Professional Documents
Culture Documents
إعداد :
إشراف :
الدكتورجمال الدين حمزة اللواتي
][1
"بسم هللا الرحمان الرحيم والصالة والسالم على أشرف المرسلين وآجله
وصحبه ومن وااله"
كلمة شكر وتقدير
3
تقديم:
يعتبر اإلنسان مدني بطبعه اجتماعي بوضعه يميل إلى العيش في الجماعة هذه األخيرة أفرادها
يكمل بعضهم بعضا الكل فاعل ويتفاعل من أجل أن يسد ويكمل نقصه ونقص غيره ،ومنذ
اآلزل كان اإلنسان يعيش في الجماعة وعمل على تطوير أساليب العيش والرقي بفكره وبالتالي
أصبح التنظيم يشق طريقه إلى نمط عيشه (االنسان ) شيئا فشيئا إلى أن أصبح يعيش (االنسان)
في وسط اجتماعي منظم من حيث أساسيات البقاء وضروريات اإلستمرار ،أما من حيث
الكماليات ففي ذلك تختلف الشعوب واألقاليم.
ولما كان االنسان يميل إلى تنظيم وسط عيشه اتضح له جليا أن أمر تنظيم عيش جماعة أو
مجتمع معين يستلزم التفكير في ابتكار وتخطيط خطوط عريضة يراعي فيها مستوى عيشه
وامكانياته وآفاق تطلعاته ،كل هذا ساهم في تشكيل الحضارات والثقافات على مر العصور.
وعموما فإن تنظيد التكتالت البشرية عمرانيا ومرفقيا ..أصبح أمرا ال محيد عنه ،وخصوصا
في عصر وصل فيه اإلنسان إلى أبهى مراتب الرقي واالزدهار المعرفي والصناعي..
وبالنسبة للمغرب فإن هذا الشأن تعنى به الدولة في شخص أجهزتها ومؤسساتها المعنية بهذا
الصدد مطبقة في ذلك قوانين التعمير والقوانين ذات الصلة بالتعمير ومنها:
1
ظهير 25يونيو 1960المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية
2
قانون رقم 12.90المتعلق بالتعبير
3
قانون رقم 25.90بشأن التجزيىات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات
قانون رقم 66.12المتعلق بمراقبة وجزر مخالفات التعمير والبناء
مشروع قانون رقم 04.04بمثابة تعديل جزئي يغير ويتمم قانون رقم 12.90وقانون رقم
25.90ويحل محل ظهير 25يونيو .1960
وعليه فإننا سنركز الدراسة على موضوع :السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم
المدن.
1
(:)1ظهير شريف رقم 1.60.063الجريدة الرسمية عدد 24 -89بتاريخ 13محرم 1380الموافق ل 8يوليوز 1960الصفحة 20الى.98
(:)2الجريدة الرسمية عدد 4159بتاريخ 14محرم 1413الموافق ل 15يوليوز 1992الصفحة .887
( :)3الجريدة الرسمية عدد 4159بتاريخ 15يوليوز 1992الصفحة .880
4
1اإلطار العام لموضوع البحث
تعتبر مهام تأطير التجمعات السكانية من أهم المواضيع التي ترتبط والصالح العام ،وهاته
المهام تكمن منوط بالدولة في شخص األجهزة والمؤسسات المعنية بهذا الغرض ،ومنه فإن
موضوع دراستنا سينصب على بحث السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن،
وسنركز على بيان جوهر الموضوع ومضمونه قدر اإلمكان وجهد المستطاع.
2خلفية تاريخية حول الموضوع:
تعاقبت الحضارات وتطورالمجتمع بالمغرب وكان أمر التخطيط والتهيئة العمرانية غير
مفارقعنه ،وقد اهتم الساسة والمعنيين بشأن التعمير وتنظيم المدينة وكان هذا التنظيم يخضع
لألعراف والعادات وتعاليم الشريعة اإلسالمية..
وابان الحماية بالمغرب قام المستعمر بوضع إطار قانوني للتعمير هدف من خالله الى تدبير
حسن استغالل الثروات ونهب الخيرات ..وبعد االستقالل آولت اإلدارة المغربية شأن التعمير
أهمية بالغة بالنظر إل الوضع المتأزم -خلق الطبقية وتكريس الفوارق االجتماعية وتهميش
المناطق الفقيرة ...وهو ما خلق ما يسمى بالمغرب النافع والمغرب غير النافع -الذي تخلف
جراء إعمال المستعمر لقوانين التعمير التي سنها ،وذلك من خالل فتح اوراش لإلصالح همت
مختلف القطاعات والجهات اختالفها وتعددها فالكل يتدخل حسب موضعه ودوره بسياسات
عمومية تروم النهوض بميدان التعمير وتنظيم المدن.
3أهمية موضوع البحث:
يرتبط ميدان التعمير وتنظيم المدن بكثير من المجاالت من قبيل المجال العقاري المجال
الصناعي المجال الخدماتي المجال اإلقتصادي ...ومن هنا تظهر لنا أهمية هذا الموضوع إذ
أن معالجة هذا الموضوع ستكشف عن المساس الجوهري والعميق بينه وبين جل القطاعات
الحيوية.
4الغاية من إنجاز البحث:
إن غاية هذا البحث ال تخرج عن معرفة األسباب الحقيقية التي تعيق الموضوع -السياسات
العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن -على مختلف المستويات والمجاالت مما دفعنا إلى
دراسته ومحاولة مقاربة تلك المعيقات واإلسهام في إعطاء حلول علمية لإلشكالية المطروحة.
5نوع المنهج المعتمد:
سنعمد بحول هللا في هاته الدراسة إلى اعتماد :منهج المسح التحليلي
5
باعتماد هذا المنهج سنقوم بتصوير ووصف الظروف واالتجاهات الحالية للسياسات العمومية
في ميدان التعمير وتنظيم المدن ونقارب وضعها بالبحث في األسباب المؤدية إلى بعض
اإلشكاالت المطروحة عمليا
6تحديد إشكالية البحث والفرص المتعلق بها
من خالل اإلطاللة األولية على موضوع البحث من الناحية النظرية والعملية ،تبين لنا أن
هناك فارق كبير بين الواقع المعاش والجانب النظري فيما يخص السياسات العمومية في ميدان
التعمير وتنظيم المدن.
وعليه ،بلورنا إشكالية األتية :ما مدى فالح القطاعات المعنية والوصية في تحقيق التطور
واالزدهار التنظيمي والتخطيطي في السياسات العمومية المتخذة في ميدان التعمير وتنظيم
المدن.
هذه اإلشكالية ارتئينا بحثها باعتماد الفروض االتية:
-تأصيل مفاهيمي وبيان التطور التاريخي للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظي
المدن.
-إبراز عناصر وأبعاد السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن.
-اإلطاللة على مخططات إعداد التراب الوطني وبعض نماذج من السياسات القطاعية
والترابية تجسيد للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن.
7عرض موجز لمحتويات البحث
مستهل بحث موضوع "السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن" بتقديم ثم مقدمة
تتضمن عناصر أساسية منهجية ومؤطرة للموضوع ،وفي صلب البحث ندرس تأصيلية
مفاهيمها نميز من خالله بين مختلف األنظمة والمؤسسات المشابهة للتعمير وتنظيم المدن
ونسرد نبدة تاريخية حول الموضوع ونبحث أبعاد وعناصر السياسات العمومية وقت نم
بالتعرف على مخططات إعداد التراب الوطني كتجسيد للسياسات العمومية في ميدان التعمير
وتنظيم المدن ،ونعرف ببعض نماذج السياسات القطاعية والترابية في ميدان التعمير وتنظيم
المدن ،ونحاول إعطاء حلول لإلشكاالت المطروحة ،ونختم البحث بخاتمة موجزة.
