You are on page 1of 148

‫ثقافة‬

‫عامة‬
‫شاملة‬
‫‪1‬‬
‫التكافل والتعاون االجتماعي‬ ‫‪.1‬‬
‫يعيش اإلنسان في ظل مجتمع كبير يتكون من العديد من األفراد الذين تجمع بينهم عالقات‬
‫متنوعة‪ ،‬حيث ال يستطيع اإلنسان العيش بمعزل عن الناس‪ ،‬وقد أمر هللا سبحانه وتعالى‬
‫اإلنسان أن يعين غيره ممن يتعرضون لمشكالت وأزمات في حياتهم فيما يُعرف بالتكافل‪،‬‬
‫فليس من الطبيعي أن يستطيع شخص ما أال يقدم المساعدة وأن يتأخر عنها‪ ،‬فهذا يعني انعدام‬
‫اإلحساس بآالم الناس‪ ،‬وهو ما نهى عنه الدين‪ ،‬لهذا يعد التكافل االجتماعي من السلوكيات‬
‫الحضارية التي يقوم بها اإلنسان في حياته والتي تعكس التربية العظيمة واألصيلة التي تلقاها‪.‬‬
‫أهمية التكافل والتعاون االجتماعي‬
‫أن‪َ ( :‬مث ُل المؤمنين في توا ِدّهم وترا ُح ِمهم وتعا ُ‬
‫ط ِفهم‪َ ،‬مث ُل‬ ‫جاء في الحديث النبوي الشريف ّ‬
‫َّهر وال ُح َّمى) [صحيح]‪ ،‬وليس أبلغ‬ ‫سائر الجس ِد بالس ِ‬
‫ُ‬ ‫عى له‬‫عضو‪ ،‬تدا َ‬
‫ٌ‬ ‫الجسدِ‪ .‬إذا اشت َكى منه‬
‫من تشبيه كهذا‪ ،‬فللتعاون والتكافل في المجتمع العديد من اآلثار التي تعود على المجتمع‬
‫باإليجابيات والخير‪ ،‬وهو ما سنوضحه في هذا المقال‪.‬‬
‫آثار التكافل والتعاون االجتماعي‬
‫قوة المجتمع واستحالة تفككه وانهياره‪ ،‬حيث يحس اإلنسان بأخيه اإلنسان‪.‬‬ ‫▪‬
‫انعدام العوز والحاجة والفقر‪ ،‬فالغني يعطي الفقير وتقضى الحوائج دون الشعور بالذل‬ ‫▪‬
‫واإلهانة‪.‬‬
‫تبادل الخبرات‪ ،‬حيث يعتبر التعاون فعالً جماعيا ً يشمل العديد من األشخاص‪ .‬توفير‬ ‫▪‬
‫الوقت وتنظيمه وتوفير الجهد‪.‬‬
‫النجاح والتفوق والوصول إلى المراتب العليا‪.‬‬ ‫▪‬
‫توطيد المحبة والمشاعر الجميلة في النفوس‪ .‬نيل رضا هللا سبحانه وتعالى وبالتالي‬ ‫▪‬
‫الشعور بالراحة النفسية والسعادة والطمأنينة‪.‬‬
‫تخفيف األعباء‪.‬‬ ‫▪‬
‫رفع الظلم عن الناس المستضعفين والمظلومين‪.‬‬ ‫▪‬
‫إتقان العمل‪.‬‬ ‫▪‬
‫أشكال التكافل والتعاون االجتماعي‬
‫تنظيف الشوارع في األحياء السكنية من خالل االستفادة من طاقات الشباب والصغار‪.‬‬ ‫▪‬
‫تصليح التالف من األغراض للجيران‪.‬‬ ‫▪‬
‫تقديم كسوة العيد للمحتاجين سواء كانت جديدة ً أم مستعملة بحال ٍة جيدةٍ جداً‪.‬‬ ‫▪‬
‫مساعدة اآلخرين سواء كانوا أقرباء أم جيران بالمال عند تعرضهم لمشكالت مادية‬ ‫▪‬
‫كبيرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫قضاء الديون عن الناس المحتاجين دون علمهم‪ ،‬فمن فرج كربة أخيه فرج هللا كربه‬ ‫▪‬
‫كلها يوم القيامة‪ ،‬وهو يوم شديد األهوال‪ ،‬يكون اإلنسان فيه أحوج ما يكون للمساعدة‬
‫والخالص‪.‬‬
‫مساعدة الطالب الضعفاء على التعلم في المواد الدراسية لتحسين أدائهم المدرسي‬ ‫▪‬
‫وذلك بمساعدة األشخاص المختصين واألساتذة‪.‬‬
‫زراعة األشجار في األحياء السكنية لتجميل المنظر العام للقرى والمدن من خالل‬ ‫▪‬
‫تعاون الشباب والصغار النشيطين‪.‬‬
‫زيارة المرضى وقضاء حوائجهم‪ ،‬والوقوف معهم حتى يتمكنوا من الشفاء والتمتع‬ ‫▪‬
‫بالصحة من جديد‪.‬‬
‫مساعدة كبار السن على قطع الشارع من خالل اإلمساك بأيديهم أو دعوة السيارات‬ ‫▪‬
‫للوقوف لتسهيل مرورهم‪.‬‬
‫تقديم النصائح المفيدة لآلخرين بهدف تحقيق النفع والمصلحة ال بهدف التنظير عليهم‬ ‫▪‬
‫والتسبب لهم باإلحراج‪.‬‬
‫مؤسسة الوسيط‬ ‫‪.2‬‬
‫جاء الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬مصنفا لمؤسسة الوسيط ضمن هيئات حماية حقوق اإلنسان‬
‫و النهوض بها‪ ،‬حيث عرفها الفصل ‪ 162‬على أنها مؤسسة وطنية مستقلة و متخصصة‪،‬‬
‫مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العالقات بين اإلدارة و المرتفقين‪ ،‬و اإلسهام في ترسيخ‬
‫سيادة القانون‪ ،‬و إشاعة مبادئ العدل و اإلنصاف‪ ،‬و قيم التخليق و الشفافية في تدبير اإلدارات‬
‫و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية و الهيئات التي تمارس صالحيات السلطة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫و تم إحداث مؤسسة الوسيط بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.25‬الصادر في ‪ 12‬من‬
‫ربيع اآلخر ‪ 17 ( 1432‬مارس ‪ )2011‬؛ حيث حلت هذه المؤسسة محل ديوان المظالم‬
‫الذي ظل لسنوات عدة نبراسا للدفاع عن حقوق المواطنين في مواجهة رجال السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫و قد جاء الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.25‬في مستهله ببيان األسباب الموجبة إلحداث هذه‬
‫المؤسسة‪ ،‬و التي نجد من بينها أن إحاللها محل ديوان المظالم هو بهدف تحديث هذا األخير‪،‬‬
‫من خالل ترسيخ عمله كمؤسسة وطنية مستقلة و متخصصة تحمل اسم "الوسيط"‪ ،‬و توطيدا‬
‫لما حققه من مكتسبات و تأهيال له للنهوض بمهام موسعة و هيكلة جديدة‪ ،‬لمواكبة اإلصالح‬
‫المؤسسي العميق الذي تعرفه بالدنا‪ ،‬ولالنسجام مع المعايير الدولية‪.‬‬
‫كما أوضح الظهير أن إحداث مؤسسة الوسيط جاء لتحقيق التكامل المنشود بين الدور الذي‬
‫يقوم به المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬في نطاق االختصاصات الموكولة إليه‪ ،‬و بين‬
‫المهام المسندة إلى هذه المؤسسة الوطنية الجديدة‪ ،‬من أجل حماية حقوق اإلنسان في إطار‬
‫العالقة القائمة بين اإلدارة و المرتفقين‪ .‬و في هذا الصدد نصت المادة الرابعة من الظهير رقم‬
‫‪ – 1.11.25‬اآلنف الذكر – على أن الوسيط يعد عضوا بحكم القانون في المجلس الوطني‬
‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أما فيما يتعلق بنطاق اختصاصها‪ ،‬فقد حددته المادة األولى من نفس الظهير؛ حيث نصت على‬
‫أن المؤسسة تتولى‪ ،‬في نطاق العالقة بين اإلدارة و المرتفقين‪ ،‬مهمة الدفاع عن الحقوق‪ ،‬و‬
‫اإلسهام في ترسيخ سيادة القانون‪ ،‬و إشاعة مبادئ العدل و اإلنصاف و العمل على نشر قيم‬
‫التخليق و الشفافية في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬و السهر على تنمية تواصل فعال بين‬
‫األشخاص‪ ،‬ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬مغاربة أو أجانب‪ ،‬فرادى أو جماعات‪ ،‬و بين اإلدارات‬
‫العمومية و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية و الهيئات األخرى الخاضعة للمراقبة‬
‫المالية للدولة‪.‬‬
‫في حين جاء الباب الثاني من نفس الظهير ليتناول بالتفصيل االختصاصات الموكولة إلى هذه‬
‫المؤسسة‪ ،‬و التي تشمل كل من‪:‬‬

‫النظر في تصرفات اإلدارة المخالفة للقانون أو المنافية لمبادئ العدل و اإلنصاف؛‬ ‫•‬

‫تلقي الشكايات و التظلمات و معالجتها و إجراء األبحاث و التحريات في شأنها؛‬ ‫•‬

‫الوساطة و التوفيق بين اإلدارة و المرتفقين‪.‬‬ ‫•‬

‫و يتولى الوسيط تنفيذ االختصاصات اآلنفة مستعينا بثالث مندوبين خاصين تتجلى مهامهم‬
‫األساسية في تيسير الولوج إلى المعلومات اإلدارية‪ ،‬و تتبع تبسيط المساطر اإلدارية و ولوج‬
‫الخدمات العمومية‪ ،‬ثم تتبع تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪ .‬كما يساعد‬
‫الوسيط في أداء مهامه مندوبون جهويون تابعون له يدعون " الوسطاء الجهويون"‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى مندوبين محليين‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬تحدد وضعيتهم و كيفيات تعيينهم و اختصاصاتهم في‬
‫النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬
‫و باإلطالع على الدور الذي خوله المشرع لمؤسسة الوسيط فيما يخص عالقتها باإلدارة و‬
‫التي نظمها الباب الرابع من نفس الظهير‪ ،‬نجد بأن المشرع قد ارتقى بدور هذه المؤسسة‬
‫ليجعل منها فاعال رئيسيا في تحقيق وترسيخ مبادئ الحكامة اإلدارية و كذا تدعيم قيم الشفافية‬
‫و تخليق اإلدارة؛ حيث أكسب هذه المؤسسة صالحيات موسعة خاصة فيما يتعلق بتتبع عمل‬
‫اإلدارة في مجال الشكايات و التظلمات و حملها على اتخاذ حلول بشأن الشكايات المطروحة‬
‫من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى فإنه يعمل على تبليغ المشتكي أو المتظلم بمآل شكايته و بموقف‬
‫اإلدارة و كل اإلجراءات و التدابير التي اتخذتها إزاء الشكاية أو التظلم‪ ،‬أو يبلغه بالتوصية‬
‫التي يصدرها و التي تتضمن الحلول التي يقترحها إلنصاف المشتكي أو المتظلم‪ .‬كما عمل‬
‫المشرع على تعزيز القوة االقتراحية لمؤسسة الوسيط وذلك بهدف تحسين أداء اإلدارة و‬
‫الرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها‪.‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادر في ‪ 27‬من شعبان ‪29 (1432‬‬
‫يوليو ‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪( 1432‬‬
‫‪ 30‬يوليو ‪)2011‬‬

‫‪4‬‬
‫المرأة و التنمية‬ ‫‪.3‬‬
‫مفهوم التنمية‬
‫يعرف تقرير األمم المتحدة للتنمية البشرية لعام ‪ 1997‬التنمية بأنها عملية زيادة الخيارات‬
‫المطروحة على الناس ومستوى ما يحققونه من رخاء‪ ،‬وهذه الخيارات ليست نهائية أو ثابتة‪.‬‬
‫وبغض النظر عن التنمية فإن عناصرها األساسية الثالثة تشمل القدرة على العيش حياة طويلة‬
‫وفي صحة جيدة‪ ،‬واكتساب المعرفة‪ ،‬والتمتع بفرص الحصول على الموارد الالزمة لعيش‬
‫حياة الئقة‪ .‬وال تقف التنمية عند هذا الحد‪ ،‬فالناس أيضا ً يقدرون جيدا ً الحرية السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية وإتاحة الفرص أمامهم لإلبداع واإلنتاج‪.‬‬
‫مفهوم تنمية المجتمع‬
‫عرفت األمم المتحدة تنمية المجتمع بأنها العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين‬
‫ّ‬
‫والحكومة لتحسين األحوال االقتصادية واالجتماعية والثقافية في المجتمعات ولمساعدتها على‬
‫االندماج في المجتمع والمساهمة في تقدمه بأقصى قدر مستطاع‪.‬‬
‫مفهوم الدور‬
‫الدور هو مجموعة من الصفات والتوقعات المحددة اجتماعيا ً والمرتبطة بمكانة معينة‪ .‬والدور‬
‫له أهمية اجتماعية ألنه يوضح أن أنشطة األفراد محكومة اجتماعياً‪ ،‬وتتبع نماذج سلوكية‬
‫محددة‪ ،‬فالمرأة في أسرتها تشغل مكانة اجتماعية معينة‪ ،‬ويتوقع منها القيام بمجموعة من‬
‫األنماط السلوكية تمثل الدور المطلوب منها‪.‬‬

‫وبالنسبة للمرأة فالدور المعياري لها كامرأة وزوجة وأم‪ ،‬أي الدور الذي يتوقعه منها‬
‫المجتمع وينتظر منها القيام به‪ ،‬يتفق اتفاقا ً كبيرا ً مع دورها الفعلي إن لم يتطابق معه‪.‬‬
‫مفهوم الدور االجتماعي‬
‫هو األنشطة التي تقوم بها المرأة في نطاق أسرتها وخاصة ما يتعلق بتربية أبنائها وعالقة‬
‫أسرتها بغيرها من األسر األخرى خالل عملية نشاطها اليومي واالجتماعي‪.‬‬
‫مفهوم الدور الثقافي‬
‫هو قدرة المرأة على تقييم ما تتلقاه من معارف ومعلومات من وسائل اإلعالم المختلفة بما‬
‫يدعم دورها في معايشة قضايا العصر واالنفتاح على العالم الخارجي‪ .‬ويلعب التعليم دورا ً‬
‫هاما ً في هذا المجال حيث أنه كلما نالت المرأة قسطا ً أكبر من التعليم كلما كانت أكثر فهما ً‬
‫وإدراكا ً ومقاومة لإليحاءات والتأثيرات السلبية التي قد ينقلها االتصال بالعالم الخارجي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫واقع دور المرأة في تنمية المجتمع‬
‫على الرغم من وجود تباين في البنى األساسية االقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬إال أن الدين اإلسالمي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان‪.‬‬

‫ولما كان الدين اإلسالمى أكثر تقدما ً من أي دين آخر بالنسبة لمشاركة المرأة في المجتمع‪،‬‬
‫ألنه أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع‪ ،‬فالقرآن والحديث والتفسير‬
‫واالجتهادات المختلفة تعطي المرأة مكانة خاصة تُترجم عمليا ً إلى أعراف تشريعية تملي‬
‫عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أماً‪ ،‬فإننا نفترض وجود تطابق إلى حد‬
‫ما في األوضاع في هذه البلدان‪ ،‬ولذلك تم اختيار بعض دول العالم اإلسالمي كعينة مختارة‬
‫ممثلة لباقي الدول لنتعرف على أدوار المرأة في تنمية هذه المجتمعات‪.‬‬

‫وحين ننظر إلى الدور الذي تقوم به المرأة في التنمية‪ ،‬ال بد أن ننظر إليه في إطار التنمية‬
‫الشاملة بكل أبعادها االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية‪ ،‬وفي إطار التنمية المستهدفة‬
‫القائمة على األصالة والتجديد الحضاري‪ .‬و تجزئة الدور في هذا الفصل إلى عدة أدوار هو‬
‫بغرض التوضيح‪ ،‬وتفسير إلى أي مدى تستطيع المرأة أن تشارك وتساهم بفعالية في التنمية‪،‬‬
‫وما العوامل التي تؤثر في معدالت إسهام المرأة في التنمية في ظل المتغيرات والتطورات‬
‫التي طرأت على هذه المجتمعات ؟ وما العوامل التي تواجه المرأةللقيام بهذه األدوار وتعوق‬
‫اندماجها والتزامها بالمشاركة الحضارية الكاملة في صناعة الحياة بكل أبعادها بدءا ً من حقها‬
‫الطبيعى في حرية الحركة واالنتقال‪ ،‬إلى ذروة التأثير في صنع القرار واإلسهام في تحديد‬
‫المسار‪.‬‬
‫الدور االجتماعي والثقافي‬
‫نظرة اإلسالم لمكانة المرأة االجتماعية‬

‫لما كان اإلسالم هو دين الغالبية العظمى من سكان دول العالم اإلسالمي‪ ،‬وأحد العوامل‬
‫الكبرى في حركة الحضارة العربية اإلسالمية ماضيا ً وحاضرا ً ومستقبالً‪ ،‬فإن األمر يقتضي‬
‫أن نركز على مكانة المرأة االجتماعية في اإلسالم‪ ،‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن اإلسالم قد ساوى‬
‫بين الرجل والمرأة في الكرامة اإلنسانية واستخلفهما معا ً لعمران الكون‪ ،‬كما نهى القرآن عن‬
‫كراهية البنت‪ ،‬وحرم وأدها‪ ،‬كما كان متبعا ً في الجاهلية‪.‬‬

‫إن القرآن الكريم قد ساوى بين الرجال والنساء في الواجبات الدينية وفي المسؤولية وفي‬
‫الثواب والعقاب‪ ،‬حيث ذكر في محكم آياته ‪ { :‬وأن ليس لإلنسان إال ما سعى وأن سعيه سوف‬
‫يرى ثم يجزاه الجزاء األوفى } (سورة النجم‪ ،‬اآليات ‪ ..)39-41‬واإلنسان هنا يشمل كالّ من‬
‫الذكور واإلناث بطبيعة الحال‪.‬‬

‫كما أكدت السنة النبوية على المساواة في معاملة الذكور‪ ،‬فالحديث الشريف يقرر >ساووا بين‬
‫أوالدكم فى العطية فلو كنت مفضالً أحدا ً لفضلت النساء<‪ .‬والمساواة في العطاء تمتد من‬
‫تربية األطفال ورعايتهم إلى إتاحة الفرص المتكافئة لهم نموا ً وعمالً ومشاركة من خالل ما‬

‫‪6‬‬
‫يتمتعون به من حقوق وما يتحملونه من مسؤوليات‪ ،‬ويقرر الرسول‪ #‬هذه المساواة بين الذكر‬
‫واألنثى بنصيحته للنساء الالئي جئن لمبايعته يوم فتح مكة ‪> :‬من كانت له أنثى فلم يئدها ولم‬
‫يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله هللا الجنة‪<.‬‬

‫أعطت الشريعة اإلسالمية المرأة حرية االختيار والقرار وحق التعرف على من يريد أن‬
‫يتزوجها‪ ،‬ومع أن اإلسالم قد استهجن الطالق وجعله أبغض الحالل‪ ،‬إال أنه لم يقصر الحق‬
‫فيه على الرجل‪ ،‬كما يجري الفهم القائم على تقاليد وأعراف اجتماعية‪ ،‬وهكذا فإن المساواة‬
‫كاملة في انعقاد الزواج وفي تفريقه بين المرأة والرجل‪.‬‬

‫والخالصة أن اإلسالم يرسي قاعدة مكينة لمكانة المرأة بالنسبة لكرامتها ولمساواتها بالرجل‬
‫ولحقها في المشاركة الفعلية العريضة في شؤون الحياة‪ ،‬كما فعلت كثير من فضليات النساء‬
‫في كثير من حقب التاريخ‪.‬‬
‫مساهمة المرأة في التنمية االجتماعية والثقافية‬

‫يرجع اهتمامنا بالدور االجتماعي والثقافي للمرأة إلى إيماننا بالبيئة التي يعيش فيها الطفل في‬
‫السنوات األولى من عمره‪ ،‬وعلى نموه مستقبالً‪ ،‬فالمرأة تلعب دورا ً رئيسا ً في تنمية الموارد‬
‫البشرية الصغيرة‪ ،‬فاألسرة هي المؤسسة التربوية األولى لتربية الطفل وتنشئته‪ ،‬فيها يوضع‬
‫حجر األساس التربوي حيث يكون الطفل عجينة طيعة يتقبل التوجيه ويتعوده ويلتقط ما يدور‬
‫حوله من صور وعادات وتقاليد وثقافة البيئة التي يعيش فيها‪ ،‬وفيها أيضا ً يتعلم مبادئ الحياة‬
‫االجتماعية والمعارف والعادات الصحية السليمة‪.‬‬

‫ورعاية المرأة ألبنائها تبدأ قبل ميالدهم‪ ،‬وذلك من خالل اختيارها التغذية السليمة المتكاملة‬
‫التي تفيد صحتها أثناء الحمل والرضاعة‪ ،‬وذلك وقاية وحماية لألطفال‪ ،‬حتى ال يتعرضون‬
‫في هذه المرحلة إلى تأخر النمو أو قلة الحيوية ونقص المناعة‪ ،‬وزيادة القابلية لألمراض‬
‫المعدية‪ ،‬ليعيشوا رجاالً أصحاء أقوياء‪.‬‬

‫وتنمي المرأة طاقات أبنائها عن طريق إشراكهم في ممارسة الرياضة‪ ،‬وكذلك تنميةالوعي‬
‫الفكري والثقافي لديهم‪ ،‬وتوعيتهم دينيا ً وسياسيا ً حتى ال يقعوا فريسة لموجات التطرف‪،‬‬
‫وترسخ فيهم القيم والسلوك والعادات اإلسالمية المطلوبة‪ ،‬وهذه التنمية والتربية تقوم على‬
‫أساس المساواة بين الذكور واإلناث‪ ،‬فكل ما يتلقاه الطفل من عناية ورعاية وتنمية في السنوات‬
‫األولى من عمره يشكل أقصى حد ما سيكون عليه عند بلوغه‪ .‬ودور المرأة ال ينحصر في‬
‫ذلك فقط بل يتعداه إلى ما تقوم به من أعمال االقتصاد المنزلي الخاصة بترتيب المنزل‬
‫وتنظيفه‪ ،‬وتصنيع الغذاء‪ ،‬وتوزيع دخل األسرة على بنود اإلنفاق المنزلي‪ ،‬كما أنها في بعض‬
‫األحيان تتحمل المسؤولية كاملة في حالة غياب الزوج أو وفاته‪ ،‬هذا باإلضافة إلى عملها‬
‫خارج المنزل‪.‬‬

‫وتعتمد درجة إسهامات المرأة اال جتماعية والثقافية على مدى الخدمات المقدمة من‬
‫المجتمع التي تساعدها على القيام بهذه األدوار‪ ،‬وتتمثل في منشآت للخدمات االجتماعية‬
‫كالوحدات االجتماعية‪ ،‬ودور الحضانة‪ ،‬ومراكز التدريب والتكوين المهني‪ ،‬ومكاتب التوجيه‬

‫‪7‬‬
‫واالستشارات األسرية‪ ،‬ومراكز الخدمات الصحية المتمثلة في المستشفيات العامة ومستشفيات‬
‫الوالدة‪ ،‬ومراكز رع اية الطفولة واألمومة‪ ،‬والمستوصفات‪ ،‬ومراكز تنظيم األسرة‪ ،‬ومنشآت‬
‫الخدمات الثقافية التي تمثلت في وسائل اإلعالم‪ ،‬والمكتبات‪ ،‬واألندية الرياضية واالجتماعية‪.‬‬

‫وليست المرأة في حاجة إلى الخدمات فقط‪ ،‬ولكنها في حاجة أيضا ً إلى إعدادها اإلعداد الجيد‬
‫وتمكينها من القيام بكل هذه اإلسهامات‪ ،‬فإذا كان المجتمع يريد االستفادة من مساهمة النساء‬
‫كاملة في التنمية‪ ،‬فعليه أن يساعدهن على أداء دورهن باإلعداد واإلجراءات التي تساعدهن‬
‫على تحمل مسؤوليتهن‪ ،‬ويتضمن هذا اإلعداد إلمامهن بالمعلومات الكافية في النواحي الصحية‬
‫والثقافية والبيئية‪ ،‬كما يتضمن هذا اإلعداد تنمية مهاراتهن على استخدام هذه المعلومات في‬
‫كل نواحي الحياة‪ ،‬وتدعيم اتجاهاتهن‪ ،‬وإيمانهن بأهمية دورهن في تنمية مجتمعهن وتنمية‬
‫الوعي الثقافي لديهن لتتعرفن على ما يدور حولهن في العالم المحلي والخارجي‪ ،‬ولتعرفن‬
‫حقوقهن وواجباتهن‪ ،‬وهذا ال يتأتى إال عن طريق المزيد من الخدمات التعليمية والبرامج‬
‫الثقافية المقدمة للمرأة‪.‬‬

‫تطور األوضاع االجتماعية والثقافية للمرأة في بلدان العالم اإلسالمي ‪:‬‬

‫منذ العقد العالمي للمرأة (‪ ،)1985-1975‬بدأت الحكومات تهتم بأوضاع المرأة في كافة‬
‫المجاالت وتعمل على تحسينها‪ ،‬وتمكين المرأة من المشاركة الفعالة في جميع مجاالت الحياة‪،‬‬
‫واستهدفت العقود الماضية في معظم البلدان اإلسالمية التوسع في نطاق الخدمات االجتماعية‬
‫ومرافق البنية األساسية وتوسيع نطاق التماسك االجتماعي والمزيد من التحسينات في كافة‬
‫جوانب الرفاه االجتماعي‪.‬‬

‫وبذلت الحكومات المركزية في معظم هذه البلدان جهودا ً كبيرة لتوسيع نطاق حصول جميع‬
‫األطفال على خدمات التعليم األساسي‪ ،‬كما وسعت في الوقت نفسه فرص الحصول عليه‬
‫بالمجان لجميع األطفال‪ ،‬وعملت على رفع مستوى تعليم البنات إليمان هذه المجتمعات أن‬
‫تعليم البنات هو االستثمار الوحيد األكثر فاعلية سواء عملت المرأة خارج البيت أم لم تعمل‪،‬‬
‫فهو يعود بمجموعة من المنافع اإليجابية على أفراد األسرة وتحسين أوضاعها الصحية‬
‫والغذائية‪ ،‬وتحسين فترات الحمل والوالدة‪ ،‬وتخفيض معدالت وفيات األطفال وإصابتهم‬
‫باألمراض‪ ،‬باإلضافة إلى تحسين مستوى تعليم األطفال‪ ،‬ويؤكد هذا تقرير التنمية البشرية‬
‫لعام ‪ ،2000‬فهو يركز على الصحة والتغذية والتعليم ال لقيمتهما فحسب‪ ،‬بل أيضا ً لتأثيراتها‬
‫اإليجابية المباشرة وغير المباشرة على رأس المال البشري واإلنتاجية والقدرة على المشاركة‬
‫والتفاعل االجتماعي‪ .‬ولنتأمل تأثيرات التعليم‪ ،‬فالعنف المنزلي ال يتأثر بعدد سنوات الزواج‬
‫أو عمر المرأة وترتيبات المعيشة أو تعليم الزوج‪ ،‬وإنما تتأثر بتعليم المرأة‪ ،‬فقد لوحظ في‬
‫الهند إذا كانت المرأة قد نالت تعليما ً ثانويا ً فإن معدل حدوث هذا العنف ينخفض بأكثر من‬
‫الثلثين‪.‬‬

‫ولقد حققت البلدان النامية ومعظمها من دول العالم اإلسالمي الكثير فيما يتعلق بالغذاء والصحة‬
‫والتعليم‪ ،‬ففي الفترة من عام ‪ 1980‬إلى عام ‪ 1999‬انخفضت نسبة سوء التغذية ونسبة‬
‫األطفال ناقصي الوزن من ‪ %37‬إلى ‪ ،%27‬وخالل الفترة نفسها انخفض معدل الوفيات‬

‫‪8‬‬
‫بين األطفال بأكثر من ‪ ،%50‬فبعد أن كانت ‪ 168‬حالة لكل ألف مولود أصبحت ‪ 93‬حالة‪.‬‬
‫وخالل الفترة من ‪ 1970‬إلى عام ‪ 1999‬زادت نسبة من يحصلون على مياه صالحة للشرب‬
‫في المناطق الريفية في العالم النامي أكثر من أربع مرات‪ ،‬إذ ارتفعت من ‪ %13‬إلى ‪.%71‬‬

‫واهتمت مصر بصحة المرأة وتبنت مفهوم الصحة اإلنجابية‪ ،‬وكان هذا بناء على توصيات‬
‫المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة ‪ 1994‬الذي نص على أن مبادئ المساواة بين‬
‫الجنسين‪ ،‬وحق المرأة في الصحة اإلنجابية حيويان للتنمية البشرية‪.‬‬

‫ويعني مفهوم الصحة اإلنجابية تقديم الخدمات التي تحتاجها المرأة بين فترات الحمل‬
‫والوالدة‪ ،‬مع االهتمام بالصحة النفسية واالجتماعية للمرأة‪ ،‬وهذا المفهوم يتجاوز مرحلة العمر‬
‫اإلنجابي ويبدأ بالطفولة ويستمر إلى المراهقة والشباب والنضج وحتى بعد انقطاع الدورة‬
‫الشهرية للمرأة‪ ،‬وبذلك أصبحت المرأة في مصر هدفا ً لمجموعة من المساعدات والخدمات‬
‫الصحية والنفسية واالجتماعية في فترات عمرها المختلفة وأثناء الحمل والوالدة وما بينهما‪،‬‬
‫وانعكس هذا الوضع على تونس أيضا ً فهي من بلدان شمال أفريقيا بالغة االهتمام بالنهوض‬
‫بالمرأة‪ .‬وتجاوبت إيران مع قضايا العصر ووافقت على تنفيذ برامج واسعة لتحديد النسل في‬
‫سبيل بناء دولة عصرية‪ ،‬وفرضت على كل المقبلين على الزواج من الجنسين ابتداء من عام‬
‫‪ 1994‬ضرورة االنتظام في محاضرات ودروس تنظيم األسرة قبل الزواج‪ ،‬وأصدرت فتوى‬
‫تبيح تنظيم األسرة وتعقيم النساء والرجال للحد من النسل‪ ،‬وحدّت من الزواج المبكر للفتيات‪.‬‬

‫وبالنسبة للخدمات التعليمية‪ ،‬فقد انخفضت األمية في الدول النامية بحوالي النصف‪ ،‬حيث زاد‬
‫معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين بمقدار النصف ‪ :‬من ‪ %48‬في عام ‪ 1970‬إلى‬
‫‪ %72‬عام ‪ ،1998‬وزادت نسبة القيد الصافية في المرحلتين االبتدائية والثانوية معا ً من‬
‫‪ %50‬عام ‪ 1970‬إلى ‪ %72‬عام ‪.1998‬‬

‫وفي مصر ارتفعت نسبة القيد الصافي للصف األول االبتدائي من ‪ %75.12‬عــام‬
‫‪ 1993/92‬إلى ‪ %86.81‬عام ‪ ،1999/98‬وكانت نسبة القيد لإلناث ‪ %45.7‬عــــام‬
‫‪ ،1993/92‬وارتفعت إلى ‪ %48‬لعام ‪ ،1999/98‬أي أن نسبة الملتحقات من اإلناث‬
‫بالصف األول تقترب من نسبة تمثيل اإلناث في المجتمع المصري ‪ %49‬تقريبا ً حسب‬
‫إحصاء عام ‪.1996‬‬

‫وهذا يعد أحد المؤشرات الهامة الدالة على تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية وأن قضية النوع‬
‫في التعليم أوشكت على االنتهاء‪.‬‬

‫أما بالنسبة لإلناث البالغات‪ ،‬فقد انخفضت األمية بينهن من ‪ %61.8‬عام ‪ 1986‬إلى‬
‫‪ %43.4‬عام ‪.1999‬‬

‫وفي عام ‪ 1998‬كانت إيران واحدة من ‪ 10‬دول في العالم تخلصت من الفجوة الخطيرة في‬
‫الفرق بين تعليم األوالد والبنات‪ ،‬ووجدت ‪ %95‬من البنات أماكن لهن في المدارس االبتدائية‬

‫‪9‬‬
‫واإلعدادية‪ ،‬وبلغت نسبة طالبات الجامعة حوالي ‪ %40‬من حجم الطلبة في التعليم العالي‪،‬‬
‫واقتصرت ‪ %30‬من الكليات على البنات فقط(‪.)18‬‬

‫وتـشير أيـضا ً إحـدى الـدراسات عـن تنظـيم األسـرة وسلطة المرأة في المجـتمع الحضـري‬
‫بالمـملكة العربية السـعودية إلـى أن المـرأة فـي المجتمعات العـربية تتمـتع بسلـطة غيـر‬
‫رسـمية‪ ،‬وأنها تمـ ـارس سيطرة قوية على قرارات أقاربها األقـربين بالنسـبة لشـؤون الزواج‪،‬‬
‫وقد عزز هذه السلطة غير الرسمية للمرأة في األسـر موضع الدراسـة‪ ،‬سـفرها المـتكرر‬
‫للخارج‪ ،‬وإقامتها الطويلة بعيدا ً عن الوطن ودراسة أبنائها بالمدارس األجنبية‪ .‬أما الكويت‬
‫فتمثل مكانة الصدارة بي ن بلدان الخليج فيما يتعلق بالحرية والمكانة االجتماعية التي تتمتع بها‬
‫المرأة‪.‬‬

‫أما المرأة فى منطقة شمال إفريقيا (تونس والجزائر والمغرب) فقد اكتسبت قدرا ً من السلطة‬
‫داخل إطار األسرة‪ ،‬وذلك نتيجة لدخول المرأة مجال العمل خارج البيت‪ ،‬والستقاللها‬
‫االقتصادي‪ ،‬وقد أسفر هذا عن تغير في األوضاع االجتماعية والثقافية للنساء‪ ،‬وتمثل ذلك في‬
‫اختيارهن للزوج‪ ،‬وارتفاع سن الزواج‪ ،‬وتحديد حجم األسرة‪.‬‬

‫وابتداء من عام ‪ 1994‬تصاعدت ضغوط الحركة النسائية في إيران لتغيير قوانين العمل‬
‫وحضانة األطفال‪ .‬وارتفع مستوى الوعي الثقافي للمرأة في البلدان اإلسالمية‪ ،‬وذلك استنادا ً‬
‫إلى التطورات والتغيرات التي طرأت على العالم بصفة عامة ‪،‬والعالم اإلسالمي بصفة خاصة‪،‬‬
‫من تطور تكنولوجي واتساع نطاق االتصال بين الناس‪ ،‬وتحسين سبل النقل والمواصالت‪،‬‬
‫كل ذلك مهد إلحداث تغير في ثقافات المرأة التي كانت تنصب على العادات والتقاليد‪ .‬فارتبط‬
‫مستوى الوعي الثقافي بالتعليم‪ ،‬حيث إن المرأة كلما نالت قسطا ً أكبر من التعليم‪ ،‬كانت أكثر‬
‫قدرة على فهم وإدراك ما تبث لها وسائل االعالم‪ ،‬وأكثر وعيا ً بحقوقها التي شرعتها لها‬
‫الدولة‪ ،‬وكذلك كانت أكثر وعيا ً بما يدور في عالمها المحلي والعالمي من تغيرات وتحوالت‪.‬‬

‫ولقد وثقت دراسات كثيرة الصالت السببية بين الغذاء والتغذية واإلسكان والصرف الصحي‬
‫والرعاية الصحية والتعليم‪ ،‬فعلى سبيل المثال تقلل الصحة الجيدة االحتياجات إلى الغذاء‪،‬‬
‫وتزيد استخدامه الفعال في التغذية‪ ،‬كما أن التحصيل التعليمي األعلى يكون له أثر تكميلي‬
‫مماثل على التغذية‪ ،‬ويتضح من مجموعة كبيرة من األدلة‪ ،‬أن ارتفاع مستوى تثقيف األمهات‬
‫يحسن الوضع الغذائي لألطفال‪ ،‬ويتبين من دراسة أجريت في جنوب آسيا‪ ،‬أن معدل نقص‬
‫التغذية يقل بما يصل إلى ‪ %20‬بين أطفال النساء الالتي لم يتجاوز تعليمهن المرحلة االبتدائية‬
‫مقارنة بأطفال األمهات األميات(‪.)19‬‬

‫وفي هذا المجال أيضا ً هناك مجموعة من العوامل تساعد في تنمية الوعي الثقافي لدى المرأة‪،‬‬
‫وتتحد هذه العوامل مع المتغيرات االقتصادية واالجتماعية التي تتمثل في ارتفاع مستويات‬
‫الدخل‪ ،‬وتنوع المهن واألنشطة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫كما تلعب وسائل االتصال واإلعالم ومدى اقتنائها‪ ،‬دورا ً هاما ً في زيادة انفتاح المرأة على‬
‫ثقافات جديدة وفي سرعة تدفق المعلومات والمعارف‬

‫‪10‬‬
‫ونستخلص أن المرأة المسلمة واسعة الثقافة هي التي تسعى إلى إحداث التغيرات في‬
‫أوضاع المرأة المسلمة‪ ،‬وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق‪ ،‬بعد تزايد مشاركة المرأة في‬
‫مختلف ميادين الحياة‪ ،‬وعملها خارج المنزل‪ ،‬باإلضافة إلى ارتفاع مستواها االجتماعي‬
‫وبروزها في عالم األعمال يشكالن واحدا ً من أبرز وأهم القوى العاملة في إحداث التغيير‪.‬‬

‫الماء و البيئة‬ ‫‪.4‬‬


‫الماء سر وجود األحياء‪ ،‬وهو األساس فيما يحدث على األرض من أنشطة تؤدي إلى سعادة‬
‫اإلنسان‪ ،‬أو تؤدي إلى شقائه‪ ،‬فالمكان الذي يوجد فيه الماء تزدهر فيه الحياة‪ ،‬والمكان الذي‬
‫ينعدم فيه الماء تنعدم فيه مظاهر الحياة واألحياء‪ ،‬وقد وضح الخالق ‪ -‬عز وجل ‪ -‬أهمية الماء‬
‫ي ٍ أَفَالَ يُؤْ ِمنُ ْو َن»‬
‫آء ُك َّل شَيءٍ َح ّ‬
‫لحياة الكائنات على وجه األرض في قوله تعالى « َو َجعَلنَا ِمنَ ال َم ِ‬
‫(سورة األنبياء‪ ،‬اآلية‪ ،)30‬وهنا تأكيد من الخالق ‪ -‬عز وجل ‪ -‬بأن الماء سر من أسرار الحياة‬
‫لكافة الكائنات‪ ،‬وهذا ما أثبته علم الخلية «أن الماء هو المكون الهام في تركيب مادة الخلية‬
‫الحية؛ إذ يكون نحو ‪ %90‬من أجسام األحياء الدينا ونحو ‪ %70‬من أجسام األحياء الراقية‬
‫بم ا في ذلك اإلنسان‪ ،‬وأن خاليا الجسم بدون الماء ال يمكن أن تحصل على الغذاء أو تطرد‬
‫الفضالت خارج الجسم‪.‬‬
‫فالماء عصب الحياة وأساس بقاء الكائنات والمخلوقات على وجه األرض‪ ،‬وقد شاءت‬
‫إرادة هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬أن يكون الماء كالهواء وفرة ورخصا ً في كثير من بقاع األرض‪،‬‬
‫وفي أماكن أخرى جعله عزيز المنال فادح الثمن‪ ،‬ولكن بعض الخبراء يعتقدون بأن الماء‬
‫العذب لو وزع بالتساوي بين سكان العالم لكان ذلك كافيا ً من الناحية النظرية‪ ،‬إال أن معظم‬
‫الماء العذب يأخذ طريقه إلى البحر دون االستفادة منه‪ ،‬كما أن كثيرا ً منه يناله التلوث بمختلف‬
‫أشكاله مما يجعل االستفادة منه محدودة‪ ،‬وحيث تؤكد الدراسات أن «تلوث ‪ %10‬من األنهار‬
‫المنتشرة في أنحاء العالم والتقاط المحيطات ‪ 6.5‬ماليين طن من النفايات سنويا ً» األمر الذي‬
‫يهدد البيئة المائية ويخل بأساسها المتوازن الذي وضعه الخالق ‪ -‬عز وجل‪ -‬ونتناول عبر‬
‫السطور القادمة مشكلة تلوث المياه وخطره على الوجود اإلنساني ثم نوضح األسس والمبادئ‬
‫التي وضعها ديننا اإلسالمي من أجل الحفاظ على هذه النعمة الغالية‪.‬‬
‫أهمية الماء في حياتنا‬
‫❖ الماء يتكون من جزيئات قطبيّة‪ ،‬ذرتين من عنصر الهيدروجين وذرة من عنصر‬
‫األوكسحين‪ ،‬تفيد خاصيّة القطبيّة للماء في قدرة الماء على إذابة العديد من الموادّ فيه‪.‬‬
‫❖ يلعب الماء دور كبير في المحافظة على درجة الحرارة‪ ،‬سواء المحافظة على توازن‬
‫حرارة جسم اإلنسان أو توازن حرارة في الجو فوق اليابسة و في داخل البيئة المائيّة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫❖ يدخل الماء في تكوين الخاليا في أجسام الكائنات الحيّة‪ .‬يساعد الماء في نقل المواد المذابة‬
‫من مكان إلى مكان آخر في داخل الخلية الواحدة في أجسام الكائنات الحية‪ ،‬وبين الخاليا‬
‫جميعها‪.‬‬
‫❖ يساعد الماء في تكاثر بعض النباتات مثل السرخسيات والحزازيات‪ ،‬والضفادع‪.‬‬
‫❖ يلعب الماء دورا ً أساسيّا ً في المحافظة على انتصاب النباتات العشبيّة‪.‬‬
‫ي في حياة‬ ‫ي وأساس ّ‬‫❖ يعتبر الماء بيئة ضرورية لحياة الكائنات البحرية‪ .‬الماء ضرور ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬حيث إنّنا نحتاج للماء في المحافظة على نظافتنا الشخصية ونظافة البيئة التي‬
‫نعيش فيها‪.‬‬

‫تعريف تلوث الماء‬


‫ويعرف العلماء تلوث الماء بأنه «التغير في الصفات الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية بما‬
‫يؤثر سلبا ً على حياة الكائنات التي تعيش في هذا الماء أو الكائنات المستخدمة للماء» ويتضح‬
‫لنا من خالل هذا التعريف أن أنواع التلوث المائي يمكن تقسيمها إلى ثالثة أنواع رئيسية هي‪:‬‬
‫‪ -‬التلوث الطبيعي‪ :‬وهو الذي يغير أهم الخواص الفيزيائية للماء من ( الحرارة ‪ -‬اللون‬
‫الطعم – العكورة ‪ -‬الرائحة)‬
‫‪ -‬التلوث الكيميائي‪ :‬وهو الذي يكون نتيجة اختالط الماء بمواد كيميائية خطيرة مثل (مركبات‬
‫الرصاص أو الزئبق أو المبيدات الحشرية)‪.‬‬
‫‪ -‬التلوث الحيوي والبيولوجي‪ :‬وهو يعني وجود ميكروبات مسببة لألمراض بالمياه أو‬
‫طفليات كالبلهارسيا أو جود أحياء نباتية كالطحالب بكميات كبيرة تتسبب في تغير طبيعة‬
‫الحياة ونوعيتها‪ ،‬وتؤثر في سالمة استخدامها‪.‬‬
‫ملوثات المياه‪:‬‬
‫ونعرض فيما يلي أهم المواد التي تؤدي إلى تلوث المياه وتسبب أضرار باالستعماالت المقررة‬
‫للمياه‪ ،‬ويمكن لنا أن نوجز أهم هذه الملوثات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الفضالت العضوية‬
‫ومصدرها المخلفات المنزلية والفضالت الصناعية ذات المنشأ الحيواني والنباتي‪ ،‬وإذا‬
‫كانت الفضالت المنزلية تمثل الكم األكبر؛ فإن فضالت الصناعة أصبحت في ازدياد خاصة‬
‫أمام تزايد منشآت الصناعة الغذائية وصناعة الورق والتي تصرف في مجاري المياه كميات‬
‫كبيرة من األجزاء النباتية والحيوانية مما يؤدي إلى تفكك هذه الفضالت العضوية بفعل‬
‫الجراثيم إلى استهالك جانب مهم من أكسجين المياه مما يؤثر على األسماك واألحياء المائية‬
‫ويوفر مناخا ً للتلوث اإلنتاجي‪.‬‬
‫‪ -‬الجراثيم والفيروسات‬

‫‪12‬‬
‫وتدخل الجراثيم والفيروسات وسائر األحياء المهجرية إلى الماء مع القاذورات المنزلية‬
‫أو مع الفضالت الصناعية والسيما بقايا الذبح والجلود مما يسبب تكاثر الجراثيم كالكوليرا‬
‫والتيفود فضالً عن الفيروسات التي تحدث االلتهابات المعدية مما يسبب مشكلةً صحيةً خطيرة ً‬
‫لإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬الكيماويات العضوية‬
‫مثل مبيدات الحشرات والكيماويات الصناعية وخاصةً المستعملة في التنظيف المنزلي‪،‬‬
‫وليس بخافٍ في هذا المجال أثر مادة ‪ DDT‬التي تستعمل لمكافحة اآلفات وذلك على تلويث‬
‫المياه واألخطار الناجمة على استعمالها‪.‬‬
‫‪ -‬الكيماويات الالعضوية‬
‫ومصدرها المواد المعدنية الناتجة من مواد التعدين والتصنيع والتي تصرف مختلف أنواع‬
‫األحماض كجزء من الفضالت الصناعية وهو ما يحدث أسوأ األثر في األحياء المائية‬
‫مباشر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مباشر أو غير‬
‫ٍ‬ ‫واألسماك والطيور ثم تصل أخيرا ً إلى اإلنسان بأسلوب‬
‫‪ -‬األسمدة‬
‫والتي تستعمل كمخصبات نباتي ِة تنشط نمو النبات غير أنها تلوث الماء بما تنتجه من‬
‫نتروجين فسفوري تصبه في الماء وصعوبة هذا النوع من الملوثات أن معالجة الماء‬
‫البيولوجية للتخلص منها غير مجدية بما يؤدي إلى إكثار للنباتات المائية مما يولد مشاكل‬
‫أخرى من استهالكها ألوكسجين الماء وجعل طعم الماء غير مستساغ وغير مقبول الرائحة‪.‬‬
‫‪ -‬المواد المشعة‬
‫والتي تصدر من صناعات الطاقة النووية والمفاعالت النووية التي تعمل في مجال‬
‫غبار ذري ناتج عن‬
‫ٍ‬ ‫الصناعة أو التشخيص الطبي‪ ،‬وكذلك ما يسقط على األرض من‬
‫التفجيرات النووية‪.‬‬
‫‪ -‬الماء الساخن‬
‫ومصدره نواتج عمليات التبريد الصناعية الذي يستعمل في محطات توليد الكهرباء‬
‫وتكرير النفط والصناعات البترو كيميائية والتي تعيد المياه المستعملة وقد ارتفعت حرارتها‬
‫إلى البحيرات أو المجاري المائية وهو ما يؤدي إلى نقصان ذوبان األوكسجين في الماء مما‬
‫يضعف األسماك واألحياء المائية ويزيد من التفاعالت المائية المستهلكة لألوكسجين‪.‬‬
‫‪ -‬النفط‬
‫وينساب من السفن إما بإهمال من المسؤولين عنها أو نتيجة لحوادث الناقالت أو نتيجة‬
‫لعمليات البحث عن البترول تحت مياه البحار ويقدر «أن مليونا ً ونصف مليون طن من النفط‬
‫تنصرف إلى المحيطات كل عام مما يحدث تخريبا ً لألحياء المائية وإفساد الغذاء واألسماك‬

‫‪13‬‬
‫والذي يترتب عليه نقص في تكاثرها مما يؤثر في موارد األشخاص الذين يعتمدون على‬
‫األسماك في غذائهم»‬

‫الصيد بأعالي البحار‬ ‫‪.5‬‬

‫أعالي البحار أو المياه الدولية هي مناطق المحيطات التي تقع خارج سلطة أي دولة‪ .‬وتبدأ‬
‫بشكل عام بعد ‪ 200‬ميل بحري (يساوي الميل البحري حوالي ‪ 1.9‬كلم)‪ ،‬من سواحل‬
‫الدول المتاخمة للمحيطات‪ .‬أما مناطق المحيطات التي تمارس الدول سلطتها عليها‪،‬‬
‫فتسمى المياه اإلقليمية‪.‬‬
‫في القانون الدولي‪ ،‬تعتبر أعالي البحار مفتوحة أمام أي دولة للصيد ‪،‬والسفر ‪،‬والبحث‪.‬‬
‫وجميع الدول لها حقوق متساوية في أعالي البحار‪ ،‬ويجب أن تحترم كل منها حقوق الدُّول‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ويسمح القانون الدولي أثناء الحرب‪ ،‬للدول المحايدة‪ ،‬أن تواصل التجارة مع الدول األخرى‬
‫المحايدة‪ ،‬ومع الدول المتحاربة‪ .‬ومع ذلك ففي مثل هذه األوقات‪ ،‬يفترض أالّ تنقل سفن‬
‫الدول المحايدة التّجارة المحظورة في الحرب‪( ،‬البضائع غير القانونية)‪ ،‬وتقرر الدول‬
‫المتحاربة‪ ،‬المواد التي تعتبرها مهربات حرب‪.‬‬
‫وهناك جدل طويل بين الدول‪ ،‬حول قانون البحر‪ .‬فبين عامي ‪ 1986‬و‪1982‬م‪ ،‬أصدرت‬
‫األمم المتحدة قوانين البحر‪ ،‬التي قد ترضي جميع الدول‪ .‬وقد أدى هذا العمل إلى إقرار‬
‫اتفاقية قانون البحر عام ‪1982‬م‪ .‬وقد ُوقِّعت أكثر من مائة من الدول األعضاء في منظومة‬
‫صدقت عليها ‪ 60‬دولة‪.‬‬ ‫األمم المتحدة على االتفاقية‪ .‬وال تصبح هذه االتفاقية رسمية إال إذا ّ‬
‫وبوجه عام‪ ،‬تُعطي هذه االتفاقية الدول الحقوق القصرية في التنقيب عن البترول‪ ،‬والغاز‬
‫حتى مسافة ‪ 350‬ميالً بحريًا( ‪ 665‬كم) من الشاطئ‪ ،‬والصيد في حدود ‪ 200‬ميل بحري‪،‬‬
‫ي‪ ،‬والتي تسمى المنطقة‬ ‫(‪380‬كم) من سواحلها‪ ،‬وفي حدود هاتين المائتي مي ٍل بحر ّ‬
‫االقتصادية الخالصة ‪ ،‬يكون لجميع الدول حقوق أعالي البحار الخاصة بالمالحة‪ ،‬والطيران‪،‬‬
‫ولكن تتحكم الدول الساحلية في جميع المصادر االقتصادية في هذه المنطقة‪ .‬وتتفق معظم‬
‫الدول‪ ،‬على عدم اعتبار حق التعدين جز ًءا من الحرية البحرية‪ ،‬ولكن يمكن أن ينشأ هذا‬
‫الحق‪ ،‬بمقتضى نصوص معاهدة‪ .‬ولهذا؛ لم تصبح االتفاقية سارية إال في عام ‪1994‬م‪.‬‬
‫ومن الدول التي لم تصدق عليها‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية وكندا‪ .‬ورغم أن معظم‬
‫نصوص المعاهدة هي بالفعل متبعة اآلن‪.‬‬
‫المياه اإلقليمية مناطق مياه البحار والمحيطات التي تمتلك دولة ما حق السيادة عليها‪.‬‬
‫وتتضمن هذه الحقوق‪ :‬التحكم في الصيد ‪،‬والمالحة‪ ،‬والشحن البحري‪ ،‬عالوة على استثمار‬
‫المصادر البحرية‪ ،‬واستغالل الثروات المائية الطبيعية الموجودة فيها‪ .‬معظم الدول المائة‬
‫والعشرين التي لها حدود على البحار قد حددت ما بين ‪ 12‬ميالً بحريًا إلى عدة أميال بحرية‬
‫مياهًا إقليمية لبلدانها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وتتضمن المياه اإلقليمية لبلد ما‪ :‬مياهه الداخلية وبحاره اإلقليمية‪ .‬وتتضمن المياه الداخلية‪:‬‬
‫البحيرات‪ ،‬واألنهار والمياه التي تشتمل عليها المناطق الساحلية والخلجان‪ .‬ويقع البحر‬
‫اإلقليمي لبلد ما وراء شاطئه‪ ،‬أو وراء حدود مياهه الداخلية‪.‬‬
‫كما أن المياه اإلقليمية تابعة التفاقيات الحدود الدولية بحيث أن لكل دولة عدة اميال تبعد عن‬
‫شواطئها وتكون هذا االميال تحت السيادة للدولة وهذا االميال محددة ومعلومة حسب‬
‫االتفاقيات‪.‬‬
‫أسطول الصيد في أعالي البحار‬
‫أصبح يتوفر على أسطول سريع منذ سنة ‪ 1973‬بفضل دعم الدولة‪ ،‬وهو يتألف أساسا‬
‫من مراكب ذات أجهزة مصنوعة من الفوالذ‪ ،‬طولها يفوق ‪ 24‬مترا وحمولتها تتجاوز‬
‫‪ 150‬طنا‪.‬‬
‫ويبلغ عدد سفن الصيد في األعالي المسجلة عند نهاية ‪ 2011‬حوالي ‪ 452‬وحدة بحمولة‬
‫شاملة قدرها ‪ 147.028‬طنا‪ .‬وبقوة محركة تبلغ ‪ 463.633‬حصان وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أن منتوج هذا األسطول يوجه إلى األسواق الخارجية‪.‬‬

‫الدولة المرابطية‬ ‫‪.6‬‬


‫الدولة المرابطية هي دولة إسالمية ظهرت خالل القرن الخامس والسادس الهجري في‬
‫منطقة المغرب اإلسالمي‪ .‬انبثقت من حركة دعوية إصالحية إسالمية اعتمدت في بدايتها‬
‫على العصبية الصنهاجية بعد التحام عدد من قبائلها الكبيرة‪ .‬تحول هذا االلتحام إلى سند شعبي‬
‫لم يلبث بدوره أن تحول إلى سند عسكري أفضى في النهاية إلى نشوء قوة إقليمية اقتصادية‬
‫لسيطرة تلك القبائل على عدد من الطرق التجارية‪ ،‬إضافة إلى الروح اإلسالمية اإلصالحية‬
‫المبنية على اعتقاد مالكي سني‪ ،‬فسمت نفسها تسمية معبرة عن ذلك وهي «دولة الرباط‬
‫تحرك عسكري للملثمين صوب قبيلة جدالة‪ ،‬وبعد إتمام ضم بقية‬ ‫ّ‬ ‫واإلصالح»‪ .‬كان أول‬
‫القبائل الصنهاجية البدوية إلى دعوتهم تقدموا نحو الشمال لمواجهة الزناتيين المسيطرين على‬
‫الخط التجاري الواصل بين الصحراء واألندلس‪ ،‬وكان دخول وسيطرة المرابطين‬
‫على سجلماسة سنة ‪447‬هـ باكورة عملياتهم العسكرية الكبرى لتوحيد المغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫سيطرت الدولة الجديدة على رقعة جغرافية تمتد من المحيط األطلسي غربًا‬
‫وبالد شنقيط وحوض نهر السنغال جنوبًا وهو مكان مخاض ميالد الحركة‪ ،‬وامتدّت شرقًا‬
‫لتحاذي إمبراطورية كانم وتزاحمها على بحيرة تشاد في الصحراء الكبرى‪ .‬وامتد هذا المجال‬
‫في الشمال مخترقا جبال األطلس بتاللها وكبيرها ومتوسطها وصغيرها‪ ،‬وتجاوزت البحر‬
‫المتوسط فشملت أجزاء من شبه الجزيرة األيبيرية‪ ،‬وسيطرت على األندلس‪ .‬كانت تحدّ دولة‬
‫ونبرة وأراغون‪ ،‬ومن الشرق إمارات بني زيري وبني‬ ‫ّ‬ ‫المرابطين من الشمال ممالك قشتالة‬
‫حماد‪ ،‬وفي جنوب الصحراء بحكم األمر الواقع ‪ ،‬كل من ممالك بامبوك وبوري ولوبي‬
‫وإمبراطوريتي ماليوغانا‪.‬‬
‫وأبرز وجوه هذه الحركة هو أمير المسلمين يوسف بن تاشفين الذي أسس مراكش واتخذها‬
‫عاصمة للدولة‪ ،‬ودخل األندلس وأخضعها لسلطته بعد معركة الزالقة‪ ،‬بعد أن استنجده ملوك‬

‫‪15‬‬
‫الطوائف من زحف الممالك المسيحية القشتالية‪ .‬وعايش ابنه األمير علي بن يوسف أبرز‬
‫فترات الدولة المرابطية‪ ،‬ففي حكمه الذي استمر قرابة ‪ 37‬سنة‪ ،‬وصل سلطان المرابطين‬
‫باألندلس إلى الذروة في السنوات العشر األ ولى‪ ،‬حيث توطدت دولتهم حتى أوشكوا على‬
‫استرداد كل ما غنمه ألفونسو السادس‪ ،‬ثم تلتها فترة ركود تأرجح فيها مصيرهم بتوالي‬
‫االنتصارات والنكسات‪ ،‬تلتها فترة النكبات وقيام الثورات في األندلس وفي المغرب حيث‬
‫بدخولها‬ ‫المرابطين‬ ‫دولة‬ ‫على‬ ‫قضت‬ ‫الموحدين التي‬ ‫حركة‬ ‫قامت‬
‫العاصمة مراكش سنة ‪541‬هـ‪.‬‬
‫المرابطون‬
‫الملثمون‬

‫ملكية ِوراثيَّة‬

‫‪1147 – 1056‬م‬

‫عاصمة‬ ‫أغمات ثم مراكش‬

‫نظام الحكم‬ ‫إمارة المسلمين‬

‫اللغة الرسمية‬ ‫لغات عربية‬

‫اللغة‬ ‫العربيَّة ‪،‬األمازيغية ‪،‬الرومنسية‬

‫الديانة‬ ‫اإلسالم (الديانة الرس َّمية)‬


‫أقليَّات أخرى المسيحيَّة ‪،‬واليهوديَّة‪ ،‬ووثنية‬

‫أمير المسلمين‬
‫يحيى بن إبراهيم‬ ‫‪ 434‬هـ ‪/1042‬م ‪435 -‬‬
‫الكدالي‬ ‫هـ ‪/1043‬م‬

‫إسحاق بن علي‬ ‫‪ 540‬هـ ‪/1146‬م ‪541 -‬‬


‫اللمتوني‬ ‫هـ ‪/1147‬م‬

‫فتح بالد السوس‬ ‫‪1056‬‬

‫سقوط مراكش في يد الموحدين‬ ‫‪1147‬م‬

‫‪16‬‬
‫منظمة التجارة العالمية‬ ‫‪.7‬‬
‫هي إحدى المنظمات الدولية العالمية التي أسند لها مهمة أساسية عند إنشائها‪ ،‬وهي ضمان‬
‫انسياب التجارة بين بلدان العالم بأكبر قدر من السالسة وضمان حرية تلك التجارة‪ ،‬وهي‬
‫المنظمة الدولية الوحيدة التي تختص بالقوانين التجارية الدولية‪ ،‬وتضم مائة وستين دولة تتمتع‬
‫بالعضو ية الكاملة‪ ،‬باإلضافة إلى أربعة وعشرين دولة بصفة مراقب‪.‬‬
‫تأسيس منظمة التجارة العالمية‬
‫تأسست المنظمة بناء على اتفاقية الجات التي تم وضعها بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وبالرغم‬
‫من حداثة عمل المنظمة بصيغتها الحالية إال أن النظام الذي تعمل وفقه تم وضعه قبيل خمسين‬
‫عاماً‪ ،‬وهو النظام التجاري متعدد األطراف‪.‬‬
‫قد جاء التأسيس الحالي في بداية عام ألف وتسعمائة وخمسة وتسعين بعد النمو الهائل في‬
‫حجم التجارة العالمية‪ ،‬وقد تأسست بعد جوالت من المفاوضات التي عقدت بين الدول‬
‫المؤسسة‪ ،‬حيث شملت تلك المفاوضات االتفاق على إجراءات تجارية خاصة بإغراق األسواق‬
‫بالسلع والتعريفات الجمركية‪ ،‬وأشهرها مفاوضات األوروغواي‪ ،‬وبعد التأسيس تم التوصل‬
‫إلى اتفاقيات جديدة خاصة بخدمات االتصاالت بموافقة تسعة وستين دولة مما شكل زيادة على‬
‫ما وصلوا إليه في اتفاقات األوروغواي‪.‬‬
‫أهداف منظمة التجارة العالمية‬
‫تسهيل عملية إقامة عالم يسوده الرخاء من ناحية التجارة‪ ،‬وذلك عبر ضمان إيجاد التواصل‬
‫الدائم بين المستهلك والمنتج؛ إلمداد المستهلكين حول العالم بالسلع التي يحتاجونها في أي‬
‫وقت يشاؤون‪ ،‬وضمان أن تظل األسواق الخارجية مفتوحة لكل من منتجي ومصدري السلع‬
‫إلى الخارج‪ ،‬باإلضاف ة إلى إيجاد آلية داخلية بين الدول األعضاء من خالل المنظمة لفض‬
‫النزاعات التجارية والحيلولة دون تطور تلك المنازعات إلى خالفات سياسية أو عسكرية‪.‬‬
‫تهيئة البيئة والحماية لسوق التجارة الدولية لتالئم المستويات المختلفة في كل من االقتصاد‪،‬‬
‫والتنمية بين الدول المصدر ة والمستوردة‪ ،‬وإيجاد حالة تنافسية تعتمد على الكفاءة االقتصادية‬
‫والتخصص في الموارد بين الدول‪ ،‬وبالتالي تحقيق التوظيف األمثل للموارد التي تتنوع بين‬
‫دول العالم كافة‪.‬‬
‫مهام منظمة التجارة العالمية األساسية‬
‫ألجل تيسير عمل المنظمة في تسيير أعمال التجارة الدولية بحرية وسهولة‪ ،‬فإنها تقوم‬
‫باإلشراف على االتفاقات الخاصة بالتجارة بين الدول وإدارتها‪ ،‬والعمل كمنتدى للتفاوض بين‬
‫البعثات الدولية التجارية من أجل توقيع اتفاقيات جديدة أو فض منازعات تجارية قائمة بين‬

‫‪17‬‬
‫الدول‪ ،‬م ع محاولة منع وقوعها في األساس عبر مراجعة السياسات الدولية المتعلقة بالتجارة‬
‫في ظل التطورات على الساحة العالمية‪.‬‬
‫كما تساعد المنظمة الدول النامية على تنمية العالقات التجارية الدولية من خالل الدعم‬
‫اللوجستي المتمثل في التدريب أو تقديم التكنولوجيا‪ ،‬وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية‬
‫األخرى التي يمكن أن يكون لها صلة بعملها‪.‬‬

‫االختصار‬ ‫‪WTO‬‬

‫تاريخ التأسيس‬ ‫‪ 1‬كانون الثاني ‪ /‬يناير‪1995‬‬

‫االهتمامات‬ ‫تجارة دولية‬

‫المقر الرئيسي‬ ‫‪،‬سويسرا‬ ‫جنيف‬

‫العضوية‬ ‫‪ 164‬دولة عضو‬

‫اللغات الرسمية‬ ‫إنكليزية ‪،‬فرنسية ‪،‬إسبانية‬

‫المدير العام‬ ‫روبيرتو أزفيدو‬

‫الموازنة‬ ‫‪ 196‬مليون فرنك سويسري(حوالي ‪ 209‬مليون دوالر أمريكي) في ‪2011‬‬

‫عدد الموظفين‬ ‫‪640‬‬

‫الموقع الرسمي‬ ‫‪www.wto.org‬‬

‫الصحافة‬ ‫‪.8‬‬
‫ظهرت الصحافة قديما ً وعلى الرغم من اختالف شكلها اآلن عن شكلها سابقا ً ّإال ّ‬
‫إن الهدف‬
‫منها لم يتغيّر‪ ،‬ويتجلّى غرض الصحافة في نشر المعلومات للناس‪ ،‬أ ّما تاريخها فيرجع إلى‬
‫البابليين حيث عيّنوا كاتبا ً مهمته تسجيل األحداث اليوميّة المهمة‪ ،‬كما ظهرت في الصين‬
‫استمر إنتاجها مدة ‪ 1500‬عام‪ ،‬وفي روما‬ ‫ّ‬ ‫شمس‬ ‫جريدة رسميّة كانت تُدعى إمبراطوريّة ال ّ‬
‫كان ظهور الصحافة عن طريق نشر وإيصال األحكام القضائيّة واألحداث المهمة إلى الشعب‪.‬‬

