You are on page 1of 28

‫مجلّة‬

‫رقم اإليداع القانوني‪ :ISSN 2013-8004 :‬ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬

‫التعليل عند ابن مضاء بين شوقي ضيف ومحمد عيد‬


‫'‪The reasoning of Ibn Maḍā‬‬
‫‪between Shawky Daif and Mohammad Eid‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمود محمد العامودي د‪ .‬باسم عبد الرحمن البابلي‬
‫الجامعة اإلسالمية‪ -‬فلسطين – غزة‬
‫تاريخ القبول‪2018/05/12:‬‬ ‫تاريخ اإلرسال ‪2018/03/15 :‬‬

‫امللخص‪:‬‬
‫تناول النحاة املعاصرون كتاب (الرد على النحاة) البن مضاء (ت‪592‬هـ) بالدراسة‬
‫والتحليل‪ ،‬وتنوعت مواقفهم منه بين املوافقة والرفض‪ ،‬ومن بينهم الدكتور شوقي ضيف‪،‬‬
‫والدكتور محمد عيد‪ ،‬حيث قدما دراستين منفصلتين حول ذلك الكتاب‪ ،‬ويسعى الباحثان في‬
‫هذه الدراسة إلظهار التوافق واالختالف بين العاملين في تناولهما لرأي ابن مضاء في العلل النحوية‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقد ثبت للباحثين توافق العاملين في اإلعجاب بنظرية ابن مضاء وتبنيها‪ْ ،‬‬
‫وجعلها رمزا‬
‫للثورة اللغوية املعاصرة‪ ،‬التي تدعو إلى تيسير قواعد النحو‪ ،‬وإزالة الصعوبات والتعقيدات‬
‫الجدلية التي أصابتها‪ .‬وتبنى العاملان بأسلوبين مختلفين رأي ابن مضاء بضرورة إلغاء العلل‬
‫ُ‬
‫الثواني والثوالث‪ ،‬التي ثبت فسادها‪ ،‬وأثرها في تعقيد املسائل اللغوية‪ ،‬ودعوا إلى االكتفاء بالعلل‬
‫األول التي تحدث بها الفائدة اللغوية‪ ،‬وقد اختلف العاملان في أمور قليلة‪ ،‬ال تؤثر في جوهر تبنيهما‬
‫لنظرية ابن مضاء‪ ،‬مما ينبئ بميول حداثية تسعى للتمرد على القديم‪ ،‬والتغيير إلى ما يناسب‬
‫العصر‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬ابن مضاء‪ -‬التعليل‪ -‬شوقي ضيف‪ -‬محمد عيد – الرد على النحاة‪-‬‬
‫األصول النحوية‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪Contemporary scholars studied and analyzed the book which is named‬‬
‫‪(the response to the grammarians) of Ibn Maḍā' (d 592). Their‬‬
‫‪positions differed between approval and rejection, including Dr.‬‬
‫‪Shawki Daif and Dr. Mohammed Eid, Who they presented two separate‬‬
‫‪studies on the book. Two researchers are trying in this study to display‬‬
‫‪the compatibility and difference between the two scholars in dealing‬‬
‫‪with the opinion of Ibn Maḍā' in grammatical reasons.‬‬

