Professional Documents
Culture Documents
Screenshot 2024-04-25 at 1.42.26 AMi
Screenshot 2024-04-25 at 1.42.26 AMi
الدرء لغة :الدفع ,ودرأته عني أي دفعته ,ودرأت عني الحد أي أسقطته .
إذن فمعنى درء الحدود أي دفعها وإسقاطها و إبعادها .
اَّلل إِنههُ لَ ِمنَ ْالكَا ِذبِينَ } أي يدفعه
ت بِ ه ِ اب أ َ ْن ت َ ْش َه َد أ َ ْربَ َع َ
ش َها َدا ٍ قال هللا َ {:ويَد َْرأ ُ َ
ع ْن َها ْالعَذَ َ
ويسقطه ويبعده ،والمقصود بالعذاب في هذه اآلية هو حد الزنا .
والمعنى االصطالحي ال يختلف عن المعنى اللغوي ،فمعنى درء الحدود أي دفعها وإسقاطها و
إبعادها .
أوال :الحدود لغة :جمع حد وهو المنع ومنه سمي البواب حدادا ً لمنعه الناس من الدخول .
ثانيا :الحد اصطالحا :عقوبة مقدرة واجبة حقا ً هلل تعالى .
وعرفه الشافعية :اسم للعقوبة المقامة على مستوجبها.
والمقصود بحق هللا تعالى هو حق المجتمع وهو ما يمس المجتمع كله ،وتعد العقوبة حقا ً هلل
في الشريعة كلما استوجبتها المصلحة ،وهي دفع الفساد عن الناس ،وتحقيق الصيانة والسالمة
لهم ،وكل جريمة يرجع فسادها إلى العامة وتعود منفعة عقوبتها عليهم تعد العقوبة المقررة
عليها حقا ً هلل .
لذلك فإن هناك فرقا ً بين الحدود والقصاص ،حيث إن الحدود هي حق هلل ال يجوز فيها العفو
والصفح والشفاعة ،أما القصاص فهو حق للعبد يجوز فيه العفو والصفح والصلح والشفاعة.
ثالثا :نبذة موجزة عن الحدود :
الحدود الشرعية سبعة حدود،وقد ورد بشأنها نصوص في كتاب هللا وسنة رسوله وهي
على النحو اآلتي :
سالَ ِم بَ ْعدَتَقَ ُّر ِرهِ ،وقد شدد القرآن الكريم في 1- ْ ْ
ِي اإلتْيَان ِب َما ي ْخ ِرج ِمنَ اإل ْ
جريمة الردة َ :وه َ
وعيد المرتد قال
صطتْأ َ ْع َماله ْم فِي الدُّ ْنيَا َو ْاآل ِخ َرةِ َوأولَئِكَ أ َ ْ
ت َوه َو كَافِر فَأولَئِكَ َحبِ َ { َو َم ْنيَ ْرت َ ِددْ ِم ْنك ْم َ
ع ْن دِينِ ِه فَيَم ْ
ار ه ْم فِي َهاخَا ِلدونَ } [البقرة]217 : َحاب النَّ ِ
وقال رسول هللا ( من بدل دينه فاقتلوه) .
إل َم ِام أ َ ْو نَائِبِ ِه بَ ْعدَا ِال ْستِت َابَ ِة.
وحكم المرتد أنه ي ْهدر دَمهَ ،وقَتْله ِل ْ
-3جريمة القذف:
الزنَا.الر ْمي ِب ِ ْ
القذف اصطالحا :القَذْف :ه َو َّ
وعقوبة القاذف وردت في القرآن،
ت ث ُ َّم لَ ْم يَأْت ُوا بِأ َ ْربَعَ ِة شُ َهدَا َء فَاجْ ِلدُوهُ ْمث َ َمانِينَ َج ْلدَة َو َال ت َ ْقبَلُوا لَهُ
صنَا ِ{والَّ ِذينَ يَ ْر ُمونَا ْل ُمحْ َقال َ :
سقُونَ } [النور. ]4 : َ ْ َ ُ َ
شهَادَة أبَدا َوأولئِكَ هُ ُمالفا ِ ْم َ
":إخبار عن عدله تعالى،وأنه ال يعذب أحدا إال بعد قيام الحجة عليه".
