You are on page 1of 3

‫اللهم يا مغيث أغثني ‪َ :‬ف ِإِّن ي َق ِر يٌب ُأِجيُب َد ْع َو َة الَّد اِع ي ِإَذ ا َد َع اِني‬

‫الحمد هلل الذي نزل على عبده الفرقان ‪.......‬ليكون للعالمين نذيرًا‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ..‬إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا‪ ،‬وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪....‬صفه وخليله ‪...‬‬
‫بلغ الرسالة ‪...‬وأدى األمانة ‪.....‬‬
‫أرسله ربه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا‬
‫وداعيًا إلى هللا بإذنه وسراجًا منيرًا‪،‬‬
‫صلوات رب‪ ..‬وسالمه عليه‬
‫((َيا َأُّيَها اَّلِذيَن آَم ُنوا اَّت ُقوا َهَّللا َو ْلَت نُظ ْر َن ْف ٌس َّما َقَّدَم ْت ِلَغ ٍد‬
‫‪َ..‬و اَّت ُقوا َهَّللا‪ِ.‬إَّن َهَّللا َخ ِبيٌر ِبَما َت ْع َم ُلوَن ))‬
‫((َيا َأُّيَها اَّلِذيَن آَم ُنوا اَّت ُقوا َهَّللا َو ُقوُلوا َقْو ًال َسِديدًا {‪ُ }70‬يْص ِلْح َلُك ْم َأْع َماَلُك ْم َو َي ْغ ِفْر َلُك ْم ُذ ُنوَب ُك ْم َو َمن ُيِط ْع َهَّللا َو َر ُسوَلُه َفَقْد َف اَز َف ْو زًا َع ِظ يمًا))‬
‫فإن أصدق الحديث كتاب هللا ‪ ,‬وخير الهدى هدى محمد صلى هللا عليه وسلم وشر األمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة في النار‬
‫فحياكم هللا جميعا وطبتم وطاب ممشاكم ‪ ..‬وتبوأتم من الجنة منزال‬
‫عباَد هللا ‪ ..‬اتقوا هللا تعالى حق التقوى وراقبوه ‪ ،‬واعلموا أنه‬
‫َمْن يتق هللا يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ال يحتسب ‪..‬‬
‫ومن يتق هللا يجعل له من أمره يسرا‪..‬‬
‫فالتقوى ‪..‬هي العاصم من القواصم والمنجية من المهالك ‪..‬‬
‫عباد هللا‪ ..،‬اطلبوا الخير دهركم‪ ،‬وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم‪،‬‬
‫فإن هلل نفحات من رحمته‪ ...‬يصيب بها من يشاء‪..‬‬
‫فالدنيا ‪ ..‬ياعباد هللا‪..‬هي دار المصائب والبالء ‪...‬‬
‫تبارك الذي بيده الملك ‪...‬وهو على كل شيء قدير‬
‫فالدنيا يا عبد هللا ‪ ..‬إن أضحكتك يومًا ‪..‬أبكتك أياما‪..،‬‬
‫وإن سرتك يومًا ‪..‬ساءتك سنين وأعواما‪،‬‬
‫فالمؤمن فيها غريب‪ ...‬وليس منها بقريب‪،‬‬
‫إنها الدار المؤلمة ‪ ..‬إنها الدار المحزنة ‪..‬‬
‫يقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬ما في الدنيا إال كراكب ‪))..‬‬
