You are on page 1of 1

‫المجزوءة الثالثة‪ :‬السٌاسة‪ .‬المفهوم الثالث‪ :‬العنف‪ .

‬المحور الثالث‪ :‬العنف والمشروعٌة‬


‫ٌطرح هذا المحور للتفكٌر موضوع ماهٌة الدولة ‪ l’essence de l’Etat‬؛ سواء باعتبارها دولة حق نشأت عن عقد اجتماعً حر بٌن أفراد المجتمع‪ ،‬جعلها السلطة السٌادٌة األولى وذلك‬
‫لتحقٌق غاٌتها االجتماعٌة والسٌاسٌة‪ ،‬تتوقف مشروعٌتها على تحقٌق هذه الغاٌات‪ .‬وبٌن من اعتبر أن الدولة بطبٌعتها هً مؤسسة تحتكر ممارسة العنف الذي ٌدخل ضمن وسائلها الخاصة‬
‫للحفاظ على وجودها ولضمان األمن والسلم داخل المجتمع‪ .‬وبٌن من ٌحاول أن ٌوفق بٌن الحق والعنف فً إطار ما ٌسمى بالعنف القانونً المشروع‪ .‬فهل الدولة هً دولة حق أم دولة عنف؟‬

‫هل ٌمكن تبرٌر العنف الذي تمارسه الدولة؟ وكٌف ٌمكن التمٌٌز بٌن العنف المشروع والعنف غٌر المشروع؟‬

‫ماكٌافٌلً‬
‫ماكس فٌبر‬ ‫جاكمين روس‬
‫لكن هل ٌمكن تصور دولة بدون عنف؟ هل ٌمكن‬ ‫الدولة حسب مكيافيل غير منفصمة عن األمير الذي‬
‫ىل تعتبر دولة الحق واقعا حقيقيا؟ وىل يتعارض العنف مع‬
‫تبرٌر كل عنف تمارسه الدولة؟‬ ‫يحكميا‪ ،‬فيما شيء واحد‪ .‬ليذا نجد مكيافيل يقدم‬
‫طبيعتيا؟‬ ‫مجموعة من النصائح لألمير من أجل توطيد سمطتو‬
‫تحيل السياسة عند فيبر بشكل أساسي عمى مفيوم الدولة‬
‫السياسية وذلك عبر استغالل الفضائل الحميدة والرذائل‬
‫كقيادة سياسية لتجمع بشري في جغرافية معينة‪ .‬ووسيمة الدولة‬ ‫تعبر دولة الحق عن سيرورة طويمة بدأت من انفصال السياسة عن‬
‫الدين مع ماكيافيل وبداية التفكير في أسس جديدة لمشروعية السمطة‬ ‫وتوظيف الوسائل المتاحة ولكن شريطة أال يفقد األمير‬
‫المثمى ىي العنف كضامن وحيد لييمنة الدولة‪.‬غير أن ىذا‬
‫السياسية مع فالسفة العقد االجتماعي‪ ،‬مرو ار بدولة ىيجل العقالنية‪،‬‬ ‫حب شعبو لو ألنو قد يحتاج ىذا الحب في وقت الشدائد‪،‬‬
‫العنف وان كان ليس وسيمة الدولة الوحيدة ‪ ،‬إال أنو أكثر‬
‫وتجسد دولة الحق في مجتمعات القرن العشرين وما بعدىا‪.‬‬ ‫وىذا ما يجعل األمير يتعامل وسط الناس بحيطة و حذر‬
‫أسمحتيا نجاعة في قيادة المجتمع ولممارسة السمطة ‪ ،‬مادام‬
‫إن دولة الحق والقانون تؤدي إلى ممارسة معقمنة لمسمطة‬ ‫حيث يرى مكيافيل أنو عمى األمير أن يكون ثعمبا وأسدا‬
‫أن تاريخ البشرية كشف عن محاوالت التعنيف لضمان السمم‬
‫في نظر جاكمين روس‪ ،‬وىي دولة تتخذ ثالثة مالمح وىي‪:‬‬
‫االجتماعي ‪ .‬من ىذا المنطمق يرى فيبر أن السياسي يتوق إلى‬ ‫في نفس الوقت فكيف لمحاكم ان يكون مثل ذلك؟ إن ىذا‬
‫‪ ‬الحق‪ :‬الذي يتمثل في احترام الحريات الفردية والجماعية‬
‫السمطة ‪ ،‬إما ألنيا وسيمة لتحقيق غايات مثالية أو أنانية و‬ ‫االعتبار يعني أن ىناك طريقتين في ضبط الحكم‪،‬‬
‫التي تتمسك بالكرامة اإلنسانية ضد كل أنواع العنف والقوة‬
‫إما لذاتيا من أجل إشباع الشعور بالفخر الذاتي والرغبة في‬ ‫والتخويف‪.‬‬ ‫الطريقة األولى و كما يشير إلييا مكيافيل ىي الطريقة‬

‫الوصول إلى السمطة وامتالكيا‪ ،‬بل وان االحتفاظ بيا يعني‬ ‫‪ ‬القانون‪ :‬أي أن الكل يخضع إلى قانون وضعي تابع لممبدأ‬ ‫القانونية والتي تعتمد أو تستند إلى ماىو قانوني‪ .‬أما‬
‫بالضرورة أن الدولة ‪/‬السمطة تعتمد عمى عالقة أساسية تربط‬ ‫األخالقي‪ ،‬مع إمكانية حمايتو من لدن قاض‪.‬‬ ‫الطريقة الثانية فيي طريقة القوة و التي من خالليا‬
‫بيا ىيمنة اإلنسان عمى اإلنسان من خالل العنف المشروع‪.‬‬ ‫السمط‪( :‬السمطة التنفيذية‪ ،‬التشريعية‪ ،‬القضائية)‪،‬‬
‫‪ ‬فصل ّ‬ ‫يستطيع األمير إرىاب وتخويف األعداء‪ ،‬ليذا عمى األمير‬
‫يمكن القول إذن إن الدولة من ىذا المنظور ىي المالكة‬ ‫وىي اآللية التي تحمي الدولة من السقوط في يد االستبداد‪.‬‬
‫أن يعرف كيف يحكم ‪ ،‬وكيف يتصرف انطالقا من ىاتين‬
‫الوحيدة لحق ممارسة العنف داخل تجمع سياسي معين كونيا‬ ‫إن دولة الحق والقانون ليست صيغة جامدة‪ ،‬وانما ىي‬
‫الطريقتين؟ فأن يكون ثعمبا معناه أن يعرف كيف يحمي‬
‫تمتمك وسائل متعددة لممارسة السمطة‪.‬‬ ‫حسب روس عممية بناء وابداع دائم لمحرية‪ ،‬والحترام كرامة‬
‫نفسو من الوقوع في الفخاخ و أن يكون أسدا معناه أن‬
‫الشخص‪.‬‬
‫يكون شديد القوة حتى يخيف اآلخرين‪.‬‬

You might also like