‫تعريف الصحافة‬
‫✓ الصحافة لغةً‬

‫‪18‬‬
‫ورد تعريف الصحافة في معاجم كثيرة‪ ،‬ففي معجم المعاني الجامع الصحافة هي‪( :‬مهنة من‬
‫وصحافة‬ ‫ي)‪ِ ،‬‬ ‫صحاف ّ‬ ‫يجمع األخبار واآلراء وينشرها في صحيفة‪ ،‬أو مجلّة‪ ،‬والنّسبة إليها‪ِ :‬‬
‫طنِيَّةُ فهي‪َ ( :‬مجْ ُمو ُ‬
‫ع‬ ‫الو َ‬‫الص َحافَةُ َ‬ ‫صور)‪ ،‬أما ِ ّ‬ ‫صور هي‪( :‬صحافة تعتمد أساسا ً على ال ُّ‬ ‫ال ُّ‬
‫ط ِن)‪ ،‬وفي قاموس المعجم الوسيط‬ ‫الو َ‬
‫اء َ‬ ‫صد ُُر فِي أ َ ْر َج ِ‬ ‫ت الَّتِي ت َ ْ‬
‫ْال َج َرائِدِ‪َ ،‬والنَّش ََراتِ‪َ ،‬و ْال َم َجالَّ ِ‬
‫الص َحافَةَ ِم ْهنَةً‪( :‬العَ َم ُل فِي‬
‫َار ِ ّ‬ ‫اخت َ‬ ‫ص َحافَة كما يلي‪ْ :‬‬ ‫عاصر ورد لفظ ِ‬ ‫ومعجم اللغة العربيَّة ال ُم ِ‬
‫ق‪َ ،‬والتَّحْ قِيقَاتِ‪،‬‬ ‫ار‪َ ،‬و ِكت َابَةُ التَّعَا ِلي ِ‬ ‫ي تَتَبُّ ُع األ َ ْخبَ ِ‬ ‫اإل ْعالَ ِم؛ أ َ ْ‬
‫سائِ ِل ِ‬ ‫ت َو َو َ‬ ‫ْال َج َرائِ ِد َو ْال َم َجالَّ ِ‬
‫أن الصحافة هي‬ ‫سالَةٌ)‪ ،‬وجاء في معجم الرائد ّ‬ ‫(ح ْرفَةٌ َو ِر َ‬ ‫َو ْال َمقَاالَتِ)‪ ،‬وجاء أيضاً‪ّ ِ :‬‬
‫الص َحافَةُ‪ِ :‬‬
‫الفن القائم على كتابة الجرائد والمجالت‪.‬‬
‫✓ الصحافة اصطالحا ً‬
‫المعتمدة على جمع األخبار المستجدة والعمل عليها‬
‫ِ‬ ‫عرف الصحافة اصطالحا ً بأنّها المهنة‬ ‫تُ ّ‬
‫من تحليل وتدقيق والتحقق من صحتها قبل أن يت ّم نشرها للجمهور‪ ،‬وتكون األخبار سياسيّة‪،‬‬
‫أو ثقافيّة‪ ،‬أو رياضيّة‪ ،‬أو محليّة‪ ،‬إضافةً إلى الكثير من المجاالت األُخرى‪ ،‬وتمنح الصحافة‬
‫الفرد القدرة على معرفة األحداث المستجدة من حوله في شؤون الحياة المختلفة وهي ما يغذي‬
‫تفكيره باستمرار‪.‬‬
‫صحافة‬
‫ميادين ال ّ‬
‫صحافة خمسة ميادين رئيسة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫لل ّ‬
‫• اإلذاعة‬
‫عتمد عليها الماليين من النّاس ال ُمتابعين ِلألخبار والنّشرة الجويّة بانتظام‪ ،‬وتُصنَّف اإلذاعة‬
‫َي ِ‬
‫أن َيق َ‬
‫طع‬ ‫ي خبر جديد‪ ،‬إذ يُم ِكن لل ُمذيع ْ‬
‫سرعة نقل أ ّ‬‫الوسائِل اإلخباريّة؛ من حيث ُ‬ ‫بأنّها أولى َ‬
‫بمجرد وصوله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي برنامج إلذاعة خبر جديد و ُمه ّم‬
‫أ ّ‬
‫• التّلفاز‬
‫صورة‪،‬‬
‫أن َيرى األخبار اليوميَّة؛ سوا ًء عن طريق أفالم ُم َّ‬ ‫َيتميّز التّلفاز بِأ ّنه َيس َمح ِلل ُمشاهِد ِب ْ‬
‫ّ‬
‫البث ال ُمبا ِشر‪.‬‬ ‫أو تسجيالت‪ ،‬أو عن طريق‬
‫• الصُّحف‬
‫صحف تفاصيل األخبار أكثر من غيرها من الوسائل األخرى‪ ،‬وتتميّز عن اإلذاعة‬ ‫تُعطي ال ُّ‬
‫وأن يستوعب الخبر‪،‬‬ ‫أن يقرأ بِتمعُّن‪ْ ،‬‬ ‫والتّلفاز بأنّها تتع ّمق أكثر في التّفاصيل‪ ،‬وت َسمح ِللقارئ ْ‬
‫سرعة إذاعة ال َخ َبر الستيعابه أو التأنّي‬‫أن يتح ّكم في ُ‬ ‫ففي اإلذاعة والتّلفاز ال يُم ِكن لل ُم ِ‬
‫ستمع ْ‬
‫سرعة نَ ْقل األخبار‬ ‫صحف ل ْم تتغلّب على اإلذاعة والتّلفاز في ُ‬ ‫سما ِعه‪ ،‬إال ّ‬
‫أن ال ّ‬ ‫في َ‬
‫ّ‬
‫المجالت‬ ‫•‬

‫‪19‬‬
‫ور ِويّة‪ ،‬كما تُم ِ ّكنه من‬
‫القارئ من قراءة األخبار بِتمعُّن َ‬‫ِ‬ ‫صحف‪ ،‬فهي تُم ِ ّكن‬ ‫ّ‬
‫المجالت ال ّ‬ ‫تُشبه‬
‫ّ‬
‫بالفن‪،‬‬ ‫صلة‬ ‫تنوعة؛ فهي ت َحتوي مواضيع ذات ِ‬ ‫اختيار األخبار التي يُريدها‪ ،‬ومواضيعها ُم ّ‬
‫والتّعليم‪ ،‬والتّجارة‪ ،‬وغيرها من المواضيع ال ُمختلفة‪.‬‬
‫صحافة المطبوعة أفضل وسيلة‬ ‫حتّى وإن كان للتّلفاز أو اإلذاعة أثر على ال ُمتلقّي ّإال ّ‬
‫أن ال ّ‬
‫للتأثير على النّاس‪ ،‬وذلك ِألنّها تبقى بين أيديهم ويتداولونها مهما كانت أعمارهم‪ ،‬وطبقاتهم‪،‬‬
‫وثقافاتهم‪ ،‬و ُمعتقداتهم‬
‫• وكاالت األ ْنباء‬
‫صور‪ ،‬والمقاالت‪ ،‬وتُديرها ُم ّ‬
‫نظمات‬ ‫تتمثّل وكاالت األنباء ِبالمؤسّسات التي ت َبيع األخبار‪ ،‬وال ّ‬
‫الرأي‪ ،‬وال ُمسلسالت‪،‬‬
‫وأعمدة ّ‬
‫ِ‬ ‫تجاريّة ت َبيع موضوعات ُمعيّنةً‪ ،‬مثل‪ِ :‬‬
‫أعمدة النُصح واإلرشاد‪،‬‬
‫ومن األمثلة على وكاالت األ ْنباء العالميّة‪ :‬أجانس فرانس برس‪ ،‬وتقع في فرنسا‪ ،‬وكيودو‬
‫صر العربيّة‪ ،‬وسونا في‬ ‫شرق األوسط في جمهوريّة ِم ْ‬ ‫الواقعة في اليابان‪ ،‬ووكالة أنباء ال ّ‬
‫جمهوريّة السّودان‪ ،‬و أسوشييتد برس في الواليات ال ُمتّحدة‪ ،‬ورويترز في بريطانيا‪.‬‬
‫• الصّحافة اإللكترونيّة‬
‫للمرة األولى‪ ،‬عندما أ ّكد ُمعظم األمريكيّين‬ ‫ّ‬ ‫صحافة اإللكترونيّة في عام ‪2008‬‬‫ظهرت ال ّ‬
‫ّ‬
‫والمجالت‬ ‫صحف‬ ‫حصولهم على األخبار والمعلومات عن طريق مواقع إلكترونيّة بدالً من ال ّ‬
‫الجهات اإلخباريّة بِنشر نُسَخ من أخبارها ومعلوماتِها على المواقع‬ ‫المطبوعة‪ ،‬حينها بدأت ِ‬
‫عدَت‬ ‫ظهور الهواتِف الذكيّة‪ ،‬كما سا َ‬ ‫سرعة الحصول على المعلومة ُ‬ ‫عدَ على ُ‬
‫اإللكترونيّة‪ ،‬وسا َ‬
‫صحافة اإللكترونيّة أكثر‬ ‫تحركة والبيانيّة في جعل ال ّ‬
‫الرسوم ال ُم ّ‬
‫بعض ال ُمميّزات ومنها إضافة ّ‬
‫عليّة‪.‬‬
‫ت َفا ُ‬

‫أهميّة الصحافة‬
‫تك ُمن أهميّة الصحافة في تزويد األفراد والجماعات بالمعلومات التي يحتاجونها في حياتهم‬
‫والمهمة في صنع القرارات على مستوى الفرد والمجتمع والحكومة‪ ،‬وتتجلى رسالتها في بناء‬
‫جي ٍل واعٍ يسير على المبادئ واألخالق الرفيعة‪ ،‬كما تسعى لنشر المعرفة والثقافة بين الشعوب‪،‬‬
‫وتنقل الصحافة األخبار المستجدة على ُمختلف األصعدة؛ حيث تُعد ّ األخبار وسيلةً من وسائل‬
‫االتصاالت التي تُحيط األفراد ِعلما ً بما يحدث في العالم من حولهم‪ ،‬وتُولي الدول المتقدمة‬
‫أهميّةً كبرى للصحافة‪ ،‬فتدع ُمها وتُوجهها توجيها ً هادفا ً ألداء رسالتها على أكمل وجه‪ ،‬كما‬
‫يت ّم ال ُحكم على تقد ّم شعبٍ معين من خالل تقدّم وتطور صحافته وانتشارها بين أفراد المجتمع‪،‬‬
‫بعلو المستوى العلمي ألبنائها‪ ،‬فكلّما تقدم المستوى العلمي‬
‫ي دول ٍة ّ‬
‫تطور الصحافة في أ ّ‬
‫ويرتبط ّ‬
‫وتطورت وانتشرت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ارتقت الصحافة‬

‫‪20‬‬
‫ي شيءٍ يُساهم في إيذائه وتشويهه من أفكار هدامة وسلوكيّات‬ ‫تحمي الصحافة المجتمع من أ ّ‬
‫منحرفة ومشبوهة‪ ،‬كما تكشف الحقائق ال ُمستترة وتساعد األفراد على االستنارة بطريقها‪،‬‬
‫وتجعل العالم قريةً صغيرة ً من خالل انتشار األخبار بين جميع أنحاء العالم‪ ،‬فيعلم أفراد دول ٍة‬
‫معين ٍة أخبار دول ٍة أُخرى‪ ،‬وتتميز الصحافة المكتوبة عن غيرها من الوسائل األُخرى مثل‬
‫دونةً‪ ،‬وتمنح القارئ القدرة على الرجوع إليها وقراءتها‬ ‫التلفاز بأ ّن األخبار تبقى موجودة ً و ُم ّ‬
‫متى أراد ذلك‪ ،‬فيستفيد من لم يكن لديه الوقت الكافي لمتابعة األخبار على شاشة التلفاز أو‬
‫سماعها من خالل المذياع‪.‬‬
‫تُنير الصحافة طريق العلم لمن يطلبه‪ ،‬وتُسلّط أضواءها على اإليجابيّات والسلبيّات الظاهرة‬
‫في المجتمع‪ ،‬فيع َمد المسؤولون إلى إكمال النواقص وإصالح االعوجاج الحاصل‪ ،‬ويُتقن ك ّل‬
‫شعوبها‪ ،‬كما‬ ‫عام ٍل عمله وتعود الفائدة على الجميع‪ ،‬وتُعبّر الصحافة عن حاجات األمم وآراء ُ‬
‫أنّها تنشر أخبار البالد وأحوالها وإنجازاتها‪ ،‬ويت ّم بواسطتها تقديم النُصح واإلرشاد ألفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬وهي الوسيلة التي تنشر أفكار وتوجهات الدول وتعليماتها ومواقفها من األحداث‬
‫المستجدة‪ ،‬فيسهل بذلك معرفة توجُّهات دولة ما وتعليماتها عن طريق صحافتها؛ حيث ّ‬
‫إن لك ّل‬
‫دول ٍة من الدول صحيفة خاصة بها تنطق باسم حكومتها وتُعبّر عن رأيها‪ ،‬كما تُسلّط الصحافة‬
‫الضوء على القضايا المه ّمة في العالم خاصةً في حاالت النزاعات والثورات والحروب‪،‬‬
‫الحق األشخاص الفاسدين وتُثير‬ ‫إضافةً إلى األحداث السياسيّة التي تستجدّ يومياً‪ ،‬كما أنّها ت ُ ِ‬
‫القضايا العامة التي ته ّم كافة األفراد؛ إذ ال يقتصر عمل الصحافة في مجال معين‪ ،‬فهي جامعة‬
‫لمختلف المجاالت التي يهت ّم بها المواطنون‪.‬‬
‫دور الصحفي في المجتمع‬
‫تعدّ مه ّمة الصحفي من أصعب المه ّمات؛ حيث تُحيط به الكثير من المخاطر‪ ،‬كما أ ّنها مه ّمة‬
‫نبيلة‪ ،‬فالصحفي كالرقيب الذي يترصد األحداث ويكتشف الحقائق إليصالها إلى الرأي العام‬
‫ت ومخاطر في سبيل أداء دوره على‬ ‫دون تشويه‪ ،‬فيواجه كل ما يعترض طريقه من مشكال ٍ‬
‫أكمل وجه‪ ،‬ولتحقيق ما يصبو إليه من كشف الحقائق وخدمة الجمهور والرأي العام وأداء‬
‫مهامه بشك ٍل سليم‪ ،‬ال بد ّ أن يكون واعيا ً ومثقّفا ً ولديه الخبرة الكافيّة لكتابة ما يحصل عليه من‬
‫معلومات بطريق ٍة حياديّ ٍة ونزيهة‪ ،‬وأن يأخذ بعين االعتبار مصالح أم ٍة بأكملها وليس مصالح‬
‫جماعة ُمعيّنة‪.‬‬
‫يحمل الصحفي قضيّة ً معيّنة ً نَصب عينيه ويسعى للوصول إلى الحقائق‪ ،‬فيجب عليه أن يحافظ‬
‫على شروط مهنته ويتّبعها‪ ،‬كما يجب عليه أن يلتزم بالمبادئ العامة لها ومعاييرها‪ ،‬وهناك‬
‫ي والمؤسسة االلتزام بها لحماية‬‫مجموعة من المبادئ واألُسس التي يجب على الصحف ّ‬
‫أن هناك مجموعة من الحقوق التي‬ ‫ي وبيئة الصحافة وضمان حقوق الطرفين‪ ،‬كما ّ‬ ‫الصحف ّ‬
‫يجب ضمانها للجمهور‪ ،‬وهذه المبادئ والحقوق هي‪:‬‬
‫ي‪ ،‬وتتمثل باآلتي‪:‬‬
‫✓ مبادئ متعلقة بالصحف ّ‬

‫‪21‬‬
‫ي بين الحريّة والمسؤوليّة‪ ،‬فكلما اتّسعت دائرة الحريّة ازداد‬ ‫العلم بأنه يوجد ارتباط قو ّ‬ ‫•‬
‫حجم المسؤوليّة الواقعة عليه‪.‬‬
‫فهم الطبيعة السياسيّة للمؤسسة التي يعمل فيها بعمق؛ وذلك من خالل األُسس‬ ‫•‬
‫ي له أثناء عمله‪ ،‬كما عليه‬ ‫والسياسات العامة الموضوعة؛ حيث تُعدّ المرجع الرئيس ّ‬
‫رؤية إن كان هنالك تطابق بين طبيعة المؤسسة والرسالة التي يريد أن يؤدّيها‪.‬‬
‫ذِكر مصدر األخبار التي ينشرها سواء كانت رسائل إلكترونيّة أو بريد إلكتروني‪،‬‬ ‫•‬
‫ي ُمساءالت قانونيّة‪.‬‬
‫فيحميه ذلك ومؤسسته من أ ّ‬
‫يجب تدريب الصحفي وتأهيله وتعريفه على حقوقه وواجباته في مهنة الصحافة‪.‬‬ ‫•‬
‫العمل ضمن القوانين المنصوص عليها بموضوعيّة‪ .‬نقل األخبار بمصداقيّ ٍة وأمان ٍة‬ ‫•‬
‫ي تشويه في الحقائق‪.‬‬ ‫عاليّ ٍة لمنع أ ّ‬
‫يجب تهيئة الصحفي نفسيّا ً للعمل في ظروف وبيئات مختلفة‪.‬‬ ‫•‬

‫✓ مبادئ متعلّقة بالمؤسسة الصحفيّة‪ ،‬وتتمثل باآلتي‪:‬‬


‫• منح الصحفي قدرا ً عاليا ً من الحريّة ليتسنى له التفكير بشك ٍل جيّ ٍد واإلبداع فيما يُنتج‪.‬‬
‫تمس كرامة اإلنسان باستثناء تلك التي‬ ‫ّ‬ ‫• االبتعاد عن قضايا التّشهير والقضايا التي‬
‫تتعلق بالسّرقة والفساد والتي تُلحق الضرر بأمن الوطن وتُفكك بنية ال ُمجتمع‪.‬‬
‫• االلتزام بأُمور الدّقة والعدالة والحفاظ على المسؤوليّة االجتماعيّة‪ .‬الحرص على كشف‬
‫ي مانع أو سبب واضح وصريح للكشف عنها‪ .‬عدم التعدّي على‬ ‫المصادر ما لم يوجد أ ّ‬
‫حق الجمهور في حصوله على األخبار ال ُمستجدّة‪.‬‬
‫• احترام عادات وتقاليد المجتمع إضافةً إلى القيّم والعقائد ال ُمتّبعة‪.‬‬
‫ي والمؤسسة والجمهور؛ من خالل الحرص على تثقيف‬ ‫• زيادة الثقة بين الصحف ّ‬
‫الجمهور واتباع المعايير واآلداب األخالقيّة في المهنة‪.‬‬
‫• عدم محاولة إثارة اآلراء العاطفيّة أو المسائل العاطفيّة ‪.‬‬

‫✓ مبادئ وحقوق متعلقة بالجمهور‪ ،‬وتتمثّل باآلتي‪:‬‬


‫ي في الدولة أو من‬ ‫• احترام حريّة الرأي والتعبير وعدم تجاهُلها من قِبَل النظام السياس ّ‬
‫قِبَل المؤسسات الصحفيّة‪.‬‬
‫حق الجمهور في مناقشة القضايا وإبداء رأيه فيها‪.‬‬ ‫• احترام ّ‬
‫الحق في االستفسار عن المعلومات المنشورة والمصادر المتعلقة بها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• للجمهور‬
‫الحق في تلقّي قضاياه وأخذها بعين االعتبار من قِ َبل الدولة أو المؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫• للجمهور‬
‫الصحفيّة‪.‬‬
‫• يجب على الدولة أن تنشر الثقافة التشريعيّة والتعريف بها‪ ،‬كما يجب أن تُعلّم الجمهور‬
‫كيفيّة الدفاع عن حقّه في حال اعترضه ما يُقلّل من كرامته‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التهريب‬ ‫‪.9‬‬
‫يشير التهريب عادة إلى فعل نقل بعض األشياء إلى أو خارج الموقع بطريقة تتنافى مع‬
‫قوانين ذلك الموقع‪ .‬هناك عدد من الطرق المختلفة التي يمكن أن يحدث بها هذا اإلجراء‪،‬‬
‫والعديد من المنتجات المختلفة التي يمكن تهريبها من مكان إلى آخر‪ .‬ويحدث قدر كبير من‬
‫هذا النشاط في شكل أشياء غير قانونية في بلد أو منطقة معينة يجري جلبها سرا إلى تلك‬
‫المنطقة‪ .‬وكثيرا ما يجري التهريب أيضا لتجاوز أي ضرائب أو شروط قانونية توضع على‬
‫استيراد أو تصدير أصناف مختلفة‪.‬‬

‫وهناك أنواع عديدة كثيرة من التهريب‪ ،‬وقوانين البلد أو المنطقة تشير عادة إلى األنشطة‬
‫التي تعتبر غير قانونية‪ .‬وبشكل ع ام‪ ،‬عادة ما تؤخذ السلع المهربة عبر الحدود‪ ،‬من دولة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬من بلد إلى آخر‪ ،‬أو إلى مبنى معين مثل السجن‪ .‬عملية نقل شيء ما عبر‬
‫الحدود من موقع إلى آخر بشكل غير قانوني هو ما يُمثّل فعل التهريب‪ .‬هناك العديد من‬
‫األشياء المختلفة التي يمكن تهريبها‪ ،‬اعتمادا على القوانين المختلفة‪ ،‬والمواقف‪ ،‬ومطالب‬
‫األسواق غير المشروعة‪.‬‬

‫بعض أشكال التهريب األكثر شيوعا هي تلك التي تنطوي على نقل عنصر غير قانوني في‬
‫منطقة معينة في تلك المنطقة‪ .‬وغالبا ما ينطوي ذلك على المخدرات أو األسلحة‪ .‬وهناك‬
‫أيضا كمية هائلة من تهريب البشر‪ ،‬أو االتجار بالبشر‪ ،‬الذي يحدث في محاولة لتجنب‬
‫قوانين الهجرة في مختلف البلدان‪ .‬ويضطر كثير من األشخاص المهربين من خالل عمليات‬
‫االتجار هذه إلى إجبار مهربين على القيام بأشكال مختلفة من العمل بمجرد وصولهم إلى‬
‫وجهتهم‪ ،‬ألن وجودهم في المنطقة الجديدة غير قانوني‪.‬‬

‫غالبا ما تنشأ أنواع أخرى من التهريب في محاولة لنقل المنتجات القانونية إلى بلد ما أو‬
‫الخروج منه بطريقة تتجنب الضرائب أو غيرها من الشروط القانونية‪ .‬ويمكن نقل بضائع‬
‫مثل بعض األطعمة والمخدرات واألسلحة بصورة قانونية إلى بعض البلدان‪ ،‬ولكن غالبا ما‬
‫تكون هناك تعرفة أو رسم يجب د فعه على هذه المنتجات‪ .‬وكثيرا ما ينقل المهربون هذه‬
‫المنتجات إلى البلدان وخارجها بصورة غير مشروعة في محاولة لتجنب هذه الرسوم‬
‫وتحقيق أرباح أكبر من بيع هذه األصناف‪ .‬وعندما يكتشف األشخاص المتورطون في‬
‫التهريب‪ ،‬يواجهون عادة السجن والغرامات العقابية‪ ،‬فضال عن االستيالء على البضائع التي‬
‫يجري تهريبها‪.‬‬

‫اثار التهريب‬

‫‪23‬‬
‫االثار االقتصادية ‪ :‬تؤدي عمليات التهريب ارتفاع معدالت التضخم بسبب زيادة معدالت‬
‫الطلب وارتفاع معدالت األسعار بشكل كبير في كافة المجاالت وتحويل البلد من مصدر الى‬
‫مستورد ويؤدي كذلك الى خلق طبقة من السراق الكبار وهم ينطون تحت مفهوم مافيا التهريب‬
‫الذين يجنون االموال الطائلة ويقومون بغسيل هذه األموال إلدخالها في الدورة االقتصادية‬
‫دون االهتمام لما يترتب عليها من نتائج وهذا يؤثر سلبا على مصداقية السياسة االقتصادية‬
‫ويقوض ثقة المنظمات االقتصادية واحجامها عن تقديم الدعم الكافي ‪.‬‬

‫االثار القانونية ‪ :‬يعتبر التهريب احد مظاهر الفساد اإلداري من جهة وجريمة سرقة وهدر‬
‫للمال العام من جهة أخرى وهذا يؤدي الى انتهاك هيبة وسيادة القانون من خالل استغالل‬
‫االموال العامة واضعاف سلطة القانون من خالل تفريغ القوانين والضوابط من محتوياتها ‪.‬‬
‫االثار السياسية ‪ :‬وتترتب عليها تقويض الثقة بين الشعب والحكومة واضعاف المشاركة‬
‫الديمقراطية بسبب ضعف األجهزة الرقابية واعتماد الحكومة على االستيراد لغرض تغطية‬
‫الحاجة المحلية اضعف من الموازنة السنوية ‪.‬كذلك ان هذه الظاهرة تسيئ الى النظام السياسي‬
‫وعالقاته بالخارج ‪.‬‬

‫االثار االجتماعية واألمنية ‪ :‬يؤدي التهريب الى خلق طبقات متفاوتة ماديا واختالل في‬
‫التركيبة االجتماعية وزيادة نطاق المفسدين وخلق بيئة مؤهلة إلفساد العملين واستشراء روح‬
‫الياس بين المواطنين واإلحباط مما يؤدي الى زيادة معدالت العنف خصوصا عندما تزداد‬
‫حدة االزمة الوقودية اضف الى ذلك حجم المبالغ الطائلة المتحققة تساعد على جذب بعض‬
‫القوى االجتماعية والسياسية والدينية وادخالها في هذه الدائرة وهي مسالة خطيرة جدا ‪.‬‬

‫الهجرة‬ ‫‪.10‬‬
‫يغادر العديد ُ من النّاس سنويّا ً من بالدهم واألراضي التي يعيشون عليها إلى بال ٍد أُخرى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أقلم حتى‬ ‫ّ‬
‫تختلف بالثقاف ِة والعادات والتّقاليد االجتماعيّة عن بالدهم‪ ،‬فبُجبرون على الت ّ ِ‬
‫ُ‬ ‫وعادة ً ما‬
‫يتمكنوا من العيش في المجتمع الجديد الذي وصلوا له‪ ،‬وخصوصا ً في حال كانت إقامتهم فيه‬
‫دائمة بعد ُمشاركتهم في رحل ٍة طويل ٍة للسّفر من دولتهم إلى الدّولة الجديدة التي سيعيشون على‬
‫استقرار األفراد في دول ٍة ما بشك ٍل دائم ُمس ّمى‬
‫ِ‬ ‫الرحلة التي تُؤدّي إلى‬
‫ويطلق على هذه ّ‬ ‫ُ‬ ‫أرضها‪،‬‬
‫الهجرة‪.‬‬
‫تعريف الهجرة‬
‫الرحي ُل عن المكان‪ ،‬أو الت َخل ّ‬
‫ي عن‬ ‫مشتق من الكلمة الثُالثيّة ( َه َج َر)‪ ،‬ومعناها ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الهجرة لُغةً ٌ‬
‫لفظ‬
‫بغرض االستقرار في‬‫ِ‬ ‫مكان إلى اآلخر‬ ‫ٍ‬ ‫عرف الهجرة بأنّها انتقا ُل األفراد من‬ ‫شيءٍ ما‪ ،‬وأيضا ً ت ُ ُ‬
‫المكان الجديد‪ .‬أ ّما اصطالحا ً ت ُ ُ‬
‫عرف الهجرة بأنّها االنتقا ُل ِم َن البلد األ ّم لالستقرار في بل ٍد آخر‪،‬‬
‫ي إلى وطن‬ ‫ي من موطنهم األصل ّ‬ ‫ي أو جماع ّ‬ ‫وهي حركة أفراد التي يت ّم فيها االنتقا ُل بشك ٍل فرد ّ‬

‫‪24‬‬
‫ظروف عديدة ٌ تُؤدّي إلى الهجرة‪ ،‬مثل انتشار الحروب األهليّة أو‬‫ٌ‬ ‫جديد‪ ،‬وعادة ً ما توجد ُ‬
‫عتبر من ال ُمحفّزات للهجرةِ‪.‬‬
‫الخارجيّة في الدّول‪ ،‬أو سوء األوضاع االقتصاديّة والتي ت ُ ُ‬
‫ق مجموع ٍة من اآلليات القانونيّة والتشريعيّة‪ ،‬والتي ت َضمن‬
‫وتحرص دول ال َمهجر على تطبي ِ‬
‫ُ‬
‫حماية واحترام كامل حقوق ال ُمهاجرين‪.‬‬
‫أنواع الهجرة‬
‫تقس ُم الهجرة ُ إلى مجموع ٍة من األنواع‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫س ّكان ِمن منطق ٍة إلى أُخرى في نفس وطنهم؛ أي في‬ ‫‪ -‬الهجرة الداخل ّية‪ :‬هي هجرة ُ ال ُ‬
‫الريف إلى المدينة‪.‬‬
‫داخ ِل حدود الدّولة‪ ،‬ومن األمثلة عليها الهجرة ِمنَ ّ‬
‫‪ -‬الهجرة الخارج ّية‪ :‬هي هجرة ُ األفراد ِم ْن وطنهم؛ أي خارج حدود الدّولة إلى دول ٍة‬
‫أُخرى قريبة أو بعيدة عن دولتهم األصليّة‪.‬‬
‫ي من دول ٍة‬
‫أخطر أنواع الهجرة؛ إذ تعتمدُ على الهروب السر ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬الهجرة السريّة‪ :‬هي من‬
‫ق رسميّة‪ ،‬وغالبا ً ينت ُج عن هذا النّوع‬
‫ي أورا ٍ‬‫ق ثبوتيّة‪ ،‬أو أ ّ‬ ‫إلى أُخرى دون استخدام وثائ ٍ‬
‫من الهجرة العديدُ من النّتائج السلبيّة على ال ُمهاجرين‪ ،‬مثل‪ :‬القبض عليهم‪ ،‬أو تعريض‬
‫حياتهم للخطر‪ ،‬والذي قد يُؤدّي بهم في النّهاي ِة إلى الموت‪.‬‬
‫أسباب ودوافع الهجرة‬
‫البطالة‪ :‬تعتبر البطالة من أكثر العوامل المؤثرة في الهجرة‪ ،‬إذ إن عدم توفر فرص‬ ‫‪-‬‬
‫العمل لدى الفئة الشابة تدفعهم لالطالع نحو االنتقال إلى أماكن أخرى‪ ،‬للحصول على‬
‫العمل وبالتالي تحقيق اإلنتاج والدخل المادي‪.‬‬
‫التضخم السكاني‪ :‬تعد الكثافة السكانية من العوامل المشجعة على الهجرة نظرا ً لما‬ ‫‪-‬‬
‫يترتب عليها من آثار وأوضاع مادية سيئة‪ ،‬إثر عدم قدرة االقتصاد الوطني على توفير‬
‫الحياة الكريمة لهم‪ ،‬وبالتالي يبحث السكان عن االنتقال إلى أماكن أفضل من تلك التي‬
‫يقيمون بها‪.‬‬
‫السعي لتحسين األوضاع المادية بالهجرة إلى بلدان نامية أو ذات اقتصاد مزدهر لتحقيق‬ ‫‪-‬‬
‫دخل مرتفع وبالتالي تحقيق رفاهية‪.‬‬
‫دوافع سياسية‪ ،‬وتتمثل بالنزاعات والحروب العسكرية‪ ،‬باإلضافة إلى النزاعات‬ ‫‪-‬‬
‫السياسية‪ ،‬واتباع بعض الحكومات لضغوطات اقتصادية وإهمال الجانب الشبابي بعدم‬
‫توفير حياة كريمة لهم‪.‬‬
‫السعي الكتساب خبرات علمية وعملية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الهروب من الكوارث الطبيعية والنجاة منها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫البحث عن ملجأ آمن والتخلص من الحروب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم تقديم المجتمع خدمات تهم األفراد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إيجابيات الهجرة‬

‫‪25‬‬
‫التواصل مع الشعوب األخرى والتعرف على ثقافاتهم‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫الحصول على شهادات علمية جيدة‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫اكتساب خبرات مهمة في حياة االنسان وتحفيزه للعمل بنطاق أوسع‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫التنوع في أصول العمالة الوافدة في مختلف البلدان‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫تحقيق حياة أفضل في البلدان ذات االقتصاد المزدهر‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫إشباع الرغبات الفسيولوجية بالحصول على خدمات أفضل كاألمن والدخل‬ ‫‪o‬‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫سلبيات الهجرة‬
‫يفقد الفرد هويته األصلية ويتخلى عن بعض عادات وتقاليد بلده‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫االنخراط بعادات وتقاليد بعض البلدان التي قد تكون مخالفة لعادات بلده‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫االبتعاد عن األهل والشعور بعدم االنتماء للموطن‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫التخلي عن اللغة األم والتمسك باللغات األخرى‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫اضطهاد سكان البلدان لبعض المهاجرين واإلساءة لهم‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫افتقار بعض الدول ألبنائها العلماء والعمال‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫نتائج الهجرة‬
‫ب على الهجرة مجموعةٌ من النّتائج‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫تترت ّ ُ‬
‫▪ النّتائج السياسيّة‬
‫هي مجموعة ٌ من النّتائج التي تُؤثّر على الدّول ال ُمستقبِلة لل ُمهاجرين بشك ٍل ُمباشر؛ إذ تساه ُم‬
‫وتفرض ض ّم المهاجرين إلى المجتمع عن طريق‬ ‫ُ‬ ‫في التّغيير من الواقع السياس ّ‬
‫ي العام‪،‬‬
‫أثير على الفكر‬‫صة بالمواطنين العاديين م ّما يُؤدّي إلى الت ّ ِ‬‫منحهم العديد من االمتيازات الخا ّ‬
‫سكّانها‪.‬‬
‫ضمن ُ‬‫ي السّائد في الدّول‪ ،‬وجعلها أكثر قدرة ً على تقبُّ ِل دمج ال ُمهاجرين ِ‬ ‫السياس ّ‬
‫▪ النّتائج االقتصاد ّية‬
‫تستضيف ال ُمهاجرين؛ إذ يتأث ّ ُر االقتصادُ بشك ٍل‬
‫ُ‬ ‫هي من أكثر النّتائج تأثيرا ً على الدّول التي‬
‫الطلب على‬ ‫تظهر نتائجها على ارتفاع نسبة ّ‬ ‫ُ‬ ‫ملحوظٍ مع زياد ِة أعداد ال ُمهاجرين‪ ،‬والتي‬
‫ي‪،‬‬ ‫دعم اقتصاد ّ‬‫الموادّ األساسيّة‪ ،‬والذي يُؤدّي في النّهاية إلى زيادةِ حاجة الدّول إلى توفير ٍ‬
‫عن طريق االعتما ِد على ال ُمساعدات الخارجيّة من الدّول األُخرى‪ ،‬والتي تُساه ُم في ِ‬
‫دعم‬
‫ضيفة لل ُمهاجرين‪ ،‬من أجل تح ُّمل نفقات استقبالهم‪ ،‬وخصوصا ً إذا كان‬ ‫اقتصاد الدّول ال ُمست َ‬
‫س ّكان من ذوي الدّخل المحدود في تلك الدّول فسوف يتأثّرون تأثيرا ً سلبيّا ً بالتغيُّرات‬ ‫ال ُ‬
‫ُ‬
‫ترافق الهجرة‪.‬‬ ‫االقتصاديّة التي‬

‫‪26‬‬
‫العولمة‬ ‫‪.11‬‬
‫تعريف العَ ْولَمة‬
‫✓ ال َع ْولَمة لُغةً‬
‫ع ْولَم‪ ،‬وهي حريّة انتقال المعلومات‪ ،‬وتدفق رؤوس‬ ‫عرف العولمة لغة بأنها مصدر الفعل َ‬ ‫ت ُ َّ‬
‫األموال‪ ،‬واألفكار المختلفة‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والمنتجات والسلع‪ ،‬كما تمثل انتقال البشر أيضا ً‬
‫بين المجتمعات اإلنسانيّة المختلفة‪ ،‬حيث يؤدي ذلك إلى جعل العالم أشبه بقرية صغيرة‪ ،‬وقد‬
‫تم تحليل لفظ العولمة لغويا ً ليعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليكتسب الصفة العالميّة‪،‬‬
‫ويُعدّ لفظ العولمة لفظا ً مترجما ً للمصطلح اإلنجليزي ( ‪Globalization)،‬حيث ترجمه‬
‫رجم إلى لفظ الكوكبة‪،‬‬‫البعض بالعولمة‪ ،‬كما ترجمه البعض بالكونيّة‪ ،‬وورد أيضا ً أنه ت ُ ِ‬
‫وقيل‪ :‬العولمة هي الشوملة‪ ،‬ويُعدّ لفظ العولمة األشهر بينها‪ ،‬فقد اشت ُ ِهر بين الباحثين وأصبح‬
‫األكثر شيوعا ً بين االقتصاديّين‪ ،‬والسياسيّين‪ ،‬واإلعالميّين‪.‬‬
‫✓ العَ ْولَمة اصطالحا ً‬
‫العولمة هي عمليّة سيطرة وتحكم ووضع القوانين إلى جانب إزالة الحواجز بين الدول‪،‬‬
‫وهي العمليّة التي تسمح للمؤسسات بتطوير تأثيرها العالمي على اختالف أنواعها‪ ،‬ويمكن‬
‫إن العولمة عبارة عن عمليّة اقتصاديّة في مقامها األول‪ ،‬ث ّم تتّسع لتشمل الجوانب‬‫القول ّ‬
‫السياسيّة‪ ،‬واالجتماعيّة‪ ،‬والثقافيّة‪ ،‬وقد تعددت تعاريف العولمة ومعانيها‪ ،‬واختلفت وجهات‬
‫نظر الباحثين فيها‪،‬وبسبب هذه االختالفات أصبحت العولمة موضوعا ً يثير الجدل في‬
‫مختلف أنحاء العالم‪.‬‬
‫عرف صندوق النقد الدولي العولمة على أنها التعاون االقتصادي ال ُمتنامي لدول العالم‬ ‫وقد ّ‬
‫أجمعها‪ ،‬والذي يوثقه زيادة حجم تبادل السلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود باإلضافة إلى‬
‫زيادة تدفق رؤوس األموال بين الدول‪ ،‬وانتشار التكنولوجيا في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬أما‬
‫ويبسترز (باإلنجليزيّة‪Websters) :‬فقد عرف العولمة على أنها إكساب األمور طابعا ً‬
‫عالميا ً وجعل نطاقه ذا صبغة عالميّة أيضاً‪ ،‬ويعرف الدكتور مصطفى محمود العوملة بأنها‬
‫مصطلح ظهر ليفرغ الوطن من وطنيته وقوميته وانتمائه الديني واالجتماعي والسياسي‬
‫إن العولمة ما هي ّإال‬ ‫ليكون خادما ً للقوى الكبرى في العالم‪ ،‬أما الدكتور سيار الجميل فقال‪ّ :‬‬
‫عمليّة اختراق ل تفكير اإلنسان وذهنياته‪ ،‬وتراكيبها‪ ،‬واختراق للمجتمعات‪ ،‬وللدول وكياناتها‪،‬‬
‫كما أنها اختراق لجغرافيّة الدول ومجاالتها‪ ،‬ولالقتصاديات والثقافات والهويات‪ ،‬ويمكن‬
‫إن العولمة نظام عالمي قائم على العقل اإللكتروني والثورة المعلوماتيّة‬ ‫القول وبشكل عام ّ‬
‫ي اعتبار لألنظمة والقيم‬
‫التي تقوم بدورها على اإلبداع التقني الالمحدود‪ ،‬ودون وضع أ ّ‬
‫والثقافات والحدود الجغرافيّة والسياسيّة في العالم‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أشكال العَ ْولَمة‬
‫✓ العَ ْولَمة االقتصاديّة‬
‫يمكن تعريف العولمة االقتصاديّة بأنّها سيادة نظام اقتصادي واحد‪ ،‬يشتمل على مختلف دول‬
‫العالم في مجموعة عالقات اقتصاديّة متشابكة مع بعضها البعض‪ ،‬وتقوم هذه العالقات على‬
‫تبادل الخدمات‪ ،‬والمنتجات‪ ،‬والسلع‪ ،‬ورؤوس األموال‪ ،‬ويعتمد البُعد االقتصادي للعولمة‬
‫على مبدأ حريّة التجارة بين الدول‪ ،‬ويظهر هذا المبدأ في تنقل الخدمات والسلع‪ ،‬ورؤوس‬
‫األموال بين الدول المختلفة دون وجود أي حواجز أو عوائق‪ ،‬وقد ظهر هذا المبدأ جليا ً في‬
‫االتفاقيّة العامة للتعريفات والتجارة‪ ،‬فقد نصت أهدافها على تأسيس تجارة دوليّة حرة ترفع‬
‫مستوى المعيشة في الدول المتعاقدة‪ ،‬وتؤدي إلى استغالل كلي للموارد االقتصاديّة العالميّة‪،‬‬
‫وتسعى إلى تطويرها‪ ،‬وتنم ية وتوسعة اإلنتاج والتبادل التجاري الدولي‪.‬‬
‫وتتمثّل العولمة االقتصاديّة في أمور معينة تستطيع من خاللها الدول االستعماريّة أن تسيطر‬
‫على الدول الضعيفة‪ ،‬ومن هذه األمور‪:‬‬
‫▪ انتقال األموال والقوى العاملة بحريّة كبيرة بين األسواق‪ ،‬حيث يرى الباحثون أن‬
‫العولمة تقوم على أساس المعايير االقتصاديّة‪ ،‬وأنها تعني ازدياد العالقات المتبادلة‬
‫التي تتمثل في انتقال القوى العاملة ورؤوس األموال‪ ،‬وتبادل السلع والخدمات بين دول‬
‫العالم‪.‬‬
‫▪ خضوع دول ا لعالم القوي للسوق العالميّة االحتكاريّة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى اختراق‬
‫الحدود وانحسار سيادة الدولة‪ ،‬ويكون ذلك بمشاركة الشركات الضخمة ذات رؤوس‬
‫األموال الكبيرة التي تتمكن من التأثير على سيادة الد َُّول‪ ،‬والسيطرة على اقتصادها‬
‫وثرواتها‪.‬‬
‫▪ االندماج الحاصل في حقول التجارة واالستثمارات المباشرة لمختلف أسواق العالم‪،‬‬
‫حيث ترغب العديد من الدول الكبرى بإنشاء أسواق عالميّة تشارك فيها الدول الضعيفة‬
‫والقويّة لتبادل السلع والمنتجات فيما بينها؛ لتنشأ بينهم عالقة مصالح مشتركة‪ ،‬ث ّم‬
‫تتحول هذه العالقة تدريجيا ً إلى سيطرة وهيمنة‪.‬‬
‫▪ سيطر ة الشركات العالميّة ذات الجنسيات المتعددة على رؤوس األموال الخاصة بالدول‬
‫الضعيفة‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق استثمار الدول القويّة مواردها في تلك الدول‬
‫الضعيفة‪.‬‬
‫✓ العَ ْولَمة السياسيّة‬
‫إن العولمة السياسيّة تقوم في أساسها على الحريّة في مختلف صورها‪ ،‬كحريّة التفكير‪،‬‬ ‫ّ‬
‫و حريّة التعبير‪ ،‬وحريّة االختيار‪ ،‬وحريّة االعتقاد‪ ،‬وحريّة االنضمام إلى المنظمات‬
‫السياسيّة‪ ،‬وحريّة تشكيل األحزاب‪ ،‬وحريّة االنتخاب‪ ،‬وتتمثل المظاهر السياسيّة للعولمة في‬
‫سقوط األنظمة الديكتاتوريّة واالتجاه نحو األنظمة الديمقراطيّة‪ ،‬كما وتؤكد على الحفاظ على‬
‫حقوق اإلنسان وصيانتها‪ ،‬وقد أدت العولمة السياسيّة إلى تطور العالم تطورا ً ديمقراطيا ً‬

‫‪28‬‬
‫ملحوظا ً يظهر في جليا ً في العديد من الدول وخاصة الدول النامية‪ ،‬حيث ازداد المشاركة‬
‫السياسيّة التي عززت مصير الشعوب‪ ،‬وسقطت الحواجز التي تمنع تكوين األحزاب‬
‫السياسيّة‪ ،‬ولم يعد هناك شي ء يعترض طريقها طالما أنها تعمل في خدمة الوطن والمواطن‪،‬‬
‫ومن مظاهر العولمة السياسيّة أيضا ً تركيز المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة التي تهتم‬
‫بالقضايا العالميّة‪ ،‬مثل‪ :‬قضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬وقضايا تحقيق السالم‪ ،‬ويُعد ّ ميثاق األمم‬
‫المتحدة الذي يحتوي في مبادئه على م بدأ التدخل لألغراض اإلنسانيّة خير مثال على‬
‫االهتمام باحترام حقوق اإلنسان وحريّاته‪.‬‬
‫✓ العَ ْولَمة الثقافيّة‬
‫يرتبط مفهوم العولمة الثقافيّة ارتباطا ً وثيقا ً بفكرة التوحيد الثقافي العالمي‪ ،‬الذي استخدمته‬
‫لجنة اليونسكو العالميّة العاملة على مؤتمر السياسات الثقافيّة في سبيل التنمية‪ ،‬حيث رأت‬
‫أن التوحيد الثقافي يستغ ّل شبكة االتصاالت العالميّة والهيكل االقتصادي واإلنتاجي‬ ‫اللجنة ّ‬
‫التابع لها والمتمثل في شبكات نقل المعلومات والسلع‪ ،‬وتتخذ العولمة الثقافيّة بعدا ً اقتصاديا ً‬
‫وإعالمياً‪ ،‬وتعد عولمة الثقافة شكالً من أشكال السيطرة والتبعيّة‪ ،‬كما تحمل في طياتها‬
‫الكثير من المخاوف التي يُعبَّر عنها من خالل وسائل اإلعالم المختلفة على أنّها ظاهرة‬
‫يجب االستعداد لها‪ ،‬لما تحمله الثقافة من أهميّة كبيرة في حياة األفراد؛ فهي التي تميز‬
‫األجناس البشريّة عن بعضها البعض‪ ،‬وهي التي تؤكد الصفة اإلنسانيّة للجنس البشري‪.‬‬
‫ولمواجهة العولمة الثقافيّة ال ُبد ّ من القيام ببعض األمور األساسيّة‪ ،‬كاستخدام اللغة العربيّة‬
‫السليمة والبسيطة في وسائل اإلعالم واالتصال الجماهيري‪ ،‬كما يجب االبتعاد عن اللهجات‬
‫المحليّة قدر اإلمكان‪ ،‬ودعم القيم الدينيّة والروحيّة اعتمادا ً على دور الدين في التاريخ‬
‫والتراث والحياة المعاصرة‪ ،‬وإيجاد توازن بين رسائل المؤسسات المرتبطة بمختلف‬
‫الجوانب التعليميّة والثقافيّة‪ ،‬والرسائل الترفيهيّة بشرط عدم التعارض مع القيم التنمويّة‪ ،‬كما‬
‫ث من خالل وسائل اإلعالم المختلفة‪ ،‬ونقدها‪ ،‬والتأكد‬ ‫يجب تحليل الرسائل اإلعالميّة التي ت ُ َب ّ‬
‫من عدم احتوائها على قيم تخالف القيم الدينيّة والروحيّة العربيّة واإلسالميّة‪ ،‬أو قيم تخالف‬
‫السياسات التنمويّة والجهود التي تهدف إلى حماية الخصوصيّة الثقافيّة‪.‬‬
‫إيجابيات العولمة‬
‫للعولمة العديد من اإليجابيات ومنها‪:‬‬
‫تتطلب العولمة سعي األفراد إلى التميّز‪ ،‬واالتقان‪ ،‬واالرتفاع بطموحهم إلى مستويا ٍ‬
‫ت عليا‪.‬‬ ‫•‬
‫تنمي العولمة الجرأة في قول الحق‪ ،‬كما تنمي الصدق‪ ،‬والوضوح في تعامل المرء مع‬ ‫•‬
‫نفسه ومع اآلخرين من حوله‪.‬‬
‫تهدف العولمة إلى تطلع المرء نحو الكمال واستعداده لقبول التغير أيا ً كان نوعه‪.‬‬ ‫•‬
‫تسعى العولمة إلى إبعاد وصياغة عقول األفراد نحو الفكر المستقبلي‪ ،‬والبعد عن الفكر‬ ‫•‬
‫التقليدي‪ .‬تحتم العولمة التعامل الواعي مع الواقع العالمي بكل مناحيه‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫تساعد العولمة الدول النامية على التخلص من منتجاتها ذات القيمة المتدنية‪ ،‬من خالل‬ ‫•‬
‫معرفة الميزة الت نافسية للسلع في كل دولة من دول العالم‪ ،‬األمر الذي يمنحها الفرص‬
‫لالندماج في السوق‪.‬‬
‫تؤدي العولمة إلى تنمية التعاون اإلقليمي بين الدول المتجاورة من خالل تدفق رؤوس‬ ‫•‬
‫األموال‪ ،‬وتدفق العمالة‪ ،‬وتنظيم الرحالت الجماعية الهادفة إلى التقارب في التعامالت‬
‫التجارية بين الدول‪.‬‬
‫تساعد العولمة على حل العديد من المشكالت اإلنسانية‪ ،‬والتي ال يمكن حلها من خالل‬ ‫•‬
‫السيادة الوطنية‪ ،‬ومن هذه المشكالت انتشار أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ومشاكل التلوث البيئي‪،‬‬
‫والتهديدات الثورية‪ ،‬وغيرها من المشكالت التي ال بدّ من أن تشترك جميع دول العالم في‬
‫القضاء عليها‪.‬‬
‫تساعد العولمة على ظهور روح المنافسة بين أصحاب الكفاءات‪ ،‬كما وتساعدهم على‬ ‫•‬
‫النجاح في حياتهم العملية بسبب امتالكهم للمهارات التي ال يمتلكها غيرهم‪.‬‬
‫تعد العولمة وسيلةً لتسريع التطور الديمقراطي العالمي‪ ،‬باإلضافة إلى أنها وسيلة إلضعاف‬ ‫•‬
‫نظم االستبداد العالمي‪.‬‬
‫تفتح العولمة آفاقا ً معرفية جديدة ال متناهية أمام األفراد؛ بسبب ارتباطها بالثورة العلمية‬ ‫•‬
‫والمعلوماتية ارتباطا ً وثيقاً‪.‬‬
‫سلبيات العولمة‬
‫كما للعولمة إيجابيات فإن لها العديد من السلبيات أيضاً‪ ،‬ومن سلبيات العولمة اآلتي‪:‬‬
‫تؤدي العولمة إلى تهميش وسحق الهوية الشخصية والوطنية‪ ،‬كما وتسعى نحو تشكيل‬ ‫•‬
‫شخصية وهوية ذات صبغة عالمية‪.‬‬
‫تساهم العولمة في تحويل الهوية الوطنية إلى كيان ضعيف وهش‪ ،‬وخاصة في حال عدم‬ ‫•‬
‫امتالك القدرة على التطور أو التأقلم مع تيار العولمة‪.‬‬
‫تسحق العولمة المنافع الوط نية وخاصة عند تعارض هذه المصالح والمنافع مع مصالحها‪.‬‬ ‫•‬
‫تفرض العولمة الوصاية األجنبية وذلك من خالل اعتبار الدول األجنبية أكثر تقدما ً ونفوذاً‪،‬‬ ‫•‬
‫مما أدى إلى إهانة كل ما هو محلي‪ ،‬كما أدى ذلك إلى مالحقة كل ما هو محلي إلى حين‬
‫االستسالم لتيار العولمة‪.‬‬
‫ساهمت العولمة في سحق الثقافة والحضارة الوطنية‪ ،‬كما أوجدت حالة من االغتراب بين‬ ‫•‬
‫األفراد وتاريخهم الوطني والموروثات الثقافية‪ ،‬والحضارية التي تعود في أصلها إلى‬
‫اآلباء واألجداد‪.‬‬
‫ساعدت العولمة في سيطرة الكيانات القوية على األسواق المحلية‪ ،‬كما ساعدتها في بسط‬ ‫•‬
‫نفوذها على الكيانات المحلية‪ ،‬وتحويلها إلى مؤسسات تابعة لها‪.‬‬
‫صنعت العولمة من الدول المتقدمة دوال ً صانعة للقرارات‪ ،‬وموزعة لألدوار على الدول‬ ‫•‬
‫النامية تحت مسمى االقتصاد المتقدم والتكنولوجيا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫عمل المرأة‬ ‫‪.12‬‬
‫أصبحت ال ُمجتمعات تتقبل عمل المرأة‪ ،‬وتُشجعها على خوض الحياة أكثر‪ ،‬ففتحت لها‬
‫المجاالت العديدة للعمل‪ ،‬وتلقي التدريبات الالزمة لاللتحاق بالوظائف‪ ،‬فنشطت المرأة في‬
‫مهنة التعليم‪ ،‬والطب‪ ،‬والصحافة‪ ،‬والتمريض‪ ،‬وإدارة األعمال‪ ،‬والعلوم المالية وال ُمحاسبية‪،‬‬
‫صصات القانون‪ ،‬وغيرها العديد من الت ّخصصات والوظائف‪ ،‬ورغم التطور الحاصل في‬ ‫وتخ ّ‬
‫العالقة بين ال ُمجتمع والمرأة فما زالت هناك بعض السلبيات واإليجابيات التي تتعلق بعمل‬
‫المرأة التي سنذكرها في هذا المقال‪.‬‬
‫إيجابيات عمل المرأة‬
‫ي‪ ،‬وإذا كانت متزوجة ولديها‬ ‫توفير مصدر دخ ٍل للمرأة‪ :‬يدفع بها نحو االستقالل الماد ّ‬ ‫▪‬
‫سوف تُساعد زوجها في تكاليف معيشتهما‪.‬‬ ‫أطفال ُ‬
‫ت متماسك ٍة وقوية‪.‬‬ ‫تعظيم الثقة بالنفس واالنطالق نحو الحياة بخطوا ٍ‬ ‫▪‬
‫فكثير من النساء يفقدن اإلحساس بذواتهن‪ ،‬ويملؤهن الفراغ؛‬ ‫ٌ‬ ‫اإلحساس بالذات وتحقيقها‪:‬‬ ‫▪‬
‫مسار واح ٍد وهو غالبا ً األعمال المنزلية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫نشاطهن اإلنساني اليومي في‬ ‫بسبب انحصار‬
‫وتربية األطفال‪.‬‬
‫تحييد المرأة عن األمور التافهة‪ :‬وثرثرة النساء حول تجاربهن العاطفية‪ ،‬ومشاكل األزواج‪،‬‬ ‫▪‬
‫ومراقبة الناس‪ ،‬والخوض في أمورهم الشخصية‪ ،‬وبالتالي وضع المرأة على الطريق‬
‫قادر على صنع التغيير‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مخلوق ُمف ِ ّكر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ي فهي‬‫ي الحقيق ّ‬
‫الصحيح‪ ،‬وتحميلها دورها الحيات ّ‬
‫ال ُمنتج والمبدع‪ ،‬حيث ال يجب تقزيم دورها في صنع (أكلة) شهية‪ ،‬أو تنظيف المنزل‪.‬‬
‫استكمال الخطوات‪ :‬بعض الشابات يجتهدن في المرحلة الجامعية‪ ،‬للنجاح والحصول على‬ ‫▪‬
‫بأن جهدهن طيلة السنين الماضية قد‬ ‫الشهادة‪ ،‬وعندما يلتحقن بالعمل ال ُمناسب‪ ،‬سيشعرن ّ‬
‫تكرم ولم يذهب أدراج الرياح‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن ذهاب المرأة للعم ِل بشك ٍل يومي يُس ّهل عليها اكتساب‬ ‫تطوير المهارات الشخصية‪ّ :‬‬ ‫▪‬
‫ي‪ ،‬وتتعلم االنضباط في‬ ‫المهارات الحياتية‪ ،‬فتنظم وقتها جيداً‪ ،‬وتحرص على أدائها الوظيف ّ‬
‫وقت الحضور‪ ،‬وموعد االنصراف‪ ،‬ناهيك عن اكتسابها مهارة التكيُّف مع الظروف‬
‫طرق وأبسطها‪.‬‬ ‫ال ُمخت ِلفة‪ ،‬وقدرتها العالية على مواجهة المشاكل‪ ،‬وح ِلها بأنجح ال ُ‬

‫سلبيات عمل المرأة‬


‫• زيادة األعباء ال ُملقاة على عاتق المرأة‪ :‬فالمرأة ال ُمتزوجة تواجه بعض األحيان‬
‫سرية‪ ،‬فمطلوبٌ منها مغادرة المنزل في‬ ‫صعوبةً في الجمع بين العمل والواجبات األ ُ َ‬
‫ت على األقل تاركةً ورائها العديد‬
‫ساع ٍة مبكرةٍ من الصباح‪ ،‬والعودة بعد سبعِ ساعا ٍ‬
‫من المسؤوليات أبرزها‪ :‬تربية أطفالها خاصةً إن كان أحدهم حديث الوالدة‪ ،‬فمن‬
‫الصعب إيجاد من يجالسه‪ ،‬أو االضطرار إلى وضعه في حضان ٍة خالل فترة الذهاب‬

‫‪31‬‬
‫إلى العمل‪ ،‬وهذا ما يُضائل مستوى العالقة بين الطفل وأمه‪ ،‬ويُضعف مستوى التفاعل‬
‫بينهما‪.‬‬
‫• المشاكل الزوجية‪ :‬ال يُبدي بعض األزواج تفهما ً كبيرا ً لعمل زوجاتهم‪ ،‬ويطالبون‬
‫الزوجة بخفض ساعات العمل أو تركه‪ ،‬والبقاء في المنزل‪ ،‬وتزداد المشاكل الزوجية‬
‫عندما تعجز المرأة عن إقناع زوجها باألهمية ال ُكبرى التي يتمتع بها العمل لديها‪ ،‬أو‬
‫القيمة السامية التي يمنحها أياها‪ ،‬فيما تواجه المرأة ضغطا ً آخر من جهة العمل التي‬
‫غالبا ً ال تُبدي تفهما ً أيضاً‪ ،‬لظروف الموظفة المتزوجة وك ّل ما سبق سيؤثر على عالقة‬
‫ألن عدم تقدير زوجها لما تفعله خارج‬ ‫الزوجين سلباً‪ ،‬وعلى أداء المرأة العاملة؛ ّ‬
‫المنزل‪ ،‬يُضعف عزيمتها‪ ،‬ويقلل تركيزها في العمل‪.‬‬
‫• نظرة ال ُمجتمع‪ :‬لم تتغير نظرة جميع الناس لعمل المرأة‪ ،‬فالبعض يتقبل عملها في‬
‫المناطق القريبة من مكان السكن‪ ،‬أو يرى ضرورة التوقف عن العمل عند الزواج‬
‫محصور بالمال‪ ،‬كما يحيد بعض الخاطبين عن التقدم لبعض‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫وكأن عمل المرأة لديهم‬
‫ب تتعلق بالمعتقدات االجتماعية الخاطئة‪.‬‬‫النساء العامالت؛ ألسبا ٍ‬

‫سدود‬
‫ال ُّ‬ ‫‪.13‬‬

‫ّب الحفاظ عليها من الهدر‬ ‫عز وج ّل؛ لذلك يتوج ُ‬‫يُعتبر الماء ثروة ً عظيمةً ونعمةً جليلةً من هللا ّ‬
‫والضَّياع‪ ،‬وبرزت الحاجة إلى إيجاد أفكار هندسيّ ٍة للحفاظ على الثّروة المائيّة‪ ،‬ومن هنا‬
‫ي الذي يُقام على التَّجمعات‬
‫ظهرت فكرة بناء السُّدود‪ .‬السُّدود ومفردُها سدّ‪ :‬هو التَّصميم الهندس ّ‬
‫المائيّة الكبيرة‪ ،‬مثل‪ :‬الوديان‪ ،‬والمنخفضات التي تتج ّمع فيها مياه األمطار كالبحيرات‪،‬‬
‫والمستنقعات النّاجمة عن األمطار؛ بهدف حجز هذه المياه واالستفادة منها‪ ،‬ومنع إضرارها‬
‫باألراضي المجاورة لها‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أ ّن في دولة طاجكستان أكبر س ٍد ّ في العالم‬
‫ُعرف بس ِدّ نورك‪.‬‬
‫وي ّ‬
‫الهدف من بنائها‬
‫ت طويل ٍة وبناها من المواد األوليّة المتوافرة في بيئته؛ فمن‬ ‫السُّدود عرفها اإلنسان منذ فترا ٍ‬
‫ت صخريّةٍ‪ ،‬ومن كان في منطقة تكثّر فيها‬ ‫صخور بناه من حشوا ٍ‬ ‫كان في بيئ ٍة تكثر فيها ال ُّ‬
‫األشجار أو األحجار بناها من األخشاب أو الحجر‪ ،‬أ ّما في العصر الحديث فبُنيت من الخرسانة‬
‫صخور إلى بعضها البعض‪.‬‬ ‫تراص التُّراب وال ُّ‬
‫ّ‬ ‫ال ُمسلّحة‪ ،‬أو من‬
‫والهدف من بناء السُّدود ما يلي‪:‬‬
‫ت كبيرةٍ من الماء في المناطق التي يكثُر فيها هُطول األمطار؛ بغرض إعادة‬ ‫‪ o‬حجز كميّا ٍ‬
‫أغراض عدَّةٍ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫استخدامها في‬
‫‪ o‬توليد َّ‬
‫الطاقة الكهربائيّة‪ ،‬وذلك بوجود مشروع لتوليد الطاقة من حركة المياه في السّد‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ي األراضي والمحاصيل الزراعيّة القريبة من السّد في فصل‬ ‫استخدام مياه السُّدود في ر ّ‬ ‫‪o‬‬
‫صيف‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫شرب ولالستهالك البشر ّ‬ ‫ض ّخ المياه بعد معالجتها كيميائيًّا؛ فتصبح صالحةً لل ُّ‬ ‫‪o‬‬
‫حماية التُّربة من االنجراف؛ بسبب تدّفق المياه الغزيرة في موسم الهطول‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫صة في المناطق التي تتسبّب فيها األمطار‬ ‫حماية السُّكان من المياه الجارفة أو ُّ‬
‫الطوفان‪ ،‬خا ّ‬ ‫‪o‬‬
‫بإغراق األراضي والمساكن‪.‬‬
‫أنواع السدود‬
‫تعتبر السدود من أقدم الوسائل التي استخدمها اإلنسان لترويض عنفوان األنهار وبقية المجاري‬
‫المائية الطبيعية‪ ،‬وقد بدأ اإلنسان في إقامتها في األساس إما بهدف تنظيم وإدارة الموارد المائية‬
‫المتاحة وتوفير احتياجاته من المياه الصالحة للشرب والزراعة‪ ،‬أو بهدف درء وتجنب خطر‬
‫ما متكرر الحدوث مثل الفيضانا ت أو السيول‪ ،‬أو لتحقيق كال الغرضين معا‪.‬‬
‫واعتمادا على نوع المادة المكونة للسد تنقسم السدود إلى نوعين رئيسيين‪ ،‬وكل منهما ينقسم‬
‫بدوره إلى أنواع أخرى أكثر تعقيدا ال يتسع المجال هنا لذكرها‪ ،‬النوع األول هو النوع‬
‫الخرساني الذي عادة ما يتم بناء جميع أجزائه من الخرسانة اإلسمنتية المسلحة‪ ،‬ويشترط عند‬
‫بناء هذا النوع أن تتحمل التربة التحتية الضغط الهائل الناتج عن ثقل هذه الخرسانة‪.‬‬
‫ويتضمن النوع الثاني السدود الترابية أو الركامية التي تكون مادتها اإلنشائية األساسية من‬
‫الحصى أو الركام باإلضافة إلى الرمال وإن كانت هذه الكتلة الحاجزة تبطن في جميع األحوال‬
‫بطبقة إسمنتية‪ ،‬وهذا النوع من السدود يتميز بانخفاض تكلفة بنائه نسبيا مقارنة بالنوع األول‪،‬‬
‫كما أن إنشاءه ال يتطلب عمل أساسات تحتية ضخمة مثلما الحال في السدود الخرسانية‪ ،‬لذا‬
‫فإنه يكون أكثر عرضة للتصدع أو االنهيار مقارنة بالنوع األول وإن كان هناك أكثر من‬
‫عامل يحكم هذا األمر‪ ،‬مثل قوة العامل الخارجي المؤثر (زالزل‪ ،‬متفجرات‪ ،‬براكين)‪ ،‬وطبيعة‬
‫ا لتربة التحتية‪ ،‬وطبيعة المنطقة الجيولوجية‪ ،‬وسالمة التصميم الهندسي‪ ،‬وخالفه‪.‬‬
‫لقد تطورت فكرة عمل السدود بشكل كبير منذ نهاية القرن الـ‪ 19‬الميالدي‪ ،‬ولم يعد الهدف‬
‫من إقامتها يقتصر على تخزين المياه الستخدامها الحقا في توفير مياه الشرب أو في تنظيم‬
‫شؤون الري والزراع ة‪ ،‬بل امتد إلى أوجه أخرى عديدة‪ ،‬مثل توليد الكهرباء وتحسين المالحة‬
‫النهرية‪ ،‬والتنمية السياحية من خالل استغالل شواطئ البحيرات الصناعية والخزانات المائية‬
‫الواقعة خلف السدود‪ ،‬وتنمية الثروة السمكية من خالل الصيد وإقامة مشروعات االستزراع‬
‫السمكي في هذه البحيرات‪.‬‬
‫كما امتد األمر إلى تطبيقات واستخدامات أخرى حيوية‪ ،‬حيث ظهرت مثال السدود أو الحواجز‬
‫البحرية التي تهدف للحد من زحف مياه البحر إلى المناطق السكنية والزراعية‪ ،‬خصوصا‬
‫أثناء فترات المد‪ ،‬وظهرت كذلك سدود التخزين السطحي التي تهدف إلى تخزين المياه‬

‫‪33‬‬
‫السطحية حتى يمكن جمع ها والتحكم في توزيعها‪ ،‬وسدود التغذية الجوفية‪ ،‬وهي منتشرة في‬
‫البالد القاحلة وتعمل على تخزين مياه األمطار الموسمية لالستفادة منها الحقا‪.‬‬
‫أسباب انهيار السدود‬
‫ض لالنهيار الذي يؤد ّي إلى فيضان مياهه؛ وبالتّالي‬ ‫معر ٌ‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي معمار ٍّ‬ ‫ي بناءٍ هندس ٍّ‬
‫السّد كأ ّ‬
‫إغراق جميع األراضي المحيطة به‪ ،‬وتدميرها بالكامل‪ ،‬لذلك يُراعى عند بناء السُّدود إخالء‬
‫ي طارئ‪ ،‬ومن أسباب انهيار السُّدود ما يلي‪:‬‬‫كافّة المنطقة ال ُمحيطة به تحسّبا ً أل ّ‬
‫الخطأ النَّاجم عن سوء التقدير لكميّة األمطار التي تهطل على المنطقة‪.‬‬ ‫•‬
‫ي فيها‪.‬‬ ‫الخطأ في تحديد نوعيّة التُّربة‪ ،‬وطبقات األرض‪ ،‬وتركيبها‪ ،‬ومقدار النّشاط الزلزال ّ‬ ‫•‬
‫الحساب الخاطئ لكميّة اإلسمنت ال ُمسلّح والخرسانة‪ ،‬وغيرها من المواد المستخدمة في‬ ‫•‬
‫عمليّة البناء والتّشييد‪.‬‬
‫ي‪ ،‬أثناء عمليّة حفر األساس للسّد أو‬ ‫أخطاء ناجمة عن عمليات التَّنفيذ للتّصميم الهندس ّ‬ ‫•‬
‫صبّ الخرسانة‪.‬‬
‫الحسابات الهندسيّة الخاطئة لحساب ُك ٍّل من منسوب الفيضان‪ ،‬ومقدار تح ُّمل السَّد للزلزال‪،‬‬ ‫•‬
‫والرياح‪،‬‬
‫والهزات األرضيّة‪ ،‬والعوامل الطبيعيّة من درجة الحرارة‪ ،‬والضّغط‪ ،‬وال ُّرطوبة‪ّ ِ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وحساب اإلجهادات الواقعة على بنية السّد واألحمال المؤثرة عليها‪ ،‬ونوعية اإلسمنت‬
‫المستخدم في صبّ األساسات‪ ،‬وبنية السد‪.‬‬

