Professional Documents
Culture Documents
محاضــرات في
تمهيد
-التجربة األمريكية
-التجربة البريطانية
-التجربة الفرنسية
-التجربة المصرية
-التجربة الخليجية
خلفية تاريخية
-1النموذج الفرنسي
-2النموذج البريطاني
-3النموذج المغربي
خاتمة
فمنذ فجر قيامها ،تميزت المدينة بانضمام القرى بعضها إلى بعض واستقرار الحياة االجتماعية إلى حدد
ما بعد اكتشاف الزراعة ،وقيام الصناعات اليدوية والحرفيدة ،لترتقدي إلدى مرحلدة أكثدر تنظيمدا و علدى
مستويات عدة ،اجتماعيا ،إداريا ،اقتصاديا و سياسيا ،و تنوع األعمال و الوظائف و االختصاصات.
وتزامنا مع االنفجار السكاني الهائل الذي شهده العالم منذ مطلدع القدرن الدد ،19تميدزت المديندة بظهدور
ميكانزمات جديدة حددت معالمها الثورة التكنولوجية و الصناعية العظمدى ،و كنتيجدة حتميدة لرفدرازات
تميدزت باتسداع مجداالت المراكدز العديدة الناتجة عنهدا ،شدهدت مختلدف المددن حركدة واسدعة النطدا
الحضددرية و تالحمهددا و امتدددادها ،وارتباطهددا بددالنمو الصددناعي المكثددف الددذي مهددد الطريددق لتمركددز
األشخاص والتفافهم حول المدن وفي مناطق جد محدودة ،حيث سدعى سدكان المنداطق المجداورة للمديندة
إلى الهجرة إليها واالستقرار بها سعيا وراء فرصة عمل متاحة ومن أجل تحقيق مسدتوى معيشديا أفضدل
في ذات الوقت ،و بالتالي أضحت المدينة مرتع و مقصد لكل مدن يطمدأ أو يتطلدع ألسدلوب حيداة راقدي
سمته التكنولوجيا و الرفاهية ،و عبر مر العصور و يوما عن يوما تفنندت المددن و المراكدز الحضدرية
الكبرى في ابتكار أساليب حياة جد متطورة ساهمت بشكل أوفر في جعل حياة المقيمين بها أكثر طواعية
و ليونة و تقدم ،وحظيت المدن ب أهم المشاريع الصناعية والتنموية ما ساهم أكثر فأكثر في زيادة عوامل
الجذب و االسدتقطاب السدكاني وارتفداع وتيدرة نمدو السدكان األمدر الدذي أدى إلدى زيدادة الضد ط علدى
ليتحول هذا الض ط إلى عدم كفاية ،وعجز في تلبية االحتياجات عالوة علدى مشدكلة
ّ الخدمات والمرافق،
األداء وضعف التسيير أمام حالة التراكم السكاني ،ولم تتم ّكن إستراتيجية التنميدة العمرانيدة ،وال التنظديم
اإلداري للمدينة من استيعاب هذا التدفق البشري ،لتجد المدينة نفسها في مواجددهة أهدم تحددي لهدا و هدو
االستيعاب األمثل لساكنيها و التسيير الحضري الفعّال للخدمات والمرافق العمومية ورفع طاقتهدا وحسدن
أدائها ومردوديتها من أجل تنمية حضرية مستدامة.
وفي خضم هذا النشاط االرتق ائي لتطور المدينة و تحولها ،و بدخول النمو الحضري مراحل نمو متقدمدة
وبالموازاة مع المعطيات الجديدة للتكيف مع الوضع ،شهدت المدينة ت يدرات ايكولوجيدة واسدعة النطدا
من خالل عددد مدن العمليدات االيكولوجيدة التدي كاندت بمثابدة االسدتجابة الحتميدة لمقتضديات العصدر و
متطلباته ،والذي أفرز بذاته بناءا ايكولوجيا جديدا على مختلف المدن مدن ضدمنه االمتددادات الحضدرية،
فبالموازاة مع التكدس البشري واالندفاع نحو التركز في محيط المراكز الحضرية لالستفادة من مميدزات
كل األنشطة والمؤسسات الخدماتية والمرافق العامة في المددن التدي طالمدا أثدرت و تدأثرت باالتجاهدات
الجديدة للنمو الحضري ،باألخص من جانب كم السكن حيث لم يتناسب من حيث الكفاية مدع الكدم الهائدل
للقادمين الجدد ،وبالتزامن مع ارتفاع أسعار السكن و حتدى اإليجدار د علمدا أن السدواد األعظدم للوافددين
يعاني من الفقرد و الحاجة الماسة للعمل و السكن و بالتدالي فكلفدة ثالثيدة السدكن ،العمدل و المواصدالت
كانت من األساسيات ضمن حسابات الوافدين التي ينب ي التعامل معها بكياسة بال ة ،و مع مرور الدزمن
ّ
المدنظم معظدم المراكدز تشكلت تجمعات سدكنية بصدورة عشدوائية حيدث اكتسدأ العمدران العفدوي يدر
الحضرية وأخذ في التنامي خاصة على أطراف المدن التي ال تنفك عن التواصل فدي االمتدداد و التوسدع
عبر كامل االتجاهات.
كما و تستمر المدينة في التمدد كلما تعددت وظائفها ،و كلما زحف عليها سكان إقليمها واألقاليم المجاورة
واألرياف البعيدة ،واتجاهات ومحاور هذا التمدد تحدده وتتحكم فيه طبيعة الموقع ،الموضع ،والعوائق
الطبيعية ،وتنشأ الضواحي والمدن التوابع ،و تتكون نتيجة لهذا التمدد والبعد عن قلب المدينة ،مشكلة
االتصال بين األطراف ومنطقة األعمال المركزية في القلب ،فيلزم ذلك توفير السبل المثلى لتسيير هذا
المج ال و التحكم فيه ،و يتمثل السبيل األمثل و األنجع لذلك في عامل التخطيط الذي يعد أحد المناهج
العلمية المتطورة ،حتى ال نقول الحديثة ،فقد عرف التخطيط منذ األزل البعيد و مارسه اإلنسان منذ
العصور األولى للحياة ،و يعد التخطيط إحدى ميكانزمات الحياة الحضرية التي تتطلبها عملية التنمية
الحضرية المستدامة التي تطمأ كل مدينة إلى االرتقاء.
إذن ،لمواجهة هاته الوضعية المعقدة الناجمة عن الض ط البشري و العمراني و نقص الخدمات
الحضرية و التجهيزات كان البد من إيجاد صي ة لتجاوز هذا الوضع الصعب و المعقد لمجموع
االختالالت التي شوهت مورفولوجية المدن و نمط الحياة الحضرية فيها ،نظير عجز المؤسسات
التخطيطية عن وضع خطط محكمة للقضاء على المشكالت حين ظهورها و اكتفائها في كل مرة إلى
تبني سياسة الحلول الترقيعية ال تتعدى كونها مهدئات أو مسكنات و لكنها ال تعالج الضرر ،عدا عن
ياب النظرة االستشرافية لشكل المدينة و تطورها وقدرة استيعابها و متطلبات أفرادها ،و بالتالي
فالضرورة تستدعي التوجه نحو التخطيط المحكم و رسم سياسة حضرية واضحة المعالم باعتبارها الحل
األمثل و ربما األوحد للقضاء على تلك المشكالت الحضرية و ترقية المدينة في إطار تنمية حضرية
مستدامة.