فعدالة الشريعة تأبى أن يعاقب إنسان قبل أن تقام الحجة عليه بوسائل اإلثبات المعتبرة شرعا ً
،ووجود الشبهة يتنافى مع هذا المبدأ ،ولذلك ال تقام الحدود مع ورود الشبهة.
قال ( ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعاً) قال :قال رسول هللا -عن أبي هريرة 2-
(ادرءوا الحدود بالشبهات) قال :قال رسول هللا عن ابن عباس 3-
ع ْن َ
ع ِلي ٍ 4- يَقول :قَالََ :
س ِم ْعت َرسو َل هللاِ َ
إل َم ِام أ َ ْن ي َع ِط َل ْالحدودَ ". واالحدودَ َو َال يَ ْنبَ ِغي ِل ْ ِ " اد َْرء ْ
قال له ( :لعلك قبلت أو غعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :لما أتى ماعز بنمالك النبي 5-
مزت أو نظرت ) .قال :ال يا رسول هللا ،قال ( أنكتها ) .ال يكني قال فعندذلك أمر برجمه.
وهذه األسئلة من النبي المقصود به االحتيال للدرء بعد الثبوت؛ ألنه كان بعد صريح
اإلقرار ,وإن لم يكن هذا فال فائدة إذن من التلقين.
و" 6-
فَ جا َءتْه ار ِج ِعي َ ط ِه ْرنِي ،فَقَا َل َ :و ْي َح ِك ْ هلل َ ، وال ِ ت َ :يا َرس َ َام ٍد ِمنَ األ َ ْز ِد ،فَقَالَ ْ ا ْم َرأَة ِم ْن غ ِ
ت :أ َ َراكَ ت ِريد أ َ ْن ت َر ِددَ ِني َك َما َردَّدْتَ َما ِعزَ ْبنَ َمالِكٍ ،قَا َل َ :و َما ذَا ّللا َوتو ِبيإِلَ ْي ِه فَقَالَ ْ ا ْست َ ْغ ِف ِري َّ َ
ض ِعي َما فِي بَ ْ
ط ت :نَعَ ْم ،فَقَا َل لَ َها َ :حتَّى ت َ َ ت ؟ قَالَ ْ الزنَى ،فَقَالَ :آ ْن ِ ت :إِنَّ َها ح ْبلَى ِمنَ ِ ِك ؟ قَالَ ْ
سلَّ َم ،
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللا َ ي َ ت ،قَا َل :فَأَت َى النَّ ِب َّ ض َع ْار َحتَّى َو َ ص ِنِ ِك ،قَا َل :فَ َكفَلَ َها َرجل ِمنَ األ َ ْن َ
ضعه ،فَقَ َ
ام سلَه َم ْن ي ْر ِ يرا لَ ْي َ ص ِغ ً َام ِديَّة ،فَقَا َل ِ :إذًا الَ ن َْرجم َها َونَدَع َولَدَهَا َ ض َعتِ ْالغ ِ فَقَا َل :قَدْ َو َ
هللا ،قَا َل :فَ َر َج َم َها". ي ِ ضاعه َيا نَ ِب َّ ار ،فَقَا َل ِ :إلَي ََّر َ ص ِ َرجل ِمنَ األ َ ْن َ
ثالثا ً :الدليل من آثار الصحابة رضي هللا عنهم:
ام ٍر ،قَالوا1- : ّللا ْبنَ َمسْعودٍ ،وع ْقبَةَ بْنَ َ
ع ِ ع ْبدَ َّ ِع ْن أَبِي ِه :أ َ َّن معاذَ ،و َ بَ ، ع ْم ِرو ب ِْن شعَ ْي ٍ ع ْن َ َ
ْ ْ
علَ ْيكَال َحدُّ ،فَاد َْرأه» « ِإذَا ا ْشتَبَهَ َ
ع ْب ِد هللاِ بن مسعود 2- ع ْن َط ْعت ْم )َ ْ ْ ْ ْ
قَالَ( :اد َْرءوا ال َجلدَ َوالقَتْلَ َع ِن الم ْس ِل ِمينَ َما ا ْست َ َ
ب 3- َطا ِ شب َهاتِ)قَا َل ع َمر بْن ْالخ َّ ي ِم ْن أ َ ْن أ ِقي َم َها ِفيال ُّ ت أ َ َحبَّ ِإلَ َّ شب َها ِ ع ِطل ْالحدودَ ِبال ُّ (:أل َ ْن أ َ
وروى سعيد بإسناده عن طارق بن شهاب قال(:أتي عمر بامرأة قد زنت فقالت :إني كنت نائمة
فلم أستيقظ إال برجل قد جثم علي فخلى سبيلها ولم يضربها ) .وألن هذه شبهة والحدود تدرأ
بالشبهات .