‫الحقينة مليون متر‬ ‫سنة‬


‫النهر‬ ‫اسم السد‬ ‫المدينة‬
‫مكعب‬ ‫التشييد‬

‫‪410‬‬ ‫واد ملوية‬ ‫‪1967‬‬ ‫سد محمد الخامس‬ ‫تاوريرت‬

‫واد أم الربيع ‪1384‬‬ ‫‪1953‬‬ ‫سد بين الويدان‬ ‫أزيالل‬

‫‪529‬‬ ‫واد درعة‬ ‫‪1971‬‬ ‫سد المنصور الذهبي‬ ‫ورزازات‬

‫‪1186‬‬ ‫واد ايناون‬ ‫‪1973‬‬ ‫سد إدريس األول‬ ‫فاس‬

‫واد أبو‬
‫‪1025‬‬ ‫‪1974‬‬ ‫سد محمد بن عبد هللا‬ ‫الرباط‬
‫رقراق‬

‫‪773‬‬ ‫واد لوكوس‬ ‫‪1979‬‬ ‫سد وادي المخازن‬ ‫القصر الكبير‬

‫واد أم الربيع ‪2760‬‬ ‫‪1979‬‬ ‫سد المسيرة‬ ‫سطات‬

‫‪3800‬‬ ‫واد ورغة‬ ‫‪1996‬‬ ‫سد الوحدة‬ ‫وزان‬

‫‪303‬‬ ‫واد ماسة‬ ‫‪1972‬‬ ‫سد يوسف بن تاشفين‬ ‫تزنيت‬

‫‪34‬‬
‫‪400‬‬ ‫واد ملوية‬ ‫‪2006‬‬ ‫سد الحسن الثاني‬ ‫ميدلت‬

‫‪347‬‬ ‫واد زيز‬ ‫‪1971‬‬ ‫سد الحسن الداخل‬ ‫الراشدية‬

‫‪216‬‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫‪1981‬‬ ‫سد عبد المومن‬ ‫أكادير‬

‫واد الحاشف ‪300‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫سد ‪ 9‬أبريل ‪1947‬‬ ‫طنجة‬

‫الساقية‬
‫‪110‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫سد الساقية الحمراء‬ ‫العيون‬
‫الحمراء‬

‫‪110‬‬ ‫واد سوس‬ ‫‪1991‬‬ ‫سد أولوز‬ ‫تارودانت‬

‫‪740‬‬ ‫أم الربيع‬ ‫‪2001‬‬ ‫سد أحمد الحنصالي‬ ‫بني مالل‬

‫‪81,50‬‬ ‫واد سبو‬ ‫‪1990‬‬ ‫سد عالل الفاسي‬ ‫إقليم صفرو‬

‫؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد باب الوطا‬ ‫تاهلة‬

‫؟؟؟‬ ‫؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد أسفالو‬ ‫تازة‬

‫‪5,3‬‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد الجمعة‬ ‫تارجيست‬

‫؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد تادارت‬ ‫الحسيمة‬

‫؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد النخلة‬ ‫تاونات‬

‫‪20‬‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫؟؟؟؟‬ ‫سد عبد الكريم الخطابي‬ ‫الحسيمة‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬ ‫‪.14‬‬


‫يمكن تعريف اإلرهاب اإللكتروني بأنه ‪ :‬العدوان أو التخويف أو التهديد المادي أو المعنوي‬
‫الصادر من الدول أو الجماعات أو األفراد على اإلنسان في دينه أو نفسه أو عرضه أو‬
‫عقله أو ماله بغير حق باستخدام المواد المعلوماتية والوسائل اإللكترونية بشتى أشكال‬
‫العدوان وصوره‪ .‬وبالتالي فاإلرهاب اإللكتروني يعتمد على استخدام اإلمكانيات العلمية‬
‫والتقنية واستغالل وسائل االتصال والشبكات المعلوماتية من أخل تخويف وترويع‬
‫اآلخرين وإلحاق الضرر بهم أو تهديدهم‪.‬‬
‫ولم تخرج المج االت القانونية والقضائية عن هذا التطور خاصة بالنسبة للدول المتقدمة‬
‫حيث عرف التوثيق القانوني اآللي تطورا استطاعت بواسطته التغلب على الكثير من‬
‫الصعوبات والعراقيل التي تقف في وجه السير العادي لمختلف المجاالت القانونية‬
‫والقضائية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وبالدنا أخذت في بداية العقد األخير تميل إلى استعمال المعلوميات في محيط عملها‬
‫القانوني والقضائي على الخصوص‪ ،‬ورغم ذلك فما يزال أمامها طريق طويل وطويل‬
‫جدا لتطوير هذا االستعمال باعتماد التقنيات المعلوماتية في تسيير عملها القضائي سواء‬
‫على مستوى العمل في المؤسسات القضائية أو على مستوى التشريع واالجتهاد‪.‬‬
‫والخطر الذي يهددنا من جراء عدم األخذ باستعمال التقنيات ال يتمثل في تأخرنا عن‬
‫الركب بالنسبة لدول العالم فحسب ولكن أيضا في التطور الهائل والسريع الذي يعرفه‬
‫العالم الجديد في مجال المعلوميات مقارنة مع بطء حركتنا في هذا المجال‪.‬‬
‫أنواعه‬
‫إرهاب عقدي‪ -‬عملي‪ -‬فكري‪ -‬أخالقي‪ -‬فردي‪ -‬جماعي‪-‬دولي‬
‫وسائله‬
‫البريد اإللكتروني من خالل تبادل الرسائل اإللكترونية مع اآلخرين عبر شبكة المعلومات‪.‬‬
‫إنشاء مواقع على اإلنترنت حيث يقوم اإلرهابيون من نشر أفكارهم والدعوة إلى مبادئهم‬
‫انطالقا من هذه المواقع‪...‬‬
‫اختراق المواقع والتوصل إلى المعلومات السرية والشخصية واختراق سرية المعلومات‬
‫بسهولة‬
‫أسبابه‪:‬‬
‫الولع في جمع المعلومات وتعلمها‬
‫تحقيق مكاسب مالية‬
‫الدوافع الشخصية نتيجة اإلحساس بالقوة والذات‬
‫الفضول لدى الكثيرين‬
‫أساليب المكافحة‬
‫يجب إيجاد منظومة تعاون بين اإلعالم واألمن لمواجهة اإلرهاب اإللكتروني وبالتالي‪:‬‬
‫عدم نشر ما يصدر من التنظيمات اإلرهابية تهديدات وبيانات‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم اعتبار ما يصدر من قبل التنظيمات اإلرهابية مصدرا موثوق‬ ‫‪-‬‬
‫إبراز دور المواطن في التصدي لمثل هكذا أفكار‬ ‫‪-‬‬
‫رصد ومتابعة المواقع المشبوهة‬ ‫‪-‬‬
‫تعزيز التعاون الدولي في مكافحة اإلرهاب اإللكتروني‬ ‫‪-‬‬
‫توعية الناس بمخاطره‬ ‫‪-‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬إعداد فرق خاصة للتحقيق في هذه الجرائم‬

‫أنواع السياسة‬ ‫‪.15‬‬


‫تعبر السياسة عن عملية صنع قرارا ت ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز‬
‫لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات‬
‫ونخب حسب أيدولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي‪.‬‬
‫والسياسة هي عالقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة األعلى في المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬حيث‬
‫السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أو ال يعمل أشياء سواء أراد أو لم يرد‪.‬‬
‫وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل اإلكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية‪.‬‬
‫ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول وأمور الحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم‬
‫أيضا للداللة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات‬
‫اإلنسانية المختلفة والتفاعالت بين أفراد المجتمع الواحد‪ ،‬بما في ذلك التجمعات الدينية‬
‫واألكاديميات والمنظمات‪.‬‬
‫أنواعها‬
‫سياسة االحتواء ‪:‬وهي السياسة التي دعى إليها سفير األمم المتحدة‪ ،‬وتقوم على‬
‫مهاجمة االتحاد السوفياتي واالكتفاء بالضغط االقتصادي والدبلوماسي والعمل المخابراتي‪.‬‬
‫سياسة التكتل ‪ :‬هي السياسة التي يسعى كل طرف من خاللها إلى االنضمام والتحالف مع‬
‫طرف آخر أو مجموعة من األطراف بهدف كسب حلفاء في جانب من جوانب التعاون‪،‬‬
‫خاصة االستراتيجية منها كالميادين العسكرية واالقتصادية‪.‬‬
‫سياسة اقتصادية ‪:‬هي اإلجراءات الحكومية الهادفة للتأثير على السلوك االقتصادي‪ .‬تغطي‬
‫السياسات نظم تحديد مستويات الضرائب‪ ،‬والميزانيات الحكومية‪ ،‬والمعروض‬
‫النقدي وأسعار الفائدة فضال عن سوق العمل‪ ،‬والتملك القومي‪ ،‬والعديد من مجاالت التدخل‬
‫الحكومي في االقتصاد‪.‬‬
‫سياسة أيديولوجية ‪:‬هي اإلجراءات والطرق المؤدية التخاذ قرارات من أجل المجموعات‬
‫والمجتمعات البشرية ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول وأمور الحكومات فإن كلمة‬
‫سياسة قد تستخدم أيضا للداللة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق‬
‫بين التوجهات اإلنسانية المختلفة والتفاعالت بين أفراد المجتمع الواحد بما فيها التجمعات‬
‫الدينية واألكاديميات والمنظمات‪.‬‬

‫حقوق الطفل‬ ‫‪.16‬‬

‫‪37‬‬
‫تهدف اتفاقية ح قوق الطفل إلى وضع معايير للدفاع عن األطفال ضد‬
‫اإلهمال واإلساءة اللذين يواجهانهما‪ ،‬بصورة يومية وبدرجات متباينة‪ ،‬في‬
‫جميع البلدان‪ .‬وتحرص االتفاقية على إفساح المجال للفروق الثقافية‬
‫والسياسية ولالختالفات المادية بين الدول‪ .‬أما أكثر االعتبارات أهمية فهو‬
‫مصلحة ال طفل الفضلى‪ .‬ويمكن تقسيم الحقوق التي نصت عليها االتفاقية‬
‫إلى ثالث مجموعات رئيسية ‪:‬‬
‫التمتع‪ :‬الحق في التملك‪ ،‬وفي تلقي أشياء أو خدمات بعينها أو الحصول‬
‫عليها (االسم والجنسية‪ ،‬الرعاية الصحية‪ ،‬التعليم‪ ،‬الراحة واللعب‪ ،‬رعاية‬
‫المعوقين واأليتام (‪..‬‬
‫الحماية‪ :‬الحق في الحماية من األفعال والممارسات المؤذية (الفصل عن‬
‫الوالدين‪ ،‬االنخراط في األعمال الحربية‪ ،‬االستغالل التجاري أو الجنسي‪،‬‬
‫اإلساءة البدنية أو النفسية (‪..‬‬
‫المشاركة‪ :‬حق الطفل في أن يُسمع رأيه لدى اتخاذ قرارات تؤثر على‬
‫باطراد‪ ،‬على فرص‬ ‫حياته‪ .‬ومع تطور قدراته‪ ،‬ينبغي للطفل أن يحصل‪ّ ِ ،‬‬
‫للمشاركة في نشاطات مجتمعه تهيئةً له لالندماج في حياة الكبار (حرية‬
‫القول وإبداء الرأي‪ ،‬النشاط الثقافي والديني واللغوي (‪..‬‬
‫فيما يلي نص اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة في ‪ 20‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ ،1989‬خالل احتفال بالذكرى‬
‫الثالثين إلعالن حقوق اإلنسان‪:‬‬
‫وقد وقع على االتفاقية في ‪ 26‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪ ،1990‬وهو اليوم األول‬
‫الذي فتح فيه باب التوقيع عليها‪ ،‬عدد من البلدان لم يسبق له مثيل بلغ‬
‫مجموعه ‪ 61‬بلدا‪ .‬ودخلت االتفاقية حيز النفاذ في ‪ 2‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪1990‬‬
‫بورود أكثر من ‪ 20‬تصديقا عليها‪.‬‬
‫وهذه االتفاقية المؤلفة من ‪ 54‬مادة التي تمثل "شرعة حقوق" للطفل‪،‬‬
‫تجعل مصالح الطفل الفضلى منارتها الهادية‪.‬‬
‫بعض مواد حقوق الطفل‬

‫‪38‬‬
‫المادة ‪ :1‬تعريف الطفل‬
‫كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة‪ ،‬ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق‬
‫عليه ‪.‬‬
‫المادة ‪ :2‬عدم التمييز‬
‫يجب أن تُمنح جميع الحقوق إلى كل طفل بال استثناء‪ .‬وعلى الدولة أن توفر لكل طفل‪ ،‬بال‬
‫استثناء‪ ،‬الحماية من جميع أشكال التمييز ‪.‬‬
‫المادة ‪ :3‬مصالح الطفل الفضلى‬
‫في جميع اإلجراءات التي تتعلق باألطفال‪ ،‬يولى االعتبار األول لمصالح الطفل الفضلى ‪.‬‬
‫المادة ‪ :4‬تطبيق الحقوق‬
‫تلتزم الدول األطراف بضمان تطبيق الحقوق الواردة في االتفاقية ‪.‬‬
‫المادة ‪ :5‬الوالدان‪ ،‬األسرة‪ ،‬حقوق المجتمع والمسؤوليات‬
‫تحترم الدول األطراف دور الوالدين واألسرة في تربية الطفل ‪.‬‬
‫المادة ‪ :6‬الحياة والبقاء والنمو‬
‫للطفل حق أصيل في الحياة‪ ،‬وتكفل الدولة بقاء الطفل ونموه ‪.‬‬
‫المادة ‪ :7‬االسم والجنسية‬
‫للطفل الحق في أن يكون له اسم منذ والدته‪ ،‬وله الحق في اكتساب جنسية وفي معرفة والديه‬
‫وتل ِقّي رعايتهما ‪.‬‬
‫المادة ‪ :8‬المحافظة على الهوية‬
‫تتعهد الدولة بتقديم المساعدة للطفل من أجل إعادة إثبات هويته إذا ُحرم منها بطريقة غير‬
‫شرعية ‪.‬‬
‫المادة ‪ :9‬عدم فصل الطفل عن والديه‬
‫تحترم الدول األطراف حق الطفل المنفصل عن والديه في االحتفاظ بعالقة منتظمة معهما‪.‬‬
‫وفي الحاالت التي ينجم فيها هذا الفصل عن االعتقال أو السجن أو الوفاة‪ ،‬يتعين على الدولة‬
‫الطرف تقديم المعلومات للطفل أو الوالدين حول مكان وجود عضو األسرة المفقود ‪.‬‬
‫المادة ‪ :10‬جمع شمل األسرة‬

‫‪39‬‬
‫تنظر الدول األطراف في الطلبات التي يقدمها الطفل أو والده لدخول دولة طرف أو مغادرتها‬
‫بقصد جمع شمل األسرة بطريقة إنسانية‪ .‬وللطفل الذي يقيم والداه في دولتين مختلفتين الحق‬
‫في االحتفاظ بعالقات منتظمة بكليهما ‪.‬‬
‫المادة ‪ :11‬ال مشروعية نقل األطفال وعدم عودتهم‬
‫تتخذ الدول األطراف تدابير لمكافحة خطف األطفال من قبل أحد الشريكين‪ ،‬أو من قبل طرف‬
‫ثالث ‪.‬‬
‫المادة ‪ :12‬التعبير عن الرأي‬
‫تكفل الدول األطراف للطفل حق التعبير عن آرائه‪ ،‬وتُولي آراءه االعتبار الواجب ‪.‬‬
‫المادة ‪ :13‬حرية التعبير والمعلومات‬
‫للطفل الحق في طلب مختلف أنواع المعلومات وتل ِقّيها وإذاعتها بأشكال مختلفة‪ ،‬بما في ذلك‬
‫الفن والطباعة والكتابة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :14‬حرية التفكير والضمير والدين‬
‫تحترم الدول األطراف حقوق وواجبات الوالدين في توجيه الطفل في ممارسة حقه بطريقة‬
‫تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :15‬حرية االشتراك في الجمعيات‬
‫تعترف الدول األطراف بحقوق الطفل في حرية تكوين الجمعيات واالنضمام إليها وفي حرية‬
‫االجتماع السلمي ‪.‬‬
‫المادة ‪ :16‬الخصوصية والشرف والسمعة‬
‫ال يجوز التدخل في حياة الطفل الخاصة أو أسرته أو مراسالته ‪.‬‬
‫المادة ‪ :17‬الحصول على المعلومات واالتصال بوسائل اإلعالم‬
‫تضمن الدول األطراف إمكانية حصول الطفل على المعلومات من شتى المصادر‪ .‬وينبغي‬
‫إيالء عناية خاصة لحاجات األقليات التي ينتمي إليها الطفل‪ ،‬وتشجيع وضع مبادئ توجيهية‬
‫بشأن حماية األطفال من المعلومات والمواد الضارة بمصلحتهم ‪.‬‬
‫المادة ‪ :18‬مسؤولية الوالدين‬
‫يتحمل كال الوالدين مسؤوليات مشتركة عن تربية الطفل‪ ،‬وعلى الدول األطراف أن تقدم‬
‫المساعدة للوالدين في االضطالع بمسؤولية تربية األطفال ‪.‬‬
‫المادة ‪ :19‬اإلساءة واإلهمال (سواء في إطار األسرة أو برعاية جهة أخرى(‬

‫‪40‬‬
‫يجب على الدول األطراف حماية األطفال من جميع أشكال اإلساءات‪ .‬وعليها أن توفر البرامج‬
‫االجتماعية والخدمات المساندة لتحقيق ذلك ‪.‬‬
‫المادة ‪ :20‬الرعاية البديلة في غياب الوالدين‬
‫تضمن الدول األطراف رعاية بديلة للطفل وفقا ً لقوانينها الوطنية‪ ،‬وعليها أن تولي االعتبار‬
‫الواجب إلتاحة االستمرارية في خلفية الطفل الدينية والثقافية واللغوية واإلثنية لدى توفير‬
‫الرعاية البديلة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :21‬التبني‬
‫المخولة بالتبني وال يُسمح‬
‫َّ‬ ‫تضمن الدول األعضاء أن تكون الهيئات المختصة وحدها هي‬
‫بتبني طفل في بلد آخر‪ ،‬إال إذا تعذرت العناية به بأي طريقة مالئمة في وطنه ‪.‬‬
‫المادة ‪ :22‬األطفال الالجئون‬
‫يجب أن توفر الدول لأل عضاء حماية خاصة لألطفال الالجئين‪ .‬ولتحقيق هذا الغرض‪ ،‬عليها‬
‫أن تتعاون مع الوكاالت الدولية‪ ،‬وأن تعمل على جمع شمل األطفال المفصولين عن أسرهم ‪.‬‬
‫المادة ‪ :23‬األطفال المعاقون‬
‫المعوق في الحصول على رعاية خاصة وعلى التعليم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫تعترف الدول األطراف بحق الطفل‬
‫وفي التمتع بحياة كاملة كريمة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :24‬الرعاية الصحية‬
‫تعترف الدول األطراف بحق الطفل في الحصول على خدمات الرعاية الصحية الوقائية‬
‫والعالجية‪ ،‬فضال عن إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الطفل‪ ،‬على نحو تدريجي ‪.‬‬
‫المادة ‪ :25‬المراجعة الدورية‬
‫تعترف الدول األطراف بحق الطفل الذي تُودعه السلطات المختصة ألغراض الرعاية أو‬
‫الحماية أو المعالجة‪ ،‬في إجراء مراجعة دورية ألوضاعه ‪.‬‬
‫المادة ‪ :26‬الضمان االجتماعي‬
‫لكل طفل الحق في االنتفاع من الضمان االجتماعي ‪.‬‬
‫المادة ‪ :27‬مستوى المعيشة‬
‫يتحمل الوالدان المسؤولية األساسية عن تأمين ظروف المعيشة الكافية لنمو الطفل‪ ،‬حتى عندما‬
‫يكون أحد الوالدين مقيما ً في دولة أخرى غير الدولة التي يعيش فيها الطفل ‪.‬‬
‫المادة ‪ :28‬التعليم‬

‫‪41‬‬
‫تعترف الدول األطراف بحق الطفل في التعليم االبتدائي المجاني وفي توفير التعليم المهني‪،‬‬
‫وبضرورة اتخاذ تدابير للتقليل من معدالت التسرب من المدارس ‪.‬‬
‫المادة ‪ :29‬أهداف التعليم‬
‫يجب أن يكون التعليم موجها ً نحو تنمية شخصية الطفل ومواهبه وإعداده لحياة تستشعر‬
‫المسؤولية واحترام حقوق اإلنسان والقيم الثقافية والوطنية لبلد الطفل والبلدان األخرى ‪.‬‬
‫المادة ‪ :30‬أطفال األقليات والسكان األصليين‬
‫يحق للطفل الذي ينتمي إلى أقليات أو إلى السكان األصليين التمتع بثقافته واستخدام لغته ‪.‬‬
‫المادة ‪ :31‬اللعب والترفيه‬
‫للطفل الحق في اللعب ومزاولة األنشطة الترفيهية والمشاركة في الحياة الثقافية والفنية ‪.‬‬
‫المادة ‪ :32‬االستغالل االقتصادي‬
‫للطفل الحق في الحماية من جميع أشكال العمل التي تلحق به الضرر ومن االستغالل‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫المادة ‪ :33‬المواد المخدرة‬
‫تتخذ الدول األطراف التدابير المناسبة لوقاية األطفال من االستخدام غير المشروع للمواد‬
‫المخدر ة والمواد المؤثرة على العقل‪ ،‬ولمنع استخدام األطفال في إنتاج مثل هذه المواد‬
‫وتوزيعها ‪.‬‬
‫المادة ‪ :34‬االستغالل الجنسي‬
‫تتعهد الدول األطراف بحماية األطفال من االستغالل الجنسي‪ ،‬بما في ذلك الدعارة‪،‬‬
‫واستخدامهم في المواد الخالعية ‪.‬‬
‫المادة ‪ :35‬االختطاف والبيع واالتجار‬
‫تلتزم الدول األطراف بمنع اختطاف األطفال أو بيعهم أو االتجار بهم ‪.‬‬
‫المادة ‪ :36‬أشكال االستغالل األخرى‬
‫ينبغي حماية األطفال من جميع أشكال االستغالل الضارة برفاهية الطفل‬
‫المادة ‪ :37‬التعذيب وعقوبة اإلعدام والحرمان من الحرية‬
‫ُعرض أي طفل للتعذيب أو اإلعدام أو السجن مدى الحياة ‪.‬‬
‫ال ي َّ‬
‫المادة ‪ :38‬النـزاعات المسلحة‬

‫‪42‬‬
‫تضمن الدول األطراف أال يشترك األشخاص الذين لم يبلغوا سن الخامسة عشرة اشتراكا ً‬
‫مباشرا ً في الحرب‪ ،‬كما تمتنع عن تجنيد أي شخص لم يبلغ الخامسة عشرة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :39‬التعافي وإعادة االندماج‬
‫تلتزم الدول األطراف بإعادة التأهيل التربوي واالندماج االجتماعي للطفل الذي يقع ضحية‬
‫لالستغالل أو التعذيب أو النـزاعات المسلحة ‪.‬‬
‫المادة ‪ :40‬قضاء األحداث‬
‫يحق لكل طفل يُتهم بانتهاك قانون العقوبات أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساسه‬
‫بكرامته ‪.‬‬
‫المادة ‪ :41‬حقوق الطفل في الصكوك األخرى‬
‫ليس في هذه االتفاقية ما يمس حقوق األطفال في القوانين الدولية األخرى ‪.‬‬
‫المادة ‪ :42‬نشر االتفاقية‬
‫تتعهد الدول األطراف بنشر مبادئ االتفاقية وأحكامها بين البالغين واألطفال على السواء ‪.‬‬
‫المادة ‪ :54-43‬التطبيق‬
‫تنص هذه المواد على ضرورة تشكيل لجنة معنية بحقوق الطفل تضطلع بمهمة اإلشراف على‬
‫تطبيق هذه االتفاقية ‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬عناوين المواد ُوضعت لغاية التبسيط‪ ،‬وليست جزءا ً من نصوص االتفاقية ‪.‬‬

‫االتفاقيات الدولية والنظام العام‬ ‫‪.17‬‬


‫إذا كانت ظاهرة الهجرة كظاهرة إنسانية وطبيعية قد استطاعت إلى حد ما تحقيق نوع من‬
‫الرفاهية واالستقرار االقتصادي للمهاجرين المغاربة في بلدان إقامتهم؛ فإنها بالمقابل ساهمت‬
‫إلى حد كبير في احتدام النزاعات بشأن تطبيق القوانين الشخصية في مجال األحوال الشخصية‬
‫سيما ع ندما يتعلق األمر بالنزاعات الدولية الخاصة التي تربط بين بلدين يسود احدهما نظام‬
‫قانوني علماني يجعل من عهود ومواثيق حقوق اإلنسان الصادرة عن هيئة األمم المتحدة‬
‫مرجعيته المتبناة في صياغة القوانين األسرية؛ وبين نظام قانوني ديني يكرس نظريات أسرية‬
‫مستوحاة من الفقه اإلسالمي كما هو الشأن في العالقة بين المغرب وأوروبا‪.‬‬
‫وبذلك يتم استبعاد القانون الوطني الواجب التطبيق بعلة مخالفته للنظام العام وقد أجمع‬
‫الفقهاء على أنه من المتعذر وضع تحديد لفكرة النظام العام ذاتها ذلك أن فكرة النظام العام‬
‫فكرة نسبية وتتباين من مجتمع لآلخر ومن زمن آلخر فما قد يعد من النظام العام ال يعد كذلك‬

‫‪43‬‬
‫في دولة أخرى‪ ،‬فبالنسبة للمشرع المغربي فقد جعل المادة ‪430‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية تشكل المصفاة للنظر في كل مساس بالنظام العام _وكانت متشددة في ذلك‬
‫_ثم جاءت بعد ذلك المادة ‪ 126‬من مدونة األسرة لتلطف من قساوة المادة السالفة الذكر ‪.‬‬
‫وبهذا فإن النظام العام يتحدد بمجموعة من المقاربات التي تؤسسه وهو ما يكون له انعكاس‬
‫على التطبيقات القضائية له و الذي يظهر بشكل واضح في مجال األحوال الشخصية‪.‬‬
‫إذن كيف يمكن تحديد مفهوم جديد للنظام العام بين المقاربة الدينية والمقاربة األممية ؟‬
‫❖ تحديد فكرة النظام العام من خالل األحكام القطعية للشريعة اإلسالمية‬
‫تتجلى المكانة المتميزة التي يحتلها اإلسالم في النظام القانوني المغربي على صعيد القانون‬
‫الخاص ‪،‬إذ على الرغم من أن المغرب كغيره من الدول اإلسالمية عمل مند حصوله على‬
‫االستقالل على سن قوانينه في مختلف المجاالت على الشكل الحديث ‪،‬إال أنه مازال يحتفظ‬
‫لقواعد الفقه اإلسالمي بمكانة متميزة في الحلول القانونية ومن دلك مثال القانون الدولي الخاص‬
‫الذي وان سن المغرب بشأنه قواعد تنظم العالقات الدولية مقتبسة من القوانين الغربية إال إن‬
‫القانون ‪.‬‬ ‫هدا‬ ‫إطار‬ ‫في‬ ‫واضحة‬ ‫تبدو‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الفقه‬ ‫قواعد‬
‫وهكذا ينبغي استبعاد كل قانون أجنبي يتعلق باألحوال الشخصية آدا كان من شأن تطبيقه‬
‫المساس بالمقومات األساسية و الثوابت الرئيسية التي يقوم عليها النظام القانوني المغربي‬
‫والتي تتجلى في أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫وهكذا ‪،‬يتعين على المحاكم المغربية أن تمتنع عن تطبيق القوانين األجنبية التي تجيز‬
‫االعتراف بالبنوة الطبيعية أو تبيح المعاشرة الجنسية بين شخصين من جنس واحد ‪،‬كما يبغي‬
‫للمحاكم المغربية انطالقا من مبادئ الشريعة اإلسالمية وكلما تعلق األمر بطرف مسلم أن‬
‫تقرر العزوف عن تطبيق قانون األحوال الشخصية األجنبي في حالة ما إدا كان هدا األخير‬
‫يجيز مثال الفصل الجسماني بين الزوجين‪.‬‬

‫فمسائل األحوال الشخصية من أخصب المسائل التي يستبعد فيها القانون األجنبي الواجب‬
‫التطبيق نتيجة استخدام تقنية النظام سواء في قضايا الزواج أو الطالق أو الميراث ا واثبات‬
‫النسب وهدا يرجع إلى أن تلك المسائل يرتكز تنظيمها أساسا على المفاهيم الدينية و األخالقية‪،‬‬
‫أما المسائل األخرى كمسائل األحوال العينية و العقود و الوقائع القانونية فال يثار النظام العام‬
‫إال نادرا ‪.‬‬
‫قد يترتب عن تطبيق مفهوم النظام العام المغربي استبعاد القانون األجنبي الذي يمنع الزوج‬
‫المسلم من الحق في تعدد الزوجات ‪،‬فالقانون المغربي يطبق بصورة كلية على العالقة التي‬
‫يكون احد أطرافها مسلما سواء كان مغربيا أو أجنبيا‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ويرجح كذلك القانون اإلسالمي على القانون األجنبي الواجب التطبيق بمقتضى قاعدة اإلسناد‬
‫في مسائل إثبات النسب كلما كان في النزاع الناشئ عن النسب طرف يعتنق الديانة اإلسالمية‬
‫مهما كانت جنسته ‪،‬فإن كان النزاع يدور حول إثبات األبوة غير الشرعية وكان األب مسلما‬
‫أيا كانت جنسيته‪ ،‬واالبن غير مسلم منتسب لدولة يجيز قانونها إثبات األبوة غير الشرعية‬
‫‪،‬فإن القانون الوطني لالبن يستبعد باسم النظام العام و يحل محله القانون اإلسالمي الذي ال‬
‫يقر بالبنوة غير الشرعية و ال يعترف بأي أثر من أثارها‪.‬‬
‫❖ تحديد النظام من خالل المقاربة األممية‬
‫لقد أصبحت االتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق اإلنسان وخاصة اتفاقية القضاء على‬
‫جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة ‪ ،1979‬واالتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان لسنة‬
‫‪1950‬؛ واتفاقية ‪ 1962‬المتعلقة بتحديد سن الزواج ومنع قيود تشريعية على الزواج ترجع‬
‫إلى الجنس أو اللون أو الوضعية االجتماعية أو العقيدة؛ ثم اتفاقية حقوق الطفل لسنة‬
‫‪ 1989‬تش كل نظاما عاما دوليا في مجال الروابط األسرية ال يمكن للدول األطراف تجاهله؛‬
‫األمر الذي كان له انعكاس على المفهوم القانوني واالجتماعي لألسرة‪ ،‬حيث توالت التعديالت‬
‫المنظمة لألسرة بمعظم الدول في اتجاه مسايرة االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان التي ال تؤمن‬
‫إال باحت رام الحرية والحياة الخاصة وتحقيق المساواة المطلقة بين الجنسين بدءا من إبرام عقد‬
‫الزواج الذي أصبح عقدا رضائيا بالمعنى الكامل للكلمة سواء بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة؛‬
‫ومرورا بما يتعلق بتدبير الشؤون المادية والمعنوية لألسرة وتربية األطفال والوالية عليهم‬
‫ح يث ألغي مفهوم السلطة األبوية وتم تعويضه بمصطلح والية القرابة‪ ،‬بل ألغيت كل‬
‫االمتيازات التي كانت للرجل وأصبح هو والمرأة متساويان في جميع الحقوق وااللتزامات‬
‫والمسؤوليات األسرية‪.‬‬
‫فمفهوم األخالق الحميدة واآلداب العامة بل مفهوم النظام العام نفسه قد تغير بتطور المجتمع‬
‫الذي أصبحت فيه الحياة مبنية على النزعة المادية ومبادئ الحرية الفردية حسب التفسير‬
‫المعطى لهما في إطار االتفاقيات الدولية الصادرة عن األمم المتحدة وبالرجوع الى الدستور‬
‫المغربي فإن ‪ -‬جعل االتفاقيات الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وفي نطاق أحكام الدستور‪،‬‬
‫وقوانين المملكة‪ ،‬وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو‪ ،‬فور نشرها‪ ،‬على التشريعات الوطنية‪،‬‬
‫والعمل على مالئمة هذه التشريعات‪ ،‬مع ما تتطلبه تلك المصادقة وهكذا فإن القضاء المغربي‬
‫لم يعد في إمكانه رفض طلب تذييل الحكم األجنبي بالصيغة التنفيذية إال إذا خرق في مقتضياته‬
‫ا لنظام العام المغربي كحرمان أحد الطرفين من حقوق الدفاع مثال‪.‬‬
‫❖ الدفع بالنظام العام من خالل تطبيقات المحاكم المغربية‬
‫إذا كانت التعديالت التي حملتها المادة ‪ 128‬من مدونة األسرة تتضمن إشارة واضحة للقضاء‬
‫المغربي للتعامل بمرونة مع مفهوم النظام العام في الحالة التي يطلب فيها منه تذييل حكم‬
‫أجنبي بالصيغة التنفيذية يتعلق برابطة أسرية لمغاربة بالخارج‪ ،‬فإنه بالنظر إلى بعض األحكام‬
‫القضائية الحديثة الصادرة عن القضاء المغربي بعد دخول مدونة األسرة حيز التطبيق نجده‬

‫‪45‬‬
‫الزال يتخذ من النظام العام ذريعة الستبعاد الحكم األجنبي مستغال في ذلك تارة السلطة‬
‫التقديرية المخولة له لتقدير النظام العام وال يمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية يسير في اتجاه‬
‫التمسك بفكرة النظام العام مستغال في ذلك ما تضمنته المادة ‪ 128‬نفسها كذريعة لرفض تذييل‬
‫الحكم األجنبي بالصيغة التنفيذية‪ ،‬ومن ذلك الحكم الصادر عن ابتدائية الناظور بتاريخ ‪– 19‬‬
‫‪ ، 2004 – 04‬والذي رفضت فيه منح الصيغة التنفيذية لحكم أجنبي قضى بالتطليق بين‬
‫زوجين مغربيين معللة ذلك بكون أنه‪ " :‬بالرجوع إلى الحكم األجنبي المراد تذييله بالصيغة‬
‫التنفيذية من خالل ترجمته إلى اللغة العربية يتبين أن هذا األخير لم يبين األسباب التي اعتمد‬
‫عليها للحكم بالتطليق حتى تتمكن المحكمة من معرفة ما إذا كانت هذه األسباب تتنافى مع تلك‬
‫التي قررتها المدونة أم ال؟‬

‫دور التحكيم في حل المنازعات‬ ‫‪.18‬‬


‫باث التحكيم ‪ Arbitrage‬في الوقت الحاضر الوسيلة األكثر انتشارا لحسم المنازعـات‬
‫التجاريـة ويعتبر التحكيم نوعا من القضاء الخاص‪ ،‬فهو وسيلة بديلـة عن قضاء الدولـة يقـوم‬
‫فيه أطراف النزاع بمحض إرادتهما الحرة على اللجوء إلى التحكيم لحل ما قد يثـور من‬
‫خالف أو نزاع في المستقبل بمقتضى قرار له قيمة قضائية‪ .‬ويمكن لألطراف االتفاق على‬
‫اللجوء للتحكيم عند بدء العالقة بينهم وقبل حصول نزاع‪ ،‬كأن يوردوا بندا ً في عقدهم يشير‬
‫إلى موافقتهم على إحالة أي خالف ينشـأ بينهم للتحكيم‬
‫( شرط التحكيم) ‪ ،‬كما يمكن لهـم إبرام اتفاقيـة تحكيم بعد نشوء الخالف يبينوا فيـها تفاصيـل‬
‫الخالف وموافقتهـم على إحالته للتحكـيم (مشارطة التحكيم) ويسمى أحيانـا ً (وثيقة التحكيم‬
‫الخاصة)‪.‬‬
‫ولم يعد خافيا أن التحكيم قد أضحى طريقة مألوفة ومرغوبة لفض المنازعات والتـي تنشأ في‬
‫الغالب عن عالقات تعاقدية وذلك عوضـا عن اللجوء إلى القضاء‪ ،‬بل أصبـح التحكيم أكثر‬
‫ضرورة في مجال عالقات التجـارة الدوليـة ألن كال طرفي هذه العالقـة ال يرغب عادة‬
‫الخضوع لقضاة محاكم الطرف األخر‪.‬‬
‫وعلى خالف الوساطة والتقييم الحيادي المبكر‪ ،‬يعتبر التحكيم من حيث نتيجته ملزمـاً‪ ،‬بحيث‬
‫يملك المح ّكم أو هيئة التحكيم سلطة اتخاذ القرار في أساس النزاع والبت فيه‪ ،‬وهذا على‬
‫خالف الوسيـط الذي ال يملك هـذه السلطة ‪ .‬كما أن التحكيم متـى اتفـق عليـه (قبل نشوء‬
‫النزاع أو بعده) يصبـح ملزماً‪ ،‬ويتوجب على األطراف السير به حتى نهايـة إجراءاته وإصدار‬
‫القرار المنهي للخصومة من خالله ‪ .‬ويعتبـر حكم التحكيـم ملزمـا ً ويستوي مع القرار الصادر‬
‫عن المحكمة إذا ما تم تذييله بالصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫التعريف بالتحكيم ومزياه‬

‫‪46‬‬
‫يعرف التحكيم "بانه نظام للقضاء الخاص تقصى فيه خصومة معينة من اختصاص القضاء‬
‫العادي‪ ،‬ويعهد بها الى اشخاص يختارون للفصل فيها" ‪.‬‬
‫هذا فان إرادة األطراف ه ي التي تخلق نظام التحكيم ولكن المشرع كان دائما من وراء دعم‬
‫تلك اإلرادة فهو يقرها ويجيزها ويبث فيها الحركة والروح كما فعل المشرع المغربي في‬
‫الفصول من ‪ 306‬الى ‪ 327‬مع ادخال الغاية من ق م م ‪.‬‬
‫ويقصد بالتحكيم في ورقتنا هاته التحكيم االختياري المبني على مبدا سلطان اإلرادة مستبعدين‬
‫من الكالم التحكيم االجباري المفروض تشريعيا كما هو الحال بالنسبة للتحكيم المنصوص‬
‫عليه في ظهير ‪ 19‬يناير ‪ ( 1946‬كما وقع تغييره) الذي نص وجوبا على اخضاع النزاع‬
‫الجماعي لمسطرة المصالحة والتحكيم وفي حوادث الشغل‪ ،‬كالفصل ‪ 207‬من ظهير ‪25‬‬
‫يونيو ‪ 1927‬المعدل من الناحية الشكلية بظهير ‪ 1963‬الذي اوجب عرض النزاع المتعلق‬
‫بالتقارير الطبية والجراحية او الصيدلية فيما يخص حوادث الشغل لزوما على لجنة المراقبة‬
‫والتحكيم‪ ،‬والمادة ‪ 28‬من قانون مهنة المحاماة (‪ )1993‬وقانون ‪ 21/94‬المتعلق بنظام‬
‫الصحفيين المهنيين الصادر بتاريخ ‪. 1995/2/22‬‬
‫وامام االنفتاح ونمو وتزايد العالقات الدولية الخاصة البد من اإلشارة الى ميثاق االستثمار‬
‫لسنة ‪ 1995‬الذي أجاز التحكيم في المادة ‪ 17‬منه‪ ،‬وكذا االتفاقيات الدولية التي صادق عليها‬
‫المغرب او ابرمها سواء االتفاقيات المتعددة األطراف كاتفاقية نيويورك ‪ 1958‬بشان‬
‫االعتراف بالمقررات التحكيمية وتنفيذها‪ ،‬واتفاقية واشنطن ‪ 1965‬لتسوية المنازعات‬
‫االستثمارية بين الدول‪ ،‬ومواطني الدول األخرى التي تحيل عليها االتفاقيات األخيرة التي‬
‫عقدها المغرب مع كثير من الدول مؤخرا‪ ،‬او االتفاقيات الثنائية وهي عديدة وكثيرة ‪.‬‬
‫اما مزايا التحكيم‪ ،‬فهي كثيرة الى ان قال فيه ارسطو ‪ " :‬ان اطراف النزاع يستطيعون تفضيل‬
‫التحكيم على القضاء الن المحكم يرى العدالة بينما ال يعتد القاضي اال بالتشريع" ‪.‬‬
‫فالتحكيم اجماال يفصل في الخصومة بسرعة وفي وقت قصير فتنتهي المنازعة دون ان تسود‬
‫العالقات التجارية او يتعكر صفوها‪ ،‬ويتم ذلك في اطار من الكتمان والسرية والمرونة‪،‬‬
‫والخبرة الفنية‪ ،‬وعدم التقيد عادة بقواعد المرافعات‪ ،‬وبقانون الشكل‪ ،‬الذي يكون أحيانا سببا‬
‫في ضياع الحقوق‪ ،‬ويتناسب التحكيم مع الظروف الخاصة ألطراف الخصومة اذ يتم االتفاق‬
‫على عقد جلسات مع أوقات وامكنة تتناسب والتزاماتهم‪ ،‬وهو األكثر فعالية ألنه يخول‬
‫األطراف اختيار المحكم األكثر كفاءة والذي يتسم بخصال حميدة وسلوك حسن بعيدا عن كل‬
‫شبهة مستقل ومحايد‪ ،‬كما تكمن فعاليته في كون األطراف يختارون القانون الواجب التطبيق‬
‫سواء في الشكل او الجوهر ‪.‬‬
‫لكن اذا اردنا ان يكون التحكيم فعاال ومجديا فانه يتعين اختيار محكم قدير كما هو الحال‬
‫بالنسبة للمنافسات الرياضية التي تفقد متعتها ونكهتها بسبب سوء التحكيم ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ولهذه المزايا فاذا كان قضاء التحكيم في العالقات الداخلية قضاء استثنائيا من القضاء العادي‬
‫فانه بالنسبة للعالقات الدولية الخاصة فهو قضاء أصيل ‪ :‬اذ ال تكاد االتفاقيات المتعلقة بالتجارة‬
‫الدولية وباالستثمارات األجنبية ان تخلو من شرط تحكيم واألسباب كثيرة وال داعي للوقوف‬
‫عليها ‪.‬‬
‫األسس التي يقوم عليها‬
‫اما عن األسس التي يقوم عليها التحكيم فهو مؤسسة اختيارية يلجا إليها بمحض إرادة األطراف‬
‫كما يجوز لهم العدول عنه في أية مرحلة وصلت إليها القضية‪ ،‬ومؤسسة قضائية تستوجب‬
‫ان يكون هناك نزاع بين األطراف ( الفصل ‪ 308‬المسطرة المدنية) ويتعين على المحكم‬
‫كالقاضي ان يحرر الحكم ويضمنه بيانات الدعاءات األطراف ونقط النزاع والمنطوق الذي‬
‫بت بمقتضاه والتوقيع وهوية األطراف وتاريخ ومحل إصداره ( ف ‪ 318‬م م) ‪.‬‬
‫ومن األسس‪ ،‬أيضا‪ ،‬ضرورة االتفاق على التحكيم في محرر مكتوب (‪ )307‬ويجوز ان يتم‬
‫هذا االتفاق سواء قبل نشوب النزاع او بعده (‪ )309‬وان الحكم التحكيمي ال يقبل الطعن‬
‫بالتعرض او االستئناف او النقض وال يمكن إبطاله عن طريق دعوى البطالن (‪ )319‬إال ان‬
‫الحكم التحكيمي يمكن ان يكون موضوع إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن الخصومة‬
‫وال يكون الحكم التحكيمي قابال للتنفيذ بحد ذاته بل البد من تذييله بالصيغة التنفيذية باسم سيادة‬
‫الدولة‪ ،‬وتطبق على الحكم التحكيمي قاعدة نسبية الحكم القضائي‪ ،‬وأخيرا فان االتفاق على‬
‫التحكيم ال يمنع اللجوء الى قاضي المستعجالت ‪.‬‬
‫أنواع التحكيم‬
‫التحكيم قد يكون حرا كما قد يكون مؤسساتيا‪ ،‬و في هذه الحالة فإن مركز التحكيم ال يمكنه‬
‫سوى تنظيم مسطرة التحكيم و ضمان حسن سيرها (الفصل ‪(320‬‬
‫هيئة التحكيم‬
‫و في إطار ممارسة المحكم لمهامه يتعين التصريح بذلك لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة‬
‫االستئناف‪ ،‬إذ يقيد في قائمة المحكمين لدى المحكمة و ذلك بعد دراسة وضعيتهم (الفصل‬
‫‪(.321‬و يجوز تجريح المحكم و عزله‪.‬‬
‫يتعين على المحكمة عندما يعرض عليها نزاع متفق بشأنه على التحكيم إذا دفع المدعى عليه‬
‫بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة التحكيم‬
‫أو ابطال اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫تتشكل هيئة التحكيم من محكم فرد أو عدة محكمين‪ ،‬في حالة عدم االتفاق على عدد المحكمين‬
‫كان العدد وتريا و إال كان التحكيم باطال (الفصل ‪(.327-2‬‬

‫‪48‬‬
‫لألطراف الحرية في اختيار هيئة التحكيم‪ ،‬و في حالة وجودج صعوبة اثناء تشكيل الهيئة يتم‬
‫اللجوء إلى القاضي المختص‪.‬‬
‫الحكم التحكيمي‬
‫يكتسب الحكم التحكيمي حجية الشيء المقضي به‪.‬‬
‫الحكم التحكيمي ال يكتسب هذه الحجية عندما يتعلق األمر بنزاع يكون أحد األشخاص‬
‫الخاضعين للقانون العام طرفا فيه إال بناء على أمر بتخويله الصيغة التنفيذية (الفصل ‪-26‬‬
‫‪)327‬‬

‫ضوابط االجتهاد‬ ‫‪.19‬‬


‫تعريف االجتهاد‬
‫• لغة ‪ :‬بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من األفعال وال يستعمل إال فيها فيه مشقة‬
‫يقال اجتهد في حمل الصخرة وال يقال اجتهد في حمل العصا أو النواة مثال‪ ،‬والجهد‬
‫بالفتح المشقة والطاقة وبالضم فقط ومنه قوله تعالى‪( :‬والذين ال يجدون إال جهدهم‪(.‬‬
‫• اصطالحا‪ :‬بذل الوسع في النظر في األدلة للحصول على القطع أو الظن بحكم شرعي‪.‬‬
‫حكمه واألصل فيه‬
‫حكم االجتهاد فرض كفاية‪ ،‬واألصل فيه قوله تعالى ‪" :‬وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث‬
‫إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكال آتينا حكما وعلما"‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران"‪ .‬وقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم لمعاذ‪" :‬الحمد هلل الذي وفق رسول هللا لما يرضى رسول هللا" حين قال للنبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم إنه يجتهد حيث ال كتاب وال سنة‪.‬‬
‫فتح باب االجتهاد‬
‫ال يجوز خلو الزمان من مجتهد قائم هلل بحجته يبين للناس ما نزل إليهم خالفا لمن قال بإغالق‬
‫باب االجتهاد‪ ،‬ويدل للقول الحق قوله فيها‪ ":‬ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى‬
‫تقوم الساعة" فإنه فيها أخبر في هذا الحديث باستمرار وجود القائمين بالحق إلى انتهاء الدنيا‪.‬‬
‫ففتح باب االجتهاد يُعتبر من محاسن الشريعة اإلسالمية‪ ،‬التي يجعلها قابلة للتطبيق في كل‬
‫عها بجديد‪ ،‬وال قعدت عن الوفاء بمطلب‪ ،‬بل كان عندها لكل‬ ‫زمان ومكان‪ ،‬فما ضاق ذر ُ‬
‫مشكلة عالج‪ ،‬فبقيت حيّة ً تساير أحوال الناس ومتطلباتهم‪ ،‬فلله الحمد والمنّة على شرعه‬
‫القويم‪ ،‬والهداية إليه‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫بينما الدعوة إلى قفل باب االجته اد في الشريعة هي دعوة إلى الجمود الفقهي‪ ،‬وتحجير واسع‬
‫بل هو في نظري – وهللا أعلم – دعوة للطعن في اإلسالم والنيل منه؛ ألن الزمان إذا تقدم‬
‫حكم شرعي لها‪ ،‬ولم‬‫نظر وإصدار ٍ‬ ‫وتطورت وسائله وتعقيداته واستجدت وقائ ُع تحتاج إلى ٍ‬
‫ّ‬
‫ويحاربون التطور‪ ،‬وال شك أن هذا فيه‬
‫ِ‬ ‫يقم المسلمون بذلك؛ اتّهموا أنهم ( ضد كل جديد )‪،‬‬
‫خطر كبير على اإلسالم وأهله‪.‬‬
‫كما ان االجتهاد الجماعي له أهمية كبيرة نظرا ً لما يطرأ على حياة الناس من أمور جدت على‬
‫الساحة نتيجة للتقدم الذي طرأ على حياتهم؛ كما أنه كان معموالً به في عصور اإلسالم األولى‬
‫من خالل مبدأ المشاورة‪ ،‬وتبادل الرأي‪.‬‬
‫انواعه‬
‫ذكر العلماء ّ‬
‫أن االجتهاد نوعان ‪:‬‬
‫▪ األول ‪ :‬االجتهاد في فهم النصوص إلمكان تطبيقها‪ ،‬وهذا واجب على كل مجتهد‪،‬‬
‫وخاصة إذا كان النص محتمالً لوجو ٍه مختلفة في تفسيره‪ ،‬أو كان عا ّما ً أو مجمالً‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬قبول بيّن ٍة معاكس ٍة من المدَّعى عليه للترجيح بينها وبين بيّنة المدعي فإنه ال ينافي‬
‫قول النبي البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر أل ّن هذا التدبير ال يمنع المدعي من‬
‫اإلثبات الذي منحه إيّاه النص‪ ،‬وإنما هو وسيلة لتمحيص البيّنات والقضاء باألقوى‪.‬‬
‫حكم ال نص فيه على حكم منصوص عليه‪ ،‬أي هو اجتهاد في‬ ‫▪ الثاني ‪ :‬اجتهاد في قياس ٍ‬
‫استنباط العلة من المنصوص عليه لتعديتها للفرع الذي لم يُنص على حكمه ليحكم عليه‬
‫بحكمها‪ ،‬وهذا ال يجوز أن يُلجأ إليه إال بعد أال نجد حكم المسألة المبحوث عنها في الكتاب‬
‫أو السنة أو اإلجماع؛ أل ّن محل القياس إنما هو عند عدم النص‪.‬‬
‫شروطه‬
‫يكاد يتفق علماء األصول على أن الشروط التي يجب توفرها في المجتهد حتى يبلغ هذه الرتبة‬
‫هي ‪:‬‬
‫أن يكون عالما بوجود الرب وما يجب له سبحانه من صفات الكمال وما يمتنع عليه من‬ ‫•‬
‫صفات النقص والعيب وأن يكون مصدقا بالرسول صلى هللا عليه وسلم وما جاء به‬
‫المشروع ليكون فيها يسنده من األقوال واألحكام محققا‪.‬‬
‫أن يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة التي لها تعلق بما يجتهد فيه األحكام وإن لم يكن‬ ‫•‬
‫حافظا لها‪.‬‬
‫أن يكون عالما بمسائل اإلجماع والخالف لئال يعمل ويفتي بخالف ما وقع اإلجماع عليه‪.‬‬ ‫•‬
‫أن يكون عالما بالناسخ لئال يعمل ويفتي بالمنسوخ‪.‬‬ ‫•‬
‫أن يكون عارفا بما يصلح لالحتجاج به من األحاديث وما ال يصلح‪.‬‬ ‫•‬
‫أن يكون عالما بالقدر الالزم لفهم الكالم من اللغة والنحو‪.‬‬ ‫•‬

‫‪50‬‬
‫• أن يكون على علم بأصول الفقه ألن هذا الفن هو الدعامة التي يعتمد عليها االجتهاد‪.‬‬
‫ت فيها نص قاطع من كتاب أو سنة‪ ،‬ويكون‬
‫مجال االجتهاد هو األحكام العملية التي لم يأ ِ‬
‫بالشروط المعتبرة عند العلماء‪.‬‬

‫منظومة العدالة‬ ‫‪.20‬‬


‫لقد تعددت المحطات التي أبان فيها المغرب عن إرادته في إصالح القضاء‪ ،‬منذ التسعينيات‬
‫من القرن الماضي بداء بالتعديالت الجوهرية التي مست قوانين ذات صلة بالحقوق و الحريات‬
‫كقانون المسطرة الجنائية و قانون الصحافة و الحريات العامة‪ ،‬مرورا بخلق المجلس‬
‫االستشاري لحقوق اإلنسان ووزارة حقوق اإلنسان‪ ،‬وصوال إلى التجربة الفريدة من نوعها‬
‫دوليا في كشف الحقيقة عن انتهاكات الماضي وجبر الضرر عنها وضمان عدم تكرارها من‬
‫خالل مؤسسة هيئة اإلنصاف و المصالحة‪ ،‬األمر الذي أبان عن إرادة قوية للمغرب في‬
‫المضي نحو قضاء أفضل ينطلق من تكريس حقيقي لسلطة القضائية وترك شؤون القضاء‬
‫للقضاة أنفسهم بعيد عن التدخل أو التأثير التسلسلي ‪.‬‬
‫وقد أكد خطاب صاحب الجاللة في افتتاح دورة المجلس األعلى للقضاء بالرباط بفاتح مارس‬
‫‪ 2002‬عن إرادته في إصالح القضاء بقوله " التعبئة الكاملة و القوية للقضاة و لكل الفاعلين‬
‫في مجل العدالة للمضي قدما بإصالح القضاء نحو و جهته الصحيحة و انتهاء زمن العرقلة‬
‫و التخاذل و التردد و االنتظارية "‬
‫فاستقالل القضاء على الن حو المذكور ووفقا للمنظور التحليلي الحقوقي لدولة الحق و القانون‬
‫ال يمكن أن يعني سوى أمرين ‪:‬‬
‫‪ -‬استقالل جهاز القضاء كمؤسسة متميزة بذاتها عن باقي السلط األخرى في الدولة‬
‫‪ -‬استقالل القاضي ذاتيا عن كل النوازل و التأثيرات الخارجية واستقالله شخصيا عن كل‬
‫المؤثرات و العراقيل التي تشوب حياته الخاصة و تؤثر حياته المهنية هما إذا أمرين‬
‫جوهريين في بناء عدالة مستقلة ونزيهة وكفأة و قوية جديرة بما يرمز إليه اسمها من‬
‫توقير و احترام كما جاء في خطاب صاحب الجاللة ‪.‬‬
‫لن تقف إرادة إصالح القضاء عبر هذا الخطاب‪ ،‬وإنما تعززت عبر عديد من الخطب الملكية‬
‫فيما بعد‪ ،‬فبمناسبة عيد العرش لسنة ‪ 2008‬سيؤكد جاللة الملك على منهجية إصالح القضاء‬
‫بقوله‪ " ،‬ولهذه الغاية ندعو حكومتنا لالنكباب على بلورة مخطط مضبوط لإلصالح العميق‬
‫بقضاء ينبثق من حوار بناء وانفتاح واسع على جميع الفعاليات المؤهلة المعنية مؤكدين بصفتنا‬
‫ضامنا الستقالل القضاء حرصنا على التفعيل األمثل لهذا المخطط من أجل بلوغ ما نتوخاه‬
‫للقضاء من تحديث و نجاعة في إطار من النزاهة و التجرد و المسؤولية‪"..‬‬

‫‪51‬‬
‫بعد ذلك أتى الخطاب التاريخي في ‪ 9‬مارس ‪ ،2011‬والذي أعلن فيه عن إجراء إصالح‬
‫دستوري شامل من خالل سبعة مداخل رئيسية من ضمنها االرتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة‬
‫و تعزيز صالحيات المجلس الدستوري و توطيد لسمو الدستور و سيادة القانون و المساواة‬
‫أمامه‪ ،‬والقارئ لدستور ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬سيجد بابا خاصا يتكون من ‪ 22‬فصل حول السلطة‬
‫القضائية و التي غدت و ألول مرة في المغرب سلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية‪ ،‬ومن أهم النقط الجوهرية التي أتى بها الدستور هي نقطة تعويض المجلس األعلى‬
‫للقضاء بالمجلس األعلى للسلطة القضائية و الذي يرأسه جاللة الملك‪ ،‬توج هذا المسار في‬
‫خطاب أخر بتاريخ ‪ 8‬مايو ‪، )5(2012‬والذي أعلن فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس‬
‫عن انطالق الحوار الوطني حول إصالح القضاء‪ ،‬بتنصيب الهيئة العليا للحوار‪ ،‬والتي تضم‬
‫هيئة استشارية تضم ‪ 40‬عضوا ً برئاسة وزير العدل مصطفى الرميد‬
‫‪.‬وقد عملت هذه الهيئة على تنظيم ‪ 41‬اجتماعا للهيئة العليا‪ ،‬و‪ 11‬ندوة جهوية غطت‬
‫الخريطة القضائية للمملكة‪ ،‬واالستشارات الكتابية ل‪ 111‬هيئة و منظمة و ‪ 104‬ندوة مواكبة‬
‫على صعيد المحاكم(‪ ،) 6‬تم التوصل إلى نتائج مكونة لمشروع الحوار الوطني للعدالة‪ ،‬والذي‬
‫يهدف باألساس إلى تعزيز االستقاللية القضاء و ارفع من فعاليته بتبسيط اإلجراءات و سرعة‬
‫البت في القضايا و جودة األحكام ‪.‬‬
‫وقد قدّمت الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصالح القضاء في المغرب‪ ،‬ميثاق "إصالح‬
‫منظومة العدالة" في البالد‪ ،‬التي صاغت فيه توصياتها النهائية لجلسات الحوار التي عقدتها‬
‫على مدار عام كامل ‪.‬‬
‫قضاء مستقل ونزيه‪ ٬‬قريب من المتقاضين‪ ٬‬يوفر شروط المحاكمة العادلة ويعتمد مبدأ الحكامة‬
‫الجيدة‪ ٬‬مطالب من بين أخرى طالما نادت بها مختلف فعاليات المجتمع المدني والسياسي‬
‫المغربي‪ ٬‬وخطت أولى خطاها نحو التحقق مع إطالق الحوار الوطني حول إصالح منظومة‬
‫العدالة‪.‬‬
‫وبالنظر لتشعب مكونات منظومة العدالة وارتباطها بعدد من المهن القانونية والقضائية‪ ٬‬فإن‬
‫ورش اإلصالح الذي أطلقه وحدد مرجعياته ومحاوره الملك محمد السادس‪ ٬‬يتأسس على‬
‫مقاربة تشاركية إدماجية تنخرط فيها كافة الفعاليات الحقوقية والسياسية والمدنية لضمان‬
‫إصالح شمولي ومتكامل ينهض بقطاع العدل وبالعدالة االجتماعية‪.‬‬
‫وحتى ال تبقى المقتضيات الجديدة للدستور التي تهم باألساس إخراج القضاة من وصاية‬
‫وزارة العدل والسلطة التنفيذية عموما‪ ٬‬وتقوية مؤسسة المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫وتعزيز استقالليتها‪ ٬‬وإقرار حق القضاة في تأسيس الجمعيات‪ ٬‬وتوفير ضمانات الستقالل‬
‫السلطة القضائية‪ ٬‬عصية عن التنزيل فهناك إجماع على ضرورة تفعيلها بواسطة قوانين‬
‫تنظيمية تترجم بوضوح االستقاللية المنشودة‪.‬‬
‫ركائز إلصالح أعطاب العدالة‬

‫‪52‬‬
‫❖ توطيد استقالل السلطة القضائية‬
‫هذا المحور وصفه الرميد بمناسبة نشر مضامين ميثاق إصالح منظومة العدالة‪ ،‬بكونه أهم‬
‫ركائز اإلصالح‪ ،‬حيث يهدف إلى ضمان استقاللية القضاء‪ ،‬وترجمة لحق المواطنين في‬
‫االحتماء بقضاء نزيه منصف وفعال‪ ،‬عبر وضع القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية‪ ،‬وتكريس استقالله المالي واإلداري‪ ،‬وتخصيص ميزانية سنوية له‪ ،‬ومقر خاص‪،‬‬
‫سيسره أمين عام يعين من طرف جاللة الملك باقتراح من الرئيس المنتدب للمجلس بعد‬
‫استشارة هذا األخير‪ ،‬مع وع نظام داخلي للمجلس سيتم عرضه على المحكمة الدستورية‪.‬‬
‫مؤسسة أخرى سترى النور‪ ،‬يتعلق األمر المفتشية العامة للتفتيش القضائي بالمجلس األعلى‬
‫للسلطة القضائية‪ ،‬سيكون على رأسه مفتش عام‪ ،‬يعين من طرف جاللة الملك باقتراح من‬
‫الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬
‫القضاة بدورهم‪ ،‬سيتمكنون من إيصال تظلماتهم في حال تهددت استقاليتهم‪ ،‬سيكون المجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية مطالبا بوضع آلية في النظر في شكاوى القضاة‪.‬‬
‫❖ تخليق منظومة العدالة‬
‫مراقبة وتتبع التصريح بممتلكات موظفي العدل‬
‫يعد تخليق منظومة العدالة من األهداف االستراتيجية الهامة لإلصالح‪ ،‬إذ وصفه الميثاق‬
‫بكونه مدخال من «المداخل األساسية لتحصين هذه المنظومة من مظاهر الفساد واالنحراف»‪،‬‬
‫عبر تتبع و مراقبة التصريح بالممتلكات للقضاة‪ ،‬وإنشاء هيأة مشتركة بين المجلس األعلى‬
‫للحسابات والمجلس األعلى للسلطة القضائية للتنسيق في مجال التصريح ومراقبة ثروات‬
‫موطف داخل اآلجال القانونية‪.‬‬
‫هيئات مهنية للبث في القرارات التأديبية‬
‫المقاربة األخالقية بدورها حاضرة في هذا الهدف عبر استحضار القيم والواجبات التي تضبط‬
‫السلوك المهني في كل مهن منظومة العدالة‪ ،‬إذ يتضمن إجراءات جديدة عبر إشراك الوكيل‬
‫العام لدى محكمة االستئناف أو من يمثله في المجلس التأديبي للمحامين‪ ،‬لكن من دون أن‬
‫يشارك في المداوالت واتخاذ القرار‪ ،‬وإحداث هيئة قضائية مختلطة على مستوى محاكم‬
‫االستئناف تتكون من قضاة من بينهم الرئيس ومحامين اثنين من الهيأة للبث في الطعون‬
‫والقرارات التأديبية‪.‬‬
‫هيئات قضائية ومهنية مختلطة‬
‫مهنيو العدالة من مفوضين قضائيين وعدول وموثقين وخبراء وتراجمة محلفين‪ ،‬سينشؤون‬
‫بمقتضى الميثاق الجديد‪ ،‬هيئات قضائية لكل مهنة‪ ،‬وذلك للبث في الملفات التأديبية‪ ،‬وذلك‬
‫على مستوى محاكم االستئناف‪ ،‬وتتكون من ثالثة قضاة من بينهم الرئيس وممثلين اثنين عن‬
‫كل مهنة قضائية‪ ،‬كما سيتم مراجعة المقتضيات القانونية في ما يخص ودائع المتعاملين مع‬

‫‪53‬‬
‫المهن القضائية والقانونية لتحصينها من كل أشكال التالعبات‪ ،‬فيما سيتم وضع مدونات سلوك‬
‫تتضمن األخالقيات المهنية ونشر هذه المدونات‪.‬‬
‫صالحيات جديدة للمجلس األعلى للحسابات‬
‫الميثاق جاء ليكرس الدور الذي تلعبه مؤسسات الحكامة كالمجلس األعلى للحسابات في تخليق‬
‫الحياة العامة‪ ،‬إذ سيخول للمجلس إحالة األفعال التي تكتسي صبغة جنائية مباشرة إلى النيابة‬
‫العامة المختصة‪ ،‬وتوسيع إلزامية التبليغ عن جرائم الفساد المالي‪ ،‬مع حماية الشهود والمبلغين‪.‬‬
‫هذه اإلجراءات ستمكن حسب الميثاق من تعزيز ثقة المواطنين والمواطنات في العدالة‪،‬‬
‫وفضح الفساد‪ ،‬عبر نشر األحكام القضائية المتعلقة بالجرائم المالية‪.‬‬
‫❖ تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات‬
‫سياسة جنائية وعقابية جديدة‬
‫يرتبط هذا الهدف بتعزيز حماية القضاء للحريات ومراجعة السياسة الجنائية‪ ،‬وسياسة التجريم‬
‫والعقاب‪ ،‬لتالئم القوانين الزجرية الوطنية مع الدستور ومبادئ االتفاقيات الدولية المتعلقة‬
‫بمكافحة الجريمة وحقوق االنسان‪ ،‬من خالل نهج سياسة جنائية تراعي النوع االجتماعي‪،‬‬
‫وتحمي ضحايا الجريمة كاألحداث وذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬وضحايا العنف من النساء‪.‬‬
‫بالنسبة للعقوبات أورد الميثاق اقتراحات جديدة للعقاب عبر سن عقوبات بديلة‪ ،‬ومراجعة‬
‫الفوارق الشاسعة بين الحد األدنى واألقصى للعقوبة‪ ،‬بهدف التقليص بينهما‪ ،‬ومراجعة‬
‫اإلفراج المشروط ودمج العقوبات‪ ،‬مع وضع نظام التخفيض التلقائي للعقوبة بناء على حسن‬
‫سلوك السجين ومدى مساهمته في برامج اإلصالح واإلدماج‬
‫❖ االرتقاء بفعالية ونجاعة القضاء‬
‫إحداث أقسام تجارية متخصصة بالمحاكم‬
‫يهدف هذا المرتكز إلى تسهيل الولوج إلى القانون والعدالة من طرف المتقاضين‪ ،‬وعقلنة‬
‫الخريطة القضائية‪ ،‬وتبسيط المساطر والخدمات‪ ،‬وذلك من خال إرساء تنظيم قضائي قائم‬
‫على مبدأ الوحدة والتخصص‪ ،‬قمته محكمة النقض‪ ،‬وجعل المحكمة االبتدائية صاحبة الوالية‬
‫العامة والمختصة في البث في كل القضايا‪ ،‬وربط المحاكم اإلدارية بالدوائر القضائية‪ ،‬والبدئ‬
‫في إحداث أقسام إدارية متخصصة في المحاكم االبتدائية تختص في المنازعات اإلدارية‪.‬‬
‫الميثاق استحضر الصعوبات التي يجدها المتقاضون في التنقل من أجل حضور الجلسات‬
‫في المحاكم التجارية بين المدن الكبرى‪ ،‬وما يتبع ذلك من مصاريف تثقل كاهلهم‪ ،‬وارتأى‬
‫ربط المحاكم التجارية باألقطاب الصناعية الكبرى وتحديد اختصاصاتها‪ ،‬مع إنشاء أقسام‬
‫تجارية متخصص ة في بعض المحاكم االبتدائية‪ ،‬وغرف استئناف تجارية بمحاكم االستئناف‪،‬‬
‫والبث في القضايا في آجال معقولة‪ ،‬وتتبعها عبر اإلدارة اإللكترونية‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫❖ إنماء القدرة المؤسسية لمنظومة العدالة‬
‫يهدف هذا المرتكز إلى الرفع من القدرات المهنية لكل مكونات منظومة العدالة من قضاة‬
‫وموظف ي كتابة الضبط وكل مهن العدالة‪ .‬في هذا الصدد ستراجع وزارة العدل والحريات‬
‫شروط مباريات ولوج سلك القضاء مع االنفتاح على التخصصات العلمية‪ ،‬وبشروط خاصة‬
‫وبتكوين في مجاالت علم النفس واالجتماع‪ ،‬على أن تنضاف سنة واحدة لسلك التكوين بالمعهد‬
‫العالي للقضاء ويصبح بذلك ثالثة سنوات إلنتاج قضاة متخصصين سيما في القضايا التجارية‬
‫واإلدارية واالجتماعية‪.‬‬
‫القضاة المتخرجون الجدد سيحملون صفة «قاضي نائب»‪ ،‬سيتم ترسيمه مباشرة بعد قضاء‬
‫سنتين من العمل بالمحاكم تحتسب في مساره المهني‪ ،‬مع إلزام القضاة بالخضوع للتكوين‬
‫المستمر للرفع من جاهز يتهم ومواكبتهم‪ ،‬وجعله سبيال للترقي‪ ،‬مع إحداث درجيتين للترقي‬
‫بعد الدرجة االستثنائية‪ ،‬والرفع من أجور وتعويضات القضاة كما التزم بذلك وزير العدل‬
‫والحريات مصطفى الرميد عند تنصيبه‪.‬‬
‫❖ تحديث اإلدارة القضائية وتعزيز حكامتها‬
‫ينبني هذا المتركز على عصرنة اإلدارة القضائية‪ ،‬واستخدام التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬في أفق‬
‫حوسبة اإلجراءات والمساطر القانونية‪ ،‬عبر وضع مخطط مديري إلرساء المحكمة الرقمية‪،‬‬
‫وتوفير أنظمة معلوماتية آمنة‪ ،‬تعتمد علي التوقيع اإللكتروني وأداء الرسوم والغرامات‬
‫والمصاريف القضائية على األنترنت‪ .‬كما سيتم إعادة هيكلة المراكز الجهوية للحفظ‬
‫واألرشيف‪.‬‬
‫البنية التحتية للمحاكم‪ ،‬سيعاد فيها النظر‪ ،‬عبر اإلسراع في تنفيذ أوراش بناء لتوسعة وإعادة‬
‫تهيئة مقار المحاكم غير المالئمة‪ ،‬وتجهيزها بالمرافق الضرورية‪ ،‬والبحث عن التمويالت‬
‫الضرورية من خالل الحساب الخاص لوزارة العدل وبيع جزء من عقاراته‪ ،‬واالعتماد على‬
‫تمويالت من الميزانية العامة والبنك الدولي‪.‬‬

