Professional Documents
Culture Documents
النظام الرئاسي ومدى صلاحيته للجزائر
النظام الرئاسي ومدى صلاحيته للجزائر
ممخص
تتناول ىذه الدراسة النظام الرئاسي ،الذي يعد أحد األنظمة السياسية الثالث في العالم .ظير ىذا النظام خالل الثمانينيات
من القرن الثامن عشر في الواليات المتحدة األمريكية ،وتبنتو الكثير من الدول في العالم ،ألنو شيد نجاحا معتبرا ،نظ ار
لما يتميز بو من خصائص أساسية ،وما يقدمو من مزايا ،كما سنرى الحقا ،مما أدى بالساسة الجزائريين إلى إظيار
اإلعجاب بو ،وبالتالي تبنيو .فيل يصمح فعال لمجزائر ،رغم وجود اختالفات بينيا و بين وأمريكا خاصة في النوحي
االجتماعية و السياسية و االقتصادية والثقافية.
مقدمة: Abstract
The study deals with the presidential system,
ترتكزز ززز بنيزز ززة الميسسز ز ززات السياسزز ززية فزز ززي الز ز ززديمقراطيات
which is one of the three representative
الميبرالية عمزى مبزدأ شزيير ،ىزو مبزدأ الفصزل بزين السزمطات،
الذي ظير في القرن السابع عشزر وتطزور فزي القزرن الثزامن systems in the world. This system emerged
عش ز ززر ،وينس ز ززب إل ز ززى الكات ز ززب اإلنجمي ز زززي ج ز ززون ل ز ززوك ف ز ززي during the 1780 S in the U.S.A and was
ميلفزو"بحث في الحكومة المدنيةة"( ،)0691ومونتسزكيو فزي adopted lately by many countries because it
ميلف ز ززو "ذىنيةةةةةةة القةةةةةةوانين" المع ز ززروم باس ز ززم روح القز ز زوانين witnessed considerable success due to its
( .)0( )0748يفترض مبزدأ الفصزل بزين السزمطات أن تعزرم characteristics and its advantages This led
جميززع األنظمززة السياسززية ،القسززمة فززي الوظززائم بززين عززدة the Algerian leaders to admire it and, thus
أجيز ز ززة حكومي ز ززة ،وأن تس ز ززتقل الواح ز ززدة ع ز ززن األخ ز ززرى ،ألن think of adopting it. Does this system really
االنفز زراد بالسز ززمطة يزززيدي إلز ززى االسزززتبداد والسز ززمطة قز ززوة و ال fit Algeria in spite of differences between
يوقم القوة إال القوة (. )2 America and Algeria? Normally socio
?political economic and cultural differences
يأخذ مبدأ الفصل بين السمطات معنيين ،أحدىما سياسي و يقصد بو عدم التركيز(ألن التركيز يؤدي إلى إساءة
استعمال السمطة) و ضرورة توزيع السمطة بين ثالث ىيئات(تشريعية ،تنفيذية ،قضائية) ،و اآلخر قانوني و يتعمق
بالعالقة بين ىذه الييئات الثالث وعمى وجو الخصوص العالقة بين السمطة التشريعية والتنفيذية ،ووفقا لممعنى القانوني
فإن مبدأ الفصل بين السمطات يتخذ ثالثة أشكال في الديمقراطيات الغربية ،وذلك بحسب أنماط العالقات بين البرلمان
والحكومة ،وتتمثل ىذه األشكال في النظام البرلماني والنظام المجمسي (نظام حكومة الجمعية) والنظام الرئاسي والذي ىو
موضوع ىذه المقالة ،غير أن ما يجب معرفتو ىو أن فقياء القانون الدستوري والنظم السياسية في العالم كمو يجمعون
عمى أن النظام السياسي في الواليات المتحدة األمريكية ،ىو المثال الصادق والنموذج األمثل لمنظام الرئاسي المعاصر،
141
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
وىذا يسمح بتطبيق الدراسة عمى النظام الرئاسي في الواليات المتحدة األمريكية .وعميو ستتناول ىذه الدراسة كيفية ظيور
النظام الرئاسي والخصائص أو األسس العامة التي يقوم عمييا ثم تقييم ىذا النظام ثم دراسة النظام السياسي الجزائري
وموقعو من األنظمة العالمية منذ االستقالل إلى يومنا ىذا ،وأخي ار التعرض لمدى صالحية النظام الرئاسي لمجزائر،
ونختم الموضوع بالنتائج المتوصل إلييا.
أوال :كيفية ظيور النظام الرئاسي:
ظيززر النظززام الرئاسززي فززي البدايززة فززي شززكل نظززام رئاسززي كالسززيكي ،وىززو النظززام الززذي ابتكرتززو وطبقتززو الديمقراطيززة
الوحيززدة ،وىززي الواليززات المتحززدة األمريكيززة بضززغط مززن حاجتيززا المحميززة والمتمثمززة فززي اتحززاد الززدول المسززتقمة عززن التززاج
البريطاني ،في مساحة كانت في بداية االتحاد محزدودة وامتزدت فيمزا بعزد وشزممت أجززاء كبيزرة فأصزبحت تشزكل شزبو قزارة،
وتعد رابع دولة في العالم من حيث عدد السكان وىي في مقدمتيا من حيث ارتفاع المستوى الفني ألداء الفرد(.)3
( )4
إليجاد حل لمشكمتيم الكبزرى والمتمثمزة فزي التوفيزق بزين لقد ابتكر األمريكيون النظام الرئاسي في شكمو الكالسيكي
المطالبة بالوحدة وبين تمسك الدول المحمية المستقمة بحقوقيا التقميدية ،وىو يختمم عزن النظزام البرلمزاني اختالفزا جوىريزا،
فززي روحززو وقواعززده ،إذ أن ميزتززو األساسززية تكمززن فيمززا توصززل إليززو مززن التوفيززق بززين المبززدأ الززديمقراطي القززائم عمززى احت زرام
الحقوق والحريات الفرديزة وعمزى مبزدأ السزيادة الشزعبية والرقابزة عمزى دسزتورية القزوانين وغيرىزا وبزين واقزع الحكزم الشخصزي،
باعتبززار أن الزرئيس المنتخززب الززذي يتززولى السززمطة التنفيذيززة يتمتززع بصززالحيات عظيمززة تجعززل مززن حكمززو حكمززا نافززذا لكنززو
مقيد بأحكام الدستور(.)5
الواقع أن وضع الزرئيس وا ختصاصزاتو بيزذه الكيفيزة كزان أحزد المشزاكل الرئيسزية التزي واجيزت واضزعي دسزتور الواليزات
المتحدة األمريكية ،حيزث كزان يحزركيم بالنسزبة ليزذا الموضزوع أمزران :كيزم يمكزن إيجزاد سزمطة تنفيذيزة قويزة تحزرك الحكزم
وتدفعززو مززن ناحيززة ،وكيززم يمكززن مززن ناحيززة أخززرى أن تظززل تمززك السززمطة بعيززدة عززن الديكتاتوريززة( ،)6وفززي ىززذا الخصززوص
يمكزن أن نشزير إلزى أن الصزراع كزان قائمزا بزين الزداعين إلزى تقويزة منصزب الزرئيس عمزى حسزاب الكزونغرس والزداعين إلززى
إعطزاء صززالحيات أوسززع ليززذا األخيززر ،ومززع انعقززاد مززيتمر فيالدلفيزا لسززنة 0787الززذي كززان ييززدم إلززى إعززادة النظززر فززي
نصزوص االتحزاد التعاىزدي ،تبزين فيززو لمنزدوبي الزدول ( 55منزدوبا) أن األمززر يقتضزي إيجزاد حزل جديززد وجزذري أكثزر مززن
صززورة التعاىززد بززين الززدول المسززتقمة ،فززاقتنعوا بضززرورة الحاجززة إلززى قائززد قززوي ،دون أن يتحززول إلززى طاغيززة ينتيززك الحقززوق
الفردية ،لتبدأ بذلك الخطوات األولى لتدوين أول دستور اتحادي فزي العزالم ،ليتطزور بزو النظزام الرئاسزي فيمزا بعزد وتسزتطيع
بو الواليات المتحدة األمريكية أن تيمن لحياتيا استق ار ار عمى كافة المستويات يكاد يكون عجيبا.