‫تاريخ النشر‪2018/05 /20 :‬‬ ‫‪105‬‬ ‫المجلد السادس (العدد األول)‬


‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫‪Each of the two scholars adopted a different way the view of Ibn Maḍā',‬‬
‫‪and they saw need to abolish the seconds and thirds of reasons, which‬‬
‫‪is proved corruption it, and its impact on the complexity of linguistic‬‬
‫‪issues. and They called for the first reason only owing to its linguistic‬‬
‫‪advantage.‬‬
‫‪The points of difference between the two worlds are few, do not affect‬‬
‫‪the essence of their adoption of the theory of Ibn Maḍā'. This predicts‬‬
‫‪modernist tendencies seeking to revolt against the old, and the change‬‬
‫‪to fit the modern era.‬‬
‫*** *** ***‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫سيطر التحليل واألقيسة على منهجية نحاة القرون األولى‪ ،‬وذهبوا إلى أعمق مما‬
‫كان في بدايات النحو‪ ،‬فاكتشفوا القوانين الناظمة للغة العربية‪ ،‬ووضعوا لها النظرية‬
‫التفصيلية على مدار مراحل تطورها‪ ،‬وكان مما ظهر علم أصول النحو‪ ،‬الذي تناول األسس‬
‫اللغوية من سماع وقياس وتعليل وعامل واستنباط القاعدة‪ ،‬وشواهد واحتجاج وتأويل‪،‬‬
‫وتفسير للظواهر اللغوية‪..‬‬
‫وكانت تظهر أصوات معترضة بين الفينة واألخرى على ما يذكره النحاة‪ ،‬ويتهمونه‬
‫بالبعد عن مقاصد اللغة‪ ،‬وإشغال العقل فيما ال فائدة فيه للسان العربي‪ ،‬وكان من أشهر‬
‫هذه األصوات عالم األندلس وقاضيها ابن مضاء القرطبي (ت ‪592‬هـ ) في كتابه (الرد على‬
‫ً‬
‫النحاة) الذي أعلن صراحة ضرورة تهذيب اللغة وقواعدها مما ال حاجة إليه‪ ،‬معتال‬
‫ً‬
‫ومحتجا بما في هذه األمور من تعقيد وخروج عن ظاهر النص‪ ،‬وإرهاق للغة وطالبها‪ ،‬وهذا‬
‫ما ال تحتاجه بل ويجب التخفف منه‪.‬‬
‫ولقد تناول أول محقق لكتاب (الرد على النحاة ‪1947‬م) د‪.‬شوقي ضيف(‪- )1‬رحمه‬
‫هللا‪ -‬بالتحليل والتفحص نظرية ابن مضاء‪ ،‬ووقف على مفرداتها‪ ،‬وأبدى موافقات كثيرة‬
‫تثير شغف املتعلمين‪..‬‬
‫وقد تبعه د‪ .‬محمد عيد في كتابه (أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن‬
‫ُ‬
‫مضاء وضوء علم اللغة الحديث) فعقد دراسة موسعة تناول فيها آراء ابن مضاء مؤيدا‬
‫ً‬
‫ومعارضا وقارنها بعلم اللغة الحديث‪ ،‬ووصل إلى نتائج مفيدة‪.‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪106‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫وفي هذه العجالة البحثية‪ ،‬يسعى الباحثان لعرض آراء العاملين املعاصرين الدكتور‬
‫شوقي ضيف والدكتور محمد عيد‪ ،‬واملوازنة بين موقفيهما في النظر لرأي ابن مضاء في‬
‫التعليل عند النحاة‪.‬‬
‫تمهيد‪ :‬ابن مضاء وكتابه (الرد على النحاة)‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬ابن مضاء(‪ 592 - 511( )2‬هـ = ‪ 1196 - 1118‬م)‬
‫نسبه ومولده‪ :‬هو أبو العباس‪ ،‬وقيل أبو جعفر‪ ،‬وأبو القاسم واألخيرة قليلة‪ ،‬أحمد‬
‫ُ ْ ْ َ‬
‫اصم‪ ،‬ابن مضاء‪ ،‬ابن عمير اللخمي‬ ‫بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن ح َريث ابن ع ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫عشرة‬ ‫القرطبي‪ ،‬أصله من قرى شذونة ومولده بقرطبة سنة إحدى عشرة وقيل ثالث‬
‫ً‬ ‫َ َ ْ‬
‫سمائة‪ ،‬جياني األصل قديما‪.‬‬ ‫وخم ِ‬
‫الس َيرة‪َ ،‬وعدل‬ ‫َ ْ‬
‫ولي القضاء بفاس وبجاية‪ ،‬ثم بمراكش سنة ‪ 578‬ه‪ ،‬فأحسن ِ‬
‫َ‬
‫فعظم قدره‪ ،‬وهو بصير بالنحو ممتاز فيه‪ ،‬وعالم بالعربية‪ ،‬مجتهد في أحكامها‪ ،‬وقد كان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عارفا بأصوله‪َ ،‬وك َ‬ ‫ً‬
‫ان مقرئا مجودا‪ُ ،‬محدثا مكثرا‪ ،‬قديم السماع‪َ ،‬واسع‬ ‫ذاكرا ملسائل الفقه‬
‫الر َو َاية‪.‬‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫أصيب بفقد أسمعته عند استيالء الروم دمرهم هللا على املرية‪ ،‬ولم يزل مدرسا‬
‫ً‬
‫للعلوم ناشرا ما لديه من املعارف‪.‬‬
‫تأدب في العربية وغيرها على أكابر العلماء‪ ،‬ومنهم‪ :‬أبو بكر بن سليمان بن‬
‫سحنون(‪ ،)3‬وأبو القاسم عبد الرحمن بن الرماك(‪ )4‬ودرس عنده كتاب سيبويه‪ ،‬وأبو‬
‫القاسم بن بشكوال(‪ ،)5‬وأحمد بن عبد الرحمن بن الخطيب القبجاطي القرطبي أبو‬
‫العباس(‪.)6‬‬
‫قرأ عليه خالئق ال يحصون كثرة من جلة أهل عصره‪ ،‬وعرف من كتبه اآلتي‪:‬‬
‫(املشرق في إصالح املنطق) في النحو‪ ،‬و(الرد على النحاة) أو (النحويين)‪ ،‬وحققه وطبعه‬
‫َْ َ‬ ‫َ َ َّ ْ‬
‫التأ ِليف ْابن خروف ِب ِك َتاب َس َّم ُاه‪( :‬تن ِزيه أ ِئ َّمة‬ ‫الدكتور شوقي ضيف‪ ،‬وناقضه ِفي هذا‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الن ْحو‪َ ،‬ع َّما نسب ِإل ْي ِهم من الخطأ والسهو)‪َ ،‬وملا بلغه ذ ِلك قال‪ :‬نحن ال نبالي بالكباش‬
‫َ‬
‫النطاحة‪ ،‬وتعارضنا أ َبناء الخرفان! وثالثها (تنزيه القرآن عما ال يليق من البيان)‪.‬‬
‫َ‬
‫توفي بإشبيلية مصروفا عن القضاء َس ِابع عشري ُج َم َادى األولى ‪َ -‬وقيل ثا ِني عشر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ُج َم َادى اآل ِخ َرة ‪ -‬سنة ِثن َت ْي ِن َو ِت ْسعين وخمسمائة‪.‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪107‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬كتاب (الرد على النحاة)‬
‫ظهر الكتاب في منتصف القرن العشرين امليالدي (‪1947‬م) على يد محققه الدكتور‬
‫ً‬
‫شوقي ضيف‪ ،‬وهو كتاب صغير الحجم‪ ،‬قليل عدد الصفحات قياسا على غيره من‬
‫املؤلفات‪ ،‬وقد كانت دراسة املحقق (الدكتور شوقي ضيف) موازية لحجم الكتاب املحقق‪،‬‬
‫وقد عرض ابن مضاء في كتابه قضايا غير تقليدية في عرف النحاة‪ ،‬وقوامها التخفف من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بعض األصول النحوية‪ ،‬وقد القى الكتاب اهتماما كبيرا لدى النحاة املعاصرين‪ ،‬وذاع‬
‫صيته‪ ،‬وشغل الباحثين‪.‬‬
‫ويتكون الكتاب من مقدمة وخمسة فصول تتفاوت في الحجم والتنظير‪ ،‬وقد وضع‬
‫املحقق لها عناوين تتناسب ومضامينها‪.‬‬
‫ً‬
‫عقد ابن مضاء في البداية الفصل األول واألكبر حجما للدعوة فيه إللغاء نظرية‬
‫ً‬
‫العامل‪ ،‬وضمنه نقاطا فرعية تحت العنوان األساس‪ ،‬وهي االعتراض على تقدير العوامل‬
‫املحذوفة‪ ،‬وأن إجماع النحويين على القول بالعوامل ليس بحجة‪ ،‬واعترض على تقدير‬
‫الضمائر املستترة في املشتقات‪ ،‬واملستترة في األفعال‪ ،‬وبين رأيه في باب االشتغال‪ ،‬ووقف‬
‫على مسألتين لألخفش‪ ،‬ومسألة لسيبويه‪ ،‬ثم وقف على ما أضمروا ما يخالف مقصد‬
‫القائل(‪.)7‬‬
‫ً ً‬
‫ثم عقد فصال ثانيا للدعوة إلى إلغاء العلل الثواني والثوالث‪ ،‬وأوجب إسقاطها‪،‬‬
‫ً ً‬
‫حيث قسم العلل الثواني(‪ ،)8‬ثم عقد فصال ثالثا للدعوة إلى إلغاء القياس‪ ،‬ومثل فيه‬
‫ً ً‬
‫للعلل الفاسدة(‪ ،)9‬ثم عقد فصال رابعا للدعوة إلى إلغاء التمارين غير العملية(‪ ،)10‬ثم عقد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فصال خامسا وأخيرا للدعوة إلى إلغاء كل ما ال يفيد نطقا(‪.)11‬‬
‫منهج ابن مضاء في الرد على النحاة‬
‫‪ -1‬دافعه للتأليف‪:‬‬
‫ً‬
‫غلف ابن مضاء في مقدمته دافعه لتأليف هذا الكتاب بأمور دينية متكئا على‬
‫أحاديث النبي صلى هللا عليه وسلم مثل "الدين النصيحة"‪ ،‬و"من قال في كتاب هللا برأيه‬
‫فأصاب‪ ،‬فقد أخطأ"‪ ،‬و"من قال في كتاب هللا بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"‪ ،‬ومن‬
‫ً‬
‫رأى منكم منكرا فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه"‪ ،‬وزاد‬
‫عليها أن االلتزام بنصيحته من باب االحتياط للدين(‪.)12‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪108‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫ونالحظ أن النصيحة أخذت جانب اإللزام بطريقة غير مباشرة‪ ،‬وذلك على اعتبار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن مخالفيها يقولون برأيهم صوابا أو خطأ‪ ،‬ويقولون بغير علم‪ ،‬وعملهم منكر يتطلب‬
‫التغيير‪..‬‬
‫وهلل دره ما أغرب ما فعل‪ ،‬فهل سلف النحاة والعلماء ممن قالوا في "كتاب هللا"‪،‬‬
‫منكر يحتاج إلى تغيير!!‬ ‫"بغير علم"‪ ،‬أو قالوا برأيهم‪ ،‬وهل ما فعله الخليل وسيبويه وغيرهم ٌ‬
‫وبعد التغليف الديني ملؤلفه‪َّ ،‬بين ابن مضاء في مقدمته أن النحاة التزموا ما ال‬
‫يلزمهم‪ ،‬وتجاوزوا القدر الكافي‪ ،‬مما أنتج وعورة في صناعة النحو‪ ،‬ووهن في مبانيها‪ ،‬ولم‬
‫َ‬
‫تعد حججها مقنعة(‪ ،)13‬بل جعل من نفسه منحة هللا للنحاة‪ ،‬املخ ِلص من التيه‪ ،‬فهو‬
‫الناقد البصير‪ ،‬الذي سيخلص زبرجدهم وذهبهم مما خالطهما من زجاج ونحاس(‪.)14‬‬
‫لم يكن ابن مضاء في حاجة لكل هذه األسيجة الرهيبة لينكر أو يخالف اآلخرين‬
‫مبتغ لألجر والثواب‪.‬‬
‫من سلف أو خلف‪ ،‬طاملا أنه ناصح ٍ‬
‫ً‬
‫ويدلل منهجه منذ افتتاحه لكتابه على تعنت ورفض لآلخر‪ ،‬وال يفسح مجاال‬
‫للخالف‪ ،‬أو احتمالية خطئه وصواب غيره‪ ،‬بل ويرى أن رأيه هو الدين‪ ،‬وعلى أهل هذا‬
‫الشأن أن يحتاطوا لدينهم باتباعه كما يقول‪ ،‬وإال فمن خالفه في دعواه "فقد أساء االختيار‬
‫واستحب العمى على اإلبصار"(‪.)15‬‬
‫ً‬
‫ويبدو أنه كان يتوقع صدودا لفكرته‪ ،‬وأنه سيتهم باإلساءة لنحويي العراق‪ ،‬أصحاب‬
‫ً‬
‫الفضل‪ ،‬فدافع عن نفسه مبكرا وقبل بيان فكرته‪.‬‬
‫وعند حديثه في إلغاء نظرية العامل بين أن مقصده أن يحذف من النحو ما‬
‫يستغني النحوي عنه‪ ،‬وينبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه(‪ ،)16‬وهذا غريب‪ ،‬إذ يظهر هنا‬
‫ً‬
‫لينا وموضوعية كان أولى أن تكون في مقدمته‪ ،‬فهو يريد أن "يحذف" و"ينبه" على ما‬
‫أجمعوا الخطأ فيه‪ ،‬فهل أجمع النحاة على إلغاء العامل‪ ،‬والعلل‪ ،‬وغير ذلك من القضايا‬
‫التي تبناها؟ وكيف يكون إجماع النحويين بالعوامل ليس بحجة كما قال؟ فهل رأي الفرد‬
‫حجة؟!‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(سأل ُت َرِبي أ ْرَب ًعا‬ ‫ماذا سيقول ابن مضاء في حديث النبي صلى هللا عليه وسلم‪َ :‬‬
‫َ َ ْ َ َ َ ً َ َ َ َ َ َ ً َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ضالل ٍة فأ ْعطا ِن َيها‪ ،)17()...‬وقوله‬ ‫فأعطا ِني ثالثا ومنع ِني و ِاحدة‪ ،‬سألته أن ال يج ِمع أم ِتي على‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الله َع َلى ال َج َم َ‬‫َ َ َ َ َ َ َ ً َ َ ُ َّ‬ ‫ً َ ْ َ ْ َ َّ ُ ُ‬
‫اع ِة هكذا ‪َ -‬و َرف َع َيد ْي ِه ‪-‬‬ ‫أيضا‪( :‬لن يج َمع الله أ َّم ِتي على ضالل ٍة أبدا‪ ،‬ويد ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َفإ َّن ُه َم ْن َش َّذ َش َّذ في َّ‬
‫الن ِار)(‪ ،)18‬وبرواية أخرى قال‪..( :‬ف َّات ِب ُعوا ال َّس َو َاد األ ْعظ َم‪ ،‬ف ِإ َّن ُه َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪109‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫َ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ‬ ‫َش َّذ َش َّذ في َّ‬
‫الن ِار)(‪ ،)19‬وقول اإلمام بدر الدين العيني‪" :‬وقال آخرون‪ :‬الجماعة ال ِتي أمر‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫الش ِارع بلزومها ِهي جماعة العلماء‪ِ ،‬ألن هللا عز وجل جعلهم حجة على خلقه‪ ،‬وإليهم تفزع‬
‫ََ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫ضاللة"(‪،)20‬‬ ‫العامة ِفي دينها‪ ،‬وهم تبع لها وهم املعنيون بقوله‪ِ :‬إن هللا لن يجمع ِ‬
‫أمتي على‬
‫فهل سيبقى ابن مضاء على رأيه بأن إجماع علماء النحويين ليس بحجة‪ ،‬وأضعف من‬
‫رأيه‪ ،‬فبأي منطق شرعي أو عقلي سيكون الفرد حجة والجماعة بغير ذلك؟‬
‫ً‬
‫ويعتبر محقق الكوكب الدري أن ابن مضاء ليس مجتهدا في النحو‪ ،‬وأن عمله ال‬
‫يعدو "محاوالت لجر النحويين إلى االلتزام بقواعد املذهب الظاهري الداعية إلى إبطال‬
‫القياس"(‪ ،)21‬وهي بواعثه الحقيقية لتأليف كتابه كما يرى املحقق‪.‬‬
‫‪ -2‬ألفاظ ابن مضاء‪:‬‬
‫لقد كان ابن مضاء يستعمل في وصف النحاة ألفاظ التضعيف التي شابتها قسوة‬
‫وحدة‪ ،‬من مثل ذلك قوله في فصل إلغاء العامل "فمن ذلك ادعاؤهم أن النصب‬
‫والخفض والجزم ال يكون إال بعامل لفظي‪" ،)22("..‬وعبروا عن ذلك بعبارات توهم‪،)23( "..‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫"وأما القول بأن األلفاظ يحدث بعضها بعضا فباطل عقال وشرعا‪ ،‬ال يقول به أحد من‬
‫ً‬
‫العقالء"(‪" ،)24‬وأما العوامل النحوية فلم يقل بعملها عاقل‪ ...‬وأما مع إفضاء اعتقاد كون‬
‫األلفاظ عوامل إلى ما أفضت إليه فال يجوز اتباعهم في ذلك"(‪" ،)25‬وال يدعو إلى هذا‬
‫التكلف إال وضع كل منصوب فال بد له من ناصب"(‪.)26‬‬
‫‪ -3‬أسلوب ابن مضاء‪:‬‬
‫ويستعمل ابن مضاء أسلوب الجدل واملناظرة االفتراضية في إبطال آراء مخالفيه‪،‬‬
‫من خالل السؤال واإلجابة‪ ،‬ومثاله " فإن قيل بم يرد على من يعتقد أن معاني هذه‬
‫األلفاظ هي العاملة؟ قيل‪ :‬الفاعل عن القائلين‪ ...‬فإن قيل‪ :‬إن ما قالوه من ذلك إنما هو‬
‫على وجه التشبيه والتقريب‪ ...‬قيل‪ :‬لو لم يسقهم جعلها عوامل إلى تغيير كالم العرب‪"..‬‬
‫(‪.)27‬‬

