Professional Documents
Culture Documents
2021/2020
:
الصفحة ص
الطبعة ط
Page p
Edition Ed
2
شهد المغرب مند قرن تنمية حضرية 1واسعة و سريعة نتيجة للسياسة العمرانية التي تنهجها
الدولة ،فال مراء أن ذلك راجع لكون المدن تعتبر ذات أهمية قصوى من زاوية تغير مفاهيم و روابط
العالقة بين التنمية و اإلقليم (العقار) .و تنطوي حركة التحضر 2هذه على تحديات و فرص ،غير أن
التطور برهن بوضوح على أهمية تحديات التحول إلى مدن حضرية محكمة ،ذلك أن هذه األخيرة تلعب
دورا مهما في خلق االقتصاد و تماسك المجتمع و الحفاظ على التوازن اإليكولوجي للكوكب( 3البيئة).
و تعتبر وثائق التعمير الوسيلة القانونية و التقنية األساسية لتنظيم و تأطير استعمال و استغالل
المجاالت الترابية ،بحيث تهدف إلى تحديد خيارات التهيئة التي تهم المناطق الواجب الحفاظ عليها و
حمايتها و تلك المخصصة للتوسع العمراني ،فضال عن برمجة مختلف المرافق الضرورية من
تجهيزات صحية و تعليمية و إدارية و اجتماعية و تحديد مساحتها و المواقع المخصصة الحتضانها،
و ذلك بعد استشارت مختلف القطاعات الحكومية و الجماعات الترابية و السلطات المحلية المعنية.5
بل ال مندوحة من أن اإلدارة تعتمد على هذه الوثائق لفهم المحددات األساسية التي تتحكم في دينامية
المجال ا لحضري و آفاقه المستقبلية و بالتالي استعمال كل منطقة و تخصيص وظيفة لكل منها قصد
تحقيق تكامل أجزائها و انسجام أطرافها ،ثم حسن تدبيرها و تعميرها.6
IBTISSAM MOTIB , FAYSAL FATAH, Limite des documents d’urbanisme comme instruments de la planification urbaine -1
dans l’amélioration du fonctionnement des villes marocaines, Revue Espace Géographique et société Marocaine, n°37/38,
Aout 2020, p : 75.
-2كان معدل التحضر في المغرب ضعيفا في أوائل القرن العشرين ( ،)20إذ كان يمثل حوالي 8في المائة قبل أن نفرض اإلدارة االستعمارية سيطرتها على
البالد ( .)1956-1912ثم انتقلت نسبة التمدن في غضون خمسين سنة ( )2014-1960من 29في المائة إلى أكثر من 60في المائة ،و ربما تفوق 70في المائة
في أفق سنة ،2030بحسب اإلسقاطات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط.
راجع عبد الرحمان رشيق ،السياسة العمرانية و العالقات اإلجتماعية في المغرب ،مقال منشور بمجلة "عمران" ،العدد 18خريف ،2016ص .8 :
GLIBERT SANTEL, Les enjeux des politiques urbaines, Annuaire français du droit de l’urbanisme et de l’habitat, Dalloz, -3
Paris, France, Ed 1998, p : 47.
-4محمد بوجيدة ،مظاهر القصور و الخلل في نصوص التعمير بالمغرب ،مظاهر القصور و الخلل ،مقال منشور بمجلة المناظرة عدد 18يونيو ،2016ص:
.113
-5توفيق بنعلي ،وثائق التعمير ،الحصيلة و إكراهات التنفيذ ،مقال منشور بمجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية عدد 3دجنبر ،2014ص .33،34
-6الحاج شكرة ،الوجيز في قانون التعمير المغربي ،دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع ،ط ،2011 ،6ص.71 :
3
و يعد القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير المرجعية المؤسسة لكل من مخطط توجيه التهيئة
العمرانية و تصميم التنطيق و تصميم التهيئة و قرارات التصفيف ،إذ حدد بشكل دقيق الغايات المنشودة
من كوثيقة و محتوياتها و طرق إعدادها و المصادقة عليها و تتبع تنفيذها .كما يشكل الظهير الشريف
الصادر بتاريخ 25يونيو 1960المتعلق بنطاق العمارات القروية المرجعية القانونية لمخطط تنمية
التكتالت العمرانية القروية.
غير أن ما يهمنا نحن هو مخطط توجيه التهيئة العمرانية و الذي يطلق عليه في لغة التعمير
باختصار ،SDAUو هو وسيلة لتخطيط العمران يمكن من تحديد رؤية شاملة و إستراتيجية لتهيئة كل
تجمع عمراني ،بل يحدد التنظيم العام للتنمية المجالية للمنطقة المتعلق بها فهو يضع التوجهات الكبرى
للتنمية الحضرية من أجل تلبية االحتياجات قصيرة و متوسطة و طويلة المدى ،و ذلك لفترة ال تتجاوز
مدة 25سنة.7
و قد ظهرت هذه الوثيقة بادئ األمر في فرنسا بموجب قانون توجيه العمران الصادر بتاريخ 31
دجنبر ، 1967بحيث سميت بالتصاميم المديرية للتهيئة العمرانية ،أما في المغرب فقد ظهرت أول
األمر في إطار مشروع قانون اإلطار للتهيئة الحضرية و القروية الذي تم إعداده سنة 1970تحت
مسمى التصاميم المديرية ،ثم التصميم المديري للتهيئة الحضرية في إطار المخطط الخماسي(-1981
،)1985ثم التصميم التوجيهي للتهيئة الحضرية للدار البيضاء طبقا لمقتضيات القانون رقم 1-84-17
الصادر بتاريخ 25يناير ،81984إلى أن تبناها المشرع في إطار قانون التعمير رقم 12-90الصادر
بتاريخ 17يونيو 1992تحت اسم مخطط توجيه التهيئة العمرانية .
و تتجلى أهمية مخطط توجيه التهيئة العمرانية من الزاوية النظرية كونه يمثل أهم وثيقة تعميرية
وضعها المشرع لضبط المجال العمراني عن طريق التخطيط الحضري ،و توجيهه وفق نظرة شمولية
و إستراتيجية لتحقيق األهداف المنصوص عليها في المادة 4من قانون التعمير ،9و تنسيق أعمال التهيئة
التي يقوم بها جميع المتدخلين بمن فيهم الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العامة و الخواص .
أما أهمية هذه الوثيقة من الناحية العملية فتتجلى في كونها تعبد الطريق لباقي الوثائق التعميرية ،و
تمثل مرجعا أساسيا يجب أن تتقيد به تصاميم التنطيق ،و تصاميم التهيئة،و تصاميم تنمية التكتالت
7
- IBTISSAM MOTIB , FAYSAL FATAH, Limite des documents d’urbanisme comme instruments de la planification urbaine
dans l’amélioration du fonctionnement des villes marocaines , op.cité, p : 78.
-8توفيق بنعلين وثائق التعمير ،الحصيلة و إكراهات التنفيذ ،م س ،ص.33 :
-9ظهير شريف رقم 1 .92 .31الصادر في 15من ذي الحجة 17( 1412يونيو )1992بتنفيذ القانون رقم 12-90المتعلق بالتعمير منشور في الجريدة
الرسمية عدد 4159بتاريخ 15يوليوز .1992ص.887
4
العمرانية القروية .غير أن أهمية هذه الوثيقة ال تظهر إال بتنزيل محتوياتها على أرض الواقع ،فدون
ذلك تبقى مجرد رسوم و بيانات من غير أن تنتج أي أثر تطبيقي أو عملي .
و يثير هذا الموضوع المتعلق بمخطط توجيه التهيئة العمرانية إشكالية أساسية مفادها :إلى أي حد
استطاع المشرع المغربي تنظيم مخطط توجيه التهيئة العمرانية في أفق تحقيق الحكامة المجالية ؟
لإلجابة عن اإلشكالية و التساؤالت المنبثقة عنها ،يمكن أن نعتمد على التقسيم التالي:
5
المطلب األول :القواعد المنظمة لمخطط توجيه التهيئة العمرانية
إن التخطيط العمراني يعرف على أنه تدخل اإلدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم
ومن بين أهم وثائق التعمير التي تعتبر إطارا قانونيا مالئما لتهيئة الفضاءات 10
استعمال المجال،
الحضارية ،وأسلوبا معقلنا لتنميتها وتسهيل عملية تدبيرها وإدارتها نجد وثيقة التعمير التقديري والتي
هي بمثابة تجسيد فعلي للتخطيط االستراتيجي على مستوى التخطيط العمراني ،فماهو إذن اإلطار
المفاهيمي لمخطط توجيه التهيئة العمرانية (الفقرة االولى) وماهي مسطرة إعداده (الفقرة الثانية)
يهتم التعمير التقديري أساسا بوضع الخطوط العامة لتهيئة المجال ،وتبيان التجهيزات األساسية
11
الكبرى التي سيتم إنجازها بداخله ،وبالتالي هذا النوع من التعمير يبقى ذو غاية توقعية وتقديرية.