‫النظام النيابي‬ ‫‪.21‬‬


‫يطبق هذا النظام في الدول الجمهورية والدول الملكية المقيدة بدستور‪ ،‬وهو من اشهر أنماط‬
‫األنظمة السياسية الديمقراطية ‪ ،‬ويالئم مجمل بلدان العالم التي ال تشهد استقرارا سياسيا عاليا‬
‫‪ ،‬او التي تحولت حديثا الى النظام الديمقراطي بعد ان كانت من الدول غير الديمقراطية ‪،‬‬
‫ويتكون هذا النظام من رئيس او ملك ‪ ،‬ورئيسا للوزراء يكون على رأس السلطة التنفيذية ‪،‬‬
‫ومجلسا للنواب يكون هو الجهة المشرعة التي تقوم بصياغة القوانين ‪ ،‬ويمكن سرد اهم‬
‫خصائص هذا النموذج باآلتي ‪:‬‬
‫• أدور رئيس الدولة المتمثل بالملك او الرئيس المنتخب ضعيفا وهو منصب شرفي‬

‫‪55‬‬
‫ال ينتخب من قبل الشعب بل يرشح من قبل الكتل النيابية ويكون التصويت عليه انتخابا‬ ‫•‬
‫باألغلبية من قبل مجلس النواب‪.‬‬
‫يتولى رئيس الدولة منصب القائد العام للقوات المسلحة في أحوال االستعراضات العسكرية‬ ‫•‬
‫والمناسبات التشريفية فقط‬
‫يتولى رئيس الوزراء قيادة السلطة التنفيذية ويكون هو المسؤول المباشر اما الشعب من‬ ‫•‬
‫خالل البرلمان وامام رئيس الدولة المتمثل بالملك او الرئيس المنتخب ‪.‬‬
‫يتولى رئيس الوزراء القيادة العامة للقوات المسلحة بشكل فعلي‪.‬‬ ‫•‬
‫يتم تكليف رئيس الوزراء بمهام السلطة التنفيذية من قبل رئيس الدولة‬ ‫•‬
‫السلطة مقسومة على ثالث هيئات هي السلطة التشريعية ولها اختصاصات محددة‬ ‫•‬
‫بالدستور والقانون ‪ ،‬والسلطة التنفيذية التي تكون مهمتها األساسية تنفيذ التشريعات التي‬
‫يقدمها مجلس النواب ‪ ،‬والسلطة القضائية التي تكون المحور الثابت الذي ال يتغير من‬
‫جراء العملية االنتخابية وهي محمية بقوة الدستور والقانون‪.‬‬
‫للسلطة التنفيذية الحق في مراقبة السلطة التشريعية ‪ ،‬ولوجود التكافؤ في القوة القانونية‬ ‫•‬
‫والدستورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فمن حق السلطة التشريعية أيضا مراقبة‬
‫اعمال السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫يمكن للبرلمان ان يسحب الثقة من السلطة التنفيذية ألسباب موجبة ويمكن للسلطة التنفيذية‬ ‫•‬
‫التقدم بطلب لحل البرلمان ‪ ،‬ألسباب موجبة أيضا ‪ ،‬ويكون االمر نافذا بعد استحصال‬
‫موافقة رئيس الدولة‪.‬‬
‫يمكن لمجلس النواب ان يعفي رئيس الجمهورية من منصبه ألسباب موجبة ‪ ،‬أهمها ‪:‬‬ ‫•‬
‫ارتكابه الخيانة العظمى ‪ ،‬او انته اك الدستور او الحنث باليمين الدستوري‪.‬‬
‫ويعد هذا النمط من األنظمة السياسية االكثر انتشارا في العالم ‪ ،‬وهو يالئم الدول الجمهورية‬
‫والملكية المقيدة في آن واحد ‪ ،‬كما يالئم مجمل الدول التي تعاني من نكبات سياسية او‬
‫اقتصادية ‪ ،‬او التي تكون الديمقراطية فيها مطبقة منذ زمن قصير جدا ‪ ،‬ومن أمثال الدول‬
‫العربية التي نجح فيها النموذج الديمقراطي لبنان والمملكة المغربية ‪ ،‬والعراق‪..‬‬

‫الدفع بعدم الدستورية‬ ‫‪.22‬‬


‫من المعروف أن الرقابة على دستورية القوانين هي التحقق من مخالفة القوانين والتشريعات‬
‫العادية للدستور تمهيدا لعدم إصدارها إذا لم تكن صادرة أو إلغائها أو االمتناع عن تطبيقها‬
‫إذا كان قد تم إصدارها ‪ ،‬هكذا فإن هذه الرقابة تنطلق أساسا من مبدأ علو الدساتير عن القوانين‬
‫العادية وتعد إحدى الضمانات األساسية والرئيسية التي تكفل احترام تطبيق نصوص الدستور‬
‫وحماية الحقوق والحريات التي يضمنها‪.‬‬
‫في هذا الصدد يمكن اعتبار مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين كآلية جديدة للرقابة البعدية على‬
‫القوانين تشكل ثورة حقوقية هامة في النظام الدستوري المغربي‪ ،‬كما أن اعتماد المشرع‬

‫‪56‬‬
‫الدستوري المغربي للرقابة الالحقة على دستورية القوانين من خالل منح األفراد الحق في‬
‫هذا الدفع يشكل نقلة نوعية لتحقيق عدالة دستورية مواطنة ‪ ،‬كما يعتبر هذا المبدأ مظهر من‬
‫أهم تجليات ضمان مبدأ المشروعية الدستورية في جميع القوانين فبموجبه يلزم المشرع على‬
‫إلغاء أو إعادة النظر في كل تشريع يتعارض مع الدستور ويخرق حقوق و حريات األفراد‬
‫ومن خالله يت م تطهير النظام القانوني من المقتضيات المخالفة للدستور وإرجاع مكانة الدستور‬
‫في قمة النظام القانوني‪.‬‬
‫ان تطور التشريع الدستوري جعل من دستور ‪ 2011‬دستورا رائدا في المجال الحقوقي ‪،‬‬
‫وفي عالقة مع الدفع بعدم دستورية القوانين ‪،‬فان ذلك يتجلى من خالل فصله ‪133‬الذي‬
‫ينص ‪:‬‬
‫"أن المحكمة الدستورية تختص في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ‪ ،‬أثير النضر في‬
‫قضية ‪،‬وذلك إذا دفع احد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق‬
‫والحريات التي يتضمنها الدستور "‬
‫وعليه فان القراءة التحليلية لهذا الفصل تحيلنا إلى مقتضيات جديدة تضمنها هذا األخير ‪،‬رغم‬
‫ان المشرع الدستوري اعتمد أسلوبا مغرقا في العمومية واإلطالق (كل دفع –اذا دفع احد‬
‫األطراف ) أول هذه المقتضيات هو ان التشريع الدستوري المغربي أضاف نوعا آخر من‬
‫الرقابة إلى جانب الرقابة السياسية وهي الرقابة القضائية ‪.‬‬
‫ومن ثم فان الدستور الحالي وسع من دائرة األطراف الدعوى الدستورية حيث أعطى الحق‬
‫األول مرة للمتقاضين الطعن عن طريق الدفع بعد دستورية قانون تماشيا مع التعديل األخير‬
‫للدستور فرنسا ‪ ، 2008‬باإلضافة الى ان هذا الطعن يتم خالل الدعوى األصلية امام محاكم‬
‫الموضوع ‪،‬بحيث يتقدم المتهم او المدعي بدفع يتمثل في المطالبة بأن تصرح المحكمة بعدم‬
‫دستورية قانون سوف يطبق في القضية ‪ ،‬من ثم تقوم المحكمة الدستورية التي أوكلت إليها‬
‫مهمة النضر في الطعن ‪ ،‬بالفصل في ما كان هذا القانون غير دستوري ‪ ،‬وفي هذا تساير مع‬
‫االتجاه األنجلوساكسوني ‪ ،‬حيث ان تكريس هذا االتجاه فيه إنكار واضح لحق القضاء العادي‬
‫في هذا الجانب ‪ ،‬فبرغم من ان الدفع يقوم ألول مرة امام هذا األخير ‪ ،‬فإن مهمة الفصل في‬
‫مدي دستورية القانون هي من اختصاص المحكمة الدستورية ‪.‬‬
‫فالقاضي في هذه الحالة تنحصر مهمته في إحالة االمر على المحكمة الدستورية ‪ ،‬كما ان‬
‫الدعوى تتوقف إلى حين بث المحكمة في الدفع المثار وذلك خالفا للتجربة االمريكية بحيث‬
‫ان القاضي المكلف بالنضر في الدعوى األصلية هو نفسه الذي يبث في الطعن بعدم الدستورية‬
‫المرفوع أمامه‪.‬‬
‫كما ان الفصل ‪ 133‬قد أعطي الحق لألطراف لطعن بعدم دستورية قانون عن طريق الدفع‬
‫‪ ،‬وليس عن طريق دعوى ترفع مباشرة الى القضاء بسبب مخاصمة قرار مثال مستند الى‬
‫قانون مخالف للدستور ‪.‬‬
‫فالمحكمة هنا ال تصرح بعدم دستورية ‪،‬بل ان اختصاصها ينحصر في االمتناع عن تطبيقه‬
‫على النزاع المعروض عليها ‪،‬ألنه لم يسند الى القضاء اختصاص رقابة اإللغاء ‪،‬ألنه‬

‫‪57‬‬
‫ا ختصاص يتقرر بمقتضى الدستور وهو ما تقرر في هذا الدستور بتفويض االمر الى المحكمة‬
‫الدستورية ‪.‬‬
‫خصائص الدعوى‬
‫بالنضر الى ما تقدم يمكن القول ان مسألة الدفع في التشريع المغربي تحتمل الخصائص التالية‪:‬‬
‫• دعوى منفصلة ‪،‬منذ لحضت اثارتها الى حين البث فيها من قبل المحكمة الدستورية عن‬
‫باقي مكونات القانونية للدعوى األصلية‪.‬‬
‫• دعوى ال تتعلق بنظام العام ‪،‬بل حق لألطراف وال يجوز للقاضي اثارتها من تلقاء ننسه‪.‬‬
‫• دعوى موضوعية و ليست شخصية ‪،‬حيث اللجوء الى المحكمة الدستورية يبقي على‬
‫مراقبة مجردة للنص ‪ ،‬بإقصاء فحصه لمدى مطابقته للمقتضيات الدستورية ‪ ،‬دون الحسم‬
‫في النزاع القائم بين األطراف ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فان تبني التشريع الدستوري لرقابة االمتناع يعطي للمحكمة الحق في منع‬
‫تطبيق القانون في تلك الواقعة فقط دون ان يسري القرار على قضايا التي قد يطبق فيها نفس‬
‫القانون بالرغم ما إذا كان مخالفا لروح الدستور مما قد يثقل كاهل المحكمة الدستورية بالنظر‬
‫في وقائع قد تكون قد سبق لها البث فيها ‪ ،‬باإلضافة الى ان مصطلح االمتناع هل يفيد إسقاط‬
‫الدعوى األصلية ام نسخه و تعويضه بقانون اخركما جاء في الفصل ‪ 134‬علما ان مصطلح‬
‫االمتناع بعيد كل البعد عن النسخ‪.‬‬
‫قرارات المحكمة العليا بأمريكا‬
‫اذا كانت المحكمة الدستورية هي المختصة في النضر في الطعن ‪ ،‬فان على هذه األخيرة‬
‫مراقبة ما إذا كانت هناك خصومة موضوعية جدية ‪ ،‬مع وجود مصلحة شخصية للطاعنين‬
‫لهذا قررت المحكمة العليا بأمريكا في احدى قراراتها ‪:‬‬
‫"انه ال يقبل من الطاعن في دستورية قانون ان يكتفي بالتدليل على قيام تعارض بينه وبين‬
‫نص من نصوص الدستور ‪ ،‬بل عليه ان يثبت أن ذلك القانون قد سبب له ضررا شخصيا أو‬
‫يوشك ان يسبب هذا الضرر ‪ ،‬وال يكفي في ذلك أن يثبت أنه مهدد على نحو عام غير محدد‬
‫وبضرورة يشاركه فيه كافة الناس ‪.‬‬
‫مشروع القانون التنظيمي ‪ 86-15‬المتعلق بتحديد شروط و إجراءات تطبيق‬
‫الفصل ‪ 133‬من الدستور‬
‫إن الوثيقة الدستورية في فصلها ‪ 133‬أشارت إلى صدور قانون تنظيمي سيحدد بموجبه‬
‫اإلجراءات الشكلية و الموضوعية التي يمكن من خاللها ممارسة مسطرة الدفع بعدم دستورية‬
‫القوانين‪.‬‬
‫إن مسودة مشروع القانون التنظيمي حددت المفاهيم القانونية المشار اليها في المادة ‪133‬‬
‫سواء فيما يتعلق بمفهوم القانون أو أطراف الدعوى أو الدفع بعدم الدستورية‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫و يقصد بالقانون كما جاء به المشروع هو كل مقتضى تشريعي صادر عن السلطة التشريعية‬
‫و الذي يرى أحد أطراف الدعوى أنه يمس بأحد الحقوق أو الحريات المنصوص عليها‬
‫دستوريا ‪ ،‬أما أطراف الدعوى حسب المسودة فهم المدعي و المدعى عليه في الدعاوى المدنية‬
‫أو التجارية أو اإلدارية و كل متهم أو مط الب بالحق المدني أو مسؤول مدني في الدعوى‬
‫العمومية ‪ ،‬و يالحظ هذا جليا في ظاهر المادة ‪ 133‬من الدستور و التي جاءت عامة في‬
‫مصطلح أطراف الدعوى ‪ ،‬وقد جاءت هذه االمكانية إلعطاء الحق لكل متضرر من القوانين‬
‫أن يدفع بعدم دستوريتها وفق ما حدده المشرع ‪ ،‬لذلك سنعمد للقيام بدراسة تحليلية لمقتضيات‬
‫النص التنظيمي رقم ‪ 86-15‬لتوضيحه و كشف مستوره ‪ ،‬ذلك بغية إزالة اللبس عن آلية‬
‫ستكون الفيصل في ضمان حماية لحقوق المتضررين من قوانين ال تتالءم وروح الدستور‪.‬‬
‫و حيث في إطار تنفيذ الحكومة لمخططها التشريعي ‪ 2016-2011‬و تطبيقا لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 133‬من الدستور ‪ ،‬بادرت إلعداد مشروع قانون تنظيمي ‪{ 86-15‬صيغة ‪15‬‬
‫دجنبر ‪ }2015‬يتكون من ‪ 27‬مادة تتوزع على أربعة أبواب‪ ،‬سنتناول دراستها كما جاءت‬
‫في المشروع‪.‬‬
‫✓ األحكام العامة‬
‫إن المشرع خصص ‪ 4‬مواد لمناقشة األحكام العامة ‪ ،‬بداية بتمهيد حول إشارة المادة ‪133‬‬
‫من ا لدستور إلى وجوب وجود نص تنظيمي لمعرفة شروط و كيفية ممارسة آلية الدفع بعدم‬
‫الدستورية ‪ ،‬فهذه األخيرة تعتبر دفعا موضوعيا و قانونيا و دستوريا‪ ،‬غايتها مخاصمة نص‬
‫تشريعي طبق أو سيطبق على نص معروض على إحدى محاكم الموضوع أو على محكمة‬
‫النقض ‪ ،‬ويشترط عدم وجود قرار صا در على القضاء الدستوري يقضي بدستورية القانون‬
‫الطعين ‪ ،‬و ال يشمل الدفع بعدم الدستورية القانون الذي تمت الموافقة عليه عن طريق االستفتاء‬
‫والقوانين التنظيمية ‪ ،‬واألنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان لكونها تخضع للرقابة االجبارية‬
‫القبلية‪.‬‬
‫إن الفقرة الثانية من المادة الثانية للمشروع أغفلت ذكر النيابة العامة و التي تعتبر صاحبة‬
‫صفة و مصلحة تدخل في زمرة أطراف الدعوى العمومية ‪ ،‬مع اشتراط المشروع للدفع بعدم‬
‫الدستورية وجود نزاع معروض على إحدى الجهات القضائية ‪ ،‬في أية مرحلة من مراحل‬
‫التقاضي ‪ ،‬ويالحظ أن مشروع القانون التنظيمي نص بأنه يمكن إثارة الدفع بعدم الدستورية‬
‫ألول مرة أمام محاكم االستئناف و أمام محكمة النقض ويتعين أن يمارس قبل اعتبار القضية‬
‫جاهزة للحكم‪ ،‬مع التأكيد على عدم إمكانية إثارة الدفع من لدن المحكمة ‪ ،‬علما على أن المسألة‬
‫الدستورية كلها نظامية‪.‬‬
‫✓ شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحاكم‬
‫لقد بين هذا الباب على أن اإلجراءات هي التي تتبع أمام المحاكم الوطنية عبر اعتماد قانون‬
‫المسطرة المدنية و كذلك قانون المسطرة الجنائية حسب الحاالت‪.‬‬
‫إن المشرع شدد على وجوب تقديم الدفع في مذكرة كتابية ‪ ،‬وشمل الطرف المعني‬
‫{الم تقاضي}‪ ،‬ففي نظرنا المتواضع كيف يتسنى للمتقاضي الذي من المعلوم أنه جاهل للقانون‬

‫‪59‬‬
‫أن يرفع هذا الطلب ؟ يعني نقول حبذا لو اقتصر ذلك على المحامي مع إمكانية االستعانة‬
‫بالمتقاضي‪.‬‬
‫و يتعين على هذا الدفع أن يتسم بالجدية و بأن ال تكون المحكمة الدستورية قد سبق لها أن‬
‫أ صدرت حكما يقضي بدستورية النص التشريعي الطعين أو كونها قضت بدستوريته‪ ،‬وعندما‬
‫تقرر محكمة الموضوع إحالة الدفع بعدم الدستورية على محكمة النقض يتعين إيقاف البث في‬
‫دعوى الموضوع إلى حين تلقيها قرار المحكمة أو المحكمة الدستورية‪.‬‬
‫ويستنتج تناقض مهول وواضح في ظاهر المادة‪ 10‬من المشرع حيث يفهم على أن هذا الدفع‬
‫من النظام العام و هو يتناقض مع ما تم التنصيص عليه في المادة التاسعة حيث ال يجوز‬
‫التنازل عنه بعد إحالته على المحكمة الدستورية ‪ ،‬ألن المبدأ العام يقضي أن التنازل ينهي‬
‫الخصومة‪.‬‬
‫✓ شروط وإجراءات البث في الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحكمة الدستورية‬
‫يتضح من المادتين ‪ 12‬و ‪ 13‬أن اتصال المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية يكون عن‬
‫طريق صاحب الدعوى الدستورية الفرعية مباشرة ‪ ،‬و التي عبيه أن يودع مذكرة كتابية‬
‫بالمحكمة الدستورية مرفقة "بمقرر اإلذن" مع مراعاة مقتضيات المادة الخامسة من هذا‬
‫القانون ‪ ،‬باستثناء مسألة الرسم الذي سبق أداؤه أمام إحدى محاكم الموضوع أو أمام محكمة‬
‫النقض ‪ ،‬و يترتب عن تقديم الدفع أمام المحكمة الدستورية إيقاف البث في المنازعة ‪ ،‬وكذا‬
‫وقف اآلجال المرتبطة بها إلى حين بت المحكمة الدستورية في الدفع‪.‬‬
‫ومن جم لة الشروط لقبول الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحكمة الدستورية‪:‬‬
‫أن يتم الدفع في أجل شهر المنصوص عليه في المادة السابعة ‪ ،‬ووجوب القانون الطعين هو‬
‫المطبق في النزاع ‪ ،‬و أن يكتسي طابع الجدية ‪ ،‬وعدم سبق البت بمطابقة مقتضياته من لدن‬
‫المحكمة الدستورية ما لم يتغير الظروف‪.‬‬
‫أما في حالة عدم احترام ما سبق ذكره ‪ ،‬تصرح المحكمة الدستورية بعدم قبول الدفع بمقتضى‬
‫غير معلل و تبلغ المحكمة المثار أمامها الدفع‪.‬‬
‫أما حين قبول الدفع فيتم تبليغ رئيس الحكومة و رئيسي مجلس البرلمان و حتى األطراف ‪،‬‬
‫و للسلطة التنفيذية و السلطة التشريعية الحق بإدالء مالحظات كتابية بخصوص موضوع‬
‫الدفع‪.‬‬
‫وبعد انقضاء اآلجال المحددة في المادتين ‪ 16‬و ‪ ، 17‬يحدد رئيس المحكمة الدستورية تاريخ‬
‫الجلسة ‪ ،‬ويشعر الجميع قبل انعقادها بعشرة أيام على األقل‪.‬‬
‫و يحق للمحكمة الدستورية أن تطلب من المحكمة المثار أمامها الدفع أن يطلب تمكينه من‬
‫نسخة من ملف الدعوى داخل أجل ‪ 10‬أيام من تاريخ الطلب‬
‫و األصل في الجلسات أمام المحكمة الدستورية علنية ما عدا في بعض الحاالت المنصوص‬
‫عليها طبقا للنظام الداخلي للمحكمة الدستورية ‪ ،‬وتبث المحكمة الدستورية في أجل ‪ 60‬يوما‬
‫ابتداء من تاريخ توصلها بمذكرة الدفع ‪ ،‬ويترتب عن القرار الصادر بعدم دستورية مقتضى‬

‫‪60‬‬
‫قانوني نسخه ابتداء من تاريخ تحدده المحكمة الدستورية مع إلزامية كل محاكم المملكة األخذ‬
‫بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية للمقتضى القانوني موضوع الدفع‪.‬‬
‫يتم تبليغ القرار إلى المحكمة داخل أجل ‪ 8‬أيام من صدوره ‪ ،‬و يتم تبليغ هذه القرارات إلى‬
‫الملك‪ ،‬ورئيس الحكومة و رئيس كل من مجلسي البرلمان و لألطراف ‪ ،‬و تنشر هذه القرارات‬
‫بالجريدة الرسمية داخل أجل ال يزيد عن ‪ 30‬يوما‬
‫إذا قررت المحكمة الدستورية رفض أو قبول النظر في عدم دستورية قانون فإنها تقضي‬
‫بتحميل المصاريف القضائية إما لمثير الدفع أو للخزينة العامة بحسب األحوال‬

‫مبدأ سمو االتفاقيات الدولية‬ ‫‪.23‬‬


‫تثير مسألة مركز االتفاقيات الدولية في األنظمة القانونية الوطنية جدال فقهيا واسعا‪ ،‬خاصة‬
‫عند غياب النصوص الدستورية المحددة لمركزها القانوني‪ .‬وهذا اإلشكال هو‪ ،‬في حقيقة‬
‫األمر‪ ،‬جزء من المشكل العام المتمثل في طبيعة العالقة بين القانون الدولي والقانوني الوطني‪.‬‬
‫وإلدراك مركز االتفاقيات الدولية في الوثيقة الدستورية المغربية نسلط عليه الضوء في‬
‫نقطتين ‪:‬‬
‫‪-‬مركز االتفاقيات الدولية في دساتير ما قبل دستور ‪2011‬؛‬
‫‪-‬مركز االتفاقيات الدولية في دستور ‪.2011‬‬
‫ما قبل دستور ‪2011‬‬
‫بالرجوع إلى أحكام الدساتير السابقة‪ ،‬نستخلص أن المشرع المغربي قد تجنب التنصيص على‬
‫أي مقتضى صريح‪ ،‬يمكن أن يكرس سمو االتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية‪ ،‬وهو ما‬
‫جعل الدساتير المغربية السابقة تصنف ضمن الدساتير الصامتة أو المبهمة بخصوص العالقة‬
‫بين االتفاقيات الدولية والتشريع الداخلي‪ .‬وفي هذا السابق‪ ،‬اكتفت كل الدساتير بتحديد السلطة‬
‫التي لها حق التوقيع والمصادقة على االتفاقيات‪ ،‬وقيد هذه المصادقة بموافقة السلطة التشريعية‬
‫في حالة ما إذا كانت هذه االتفاقيات ترتب تكاليف تلزم مالية الدولة‪.‬‬
‫وتقرر تعديل الدستور من خالل إعمال مسطرة مراجعته في حالة تعارض مقتضياته مع‬
‫أحكام اتفاقية معينة‪ .‬هذه الدساتير مالت إلى التزام الصمت ووقفت موقفا مبهما‪ ،‬فلم تحدد‬
‫وضع القانون الدولي العام ومكانة االتفاقية الدولية بالنسبة إلى القواعد الداخلية الدستورية‬
‫والتشريعية‪ ،‬أو أنها ‪-‬بمعنى آخر‪ -‬لم تقرر ال علوا وال تعادال بين القانون الدولي والقوانين‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫ويعد الدستور اإليطالي أيضا رائد هذا االتجاه‪ ،‬حيث تنص المادة العاشرة منه على أن النظام‬
‫القانوني اإليطالي يتوافق مع قواعد القانون الدولي المعترف بها بشكل عام‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫بالمقا رنة مع هذه الدساتير التي كانت واضحة بخصوص العالقة بين االتفاقيات الدولية‬
‫والقانون الوطني‪ ،‬ظلت الدساتير المغربية الممتدة منذ دستور ‪ 1972‬إلى دستور ‪ 1996‬كلها‬
‫دساتير التزمت السكوت حيال العالقة بين االتفاقية الدولية والقانون الوطني‪.‬‬
‫الدستور المغربي ‪2011‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬جاء الدستور المغربي ل‪ 2011‬معبرا بوضوح عن مسألة إعطاء االتفاقيات‬
‫الدولية مكانة تسمو على التشريعات الوطنية‪ ،‬إذ نص في ديباجته على ما يلي‪ :‬جعل االتفاقيات‬
‫الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية‬
‫الراسخة‪ ،‬تس مو‪ ،‬فور نشرها‪ ،‬على التشريعات‪ ،‬مع ما تتطلبه تلك المصادقة‪».‬‬
‫يبدو أن المشرع المغربي قد حسم في إشكالية العالقة بين االتفاقيات الدولية والقانون المغربي‬
‫عندما نص صراحة على مبدأ سمو االتفاقية الدولية‪ ،‬إال أنه ربط هذا السمو بمسألة نشر‬
‫االتفاقية والمالحظ أن المشرع المغربي قد نحا في هذا االتجاه منحى المشرع الفرنسي‪.‬‬
‫وقد ثار نقاش بخصوص القيمة القانونية لديباجة الدساتير‪ ،‬وحسم الجدال في فرنسا‪ ،‬إذ أكد‬
‫المجلس الدستوري القيمة الكاملة لديباجة الدستور من خالل قرارين‪ :‬القرار األول صادر‬
‫بتاريخ ‪ 1971‬والقرار الثاني صادر بتاريخ ‪ .1977‬وحول نفس القيمة القانونية للديباجة‪،‬‬
‫أكد الدستور المغربي الحالي أن «التصدير جزء ال يتجرأ من هذا الدستور»‪...‬‬
‫غير أن اإلشكالية المركزية التي ترخي ظاللها على الوثيقة الدستورية الجديدة هي كيفية‬
‫التوفيق بين االتفاقيات األممية والمرجعية الدينية في مقاربة قضايا حقوق اإلنسان كما هي‬
‫متعارف عليها كماليا‬

‫المحكمة الدستورية‬ ‫‪.24‬‬


‫لمحة تاريخية‬
‫‪ -‬يعود تاريخ القضاء الدستوري بالمملكة المغربية إلى أولى سنوات االستقالل عندما نص‬
‫دستور ‪ 1962‬على تأسيس غرفة دستورية بالمجلس األعلى باعتباره أعلى هيئة في‬
‫التنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬في سنة ‪ ،1992‬سيعرف هذا القضاء استقالال أكبر بموجب المراجعة الدستورية التي‬
‫نصت على إحداث مجلس دستوري باعتباره مؤسسة مستقلة ذات صالحيات أوسع‪،‬‬

‫‪62‬‬
‫تتماشى مع المخطط اإلصالحي الذي وضعته المملكة مع بداية التسعينات الهادف إلى‬
‫تعزيز دولة القانون‪ ،‬وترسيخ مبادئ حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا ‪.‬‬
‫‪ -‬وقد أصدر المجلس الدستوري‪ ،‬خالل عشرين سنة من وجوده (‪ )1994-2016‬ما يناهز‬
‫‪ 1019‬قرارا‪ ،‬األمر الذي يدل على استمرارية عمل هذه المؤسسة‪ ،‬وعلى ثقة المؤسسات‬
‫والهيئات السياسية واألفراد في قضائها‪.‬‬
‫‪ -‬وفي نطاق اإلصالحات الدستورية الواسعة والعميقة‪ ،‬التي أقرتها المملكة بموجب الدستور‬
‫الصادر في ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬المتمثلة بالخصوص في توسيع الحقوق والحريات العامة‬
‫وترسيخ المؤسسات واآلليات الكفيلة بمواصلة بناء دولة ديمقراطية حديثة‪ ،‬تم إحداث‬
‫محكمة دستورية ‪ -‬تحل محل المجلس الدستوري‪ -‬تتمتع بصالحيات أوسع وتكون‪،‬‬
‫بالخصوص‪ ،‬مفتوحة لألشخاص للدفاع عن الحقوق والحريات المضمونة لهم دستوريا‪.‬‬

‫تأليف المحكمة الدستورية ووضعية أعضائها‬


‫تتألف المحكمة الدستورية من اثني عشر عضوا‪ ،‬يعين جاللة الملك نصف أعضائها من بينهم‬
‫عضو يقترحه األمين العام للمجلس العلمي األعلى‪ ،‬وينتخب الستة الباقون من طرف البرلمان‬
‫مناصفة بين مجلسي النواب والمستشارين بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس‪،‬‬
‫ويعين جاللة الملك رئيس المحكمة من بين أعضائها‪.‬‬

‫مدة العضوية بالمحكمة تسع سنوات غير قابلة للتجديد‪ ،‬مع تجديد ثلث كل فئة من أعضائها‬
‫عند متم كل ثالث سنوات‪.‬‬

‫يختار أعضاء المحكمة من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين حقوقي عال وعلى كفاءة‬
‫قضائية أو فقهية أو إدا رية‪ ،‬والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة‪ ،‬والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق‬
‫خمس عشرة سنة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى حاالت التنافي المتعارف عليها‪ ،‬ال يجوز الجمع بين العضوية في المحكمة‬
‫وممارسة أي مهنة حرة‪.‬‬

‫أعضاء المحكمة ملزمون بواجب التحفظ‪ ،‬واالمتناع عن ممارسة أي نشاط يتنافى مع صفتهم‪،‬‬
‫وهم مطالبون بالتصريح بممتلكاتهم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫مجاالت االختصاص‬

‫❖ مراقبة الدستورية‬
‫وهي أهم اختصاص تمارسه المحكمة الدستورية‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بالتأكد من مطابقة‬
‫النصوص التشريعية واألنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان وبعض المؤسسات الدستورية وكذا‬
‫االلتزامات الدولية للدستور‪ ،‬وهذه المراقبة قد تكون قبلية أو الحقة‪.‬‬

‫• المراقبة القبلية‬
‫✓ تكون هذه المراقبة إلزامية فيما يخص ‪:‬‬

‫‪ -‬القوانين التنظيمية‪ ،‬التي تحال إلى المحكمة الدستورية بعد مصادقة البرلمان عليها وقبل‬
‫إصدار األمر بتنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬األنظمة الداخلية لبعض المؤسسات الدستورية‪ ،‬إذ تحال األنظمة الداخلية‪ ،‬لكل من مجلس‬
‫النواب‪ ،‬ومجلس المستشارين‪ ،‬والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي والمجالس المنظمة‬
‫بقانون تنظيمي‪ ،‬إلى المحكمة الدستورية قبل الشروع في تطبيقها‪.‬‬

‫✓ تكون هذه المراقبة اختيارية فيما يخص ‪:‬‬

‫‪ -‬القوانين‪ ،‬و يمكن أن تحال من لدن جاللة الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب‬
‫أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو خمس أعضاء المجلس األول‪ ،‬أو أربعين عضوا من أعضاء‬
‫المجلس الثاني قبل دخولها حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪-‬االلتزامات الدولية‪ ،‬تختص المحكمة الدستورية بالبت في مطابقتها االلتزامات الدولية‬


‫للدستور‪ ،‬وإذا صرحت بأن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف هذا األخير‪ ،‬فإنه ال يمكن‬
‫المصادقة عليه‪.‬‬

‫• المراقبة الالحقة‬

‫وتشمل ‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -‬نظر المحكمة في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون إذا ما أثير أثناء النظر في دعوى‬
‫قائمة أمام القضاء ودفع أحد األطرف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق‬
‫والحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬البت في كل ملتمس حكومي يرمي إلى تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم‬
‫إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجاالت التي تمارس فيها السلطة التنظيمية‬
‫اختصاصها‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة صحة إجراءات مراجعة الدستور وإعالن نتيجتها ‪ :‬تراقب المحكمة الدستورية صحة‬
‫إجراءات هذه المراجعة‪ ،‬وتعلن نتيجتها‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة صحة االنتخابات البرلمانية وعمليات االستفتاء‪ :‬تبت المحكمة الدستورية في الطعون‬
‫المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان‪ .‬ولها أن تقضي المحكمة إما بعدم قبول عرائض الطعن أو‬
‫برفضها‪ ،‬وإما ببطالن االنتخابات جزئيا أو كليا مع إمكان تصحيح نتائجها‪ .‬كما تتولى المحكمة‬
‫مراقبة صحة اإلحصاء العام لألصوات المدلى بها في االستفتاء وتعلن بقرار عن نتائجه‬
‫النهائية‬

‫‪ -‬البت في الخالف بين البرلمان والحكومة‪:‬‬

‫‪ -‬تبت المحكمة في الخالف الذي يحدث بين البرلمان والحكومة بطلب من أحد رئيسي مجلسي‬
‫البرلمان أو من رئيس الحكومة ‪،‬إذا دفعت الحكومة بعدم قبول كل مقترح أو تعديل ترى أنه‬
‫ال يدخل في مجال القانون‪.‬‬

‫‪ -‬كما يحق لها أن تبت في الخالف الذي قد يقع بشأن تطبيق أحكام القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق‪ ،‬خاصة إذا كان ذلك الخالف يحول دون السير‬
‫العادي ألعمال إحدى اللجان‪.‬‬

‫❖ المهام االستشارية لرئيس المحكمة الدستورية‬

‫‪65‬‬
‫يستشير جاللة الملك رئيس المحكمة الدستورية في حالة اعتزام جاللته إعالن حالة االستثناء‪،‬‬
‫أو حل مجلسي البرلمان أو أحدهما‪ ،‬أو عرض مشروع مراجعة بعض أحكام الدستور على‬
‫البرلمان‪.‬‬

‫كما يستشار رئيس المحكمة الدستورية من طرف رئيس الحكومة إذا ما اعتزم هذا األخير‬
‫حل مجلس النواب بمرسوم‪.‬‬

‫❖ اإلجراءات المسطرية‬
‫تتميز المسطرة أمام المحكمة بكونها كتابية ؛ وجلساتها غير علنية‪ ،‬ما لم ينص قانون تنظيمي‬
‫على خالف ذلك‪ .‬ويجوز لها االستماع إلى المعنيين باألمر بحضور دفاعهم أو أي شخص من‬
‫ذوي الخبرة‪ .‬ولها أن تأمر بإجراء تحقيق بشأن ما يعرض عليها من منازعات في الطعون‬
‫االنتخابية‪ ،‬مع تكليف عضو أو أكثر من أعضائها لالنتقال إلى عين المكان إذا ما اقتضت‬
‫ضرورة التحقيق ذلك‪.‬‬

‫تبت المحكمة في اإلحاالت المتعلقة بمط ابقة القوانين التنظيمية والقوانين واألنظمة الداخلية‬
‫لمجلسي البرلمان والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي داخل أجل شهر من تاريخ‬
‫اإلحالة‪ ،‬وفي غضون ‪ 8‬أيام في حالة االستعجال بطلب من الحكومة‪.‬‬

‫تكون مداوالت المحكمة صحيحة إذا حضرها تسعة من أعضائها على األقل‪ ،‬كما تتخذ‬
‫قراراتها بأغلبية ثلثي األعضاء الذين تتألف منهم‪.‬‬

‫يتم البت في حاالت الدفع بعدم القبول التشريعي في أجل ‪ 8‬أيام‬

‫تبت المحكمة في جميع الطعون المتعلقة باالنتخابات التشريعية داخل أجل سنة‪ ،‬يمكن تجاوزها‬
‫بموجب قرار معلل‪.‬‬

‫❖ قــــرارات المحكمــة الدستوريـــة‬


‫تصدر قرا رات المحكمة الدستورية باسم جاللة الملك وطبقا للقانون‪ ،‬وتتضمن في ديباجتها‬
‫بيان النصوص التي تستند عليها‪ ،‬كما تكون معللة وموقعة من قبل األعضاء الحاضرين‬
‫بالجلسة التي صدرت خاللها‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫قرارات المحكمة ال تقبل أي طريق من طرق الطعن‪ ،‬وتلزم كل السلطات العامة وجميع‬
‫الجهات اإلدارية والقضائية‪ ،‬كما أنها تنشر بالجريدة الرسمية للمملكة‪.‬‬

‫يحول نشر قرار المحكمة القاضي بعدم مطابقة مادة من قانون تنظيمي أو قانون أو نظام‬
‫داخلي أو بندا من التزام دولي للدستور دون إصدار األمر بتنفيذ هذه القوانين أو تطبيق هذه‬
‫األنظمة‪ ،‬ودون المصادقة على هذا االلتزام الدولي إال بعد مراجعة الدستور‪.‬‬

‫قانون ‪12/68‬‬ ‫‪.25‬‬


‫صادق مجلس النواب يوم االثنين ‪ 10‬فبراير ‪ 2014‬باإلجماع على مشروعين ‪ :‬مشروع‬
‫القانون رقم ‪ 68-12‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب المالي‬
‫للدار البيضاء ومشروع قانون رقم ‪ 104-13‬الذي يقضي بالمصادقة على المرسوم رقم ‪-2‬‬
‫‪ 13-650‬المتعلق بحل وكالة الشراكة من أجل التنمية‪.‬‬

‫في تدخله أمام أعضاء مجلس النواب‪ ،‬قدم السيد محمد بوسعيد‪ ،‬وزير االقتصاد والمالية‪،‬‬
‫الخطوط العريضة لمشروع التعديل للقانون رقم ‪ 12-68‬و التي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫تغيير التسمية االجتماعية "الهيئة المالية المغربية" لتصبح " هيئة القطب المالي للدار‬
‫البيضاء" ويهدف هذا التغيير إلى تبني تسمية مرتبطة بمجال تدخل الهيئة ؛‬

‫‪ -‬توسيع مجال األنشطة المؤهلة للحصول على صفة "القطب المالي للدار البيضاء"‬
‫‪ -‬مراجعة شروط االستفادة من صفة "القطب المالي للدار البيضاء" ؛‬
‫وضع مسطرة تكفل حقوق وواجبات جميع األطراف في حالة سحب صفة "القطب‬ ‫‪-‬‬
‫المالي للدار البيضاء" من أي مقاولة ؛‬
‫‪ -‬إلزام المقاوالت التي تطلب اكتساب صفة "القطب المالي للدار البيضاء" على دفع‬
‫عمولة لفائدة الهيئة المالية المغربية عند إيداع طلباتها‪ ،‬وعمولة سنوية تدفع من قبل‬
‫المقاوالت المستفيدة من هذه الصفة عن الخدمات األخرى التي تقدمها الهيئة لتنمية‬
‫المنطقة المالية للدار البيضاء ؛‬

‫‪67‬‬
‫‪ -‬إلزام المقاوالت التي تطلب اكتساب صفة " القطب المالي للدار البيضاء" وكذلك تلك‬
‫المستفيدة من هذه الصفة بااللتزام بمدونة أخالقيات تضعها هيئة القطب المالي للدار‬
‫البيضاء وذلك من أجل ضمان خدمة مصالح عمالئها على أحسن وجه والحفاظ على‬
‫سمعة المنطقة المالية للدار البيضاء ‪.‬‬

‫أضحى القطب المالي للدار البيضاء يوم حسب تصنيف المؤشر المرجعي للمراكز المالية‬
‫الدولية (سي إيف سي إي) أول سوق مالي على الصعيد اإلفريقي متقدما بذلك على المركز‬
‫المالي لجنوب إفريقيا بجوهانسبورغ الذي احتل المرتبة الثانية في التصنيف القاري‪.‬‬

‫وأفاد بالغ للقطب المالي للدار البيضاء توصلت وكالة المغرب العربي لألنباء بنسخة منه أن‬
‫هذه السوق المالية احتلت أيضا الرتبة ‪ 33‬عالميا وذلك على بعد نحو ‪ 5‬سنوات من احداثها‬
‫مؤكدة بذلك حضورها سواء على مستوى القارة السمراء وكذا على الصعيد العالمي‪.‬‬

‫واعتمد المؤشر المرجعي للمراكز المالية الدولية (سي إيف سي إي) في تصنيفاته على معيار‬
‫أساسي يتمثل في مستوى القدرات التنافسية للمراكز المالية ومؤشرات التنافسية (‪105‬‬
‫مؤ شرا) وخصوصا البنك الدولي والمنتدى االقتصادي العالمي واألمم المتحدة ومنظمة التعاون‬
‫والتنمية فضال عن حصيلة التقييمات المهنية الدولية للمالية التي يفترض فيها اإلجابة عن‬
‫سلسلة من التساؤالت الكفيلة بإجراء مقارنة لتقييم مستوى األسواق المالية‪.‬‬

‫ومنذ انطالق اشغاله بالدار البيضاء نجح القطب في استقطاب مائة من الشركات الرائدة‬
‫المتعددة الجنسيات والتي اختارت العمل على الصعيد االفريقي انطالقا من العاصمة‬
‫االقتصادية للمملكة‪.‬‬

‫ومن المجموعات التي حظيت بموافقة القطب فورد وأيجي االمريكيتين والبنك الصيني‬
‫ومجموعة بوسطن لالستشارات‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد أشاد سعيد إبراهيمي المدير التنفيذي للقطب بالنجاح الذي حققته هذه المؤسسة‬
‫معتبرا أن تصنيف القطب على رأس األسواق المالية بإفريقيا يجسد التطور االقتصادي الذي‬
‫حققته المملكة على كافة المستويات‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ويشكل القطب المالي للدار البيضاء الذي هو شركة مجهولة االسم أحدثت سنة ‪ 2010‬في‬
‫اطار شراكة بين القطاعين العمومي والخاص محورا اقتصاديا وماليا إقليميا وبوابة مثلى‬
‫لالنفتاح على باقي الدول االفريقية وخصوصا منطقة شمال افريقيا وغربها ووسطها‪.‬‬

‫ضجت المالمح األولى لفكرة القطب المالي للدار البيضاء سنة ‪ ،2008‬لكن أجواء األزمة‬
‫العالمية دفعت إلى تأجيل اإلعالن عنها‪ ،‬ويطمح المغرب من وراء هذا المشروع الضخم‬
‫المسمى " كازافاينانس سيتي" إلى خلق مزيد من التنافسية وتنمية مهن مالية جديدة‪.‬‬

‫فالقطب المالي للدار البيضاء يخطط ألن يصبح أحد المحاور المالية العالمية‪ ،‬من خالل‬
‫تعزيز الدور ال ذي يمكن أن يضطلع به في سد فجوة التمويل في منطقة شمال وغرب إفريقيا‬
‫التي تمتلك مقومات واعدة للنمو االقتصادي واالستثماري للعقود المقبلة‪ ،‬كما أنه بالموازاة‬
‫مع ذلك سيعطي قفزة نوعية للقطاع المالي ومناخ األعمال بالمغرب وكذا جذب االستثمار بما‬
‫يعزز العالقات الجيدة القائمة بين المغرب و باقي الدول اإلفريقية‪ ،‬وأيضا دينامية قوية للبنوك‬
‫والمقاوالت المغربية على الصعيد القاري‪.‬‬

‫وبالموازاة مع ذلك تم وضع هيئة مالية ستشرف على هذا المشروع الضخم والعمل‬
‫على تسويقه على المستوى الدولي‪ ،‬بحيث أنه تم في هذا الصدد عقد ندوات تعريفية على‬
‫المستوى الدولي وعقد اتفاقيات بين أحياء المال العالمية‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق وفي إطار إحداث مشروع مالي ضخم يوازي األقطاب المالية العالمية‬
‫نتساءل عن كيفية تعامل المشرع المغربي مع هذه الفكرة ؟‬

‫لإلجابة على هذا التساؤل ارتأينا تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثين وفق تصميم ثنائي على‬
‫الشكل اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬منطقة القطب المالي للدار البيضاء والجهاز المكلف بإدارته‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫المبحث األول ‪ :‬منطقة القطب المالي للدار البيضاء والجهاز المكلف بإدارته ‪,‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬منطقة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫‪69‬‬
‫نصت المادة األولى من القانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب المالي للدار البيضاء على‬
‫أنه ‪ " :‬تحدث بحكم هذا القانون منطقة مالية بالدار البيضاء تسمى بالقطب المالي للدار البيضاء‬
‫يتم تحديد مجالها بنص تنظيمي يسمح فيها للمقاوالت المالية وغير المالية بمزاولة أنشطتها‬
‫اإلقليمية او الدولية كما هي مبينة في المواد من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬أدناه "‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 15‬من المرسوم التطبيقي للقانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب المالي‬
‫للدار البيضاء على أنه‪" :‬يحدد مجال المنطقة المالية –القطب المالي للدار البيضاء‪ -‬المشار‬
‫إليه في المادة األولى من القانون رقم ‪ 44-10‬السالف الذكر بقرار لوزير االقتصاد والمالية‬
‫بعد استطالع رأي السلطات الحكومية المعنية "‪.‬‬

‫انطالقا من المقتضيات القانونية أعاله وفي إطار إحداث منطقة مالية بالدار البيضاء أكد سعيد‬
‫إبراهيمي أن المغرب يعكف حاليا على تطوير مساحة تصل إلى ‪ 100‬هكتار إلنشاء حي‬
‫المال واألعمال في الدار البيضاء‪ ،‬يضم بنوكا وشركات مالية مغربية وعالمية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫منطقة مخصصة للعقارات المكتبية والسكنية والتجارية والثقافية‪ ،‬هذه األراضي هي جزء من‬
‫األراضي التي كانت تابعة لمطار أنفا سابقا وصندوق اإليداع والتذبير هو المالك لألرض‬
‫والمكلف بجميع المشاريع التي ستنجز عليها‪ ،‬متوقعا ان يتم االنتهاء من المرحلة األولى التي‬
‫تم حجزها بالكامل من قبل الشركات المغربية في عام ‪.2015‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الجهاز المكلف بإدارة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب المالي‬
‫للدارالبيضاء على أنه ‪ " :‬يعهد بمهام النهوض المؤسساتي بمشروع القطب المالي‬
‫للدارالبيضاء وادارته بكامله إلى شركة المساهمة – الهيئة المالية المغربية ‪."…-‬‬

‫حسب مقتضيات المادة ‪ 4‬من القانون ‪ 44-10‬فالهيئة المالية المغربية هي عبارة عن شركة‬
‫مساهمة خاضعة للقانون رقم ‪ 17-95‬المتعلق بشركات المساهمة ولنظامها األساسي‪.‬‬

‫وقد تم وضع نظامها األساسي في ‪ 19‬يوليوز ‪ 2010‬ويصل رأس مال الهيئة إلى ‪120‬‬
‫مليون درهم موزعة بالتساوي بين ست مؤسسات مالية اثنان منها عمومية ويتعلق األمر بـ‪:‬‬

‫• بنك المغرب (البنك المركزي)؛‬

‫‪70‬‬
‫• صندوق اإليداع والتذبير؛‬

‫وثالثة أبناك رائدة في النظام البنكي الوطني وهي‪:‬‬

‫• التجاري وفا بنك؛‬


‫• البنك المركزي الشعبي؛‬
‫• البنك المغربي للتجارة الخارجية ‪،‬‬

‫ثم بورصة القيم المنقولة بالدار البيضاء ‪.‬‬

‫وقد تم مؤخرا توسيع الدائرة لتشمل مؤسسات قطاع التأمين وتجدر اإلشارة في هذا السياق‬
‫إلى أن مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب‬
‫المالي للدار البيضاء عمد على تغيير التسمية االجتماعية لشركة المساهمة – الهيئة المالية‬
‫المغربية – لتصبح – هيئة القطب المالي للدار البيضاء – وذلك بهدف تبني تسمية مرتبطة‬
‫بمجال تدخل الهيئة حسب ما أكده وزير االتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى‬
‫الخلفي‪.‬‬

‫أما عن المهام الموكولة للهيئة فحسب المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 44-10‬فإنه يعهد إلى الهيئة‬
‫المالية المغربية بمهام النهوض بمشروع " القطب المالي للدار البيضاء" وإدارته بكامله‪.‬‬

‫انطالقا من المقتضيات القانونية أعاله يتبين لنا إذن أن الهيئة المالية المغربية هي التي تشرف‬
‫على التسيير العام لشركة " القطب المالي للدار البيضاء" وتسعى ألن تجعل من مدينة الدار‬
‫البيضاء مركزا إقليميا جامعا في ميدان المهن المالية وبوابة مفضلة نحو األسواق اإلفريقية ‪.‬‬

‫فالهيئة المالية المغربية إذن تعمل على الترويج المؤسساتي لشركة القطب المالي للدار البيضاء‬
‫عبر تسويق هذا المشروع الضخم على المستوى العالمي‪.‬‬

‫وفي هذا السياق عم لت على عقد ندوات تعريفية في عدة دول الستقطاب اهتمام الشركات‬
‫العالمية وضخ رؤوس أموالها في أسواق إفريقيا الواعدة وخارجها‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‬
‫الندوة التعريفية التي أقامتها في دبي بمشاركة عدد من المسؤولين التنفيذين من شركات تتخذ‬

‫‪71‬‬
‫من دولة االمارات العربية المتح دة مقرا لها وتعمل في قطاعات متنوعة بما فيها التأمين وإدارة‬
‫األصول والمصارف والتمويل ‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق تعمل الهيئة المالية المغربية على عقد اتفاقيات تعاون بين هيئات أحياء‬
‫المال العالمية من منطلق االستفادة من التجارب الناجحة لتحقيق قفزة نوعية ومزيد من‬
‫االشع اع االقتصادي للمغرب‪ ،‬وتمكين المنطقة المالية للدار البيضاء من أن تصبح بوابة‬
‫ومحورا رئيسيا لالستثمار في إفريقيا‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد تم إبرام اتفاقية تعاون بين هيئة حي مال لندن (ذي سيتي يوكي) والمركز‬
‫المالي للدار البيضاء (كازا فاينانس سيتي)]‪،‬و تم أيضا عقد اتفاقية مع اللوكسمبورغ ‪،‬وتجدر‬
‫اإلشارة الى أن المملكة استلهمت بخصوص احداث قطب مالي للدار البيضاء التجربة‬
‫السنغافورية ‪.‬‬

‫كما عقدت الهيئة المالية المغربية اتفاقية مع المركز الجهوي لالستثمار بالدار البيضاء من‬
‫أجل تسهيل اإلجراءات اإلدارية المقدمة للشركات التي تنوي االستقرار بالقطب المالي و‬
‫جعل فترة ‪ 48‬ساعة كحد أقصى لتسليم الرخص بدل ثالثة أسابيع المعمول بها حاليا [‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫المطلب األول ‪ :‬المقاوالت المؤهلة الكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المقاوالت المالية‬

‫أوال ‪ :‬مؤسسات االئتمان‬

‫ولكي تكتسب هذه المؤسسات صفة القطب المالي للدارالبيضاء اشترطت المادة ‪ 6‬من القانون‬
‫رقم ‪ 44-10‬زيادة على ما تم ذكره أن تزاول واحدا أو أكثر من االنشطة التالية‪:‬‬

‫• توظيف القيم المنقولة وسندات الديون القابلة للتداول أو أي منتج من المنتجات المالية‬
‫واالكتتاب فيها وشراؤها وتذبيرها وبيعها ؛‬
‫• اإلرشاد والمساعدة فيما يتعلق بتذبير الممتلكات ؛‬
‫• االرشاد والمساعدة فيما يتعلق بالتذبير المالي ؛‬

‫‪72‬‬
‫• الهندسة المالية ؛‬
‫• وبوجه عام جميع الخدمات الرامية إلى تسيير إحداث المقاوالت وتطويرها؛‬

‫ثانيا ‪ :‬مقاوالت التأمين وشركات السمسرة في التأمين‬


‫تنص المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 44-10‬على أنه ‪ " :‬يراد في مدلول هذا القانون بمقاوالت‬
‫التأمين وشركات السمسرة في التأمين‪ ،‬المقاوالت المعتمدة قانونا وفق التشريع الجاري به‬
‫العمل…"‬

‫يضاف إلى ذلك أو باألحرى إشترط المشرع على هذه المقاوالت الكتساب صفة القطب المالي‬
‫للدارالبيضاء مزاولة واحدة أو أكثر من االنشطة التالية ‪:‬‬

‫▪ التامين لفائدة أشخاص غير مقيمين ؛‬


‫▪ السمسرة في مجال التامين لفائدة أشخاص غير مقيمين‪.‬‬

‫و قد أدخل هذا المشروع الحالي على المادة ‪ 7‬من القانون المذكور تعديال جديدا لتصبح‬
‫الصياغة على الشكل التالي‪ " :‬يراد في مدلول هذا القانون بمقاوالت التأمين وإعادة التأمين‬
‫وشركات السمسرة في التأمين و إعادة التأمين المقاوالت المعتمدة بصفة قانونية وفق التشريع‬
‫الجاري به العمل"‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المؤسسات المالية المزاولة لعملها بقطاع تذبير األصول‬

‫نص المشرع المغربي في القانون ‪ 44 -10‬على إمكانية اكتساب صفة القطب المالي للدار‬
‫البيضاء من لدن المؤسسات المالية المزاولة لعملها بقطاع تدبير األصول شريطة أن يكون‬
‫مرخص لها قانونا وفق التشريع الجاري به العمل‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فانه يلزم هذه المقاوالت حتى تكتسب هذه الصفة أن تزاول واحدا أو أكثر من‬
‫االنشطة التالية ‪:‬‬

‫• التذبير لحساب الغير؛‬


‫• رأسمال المجازفة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أما فيما يخص التغيير والتتميم الذي جاء به المشروع لهذه المادة‪ ،‬نجد أنه يهم فقط االنشطة‬
‫التي يشترط ان تزاولها هذه المؤسسات بحيث ان الصياغة الجديدة نصت على مزاولة إحدى‬
‫االنشطة التالية أو هما مها‪:‬‬

‫▪ كل أشكال التدبير الجماعي أو الفردي للرساميل أو االدوات المالية؛‬


‫▪ توزيع االموال التي يتم تدبيرها بالمغرب أو بالخارج والبحث في ميدان تذبير األصول‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في االخير إلى أن مشروع القانون المغير والمتمم للقانون رقم ‪ 44-10‬وفي‬
‫إطار تعديله المادة ‪ 5‬من هذا القانون نجد أنه فيما يتعلق بالمقاوالت المالية أضاف إلى زمرتها‬
‫مقدمي الخدمات في االستثمار‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 6‬من المشروع المذكور أعاله على أنه ‪ " :‬يراد في مدلول هذا القانون‬
‫بمقدمي خدمات في االستثمار المقاوالت باستثناء األشخاص الذاتيين التي تقدم واحد أو اكثر‬
‫من الخدمات التالية ‪:‬‬

‫عمليات للحساب الخاص أو لحساب الغير المتعلقة بالقيم المنقولة القابلة للتداول وسندات‬
‫الديوان للتداول وأدوات مالية أخرى‪.‬‬

‫▪ الهندسة المالية ؛‬
‫▪ اإلرشاد في االستثمار واإلرشاد في التوظيف "‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المقاوالت غير المالية‬

‫أوال ‪ :‬مقدمي الخدمات المهنية‬


‫تنص المادة ‪ 9‬من قانون رقم ‪ 44-10‬المتعلق بصفة القطب المالي للدار البيضاء على أنه ‪:‬‬
‫" يراد في مدلول هذا القانون بمقدمي الخدمات المهنية كل مقاولة لها صفة شخص معنوي…"‬

‫وبالتالي فإنه يلزم مقدمي الخدمات المهنية أن تتخذ شخص معنوي اضافة إلى ذلك يجب أن‬
‫تزاول واحدة أو أكثر من األنشطة التالية‪:‬‬

‫▪ األنشطة المالية الحرة؛‬

‫‪74‬‬
‫▪ أنشطة الخدمات المالية المتخصصة وال سيما منها التنقيط المالي والبحث المالي‬
‫واإلعالم المالي؛‬
‫▪ االفتحاص وخدمات اإلرشاد القانوني والضريبي والمالي و "اإلكتواريا"‬
‫والموارد البشرية‪.‬؛‬
‫▪ جميع األنشطة األخرى المتعلقة بالخدمات المهنية ذات الصلة بالمؤسسات المشار‬
‫إليها في المواد من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬من هذا القانون‬

‫أما نص المشروع الجديد فقد حذف بند األنشطة المالية الحرة ادخل تغييرا على البند الثاني‬
‫لهذه األنشطة فأصبح االمر معه يتعلق بـ‪ :‬خدمات االفتحاص وخدمات االرشاد القانوني‬
‫والضريبي واالستراتيجي و "االكتواريا" والموارد البشرية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المقار اإلقليمية والدولية‬


‫تنص المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 44-10‬على أنه ‪ " :‬يراد في مدلول هذا القانون بالمقر‬
‫االقليمي أو الدولي كل مقاولة لها صفة شخص معنوي تزاول نشاط االشراف والتنسيق فيما‬
‫يتعلق بأنشطة المقاوالت العاملة بواحدة أو اكثر من البلدان األجنبية بما في ذلك المؤسسات‬
‫التي تقدم خدمات لحساب مؤسسات أخرى تنتمي إلى مجموعتها‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 10‬من المرسوم التطبيقي للقانون رقم ‪ 44-10‬على أنه‪" :‬يراد بـ ‪:‬‬

‫• نشاط االشراف والتنسيق ‪ :‬مهام اإلدارة والتذبير والتنسيق والمراقبة؛‬


‫• تقديم الخدمات المنجزة من قبل مؤسسات لحساب مؤسسات أخرى تنتمي إلى‬
‫مجموعتها ‪ :‬خدمات البحث والتنمية والخدمات ذات الطابع االستراتيجي وخدمات‬
‫تذبير الموارد البشرية والمعلوميات أو التواصل والعالقات العامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء وآثارها‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫أوال ‪ :‬لجنة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫‪75‬‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 44-10‬على انه ‪ " :‬تمنح صفة القطب‬
‫المالي للدار البيضاء باقتراح من الهيئة المالية المغربية من لدن لجنة تحدت بنص تنظيمي‬
‫ترأسها اإلدارة…"‪.‬‬

‫وبالفعل صدر المرسوم التطبيقي لهذا القانون (مرسوم ‪ 6‬سبتمبر ‪ )2011‬والذي نصت‬
‫المادة األولى منه على أنه‪" :‬تحدث بموجب هذا المرسوم اللجنة المشار إليها في الفقرة األولى‬
‫من المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 44-0‬وتسمى بعده بـ – لجنة القطب المالي للدار البيضاء‪."-‬‬

‫وقد أوضحت المادة ‪ 2‬من هذا المرسوم المهمة المسندة إلى لجنة القطب المالي للدار‬
‫البيضاء طبقا للقانون رقم ‪ 44-10‬في منح صفة القطب المالي للدار البيضاء او رفضها أو‬
‫سحبها]بالنسبة للمقاوالت السالفة الذكر‪.‬‬

‫أما عن تأليف هذه اللجنة فهي تتكون حسب المادة ‪ 4‬من المرسوم السالف الذكر من‬
‫األعضاء التاليين ‪:‬‬

‫▪ مدير الخزينة والمالية والخارجية؛‬


‫▪ مدير التأمينات واالحتياط االجتماعي؛‬
‫▪ ممثل بنك المغرب؛‬
‫▪ المدير العام لمجلس القيم المنقولة؛‬
‫▪ المدير العام للهيئة المالية المغربية؛‬
‫▪ وممثل عن الهيئة المالية المغربية‬

‫كما أنه حسب الفقرة األخيرة من هذه المادة يجوز للجنة القطب المالي للدار البيضاء أن تضم‬
‫إليها على سبيل االستشارة وبدون المشاركة في مداوالتها كل شخص ترى فائدة في استطالع‬
‫رأيه‪.‬‬

‫أما عن رئيس هذه اللجنة فقد أسندتها المادة الثالثة من المرسوم إلى الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫وقد أسند المشرع كتابة هذه اللجنة للهيئة المالية المغربية‬

‫‪76‬‬
‫وللحصول على صفة القطب المالي للدار البيضاء من لدن المقاوالت المعنية تعمل لجنة القطب‬
‫المالي للدار البيضاء على تحديد إجراءات إيداع ودراسة طلبات اكتساب صفة القطب المالي‬
‫للدار البيضاء وكذا محتوى ملف الطلب‬

‫ثانيا ‪ :‬شروط اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء‬


‫يلزم حسب المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 44-10‬لمنح صفة القطب المالي للدار البيضاء‬
‫أن تتوفر في المقاوالت المذكورة الشروط التالية‪:‬‬

‫• ان تتقيد بالتشريع المطبق عليها‬


‫• أن تزاول مع مقاوالت غير مقيدة لها صفة الشخص المعنوي‪.‬‬
‫• ان تتقيد بالنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها فيما يتعلق بالتجارة الخارجية‬
‫وبالصرف ]‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق وفيما يتعلق بالشرط الثاني فانه يجب على مؤسسات‬
‫االئتمان والمؤسسات المالية التي تزاول عملها بقطاع تذبير االصول ان تلتزم ألجل اكتساب‬
‫صفة القطب المالي للدارالبيضاء‪ ،‬بهذا الخصوص بمزاولة نسب دنيا من رقم معامالت مع‬
‫المقاوالت المذكورة برسم االنشطة التي تطلب بشأنها صفة القطب وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ü‬برسم أول سنة مالية كاملة؛‬ ‫‪20%‬‬

‫‪ ü‬برسم السنتين الماليتين الكاملتين الثانية و الثالثة؛‬ ‫‪40%‬‬

‫‪ ü‬برسم السنة المالية الكاملة الرابعة والسنوات الموالية‬ ‫‪60%‬‬

‫يضاف إلى هذه الشروط حسب ما جاءت به المادة ‪ 13‬من القانون رقم‬ ‫‪ü‬‬
‫‪:10-44‬‬

‫عدم تلقي الودائع حسب مدلول المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 34-03‬المتعلق‬ ‫‪ü‬‬
‫بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪.‬‬

‫إال أن المادة ‪ 13‬جاءت باستثناء بهذا الخصوص ويتعلق األمر بودائع األشخاص‬
‫األجانب الغير المقيمين بالمغرب بعمالت أجنبية‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫يشترط كذلك على هذه المقاوالت عدم التعامل مع أشخاص ذاتيين مقيمين‪ :‬ذلك‬
‫أن المادة ‪ 13‬حظرت ذلك باستثناء التذبير الخاص للممتلكات الذي يمكن أن يزاول مع‬
‫أشخاص ذاتيين أجانب مقيمين أو غير مقيمين بالمغرب‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك شروط أخرى تتعلق باتخاذ المنطقة المالية للدار البيضاء مقرا لهده‬
‫المقاوالت داخل أجل تحدده لجنة القطب المالي للدار البيضاء ‪.‬‬

‫ويجوز لهذه المقاوالت أن تمارس أنشطتها داخل نفس االجل فوق مجموع تراب عمالة‬
‫الدار البيضاء‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫أوال ‪ :‬اثر اكتساب المقاوالت لصفة القطب المالي للدار البيضاء‬