‫املحور األول‪ :‬رأي ابن مضاء في التعليل‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫ترتبط فكرة التعليل النحوي ارتباطا وثيقا بالفكرة الدينية‪ ،‬وهي سمة الثقافة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وتعد ظاهرة أصيلة في صميم تلك الثقافة‪ ،‬فكل مخلوق ال بد له من خالق‪،‬‬
‫وكل علة ال بد لها من معلول‪ ،‬ولكل عامل ال بد له من معمول‪ ،‬فالعلل موجودة في كالم‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪110‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫العرب ‪ ،‬وليست بمؤثر أجنبي‪ ،‬وال عالقة لها باملنطق أو النحو السرياني كما تصور بعض‬
‫الباحثين ومنهم الدكتور محمد عيد(‪ ،)28‬وقد مارس أبو األسود التعليل دون نظرية‬
‫موضوعة له‪ ،‬وهو ما عرفه د‪ .‬طالل عالمة بالتعليل غير الحس ي والالشعوري القديم قدم‬
‫مزاولة النحو‪ ..‬وأما النوع اآلخر من التعليل فهو املتعمد املقصود ذو القواعد واألصول‬
‫العلمية)‪ ،(29‬وما فعله الخليل هو اكتشاف هذه الظاهرة وفتح املجال لجهود العلماء في‬
‫تعليل الظواهر النحوية(‪.)30‬‬
‫أما في األندلس فقد عبر بعض نحاة األندلس كابن السيد البطليوس ي (ت‪521‬هـ)عن‬
‫ضيقهم من كثرة التعليل وفساده في بعض األحيان‪ ،‬وكذلك ابن الطراوة الذي تحلل من‬
‫بعض قيود العلة‪ ،‬وطعن على النحاة في تعليلهم لبعض املسائل‪ ،‬ودعا إلى تخليص النحو‬
‫من آثار املنطق‪ ،‬وجاء تلميذه السهيلي ليكمل طريق االعتراض على بعض العلل‪ ،‬واشترط‬
‫في العلة الصحيحة أن تكون مطردة منعكسة‪ ،‬أي التي يوجد بها الحكم بوجودها ويفقد‬
‫بفقدانها‪ ،‬وهذا ساهم في تخليص النحو من بعض العلل‪ ،‬رغم أن تطبيقه لنظريته شابه‬
‫مفارقات في بعض األحيان‪ ،‬أما ابن خروف (ت‪659‬هـ) فقد اعترض على ابن مضاء في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قضية العامل اعتراضا شديدا‪ ،‬ولكنه رفض العلل الثواني والثوالث‪ ،‬وأخذ بالعلة األولى‬
‫التي ال بد للمتكلم منه‪ ،‬ودعا إلى ضرورة التخلص من املناقشات والجدل غير املفيد‪،‬‬
‫وضرورة تسهيل النحو على الطلبة‪ ،‬وتظهر بعدها شخصية ابن الضائع (ت‪680‬هـ) الذي‬
‫يرفض العلل املسببة للخالفات‪ ،‬والتقديرات التي ال تفيد‪ ،‬ويقف خبير اللغات أبو حيان‬
‫األندلس ي (ت‪745‬هـ) من هذه الثورة بدعوته إلى ضرورة ترك الخالفات الناشئة عن نظرية‬
‫ابن مضاء واالبتعاد عن التعليالت غير املفيدة‪ ،‬واعتماد السماع الصحيح ألحكام النحو‪،‬‬
‫ألن اللغة من باب الوضعيات التي ال تحتاج إلى تعليل‪ ،‬والوضعيات ال تعلل(‪.)31‬‬
‫التعليل عند ابن مضاء‬
‫تأثر ابن مضاء بأستاذه السهيلي‪ ،‬وبأستاذ شيخه ابن الطراوة في فكرة رفض‬
‫العامل‪ ،‬والثورة عليه‪ ،‬ولقد كان ثمرة ذلك نضج فكرة التعليل عنده‪ ،‬حيث رفض ابن‬
‫مضاء التعليل‪ ،‬وبسط نظريته في في إطار نقطتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إلغاء العلل الثواني والثوالث بشكل عام‬
‫ولقد افتتح حديثه في فصل الدعوة إلى إلغاء العلل الثواني والثوالث بأنه "مما‬
‫يجب أن يسقط من النحو"(‪ ،)32‬وأتبع ذلك بنموذج في االستعالم عن سبب رفع الفاعل‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪111‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫زيد)‪ ،‬فيقال ألنه فاعل‪ ،‬ويدعو ابن مضاء لالكتفاء بهذه العلة‪ ،‬ويرفض‬ ‫في قولنا (قام ٌ‬
‫االبتعاد باألسئلة أكثر من ذلك‪ ،‬من مثل‪( :‬لم ُرفع الفاعل؟)‪ ،‬ويغلق العلل بأن "الصواب‬
‫أن يقال للسائل‪ :‬كذا نطقت به العرب‪ ،‬ثبت ذلك باالستقراء من الكالم املتواتر"(‪ ،)33‬وهذه‬
‫"العلل األول بمعرفتها تحصل لنا املعرفة بالنطق بكالم العرب املدرك منا بالنظر"(‪.)34‬‬
‫وال يقبل بالعلة الثانية بقول النحوي‪ :‬للفرق بين الفاعل واملفعول‪ ،‬وال العلة‬
‫الثالثة‪ ،‬بأننا ال نعكس عالمتي الفاعل واملفعول؛ ألن الضم أثقل والفاعل أقل فأعطي‬
‫األثقل لألقل‪ ،‬والفتح األخف للمفعول األكثر(‪ ،)35‬ويعلق ابن مضاء على هاتين العلتين‬
‫بأننا "لو جهلنا ذلك لم يضرنا جهله"(‪ ،)36‬وهي علل "مستغنى عنها‪ ،‬وال تفيدنا إال أن العرب‬
‫أمة حكيمة"(‪ ،)37‬وإقراره بأن الجهل بها ال يضر‪ ،‬يستفاد منه أن املعرفة بها ال تمنع وجود‬
‫فائدة‪.‬‬
‫ويظهر بجالء املذهب األصولي الظاهري البن مضاء في نظريته النحوية التي أوردها‬
‫كتابه (الرد على النحاة)‪ ،‬والذي يمثل "صورة من صور التفاعل بين الفقه والنحو"(‪،)38‬‬
‫فال يزال ابن مضاء يستعمل الفكر الديني لحماية دعوته‪ ،‬فعقد مشابهة بين العلة األولى‬
‫ً‬
‫وبين أحكام الفقه‪ ،‬حيث عنده "ال فرق بين ذلك وبين من عرف أن شيئا ما حرام بالنص‪،‬‬
‫وال يحتاج فيه إلى استنباط علة لينقل حكمه إلى غيره‪ ،‬فسأل لم ُح ِرم؟ فإن الجواب على‬
‫ذلك غير واجب على الفقيه"(‪ ،)39‬وكأن هذا السياج الديني يهدف إلى إرهاب املخالفين‬
‫لنظريته‪ ،‬وللذود عن آرائه املخالفة آلراء فحول النحاة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬تقسيم العلل الثواني‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقف ابن مضاء من هذه العلل موقفا مختلفا عن التعميم السابق في حكمه‬
‫برفضها‪ ،‬وبين أن هذه العلل موجودة في كتب النحويين‪ ،‬وممن ذكرهم يهتمون بها األعلم‬
‫ً‬
‫الشنتمري ‪-‬رحمه هللا‪ -‬حيث كان "مولعا بهذه العلل الثواني‪ ،‬ويرى أنه إذا استنبط منها‬
‫ً‬
‫شيئا فقد ظفر بطائل‪ ،‬وكذلك كان صاحبنا الفقيه أبو القاسم السهيلي على شاكلته –‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رحمه هللا‪ -‬يولع بها ويخترعها‪ ،‬ويعتقد ذلك كماال في الصنعة وبصرا بها"(‪.)40‬‬
‫وقد قسم ابن مضاء العلل الثواني إلى ثالثة أقسام‪ ،‬وهي في بعض املواضع‪ ،‬وليس‬
‫في كل النحو‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫القوم)‪ ،‬فالعلة األولى أنه حرك‬ ‫(أكرم‬
‫أوال‪ :‬قسم مقطوع به‪ ،‬كالتقاء الساكنين في ِ‬
‫ً‬
‫ألنه لقي ساكنا آخر‪ ،‬والعلة الثانية أنهما لم يتركا ساكنين ألن النطق بهما ساكنين ال يمكن‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪112‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫الناطق‪ ،‬فهذه قاطعة وهي ثانية(‪ .)41‬واملثال الثاني حذف حروف املضارع عند تحويله إلى‬
‫األمر (يفعل‪ ،‬افعل) ودخول ألف الوصل‪ ،‬فالعلة األولى دخول ألف الوصل ألنه فعل أمر‬
‫يحذف من أوله الحرف الزائد‪ ،‬والعلة الثانية أنه لم يترك أوله ألن االبتداء بالساكن ال‬
‫يمكن‪ ،‬وهي ثانية(‪ .)42‬واملثال الثالث قلب الواو الساكنة املكسور ما قبلها ً‬
‫ياء في ِ(موعاد‪،‬‬
‫ياء لسكونها‪ ،‬وانكسار ما قبلها‪ ،‬والعلة‬ ‫ِموزان‪ِ -‬ميعاد‪ِ ،‬ميزان)‪ ،‬فالعلة األولى في قلب الواو ً‬
‫الثانية في عدم ترك الواو على حالها ألن الياء أخف على اللسان‪ ،‬وهي علة ثانية‪ ،‬وهذه‬
‫ً‬
‫العلة كما يقول ابن مضاء "واضحة أيضا‪ ،‬ولكن يستغنى عنها"(‪.)43‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬قسم فيه إقناع‪ ،‬وسماه باسم آخر (غير البين)(‪ ،)44‬ووقف عنده مطوال‪،‬‬
‫ً‬
‫مبينا مظاهر ضعف هذا القسم‪.‬‬
‫ومثاله األول في إعراب الفعل املضارع‪ ،‬وعلته األولى أنه غير متصل بنون النسوة أو‬
‫نون التوكيد‪ .‬والعلة الثانية إلعراب ما هو بهذه الصفة شبهه باالسم في داللة العموم؛‬
‫وتخصيصه يكون بحرف في أوله‪ ،‬فاملضارع يدل على الحال واالستقبال كما االسم النكرة‬
‫يدل على العموم‪ ،‬و(أل) تعين النكرة وتزيل عمومه‪ ،‬واملضارع بدخول السين وسوف‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫يش ُ‬
‫االسم في قبول الالم املزحلقة نحو (إن زيدا‬ ‫املضارع‬ ‫به‬ ‫يخصص باملستقبل‪ .‬وكذلك‬
‫ً‬
‫لقائم)‪( ،‬إن زيدا ليقوم)‪ .‬ويضاف شبه آخر بينهما أن املضارع يشبه االسم بأنه على صيغة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واحدة‪ ،‬وله أحوال إعرابية مختلفة‪ ،‬فاعال‪ ،‬ومفعوال‪ ،‬ومضافا إليه‪ ،‬فاحتيج لإلعراب‬
‫لتمييز هذه األحوال املختلفة واألحكام‪ ،‬فحاجة املضارع لإلعراب كحاجة األسماء(‪،)45‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مخالفا الكوفيين الذين يرون اإلعراب أصال في املضارع(‪.)46‬‬
‫ومثاله الثاني في حمل املمنوع من الصرف على الفعل‪ ،‬وفيه إبراز ووضوح لضعف‬
‫هذا القسم‪ ،‬فقد قدم له ابن مضاء بانتقاد قياس النحاة؛ حيث إن األصل قياس الفرع‬
‫املجهول الحكم على األصل املعلوم الحكم‪ ،‬مع وجود علة األصل في الفرع‪ ،‬مثل تشبيه‬
‫إن وأخواتها باألفعال املتعدية في العمل(‪ .)47‬وقد قام‬ ‫االسم بالفعل في العمل‪ ،‬وتشبيه َّ‬
‫يج ِهل به بعضهم‬ ‫النحاة –كما ُي ْف َهم منه‪ -‬بالحكم على الفرع في غياب علة األصل‪ ،‬مما َ‬
‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬حيث إن تشبيه املمنوع من الصرف باألفعال في أنها فروع شبه قليل(‪ ،)48‬فيرى ابن‬
‫مضاء االكتفاء بالعلة األولى في املنع من الصرف‪ ،‬وذلك بمعرفة العلل املالزمة للمنع فقط‬
‫كالتعريف والعجمة والصفة‪..‬إلخ ليمنع منه ما منع الفعل‪ ،‬وهما مظهران‪ ،‬أولهما سقوط‬
‫التنوين لثقله في الفعل وسبب الثقل قلته فيه‪ ،‬واملمنوع ثقيل في األسماء‪ ،‬وقليل؛ فمنع‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪113‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫التنوين‪ ،‬وثانيهما عدم الخفض وهما وجها التشابه بين املمنوع من الصرف والفعل‪ ،‬وغير‬
‫ذلك فضل وزيادة ال ضرورة لها(‪ ،)49‬وهذا موقفه من هذه العلل‪ ،‬فالشبه بالفعل شبه‬
‫ضعيف يقتصر على املنع من التنوين و الخفض‪ ،‬وهي علة ضعيفة؛ لوجود أسماء‬
‫ً‬
‫مصروفة أكثر شبها بالفعل ولم يمنعها هذا الشبه من الصرف‪ ،‬كمصادر األفعال (أقام‬
‫إقامة)(‪.)50‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬قسم مقطوع بفساده‪ ،‬ووصفه بأنه ّبين الفساد(‪.)51‬‬
‫ومثاله ما اقتصر على ذكره من قول املبرد في تحريك نون النسوة‪ ،‬بعلة أن ما قبله‬
‫ويضرب َن)‪ ،‬وقال في تسكين ما قبلها لئال تجتمع أربع حركات‪ ،‬فجعل سكون‬ ‫ْ‬ ‫(ضرب َن‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ساكن‬
‫ما قبل النون من أجل النون‪ ،‬وحركة النون لسكون ما قبلها‪ ،‬فجعل العلة معلولة بما هي‬
‫علة له‪ ،‬وهذا بين الفساد(‪.)52‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬رأي شوقي ضيف في التعليل عند ابن مضاء‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬شوقي ضيف والرد على النحاة‬
‫نجد الدكتور شوقي ضيف في مقدمة التحقيق في طبعته الثانية يرى "ابن مضاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فيها ثائرا على نظرية العامل في النحو ثورة عنيفة"(‪ ،)53‬وعد ثورته امتدادا لثورة املوحدين‬
‫على فقهاء املذاهب األربعة املشرقية(‪ ،)54‬وال يخفي الدكتور شوقي إعجابه الشديد بابن‬
‫ً‬
‫مضاء ويعتبره مطلعا "على املفتاح الذي يفك به ما يراه الناس في كتب النحو من‬
‫استغالق"(‪.)55‬‬
‫ويستنتج الدكتور شوقي ضيف من استعراضه التاريخي لعصر ابن مضاء أنه كان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عصر ثورة على املشرق فقها ومذهبا‪ ،‬وأن ابن مضاء ألف (الرد على النحاة) ردا به نحو‬
‫ً‬
‫املشرق‪ ،‬أو بعض أصوله وفروعه الكثيرة وتأويالته‪ ،‬وذلك تماشيا مع مذهبه الظاهري(‪،)56‬‬
‫ً‬
‫والذي كان له أعظم األثر في النحو األندلس ي‪ ،‬حيث كان ابن حزم الظاهري مهتما بعلم‬
‫النحو‪ ،‬ويدعو العلماء والفقهاء إلى تعلمه ويجعله من باب الواجب على من يريد اإلفتاء‬
‫للناس‪ ،‬وكان من الدعاة األوائل لرفض القياس واالجتهاد والجدل والعلة‪ ،‬والتي يعتبرها‬
‫فاسدة ال يرجع منها ش يء إلى الحقيقة البتة(‪.)57‬‬
‫وبعد استعراض الدكتور شوقي ضيف ملقدمة (الرد على النحاة)‪ ،‬بدأ بتناول آراء‬
‫ابن مضاء في دعوته إلغاء نظرية العامل ومنع التأويل والتقدير في الصيغ والعبارات وإلغاء‬
‫ً‬
‫العلل الثواني والثوالث وإلغاء القياس والتمارين غير العملية‪ ،‬مبينا أن هدف ابن مضاء‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪114‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬
‫ً‬
‫هو تخليص النحو من عنت "النظريات التي لم يكسب منها إال فنونا من العسر واملشقة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حتى أصبح كثير من مسائله ال ُيفهم إال بعد أن يجدد للناس الفهم مرارا وتكرارا"(‪ ،)58‬وكان‬
‫وصفه لتلك األمور العقلية بـ"عبث طويل للنحاة"(‪ )59‬يدلل على قناعة عميقة بالنظرية‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫ويقر الدكتور شوقي في مقدمة الطبعة الثانية بتأثره بابن مضاء ونظريته من خالل‬
‫بحثه في تجديد النحو وتيسيره‪ ،‬وأن نظرية العامل أرهقت النحو‪ ،‬وهي داء أدخل على‬
‫اقتداء بابن مضاء ومن‬‫ً‬ ‫النحو ما ال نحتاج إليه(‪ ،)60‬وأن النحو يحتاج إلى تصنيف جديد‬
‫قبله الجاحظ ولكن بشكل آخر من تصعيب وتعويص أصاب مؤلفات النحو(‪.)61‬‬
‫ً‬
‫وكان الدكتور شوقي صريحا في دعوته النحاة املعاصرين إلى االستجابة اآلن لنداء‬
‫ابن مضاء بتحطيم نظرية العامل واألقيسة والعلل وكل ما ال يفيد‪ ،‬واالستفادة من تمهيد‬
‫ابن مضاء للطريق(‪.)62‬‬
‫ويرى محقق الكوكب الدري أن الحماس غلب على الدكتور شوقي ضيف في حكمه‬
‫على نظرية ابن مضاء حتى وصل إلى دائرة تبني النظرية(‪.)63‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬شوقي ضيف والتعليل عند ابن مضاء‬
‫اعتبر الدكتور شوقي أن إلغاء ابن مضاء للعلل متوافق مع املذهب الظاهري الداعي‬
‫إلى إلغائها في الشرع(‪" ،)64‬فالنحوي ال يحتاج إلى تعليل ما ثبت بالنص‪ ،‬كما أن الفقيه ال‬
‫يحتاج إلى تعليل ما حرم بالنص"(‪.)65‬‬
‫وإن مما شجع على بروز ذلك حدة املناظرات بين املذاهب الفقهية في األندلس‪،‬‬
‫حيث يسعى كل منهم للظفر‪ ،‬وإضعاف خصمه‪ ،‬ومن أهم وسائلهم هدم األسس التي تقوم‬
‫عليها املذاهب الفقهية األخرى‪ ،‬وكانوا يتسلحون لذلك بدراسة عدد غير قليل من كتب‬
‫النحو واللغة دراسة تفصيلية‪ ،‬وعليه فقد دعا ابن حزم إلى التخلص من علل النحو‪،‬‬
‫وحدد الكتب النحوية التي يجب على الطلبة دراستها وذكرها بأسمائها‪ ،‬كالواضح للزبيدي‪،‬‬
‫واملوجز البن السراج(‪.)66‬‬
‫ً‬
