Professional Documents
Culture Documents
السياسات الترابية
السياسات الترابية
والدمقراطية التشاركي
السياسات الترابية
:من إنجازالطالب
طارق عداس
ماذا نقصد بالسياسات الترابية
يشير مصطلح السياسات الترابية في تعريفه العام إلى مختلف االستراتيجيات التي تتعلق بتنظيم وإدارة المجال الجغرافي
إلقليم معين ،سواء كان ذلك على مستوى إقليمي أو محلي ،وفي مدلولها الخاص يقصد بالسياسات الترابية دراسة
الجماعات الترابية في وضعية فعل ،وفي سياق مماثل يمكن القول أن السياسة الترابية هي اآللية اإلجرائية التي تمكن
الجماعات الترابية من التفاعل مع الحاجيات والمشاكل العمومية المحلية ،وهي بهذا االعتبار ترتكز على مجموع
االختيارات المترابطة التي تتخذها هذه الوحدات الترابية " جماعات -عماالت وأقاليم -وجهات" داخل الحيز الجغرافي
الذي تمارس فيه سلطتها من خالل تحديد األهداف والوسائل الكفيلة بتحقيق هذه األهداف وبالتالي البحث عن الحلول .غير
أن تفاعل الجماعات الترابية مع إشكاليات مجالها الجغرافي الذي تمارس فيه سلطتها ليست عملية جامدة ،بل تقتضي من
هذه الوحدات عبر مختلف أجهزتها الوعي بمشاكلها الواقعية ومحاولة إيجاد حلول لها ،وهي بذلك عملية تتميز بالدينامية
والحركية ،تتأثر بمحددات قيام الشرط االجتماعي الداخلية والخارجية .وبالتالي فالسياسات الترابية مطالبة دائما بالتكيف
.والتناغم مع الرهانات والتحديات الوطنية والدولية
مدلول السياسات الترابية
يمكن أن ننظر للسياسات الترابية باعتبارها مجموع األعمال والنشاطات ،التي تقوم بها السلطات الترابية ،بغاية تقديم حلول لمشاكل مرتبطة بالنطاق -
الترابي التابع لها ،في حين يمكن تعريف السياسات العمومية الترابية الجهوية بكونها مجموع األعمال والنشاطات التي تقوم بها الجهة بغاية تقديم
.حلول لمشاكل مرتبطة بالنطاق الترابي للجهة
ومصطلح السياسات الترابية هو يعتبر حديثا في المغرب ،رغم أنه بدأ تدعيم االختيار الجهوي بالمغرب كأساس للتنظيم الترابي يبرز بشكل الفت من
:خالل عدة محطات
كان أبرزها نظام الجهات االقتصادية لسنة ،1971والرغبة في إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية سنة 1984بالتعديل الدستوري لسنة ،1992
مرورا بتدعيم مكانة الجهة في دستور ،1996وصدور القانون المنظم للجهات سنة ،1997انتهاء بدستور 2011الذي كرس للجهوية المتقدمة كمقاربة
استراتيجية في سياسة إعداد التراب الوطني ،وصدور القانون التنظيمي للجهات رقم 111.14وصدور الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري سنة 2018
وإصالح المراكز الجهوية لالستثمار سنة ، 2019كل هذه المحطات واإلصالحات هي التي ساهمت في هذا النقاش العمومي حول موضوع السياسات
.العمومية الترابية ،والتي هي من أهم محاور صياغة نموذجنا التنموي الجديد
من استعمل مصطلح السياسات الترابية ألول مرة ؟
ال يمكن تحديد حدث أو مستخدم محدد قد أطلق هذا المصطلح ألول مرة ،لكن يعتبر استخدامه جزءا من
تطور مفاهيم التخطيط الحضري واإلقليمي ,ويشير مصطلح السياسات الترابية إلى السياسات التي تتعلق
بالتنظيم والتخطيط لالستخدام الفعال والمستدام للمساحات الجغرافية والموارد الطبيعية على مستوى
.إقليمي أو ترابي
كما تطورت هذه الفكرة تدريجيا على مر الزمن نتيجة للتحديات المتزايدة التي تواجه المجتمعات في إدارة
النمو الحضري والبيئي ،وعمليا يمكن القول أن مفهوم السياسات الترابية هو نتاج لتطور مفهوم مصطلح
آخر وهو السياسات العمومية بحيث يمكن تحديد تموضع هذه األخيرة ابستيمولوجيا في السياق التاريخي
.فقد بدأ الحديث عن السياسات العمومية مع االنتقال في التحليل من موضوع الدولة إلى النظام السياسي
أين استعمل المصطلح ألول مرة ؟
ظهر مجال السياسات العمومية وتحليلها نشأ في الدول االنكلوساكسونية في الواليات المتحدة بعد الحرب
العالمية الثانية بين الخمسينات والستينيات ،الذي كانت فيه المسألة السياسية ذات بعد مركزي حيث لم يبقى
التفكير منصبا على ما هي أفضل األنظمة برلماني -رئاسي -شبه رئاسي ،ألن صدمة 1929والحرب
العالمية الثانية ،توصل العالم إلى فكرة تقاسمها الجميع ،وهي أن الديمقراطية والنظام التمثيلي غير كاف،
ومن هذا المنطلق تغير البراديغم المؤسساتي ،ولم يعد من االهتمامات المركزية لدى الباحثين ،وأصبح
السؤال حول كيف يمكن أن تقرر في الديمقراطيات الليبرالية ،وبعبارة أخرى كيف يمكن لنا صياغة
سياسات عمومية وترابية فعالة ومعقلنة.
لماذا استعمل مصطلح السياسات الترابية ؟
يمثل المجال الترابي فضاء لمعالجة المشاكل العمومية وتدبيرها بآليات تتخذ من التشاور والتشارك والحوار قاعدة لرصد حلول ناجعة
تترجم في شكل سياسات عمومية ترابية فعالة ،على اعتبار أن المقاربة الترابية تقوم على تشخيص المشكل انطالقا من الفضاء الترابي
.بمنطق تدبيري يحسم في عملية تحديد المشكل العمومي على المستوى الترابي
من هذا المنطلق ،تم النظر إلى ان المجال باعتباره المستوى الذي يحدد حجم المشاكل والتساؤالت خاصة ذات الصبغة التنموية
االجتماعية الترابية مما يتطلب تدخل فاعلين محلين /ترابين بتنوعهم وتعددهم من سلطات عمومية محلية وجماعات ترابية بمستوياتها
وتنظيمات المجتمع المدني في سبيل ايجاد حلول لمشاكل الساكنة وتنفيذها وتقييم أثرها على مدى رضا الساكنة من هذه السياسات
.الترابية ،التي تستهدف باألساس المواطنين والمواطنات القاطنين بالفضاء الترابي
إن استحضار المجال الترابي كفضاء لتدبير المشكل العمومي يعيد إلى األذهان أدبيات ميشيل فوكو ،إذ يعتبر أحد رواد السوسيولوجيا في
مجال التنظير للمجال الترابي في إطار ما يصطلح عليه بالتدبير الحكومي وسبل تحديد وتشخيص المشاكل المختلفة والمتعددة ،والتي
.يعاني منها باألساس األفراد داخل المجتمع