8عرض التقسيم الرئيسي لموضوع البحث
6
المبحث االول :اإلطار العام للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
المطلب األول :التطور التاريخي والتأصيل المفاهيمي
المطلب الثاني :عناصر وأبعاد السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
المبحث الثاني :سياسة السلطات اإلدارية في مجال تدبير التعمير وتنظيم المدن
المطلب األول :المخططات إعداد التراب الوطني كتجسيد للسياسة العمومية في ميدان التعمير
وتنظيم المدن
المطلب الثاني :نماذج من بعض السياسات القطاعية والسياسات الترابية في قطاع التعمير
وتنظيم المدن
7
المبحث األول :االطار العام للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
لسياسات العمومية المتخذة في ميدان التعمير أهمية بالغة وكبيرة جدا إذ أن مسألة تحصيل
تعمير جيد رهين بمدى مالئمة السياسات العمومية لألهداف المتوخاة والمخطط لها في تنظيم
العمران وإال مثل السكاني..
وفي هذا اإلطار ،سنحاول تسليط ضوء الدراسة على السياسات العمومية الخاصة بالتعمية
وتنظيم المدن في هذا المبحث من خالل التأصيل المفاهيمي وإعطاء نبذة حول التطور
التاريخي للسياسات العمومية في ميدلن التعمير وتنظيم المدن (المطلب األول) ،ونتعرف على
عناصر السياسات العمومية في ميدان التعمير واألبعاد تنظيمية للسياسات العمومية في مجال
تنظيم المدن (المطلب الثاني).
المطلب األول :التطور التاريخي والتأصيل المفاهمي
يعد التأصيل المفاهيمي الركيزة األساسية التي ينبني عليها فهم أي موضوع من مختلف الزوايا
واألركان ،كما أن بحث تطور أي موضوع أو ظاهرة ..تاريخيا من شأنه اإلسهام في بيان
صورة واضحة ونظرة تحليلية ثاقبة عن الوضع المعاش في العصر أو الظرف الراهن.
وعليه ،فإننا سنطل على التطور للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن ولذلك في
نبذة مركزة (الفقرة األولى) ،ونحاول أن نميز بين مختلف المفاهيم واألنظمة المشابهة للسياسة
العمومية والتعمير وتنظيم المدن (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :التطور التطور التاريخي للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
أوال :في عهد الحماية
ابانت سياسة المستعمر في ميدان التعمير عن فشل ذريع ،ألنه لم يستطع خلق توازن بين
مختلف المدن وهذا ما آدم إلى ظهور عدة مشاكل في ميدان التعمير مما دفع المستعمر إلى
إقرار إطار قانوني ومؤسساتي لقطاع التعمير4وبذلك وظف مجموعة من القوانين خالل مرحلة
الحماية..
ثانيا :مرحلة مابعد اإلستقالل
بعد حصول المغرب على االستقالل وجد نفسه أمام مخلفات وتبعات سياسة المستعمر في
ميدان التعمير والتي سعى المستعمر من خاللها إلى األهتمام بالمناطق الغنية والحيوية
( :)4الدكتور الحاج شكرة -الوجيز في قانون التعمير المغربي -الطبعة السادسة ،السنة ،2012الصفحة 21
8
واألراضي الخصبة ..وتهميش باقي المناطق وهذا أفرز ما يسمى بالمغرب النافع والمغرب
5
غير النافع
وقد عملت اإلدارة المغربية من خالل جملة من البرامج التنموية والتصاميم العمرانية
والمخططات اإلجتماعية إلى وضع إطار قانوني يحقق سياسة عمومية فعالة في مجال التعمير
وتنظيم المدن ،ويراعي فيه مختلف الفوارق االجتماعية والجمالية..
الفقرة الثانية :التأصيل المفاهيمي للسياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
تعتبر السياسات العمومية مفهوما شاسع النطاق ،ولم يتفق حول وضع تعريف موحد لها ،وذلك
يرجع أساسا لتعدد المصالح و المقاربات و زوايا النظر لها ،األمر الذي جعلها تتداخل مع
بعض المفاهيم المشابهة لها (أوال) ،ونتعرف على مفهوم التعمير ونحاول تمييزه عما يشابهه
من المفاهيم (ثانيا) ،ونفس االمر نطبقه على مفهوم المدينة والمفاهيم المشابهة لها(ثالثا).
أوال :السياسات العمومية والمفاهيم المشابهة لها
سنحاول تعريف السياسات العمومية رغم تعدد التعريفات و اختالفها ،تعريفا يجمع بين
مكوناتها و أهدافها ( ،) 1على أن نقوم بعد ذلك بتمييزها عن باقي المفاهيم المشابهة لها()2
)1تعريف السياسات العمومية
لم يتفق المختصون في مجال علم السياسة على تعريف موحد للسياسات العمومية فهناك
تعاريف متعددة ورغم تعدد المقاربات و زوايا النظر إال أنا غالب التعريفات تشتبه من حيث
ذكرها للفاعلين في مجال السياسات العمومية و كذا المسؤول عن اتخاد القرار بشأنها و تقييمها
و مراقبتها ،فقد عرفها أستاذ العلوم السياسية الكندي فانسان ليوميو بأنها " :مجموعة من
القرارات المترابطة التي يقرها فاعل سياسي أو مجموعة فاعلين سياسيين ،مع تحديد األهذاف
و الوسائل و اإلمكانات قصد بلوغ نتائج معينة".
وعرفها احد الباحثين 6بأنها :
"مجموعة من الخطط و البرامج التي تنهجها الدولة أو إحدى مؤسساتها ،من أجل حل مشاكلها
و اإلستجابة للمطالب المتنوعة ،وما يميزها هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من المجتمع،
مما يحتم اإلهتمام بصياغتها ورسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتقليل احتماالت
فشلها".
9
انطالقا من التعريفين السابقين يتضح أن السياسات العمومية ،عبارة عن برنامج عمل يهدف
إلى التصدي لمشكل ما (اجتماعي ،اقتصادي )..بغرض ايجاد حلول له ،وذلك بتدخل العديد من
الفاعلين سواء حكوميين أو غير حكوميين ،إال أن هؤالء الفاعلين غير الحكوميين ،اليتخد
اشراكهم في نهج السياسات العمومية طابعا تقريريا ،اذ يقتصر دورهم فقط على المساعدة ،و
تقديم اإلقتراحات ،ويمكن القول أن السياسات العمومية هي تفاعل بين ،السلطة المكلفة بتدبيير
شؤون المجتمع ،وبعض مكوناته ،عن طريق حوار وطني مفتوح ،بهذف حل مشكل من
مشاكل المجتمع ،وتحقيق المصلحة العامة.
ومن كل ما سبق يمكن وضع تعريف مختصر للسياسات العمومية بأنها:
"تدخل سلطة عمومية ذات مشروعية عبر برنامج عمل ،في مجال معين من مجاالت المجتمع،
بهذف حل المشاكل التي تعترضه ،مع اشراك كافة الفاعلين و فئات المستهذفة".
وتسوق أيضا التعريف اآلتي:
"السياسة العمومية :استراتيجية كبرى تخطط فيها الجهات المعنية بأمر التعمير على ضبط
الخطوط العريضة (الوسائل اإلدارية والوسائل المادية) لتنظيم هيكلة العمران في وسط معين".