‫ويرى الدكتور شوقي أن ابن مضاء "لم يتشبث بإلغاء العلل جملة فإن فيها قدرا ال‬
‫ً‬
‫يمكن أن نلغيه وهو العلل األول‪ ،‬التي تجعلنا نعرف مثال أن كل فاعل مرفوع"(‪.)67‬‬
‫وقد وافق الدكتور شوقي ابن مضاء في دعوته إلغاء العلل الثواني والثوالث‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬
‫"حري أن نحطمه تحطيما‪ ،‬كما حطمنا نظرية العامل"(‪ ،)68‬و"نفيها من النحو"(‪ )69‬ألننا لو‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪115‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫جهلنا ذلك لم يضرنا جهله‪ ،‬وألنها ال تكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب‪ ،‬واستعمال‬
‫الدكتور شوقي اللفظ (تحطيم) و(نفي) يظهر كوامن النفس والرغبة الشديدة للتخلص‬
‫مما يراه الدكتور شوقي زيادات معيقة‪ ،‬وكذلك تظهر إيمانه العميق املشوب بعاطفة جارفة‬
‫بنظرية ابن مضاء‪.‬‬
‫ويضيف أن هذه العلل الثواني والثوالث "فضل تفكير فيما وراء طبيعة أبواب‬
‫النحو وأحكامه‪ ،‬وإن الواجب أن تقتصر على وصف الطبيعة األولى‪ ،‬أو بعبارة أدق على‬
‫وصف حكم الباب‪ ،‬وما يتضمنه هذا الحكم من علة أولى معقولة"(‪".)70‬‬
‫ولم يستطع الدكتور شوقي التغاض ي عن قبول ابن مضاء ببعض العلل الثواني‬
‫وهي املقطوع بها مثل علة تحريك أحد الساكنين الصحيحين إذا التقيا في الوصل‪ ،‬ولم‬
‫يتركا ساكنين لعدم إمكانية النطق بهما ساكنين‪ ،‬وهي علة ثانية(‪.)71‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬شوقي ضيف وتيسير النحو‬
‫تأثر الدكتور شوقي ضيف بابن مضاء أيما تأثر‪ ،‬ودفعه ذلك التأثر إلى الدعوة‬
‫ً‬
‫لتيسير النحو‪ ،‬ورفع لوائها في أكثر من محفل‪ ،‬وأكثر من كتاب‪ ،‬ووضع لدعوته أسسا‬
‫وطرائق‪ ،‬وقد أحصاها الدكتور حسن امللخ في ست محاوالت لتيسير النحو‪ ،‬وكان تحقيقه‬
‫(الرد على النحاة) مفتتح تلك الدعوة سنة ‪1947‬م‪ ،‬ومن مؤلفاته (تجديد النحو ‪1982‬م)‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و(تيسير النحو التعليمي قديما وحديثا مع نهج تجديده ‪1987‬م)‪ ،‬وآخرها سنة ‪1990‬م في‬
‫كتابه (تيسيرات لغوية)(‪.)72‬‬
‫وقد ظهر بجالء هذا التأثير في مقدمة كتابه (تيسيرات نحوية)‪ ،‬وأن غايته من‬
‫الكتاب أن "ينحي عن طريقهم –الكتاب والقراء‪ -‬ما قد يظنونه إزاء بعض الصيغ من‬
‫انحراف عن جادة العربية وقواعدها السديدة"(‪ ،)73‬وليس هذا فقط‪ ،‬بل ذهب الدكتور‬
‫شوقي في كتابه إلى تأكيد صوابية ما ذهب إليه ابن مضاء في داللة املاض ي واملضارع‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كتبت‪،‬‬ ‫بمادتهما على الفاعل املضمر الذي يقدره النحاة مستترا جوازا أو وجوبا (كتب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نكتب) مستندا لظن بعض علماء الساميات في حروف املضارعة أنها مقتطعة من‬ ‫أكتب‪،‬‬
‫ضمائرها املقدرة‪ ،‬وهذا "دليل قوي على سداد رأي ابن مضاء‪ ...‬وال ريب في أن ابن مضاء‬
‫ً‬
‫كان دقيقا منتهى الدقة حين قرر هذه القاعدة‪ ...‬وهي قاعدة تحل مشاكل غياب الفاعل‬
‫في صيغ يطرد فيها هذا الغياب"(‪.)74‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪116‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫وكالم الدكتور شوقي ينبئ بمدى تأثره بابن مضاء‪ ،‬حيث الزمه األثر من عام‬
‫‪1947‬م‪ ،‬وحتى نهاية القرن العشرين‪ ،‬بهذه املؤلفات التطبيقية لنظرية ابن مضاء ودعوته‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬رأي محمد عيد في التعليل عند ابن مضاء‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬محمد عيد وكتاب (الرد على النحاة)‬
‫تناول الدكتور محمد عيد كتاب ابن مضاء (الرد على النحاة) بالدراسة والتحليل‪،‬‬
‫ً‬
‫ووضع عليه مؤلفا خاصا به سماه ( أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن مضاء‬
‫وضوء علم اللغة الحديث)‪ ،‬وقد عرض فيه رأي ابن مضاء وسلط الضوء عليه بالتفصيل‬
‫ً‬
‫والشرح‪ ،‬وموازنا بينه وبين آراء النحاة‪ ،‬ثم عرض هذه اآلراء في ضوء علم اللغة الحديث‪،‬‬
‫َّ‬
‫ولم تخل أمانته العلمية من إبراز أن هذا املؤلف يتناول آراء النحاة بما يعبر عما فهمه هو‬
‫"من أقوالهم‪ ،‬والظروف العلمية لعصرهم‪ ،‬وما تأثروا به من تلك الظروف في دراستهم‬
‫للنحو بخاصة واللغة بعامة"(‪ ،)75‬وأن املقصود من (ضوء علم اللغة الحديث) إبراز القيمة‬
‫الحقيقية الثمينة البن مضاء الذي سبق املحدثين في نظرتهم ألصول النحو(‪.)76‬‬
‫ً‬
‫وعقد لكل أصل من األصول النحوية فصال‪ ،‬وكل فصل من ثالثة مباحث‪ ،‬يعرض‬
‫في األول رأي النحاة في األصل النحوي‪ ،‬والثاني خصصه لرأي ابن مضاء في ذلك األصل‬
‫النحوي‪ ،‬والثالث كان للعلم الحديث ونظرته لتلك األصول‪.‬‬
‫ويمكن القول أن الدكتور محمد عيد أعاد نشر كتاب (الرد على النحاة) في صورة‬
‫ً‬
‫وتنظر لذلك تنظيرا‬
‫جديدة‪ ،‬تمنحه حصانة علماء العصر‪ ،‬ورغبتهم في التيسير والتجديد‪ِ ،‬‬
‫ً‬
‫شديدا من خالل صناعة حلقة تواصل بين املعاصرين وسلفهم‪.‬‬
‫وقد بين أن ابن مضاء تأثر بمذهبه الفقهي الظاهري‪ ،‬وأنه‪ ،‬سعى لتطبيق ذاك‬
‫املذهب على النحو‪ ،‬ملا رأى معوقات داخل اللغة(‪.)77‬‬
‫وقد اعتبر محقق الكوكب الدري أن مدح الدكتور محمد عيد البن مضاء ووصفه‬
‫بالرائد املتمرد مبالغة زائدة؛ ألن ابن مضاء أسير املذهب الظاهري ‪ ،‬وتمرده فقط على‬
‫جمهور الفقهاء‪ ،‬وال يصح وصفه بأنه سار في طريق الحرية الفكرية(‪.)78‬‬
‫وقد هاجم الدكتور محمد عيد من يرفض آراء ابن مضاء‪ ،‬وصنف أحدهم بأنه‬
‫ً‬
‫"أحد الدارسين التقليديين‪ ...‬الذي يلقي بالتهمة جزافا دون تثبت من منهج العلم في‬
‫التعليل‪ ،‬ويخلط بين هللا والنص بطريقة متناقضة ال تجمعها فكرة واحدة"(‪.)79‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪117‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫ويثبت الدكتور محمد عيد أن في النحو العربي ما هو صالح وما هو طالح‪ ،‬ويرجو‬
‫أن تسهم دراسته في التمييز بينهما‪ ،‬لإلبقاء على ما سماه (نحو اللغة) وترك (نحو‬
‫الصنعة)(‪ ،)80‬وال شك أن هناك نزعة فكرية ذهبت بالدكتور محمد عيد هذا املذهب‪ ،‬بل‬
‫وتكاد تشابه الحالة التي كان عليها ابن مضاء في التيسير‪ ،‬ورفض اآلخر‪ ،‬واالحتماء بسياج‬
‫املرحلة‪ ،‬فابن مضاء احتمى بالنزعة الدينية في ظل سيطرة املذهب الظاهري على الحكم‬
‫السياس ي‪ ،‬واحتمى الدكتور محمد عيد بعلم اللغة الحديث‪ ،‬وسيطرة نزعة الحداثة‬
‫والتطور‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬محمد عيد والتعليل عند ابن مضاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أفرد الدكتور محمد عيد في كتابه مبحثا خاصا إلبراز موقف ابن مضاء من‬
‫التعليل(‪ ،)81‬وعرض فيه املقصود من العلل األول والثواني والثوالث عند النحاة وابن‬
‫مضاء‪ ،‬ثم وقف على حكم ابن مضاء منها‪ ،‬ثم تقسيمات ابن مضاء للعلل الثواني والثوالث‬
‫إلى مقطوع بها‪ ،‬وما فيه إقناع‪ ،‬وعلل فاسدة‪ ،‬وموقفه منها‪ ،‬ثم بين مدى التزام ابن مضاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بآرائه‪ ،‬ثم أفرد عنوانا ملوقف ابن مضاء من وجود التعليل في النحو‪ ،‬وعنوانا آخر‬
‫لالضطراب في التعليل في رأي ابن مضاء‪.‬‬
‫رؤية محمد عيد لتعريف العلة عند ابن مضاء وموقفه من العلل‬
‫أبرز الدكتور محمد عيد تقسيم ابن مضاء للتعليل إلى قسمين‪:‬‬
‫ًُ‬
‫أولهما‪ :‬خصصه ملا يعتبره النحاة علال أ َول والتي بمعرفتها تحصل لنا املعرفة بالنطق‬
‫بكالم العرب املدرك منا بالنظر‪ ،‬أو كما يقول محمد عيد "إنها القوانين املستنبطة من‬
‫كالم العرب‪ ...‬أو بعبارة أخرى‪ :‬هي األقيسة النحوية التي تؤخذ من الكالم العربي وتحكم‬
‫نطقه"(‪.)82‬‬
‫وبين الدكتور محمد عيد مقصد ابن مضاء من قوله في التعريف‪( :‬املدرك بالنظر)‪،‬‬
‫وهو إخراج العلل من اإلدراكات الذهنية والعمليات العقلية‪ ،‬وهو ما سماه بـ"تعليل النص‪،‬‬
‫بمعنى‪ :‬وصفه وذكر خواصه‪ ،‬وهو أمر علمي مقبول"(‪.)83‬‬
‫ً‬
‫وثانيهما‪ :‬خصصه ملا يعتبره النحاة علال ثواني وثوالث‪ ،‬وهي التالية لألول‪ ،‬والغرض‬
‫منها شرح الغاية‪ ،‬وهي املستغنى عنها في معرفة النطق‪ ،‬وحقها الرفض(‪ ،)84‬وأشار الدكتور‬
‫محمد إلى ما صاحب التعريف من وظيفة العلل في النص(‪ ،)85‬وبقيت العلل األول على‬
‫ً‬
‫اسمها‪ ،‬فيما اعتبر ابن مضاء الثواني والثوالث علال ثواني(‪.)86‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪118‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫وقد بين أن ابن مضاء دعا لوجوب إسقاط العلل الثواني والثوالث‪ ،‬ووقف على‬
‫أدلته في علل رفع الفاعل‪ ،‬واملنع من الصرف‪ ،‬ووضح أن ابن مضاء يرى أن املطلوب‬
‫معرفة العلل األول‪ ،‬وأما غير ذلك ففضل(‪ ،)87‬وقد شبه حكم ابن مضاء على نوعي التعليل‬
‫مثل الحكم بالحرمة على الش يء بالنص القاطع الذي ال يبحث عن ش يء وراءه(‪ ،)88‬والتي‬
‫قسمها إلى األقسام الثالثة املقطوع به وما فيه إقناع واملقطوع بفساده(‪.)89‬‬
‫وقد بين الدكتور محمد عيد أن التسمية السابقة للعلل الثواني والثوالث قد تشعر‬
‫باعترافه بالنوعين األولين (املقطوع به‪ ،‬وما فيه إقناع) وقد يشعر هذا بتناقضه في رأيه؛‬
‫ً‬
‫العترافه ببعض العلل الثواني‪ ،‬ويشمر الدكتور ساعده مدافعا عن تلك التسمية بأنها‬
‫تسمية اصطالحية ملظاهر العلة وال شأن لها بقبوله أو رفضه لها‪ ،‬وملعرفة رأي ابن مضاء‬
‫فيها ينظر ما صرح به في شرح هذه التقسيمات‪ ،‬وال ينظر لداللة املصطلحات(‪ ،)90‬فهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التقسيم "مجهود تقبله الصنعة‪ ،‬وال يقدم شيئا لغويا جديدا بعد أن حدد العلل الثواني‬
‫من زاوية النص‪ ،‬وحكم عليها بالرفض"(‪.)91‬‬
‫واعتبر الدكتور محمد عيد في النوع األول وهي (العلل املقطوع بها) أن العلة الثانية‬
‫إكمال للعلة األولى وتبيين لها‪ ،‬وإذا وردت قطعت شبهة من ال يزال يتطلع إلى ش يء بعد‬
‫األولى(‪.)92‬‬
‫وفي النوع الثاني من العلل أي (ما فيه إقناع) فيرى الدكتور محمد عيد أن املقصد‬
‫هو اإلقناع الذهني للتعليل بين حكمين ما سببه وجود مشابهة ذهنية ضعيفة‪ ،‬وذكر أن‬
‫ً‬
‫ابن مضاء سماها اسما آخر (التعليل غير البين)‪ ،‬ومثل لهذه العلة بإعراب املضارع لشبهه‬
‫باالسم‪ ،‬وأنه إذا لم تكن هناك تلك الضرورة التي استدعت العلة الثانية‪ ،‬لم يكن هناك‬
‫ً‬
‫حاجة للتعليل بها‪ ،‬ويجب أن تسقط أيضا من النحو"(‪.)93‬‬
‫وفي تعليقه على رأي ابن مضاء في هذه العلة يرى الدكتور محمد عيد "أنه يجب‬
‫أن يسقط من النحو كل العلل من هذا النوع الذي بني على أساس ضرورة ذهنية مفتعلة‪،‬‬
‫وقد وفق النحاة إذ أطلقوا عليها اسم (العلل الجدلية النظرية)"(‪.)94‬‬
‫ويستفاد من رأيه أن العلل عند ابن مضاء تزيد عن تقسيمات النحاة بواحدة‪،‬‬
‫ً‬
‫وهي العلل الفاسدة‪ ،‬ويستفاد أيضا أنه ال اختالف كبير في الحكم على العلل الثوالث بين‬
‫العلماء‪.‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪119‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫ً‬
‫أما في تعليقه على العلل الفاسدة فقد اعتبرها نوعا من التمرين الذهني في غير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طائل‪ ،‬وفسادها ألنها ال تفيد نطقا‪ ،‬وال تقنع عقال‪ ،‬وهي نوع من السفسطة التي ال معنى‬
‫لها(‪.)95‬‬
‫وبين أن ابن مضاء يتفق مع منهج البحث العلمي العام الذي يقوم على أسس‬
‫تختلف عن التعليل الغائي في تناول ظاهرة لغوية معينة عند وجود مجموعة من الصفات‬
‫التي تتحقق بها‪ ،‬فقد اعتبر الدكتور محمد عيد أن التعليل أو العلل هي صفات موجودة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫في الظاهرة اللغوية‪ ،‬وما فعله الزجاجي يعد منهجا علميا واقعيا وصفيا‪ ،‬وهذا يمثل‬
‫السؤال األول وهو من ضمن حدود الطاقة البشرية(‪.)96‬‬
‫أما التعليل الغائي والبحث في الغاية وشرحها فإنها تقوم على التعمق فيما وراء‬
‫تلك الصفات بجهود ذهنية بعيدة‪ ،‬وهذا املنهج يأباه العلم؛ ألنه فلسفي ذهني‪ ،‬وهو من‬
‫خصائص الغيب‪ ،‬والغيب مضرب النظريات الدخانية‪ ،‬والوصف والغاية مظهران للعلل‪،‬‬
‫أحدهما مقبول واآلخر غير ذلك(‪.)97‬‬
‫موقف محمد عيد من العلل األول والثواني والثوالث في ضوء علم اللغة‬
‫الحديث‪ ،‬وعالقته برأي ابن مضاء‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬العلل األول‬
‫يرى الدكتور محمد عيد أن املقصود بـ(األول) املقبولة عند ابن مضاء أنها وصف‬
‫لخواص الظاهرة اللغوية املدروسة التي تبدو عليها في أول األمر‪ ،‬وليس املقصود الغاية‬
‫والهدف‪ ،‬وبذلك يلتقي ابن مضاء مع منهج البحث العلمي الحديث في فهمه للعلة‬
‫املقبولة(‪ ،)98‬التي بمعرفتها تحصل املعرفة بكالم العرب املدرك بالنظر(‪"،)99‬والتعليل‬
‫الوصفي أو العلل األول كما قال ابن مضاء أو العلل التعليمية كما سماها النحاة يتفق‬
‫مع اعتبار اللغة ظاهرة اجتماعية توصف بذكر خواصها‪ ،‬فالعرف اللغوي االجتماعي هو‬
‫أساس كل وصف في اللغة(‪)100‬؛ ألنها ال تحتاج إلى استنباط ش يء وراءها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬العلل الثواني والثوالث‬
‫فسرها بأنها "تتلو العلل األول"‪ ،‬وهي علل غائية غالبيتها تجيب على ِ(ل َم؟)‪ ،‬ويستغني‬
‫عنها النص اللغوي بعد وصفه كما يقول ابن مضاء ويجب أن تسقط لسببين‪ :‬أولهما؛ ألنه‬
‫ال حاجة لكالم العرب إليها‪ ،‬وثانيهما؛ أن هذه العلل ترد ألمور ال شأن لها باللغة‪ ،‬فهي إما‬
‫ً‬
‫مقطوع بها‪ ،‬أو لسد ضرورة ذهنية مفتعلة‪ ،‬أو سفسطة ال قيمة لها إطالقا‪ ،‬ويؤكد الدكتور‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪120‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫محمد عيد وجوده بما ورد في مطوالت النحو من نماذجها(‪ ،)101‬ويبين أن تعليل النحاة‬
‫الغائي أو الثواني والثوالث كما سماها ابن مضاء ال يمكن ربطه بمجتمع وال تقييده بعرف؛‬
‫ألنه يقوم على الصنعة ويعتمد على الذهن(‪.)102‬‬
‫رؤية محمد عيد ملوقف ابن مضاء من وجود التعليل في النحو‬
‫ً‬
‫ال شك أن ابن مضاء لم ينكر التعليل مطلقا‪ ،‬ولكنه رفض االستطراد غير املفيد‬
‫في العلل الثواني‪ ،‬فالعلل األول مفيدة‪ ،‬والثواني مستغنى عنها وال تفيدنا إال أن العرب‬
‫أمة حكيمة‪ ،‬أو للتخفيف‪ ،‬وعلق الدكتور محمد عيد على ذلك بأنه قد يشعر باتفاق ابن‬