‫عباد هللا‬
‫كم في الدنيا من عين باكية‪ ..‬وكم فيها من قلب حزين‪ ..‬وكم فيها من الضعفاء والمعدومين ‪ ..‬فإلى من يشكون؟ والى من يلجأ ون ؟‬
‫يا أصحاب الحاجات! ألم نقرأ في كتاب ربنا جل وعال قول الحق عز وجل‪َ( :‬فَأَخ ْذ َن اُه ْم ِباْلَب ْأَس اِء َو الَّضَّر اِء [األنعام‪ ]42:‬لماذا؟ َلَع َّلُهْم َي َت َضَّر ُعوَن [األنعام‪]42:‬؟! فأين‬
‫نحن من الشكوى والتضرع إلى هللا؟‬
‫(( َيا َأُّيَها الَّن اُس َأْنُتْم اْلُفَق َر اُء ِإَلى ِهَّللا َو ُهَّللا ُهَو اْلَغ ِنُّي اْلَح ِميُد ))‬
‫فجميع الخلق مفتقرون إلى هللا في كل شئونهم وأحوالهم‪..‬‬
‫فالفرار إلى هللا‪ ..‬واللجوء إليه في كل حال‪.. ،‬وفي كل كرب وهّم ‪.. ،‬‬
‫هو السبيل والنجاة‪...‬‬
‫فاهلل جل وعال أمرنا بالدعاء ‪..‬‬
‫قال تعالى‪َ (( :‬و َق اَل َر ُّب ُك ـْم ٱْد ُعوِنى َأْس َت ِجْب َلُك ْم ))‬
‫وقال جل وعال ‪َ : :‬و ِإَذ ا َس َأَلَك ِع َباِدي َع ّن ي َف ِإّن ي َق ِر يٌب ُأِجيُب َد ْع َو َة ٱلَّد اِع ِإَذ ا َد َع اِن [البقرة‪.]186:‬‬
‫وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي قال‪(( :‬إن هللا حيي كريم إذا رفع العبد إليه يديه يستحي أن يردهما صفرًا حتى يضع فيهما خيرًا))‬
‫عباد هللا‬
‫ما خاب َمْن دعاه ‪ ...‬و ال ندم َمْن سأله و رجاه‬
‫يجيُب دعوَة المضطر إذا دعاه ‪ ،‬ويكشُف الكرَب عَّمن ناجاه ‪،‬‬
‫يسمُع تضُّر ع المظلوم و شكواه ‪ ،‬ال يخفى عليه نداُء المنكوب إذا ناداه ‪،‬‬
‫عباد هللا ‪ ..‬ما ُقرعْت أبواُب السماء ‪ ..‬بمثِل مفاتيِح الدعاء‬
‫سبحانه وتعالى‪ ..‬يسمُع دبيَب النملِة السوداِء ‪ ،‬في الليلِة الظلماِء ‪،‬‬
‫على الصخرِة الصماِء‬
‫سبحانه وتعالى‪ ...‬أجاَب قومًا بنملٍة بعد أْن رفعْت يديها إلى السماء‬
‫لما خرَج سليماُن يستسقي بالناس ‪ ،‬و في طريقه مْن بيته للمصلى رأى نملًة رفعْت يديها ‪ ،‬تدعو رَّب الِع َّز ة ‪ ،‬تدعو الذي ُيعطي و يمنُح ‪ ،‬ويغيُث‬
‫قال سليماُن ‪ :‬أيها الناُس ‪ُ ،‬عودوا فقد ُك فيتم بدعاِء غيركم‬
‫فأخَذ الغيُث ينهمُر بدعاِء تلك النملة ‪...‬‬
‫فاهلل سبحانه وتعالى عنده خزائن كل شيء ‪ ((..‬وان من شيء‪))..‬‬
‫فاهلل جل وعال‪..‬مجيب الدعوات‪ ،‬ومقيل العثرات‪...‬‬
‫السامع لكل أنة والسامع لكل شكوى‪...‬‬