انطالقا من التعاريف السابقة ،يمكن القول أن السياسات العمومية تتوفر على مجوعة من
العناصر ،فهي سياسات ألن الذي يتخد القرار بشأنها سلطة سياسية (الحكومة) ،وتعتبر
عمومية ألنها تستوجب اشراك بعض الفاعلين إلى جانب السلطة السياسية صاحبة القرار و هم
:
✓ المؤسسات اإلدارية للدولة سواء المركزية أو الالمركزية التي تشمل :الجماعات
الترابية ( الجهات والعماالت ،األقاليم والجماعات المحلية) والمؤسسات العمومية.
✓ األحزاب السياسية :وهي تجمعات ألطراف تعمل في إطار فكري و إديولوجي من
خالل برامج عمل سياسية ،بهدف الوصول للسلطة و ممارستها ،والبقاء فيها.
✓ اإلعالم :و هذا أمر بديهي ما دام اإلعالم احدى المجموعات الضاغطة داخل النسق
السياسي و له دور تعليمي و توجيهي ورقابي في مجال السياسات العمومية.
✓ المجتمع المدني :و هو كيان منفتح يتكون من فاعلين متنوعين :كالجمعيات ،النقابات،
و الهيئات التمتيلية لمختلف مكونات المجتمع و القطاعات المهنية ،وكذا الجماعات
العلمية و التقافية ،ووحدات البحوث ،والديناميكيات اإلجتماعية النشيطة و الفاعلة.
و ما يميز هيئات المجتمع المدني هو السعي للدفاع عن مصالحها دونما السعي
للوصول إلى السلطة.
)2تمييز السياسات العمومية عن المفاهيم المشابهة
10
يعاب على العديد من الكتابات و البحوث الخلط بين السياسات العمومية و بعض المفاهيم
المشابهة لها إما في الصياغة كمصطلح السياسات العامة ،أو التشابه في األهذاف كما هو
الشأن بالنسبة للسياسات القطاعية.
• السياسات العمومية و السياسة العامة :
يقع الخلط بين مصطلح "السياسة العامة" "la politique généralو مصطلح
السياسات العمومية les politiques publiquesفي اللغة العربية ،و ذلك يرجع
للتشابه النطقي بين كلمتي العمومية و العامة ،رغم اختالفهما فالعامة ارتبطت
بالجماعة وهي مصطلح قديم في اللغة العربية ،أما العمومية فهي مصطلح لم يتداول
كثيرا إال مع وجود مفهوم الدولة الحديثة و تعدد وضائفها ،وانبثاق مفاهيم اخرى
كاإلدارة العمومية و السلطة العمومية و المؤسسات العمومية ،وهذا الخلط أمر طبيعي
مادام أن المشرع الدستوري لم يعرفهما ،إضافة إلى وجود شبه تام لتعريف السياسة
العامة ،وقليل من التعاريف للسياسات العمومية على مستوى الفقه.
وقد اكتفى المشرع الدستوري بالنص على السياسات العمومية في الفصول /70-2/13:
.29/168-1/101-2/90-1-
ونص على السياسات العامة في الفصول .137/103-1/100-3/ 92-1 :
وباستقراء مختلف هذه النصوص تتضح عدة اختالفات بين السياسة العامة و السياسات
العمومية وهي :
✓ اكتفاء المشرع الدستوري بدكر السياسة العامة دونما ربطها بمجال معين ،بينما
السياسات العمومية دائما ترتبط بمجال أو مجاالت معينة أو موضوع من مواصيع
المجتمع ،مثال على ذلك ما ورد في الفصل 163من الدستور ،بخصوص المغاربة
المقيمين بالخارج ،و الفصل 168بخصوص السياسات العمومية المرتبطة بالتربية
و التكوين.
✓ تعرض السياسة العامة للتداول بشأنها أمام المجلس الوزاري أما السياسات العمومية
فتعرض أمام المجلس الحكومي.
✓ تتتميز السياسات العمومية بتعدد الفاعلين و المتدخلين إلعدادها وتنفيدها و مراقبتها
بينما السياسة العامة اختصاص أصيل للرئيس لحكومة،.وذلك واضح من خالل
الفصل 100من الدستور الذي جعل اإلجابة عن األسئلة المتعلقة بالسياسة العامة
للدولة لرئيس الحكومة فقط.
11
• يتذاخل في صنع القرار في السياسات العمومية ،عدة فاعلين بينما السياسة العامة
اتخاد القرار فيها من اختصاص السلطة التنفيدية وحدها ،أما باقي السلط فدورها
يقتصر فقط في التفعيل.
انطالقا مما سبق يمكن تعريف السياسة العامة كما يلي:
"السياسة العامة :يطلق هذا المفهوم على كل تخطيط لنهج معين يروم مجال أو
موضوع يستهدف األمة او المجتمع ،ومن قبيل السياسة العامة ما يتخذ في مجال
الصحة التعليم التشغيل ..من تخطيط وتدبير.
• السياسات العمومية و السياسات القطاعية
استنادا إلى الدستور الجديد للمملكة المغربية ،يمكن أن نميز بين مستويين من
السياسات ،ويتعلق األمر بالسياسات القطاعية و السياسات العمومية ،فاألولى تعكس
مسؤولية الوزراء عن تنفيد سياسة الحكومة ،في القطاع الذي يختص به كل منهم ،طبقا
للفصل 93.1من دستور ،2011ومن تم فإن السياسات القطاعية مرتبطة بالقطاعات
الحكومية كل بحسب تخصصه ،ويمكنها أن تشكل جزء من سياسة عمومية ألن هذه
األخيرة أشمل وأوسع ،لكونها تسمح بتدخل فاعلين اجتماعيين الى جانب الفاعل
الحكومي الرسمي طبقا للفصل 13من الدستور الذي ينص على " :تعمل السلطات
العمومية على احداث هيئات للتشاور ،قصد اشراك مختلف الفاعلين اإلجتماعيين في
اعداد السياسات العمومية ،وتنفيدها و تفعيلها و تقييمها".
اعتمادا على هذا التحليل ،المستند الى دستور ،2011ترتبط السياسات القطاعية بقطاع
معين (الماء ،الفالحة ،الصحة التعليم )...و هو نفس األمر بالنسبة للسياسات العمومية
فهي ترتبط بقطاع او قطاعات إال أنها تتميز باشراك الفاعلين اإلجتماعيين الى جانب
الحكوميين ،وهذا ما يضفي عليها صبغة العمومية.
وعليه فإذا كانت السياسات القطاعية تعكس التوجه الرسمي الحكومي اتجاه قضايا
محددة ،فإن السياسات العمومية تعكس توجه أكثر من قطاع حكومي و إلى جانبه
التوجه المجتمعي.
إن السياسات القطاعية ترتبط بالسير العادي لكل وزارة في القطاع المختصة به،
ومهمتها دائمة فيه ،أما السياسات العمومية فهي موسمية الظهور و ال يتم اتخاد القرار
بانطالقها إال عندما يتار مشكل في مجال ما (التعمير ،ازمة السكن،السكن العشوائي)..
يتطلب التدخل المتعدد لمختلف الفاعلين لحل هذا المشكل أو التقليل من حدته.
• السياسات العمومية والحكومة
الحكامة بمعناها الشامل هي التدبير األمثل للموارد وتقوم عل المبادئ التالية:
12
المشاركة -
حكم القانون -
الشفافية -
اإلستجابة -
التفاوق -
الفاعلية -
الرؤية االستراتيجية -
إن مفهوم الحكامة يعد من المفاهيم المتعددة االستعمال ومختلفة المعاني حسب
المجال الذي وظفت فيه ،وهي قريبة من السياسات العمومية إذا نظرنا إليها
بمنظور برغماتي.
