You are on page 1of 5

‫اإلنسان مشكلة‪ ..

‬ألنه يولد بمفرده‪ ،‬ويموت بمفرده‪ ،‬ولكنه ال يحيا إال‬


‫مع اآلخرين ولآلخرين وباآلخرين"‬
‫اإلنسان مشكلة‪ ..‬ألنه يولد بمفرده‪ ،‬ويموت بمفرده‪ ،‬ولكنه ال يحيا إال مع اآلخرين‬
‫ولآلخرين وباآلخرين"‬

‫يف ضوء هذه المقولة ‪ ...‬وضح مفهوم األخالق االجتماعية واألخالق الكونية مع‬
‫عرض وجهة نظرك‪.‬‬

‫تعب عن حقيقة اإلنسان وحاجته إىل اآلخرين يف حياته‪ .‬من الممكن‬


‫هذه مقولة جميلة وعميقة ر‬
‫أن نفرس هذه المقولة بالقول أن اإلنسان ال يستطيع أن يعيش يف عزلة عن المجتمع‪ ،‬وأنه يحتاج‬
‫إىل التواصل والتعاون والتضامن مع ر‬
‫البرس اآلخرين‪ ،‬وأنه يتأثر بسلوكهم وآرائهم ومشاعرهم‪ ،‬وأنه‬

‫يؤثر فيهم بدوره‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن اإلنسان مطالب بأن يحسن أخالقه ويتحىل بالفضائل ي‬
‫الت تجعله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الت تفسد عالقته باآلخرين وتزعزع استقرار‬
‫عضوا نافعا يف المجتمع‪ ،‬وأن يتجنب الرذائل ي‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫والت‬
‫مفهوم األخالق االجتماعية واألخالق الكونية‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫وف هذا السياق‪ ،‬يمكن أن نتحدث عن‬ ‫ي‬
‫تشكالن جانبي متكاملي من األخالق اإلنسانية‪.‬‬

‫❖ األخالق االجتماعية‬
‫ه تلك الت تنظم سلوك اإلنسان ف تعامله مع غبه من ر‬
‫البرس‪ ،‬وتحدد حقوقه وواجباته‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تجاههم‪ ،‬وتضبط عالقاته مع أفراد المجتمع والجماعات المختلفة‪ .‬فاألخالق‬
‫ً‬
‫والصب‪،‬‬
‫ر‬ ‫االجتماعية تشمل مثال‪ :‬الصدق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬ر‬
‫والب‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والعدل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫زك نفس اإلنسان وتصلح مجتمعه‪.‬‬ ‫الت ت ي‬
‫وغبها من المبادئ ي‬
‫فه ُت ر ئ‬
‫نش حضارة فاعلة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫واألخالق االجتماعية لها أهمية كببة يف بناء المجتمع‬
‫ُ‬
‫تستند إىل قيم الحب واإليثار واألخوة بي أفراده‪ .‬كما تزيد قوة المجتمع ومناعته ضد‬
‫ُ‬
‫التفكك والباع‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬تحقق سعادة األفراد بتحقيق حقوقهم وإشباع‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫يتماش مع المعايب األساسية لحسن الخلق‪.‬‬ ‫حاجاتهم‪ .‬وتضبط سلوك األفراد بما‬
‫ُ‬
‫كذلك‪ ،‬تسهم يف نهضة الشعوب بسيادة األمن والعدل بي أفراده ومؤسساته‪.‬‬
‫ولكن لألسف‪ ،‬نالحظ أن األخالق االجتماعية يف عرصنا قد انخفض مستواها بشكل‬
‫ر‬
‫فالرسكات‬ ‫ف خلق التعاون بي األفراد والجماعات يف المجتمع‪.‬‬ ‫ملحوظ‪ ،‬فقد ُضع َ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫والنقابات والجمعيات الخبية ال تنجح إال قليال‪ .‬كما أن األحزاب السياسية ال تتعاون‬
‫ثبا من الناس يضعف شعوره باالنتماء إىل المجتمع‪،‬‬ ‫حت ف األزمات الحرجة‪ .‬بل إن ك ً‬
‫ي‬
‫ويغلب عىل نظره مصلحته الشخصية عىل مصلحة المجتمع‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فإن هناك حاجة ماسة إىل تربية األفراد عىل األخالق االجتماعية منذ صغرهم‪،‬‬
‫وإبراز دور المؤسسات الببوية والدينية يف غرس هذه األخالق يف نفوسهم‪ .‬كذلك يجب‬
‫الت تزيد من التضامن واالنسجام بي أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫والبامج التوعوية ي‬
‫تشجيع التطوع ر‬
‫ويجب أن يكون األفراد قدوة حسنة يف أخالقهم االجتماعية‪ ،‬وأن يتحملوا مسؤولياتهم‬
‫تجاه مجتمعهم‪ ،‬وأن يسعوا إىل تحقيق الخب للجميع‪.‬‬