‫يا خالق األكوان! أنت المرتجى وإليك وحدك ترتقي صلواتي‬
‫يا أصحاب الحاجات! أيها المكروب والمظلوم! أيها المعسر والمهموم! أيها الفقير والمحروم! يا من يبحث عن السعادة‬
‫يا من ضاقت عليه األرض بما رحبت! لماذا ال نشكو إلى هللا أمرنا‪،‬‬
‫وهو القائل‪ :‬اْد ُعوِني َأْس َت ِجْب َلُك ْم [غافر‪]60:‬؟!‬
‫وهو القائل‪َ :‬فِإِّن ي َق ِر يٌب ُأِجيُب َدْع َو َة الَّداِع ي ِإَذ ا َد َع اِني‬
‫يا من ُبليت بمصيبة أو بالء! ارفع يديك إلى السماء‪،‬‬
‫وأكثر من الدمع والبكاء‪ ،..،‬وقل‪ :‬يا هللا (( امن يجيب المضطر‪))..‬‬
‫ال إله إال هللا ‪ ..‬إليه يصعُد الَك ِلُم الطيب ‪ ،‬و الدعاُء الخالص ‪،‬‬
‫يا أصحاب الحاجات ‪..‬‬
‫اقرعوا أبواَب السماء ‪ ،‬و ُجُّدوا بالدعاء ‪ ،‬فالدعاُء سالُح المؤمن ‪ ،‬وعماُد الدين ‪ ،‬و نوُر السمواِت و األرضيَن ‪ ،‬و ما ُقرعْت أبواُب السماء‪ ..‬بمثِل مفاتيح الدعاء‬
‫اقرعوا الباب ‪ ،‬و أكثروا القرَع و اإللحاَح ‪ ،‬فإنه يوشُك أْن يفتح لكم‬
‫جاء في حديث أبي الدرداء رضي هللا عنه قال) ‪ِ :‬جُّدوا بالدعاء فإنه َمْن ُيكثر قرَع الباب‪ ..‬يوَش ك أن ُيفتح له )‬

‫يا ربي حمدا ليس غيرك ُيحمد * يا َمْن له كل الخالئق تقصُد‬


‫أبواُب غيرك ربنا قد أوِص دْت * و رأيُت باَبك واسعا ال ُيوصُد‬
‫عبد هللا ‪..‬أمة هللا ‪...‬إذا استعنت فاستعن باهلل‪ ،‬وإذا سألت فاسأل هللا‪،‬‬
‫توكل على هللا وحده‪ ،‬وأعلن بصدق أنك عبده‪ ،‬واسجد هلل بخشوع‪،‬‬
‫وردد بصوت مسموع‪ :‬وقل يا هللا! (( امن يجيب المضطر‪))..‬‬
‫عباد هللا ‪..‬تعالوا بنا لنقلب صفحات من االبتالء والصبر‪..‬‬
‫لخير الخلق وأحب الناس إلى هللا‬
‫األنبياء والرسل عليهم السالم ‪ ....‬نزل بهم البالء واشتد بهم الكرب‪ ..،‬فماذا فعلوا؟! وإلى من لجأوا؟‬
‫فهذا نوح عليه السالم يشكو أمره إلى هللا‪ ..‬ويلجأ إلى مواله‪،‬‬
‫قال هللا تعالى‪َ :‬و َلَقْد َن اَد اَن ا ُنوٌح َفَلِنْع َم اْلُم ِجيُبوَن * [الصافات‪.]76-75:‬‬
‫كانت المناداة‪ ..‬وكانت المناجاة‪ ..‬فكانت اإلجابة من الرحمن الرحيم‪.‬‬
‫و قال هللا تعالى ‪َ :‬و ُنوحًا ِإْذ َن اَد ى ِمْن َق ْب ُل َف اْس َت َج ْب َن ا َلُه‪َ ...‬ف َن َّج ْي َن اُه َو َأْه َلُه ِمْن اْلَك ْر ِب اْلَع ِظ يِم وقال عّز من قائل‪َ :‬فَد َع ا َر َّب ُه َأِّن ي َم ْغ ُلوٌب َف اْنَت ِص ْر *‪...‬ما هي النتيجة ‪..‬‬