فماهو مفهوم المخطط التوجيهي ونطاقه (أوال) وماهي أهداف المخطط التوجيهي ومحتواه( ثانيا).
مخطط توجيه التهيئة العمرانية هو وثيقة توجيهية تندرج ضمن األدوات األساسية للتخطيط
الحضري ،التي تقوم بتنظيم التجمعات العمرانية وتحديد متطلبات التوسع العمراني ومستلزمات
األنشطة اإلقتصادية والمحافظة على تجانس المنظر العام داخل هذه التجمعات ،فهو اذن بمثابة إطار
لتحديد التوجهات الكبرى المتخذة من أجل تدبير تنمية المجال الترابي الذي سيخضع ألحكامها .12وهو
أيضا يساعد على تنسيق أشغال أعمال الفاعلين والمتدخلين في المجال الحضري من دولة و جماعات
ترابية ومؤسسات عمومية باإلضافة إلى الخواص باعتبارهم مستثمرين في الميدان العقاري و
اإلقتصادي.
وبالرجوع إلى القانون 12-90المتعلق بالتعمير ،يتبين على أن المشرع لم يقم بإعطاء تعريف لهذه
الوثيقة ،بل اكتفى بتحديد مشتمالتها .والمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يسمى باللغة الفرنسية :
10عبد الرحمن البكريوي :التعمير بين المركزية والالمركزية ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،السنة 1993ص .33 :
11نور الدين أفقير :دور الوكاالت الحضرية في ميدان التعمير ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص تدير الشأن العام ،جامعة السويسي كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط ،السنة الجامعية ، 2011-2010ص .22
12مصطفى المعمر ،أحمد أجعون ،إعداد التراب الوطني والتعمير ،المجموعة البيداغوجية لوحدة تدبير المجال ،ط ، 1مطبعة سجلماسة ،السنة 2017/2018
،ص .145
6
« le Schéma Directeur D’aménagement Urbain, ce qu’on appelle le SDAU
dans le langage de l’urbanisme. »13
14
وقد عرفه المشرع الفرنسي بأنه :
وبالتالي يمكن القول أن المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية هو وثيقة تعميرية ذات طابع توجيهي
تهدف إلقامة التوجهات األساسية في مجال تنظيم التجمعات العمرانية ومتطلبات التوسع العمرانيد .15
16
فهو يجسد األداة التي تعتبر صلة الوصل بين سياسة إعداد التراب وسياسة التعمير.
ويطبق مخطط توجيه التهيئة العمرانية على رقعة أرضية تستوجب تنميتها أن تكون محل دراسة
17
إجمالية بسبب الترابط القائم بين مكوناتها في المجاالت اإلقتصادية والتجارية واإلجتماعية .
تشتمل الرقعة األرضية على :جماعة حضرية أو عدة جماعات حضرية ،مركز محدد أو عدة
مراكز محددة ،وكذلك إن اقتضى الحال على بعض أو جميع جماعة قروية أو جماعات قروية مجاورة
. 18
13
IBTISSAM MOTIB , FAYSAL FATAH, Limite des documents d’urbanisme comme inst ruments de la planification urbaine
dans l’amélioration du fonctionnement des villes marocaines, Revue Espace Géographique et société Marocaine, n°37/38,
Aout 2020, p 78
14
Louis, Jacqui, le droit d’urbanisme, 6ème Ed Eyrotte, Paris, 1978, p24.
15حميد بري ،اآلليات المعتمدة لحكامة التخطيط للعمراني – التعمير التوجيهي نموذجا – منشور بمجلة المعلومة القانونية اإللكترونية الصادر بتاريخ 13نونبر
.2020
16حسن الكتمور ومحمد زريق :دور وثائق التعمير في التخطيط العمراني وتنظيم السوق العقارية بالمغرب ،كتاب جماعي دولي محكم :أثر السوق العقارية
على إنتاج المدينة العربية بين التشريع والتطبيق ،المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واإلقتصادية ،الطبعة األولى ،ألمانيا \برلين،
السنة ،2021ص .90
17المادة 2من القانون 12-90المتعلق بالتعمير.
18المادة 3من القانون 12-90المتعلق بالتعمير.
7
وبالتالي يالحظ على أن قانون التعمير حدد نطاق 19تطبيق هذا المخطط في دائرة الجماعات
الجماعات القروية المجاورة 22وتوجد عدة معايير معتمدة للتمييز 21
الحضرية ،20المراكز المحددة،
بين هذه الوحدات الترابية والتي يمكن ايرادها باختصار في الشكل التالي: 23
المعيار اإلحصائي :بموجب هذا المعيار فإن التمييز بين التجمعات الحضرية الكبرى والصغرى
والتجمعات القروية يتم على أساس الكثافة السكانية إال أنه ال يوجد مع ذلك معيار عام مطلق حول
الكثافة التي يمكن ابتداء من القول بأن األمر يتعلق بتجمع حضري كبير او متوسط او صغير أو تجمع
24
قروي .
المعيار الوظيفي :يجري بمقتضى هذا المعيار التمييز بين التجمعات الحضرية والقروية باالعتماد
على نسبة السكان النشيطين في المجال الزراعي مقارنة مع إجمالي الساكنة النشيطة حيث يعتبر حضريا
كل تجمع ال تتجاوز نسبة سكانه النشيطين في القطاع الفالحي % 20من مجموع السكان النشيطين.
المعيار الشكلي :بموجب هذا المعيار فإن التجمعات العمرانية الحضرية هي تلك التي تتسع المجاالت
المبنية فيها ويجري توزيعها بشكل منظم وفي إطار هندسة معمارية تختلف عن تلك المستعملة في العالم
القروي الذي يشهد إقامة أبنية بأدوات ومواد تختلف عن تلك المستعملة في ابنية الوسط الحضري وال
25
تخضع األبنية فيه لنفس ضوابط التصفيف والتنظيم وال لنفس ضوابط الهندسة المعمارية.
المعيار االداري :وهو المعيار الرسمي الذي تعتمده اإلدارة المغربية في التمييز بين التجمعات ذات
الطابع الحضري والتجمعات القروية وبموجب هذا المعيار الذي اعتمدت عليه المديرية الوطنية
19يتضح على أن المشرع المغربي من خالل القانون ، 12-90لم يحدد أي شروط أو معايير يتطلبها وضع هذا المخطط ،بل أعطى لإلدارة المكلفة بالتعمير
سلطة تقديرية في اتخاذ القرار بشأن ذلك ،وذلك على عكس التجربة الفرنسية التي تأخذ بالمعيار اإلحصائي (العددي)
20عرفت المادة األولى من القانون 12-90الجماعات الحضرية بكونها :البلديات والمراكز المتمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي المسماة " المراكز
المستقلة".
21المراكز المحددة :أجزاء من جماعات قروية تعين حدودها السلطة التنظيمية.
22األ راضي القروية المجاورة :وهي المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة.
23يوضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية لتجمع عمراني ومنطقة تأثيره المباشرة ويمكن ايجاز المعايير المعتمدة لتحديد منطقة التأثير المباشرة للمدن في:
-امتداد المساحة المبنية،
-أهمية حركة التنقالت اليومية،
-العالقة بين مختلف األنشطة السوسيو اقتصادية.
يجب تمييز منطقة التأثير المباشرة عن:
-محيط التهيئة الذي يحدد نطاق تطبيق تصميم التهيئة
-المحيط الحضري الذي يعين حدود تجمع ما
-المحيط البلدي الذي يعين الحدود الترابية للبلدية
-المنطقة ال محيطة التي تعتبر بمثابة الحدود اإلدارية في حين أن منطقة التأثير المباشرة هي ذات طبيعة وظيفية.