‫‪ . 1‬التزامات المقاوالت المكتسبة لصفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫الفصل بصورة واضحة وفعلية بين األنشطة التي تزاول في السوق الداخلية واألنشطة التي‬
‫تزاول على الصعيد اإلقليمي أو الدولي وذلك فيما يتعلق بالمقاوالت التي تزاول أنشطتها في‬
‫السوق الداخلية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‬

‫االنخراط في مدونة االخالقيات التي تعدها الهيئة المالية المغربية والمصادق عليها من لدن‬
‫لجنة القطب المالي للدار البيضاء و ذلك من أجل أفضل خدمة تضم مصالح العمالء وتحفظ‬
‫سمعة المنطقة المالية للدار البيضاء‬

‫إبالغ الهيئة المالية المغربية فورا بكل تغيير يطرأ على الشروط التي تم على أساسها منح‬
‫صفة " القطب المالي للدار البيضاء "‬

‫اعداد تقرير سنوي وفق النموذج المحدد من قبل الهيئة المالية المغربية والمصادق عليه من‬
‫لدن لجنة القطب المالي للدار البيضاء حسب صنف كل مقاولة من المقاوالت المذكورة‪ ،‬في‬
‫المواد من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 44-10‬و الذي يتعين إرساله إلى الهيئة المالية المغربية‬
‫داخل أجل ثالثة أشهر بعد اختتام السنة المالية‬

‫‪78‬‬
‫إضافة إلى ذلك نجد المادة ‪ 16‬مكرر من مشروع القانون المغير والمتمم للقانون رقم‬
‫‪ 10-44‬وضعت التزامات مالية على عاتق هذه المقاوالت بحيث انها أخضعتها لدفع عمولة‬
‫لفائدة الهيئة المالية المغربية بالنسبة لـ‪:‬‬

‫• المقاوالت التي تطلب اكتساب صفة " القطب المالي للدار البيضاء " وذلك أثناء تقديم‬
‫طلب هذه الصفة؛‬
‫• المقاوالت المكتسبة لصفة " القطب المالي للدار البيضاء " برسم الخدمات األخرى‬
‫الممنوحة من طرف الهيئة المالية المغربية قصد تنمية المنطقة المالية للدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ .2‬مزايا اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء‬

‫تستفيد المقاوالت المكتسبة لصفة " القطب المالي للدار البيضاء " من عدة مزايا تفضيلية‪،‬‬
‫فعلى المستوى الضريبي تذهب المادة ‪ 14‬من القانون رقم ‪ 44-10‬إلى أنه‪" :‬يحدد في المدونة‬
‫العامة للضرائب النظام الضريبي المطبق على المقاوالت المالية أو غير المالية المشار إليها‬
‫في المواد من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬أعاله و المكتسبة لصفة " القطب المالي للدار البيضاء" و كذا على‬
‫األجراء العاملين بهذه المقاوالت"‪.‬‬

‫فالحوافز المالية التي يقدمها القطب تتمثل أساسا في دفع نسبة جزافية للضريبة على الدخل‬
‫في حدود ‪ %20‬لمدة ‪ 5‬سنوات وكذلك اإلعفاء من الضريبة على الشركات لمدة ‪ 5‬سنوات‬
‫ثم االستفادة من النسبة المنخفضة التي تهم ‪ %8,75‬فيما بعد ذلك‪.‬‬

‫فضال عن ذلك تكتسب هذه المقاوالت مزايا تفضيلية أخرى فباإلضافة إلى الموقع االستراتيجي‬
‫للدار البيضاء للولوج إلى منطقة شمال وغرب إفريقيا تتمتع هذه المقاوالت بمزايا تتعلق‬
‫بالشراكات بما فيها تسهيل النفاذ إلى موارد األعمال‪ ،‬كالنفاذ إلى مجموعة واسعة من‬
‫المستثمرين الدوليين عبر نقطة دخول وحيدة و استخدام نظام متكامل لمزاولة االعمال يتيح‬
‫استقطاب أفضل األطر المالية ونظم البنية التحتية والخدماتية بالمنطقة‬

‫ثانيا ‪ :‬أثر اكتساب صفة القطب المالي للدار البيضاء بالنسبة لالقتصاد الوطني‬

‫ان القطب المالي للدار البيضاء سيعطي قيمة مضافة للقطاع المالي ومناخ األعمال بالمغرب‬
‫كما سيسهم في جذب االستثمار و إنعاش التشغيل وتوفير فرصة إلشعاع المملكة على‬

‫‪79‬‬
‫المستويات اإلقليمية و االوربية و العربية و االفريقية وكذا الدينامية القوية للبنوك و المقاوالت‬
‫المغربية على المستوى القاري ‪.‬‬

‫كخاتمة لموضوعنا نقول أن المغرب خطى خطوة مهمة جدا في المجال االقتصادي بإحداثه‬
‫للقطب المالي للدار البيضاء‪ ،‬إذ أن هذا المشروع الضخم سيوفر قفزة نوعية لالقتصاد المغربي‬
‫و إشعاع المملكة على الصعيد اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫إال أن هذا المشروع يلزمه مواكبة جدية له على كل المستويات وتحديات الصعاب التي‬
‫تعترضه فأحياء المال كما جاء على لسان المدير العام للهيئة المالية المغربية السيد سعيد‬
‫إبراهيمي ال يمكن إنجازها بين عشية وضح اها‪ ،‬و في هذا الصدد يلزم العمل بجهد على‬
‫المستوى الداخلي لتوفير المناخ المناسب لهذا القطب من خالل تقوية البنية التحتية و تكوين‬
‫الموارد البشرية والمالءمة القانونية و التسهيالت اإلجرائية‪ ،‬و على المستوى الخارجي من‬
‫خالل االنفتاح على جميع الثقافات عبر العالم و االستفادة من التجارب الناجعة لألقطاب‬
‫المالية العالمية‪.‬‬

‫صندوق المقاصة‬ ‫‪.26‬‬


‫صندوق المقاصة المغربي ‪ Caisse de Compensation‬هو مؤسسة حكومية مغربية‬
‫(صندوق الدعم االجتماعي) ذات صفة معنوية واستقاللية مالية‪ ،‬وظيفتها األساسية دعم أثمان‬
‫المواد األولية المسوقة في المغرب‪ ،‬وخصوصا والغازية والسكر‪ ،‬إضافة إلى دعم أثمنة بعض‬
‫المنتجات الموجهة لالستهالك في األقاليم الجنوبية للمغرب‪.‬‬
‫وقد تم رفع الدعم عن المحروقات سنة ‪ 2016‬بواسطة حكومة بنكيران التابعة لحزب العدالة‬
‫والتنمية ومن المنتظر أيضا رفع الدعم عن كال من الشاي والسكر وكذلك الغاز الطبيعي مع‬
‫بداية ‪ .2017‬تم إحداث الصندوق سنة ‪ ،1941‬إبان الحماية الفرنسية على المغرب‪ ،‬ويؤطر‬
‫تسييره ومهامه ظهير لسنة ‪.1977‬‬
‫يلعب الصندوق دورا حيويا في المشهد االقتصادي المغربي‪ ،‬خصوصا على مستوى استقرار‬
‫أسعار السلع األساسية والقدرة الشرائية للمستهلكين‪ ،‬إال أنه يطرح إشكاال دائما‬
‫بالنسبة للحكومات المغربية المتعاقبة منذ نهاية التسعينات‪ ،‬نظرا لضخامة التكاليف اإلجمالية‬
‫للصندوق‪ ،‬والتي بلغت ‪ 53.4‬مليار درهم مغربي سنة ‪ ،2012‬أي ما يعادل ‪% 6.4‬‬
‫من الناتج الداخلي الخام لنفس السنة‪.‬‬
‫تعتبر إشكالية إصالح نظام المقاصة المغربي من أصعب التحديات المطروحة في المشهد‬
‫السياسي المغربي‪ ،‬بحكم أن أي إصالح مستقبلي للصندوق سيكون ملزما بأن يستجيب‬

‫‪80‬‬
‫إلكراهات التوازنات الماكرواقتصادية وتوصيات المؤسسات المالية الدولية دون المخاطرة‬
‫باالستقرار االجتماعي المغربي‪.‬‬
‫في ‪ ،2012‬اقترحت حكومة بنكيران مشروعا إصالحيا يقضي بتوجيه جزء من الدعم‬
‫الحكومي بطريقة مباشرة للشرائح الفقيرة‪ ،‬إال أن المقترح ووجه بانتقادين أساسيين‪ :‬صعوبة‬
‫التعريف االقتصادي للطبقات المستهدفة واتهام المعارضة المغربية لالئتالف الحكومي بنية‬
‫استغالل اآللية المقترحة ألهداف انتخابية‪.‬‬
‫في ‪ 14‬مارس‪ ، 2012‬تم تعيين سليمة بناني‪ ،‬على رأس إدارة الصندوق‪ ،‬لتكون أول امرأة‬
‫تتقلد هذا المنصب الحساس‪.‬‬
‫في ‪ 14‬يونيو‪ ، 2013‬أعلن محمد نجيب بوليف‪ ،‬وزير الشؤون العامة والحكامة المغربي‪،‬‬
‫بصفته وزيرا وصيا على الصندوق‪ ،‬عن تخفيض التكاليف اإلجمالية للصندوق‪ ،‬برسم‬
‫‪ ،2013‬إلى ‪ 42‬مليار درهم مغربي‪.‬‬
‫ركائز اإلصالح‬
‫تعمل الحكومة على مواصلة إصالح هذا النظام في إطار مقاربة تدريجية تهدف إلى تحقيق‬
‫التوازن بين مختلف األبعاد االجتماعية واالقتصادية والمالية لنظام الدعم وذلك من خالل‬
‫استراتيجية تنبني على ثالثة ركائز أساسية وهي‪:‬‬
‫• مواصلة عملية مراجعة تركيبة أثمان المواد المدعمة ومسالك توزيعها وتسويقها‪ ،‬وعقلنة‬
‫استفادة القطاعات وتهييئها للتحرير الكامل لألسعار على المدى الطويل في إطار تشاوري‬
‫مع كل الفاعلين و المتدخلين‪،‬‬
‫• صياغة استراتيجية موازية الستهداف األسر المعوزة والتي في هشاشة باإلضافة لجزء‬
‫من األسر المتوسطة األكثر هشاشة واالستفادة في ذلك من التجارب الدولية والوطنية‪،‬‬
‫باعتماد مبدأ الدعم المالي المباشر المشروط بالتعليم والصحة وحث هذه الفئات على‬
‫االنخراط في برامج محو األمية و األنشطة المدرة للدخل‪ ،‬يتم تمويلها بإحداث صندوق‬
‫التضامن الذي يمول بمساهمات تضامنية‪ .‬وال تكون على حساب اآلليات المتاحة حاليا‬
‫(تيسير‪ ،‬راميد‪ ،‬التنمية البشرية‪ )..‬بل برنامجا عاما مكمال لهذه البرامج في أفق تجميع‬
‫القطب االجتماعي في إطار استراتيجية اجتماعية مندمجة ومتكاملة‪،‬‬
‫تفعيل نظام للحماية ضد تقلبات األسعار عبر اعتماد اآلليات المالئمة من شأنها أن تساعد على‬
‫التحكم في فاتورة دعم الطاقة‪.‬‬
‫اهداف اصالح صندوق المقاصة‬
‫يعتبر إصالح نظام المقاصة الذي أصبح يشكل عبئا متزايدا على كاهل ميزانية الدولة من بين‬
‫األوراش ذات األولوية المهمة في البرنامج الحكومي بهدف‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫تقليص الكلفة الميزاناتية االستهداف األمثل للفقراء مع استرجاع الدعم من األغنياء اعتماد‬ ‫•‬

‫مبدأ الدعم المباشر المشروط‬


‫إعادة هيكلة القطاعات المدعمة بتنسيق مع المتدخلين في القطاعات المعنية‬ ‫•‬

‫إعطاء األسبقية لدعم المنتوج المحلي‬ ‫•‬

‫توخي الحكامة في تدبير وإدارة الدعم التكامل مع البرامج االجتماعية األخرى‬ ‫•‬

‫تحسين إنتاجية بعض المتدخلين في القطاعات المدعمة‬ ‫•‬

‫المخرجات‪ :‬إنجاز لوحة قيادة تساعد على اتخاذ القرار‪،‬و ذلك من خالل ‪:‬‬ ‫•‬

‫‪ o‬الدراسة والحسم في اإلصالحات الخاصة بسلسة كل مادة على حدة‪،‬‬


‫‪ o‬تحديد أجندة اإلصالح‪ :‬تاريخ تحرير المواد‪ ،‬وكذا نسبة التحرير؛‬
‫‪ o‬تحديد اإلجراءات المصاحبة المندمج‪ ،‬سواء تلك المتعلقة باإلطار الماكرواقتصادي‪ ،‬أو‬
‫تلك القطاعية‬
‫‪ o‬إبداء الرأي حول اآلثار الناتجة عن تحرير أسعار القطاع‪.‬‬
‫‪ o‬صياغة استراتيجية موازية الستهداف األسر المعوزة والتي في هشاشة باإلضافة لجزء‬
‫من األسر المتوسطة األكثر هشاشة واالستفادة في ذلك من التجار بالدولية والوطنية‬
‫ورش اإلعداد إلصالح نظام المقاصة‬
‫بعد إطالق السيد رئيس الحكومة لورش اإلعداد إلصالح نظام المقاصة‪ ،‬منذ شهر مارس تم‬
‫عقد عدة لقاءات مسترسلة بين القطاعات الوزارية المعنية األساسية‪ ،‬تلتها لقاءات أخرى مع‬
‫البنك الدولي حيث تم‪:‬‬
‫• تكوين خلية وزارية لمتابعة الموضوع‬
‫• لجان موضوعاتية خاصة بالمواد المدعمة‪.‬‬
‫• لجنة لتقييم آثار تحرير األسعار‬
‫• لجنة تشتغل مع البنك الدولي على الشق المتعلق باالستهداف‬

‫المحور األول‪ :‬إعادة هيكلة القطاعات المدعمة بتنسيق مع المتدخلين في‬


‫القطاعات المعنية‬
‫تم االنتهاء من المرحلة األولى‪ :‬اقتراح مجموعة من اإلصالحات واإلجراءات المتعلقة بكل‬
‫مادة على حدة‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬عقد اجتماعات مع كل الفاعلين في مختلف القطاعات‪ ،‬حيث تم تقديم الحصيلة‬
‫األولى لإلجراءات‪ ،‬منها ما هو آني ومنها ما هو على المدى المتوسط‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬تقديم مقترحات الفاعلين و مالحظاتهم حول الحصيلة األولى من اإلجراءات‬
‫المقدمة من طرف الحكومة‪،‬‬

‫‪82‬‬
‫من المنتظر أن تكون هناك مسودة جاهزة في األسابيع األخيرة من شهر أكتوبر حول‬
‫اإلجراءات التي سوف تقدم إلى رئيس الحكومة بخصوص تحسين فعالية آليات الدعم عبر‬
‫إعادة هيكلة القطاعات المدعمة بتنسيق مع المتدخلين في القطاعات المعنية‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬االستهداف ودعم القطاعات المتضررة‬


‫تحديد آليات االستهداف في إطار التشاور مع خبراء البنك الدولي عبر االطالع على تفاصيل‬
‫تجارب مشابهة لالستفادة منها ‪:‬البرازيل‪ ،‬اندونيسيا‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬دراسة اآلثار المالية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫الوصول إلى المرحلة األخيرة المتعلقة ببلورة العديد من السيناريوات‬
‫• دراسة اآلثار الماكرواقتصادية باالعتماد على مجموعة من النماذج واالستفادة من نموذج‬
‫البنك الدولي المستعمل في التجربة اإلندونيسية لدراسة آثار تحرير أسعار المواد المدعمة‬
‫مع مالءمته للمعطيات الوطنية‬
‫• قياس تأثير تحرير أسعار المواد النفطية على التضخم واالستهالك ومعدل الفقر وعلى‬
‫الميزانية العامة للدولة مع تقدير التحويالت المالية التي يجب أن تستفيد منها الطبقات‬
‫الفقيرة والمعوزة للحد من التأثيرات المحتملة لتحرير أسعار هذه المواد على قدرتها‬
‫الشرائية‪،‬‬
‫أما من جهة أخرى‪ ،‬فالبد من الوقوف على بعض اإلجراءات التي تم اتخاذها والتي تدخل في‬
‫إطار إصالح نظام المقاصة‪ .‬يتعلق األمر ب‪:‬‬
‫• إنشاء صندوق التماسك االجتماعي بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2012‬والذي يندرج في‬
‫إطار االستهداف المباشر لتخفيض نفقات المقاصة وفي إطار حرص الحكومة على نهج‬
‫سياسة تضامنية تمكن من استهداف الفئات المستضعفة وفي إطار البعد الهادف ليكون هناك‬
‫تضامن بين جميع فئات المواطنين وبين المقاولة والمواطن الفقير‪ .‬ويهدف هذا الصندوق‬
‫إلى تمويل العمليات االجتماعية المتعلقة بنظام المساعدة الطبية الذي أعطى جاللة الملك‬
‫انطالقة تعميمه على مختلف جهات المملكة خالل سنة ‪ .2012‬كما سيمكن هذا الصندوق‬
‫من تقوية برنامج تيسير الخاص بتقديم الدعم النقدي المباشر لفائدة تمدرس أبناء األسر‬
‫الفقيرة واستهداف األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة‪.‬‬
‫مراجعة بعض الرسوم والزيادة في أسعار استهالك المحروقات‬

‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬ ‫‪.27‬‬

‫‪83‬‬
‫تهدف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬التي أعطى صاحب الجاللة الملك محمد السادس‬
‫نصره هللا‪ ،‬إلى محاربة الفقر والهشاشة وكذا االقصاء االجتماعي‪ .‬وذلك من خالل إنجاز‬
‫مشاريع دعم البنيات التحتية األساسية‪ ،‬أنشطة التكوين وتقوية القدرات‪ ،‬والتنشيط االجتماعي‪،‬‬
‫والثقافي والرياضي إضافة إلى النهوض باألنشطة المدرة للدخل‪.‬‬

‫ترتكز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على فلسفة وطريقة تسيير جديدتين‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫يعتبر الخطاب الملكي المؤسس‪ ،‬خارطة الطريق والمرجعية األساسية‪ ،‬حيث تتجلى قيم‬
‫المبادرة مجموعة من القيم المتمثلة في الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وثقة المغاربة في ذواتهم وفي‬
‫مستقبل بالدهم‪ ،‬ومشاركة المواطنين المعنيين من خالل التشخيص التشاركي وتحقيق‬
‫متطلباتهم على أرض الواقع‪.‬‬
‫ذلك إضافة إلى الحكامة الجيدة و االستمرارية من أجل إرساء دعائم حكامة ديمقراطية مع‬
‫إشراك كل الفاعلين في التنمية وفي اتخاذ القرار‪.‬‬
‫برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬
‫❖ تمحورت المبادرة خالل المرحلة األولى ‪ 2010-2005‬حول أربعة برامج‪ ،‬لفائدة‬
‫مختلف الفئات المستهدفة‬
‫• برنامج محاربة الفقر في الوسط القروي ‪ :‬همت ‪ 403‬جماعة قروية ال يتعدى معدل‬
‫الفقر بها ‪30%‬‬
‫• برنامج محاربة االقصاء االجتماعي في الوسط الحضري ‪ :‬يستهدف هذا البرنامج‬
‫‪ 264‬حيا حضريا‬
‫• برنامج محاربة الهشاشة ‪ :‬يستهدف هذا البرنامج ‪ 10‬فئات من األشخاص في‬
‫وضعية هشة‬
‫• البرنامج األفقي ‪ :‬يهم جميع الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة‬

‫❖ أعطت انطالقة المرحلة الثانية للمبادرة ‪ 2015-2011‬من طرف صاحب الجاللة الملك‬
‫محمد السادس نصره هللا‪ ،‬دفعة قوية تجلت من خالل الرفع من الغالف المالي هذا األخير‬
‫صار يناهز ‪ 17‬مليار درهم‪ ،‬مع توسيع قاعدة االستهداف لتشمل ‪ 702‬جماعة قروية و‬
‫‪ 532‬حي حضري باإلضافة إلى برنامج خامس للتأهيل الترابي خصص له غالف مالي‬
‫إجمالي قدره ‪ 5‬مليار درهم‪ .‬يستهدف هذا البرنامج ‪ 1‬مليون مستفيد قاطن ب ‪3300‬‬
‫دوار‪ ،‬ينتمي إلى ‪ 22‬إقليم معزول أو جبلي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالبنيات التحتية والخدمات‬
‫األساسية‪.‬‬
‫دفعة إيجابية للحكامة التشاركية المحلية‬

‫‪84‬‬
‫تعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منتوجا مغربيا صرفا‪ ،‬أحدثت أساليب جديدة في مجال‬
‫تدبير الشأن العمومي‪ ،‬حيث جعلت من اإلنسان محور األولويات الوطنية و جوهر الرهانات‬
‫الديموقراطية والتنموية‪ .‬وذلك عبر تبني منهج تنظيمي خاص قوامه االندماج والمشاركة‪.‬‬
‫ومن خصائص هذا الورش الملكي‪ ،‬إحداث أجهزة للحكامة يراعى في تشكيلها ضمان التوازن‬
‫بين كافة الفاعلين في مجال التنمية من منتخبين ونسيج جمعوي وإدارة ‪ ،‬حيث تعتبر هذه‬
‫األجهزة فضاء للتفكير واإلصغاء والتشاور بين مختلف الفاعلين المحليين‪.‬‬
‫اندماج فعلي للمجتمع المدني في مختلف مراحل تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬
‫يشكل هذا المشروع المجتمعي نموذجا رائدا مبني على مقاربة الممركزة وسياسة ترابية‬
‫هادفة‪ .‬وضمن هذا المسار التداولي والتشاركي‪ ،‬يحتل المجتمع المدني أيضا مكانة هامة في‬
‫إطار من التفاعل مع ممثلي اإلدارة‪ ،‬و النقابات المهنية واألحزاب السياسية والمنظمات‬
‫الحكومية‪.‬‬
‫إن الحديث عن المجتمع المدني يحيلنا إلى اإلرادة الملكية القوية في تمكين كل المغاربة من‬
‫المشاركة بصفة فردية و جماعية في مسلسل التنمية‪ .‬إن انخراط المجتمع المدني في مشاريع‬
‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليعكس ثقافة المشاركة التي تبنتها المبادرة والمجسدة في‬
‫أجهزة الحكامة على المستوى الترابي‪.‬‬
‫نظام صارم للتتبع والمراقبة‬
‫يعتبر التتبع والتقييم نظاما يمكن من ضبط مدى تطابق النتائج المحققة مع األهداف المسطرة‪،‬‬
‫وقياس أثر المشاريع المنجزة على الفئات المستفيدة‪ ،‬بهدف تحسين األداء والوصول إلى نتائج‬
‫ملموسة‪ .‬إن هذا النظام الغني بالمعلومات يمكن من الكشف عن النواقص والقيام بالتعديالت‬
‫الالزمة عن طريق إجراءات عملية صارمة‪ .‬إن هذا النظام المدعوم بعمليات التقييم التشاركية‬
‫عبر اسهام الساكنة الم عنية‪ ،‬هو آلية وأداة للتتبع والتقييم للوصول إلى المعلومة الدقيقة‪ ،‬وزيادة‬
‫على ذلك فالتقييم الخارجي وتشجيع ثقافة الشفافية وتقديم الحسابات عن طريق لجن االفتحاص‬
‫التابعة للمفتشية العامة لإلدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية وكذا اللجن التابعة للشركاء‬
‫الماليي ن للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬كلها آليات لضبط التتبع والتقييم‪ .‬ويمكن االطالع‬
‫على جميع التقارير بالموقع اإللكتروني للمبادرة‪.‬‬
‫إن هذه المعطيات والمؤشرات المستخلصة من النظام المعلوماتي تمكن التنسيقية الوطنية‬
‫للتنمية البشرية وشركائها الخارجيين‪ ،‬من تتبع إنجازات اللجن المحلية الترابية وتقدمها كشرط‬
‫أساسي لالستحقاق الكلي للدعم المالي المتعلق بالتعاون الدولي‪.‬‬
‫منهجية غير ممركزة مبنية على االلتقائية واالنسجام‬
‫تنخرط المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في منطق تكاملي ال يعوض البرامج القطاعية‪ ،‬وفي‬
‫هذا اإلطار فإن عددا من المشاريع المهيكلة رأت النور من خالل تعدد مجاالت تدخل المبادرة‬

‫‪85‬‬
‫خصوصا تلك المتعلقة بالصحة والبنيات التحتية واألنشطة المدرة للدخل وكذا التشغيل والتربية‬
‫والتكوين‪.‬‬
‫وبالفعل فإن التقائية البرامج القطاعية من أجل فعالية تسيير الشأن العام هي عامل حاسم لنجاح‬
‫المبا درة الوطنية للتنمية البشرية‪ .‬وعمليا فإن هذا المشروع المجتمعي ال يساهم فقط في إنجاز‬
‫المشاريع المهيكلة والموفرة للشغل‪ ،‬بل وأيضا في ترشيد الموارد واإلمكانات المتاحة وتحسين‬
‫الخدمات وتوسيع نشاط جميع الفاعلين في التنمية‪.‬‬
‫وهكذا فالالمركزية والالتمركز وكذا ضرورة تجانس آليات ومنهجيات العمل كلها تحديات‬
‫تطرح أمام تفعيل أمثل لمختلف السياسات القطاعية‪.‬‬
‫‪-‬‬

‫األعياد الدينية والوطنية‬ ‫‪.28‬‬


‫• األعياد الوطنية‬
‫‪ 11‬يناير ‪ :‬تقديم وثيقة االستقالل‬
‫فاتح ماي ‪ :‬عيد الشغل‬
‫‪ 30‬يوليوز ‪ :‬عيد العرش‬
‫‪ 14‬غشت ‪ :‬يوم وادي الذهب‬
‫‪ 20‬غشت ‪ :‬ذكرى ثورة الملك والشعب‬
‫‪ 21‬غشت ‪ :‬عيد الشباب‬
‫‪ 6‬نونبر ‪ :‬ذكرى المسيرة الخضراء‬
‫‪ 18‬نونبر ‪ :‬عيد االستقالل‬

‫• األعياد الدينية‬
‫عيد الفطر‬
‫عيد األضحى ويحتفل به في ‪ 10‬ذي الحجة‪.‬‬
‫فاتح محرم‪ :‬أول يوم من أيام السنة الهجرية‪.‬‬
‫عيد المولد النبوي الشريف يحتفل به يوم ‪ 12‬ربيع األول‪.‬‬

‫المغرب العربي‬ ‫‪.29‬‬


‫المغرب الكبير أو المنطقة المغاربية أو بالد المغرب هي منطقة تقع في شمال أفريقيا‪ ،‬ممتدة‬
‫على ساحل الب‪-‬حر األبيض المتوسط وحتى المحيط األطلسي‪ ،‬وهي تشمل باألساس خمسة‬
‫دول هي موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا‪ .‬كما تشمل أراضي الصحراء الغربية‬

‫‪86‬‬
‫المتنازع عليها (التي تسيطر عليها المغرب في الغالب) ومدينتي مليلية وسبتة (التي تسيطر‬
‫عليها إسبانيا وتعتبر جزء من المغرب) وتبلغ مساحتها مجتمعة حوالي ‪ 5.782.140‬كلم‪.²‬‬
‫اعتبارا من عام ‪ ،2017‬بلغ عدد سكان المنطقة أكثر من ‪ 100‬مليون شخص‪.‬‬

‫وعادة ما تعرف المنطقة بأنها غالبية أو معظم شمال أفريقيا بما في ذلك جزء كبير من‬
‫الصحراء الكبرى األفريقية‪ ،‬باستثناء مصر‪ .‬وقد تم توسيع التعريف التقليدي للمنطقة الذي‬
‫اقتصر على جبال األطلس والسهول الساحلية للمغرب والجزائر وتونس وليبيا‪ ،‬من خالل‬
‫إدراج موريتانيا ومنطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها‪.‬‬

‫قبل إنشاء الدول القومية الحديثة في المنطقة خالل القرن العشرين‪ ،‬يشار إلى "المغرب" بشكل‬
‫عام إلى منطقة أصغر بين جبال األطلس في الجنوب والبحر األبيض المتوسط‪ .‬وكثيرا ما‬
‫ش ملت أيضا شرق ليبيا‪ ،‬لكن ليس موريتانيا الحديثة‪ .‬في أواخر القرن التاسع عشر كان يستخدم‬
‫لإلشارة إلى منطقة غرب البحر األبيض المتوسط الساحلية لشمال أفريقيا بشكل عام‪ ،‬وإلى‬
‫الجزائر والمغرب وتونس على وجه الخصوص‪.‬‬

‫تأصيل‬
‫يعود أصل الكلمة «المغرب» من اللغة العربية بمعنى « الغرب »‪ ،‬بسبب الوضع الغربي‬
‫لهذه المنطقة فيما يتعلق بمركز الخالفة اإلسالمية‪ .‬وهي تعاكس المشرق ("بالد الشام")‪ ،‬الذي‬
‫يمتد من مصر إلى العراق وشبه الجزيرة العربية‪ .‬استخدم المسلمين أوال اسم "جزيرة‬
‫المغرب"‪ ،‬كتسليط الضوء على حال ة المنطقة التي تبدو معزولة بين البحر والصحراء‪ .‬بعد‬
‫تأسيس المملكة المغربية‪ ،‬أصبح اسم "المغرب" في الحاضر مرتبط بالدولة المغربية‪ ،‬ويشار‬
‫اليوم لمصطلح "المغرب" باسم « المغرب العربي » أو « المنطقة المغربية »؛ المصطلح‬
‫الذي كان يطلق على أراضي الدولة المغربية الحالية هو "المغرب األقصى"‪.‬‬

‫على خالف اللغة العربية‪ ،‬احتفظت اللغات األخرى بمصطلح « ‪ » Maghreb‬لإلشارة إلى‬
‫لمنطقة المغرب (المنطقة المغاربية) و « ‪ » Morocco‬من كلمة "مراكش" لإلشارة لدولة‬
‫المغرب‪.‬‬

‫في العصور الوسطى‪ ،‬أشار مصطلح "المغرب" إلى جزء من المغرب الحالي وشمل أيضا‬
‫المغرب األقصى‪ .‬حسب ابن خلدون فإن المغرب األقصى هو دولة المغرب الحالية‪ .‬والمغرب‬
‫األوسط هو الجزائر الحالية (محافظتي الجزائر ووهران) و إفريقية (تونس الحالية‪ ،‬وكذلك‬
‫جزء من ليبيا التي تضم طرابلس‪ ،‬تحت الحفصيون‪ ،‬أضيفت أيضا محافظات الزيبان‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬بجاية)‪.‬‬

‫في حين أن معظم جغرافيي هذه الف ترة يتوافقون في أن المغرب في شمال أفريقيا‪ ،‬بما في ذلك‬
‫أحيانا مصر وبرقة‪ ،‬فإن الجغرافي المقدسي ضم المغرب‪ ،‬شمال أفريقيا‪ ،‬واسبانيا وصقلية‬
‫معا‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫في الماضي‪ ،‬كانت هذه المنطقة تعرف باسم "ليبيا"‪ ،‬المعروفة اآلن باسم ليبيا القديمة‪ ،‬أو‬
‫إفريقية‪ ،‬التي أعطت اسمها ألفريقيا‪.‬‬

‫شهد استخدام نعت « العربي » في عبارة « المغرب العربي » في أواخر ‪ ،1940‬وفي‬


‫بعض الكتابات النادرة ففي عام ‪ ،1947‬على سبيل المثال‪ ،‬في القاهرة‪ ،‬تأسست « لجنة‬
‫تحرير المغرب العربي » من سبعة أحزاب قومية من بلدان شمال أفريقيا الثالث‪ .‬وظهرت‬
‫أكثر حزما في عام ‪ 1989‬مع إنشاء منظمة إقليمية التحاد المغرب العربي (‪ ،)UMA‬الذي‬
‫يجمع بين الدول الثالث في شمال أفريقيا ‪ -‬المغرب‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر ‪ -‬وكذلك ليبيا وموريتانيا‪.‬‬
‫رباح ‪ Kahlouche‬يتحدث عن التكرار في استخدام هذا المصطلح‪ ،‬وتحليل بأنها "تحتاج‬
‫إلى تأكيد والتأكيد على الهوية العربية في شمال أفريقيا [‪ ]...‬بين قادة المغرب العربي"‪ .‬وهكذا‬
‫يمكن أن يكون هذا اإلصرار استجابة للتأهيل االستعماري القديم‪ ،‬ولكن أيضا إلى اإلقليمية‬
‫البربرية‪.‬‬

‫خصائص طبيعية‬
‫يقع المغرب العربي شمال القارة اإلفريقية‪ ،‬بين خطي العرض ‪ °15‬و‪ °37‬شماال‪ ،‬وخطي‬
‫الطول ‪ °25‬شرقا و‪ 17°‬غربا ‪ ،‬وهي منطقة جغرافية تضم خمس دول (ليبيا‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬موريتانيا)‪ .‬وتبلغ مساحتها ‪ 6‬ماليين كم‪ .²‬يحد المغرب العربي شماال‬
‫البحر المتوسط‪ ،‬وجنوبا مالي والتشاد والنيجر والسنغال‪ ،‬وشرقا مصر والسودان‪ ،‬وغربا‬
‫المحيط األطلسي‪.‬‬

‫تختلف األشكال التضاريسية ببلدان المغرب العربي ما بين السهول والجبال والهضاب‬
‫والصحارى‪ ،‬كما تتعرض المنطقة لتيارات مناخية مختلفة قادمة من المحيط األطلسي ومن‬
‫الصحراء الكبرى ومن القطب الشمالي‪.‬‬

‫الجمعية‬ ‫‪.30‬‬
‫هي تج ّمع طوعي لمجموعة من األفراد من أجل متابعة أهداف أو مصالح مشتركة أغلبها‬
‫طويلة األمد‪ .‬يعتبر حق تأسيس الجمعيات من صميم حق التج ّمع‪ .‬تعود بدايات الجمعيات في‬
‫أوروبا إلى القرن الثامن عشر‪ ،‬وك‬

‫ان األمر الجديد بل الثوري الذي حققته هذه الروابط حينذاك هو أن أشخاصا ً من مختلف‬
‫الطبقات (رجال دين‪ ،‬نبالء‪ ،‬مواطنون وفالحون أحرار) اجتمعوا في الجمعيات لمناقشة قضايا‬
‫عصرهم‪ ،‬علما ً بأن التواصل بينهم كاد يكون معدوما ً قبل ذلك‪ .‬ازدادت حركة تأسيس‬
‫الجمعيات أكثر فأكثر اعتبارا ً من منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬نتيجة عصر التصنيع الذي‬
‫ترافق مع توافد متزايد من البشر إلى المدن‪ .‬تولت الكثير من الجمعيات مهام لم تقم بها الدولة‬
‫آنذاك‪ ،‬حيث كانت تنشط بشكل خاص في مجال العمل الخيري‪ ،‬إذ أن الكثير من العمال كانوا‬
‫يعيشون في ظروف غير مستقرة اجتماعياً‪ ،‬واهتمت جمعيات أخرى بتنظيم أنشطة ثقافية‬

‫‪88‬‬
‫وترفيهية‪ .‬أما النشاط السياسي الحر فكان محظورا ً على الجمعيات لفترة طويلة‪ ،‬وتعرضت‬
‫الجمعيات‪ ،‬خاصةً الع ّمالية منها‪ ،‬لرقابة شديدة من الدولة‪.‬‬

‫مازالت الشكوك حتى يومنا هذا ترتاب أنظمة الحكم االستبدادية في أنحاء العالم عندما يقوم‬
‫أفراد بتأسيس الجمعيات‪ ،‬ذلك ألن الجمعية تعد‪ ،‬انطالقا ً من فكرتها األساسية‪ ،‬فضا ًء «مستقالً‬
‫ّ‬
‫لينظموا‬ ‫عن الدولة» أو على األقل «بعيدا ً عن نفوذ الدولة»‪ .‬يؤسس المواطنون الجمعيات‬
‫أمورهم بأنفسهم دون تدخل من الدولة‪ .‬وسنستعرض في ما يلي نموذجا ً لقانون جمعيات‬
‫ليبرالي‪ ،‬كما تُشرح إمكانيات لهيكلة الجمعيات‪.‬‬

‫الجمعيات غير المسجلة‪ ،‬والمسجلة‪ ،‬والجمعيات ذات المنفعة العامة‬


‫في دول كثيرة توجد جمعيات مسجلة وغير مسجلة على حد سواء‪ .‬من حيث المبدأ ينبغي قدر‬
‫اإلمكان تسهيل إمكانية تأسيس المواطنين لجمعيات لينشطوا من خاللها‪ ،‬لذلك يُفترض أن‬
‫تكون الشروط الشكلية الالزمة لتأسيس جمعية قليلة‪ ،‬وال ينبغي أن يكون التسجيل ملزماً‪ .‬فقد‬
‫يعد بقاء جمعية غير مسجلة أمرا ً مجديا ً إذا كان من المتوقع أال تستمر إال لفترة محدودة‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬إذا قام أفراد بتأسيس جمعية من أجل منع بناء طريق سريع للسيارات في حيّهم‬
‫السكني أو في قريتهم‪ ،‬يمكن حل الجمعية بعد تحقيق الهدف‪ .‬كما أنه من المنطقي أيضا ً تأسيس‬
‫جمعية غير مسجلة إذا كان من غير المتوقع أن تكون للجمعية إيرادات كثيرة أو أنها ستبرم‬
‫عقوداً‪ .‬فيمكن لمجموعة من الناشطين مثال ً تأسيس جمعية غير مسجلة‪ ،‬لمنح اجتماعاتهم‬
‫حماية قانونية إضافية بحكم قانون الجمعيات‪ ،‬وليكون لهم ممثلون قانونيون محددون‪.‬‬

‫يتطلب التسجيل الرسمي لدى الدولة بذل جهود إضافية دائماً‪ ،‬وال تعتبر هذه الجهود مبررة‬
‫من وجهة نظر أعضاء الجمعية‪ ،‬إال إذا حصلوا مقابل ذلك على حماية أفضل أو فائدة إضافية‪.‬‬
‫فإذا كان تسجيل الجمعية يحمي األعضاء من تحملهم المسؤولية المالية في حال تعرضت‬
‫الجمعية لخسائر مالية‪ ،‬فإن التسجيل أمر ُمج ٍد من وجهة نظرهم‪ .‬كما أن التسجيل ذو نفع إذا‬
‫كانت الجمعية تريد الحصول على مال من مؤسسات حكومية أو غير حكومية داخل البلد أو‬
‫خارجه‪ ،‬فالمؤسسات المانحة ال تعترف عادة ً إال بالجمعيات المسجلة‪.‬‬

‫شكل خاص من أشكال الجمعيات المسجلة هو الجمعية ذات المنفعة العامة‪ .‬في ألمانيا مثال ً يتم‬
‫إعفاء الجمعيات غير الهادفة للربح والتي تعمل ألهداف ذات منفعة عامة أو أهداف خيرية‬
‫من دفع الضرائب‪ .‬فعلى سبيل المثال تُصنّف جمعية تهدف للمصالحة بين العرب واألكراد‬
‫المعربة سابقا ً بفئة الجمعيات «ذات المنفعة العامة»‪ ،‬بينما تُمنح جمعية أخرى‬ ‫ّ‬ ‫في المناطق‬
‫تقوم بطبخ الحساء لالجئي الحروب صفة الخيرية‪ .‬عن طريق اإلعفاء من دفع الضرائب‬
‫تسمح الدولة للمواطن أن يقرر بنفسه كيف تُصرف أموال من أجل المنفعة العامة‪ .‬تشبه‬
‫المؤسسات الخيرية في البلدان األنجلوسكسونية الجمعيات ذات المنفعة العامة‪ .‬أما المؤسسات‬
‫الخيرية العريقة فتتمركز في دول مثل الواليات المتحدة المعروف بضعف دور الدولة في‬
‫المجال االجتماعي الذي تتركه الدولة غالبا ً للمبادرات الخاصة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫من المهم أال يكون ترخيص الجمعيات من صالحيات السلطات التنفيذية‪ ،‬بل التشريعية‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يكون لوزارة الداخلية أو الشرطة أو ألجهزة أمنية أخرى كلمة لدى تسجيل‬
‫الجمعيات‪ .‬لقد بينت التجربة أن هذه المؤسسات التابعة للدولة ال ترحّب كثيرا ً بوجود مواطنين‬
‫ناشطين‪ .‬وبالتالي فإن قيام التشريعية بتسجيل الجمعيات يحمي المواطن من قيود محتملة قد‬
‫تفرضها السلطات التنفيذية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن ترخيص الجمعيات يجب أن يكون عملية‬
‫شكلية وغير سياسية‪ .‬معنى ذلك أن المعيار الوحيد المقبول للتسجيل هو توافق النظام األساسي‬
‫للجمعية التي تطلب التسجيل مع قانون الجمعيات‪ ،‬وليس موافقة الطبقة الحاكمة على أهداف‬
‫الجمعية‪.‬‬

‫النظام األساسي‬
‫يجب على الجمعيات المسجلة وغير المسجلة على حد سواء تلبية شروط معينة ينص عليها‬
‫يقر نظاما ً أساسيا ً‬
‫قانون الجمعيات لكل دولة‪ ،‬والذي عادة ً ما يفرض إجراء اجتماع تأسيسي ّ‬
‫للجمعية‪ .‬وألجل تسهيل تأسيس الجمعيات ونشاط المواطنين المرتبط بذلك‪ ،‬يُستحسن أن يكون‬
‫الحد األدنى المطلوب لعدد األعضاء صغيرا ً قدر اإلمكان‪ .‬وللدولة مصلحة أيضا ً في أن يكون‬
‫هناك نشاط حيوي للجمعيات‪ ،‬ألن نشاطها يخفف من أعباء الدولة‪.‬‬

‫يستطيع كل شخص أن يصبح عضوا ً في جمعية إذا كان يدعم أهدافها ووافق على نظامها‬
‫األساسي‪ .‬تقرر الجمعية بنفسها قبول أو رفض انتساب األشخاص إليها‪ .‬وال يمكن إلغاء‬
‫عضوية شخص إال إذا انتهك واجباته المنصوص عليها في النظام األساسي (كعدم دفع‬
‫االشتراكات) أو ألحق الضرر بالجمعية‪ .‬وتقرر الجمعية بنفسها أيضا ً في شأن إقصاء أي‬
‫عضو‪ ،‬وذلك على أساس المبادئ التي ينص عليها النظام األساسي‪.‬‬

‫بغض النظر عن كونها مسجلة أم ال‪ ،‬يجب أن يتضح من نظام الجمعية األساسي ما الغرض‬
‫من تأسيسها‪ .‬يجب ضمان حرية اختيار الغرض‪ ،‬فيمكن لجمعية أن تتابع أغراضا ً اجتماعية‬
‫(مثل دعم المحتاجين عن طريق التبرع باأللبسة أو األغذية)‪ ،‬أو سياسية (مثل دعم حقوق‬
‫المرأة أو الطفل)‪ .‬كما يمكن لجمعية أن يكون غرضها ترفيهياً‪ ،‬حيث يجتمع فيها مربو الحمام‬
‫أو النحل‪ ،‬أو العبو الورق‪ ،‬أو مشجعو كرة القدم‪ ،‬أي باختصار كل من يتشاركون في هواية‬
‫ما ويريدون أن يمارسوها سويةً‪ .‬يمكن لجمعية أن تسعى ألهداف اقتصادية أو أن تخدم المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬فالقرار في ذلك يعود حصرا ً ألعضاء الجمعية أو لمؤسسيها منهم‪.‬‬

‫على الجمعيات المسجلة‪ ،‬كما سبق الذكر‪ ،‬تلبية بعض الشروط الشكلية التي تتعدى نطاق‬
‫شروط الجمعيات غير المسجلة‪ .‬فيتوجب عليها حسب القانون األلماني مثالً تحديد كيفية‬
‫االنتساب إليها في نظامها األساسي‪ ،‬وإذا كانت العضوية تتطلب دفع اشتراكات وكيف يتم‬
‫تشكيل مجلس إدارة ال جمعية‪ ،‬وكيفية انعقاد الجمعية العامة لألعضاء‪ ،‬وطريقة توثيق القرارات‬
‫(محاضر وما شابه)‪ .‬وقد تتباين تفاصيل هذه األنظمة بشدة‪ ،‬فيمكن لجمعية أن تقرر على‬
‫سبيل المثال بأن النصاب القانوني لجمعيتها العامة ال يعد مكتمالً إال بحضور جميع األعضاء‬
‫أو أن تقرر اكتماله بحضور عضو واحد فقط‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الجمعية العامة‬
‫تعتبر الجمعية العامة لألعضاء الهيئة العليا التخاذ القرار لكل جمعية‪ ،‬وهي تُعقد بشكل دوري‪،‬‬
‫عادة ً مرة واحدة في السنة على األقل‪ ،‬ويدعو إليها مجلس إدارة الجمعية‪ .‬وعموما ً يحق لعدد‬
‫معين من األعضاء أيضا ً الدعوة لعقد اجتماع الجمعية العامة في جال رأوا ضرورة ذلك‪،‬‬
‫ويختلف العدد المطلوب لذلك من جمعية إلى أخرى‪ .‬تنتخب الجمعية العامة اإلدارة وتقر‬
‫وتعدل النظام األساسي وتحل الجمعية‪ .‬تقرر الجمعية العامة بأغلبية األصوات البسيطة عادةً‪،‬‬
‫أما في القضايا البالغة األهمية مثل تغيير النظام األساسي أو حل الجمعية أو تغيير غرض‬
‫الجمعية‪ ،‬فمن المفيد فرض نسب أغلبية اُخرى (ثلثي األصوات أو اإلجماع) إما بحكم النظام‬
‫األساسي أو بحكم القانون‪ .‬المهم في األمر أنه ال يجوز حل الجمعية إال من قبل أعضائها وفقا ً‬
‫للنظام األساسي‪.‬‬

‫مجلس اإلدارة‬
‫يتولى مجلس اإلدارة تمثيل الجمعية خارجها‪ ،‬كإبرام العقود بجميع أنواعها مثالً‪ .‬يتألف مجلس‬
‫اإلدارة عادة ً من شخصين على األقل‪ ،‬هما الرئيس وأمين الصندوق‪ .‬تسيّر اإلدارة األعمال‬
‫الجارية للجمعية مع التزامها بقرارات الجمعية العامة التي تُبلّغها بجميع القضايا التي تهم‬
‫الجمعية‪ .‬تحد َّد في معظم األنظمة األساسية للجمعيات الفترات المنتظمة التي يجب على اإلدارة‬
‫االلتزام بها لتقديم تقرير حول استخدام أموال الجمعية‪ ،‬يتضمن اإليصاالت وتقريرا ً عن عمل‬
‫الجمعية الفعلي‪ .‬في حاالت كثيرة تعمل اإلدارة طوعياً‪ ،‬بمعنى أن أعضاءها ال يحصلون على‬
‫مال مقابل عملهم‪.‬‬

‫التمويل‬
‫تمول الجمعيات نفسها عن طريق اشتراكات األعضاء والتبرعات‪ .‬كما يمكنها تقديم طلب‬
‫الحصول على أموال إضافية من مؤسسات مستقلة أو تابعة للدولة‪ .‬وحدهم األعضاء يقررون‬
‫في تقديم طلبات التمويل‪ .‬المهم في هذا األمر هو حصر صالحية التحقق من أن الجمعية تعمل‬
‫وفقا ً لنظامها األساسي ولم تنفق األموال لغير األغراض المنصوص عليها فيه بدائرة المالية‬
‫المسؤولة فقط‪ .‬إذ ليس هناك ما يدعو إلشراك مؤسسات عامة أخرى في عملية التدقيق هذه‪.‬‬

‫قانون الجمعيات بالمغرب‬ ‫‪.31‬‬


‫محطات تاريخية‬
‫• ‪ 15‬نونبر ‪ :1958‬ظهير رقم ‪ 1.58.376‬بضبط حق تأسيس الجمعيات‪.‬‬
‫• ‪ 10‬أبريل ‪ :1973‬ظهير شريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪.1.73.283‬‬
‫• ‪ 23‬يوليوز ‪ :2002‬القانون ‪ 75.00‬الصادر األمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف‬
‫رقم ‪.1.02.206‬‬

‫‪91‬‬
‫األساس الدستوري‬

‫يضمن الدستور لجميع المواطنتين‪:‬‬

‫حرية التجول وحرية االستقرار بجميع أرجاء المملكة‪.‬‬

‫حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية االجتماع‪.‬‬

‫حرية تأسيس الجمعيات وحرية االنخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم‪ .‬وال‬
‫يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إال بمقتضى القانون‪.‬‬

‫المقتضيات المشتركة ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التعريف الجمعية حسب الفصل ‪ 1‬هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عـدة‬
‫أشخاص الستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع األرباح بينهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬التأسيس‪ :‬المبـدأ‪ :‬حسب الفصل ‪ 2‬يجوز تأسيس جمعيات األشخاص بكل حرية ودون‬
‫سابق إذن‪ .‬الشرط ‪ :‬مراعاة مسطرة التأسيس‪.‬‬

‫مسطرة التأسيس (أسئلة وأجوبة أساسية)‬

‫أين يقدم التصريح ؟‬

‫لدى مقر السلطة اإلدارية المحلية‪.‬‬

‫من طرف من يقدم التصريح‪.‬‬

‫يقدم التصريح مباشرة (من طرف أحد األعضاء) أو من طرف عون قضائي‪.‬‬

‫ماذا يمنح مقابل التصريح ؟وصل مؤقت ومختوم ما هي محتويات التصريح ؟‬

‫كل الوثائق تقدم في ‪ 3‬نظائر اسم الجمعية ‪ -‬أهداف الجمعية ‪ -‬الئحة األسماء الشخصية‬
‫والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومكان االزدياد ومهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب المسير ‪-‬‬
‫الصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان ‪ -‬صور من البطائق التعريف الوطنية أو‬

‫‪92‬‬
‫بطائق اإلقامة بالنسبة لألجانب ‪ -‬نسخ من بطائـق السجل العدلي ‪ -‬مقر الجمعية ‪ -‬عدد مقرات‬
‫وفروع الجمعية ‪ -‬القوانين األساسية‪.‬‬

‫هل هناك شكايات خاصة بالمصادقة على التصريح ؟‬

‫يمضي صاحب الطلب على التصريح والوثاق المرفقة‪ ،‬ويشهد على صحتها‪.‬‬
‫أداء حقوق التنبر يتم على القوانين األساسية والئحة أعضاء المكتب باستثناء نظيرين‪.‬‬
‫ما هو مآل التصريح؟‬

‫تسلم السلطة المحلية إلى النيابة العامة بالمحكمة االبتدائية نسخة من التصريح والوثائق المرفقة‬
‫إلبداء رأيها في الطلب عند االقتضاء‪.‬‬

‫تسلم السلطة المحلية نسخة من التصريح والوثائق المرفقة إلى األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫عند استيفاء التصريح لإلجراءات يسلم الوصل النهائي وجوبا في ظرف ‪ 60‬يوما‪ .‬وفي حالة‬
‫عدم تسليمه داخل هذا األجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق األهداف المسطرة في‬
‫قوانينها‪.‬‬
‫كيف يتم التصريح بالتغييرات؟‬

‫يتم الصريح بالتغييرات طبقا لنفس شروط التصريح األصلي‪ ،‬خالل الشهر الموالي من وقوع‬
‫التغيير‪.‬‬
‫ج) الحقوق المترتبة عن الوضع القانوني للجمعية‪:‬‬

‫الترافع أمام المحاكم‪.‬‬


‫اقتناء‪ ،‬امتالك والتصرف في‪:‬‬
‫اإلعانات العمومية‪.‬‬
‫واجبات انخراط األعضاء‪.‬‬
‫واجبات اشتراك األعضاء السنوي‪.‬‬
‫إعانات القطاع الخاص‪.‬‬
‫المساعدات التي يمكن أن تتلقاها الجمعية من جهات أجنبية أو منظمات دولية مع مراعاة‬
‫مقتضيات الفصلين ‪ 17‬و‪ 32‬من القانون ‪ 17‬و‪.32‬‬
‫الممتلكات الضرورية لممارسة وإنجاز أهداف الجمعية‪.‬‬
‫د‪ -‬التزامات مالية ومحاسبية خاصة بالجمعيات‪:‬‬
‫الجمعيات التي تتلقى دوريا إعانات من إحدى الجماعات العمومية‪ .‬يتعين عليها تقديم‬
‫ميزانيتها وحسابها للوزارات التي تمنحها اإلعانات المذكورة‪.‬‬
‫بالنسبة للجمعيات التي تتلقى دوريا إعانات يتجاوز مبلغها ‪ 10‬آالف درهم من إحدى‬
‫الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية أو الشركات التي تساهم الجماعات العمومية في‬
‫رأسمالها‪ ،‬يتعين عليها تقديم حساباتها للهيـآت التي تمنحها اإلعانات المذكورة مع مراعاة‬
‫مقتضيات القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫تخضع دفاتر الحسابات لمراقبة مفتشي وزارة المالية‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الجمعيات التي تتلقى مساعدات أجنبية‪ .‬يتعين أن تصرح بالمساعدة ومبلغها إلى األمانة‬
‫العامة للحكومة داخل أجل ‪ 30‬يومـا‪.‬‬

‫هـ‪ -‬أهم العقوبات‪:‬‬


‫قاعدتان عامتان‪:‬‬
‫جميع العقوبات تطبق بالتخفيف (الفصل‪.)40‬‬
‫جميع القضايا الزجرية أو المدنية المتعلقة بالجمعيات يرجع النظر فيها إلى المحاكم‬
‫االبتدائية (الفصل ‪.)39‬‬
‫نوع المخالفة؛ العقوبة؛ السند القانوني‬
‫مخالفة مقتضيات الفصل الثالث؛ بطـالن الجمعية؛ الفصل ‪ 3‬و‪7‬‬
‫القيام بإحدى عمليات االقتناء‪ ،‬االمتالك والتصرف دون مراعاة إجراءات التأسيس؛ غرامة‬
‫‪ 1200‬إلى ‪ 5000‬درهم مع مضاعفة الغرامة في حالة العود؛ الفصل ‪8‬‬
‫التمادي في ممارسة العمل أو إعـادة التأسيس بشكل غير قانوني بعد صدور حكم بالحل؛‬
‫حبس من شهر واحد وستة أشهر‪ ،‬وغرامة بين ‪ 10.000‬و ‪ 20.000‬درهم أو بإحدى‬
‫العقوبتين؛ الفصل ‪8‬‬
‫المساعدة على اجتماع جمعية محلولة؛ حبس من شهر واحد وستة أشهر‪ ،‬وغرامة بين‬
‫‪ 10.000‬و ‪ 20.000‬درهم أو بإحدى العقوبتين؛ الفصل ‪8‬‬
‫مخالفة الجمعية الحاصلة على صفة المصلحة العمومية اللتزاماتها القانونية المترتبة عن‬
‫هذه الصفة؛ سحب صفة المصلحة العمومية بعد إنذار الجمعية لتسوية الوضعية المحاسبية‬
‫خالل ‪ 3‬أشهر؛ الفصل ‪9‬‬
‫وجود جمعية أجنبية في وضعية غير قانونية؛ الحــل؛ الفصل ‪7‬‬
‫وج ود جمعية أجنبية في وضعية غير قانونية (مع استمرار المؤسسين أو المتصرفين في‬
‫إدارتها)؛ الحبس من ‪ 3‬أشهر إلى سنتين وغرامة بين ‪ 10.000‬و ‪ 50.000‬درهم‪ ،‬أو‬
‫بإحدى العقوبتين فقط؛ الفصل ‪27‬‬
‫عدم ضبط دفتر الحسابات بالنسبة للجمعيات التي تتلقى دوريا إعانات من إحدى الجماعات‬
‫العمومية؛ غرامة من ‪ 120‬إلى ‪ 1000‬درهم بالنسبة للمسؤول عن الجمعية مدنيا؛ الفصل‬
‫‪32‬‬
‫عدم التصريح بتلقي المساعدات األجنبية إلى األمانة العامة للحكومة؛ الحل؛ الفصل ‪32‬‬
‫مكرر‬
‫العقود المبرمة من أجل التملص من الفصول ‪12 ،10 ،6‬؛ القابلية لإلبطال؛ الفصل ‪34‬‬
‫التحريض على ارتكاب جنايات أو جنح؛ حبس من ‪ 3‬أشهر على سنتين وغرامة من ‪1200‬‬
‫درهم إلى ‪ 50000‬درهم أو بإحدى العقوبتين؛ الفصل ‪34‬‬
‫القيام بنشاطات غير تلك المقررة في القوانين األساسية؛ غرامة من ‪ 1200‬إلى ‪5000‬‬
‫درهم؛ الفصل ‪36‬‬

‫و‪ -‬مقتضيات خاصة بأنماط معينة من الجمعيات‬

‫الجمعيات المعترف لها بصبغة المنفعة العمومية‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫مسطرة منح المصلحة العمومية‪:‬‬
‫تقديم طلب‪.‬‬
‫بحث السلطة اإلدارية (غايات ووسائل الجمعية)‪.‬‬
‫الرد اإليجابي أو السلبي فـي أجل ال يتعدى ‪ 6‬أشهر بدءا من تاريخ الوضع لدى السلطة‬
‫اإلدارية المحلية‪.‬‬
‫سحب الصفة يقع في حالة اإلخالل بااللتزامات القانونية أو مخالفة القانون األساسي‪.‬‬
‫امتيازات خاصة‪:‬‬
‫باإلضافة للفصل ‪ ، 6‬يجوز للجمعية المعترف لها بصبغة المنفعة العمومية التماس اإلحسان‬
‫العمومي (بعد تصريح لدى األمانة العامة للحكومة ‪ 15‬يوما قبل تاريخ التظاهرة)‪.‬‬
‫يمكن للجمعية المعترف لها بصبغة المنفعة العامة قبول الهبات المنقولة أو العقارية حسب‬
‫الشروط المبينة في الفصول ‪ 11‬إلى ‪.13‬‬
‫التزامات تتعلق بالتدبير المالي والمحاسبي‪:‬‬
‫مسك محاسبة‪.‬‬
‫حفظ القوائم التركيبية والوثائق المثبتة للتقييدات المحاسبية والدفاتر مدة ‪ 5‬سنوات‪.‬‬
‫رفع تقرير سنوي لألمانة العامة للحكومة عن أوجه استعمال الموارد خالل سنة مدنية مع‬
‫وجوب المصادقة على التقرير من طرف خبير محاسب مقيد في جدول هيئة الخبراء‬
‫المحاسبين‪.‬‬
‫الجمعيات االتحادية والجامعات‪:‬‬
‫طبيعتها‪:‬‬
‫تتأسس بين الجمعيات‬
‫االختالفات المسطريـة‪:‬‬
‫تنطبق على الجامعات والجمعيات االتحادية نفس مقتضيات التأسيس الواردة في الفصل ‪،5‬‬
‫غير أنه يتعين التصريح بأسماء الجمعيات المتألفة منها االتحادات أو الجامعات مع تبيان‬
‫أهدافها ومقارها‪.‬‬
‫ينبغي تجديد التصريح في كل مرة تنضم فيه جمعية جديدة‪.‬‬
‫الجمعيات األجنبية‪:‬‬
‫تعريف‪:‬‬
‫كل الهيآت التي لها مميزات جمعية‪ ،‬ولها مقر في الخارج أو يكون لها مسيرون أجانب‪ ،‬أو‬
‫نصف األعضاء من األجانب‪ ،‬أو يديرها بالفعل أجانب ومقرها المغرب‪( .‬الفصل ‪.)21‬‬
‫خصوصيات مسطرة التأسيس‪:‬‬
‫تجري على الجمعيات األجنبية نفس شروط التأسيس الواردة في الفصل ‪ ،5‬غير أنه يمكن‬
‫للسلطة المحلية أن تمانع في تأسيس جمعية أجنبية‪ ،‬أو تعديل القانون األساسي أو األشخاص‬
‫المسيرين‪ ،‬أو إحداث فروع‪( .‬وذلك في ظرف ‪ 3‬أشهر من التاريخ المضمن في الوصل)‪.‬‬
‫خصوصيات مالية‪:‬‬
‫ال يمكنها مباشرة عمليات الفصل السادس إال بعد انصرام أجل ‪ 3‬أشهر من تاريخ اإليداع‬
‫المضمن في الوصل‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫اتحاد كتاب المغرب‬ ‫‪.32‬‬
‫اتحاد كتاب المغرب جمعية ثقافية‪ ،‬تأسست سنة ‪ ،1960‬تجمع ُكتاب ومثقفي المملكة‬
‫المغربية‪ ،‬وتعمل على دعم الممارسة الثقافية وترشيدها‪ .‬من مهامها تقديم جائزة اتحاد كتاب‬
‫المغرب لألدباء الشباب‪.‬‬

‫تاريخ‬
‫استقر رأي نخبة من المغاربة سنة ‪ 1960‬على دعوة زمالئهم المغاربيين إلى االلتفاف حول‬
‫هيئة ثقافية مستقلة تدافع عن حقوقهم وتشخص طموحهم إلى ترشيد الممارسة الثقافية الملتزمة‬
‫بآفاق قومية وطنية‪.‬‬

‫بين ‪ 1961‬و‪ 1968‬أخذ الدكتور محمد عزيز الحبابي‪ ،‬الكاتب والفيلسوف المغربي‪ ،‬صحبة‬
‫لفيف من رفاقه النشيطين‪ ،‬على عاتقهم تكريس عمل جمعوي غير مسبوق في المغرب‪ ،‬له‬
‫مقر ثابت (دار الفكر)‪ ،‬ونشرة ثقافية دورية (مجلة آفاق)‪.‬‬

‫في حقبة السبعينات (‪ )1968-1976‬برز في الواجهة اسما بارزا في الحركة الثقافية الوطنية‬
‫هو األستاذ عبد الكريم غالب ‪ .‬وسيكون عليه كرئيس جديد التحاد كتاب المغرب‪ ،‬أن يقدم‬
‫الترجمة الملموسة لتوصيات المؤتمر الثاني الذي شهدت وقائعه قاعة مدارس محمد الخامس‬
‫بالرباط‪.‬‬

‫وعندما تهل أواسط السبعينات‪ ،‬ستكون الشروط قد نضجت لتحويل اتجاه االتحاد نحو ممارسة‬
‫أكثر راديكالية والتزاما‪ ،‬بتقلد األستاذ محمد برادة‪ ،‬أحد أبرز الوجوه الثقافية االشتراكية‬
‫بالمغرب‪ ،‬لرئاسة االتحاد (‪.)1976-1983‬‬

‫هذا التنظيم الثقافي ظل مهمشا من طرف الدولة طيلة عقود العتبرت سياسية لها عالقة‬
‫بالوضع العام الذي عاشه المغرب خالل مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي‬
‫وحتى أواخر التسعينات وهي مرحلة عرفت موجة قمع واسعة ذهب ضحيتها العديد من‬
‫الكتاب والمثقفين المغاربة الذين كانوا يعتبرون معارضين للنظام‪ ،‬فإن وضعية االتحاد‬
‫أصبحت مختلفة اليوم‪ ،‬فهو المخاطب الرسمي للسلطة‪ ،‬ويتمتع بصفة جمعية ذات نفع عام‬
‫تتمتع بدعم مالي من الدولة ويتلقى كل التسهيالت من طرف الجهات ً الوصية على الشأن‬
‫الثقافي والفني بالمغرب‪.‬‬

‫بعد سلسلة طويلة من الصراع الداخلي في اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2009‬قرر‬
‫المكتب التنفيذي لالتحاد إقالة رئيسه السيد عبد الحميد عقار‪ .‬وتولى الكاتب عبد الرحيم العالم‬
‫قيادة االتحاد‪.‬‬

‫العضوية‬

‫‪96‬‬
‫عند تأسيس هذه المؤسسة سنة ‪ 1960‬يوم كان عدد األدباء والكتاب قليال‪ ،‬وكانت العضوية‬
‫مفتوحة على الشعراء والقصاصين والروائيين والمفكرين‪ ،‬ولكن أيضا على نشطاء الفن‬
‫الغنائي والموسيقي والممارسة الثقافية‪.‬‬

‫العضوية يبث فيها المكتب المركزي التحاد كتاب المغرب‪ .‬وذلك بعد التوصل بطلبات خطية‬
‫من الراغبين في ذلك‪ ،‬ويحدث أن يستشير المكتب مختصين ونقاد من خارج أعضائه‪ ،‬كما‬
‫يقبل تزكيات مكتوبة من أعضاء مكرسين وذوي قيمة‪ .‬وحتى في الحاالت السلبية‪ ،‬فإن االتحاد‬
‫ال يعلن عن رفضه منح العضوية ألحد‪ ،‬بل يتعلق األمر دائما بتأجيل البث في العضوية إلى‬
‫أن تنضج تجربة كاتب مبتدئ أو يؤكد كاتب له قيمة حضوره في ساحة اإلنتاج والنشر‬
‫والتواصل الثقافي‪.‬‬

‫أنشطة االتحاد‬
‫االتحاد هو اليوم ممثل في عدد من المؤسسات الدستورية والوطنية مثل المجلس األعلى‬
‫لإلنعاش الوطني‪ ،‬والمجلس األعلى للتعمير وعضو في المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫وعضو في لجنة قراءة االعمال الدرامية في التلفزيون المغربي‪ ،‬وعضو في لجنة المصادقة‬
‫على الكتاب المدرسي‪ ،‬وعضو في األمانة العامة لالئتالف المغربي للثقافة والفنون‪ ،‬وعضو‬
‫في الجمعية المغربية ألخالقيات مهنة الصحافة‪ ،‬وعضو في اللجنة المختصة في االخالقيات‬
‫اإلعالمية التي كانت قد دعت إليه ا النقابة الوطنية للصحافة المغربية‪ ،‬واالتحاد عضو أيضا‬
‫في اللجنة الوطنية للتضام مع الشعبين‪ ،‬الفلسطيني‪ ،‬والعراقي‪ ،‬كما انه أصبح عضوا في األمانة‬
‫العامة لالتحاد العام لألدباء والكتاب العرب‪.‬‬

‫أزمة ‪1929‬‬ ‫‪.33‬‬

‫شهد العالم سنة ‪ 1929‬أزمة اقتصادية كبرى حركت بعنف أركان النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫‪ -‬فما هي أسباب هذه األزمة‪ ،‬ومظاهرها؟‬
‫‪ -‬وما هي نتائجها وطرق معالجتها؟‬