ىكززذا بعززد أن تبنززت الواليززات المتحززدة األمريكيززة النظززام الرئاسززي فززي دسززتورىا بززدأ ىززذا النظززام يخززرج مززن نطززاق إقمززيم
الواليز ات المتحززدة لينتشززر فززي أمريكززا الالتينيززة مززع شززيء مززن االنحزرام فززي تطبيقاتززو العمميززة وعززن قاعدتززو األصززمية ،ولعززل
السززبب ف ززي انتيززاج جميوري ززات أمريكززا الالتيني ززة شززكل النظ ززام الرئاس ززي يرجززع إل ززى أن ىززذه الش ززعوب وجززدت ض ززالتيا في ززو
باعتبارىززا أقطززا ار لززم تتوصززل الديمقراطيززة فييززا إلززى تجريززد ف كرتيززا عززن األشززخاص الززذين تتجسززد فززييم ،وأنيززا بقيززت مندمجززة
بزعامات محمية ،وفي النظام الرئاسي فقط يتوافق شزعور ىزذه األقطزار بالزعامزة مزع عطفيزا عمزى الديمقراطيزة ،فيزو النظزام
الززذي يززوفر ليززا مززا تصززبو إليززو مززن حمززل الزززعيم إلززى سززدة الحكززم بطريقززة االنتخززاب و تحقيززق رغبتيززا التززي تززدفعيا نحززو
وعميززو فززإن األنظمززة الرئاسززية ألمريكززا الالتينيززة مرتبطززة بززدول ناميززة قريبززة أكثززر إلززى الديكتاتوريززة منيززا إلززى الديمقراطيززة
)(7
الززديمقراطيات الميبراليززة .عمززى عكززس دول أمريكززا الالتينيززة فززإن النظززام الرئاسززي فززي أوروبززا لززم يمززق نجاحززا(فشةةل المحاولةةة
142
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
األلمانية وكذا الفرنسية لعام ) 8848ألسزباب سياسزية ونفسزية تمزت إلزى تزاريو الشزعوب األوروبيزة ونضزاليا الخزاص فزي
سزبيل تحريرىززا مزن السززمطة المطمقززة ،غيزر أن ىززذا لزم يمنززع مززن وجزود بعززض ثزار النظززام الرئاسززي فزي الدسززاتير األوروبيززة
والتي يعود الفضل في اكتشافيا إلى الواليات المتحدة األمريكية وىي تكمن في:
-الثنائية في البرلمان والتي أصبحت أساسا ترتكزز عميزو دسزاتير الزدول فزي العصزر الحزديث خاصزة الزدول اإلتحاديزة
مثل سويس ار وألمانيا وأستراليا غيرىا.
-نظرية الرقابة الدستورية عمى القوانين وما توفره من ضمانات قانونية لممزواطن فزي ممارسزتو لحرياتزو وحقوقزو ،غيزر
أنيالم تصل إلى مرتبة القاعدة العالمية التي وصزمت إلييزا طريقزة الثنائيزة البرلمانيزة ( .)8بعزد ىزذا العزرض السزريع والمزوجز
سنتطرق إلى األسس التي يقوم عمييا النظام الرئاسي.
ثانيا :األسس العامة لمنظام الرئاسي أو خصائصو:
يتميز النظام الرئاسي الكالسيكي لمواليات المتحدة األمريكية عن بقية أشكال األنظمة النيابية األخرى القائمة عمى مبزدأ
الفصل بين السمطات ،خاصة النظام البرلماني ،بخصائص أساسية تتفرع عنيا مجموعة من الخصائص الثانوية.
/8وحدانية السمطة التنفيذية :فرئيس الواليات المتحدة األمريكية ىو رئيس الدولزة وحكومتيزا فزي ن واحزد ،وفزي ىزذا
التمركز تتجمى فكرة الوحدانية في الحكم حيث يوجد رئيس دولة منتخب من الشعب يستأثر بالسزمطة التنفيذيزة بصزفة تكزاد
تكون مطمقة ،مقابل رقابتين قويتين ،تشريعية (برلمانية) وأخرى قضائية.
/2الفصل الشديد بين السمطات:أي أن الرئيس والبرلمزان وحتزى السزمطة القضزائية يسزتقل كزل واحزد مزنيم عزن اآلخزر،
فكل سمطة تحتفظ بذاتيتيا ،رغم ماتفرضو متطمبات الحياة العممية والمعبة الحزبية من تعاون بينيا.