هذا حسب دليل المساطر المتعلقة بالتعمير واإلسكان لفائدة المديرين المحليين ،دون ذكر الطبعة ص .15
24فالجمعية العامة للمعهد الدولي إلحصاء مثال تؤكد بأن التجمعات التي تحتوي على ساكنة تصل أو تفوق 2000نسمة تعد تجمعات حضرية وذهبت منظمة األمم
المتحدة في إحدى دراستها اعتماد سقف 20.000نسمة كأساس إلقامة التمييز بين المدن الكبرى والمدن الصغرى والعالم القروي .
25مصطفى المعمر ،أحمد أجعون :إعداد التراب الوطني والتعمير ،م.س ،ص 150
8
لإلحصاء في اإلحصاء الذي قامت به سنة ، 1982فإنه يعد تجمعا حضريا كل تجمع يصل أو يفوق
عدد سكانه 1500نسمة وتتوفر فيه أربعة من الشروط السبعة التالية :
وجود ثانوية ؛
وجود محكمة ؛
أن يكون نسبة السكان النشيطين فيه في غير المجال الفالحي تتجاوز .%50
و باإلضافة إلى النطاق المكاني لمخطط توجيه التهيئة العمرانية ،فهذا األخير يضم نطاق زماني
أورده المشرع على مستوى المادة 3من القانون 26 12-90والذي يحصر تطبيق المخطط التوجيهي
27
في مدة ال تتجاوز 25سنة.
حددت المادة الرابعة 28من الفصل األول من قانون التعمير 12-90مجموعة من األهداف 29ذات
صبغة اقتصادية و اجتماعية و التي تسعى بوجه خاص إلى ما يلي :
-تح ديد اختيارات التهيئة التي يتطلبها تحقيق تنمية متناسقة على الصعيدين االقتصادي و االجتماعي
للرقعة األرضية المعنية .
»26يشتمل مخطط توجيه التهيئة العمرانية على تخطيط التنظيم العام للتنمية العمرانية للرقعة المتعلق بها ،وذلك لمدة ال يمكن أن تتجاوز 25سنة» ....
27المادة « : 8يشتمل مخطط توجيه التجمع العمراني ،الذي يحمل مشروع المجموعة العمرانية ،على تخطيط التنظيم العام للتنمية المجالية للرقعة المتعلق بها،
وذلك لمدة ال تتجاوز 20سنة ،ويحدد برمجة االستثمارات والمنجزات العمومية للخمس سنوات األولى
التي تحتسب من تاريخ الموافقة عليه ».هذا ما جاء التنصيص عليه في مشروع القانون 30-07المتعلق بمدونة التعمير.
28جاء التنصيص على المادة 4في الباب الثاني من القانون 12-90المتعلق بوثائق التعمير في الفصل األول منه المعنون بمخطط توجيه التهيئة العمرانية وضمن
الفرع الثاني تحت عنوان غرض مخطط توجيه التهيئة العمرانية.
29وبالتالي يالحظ على أن غاية المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وأهدافه مت عددة ومتنوعة حيث تجمع بين حماية المجاالت .وكذا تنمية الوحدات الترابية التي
سيطبق عليها في إطار تجسيد السياسة المتبعة في ميدان التخطيط .حسام أمرير ،إشكالية توزيع االختصاص في ميدان التعمير ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية – دراسة وتعاليق – عدد .2000/06/34
9
-تحديد المناطق العمرانية الجديدة و تواريخ السماح بالقيام بعمليات عمرانية فيها مع الحفاظ بوجه
خاص على األراضي الزراعية و المناطق الغابوية التي تتولى السلطة التنظيمية تحديدها.
المناطق الزراعية والغابوية -المناطق السكنية و كثافتها -المناطق الصناعية -المناطق التجارية -
المناطق السياحية -المناطق المثقلة بارتفاقات كارتفاقات عدم البناء و عدم التعلية و االرتفاقات الخاصة
بحماية الموارد المائية.
-األماكن الطبيعية و التاريخية و األثرية التي يجب القيام بحمايتها او إبراز قيمتها أو بهما معا - .
30
المساحات الخضراء الرئيسية التي يجب القيام بإحداثها و حمايتها أو إبراز قيمتها أو بهما معا.
-التجه يزات الكبرى كشبكة الطرق الرئيسية و منشئات الموانئ الجهوية والموانئ والسكك الحديدية و
المؤسسات الرئيسية الصحية و الرياضية والتعليمية .
-تحديد القطاعات التي يجب القيام بإعادة هيكلتها أو تحديدها أو بهما معا.
-تحديد مبادئ الصرف الصحي و األماكن الرئيسية التي تصب فيها المياه المستعملة و األماكن التي
توضع فيها النفايات المنزلية
-حصر برمجة مختلف مراحل تطبيق المخطط و بيان األعمال التي يجب أن يحظى إنجازها باألولوية
خصوصا تلك التي يكون لها طابع فني أو قانوني أو تنظيمي.
وعموما فإن المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين األول عام و
الثاني خاص :
فالهدف العام يتمثل في تنسيق أعمال التهيئة التي يقوم بها جميع المتدخلين بما فيهم الدولة ،
والجماعات المحلية والمؤ سسات العامة ،والهيئات التي تحصل على مساعدات أو مساهمات مالية من
الدولة و الجماعات المحلية.
ويتكون المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ،طبقا لنص المادة 5من ظهير 17يونيو 1992
المتعلق بالتعمير ،من رسوم بيانية وتقرير، 32الرسوم البيانية :33وهي خرائط للرقعة األرضية المغطاة
بالمخطط ،تبرز األغراض العامة المخصصة لها األراضي وتبين مواقع المناطق الزراعية والغابوية
،والمناطق السكنية وكثافتها ،والمناطق الصناعية ،والمناطق التجارية ،والمناطق السياحية ،
والمناطق المثقلة بارتفاقات واألماكن الطبيعية والتاريخية واألثرية.34 ......
فهي إذن عبارة عن خريطة للمناطق التي يهمها المخطط تتولى تحدي األغراض التي ستخصص
لها األرض داخل هذه المجاالت والمواقع التي سيشملها المد العمراني والمحميات العمرانية ومواضع
35
األنشطة الرئيسية وأماكن التجهيزات العمومية األساسية.
وأما التقرير الكتابي فهو الذي يبرز ويشرح التدابير التي يجب القيام بها لبلوغ األهداف المحددة
فيه ويشير إلى مراحل تنفيذ اإلجراءات المقررة خصوصا المراحل التي يجب أن تزود خاللها المناطق
المعنية بتصميم التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية 36 .ويتضمن على الخصوص بيان للتصور
و يحلل التقرير 37
االستراتيجي للتنمية العمرانية واالقتصادية والبيئية والثقافية واالجتماعية....
31نور الدين أفقير :دور الوكاالت الحضرية في ميدان التعمير ،م.س ،ص 14- 13 :
32مصطفى المعمر ،أحمد أجعون :إعداد التراب الوطني والتعمير م.س ،ص .153:
33الفصل L 122-1من قانون التعمير الفرنسي فقد نص على هذه الرسوم البيانية التي تثبت التوجيهات األساسية لتهيئة التراب المعني ،وتضمن التوازن داخل
الفضاء الحضري ،والمناسبة أيضا لممارسة األنشطة الزراعية واألنشطة االقتصادية األخرى ،والمحافظة على المناظر الطبيعية أيضا ،كما يقوم بتوزيع
التجهيزات والبنيات التحتية ،و المناطق السكنية ،والصناعية ،والتجارية ،وقنوات صرف المياه....
تشمل الرسوم البيانية حسب المادة 12من مشروع القانون 30-07المتعلق بمدونة التعمير :المناطق التي يجب فتحها للتعمير وتواريخ فتحها واألغراض الرئيسية
المخصصة لها والكثافة المقررة لها ؛ حدود كل منطقة من المناطق التي يتعين أن يشملها تصميم التهيئة أو تصميم للحفاظ عليها وإبراز قيمتها ،وأيضا حدود
مناطق المشاريع العملياتية ومداراتها ؛ • األماكن الممنوع تعميرها ( الغابات ،المناطق الزراعية ،المناطق المهددة باألخطار ) ... ،؛ الشبكات األولية على
صعيد التجمع العمراني ،واألماكن المخصصة للتجهيزات األساسية الواجب إحداثها ؛ و أماكن التجهيزات الرئيسية االقتصادية ،واالجتماعية والرياضية المهيكلة
للمجال ؛ و المناطق الواجب إخضاعها للتحفيظ العقاري الجماعي .