‫أسباب ومظاهر األزمة‬


‫فتحت الحرب العالمية األولى المجال أمام الصناعة األمريكية لغزو األسواق العالمية بعد‬
‫تراجع ا لقوة االقتصادية ألوربا‪ ،‬فعرف اقتصادها فترة من االزدهار والرخاء بفعل استفادتها‬
‫من فعالية التنظيم الصناعي وارتفاع مردودية الفالحة وكثرة االستهالك‪.‬‬
‫رغم ازدهار االقتصاد األمريكي فإنه كان يعاني من نقط ضعف عديدة كانخفاض أسعار‬
‫المواد الفالحية وضعف أجور العمال وعدم مسايرة االستهالك لضخامة اإلنتاج‪ ،‬كما‬
‫انتشرت المضاربة التجارية والمالية مما جعل أسعار األسهم ال تساير الزيادة الحقيقية في‬
‫أرباح الشركات‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫انطلقـت األزمة االقتصادية من بورصة وول ستريت بمدينة نيويورك يوم ‪ 24‬أكتوبر‬
‫‪ 1929‬بعد طرح ‪ 19‬مليون سهم للبيع دفعة واحدة فأصبح العرض أكثر من الطلب‬
‫فانهارت قيمة األسهم‪ ،‬فعجز الرأسماليون عن تسديد ديونهم فأفلست األبناك وأغلقت عدة‬
‫مؤسسات صناعية أبوابها‪ ،‬كما عجز الفالحون عن تسديد قروضهم فاضطروا للهجرة نحو‬
‫المدن‪.‬‬
‫انتشار األزمة‬
‫اضطرت الواليات المتحدة األمريكية إلى سحب رساميلها المستثمرة بالخارج وأوقفت‬
‫إعاناتها لبعض الدول‪ ،‬فامتدت األزمة إلى البلدان الصناعية األوربية‪ ،‬وبفعل ارتباطها‬
‫باالقتصاد األوربي فقد امتدت األزمة لبلدان المستعمرات فمست كل دول العالم‪ ،‬ولم يفلت‬
‫من األزمة سوى االتحاد السوفياتي النعزاله عن العالم الرأسمالي بإتباعه نظاما اشتراكيا‪.‬‬

‫نتائج األزمة‬
‫تضررت المؤسسات البنكية وانهار اإلنتاج الفالحي والصناعي بفعل انخفاض األسعار‬
‫وتراجع االستهالك فتأزمت المبادالت العالمية‪ ،‬كما انتشر البؤس وتزايد أعداد العاطلين‬
‫وتكاثرت الهجرة القروية‪.‬‬
‫أصبحت السياسة االقتصادية للدول الصناعية تجمع بين الليبيرالية وتدخل الدولة لتوجيه‬
‫الحياة االقتصادية وحل مشاكلها‪ ،‬كما أحيت األزمة الصراعات االستعمارية بعد تطبيق‬
‫الدول الصناعية لسياسة الحمائية على اقتصادها ومستعمراتها‪.‬‬

‫مواجهة األزمة‬
‫تم التخفيض من قيمة العملة لتشجيع الصادرات‪ ،‬وتم تقليص ساعات العمل مع تجميد‬
‫األسعار والرفع من الضرائب وتطبيق سياسة االكتفاء الذاتي وتشجيع استهالك المنتوجات‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫اعتمدت بعض الدول على مستعمراتها لمواجهة األزمة‪ ،‬واعتمدت أخرى على الصناعات‬
‫العسكرية والمشاريع العمومية الكبرى‪.‬‬
‫تبنى الرئيس األمريكي روزفلت «الخطة الجديدة» سنة ‪ 1933‬لمواجهة األزمة‪ ،‬حيث تم‬
‫تنظيم األبناك ومراقبة المؤسسات المالية ودعم الفالحين مع إصالح الصناعة بالتخفيف من‬
‫المنافسة وتحديد الحد األدنى لألجور‪ ،‬وفي الميدان االجتماعي تم فتح أوراش كبرى‬
‫للتخفيف من البطالة مع تحسين األجور‪.‬‬

‫جامعة الدول العربية‬ ‫‪.34‬‬


‫جامعة الدول العربية هي منظمة إقليمية تضم دوال ً في آسيا وأفريقيا ويعتبر أعضاؤها دوال ً‬
‫عربية‪ .‬ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول األعضاء في الشؤون االقتصادية‪ ،‬ومن ضمنها‬

‫‪98‬‬
‫العالقات التجارية‪ ،‬االتص االت‪ ،‬العالقات الثقافية‪ ،‬الجنسيات ووثائق وأذونات السفر‬
‫والعالقات االجتماعية والصحة‪ .‬المقر الدائم لجامعة الدول العربية يقع في القاهرة‪ ،‬عاصمة‬
‫ي هو أحمد أبو الغيط‪ .‬المجموع‬ ‫مصر (تونس من ‪ 1979‬إلى ‪ .)1990‬وأمينها العام الحال ّ‬
‫الكلي لمساحة الدول األعضاء في المنظمة ‪ 13،953،041‬كم‪ ،²‬وتشير إحصاءات ‪2007‬‬
‫إلى وجود ‪ 339,510,535‬نسمة فيها‪[ ،‬بحاجة لمصدر] حيث أن مجموع مساحة الوطن العربي‬
‫يجعل مساحته الثاني عالميا ً بعد روسيا ومجموع سكانها هو الرابع عالميا ً بعد الصين‪ ،‬الهند‬
‫واالتحاد األوروبي‪.‬‬

‫تسهل الجامعة العربية إجراء برامج سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واجتماعية لتنمية‬
‫ت مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‬ ‫مصالح العالم العربي من خالل مؤسسا ٍ‬
‫ى لتنسيق‬‫(أليسكو) ومجلس الوحدة االقتصادية العربية‪ .‬وقد كانت الجامعة العربية بمثابة منتد ً‬
‫المواقف السياسية للدول األعضاء‪ ،‬وللتداول ومناقشة المسائل التي تثير الهم المشترك‪،‬‬
‫ولتسوية بعض المنازعات العربية والحد من صراعاتها‪ ،‬كصراع أزمة لبنان عام ‪.1958‬كما‬
‫مثلت الجامعة منصةً لصياغة وإبرام العديد من الوثائق التاريخية لتعزيز التكامل االقتصادي‬
‫بين بلدان الجامعة‪ .‬أحد أمثلة هذه الوثائق المهمة وثيقة العمل االقتصادي العربي المشترك‪،‬‬
‫عضو صوتٌ واحدٌ في مجلس‬ ‫ٌ‬ ‫والتي تحدد مبادئ األنشطة االقتصادية في المنطقة‪ .‬لكل دول ٍة‬
‫الجامعة ‪ ،‬ولكن القرارات تلزم الدول التي صوتت لهذه القرارات فقط‪ .‬كانت أهداف الجامعة‬
‫في عام ‪:1945‬‬

‫التعزيز والتنسيق في البرامج السياسية والبرامج الثقافية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫•‬


‫ألعضائها‬
‫التوسط في حل النزاعات التي تنشأ بين دولها‪ ،‬أو النزاعات بين دولها وأطرافٍ ثالثة‪.‬‬ ‫•‬
‫ق الدفاع المشترك والتعاون االقتصادي في ‪ 13‬أبريل ‪1950‬‬ ‫الدول التي وقعت على اتفا ِ‬ ‫•‬
‫ملزمةٌ على تنسيق تدابير الدفاع العسكري‪.‬‬

‫لعبت الجامعةُ العربيةُ دورا هاما في صياغة المناهج الدراسية‪ ،‬والنهوض بدور المرأة في‬
‫المجتمعات العربية‪ ،‬وتعزيز رعاية الطفولة‪ ،‬وتشجيع برامج الشباب والرياضة‪ ،‬والحفاظ على‬
‫التراث الثقافي العربي‪ ،‬وتعزيز التبادالت الثقافية بين الدول األعضاء‪ .‬فقد تم إطالق حمال ٍ‬
‫ت‬
‫لمحو األمية‪ ،‬وعمليات نسخٍ لألعمال الفكرية‪ ،‬وترجم ٍة للمصطلحات التقنية الحديثة‬
‫الستخدامها داخل الدول األعضاء‪ .‬كما تشجع الجامعة اتخاذ التدابير الالزمة لمكافحة الجريمة‬
‫وتعاطي المخدرات‪ ،‬وللتعامل مع القضايا العمالية‪ ،‬وال سيما بين القوى العربية العاملة في‬
‫المهجر‪.‬‬

‫التسمية‬
‫اقترحت سوريا اسم "التحالف العربي" أما العراق أراد اسم "االتحاد العربي"‪ ،‬إال أن الوفد‬
‫المصري رأى أن اسم "الجامعة العربية" الذي تقدم به أكثر مالءمة من الناحية اللغوية‬

‫‪99‬‬
‫والسياسية ومتوافقا مع أهداف الدول العربية‪ ،‬وفي النهاية وافق الجميع على هذا االسم بعد‬
‫أن نقحوه من الجامعة العربية إلى جامعة الدول العربية‪ .‬أصدر المندوبون العرب الذين‬
‫حضروا اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام باإلسكندرية بروتوكوال عرف‬
‫باسم بروتوكول اإلسكندرية ينص على موافقتهم على إنشاء جامعة للدول العربية‬

‫فكرة نشأتها‬
‫في ‪ 29‬مايو ‪ 1941‬ألقى أنتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا خطابا ً ذكر فيه "إن العالم‬
‫العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية‪ ،‬ويرجو‬
‫كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به اآلن‪.‬‬
‫وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف وال ينبغي أن نغفل الرد على‬
‫هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية‬
‫واالقتصادية بين البالد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً‪ ...‬وحكومة جاللته سوف تبذل‬
‫ي خطة تلقى موافقة عامة"‪ .‬وفي ‪ 24‬فبراير ‪ 1943‬صرح إيدن في مجلس‬ ‫تأييدها التام أل ّ‬
‫العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين "العطف" إلى كل حركة بين العرب‬
‫ترمي إلى تحقيق وحدتهم االقتصادية والثقافية والسياسية‪.‬‬

‫بعد عام تقريبا ً من خطاب إيدن‪ ،‬دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس كال من رئيس‬
‫الوزراء السوري جميل مردم بك ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث‬
‫معهما في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية لتوثيق التعاون بين البلدان العربية المنضمة‬
‫لها"‪ .‬وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح‪ ،‬ثم عاد بعد نحو‬
‫شهر من تصريح إيدن أمام مجلس العموم‪ ،‬ليؤكد استعداد الحكومة المصرية الستطالع آراء‬
‫الحكومات العربية في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشته وهي الفكرة التي أثنى عليها‬
‫حاكم األردن في حينه األمير عبد هللا‪ .‬وإثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر‬
‫من جانب وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية واألردن واليمن‬
‫من جانب آخر وهي المشاورات التي أسفرت عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع‬
‫الوحدة االتجاه األول يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة اإلقليمية الفرعية أو الجهوية وقوامها‬
‫سوريا الكبرى أو الهالل الخصيب‪ .‬واالتجاه الثاني يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة‬
‫يظلل عم وم الدول العربية المستقلة وإن تضمن هذا االتجاه بدوره رأيين فرعيين أحدهما يدعو‬
‫لوحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية واآلخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون‬
‫والتنسيق في سائر المجاالت وتحافظ في الوقت نفسه على استقالل الدول وسيادتها‪.‬‬

‫وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل م ن سوريا ولبنان واألردن والعراق‬


‫ومصر واليمن في الفترة ‪ 25‬سبتمبر إلى ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1944‬رجحت االتجاه الداعي إلى وحدة‬
‫الدول العربية المستقلة بما ال يمس استقاللها وسيادتها‪.‬اقترح الوفد السوري تسمية رابط الدول‬
‫العربية ب"االتحاد العربي"‪ ،‬واقترح الوفد العراقي تسميتها ب"التحالف العربي"‪ ،‬إال أن الوفد‬
‫المصري قدم التسمية "الجامعة العربية " لما رأى منها من مالئمة من الناحية اللغوية‬

‫‪100‬‬
‫والسياسية‪ ،‬وتوافقا ً مع أهداف الدول العربية‪ .‬ثم نقح االسم ليصير "جامعة الدول العربية"‪.‬‬
‫نشأة جامعة الدول العربية هى أقدم منظمة دولية قامت بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وقد تكونت‬
‫في ‪ 22‬مارس ‪1945‬م أى قبل منظمة األمم المتحدة بشهور‪ ،‬وتألفت في أول وقتها من سبع‬
‫دول عربية كانت تتمتع باالستقالل السياسي وقتذاك‪ ،‬هي‪ :‬مصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬شرق األردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬العراق‪ ،‬اليمن‪ .‬ويقع مقر الجامعة في القاهرة‪ .‬وهي منظمة‬
‫دولية إقليمية تقوم على التعاون اإلرادى بين الدول األعضاء‪ ،‬ويؤكد ذلك ما ورد في ديباجية‬
‫الميثاق من أن الجامعة قد قامت تثبيتا ً للعالقات الوثيقة‪ ،‬والروابط العديدة بين الدول العربية‪،‬‬
‫وحرصا ً على دعم هذه الروابط‪ ،‬وتوطيدها على أساس احترام استقالل تلك الدول وسيادتها‬
‫وتوجيهها لجهودها إلى ما فيه خير البالد العربية قاطبة‪ ،‬وصالح أحوالها‪ ،‬وتأمين مستقبلها‪،‬‬
‫وتحقيق أمانيها وآمالها‪ ،‬واستجابة للرأى العام العربي في جميع األقطار العربية(‪ .)2‬كما‬
‫تؤكده أيضا ً مادة (‪ ) 8‬من الميثاق بالنص على أن تحترم كل دولة من الدول المشتركة في‬
‫الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة األخرى‪ ،‬وتعتبره حقا ً من حقوق تلك الدول‪ ،‬وتتعهد‬
‫بأال تقوم بعمل يرمى إلى تغيير ذلك النظام فيها‪ ،‬ومن اختصاصات الجامعة‪:‬‬

‫‪ .1‬الحفاظ على استقالل الدول األعضاء‪.‬‬


‫‪ .2‬التعاون في الشئون االقتصادية والثقافية واالجتماعية والصحية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ .3‬النظر في شئون البالد العربية ومصالحها‪.‬‬
‫‪ .4‬تحرير البالد العربية غير المستقلة‪.‬‬
‫‪ .5‬التعاون مع الهيئات الدولية لكفالة األمن والسالم وتنظيم العالقات االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫وأول وثيقة تخص الجامعة كانت بروتوكول اإلسكندرية‪ ،‬والذى نص على المبادئ اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التى تقبل االنضمام إليها‪ ،‬ويكون‬
‫لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة على قدم المساواة‪.‬‬
‫‪ .2‬مهمة مجلس الجامعة هى‪ :‬مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول األعضاء فيما بينها من اتفاقيات‬
‫وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصالت بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقا ً‬
‫للتعاون فيما بينها والحفاظ على استقاللها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية‬
‫الممكنة والنظر بصفة عامة في شئون البالد العربية‪.‬‬
‫‪ .3‬قرارات المجل س ملزمة لمن يقبلها فيما عدا األحوال التى يقع فيها خالف بين دولتين‬
‫من أعضاء الجامعة ويلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما‪ .‬ففى هذه األحوال‬
‫تكون قرارات المجلس ملزمة ونافذة‪.‬‬
‫‪ .4‬ال يجوز االلتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة كما ال يجوز‬
‫إ تباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أى دولة من دولها‪.‬‬
‫‪ .5‬يجوز لكل دولة من الدول األعضاء بالجامعة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة‬
‫أو غيرها اتفاقات خاصة ال تتعارض مع نصوص هذه األحكام وروحها‪.‬‬
‫‪ .6‬االعتراف بسيادة واستقالل الدول المنظمة إلى الجامعة بحدودها القائمة فعالً‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ولقد مثل هذا البروتوكول الوثيقة الرئيسية التى وضع على أساسها ميثاق جامعة الدول‬
‫العربية‪ ،‬الذى أقر بقصر الزعفران بالقاهرة في ‪ 19‬مارس ‪ 1945‬وتألف ميثاق الجامعة من‬
‫ديباجة‪ ،‬وعشرين مادة‪ ،‬وثالث مالحق خاصة‪ ،‬الملحق األول خاص بفلسطين‪ ،‬والملحق الثاني‬
‫خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالى غير المشتركة في مجلس الجامعة‪،‬‬
‫أما الثالث فهو خاص بتعيين السيد "عبد الرحمن عزام" الوزير المفوض بوزارة الخارجية‬
‫المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين‪.‬‬

‫وفى ‪ 22‬مارس ‪ 1945‬تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبي الدول‬
‫العربية عدا السعودية‪ ،‬واليمن اللتين وقعتا على الميثاق في وقت الحق‪ .‬وتمثلت أهداف‬
‫الجامعة في تعميق التعاون العربي في كافة المجاالت االقتصادية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬
‫والبشرية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واألمنية‪ ،‬وغير ذلك من المجاالت المتنوعة‪ ،‬وبالفعل تم عقد عدة‬
‫اتفاقيات لتعميق وترسيخ التعاون العربي المشترك‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬اتفاقية تسهيل التبادل التجارى‬


‫‪ .2‬التعريفة الجمركية الموحدة‬
‫‪ .3‬إنشاء المؤسسة العربية لإلنماء االقتصادى‬
‫‪ .4‬اتفاقية الوحدة االقتصادية‬
‫‪ .5‬اتفاقية الدفاع العربي المشترك‬

‫كذلك توجد عدة مبادئ تلتزم بها الجامعة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬االلتزام بمبادئ األمم المتحدة‬


‫‪ .2‬المساواة القانونية األمم المتحدة‬
‫‪ .3‬المساواة القانونية بين الدول األعضاء‬
‫‪ .4‬المساعدة المتبادلة‬
‫‪ .5‬دعم التعاون العربي في كافة المجاالت وعلى ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول‬
‫اإلسكندرية الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة‪.‬‬

‫‪ .35‬األمم المتحدة‬
‫منظمة عالمية تضم في عضويتها جميع دول العالم المستقلة تقريباً‪ .‬تأسست منظمة األمم‬
‫المتحدة بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1945‬في مدينة سان فرانسيسكو‪ ،‬كاليفورنيا األمريكية‪ ،‬تبعا ً‬
‫لمؤتمر دومبارتون أوكس الذي عقد في العاصمة واشنطن‪.‬‬

‫من ‪ 1919‬إلى ‪ 1945‬كان يوجد منظمة شبيهة بمنظمة األمم المتحدة تدعي عصبة األمم إال‬
‫أنها فشلت في مهامها خصوصا ً بعد قيام الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ما أدى إلى نشوء األمم‬
‫المتحدة بعد انتصار الحلفاء وتم إلغاء عصبة األمم‪ .‬وعضوية األمم المتحدة مفتوحة أمام كل‬

‫‪102‬‬
‫الدول المحبة للسالم التي تقبل التزامات ميثاق األمم المتحدة وحكمها‪ .‬و منذ ‪ 14‬تموز من‬
‫سنة ‪ 2011‬بعد تقسيم السودان أصبح هناك ‪ 193‬دولة كأعضاء في المنظمة‪.‬‬

‫ظهرت فكرة إنشاء منظمة األمم المتحدة في وقت الحرب بانعقاد المؤتمرات في موسكو‬ ‫•‬
‫وطهران في سنة ‪ .1943‬اقترح الرئيس األمريكي فرانكلين ديالنو روزفلت تسمية "األمم‬
‫المتحدة" وكان أول استعمال لهذا التعبير في ‪ 1‬يناير ‪ 1942‬بإعالن قيام منظمة األمم‬
‫المتحدة‪ .‬في أثناء الحرب العالمية الثانية استعمل الحلفاء تعبير "األمم المتحدة" لإلشارة‬
‫إلى تحالفهم فقط‪ .‬من أغسطس‪/‬آب إلى أكتوبر‪/‬تشرين األول ممثلوا فرنسا‪ ،‬الصين‪ ،‬المملكة‬
‫المتحدة‪ ،‬الواليات المتحدة‪ ،‬واالتحاد السوفيتي اجتمعوا ليضعوا الخطط المترتبة عن مؤتمر‬
‫دومبارتون أوكس وبعد المباحثات ظهرت اقتراحات تلخص أغراض المنظمة‪ ،‬عضويتها‬
‫وأعضاءها‪ ،‬باإلضافة إلى الترتيبات للمحافظة على السلم العالمي واألمن والتعاون‬
‫االقتصادي واالجتماعي الدولي‪ .‬هذه االقتراحات تم مناقشتها من قبل الحكومات واألفراد‬
‫المختصين حول العالم‪.‬‬
‫في ‪ 25‬إبريل‪/‬نيسان سنة ‪ 1945‬عقد مؤتمر األمم المتحدة بحضور منظمات وهيئات‬ ‫•‬
‫عالمية في مدينة سان فرانسيسكو‪ .‬باإلضافة إلى الحكومات فإن عدة منظمات غير‬
‫حكومية‪ ،‬مثل نوادي األسود الدولية دعيت للمساعدة في صياغة الدستور‪ .‬الخمسون دولة‬
‫التي تألفت منها األمم المتحدة في ذلك الوقت وقعت على الدستور بعد شهرين وبالتحديد‬
‫في ‪ 26‬يونيو‪/‬حزيران‪ ،‬في بولندا‪ ،‬التي لم تكن حاضرة في ذلك المؤتمر‪ ،‬لكنها وقعت‬
‫عليه بعد ذلك لتكون حصيلة الموقعين على الدستور ‪ 51‬بلدا‪ .‬ظهرت األمم المتحدة إلى‬
‫الوجود في ‪ 26‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 1945‬بعد تصديق الدستور من قبل األعضاء‬
‫الدائمين الخمسة في مجلس االمن‪ -‬جمهورية الصين‪ ،‬فرنسا‪ ،‬االتحاد السوفييتي‪ ،‬المملكة‬
‫المتحدة‪ ،‬والواليات المتحدة األمريكية ‪ -‬وبأغلبية من الموقعيين اآلخرين ال‪.46‬صوت‬
‫‪ 89‬مقابل ‪ 2‬عضو في مجلس الشيوخ األمريكي على تصديق ميثاق األمم المتحدة في‬
‫‪ 28‬يوليو‪/‬تموز من عام ‪ .1945‬في ديسمبر‪/‬كانون األول سنة ‪ 1945‬طلب مجلس‬
‫الشيوخ والكونغرس باإلجماع من األمم المتحدة أن يكون مقرها الرئيسي في الواليات‬
‫المتحدة‪ .‬قبلت األمم المتحدة الطلب وتم بناء المقر في مدينة نيويورك بين سنتي ‪1949‬‬
‫و‪ 1950‬بجانب النهر الشرقي على أرض اشتريت ب ‪ 8.5‬مليون دوالرا تبرعا من االبن‬
‫جون دي روكيفيلر‪ .‬فتح مقر األمم المتحدة رسميا في ‪ 9‬يناير‪/‬كانون الثاني عام ‪.1951‬‬
‫تحت اتفاقية خاصة مع الواليات المتحدة األمريكية منحت بعض االمتيازات والحصانات‬
‫الدبلوماسية‪.‬‬

‫بينما يقع المقر الرئيسي لألمم المتحدة في مدينة نيويورك‪ ،‬فإن له مكاتب فرعية واقعة في‬
‫جنيف في سويسرا‪ ،‬الهاي في هولندا‪ ،‬فينا في النمسا‪ ،‬نيروبي في كينيا‪ .‬فيما تنتشر الوكاالت‬
‫والهيئات التابعة لنظام األمم المتحدة في مواقع مختلفة من العالم‪.‬‬

‫في ‪ 25‬أكتوبر‪/‬تشرين األول سنة ‪ 1971‬صادقت الجمعية العامة التابعة لألمم المتحدة على‬
‫القرار ‪ 2758‬الذي ينص على استبدال حكومة جمهورية الصين بحكومة جمهورية الصين‬

‫‪103‬‬
‫الشعبية كالحاكم القانوني والممثل الشرعي للصين في األمم المتحدة وكأحد األعضاء الخمسة‬
‫الدائمين في مجلس األمن‪.‬‬

‫كان عند مؤسسي األمم المتحدة آمال كبيرة في منع النزاعات بين الدول وجعل الحروب‬
‫المستقبلية مستحيلة‪ .‬تلك اآلمال من الواضح جدا أنها لم تدرك بعد‪ .‬من عام ‪ 1947‬إلى سنة‬
‫‪ 1991‬جعل انقسام العالم إلى معسكرات عدائية أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي‬
‫والغربي هذا الشيء مستحيال‪.‬و بعد انتهاء الحرب الباردة كانت هناك عدة دعوات لمنظمة‬
‫األمم المتحدة لتكون الوكالة العالمية النجاز السالم والتعاون العالمي‪ .‬في السنين األخيرة‪ ،‬أثار‬
‫ارتفاع الواليات المتحدة إلى موقع الهيمنة العالمية الشكوك حول دور وتأثير األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ .36‬حركة عدم االنحياز‬


‫تعتبر حركة عدم االنحياز‪ ،‬واحدة من نتائج الحرب العالمية الثانية (‪ ،)1939-1945‬ونتيجة‬
‫مباشرة أكثر‪ ،‬للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكر الغربي (الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وحلف الناتو) وبين المعسكر الشرقي (االتحاد وحلف وارسو) حال نهاية الحرب العالمية الثانية‬
‫وتدمير دول المحور‪ ،‬وكان هدف الحركة هو االبتعاد عن سياسات الحرب الباردة‬

‫تأسست الحركة من ‪ 29‬دولة‪ ،‬وهي الدول التي حضرت مؤتمر باندونغ ‪ ،1955‬والذي يعتبر‬
‫أول تجمع منظم لدول الحركة‪.‬‬

‫و تعتبر من بنات أفكار رئيس الوزراء الهندي جواهر الل نهرو والرئيس المصري جمال‬
‫عبد الناصر والرئيس اليوغوسالفي تيتو‪.‬‬

‫وانعقد المؤتمر األول للحركة في بلغراد عام ‪ ،1961‬وحضره ممثلو ‪ 25‬دولة‪ ،‬ثم توالى عقد‬
‫المؤتمرات حتى المؤتمر األخير بطهران في أغسطس ‪ .2012‬ووصل عدد األعضاء في‬
‫الحركة عام ‪ 2011‬إلى ‪ 118‬دولة‪ ،‬وفريق رقابة مكون من ‪ 18‬دولة و‪ 10‬منظمات‪.‬‬

‫تاريخ الحركة‬
‫أنشئت حركة عدم االنحياز وتأسست إبّان انهيار النظام االستعماري‪ ،‬ونضال شعوب إفريقيا‬
‫وآسيا وأمريكا الالتينية وغيرها من المناطق في العالم من أجل االستقالل‪ ،‬وفي ذروة الحرب‬
‫الباردة‪ .‬وكانت جهود الحركة‪ ،‬منذ األيام األولى لقيامها‪ ،‬عامالً أساسيًا في عملية تصفية‬
‫االستعمار‪ ،‬والتي أدت الحقًا إلى نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها‬
‫وتحقيق استقاللها‪ ،‬وتأسيس دول جديدة ذات سيادة‪ .‬وعلى مدار تاريخها‪ ،‬لعبت حركة دول‬
‫دورا أساسيًا في الحفاظ على السلم واألمن الدوليين‪.‬‬
‫عدم االنحياز ً‬
‫عقدت‪ ،‬في إطار العالم الثالث‪ ،‬قبل عام ‪ ،1955‬فإن‬‫وإذا كانت بعض االجتماعات قد ُ‬
‫المؤرخين يعتبرون أن مؤتمر باندونغ األفرو‪-‬آسيوي هو الحدث السابق مباشرة على قيام‬

‫‪104‬‬
‫حركة عدم االنحياز‪ ،‬وكان هذا المؤتمر قد عقد في مدينة باندونغ خالل الفترة من ‪24-18‬‬
‫أبريل ‪ ،1955‬وشهد تجمع ‪ 29‬رئيس دولة ينتمون إلى الجيل األول من قيادات ما بعد الحقبة‬
‫االستعمارية من قارتي إفريقيا وآسيا بغرض بحث القضايا العالمية في ذلك الوقت وتقييمها‪،‬‬
‫وانتهاج سياسات مشتركة في العالقات الدولية‪.‬‬

‫وقد تم اإلعالن في ذلك المؤتمر عن المبادئ التي تحكم العالقات بين الدول‪ ،‬كبيرها‬
‫عرفت باسم "مبادئ باندونغ العشرة"‪ ،‬والتي جرى اتخاذها‬ ‫وصغيرها‪ ،‬وهي المبادئ التي ُ‬
‫فيما بعد كأهداف ومقاصد رئيسية لسياسة عدم االنحياز‪ .‬ولقد أصبح تحقيق تلك المبادئ هو‬
‫المعيار األساسي للعضوية في حركة عد م االنحياز؛ بل إنها أصبحت تعرف بما يسمى "جوهر‬
‫الحركة" حتى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي‪.‬‬

‫وفي عام ‪ ، 1960‬وفي ضوء النتائج التي تحققت في باندونغ‪ ،‬حظي قيام حركة دول عدم‬
‫االنحياز بدفعة حاسمة أثن اء الدورة العادية الخامسة عشرة للجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬والتي‬
‫شهدت انضمام ‪ 17‬دولة إفريقية وآسيوية جديدة‪ .‬وكان رؤساء بعض الدول أو الحكومات في‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬قد قاموا بدور بارز في تلك العملية‪ ،‬وهم جمال عبد الناصر من مصر‪ ،‬وكوامي‬
‫نكروما من غانا‪ ،‬وشري جواهرالل نهرو من الهند‪ ،‬وأحمد سوكارنو من أندونيسيا‪ ،‬وجوزيف‬
‫بروز تيتو من يوغوسالفيا‪ ،‬الذين أصبحوا‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬اآلباء المؤسسين للحركة‪ ،‬ورموز قادتها‪.‬‬

‫وبعد مؤتمر باندونغ بستة أعوام تم تأسيس حركة دول عدم االنحياز على أساس جغرافي أكثر‬
‫عقد في بلغراد خالل الفترة من ‪ 6-1‬سبتمبر ‪،1961‬‬ ‫عا‪ ،‬أثناء مؤتمر القمة األولى الذي ُ‬
‫اتسا ً‬
‫وقد حضر المؤتمر ‪ 25‬دولة هي‪ :‬أفغانستان‪ ،‬والجزائر‪ ،‬واليمن‪ ،‬وميانمار‪ ،‬وكمبوديا‪،‬‬
‫وسريالنكا‪ ،‬والكونغو‪ ،‬وكوبا‪ ،‬وقبرص‪ ،‬ومصر‪ ،‬وإثيوبيا‪ ،‬وغانا‪ ،‬وغينيا‪ ،‬والهند‪ ،‬واندونيسيا‪،‬‬
‫والعراق‪ ،‬ولبنان‪ ،‬ومالي‪ ،‬والمغرب‪ ،‬ونيبال‪ ،‬والمملكة العربية السعودية‪ ،‬والصومال‪،‬‬
‫والسودان‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وتونس‪ ،‬ويوغوسالفيا‪.‬‬

‫وكان مؤسسو حركة عدم االنحياز قد فضلوا إعالنها كحركة وليس كمنظمة‪ ،‬تفاديًا لما تنطوي‬
‫عليه األخيرة من آثار بيروقراطية‪.‬‬

‫وتوضح معايير العضوية التي جرت صياغتها أثناء المؤتمر التحضيري لقمة بلغراد (والذي‬
‫عقد بالقاهرة ‪ ،)1961‬أن الفكرة من وراء الحركة ليس القيام بدور سلبي في السياسة الدولية‪،‬‬
‫وإنما صياغة مواقفها بطريقة مستقلة بحيث تعكس مواقف الدول األعضاء فيها‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ ،‬ركزت األهداف األساسية لدول حركة عدم االنحياز‪ ،‬على تأييد حق تقرير‬
‫المصير‪ ،‬واالستقالل الوطني‪ ،‬والسيادة‪ ،‬والسالمة اإلقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل‬
‫العنصري‪ ،‬وعدم االنتماء لألحالف العسكرية المتعددة األطراف‪ ،‬وابتعاد دول حركة عدم‬
‫االنحياز عن التكتالت والصراعات بين الدول الكبرى‪ ،‬والكفاح ضد االستعمار بكافة أشكاله‬
‫وصوره‪ ،‬والكفاح ضد االحتالل‪ ،‬واالستعمار الجديد‪ ،‬والعنصرية‪ ،‬واالحتالل والسيطرة‬
‫األجنبية‪ ،‬ونزع السالح‪ ،‬وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول‪ ،‬والتعايش بين جميع الدول‪،‬‬

‫‪105‬‬
‫ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العالقات الدولية‪ ،‬وتدعيم األمم المتحدة‪،‬‬
‫وإضفاء الطابع الديمقراطي على العالقات الدولية‪ ،‬والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإعادة‬
‫هيكلة النظام االقتصادي العالمي‪ ،‬فضال عن التعاون الدولي على قدم المساواة‪.‬‬

‫ومنذ بداية قيام الحركة‪ ،‬بذلت دول عدم االنحياز جهودًا جبارة بال هوادة لضمان حق الشعوب‬
‫الواقعة تحت االحتالل والسيطرة األجنبية‪ ،‬في ممارسة حقها الثابت في تقرير المصير‬
‫واالستقالل‪.‬‬

‫دورا‬
‫وإبّان عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬لعبت حركة دول عدم االنحياز ً‬
‫أساسيًا في الكفاح من أجل إنشاء نظام اقتصادي عالمي جديد‪ ،‬يسمح لجميع شعوب العالم‬
‫باالستفادة من ثرواتها ومواردها الطبيعية‪ ،‬ويقدم برنام ًجا واسعًا من أجل إجراء تغيير أساسي‬
‫في العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬والتحرر االقتصادي لدول الجنوب‪.‬‬

‫وأثناء السنوات التي تناهز الخمسين من عمر حركة دول عدم االنحياز‪ ،‬استطاعت الحركة‬
‫أن تضم عددًا م تزايدًا من الدول وحركات التحرير التي قبلت‪ -‬على الرغم من تنوعها‬
‫األيديولوجي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والثقافي‪ -‬المبادئ التي قامت عليها‬
‫الحركة وأهدافها األساسية‪ ،‬وأبدْت استعدادها من أجل تحقيق تلك المبادئ واألهداف‪ .‬ومن‬
‫استقراء التاريخ‪ ،‬نجد أن دول حركة عدم االنحياز قد برهنت على قدرتها على التغلب على‬
‫سا مشتر ًكا للعمل‪ ،‬يفضي بها إلى التعاون المتبادل وتعضيد قيمها‬
‫خالفاتها‪ ،‬وأوجدت أسا ً‬
‫المشتركة‪.‬‬

‫المبادئ العشرة لباندونغ‬


‫‪ -1‬احترام حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬وأهداف ومبادئ ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ -2‬احترام سيادة جميع الدول وسالمة أراضيها‪.‬‬

‫‪ -3‬إقرار مبدأ المساواة بين جميع األجناس‪ ،‬والمساواة بين جميع الدول‪ ،‬كبيرها وصغيرها‪.‬‬

‫‪ -4‬عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول األخرى أو التعرض لها‪.‬‬

‫‪ -5‬احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها‪ ،‬بطريقة فردية أو جماعية‪ ،‬وفقًا لميثاق األمم‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫ي من الدول الكبرى‪.‬‬
‫‪ -6‬أ‪ -‬عدم استخدام أحالف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة أل ّ‬
‫ب‪ -‬عدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى‪.‬‬

‫‪ -7‬االمتناع عن القيام‪ ،‬أو التهديد بالقيام‪ ،‬بأي عدوان‪ ،‬واالمتناع عن استخدام القوة ضد‬
‫السالمة اإلقليمية أو االستقالل السياسي ألي دولة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -8‬الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية‪ ،‬وفقًا لميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ -9‬تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل‪.‬‬

‫‪ -10‬احترام العدالة وااللتزامات الدولية‪.‬‬

‫لجنة القدس‬ ‫‪.37‬‬


‫لجنة القدس تشكلت بقرار إسالمي برئاسة الملك الحسن الثاني ملك المغرب عام ‪.1975‬‬

‫تأسيسها‬
‫تأسست لجنة القدس بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان األعضاء في‬
‫منظمة المؤتمر اإلسالمي المنعقد في جدة عام ‪ 1395‬هـ الموافق ‪1975‬م‪ .‬وقد قرر‬
‫المؤتمر العاشرالمنعقد بفاس إسناد رئاستها إلى جاللة الملك الحسن الثاني ملك المغرب‪ .‬وقد‬
‫ترأس اللجنة بعد وفاة الملك الحسن الثاني ابنه الملك محمد السادس‬

‫أهداف اللجنة‬
‫الهدف العام حماية القدس من المخططات و المؤامرات الصهيونية و خطط تهويدها‪.‬‬

‫جاء تكليفها ليشمل أهدافا معينة تتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫دراسة الوضع في القدس‪.‬‬ ‫•‬


‫متابعة تنفيذ القرارات المصادق عليها والتي ستصادق عليها مستقبال مؤتمرات وزراء‬ ‫•‬
‫الخارجية للبلدان اإلسالمية‪.‬‬
‫متابعة القرارات المصادق عليها حول القدس من مختلف الهيئات والمحافل الدولية‪.‬‬ ‫•‬
‫االتصال بالمنظمات الدولية األخرى التي قد تساعد على حماية القدس‪.‬‬ ‫•‬
‫تقديم مقترحات للبلدان األعضاء ولكل المنظمات المعنية باألمر تتعلق بالخطوات‬ ‫•‬
‫المناسبة التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ القرارات لمجابهة التطورات الجديدة‪.‬‬

‫كما أن اللجنة مطالبة أيضا بتقديم تقرير سنوي لمؤتمر وزراء الخارجية للدول اإلسالمية‪.‬‬

‫تكوين اللجنة‬
‫تتكون اللجنة من ممثلين عن ستة عشر بلدا من بين بلدان الدول األعضاء‪ ،‬ينتخبون لمدة‬
‫ثالث سنوات من قبل مؤتمر وزراء الخارجية‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫اجتماعات اللجنة‬
‫تجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها أو من األمين العام لمنظمة المؤتمر اإلسالمي‪.‬‬

‫عقد االجتماع األخير رقم ‪ 20‬في يناير ‪ 2014‬بعد ‪ 12‬سنة من التجميد بسبب الخالفات‪.‬‬

‫الخلفاء الراشدون‬ ‫‪.38‬‬


‫الرسول األعظم صلّى هللا عليه‬‫الخلفاء الراشدون هم من انتهى إليهم أمر المسلمين بعد وفاة ّ‬
‫الراشدة تش ّكل الحقبة األولى من حقب التاريخ اإلسالمي‪ ،‬والخلفاء‬ ‫وسلّم‪ ،‬وفترة الخالفة ّ‬
‫الراشدون أربعة‪ّ ،‬أولهم خليفة رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أبو بكر الصدّيق‪ ،‬ث ّم عمر‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بن الخطاب‪ ،‬ث ّم عثمان بن عفان‪ ،‬ث ّم علي بن أبي طالب رضي هللا عنهم‪ ،‬جاء بعده ابنه الحسن‬
‫الذي تولى الخالفة لفترة قصيرة جدا ً ليتنازل عن الحكم لمعاوية بن أبي سفيان‪ ،‬والذي بدأ‬
‫بتوليه الخالفة العهد األموي‪ .‬وقد ألحقت فترة خالفة الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز بفترة‬
‫الراشدين األوائل‪ ،‬من‬‫أن هذا الخليفة كان قد انتهج نهج ّ‬ ‫الخالفة الراشدة‪ ،‬وذلك نظرا ً إلى ّ‬
‫الحق واالستقامة؛ فأصبح عمر بن عبد العزيز يلقّب بالخليفة‬ ‫ّ‬ ‫صالح والتقوى‪ ،‬واتباع طريق‬ ‫ال ّ‬
‫الراشدي الخامس‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الخلفاء الراشدون بالترتيب‬


‫• أبو بكر الصديق‬

‫صديق هو عبد هللا بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي‪ ،‬وكنيته أبو‬ ‫إن أبو بكر ال ّ‬ ‫ّ‬
‫بكر‪ ،‬وأ ّمه أ ّم الخير‪ ،‬سلمى بنت صخر بن عامر التيمي‪ ،‬وقد ولد في عام ‪ 51‬ق‪.‬هـ‪ ،‬أي ‪573‬‬
‫م‪ ،‬وهو ّأول من آمن برسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬من ّ‬
‫الرجال‪ ،‬ويعتبر ّأول الخلفاء‬
‫الراشدين‪.‬‬
‫ّ‬
‫صديق ألنّه صدّق النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في خبر اإلسراء‪ ،‬وقيل‬‫وقد س ّمي أبو بكر بال ّ‬
‫أنّه سمي بذلك ألنّه كان يصدّق النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في ك ّل خبر يجيئه من السّماء‪،‬‬
‫ألن النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال له‪ ":‬يا أبا بكر أنت عتيق‬
‫وكان أبو بكر يلقب بالعتيق‪ّ ،‬‬
‫هللا من النّار "‪.‬‬

‫وقد كان سيّدا ً من سادات قريش‪ ،‬وغنيّاً‪ ،‬ومن كبار موسريهم‪ ،‬وكان من األشخاص الذين‬
‫حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهليّة‪ ،‬وكانت له في عصر النّبوة مواقف كبيرة‪ ،‬فقد شهد‬ ‫ّ‬
‫شدائد في سبيل الدّين‪ ،‬وبذل األموال‪ ،‬وكان رفيق النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه‬ ‫الحروب‪ ،‬واحتمل ال ّ‬
‫وسلّم ‪ -‬عندما هاجر إلى المدينة‪ ،‬وإليه عهد النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬بالنّاس عندما اشتد ّ‬
‫به المرض‪ ،‬وبويع بالخالفة في اليوم الذي توفي فيه النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬سنة ‪11‬‬
‫للهجرة‪ ،‬وقد قام بمحاربة المرتدّين والممتنعين عن أداء الزكاة‪ ،‬ورفع دعائم اإلسالم‪ ،‬وقد ت ّم‬
‫شام والعراق‪ ،‬وقد توفّي في ليلة الثّالثاء‪ ،‬لثمان خلون من جمادى‬ ‫في أيّامه افتتاح بعض بالد ال ّ‬
‫اآلخرة‪ ،‬وهو ابن ثالث وستّين سنةً‪ ،‬وكانت مدّة خالفته سنتين وثالثة أشهر ونصف‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫• عمر بن الخطاب‬

‫إن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي هو أبو حفص‪ ،‬وقد لقّبه النّبي ‪-‬‬ ‫ّ‬
‫صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬بالفاروق‪ ،‬وأ ّمه هي حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومية‪ ،‬وهي‬
‫الراشدين‪ ،‬وهو ّأول‬ ‫أخت أبي جهل عمرو بن هشام‪ ،‬ويعتبر عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء ّ‬
‫من لقّب بأمير المؤمنين‪ ،‬وكان في أيّام الجاهليّة من أبطال قريش وأشرافهم‪ ،‬وكانت له السّفارة‬
‫فيهم‪ ،‬وقد أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات‪ ،‬وشهد الوقائع كلها مع النّبي صلّى هللا عليه وسلّم‪،‬‬
‫حيث أرسله النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في عدّة سرايا‪.‬‬
‫صديق وبعهد منه‪،‬‬ ‫وقد بويع عمر بن الخطاب بالخالفة في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر ال ّ‬
‫وذلك بعد استشارة النّاس فيه فوافقوه‪ ،‬وقد واله أبو بكر القضاء في عهده‪ ،‬فكان عمر بن‬
‫ألن طالوة‬‫قاض في اإلسالم‪ ،‬ولم يأته مدّة واليته القضاء متخاصمان‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الخطاب ّأول‬
‫اإليمان وأخوة اإلسالم منعت النّاس من االختصام فيما بينهم‪ ،‬وقد قام بقطع العطاء عن المؤلفة‬
‫اعتز اإلسالم وقوية شوكته‪ ،‬وقام بإخضاع أراضي البالد المفتوحة عنوة‬ ‫ّ‬ ‫قلوبهم بعد أن‬
‫للخراج‪ ،‬ولم يقسّمها بين الغانمين‪ ،‬وذلك لكي يستكملوا فريضة الجهاد‪ ،‬وأعادها إلى أصحابها‬
‫للمسلمين‪.‬‬ ‫حقا‬ ‫خراجها‬ ‫وجعل‬ ‫عليها‬ ‫كانوا‬ ‫الذين‬
‫دون‬‫وكان عمر بن الخطاب هو ّأول من بدأ التّأريخ بسنّة الهجرة النّبوية‪ ،‬وكان أيضا ً ّأول من ّ‬
‫الدّواوين في اإلسالم‪ ،‬وقام بجعلها على الطريقة الفارسيّة‪ ،‬وذلك إلحصاء األعطيات‪ ،‬وتوزيع‬
‫المرتبات ألصحابها حسب أسبقيتهم في اإلسالم‪ ،‬وقام باتخاذ بيت مال المسلمين‪.‬‬

‫• عثمان بن عفان‬

‫وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي‪ ،‬األموي القرشي‪،‬‬
‫أبو عبد هللا وأبو عمرو‪ ،‬وأ ّمه هي أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس‪ ،‬كان من كبار‬
‫اعتز بهم عند ظهوره‪ ،‬وقد ولد في مكة المكرمة‪ ،‬وأسلم بعد البعثة بقليل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫رجال اإلسالم الذين‬
‫وكان رضي هللا عنه غنيّاً‪ ،‬وشريفا ً في أيّام الجاهليّة‪ ،‬ومن أعظم األعمال التي قام بها تجهيزه‬
‫لجيش العسرة في السّنة التّاسعة للهجرة‪ ،‬وكان النبي صلى هللا عليه وسلم قد غزا فيه تبوك‪،‬‬
‫شرين بالجنّة‪ ،‬وقد تولّى الخالفة بعد اغتيال عمر بن الخطاب‪ ،‬فهو‬ ‫وهو واحد من العشرة المب ّ‬
‫شورى‪.‬‬‫الراشدين‪ ،‬وفي اختياره للخالفة قصة تعرف بقصة ال ّ‬ ‫ثالث الخلفاء ّ‬

‫• علي بن أبي طالب‬

‫هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي‪ ،‬أبو الحسن‪،‬‬
‫وأ ّمه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيّة الهاشميّة‪ ،‬وهو أمير المؤمنين‪،‬‬
‫شرين بالجنّة‪ّ ،‬‬
‫وأول من أسلم من الفتيان‪ ،‬وهو‬ ‫الراشدين‪ ،‬وواحد من العشرة المب ّ‬
‫ورابع الخلفاء ّ‬
‫ابن ع ّم النّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬وصهره‪ ،‬وواحد من أشجع األبطال‪ ،‬ومن أكابر الخطباء‬
‫والفصحاء والعلماء بالقضاء واإلفتاء‪ ،‬وقد كان اللواء في يده في أكثر المشاهد‪ ،‬ولم يتخلّف‬
‫عن مشهد من المشاهد إال في غزوة تبوك ليرعى عياله‪ ،‬وقد اختاره عمر بن الخطاب بعد‬
‫طعنه بين السّتة من أصحاب الشورى ليخلفه واحد منهم‪ ،‬وهم علي بن أبي طالب‪ ،‬وطلحة بن‬

‫‪109‬‬
‫الرحمن بن عوف‪ ،‬وعثمان بن عفان‪ ،‬وسعد بن أبي‬ ‫ّ‬
‫والزبير بن العوام‪ ،‬وعبد ّ‬ ‫عبيد هللا‪،‬‬
‫وقاص‪ ،‬وقد بويع بالخالفة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة ‪35‬هـ‪.‬‬

‫‪ .39‬ذي النّورين‬
‫اشتُهر سيّدنا عثمان بن عفّان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬بذي النّورين؛ ويرجع ذلك إلى أنّه ّ‬
‫تزوج بابنت َي‬
‫رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،‬فجمع النّورين بزواجه منهما‪ ،‬وقد جاء بيان سبب ذلك اللقب‬
‫صحابة ال ِكرام رضوان هللا عنهم؛‬ ‫لعثمان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬في العديد من اآلثار المنقولة عن ال ّ‬
‫ومن ذلك ما ذكره العيني في كتابه الذي شرح فيه صحيح اإلمام البخاري؛ حيث جاء فيه‪:‬‬
‫(قيل لل ُمهلّب بن صفرة‪ :‬لم قيل لعثمان بن عفّان ذو النورين؟ فقال‪ :‬ألنّا ال نعلم أحدا ً أُر ِسل‬
‫ِسترا ً على بنتي نب ّ‬
‫ي غيره)‪.‬‬

‫ويروي عبد هللا بن عمر بن أبان الجعفي‪ ،‬عن خاله حسين الجعفي‪ ،‬أنّه قال له في سبب تلقيب‬
‫س ّمي عثمان ذا النّورين؟ قلتُ ‪ :‬ال‬
‫لم ُ‬
‫ي أتدري َ‬‫عثمان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬بذي النّورين‪( :‬يا بُن ّ‬
‫ي منذ أن خلق هللا آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان‪ ،‬فلذلك‬ ‫أدري‪ ،‬قال‪ :‬لم يجمع بين ابنتي نب ٍّ‬
‫س ِ ّمي ذا النّورين)‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهناك رواية أخرى عن سبب تسميته بذي النّورين تُشير إلى غير ذلك‪ ،‬حيث تذكر تلك‬
‫أن السبب خلف تسميته بذي النّورين أنّه كان يُكثِر من قراءة القرآن إذا أراد ال ّ‬
‫صالة‬ ‫الرواية ّ‬
‫صالة‪ ،‬وكان يواظب على ذلك‬ ‫نورين‪ ،‬هما‪ :‬قراءة القرآن‪ ،‬وال ّ‬‫في الليل‪ ،‬فيكون قد أكثر من َ‬
‫س ّمي بذي النورين‪ ،‬فالمقصود بالنّورين هنا‪ :‬قراءة القرآن‪ ،‬والصالة‪.‬‬ ‫في ك ِّل ليل ٍة حتّى ُ‬

‫العشرة ال ُمبشّرين بالجنّة‬ ‫‪.40‬‬


‫صالة والسّالم ‪ -‬جماعةً من أصحابه بالجنّة‪ ،‬وكانت ِبشارته لهم مبنيَّة ً‬ ‫شر رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫َب ّ‬
‫على أفعا ٍل امتازوا بها عن غيرهم‪ ،‬وما وصلوا لذلك بيسير عم ٍل أو بقليل جهد‪ ،‬ومع ذلك فإ ّن‬
‫ع َال‪ ،‬وقد جاء ذكر هؤالء‬ ‫عز وجل اصطفاهم لتلك البشارة لحكم ٍة يعلمها وحده ج ّل و َ‬ ‫هللا ّ‬
‫س ِعيدُ ْب ُن زَ ْي ٍد ‪-‬‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬فعن َ‬ ‫نص واح ٍد من حديث رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫العشرة في ِ ّ‬
‫س ِم ْعتُهُ َو ُه َو يَقُو ُل‪:‬‬ ‫سلَّ َم أَنِّي َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫اَّلل َ‬
‫سو ِل َّ ِ‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫ش َهد ُ َ‬ ‫رضي هللا عنه ‪ -‬قَالَ‪( :‬أ ْ‬
‫عثْ َمانُ فِي ا ْل َجنَّ ِة‪،‬‬ ‫ع َم ُر فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬و ُ‬ ‫ي فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬وأَبُو بَك ٍْر فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬و ُ‬ ‫عش َْرةٌ فِي ا ْل َجنَّ ِة‪ :‬النَّ ِب ُّ‬ ‫َ‬
‫س ْعدُ ْبنُ َما ِل ٍك فِي ا ْل َجنَّ ِة‪،‬‬ ‫ط ْل َحةُ فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬و ُّ‬
‫الزبَي ُْر ْبنُ ا ْلعَ َّو ِام فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬و َ‬ ‫ي فِي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬و َ‬ ‫ع ِل ٌّ‬
‫َو َ‬
‫سكَتَ ‪,‬‬ ‫ش َر‪ ,‬قَالَ‪ :‬فَقَالُوا‪َ :‬م ْن ُه َو؟ فَ َ‬ ‫س َّميْتُ ا ْل َعا ِ‬ ‫شئْتُ لَ َ‬ ‫ف ِفي ا ْل َجنَّ ِة‪َ ،‬ولَ ْو ِ‬‫الر ْح َم ِن ْب ُن ع َْو ٍ‬ ‫ع ْبدُ َّ‬ ‫َو َ‬
‫قَالَ‪ :‬فَقَالُوا‪َ :‬م ْن هُ َو؟ فَقَالَ‪ُ :‬ه َو َ‬
‫س ِعيدُ ْبنُ َز ْيدٍ)‪.‬‬

‫❖ أبو بكر الصديق‬


‫اسمه ومولده‪ :‬هو عبد هللا بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن ُم ّرة‪،‬‬ ‫•‬
‫ولد في م ّكة سنة ‪573‬م بعد عام الفيل بسنتين وستّة أشهر‪ ،‬تقول السّيدة عائشة رضي هللا‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬وأبو بكر رضي هللا عنه ميالديهما‬‫عنها‪( :‬تذاكر رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬

‫‪110‬‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬أكبر من أبي بكر رضي هللا عنه بسنتين‬ ‫عندي‪ ،‬فكان رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫ونصف)‪.‬‬
‫العارضين‪ ،‬حليما ً َحييّا ً‬ ‫ِ‬ ‫خفيف‬
‫َ‬ ‫أبيض نحيفاً‪،‬‬
‫َ‬ ‫خ َْلقُه و ُخلُقه‪ :‬كان أبو بكر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫•‬
‫صبَ ُح قريش ُوجوهاً‪،‬‬ ‫صادقاً‪ ،‬فعن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪( :‬ثالثة من قريش أ ْ‬
‫سنُها أَحالماً‪ ،‬وأَث َبتُها َحيا ًء‪ِ ،‬إن َحدَّثوكَ لم َيكذِبوك‪ ،‬وإن َحدَّثت َ ُهم لم يُ َك ِذّبوك‪ ،‬أبو بكر‬ ‫وأَح َ‬
‫الصديق‪ ،‬وأبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬وعثمان بن عفان)‪.‬‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬وخليفته‪ ،‬كان ‪ -‬رضي‬ ‫منزلته في اإلسالم‪ :‬هو صاحب رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫•‬
‫هللا عنه ‪ -‬من رؤساء قريش في الجاهليّة وأشرافهم وأهل ُمشاورتهم‪ ،‬وكان ُم َحبّبا ً فيهم‪،‬‬
‫فلما جاء اإلسالم آثره على ما سواه ودخل فيه أحسن دخول‪ ،‬وقد أسلم على يده عددٌ ٌ‬
‫كبير‬
‫صالة‬ ‫شرين بالجنّة‪ ،‬لقَّ َبه رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫صحابة منهم خمسة من العشرة ال ُمب ّ‬ ‫من ال ّ‬
‫ي بن أبي طالب رضي هللا عنه يحلف باهلل أ ّن‬ ‫ق ل ُحس ِْن َوج ِهه‪ ،‬وكان عل ّ‬‫والسّالم ‪ -‬بال َعتي ِ‬
‫صالة‬ ‫الصديق)‪ ،‬وقال رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫عز وج ّل أنزل اسم أبي بكر من السّماء ( ِ ّ‬ ‫هللا ّ‬
‫(إن قومي ال يُصدّقوني‪ ،‬فقال له جبريل‪ :‬يُصدّقك أبو‬ ‫سري به لجبريل‪ّ :‬‬ ‫والسّالم ‪ -‬ليلة أ ُ ِ‬
‫صالة والسّالم‪.‬‬ ‫الصّديق)‪ ،‬وهو أول من خاصم عن رسول هللا عليه ال ّ‬ ‫بكر وهو ِ‬
‫وفاته‪ :‬تُوفّي ‪ -‬رحمه هللا ورضي عنه ‪ -‬في ُجمادى اآلخرة سنة ثالث عشرة من الهجرة‬ ‫•‬
‫سلَتهُ زوجته‬ ‫ليلة الثّالثاء‪ ،‬وقيل‪ :‬يوم اإلثنين‪ ،‬وكانت خالفته سنتين ونصف تقريباً‪ ،‬وقد غ َّ‬
‫سه بين َكتِفَي رسول‬ ‫أسماء بنت عميس‪ ،‬بوصيته إليها‪ ،‬دُفِنَ مع رسول هللا عند َرأ ِسه‪ ،‬ورأ ُ‬
‫صالة والسّالم‪.‬‬ ‫هللا عليه ال ّ‬

‫❖ عمر بن الخطاب‬
‫سبُه وإسالمه‪ :‬هو عمر بن الخطاب بن ُن َفيل بن عبد العُ ّزى بن رباح بن عبد هللا‬ ‫اسمه ونَ َ‬ ‫•‬
‫بن قُرط بن رزاح بن عدي بن كعب القُ َرشي العَدَوي‪ ،‬أ ّمه‪ :‬حنتمة بنت هاشم بن ال ُمغيرة‬
‫ست من النبّوة وقيل سنة خمس‪،‬ويروي ابن‬ ‫بن عبد هللا بن عمرو بن مخزوم‪ ،‬أسلم سنة ّ‬
‫بأحب ال ّرجلين إليك بعمر‬ ‫ّ‬ ‫أعز اإلسالم‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬قال‪( :‬اللّهم ّ‬ ‫أن النّبي ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫عمر ّ‬
‫بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام)‪ ،‬فكان أ َحبَّ ُهما إليه عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ب بأمير‬ ‫الخطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬هو ّأو ُل من لُ ِقّ َ‬ ‫ّ‬ ‫صفتُه ومولده واستشهاده‪ :‬عمر بن‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫عظيماً‪ ،‬فُتِ َحت في‬ ‫شجاعة‪ ،‬وال َحزم‪ ،‬والعَدل‪ ،‬وال ِعبادة‪ ،‬وال ِعلم‪َ ،‬مبلغا ً َ‬ ‫ال ُمؤمنين‪ ،‬بَلَ َغ في ال َّ‬
‫كرمة قبل الهجرة بأربعين سنةً‪،‬‬ ‫عهده الفتوحات‪ ،‬وانتشر اإلسالم‪ ،‬كان مولده ب َم ّكة ال ُم ّ‬ ‫َ‬
‫ي وهو يؤمّ‬ ‫استش ِهد في ال َمدينة سنة ثالث ٍة وعشرين للهجرة‪ ،‬حيث قتله أبو لؤلؤة المجوس ّ‬ ‫ُ‬
‫في النّاس لصالة الفجر‪.‬‬

‫❖ عثمان بن عفان‬
‫اص بن أُميَّة بن عبد‬ ‫عفَّان بن أبي ْال َع ِ‬
‫عثْ َمان بن َ‬ ‫سبُه‪ :‬هو أَبُو عبد هللا وأبو ليلى ُ‬ ‫اس ُمه ونَ َ‬ ‫•‬
‫ي ْاأل َم ِوي يلتقي َم َع النَّبِي فِي عبد منَاف‪ ،‬لُ ِقّب بذِي النّورين‬ ‫شمس بن عبد منَاف بن قُص ّ‬
‫ع ْن ُه َما‪ ،‬ومن ألقابه كذلك ال ُمست َحي‬
‫ضي هللا َ‬ ‫ِألَنَّهُ تزوج ابنَتي النَّبِي ُرقيّة ث َّم أم ُك ْلثُوم َر ِ‬
‫ط ِويل ال ِلّحْ يَة حسن ْال َوجْ ه‪.‬‬‫وال ُمست َحيا‪َ ،‬كانَ جميالً َ‬

‫‪111‬‬
‫وصفَتُه ووفاته‪ :‬ولد عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬ب َم ّكة‪ ،‬وكان من أوائل من أسلم‪ ،‬وهو‬ ‫مولده ِ‬ ‫•‬
‫صبيحة عيد‬ ‫ظلما ً َ‬ ‫الراشدين‪ ،‬كان كريما ً جواداً‪ ،‬جمع القرآن في عهده‪ ،‬قُتِ َل ُ‬
‫ثالث ال ُخلفاء ّ‬
‫األضحى وهو يَقرأ ُ القرآن في بيته بالمدينة سنة خمسة وثالثين للهجرة‪ ،‬وقيل‪ :‬استُش ِهد يوم‬
‫نورة‪ ،‬وكان‬ ‫خمس وثالثين للهجرة بالمدينة ال ُم ّ‬
‫ٍ‬ ‫الجمعة في السّابع عشر من ذي الحجّة سنة‬
‫عمره حينها ثمانية وسبعين سنة‪.‬‬

‫ي بن أبي طالب‬
‫❖ عل ّ‬
‫عم رسول هللا ‪ -‬عليه‬ ‫ي بن أبي طالب بن عبد هللا بن هاشم القرشي الهاشمي‪ ،‬ابن ِ ّ‬ ‫هو عل ّ‬
‫صحيح‪ ،‬تربّى في‬ ‫وأو ُل النّاس إسالما ً‪ُ ،‬و ِلد َ قَب َل البِعثة بعشر سنين على ال ّ‬
‫صالة والسّالم ‪َّ -‬‬‫ال ّ‬
‫زو َجهُ النبي ابنتَهُ فاطمة‪ ،‬وكان اللّواء بيده‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬ولم يُفارقه‪َّ ،‬‬ ‫ِحجر النّبي ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫صالة والسّالم بين أصحابه قال له‪( :‬أنت أخي)‪،‬‬ ‫في أكثر المعارك‪ ،‬ولما آخى النّبي عليه ال ّ‬
‫ّ‬
‫الخطاب‪ ،‬قُتِل في ليلة السَّابع عشر من‬ ‫َص عليهم عمر بن‬ ‫شورى الذين ن َّ‬ ‫كان أحد رجال ال ّ‬
‫شهر رمضان من سنة أربعين للهجرة‪.‬‬

‫العوام‬ ‫❖ ّ‬
‫الزبير بن ّ‬
‫ي‪ ،‬يلتقي‬ ‫ي‪ ،‬أبو عبد هللا األسد ُّ‬ ‫العزى بن قص ٍّ‬ ‫العوام بن خويلد بن أسد بن عبد َّ‬ ‫الزبير بن َّ‬ ‫هو ُّ‬
‫صالة والسّالم ‪:-‬‬ ‫ي ‪ -‬عليه ال ّ‬‫ي‪ ،‬قال عنه النب ُّ‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬في قُص ٍّ‬ ‫مع رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫ي ‪ -‬عليه‬ ‫الزبير)‪ ،‬كان م ّمن شهدوا بدراً‪ ،‬وقد شهد له النب ُّ‬ ‫ي ُّ‬ ‫ي حواريًا‪ ،‬وحواري َّ‬ ‫َّ‬
‫(إن لك ِ ّل نب ٍّ‬
‫فتحرك‪( :‬اسكن حراء؛‬ ‫َّ‬ ‫ي؛ فقال حين كان على جبل ِحراءٍ‬ ‫شهادة وهو ح ٌّ‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬بال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫بكر وعم ُر‬ ‫هللا علي ِه وسلَّ َم وأبو ٍ‬
‫ي صلَّى ُ‬ ‫ي‪ ،‬أو ص ِدّيقٌ‪ ،‬أو شهيدٌ‪ ،‬وعليه النب ُّ‬ ‫فما عليك َّإال نب ٌّ‬
‫هللا عنهم)‪ .‬فضائلُهُ ومناقبه‬ ‫ي ُ‬ ‫وقاص رض َ‬‫ٍ‬ ‫بير وسعدُ بنُ أبي‬ ‫ّ‬
‫والز ُ‬ ‫ي وطلحةُ‬ ‫وعثمانُ وعل ُّ‬
‫ت وثالثين للهجرة‪ ،‬وكان عمره حينها سب ٌع‬ ‫كثيرةٌ‪ ،‬ماتَ شَهيدا ً َمغدورا ً به من الخوارج سنة س ّ ٍ‬
‫وستُّون سنة‪.‬‬

‫❖ طلحة بن عبيد هللا‬


‫هو طلحة بن عُبّيد هللا بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن ُم ّرة بن كعب بن لؤي‬
‫ي‪ ،‬يلتقي مع رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّم‪ -‬في ُم ّرة‪ ،‬وأ ّمه‬‫ي المدن ّ‬
‫ي المك ّ‬ ‫القُرش ّ‬
‫ي التيم ّ‬
‫صر‪َ ،‬رحْ ب‬ ‫أبيض حسنا ً كثير ال ّ‬
‫شعر‪ ،‬أقرب إلى ال ِق َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪ ،‬كان وجهه‬‫صعبة بنت الحضرم ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ست وثالثين هجريّة‬ ‫صدر‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬ضخم القدمين‪ ،‬استُش ِهد يوم الجمل سنة ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وهو ابن ثالث وستين سنة‪.‬‬

‫❖ سعد بن أبي وقاص‬


‫سبُه‪ :‬هو سعد بن أبي وقّاص بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كالب‪،‬‬
‫اسمه ونَ َ‬ ‫•‬
‫شورى‬‫كان سابع سبعة في إسالمه‪ ،‬وهو أحد الذّين جعل عمر‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬فيهم ال ّ‬

‫‪112‬‬
‫صالة والسّالم قال‪( :‬اللهم سدّد‬ ‫ليَخلفوه بعد وفاته‪ ،‬وكان ُمجاب الدّعوة؛ ّ‬
‫ألن النبي عليه ال ّ‬
‫رميته‪ ،‬وأجب دعوته)‪ ،‬وهو ّأول من رمى بسهم في سبيل هللا‪.‬‬
‫وفاته‪ :‬تُوفّي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬في قصره بالعقيق على بُعد عشرة أميال من المدينة و ُح ِم َل إليها‬ ‫•‬
‫الرجال‪ ،‬ودُفن بالبقيع‪ ،‬وكانت وفاته سنة خمس وخمسين للهجرة وكان عمره‬ ‫على رقاب ّ‬
‫حينها سبعا ً وسبعين سنة‪.‬‬

‫❖ أبو عبيدة بن الج ّراح‬


‫الجراح بن هالل بن أهيب بن ُمنبّه بن الحارث بن فهر بن مالك‬ ‫ّ‬ ‫اسمه‪ :‬أبو عبيدة عامر بن‬ ‫•‬
‫بن النّضر‪ ،‬أسلم مع عثمان بن مظعون وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثّانية‪ ،‬وشهد بدرا ً‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬يوم أ ُ ُحد ونزع يومها بفمه‬ ‫والمشاهد كلّها‪ ،‬وثبت مع رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫الحلقتين اللّتين دخلتا وجنتا رسول هللا فوقعت ثنيتاه‪.‬‬
‫صفته‪ :‬كان طويالً نحيفا ً أجنَى‪ ،‬معروقَ الوجه‪ ،‬أثرم الثّنيتين‪ ،‬خفيف اللّحية‪ ،‬وكان له من‬ ‫•‬
‫ع ِقب‪ ،‬قال عمر بن الخطاب‪( :‬لو أدركني أ َ َجلي وأبو‬ ‫ع َمير فماتا ولم يبق له َ‬ ‫الولد يزيد و ُ‬
‫عز وج ّل ِل َم استخلفته على أ ُ ّمة محمد؟ قلت‪ :‬إنّي سمعت‬‫ي استخلفته‪ ،‬فإن سألني هللا ّ‬ ‫عبيدة ح ّ‬
‫[‪]٢٢‬‬
‫ي أميناً‪ ،‬وأميني أبو عبيدة))‪.‬‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬يقول‪ّ :‬‬
‫(ان لك ّل نب ّ‬ ‫رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫الجراح يوم بدر غيرة ً على الدّين‪ ،‬تُوفّي في طاعون‬ ‫ّ‬ ‫ومن مناقبه أنّه قَت َل أباه عبد هللا بن‬
‫ع ُمره‬
‫ثمان عشرة للهجرة في خالفة عمر‪ ،‬وكان ُ‬ ‫ِ‬ ‫عمواس باألردن وقبره فيها‪ ،‬وذلك سنة‬
‫ثمان وخمسين سنة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حينها‬