/3سمطة قضائية ممثمة بالدرجة األولى في المحكمة العميةا فزي الوقزت الزذي ال تظيزر فيزو السزمطة القضزائية ظيزو ار
واضحا في ظل أنظمة أخرى.
الخاصية األولى :وحدانية السمطة التنفيذية
مقتضى الخاصية األولى أن رئيس الدولة في النظام الرئاسزي ينتخزب انتخابزا مباشز ار مزن الشزعب ،فيمنحزو ذلزك التمثيزل
مركززز الثقززل ،فيصززبح شخصززا يسززود ويحكززم فززي ن واحززد ،وىززذا مززا ال تتززوافر عميززو األنظمززة النيابيززة األخززرى (البرلمانيةةة
والمجمسية).
إن انتخاب رئيس الدولة من الشعب مباشرة باع تباره رئيسا لمدولة والحكومزة معزا يضزعو عمزى قزدم المسزاواة مزن األىميزة
والمكانة والنفوذ مع البرلمان ويجعل لزو صزفة تمثيميزة عزن الشزعب ويعطيزو الحزق فزي الزتكمم باسزمو والتعبيزر عزن إ اردتزو ،إذ
يستطيع أن يتخذ من الق اررات الحيوية مزا يجعزل إلرادتزو المكانزة العميزا فزي الدولزة ،و يمثزل محزو ار تشزع منزو سياسزة الزبالد
الداخميززة و الخارجيززة و منطمقززا لسززمطات ضززخمة تشززمل جميززع الميززادين العسززكرية و المدنيززة عمززى حززد س زواء) .(9ولمززا كززان
األمززر كززذلك فززال وجززود لمجمززس وزراء وال وجززود لق ز اررات و ازريززة عمززى نحززو فززردي أو مشززترك كمززا ىززو الحززال فززي النظززام
البرلمززاني .وأن كززل مززا يوجززد فززي النظززام الرئاسززي ىززو العديززد مززن المعززاونين الززذين يتولززون إدارة أجي ززة تعمززل تحززت إش زرام
رئيس الدولة ،تأتمر بأمره وتسأل أمامو وىو المسيول عنيزا أمزام الزرأي العزام،و بنزاء عميزو فزإن ىزيالء المعزاونين ال يممكزون
سزمطة سياسزة خاصزة ،و إنمزا ىزم مجزرد معززاونين لمزرئيس عمزى الصزعيد الحكزومي أو قززادة إداريزين إلدارتيزم الو ازريزة سزواء
سموا بالوزراء أو السكرتاريين أو الكتاب أو أمناء السر ).(10
143
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
ومن مظاىر تمتع رئزيس الدولزة بالسزمطة الفعميزة فزي النظزام الرئاسزي أو كمزا يحمزو لزبعض المفكزرين السياسزيين تسزميتو
باسم النظام الرئيسي تعبي ار عن مركز الثقل الذي يحتمو الرئيس):(11
-أن الرئيس عندما يجتمع بمعاونيو فإن ذلك يكون لمتشاور و المداولة و أخذ أ ارءىم و ينفرد ىو بالقرار النزيائي
و القاطع في الموضوعات محل المداولة.
-خضززوع المعززاونين لسياسززة ال زرئيس ،إذ يسززتقل وحززده برسززم وتقريززر السياسززة العامززة لمدولززة والحكومززة ،وعميززو في زيالء
المعاونين ىم مجرد أداة لتنفيذ سياسة الرئيس ولو أن يجبرىم عمى ذلك.
-انف زراد ال زرئيس بتعيززين ى زيالء المعززاونين و ع ززليم مززتحمال مسززيولية اختيززارىم أمززام الشززعب مقابززل مسززيوليتيم الفرديززة
أمامو وحده.
-لمزرئيس سززمطة فززي مجززال الشززيون الخارجيززة تتمثززل فززي تعيززين أعضززاء السززمك الدبموماسززي ،و فززي إقزرار الززذىاب إلززى
الحرب و في إبرام المعاىدات التنفيذية.
-انتف ززاء المس ززيولية السياس ززية لز زرئيس الدول ززة ومس ززاعديو أم ززام الس ززمطة التشز زريعية.واقتص ززارىا عم ززى المس ززيولية الجنائي ززة
فقط(كالخيانة العظمى وسمطة االتيام لمجمس النواب وسمطة المحاكمة لمجمس الشيوخ).
-إسناد سمطة إعالن حالة الطوارئ إلزى الزرئيس حتزى تكزون ىنزاك سزرعة فزي مواجيتيزا ولتجنزب التفزرق فزي الزرأي فزي
خصوصيا .
-سمطة تنظيم القوات المسمحة والقائد األعمى ليا (تعيين أفرادىا و عزليم وتنظيم تدريبيم و ترقيتيم).
الخاصية الثانية :الفصل الشديد بين السمطات
لقد فيم الفقياء وخاصة العرب ،مصطمح الفصل بين السمطات الذي جيء بو ألول مرة من طرم المفكزرين اإلنجميززي
(جان لوك) والفرنسي (مونتسكيو) فيما خاطئا ،و ذلك عندما أوحى ليم المبدأ أن السمطات الثالث تكزون مسزتقمة ومنعزلزة
عن بعضيا وأن الفصل ىو فصل تام و قاطع ال يسمح بأي مظير من مظاىر التعاون بينيا و ال تممك أي سمطة وسائل
لمراقبة السمطتين األخزريين ،غيزر أنزو باسزتقراء التطزور العممزي لمحيزاة الدسزتورية فزي الدولزة التزي ابتكزرت و طبقزت النظزام
الرئاسي ،اتضح ليم ولغيرىم أن مبدأ الفصل المطمق أو القاطع أو التام ىو مبدأ وىمزي ال وجزود لزو فزي أفكزار مبدعيزو وال
ف ززي الحي ززاة السياس ززية األمريكي ززة) ،(12وأن المعن ززى الحقيق ززي لمفص ززل الكام ززل لمس ززمطات ينس ززجم م ززع الفص ززل الش ززديد ول ززيس
المطمق ،وىنا تجب التفرقة بين المصطمحين ،فالشزديد يعنزي أن الفصزل بزين السزمطات إلزى أبعزد الحزدود أمزا المطمزق ،فيزتم
بشكل نيائي وقاطع وتام.
ىذا ما أكده الكاتب األمريكي في ميلفو "سياسات تقاسم القوى" حيث ميز بين مراحل مختمفة لتطور المبدأ:
-1المرحمةةة األولةةى :1771 -1774حيززث كززان عمززى الكززونغرس أن يززيدي جميززع ميززام الحكومززة التش زريعية و التنفيذيززة
والقضائية.