34يونس وحالو :دور الجماعات الترابية في صياغة المضمون التوجيهي للتخطيط الحضري .مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد /08
2015ص .180
35مصطفى المعمر ،أحمد أجعون :إعداد التراب الوطني والتعمير ،م.س ص . 153
36الفقرة الثانية من المادة 5من قانون التعمير .12-90
37الفقرة الثانية من المادة 12من مشروع القانون 30-07المتعلق بمدونة التعمير :تنص على ما يلي يتضمن على الخصوص بيان للتصور االستراتيجي
للتنمية العمرانية واالقتصادية والبيئية والثقافية واالجتماعية ؛وثيقة توضح ،لكل منطقة يجب أن يشملها تصميم للتهيئة أو تصميم للحفاظ عليها وإبراز قيمتها ،
األهداف الرئيسة الواجب بلوغها وحدود عدد السكان الممكن استقبالهم أو االحتفاظ بهم ؛ وثيقة تبين ،بالنسبة لكل منطقة تكون موضوع مشروع عملياتي ،طبيعة
11
التفصيلي الوضعية الحالية التي يدعمها بدراسة أفاق التنمية االقتصادية واالجتماعية لمجال المخطط ،
ويختمها بفرضية أو عدة فرضيات للتنمية ،ويحدد اختيارات التهيئة التي يتطلبها تحقيق تنمية متناسقة
ويبرر ويشرح أيضا اختيارات 38
على الصعيدين االقتصادي واالجتماعي للرقعة الجغرافية المعنية.
التهيئة المعتمدة والمبرزة في خرائط استعمال األراضي مع حصره لبرمجة مختلف مراحل تطبيق
المخطط وبيانه لألعمال التي يجب أن يحظى إنجازها باألولوية خصوصا تلك التي يكون لها طابع فني
39
أو قانوني أو تنظيمي.
هذا فيما باإلطار المفاهيمي لمخطط توجيه التهيئة العمرانية فماذا عن مسطرة إعداده ؟
يترجم مخطط توجيه التهيئة العمرانية إرادة المشرع في تنظيم وتسيير المجال والتحكم في العقار
ومسايرة ومراقبة التوسع العمراني للمدن ،وال يتأتى ذلك إال عن طريق إشراك كل الفعاليات العمومية
التي لها دور مباشر أو غير مباشر في مجال التهيئة والتجهيز العمراني ،ويمر إعداد هذا المخطط من
مرحلتين.
يتم وضع المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية 40بمبادرة من االدارة المكلفة بقطاع السكني و
التعمير والتي تقوم بإجراء الدراسات التمهيدية عن طريق المعاينة الميدانية لمختلف العناصر التي
تتألف منها الرقعة الترابية المراد تهيئتها أي أن إعداده يتم بإشراك السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير
وباقي القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية .وذلك من أجل التعرف على
المدن التي هي في حاجة إلى إعادة النظر في طرق توسيعها أوتوجيهها أو التحكم فيها .وتستعين
المشروع ،واألهداف الرئيسية الواجب بلوغها واألنشطة الرئيسية الالزم إحداثها ،وعدد السكان ،و عند االقتضاء ،االستثمار المتوقع والفرقاء المعنيين ؛ .وثيقة
تبين الكلفة التقريبية لمختلف االستثمارات والتجهيزات المقترحة في المخطط ؛وثيقة توضح طرق وخالصات التشاور ؛ عقد برنامج يعد قاعدة التعاقد ويجمع كل
االتفاقيات الموقعة التي تربط بين األطراف المعنية العمراني وإجراءات الموافقة
38عبد الرحمان البكريوي ،التعمير بين المركزية والالمركزية ،م .س ،ص.46
39يونس وحالو :دور الجماعات الترابية في صياغة المضمون التوجيهي للتخطيط الحضري ،م.س ،ص .183
40نصت المادة 13من مشروع القانون 30-07على أنه يوضع مخطط توجيه التجمع العمراني من قبل وكالة التعمير أو اإلدارة من تلقاء نفسها أو بمبادرة من
جماعة أو عدة جماعات معنية لفائدة جماعة أو عدة جماعات معنية تتألف في شكل مجموعة للجماعات طبقا ألحكام القانون رقم 78-00المتعلق بالميثاق الجماعي
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-02-297بتاريخ 25رجب 3 ( 1423أكتوبر . ) 2002المادة : 14تتخذ مجموعة الجماعات ،قبل إعداد مخطط توجيه
التجمع العمراني ،جميع التدابير الضرورية لدعوة العموم ،وعلى وجه الخصوص ،جمعيات األحياء ونقابات المالك والمهنيين وأيضا الفرقاء المعنيين ،داخل
أجل شهرين ،لإلعالن عن انشغاالتهم وتطلعاتهم بخصوص الرقعة موضوع الدراسة في حالة عدم اتفاق األطر المعنية على تحديد المناطق ،كالمناطق الواجب
فتحها للتعمير ،واألماكن الممنوعة على التعمير ،والمناطق التي يتعين القيام بحمايتها والحفاظ عليها أوال إبراز قيمتها ،وعلى مبادي تنظيم النقل والتنقل المذكورة
في المادة 11أعاله ،يتم اللجوء إلى تحكيم لجنة يحدد تأليفها وطرق عملها بموجب نص تنظيمي
12
السلطة الحكومية بمختلف الوثائق المتعلقة بالرقعة الجغرافية المراد تهيئتها من طرف مختلف اإلدارات
41
والمؤسسات العمومية داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر يحتسب من تاريخ توصلها بطلب االدارة بذلك.
هذا ما جاء التنصيص عليه في المادة 3من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 42 12.90وذلك بعد اإلحالة
عليه من قبل المادة 6من القانون السابق الذكر .والدراسات التمهيدية في هذا اإلطار تنصب على مختلف
الجوانب التي تهم المجال المحلي من الناحية الديموغرافية واإلقتصادية واالجتماعية والعقارية
والتجهيزات األساسية والمرافق العامة ،وكذلك العالقات اإلقتصادية الموجودة بين مجال المدينة
المدروسة والمدن المجاورة وبالتالي هذا يقضي جمع معلومات ومعطيات متنوعة ومحددة على
المستويين المركزي والمحلي وحتى على مستوى السكان.
وبعد المرحلة التحضيرية للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية تأتي مرحلة أخرى ال تقل أهمية عن
هذه المرحلة و هي مرحلة اإلعداد الفعلي.
يتولى اإلشراف على إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بعد إنجاز األعمال التمهيدية
وبحث وتوجيه الدراسات المتعلقة به في مختلف مراحلها لجنة مركزية 43تعمل تحت رئاسة اإلدارة
المكلفة بالتعمير التي لها صالحية تحديد جدول أعمال هذه اللجنة وتسهر هذه األخيرة على القيام بأعمال
السكرتارية ويمكن لهذه اللجنة أن تطلب االستعانة بخبرة كل من رأت فائدة في االسترشاد بآرائه وبعد
استنفاذ إعداد مشروع المخطط في هذه المرحلة وتحديد عناصره تتكفل اإلدارة المكلفة بالتعمير بأمر
عرضه بعد ذلك على أنظار لجنة محلية تضم إلى جانب الوالي أو عامل اإلقليم أو العمالة المعنية بصفته
رئيسا لها تعود إليه صالحية تحديد جدول أعمالها كل من :أعضاء اللجنة التقنية المعنية التابعة للعمالة
أو اإلقليم التي تتألف بدورها من :الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم المعني باألمر ،رؤساء الدوائر .
رؤساء المصالح الخارجية التابعة للدولة ،مديري المؤسسات العامة .رؤساء المجالس الجماعية المعنية
بالمخطط ؛ رؤساء الغرف المهنية .ويمكن لهذه اللجنة بدورها ان تستعين باهل الخبرة والدراية إذا
رأى رئيسها ما يدعو لذلك وتناط بها مه ام حراسة مشروع المخطط وإبداء رأيها حول مقتضياته في
41مصطفى المعمر ،أحمد أجعون :إعداد التراب الوطني والتعمير ،م.س ص .156
42مرسوم رقم 2.92.832صادر في 27من ربيع اآلخر 14( 1414أكتوبر )1993لتطبق القانون 12-90المتعلق بالتعمير.