‫الرحمن بن عوف‬
‫❖ عبد ّ‬
‫الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة‬ ‫سبُه‪ :‬هو أبو محمد عبد ّ‬ ‫اسمه ونَ َ‬ ‫•‬
‫بن كالب بن ُم ّرة بن كعب بن لؤي‪ ،‬كان اسمه في الجاهليّة عبد عمرو وقيل عبد الحارث‬
‫شفاء بنت‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬عبد الرحمن‪ ،‬أُ ُّمه ال ِ ّ‬ ‫س ّماه رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫وقيل عبد الكعبة‪ ،‬فَ َ‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬دار األرقم‬ ‫الرحمن قبل أن يد ُخل رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫عوف‪ ،‬أسلم عبد ّ‬
‫صالة والسّالم‬ ‫وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين‪ ،‬وكان م ّمن ثبتوا مع رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬خَلفَه في غزوة تبوك حيث إنّه ‪-‬‬ ‫الرسول ‪ -‬عليه ال ّ‬ ‫‪ -‬يوم أ ُ ُحد‪ ،‬وقد صلّى ّ‬
‫صالة فصلّى خلفه‬ ‫الرحمن بال ّ‬‫للطهارة فجاء وقد افتتح عبد ّ‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬ذهب َّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ُ‬
‫ي خلف رج ٍل صالحٍ من أ َّمتِه)‪.‬‬ ‫صلّ َ‬
‫ي قط حتّى يُ َ‬‫َ‬ ‫ض نَب ٌّ‬ ‫ُ‬
‫وأت َ َّم الذي فاته‪ ،‬وقال‪( :‬ما ق ِب َ‬
‫شربا ً‬
‫أبيض رقيق البشرة ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫الرحمن ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬طوي َل القامة‪،‬‬ ‫صفته‪ :‬كان عبد ّ‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مرة‪ ،‬ضخم الكفّين أقنى‪ ،‬وكان ساقط الثنيتين أعرج حيث إنّه أصيب يوم أ ُحد‪.‬‬ ‫ب ُح َ‬
‫الرحمن بن عوف من أثرى أثرياء المدينة‪ ،‬وحدث‬ ‫أمواله‪ ،‬صدَقَتُه‪ُ ،‬زهده ووفاته‪ :‬كان عبد ّ‬ ‫•‬
‫أنّه باع أرضا ً له بأربعين ألف دينار فَقَسَّم ذلك المال في بني زهرة وفقراء المسلمين‬
‫صالة والسّالم ‪ -‬بشطر‬ ‫وأ ُ ّمهات ال ُمؤمنين‪ ،‬وقيل أنَّه ت َصدَّق في عهد رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫دينار‬
‫ٍ‬ ‫ماله حيث بلغ أربعة آالف دينار‪ ،‬ثم ت َصدَّق بأربعين ألفاً‪ ،‬ثم تصدَّق بأربعين ألف‬
‫أُخرى‪ ،‬ثم ح َّمل على خمسمائة فرس في سبيل هللا تعالى‪ ،‬ثم ح َّمل على ألفٍ وخمسمائة‬
‫راحل ٍة في سبيل هللا تعالى‪ ،‬وكان عا َّمةُ ماله من التّجارة‪ ،‬وقيل أنّه أعتق ثالثين ألف بيت‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫عبيده‪ .‬تُوفّي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬سنة اثنتين وثالثين‬
‫ف من بين َ‬
‫ُعر ُ‬
‫ض ِعه ال ي َ‬
‫وكان من شدّة توا ُ‬
‫للهجرة‪ ،‬ودُفِنَ بالبقيع وهو ابن اثنتين وسبعين سنةً ويُقال خمس وسبعين‪.‬‬

‫❖ سعيد بن زيد‬
‫وصفته ووفاته‪ :‬هو أبو األعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نُ َفيل بن ال ُع ّزى‬ ‫سبُه ِ‬
‫اسمه ونَ َ‬ ‫•‬
‫بن رباح بن عبد هللا بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي‪ ،‬أ ُّمه فاطمة بنت بعجة بن أُميّة‪،‬‬
‫أشعر‪،‬‬
‫َ‬ ‫صالة والسّالم ‪ -‬دار األرقم‪ ،‬وكان آدَ َم طويالً‬
‫أسلم قبل أن يدخل رسول هللا ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫تُوفّي ‪ -‬رحمه هللا بالعقيق‪ ،‬و ُح ِمل إلى المدينة فدُفِنَ بها‪ ،‬وكان ذلك في سنة خمسين أو‬
‫ع ُمرهُ يوم مات بض ٌع وسبعين سنة‪.‬‬ ‫إحدى وخمسين للهجرة‪ ،‬وكان ُ‬

‫العمرين‬ ‫‪.41‬‬
‫ثمة رواية بلفظ اللهم أعز اإلسالم بأحب الرجلين إليك ‪ ...‬كما سيأتي ؛ فكان عمر ‪ .‬قال‬
‫اإلمام البخاري ‪:‬حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنا قيس قال قال عبد‬
‫هللا ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر‬

‫ولما اشتد بالنبي صلى هللا عليه وسلم وخشي على مستقبل اإلسالم دعا –مضطرا – أن‬
‫ينصره بأحد العمرين ‪ :‬عمر بن الخطاب أ وعمرو بن هشام(أبو جهل) لقوتهما وجلدهما ‪،‬‬
‫فاختار هللا عمر بن الخطاب لما علمه هللا سبحانه وتعالى فيه ‪ ...‬ولألثر قصة طويلة تحكي‬
‫إسالم عمر ودعاء النبي صلى هللا عليه وسلم ذكرها أصحاب السير لمن أراد أن يستزيد لكن‬
‫صاحب الفتح أشار إليها إشارة خفيفة في أثناء شرحه لألثر حيث قال‪:‬‬
‫( قوله حدثنا يحيى بن سعيد القطان وإسماعيل هو بن أبي خالد وقيس هو بن أبي حازم وعبد‬
‫هللا هو بن مسعود ووقع في رواية بن عيينة عن إسماعيل كما سيأتي في باب إسالم عمر‬
‫التصريح بذلك قوله ما زلنا أعزة منذ اسلم عمر أي لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر هللا‬
‫وروى بن أبي شيبة والطبراني من طريق القاسم بن عبد الرحمن قال قال عبد هللا بن مسعود‬
‫كان إسالم عمر عزا وهجرته نصرا وإمارته رحمة وهللا ما استطعنا أن نصلي حول البيت‬
‫ظاهرين حتى اسلم عمر وقد ورد سبب إسالمه مطوال فيما أخرجه الدارقطني من طريق‬
‫القاسم بن عثمان عن أنس قال خرج عمر متقلدا السيف فلقيه رجل من بني زهرة فذكر قصة‬
‫دخول عمر على أخته وإنكاره إسالمها وإسالم زوجها سعيد بن زيد وقراءته سورة طه‬
‫ورغبته في اإلسالم فخرج خباب فقال أبشر يا عمر فاني أرجو أن تكون دعوة رسول هللا ‪e‬‬
‫لك قال اللهم أعز اإلسالم بعمر أو بعمرو بن هشام ‪ .‬وروى أبو جعفر بن أبي شيبة نحوه في‬
‫تاريخه من حديث بن عباس وفي آخره فقلت يا رسول هللا ففيم االختفاء فخرجنا في صفين أنا‬
‫في أحدهما وحمزة في اآلخر فنظرت قريش إلينا فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها وأخرجه‬
‫البزار من طريق اسلم مولى عمر عن عمر مطوال وروى بن أبي خيثمة من حديث عمر‬
‫نفسه قال لقد رأيتني وما اسلم مع رسول هللا ‪ e‬إال تسعة وثالثون رجال فكملتهم أربعين فأظهر‬
‫هللا دينه واعز اإلسالم وروى البزار نحوه من حديث بن عباس وقال فيه فنزل جبريل فقال يا‬

‫‪114‬‬
‫أيها النبي حسبك هللا ومن اتبعك من المؤمنين وفي فضائل الصحابة لخيثمة من طريق أبي‬
‫وائل عن بن مسعود قال قال رسول هللا ‪ e‬اللهم أيد اإلسالم بعمر ومن حديث علي مثله بلفظ‬
‫أعز وفي حديث عائشة مثله أخرجه الحاكم بإسناد صحيح وأخرجه الترمذي من حديث بن‬
‫عمر بلفظ اللهم أعز اإلسالم بأحب الرجلين إليك بابي جهل أو بعمر قال فكان أحبهما إليه‬
‫عمر قال الترمذي حسن صحيح قلت وصححه بن حبان أيضا وفي إسناده خارجة بن عبد هللا‬
‫صدوق فيه مقال لكن له شاهد من حديث بن عباس أخرجه الترمذي أيضا ومن حديث أنس‬
‫كما قدمته في القصة المطولة ومن طريق اسلم مولى عمر عن عمر عن خباب وله شاهد‬
‫مرسل أخرجه بن سعد من طريق سعيد بن المسيب واإلسناد صحيح إليه وروى بن سعد أيضا‬
‫من حديث صهيب قال لما اسلم عمر قال المشركون انتصف القوم منا وروى البزار والطبراني‬
‫من حديث بن عباس نحوه‬

‫إنه دعوة النبي صلى هللا عليه وسلم لنصرة اإلسالم ‪ ،‬واختيار هللا تعالى له ‪ ،‬استجابة لدعوة‬
‫نبيه ‪ ،‬تلك مكانة الفاروق من أول يوم هداه هللا إلى اإلسالم ‪ ،‬وهذه شهادة ابن أم عبد ‪ ،‬أحد‬
‫علماء الصحابة الكبار ‪ ،‬وأحد العبادلة ‪ ...‬ما يدل على شجاعته التي سخرها لنصرة دين هللا‬
‫منذ أن أسلم وحتى لقي هللا تعالى ؛ فرضي هللا عن عمر الفاروق حيا وميتا ‪ ،‬وحشرنا معه‬
‫والصحابة الكرام رضوان هللا على الجميع ‪...‬‬

‫المذاهب الفقهية اإلسالمية‬ ‫‪.42‬‬

‫المذاهب الفقهية في اإلسالم ظهرت األحكام الفقهية على يد الرسول محمد "صلى هللا عليه‬
‫َّ‬
‫يتنزل القرآن باألحكام الشرعية‪ ،‬وكان النبي يُبيِّن هذه األحكام للناس‬ ‫وسلم"‪ ،‬حيث كان‬
‫ُفصلها ويُح ِدّد شروطها‪ ،‬ويرسم الطريق القويم لكيفيتها وتنفيذها بقوله أو فعله أو تقريره‬
‫وي ِ ّ‬
‫تطور الحياة والحاجة لتبيان‬
‫سنيَّة)‪ ،‬ث َّم بدأت تظهر المدارس الفقهيّة بسبب ُّ‬
‫(في المذاهب ال ُ‬
‫مختلف المسائل ال ُمستجدَّة‪ .‬تقوم المذاهب الفقهية على استنباط األحكام الشرعية من األدلة‬
‫الواردة في القرآن والسنة وفق قواعد وأصول فقهية محددة‪ ،‬ويمكن تسميتها مدارس فقهية‬
‫التفاقها في العقيدة واألصول والشريعة ولكن قد تختلف قليال في األحكام المستنبطة في حال‬
‫ضمن مذهب واحد‪ .‬والمذاهب الفقهية التي انتشرت بشكل واسع عند المسلمين‪ ،‬والتي‬ ‫كانت ُ‬
‫أصبحت رسمية في معظم كتبهم وهي تمثل االجتهادات الفقهية للمذاهب وأشهرها مذاهب‬
‫االئمة األربعة من أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهم حسب ترتيبهم التاريخي كاالتي‪:‬‬

‫اإلمام أبو حنيفة النعمان ومذهبه الحنفي‪ .‬تأسس المذهب في العراق بغداد‪.‬‬ ‫•‬
‫اإلمام مالك بن أنس ومذهبه المالكي‪ .‬تأسس المذهب في الحجاز المدينة المنورة‪.‬‬ ‫•‬
‫اإلمام محمد بن إدريس الشافعي ومذهبه الشافعي‪ .‬تأسس المذهب في العراق بغداد‪.‬‬ ‫•‬
‫اإلمام أحمد بن حنبل ومذهبه الحنبلي‪ .‬تأسس المذهب في العراق بغداد‪.‬‬ ‫•‬

‫‪115‬‬
‫المذهب الجعفري هو المذهب الفقهي الذي يتبعه أتباع المذهب الشيعي‪ ،‬وهو يشمل جميع‬
‫التعاليم التي تالها الرسول محمد واألئمة االثنا عشر في فترة إمامتهم منذ ‪ 11‬هـ لغاية ‪255‬‬
‫هـ‪.‬‬

‫تعتمد محاكم بعض الدول اإلسالميَّة على جميع هذه المذاهب في األحكام القضائية واألحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫كما توجد مذاهب أخرى موجودة على نطاق غير واسع‪:‬‬

‫المذهب الزيدي‪ :‬يُنسب إلى زيد بن علي بن الحسين (‪122‬هـ) وهو قريب جدًّا إلى فقه‬ ‫•‬
‫أهل السنّة‪ .‬ينتشر هذا المذهب في اليمن‪.‬‬
‫المذهب اإلباضي‪ :‬مؤ ِسّسه عبد هللا بن إباض التميمي (‪86‬هـ) وينتشر في وعمان وزنجبار‬ ‫•‬
‫وبعض مناطق شمالي إفريقيا‪ ،‬ويعتمد على القرآن والسنة وإجماع الطائفة اإلباضية‬
‫والقياس‪.‬‬
‫المذهب الظاهري‪ :‬مؤ ِسّسه داود الظاهري (‪270‬هـ)‪ ،‬وقد نشر هذا المذهـب وأقامه علي‬ ‫•‬
‫بن حزم األندلسي (‪456‬هـ) وانتشر المذهب في األندلس وشمالي إفريقيا‪ ،‬ث ّم انقرض‬
‫أتباعه‪ ،‬ويحاول كثير من المعاصرين إحياءه والتمسّك به‪.‬‬

‫أصول التشريع اإلسالمي‬ ‫‪.43‬‬


‫القرآن الكريم‬
‫وهو كالم هللا تعالى وهو المصدر والمرجع ألحكام الفقه اإلسالمي‪ ،‬فإذا عرضت‬
‫لنا مسألة رجعنا قبل كل شيء إلى كتاب هللا عز وجل لنبحث عن حكمها فيه‪ ،‬فإن‬
‫وجدنا فيه الحكم أخذنا به‪ ،‬ولم نرجع إلى غيره‪ .‬ولكن القرآن لم يقصد بآياته كل‬
‫جزئيات المسائل وتبيين أحكامها والنص عليها‪ ،‬وإنما نص القرآن الكريم على‬
‫العقائد تفصيالً‪ ،‬والعبادات والمعامالت إجماالً ورسم الخطوط العامة لحياة‬
‫المسلمين‪ ،‬وجعل تفصيل ذلك للسنة النبوية‪ .‬فمثالً‪ :‬أ َم َر القرآن بالصالة‪ ،‬ولم يبين‬
‫كيفياتها‪ ،‬وال عدد ركعاتها‪ .‬لذلك كان القرآن مرتبطا ً بالسنة النبوية لتبيين تلك‬
‫الخطوط العامة وتفصيل ما فيه من المسائل المجملة‪.‬‬
‫سنَّة النبوية‬
‫ال ُ‬
‫وهي كل ما نقل عن النبي صلى هللا عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير‪ .‬وتُعَدُّ‬
‫في المنزلة الثانية بعد القرآن الكريم‪ ،‬شريطة أن تكون ثابتة عن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم بسند صحيح‪ ،‬والعمل بها واجب‪ ،‬وهي ضرورية لفهم القرآن و العمل‬
‫به‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫اإلجماع‬
‫هو اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمة سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم في‬
‫عصر من العصور على حكم شرعي‪ ،‬فإذا اتفق هؤالء العلماء ‪ -‬سواء كانوا في‬
‫عصر الصحابة أو بعدهم ‪ -‬على حكم من األحكام الشرعية كان اتفاقهم هذا إجماعا ً‬
‫وكان العمل بما أجمعوا عليه واجباً‪ .‬ودليل ذلك أن النبي صلى هللا عليه وسلم أخبر‬
‫أن علماء المسلمين ال يجتمعون على ضاللة‪ ،‬فما اتفقوا عليه كان حقاً‪.‬‬
‫روى أحمد في مسنده عن أبي بصرة الغفاري رضي هللا عنه‪ :‬أن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم قال‪ :‬سألتُ هللا عز وجل أن ال يَج َم َع أ َّمتي على ضالل ٍة فأعطانيها ‪.‬‬
‫واإلجماع يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الرجوع إليه‪ ،‬فإذا لم نجد الحكم في‬
‫القرآن‪ ،‬وال في السنة‪ ،‬نظرنا هل أجمع علماء المسلمين عليه‪ ،‬فإن وجدنا ذلك أخذنا‬
‫وعملنا به‪.‬‬
‫مثاله‪ ،‬إجماع الصحابة رضي هللا تعالى عنهم على أن الجد يأخذ سدس التركة مع‬
‫الولد الذكر‪ ،‬عند عدم وجود األب‪.‬‬
‫القياس‬
‫وهو إلحاق أمر ليس فيه حكم شرعي بآخر منصوص على حكمه التحاد العلة‬
‫بينهما‪ .‬وهذا القياس نرجع إليه إذا لم نجد نصا ً على حكم مسألة من المسائل في‬
‫القرآن وال في السنة وال في اإلجماع‪ .‬فالقياس إذا ً في المرتبة الرابعة من حيث‬
‫الرجوع إليه‪.‬‬
‫أركان القياس أربعة‪ :‬أصل مقيس عليه‪ ،‬وفرع مقيس‪ ،‬وحكم األصل المنصوص‬
‫عليه‪ ،‬وعلة تجمع بين األصل والفرع‪.‬‬
‫األدلة المختلف عليها‬
‫االستحسان‬ ‫•‬
‫العرف‬ ‫•‬
‫االستصحاب‬ ‫•‬
‫المصلحة المرسلة‬ ‫•‬
‫سد الذرائع‬ ‫•‬
‫شرع من قبلنا‬ ‫•‬
‫قول الصحابي‬ ‫•‬

‫‪117‬‬
‫الحضارة األمازغية‬ ‫‪.44‬‬
‫تعريف‬
‫االمازيغ هم السكان األصليين لشمال أفريقيا التي عمروها منذ قرون عديدة أو ما يصطلح‬
‫عليه ب"تامازغا"أي بالد االمازيغ و هو جمع مفرده أمازيغ و يعني الحر النبيل ‪ .‬و بسبب‬
‫استقالل لغتهم أو اختالفها عن لغة الرومان فقد سموهم ب"البربر" التي تعني العجمية ‪.‬‬

‫بلدان األمازيغ‬
‫التوزيع الجغرافي لألمازيغ في بلدان شمال إفريقيا عاش األمازيغ في شمال أفريقيا ‪.....‬‬
‫موطنهم األم ‪...‬في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر القديمة إلى جزر الكناري‪،‬‬
‫ومن حدود جنوب البحر األبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي‪.‬‬
‫ولم يعرف أي شعب سكن شمال أفريقيا قبل األمازيغ‪ .‬مع حلول اإلسالم في أفريقيا ودخول‬
‫العرب استعربت اقلية نخبوية من األمازيغ بتبنيها اللغة العربية أو باألحرى اللهجة العربية‬
‫المغاربية ‪ .‬أما أمازيغ جزر الخالدات المقابلة لساحل األطلسي فقد تبنوا اللغة األسبانية غير‬
‫أن الكثير منهم يعتبرون أنفسهم أمازيغا‪.‬‬
‫ينتشر األمازيغ في تامزغا على شكل تكتالت لغوية ‪ /‬قبلية ‪ /‬أو عائلية بالبوادي وأيضا بجميع‬
‫الحواضر الكبرى (الدار البيضاء‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طنجة‪ ،‬باتنة‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬بجاية‪ ،‬غرداية‪،‬‬
‫البويرة‪ ،‬الناظور‪ ،‬الحسيمة‪ ،‬الرباط ‪ )...‬وال تعترف الدول المحتضنة لهم بحقوقهم الثقافية فال‬
‫يسمح لهم باستعمال أسمائهم وال يعترف بلغتهم إال في الجزائر فاألمازيغية هي لغة وطنية‬
‫بموجب الدستور‪ ،‬غير أن األمازيغ أصبحوا أكثر نشاطا من أجل حقوقهم السياسة والثقافية‬
‫واالقتصادية خاصة أمازيغ القبائل والريف وسوس‪ .‬أمازيغ الجزائر تتقسم إلى عدة قبائل‪:‬‬
‫(القبائل الكبرى ‪-‬الشاوية‪ -‬بن مزاب ‪-‬الطوارق ‪ -‬والتبو المعروفون بـ تداد او ابناء الصحراء‬
‫الكبرى ‪).‬‬

‫لغة األمازيغ‬
‫بالعودة إلى تاريخ ابن خلدون‪ ،‬البرابر ينقسمون إلى برانس وبتر‪ .‬وإبان الفتح اإلسالمي كانت‬
‫أوربة من البرانس أقوى قبائل المغرب‪ ،‬فهي التي حاربت مع زعيمها كسيلة المسلمين‪ ،‬وهي‬
‫التي استقبلت إدريس األول وبايعته وكان ملكها من ملك األدارسة‪ .‬هذه القبيلة متواجدة في‬
‫نواح ي مدينة تازة‪ .‬اللغة التي يتكلمها أبناؤها هي العربية وال تعرف لهم لغة أخرى‪ .‬كما أنها‬
‫تنتمي إلى القبيلة التي تحتفظ باإلسم البرانس‪ ،‬والبرانس جميعا يتكلمون األمازيغية‪ ،‬وقبائل‬
‫أخرى كغياتة وهوارة وكتامة وصنهاجة جميعهم يتكلمون األمازيغية أيضا فكيف لنا أن نصدق‬
‫[ان القباشل األمازيغية تتكلم العربية األمازيغ متواجدون شمال أفريقيا منذ قرون عديدة وال‬

‫‪118‬‬
‫يمكن لنا أن نقول [انها بربرية تتكلم العربية ‪ .‬لذلك‪ ،‬عندما يتكلم أحد على األمازيغ عليه أن‬
‫ال ينسى أن يذكر هذه القبائل التي يظن البعض من أنها قبائل عربية والتاريخ ينفي ذلك‪،‬‬
‫و يؤكد أنها قبائل بربرية ‪ .‬يتحدث البتر اللغة األمازيغية‪ ،‬وهي تتفرع إلى تنوعات تختلف‬
‫قليال من منطقة إلى أخرى‪ .‬وهو ما قد يشكل عائقا لتطوير األمازيغية‪ ،‬الشيء الذي يستدعي‬
‫معيرتها وهو ما شرع المعهد الملكي للثقافة األمازيغية في تحقيقه‪ .‬ولكن مما يجدر ذكره هو‬
‫ان الت نوعات (اللهجات) االمازيغية متحدة فيما بينها بشكل كامل في مايخص قواعد اللغة‬
‫والصرف والنحو واالشتقاق‪ .‬وتنحصر االختالفات في المعجم (حيث تستعمل مترادفات لها‬
‫نفس المعنى) وبعض االختالفات الطفيفة في التنغيم والنطق‪ .‬ومن المعروف ان عدم تعليم‬
‫اللغة االمازيغية في الم درسة والجامعة هو الذي يعقد المسالة‪ .‬ويمكن الي امازيغي من الجزائر‬
‫مثال ان يتقن التحدث بأمازيغية شمال المغرب في بضعة اسابيع بسهولة النه ليس بصدد تعلم‬
‫لغة جديدة بل بصدد اغناء لغته االمازيغية بمفردات مترادفة جديدة! ولهذا تطالب الحركات‬
‫الثقافية االمازيغية بتدري س اللغة االمازيغية على جميع المستويات وإدماجها في االدارة‬
‫والقضاء‪.‬‬ ‫واالعالم‬

‫تنتشر اللغة االمازيغية (بتنوعاتها المختلفة ‪ :‬ثاريفيت‪ ،‬تاشلحيت‪ ،‬تاقبايليت‪ )...‬في ‪ 10‬من‬
‫البلدان اإلفريقية أهمها‪:‬‬
‫‪-‬المغرب ‪ :‬حيث يشكل الناطقون باللغة األمازيغية كلغة أم ‪ %30‬من السكان البالغ مجموعهم‬
‫‪ 31‬مليون نسمة‪.‬‬
‫‪-‬الجزائر‪ :‬حيث يشكل الناطقون باللغة األمازيغية كلغة أم ‪ %20‬من السكان البالغ ‪ 33‬مليون‬
‫نسمة‪.‬‬
‫‪-‬ليبيا‪ :‬حيث يشكل الناطقون باللغة األمازيغية كلغة أم ‪ %2‬من السكان البالغ مجموعهم ‪6‬‬
‫مليون نسمة‪.‬‬
‫وفي ليبيا يشكلون اقلية بالغة الصغر أما في البلدان التالية فتقل نسبة الناطقين باألمازيغية كلغة‬
‫أم عن ‪ %5‬تونس‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬مالي‪ ،‬النيجر و بوركينافاسو ومصر‪.‬‬

‫في أوروبا الغربية توجد جالية أمازيغية مغاربية كبيرة ال يقل تعدادها عن المليونين نسمة‪.‬‬
‫وتتميز هذه الجالية بارتباطها القوي بوطنها ثامازغا (شمال أفريقيا) وبتمسكها بهويتها‬
‫األمازيغية‪.‬‬

‫كتابة األمازيـغ‬
‫ابتكر األمازيغ خط التيفيناغ وهو من أقدم األبجديات التي عرفتها اإلنسانية وقد نجح المعهد‬
‫الملكي للثقافة األمازيغية في معيرته‪ .‬وهو الخط الذي تبناه النظام التعليمي في المغرب لتلقين‬
‫األمازيغية‪ .‬تجدر األشارة ألى أن كتابة التيفيناغ بقيت مستعملة بدون انقطاع من طرف‬

‫‪119‬‬
‫الطوارق في حين كتب األمازيغ بكتابات أجنبية غير أمازيغية بعد خضوعهم لألجانب وتأثرهم‬
‫بهم‬

‫تاريخ االمازيغ‬
‫التقويم األمازيغي‬
‫يحتفل العديد من األمازيغ وبعض القبائل المعربة برأس السنة األمازيغية التي توافق اليوم‬
‫الثاني عشر من السنة الميالدية‪ ،‬ويستعمل األمازيغ األسماء الغريغورية مع بعض التحريف‪،‬‬
‫غير أن األمازيغ نسجوا حول تلك األسماء قصصا ميثولوجية وجعلوا منها جزءا من ثقافتهم‪.‬‬

‫يعتقد بعض العامة من األمازيغ أن السنة األمازيغية تبتدئ بعد تمكن زعيمهم شيشنق من هزم‬
‫جيوش الفرعون الذي أراد أن يحتل بلدهم‪ ،‬وحسب األسطورة فأن المعركة قد تمت بالجزائر‬
‫بمدينة تلمسان‪ .‬أما من الناحية التاريخية فأن المؤرخين يعتقدون بأن شيشنق الذي أسس األسرة‬
‫المصرية الثانية والعشرين لم يصل إلى الحكم عن طريق الحرب‪ ،‬بل من خالل ترقيته في‬
‫مناصب الدول ة المصرية الفرعونية‪ ،‬ذلك ألن المصريين القدماء قد إعتمدوا على األمازيغ‬
‫بشكل كبير في جيش دولتهم خاصة منذ عهد األسرة العشرين‪.‬‬
‫يعود أصل شيشنق إلى قبيلة المشوش‪ ,‬وهذه القبيلة هي على األرجح من ليبيا الحالية ويمكن‬
‫مالحظة بعض التشابه الثقافي بين أمازيغ الجزائر والمشوش‪.‬‬
‫يعتقد المؤرخون أن التفسير األمازيغي العامي ليس تاريخيا علميا‪ ،‬فبعض الباحثين يعتقدون‬
‫أن التقويم األمازيغي قد يعود ألى آالف السنين حتى أنه قد يكون أقدم من التقويم الفرعوني‪.‬‬

‫أديان األمازيغ‬
‫تختلف العادات األمازيغية من منطقة وحقبة زمنية ألى أخرى‪ .‬عبد األمازيغ القدماء كغيرهم‬
‫من الشعوب األرباب المختلفة‪ ،‬فبرز من معبوداتهم تانيث وآمون وأطلس وعنتي وبوصيدون‪.‬‬
‫ومن خالل دراسة هذه المعبودات وتتبع أنتشارها في الحضارات البحر األبيض المتوسطية‬
‫يمكن تلمس مدى التأثير الثقافي الذي مارسته الثقافة األمازيغية في الحضارات المتوسطية‪.‬‬
‫ويمكن أعتبار آمون وتانيت نموذجين لهذا التأثير الحضاري‪.‬‬

‫*آمون*‬
‫عبد األغريق آمون األمازيغي‪ ،‬وفي ما بعد شخصوه بكبير آلهتهم زيوس كما شخصه الرومان‬
‫في كبير ألههم جوبيتر وفي ما بعد أحدثوا بينهم وبين آمون تمازجا‪ ،‬كما مزجه البونيقيون‬
‫بكبير آلهتهم بعل‪ .‬باألضافة ألى هذا فقد كان آمون أعظم آلهة مصر وإلى وقت كان يعتقد أن‬

‫‪120‬‬
‫آمون مصري األصل على األرجح غير أنه في ما بعد أصبح يرجح األصل األمازيغي له‬
‫حسب األستاذ غابرييل كامبس‪.‬‬

‫*تانيث*‬
‫تانيث هي ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج‪ ،‬وهي ربة أمازيغية األصل عبدها البونيقيون‬
‫كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير ألههم بعل‪ ،‬كما عبدها المصريون القدماء كأحد‬
‫أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم باسم نيث‪ ،‬ويؤكد أصلها األمازيغي (الليبي) ما أشار أليه‬
‫األستاذ مصطفى بازمة من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة‬
‫أمازيغية استقرت في غرب الدلتا‪ .‬ثم عبدت من طرف اإلغريق حيث عرفت بإسم آثينا بحيث‬
‫أشار كل من هيرودوت وأفالطون أنها نفسها نيث الليبية‪ ،‬وقد سميت أعظم مدينة إغريقية‬
‫إلى هذه الربة األمازيغية أثينا‪ .‬أما تأثير هذه الربة في بالد األمازيغ يتجلى في ما يعتقده‬
‫البعض من أن تونس قد سميت نسب ة إلى هذه الربة تانيث‪ ،‬بحيث أن األسم القديم لتونس كان‬
‫هو تانيس مما جعلهم يعتقدون أن اإلسم مجرد تحريف للثاء إلى السين‪ .‬ويرجح المؤرخون‬
‫أن هذه الربة قد عبدت في تونس الحالية حول بحيرة تريتونيس حيث ولدت وحيث مارس‬
‫األمازيغ طقوسا عسكرية أنثوية تمجيدا لهذه الربة‬
‫إ لى جانب هذه اآللهة عبد األمازيغ أيضا الشمس وهو ما ذكره هيرودوت وابن خلدون كما‬
‫مارسوا العبادة الروحية التي تقوم على تمجيد األجداد كنا أشار إلى ذلك هيرودوت‪.‬‬

‫من خالل نقوشات موجودة في شمال أفريقيا يتبين أن اليهود قد عاشوا في تسامح مع القبائل‬
‫األمازيغية‪ .‬يرجح أن اليهود نزحوا أول األمر مع الفينيقيين إلى شمال إفريقيا ويذكر ابن‬
‫خلدون أن قبائل عديدة من األمازيغ كانت تدين باليهودية قبل الفتح اإلسالمي وبعضها بقي‬
‫على هذا الدين بعد الفتح‪.‬‬
‫آمن األمازيغ أيضا بالديانة المسيحية ودافعوا عنها في محنتها من أمثال توتيلينونس‬
‫وأرنوبيوس‪ ،‬كما برز أوغسطين كأحد أعظم آباء الكنيسة ‪.‬وآمن األمازيغ أيضا بالديانة‬
‫االسالمية وجاهدوا في نشرها حتى أن أول المسلمين الذين فتحوا األندلس كانوا في معظمهم‬
‫أمازيغ بقيادة الشاب األمازيغي طارق ابن زياد‬

‫الطرب األندلسي‬ ‫‪.45‬‬


‫نوع من الموسيقى األندلسية تتميز بالنوبة في إقاعها‪ .‬انتقل إلى المغرب مع أولى الهجرات‬
‫األندلسية بعد سقوط األندلس‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫يمتزج فيها الطابع الديني بالطابع الفني‪ ،‬بعبق التاريخ‪ ،‬ليعطي أنغاما ً خاصة‪ ،‬فقد تعاطى‬
‫لهذا اللون الموسيقي العلماء ورجال التصوف‪ ،‬وكان رواده يجمعون بين الحس الفني‬
‫وا لوقار الذي يستمدونه من وضعيتهم الدينية‪ ،‬ورغم أن رواد هذا الفن اليوم هم فنانون فقط‪،‬‬
‫فإنهم ما زالوا يظهرون في حفالتهم بالزي التقليدي الذي تميز به رجال العلم وعلية القوم‪،‬‬
‫أي الجلباب والطربوش والبلغة‪ ،‬في غالب األحيان‪ ،‬كما أن كلماته مستمدة من قصائد‬
‫شعرية صوفية شهيرة في أغلبها‪ ،‬قبل أن يطعمها روادها بألوان شعرية أخرى تستوحي‬
‫مادتها من الحياة اليومية في المجتمع المغربي‪ ،‬وتمزج بين الموعظة والمزاح‪ ،‬وبين المدح‬
‫والغزل الرقيق‬

‫الفنون الجميلة‬ ‫‪.46‬‬


‫هي أحد وأه ّم أنواع الفنون؛ فالفنون بشكل عام تصف موهبة اإلنسان ومقدرته على التّعبيرعن‬
‫مكنونات نفسه وعقله وتجسيدها‪ ،‬ليترجم بذلك جميع أحاسيسه وخواطره على شكل رسومات‬
‫أو منحوتات أو أشعار أو أعمال يدوية وغيرها الكثير‪ ،‬والفنون الجميلة هي أحد أنواع الفنون‪،‬‬
‫وهي من الفنون المرئية والمرتبطة باإلحساس العالي بالجمال‪ ،‬وتشمل جميع اإلبداعات الفنيّ ِة‬
‫التي تمثّل الجمال واإلبداع؛ فهي تسمو بالخيال لخلق شيءٍ جديد ومختلف مليء بالمعاني؛‬
‫كالرسم‪ ،‬والنحت‪ ،‬والتصوير‪ ،‬وهندسة العمارة والرقص‪ .‬سنأتي هنا إلى شرح بعض أنواع‬
‫الفنون المندرجة تحت مس ّمى الفنون الجميلة‪.‬‬

‫أنواع الفنون الجميلة‬


‫فن الرسم‪ :‬وهو التعبير عن األفكار والمواضيع باستخدام األلوان والخطوط‪ ،‬وهو أحد‬ ‫•‬
‫أهم وأرقى أنواع الفنون الجميلة‪ ،‬والتي تجسد إبداع الفرد وترتقي بإحساس المتلقّي‬
‫تذوقه للفنون‪ ،‬ويستخدم الفنان في هذا النوع من الفنون األلوان‪ ،‬وتشمل األلوان‬‫وتنمي ّ‬
‫الزيتيّة‪ ،‬وألوان الفحم‪ ،‬واأللوان المائية والرصاص‪ ،‬كما ويُطبّق األلوان على مسطحات‬
‫رسم متنوعة منها‪ :‬القماش‪ ،‬والورق‪ ،‬والجدران‪ ،‬والزجاج وغيرها‪ .‬وأنواع الرسم منها‪:‬‬
‫الرسم التشكيلي‪ ،‬والزخرفي‪ ،‬والتجريدي‪ ،‬والهندسي‪ ،‬والقصصي‪.‬‬
‫فن يجسّد األفكار من خالل إنشاء مجسمات وتماثيل ثالثية األبعاد تجسّد‬ ‫فن النحت‪ :‬وهو ٌّ‬ ‫•‬
‫شكل إنسان أو حيوان أو فكره‪ ،‬ويتم نحت مواد مختلفة منها الصخور أو الشمع أو‬
‫فن النحت ليس بالحديث؛ فالعديد من‬ ‫النحاس والذهب أو الجص وغيرها الكثير‪ّ .‬‬
‫الحضارات القديمة مثل الحضارة اليونانية والفرعونية والرومانية خلّدت حضاراتهم عن‬
‫طريق نحت رسومات وعبارات حتّى مدن كاملة في الصخور‪ ،‬والتي أخبرتنا الكثير‬
‫عنهم وعن حضاراتهم العريقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فن التصوير‪ :‬وهو أحد أهم الفنون الجميلة الحديثة‪ ،‬والتي تتمثل في التقاط لحظا ٍ‬
‫ت ُمعيّنة‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫المصور كاميرته اللتقاط‬
‫ّ‬ ‫تشمل مناظر وظواهر طبيعية أو بشر أو حيوانات؛ إذ يستخدم‬
‫وتجسيد لحظات جميلة يعيشها‪ ،‬وبطريقة فنية‪.‬‬
‫هندسة العمارة‪ :‬وهي تشمل إنشاء وتصميم المباني والمدن بطريقة فنية إبداعية تتفاعل‬ ‫•‬
‫وتجسّد روح حضارة معينة‪ ،‬كما تمتدّ لتشمل تصميم المساحات الداخلية للمكان وأثاثه‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫فن العمارة قدي ٌم جدا ً استخدمته الحضارات القديمة؛ فشيّدوا مدنا ً عظيمةً عبروا فيها عن‬
‫روح حضاراتهم‪ ،‬وقد ارتبط هذا الفن كثيرا ً في الحضارات القديمة بفن النحت‪ ،‬فقاموا‬
‫تطور‬
‫تطور الزمان ّ‬‫بنحت الكهوف وشيّدوا بعدها البيوت‪ ،‬وزيّنوها بمنحوتاتهم‪ ،‬ومع ّ‬
‫يدرس ويطبق على الواقع بمدن ضخم ٍة وجميل ٍة من الخارج‬ ‫هذا الفن كثيرا ً وأصبح علما ً ّ‬
‫والداخل‪.‬‬
‫الرقص‪ :‬وهو أسلوب للتعبيرعن المشاعر باستخدام لغة الجسد؛ حيث يربط الجسد‬ ‫•‬
‫اإلنسان بروحه‪ ،‬ويتمثل هذا الفن بأداء حركات تعبيرية بأسلوبٍ متناغم مع الموسيقا‪،‬‬
‫وذلك عن طريق استخدام أطراف الجسم األربعة يعبّر بها عن مشاعره وأحاسيسه‪ .‬هناك‬
‫أنواع كثيرة من الرقص تؤدّى بشكل فردي أو ثنائي أو يؤدّونها مجموعة من‬
‫األشخاص‪ ،‬ومن هذه األنواع‪ :‬رقص الباليه‪ ،‬والتانجو‪ ،‬والسالسا‪ ،‬والشرقي‪ ،‬والتعبيري‬
‫اإليمائي‪.‬‬

‫‪ .47‬مفهوم الفنون السبعة‬

‫كانت الفنون في البداية ستة فقط‪ ،‬وقد صنفها لهذا التصنيف اليونانيون القدماء وهي ‪ :‬العمارة‪،‬‬
‫الموسيقى ‪ ،‬الرسم‪ ،‬النحت‪ ،‬الشعر‪ ،‬الرقص‪ ،‬وبعد ذلك تم إدخال السينما كفن سابع إلى قائمة‬
‫هذه الفنون الستة‪ ،‬وكان أول من أطلق على السينما مطلح الفن السابع هو الناقد اإليطالي‬
‫الفرنسي ريتشيوتو كانودو‪ ،‬والذي ولد في إيطاليا عام ‪ 1879‬م‪ ،‬وانتقل للحياة في باريس في‬
‫مطلع القرن العشرين‪ ،‬وظل فيها طوال حياته حتى مات فيها عام ‪ 1923‬م ‪.‬‬

‫محاوالت جمع الفنون والدافع وراء ذلك‬

‫كانت هناك العديد من المحاوالت لجمع الفنون معا في عمل إبداعي واحد‪ ،‬بداية من العصر‬
‫اإلغريقي الذي كانت فيه محاوالت الفنانين لجمع الفنون ال تنقطع‪ ،‬وقد نجح اإلغريق في‬
‫صناعة أعمال فنية تجمع بين الشعر والغناء والرقص والموسيقى‪ ،‬مع خلفية من لوحات‬
‫ومناظر رسمها الفنانون التشكيليون العظماء في هذا الوقت‪ ،‬وعندما ظهرت السينما‪،‬‬
‫استطاعت أن تجمع بين كل الفنون في عمل متكامل ‪.‬‬

‫كان الهدف من جمع الفنون هو توليد مشاعر خاصة من اجتماع حاستي السمع والبصر على‬
‫حد السواء‪ ،‬فقد قال دكتور بول رامان ” ما من قانون في علم الحياة وفي علم الوظائف‪ ،‬يحول‬

‫‪123‬‬
‫دون أن تتفتح في أعماق ذواتنا مشاعر متماثلة متولدة من حاستي السمع والبصر‪ ،‬إنها مجرد‬
‫مسألة تآلف حسي ” ‪.‬‬

‫أنواع الفنون السبعة‬

‫❖ العمارة‬
‫العمارة هي محاولة خلق وتصميم بيئة داخلية بجانب البيئة العامة التي يعيش فيها اإلنسان‪،‬‬
‫عن طريق بناء وتشييد المباني‪ ،‬وبدأ الفن المعماري بالرسم على جدران الكهوف‪ ،‬ثم‬
‫تطور إلنشاء ب يوت ذات تصاميم هندسية متنوعة‪ ،‬ويرتبط الفن المعماري بأسلوب الحياة‬
‫والعادات والتقاليد في كل منطقة‪ ،‬وقد ظهرت أشكال كثيرة للعمارة منها ‪ :‬العمارة القديمة‪،‬‬
‫والعمارة اإلسالمية‪ ،‬والعمارة اآلسيوية‪ ،‬وعمارة العصور الوسطى‪ ،‬وعمارة عصر‬
‫النهضة‪ ،‬وعمارة الحداثة‪ ،‬وعمارة ما قبل الحداثة‪ ،‬والعمارة المعاصرة الحديثة ‪.‬‬
‫❖ الموسيقى‬
‫يعتقد العلماء أن لفظ الموسيقى هو لفظ يوناني األصل‪ ،‬وقد كانت تعبر سابقا عن الفنون‬
‫عامة‪ ،‬إال أنها بعد ذلك أصبحت تعبر عن األلحان والنغمات فقط‪ ،‬وتستخدم اآلالت‬
‫الموسيقية المختلفة في التعبير عن الكتابات الموسيقية‪ ،‬حيث يصدر كل منها أصوات‬
‫مميزة ومختلفة عن اآلخر‪ ،‬كما أنها تستطيع التعبير عن مشاعر مختلفة دون النطق بأي‬
‫كلمة‪ ،‬فهناك موسيقى تعبر عن الحزن‪ ،‬وأخرى تعبر عن السعادة‪ ،‬وهناك موسيقى تولد‬
‫الحماس وهكذا ‪.‬‬
‫واآلالت الموسيقية أنواع وهي اآلالت الوترية‪ ،‬واآلالت اإليقاعية‪ ،‬وآالت النفخ‪ ،‬كما‬
‫تعددت أنواع الموسيقى مع مرور الوقت ما بين الموسيقى األندلسية‪ ،‬والجاز‪ ،‬والترانس‪،‬‬
‫والكالسيكية‪ ،‬واليابانية‪ ،‬والعربية‪ ،‬والميتال‪ ،‬وموسيقى العصر الجديد‪ ،‬والموسيقى‬
‫اإللكترونية ‪.‬‬
‫❖ الرسم‬
‫الرسم هو التعبير عن األفكار والمشاعر بالخطوط واأللوان‪ ،‬والرسم أنواع فهناك الرسم‬
‫التشكيلي‪ ،‬وهناك الرسم التجريدي‪ ،‬والرسم التخطيطي‪ ،‬والرسم الزخرفي‪ ،‬والرسم‬
‫التنقيطي‪ ،‬والرسم التوضيحي‪ ،‬والرسم الهندسي‪ ،‬والرسم القصصي‪ ،‬والرسم باستخدام‬
‫الحاسب اآللي‪ ،‬وهناك من يستخدم في الرسم األلوان المائية‪ ،‬أو األلوان الزيتية‪ ،‬أو القلم‬
‫الرصاص‪ ،‬أو الفحم وغيرها ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫❖ النحت‬
‫النحت هو فن يهدف إلى خلق مجسمات ثالثية األبعاد‪ ،‬سواء كانت هذه المجسمات إلنسان‬
‫أو لحيوان أو ألي شيء مادي آخر‪ ،‬وقد كان النحت موجود منذ قديم األزل‪ ،‬حيث وجدت‬
‫المجسمات المنحوتة في مختلف الحضارات سواء الفرعونية أو الرومانية أو اليونانية‪،‬‬
‫وتعددت أغراض النحت بين تخليد ذكرى لشخص ما‪ ،‬أو أغراض دينية‪ ،‬أو تاريخية‪،‬‬
‫وغيرها ‪.‬‬
‫❖ الشعر‬
‫الشعر هو ا لتعبير عن األفكار عن طريق كلمات موزونة‪ ،‬لها قافية واحدة‪ ،‬وتكون الجمل‬
‫فيها مقطعة ومتساوية حتى ال يكون هناك أي نشاذ‪ ،‬والشعر أنواع‪ ،‬فهناك شعر المدح‪،‬‬
‫وشعر الذم‪ ،‬وشعر الرثاء‪ ،‬وشعر الغزل‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وتعتمد قوة القصيدة على ذكاء الشاعر‬
‫وثقافته وعلمه ‪.‬‬
‫❖ الرقص‬
‫الرقص هو حركات بواسطة أعضاء الجسم‪ ،‬والتي يعبر فيها الجسد عن مشاعر معينة‬
‫كامنة في النفس‪ ،‬مع التمايل على نغمات موسيقية دون نشاذ‪ ،‬ويستخدم الرقص في التعبير‬
‫عن مختلف المشاعر سواء حزن أو فرح‪ ،‬ونجد في كل حضارة نوع معين من الرقص‬
‫تتميز به‪ ،‬ومن أنواع الرقص ‪ :‬رقصات الصالونات مثل التانجو‪ ،‬والرقصات الالتينية‬
‫مثل السالسا‪ ،‬ورقص الباليه‪ ،‬والرقص الشرقي‪ ،‬والرقص التعبيري‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬
‫❖ السينما‬
‫السينما هي الفن السابع الذي ظهر نحو عام ‪ 1895‬م‪ ،‬وهي عبارة عن تصوير متحرك‪،‬‬
‫يعرض مقاطع تبدأ من ‪ 10‬دقائق إلى ساعتين‪ ،‬وتعرض فيهما قصة معينة أو فكرة لتصل‬
‫إلى عدد كبير من الناس‪ ،‬وأي عمل سينمائي يحتاج إلى ‪ 3‬مكونات رئيسية ‪ :‬نص‪،‬‬
‫وإخراج‪ ،‬وممثلين ‪.‬‬

‫‪ .48‬المسرح‬
‫المسرح هو أبو الفنون وأولها منذ أيام اإلغريق والرومان وقدرته على الموالفة بين عناصر‬
‫فنية متعددة حيث كانت المسارح هي الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني بعد حلبات المصارعين‬
‫والسباقات ‪ .‬اذن المسرح هو بيت من بيوت الفنانين‬

‫نشأة المسرح‬
‫يرجع أصل المسرح في جميع الحضارات إلى االحتفاالت المتصلة بالطقوس الدينية‪ .‬والدليل‬
‫مخطوط لمسرحية دينية مصرية كتبت قبل ‪ 2000‬ق‪.‬م‪ ،‬وتدور حول اآلله أوزوريس وبعثه‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫وقد نشأت الدراما االغريقية‪ -‬وهى االصل في التاليف المسرحي الغربي‪ -‬عن االحتفاالت‬
‫بعبادة االله ديونيسوس ‪ ،‬فكان الناس يضعون أقنعة على وجوههم‪ ،‬يرقصون ويتغنون احتفاال‬
‫بذكراه‪ .‬ويقال أن ثسبس كان أول الذين انفصلوا عن جماعة المحتفلين ليلقى بعض األناشيد‬
‫وحده( ‪ 535‬ق‪.‬م)‪ ،‬وبذلك ظهر أول ممثل‪ .‬وكان مولد المسرح حين اضاف ايسخولوس ممثال‬
‫ثانيا‪ ،‬وقد بلغ المسرح اليوناني أوج مجده في القرن ‪5‬ق‪.‬م‪ .‬وكان سوفوكليس ويوريبيديس‬
‫وايسخولوس هم أكبر كتاب التراجيديا وأريستوفان هو أكبر كاتب كوميديا‪ .‬ولم يصل المسرح‬
‫الروماني إلى مستوى الد راما اليونانية‪ ،‬وان وصل كتاب مثل سينكا في المأساة‪ ،‬وبالوتس‬
‫وتيرنس في الملهاة‪ ،‬وكان لهم تأثير بالغ في الدراما بعد القرن ‪ .16‬ثم تدهور المسرح في‬
‫ظل االمبراطورية الرومانية‪ ،‬وكاد يختفي أمام معارضة الكنيسة‪ .‬وظهر نوع آخر من المسرح‬
‫في العصور الوسطى في أوروبا‪ ،‬نشأ عن الطقوس الدينية‪ ،‬فشاعت مسرحية المعجزات‬
‫ومسرحية األسرار والتي تغيرت تدريجيًا حتى ابتعدت عن الموضوعات الدينية‪ .‬وفي عصر‬
‫النهضة بدات حركة إحياء العلوم والفنون‪.‬‬

‫أنواع المسرح‬
‫وهي جنس أدبي موضوعي أكثر حداثة نسبيا ً من الجنسين المتقدمين كانت أداته الغالبة هي‬
‫الشعر حتى القرن التاسع عشر‪ ،‬وله أنواعه المختلفة التي ربما كان أهمها المأساة أو التراجيديا‬
‫‪ ،‬الملهاة ‪ ،‬والمسرحية الهزلية ‪ ،‬والمسالة (وهي مسرحية قصيرة يغلب عليها الرقص والغناء‬
‫لشغل الجمهور في أثناء العروض الرئيسية أو قبلها)‪ ،‬ومسرحية المعجزات (التي تمثل مشاهد‬
‫من حياة األولياء والقديسين ومآثرهم)‪ ،‬ومسرحية آالم المسيح التي تصور األيام األخيرة من‬
‫حياة ا لمسيح)‪ ،‬ومسرحية األسرار المقدسة ‪( ،‬التي يصدر مؤلفوها فيها عن قصص الكتاب‬
‫المقدس)‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫وثمة فضالً عن هذه األنواع المتصلة أساسا ً بالشكل اليوناني والتي تعدّ تطويرا ً له‪ ،‬أنواع‬
‫أخرى كمسرح النو‪ ،‬والكابوكي اليابانيين‪ ،‬ومسرح خيال الظل التركي والعربي‪ ،‬وشعر‬
‫التعز ية الفارسي وغيرها‪ .‬وعلى الرغم من وجود ظواهر مسرحية عديدة في األدب العربي‬
‫القديم فإن المسرحية في األدب العربي الحديث مستلهمة أساسا ً من التجربة األوربية بعيد‬
‫المواجهة العربية ‪ -‬األوربية في منعطف القرن التاسع عشر أكثر مما هي تطوير لهذه الظواهر‬
‫القديمة‪.‬‬

‫المسرح الحديث‬
‫ظهرت العديد من أشكال المسرح التجريبي المعاصر والتي ثارت على الشكل التقليدي‬
‫للمسرحية ذات البداية والمنتصف والنهاية‪.‬‬

‫بدأ المسرح العربي بالظواهر الدرامية الشعبية التي ظل قسم منها مستمرا ً حتى نهاية القرن‬
‫التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ ،‬أما القسم اآلخر فما زال يقدم حتى اآلن مثل فنون الرقص‬

‫‪126‬‬
‫الغجرية‪ ،‬الكاولية‪ ،‬القراقوز‪ ،‬خيال الظل‪ ،‬السماحة‪ ،‬المقامات‪ ،‬السير الشعبية‪ ،‬أو عاشوراء‬
‫التي كانت سببا لظهور أشكال مسرحية مهمة أخرى مثل‪ :‬األخباري والسماح‪ ،‬حفالت الذكر‪،‬‬
‫المولوية في المشرق العربي ومسرح البساط‪ ،‬صندوق العجائب‪ ،‬المداح‪ ،‬الحكواتي‪ ،‬إسماعيل‬
‫باشا في المغرب العربي‪.‬‬

‫البداية الفعلية للحركة المسرحية العربية في لبنان وسوريا فيمكن تأشير مراحلها باآلتي ‪-:‬‬

‫‪ 1847 .1‬محاولة النقاش مسرحية (البخيل) عن مولير‪.‬‬


‫‪ .2‬الترجمات‪ :‬شبلي مالط‪ :‬مسرحية (الذخيرة) عن الفرنسية ومسرحية (شرف‬
‫العواطف)‪ ،‬أديب إسحاق‪ :‬مسرحية راسين (اندروماك)‪.‬‬
‫‪ .3‬التاريخية ‪ :‬هي مرحلة بعث التاريخ الوطني العربي التي من خاللها كتب (نجيب‬
‫الحداد) مسرحية (حمدان) والتي استمدها من حياة (عبد الرحمن الداخل)‪.‬‬
‫‪ .4‬الواقعية االجتماعية‪ :‬وتمثلت في كتابات جبران خليل جبران الذي كتب مسرحية (ارم‬
‫ذات العماد)‪.‬‬

‫وكان في دمشق قبل االنتداب مقاهي عديدة منها (للحكواتي)‪ ،‬وأخرى (للكراكوز) وثالثة‬
‫(للمصارعة) ورابعة (للسيف والترس) وخامسة (للرقص‬

‫الربع األول من القرن العشرين شهد ميالد نهضة مسرحية واسعة في أغلب أقطار الوطن‬
‫العربي في كل من (السودان ‪( ،)1902-‬تونس –‪( ،)1908‬فلسطين –‪( ،)1917‬البحرين‬
‫–‪( ،)1919‬الجزائر – ‪( ،)1921‬المغرب – ‪(، )1923‬ليبيا ‪( ،)1925،‬الكويت –‬
‫‪ )1938‬و(قطر واألردن – بداية السبعينات‬

‫المسرح الغنائي‬
‫يتميز المسرح الغنائي‪ ،‬بأهمية عنصر الموسيقى‪ ،‬والغناء حيث تشكل أساس هذا المسرح‪،‬‬
‫الذي يعتبره شكل جديدا ً محورا عن األوبرا‪.‬‬

‫مسرح العبث‬
‫يتميز مسرح العبث بأنه نتاج ظروف سياسية وعالمية كبرى أدت بالفالسفة المحدثين إلى‬
‫التفكير في الثوابت‬

‫العبثيون هم مجموعة من األدباء الشباب الذين تأثروا بنتائج الحروب العالمية فرأوا أن جميع‬
‫النتائج التي نجمت عن تلك الحروب هي سلبية ألن خلقت نفسية سيطر عليها انعدام الثقة في‬
‫اآلخرين فكان انعزال اإلنسان األوروبي وفرديته‪ ،‬هذا ناهيكم عن الويالت والدمار المادي‬
‫الذي طال أوروبا كلها‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫لق د كان أول ظهور لهذه المجموعة في فرنسا في الثالثينات من القرن العشرين وحينها قدموا‬
‫نمطا ً جديدا ً من الدراما المتمردة على الواقع‪ ،‬فجددوا في شكل المسرحية ومضمونها‪ .‬بدأ‬
‫مسرح العبث ظهوره في أوائل الخمسينات من القرن العشرين‪ ،‬وبالذات في العام‪1953‬‬
‫عندما طلع علينا الفرنسي الموطن واإليرلندي األصل صاموئيل بيكيت ‪1989-1906‬‬
‫بمسرحية سماها (في انتظار غودو) اتسمت بغموض الفكرة وعدم وجود عقده تقليدية‪ ،‬وانعدام‬
‫الحل لما عرضته المسرحية فكانت رمزية مبهمة للغاية ولوحظ قله عدد المسرحيين الذين‬
‫مثلوها وكان الزمان والمكان محدودين تقريبا ً وتركت المسرحية سؤاالً طالما رواد النقاد‬
‫البحث عن توفي صامئيل بيكيت عام ‪1989‬م تاركا ً وراءه الكثير من الحديث والجدل عن‬
‫غودو‪.‬‬

‫من هو؟ هل سيصل؟ متى سيصل؟ ماذا سيفعل أو يقدم؟ وحتى هذه اللحظة فإن الجدل السائد‬
‫بين النقاد هو أن غودو لن يصل‪ .‬لقد ترك صاموئيل بيكيت خلفه ظاهرة أدبية وفنية مهمة‬
‫ومؤثرة ومثيرة للجدل اسمها العبث أو الالمعقول‪ ،‬وكان رائد هذه الجماعة التي ثارت على‬
‫كل ما هو مألوف سائرة في طريق العبث دون اهتمام بعامل الزمن لم يكن العبثيون في واقع‬
‫أمرهم مدرسة أو جماعة وإنما مجموعة من المفكرين والكتاب غلبت على مشاعرهم‬
‫وأحاسيسهم صفات تشابهت وظهرت في كل كتاباتهم األدبية خاصة في المسرحية منها‪ .‬لقد‬
‫جاء تمرد العبثيين على المدرسة التقليدية العريقة التي أرسى قواعدها أرسطو حينما واضع‬
‫أسس النقد األدبي للمسرحية الجيدة ومحدد عناصر نجاحها في ثالثة هي‪ :‬الزمان والمكان‬
‫والحدث‪ .‬العبثيون بدورهم ضربوا عرض الحائط بأرسطو وكتاباته ومنهجه وكل تاريخ‬
‫المسرح‪ ،‬فتنكروا للعناصر الثالثة المذكورة وقرروا أن تكون كتاباتهم في مكان محدود جدا ً‬
‫كشجرة (مسرحية في انتظار غودو) أو كغرفة (مسرحية الغرفة) أو كرسي (كمسرحية‬
‫الكراسي)‪ ،‬وجعلوا عنصر الزمن غير ذي أهمية تذكر أما العقدة أو الحدث فلم يجعلوا لها‬
‫وجودا ً في مسرحياتهم‪ .‬وإضافة إلى ذلك فقد عادوا بالمسرحية الفصل الواحد والعدد المحدود‬
‫من الشخصيات‪.‬‬

‫أهم ما في مسرح العبث بعيدا ً عن الزمان والمكان والحبكة هو الحوار لكن ذلك الحوار كان‬
‫غامضا ً مبهما ً مبتورا ً تعوزه الموضوعية والترابط والتجانس‪ .‬كل شخوص المسرحية تتحدث‬
‫دون أن يتمكن أحد منهم من فهم اآلخر! وال من توصيل رسالته لآلخر‪ .‬الحوار دائما ً مبتور‬
‫وال تستطيع الشخصيات توصيل رسائلها‪ ،‬وقد بالغ كتاب العبث فجعلوا بعض الشخصيات‬
‫تتكلم ربما كلمة أو كلمتين عند نهاية المسرحية تلخص السخط العام والغضب الشديد‪ ،‬ثم يصل‬
‫بنا هارولد بنتر إلى ما هو أصعب من ذلك فنراه يقدم لنا شخصية األخرس كشخصية رئيسية‬
‫في مسرحية حملت اسمه (النادل األخرس)‪.‬‬

‫تعتبر حركة العبث أو الالمعقول والتي سميت بأكثر من مسمى مثل الكوميديا المظلمة‬
‫وكوميديا المخاطر ومسرح الالتوصيل امتدادا ً لحركات أدبية مختلفة ظهرت لفترات قصيرة‬
‫في بدايات القرن العشرين زمنها على سبيل المثال السريالية‪ ،‬وهي حركة أدبية فنية عبرت‬
‫بقوة عن غضب الشباب من التقاليد السائدة في تلك الفترة‪ ،‬ثم حركة الشباب الغاضب وهي‬

‫‪128‬‬
‫أيضا ً حركة فنية أدبية يدل اسمها على الكثير من طريقة تفكير أصحابها بل ومن أشهر‬
‫مسرحياتهم (أنظر خلفك في غضب) تعبيرا ً عن غضبهم من الحروب العالمية ونتائجها غير‬
‫اإلنسانية‪ .‬لقد ازدهرت هذه الحركات التي عبرت عن مفاهيم ثائرة على القيم الفنية واألدبية‬
‫في القرن العشرين‪ ،‬وكان ظهورها واضحا ً جليا ً بعد الحروب العالمية في محاوله للتعبير‬
‫الصارخ عن التمرد االجتماعي على الحروب الدامية وما فيها من مصائب وما تبعها من‬
‫ويالت وأهوال‪ ،‬وما خلفته من القتلى والجرحى والدمار‪.‬‬

‫ازدهر العبثيون في الخمسينات من القرن العشرين وبدت مسرحياتهم للقاري العادي وكأنها‬
‫بال خطة‪ ،‬وبال هدف‪ ،‬كما أن نهاياتها غير واضحة المعالم وغير محددة وتعطي انطباعا ً أو‬
‫شعورا ً بأن مصير اإلنسانية غير معروف‪ ،‬وال هدف له‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن رائد العبثيين‬
‫صامؤيل بيكيت حاز على جائزة نوبل لآلداب لما قدمه من جديد في عالم األدب‪ ،‬ومن أبرز‬
‫كتاب العبث يوجين يونيسكو البلغاري الذي مثل بيكيت كتب بالفرنسية‪ ،‬وآرثر أداموف‬
‫الروسي‪ ،‬وجان جينيه الفرنسي ثم هارولد بنتر اإلنجليزي ثم هناك زميل ثان تمثل في سمبسون‬
‫اإلنجليزي وادوارد البي األمريكي وتوم ستوبارد اإلنجليزي وهم أصحاب األفكار التي تقرر‬
‫الشكل والمحتوي في المسرحية‪.‬‬

‫من أهم السمات العامة لمسرح العبث قلة عدد شخوص المسرحية التي غالبا ً ما تدور أحداثها‬
‫في مكان ضيق أو محدود جدا ً كغرفة مثالً‪ ،‬وعلى سبيل المثال نرى كل مسرحيات هارولد‬
‫بنتر تدور أحداثها داخل غرفة‪ ،‬والغرفة عادة مظلمة موحشة أو باردة ورطبة ـ ال يشعر من‬
‫يعيش فيها براحة وال باستقرار وال بأمان على اإلطالق ويظل قلقا ً دوما ً والغرفة وفيها يخاف‬
‫من بداخلها من كل شيء خارج فهي مصدر قلق لعدم مالءمتها وفي الوقت نفسه ملجأ حماية‬
‫من مخاطر خارجية محدقة دوماً‪ ،‬ودور المرآة في مسرح العبث يكون دوما ً أقل أهمية من‬
‫دور الرجل وتكون المرآة أكثر كآبة من الرجل لما تعانيه من اضطهاد اجتماعي واضح كما‬
‫ونرى الغرفة في مسرحيات يوجين يونسكو إن كان لها مفهوم آخر فهي تبعث على االطمئنان‬
‫النسبي ألنها ملجأ ضد األخطار الخارجية ووسيلة حماية لشخصيات المسرحية‪ ،‬والضوء‬
‫الخافت أو العتمة والرطوبة العالية من سمات المكان في المسرح العبثي‪ ،‬كما أن اللغة فيها‬
‫تكرار في الموقف الواحد وهذا التراكم الكمي من األسباب يعطي مدلوالت واضحة للخوف‬
‫وعدم الطمأنينة والقلق الدائم‪ ،‬تلك العناصر التي تؤدي إلى غياب التفريق بين الوهم والحقيقة‪،‬‬
‫وتؤدي أيضا ً إلى عدم ثقة الشخصيات في المسرحية ببعضها البعض كما أنها تبين بما ال يدع‬
‫مجاال للشك غياب الحلول الفعلية لمشاكل كثيرة‪ ،‬وعدم القدرة على مواجهة األمر الواقع مع‬
‫حيرة مستمرة وقلق متواصل وخوف متجدد من ماهية المستقبل وكيف سيكون‪.‬‬

‫يعتبر مسرح العبث مهما ً للغاية عند األوروبيون ألنه يعكس واقعهم االجتماعي المؤلم‪ ،‬ومن‬
‫أهم المشكالت التي يعرض لها‪ ،‬معضلة الفردية‪ ،‬فاألوروبي يعيش رغم حضارته المادية‬
‫والتقدم العلمي‪ ،‬إال أنه يعاني من فرديته وانعزاليته نتيجة لعدم قدرته على بناء عالقات إنسانية‬
‫اجتماعية أساسية ورصينة مع اآلخرين‪ .‬على أي حال فما زال هناك من النقاد من يعتقد بأن‬
‫مسرح الالمعقول يتجه نحو حبكة واضحة المعالم‪ ،‬وأنه إذا أريد لهذا المسرح أن يكون شيئاًًً‬

‫‪129‬‬
‫فال بد له من الخروج من دائرة الالشيء متجها نحو مواضيع فنية وسياسية وأدبية واجتماعية‬
‫ودينية أكثر وضوحا ً لكن المهم هنا هو أنه إذا ما غير مسرح العبث توجهاته وشكله ومضمونه‬
‫فان ه سينتهي كفكرة ومضمون ومغزى‪ .‬أهم ما قدمه لنا هذا اللون الجديد من الدراما هو دراسة‬
‫نفسية وفكرية ألوروبا الحديثة وانعزالية اإلنسان فيها‪ ،‬وفشله في بناء عالقات اجتماعية فالمادة‬
‫هناك هي المقياس األول وهي المعيار والمحك‪ ،‬ومع هذا الوجود المادي العنيف تضاءلت قيم‬
‫ا جتماعية وتالشت أخرى‪ .‬في الختام أود أن أسجل حقيقتين أوالهما أنه لم يبق من العبثيين‬
‫سوى هارولد بنتر الذي لم يضف أي عمل مسرحي منذ سنوات وتفرغ لكتابة المقال‪ ،‬وثانيتهما‬
‫أن بدايات القرن الحادي والعشرين شهدت تقيما ً للنتاج المسرحي في القرن الماضي فاعتبر‬
‫النقاد مسر حية صاموئيل بيكيت (في انتظار غودو) أفضل مسرحية كتبت في القرن العشرين‪.‬‬