‫َفَفَت ْح َن ا َأْبَو اَب الَّسَماِء ِبَماٍء ُم ْن َه ِم ٍر‬
‫وهذا نبي هللا أيوب عليه السالم ‪..‬ابتاله ربه بالمرض‬
‫كان صابرا محتسبا ‪..‬أثنى ربنا جل وعال عليه ‪..‬‬
‫فقال عز من قائل ‪ِ :‬إَّن ا َو َج ْد َن اُه َصاِبرًا ِنْع َم اْلَع ْبُد ِإَّنُه َأَّو اٌب [ص‪.]44:‬‬
‫أواب‪ ،‬أي‪ :‬رجاع ‪..‬منيب إلى هللا ‪..‬‬
‫توجه أيوب عليه السالم إلى ربه بالشكوى؛ ليرفع عنه الضر والبلوى‪ .‬قال تعالى‪َ :‬و َأُّيوَب ِإْذ َن اَد ى َر َّب ُه َأِّن ي َمَّسِني الُّضُّر َو َأْنَت َأْر َح ُم الَّر اِحِميَن‬
‫فماذا كانت النتيجة؟‬
‫قال الحق عز وجل العليم البصير بعباده‪ ،‬الرحمن الرحيم‪:‬‬
‫َف اْس َت َج ْب َن ا َلُه َفَكَش ْف َن ا َما ِبِه ِمْن ُضٍّر ‪َ..‬و آَت ْي َن اُه َأْه َلُه َو ِم ْثَلُهْم َمَعُهْم ‪..‬‬
‫َر ْح َم ًة ِمْن ِع ْن ِد َن ا ‪َ ...‬و ِذ ْك َر ى ِلْلَع اِبِديَن [األنبياء‪.]84:‬‬
‫هذا نبي هللا ‪..‬يونس عليه السالم رفع الشكوة إلى هللا ‪..‬‬
‫فلم يناِد ولم يناِج إال هللا‪ ..،‬قال تعالى‪َ :‬و َذ ا الُّن وِن ِإْذ َذ َهَب ُم َغ اِض بًا َفَظ َّن َأْن َلْن َن ْق ِد َر َع َلْيِه‪َ ...‬ف َن اَد ى ِفي الُّظُلَم اِت َأْن ال ِإَلَه ِإَّال َأْنَت ُسْبَح اَنَك ِإِّن ي ُكنُت ِمْن الَّظ اِلِميَن‬
‫[األنبياء‪... ]87:‬‬
‫سمعِت المالئكُة صوَت ه فقالْت ‪ :‬صوٌت معروٌف ‪ ،‬مْن عبٍد معروٍف ‪..‬‬
‫ناداه في ظلماٍت ثالث ‪ :‬في ظلمة الليل ‪ ،‬و في ظلمة البحر ‪ ،‬و في ظلمة الحوت‬
‫فسبحان َمْن سمَع ه مْن قعر البحار ‪ ..‬و هو على عرشه واحٌد قهار‬
‫فماذا كانت النتيجة ؟‬
‫َف اْس َت َج ْب َن ا َلُه َو َن َّج ْي َن اُه ِمْن اْلَغ ِّم ‪َ ...‬و َك َذ ِلَك ُنْن ِجي اْلُم ْؤ ِمِنيَن [األنبياء‪.]88:‬‬
‫قال ابن كثير في تفسيره ‪َ :‬و َك َذ ِلَك ُنْن ِجي اْلُم ْؤ ِمِنيَن [األنبياء‪ ]88:‬أي‪ :‬إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا‪ ،‬والسيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البالء‪،‬‬
‫وأخرج الترمذي وأحمد عن سعد بن أبي وقاص رضي هللا تعالى عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت‪ (( :‬ال‬