ثانيا :التعمير والمفاهيم المشابهة له
سنحاول أن نعطي تعريفا للتعمير( ،)1ثم نبحث عن التمييز بين مفهوم التعمير وبعض
المفاهيم المشابهة له العمارة والعمران ()2
1تعريف التعمير
لغة:
التعمير من فعل عمر؛
"عمر الدار :بناها واإلسم [العمارة] _.عمر بالمكان :أقام [ _.عمر -عمرا -عمرا –
عمارة -عمر – عمرا – وعمر – وعمارة ]:عاش زمان طويل
<< أعمر االرض >> :وجدها عامرة _. .اعتمر المكان :المكان قصده :زاره
[العمارة ] :ما يعمر به المكان[ _. .العمران] :البنيان اسم لما يعمر به المكان ،وتحسن
7
حاله من كثرة األهالي ونجح األعمال والتمدن"... .
اصطالحا:
يعرف الدكتور الحجاج شكرا التعمير بأنه:
“علم وفن وقانون وسياسة من السياسات التي توظفها الدولة وإدارتها المحلية قصد
8
التدخل في عدة ميادين إجتماعية واقتصادية"
( :)2منجد الطالب – نظر فيه ووقف على ضبطه فؤاد إفران البستاني – الطبعة الثامنة واألربعون السنة 2001دار المشرق رياض الصلح لبنان.
( :)3الدكتور الحاج شكرة – الوجيز في قانون التعمير المغربي -الطبعة السادسة ،السنة 2011
13
ومنه ،يمكن لنا تعريف التعمير كما يلي:
“التعمير علم بموجبه يمكن تأطير التجمع السكاني الذي يشكل المدينة او القرية".
2تمييز التعمير عن المفاهيم المشابهة
-التعمير والعمران:
العمران هو البنيان أي ماشيده اإلنسان من منشآت فوق األرض أو تحتها سواء بغرض السكن
أو االستعمال الصناعي أو الحرفي أو التجاري أو الخدماتي ..التعمير ذا لك العلم الذي ينظم
هذه المنشآت..
التعمير والعمارة والعمارة: -
العمارة بفتح العين هي المالئة ويقال عمارة البناء بمعنى أن المكان مليئ باألبنية
العمارة بكسر العين هي ذلك البناء المشيد فوق األرض ومكون من عدة شقق..
وهذا مايميز التعمير عن المفهومين.
14
الشوارع والحدائق " وفي القمامات " وغيرها من الممارسات والنشاطات والتي استفحلت في
الظرفية الراهنة في جل المدن المغربية خاصة مدينة الدار البيضاء.
تنظيم المدن وسياسة المدينة
سياسة المدينة هي استراتيجية تضعها مختلف القطاعات المعنية بهدف تدبير المجال (المدينة)،
ويتوخى منها دفع المفارقات والتهميش بين األحياء وتهدف إلى تحقيق تطلعات ومطالب
السكان ،ومن خصائص سياسة المدينة هي أنها :
سياسة عمومية
سياسة شمولية
سياسة مندمجة
سياسة تشاركية
تنظيم المدن هو من أهداف سياسة المدينة ،وبالتالي فإن تنظيم المدن جزء من سياسة المدينة
أي جزء من الكل
المطلب الثاني :عناصر وإبعاد السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
إن السياسات العمومية في مجال التعمير تقوم على خمسة عناصر أو ركائز أساسية ،وإن تم
احترامها وطبقات بشكل سليم ومدروس تؤتي الغرض والهدف المرجو من السياسة العمومية
في ميدان التعمير ،وهذه العناصر هي:
-تحديد اإلشكال – مخرجة لإلشكال – اتخاد القرار – تطبيق القرار – تقييم النتائج (الفقرة
االولى )
وبخصوص أبعاد السياسات العمومية في مجال تنظيم المدن فإنه يتم األحد بعين اإلعتبار أربعة
أبعاد أساسية ورئيسة ليتم تنظيم المدينة بشكل تراعى فيه كل المستويات والمجالت والقطاعات
وهذه األبعاد هي:
-البعد االجتماعي – البعد االقتصادي – البعد السياسي -البعد الثقافي (الفقرة الثانية)
الفقرة األولى :عناصر السياسات العمومية في ميدان التعمير
إن ميدان التعمير يعرف مجموعة من القيود التي يجب احترامها من لدن المنعشين العقاريين،
تحت طائلة عقوبات وحرية أو مدنية تبطل كل تصرف مخالف لقوانين التعمير ،أو رفض
15
الترخيص من الجهة اإلدارية المعنية في حالة عدم مطابقة المشروع للمقتضيات والضوابط
9
القانونية
وبالنظر إلى شاسعة هاته القيود ،10فإننا سنقتصر على دراسة هذه العناصر بخصوص تسليم
رخص البناء.
-عناصر السياسات العمومية في ميدان العمير :رخص البناء كنموذج
تحديد اإلشكال:
يعرف مجال البناء مجموعة من اإلشكاالت والمشاكل من قبيل:
استفحال ظاهرة البناء غير القانوني
عدم وجود قانون خاص بالبناء
قبول بعض أعوان السلطة للبناء القانوني إما محاباة أو مقايضة او ارتشاءا..
ضعف المراقبة في مجال البناء وضعف مردودها..
معاناة بعض المقبلين على البناء غير القانوني من ظروف إجتماعية صعبة تتمثل في انعدام
المقدرة على شراء سكن الئق
جهل بعض المواطنين بإجراءات الحصول على رخصة البناء ،وشروعهم في البناء بسرية إلى
حين تمام البناء ،وفي بعض األحيان بتواطئ مع بعض رجال السلطة واعوانهم !
هذا جزء بسيط من إشكاالت ومشاكل كبيرة يعرفها قطاع البناء بالمغرب وما يروج له في
اإلعالم (المسموع أو المقروء أو البصري ) ،وغيره من التظاهرات والمحافل العلمية
(ندوات -موائد مستديرة ،) ...يعتبر تصوير جزئي لواقع مزري يعرفه قطاع البناء بالمغرب،
ذلك أن حقيقة وضعية مجال البناء بالمغرب تعرف آثمة أكبر مما هو مشخص على لسان
أألخصائيين
مخرجة لألشكال:
) :(6الدكتور محمد محجوبي -قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية -الطبعة الثانية ،السنة ،2011الصفحة 15و16
:)7وتتجلى أهم هذه القيود في اآلتي1 :وثائق التعمير وتضم (أ):المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية (ب):تصاميم التهيئة (ج):تصميم التنطيق (د):
تصميم التنمية.
2االرتفاقات القانونية في مجال التعمير
3رخص التعمير وتضم (أ) :رخصة البناء (ب):رخصة التجزئة (ج) :رخصة التقسيم
ينظر لتفاصيل أكثر حول قيود التعمير لمرجع الدكتور محمد محجوبي (مرجع سابق) الصفحة من 15إلى .24
16
إن تشخيص الوضع ودراسة األسباب المؤدية إليه بمثابة نصف العمل ،والنصف اآلخر
يتجسد في محاولة اإلسهام في إعطاء مخرجات أو حلول بشأن اإلشكاالت والمشاكل
التي يطرحها مجال البناء بالمغرب.