43حسب المادة 4من المرسوم التطبيقي للقانون رقم : 12.90تحدث برئاسة السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير او ممثلها لجنة مركزية لمتابعة إعداد المخطط
التوجيهي للتهيئة العمرانية يعهد إليها ببحث وتوجيه الدراسات المنجزة في مختلف مراحل إعداد المخطط التوجيهي المذكور
وتضم اللجنة المركزية المذكورة : :ممثل الوزير المكلف بالداخلية ؛ ممثل الوزير المكلف باألشغال العمومية ؛و ممثل الوزير المكلف بالفالحة؛ ممثل الوزير
المكلف بالتجارة والصناعة؛ و ممثل الوزير المكلف بالسكنى؛ ممثل الوزير المكلف بالشؤون الثقافية؛ المكلفة باإلحصاء؛ ممثل الوزير المكلف بالنقل ؛ ممثل
الوزير المكلف باألوقاف ؛ ممثل وزير الشبيبة و الرياضة ؛ ممثل الوزير المكلف بالتربية الوطنية ؛ -ممثل الوزير المكلف بالصحة العمومية ؛ ممثل الوزير
المكلف بالطاقة والمعادن ؛ :مثل اإلدارة المكلفة بالدفاع الوطني ؛ .مثل الوزير المكلف بالسياحة و ممثل الوزير المكلف باالتصاالت السلكية والالسلكية و مدير
أمالك الدولة أو ممثله ؛ الوالة وعمال األقاليم والعماالت المعنية ؛ رؤساء مجالس الجماعات المعنية ورؤساء المجموعات الحضرية المعنية ؛ مدير الوكالة
الحضرية في حالة وجودها.
13
بيان موجز يتعين عليها إحالته مدعوما بمحضر إلى اللجنة المركزية في غضون 15يوما من انتهاء
44
أعمالها حيث يعود لهذه األخيرة ( اللجنة المركزية ) أمر البث في هذا البيان والمحضر.
وبعد أن تقوم هاتان اللجنتان بدراسة ومتابعة إعداد مشروع المخطط على المستوى المركزي
والمحلي 45تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير مهام عرضه قبل الموافقة النهائية عليه على أنظار
المجالس الجماعية المعنية كي تقوم من جانبها بأمر دراسته واإلدالء بمقترحاتها حول مضمونه داخل
أجل ثالثة أشهر من تاريخ إحالته عليها من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير ،وفي حالة سكوت
هذه المجالس إلى ما بعد انصرام أجل ثالثة أشهر المحددة ،فإن سكوتها يفسر بعدم وجود أي مقترح
46
من جانبها.
وتجدر المالحظة إلى أن مشروع المخطط قد يخضع لتعديالت في مختلف المراحل التي يمر منها
وذلك بهدف اعتبار اإلقتراحات التي تتقدم بها اللجان والمجالس المحلية في مختلف مراحل دراسته.
وبعد استكمال مشروع المخطط يتم الموافقة عليه وذلك وفق إجراءات وشروط محددة من قبل
القانون .إذن هذا ما يتعلق بالقواعد المنظمة لمخطط توجيه التهيئة العمرانية.
إذا كان المشرع أحال بخصوص الموافقة على مخطط التوجيه التهيئة العمرانية على اإلجراءات
والشروط التي يحددها المرسوم التطبيقي للقانون رقم 12.90المتعلق بقانون التعمير بموجب مقتضيات
المادة السادسة ،فإن الموافقة تتم بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية ويصدر اقتراح من السلطة
الحكومية المكلفة بالتعمير بعد استطالع رأي وزير الداخلية ووزير المالية المكلف باألشغال العمومية
والوزير المكلف بالفالحة حسب مقتضيات المادة ثمانية من القانون التنظيمي لقانون التعمير .47فبعد
المصادقة على هذا المخطط ينتج آثار خاصة وعامة ،تهم األولى المتدخلين في مجال العمران والوثائق
التعميرية البعدية ،فضال عن خضوع األفراد لتوجهات هذه الوثيقة ،عالوة على إحداث لجنة خاصة
44مصطفى المعمر ،أحمد أجعون :إعداد التراب الوطني والتعمير ،م.س ص .158
45الحاج شكرة :الوجيز في قانون التعمير المغربي ،م.س ،ص .78
46المادة 7من القانون 12-90المتعلق بالتعمير.
-47تجدر اإلشارة إلى أن مشروع مدونة التعمير عدل هذه اإلجراءات من خالل جعل هذه المصادقة على مخطط توجيه التعمير العمراني بقرار لوالي الجهة
المعنية بعد موافقة مجموعة الجماعات المعنية واإلدارة المختصة.
و عندما يتعلق نطاق دراسة مخطط توجيه التجمع العمراني برقعة أرضية تجمع مناطق خاضعة لواليتي جهتين أو أكثر فإن المصادقة عليه تتم بقرار تتخذه السلطة
الحكومية المكلفة بالتعمير.
و طبعا يتم نشر النص القاضي بالمصادقة على مخطط توجيه التجمع العمراني بالجريدة الرسمية بموجب المادة 16من مشروع مدونة التعمير.
14
لمتابعة تنفيذ توجات هذا المخطط .إلى جانب آثار عامة تتجلى في تنزيل هذا المخطط التوجيهي على
أرض الواقع من خالل رصد اإلكراهات و اآلفاق الواعدة له.
بعد الموافقة على مخطط توجيه التهيئة العمرانية و نشره بالجريدة الرسمية يدخل حيز التطبيق
و يكتسب ا لقوة الملزمة في مواجهة المخاطبين به ،و خاصة المتدخلين و المخاطبين بأحكامه(أوال)،
عالوة على أنه بعد ذلك تحدث لجنة مكلفة بمتابعة تنفيد توجهاته(ثانيا).
تتمظهر آثار المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية في مواجهة المتخلين فيه (اإلدارة) و الوثائق
المتعلقة بالتعمير ،و أخيرا بيان آثاره إزاء األفراد.
بموجب المادة 9من قانون التعمير رقم ، 12.90يجب على الدولة و الجماعات الترابية و
المؤسسات العامة و على أشخاص القانون الخاص المعنوية التي يكون رأسمالها بأجمعه مملوكا للدولة
أو الجماعات الترابية و المؤسسات العامة أن تتقيد بأحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية.
يالحظ من خالل هذا النص أن المشرع ألزم الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية و
كذلك أشخاص القانون الخاص الذي يكون رأسمالهم مملوكا ألحد األشخاص المعنوية العامة أو
باإلشتراك مع أشخاص معنوية عامة أخرى التقيد بأحكام و توجهات مخطط توجيه التهيئة العمرانية ،
ذلك أن جميع البرامج و المشاريع و القرارات اإلدارية الصادرة عتها يجب أن تحترم التوجهات التي
رسمها هذا المخطط.
و فيما يخص مدى إ لزامية أحكام المخطط بالنسبة لألشخاص المخاطبة به ،فإن المشرع المغربي
كان صارما في مسألة اإللزامية عندما استعمل لفظة" يجب" و ذلك عكس التشريع المقارن الذي يأخذ
بنوع من المرونة بنصه على درجة أدنى من الجوب مثال " التوافق" في مقابل التطابق الناتج عن لفظة
الوجوب أعاله بين مخطط توجيه التهيئة العمرانية و بين التجهيزات و المشاريع و البرامج و
االستعماالت التي تود األشخاص المعنوية العامة أو الخاصة القيام بها في الرقعة األرضية المغطاة
بالمخطط .و ال شك أن مفهوم التطابق الذي تبناه المشرع المغربي ستتولد عنه مشاكل و صعوبات
أثناء تطبيق نص المادة 9من نفس القانون ،ذلك أن التقيد بأحكام المخطط التوجيهي يفترض الدقة سواء
من حيث المجال أو تلزمان و هو ما ال يتوفر في مخطط هدفه األساسي هو تحديد التوجهات العامة
15
للتهيئة الحضرية للمنطقة التي يغطيها ،األمر الذي ستضطر معه اإلدارة تجاوزا لهذه الصعوبات إلى
تفسير النص تفسيرا واسعا إلدخال بعض المرونة التي تفتقدها صيغته.48
األكثر من ذلك أن مفهوم المطابقة الوارد في نص المادة أعاله نجده كذلك في المادة 11من قانون
التعمير فيما يتعلق بوثائق التعمير األدنى مرتبة من مخطط توجيه التهيئة العمرانية ،و هكذا نجد أن
المشرع نص في المادة 11من ذات القانون على أن تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية
المنظمة في الظهير الشريف رقم 1.60.063بتاريخ 25يونيو 1960المتعلق بتنمية التجمعات القروية،
يجب أن تتقيد بأحكام مخططات توجيه التهيئة العمرانية المنصوص عليها في المادة 4من نفس القانون.