-2المرحمةةة الثانيةةة :1777-1771اقتنززع واضززعو الدسززتور أنززو بززات مززن الضززروري إيجززاد فززرع تنفيززذي مسززتقل ،ومنحززو
مسيوليات إدارية تتسم بالديمومة،غير أن أحدا لم يعرم في مزيتمر فيالدلفيا لعزام 7121كزم يجزب أن تكزون نسزبة الفصزل
بين الفرعين التشريعي و التنفيذي.
-3فةةةي أواخةةةر الثمانينيةةةات :م ززن الق ززرن 72فق ززد مب ززدأ الفص ززل المح ززدد لمس ززمطات رواج ززو لص ززالح فكز زرة الرقاب ززة والتز زوازن
( )Checksand Balancesفكل فرع يقتسم السمطات مع فرع أخر).(13
144
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
وعميو فإن فصل السمطات عن بعضيا ال يعني قطع العالقة بين ىذه السمطات بشكل نيائي ،وانما إلى جانزب احتفزاظ
كل سمطة باستقالليتيا في أداء وظيفتيا توجد مظاىر التعاون و الرقابة المتبادلة.
فزإذا كانززت القاعزدة العامززة ،ال تعطزي لزرئيس الدولزة ،باعتبززاره رئيسزا لمسززمطة التنفيذيزة ،حزق حزل البرلمززان بمجمسززيو ،وال
يممززك حززق تأجي ززل أو تعطيززل أدوار انعقززاده أو الت ززدخل فززي أعمالززو ،باإلض ززافة إلززى أنززو ال يمم ززك حززق التقززدم بمش ززروعات
القوانين ،واذا كانت القاعدة العامة دائما ال تعطي في مقابل ىذا كمو لمسمطة التشريعية حق محاسبة السمطة التنفيذية عمزى
أعماليا ،أو توجيو أسئمة و استجوابات لرئيس السمطة التنفيذية (رئيس الدولةة) أو معاونيزو كمزا لزيس ليزا حزق سزحب الثقزة
منيم .فإنو و رغم ىذه االستقاللية في أداء كل سمطة لوظيفتيا ،إال أن جسور االتصال بزين السزمطات الزثالث (التشةريعية
التنفيذيةةة ،القضةةائية) كثي زرة .خاصززة بززين السززمطتين ،التش زريعية والتنفيذيززة ،باعتبارىمززا أىززم جيززازين سياسززيين فززي السززاحة
السياسزية األمريكيزة ،والمتصزفح لمدسزتور األمريكزي يجززد أنزو يحززدد صزالحيات الزرئيس (رئةةيس الدولةة) بشززكمين مزن أشززكال
العمززل التش زريعي ،وتظيززر فززي حززق التوصززية بززإجراءات لمكززونغرس (التوصةةةية بالتشةةةريا أو مةةةا يعةةةرو بحصةةةدار المةةةوائ
التنفيذيةةة لمق ةوانين) وفززي سززمطة اسززتخدام الفيتززو ضززد مشززاريع الق زوانين ،إلززى جانززب بعززض الس زمطات الضززمنية والتززي تأخززذ
ثالثة أشكال :
-1يشرع عن طريق أحكام وأنظمة تكون ممزمة لمجميع في إطار السمطة القانونية والدستورية.
-2يشرع عن طريق البيانات الرئاسية ،وىي عادة ما تكون ذات طبيعة روتينية ،وبدون أثر تشريعي ،ففي سنة 0970
أصدر الرئيس نيكسون بيانا يفرض ضريبة إضافية عمى أصنام مستوردة لمواليات المتحدة ،و بعد التقاضي المطول
قررت محكمة فيدرالية :أنو رغم أن الرئيس يفتقد إلى السمطة المستقمة لتنظيم التجارة أو تحديد التعريفة و أن أي بيان
ممزم يجب أن يرتكز إلى سمطة مفوضة من الكونغرس فإن الرئيس في ىذه الحالة قد تصرم بما يتماشى والسمطة
القانونية.
-3يشززرع ال زرئيس عززن طريززق األمززر الرئاسززي ،فقززد أصززدر ال زرئيس ف زرانكمين روزفمززت عززددا مززن األوامززر الرئاسززية عززام
7397لالستيالء عمزى منشز ت صزناعية وشزركات بنزاء سزفن لمكزابالت و حزوالي 9444شزركة فحزم ،ومزر عامزان قبزل أن
يوفر الكونغرس السمطة القانونية إلجراءاتو ).(14
ومقابززل ىززذا فززإن اإلدارة ليسززت حك ز ار عمززى الييئززة التنفيذيززة وأن الكززونغرس مزززود بالمسززيولية والززدور الشززرعي ل ش زرام
عمززى الوك ززاالت الفيدرالي ززة وانش ززائيا وذلززك باس ززتدعاء ريس ززاء اإلدارة و الوك ززاالت فززي أي وق ززت لمحص ززول عم ززى المعموم ززات
أوتفسيرات في مسائل ال عالقة ليا بالواجب الرسزمي (، )71ومزن األدوات الرقابيزة التزي يسزمح بيزا الدسزتور لمكزونغرس بشزأن
العممي ززة اإلداري ززة ،س ززمطة إنشز ززاء مكات ززب وتحدي ززد صز ززالحياتيا وم ززدتيا ،ول ززو أن يق ززرر فز ززي مس ززألة التعويض ززات المقدمز ززة
لممس ززيولين ،كم ززا ل ززو ح ززق تثبي ززت التعي ين ززات الرئاس ززية والمش ززاركة االستش ززارية ف ززي العممي ززة اإلداري ززة ،وص ززالحيات التحقي ززق
واالعتماد المالي إلى جانب أىم سمطة رقابية و ىي الفيتو التشريعي الذي يعزد شزرطا قانونيزا يزيخر اإلجزراء اإلداري مزابين
34-04يوما في العادة ،يجوز خالليا لمكونغرس أن يقر اإلجراء أو يرفضو دون أي تدخل خر من قبل الرئاسة (.)70
الخاصية الثالثة :سمطة قضائية ممثمة بالمحكمة العميا
تحتل المحكمزة العميزا القمزة فزي سزمم الييئزات القضزائية فزي النظزام األمريكزي ،وذلزك بسزب الزدور الرئيسزي المزنظم الزذي
تتواله في الحياة السياسية األمريكية ،فإلى جانب نظرية الرقابزة الدسزتورية عمزى القزوانين ،التزي ابتكرتيزا واسزتنبطت أصزوليا
م ززن النص ززوص الدس ززتورية ،فقد توص ززمت إل ززى إخض ززاع الدول ززة إل ززى أحكامي ززا واتجاىاتي ززا مم ززا جعمي ززا س ززمطة م ززن الس ززمطات
145
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
الدسززتورية المييمنززة ،فباإلضززافة إلززى الوظيفززة القضززائية التززي تيدييززا عمززى رأس المحززاكم االتحاديززة فززإن ليززا دو ار دسززتوريا
خطي ز ار يتمثززل فززي التأكيززد عمززى مبززدأ الشززرعية والحكومززة المقيززدة بحمايززة الحقززوق والحريززات الفرديززة ،وتحقيززق الت زوازن بززين
السمطات.
