN‬دير األدل‪NN‬ة المقدم‪NN‬ة إلي‪NN‬ه في ال‪NN‬دعوى‬
‫الجنائية تطيقا لمبدأ حرية اإلثبات‪ ,‬أما القانون المدني فهو مقيد سلفا بأدل‪NN‬ة اإلثب‪NN‬ات بحيث أن‬
‫القانون حددها وأوضح الحاالت الثي تتخد فيها ك‪NN‬ل طريق‪NN‬ة من ه‪NN‬ذه الط‪NN‬رق وجع‪NN‬ل للبعض‬
‫منها حجة ملزمة بحيث تكفي بمفردها لإلثبات مثل االقرار و اليمين الحاسمة ‪.‬‬
‫من حيث دور القاضي في الدعوى‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫يختلف دور القاضي الجنائي عن‪NN‬د النظ‪NN‬ر في ال‪NN‬دعوى عن القاض‪NN‬ي الم‪NN‬دني بحيث أن ال‪NN‬دور‬
‫األول هو دور إيجابي أما دور القاضي المدني هو دور س‪NN‬لبي حيث أن ه‪NN‬ذا األخ‪NN‬ير يقتص‪NN‬ر‬
‫دوره على أعمال الموازنة بين األدل‪N‬ة المقدم‪N‬ة من قب‪N‬ل الخص‪N‬وم في ال‪N‬دعوى‪ .‬أم‪N‬ا القاض‪N‬ي‬
‫الجن‪NN‬ائي ف‪NN‬دوره يتع‪NN‬دى النط‪NN‬اق الض‪NN‬يق الى مرحل‪NN‬ة اك‪NN‬ثر اتس‪NN‬اعا ب‪NN‬البحث عن الحقيق‪NN‬ة في‬
‫الدعوى بكافة الطرق القانونية وإقامة الدليل فق‪NN‬د أج‪NN‬از ل‪NN‬ه الق‪NN‬انون أن يطلب من تلق‪NN‬اء نفس‪NN‬ه‬
‫تقديم أي دليل يراه الزما ومعينا في إظهار الحقيقة ‪.‬‬

You might also like