‫مضاء مع بعض آراء النحاة بتفريقه بين العلل األول التي تحصل لنا املعرفة بالنطق بكالم‬
‫العرب‪ ،‬والثواني املستغنى عنها‪ ،‬وابن مضاء ال يعترف بهما أساسين لوجود التعليل في‬
‫النحو(‪.)103‬‬
‫ويقر الدكتور محمد عيد بوجود تعارض ظاهري في موقف ابن مضاء وذلك في‬
‫متابعته آلراء النحاة؛ فهم من يعترف بالعلل الثواني‪ ،‬في حين يرفض ابن مضاء تلك العلل‪،‬‬
‫ً‬
‫بل هو في الوقت نفسه يقبل املقطوع بها‪ ،‬فينصب الدكتور محمد عيد نفسه مدافعا بأن‬
‫ً‬
‫هذا القبول ليس رأيا بل مسايرة للنحاة فيما ذكروه؛ ألن منهجه رفض هذا النوع من‬
‫ً‬
‫العلل من أساسه‪ ،‬ألنه ال يفيد نطقا(‪.)104‬‬
‫ويصف الدكتور محمد عيد تعليالت العلماء األوائل كابن جني والزجاجي بأنها‬
‫"تعليالت ساذجة‪ ،‬وتعتبر مع سذاجتها نواة للعلل التي تعتمد على الرصد العلمي املنظم‬
‫لخواص الظواهر اللغوية وصفاتها"(‪.)105‬‬
‫ً‬
‫ويستغرب الباحث من موقف الدكتور محمد عيد‪ ،‬فابن مضاء ليس مجبرا على‬
‫(املسايرة) في ظل رفعه راية كبيرة هاجم فيها النحاة‪ ،‬وطالبهم بإسقاط أعمدة القوانين‬
‫ً ً‬
‫اللغوية‪ ،‬وكان أولى به أن يقول بصراحة أن ابن مضاء كان قريبا جدا من موقف النحاة‪،‬‬
‫فكالهما قبل العلل األول‪ ،‬وكالهما قبل العلل الثواني وإن سماها ابن مضاء باملقطوع بها‪،‬‬
‫وكالهما نظر إلى العلل الثواني على أنها جدل غير مفيد‪ ،‬وإن كان ابن مضاء قسمها إلى‬
‫قسمين‪ :‬ما فيه إقناع وما هو فاسد العلة‪.‬‬
‫ولم يكن الدكتور محمد عيد وغيره بحاجة إلثبات أن ابن مضاء صاحب نظرية‬
‫حقيقية‪ ،‬فهو في هذه الجزئية لم يغادر حلبة النحاة‪ ،‬ولم يثر الثورة التي أشيعت‪ ،‬وفي‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪121‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫الحقيقة هو لم يدع إللغاء العلل الثواني والثوالث‪ ،‬بل إلغاء العلل الثوالث‪ ،‬وهذا ما ظهر‬
‫ً‬
‫عمليا في التقسيمات التي وضعها واألمثلة التي ذكرها‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وقد ذهب الدكتور حسن امللخ إلى أن في كالم ابن مضاء نظر‪ ،‬وأنه "لم يقدم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بديال عمليا مقنعا يصلح لتفسير ظاهرة التصرف اإلعرابي‪ ،‬ويساعد في تعلم النحو"(‪.)106‬‬
‫وكذلك ال يتوافق الباحث ونظرية بعض املحدثين في أصل اللغة‪ ،‬وأنه ليست هبة‬
‫هللا‪ ،‬بل اختراع بشري؛ ألن ردود العلماء فيه واضحة وجلية في نشأة اإلنسان األول ولغته‬
‫مع غيره‪ ،‬وعالقته باملالئكة واللغة املستعملة‪..‬إلخ‪ ،‬وذلك بخالف عدد كتب األصول‬
‫النحوية‪.‬‬
‫نتائج البحث‬
‫قدم الدكتور شوقي ضيف والدكتور محمد عيد دراستين منفصلتين حول كتاب‬
‫(الرد على النحاة)‪ ،‬فاألول قدمها بصورة دراسة على تحقيقه لكتاب الرد على النحاة‪،‬‬
‫ً‬
‫والثاني ألف كتاب األصول النحوية ليشرح من خالله أفكار ابن مضاء‪ ،‬وينتصر لها استنادا‬
‫لعلم اللغة الحديث‪ ،‬وفي ختام البحث‪ ،‬وبعد االنتهاء من عرض املحاور الثالثة فإنه ال بد‬
‫من التأكيد على بعض النقاط من أهمها‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬أثر نظرية ابن مضاء في دعوة العاملين لتيسير اللغة العربية‬
‫ال شك أن ابن مضاء بنظريته الثورية فجر كوامن الرغبات عند كال العاملين‬
‫القديرين‪ ،‬وأنهما كانا متوافقين إلى حد كبير مع ما ذهب إليه‪ ،‬وأهدافهما من ذلك متشابهة‪،‬‬
‫وهي الدعوة لتيسير النحو‪ ،‬واللغة العربية مما خالطها من ظواهر أرهقتها‪ ،‬وأرهقت‬
‫أصحابها‪.‬‬
‫ولربما كان من الجيد إبراز أن ما ذكره العاملان الجليالن من تأييد ونصرة‪ ،‬ال يعدو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون بحثا عن وسيلة يحتميان بها للدعوة إلى تيسير اللغة‪ ،‬وال بد أيضا من التذكير‬
‫بأن التعليل النحوي كأصل من أصول النحو‪ ،‬ال يشتغل به العوام‪ ،‬وال صغار طلبة العلم‪،‬‬
‫بل وعلى مدار تاريخ العلم هناك ما يثبت أن عدد العلماء الذين تكلموا في األصول أقل‬
‫بكثير من العلماء الذين اهتموا بالقواعد النحوية‪ ،‬وتيسيرها‪ ،‬ونقلها للعامة‪ ،‬ولطلبة العلم‪،‬‬
‫ولذا فإن املكتبة العربية زاخرة بمؤلفات نحوية متباينة في عرض مضامينها‪ ،‬وتتدرج في‬
‫سهولتها وصعوبتها على مدار القرون‪ ،‬ولذا وجدنا الوقوف على كتاب سيبويه تتقد جذوته‬
‫في القرون األولى‪ ،‬حتى خفت بريق التأليف عليه بظهور عصور املنظومات النحوية واملتون‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪122‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫العلمية‪ ،‬ليعلو شأن ألفية ابن مالك‪ ،‬التي ما فتئ كبار العلماء يقفون عليها بالشرح‬
‫ً‬
‫والتوضيح‪ ،‬حتى سارت نبراسا لهم‪ ،‬وهي التي مهدت لظهور النحو امليسر في عصرنا‪ ،‬وجعلت‬
‫من علماء املرحلة يميلون إلى املباشرة في العرض‪ ،‬وعدم التعرض لكثير من املظاهر‬
‫القديمة‪ ،‬كالخالف النحوي‪ ،‬واألصول النحوية‪ ،‬وتشابك اللغة بالنحو‪ ،‬وتشابك النحو‬
‫بالصرف‪..‬إلخ‬
‫ويرى بعض الباحثين أن دعوة ابن مضاء وبعد مض ي قرون عليها كأنها تتحدث‬
‫ً‬
‫بلسان طلبة العلم املعاصرين‪ ،‬الباحثين عن التيسير‪ ،‬مما جعل عددا ليس بالقليل من‬
‫علماء اللغة يسيرون في طريقها‪ ،‬كإبراهيم مصطفى‪ ،‬وشوقي ضيف‪ ،‬ومهدي املخزومي(‪.)107‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬ما اتفق فيه العاملان‬
‫‪ -1‬الكتاب‪:‬‬
‫ٌ‬
‫يتفق العاملان أن كتاب (الرد على النحاة) قيم‪ ،‬وأنه يمثل املذهب الفقهي‬
‫الظاهري‪ ،‬وفيه دعوة تستحق الوقوف عليها‪ ،‬لتجديد النحو وتيسيره‪ ،،‬وأن هذا الكتاب‬
‫ً‬
‫يعد تمهيدا للنحاة املعاصرين للتجديد في النحو‪.‬‬
‫واتفق العاملان في إبراز هذا الكتاب‪ ،‬واالهتمام به‪ ،‬فقد قام الدكتور شوقي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بتحقيقه‪ ،‬ونشره‪ ،‬أما الدكتور محمد فقد وضع كتابا خاصا أعاد فيه تسليط الضوء على‬
‫كتاب (الرد على النحاة)‪ ،‬وسماه (أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن مضاء‬
‫وضوء علم اللغة الحديث)‪.‬‬
‫‪ -2‬املؤلف (ابن مضاء)‪:‬‬
‫ينظر كال العاملين البن مضاء نظرة إعجاب‪ ،‬واقتداء‪ ،‬فهو ثائر‪ ،‬مجدد‪ ،‬وهو مفتاح‬
‫ما استغلق على الناس‪ ،‬بل يمثل ظاهرة متفردة بين من سبقوه‪ ،‬ومن لحقوه‪ ،‬وهو ذو حس‬
‫لغوي أصيل‪ ،‬يؤيده منهج البحث العلمي‪.‬‬
‫ولقد دافع العاملان عن ابن مضاء في إعالنه هذه الدعوة التجديدية‪ ،‬بأنه يسعى‬
‫لتخليص النحو من عنت النظريات‪ ،‬والعسر واملشقة‪ ،‬وهو سابق للمحدثين في نظرتهم‬
‫ألصول النحو‪ ،‬وغير مسبوق فيما ذهب إليه‪.‬‬
‫‪ -3‬التأثر‪:‬‬
‫يقر كال العاملين بتأثرهما بابن مضاء‪ ،‬وبنظريته‪ ،‬فكال العاملين يرى أن نظرية العامل‬
‫أرهقت النحو‪ ،‬وأدخلت عليه ما ال نحتاجه‪.‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪123‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫اقتداء بالرد على النحاة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقد تسابق العاملان في تبني هذا املشروع الثائر‪،‬‬
‫واألسبقية للدكتور شوقي‪ ،‬ولقد نتج عن ذلك مجموعة من املؤلفات لكليهما‪.‬‬
‫وقد دعا العاملان نحاة عصرهما لالستفادة من نظرية ابن مضاء‪ ،‬والبناء عليها‪،‬‬
‫لتيسير النحو‪.‬‬
‫‪ -4‬التعليل والعلل األول‬
‫اعتبر الدكتور شوقي أن إلغاء ابن مضاء للعلل متوافق مع املذهب الظاهري الداعي‬
‫إلى إلغائها في الشرع(‪" ،)108‬فالنحوي ال يحتاج إلى تعليل ما ثبت بالنص‪ ،‬كما أن الفقيه ال‬
‫يحتاج إلى تعليل ما حرم بالنص"(‪ .)109‬ويرى الدكتور محمد عيد أنه أمر علمي مقبول"(‪.)110‬‬
‫ً‬
‫ويرى الدكتور شوقي أن ابن مضاء "لم يتشبث بإلغاء العلل جملة فإن فيها قدرا ال‬
‫ً‬
‫يمكن أن نلغيه وهو العلل األول‪ ،‬التي تجعلنا نعرف مثال أن كل فاعل مرفوع"(‪.)111‬‬
‫‪ -5‬العلل الثواني والثوالث‬
‫وقد وافق الدكتور شوقي ضيف ابن مضاء في دعوته إلغاء العلل الثواني والثوالث‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا "حري أن نحطمه تحطيما‪ ،‬كما حطمنا نظرية العامل"‪ ،‬و"نفيها من النحو" ألننا لو‬
‫جهلنا ذلك لم يضرنا جهله‪ ،‬وألنها ال تكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب‪ ،‬واستعمال‬
‫الدكتور شوقي اللفظ (تحطيم) و(نفي) يظهر كوامن النفس والرغبة الشديدة للتخلص‬
‫مما يراه الدكتور شوقي زيادات معيقة‪ ،‬وكذلك تظهر إيمانه العميق املشوب بعاطفة جارفة‬
‫بنظرية ابن مضاء‪.‬‬
‫ويضيف أن هذه العلل الثواني والثوالث "فضل تفكير فيما وراء طبيعة أبواب‬
‫النحو وأحكامه‪ ،‬وإن الواجب أن تقتصر على وصف الطبيعة األولى‪ ،‬أو بعبارة أدق على‬
‫وصف حكم الباب‪ ،‬وما يتضمنه هذا الحكم من علة أولى معقولة"(‪".)112‬‬
‫ولم يستطع الدكتور شوقي التغاض ي عن قبول ابن مضاء ببعض العلل الثواني‬
‫وهي املقطوع بها مثل علة تحريك أحد الساكنين الصحيحين إذا التقيا في الوصل‪ ،‬ولم‬
‫يتركا ساكنين لعدم إمكانية النطق بهما ساكنين‪ ،‬وهي علة ثانية(‪.)113‬‬
‫وفي تعليق الدكتور محمد عيد على رأي ابن مضاء في هذه العلة يرى أنه إذا لم‬
‫تكن هناك حاجة للتعليل بها فيجب أن يسقط من النحو كل العلل من هذا النوع الذي‬
‫بني على أساس ضرورة ذهنية مفتعلة‪ ،‬ويرى أن النحاة قد وفقوا إذ أطلقوا عليها اسم‬
‫(العلل الجدلية النظرية)‪.‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪124‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫وبين أن ابن مضاء يتفق مع منهج البحث العلمي العام الذي يقوم على أسس‬
‫تختلف عن التعليل الغائي‪ ،‬الذي يأباه العلم؛ ألن البعد الغائي فلسفي ذهني‪ ،‬وهو من‬
‫خصائص الغيب‪.‬‬
‫ويرى الدكتور محمد عيد أن قبول ابن مضاء ببعض العلل ليس من باب التناقض‬
‫في الرأي‪ ،‬بل األمر مقتصر على وضع تقسيم اصطالحي تقبله الصنعة‪ ،‬وهو من باب مسايرة‬
‫النحاة فيما ذكروه‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬ما اختلف فيه العاملان‬
‫لقد اختلف العاملان في بعض األمور التي ال تتعارض مع جوهر التوافق بينهما‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬منهجية التعامل مع الكتاب والنظرية‪ ،‬فالدكتور شوقي اكتفى بتحقيق الكتاب‬
‫ونشره‪ ،‬والوقوف على مسائل ابن مضاء من خالله‪ ،‬وتفاعل معه بتطبيق التيسير في اللغة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من خالل كتب ومؤلفات أخرى نشرها على مدار أربعين عاما تقريبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما الدكتور محمد فقد أفرد كتابا خاصا به‪ ،‬وزاد على الدكتور شوقي في وسائل‬
‫االنتصار لهذه النظرية‪ ،‬حيث كان يستحضر آراء النحاة في مسائل ابن مضاء‪ ،‬ثم يعرض‬
‫األمر على علم اللغة الحديث‪ ،‬ليبرز القيمة الحقيقية الثمينة البن مضاء‪ ،‬وليؤكد النتيجة‬
‫العامة التي وصل إليها بصحة ما ذهب إليه ابن مضاء‪.‬‬
‫‪ -2‬طريقة تعاملهما مع مخالفيهم‪ ،‬فالدكتور شوقي اقتصر على دعوة املعاصرين إلى‬
‫االقتداء بابن مضاء‪ ،‬واالستجابة لندائه بتحطيم نظرية العامل واألقيسة والعلل وكل ما‬
‫ال يفيد‪ ،‬واالستفادة من تمهيد ابن مضاء للطريق‪.‬‬
‫أما الدكتور محمد عيد فقد كان اتهم السابقين‪ ،‬وأن فترتهم مليئة بالتقليد‪،‬‬
‫وجفاف العقول‪ ،‬ودعا املعاصرين له للتأمل واالبتعاد عن الرفض املعاند‪ ،‬وأن الذين‬
‫يرفضون كل جديد أو تجديد ويتكلمون وال يعلمون‪ ،‬ال وزن لهم في ساحة العلم والحقيقة‪،‬‬
‫ً‬
‫وقد اتهم الدكتور محمد أحد املعاصرين بأنه يلقي التهمة جزافا‪ ،‬دون تثبت من منهج‬
‫العلم في التعليل‪ ،‬وأنه يخلط بين هللا والنص بطريقة متناقضة ال تجمعها فكرة واحدة‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬هل تأثر محمد عيد بشوقي ضيف؟‬
‫ينسب الدكتور محمد عيد للدكتور شوقي ضيف فضل اكتشاف كتاب ابن مضاء‬
‫(الرد على النحاة) أو (النحويين) ويرجح العنوان األول(‪ ،)114‬ويذكر أن من بين أسباب ترجيح‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪125‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫اسم الكتاب (الرد على النحاة) ال (النحويين) الشهرة التي حملها التحقيق إلى أذهان‬
‫الدارسين(‪.)115‬‬
‫وال شك أن الدكتور محمد عيد قرأ بتمعن ما علق به الدكتور شوقي ضيف على‬
‫ابن مضاء في تحقيقه‪ ،‬ووصف ما فعله الدكتور شوقي بأنه عرض ما في الكتاب في مقدمة‬
‫طويلة(‪.)116‬‬
‫وانتبه الدكتور محمد عيد إلى دعوة الدكتور شوقي إلى اإلصالح باستلهامه آراء ابن‬
‫مضاء(‪ ،)117‬ولكن لم يصرح الدكتور محمد عيد بالتعليق املباشر على آراء الدكتور شوقي‬
‫ضيف في نظرية ابن مضاء‪ ،‬في غير املواضع السابقة‪ ،‬وإن كان هناك توافق كبير بينهما‬
‫ً‬
‫سنذكره الحقا‪.‬‬
‫ً‬
‫وال شك أن هذه الدراسة تثبت أن نسبة االتفاق كبيرة جدا بين العاملين‪ ،‬وأن ابن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مضاء ترك أثرا عميقا فيهما‪ ،‬ودفعهما لتبني نظريته في تيسير النحو من أعبائه‪.‬‬
‫وقد ثبت للباحثين في تناول العاملين لرأي ابن مضاء في العلل النحوية‪ ،‬توافقهما‬
‫ً‬ ‫في اإلعجاب بنظرية ابن مضاء وتبنيها‪ْ ،‬‬
‫وجعلها رمزا للثورة اللغوية املعاصرة‪ ،‬التي تدعو‬
‫إلى تيسير قواعد النحو‪ ،‬وإزالة الصعوبات والتعقيدات الجدلية التي أصابتها‪.‬‬
‫ورأى العاملان أن مذهب ابن مضاء الفقهي كان له األثر األكبر في دعوته إللغاء‬
‫بعض األصول النحوية‪ ،‬ومنها التعليل‪ ،‬وأن دعوته إصالحية بالدرجة األولى‪ ،‬وغايتها‬
‫التخفف من مظاهر الصعوبة‪ ،‬والعمل على تيسير النحو العربي‪.‬‬
‫وتبنى العاملان بأسلوبين مختلفين رأي ابن مضاء بضرورة إلغاء العلل الثواني‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ودعوا إلى االكتفاء بالعلل‬ ‫والثوالث‪ ،‬التي ثبت فسادها‪ ،‬وأثرها في تعقيد املسائل اللغوية‪،‬‬
‫األول التي تحدث بها الفائدة اللغوية‪.‬‬
‫ولقد سعى العاملان لنشر نظرية ابن مضاء‪ ،‬وتطبيقها بمؤلفات نحوية جديدة‪،‬‬
‫استلهمت مضامينها من االنتصار لرؤية ابن مضاء‪.‬‬
‫واختلف العاملان في أمور قليلة‪ ،‬ال تؤثر في جوهر تبنيهما لنظرية ابن مضاء‪ ،‬مما‬
‫ينبئ بميول حداثية تسعى للتمرد على القديم‪ ،‬والتغيير إلى ما يناسب العصر‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العاملين‬