إن القضززاء فززي الواليززات المتحززدة األمريكيززة ال يقززوم بززأي عمززل تشزريعي أو تنفيززذي وىززذا يسززتتبع انعززدام االختصاصززات
القضززائية لمسززمطتين التنفيذيززة والتش زريعية( .)07وتأكيززدا لمززا سززبق ،فقززد حظززر الدسززتور فززي المززادة األولززى الفقزرة التاسززعة البنززد
الثالززث عمززى الكززونغرس إصززدار ق زوانين تحززرم الم زواطنين مززن حقززوقيم المدنيززة دون محاكمززة ألن فززي تمززك الق زوانين سززماح
لمسمطة التشريعية بمعاقبة المواطنين دون محاكمة ،وفي ىذا عدوان عمى اختصاص السمطة القضائية.كما ال تقوم السزمطة
القضززائية فززي مقابززل ذلززك بإصززدار فتززاوى أو أراء استشززارية لمسززمطة التنفيذيززة ،وال حتززى مشززورة قانونيززة تأخززذ شززكل ال زرأي
االستشاري ،ولقد حدث أن طمب وزير المالية "ألكسندر ىاممتون" من المحكمة العميا أن تصدر فتوى تتعمق بمدى دستورية
قرار أصدره مجمس نواب والية فيرجينيا مزيداه أن مشزروع القزانون الصزادر عزن الكزونغرس والخزاص بتحمزل مسزيولية ديزون
الواليزة يعتبزر غيززر دسزتوري،غير إن إجابزة المحكمززة العميزا ىززي الزرفض القزاطع عمززى أسزاس أن المزادة الثالثززة مزن الدسززتور
تقرر أن المحكمة ال تبت إال في قضايا تتعمق بمنازعزا ت قائمزة بالفعزل ،وأن إصزدار ىزذه اآلراء يعزد خروجزا عمزى الوظيفزة
القضائية ويقحم المحاكم في نشاط تنفيذي أو تشريعي ال يسمح ليا الدستور باقتحامو(.)08
من أىم دعائم استقالل القضاء في الواليات المتحدة األمريكية مايمي:
-الحصانة ضزد العززل ،ال سزيما أن السزمطة التنفيذيزة ىزي التزي تقزوم بتعيزين القضزاة (قضةاة المحكمةة العميةا فقةط) أمزا
قضاة محاكم الواليات فينتخبون .
-النظام المالي المتمثل في منح القضاة مرتبات دورية تحفظ ليم استقالليم وتمكنيم من مقاومة الضغوط التزي تمزارس
عمييم.
-النظززام اإلداري لمقضززاة أي أن الشززيون التنفيذيززة واإلداريززة لرجززال القضززاء يتززرك أمززر إدارتيززا لمسززمطة القضززائية ذاتيززا.
واليمكن لمسمطة التنفيذية التدخل فييا.
ثالثا :تقييم النظةام الرئةاسي:
يعدد أساتذة القانون الدستوري والنظم السياسية مزايا وعيوب النظام الرئاسي ،ومن أىم مزاياه:
-1أنو يضمن االستقرار السياسي بصزورة تكزاد ال تحققيزا الزنظم األخزرى (البرلمانيةة و المجمسةية) والسزبب يرجزع إلزى
أن رئيس الدولة الذي ىو رئيس السمطة التنفيذية المنتخب مباشرة من الشعب لمدة أربع سنوات قابمزة لمتجديزد مزرة واحزدة ال
يمكزن إزالتززو أو إقصززايه قبزل انتيززاء فتزرة رئاسزتو ،ممززا يمكنززو مززن تنفيزذ سياسززتو وبرامجززو بالطريقزة التززي ي ارىززا إيجابيززة )،(19
وىذا عكس النظام البرلماني أو شبو الرئاسي الذي تأتي د ارسزتو بعزد حزين والزذي تتعزرض فيزو الحكومزات إلزى ىززات عنيفزة
بين الحين والحين .
-2قيام النظام الرئاسي عمى مبدأ الفصل بين السمطات والذي يعد دعامة أساسزية لقيزام الحكزم الزديمقراطي ،سزواء أقزام
جسزور االتصزال والتعزاون والرقابززة بزين السزمطات بالفعزل ،أو كززان فصزال جامزدا أدى إلزى اسززتقالل كزل سزمطة عزن األخززرى
بوظيفتيا األصمية مما يتيح ممارسة صالحياتيا في إطار القانون.
-3النظززام الرئاسززي ىززو األقززدر عمززى مواجيززة األزمززات والط زوارئ ويرجززع ذلززك إلززى أن السززمطة الفعميززة ،التززي ىززي بيززد
شخص واحد وىو رئيس الدولة تتزايد في أوقات األزمات مما يسمح لو باتخاذ الق اررات لمواجيزة تحزديات الموقزم بالفاعميزة
146
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
الواجبة دون الزدخول فزي مشزاورات مزع السزمطة التشزريع ية ومزا تسزتمزمو مزن تعزاون ورقابزة قزد تزيدي إلزى اإلبطزاء والزذي قزد
يعود سمبا عمى الدولة.