‫ِإَلَه ِإَّال َأْنَت ُسْبَح اَنَك ِإِّن ي ُكنُت ِمْن الَّظ اِلِميَن ))[األنبياء‪ ]87:‬فإنه لم يدع بها رجٌل مسلم في شيء قط ‪ ..‬إال استجاب هللا له( )‬
‫عبد هللا ‪...‬أمة هللا ‪..‬أرفع راسك وقل‪ ..‬ال ِإَلَه ِإَّال َأْنَت ُسْبَح اَنَك ِإِّن ي ُكنُت ِمْن الَّظ اِلِميَن ‪..‬‬
‫يا من تشكون العقم وقلة األوالد ‪..‬‬
‫هذا نبي هللا ‪..‬زكريا عليه السالم‪ ..‬قال الحق عز وجل عنه‪َ :‬و َز َك ِر َّيا ِإْذ َن اَد ى َر َّب ُه َر ِّب ال َت َذ ْر ِني َف ْر دًا َو َأْنَت َخ ْيُر اْلَو اِر ِثيَن [األنبياء‪]89:‬‬
‫فماذا كانت النتيجة؟ َف اْس َت َج ْب َن ا َلُه ‪َ..‬و َو َهْب َن ا َلُه َيْح َيى ‪َ..‬و َأْص َلْح َن ا َلُه َز ْو َج ُه‬
‫لما‪ِ ..‬إَّن ُهْم َك اُنوا ُيَساِر ُعوَن ِفي اْلَخ ْيَر اِت َو َيْد ُعوَنَن ا َر َغ بًا َو َر َهبًا َو َك اُنوا َلَن ا َخ اِش ِعيَن [األنبياء‪.]90:‬‬
‫لماذا استجاب هللا دعاءهم؟ ألنهم كانوا يسارعون في الخيرات‪..‬‬
‫كانوا ال يملون الدعاء‪ ،‬كانت قلوبهم متصلة ومتعلقة باهلل؛ لذلك قال هللا عنهم‪َ :‬و َك اُنوا َلَن ا َخ اِش ِعيَن [األنبياء‪]90:‬‬
‫نعم يا عباد هللا‬
‫أن ال اعتماد إال على هللا‪ ،‬وأن ال فارج للهِّم وال كاشف للبلوى إال هللا‬
‫فطريق االستعالء ‪..‬هو النظر إلى السماء ‪..‬وقرع أبواب السماء وأن نلح بالدعاء ونقول يا هللا ‪..‬‬
‫قال أحدهم‪ :‬سبحان من استخرج الدعاء بالبالء‪،‬‬
‫وفي األثر أن هللا ابتلى عبدًا صالحًا من عباده‪،‬‬
‫وقال لمالئكته‪( :‬ألسمع صوته) يعني‪ :‬بالدعاء واإللحاح ‪.‬‬
‫عن عبادة بن الصامت رضي هللا تعالى عنه‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬ما على األرض مسلم يدعو هللا تعالى بدعوة إال آتاه هللا إياها‪ ،‬أو صرف عنه‬
‫من السوء مثلها‪ ،‬ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم‪ ،‬فقال رجل من القوم‪ :‬إذًا نكثر‪ ،‬قال‪ :‬هللا أكثر)‬
‫عباد هللا‬
‫كثير من الناس إذا وقع في شدة‪ ،‬عمد إلى الحرام‪ ،‬كمن يذهب إلى السحرة والكهان‪ ،‬أو يتعامل بالربا والحرام‪ ،‬فإذا ُنِص ح أو ُذ ِّك ر قال‪ :‬إنه مضطر‪،‬‬
‫أو كما يقول البعض‪ :‬ليس َمن رجُله في النار كمن رجله في الماء!‬
‫نذكرك يا عبد هللا بآية‪ ،‬إن هللا عز وجل يقول‪َ :‬أَّمْن ُيِجيُب اْلُمضَط َّر ِإَذ ا َد َع اُه َو َي ْك ِش ُف الُّسوَء [النمل‪]62:‬‬