‫املصادر واملراجع‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪126‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫‪ -1‬أسرار العربية ‪ ،‬أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد األنباري (‪577‬هـ) – تحقيق محمد‬
‫بهجة البيطار‪ -‬املجمع العلمي العربي – دمشق ‪.‬‬
‫‪ -2‬أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن مضاء وضوء علم اللغة الحديث‪ ،‬محمد عيد‪ -‬عالم‬
‫الكتب‪ -‬القاهرة ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬األعالم ( قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب واملستعربين واملستشرقين)‪ ،‬خير الدين‬
‫الزركلي – دار العلم للماليين – الطبعة الخامسة عشرة – بيروت ‪1422‬هـ‪2002-‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلغراب في جدل اإلعراب وملع األدلة في أصول النحو‪ ،‬أبو البركات عبد الرحمن كمال الدين بن محمد‬
‫األنباري (ت‪577‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬سعيد األفغاني‪ -‬مطبعة الجامعة السورية‪ -‬سورية ‪1377‬هـ‪1957-‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬االقتراح في أصول النحو‪ ،‬جالل الدين السيوطي (ت‪911‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬عبد الحكيم عطية‪ -‬دار‬
‫البيروتي‪ -‬الطبعة الثانية‪ -‬دمشق ‪1427‬هـ‪2006 -‬م‬
‫‪ -6‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين ‪ :‬البصريين والكوفيين ‪ ،‬أبو البركات عبد الرحمن األنباري‬
‫النحوي (‪577-513‬هـ) – تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد‪ -‬دار إحياء التراث العربي – الطبعة‬
‫الرابعة ‪1380‬هـ‪1961-‬م ‪.‬‬
‫‪ -7‬بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن السيوطي(ت‪911‬هـ) – تحقيق‬
‫محمد أبو الفضل إبراهيم – دار الفكر – الطبعة الثانية ‪1399‬هـ– ‪1979‬م ‪.‬‬
‫‪ -8‬تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهير واألعالم‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي‬
‫(ت‪748‬هـ)‪ -‬تحقيق بشار عواد معروف‪ -‬الطبعة األولى‪ -‬دار الغرب اإلسالمي‪ -‬بيروت ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬تطور النحو العربي في مدرستي البصرة والكوفة‪ -‬طالل عالمة ‪-‬دار الفكر اللبناني‪ -‬ط‪–1‬بيروت‬
‫‪1413‬هـ‪1993 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -10‬تيسيرات لغوية‪ ،‬شوقي ضيف‪ -‬دار املعارف‪ -‬القاهرة ‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬جهود نحاة األندلس في تيسير النحو العربي (رسالة علمية) فادي صقر عصيدة‪ ،‬إشراف أ‪.‬د‪ .‬وائل أبو‬
‫صالح‪ -‬جامعة النجاح الوطنية‪ -‬فلسطين ‪.2006‬‬
‫‪ -12‬دراسة في النحو الكوفي من خالل معاني القرآن للفراء‪ ،‬املختار أحمد ديره‪ -‬دار قتيبة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ -‬الطبعة األولى‪ -‬بيروت ‪1411‬هـ‪1991 -‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬الديباج املذهب في معرفة أعيان علماء املذهب‪ ،‬ابن فرحون املالكي (ت‪799‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫األحمدي أبو النور‪ -‬دار التراث للطبع والنشر‪ -‬القاهرة ‪1976‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬الرد على النحاة‪ ،‬ابن مضاء (ت‪592‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬شوقي ضيف‪ -‬دار الفكر العربي‪ -‬الطبعة األولى‪-‬‬
‫القاهرة ‪1366‬هـ‪1947-‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬سير أعالم النبالء‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت‪748‬هـ‪1374-‬م) – تحقيق‬
‫شعيب األرنؤوط وحسين السيد – مؤسسة الرسالة‪ -‬الطبعة الثانية – بيروت ‪1402‬هـ – ‪1982‬م ‪.‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪127‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬
‫‪ -16‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬اإلمام العالمة بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد العيني‬
‫(ت‪855‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬عبد هللا محمود عمر‪ -‬دار الكتب العلمية‪ -‬الطبعة األولى‪ -‬بيروت ‪1421‬هـ‪2001 -‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬الكوكب الدري فيما يتخرج على األصول النحوية من الفروع الفقهية‪ ،‬اإلمام جمال الدين اإلسنوي‬
‫(ت‪772‬هـ)‪ -‬تحقيق‪ :‬محمد حسن عواد‪ -‬دار عمار للنشر والتوزيع‪ -‬الطبعة األولى‪ -‬األردن ‪1405‬هـ‪1985 -‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬املستدرك على الصحيحين‪ ،‬اإلمام الحافظ أبو عبد هللا الحاكم النيسابوري (ت ‪405‬هـ)‪ -‬تحقيق‪:‬‬
‫يوسف عبد الرحمن املرعشلي‪ -‬دار املعرفة‪ -‬بيروت‪ -‬د‪.‬‬
‫‪ -19‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل (ت‪241‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناءوط وآخرون‪ -‬مؤسسة الرسالة‪-‬‬
‫الطبعة األولى‪ -‬بيروت ‪1421‬هـ‪2001 -‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬نظرية األصل والفرع في النحو العربي‪ ،‬حسن خميس امللخ – دار الشروق للنشر والتوزيع – الطبعة‬
‫األولى ‪1421‬هـ ‪. 2001 -‬‬
‫‪ -21‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان‬
‫(‪681-608‬هـ) ‪ -‬تحقيق د‪ .‬إحسان عباس– دار صادر – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -22‬مواقع إلكترونية‪:‬‬
‫موقع أرشيف إسالم أون الين‪ ،‬مقالة بعنوان‪( :‬شوقي ضيف‪ ..‬فيوضات وملتقى ثقافات)‪ ،‬محمد القاسم‪:‬‬
‫ويكيبيديا‪:‬‬ ‫وموقع‬ ‫‪،‬‬ ‫‪https://archive.islamonline.net/?p=269‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D9%88%D9%82%D9%8A_%D8%B6%D9%8A%‬‬
‫‪D9%81‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫ً‬
‫(‪ )1‬أحمد شوقي عبد السالم ضيف‪ ،‬الشهير بشوقي ضيف‪ ،‬ألف حوالي خمسين مؤلفا في مجاالت‬
‫األدب العربي‪ .‬انظر‪ :‬موقع ويكيبيديا‪:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D9%88%D9%82%D9%8A_%D8%B6%D‬‬
‫‪ ،9%8A%D9%81‬وموقع أرشيف إسالم أون الين‪ ،‬مقالة بعنوان‪( :‬شوقي ضيف‪ ..‬فيوضات‬
‫وملتقى ثقافات)‪ ،‬محمد القاسم‪https://archive.islamonline.net/?p=269 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الديباج املذهب ‪ 211 -208/1‬وبغية الوعاة ‪ 323 ،322/1‬وسير أعالم النبالء ‪275 -274/22‬‬
‫واألعالم ‪.147 -146/1‬‬
‫(‪ )3‬لم أقف على ترجمة له‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيس ى أبو القاسم األموي اإلشبيلي النحوي املعروف‬
‫بابن الرماك‪،‬مات كهال سنة إحدى وأربعين وخمسمائة‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة ‪ .86/2‬وسير أعالم‬
‫النبالء ‪ 175/20‬وتاريخ اإلسالم ‪.790/11‬‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪128‬‬ ‫المجلد السادس‬


‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫(‪ )5‬أبو القاسم خلف بن عبد امللك بن مسعود بن موس ى بن بشكوال بن يوسف بن داحة األنصاري‪،‬‬
‫األندلس ي القرطبي‪ ،‬صاحب تاريخ األندلس‪ ،‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ 142-139/21‬ووفيات‬
‫األعيان ‪ 241-240/2‬واألعالم ‪.311/2‬‬
‫(‪ )6‬أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن الخطيب القبجاطي ثم القرطبي‪ ،‬وعنه أحمد ابن مضاء‪.‬‬
‫وكان أحد األمناء والشهود بجامع قرطبة‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة ‪.322/1‬‬
‫(‪ )7‬الرد على النحاة ‪.129 -76‬‬
‫(‪ )8‬الرد على النحاة ‪.133 -130‬‬
‫(‪ )9‬الرد على النحاة ‪.138 -134‬‬
‫(‪ )10‬الرد على النحاة ‪.140 -138‬‬
‫(‪ )11‬الرد على النحاة ‪.141‬‬
‫(‪ )12‬الرد على النحاة ‪.71‬‬
‫(‪ )13‬الرد على النحاة ‪.72‬‬
‫(‪ )14‬الرد على النحاة ‪.72‬‬
‫(‪ )15‬الرد على النحاة ‪.74‬‬
‫(‪ )16‬الرد على النحاة ‪.75‬‬
‫(‪ )17‬مسند أحمد ‪ -200/45‬ح‪.27224‬‬
‫(‪ )18‬مستدرك الحاكم ‪.200/1‬‬
‫(‪ )19‬مستدرك الحاكم ‪.201/1‬‬
‫(‪ )20‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري ‪.290/24‬‬
‫(‪ )21‬الكوكب الدري ‪.91‬‬
‫(‪ )22‬الرد على النحاة ‪.76‬‬
‫(‪ )23‬الرد على النحاة ‪.76‬‬
‫(‪ )24‬الرد على النحاة ‪.77‬‬
‫(‪ )25‬الرد على النحاة ‪.78‬‬
‫(‪ )26‬الرد على النحاة ‪.79‬‬
‫(‪ )27‬الرد على النحاة ‪.78‬‬
‫(‪ )28‬الكوكب الدري ‪.54 -53‬‬
‫((‪ ) )29‬تطور النحو العربي في مدرستي البصرة والكوفة ‪. 36‬‬
‫(‪ )30‬الكوكب الدري ‪.55‬‬
‫(‪ )31‬جهود نحاة األندلس ‪.135 -126‬‬
‫(‪ )32‬الرد على النحاة ‪.130‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪129‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬

‫(‪ )33‬الرد على النحاة ‪.130‬‬


‫(‪ )34‬الرد على النحاة ‪.131‬‬
‫(‪ )35‬الرد على النحاة ‪.130‬‬
‫(‪ )36‬الرد على النحاة ‪.131‬‬
‫(‪ )37‬الرد على النحاة ‪.131‬‬
‫(‪ )38‬الكوكب الدري ‪.89‬‬
‫(‪ )39‬الرد على النحاة ‪.130‬‬
‫(‪ )40‬الرد على النحاة ‪.137‬‬
‫(‪ )41‬الرد على النحاة ‪.131 -130‬‬
‫(‪ )42‬الرد على النحاة ‪.132‬‬
‫(‪ )43‬الرد على النحاة ‪.132‬‬
‫(‪ )44‬الرد على النحاة ‪.131‬‬
‫(‪ )45‬الرد على النحاة ‪.134-132‬‬
‫(‪ )46‬اإلنصاف في مسائل الخالف‪ ،‬األنباري ‪.549/2‬‬
‫(‪ )47‬الرد على النحاة ‪.135 -134‬‬
‫(‪ )48‬الرد على النحاة ‪.135 -134‬‬
‫(‪ )49‬الرد على النحاة ‪.136 -135‬‬
‫(‪ )50‬الرد على النحاة ‪.137 -136‬‬
‫(‪ )51‬الرد على النحاة ‪.131‬‬
‫(‪ )52‬الرد على النحاة ‪.137‬‬
‫(‪ )53‬الرد على النحاة ‪.3‬‬
‫(‪ )54‬الرد على النحاة ‪.3‬‬
‫(‪ )55‬الرد على النحاة ‪.47‬‬
‫(‪ )56‬الرد على النحاة ‪.17 -13‬‬
‫(‪ )57‬جهود نحاة األندلس ‪.18 -17‬‬
‫(‪ )58‬الرد على النحاة ‪.46‬‬
‫(‪ )59‬الرد على النحاة ‪.35‬‬
‫(‪ )60‬الرد على النحاة ‪.9 -6‬‬
‫(‪ )61‬الرد على النحاة ‪.47 -46‬‬
‫(‪ )62‬الرد على النحاة ‪.48‬‬
‫(‪ )63‬الكوكب الدري ‪.90 -89‬‬
‫(‪ )64‬الرد على النحاة ‪.35‬‬
‫(العدد األول)‬ ‫‪130‬‬ ‫المجلد السادس‬
‫مجلّة‬
‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬د‪ 2352-9830 :‬اللّغة العربيّة وآدابها‬ ‫رقم اإليداع القانوني‪2013-8004 :‬‬

‫(‪ )65‬الرد على النحاة ‪.36‬‬


‫(‪ )66‬جهود نحاة األندلس ‪.25 ،19‬‬
‫(‪ )67‬الرد على النحاة ‪.35‬‬
‫(‪ )68‬الرد على النحاة ‪.36‬‬
‫(‪ )69‬الرد على النحاة ‪.37‬‬
‫(‪ )70‬الرد على النحاة ‪.37‬‬
‫(‪ )71‬الرد على النحاة ‪.38 -37‬‬
‫(‪ )72‬األصل والفرع حسن امللخ ‪.125‬‬
‫(‪ )73‬تيسيرات لغوية ‪.6‬‬
‫(‪ )74‬تيسيرات لغوية ‪.29 -28‬‬
‫(‪ )75‬أصول النحو محمد عيد التقديم ص ب‪.‬‬
‫(‪ )76‬أصول النحو محمد عيد التقديم ص ب‪.‬‬
‫(‪ )77‬أصول النحو محمد عيد التقديم ص ب‪.‬‬
‫(‪ )78‬الكوكب الدري ‪.93 ،92‬‬
‫(‪ )79‬أصول النحو محمد عيد ‪.169‬‬
‫(‪ )80‬أصول النحو محمد عيد التقديم ص د‪.‬‬
‫(‪ )81‬أصول النحو محمد عيد ‪.161 – 150‬‬
‫(‪ )82‬أصول النحو محمد عيد ‪.151‬‬
‫(‪ )83‬أصول النحو محمد عيد ‪.169‬‬
‫(‪ )84‬أصول النحو محمد عيد ‪.169‬‬
‫(‪ )85‬أصول النحو محمد عيد ‪.151‬‬
‫(‪ )86‬أصول النحو محمد عيد ‪.156 -152‬‬
‫(‪ )87‬أصول النحو محمد عيد ‪.153 -152‬‬
‫(‪ )88‬أصول النحو محمد عيد ‪.153‬‬
‫(‪ )89‬أصول النحو محمد عيد ‪.153‬‬
‫(‪ )90‬أصول النحو محمد عيد ‪.154‬‬
‫(‪ )91‬أصول النحو محمد عيد ‪.169‬‬
‫(‪ )92‬أصول النحو محمد عيد ‪.154‬‬
‫(‪ )93‬أصول النحو محمد عيد ‪.155‬‬
‫(‪ )94‬أصول النحو محمد عيد ‪.156‬‬
‫(‪ )95‬أصول النحو محمد عيد ‪.156‬‬

‫رمضان ‪١٤٣٩‬هـ‬
‫‪131‬‬
‫‪ 20‬ماي ‪2018‬‬
‫مجلّة‬
‫‪ISSN: 2352-9830, EISSN: 2600-6898‬‬
‫اللّغة العربيّة وآدابها‬

‫(‪ )96‬أصول النحو محمد عيد ‪.172 -170‬‬


‫(‪ )97‬أصول النحو محمد عيد ‪.171 -170‬‬
‫(‪ )98‬أصول النحو محمد عيد ‪.168‬‬
‫(‪ )99‬أصول النحو محمد عيد ‪.157 -156‬‬
‫(‪ )100‬أصول النحو محمد عيد ‪.172‬‬
‫(‪ )101‬أصول النحو محمد عيد ‪.169 -168‬‬
‫(‪ )102‬أصول النحو محمد عيد ‪.172‬‬
‫(‪ )103‬أصول النحو محمد عيد ‪.158‬‬
‫(‪ )104‬أصول النحو محمد عيد ‪.159 -158‬‬
‫(‪ )105‬أصول النحو محمد عيد ‪.175‬‬
‫(‪ )106‬األصل والفرع حسن امللخ ‪.123 ،122‬‬
‫(‪ )107‬جهود نحاة األندلس ‪.126‬‬
‫(‪ )108‬الرد على النحاة ‪.35‬‬
‫(‪ )109‬الرد على النحاة ‪.36‬‬
‫(‪ )110‬أصول النحو محمد عيد ‪.169‬‬
‫(‪ )111‬الرد على النحاة ‪.35‬‬
‫(‪ )112‬الرد على النحاة ‪.37‬‬
‫(‪ )113‬الرد على النحاة ‪.38 -37‬‬
‫(‪ )114‬أصول النحو محمد عيد ‪.41‬‬
‫(‪ )115‬أصول النحو محمد عيد ‪.42‬‬
‫(‪ )116‬أصول النحو محمد عيد ‪.41‬‬
‫(‪ )117‬أصول النحو محمد عيد ‪.41‬‬

‫*** *** ***‬

‫(العدد األول)‬ ‫‪132‬‬ ‫المجلد السادس‬

You might also like