أما فيما يخص وثائق التعمير – أي تصاميم التهيئة و تصاميم التنطيق و تصاميم التنمية -الموافق
عليها قبل تاريخ نشر النص المصادق بموجبه على مخطط توجيه التهيئة العمرانية ،فإنها تظل سارية
المفعول بشرط أن تكون أحكامها تتالءم مع الخيارات الواردة فيه.49
و في حالة مخالفة أحكام تصاميم التهيئة أو تصاميم التنطيق المشار إليها أعاله للتوجهات األساسية
المقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية ،فإنه يجب أن يتخذ – داخل أجل شهر على األكثر من تاريخ
الموافقة على هذا المخطط -مقرر رئيس المجلس الجماعي بعد مداوالت المجلس يقضي بدراستها وفق
أحكام المادة 5021من هذا القانون و تحدد فيه المناطق التي يجب أن توضع لها تصاميم تهيئة جديدة.51
تجدر اإلشارة إلى أن هناك قاعدة مفادها أن وثائق التعمير ال تكون لها آثار ملزمة إزاء األفراد إال
إذا تعرفوا عليها و اطلعوا على محتواها خالل بحث علني ينظم قصد تبيان منافعه و مضاره ،و تسجل
- 48عبد السالم المصباحي ،محاضرات في إعداد التراب الوطني و التعمير ،ط /1مطبعة إنفوبرانت ،1997 ،ص .60 :
-الفقرة األولى من المادة 12من قانون التعمير49 .
-50تنص المادة 21من قانون التعمير على أنه " :قبل وضع تصميم التهيئة ،يجوز اتخاذ قرار يقضي بالقيام بدراسته ويعين حدود
الرقعة األرضية التي يشملها تصميم التهيئة
المزمع دراسته.
يصدر رئيس مجلس الجماعة بطلب من اإلدارة أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد أن يتداول المجلس
في ذلك.
ويستمر مفعول القرار المشار إليه أعاله مدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ويجوز تجديده مرة واحدة
لمدة مساوية للمدة األولى".
-51الفقرة الثانية من المادة 12من قانون التعمير.
16
أثناءه مالحظات و اقتراحات المعنيين باألمر ،و تجدر اإلشارة إلى أن مثل هذا البحث العلمي ال يتم
52
حول مشروع المخطط التوجيهي ،فهل هذا معناه أن المخطط ال يلزم األفراد؟
لقد أجاب المشرع بالنفي بعدما نص في المادة 10من القانون رقم 12.90على أن كل مشروع
تجزئة أو مجموعة سكنية أو مشروع بناء ال يمكن اإلذن في إنجازه في حالة عدم وجود تصميم تهيئة
أو تصميم تنطيق ،إال إذا كان ال يتنافى و األحكام المقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية المتعلق
بالمناطق العمرانية الجديدة و األغراض العامة المخصصة لها األراضي الواقعة فيها.
غير أن نص المادة أعاله يميز بين حالتين :يتعلق األمر في الحالة األولى بتغطية الحقة بمخطط
توجيهي لمنطقة معينة تتوفر على تصميم تنطيق أو تصميم تهيئة ،فعند طلب رخص التعمير -مثال
رخصة البناء أو التجزئات السكنية -تطبق مقتضيات هذه التصاميم إذا كانت ال تتنافى و مقتضيات
المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.
أما في الحالة الثانية ،و هي حالة العكس ،فيتعين على اإلدارة المكلفة بالتعمير أن تشرع في دراسة
تصميم تنطيق جديد و بالتالي تصميم تهيئة جديد وفق المسطرة المشار إليها سابقا ،و هي المنصوص
عليها في المادة ،12و أثناء هذه الفترة يؤجل رئيس المجلس الجماعي البت في الطلبات الرامية إلى
إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء 53حتى بعد نشر القرار.
لذلك نجمع القول في أن اآلثار القانونية المترتبة عن مخطط توجيه التهيئة العمرانية تتمثل فيما يلي :
-1ضرورة تقيد الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية بأحاكم مخططات التوجيه.
-2ضرورة تقيد تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة و مخططات تنمية التكتالت العمرانية القروية
بأحكام مخططات التوجيه.
-3ضرورة تالؤم مشاريع البناء و التجزيئي و إحداث المجموعات السكنية في حالة غياب تصميم
54
التنطيق و تصميم التهيئة مع أحكام مخططات التوجيه.
-52عبد السالم المصباحي ،محاضرات في إعداد التراب الوطني و التعمير ،م س ،ص.60:
-53الحاج شكرة ،الوجيز في قانون التعمير المغربي ،م س ،ص82:
-54توفيق بنعلي ،وثائق التعمير ،الحصيلة و إكراهات التنفيذ ،م س ،ص.36:
17
ثانيا :إحداث لجنة متابعة تنفيذ توجهات المخطط
يعتبر إحداث الجنة المكلفة بمتابعة إنجاز المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية أهم مرحلة بعد إعداده،
فضمانا إلنجاز و تنزيل توجهات المخطط و القيام بالتجهيزات المهيكلة المجال في أوقاتها و مراحلها
و تنسيقها ألنشطة المتدخلين ،فقد نص المشرع المغربي في المادة 9من المرسوم التطبيقي رقم
2.92.832الصادر بتاريخ 14أكتوبر 1993على إحداث لجنة لمتابعة إنجاز المخطط التوجيهي
للتهيئة العمرانية يعهد إليها تتبع تنفيذ التوجهات المحددة في المخطط التوجيهي و السهر بوجه خاص
على إنجاز مراحله و القيام بتنشيط أعمال التهيئة المقررة فيه و الحث عليها و تنسيقها.
فبعد الموافقة على المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ،يشرع في إحداث اللجنة المذكورة و التي
تتكون بموجب المادة 10من القانون التنظيمي لقانون التعمير من :
و يمكن أن يدعو الرئيس للمشاركة في أعمال اللجنة المذكورة كل شخص يرى فائدة في االسترشاد
برأيه.
و تجتمع اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ المخطط التوجيهي بدعوة من رئيسها كلما كان ذلك ضروريا
و مرتين في السنة على األقل ،كما أن رئيس اللجنة المذكورة يقوم بانتظام بإخبار السلطة الحكومية
المكلفة بالتعمير بمختلف مراحل إنجاز المخطط التوجيهي ،و ذلك بصريح عبارة نص المادة 11من
القانون التنظيمي لقانون التعمير.
ما يؤخذ على هذه المرحلة المهمة هو عدم تنصيص المشرع على الجهة المكلفة بإحداثها ،رغم أن
الوالي أو العامل هو رئيسها و الذي يمكن أن يحدثها بنفسه ،إال أنه لم يفعل ذلك كما فعل بالنسبة لوضع
مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية حيث المبادرة من قبل اإلدارة و بمساهمة من الجماعات المحلية
،و حتى المصادقة عليه من قبل السلطة الحكومية ،و في مشروع مدونة التعمير من طرف العامل ،و
هذه النقطة لم ينتبه إليها المشرع حتى في مشروع مدونة التعمير.
18
الفقرة الثانية :تقييم إرساء مخطط توجيه التهيئة العمرانية
إذا كان المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يعتبر وثيقة حضرية لتخطيط العمران تسعى إلى ضبط
تدبير المجال الترابي ،و تشكل إطارا مرجعيا لتفعيل مشاريع االستثمارات في ميدان التجهيزات و
البنيات التحتية و المشاريع االقتصادية ،فإن تنفيذ هذا المخطط على أرض الواقع يعرف عدة إكراهات
و معيقات وجب تجاوزها .فما هي أهم إكراهات تنفيذ المخطط التوجيهي؟ و ما هي سبل و آفاق
تجاوزها؟
إن تنفيذ مخطط توجيه التهيئة العمرانية تعترضه عدة إكراهات منها ما يندرج في إطار مالحظات
عامة بخصوص وثائق التعمير ،و أخرى خاصة .