‫وأنت يا عبد هللا ! تذكر أنك مضطر‪ ،‬والمضطر وعده هللا باإلجابة‪ ،‬حتى وإن كان فاسقًا‪،‬‬
‫جاء رجل إلى مالك بن دينار رحمه هللا فقال‪ :‬أنا أسألك باهلل أن تدعو لي فأنا مضطر‪ ،..‬فقال له‪ :‬فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه‪.‬‬
‫يقول ربنا جل وعال‪( :‬يؤمل غيري للشدائد‪ ،‬والشدائد بيدي‪،‬‬
‫وأنا الحي القيوم‪..،‬ويرجى غيري‪ ،‬ويطرق بابه بالبكرات‪...‬‬
‫وبيدي مفاتيح الخزائن‪... ،‬وبابي مفتوح لمن دعاني‪،‬‬
‫من ذا الذي أمّلني لنائبة فقطعت به؟‬
‫أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت رجاءه؟ ومن ذا الذي طرق بابي‬
‫فلم أفتحه له؟! أنا غاية اآلمال فكيف تنقطع اآلمال دوني؟!‬
‫عباد هللا ‪..‬يا أصحاب الحاجات ‪..‬‬
‫ينزل ربنا جل وعال ‪..‬نزول يليق بجالله في كل ليلة ‪ ..‬ينادي ‪..‬‬
‫العظيم الغني ملك الملوك ‪..‬ينادي‪ ..‬اسمع يا عبد هللا‬
‫هل من سائل فأعطيه؟ وهل من داع فأستجيب له؟‬
‫فأين المضطرون؟ أين أصحاب الحاجات؟! أين من وقع في الشدائد والكربات؟!‬
‫وكان بكر المزني رحمه هللا يقول‪ :‬من مثلك يا ابن آدم؟! متى شئت تطهرت ثم ناجيت ربك‪ ..،‬ليس بينك وبينه حجاب وال ترجمان‬
‫عبد هللا ‪..‬امة هللا‬
‫أليس فينا من بينه وبين هللا أسرار؟! أليس فينا أشعث أغبر لو أقسم على هللا ألبره؟! أليس فينا من يرفع يديه إلى هللا في ظلمة الليل‪ ،‬يسجد ويركع‪ ،‬ينتحب إلى هللا‪،‬‬
‫ويرفع الشكوى إلى هللا؟! فلنشُك إلى هللا‪..‬‬
‫الدعاء‪ ،‬هو السالح الذي يستدفع به البالء‪...،‬‬
‫سلمان الفارسي ‪ :‬إذا كان الرجل دعاًء في السراء‪ ،‬فنزلت به ضراء‪ ،‬فدعا هللا عز وجل قالت المالئكة‪ :‬صوت معروف‪ ،‬فشفعوا له‪ .‬وإذا كان ليس بدعاء في السراء‪،‬‬
‫فنزلت به ضراء فدعا هللا‪ ،‬قالت المالئكة‪ :‬صوت ليس بمعروف فال يشفعون له‪..‬‬
‫في الحديث‪ ....‬تعرف على هللا في الرخاء‪ ...‬يعرفك في الشدة ‪...‬‬
‫وإذا عرتك بلية فاصبر لها صبر الكريم فإنه بك أرحم‬
‫وإذا شكوت إلى ابن آدم إنمـا تشكو الرحيم إلى الذي ال يرحم‬
‫و قل ‪:‬يا هللا ‪.. ..‬يا أرحم الراحمين‬
‫يا إلَه العالمين ‪ ..‬يا أكرَم األكرمين ‪ ..‬أسألك مسألَة المسكين ‪،‬‬
‫وأبتهُل إليك ابتهاَل الخاضع الذليل ‪ ،‬وأسألك سؤاَل الخائف الضرير‬
‫سؤاَل َمْن خضعْت لك رقبُته ‪ ..‬و َر ِغ َم لك أنُفه‪ ،‬و فاضْت لك عيناه‬