أما عيوب النظام الرئاسي فيمكن إجماليا في مايمي:
-8إن الفصل بين السمطات (من الناحية النظرية)بشكل ييدي إلزى الجمزود واإلطزالق (فصةل قةاطا أو تةام) ىزو أمزر
غيززر مرغززوب فيززو ،ألن التعززاون المتبززادل بززين السززمطات وامكانيززة التززأثير والتززأثر وخاصززة السززمطتين التش زريعية و التنفيذيززة
ضززروري ،ألنززو يززوفر لمسياسززات العامززة قززوة سياسززية وأدبيززة أكبززر ممززا لززو جززاءت ىززذه السياسززات لتمثززل وجيززة نظززر إحززدى
السزمطتين فقزط) ، (20ىزذا مزن جيززة ومزن جيزة ثانيزة فززإن عزدم مسزيولية رئزيس الدولزة أمززام السزمطة التشزريعية باعتبزاره رئيسززا
لمسززمطة التنفيذيززة تجعمززو يتصززرم بحريززة دون اعتبززار لززرد فعززل البرلمززان اتجاىززو .وىززذا يقززوده إلززى الدكتاتوريززة والميززل نحززو
الشمولية.
-2إن ع ززدم مس ززيولية رئ ززيس الدول ززة أم ززام البرلم ززان تش ززكل عيبز ززا ف ززي النظ ززام الرئاس ززي ،حي ززث يك ززون رئ ززيس السز ززمطة
التنفيذية(رئيس الدولة) الذي يممك السمطة الفعمية بعيزدا عزن االنتقزادات أو أي اسزتجواب مزن البرلمزان ،والمفزروض أن فزي
مثززل ىززذه اإلجزراءات ،الضززمان لالرتقززاء بكفززاءة السززمطة التنفيذيززة ،ودفززع إلززى تززدارك األخطززاء وبززذل أقصززى الجيززود لخدمززة
السياسة العامزة ،وىزذا مزا عبزر عنزو الفقيزو الفرنسزي"مةوريس دي فةارجيي" حيزث قزال":إذا كةان النظةام الرئاسةي يةؤدي إلةى
. حكومة ثابتة فيو ال يؤدي بالضرورة إلى حكومة قوية"
)(21
عمززى ضززوء مززا سززبق مززن طززرح يمكززن أن نتنززاول النظززام السياسززي الج ازئززري مززن خززالل الدسززتور و موقعززو مززن األنظمززة
النيابية الزثالث ،و ىنزا يجزدر التسزايل التزالي :ىزل النظزام الدسزتوري الج ازئزري ىزو نظزام برلمزاني أم نظزام رئاسزي أم نظزام
مجمسي أم ىو نوع خزر؟ و مزا مزدى صزالحية النظزام الرئاسزي تحديزدا لمج ازئزر ،باعتبارىزا دولزة بسزيطة غيزر اتحاديزة أوال،
وباعتبارىا دولة من دول العالم الثالث ثانيا ،أين الديمقراطية لم تزل في ميدىا ؟
رابعا :النظام الجزائري و موقعو من األنظمة السياسية العالمية:
تكشم دراسة الدساتير المختمفة في الجزائر خاصة دستور 0996المعدل و المزتمم لدسزتور ، 0989باعتبزاره الدسزتور
السزاري المفعززول فززي الحيززاة السياسززية الج ازئريززة ،عمززى أن النظززام السياسزي الج ازئززري ومنززذ اسززتقالل الدولززة لززم يتبنززى شززكال
محددا من أشكال األنظمة النيابية الثالثة وانما في كل مرة تقع ىذه الدساتير في محظور الخمط وعدم الوضوح).(22
وعمى ىذا األساس يمكن القول أن النظام الجزائري ىو خميط من األنظمزة السياسزية ،خاصزة البرلمانيزة والرئاسزية وىزو
حيزث تكزون العناصزر الجوىريزة لمنظزام البرلمزاني ىزي المعتمزدة )(23
ما يطمق عميو عند بعض الفقياء بالنظام شبو الرئاسزي
مثل( :السمطة التنفيذية منقسمة بين رئيس دولة ووزارة يرأسيا رئةيس حكومةة .الةوزارة مسةؤولة سياسةيا أمةام البرلمةان
مما يسم ليذ ا األخير أي البرلمةان أن يحجةب الثقةة عةن الحكومةة ويرعميةا عمةى االسةتقالة مةا مجمةوع الةوزراء ،كمةا
يجةوز لمسةةمطة التنفيذيةةة أن تطمةةب حةةل البرلمةةان) لكزن الفززارق األساسززي بزين النظززام البرلمززاني و النظزام شززبو الرئاسززي أن
رئززيس الدولززة فززي ىززذا األخيززر لززيس سززمطانا وراثيززا أو رئيسززا منتخبززا مززن قبززل البرلمززانيين أو عززدد قميززل مززن الوجيززاء (حةةال
النظةةام البرلمةةاني) بززل يكززون رئيسززا منتخبززا بززاالقتراع الشززامل و ممززثال ل ز رادة الشززعبية ممززا يجعمززو عمززى قززدم المسززاواة مززع
البرلمان و في مركز متفوق بالنسبة لمو ازرة ورئيسيم ،و ىذه ميزة تجعل النظام الرئاسي و النظام شبو الرئاسي متشابيين.
147
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
أيضا فإن رئيس الدولة في النظام شبو الرئاسي يتمتع بصالحيات قانونيزة أكبزر مزن صزالحيات رئزيس الدولزة البرلمانيزة
بصورة عامة .وىذا يجعمو يقترب من الصالحيات العظيمة المخولة لرئيس الدولة في النظام الرئاسي و من خصائص ىزذه
األنظمة (البرلمانية و الرئاسية) أخذ النظام شبو الرئاسي أسسو.
تتضززح صززورة النظززام شززبو الرئاسززي فززي الدسززتور الج ازئززري األول لسززنة 0963مززن خززالل الم زواد ال زواردة فيززو( م -26
)37أمززا دسززتور 0996المعززدل والمززتمم لدسززتور 0989فقززد تعامززل مززع ىززذا الخمززط والتززداخل مززن خززالل المززادة 77بجميززع
فقراتيززا والتززي تيكززد عمززى الطبيعززة الرئاسززوية لمنظززام السياس ززي الج ازئززري وذلززك بتضززخيم سززمطات رئززيس الدولززة واض ززعام
سززمطات كززل مززن البرلمززان ورئززيس الحكومززة ،ومززن خززالل المززادة 79التززي تززوحي بثنائيززة السززمطة التنفيذيززة ( حةةال النظةةام
البرلماني) إلى جانب ىذه المواد توجد المادة 84و 87من نفس الدستور .