*تتمثل أول مالحظة في عدم انسجام نصوص التعمير مع النصوص األخرى ذات العالقة و عدم
تناسقها بل تناقضها و تضاربها ،ذلك أنه في الغالب األعم توضع نصوص التعمير بمعزل هن دراسة
النصوص المرتبطة بها كالنصوص المنظمة للممتلكات و خاصة العامة و نصوص الجبايات المحلية و
نصوص المؤسسات المرتبة و المزعجة للصحة و الوقاية الصحية و اإلرتفاقات اإلدارية المختلفة
كنصوص اإلرتفاقات العسكرية و ارتفاقات السكك الحديدية و الملك العام البحري و غيرها و نصوص
البيئة و المقالع و بعض النصوص المتعلقة بالمؤسسات العمومية و ضم األراضي إلخ.55
و هذا النقص في عدم االنسجام بين نصوص التعمير و باقي النصوص يؤثر طبعا في انتظارات
المخطط التوجيهي بل يضعفها .
فمثال من الضروري مالءمة نصوص التعمير الحالية مع القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق
بالجماعات ،فهذا القانون اسم يعد يفرق بين الجماعات الحضرية و القروية و لم يعد يسميها جماعات
محلية بل ترابية في الوقت الذي نجد نصوص التعمير ال تزال تكرس هذه التفرقة .بل إن ظهير 25
يونيو 1960المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية ال زال النص األساسي الذي ينظم التعمير بالوسط
القروي رغم قدم مقتضياته و عدم مالءمتها مع التطورات المستجدة .
-55محمد بوجيدة ،بعض مظاهر القصور و الخلل في نصوص التعمير بالمغرب ،م س ،ص.117
19
أما المناشير و الدوريات التي صدرت صدرت في ميدان التعمير و التي تتناقض مع نصوص و
وثائق التعمير ،فيكفي اإلشارة إلى الدورية المشتركة بخصوص شروط استفادة المشاريع االستثمارية
من استثناءات في مجال التعمير (عدد /21و )3020/بتاريخ 4مارس 2003الموجهة لوالة الجهات و
عمال العماالت و األقاليم ،فهذه الدورية أقرت استثناءات بخصوص قانون التعمير و وثائقه بحيث
خولت للجنة جهوية برئاسة والي الجهة دراسة و اتخاذ القرار بخصوص الطلبات الرامية إلى االستفادة
من االستثناء في مجال التعمير ،لدرجة يمكنها اتخاذ قرار الترخيص "بمشروع استثماري" و لو بمخالفة
ضوابط التعمير و وثائق ال سيما مخطط توجيه التهيئة العمرانية ،و ذلك بإنجازه في أماكن مخصصة
في تصميم التهيئة لتجهيز أو مرفق عمومي أو فوق أرض مخصصة لحديقة أو منتزه أو ملك غابوي
أو غير ذلك .بل جاء في الدورية المذكورة أن إقرار مثل هذه االستثناءات يتم لتجاوز بعض المعوقات
في هذا المجال و خاصة وثائق التعمير التي تشكل أحيانا عرقلة إلنجاز المشاريع االستثمارية ،و هكذا
اعتبرت وثائق التعمير المقررة بمرسوم و الملزمة للجميع و التي مولت بمبالغ مالية مهمة عرقلة
للمشاريع االستثمارية .56
*باإلضافة إلى إكراه تعدد و تعقد األنظمة العقارية بالمغرب ،بحيث نجد مثال األراضي الساللية و
ما تطرحه من صعوبات و كذا أراضي الكيش و األراضي غير محفظة ثم أراضي الدولة العامة و
الخاصة ،فوضعية هذه األنظمة تزداد تعقيدا بعلة كون وثائق التعمير تتسم بالتشدد و الصرامة ،ذلك أن
تصميم المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ملزم للمؤسسات العمومية و باقي الشركاء ،إذ يتعين األخذ
به بمجرد نشر مرسوم الموافقة عليه بالجريدة الرسمية.
ناهيك عن المناشير الكثيرة التي تصدر لسد ثغرات التعمير أو وضع مقتضيات جديدة أو إقرار
استثناءات.
لذلك فإن تعدد القوانين و الدوريات يؤثر في فعالية تنفيذ وثائق التعمير و خاصة مخطط توجيه التهيئة
العمرانية ،ال سيما أمام تغطية غير كاملة للتراب الوطني بمؤسسة الوكاالت الحضارية.57
* و الواقع أبان على أن عدم االنسجام و التناسق بين النصوص يرجع في المقام األول إلى كون أن
نصوص التعمير غير واردة في مدونة بحيث يسهل معرفتها لتفادي التناقضات التي قد تحصل بينها أو
غموض محتوياتها .فحتى اآلن و باستثناء بعض المحاوالت البسيطة التي قامت بها بعض اإلدارات و
*من ضمن أهم المالحظات المسجلة حول توجهات المخطط المومأ إليها أعاله هو وجود تقديرات
و توقعات تفوق الحاجيات ،فغياب المنطق فيما يخص البرامج و التوجهات التي تتقدم بها مختلف
الجهات اإلدارية المعنية يجعل في بعض األحيان البرامج المقدمة بعيدة عن الواقع ،و تستلزم إعادة
تكييفها لمالءمتها مع تهيئة الوضعية الحقيقية و اإلمكانيات المتوفرة .
*كما يعاب علة مرحلة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية طول مدة اإلجراءات سواء أثناء
إعداده أو الموافقة عليه ،و ذلك راجع إلى عدم تحديد المشرع تاريخ بدأ و انتهاء المراحل التي يقطعها
هذا المخطط ،حيث يبقى ذلك خارج أي ضبط زمني الستسالم مواقف و آراء مختلف المصالح و الهيآت
اإلدارية المعنية بالمشروع ،األمر الذي يجعل البعض منها يحتفظ بالمشروع مدة طويلة ،ترهن معها
مستقبل التهيئة العمرانية و االستجابة للحاجيات المتجددة للواقع اإلقتصادي و اإلجتماعي مما يؤثر سلبا
على المراحل األخرى. 59
*األكثر من ذلك يحصل تداخل و تشابك بين اختصاصات مختلف السلطات و الفاعلين في ميدان
التعمير بسبب تشتيت صالحيات إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية بين مجموعة من المتدخلين بدل
إسناد األمر لجهة واحدة تتوفر على الوسائل الكفيلة بفرض احترام ضوابط التعمير و وثائقه ،60عالوة
على ضعف مشاركة المجالس الجماعية بسبب افتقار أعضائها إلى التأهيل الكافي للمساهمة في إعداد
مثل المخطط التوجيهي الهام ،فهذا ينتج عنه تضارب المصالح و وجهات النظر ،و يضعف من احتمال
إعداد المخطط.
و يزداد اإلكراه المالي تعقدا نتيجة التناقض شبه الكلي بين البرمجة و الواقع ،إذا غالبا ما يتم اقراح
مساحات تفوق بكثير المتطلبات الفعلية .و يمكن ان نرجع ذلك إلى عدة أسباب نذكر منها ما يلي:
-غياب التنسيق بين الدراسات المتعلقة بالتخطيط العمراني و إحصائيات السكن .
-وجود شرخ بين التخطيط المجالي من جهة و التخطيط االقتصادي و إعداد الميزانية من جهة
أخرى .
-عدم تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بتتبع تنفيذ وثائق التعمير سواء تعلق األمر باللجنة
المنصوص عليها في المادة 9من القانون رقم 12.90أو إجراءات التتبع المبنية في المادة 2
من ظهير 30شتنبر 1993المنظم الوكاالت الحضرية فيما يتعلق بالمخطط التوجيهي للتهيئة
العمرانية. 62
-61فعلى سبيل المثال ما عرفته مدينة الدار البيضاء ،فبعد صدور 23تصميم تهيئة – منذ سنة -1989تشمل مجموع جماعاتها لم تتمكن
السلطات العمومية من اقتناء سوى حوالي %17من المساحات المخصصة للتجهيزات والمرافق العمومية ]2[.فمن أصل 2172مشروعا
بالدار البيضاء متعلقا بالتجهيزات المدرسية و التكوين المهني والتجهيزات الصحية والتجهيزات العمومية لم يتم إنجاز -على مدى 9
سنوات ( -)1998-1989سوى 286مشروعا من مجموع المرافق المسطرة في وثائق التعمير .وعلى مستوى المساحات فإن التجهيزات
المنجزة تشغل 185هكتار بنسبة %18من المساحة اإلجمالية المخصصة للتجهيزات في تصاميم التهيئة والتي تقدر ب 1014هكتار
حيث ال يتعدى معدل وتيرة اإلنجاز 26مشروعا في السنة.