‫❖ األخالق الكونية‬
‫ه تلك الت تنظم سلوك اإلنسان ف تعامله مع كل ما هو خارج نطاق ر‬
‫البرسية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ً:‬‬
‫كالحيوانات‪ ،‬والنباتات‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والكون بأرسه‪ .‬فاألخالق الكونية تشمل مثال التوحيد‪،‬‬
‫واإليمان‪ ،‬والشكر‪ ،‬والخشوع‪ ،‬واالستغفار‪ ،‬واالحبام لخلق هللا‪ ،‬والحفاظ عىل الموارد‬
‫ُ‬
‫الت تربط بي اإلنسان وبارئه‪.‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬وغبها من المبادئ ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فه تعرفه بربه وتقربه منه‪ .‬كما‬‫واألخالق الكونية لها أهمية عظيمة يف حياة اإلنسان‪ ،‬ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫زك نفسه وتطهر قلبه‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬تحسن عالقته بالكون المحيط به‪ ،‬وتجنبه‬ ‫ت ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الطبيع يف البيئة‪ ،‬وتساعد‬
‫ي‬ ‫التعدي عىل حقوق المخلوقات‪ .‬كذلك‪ ،‬تحافظ عىل التوازن‬
‫عىل استدامة الحياة عىل األرض‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن لألسف أيضا‪ ،‬نالحظ أن األخالق الكونية يف عرصنا قد انتكست بشكل خطب‪ ،‬فقد‬
‫فأرسكوا باهلل غبه من المخلوقات‪ .‬كما أن ً‬
‫كثبا‬ ‫ف خلق التوحيد بي كثب من الناس‪ ،‬ر‬ ‫ُضع َ‬
‫ِ‬
‫من الناس نسوا شكر نعم هللا عليهم‪ ،‬وتجاهلوا ذكره وطاعته‪ .‬بل إن ً‬
‫كثبا من الناس‬
‫ازدادوا ر ً‬
‫جبا وغطرسة يف األرض‪ ،‬فظلموا خلق هللا من حيوانات ونباتات‪ .‬كذلك‪ ،‬ازداد‬
‫التلوث يف البيئة بسبب استغالل الموارد الطبيعية بشكل جائر‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فإن هناك حاجة ماسة إىل تربية األفراد عىل األخالق الكونية منذ صغرهم‪،‬‬
‫وإبراز دور المؤسسات الببوية والدينية يف غرس هذه األخالق يف نفوسهم‪ .‬كذلك يجب‬
‫الت تزيد من اإلدراك بحقوق المخلوقات والحفاظ‬ ‫ُّ‬
‫والبامج التوعوية ي‬
‫تشجيع التطوع ر‬
‫عىل البيئة‪ .‬ويجب أن يكون األفراد قدوة حسنة يف أخالقهم الكونية‪ ،‬وأن يتحملوا‬
‫مسؤولياتهم تجاه رب هم وأن يسعوا إىل تحقيق الخب للجميع‪.‬‬