إن الحل ال مالئم ليذا الخمط والتداخل يكمن في تبنزي نظزام سياسزي واضزح المعزالم ،ومزا دام األمزر قزد حسزم مزن طزرم
الجيات الرسمية باختيار النظام الرئاسي ،فإن السيال المطروح :ما مدى صالحية النظام الرئاسي لمجزائر؟
خامسا :صالحية النظام الرئاسي لمجزائر:
من خالل تتبعنا لتطور التجربة الدستورية الجزائرية منذ االستقالل إلزى يومنزا ىزذا ،نالحزظ أن ىنزاك مزيال لزدى السزمطة
الحاكمة نحو النظام الرئاسي ،ولعل ىذا يعود إلى عوامل متعددة مثل:
-8حداثززة الدولززة الجزائريززة باالسززتقالل ومززا ينطززوي عميززو ذلززك مززن مخززاطر االضززطرابات كمززا حززدث فززي أزمززة صززائفة
.0962
-2الثقافززة السياسززية السززائدة ف ززي المجتمززع والتززي تميززل نح ززو االنطوائيززة مززن جيززة وروح الييمن ززة واالبتعززاد عززن الق ززيم
الديمقراطية من جية ثانية ،رغم أن ىذه القيم النبيمة ليست غريبة عمى اإلسالم بل ىي مكونو األساسي.
-3الطبيعززة الكاريزماتيززة لمحززاكم ونظرتززو لمدولززة والسياسززة .فالدولززة عنززده ىززي " األنةةا" والسياسززة ىززي مززا أراه ،كمززا كززان
يقول نابميون.
واذا لم تكن األسباب مييأة لتبني نظام رئاسي ديمقراطي بشكل رسزمي ،فزإن األمزر بزدأ يتضزح اليزوم أكثزر ،وىزذا مزا تزم
التعبيززر عنززو مززن قبززل العديززد مززن الجيززات الرسززمية)(24وعمززى أرسززيا رئززيس الجميوريززة ورئززيس الحكومززة ورئززيس المجمززس
الشززعبي الززوطني ،وطبقززا لمززا ورد فززي كممززة رئززيس الجميوريززة أمززام إطززارات الميسسززة العسززكرية ،فززإن الظززروم السياسززية
أصبحت مستقرة اليوم أكثر لتعديل الدستور القائم والمشوب بالعديد من العيوب(حسب قنةاعتيم) واقامزة دسزتور جديزد يقزوم
عمى تعزيز أكثر لمحقوق والحريات األساسية وعمى:
-تعزيز الرقابة الدستورية ،التحديد الواضح لمعالم النظزام السياسزي ،وضزع حزد لمتزداخل بزين صزالحيات الميسسزات-
تززدعيم مبززدأ الفصززل بززين السززمطات الززذي بقززي مجززرد شززعار مرفززوع فززي الدسززاتير السززابقة ،باإلضززافة إلززى الززدعائم السززابقة
لمدستور المرجو البد أن ينص عمى عوامل أخرى التقل أىمية عن األولى وىي:
-توفير المناخ المالئم لوالدة مجتمع مدني حقيقي .
-احترام إرادة الشعب في اختيار ممثميو .
-العمل عمى تكوين رأي عام حقيقي وحر وفعال.
-إرس ززاء مب ززدأ الس ززمطة المس ززيولة والمحاس ززبة الص ززارمة عم ززى اس ززتعماليا باعتب ززاره مب ززدأ م ززن المب ززادئ الجوىري ززة لمحك ززم
الصالح.
148
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
إن النظززام الرئاسززي ،حسززب الفقيززاء والكتززاب المتخصصززين ىززو نظززام متكامززل ،بززدليل أنززو نجززح بشززكل عجيززب فززي بمززد
منشئو وتحول إلى الكثير من دول العالم)،(25خاصة أنو نظام يقوم عمى مبدأ االستم اررية والتواصل ،فعندما استقال الزرئيس
األمريكي نيكسون عمى إثر فضيحة (ووترعيت) تولى تمقائيا نائبو جيرالد فورد مقاليد الحكم وأكمزل العيزدة دون المجزوء إلزى
انتخابزات مسزبقة أو توكيزل ميقزت ومقيزد لسززمطات نائزب الزرئيس ،بزل عزين لنفسزو نائبززا ىزو السزيد روكفيمزي ،فكزان بززذلك أن
تولى الرئاسة و نيابتيا شخصان غير منتخبان ،و يعتبر البعض أن ىذه االستم اررية والثبات ميزة أساسية فزي ىزذا النظزام،
غيززر أن الحكومززة الثابتززة ال تززيدي بالضززرورة إلززى حكومززة قويززة كمززا سززبق القززول بززدليل أن فززورد لززم يسززتطع الفززوز بالعيززدة
),gghhht·.. (26
. الرئاسية التي فاز بيا جيمي كارتر
بعد ىذا العرض الوجيز ألسباب ميل السمطة ال حاكمة في الج ازئزر إلزى النظزام الرئاسزي و بعزد بدايزة وضزوح الرغبزة فزي
تبني ىذا النظام لدى السمطة ميخ ار ،و بعد استعراض أىم المقومات التي يجب أن تتوافر لقيام نظام رئاسي نزاجح وفعزال،
فإن السزيال المطزروح مزن قبزل و بعزد ،ىزل يصزمح ىزذا الشزكل مزن األنظمزة السياسزية لمج ازئزر خاصزة فزي ظزل االختالفزات
الثقافية و االقتصادية و السياسية و االجتماعية و حتى البيئية و الطبيعية بين بمد ابتكاره و الجزائر؟
إن اإلجابة ال تتحدد بنعم أم ال بقدر ما تتحدد بفحص مجمل الظروم السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعيزة فزي
إطار من المقارنة ،فبأخذ التجربة الناجحة في أمريكزا يمكزن القزول أن النظزام الرئاسزي ال يصزمح لمج ازئزر عمزى ضزوء الواقزع
السياسي القائم ،فالتعددية السياسية في الجزائر تختمم عن التعددية في أمريكا ،ألمن حيزث مجاليزا الزمنزي وال مزن حيزث
الثقافززة السياسززية لمحززاكم و الم زواطن عمززى الس زواء (أمريكةةا تقةةوم عمةةى نظةةام الحةةزبين أحةةدىما فةةي السةةمطة و اآلخةةر فةةي
المعارضة بينما التعددية في الجزائر ىي تشتتية سياسية) إضزافة إلزى ذلزك فزإن انعزدام دعزائم دولزة القزانون ،وعزدم تزوافر
ثقافة التعامل مع مبدأ الفصل بين السمطات ،و غيزاب معارضزة حقيقيزة ،و قويزة و الحنزين إلزى االسزتبداد ،وىيمنزة سزمطة
عمززى أخززرى العتبززارات تاريخيززة و سياسززية ال ت ززال تطبززع المجتمززع الج ازئززري ىززذا مززن جيززة ،و مززن جيززة ثانيززة فززإن موقززع
الواليات المتحدة الجغ ارفزي و التفزاوت فزي مسزاحتيا و طبيعزة تضاريسزيا و مناخيزا (دولةة فدراليةة) لزو أثزر كبيزر سزواء فزي
طريقة تمثيل الواليات (نظام المجمسين) أو في النظام السياسزي (رئاسوي فيو تضةخيم لصةالحيات رئةيس الدولةة) ،و ىزذا
ما ال تتوفر عميو الجزائر كدولة موحدة (دولة بسيطة) .