‫االتحاد األفريقي‬ ‫‪.49‬‬


‫(اختصارا ً ‪ AU‬في اللغة اإلنجليزية‪ ،‬و‪ UA‬في اللغات الرسمية األخرى) هو منظمة دولية‬
‫تتألف من ‪ 55‬دولة أفريقية‪ .‬تأسس االتحاد في ‪ 9‬يوليو ‪ ،2002‬متشكالً خلفا ً لمنظمة الوحدة‬
‫األفريقية‪ .‬تُتّخذ أهم قرارات االتحاد في اجتماع نصف سنوي لرؤساء الدول وممثلي حكومات‬
‫الدول األعضاء من خالل ما يسمى بالجمعية العامة لالتحاد األفريقي‪ .‬يقع مقر األمانة العامة‬
‫ولجنة االتحاد األفريقي في أديس أبابا‪ ،‬أثيوبيا‪ .‬في اجتماع الجمعية العامة لالتحاد في فبراير‬
‫‪ 2009‬الذي رأسه الزعيم الليبي معمر القذافي‪ ،‬أعلن عن حل لجنة االتحاد األفريقي وإنشاء‬
‫سلطة االتحاد األفريقي‪.‬‬

‫نبذة عامة‬
‫من بين أهداف مؤسسات االتحاد األفريقي األساسية تسريع وتسهيل االندماج السياسي‬
‫واالجتماعي واالقتصادي للقارة‪ ،‬وذلك لتعزيز مواقف أفريقيا المشتركة بشأن القضايا التي‬
‫تهم القارة وشعوبها‪ ،‬تحقيقا ً للسالم واألمن؛ ومساندة ً للديموقراطية وحقوق اإلنسان‪ .‬يتكون‬
‫االتحاد األفريقي من جزئين أحدهما سياسي واألخر إداري‪ .‬ويعرف أكبر صانع للقرارات في‬
‫االتحاد األفريقي بالجمعية العامة‪ ،‬التي تتألف من رؤساء دول األعضاء أو ممثلي حكوماتها‪.‬‬
‫يرأس حاليا ً الجمعية العامة رئيس مالوي بينغو وموثاريكا‪ ،‬الذي تم انتخابه في االجتماع‬
‫نصف السنوي الرابع عشر للجمعية العامة في يناير ‪ .2010‬لدى االتحاد األفريقي هيئة‬
‫تمثيلية‪ ،‬أيضاً‪ ،‬فيما يعرف بالبرلمان األفريقي (برلمان عموم أفريقيا)؛ الذي يتألف من ‪265‬‬
‫عضوا ً ينتخبون من قبل البرلمانات الوطنية لدول األعضاء والذي يرأسه إدريس موسى‪ .‬يوجد‬
‫أيضا ً لدى االتحاد األفريقي مؤسسات سياسية أخرى‪ ،‬مثل المجلس التنفيذي والذي يضم وزراء‬
‫خارجية الدول األعضاء‪ ،‬ومن المهام الرئيسية للمجلس تهئية القرارات لتمريرها للجمعية‬
‫العامة والهيئة التمثيلية لالتحاد التي تضم سفراء الدول األعضاء في أديس أبابا‪ .‬يوجد أيضا ً‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والثقافي (‪ )ECOSOCC‬والذي يهتم بالناحية المدنية‬
‫للدول‪ .‬ويرأس الغابوني جان بينغ لجنة االتحاد األفريقي حالياً؛ القائمة ألعمال الهيكلة السياسية‬
‫في االتحاد‪ .‬وتعتبر مدينة أديس أبابا في إثيوبيا هي العاصمة اإلدارية والرئيسية لالتحاد‬

‫‪130‬‬
‫األفريقي‪ ،‬حيث يقع فيها المقر الرئيسي للجنة االتحاد األفريقي‪ .‬ويستضيف عددا ً آخر من‬
‫أعضاء المجلس العديد من الهياكل األخرى‪ ،‬فعلى سبيل المثال بانجول‪ ،‬يوجد بها المقر‬
‫الرئيسي للجنة األفريقية لحقوق اإلنسان وحقوق الشعوب‪ .‬وغامبيا التي تستضيف أمانتي آلية‬
‫مراجعة النظراء األفريقية والشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا‪ .‬فضالً عن البرلمان‬
‫األفريقي والذي يقع في مدينة ميدراند الجنوب أفريقية‪ .‬قام االتحاد األفريقي بأول تدخل‬
‫عسكري له في دولة عضو في مايو ‪ ،2003‬حيث نشر قوة لحفظ السالم هي (بعثة اإلتحاد‬
‫األفريقي في بوروندي) من جنوب أفريقيا وإثيوبيا وموزمبيق في بوروندي لإلشراف على‬
‫تنفيذ العديد من االتفاقات العسكرية المختلفة هناك‪ .‬كما نشر أيضا ً االتحاد قوات لحفظ السالم‬
‫في السودان في صراع دارفور‪ ،‬وذلك قبل تسلم األمم المتحدة تلك المهمة في ‪ 1‬يناير ‪.2008‬‬
‫أيضاً‪ ،‬قام االتحاد بنشر قوات حفظ سالم من أوغندا وبوروندي في الصومال‪.‬‬

‫اعتمد االتحاد األفريقي عددا ً من الوثائق الهامة والتي ترسي معايير جديدة على صعيد القارة‬
‫السوداء‪ ،‬وذلك لتكملة الوثائق المعمول بها بالفعل عند إنشائها‪ .‬وتشمل اتفاقية االتحاد األفريقي‬
‫لمنع ومكافحة الفساد (‪ )2003‬والميثاق األفريقي للديمقراطية واالنتخابات والحكم (‪،)2007‬‬
‫فضال عن الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (‪ )NEPAD‬وما يرتبط بها من اإلعالن‬
‫حول الديمقراطية والسياسية واالقتصاد وحوكمة الشركات‪.‬‬

‫إيقاف العضوية وإعادتها‬


‫المغرب انسحب من الساحة األفريقية من منظمة الوحدة األفريقية سلف االتحاد األفريقي‪.‬‬ ‫•‬
‫في عام ‪ ،1984‬إثر حصول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دعم وتأييد عددا ً‬
‫من األعضاء للحصول على عضوية المنظمة‪ .‬وقامت حليف المغرب‪ ،‬زائير بمقاطعة‬
‫المنظمة لقبول عضوية الجمهورية الصحراوية من ‪ 1984‬إلى ‪ ،1986‬وكان ذلك خالل‬
‫رئاسة موبوتو سيسيسيكو‪.‬‬
‫غينيا—علقت بعد انقالب عام ‪2008‬‬ ‫•‬
‫مدغشقر—علقت بعد األزمة السياسة في مدغشقر عام ‪.2009‬‬ ‫•‬
‫إريتريا—انسحبت بعد أن دعا االتحاد األفريقي واألمم المتحدة مجلس األمن لفرض‬ ‫•‬
‫عقوبات عليها بعد اتهامها بدعم اإلسالميين الصوماليين‪.‬‬
‫جمهورية أفريقيا الوسطى—علقت بعد اندالع حرب أفريقيا الوسطى بين حكومة جمهورية‬ ‫•‬
‫أفريقيا الوسطى وجماعة السيليكا‪.‬‬
‫علّقت في ‪ 5‬يوليو ‪ 2013‬نتيجة انقالب ‪2013‬‬ ‫مصر (يوليو ‪ -2013‬يونيو ‪ُ :)2014‬‬ ‫•‬
‫في مصر الذي أدى لإلطاحة برئيس البالد حينها محمد مرسي‪ .‬وبعد انتخابات الرئاسة‬
‫المصرية في ‪ 2014‬تمت عودة العضوية لمصر‪.‬‬

‫انضمام المغرب لالتحاد‬

‫‪131‬‬
‫أعلن ملك المغرب محمد السادس يوم ‪ 17‬يوليو ‪ 2016‬بأن الرباط قررت العودة إلى االتحاد‬
‫األفريقي بعدما انسحبت منه سلفه منظمة الوحدة األفريقية في ‪ 1984‬احتجاجا على قبول‬
‫انضمام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ممثلة ب"جبهة البوليزاريو"‪ .‬التي تطالب‬
‫بإستقالل الصحراء الغربية عن المغرب‪ .‬وقال الملك محمد السادس في رسالة إلى القمة ‪27‬‬
‫لالتحاد األفريقي التي انعقدت في العاصمة الرواندية كيغالي بإن "المغرب يتجه اليوم‪ ،‬بكل‬
‫عزم ووضوح‪ ،‬نحو العودة إلى كنف عائلته المؤسسية‪ ،‬ومواصلة تحمل مسؤولياته بحماس‬
‫أكبر وبكل االقتناع"‪ .‬غير أن القمة انتهت من دون صدور أي قرار حول موضوع عودة‬
‫المغرب‪.‬‬

‫ليعود المغرب رسميا لالتحاد في قمة أديس أبابا بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪ ،2017‬بعد تأييد ‪ 40‬دولة‬
‫لعودته‪ .‬بعدما صادق البرلمان المغربي على ميثاق االتحاد األفريقي‪.‬‬

‫منظمات االتحاد األفريقي‬


‫• الهيئات السياسية‬
‫لدى االتحاد األفريقي العديد من المؤسسات والهيئات الرسمية‪.‬‬

‫البرلمان األفريقي (برلمان عموم أفريقيا)‬


‫وهو أعلى سلطة تشريعية في االتحاد األفريقي‪ .‬يقع مقره الرسمي في مدينة ميدراند‪،‬‬
‫جنوب أفريقيا‪ .‬وهو برلمان يتألف من ‪ 265‬ممثال منتخبا من جميع الدول ال ‪53‬‬
‫لالتحاد األفريقي (‪ 52‬عضو باإلضافة للمغرب)‪ ،‬يهدف إلى توفير مشاركة للشعب‬
‫والمجتمع المدني في عمليات الحكم الديمقراطي‪ .‬ويرأس دورتة الحالية التشادي‬
‫إدريس موسى‪.‬‬
‫الجمعية العامة لالتحاد األفريقي‬
‫ويتألف من رؤساء الدول األعضاء وحكوماتها‪ ،‬وهي ‪-‬حاليا ً‪ -‬الهيئة الرئاسية العليا‬
‫لالتحاد األفريقي‪ .‬وتقوم تدريجيا ً بتفويض بعض من صالحيات صنع القرار للبرلمان‬
‫األفريقي‪ .‬وتعقد مرة سنويا ً ويتم إتخاذ القرارات باإلجماع أو بأغلبية الثلثين‪.‬كان الزعيم‬
‫الليبي السابق معمر القذافي يراس الجمعية‪.‬‬
‫مفوضية االتحاد األفريقي‬
‫{{مفصلة‪:‬مفوضية االتحاد األفريقي}}‬
‫هي لجنة تقوم بدور األمانة العامة لالتحاد األفريقي‪ ،‬مؤلفةً من عشرة مفوضيين‬
‫وموظفوا دعم‪ .‬ويقع مقرها الرئيسي في أديس أبابا‪ .‬بطريقة مماثلة لنظيرتها األوروبية‬
‫المفوضية األوروبية‪ ،‬يقع على عاتقها مسؤولية اإلدارة وتنسيق أولويات مهام االتحاد‪.‬‬
‫المجلس التنفيذي‬
‫يتألف من وزراء معينون من قبل حكومات الدول األعضاء‪ .‬ويهتم بشئون مثل التجارة‬
‫الخارجية‪ ،‬والضمان االجتم اعي‪ ،‬واألغذية والزراعة واالتصاالت‪ ،‬ويكون مسؤوال‬

‫‪132‬‬
‫أمام الجمعية العامة‪ ،‬حيث يقوم بإعداد مواد وقرارات للجمعية العامة لمناقشة‬
‫والموافقة‪.‬‬

‫• الهيئات القضائية‬
‫محكمة العدل األفريقية‬

‫تم اعتماد بروتوكول إلنشاء محمكة العدل األفريقية في ‪ .2003‬والتي ينص قانونها التأسيسي‬
‫على البت في الخالفات الحاصلة حول تفسير األعضاء لمعاهدات االتحاد األفريقي‪ .‬ومن‬
‫المرجح أن يحل محل هذا البروتوكول بروتوكول إلنشاء محكمة العدل وحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫والتي تتضمن محكمة العدل األفريقية واإلنسان وحقوق الشعوب الموجودة حالياً‪ ،‬والمتضمنة‬
‫شق قضائي للمسائل القانونية وآخر ألحكام معاهدات حقوق اإلنسان‪ .‬مشروع البروتوكول‬ ‫ٌ‬
‫هذا ما زال قيد المناقشة منذ عدة سنوات‪ ،‬غير أنه لم يعتمد حتى اآلن‪.‬‬

‫المفوضية األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬

‫وقد أنشئت عام ‪ 1986‬بموجب الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب بدال من القانون‬
‫التأسيسي لالتحاد األفريقي‪ .‬وقع على عاتق تلك اللجنة منذ إنشائها مسؤولية رصد وتعزيز‬
‫امتثال األعضاء للميثاق األفريقي‪ ،‬حيث تعتبر الذراع األفريقي الرئيسي لشئون حقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وعمالً على تدعيم عمل اللجنة‪ ،‬أنشئ االتحاد األفريقي عام ‪ 2006‬المحكمة األفريقية‬
‫لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬بعد أن نص الميثاق األفريقي على إنشائها‪ .‬ومن المقرر أن يتم‬
‫دمج المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان وحقوق الشعوب مع محكمة العدل اإلفريقية‪.‬‬

‫المفوضية األفريقية للقانون الدولي‬

‫• الهيئات االقتصادية والمالية‬


‫البنك المركزي األفريقي (أبوجا‪ ،‬نيجيريا)‪.‬‬ ‫•‬
‫البنك األفريقي لالستثمار (طرابلس‪ ،‬ليبيا)‪.‬‬ ‫•‬
‫صندوق النقد األفريقي (ياوندي‪ ،‬الكاميرون)‪.‬‬ ‫•‬

‫ولكن حتى اآلن‪ ،‬لم ينشأ أيا من هذه المؤسسات‪ .‬بالرغم من أن اللجان التوجيهية للعمل على‬
‫تأسيسها قد شكلت‪ .‬ويهدف االتحاد األفريقي لتوحيد عملة واحدة (األفرو) وذلك بحلول عام‬
‫‪.2028‬‬

‫• الهيئات األخرى‬
‫مجلس السالم واألمن األفريقي‬

‫‪133‬‬
‫تم اقتراحه في مؤتمر قمة لوساكا عام ‪ 2001‬وتأسس عام ‪ 2004‬بموجب بروتوكول القانون‬
‫التأسيسي الذي إعتمدته الجمعية العامة لالتحاد األفريقي في يوليو ‪ .2002‬ويعرف‬
‫البروتوكول المجلس على أنه المحقق لألمن الجماعي للشعوب‪ ،‬والباعث لإلنذارات المبكرة‬
‫في الوقت ا لفعال والمناسب لألزمات والصراعات على أرض أفريقيا‪ .‬ويسند البروتوكول‬
‫مسؤوليات إخرى إلى المجلس‪ ،‬تشتمل منع وإدارة وتسوية الصراعات‪ ،‬وضع سياسيات للدفاع‬
‫المشترك‪ ،‬وإعادة بناء وتأسيس السالم بعد انتهاء الصراعات‪ .‬يضم مجلس السلم واألمن خمسة‬
‫عشر عضوا ً ينتخبون على أساس إقليمي من قبل الجمعية العامة‪ .‬ويتشابة عمل وغرض‬
‫المجلس مع مجلس األمن في األمم المتحدة‪.‬‬

‫الممثلين الدائمين للجنة االتحاد األفريقي‬


‫وهم ممثلي المرشحون الدائمون للدول األعضاء‪ ،‬ويقومون بإعداد المهام للمجلس‬
‫التفيذي قبل تحويلها بدوره إلى الجمعية العامة‪.‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والثقافي‬

‫هيئة استشارية تتألف من ممثلين مهنيون ومدنيون‪ .‬إنت ُ ِخب المحامي الكاميروني أكيري مونا‬
‫عام ‪ 2008‬رئيسا ً للمجلس االقتصادي واالجتماعي الثقافي‬

‫اللجان الفنية المتخصصة‬

‫توجب كالً من معاهدة أبوجا والقانون التأسيس للجان الفنية المتخصصة أن تضم وزراء‬
‫أفارقة من أجل تقديم المشورة للجمعية العامة لالتحاد األفريقي‪ .‬ولكن عملياً‪ ،‬لم تقم أيا ً من‬
‫تلك اللجان حتى اآلن‪ .‬بالنسبة للمواضيع العشرة المقترحة‪ ،‬فهي على النحو التالي‪ :‬االقتصاد‬
‫الريفي والمسائل الزراعية؛ الشؤون النقدية والمالية‪ ،‬التجارة‪ ،‬الجمارك‪ ،‬الهجرة؛ الصناعة‬
‫والعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬الطاقة والموارد الطبيعية‪ ،‬البيئة‪ ،‬النقل‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬السياحة‪ ،‬الصحة‪،‬‬
‫العمل‪ ،‬الشؤون االجتماعية‪ ،‬التربية والثقافة‪ ،‬والموارد البشرية‪.‬‬

‫المفوضية األفريقية للطاقة‬

‫‪ .50‬مجلس التعاون الخليجي‬


‫مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو كما يعرف باسم مجلس التعاون الخليجي هو منظمة‬
‫إقليمية سياسية و إقتصادية عربية مكونة من ست دول أعضاء تطل على الخليج العربي هي‬
‫السعودية وعمان واإلمارات والكويت وقطر والبحرين‪ .‬تأسس المجلس في ‪ 25‬مايو ‪1981‬م‬
‫باإلجتماع المنعقد في الرياض المملكة العربية السعودية وكان الشيخ جابر األحمد الصباح‬
‫صاحب فكرة إنشائه‪ .‬يتولى األمانة العامة للمجلس حاليًا عبد اللطيف بن راشد الزياني‪ .‬ويتخذ‬
‫المجلس من الرياض مقرا ً له‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫جميع الدول األعضاء في مجلس التعاون الخليجي هي دول ملكية‪ ،‬ثالث دول نظام حكمها‬
‫ملكي دستوري وهي قطر والكويت والبحرين‪ ،‬ودولة نظام حكمها ملكي مطلق وهي المملكة‬
‫العربية السعودية ودولة نظام حكمها سلطاني وراثي وهي سلطنة عمان ودولة نظام حكمها‬
‫إتحادي رئاسي وهي دولة اإلمارات العربية المتحدة وهي عبارة عن سبع إمارات كل إمارة‬
‫لها حاكمها الخاص‪ .‬في عام ‪2011‬م إقترح الملك عبدهللا بن عبدالعزيز ال سعود في القمة‬
‫الخليجية الثانية والثالثين تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي و التنسيق فيما‬
‫بينها سياسيا ً وعسكريا ً وإقتصادياً‪ .‬وتم رفض الفكرة من قبل سلطنة عمان‪.‬‬

‫تعد كل من جمهورية العراق باعتباره دولة عربية مطلة على الخليج العربي والجمهورية‬
‫اليمنية باعتبارها االمتداد االستراتيجي لدول مجلس التعاون دوالً مرشحة للحصول على‬
‫عضوية المجلس الكاملة حيث يمتلك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس‬
‫كالرياضية والصحية والثقافية‪ .‬بعد إنتهاء العملية العسكرية التى عرفت بعاصفة الحزم التي‬
‫قادتها السعودية في اليمن‪ ،‬طلب الرئيس اليمني هادي انضمام اليمن إلى مجلس التعاون‬
‫الخليجي و دخول قوات درع الجزيرة إلى اليمن إلستعادة األراضي التي سيطر عليها الحوثيين‬
‫وأنصار على عبدهللا صالح‪ .‬رحبت دول الخليج بفكرة انضمام األردن والمغرب إلى مجلس‬
‫التعاون‪ ،‬و عبر األمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني للصحفيين في مؤتمر صحفي‬
‫أن "قادة دول مجلس التعاون الخليجي يرحبون بطلب المملكة االردنية الهاشمية االنضمام إلى‬
‫المجلس وكلفوا وزراء الخارجية دعوة وزير خارجية األردن للدخول في مفاوضات الستكمال‬
‫االجراءات الالزمة لذلك"‪ ،‬وأضاف "بناء على اتصال مع المملكة المغربية ودعوتها لالنضمام‬
‫فقد فوض المجلس األعلى وزراء الخارجية دعوة وزير خارجية المملكة للدخول في‬
‫مفاوضات الستكمال االجراءات الالزمة لذلك"‪ ،‬وقد أصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانا‬
‫رحبت فيه بدعوة دول مجلس التعاون وقالت إن السلطات المغربية "مستعدة إلجراء مشاورات‬
‫من أجل تحديد إطار تعاون أمثل" مع دول مجلس التعاون الخليجي‪ .‬واكد البيان تمسك المغرب‬
‫ب"بناء اتحاد المغرب العربي الذي هو خيار استراتيجي أساسي لألمة المغاربية لكن البلدين‬
‫لم ينضما بعد‪.‬‬

‫تاريخ المغرب‬ ‫‪.51‬‬


‫العصر الحجري األسفل‬
‫تم التعرف على أقدم آثار لإلنسان في المغرب بمقلع طوما ‪ 1‬بالدار البيضاء ‪ ،‬و هي تعود‬
‫إلى حوالي مليون سنة ‪ .‬و قد أكتشفت بقايا مماثلة بالعديد من المواقع المغربية المجاورة‬
‫كموقع أهل الغالم بسيدي مومن و هو ما يؤيد وجود اإلنسان بالمغرب منذ العصر الحجري‬
‫األسفل‪ .‬وقد وجدت بهاته المواقع عدة أدوات حجرية أشولينية ‪ ،‬أغلبها فؤوس يدوية تعرف‬
‫بذات الوجهين‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫بيد أن اإلنسان لم يبتعد كثيرا عن مصادر المياه في هاته الفترة ‪ ،‬حيث تمركزت أغلب المواقع‬
‫ااألشولينية التي تم إكتشافها في المناطق التي عرفت بوجوده ‪ .‬حيث عثر على على أغلب‬
‫األدوات التي تعود لهذا العصر في المصاطب النهرية لوادي مرتيل بتطوان وفوق بعض‬
‫هضاب سيدي منصور قرب السعيدية وكذا عدة آثار بمنطقة السمارة و الساقية الحمراء و‬
‫طانطان‪ ،‬أشهرهم " زهرة طان طان "‬

‫العصر الحجري األوسط‬


‫بالنظر إلي ندرة المواقع األثرية التي تعود إلى هذا العصر‪ ،‬فمن الصعب تحديد البدايات‬
‫األولى له في المغرب ‪ .‬وحسب أغلبية الباحثين فهذا العصر ينقسم إلى حضارتين ‪ :‬الحضارة‬
‫الموستيرية و الحضارة العاترية‪.‬‬

‫الحضارة الموستيرية‬
‫ترجع المعطيات التاريخية المتوفرة ظهور الحضارة الموستيرية بالمغرب إلى حوالي ‪300‬‬
‫ألف سنة قبل الحاضر على األقل ‪ ،‬و قد وجدت أقدم آثارها بجبل ايغود ‪ ،‬و آخر ظهور لهم‬
‫كان قبل ‪ 80‬ألف سنة في مغارة الغفص بنواحي وجدة ‪ .‬و يرجع إختفائهم إلى التغير‬
‫المناخي الذي طرى على المغرب ‪ ،‬حيث كان قبل ‪ 300‬ألف سنة أكثر رطوبة و أشد حرارة‬
‫‪ ،‬و كان الوسط الطبيعي يتميز بوجود غطاء نباتي يغلب عليه الزيتون البري و شجر الخروب‬
‫‪ ،‬ثم أصبح حوالي ‪ 90‬ألف سنة قبل الحاضر أكتر قحولة و أشد برود خصوصا مع بداية‬
‫تشكل ما يسمى الصحراء الكبرى ‪.‬و تميزت هاته الفترة بالتطور الحاصل في األدوات التي‬
‫يستعملها اإلنسان خصوصا في شمال أفريقيا ‪.‬‬

‫الحضارة العاتيرية‬
‫على عكس الموستريون فقد شغلت الحضارة العاترية مساحات جغرافية واسعة بالمغرب و‬
‫قد تم العثور على أغلب البقايا العظمية التي تنتسب إلى هاته الحضارة في الواجهة األطلنطية‬
‫لوسط المغرب ما بين الرباط و تمارة في مواقع ككهف دار السلطان ‪ ، 2‬مغارة المهربين ‪،‬‬
‫ومغارة الهرهورة ‪.‬‬

‫تخصص العاترييون في صيد الغزالن بدليل ما عثر عليه من عظامها المتعددة في المواقع‬
‫التي خلفوها و قد مكنتهم صناعة و إستعمال األدوات ذات السويقات مثل السهام و الرماح من‬
‫إصابة الهدف من بعيد‪ .‬وقد عثر أيضا على بقايا لحيوانات ضخمة كالثور البدائي و الجاموس‬
‫والحصان في مواقعهم‪ .‬وقد ساهم هذا في قدرتهم على التكيف مع الظروف المناخية الجديدة‬
‫التي حلت بمنطقتهم وكانت سببا في اندثار الحضارة الموستيرية‪.‬‬

‫العصر الحجري األعلى‬

‫‪136‬‬
‫تعود بداية العصر الحجري القديم األعلي في المغرب إلى حوالي ‪ 22‬ألف سنة قبل اآلن كما‬
‫تم تسجيل ذلك بموقع كهف الحمام بتافوغالت و قد عرف المغرب في هذا العصر نموا سكانيا‬
‫ملحوظا ‪ ،‬وقد يشهد على ذلك عدد القبور التي تعود لهاته الفترة و التي وجدت في بعض‬
‫المواقع بعضها تضم أكثر من مئة رفات بشري خصوصا بكهف الحمام بتافوغالت ‪.‬و قد‬
‫طغت الحضارة اإليبيروموريسية على هاته الفترة حيث تميزو بعدة ابداعات في المستوى‬
‫التنظيمي و الفني و الثقافي ‪ .‬بيد أن أهم ما يميزهم هو أدواتهم ‪ ،‬أذ كانت غاية في التخصص‬
‫سواء في تقطيع اللحوم و بشر الجلود أو معالجتها ‪ .‬كما تمكنوا من معالجة العظام وصنع‬
‫مخارز و شبه معالق و كذا أسنة الرماح إنطالقا من العظام‪.‬‬

‫عصر المعادن‬
‫يرجع هذا العصر إلى حوالي ‪ 3000‬سنة ق‪.‬م وأهم مميزاته استعمال معدني النحاس ثم‬
‫البرونز وأهم خصائصه ما يعرف بالحضارة الجرسية ثم حضارة عصر البرونز‪.‬‬

‫العصر الكالسيكي‬
‫• الفترة الفينيقية‬

‫ترجع النصوص القديمة توافد الفينيقيين إلى نهاية القرن الثاني عشر ما قبل الميالد ‪ .‬و قد‬
‫شكل التوسع الفينيقي في منطقة البحر األبيض المتوسط حدثا بارزا في تاريخ هاته المنطقة ‪.‬‬
‫و من بين أهم المراجع التي وثقت لوجود الفينيقيين بالمغرب هي الرحلة البحرية المعزوزة‬
‫إل ى سوكالس و التي دونت في القرن الرابع قبل الميالد ‪ .‬وقد ذكرت هاته الرحلة مدينتين‬
‫مغربيتين باإلسم هما لكسوس الواقعة بالقرب من مدينة العرائش و ثومياتيرا الواقعة على نهر‬
‫سبو ‪ .‬و وفق رحالت هذا البحار فلم يوجد آنذاك أي مساكن على الساحل الذي يمتد ما بين‬
‫وادي سبو و الصويرة غير معبد خصص لبوسيدون ‪.‬‬

‫تتجلى أهمية لكسوس كمؤسسة تجارية فينيقية في تردد اسمها في النصوص القديمة واألساطير‬
‫المقترنة بها حيث كان يعتقد أنه بقربها اختلس هرقل التفاح الذهبي‪ .‬و إن هذا دل على شيء‬
‫فإنه يدل على المكانة التجارية التي كانت تحتلها المدينة آنذاك و كيف أن المغرب كان من‬
‫ذلك العهد بوابة تجارية له مركز مهم في التجارة المتوسطية ‪.‬‬

‫لم يكن الحضور الفينيقي مقتصرا على الواجهة األطلنطية للمغرب ‪ ،‬فعلى الرغم من أن أهم‬
‫المواقع المكتشفة حتى اآلن كانت في الواجهة األطلنطية ‪ ،‬إال أنه مؤخرا تم إكتشاف مواقع‬
‫أخرى متوسطية تعود للفينيقيين كموقع روش أدير بالحسيمة و قشقوش بمنطقة واد الو ‪ .‬أما‬
‫مدينة بونتيون و التي تحدد موقعها الرحلة المنسوبة إلى سكوالكس و التي تمر بخليج بين‬
‫جبلين ‪ ،‬فيتفق أغلب الباحثين أنه قصد بها مدينة طنجة‬

‫• الفترة البونيقية‬

‫‪137‬‬
‫حسب المخطوط المحفوظ في هايدلبرغ و الذي يعود إلي القرن التاسع الميالدي ‪ ،‬فقد إنطلق‬
‫حانون القرطاجي في حملة إلستكشاف سواحل المغرب األطلسية و قد قام على أثر هاته‬
‫الحملة بتأسيس عدة مراكز فيما وراء نهر لكسوس و هي ثومياتريون و كاركون تيكوس و‬
‫كوتي و ارمبوس ‪ .‬غير أن هاته المستوطنات لم يتم الحسم في مواقعها الى اآلن ‪.‬‬

‫و باإلستناد إلي المعطيات األثرية فيظهر جليا أن المغرب قد عرف ابتداءا من القرن السادس‬
‫مسلسل من التغيرات أفضي إلي إحداث مؤسسات سوسيو اقتصادية جديدة وبدأت ساكنته تميل‬
‫نوعا ما إلى االستقرار والزراعة ‪ .‬فقد بدأت تظهر تجمعات سكنية جديدة كإمسا و و تنكي و‬
‫قواس و زيليل ‪ .‬و كانت كل هاته المراكز على الرغم من خصوصيات قد تميز بعضها عن‬
‫بعض ‪ ،‬تتقاسم عناصر الثقافة البونيقية‪.‬‬

‫و قد تمكنت هاته المجتمعات من تقنيات تربية الماشية ‪ ،‬فالعظام التي وجدت في عديد من‬
‫المواقع و التي تعود لهذا العصر ‪ ،‬تشهد بوجود األغنام و الماعز و البقر و الخنزير ‪ .‬و‬
‫استجابة للحاجات اليومية والثقافية ‪ ،‬فقد عرف اإلنتاج الخزرفي طفرة نوعية ‪ ،‬خصوصا مع‬
‫إدخال المخرطة و قد تم العثور على آثار هاته المركبات الصناعية بكل من قواس و بناصا و‬
‫تاموسيدا‪.‬‬

‫• الفترة الموريطنية‬

‫أقدم ما ذكر حول الملوك الموريتانيين يعود إلى الحرب البونيقية الثانية حوالي ‪ 206‬ق م‬
‫وذلك حين وفر الملك باكا حماية للملك األمازيغي ماسينيسا تتمثل في ‪ 4000‬فارسا‪ .‬أما‬
‫تاريخ المملكة الموريطانية فلم تتضح معالمه إال مع نهاية القرن الثاني ق‪.‬م وذلك مع‬
‫االهتمامات التي أصبحت توليها روما لهذا الجزء من أفريقيا‪ .‬في سنة ‪ 25‬ق م‪ ،‬نصبت روما‬
‫الملك يوبا الثاني على رأس المملكة‪ .‬وبعــد اغتيال" الملك بطليموس األمازيغي" من طرف‬
‫اإلمبراطور كاليغوال سنة ‪ 40‬ق م تم إلحاق المملكة الموريتانية باإلمبراطورية الرومانية‪.‬‬

‫• الفترة الرومانية‬

‫بعد إحداث موريتانيا الطنجية‪ ،‬قامت روما بإعادة تهيئة لعدة مدن أمازيغية‪ :‬تمودة‪ ،‬طنجة‪،‬‬
‫تاموسيدة‪ ،‬زليل‪ ،‬بناصا‪ ،‬وليلي‪ ،‬شالة‪ ...‬كما قامت بإحداث عدة مراكز ذات أهداف عسكرية‪،‬‬
‫وخالل هذه الفترة عرف المغرب انفتاحا تجاريا مهما على حوض البحر األبيض المتوسط‪.‬‬
‫في سنة ‪ 285‬بعد الميالد تخلت اإلدارة الرومانية على كل المناطق الواقعة جنوب اللكوس‬
‫باستثناء سال وموكادور‪ .‬مع بداية القرن الخامس الميالدي‪ ،‬خرج الرومان من كل مناطق‬
‫المغرب‪.‬‬

‫الحضارات اإلسالمية بالمغرب‬

‫‪138‬‬
‫خالفا ألقاليم وبلدان المشرق لم يكن فتح المغرب بالشيئ الهين‪ ،‬فقد استغرق األمر نصف‬
‫قرن من ‪646‬م إلى ‪710‬م‪.‬‬

‫باعتناق المغاربة لإلسالم ظهرت أول دولة إسالمية بالمغرب‪.‬‬

‫• دولة نكور‬

‫وكانت إمارة نكور أول إمارة إسالمية مستقلة بالمغرب األقصى بعد ثورة األمازيغ على والة‬
‫بني أمية ‪,‬كما أنها تمذهبت بالمذهب السني خالفا لباقي اإلمارات المغربية األخرى التي كانت‬
‫على المذهب الصفري الخارجي‪ .‬ظهرت إمارة نكور منذ سنة ‪ 123‬هــ الموافق ل ‪ 744‬م‬
‫على يد صالح بنو منصور المعروف بالعبد الصالح الذي نزل بمنطقة تمسامان في الريف‪.‬‬

‫• الدولة البورغواطية‬

‫أول مملكة إسالمية مستقلة تنفصل عن الخالفة بالمشرق وحكم البورغواطيون في بالد تامسنا‬
‫الممتدة من مدينة سال شماال إلى اسفي جنوبا ألكثر من ثالثة قرون (‪ .)1058 - 744‬تحت‬
‫حكم صالح بن طريف‪ ،‬إلياس بن صالح (‪ )842 - 792‬؛ يونس (‪ )888 - 842‬وأبو غفيل‬
‫(‪ ،) 913 - 888‬ضلت اإلمارة القبلية موحدة‪ ،‬وأرسلت باستمرار ببعثات إلى القبائل‬
‫المجاورة‪ .‬لم تدم العالقات الطيبة مع خالفة قرطبة طويال حيث قُطعت في القرن العاشر‬
‫صدت من قبل‬ ‫بسبب هجومين لألمويين‪ ،‬فضال عن الهجمات التي شنها الفاطميون والتي ُ‬
‫بورغواطة كما نشبت حرب عصابات مكثفة مع أمازيغ بني يفرن في القرن الحادي عشر‪,‬‬
‫مما أضعف بورغواطة كثيرا‪ ،‬إال أنها ما زالت قادرة على صد هجمات المرابطين (سقط‬
‫الزعيم الروحي للمرابطين‪ ،‬عبد هللا بن ياسين في معركة ضد البورغواطيين سنة ‪.)1058‬‬

‫• الدولة اإلدريسية‬

‫بدخول شمال المغرب تحت حكم االدارسة ظهرت بوادر انفصال هذا اإلقليم عن الخالفة‬
‫بالمشرق‪ .‬عقب عدة محاوالت تحققت هذه الرغبة بظهور إمارة في شمال المغرب هي دولة‬
‫األدارسة سنة ‪788‬م‪ .‬وقد كان مؤسس هذه الدولة الموالى إدريس بن عبد هللا المحض العلوي‬
‫الهاشمي‪ ،‬الذي حل بالمغرب األقصى فارا من موقعة فخ قرب مكة (‪ .)786‬استقر بمدينة‬
‫وليلي حيث احتضنته قبيلة آوربة األمازيغية ودعمته حتى أنشأ دولته‪ .‬هكذا تمكن من ضم كل‬
‫من منطقة فزاز ثم تلمسان‪ .‬اغتيل المولى ادريس األول بمكيدة دبرها الخليفة العباسي هارون‬
‫الرشيد ونفذت بعطر مسموم‪ .‬بويع ابنه ادريس الثاني بعد بلوغه سن الثانية عشر‪ .‬قام هذا‬
‫األخير ببناء مدينة فاس كما بسط نفوذه على وادي ام الربيع ونواحي فاس بالمغرب‪.‬‬

‫• الدولة المغراوية‬

‫‪139‬‬
‫تحت قيادة زيري بن عطية (ت‪ ،)1001 .‬تمكن المغراوة من بسط نفوذهم إلى فاس‪ ،‬ووسعوا‬
‫دولتهم على حساب بني يفرن‪ .‬وحين قامت ثورة ضد األمويين‪ ،‬تمكن المنصور األموي من‬
‫إخمادها‪ ،‬إال أن المغراوة تمكنوا من استعادة السيطرة على فاس‪ .‬وتحت الحكام المتعاقبين‪،‬‬
‫المعز (‪ ،)1026 - 1001‬حمامة (‪ )1039 - 1026‬ودوناس (‪ ،)1039‬تمكن المغراويون‬
‫من ترسيخ حكمهم في شمال ووسط المغرب‪.‬‬

‫• دولة المرابطين‬

‫في حدود القرن الحادي عشر الميالدي ظهر في ما يعرف اليوم بموريتانيا مجموعة من‬
‫الرحل ينتمون لقبيلتي لمتونة وجدالة واستطاع عبد هللا بن ياسين‪ ،‬وهو أحد المصلحين الدينيين‬
‫أن يوحد هاتين القبيلتين وينظمهما وفق مبادئ دينية متخذا اسم المرابطين لحركته‪ .‬وهكذا‬
‫سعى المرابطون إلى فرض نفسهم كقوة فاعلة‪ ،‬وتمكنوا من إنشاء دولتهم عاصمتها مراكش‬
‫التي أسسوها سنة ‪ 1069‬م‪ .‬بسط المرابطون بقيادة يوسف بن تاشفين سلطتهم على مجمل‬
‫المغرب الحالي وبعض جهات الغرب الجزائري واألندلس ابتداء من ‪1086‬م وبهذه‬
‫التوسعات يعتبر يوسف بن تاشفين أول ملك يوحد المغرب األقصى من الشمال إلى الجنوب‬
‫بعد أن قضى على كل الدول التي كانت تتقاسم المغرب منذ القرن ‪ 8‬للميالد‪.‬‬

‫• الدولة الموحدية‬

‫في بداية القرن ‪ 12‬م تعاظم بالمغرب شأن المصلح الديني والثائر السياسي المهدي بن‬
‫تومرت‪ .‬حيث استقر بقرية تنمل بجبال األطلس الكبير جنوب شرق مراكش‪ .‬ونظم قبائل‬
‫مصمودة من حوله بغرض اإلطاحة بدولة المرابطين التي اعتبرها زائغة عن العقيدة الصحيحة‬
‫لإلسالم‪ ،‬كما سمى أتباعه بالموحدين‪ .‬استطاع الموحدون بقيادة عبد المومن بن علي من‬
‫السيطرة على المغرب األقصى كله بحلول سنة ‪ 1147‬م‪ .‬كما تمكن من بسط نفوذه على‬
‫شمال أفريقيا كلها واألندلس مؤسسا بذلك أكبر إمبراطورية بغرب المتوسط منذ اإلمبراطورية‬
‫الرومانية‪.‬‬

‫• الدولة المرينية‬

‫ينحدر المرينيون من قبيلة زناتة وهي من أكبر القبائل األمازيغية وقبل الملك كانوا بدوا في‬
‫شرق المغرب يجوبون ما بين ملوية ومدينة فجيج واحيانا وصلوا حتى بالد الزاب بأفريقية‪،‬‬
‫ومعنى كلمة المرينيون‪ :‬القبائل التي هلكت ماشيتها‪ ،‬وهم قبائل بدوية كان أول ظهور لهم‬
‫كمتطوعين في الجيش الموحدي‪ ،‬واستطاعوا تشكيل قوة عسكرية وسياسية مكنتهم من‬
‫اإلطاحة بدولة الموحدين سنة ‪ 1269‬م‪.‬‬

‫واستطاع المرينيون في عهد األخوين أبو يحي عبد الحق (‪ 1244-1258‬م) ثم أبو يوسف‬
‫(‪ 1286-1258‬م) أن يستولو على العديد من المدن‪ ،‬مكناس‪ 1244 :‬م‪ ،‬فاس‪ 1248 :‬م‪.‬‬
‫مع حلول سنة ‪ 1269‬م استطاعوا التخلص من آخر الموحدين في مراكش‪ ،‬وبدأوا بعدها في‬

‫‪140‬‬
‫تنظيم جيش قوي حتى يمكنهم االحتفاظ بالمناطق التي انتزعوها‪ .‬خاضوا عدة حروب على‬
‫أرض األندلس في عهد أبو يعقوب يوسف (‪ 1286-1307‬م)‪ ،‬توسعوا إلى الجزائر‬
‫(االستيالء على وهران ومدينة الجزائر)‪ .‬عرفت الدولة أوجها أثناء عهدي أبو الحسن علي‬
‫(‪ 1351-1331‬م) ثم أبو عنان فارس (‪ 1351-1358‬م) وازدهرت حركة العمران‪.‬‬
‫استطاع األخير صد سالطين عبد الواد واالستيالء على عاصمتهم تلمسان‪ ،‬ثم واصل في‬
‫غزواته حتى بلغ تونس واحتلها على حساب الحفصيين‪.‬‬

‫حكم المرينيون المغرب لمدة قرنيين لم يستطيعوا خاللها الحفاظ على اإلرث الكبير الذي خلفه‬
‫الموحدون‪ .‬مما أجبرهم في نهاية األمر على توجيه اهتمامهم على الحدود الترابية للمغرب‬
‫األقصى‪ .‬ستتميز نهاية حكمهم بانقسام المغرب إلى مملكتين‪ :‬مملكة فاس ومملكة مراكش‪،‬‬
‫إضافة إلى سقوط مجموعة من المدن في يد المحتل اإليبيري‪ ،‬كسبتة ‪ 1415‬م والقصر‬
‫الصغير ‪ 1458‬وأصيال وطنجة ‪ 1471‬ومليلية ‪,1497‬ومن بعدهم حكم المغرب‬
‫الوطاسيون وتنحدر أصولهم أيضا من قبائل زناتة االمازيغية‪.‬‬

‫منذ ‪ 1358‬م بدأت الدولة المرينية تتهاوى سريعا‪ .‬تولى الحكم سالطين دون سن الرشد‬
‫(‪ 1374-1358‬م ثم ‪ 1458-1393‬م) كانو بال رأي‪ ،‬وضع هؤالء تحت وصاية أقرابائهم‬
‫من الوطاسيين‪ ،‬كما قام أصحاب غرناطة بتولى دور الوصتية (‪ 1373-1393‬م)‪ .‬آخر‬
‫السالطين عبد الحق (‪ 1421-1465‬م) استطاع أن يتخلص من أقربائه الوطاسيين بعد أن‬
‫أقام لهم مذبحة كبيرة سنة ‪ 1458‬م ‪ .‬لم يدم األمر على حاله وقام سكان فاس بثورة على‬
‫المرينيين ثم صار أمر المغرب بعده في أيدي الوطاسيين‪.‬‬

‫• الدولة الوطاسية‬

‫الوطاسيون ساللة أمازيغية بدأ ظهورهم مع المرينيين حيث اقتسموا السلطة في المغرب‬
‫األقصى‪ ،‬فكان نصيبهم منطقة الريف ومن هناك بدأ توسعهم حتى أطاحوا بدولة بني مرين‪،‬‬
‫تولوا سنوات (‪ 1358-1375‬م) ثم (‪ 1393-1458‬م);‬

‫• الدولة السعدية‬

‫انطلقت حركة الشرفاء السعديين من جنوب المغرب تحديدا من مناطق درعة‪ .‬وقد اتخذت‬
‫شكل مقاومة جهادية ضد المحتل اإليبيري للمدن الساحلية‪.‬‬

‫غير أن السعديين ما فتؤوا يتحولون إلى قوة عسكرية وسياسية تمكنت من فرض نفسها في‬
‫غياب سلطة مركزية قوية قادرة على توحيد البال د ودرء االحتالل‪ .‬وقد ساعد في بروز دولة‬
‫السعديين سلسلة االنتصارات المتالحقة التي حققوها والتي كللت بدخولهم مراكش سنة‬
‫‪1525‬م تم فاس سنة ‪1554‬م‪ .‬وقد كان هذا إيذانا بقيام حكم الدولة السعدية بالمغرب‪ .‬لقد كان‬
‫االنتصار المدوي للسعديين على البرتغال في معركة وادي المخازن (معركة الملوك الثالث)‬
‫سنة ‪1578‬م بالغ األثر على المغرب‪ ،‬حيث أعاد للمغرب هيبته في محيطه الجييوستراتيجي‪،‬‬

‫‪141‬‬
‫كما مكنه من االستفادة اقتصاديا خاصة في عالقته مع أفريقيا‪ .‬كانت وفاة المنصور الذهبي‬
‫سنة ‪1603‬م إيذانا باندحار دولة السعديين بفعل التطاحن على السلطة بين مختلف أدعياء‬
‫العرش‪.‬‬

‫• الدولة العلوية‬

‫النزاع السياسي الذي خلفه السعديون دام ‪ 60‬سنة انقسم أثناءها المغرب األقصى إلى كيانات‬
‫سياسية جهوية ذات طابع ديني مثل إمارة تازروالت بسوس‪ .‬هكذا وابتداء من سنة ‪1664‬‬
‫ظهر الشريف المولى الرشيد بتافياللت وانطلق في حملة عسكرية هدفها توحيد البالد من‬
‫التشرذم وتأسيس سلطة مركزية قوية‪ ،‬بسط مولى رشيد سلطته مؤسسا بذلك دولة العلويين‪.‬‬
‫وقد كان على خلفه السلطان موالي إسماعيل دور تثبيت سلطة الدولة الناشئة وفرض هيبتها‪.‬‬
‫استمر عهد السلطان المولى إسماعيل ‪ 50‬سنة تمكن خاللها من بناء نظام سياسي للدولة‪.‬‬
‫تولى السالطين العلويون على الحكم متحديين أزمات متعددة داخلية وأخرى خارجية من‬
‫أبرزها فرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة ‪1912‬م‪ .‬استعاد المغرب سنة ‪1956‬‬
‫استقالله معلنا عن ميالد عهد جديد بالمغرب‪.‬‬

‫التاريخ الحديث‬

‫الحماية الثالثية على المغرب (‪)1956 - 1912‬‬


‫شعار محرك بحث قوقل يوم ‪ 18‬نونبر ‪( 2014‬بمناسبة ذكرى يوم اإلستقالل) بألوان العلم‬
‫الوطني المغربي األحمر واألخضر‪ ،‬مع فارس مغربي يحمل العلم المغربي تتوسطه النجمة‬
‫الخماسية الخضراء‬

‫• الضغوط االستعمارية على المغرب‬

‫تعرض المغرب في القرن التاسع عشر لضغوط الدول االستعمارية‪ ،‬فاتخدت أحيانا صبغة‬
‫عسكرية وتارة أخرى إجراءات دبلوماسية واقتصادية استهدفت انتزاع أجزاء ترابية والتقليل‬
‫من مكانة المخزن وسلطته وغزو سوقه الداخلية وانتزاع أجزاء من ترابه‪ .‬ومع ذلك فقد‬
‫حفزت تلك الضغوط جهاز المخزن الذي اقتنع بضرورة الشروع في محاوالت إصالحية‬
‫لتحديث البنيات العسكرية واالقتصادية واإلدارية العتيقة‪ ،‬تفاديا للسقوط تحت الهيمنة األجنبية‪.‬‬

‫• الضغوط العسكرية واالقتصادية‬

‫تجسدت الضغوط العسكرية األوربية على المغرب في مواجهتين عسكريتين‪ ،‬أولهما مع‬
‫الفرنسيين في إسلي سنة ‪ ،1844‬والثانية في تطوان مع اإلسبان سنة ‪ .1859‬وبموازاة ذلك‬
‫واجه المغرب ضغوطا اقتصادية قوية انتهت بتوقيعه على معاهدات تجارية كانت بنودها‬
‫لفائدة االقتصاد األجنبي خاصة المعاهدة التجارية مع بريطانيا سنة ‪ .1856‬كانت لهزيمة‬

‫‪142‬‬
‫المغرب أمام الجيش الفرنسي في إسلي عواقب وخيمة‪ .‬بعد االحتالل الفرنسي للجزائر سنة‬
‫‪ ، 1830‬تغيرت األحوال‪ ،‬فبدأت األخطار تهدد كيان المغرب‪ ،‬إذأصبحت حدوده الشرقية‬
‫مشتركة مع فرنسا المتفوقة عليه عسكريا وصناعيا‪ .‬وكان الحزب االستعماري الفرنسي في‬
‫الجزائر يرغب في ضم المغرب ألهمية الصوف المغربي لتجار مرسيليا من جهة‪ ،‬وألهمية‬
‫الخط التجاري بين تلمسان وفاس من جهة أخرى‪.‬‬

‫• عهد الحماية‬

‫فرض على المغرب نوع من الحماية‪ ،‬جعل أراضيه تحت سيطرة فرنسا وإسبانيا بحسب ما‬
‫تقرر في مؤتمر الجزيرة الخضراء (أبريل ‪ ،)1906‬وهي تتيح للدول المشاركة في تسيير‬
‫المغرب مع احتفاظه ببعض السيادة ورموزه الوطنية‪ ،‬بعثت فرنسا بجيشها إلى الدار البيضاء‬
‫في غشت ‪ ،1907‬انتهى األمر بالسلطان إلى قبول معاهدة الحماية في ‪ 30‬مارس ‪.1912‬‬
‫وقتها أصبح إلسبانيا مناطق نفوذ في شمال المغرب (الريف) وجنوبه (إفني وطرفاية)‪ .‬في‬
‫‪ 1925‬أصبحت طنجة منطقة دولية بعد اقرار اتفاقية باريس‪ .‬أما باقي المناطق بالمغرب فقد‬
‫كانت تحت سيطرة فرنسا‪.‬‬

‫‪ 1920‬إلى ‪ :1927‬ثورة الريف في الشمال ‪ -‬حرب الريف ‪ -‬وقيام جمهورية الريف‬ ‫•‬
‫بقيادة األمير محمد عبد الكريم الخطابي‪ ،‬خاصة في سنتين ‪ 1921‬و‪ .1926‬وتقوت‬
‫المعارضة ذات النزعة الوطنية‪ ،‬وشرع في المقاومة‪ ،‬في الجبال وفي المدن؛ في ‪،1930‬‬
‫ظهر أول تنظيم سياسي مغربي‪ ،‬بزعامة كل من عالل الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني‪،‬‬
‫وهم الذين سيؤسسون الحقا حزب االستقالل‪ .‬وفي الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كانت الحركة‬
‫المعارضة للحماية قد تقوت‪ ،‬وكانت الجامعة العربية والواليات المتحدة يساندونها‪ .‬وكان‬
‫السلطان محمد الخامس يدعمها بدوره (خطاب طنجة في أبريل ‪ .)1947‬وقد أكد موقفه‬
‫المناوئ للحماية أثناء االحتفال بعيد العرش سنة ‪ .1952‬وتجاوب معه الشعب على نطاق‬
‫واسع‪ ،‬فنظمت مظاهرات مساندة لمساعيه (في الدار البيضاء على الخصوص)‪ ،‬وواجهت‬
‫سلطات االحتالل المتظاهرين بالقمع العنيف‪ ،‬وقد عملت سلطات االحتالل على كسب دعم‬
‫االقطاعيين‪ ،‬خاصة‪ ،‬لخلع ملك البالد الشرعي‪ ،‬واحالل ابن عمه (بن عرفة) محله‪ ،‬وكرد‬
‫فعل على ذلك‪ ،‬دعا رجاالت الحركة الوطنية إلى الكفاح المسلح ضد الفرنسيين‪ ،‬وأعلن‬
‫على استقالل المغرب في ‪ 3‬مارس ‪ .1956‬كما أن إسبانيا سلمت بدورها باستقالل هذا‬
‫البلد في ‪ 7‬أبريل ‪.1956‬‬

‫• مسيرة االستقالل‬

‫شعار محرك بحث قوقل يوم ‪ 18‬نونبر ‪( 2014‬بمناسبة ذكرى يوم اإلستقالل) بألوان العلم‬
‫الوطني المغربي األحمر واألخضر‪ ،‬مع فارس مغربي يحمل العلم المغربي تتوسطه النجمة‬
‫الخماسية الخضراء‬

‫‪143‬‬
‫لمزيد من المعلومات‪ ،‬راجع المقال الرئيسي عن استعمار إنجليزي للمغرب‪ ،‬االحتالل‬
‫اإلسباني للمغرب‪ ،‬الظهير البربري‪ ،‬مبدأ الحماية‪ ،‬حرب الريف والمسيرة الخضراء‪.‬‬

‫في ‪ 18‬نوفمبر عام ‪ ،1927‬تربع الملك محمد الخامس على العرش وهو في الثامنة عشرة‬
‫من عمره‪ ،‬وفي عهده خاض المغرب المعركة الحاسمة من أجل االستقالل عن الحماية‪ .‬في‬
‫‪ 11‬يناير ‪ 1944‬تم تقديم وثيقة المطالبة بإنهاء حماية المغرب واسترجاع وحدته الترابية‬
‫وسيادته الوطنية الكاملة‪ .‬في ‪ 9‬أبريل ‪ 1947‬زار محمد الخامس مدينة طنجة حيث ألقى بها‬
‫خطاب طنجة الذي أدى إلى تصعيد المقاومة (جيش التحرير) إلنهاء الحماية‪ .‬في ‪ 20‬غشت‬
‫‪ 1953‬نفي محمد الخامس واألسرة الملكية إلى مدغشقر واندلع بالمغرب ما يعرف بثورة‬
‫الملك والشعب‪.‬‬

‫في ‪ 16‬نونبر ‪ 1955‬عاد محمد الخامس واألسرة الملكية من المنفى‪ .‬وفي ‪ 2‬مارس ‪1956‬‬
‫اعترفت الحكومة الفرنسية باستقالل المملكة المغربية في التصريح المشترك الموقع بين محمد‬
‫الخامس والحكومة الفرنسية‪ ،‬وفي ‪ 7‬أبريل ‪ 1956‬تم التوقيع مع إسبانيا على اتفاقيات تم‬
‫بموجبها استرجاع المغرب ألراضيه في الشمال‪ ،‬وفي اليوم ‪ 22‬من نفس الشهر انضم المغرب‬
‫إلى منظمة األمم المتحدة‪ ،‬وفي عام ‪ 1958‬استرجع المغرب إقليم طرفاية من االحتالل‬
‫اإلسبا ني وتم إلغاء القانون الذي تم بمقتضاه تدويل مدينة طنجة‪ .‬وفي ‪ 26‬فبراير ‪1961‬‬
‫توفي محمد الخامس‪.‬‬

‫• في عهد الحسن الثاني‬

‫تربع الحسن الثاني على العرش كملك للمغرب في ‪ 3‬مارس ‪ ،1961‬في دجنبر ‪ 1962‬تمت‬
‫المصادقة بواسطة االستفتاء على أول دستور يجعل من المغرب ملكية دستورية‪ ،‬في عام‬
‫‪ 1969‬تم استرجاع سيدي إفني‪ .‬في ‪ 6‬نونبر ‪ 1975‬انطلقت المسيرة الخضراء بـ‪ 350‬ألف‬
‫متطوع ومتطوعة عبروا الحدود االستعمارية ودخلوا الصحراء المغربية‪ .‬في ‪ 14‬نونبر‬
‫‪ 1975‬تم التوقيع على معاهدة مدريد التي تم بموجبها استرجاع المغرب لألقاليم الصحراوية‪،‬‬
‫في ‪ 23‬يناير ‪ 1987‬اقترح الحسن الثاني على العاهل اإلسباني خوان كارلوس األول إنشاء‬
‫خلية للنظر في قضية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية (جزر‪ :‬جزيرة باديس وجزيرة نكور‬
‫وملوية) التي ال زالت تحت االحتالل اإلسباني‪ .‬في ‪ 17‬فبراير ‪ 1989‬تم التوقيع بمراكش‬
‫على المعاهدة التأسيسية التحاد المغرب العربي‪.‬‬

‫كما ترأس الحسن الثاني لجنة القدس منذ انعقاد المؤتمر العاشر لوزراء خارجية دول منظمة‬
‫المؤتمر اإلسالمي بفاس في جمادى اآلخرة ‪ 1399‬هـ‪ ،‬مارس ‪1979‬م إلى حين وفاته في‬
‫عام ‪1999‬م‪ ،‬وتم اختيار الملك محمد السادس رئيسا للجنة‪ .‬وفي عام ‪ 1992‬م‪ ،‬ترأس الملك‬
‫الحسن اجتماعات قمة منظمة المؤتمر اإلسالمي التي عقدت بالدار البيضاء‪ ،‬كما شارك في‬
‫قمة (صانعي السالم) بشرم الشيخ بمصر‪ .‬وفي ‪ 23‬يوليوز ‪1999‬م‪ ،‬توفي الملك الحسن‬
‫الثاني بعد أن عمل على توحيد المغرب ودعم استقالل جميع أراضيه‪ ،‬وبذل جهودا ً كبيرة من‬

‫‪144‬‬
‫أجل تشجيع المبادرات اإلسالمية والعربية واإلفريقية‪ .‬وفي اليوم نفسه تلقى الملك محمد بن‬
‫الحسن البيعة في قاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط‪.‬‬

‫التعددية الحزبية‬ ‫‪.52‬‬


‫إن الفكرة التي يقوم عليها هذا النظام هو توزيع السلطة بين مؤسسات المجتمع وعــدم احتـكار‬
‫السلطـة بيـد فئــة أو حـزب واحــد؛ فنظام التعــدد الحزبــي ضــد فكرة ( األحادية ) وكذلك‬
‫يستند الى فكرة إن من حق أي مجموعة من الشعب أن تتبنى ما تشاء من اآلراء واألفكار‬
‫طالما لها مصالح مختلفة ومتباينة عن اآلخرين‪.‬‬

‫وفي هذا النظام ال يتمكن أي حزب من تشكيل الحكومة بمفرده ولوحده؛ ألن في نظام تعدد‬
‫األحزاب ال يفوز حزب واحد باألغلبية التي تساعده على تشكيل الحكومة بمفرده ؛ األمر الذي‬
‫يضطره الى االئتالف والتعاون مع األحزاب األخرى في السلطة التشريعية لتشكيل الوزارة‪.‬‬

‫ليس حكما مسبقا إن قلنا في بداية هذا البحث أن التنظيمات الحزبية في المغرب تلعب دور‬
‫األداة في تطبيق سياسة الدولة وتوجهاتها الكبرى دون المساس بالعالقات والروابط التاريخية‬
‫المعقدة سوسيولوجيا بين الشعب من جهة والملكية من جهة أخرى‪ ،‬وهي بذلك وضعت نفسها‬
‫في إطار ضيق ال تستطيع تجاوزه وال يتعدى التعبير عن االختالف والتباين في كيفية تنفيد‬
‫االستراتيجية العامة والخيارات الكبرى للنظام في مجال يضمن حرية التعبير دون أن يمس‬
‫الملكية والدين اإلسالمي والوحدة الترابية ‪.‬‬

‫فاالنشقاقات المبكرة التي عرف تها األحزاب المغربية في وقت مبكر والصراع بين أجنحتها‬
‫جعل وظيفتها تنحصر فقط في خدمة توجهات السلطة المركزية والحفاظ على الوضع القائم‬
‫والسكوت أحيانا عن الملفات الكبرى والبحت فقط عن الوظائف داخل السلطة واالستيالء‬
‫عليها أو على األقل المشاركة فيها مما يجعل الباحث في الظاهرة الحزبية المغربية ال يكاد‬
‫يميز بين الحزب السياسي وجماعات المصالح حتى تحدث بعض الباحثين عن كون "الحزب‬
‫الزبوني يشكل أحد ثوابت الحياة السياسية المغربية"‪ .‬فطبيعة النظام السياسي المغربي ال تسمح‬
‫بوجود أحزاب عصرية تعمل بشكل حداثي على غرار األحزاب الغربية وتقوم بقطيعة مع‬

‫‪145‬‬
‫البنيات السياسية الموروثة منذ ظهور الملكية في المغرب مرورا بعهد الحماية ثم ما بعد‬
‫االستقالل فأصبحنا أمام بنية حزبية مركبة تتداخل فيها الموروثات الثقافية المغربية ومظاهر‬
‫الحداثة الحزبية المكتسبة في سنوات الحماية الفرنسية‪ .‬وبهذه المفارقة أصبحت األحزاب‬
‫السياسية ال تملك إال هامش صغير عبارة عن قنوات لتمرير اإلرادة الملكية وال يمكنها أن‬
‫تصبح مراكز للقرارات والمبادرات ناهيك عن أن تصبح مراكز معارضة للسياسة المركزية‪.‬‬
‫فالدور الذي من أجله أنشئت األحزاب السياسية في المغرب ال يعدو آن يكون آلية من بين‬
‫اآلليات المعتمدة في التاريخ السياسي المغربي لتنظيم المواطنين وتمثيلهم أمام السلطان‬
‫والسلطة المركزية‪ ،‬رغم االنطباع السائد بكوننا داخل دولة حزبية صحيحة يسعى فيها الحزب‬
‫إلى الوصول إلى السلطة وتطبيق برامجه وخياراته االجتماعية واالقتصادية كمنع ترشيح‬
‫الالمنتمين لالنتخابات بموجب خطاب ملكي‪ .‬هذا الدور الضيق الذي تسعى إليه األحزاب‬
‫السياسية المغربية جعل النسق السياسي المغربي تحكمه قاعدة التنازع والتصادم بين مكوناته‬
‫ثارة والتصالحية المرحلية تارة أخرى فأصبحنا بين دعوات لالندماج في الحياة السياسية في‬
‫ظل شروط معدة سابقا خارج رؤية الحزب واستراتيجيته استحضارا لواقع توازنات ظرفية‬
‫للحكم يحكمها منطق الرموز والرسائل غير المباشرة وبين القطيعة مع الحياة السياسية ألسباب‬
‫موضوعية يحكمها الخوف من القضاء على إستراتيجية الحزب ورؤيته للتغيير وتشرذم العمل‬
‫الحزبي وانقسامه نتيجة عدم مشاركت ه في وضع الشروط واآلليات التي تجعل اندماجه فاعال‬
‫ومؤثرا‪.‬‬

‫فثنائية (التقليد‪-‬االندماج) و (القطع‪-‬االحتجاج) جعلت العالقات بين األحزاب السياسية المغربية‬


‫محكومة بنوع من السكون والحفاظ على مبدأ استمرارية العالقات ذاتها و الصراع الخفي‬
‫والعلني أحيانا وفي نفس الوقت التوافق حول المنطلقات واألهداف والبرامج في حده األدنى‬
‫دون أن يصل هذا التوافق إلى التنسيق والتوحد‪ ،‬ألن الدولة كمؤسسة وجودها مرتبط ومتوقف‬
‫على وجود وتطوير بنية المؤسسات األخرى وعلى رأسها األحزاب السياسية فال يمكن تصور‬
‫ديمقراطية من دون أحزاب ومن دون انتخابات ومن دون معارضة وغياب أي مخطط وأي‬
‫مشروع إلدماج األحزاب السياسية يشكل خطر انغالق الدولة على ذاتها وتفردها بالسلطة‪،‬‬
‫لذلك تسعى إلى التحكم ومراقبة التعددية الحزبية القائمة حاليا والعمل على عدم حصول أي‬

‫‪146‬‬
‫حزب مهما كانت إيديولوجيته على األغلبية المطلقة في البرلمان كي يتم اللجوء إلى تحالفات‬
‫هشة تحرم الحزب دائما من الحصول على أغلبية متناسقة ومنسجمة ومستقرة وهو ما‬
‫نستخلصه من الفصل السابع من دستور‪ 01‬يوليوز‪ 2011‬حين نص على أن "نظام الحزب‬
‫الوحيد نظام غير مشروع" وهو ما يمكن تفسيره بكون النسق السياسي المغربي في بنيته ال‬
‫يسمح به يمنة حزب واحد على الحياة السياسية ولو كان ذلك نتيجة لصناديق االقتراع‪ .‬وقبل‬
‫التحكم ومراقبة التعددية الحزبية المغربية فال تترك الدولة الصراع بين النخب يستمر فقط‬
‫خارج النسق السياسي المغربي وإنما تعمل على إدماج هذه النخب ولو كانت غير منتمية ألي‬
‫حزب سياسي في إطار مؤسسات لكي تجعل من توازن النخب المدخل الحقيقي لتوازن‬
‫المؤسسات ألن النظام السياسي المغربي يجعل من هذه المؤسسات حلبة أو مجال لصراع‬
‫النخب فالصراع يجب أن يكون داخل النسق وليس خارجه لتبقى مهمة النظام هي خلق التوازن‬
‫بين األطراف المتصارعة ومن هنا كانت وظيفة التحكيم التي يتمتع بها النظام أهم بطاقة يتوفر‬
‫عليها‪ .‬وكثير من األحيان يستعمل النظام هذه البطاقة ليس لضبط المؤسسات المتصارعة فقط‬
‫وإنما يتجاوز ذلك إلى خلق التوازن داخل المؤسسة الحزبية الواحدة إما عن طريق خلق‬
‫أحزاب جديدة بتسهيل إجراءات التأسيس وبالتالي انسحاب الكثير من المنتمين لبعض األحزاب‬
‫إلى الحزب الجديد وإما عن طريق خلق انشقاقات داخل الحزب الواحد‪.‬‬

‫لقد أكد أحد الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية أن تاريخ األحزاب السياسية المغربية‬
‫هو تاريخ انشقاقاتها المتتالية وهو ما يفيد أن التعددية الحزبية لم تكن والدة طبيعية داخل‬
‫النسق السياسي المغربي إنما كانت نتيجة هيمنة حزب االستقالل بعيد االستقالل فكان االنشقاق‬
‫داخل هذا الحزب اللبنة األولى إلنشاء وإقرار التعددية الحزبية في المغرب وليس التعددية‬
‫السياسية‬

‫عدد األحزاب السياسية بالمغرب هو ‪ 33‬حزبا‬

‫عدد األحزاب المشكلة للحكومة ‪ 6‬أحزاب‬

‫عدد أحزاب المعرضة ‪ 27‬حزبا‬

‫‪147‬‬
148

You might also like