‫الت نسبت إىل جان بول سارتر‪" :‬اإلنسان مشكلة‪ ..‬ألنه يولد بمفرده‪،‬‬
‫يف ضوء هذه المقولة ي‬
‫ويموت بمفرده‪ ،‬لكنه ال يحيا إال مع اآلخرين ولآلخرين وباآلخرين"‪ ،‬يمكن أن نستخلص‬
‫كالتاىل‪:‬‬
‫ي‬ ‫المعان‬
‫ي‬ ‫بعض‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬أن اإلنسان كائن اجتماع بطبعه‪ ،‬يحتاج إىل التفاعل مع غبه من ر‬
‫البرس إلشباع‬ ‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫حاجاته المادية والروحية‪ ،‬وال يستطيع أن يعيش يف عزلة عن المجتمع‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬أن اإلنسان كائن مسؤول عن سلوكه‪ ،‬يحاسب عىل أفعاله يف حياته وبعد مماته‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتبأ من نتائج قراراته عىل نفسه أو عىل غبه‪.‬‬
‫وال يستطيع أن ر‬
‫ً‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬أن اإلنسان كائن فاعل يف تاريخه‪ ،‬يساهم يف بناء حضارته وتطوير مجتمعه‪ ،‬وال‬
‫يستطيع أن يكون مجرد متفرج أو متلق عىل ما يحدث حوله‪.‬‬

‫❖ وجهة نظري‬
‫ه أن األخالق االجتماعية واألخالق الكونية ال يمكن أن تفصل عن‬
‫يف هذا الموضوع ي‬
‫بعضها‪ ،‬بل هما جزءان ال يتجزأن من شخصية اإلنسان المؤمن‪ .‬فال يصح أن يكون إنسان‬
‫ئ‬
‫وست مع خلقه‪ ،‬أو بالعكس‪ .‬بل يجب أن يكون إنسان مبن ومتكامل‬ ‫صالح مع خالقه‬
‫يف أخالقه مع هللا ومع عباده‪ ،‬وأن يستوعب أن كل سلوك له يف هذه الحياة له عواقبه‬

‫يف اآلخرة‪ ،‬وأن هللا سبحانه وتعاىل يحاسبه عىل كل ما يفعل‪ .‬فاألخالق ي‬
‫ه مرآة تعكس‬
‫وه مقياس لدرجة تقواه وتقربه من هللا‪.‬‬
‫حقيقة اإليمان يف قلب اإلنسان‪ ،‬ي‬
‫المراجع‪:‬‬

‫• محمود كيشانة‪" ،‬األخالق الكونية‪ :‬قراءة يف كتاب \"المشبك بي األديان والفلسفة\"‬


‫سبتمب‬
‫ر‬ ‫لمحمد عثمان الخشت"‪ ،‬مؤسسة مؤمنون بال حدود للدراسات واألبحاث‪7 ،‬‬
‫‪. 2022‬‬
‫‪https://www.mominoun.com/articles/%D8%A7%D9%84%D8%A3‬‬
‫‪%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9--‬‬
‫‪%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83-‬‬
‫‪%D8%A8%D9%8A%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8‬‬
‫‪%A9--%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B4%D8%AA-8263‬‬
‫• الشيخ‪ ،‬ع‪ .)2010( .‬فلسفة األخالق والرؤية الكونية‪ .‬مجلة البحوث اإلسالمية‪،‬‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/363163 .28-9 ،)1(14‬‬
‫اإلسالم واألخالق‪ .)2019( .‬األخالق الكونية‪.‬‬ ‫ر‬
‫الترسي ع‬ ‫• مركز دراسات‬
‫ي‬
‫‪https://www.cilecenter.org/ar/tags/alakhlaq-alkwnyt‬‬

You might also like