وبناءا على ما سبق ،فإن تلك اإلشكاالت والمشاكل التعود أن تخرج عن االعتبارات
اآلتية:
اجتماعيا - :الهشاشة اإلجتماعية
إداريا - :الفساد اإلداري
تنظيميا – :الفشل التنظيمي إعمال المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة
ثقافيا – :تكريس ثقافة خرق القواعد التنظيمية بسرية
وعموما ،وكي نكون واقعيين فإن معظم إذ لم نقل غالب المواطنين الذين يقبلون على
البناء غير القانوني من غير المهمشين العقاريين ،تدفعهم ظروفهم االجتماعية القاسية،
وحاجاتهم الضروري للسكن ،سيما وأن هناك عائالت بالمئات واآلالف يتكلمون من
مجموعة أفراد ال يسعهم محال سكنهم مما يدفعهم إلى توسعة محل سكنهم بطريقة غير
قانونية ولو أن في ذلك تعريض حياتهم للخطر!
وعليه ،يجب مراجعة المنظومة السكنية بالمغرب عامة ،ووضعية مجال البناء خاصة،
وإحداث مشاريع إجتماعية تروم معالجة وضعية البناء غير القانوني برمته ،وتراعي
الفئات المضطرة إلى ذلك بالنظر إلى ظروفهم اإلجتماعية القاسية..
وفيما يخص الفساد اإلداري أو التنظيمي أو السياسي في مجال البناء فإن النقاش فيه
مستفيض ،وتفاقم هذا الوضع قد يودي إلى شر مستطير..
والحل بهذا الصدد هو أن يتقدم كل من له حرقة وطنية وكفاءة علمية بإصالح ما يمكن
إصالحه ،الكل من موضعه ومكانته من األعلى رتبة إلى األدنى - ،من المقدم إلى
الوالي فرئيس الجهة ،ومن حارس األمن إلى والي األمن فوزير الداخلية ،ومن البرلمان
بأعضائه إلى الحكومة بأعضائها فبئس الدولة(الملك)!!.-
17
أن يعمل رؤساء المجالس الجماعية على دراسة طلبات الحصول على رخصة البناء ،دراسة
توفق بين الحفاظ على سالمة األبنية وشكلها الخارجي ،وتراعي نوعية البناء والتغييرات التي
سيحدثها البناء على البناء القائم ،أو مدى مطابقة البناء الجديد لباقي قيود التعمير.
يجب أن تكثف المراقبة على أعوان السلطة ورجالها وكل من له الدور في تسليم رخص البناء
وذلك وحصر الصالحيات وتقييدها بالقانون والتعليل.
تطبيق القرار:
إن تفعيل القرارين السابقين يقضي بتعبئة كل الوسائل اإلدارية والمادية وذلك في مراحل
أهمها:
وضع القرار في مخطط عملي
تكييف المستهدفين بالقرار مع الوضع الجديد
توضيح توضيح أهمية القرار في إصالح المنظومة السكنية بالمغرب -رخص البناء كنموذج-
إدخال مختلف القطاعات والجهات المعنية في ورش اإلصالح
تقييم النتائج:
تأتي مرحلة تقييم النتائج بعد تطبيق القرار المتخذ لمعالجة اإلشكال المطروح بخصوص
ظاهرة معينة -رخص البناء -وإذا تم تفعيل القرار المتخذ فإن النتائج الممكن توقعها هي
كاألتي:
حصر وتقييد صالحيات السلطات اإلدارية المكلفة بمنح رخص البناء في حدود القانون،
وبالتالي تقليص هوة التالعب والمراوغة.
الحفاظ على جمالية األبنية وسالمة هيكلها.
وعموما سيحل هذا القرار بعض اإلشكاالت من اإلشكاالت التي يعرفها مجال البناء
بالمغرب.
الفقرة الثانية :أبعاد السياسات العمومية في مجال تنظيم المدن
" يشكل موضوع المدينة إحدى اهتمامات وانشغاالت السلطات العمومية لكونها تجسد رهانات
عدة (سياسية إقتصادية إجتماعية تعميرية ثقافية ،) ...هذا اإلهتمام كان حاضرا منذ عدة عقود
من خالل مخططات وبرامج تنموية تهم المدينة وإعداد التراب الوطني والمجال الحضري
بصفة عامة لكن بالرغم من ذلك ال زالت المدن المغربية تعاني من عدد كبير من االختالالت
اإلقتصادية والسوسيوثقافية والبيئية ،وهي اختالالت ثؤثر سلبا في رفاه الساكنة الحضرية
18
وتنافسي المدن وجاذبيتها وهذا ما برر ضرورة بروز وعي ورغبة في النهوض بالمدينة
والدفع بها نحو مسار التنمية واعتماد سياسة شمولية منذمجة مستندة على حمامة فعالة كأولوية
11
لمعالجة مشاكل المدينة".
البعد اإلجتماعي:
" تنعت مدينة الدار البيضاء عاصمة المغرب اإلقتصادية ب"الغول" لكبر حجمها كثافة
سكانها وانعدام الثقة التي تميز العالقات اإلجتماعية (على مستوى التمثالت اإلجتماعية) لذا
يجب على الغريب أن يتحوط في أمر سكانها ...ويبلغ عدد سكانها 3.350.000نسمة
12
بحسب اإلحصاء العام األخير للسكن والسكنى لسنة ".2014
ونسوق إحصائية حلول التطور الديموغرافي لمدينة الدار البيضاء:13
نسبة النمو المتوسط السنوي مجموع السكان السنة
)(-- (--). .965.277 1960
3,9 49.190 1.506.373 1971
3,1 57.530 2.139.204 1982
2,1 40.788 2.628.660 1994
)(-- 40.345 3.032.116 2004
1.03 32.720 3.359.818 2014
بناء على ما تقدم فإن تنظيم مدينة الدار البيضاء يجب أن يراعى فيه البعد اإلجتماعي ،هذا
األخير يعني أن يوضع في صلب اإلستراتجيات والمخططات والمشاريع اإلستثمارية
استحضار الدور اإلجتماعي الساكنة وذلك من خالل وضع مشاريع تنموية تستهدف دمج
الشباب وكذلك توفير جل المرافق الضرورية خاصة في التجزىات والمشاريع السكنية الجديدة
البعد اإلقتصادي:
( :)8مقال بعنوان – تدبير المن بالمغرب اية حكامة وأية رهانات -عبد العزيز رشدي باحث في قضايا التعمير واإلدارة المحلية ،منشور بمجلة
المغربية لألنظمة القانونية والسياسية – التعمير والحكامة الجمالية وفق آخر المستجدات التشريعية والقضائية ،العدد الخاص رقم 11الطبعة األولى
الصفحة .207
( :)9عبد الرحمان رشيق – السياسة العمرانية والعالقات اإلجتماعية في المغرب – دراسة عدد 511السنة ،2016الصفحة 24
( :)10الجدول من إعداد الباحث عبد الرحمان رشيق اعتمادا على إحصاءات السكن والسكنى للمنذوبية السامية للتخطيط مرجع سابق الصفحة 24
19
أن استحضار البعد االقتصادي في تنظيم المدينة يأخد عدة صور واشكال ومن أبرزها توفير
فرص الشغل للساكنة النشيطة بالمدينة واإلسهام في تحريك عجلة التنمية والرفع من نسبة
التشغيل والنشاط الصناعي والحرفي والخدماتي...
البعد السياسي:
غالبا ما تتمركز المكاتب الحزبية والمجالس الجهوية والوطنية لألحزاب المغربية في قلب
المدينة وتحديدا في المناطق األكثر شعبية وكثافة سكانية وذلك بغية حشد الدعم واألصوات
لصالح األحزاب في الحمالت اإلنتخابية هذا من جهة ومن جهة أخرى فهناك جملة من البرامج
والمشاريع المحدثو والتي قيد اإلحداث وأخرى مزمع احداثها بمدينة الدار البيضاء تخدم صالح
بعض الساسة في جوهرها وتكسب مظهر اجتماعي تنموي في شكلها!.