ويعتبر القطاع الصحي من أفظع القطاعات المتضررة ،إذ لم تتعد نسبة التنفيذ %9بحصة 14مشروعا من أصل 164مؤسسة صحية.
أما بخصوص التجهيزات التعليمية فقد برمجت تصاميم التهيئة 524مؤسسة تعليمية على مساحة 81هكتار محققة بذلك أكبر نسبة إلنجاز
المرافق العمومية وصلت .%21
في مقابل وجود هذه المثالب و الثغارات في المنضومة القانونية للتعمير و التي تعترض سبيل إعداد
و تنفيذ مخططات تصميم توجيه التهيئة العمرانية ،هناك مجهوذات مبذولة في ميدان تغطية المجاالت
العمرانية الحضرية منها و القروية ،و تتجلى أهم هذه األعمال في :
-تعميم الوكاالت الحضرية على مجموع التراب الوطني باعتبارها أجهزة متخصصة ،حيث
ارتفع عدد هذه المؤسسات من 11سنة 2000إلى 30مؤسسة سنة .2014
-الرفع من ميزانية االستثمار لفائدة الوكاالت الحضرية قصد إنجاز الدراسات المتعلقة بإعداد
وثائق التعمير و الدراسات الحضرية ،حيث ارتفعت من 20مليون درهم سنة 2002إلى 150
مليون درهم سنة ،2011أي زيادة 75في المائة .
-تعبئة موارد مالية إضافة في إطار اتفاقيات شراكة مع الجماعات الترابية و المؤسسات األخرى
لتمويل إعداد وثائق التعمير. 63
-على مستوى جهة فاس مكناس ،تم القطع مع وجود وكالة حضرية واحدة ،بل توجد وكالتين
حضاريتين ،األولى تهم الوكالة الحضرية لفاس الكبير ،و الثانية تتعلق بالوكالة الحضرية
لمكناس الكبير
كما أن من أهم آفاق مخطط توجيه التهيئة العمرانية هو البعد التشاركي أو التعمير التشاركي ،ذاك
أنه في محاولة إلضفاء طابع الدمقرطة على مسلسل قرار المخطط ،تروم التوجهات الرسمية نحو
إلزام األجهزة المختصة بإتخاذ اإلجراءات الالزمة لإلستطالع اهتمامات وانشغاالت الفرقاء
اإلقتصاديين واإلجتماعيين والثقافيين كالهيئات المهنية وجمعيات األحياء والمنعشين العقاريين ووكالء
اتحادات المالك المشتركين وغيرهم .64
ويعد التعمير التشاركي طريقة إلشتراك المواطنين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في إعداد
ووضع وثائق التعمير بما يضمن اإلسهام في تلبية حاجيات الساكنة وتوفير شروط اإلندماج اإلجتماعي
والتكامل المجالي.
خاتمـــــــــة:
يظهر جليا من خالل عرضنا ألهم المقتضيات القانونية المؤطرة و المؤسسة للمخطط التوجيهي
للتهيئة العرانية األهمية التي يوليها له المشرع ،رغم وجود العديد من المثالب و النواقص و العيوب
في التنظيم العام العام له ،فإذا كان العمران يعتبر المرآة العاكسة للدولة تبين فيها مستوى حضارتها
ومدى تطورها ،فإن مخطط توجيه التهيئة العمرانية هو مناط هذا اإلنعكاس ،إذ يعتبر آلية من آليات
الرقابة القبلية التي تعمل على النهوض بالتنمية المحلية وتحقيق األهداف المسطرة والتي كرسها قانون
التعمير والمراسيم التطبيقية له ،حيث يسعى إلى يإيجاد نظام عمراني متوازن ومتكامل في شتى
المجاالت ،تشييد المدن وتسيير حركة البناء بالقواعد المرسومة منه ،بغرض الحصول على تناسق
وجمال عمراني و بلوغ درجة التنمية المرجوة من هذا القطاع الهام.
-65أحمد مالكي ،حسن الشتوكي ،الجماعات والحق البيئي من منظور تعميري -الجماعات الترابية وحقوق اإلنسان-منشورات مركز
الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية ،ط ، 2017 ، 1ص.169 :
24
الكتــــب:
الحاج شكرة ،الوجيز في قانون التعمير المغربي ،دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع،
ط .2011 ،6
عبد الرحمن البكريوي :التعمير بين المركزية والالمركزية ،الطبعة األولى ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،السنة 1993
مصطفى المعمر ،أحمد أجعون ،إعداد التراب الوطني والتعمير ،المجموعة البيداغوجية
لوحدة تدبير المجال ،ط ، 1مطبعة سجلماسة ،السنة .2017/2018
حسن الكتمور ومحمد زريق :دور وثائق التعمير في التخطيط العمراني وتنظيم السوق
العقارية بالمغرب ،كتاب جماعي دولي محكم :أثر السوق العقارية على إنتاج المدينة
العربية بين التشريع والتطبيق ،المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية
والسياسية واإلقتصادية ،الطبعة األولى ،ألمانيا \برلين ،السنة .2021
عبد السالم المصباحي ،محاضرات في إعداد التراب الوطني و التعمير ،ط /1مطبعة
إنفوبرانت .1997 ،
محمد عمري ،التعمير و حقوق االنسان ،أي دور لالمركزية الترابية الجماعية ،منشورات
الدراسات في الحكامة و التنمية الترابية ،مطبعة الحسيس دايزين.2017 ،
أطروحات و رسائل:
نور الدين أفقير :دور الوكاالت الحضرية في ميدان التعمير ،رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون العام تخصص تدير الشأن العام ،جامعة السويسي كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية الرباط ،السنة الجامعية . 2011-2010
المقاالت:
عبد الرحمان رشيق ،السياسة العمرانية و العالقات اإلجتماعية في المغرب ،مقال منشور
بمجلة "عمران" ،العدد 18خريف ،2016
25
محمد بوجيدة ،مظاهر القصور و الخلل في نصوص التعمير بالمغرب ،مظاهر القصور
و الخلل ،مقال منشور بمجلة المناظرة عدد 18يونيو 2016
توفيق بنعلي ،وثائق التعمير ،الحصيلة و إكراهات التنفيذ ،مقال منشور بمجلة مؤسسة
وسيط المملكة المغربية عدد 3دجنبر . 2014
حميد بري ،اآلليات المعتمدة لحكامة التخطيط للعمراني – التعمير التوجيهي نموذجا
– منشور بمجلة المعلومة القانونية اإللكترونية الصادر بتاريخ 13نونبر 2020
يونس وحالو :دور الجماعات الترابية في صياغة المضمون التوجيهي للتخطيط
الحضري .مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد .2015 /08
عبد الرحيم البداوي ،في معيقات تنفيذ وثائق التعمير و سبل التجاوز ،مقال منشور بمجلة
مغرب القانون
أحمد مالكي ،مخططات التهيئة والبعد الزمني بالمغرب ،المجلة المغربية لألنظمة
القانونية والسياسية ،العدد الخاص رقم
المواقع اإللكترونية:
https://maraje3.com/2011/02/urban-planning-implications-lack-
funding-urban-planning /
26
:
3 .........................................................................................................
المطلب األول :القواعد المنظمة لمخطط توجيه التهيئة العمرانية 6 .......................................
الفقرة األولى :اإلطار المفاهيمي لمخطط توجيه التهيئة العمرانية 6 ....................................
أوال :مفهوم المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ونطاقه 6 ...........................................
ثانيا :غرض المخطط التوجيهي ومحتواه 9 ..............................................................
الفقرة الثانية :مسطرة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية 12 .................................
أوال :المرحلة التحضيرية للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية 12 ..................................
ثانيا :مرحلة اإلعداد الفعلي للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية 13 .................................
المطلب الثاني :النتائج المترتبة عن مخطط توجيه التهيئة العمرانية 14 ..................................
الفقرة األولى :آثار دخول المخطط التوجيهي إلى حيز التطبيق 15 .....................................
أوال :آثار المخطط التوجيهي الخاصة15 ................................................................:
ثانيا :إحداث لجنة متابعة تنفيذ توجهات المخطط 18 ....................................................
الفقرة الثانية :تقييم إرساء مخطط توجيه التهيئة العمرانية 19 ..........................................
أوال :إكراهات تنفيذ مخطط توجيه التهيئة العمرانية 19 ...............................................
ثانيا :آفاق مخطط توجيه التهيئة العمرانية 23 ..........................................................
24 ................................................................................................... :
27