رابعا ً :دليل اإلجماع:
يقول ابن المنذر (:أجمع كل من نحفظ عليه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبهات).
قال اإلمام القرافي ":قلت لبعض الفضالء :الحديث الذي يستدل به الفقهاء وهو ما
يروى درء الحدود بالشبهات لم يصح ,وإذ لم يكن صحيحا ً ما يكون معتمدنا في هذه
األحكام؟ قال لي :يكفي أن نقول حيث أجمعنا على إقامة الحد كان سالما عن الشبهة وما
قصر عن محل اإلجماع ال يلحق به عمال باألصل حتى يدل دليل على إقامة الحد في
صور الشبهات "
خامسا ً الدليل من المعقول:
أوالً :أن الحد عقوبة كاملة فتستدعي جناية كاملة ووجود الشبهة ينفي تكامل الجناية.
قال ابن تيمية:
" فإذا دار األمر بين أن يخطئ فيعاقب بريئاأو يخطئ فيعفو عن مذنب ،كان هذا الخطأ خير الخ
طأين،أما إذا حصل عنده علم أنه لم يعاقب إال مذنبا ،فإنه ال يندم،وال يكون فيه خطأ "
ثانيا ً :األخذ بهذه القاعدة يحقق األمن للفرد والمجتمع:
فاألخذ بهذه القاعدة يجعل المتهم في مأمن من أن تلفق له تهمة على جريمة عقوبتها قاسية
موجعة ،ألن دون ذلك قيودا ً وشروطا ً وطرقا ً لإلثبات قد ال يمكن تحقيقها مع وقوع الجريمة
فعالً ،فما بالك بالتلفيق وشهادة الزور.
وهذا يحقق مصلحة للمجتمع حيث يأمن الناس على أنفسهم من أن يظلموا من الجهة التي
وجدت لتؤمن لهم األمن وهي القضاء ،فسياسة الشريعة أن العقوبة الشديدة تحتاج إلى طريقة
إثبات مشددة ،وهذا من باب التناسب بين العقوبة والجريمة ،وال تتناسب وسائل اإلثبات الشديدة
التي اشترطتها الشريعة إلثبات الحد مع عدم األخذ بهذه القاعدة.
المراجع والمصادر:
القرآن الكريم
ابن حبان :محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن َمعْبدَ ،التميمي ،أبو حاتم ،الدارمي ،البُستي (المتوفى354 :هـ)،اإلحسان في
تقريب صحيح ابن حبان،ترتيب :األمير عالء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى 739 :هـ)،تحقيق :شعيب األرنؤوط ،مؤسسة الرسالة،
بيروت ،الطبعة األولى 1408 ،هـ 1988 -م
ابن القيم :محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى751 :هـ) ،إعالم الموقعين عن رب العالمين،تحقيق :
محمد عبد السالم إبراهيم،دار الكتب العلمية – ييروت،الطبعة األولى1411 ،هـ 1991 -م
ابن المنذر:أبو بكر محمد بن إبراهيم ،اإلجماع ،مؤسسة شباب الجامعة،اإلسكندرية،مصر1411،هجري \ 1991م
ابن المورود :عبد هللا بن محمود ،االختيار لتعليل المختار ،دار المعرفة /بيروت ،الطبعة الثالثة 1975م
ابن الهمام :كمال الدين ،فتح القدير ،طبعة مصطفى الحلبي ،الطبعة األولى 1970
ابن أبي القاسم :محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري أبو عبد هللا ،التاج واإلكليل لمختصر خليل ،دار الفكر /بن أبي القاسم ،سنة النشر
1398
ابن أبي شيبة :مصنف ابن أبي شيبة
ابن أبي شيبة:أبو بكر محمد بن أحمد الكوفي ،مصنف ابن أبي شيبة :تحقيق كمال يوسف الحوت ،ط مكتبة الرشد،الرياض ،الطبعة األولى
1409هجري