البعد الثقافي:
ظهرت عناية وزارة الثقافة واإلتصال ومختلف القطاعات المعنية بالشأن الثقافي والحضاري
واالرث الثقافي ،والتوجيهات ملكية في غير ما خطاب ..وبذلك تم الشروع في تنفيذ مشاريع
اإلصالح وإعادة تهيئة مختلف المعالم األثرية وصيانتها واحداث دور للثقافة ...المدينة القديمة
للدار البيضاء مثال (وحاليا قيد اإلصالح مسجد المخزن ببوسمارة المدينة القديمة ومسجد
الحسن الثاني...وغيرها من المعالم ).
المبحث الثاني :سياسة السلطات اإلدارية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
إن التفصيل الذي أتينا به ألبعاد وعناصر السياسات العمومية في ميدان التعمير وتنظيم المدن
في المبحث االول ،يدفعنا إلى التساؤل حول نوعية السياسة التي تحكم ميدان التعمير و تنظيم
المدن ،غير أن الجواب عن هذا التساؤل سوف لن يتاتى إال إذا تناولنا مفهوم إعداد التراب
الوطني بالمقارنة مع مفهوم التعمير ،باعتبار أن كالهما وجهين لعملة واحدة كما جاء في
الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في اللقاء الوطني حول إعداد التراب الوطني الذي
انعقد بالرباط في 26يناير.2000
ومن جهة ثانية ،فإن السياسات التي تنهجها الدول لمواجهة مشكل ما تبقى نظرية ،إن لم تترجم
على أرض الواقع ومنه فإننا سنحاول دراسة سياسة إعداد التراب الوطني وعالقتها بميدان
التعمير وتنظيم المدن (المطلب االول) إبراز نماذج لبعض السياسات التي اعتمدت في ميدان
التعمير وتنظيم المدن (المطلب الثاني).
20
المطلب االول :سياسة إعداد التراب الوطني و عالقتها بميدان التعمير وتنظيم المدن
إن تحديد طبيعة السياسة المتبعة في ميدان التعمير و تدبير المدن ،لن تتأتى إال بتحديد طبيعة
السياسة المتبعة في إعداد التراب الوطني ،لذلك سنخصص( الفقرة االولى) للحديث عن سياسة
إعداد التراب الوطني ،قبل أن نبرز عالقتها بسياستي التعمير و تدبير المدن (الفقرة الثانية)
الفقرة األولى :سياسة إعداد التراب الوطني.
إن تحديد طبيعة سياسة إعداد التراب الوطني تقتضي تعريف مفهوم إعداد التراب الوطني و
اإلرهاصات األولى لظهوره (أوال) ثم بيان أهدافه وطبيعته (ثانيا)
أوال :فيما يخص تعريف إعداد التراب الوطني فيجمع الباحثون على أنه من الصعب الوقوف
على تعريف جامع ،لذلك فإن اإلتجاه الغالب يرى يرى بأنه تلك السياسة المعقلنة التي تتبعها
الدولة الستغالل الموارد الطبيعية و البشرية لتحسين جودة المجال أو الوسط الترابي الذي
يمارس فيه اإلنسان مختلف أنشطته ، 1وبهذا يتضح أن مفهوم إعداد التراب بمعناه الضيق،
الوطني متعدد األبعاد،اذ ال ينبغي فهم مصطلح التراب ) (territoireالمحدد
في األرض و العقار ألن األمر اليتعلق بالتضاريس و بنيتها فقط ،بقدر ما يتعلق ايضا بحسن
استعمالها و المنشآت التي تقام او سوف تقام عليها ،لذلك نجد أنه في فرنسا ظهر
مصطلح أكثردقة هو (إعدادالمجال.(aménagement de l'espace:
أما فيما يخص االرهاصات األولى لبروز الضرورة إلى تبني سياسة إعداد التراب الوطني،
فقد ظهرت في فرنسا سنة 1950بانشاء مديرية وزارية إلعداد التراب الوطني ،ثم اإلعالن
سنة 1954عن سياسة إلعداد التراب أتبعت سنة 1963بإحداث مفوضية إعداد التراب
والعمل الجهوي ،و طبعا لم تكن هذه السياسة وليدة الصدفة ،وإنما كان للمفكر الفرنسي"جون
فرنسوا كرافيي" دور كبير في تبنيها من خالل كتابه الذي أثار ضجة في ) ،حيث بعث من
الساحة السياسية سنةparis et le désert français )1945خالله
إنذارا صريحا بخطورة االختالل الجهوي في فرنسا ،معتمدا في دراسته على منهج احصائي
قدم من خالله احصاءات مرعبة عن خطورة المشكل،فقد أورد بأن %18من السكان
الفرنسيين يقطنون في باريس التي تحتكر وحدها ثلث الصناعة التحويلية و كذلك أكثر من
نصف الحاملين للشو اهد العليا.
رشيد لبكر ،إعداد التراب الوطني و رهان التنمية الجهوية ،أطروحة دكتوراه في القانون اإلداري نوقشت بجامعة الحسن التاني عين الشق _1
السنة الجامعية 2001-2000صفحة
21
أما بالنسبة للمغرب فكانت أول سياسة خاصة بإعداد التراب الوطني بموجب المخطط
االقتصادي الخامس لسنة 1968-1972الذي عرفها ب".....إعطاء بعد جغرافي لعمليات
التنمية االقتصادية و االجتماعية أي الوصول إلى توزيع مجالي لألنشطة التي يمكن معها
2
إنعاش عملية التنمية اإلقتصادية".... .
ولقد ظل هذا القطاع يخضع لوزارة الداخلية قبل أن يتم تسليمه لالشتراكيين في حكومة
التناوب من خالل وزارة إعداد التراب الوطني و التعمير و البيئة و اإلسكان. 3
ثانيا :أهداف سياسة إعداد التراب الوطني و طبيعتها.
_بالنسبة لألهداف التي ترمي إليها سياسة إعداد التراب الوطني ،فيمكن إجمالها في:
أما فيما يخص طبيعة سياسة إعداد التراب الوطني ،فعلى المستوى النظري و نظرا لألهمية
الشديدة و األبعاد المتعددة لها ،فيمكن الجزم بأنها سياسة عامة تتطلب اتخاذ القرار فيها على
مستوى المجالس الوزارية نظرا لتعدد الفاعلين فيها بين المركزية و الال مركزية االدارية،و
أيضا الشركاء الخواص؛
_________________________________________
_2رشيد لبكر ،نفس المرجع ،صفحة.22
_3المالحظ أنه في الهندسة الحكومة الحالية قد تم فصل قطاع البيئة عن وزارة إعداد التراب الوطني و التعمير واالسكان و تعويضه بقطاع
سياسة المدينة.
22
أما على المستوى الواقعي و في غياب سياسة عمومية حقيقية للحكومة ،فإن إعداد التراب
الوطني يبقى مجرد سياسة قطاعية أنيطت مهام اتخاذ القرار فيها و تنفيذه لوزارة إعداد التراب
الوطني و التعمير و السكنى و سياسة المدينة ،5مما ال يتأتى معه إشراك جميع الفاعلين في
وضع هذه السياسة.
23
الفقرة الثانية :العالقة بين سياسة إعداد التراب الوطني وميدان التعمير وتنظيم المدن.
