You are on page 1of 1

‫المجزوءة الثالثة‪ :‬السٌاسة‪ .‬المفهوم األول‪ :‬الدولة‪ .‬المحور األول‪ :‬غاٌة الدولة ومشروعٌتها‪.

‬‬
‫إذا كانت الدولة هً المؤسسة السٌاسٌة األولى فوق المجتمع‪ ،‬التً تحتكر ممارسة السلطة ‪ l’autorité‬بما ٌضمن إمكانٌة العٌش المشترك المنظم‪ .‬فإن‬
‫هذه الدولة ال ٌمكن أن تحافظ على وجودها بدون امتالكها المشروعٌة ‪la légitimité‬؛ أي مجموع المبررات التً تعطٌها الحق فً ممارسة السلطة‬
‫واحتكارها ‪ . monopoliser‬ذلك أن خضوع المجتمع لسلطتها واعتبارها األحق بأن تحكم ٌتوقف على مدى مشروعٌتها‪ .‬سواء بالنظر إلى الغاٌة من‬
‫وراء تأسٌس الدولة‪ ،‬وطبٌعة ومضمون هذه الغاٌة‪ ،‬أو من خالل طرٌقة ممارسة هذه السلطة وبحثتها عن الشرعٌة ‪ .la légalité‬فما الذي ٌضمن‬
‫للدولة مشروعٌتها؟ وما هً الغاٌة من وجودها؟ هل هً وجود طبٌعً أم تعاقد مكتسب؟‬

‫سبٌنوزا‪ :‬هل مشروعٌة الدولة محصورة فً توفٌر األمن ؟‬


‫ماكس فٌبر‪ :‬هل تستمد الدولة مشروعٌتها من غاٌتها أم من‬ ‫طوماس هوبس‪ :‬كٌف تضمن الدولة مشروعٌتها‬
‫طبٌعة سلطتها الشرعٌة؟ وما الذي ٌمٌز المشروعٌة الحدٌثة‬ ‫الدائمة؟ وما الخطر الذي ٌهدد الدولة ّ‬
‫بالزوال؟‬
‫حال الطبيعة عند سبينو از ىي حال الفوضى والكراىية‬
‫عن أشكال المشروعٌة القدٌمة؟‬
‫نجمت من سيادة األنانية والحرية المطمقة (حق كل كائن‬ ‫يعتبر ىوبس ‪ Hobbes‬أن وجود الدولة جاء نتيجة‬
‫أسست الممارسة السياسية الحديثة عمى مشروعية عقالنية‪ ،‬قطعت مع‬ ‫حي في أن يوجد وفق طبيعتو) وحق القوة‪ ،‬وغمبة األىواء‬ ‫سيادة مشاعر الخوف والكراىية التي تولدت من دخول‬
‫مبررات السمطة القديمة وأشكال المشروعية التقميدية‪ ،‬التي تستمد من سمطة‬ ‫واالنفعاالت عمى العقل‪ .‬ذلك أن الطبيعة لم تمنح لإلنسان‬ ‫الناس في "حرب الكل ضد الكل"‪ ،‬بوصفيا مرادفا لحال‬
‫األعراف والتقاليد ‪ ،les coutumes‬حيث يأخذ الشيخ األكبر سمطة مادية‬ ‫خيا ار آخر‪ ،‬في غياب سمطة أو قانون‪ ،‬غير المجوء إلى‬ ‫الطبيعة ‪ .l’état de nature‬وتعني أن الناس عاشوا‬
‫ورمزية‪ ،‬تجعل الجميع يخضع إليو باسم احترام التقاليد‪ .‬ثم تحولت ىذه‬ ‫القوة لمحفاظ عمى حقو الطبيعي‪ :‬الحياة والحرية‪ .‬لكن‬ ‫وضعا من الحرية المطمقة دفعتيم إلى استعمال كل‬
‫المشروعية إلى مشروعية كاريزمية‪ ،‬ترتبط بامتالك رجل السمطة لصفات‬ ‫الوسائل‪ :‬القوة والعنف والمكر لمحفاظ عمى حقيم‬
‫غياب ضمانة ليذه الحقوق دفع الناس إلى التوقف عن‬
‫ومميزات استثنائية‪ ،‬تجعمو مميما لمشعب وضامنا لوالء مطمقا‪ ،‬مثميا األنبياء‬ ‫الطبيعي (الحياة)‪ .‬غير أن غياب أية سمطة أدخل‬
‫السير وفق أىوائيم وتقييد حريتيم من أجل ما ىو أفضل‪،‬‬
‫وزعماء األحزاب والخطباء‪ .‬إن المشروعية القديمة مرتبطة أكثر بالشخص‪:‬‬ ‫الناس في حرب كمية أصبحت تشكل تيديدا لوجود‬
‫وىو وجود حال المدنية (المجتمع والدولة) التي تجعل‬
‫الشيخ أو الزعيم‪ .‬غير أن السمطة الحديثة (الدولة الحديثة) لم تعد مرتبطة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ليفكر بعدىا في بديل ليذا الوضع؛ فتكون‬
‫األفراد يعيشون وفق نظام وأمن‪ ،‬وبالتالي ضمان حياتيم‬
‫بشخص يحتكرىا‪ ،‬بل بمشروعية المؤسسات الحديثة التي تتميز بالكفاءة‬
‫النتيجة دخول األفراد في تعاقد مع حاكم فوضوا لو كل‬
‫(كما عند ىوبس)‪ .‬بيد أن سبينو از لم يشرط مشروعية‬ ‫حقوقيم وذلك لضمان األمن والسمم منع الناس من‬
‫والعقالنية‪ ،‬وبقوانينيا المجسدة لمحق والعدالة وبالتالي تفرغ السمطة من كل‬
‫الدولة بضمان الحياة فقط؛ بل بضمان الحرية‪ :‬حرية‬ ‫العودة إلى حال الطبيعة‪ /‬حرب الكل ضد الكل‪ .‬لتكون‬
‫محتوى شخصي لتصير سمطة القانون‪ ،‬وينزل األشخاص إلى مجرد "خدام‬
‫التعبير والتفكير وحرية الممارسة الدينية‪ ،‬بينما تفقد‬ ‫بذلك مشروعية الدولة في تحقيقيا لغاية األمن‬
‫لمدولة وموظفين فييا" ال غير‪ .‬إذن المشروعية الحديثة ىي الثقة في‬
‫الدولة مشروعيتيا حينما تضع أمن الناس أمام تيديد‬ ‫واالستقرار وضمان الحياة‪.‬‬
‫كفاءة المؤسسات وعقالنيتيا‪.‬‬
‫العنف والتخويف‪( .‬تيديد حق الحياة) وتصادر حريتيم‬
‫في التعبير والتدين‪.‬‬

‫التركٌب‪ :‬كانت نظرٌات العقد االجتماعً نقٌضا لفكرة أرسطو والفالسفة المسلمون‪ ،‬التً تعتبر أن وجود الدولة أو المجتمع َم َر ُّدهُ إلى مٌل ‪ tendance‬االنسان الفطري والغرٌزي إلى االجتماعً والعٌش داخل مجموعات سٌاسٌة‪ .‬فنظرٌة‬
‫العقد االجتماعً تعتبر أن الدولة جاءت بعد تجربة العٌش خارج المجتمع والدولة‪ ،‬وتطورت الفكرة لتقدم لنا مفهوم دولة الحق والقانون أي دولة الممارسة العقالنٌة للسلطة مع ماكس فٌبر‪.‬‬

You might also like