‫ال إله إال هللا ‪..‬فربنا قريٌب ‪ ..‬يسمع و يجيب ‪ ،‬و يعطي البعيد و القريب ‪،‬‬
‫و يرزق العدَّو والحبيب‬
‫ال إله إال هللا‬
‫يا أرحم الراحمين فَمْن قالها ثالثا ‪ ،‬قال له الملك ‪ :‬إَّن أرحَم الراحمين قد أقبل عليك فاسأل …‬
‫إنه هللا ‪..‬الذي ال إله إال هو‬
‫أحسُن األسماء ‪ ،‬و أجمل الحروف ‪ ،‬و أصدق العبارات ‪ ،‬و أثمن الكلمات ‪ ،‬هل تعلم له سميا ‪...‬‬
‫هو هللا ربي ‪..‬ال إله إال هو‪..‬ال رب لي سواه ‪..‬‬
‫فامنن بجميل من الثناء المواتي‬ ‫أنت أهل الثناء والمجد **‬
‫يا محب الثناء والمدح إني ** من حيائي خواطري في شتاتي‬
‫هبة منك يا عظيم الهبات‬ ‫حمدنا وثنائنا ليس إال **‬
‫لو نظمنا قالئد من جمان ** ومعان خالبة بالمئات‬
‫لو برينا األشجار أقالم شكر ** بمداد من دجلة والفرات‬
‫لو نقشنا ثنائنا من دمانا ** أو بذلنا أرواحنا الغاليات‬
‫في صالة وألسن ذاكرات‬ ‫أو وصلنا نهارنا بدجانا **‬
‫أو قطعنا مفاوز من لهيب ** ومشينا بأرجل حافيات‬
‫أو بكينا دما وفاضت عيون ** بلهيب المدامع الحارقات‬
‫هللا و في صحيح الحاكم مْن حديث أنس أَّن النبي صلى هللا عليه و سلم قال ‪ :‬ال تعجزوا في الدعاء فإنه ال يهلك مع الدعاء أحد ‪.‬‬
‫عبد هللا‬
‫ليكن قلبك مطمئنًا بالفرج من هللا تبارك وتعالى‪،‬‬
‫فمن اتقى هللا جعل له من كل هٍم فرجا ومن كل ضيٍق مخرجا‪.‬‬
‫اللهم يا سابغ النعم! ويا دافع النقم! ويا فارج الغمم! ويا كاشف الظلم!‬
‫يا من ال تراه العيون‪.. ،‬وال تخالطه الظنون‪ ،‬وال يصفه الواصفون‪،‬‬
‫وال تغيره الحوادث وال الدهور‪ ،‬يعلم مثاقيل الجبال‪ ،‬ومكاييل البحار‪ ،‬وعدد قطر األمطار‪ ،‬وعدد ورق األشجار‪ ،‬وعدد ما يظلم عليه ليل ويشرق عليه نهار!‬
‫اللهم! إنا نسألك إيمانًا ثابتًا‪ ،‬ويقينًا صادقًا‪،‬‬
‫اللهم يا كاشف كل ضر وبلية! ويا عالم كل سر وخفية! نسألك فرجًا قريبًا للمسلمين‪ ،‬وصبرًا جميًال للمستضعفين‪.‬‬
‫بارك هللا لي ولكم ‪...........‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الحمُد ِهلل الذي أنشَأ وَبَر ا‪ ...،‬وخلَق الماَء والَّث رى‪... ،‬وأْبَد َع كَّل َش ْي ء وَذ َر ا‪،‬‬
‫وال َيْع ُز ُب عن علمه مثقاُل ذرٍة في األرض وَال في الَّسماء‪،‬‬
‫حبيب الطائعين‪ ....،‬ومالذ الهاربين‪ ،....‬وملجأ الملتجيئن‪ ،.....‬وأمان الخائفين‪،....‬‬