إن تحديد العالقة بين إعداد التراب الوطني والتعمير وتنظيم المدن ،يقتضي التمييز بين
التعمير وإعداد التراب (أوال ) ثم التمييز بين تدبير المدن و إعداد التراب (ثانيا )
.أوال:عالقة بين سياستي التعمير وإعداد التراب
تهدف السياسات العمومية في ميدان التعمير إلى تدبير المجال الحضري عبر وثائق توقعية
توجيهية ،و أخرى تنفيذية تأخذ بعين االعتبار مشاكل البناء العشوائي ،و مدن الصفيح ،و
تزاحم األحياء ،و التحكم في وتيرة النمو الديمغرافي حتى ال يقع خلل في التوازن على
المستوى العمراني و البشري داخل المدن،و رغم أن العالقة بين التعمير و إعداد التراب
الوطني هي عالقة جدلية ،فإن ذلك لم يمنع أحد الباحثين 6من رصد هذه العالقة في النقاط
اآلتية:
_من المفروض أن تستمد السياسات العمومية والقطاعية و الترابية في ميدان التعمير من
التوجهات العامة لسياسة إعداد التراب الوطني.
_إن سياسة إعداد التراب الوطني ذات نظرة مستقبلية ،أما التعمير فيتميز بكونه يلتقي مع
السياسة االولى في كوهه توقعي و يختلف معها في كونه تطبيقي عملي ،أما االختالف فيكمن
في كون التعمير يشمل المجال الحضري ،في حين أن سياسة إعداد التراب الوطني تشمل
المجالين الحضري و القروي على حد سواء.
_إن العالقة بين إعداد التراب و التعمير عالقة جدلية ،بحيث أن اتخاذ أي سياسة فيما يخص
إعداد التراب يجب أن ال يغض الطرف عن التعمير ،لكون هذا األخير ليس في حقيقته إال مادة
من مواد إعداد التراب الوطني ،المادة األم.
ثانيا :فيما يخص العالقة بين سياستي إعداد التراب و تدبير المدن.
24
يمكن القول بأن الجماعات الترابية و السيما الحضرية منها تلعب دور مهما في تدبير المدن
من خالل اعتمادها على سياسات ترابية تراعي توجهات السياسة العامة إلعداد التراب و باقي
السياسات العمومية في ميدان التعمير ,و يبرز دور الجماعات قي تدبير المدن من خالل
اختصاصات الجماعات الترابية,حيث جاء في المادة من83القانون التنظيمي المتعلق
بالجماعات 7مايلي:
" تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية الالزمة لتقديم خدمات القرب
في الميادين التالية:
توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء؛
النقل العمومي الحضري؛
اإلنارة العمومية؛
التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة؛
تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى
المطارح ومعالجتها وتثمينها؛
السير والجوالن وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات؛
حفظ الصحة؛
نقل األموات والدفن؛
إحداث وصيانة المقابر؛
معارض الصناعة التقليدية وتثمين المنتوج المحلي؛
أماكن بيع الحبوب؛
المحطات الطرقية لنقل المسافرين؛
_________________________________________________________________________
_7ظهير شريف رقم1.15.85صادر في 20من رمضان7(1436يوليوز)2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم113.14المتعلق
بالجماعات،جريدة رسمية عدد.6380:
محطات االستراحة؛
25
إحداث وصيانة المنتزهات الطبيعية داخل النفوذ الترابي للجماعة؛
مراكز التخييم واالصطياف.
كما تقوم الجماعة بموازاة مع فاعلين آخرين من القطاع العام أو الخاص بإحداث وتدبير
المرافق التالية:
أسواق البيع بالجملة؛
المجازر والذبح ونقل اللحوم؛
أسواق بيع السمك.
يتعين على الجماعة أن تعتمد عند إحداث أو تدبير المرافق ،المشار إليها في الفقرة الثانية
أعاله ،سبل التحديث في التدبير المتاحة لها ،والسيما عن طريق التدبير المفوض أو إحداث
شركات التنمية المحلية أو التعاقد مع القطاع الخاص.
كما يتعين على الجماعة مراعاة االختصاصات المخولة بموجب النصوص التشريعية الجاري
بها العمل إلى هيئات أخرى والسيما المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية.
26
المطلب الثاني :نماذج من بعض السياسات العمومية والتربوية في ميداني التعمير وتنظيم
المدن
من خالل هذا المطلب سنسلط الضوء على نماذج من بعض السياسات المتخذة في ميداني
التعمير (الفقرة األولى ) و تنظيم المدن (الفقرة الثانية ) رغم صعوبة التوفر على إحصائيات
رسمية تساعدنا في التحليل.
الفقرة األولى :بالنسبة لميدان التعمير
تعود اإلرهاصات األولى ،لتبني سياسة تعميرية بالمغرب إلى سنة 1914من خالل
ظهير16أبريل 1914المتعلق بتصفيف األبنية و التصاميم الموضوعة لتهيئة المدن ،وفي بداية
الخمسينات عمل المهندس المعماري ميشال إيكوشار ،على إعداد قانون جديد للتعمير صدر
في 30يوليوز،1952و كان الهدف منه تحسين وثائق التعمير و تطوير ضوابط البناء و
استعمال األراضي،ومباشرة بعد بعد صدور هذا القانون جاء ظهير 30شتنبر1953المتعلق
بتجزئة األراضي ،حيث كانت سلطات الحماية ترمي إلى إعطاء فعالية أكثر لمراقبة اإلدارة؛
وطبعا كانت هذه السياسة التي نهجتها سلطات الحماية في ميدان التعمير برغماتية ،إذ أعطت
األولوية لبعض المراكز المحاذية للشاطئ (المغرب النافع)فوقع اإلختيار على محور قنيطرة-
الرباط-الدار البيضاء ،وبفعل هذه السياسة التي سهرت إدارة الحماية على تطبيقها إلنجاز
عمليات التعمير ،استطاعت أن تخلق أهم التجمعات السكنية بكبريات المدن ،لكن ذلك لم يكن
في صالح المواطنين المغاربة بقدر ما كان موجها لتلبية حاجيات المواطنين األجانب ،و هذا ما
جاء على لسان ميشال إيكوشار نفسه حين اعترف بأن المدن الجديدة تم إحداثها لفائدة
األوروبيين ،الشيء الذي أدى إلى نزوح الساكنة القروية إلى هذه المناطق نظرا الحتكارها جل
األنشطة اإلقتصادية و اإلجتماعية و ظهور ممارسات مخالفة لضوابط التعمير ،ولقد ظلت
سياسة المستعمر في مواجهة هذه المشاكل تدخلية آنية أكثر مماهي سياسة تخطيطية مستقبلية. 8
وبعد االستقالل ورثت اإلدارة المغربية مشاكل تعميرية عديدة كالسكن العشوائي،ودور
الصفيح ،مما حذى بها إلى سن مجموعة من القوانين نذكر منها :
__________________________________________________________________
_8الهادي مقداد ،السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى-مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء 2000،صفحة26.25
27
التطبيقي9 _القانون12.90المتعلق بالتعمير مع مرسومه
_القانون 25.90المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات مع
مرسومه التطبيقي10
الحضرية11 _ظهير شريف رقم 1.93.51معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكاالت
كما تبنت الحكومة عدة برامج لمواجهة مشاكل التعمير و السكن كان أهمها:
_برنامج مدن بدون صفيح (أوال)
_برنامج السكن اإلقتصادي (ثانيا)
أوال :برنامج مدن بدون صفيح.