خاتمةة:
تبززين لنززا مززن ىززذه الد ارسززة بززأن النظززام الرئاسززي ىززو أحززد األنظمززة النيابيززة النموذجيززة القائمززة عمززى مبززدأ الفصززل بززين
السزمطات الزذي يعزد أحزد الركزائز األساسزية لحكزم ديمق ارطزي يعمزل وفقزا لمبزدأ الرقابزة والتوازنزات check and balances
بمززنح سززمطات واسززعة ل زرئيس الدولززة مقابززل صززالحيات تعادليززا لمسززمطة التش زريعية ،واحت زرام كبيززر السززتقاللية القضززاء ممززا
يجعل القيمة الديمقراطية مصونة ،فال دكتاتورية برلمانية وال حاكم مستبد وال قضاء فاسد.
وال شززك أن أي نظززام سياسززي يتوقززم مززن حيززث صززالحيتو مززن عززدميا عمززى عوامززل عديززدة تكززون فززي أغمززب األحيززان
متكاممة ،وأىميا:
-وجود إرادة سياسية حقيقة في احت ارم المبادئ التي يقوم عمييا ذلك النظام.
-وجود صحافة حرة ونزيية تتولى الكشم عن التجاوزات وتنور الرأي العام حول ما يجري داخل الحكومة.
149
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
-وجزود سززمطة قضزائية كفززأة ونزييززة ومسزتقمة تتززولى مراقبززة أعمزال السززمطة التنفيذيززة مزن جيززة وتزرفض مزا يصززدر مززن
قوانين متعارضة مع الدستور من جية ثانية.
-وجود فصل حقيقي لمسمطات بحيث أن كل جيزة تقزوم بوظيفتيزا دون تزدخل مزن جيزة أخزرى ،ويكزون ذلزك فزي إطزار
تقاسم السمطات أو التعاون بينيا.
-خمززق ثقاف ززة سياس ززية تتماش ززى والديمقراطيززة واحتز زرام حق ززوق اإلنس ززان وحريات ززو األساسززية والحك ززم ال ارش ززد و غيرى ززا م ززن
العوامل .
و بتوافر ىذه العناصر والرغبة في تكريس المسار اإلصالحي الشامل والسير نحو المستقبل مع تحمل المخزاطر ،فإننزا
نعتقد بإعطاء الفرصة لمنظام الرئاسي بمعالمو الواضزحة والمحزددة وكخطزوة أولزى لمزتخمص مزن عمميزة الخمزط والتزداخل فزي
الصالحيات .ويبقى تحقيزق ىزذا اليزدم أمز ار صزعبا يتطمزب التفاعزل بزين الحكزام والمحكزومين وخاصزة بإعطزاء دور ميزم
لمنخبة المسيولة والواعية والمشبعة بالقيم الوطنية والديمقراطية.
اليوامش و المراجا
-8موريس دي فارجي ،الميسسات السياسية والقانون الدستوري( ،األنظمة السياسية الكبرى) ،ترجمة جورج سعد،0992 ،ص .001
-2ميمود ذبيح ،الفصل بين السمطات في التجربة الدستورية الجزائرية ( ،بين االستقالل والتعاون واالنزدماج) ،رسزالة ماجسزتير ،كميزة
الحقوق ،جامعة باتنة ،2114 ،ص.3
-3عادل ثابت ،النظم السياسية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،0999 ،ص .242
-4أخطأ الفقياء العرب عندما فيموا النظام الرئاسي بأنو ذلك النظام الذي يقوم عمى الفصل القاطع أو التام (و ىذا ما يسميو
البعض النظام الرئاسي الكالسيكي) ألن الحياة العممية أثبتت أن النظام الرئاسي كنظام معاصر أصبح يقوم عمى مبدأ تقاسم القوى
في ظل عالقة االنفصال كما سنرى الحقا .
-5أدمون رباط ،الوسيط في القانون الدستوري ،الجزء الثاني ،دار العمم لمماليين ،بيروت ،0980 ،ص .649
–6يحيى الجمل ،األنظمة السياسية المعاصرة ،دار النيضة العربية ،بيروت ،ص .084
-7أدمون رباط ،المرجع السابق ،ص .656
-8المرجع نفسو ،ص .659
-9إبراىيم عبد العزيز شيحا ،الوجيز في النظم السياسة و القانون الدستوري ،الدار الجامعية ،بيروت ،ص .263
-81يوجد حاليا في الواليات المتحدة األمريكية ثالثة عشر كتاب دولة و كانوا قبل أحداث 00سبتمبر 2110إحدى عشر أضيم
إلييا و ازرة األمن الداخمي وو ازرة أخرى.
-88من ىيالء المفكرين األستاذ الدكتور محمود حافظ.
-82السعيد السيد عمي ،حقيقة الفصل بين السزمطات فزي النظزام األمريكزي ،رسزالة دكتزوراه ،كميزة الحقزوق ،جامعزة حمزوان،0999 ،
ص .231
-83لززويس فيشززر ،سياسززات تقاسززم القززوى( ،الكززونغرس والسززمطة التنفيذيززة) ،ترجمززة مززازن حمززاد ،األىميززة لمنشززر والتوزيززع ،الطبعززة،3
عمان ،0994 ،ص .03-02
-84لويس فيشر ،المرجع السابق،ص.40
-85لويس فيشر ،المرجع نفسو ،ص .77
-86لويس فيشر،المرجع نفسو ،ص.79
150
عدد -03جوان 2302 التواصل في العلوم اإلنسانية و االجتماعية
151