‫وأشهد أن نبينا محمدا عبد هللا ورسوله ‪..‬صلوات ربي وسالمه عليه ‪..‬‬
‫ذكَر ابُن أبي الدنيا في كتاب المجابين في الدعاء عن الحسن رحمه هللا‬
‫قال‪ :‬كان رجٌل مْن أصحاب النبي صلى هللا عليه و سلم من األنصار ُيكنى بأبي معلق و كان تاجرا ‪.. ،‬و كاَن ناسكًا ورعًا ‪ ،‬فخرج مرة فلقَيه لٌّص ‪ ،‬مقنع بالسالح ‪..‬‬
‫قال له ذلك اللص ‪ :‬ضع ما معك فإني قاتلك ‪ .‬قال ‪ :‬ما تريد من دمي ؟ خذ المال ‪ .‬قال ‪ :‬أما المال فهو لي ‪ ،‬و ال أريد إال دمك ‪.‬‬
‫قال له أبا معلق‪ :‬إذًا اتركني أصلي قال له اللص‪ :‬صّل ما بدا لك‬
‫يقول ‪ :‬ثم صلى أربع ركعات ‪ ،‬فكاَن مْن دعائه في آخر سجوده أنه قال ‪ :‬يا ودود ‪ ،‬يا ودود ‪ ،‬يا فَّع ال لما تريد ‪ ،‬أسألك بِع ّز ك الذي ال يرام ‪ ،‬و بملكك الذي ال يضام ‪،‬‬
‫و بنورك الذي مأل أركان عرشك أْن تكفَيني شَّر هذا اللّص ‪ ،‬يا مغيث أغثني ‪ ،‬يا مغيث أغثني ‪ ،‬يا مغيث أغثني ‪.‬‬
‫ما هي النتيجة ؟‬
‫فإذا هو بفارٍس قد أقبَل بيده حربٌة قد وضَع ها بين أذني فرسه ‪ ،‬فلما بصَر به اللُّص أقبَل نحوه ‪ ،‬فطعَن ه ‪ ،‬فقتله ‪ ،‬ثم أقبل إلَّي قال لي ‪ :‬قم‬
‫فيقول ‪ :‬قمُت‬
‫فقلُت ‪َ :‬مْن أنت بأبي و أمي ‪ ،‬فقد أغاثني هللا بك اليوم‬
‫فقال ‪ :‬أنا ملك من أهل السماء الرابعة ‪..‬‬
‫يقول أنا ملك من أهل السماء الرابعة‬
‫دعوَت بدعائك األول فُسمعت ألبواب السماء قعقعة‬
‫ال إله إال هللا ‪ ..‬ثم دعوَت بدعائك الثاني فُس ِم َع ْت ألهل السماء ضَّج ة ‪..‬ثم دعوَت بدعائك الثالث فقيل لي ‪ :‬دعاُء مكروٍب ‪ ،‬فسألُت هللا أْن يوليني قتله‬
‫اسمعوا يا أهل الحاجات ‪ ..‬اسمع يا مكروب ‪ ..‬يا مهموم ‪..‬‬
‫اسمع يا مظلوم‬
‫قال الحسن ‪ :‬فَمْن توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء اسُتجيَب له مكروبًا كان أو غير مكروب ‪.‬‬
‫صبرًا جميًال ما أسرع الفرجـا من َصَد َق هللا في األمور نجا‬
‫من خشي هللا لم ينله أذى ومن رجا هللا كان حيث رجا‬
‫هذا وصلوا وسلموا –على البشير النذير ‪ ,‬والسراج المنير‬
‫كما أمركم بذلك اللطيف الخبير ‪,‬‬
‫فقال عز من قائل ‪:‬‬
‫((ِإَّن َهَّللا َو َم اَل ِئَكَتُه ُيَص ُّلوَن َع َلى الَّن ِبِّي َيا َأُّيَها اَّلِذيَن آَم ُنوا َص ُّلوا َع َلْي ِه َو َس ِّلُموا َت ْس ِليمًا))‬

You might also like