يهدف هذا البرنامج إلى إعادة إيواء قاطني دور الصفيح من خال منحهم بقع أرضية صالحة
للبناء أو شقق اجتماعية جاهزة للسكن،
ولعل أهم إكراه واجه السلطات المعنية هو صعوبة إحصاء هؤالء المستفدين حيث يعمدون إلى
الزيادة في عدد أفراد األسر طمعا في اإلستفادة ،إضافة إلى صعوبة توفير الوعاء العقاري
نظرا لضعف احتياطات الدولة العقارية في غياب سياسة عقارية ناجعة.12
ولقد عرفت بعض المدن كالدار البيضاء تقلصا في عدد هذه األحياء حيث تم معالجة ملفات:
كاريان سنطرال و الوسيطي بمقاطعة الحي المحمدي،
كاريان لهجاجمة بقاطعة سيدي بليوط،
كاريان باشكو بمقاطعة آنفا،
كاريان طومة بمقاطعة سيدي البرنوصي.
__________________________________________________________________
(_9ظهير شريف رقم 1.92.31بتنفيذ القانون رقم12.90المتعلق بالتعمير ،جريدة رسمية عدد4159صفحة883
_10ظهير شريف رقم17( 1.92.7يونيو )1992بتنفيذ القانون 25.90المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم
العقارات ،جريدة رسمية عدد4159صفحة880
28
ثانيا :برنامج السكن اإلقتصادي.
عرفت بعض المدن نظرا لنموها الديمغرافي و للمضاربة العقارية ،و ضعف دخل غالبية فئات
المجتمع أزمة في توفير السكن الذي يعد حقا دستوريا ،مما حذا بالحكومة إلى تبني سياسة
عمومية تدخل فيها مجموعة من الفاعلين العموميين و الخواص ،كان الهدف وراءها مساعدة
بعض الفئات من ذوي الدخل المحدود في اقتناء مساكنهم ،ولقد أبان القطاع العام على محدودية
إمكانياته في بناء و تجهيز المساكن مما دفع إلى عقد شراكات مع شركات القطاع الخاص.
و يمكن تصنيف النفقات العمومية المخصصة لهذه البرامج إلى نوعين:12
_النفقات المباشرة التي تعتمد في إطار ميزانية الدولة العامة لفائدة الوزارة المكلفة باإلسكان
والمؤسسات العمومية التي تعمل تحت وصايتها.
_و النفقات غير المباشرة و التي تتمثل أساسا في المساهمات و المساعدات و اإلعفاءات التي
تقدمها الدولة لفائدة المتدخلين الخواص ،بهدف تشجيع اإلستثمار أو بهدف تسهيل عملية اقتناء
المساكن من طرف مختلف الفئات اإلجتماعية.
كما أنه و من أجل تسهيل الحصول على القروض المخصصة ألجل اقتناء المساكن ،عملت
الحكومة على إحداث مجموعة الصناديق لضمان هذه القروض ،نذكر منها:
_فوكاريم :الموجه لضمان قروض الفئات دات الدخل الغير المنتظم أو الضعيف لمساعدتهم
على اقتناء سكن يضمن لهم الحد األدنى من العيش الكريم ،ويستفيد من ضمان هذا الصندوق
كافة األشخاص الذين يزاولون نشاطا مدرا للدخل و الذين ال يملكون مسكنا شريطة أال يكونوا
من موظفي الدولة أو أجراء القطاع الخاص المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان
االجتماعي ،كما يجب أال يتعدى ثمن المسكن المراد اقتناؤه 250.00درهم و أال يتجاوز مبلغ
االستحقاق الشهري 1500درهم.
_فوكاريم العمومي :وهو موجه لفائدة الموظفين و أعوان الدولة العاملين في المؤسسات
العمومية الذين ال يتجاوز أجرهم السنوي الخام دون احتساب الضرائب و التحمالت 270.00
درهم13
___________________________________________________________
_12الهادي مقداد ،مرجع سابق ،صفحة.45
_13عبد الحفيظ مشماشي ،بيع العقار في طور اإلنجاز ،دراسة على ضوء القانون المغربي و المقارن ،مكتبة الرشاد سطات
2012صفحة.13
30
الخاتمة:
إن تناولنا لهذا الموضوع مكننا من الخروج بمجموعة من الخالصات؛
_أهمية مخططات إعداد التراب الوطني في التنمية الجهوية من خالل التوزيع العادل للموارد
و التكاليف فمخطط اعداد التراب ذو نظرة مستقبلية يراعي مستقبل المدينة و القرية على حد
سواء؛
_غياب سياسة عامة فيما يخص إعداد التراب الوطني ،تشكل مرجعا للسياسات العمومية في
ميدان التعمير و تدبير المدن ،و أن أي فراغ في هذا الصدد سيجعل سياسة التعمير تسير بشكل
مرتجل ،تتحكم فيه المبادرة الفجة و غير المدروسة؛
_ضروررة عقد مناظرة وطنية حول سياسة إعداد التراب (المجال) الوطني و الخروج
بتوصيات تمكننا من اعتماد تصميم ترابي وطني ،والتصاميم الترابية الجهوية ،مما سينعكس
باإليجاب على السياسات العمومية فيما يخصص التخطيط الحضري و التعمير؛
_ضرورة اإلهتمام بالسياسة العقارية كأحد المواد الضرورية لتنفيذ السياسة التعميرية عن
طريق تحسين تدبير و استعمال العقار من خالل التحكم في السوق العقارية ،و تكوين احتياطي
عقاري خاص بالدولة و الجماعات الترابية؛ألن الواقع أثبت أن أكبر اكراه يواجه تطبيق وثائق
التعمير هو صعوبة توفير الوعاء العقاري الصافي لتنفيذ السياسات التعميرية
_ضرورة التنسيق بين المصالح االممركزة للوزارة الوصية على قطاع سياسة المدينة مع باقي
الجماعات الترابية لتدبير المشاكل التي يطرحها تدبير المدن اعتبارا بأن هذه سياسة من
االختصاصات الذاتية للجماعات الحضرية.
31
الئحة المراجع:
رشيد لبكر ،إعداد التراب الوطني و رهان التنمية الجهوية ،أطروحة دكتوراه في القانون اإلداري ،نوقشت -
بجامعة الحسن التاني عين الشق السنة الجامعية .2001 – 2000
الهادي مقداد ،السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى -مطبعة النجاح الجديدة -الدار البيضاء.2000
عبد الحفيظ مشماشي ،بيع العقار في طور اإلنجاز ،دراسة على ضوء القانون المغربي و المقارن ،مكتبة
الرشاد سطات .2012
الدكتور الحاج شكرة -الوجيز في قانون التعمير المغربي -الطبعة السادسة ،السنة 2012
الدكتور محمد محجوبي -قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية -الطبعة الثانية ،السنة 2011
عزيز الكرسنة ،تقييم السياسات العمومية ،مقال تحت عدد ،591منشور بالموقع اإللكتروني ،
WWW.ALKANOUNIA.CO
تاريخ الولوج16H30 04/05/2019 ،
منجد الطالب – نظر فيه ووقف على ضبطه فؤاد إفران البستاني – الطبعة الثامنة واألربعون السنة 2001
دار المشرق رياض الصلح لبنان.
مقال بعنوان – تدبير المن بالمغرب اية حكامة وأية رهانات -عبد العزيز رشدي باحث في قضايا التعمير
واإلدارة المحلية ،منشور بمجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية – التعمير والحكامة الجمالية وفق آخر
المستجدات التشريعية والقضائية ،العدد الخاص رقم 11الطبعة األولى
عبد الرحمان رشيق – السياسة العمرانية والعالقات
32