You are on page 1of 18

‫ممد الامس وإصلح التعليم العتيق بالغرب‬

‫‪ -‬التعليم العتيق بنطقة سوس خاصة ‪-‬‬

‫د‪ .‬الهدي بن ممد السعيدي‬


‫كلية الداب والعلوم النسانية‬
‫جامعة ابن زهر‬
‫أگادير – الملكة الغربية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫قضي المر ووقعت معاهدة الماية سنة ‪ 1912‬وسيطرت فرنسا على مقدرات الغرب‬
‫وبلغ تسلطها أن عملت بعكس ما نصت عليه معاهدة الماية‪ ،‬فأكبت على طمس هوية الغرب‬
‫وقيمه الوطنية السلمية‪ .‬وأول ما ركزت عليه إقامة تعليم فرنسي مؤسس على تعليم اللغة والضارة‬
‫الفرنسيتي وتميش اللغة العربية والدين السلمي‪ ،‬وبوازاة ذلك عملت الماية الفرنسية على ماربة‬
‫التعليم الغرب العتيق الذي كان منبثا ف بوادي الغرب وحواضره ف شبكة متصلة تبدأ من الكتاتيب‬
‫الصغية ف البوادي وتنتهي بالوامع العلمية الكبى كجامع ابن يوسف براكش والقرويي بفاس‪..‬‬
‫وتبعا لذلك استولت إدارة الماية على الحباس بجة تنظيمها وصار مستفادها يودع ف حسابات‬
‫الزينة العامة بدل صرفه‪ ،‬فحرم الستحقون من الصول على أرزاقهم أساتذة وطلبة وقيمي‪ ،‬وأدى‬
‫ذلك إل تضعضع التعليم العتيق‪ ،‬وقد كان هدف الماية الفرنسية تنشئة أجيال مغربية متنكرة‬
‫لضارتا وقيمها وتاريها وحضارتا وقطع علقتها بالدين وقيمه العقدية والشرعية السمحة‪.‬‬
‫لقد كانت خطة الماية الفرنسية مندمة ف إطار تصور شول يرمي إل إضعاف الغرب‬
‫وتطيم قيمه ومقوماته الضارية بناء على إقحامه ف مسار حداثي عصري أورب منقطع عن القيم‬
‫العقدية والصول التراثية والثوابت الوطنية‪ ،‬وقد أنتج ذلك الوقف قيام الغاربة للدفاع عن وطنهم‬
‫وعن قيمهم وتراثهم‪ ،‬وتركيزهم على التعليم‪ ،‬عي العتزاز بالتعليم الصيل العتيق مع إدراك حاجته‬
‫للصلح والتطوير ليكون مؤهل لتكوين الواطن الغرب السلم الصال‪.‬‬
‫وتبعا لذلك ند التعليم ف قلب مشاغل رجال الركة الوطنية‪ ،‬من مفكرين وسياسيي‬
‫يضعون له الطط ويسطرون له النظم‪ ،‬وعلى رأسهم اللك ممد الامس رحه ال ف فكره الهادي‬
‫الوطن وف تصوراته السياسية وف خطته النضالية ضد تسلط الماية الفرنسية على الغرب ومقوماته‬
‫التاريية والضارية‪ .‬لقد سعى اللك ممد الامس إل الفاظ على مقومات البلد ومقدساتا عب‬
‫العتزاز بذا التعليم وإحاطته بالعناية والتكري وصد الفرنسيي عن امتهانه وأهله‪ ،‬وتكينه من التطوير‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫والصلح الطلوب والوقوف ف وجه الامدين الذين ل يعيشون عصرهم ول يريدون أن يروا هذا‬
‫التعليم إل كما وجدوه بسيطا مدودا بعيدا عن روح العصر وحاجاته‪.‬‬
‫‪ – 1‬ممد الامس ونضاله لصلح التعليم بالغرب‪:‬‬
‫اندرج تصور اللك ممد الامس التعليمي ضمن خطته الوطنية للستقلل وإبطال معاهدة‬
‫الماية‪ ،‬ونقض عمل الكام الفرنسيي ف ترسيخ التبعية والتغريب‪ ،‬واستند عمله على كون التعليم‬
‫العتيق (‪ )1‬تراثا مغربيا أصيل انطلق من العقيدة السلمية وامتزجت فيه مقومات الغية الوطنية بالعرفة‬
‫السلمية العميقة‪ ،‬والتصق فيه التصور العلمي بالاجة الجتماعية‪ ،‬وقد فطن اللك ممد الامس إل‬
‫أن التعليم الغرب الصيل ل يكن ف مستوى مابة التحديات الطروحة آنذاك ف وجه الغرب وقيمه‬
‫وحضارته‪ ،‬لكون ذلك التعليم مدودا ف إمكاناته ومواده وآفاقه‪ ،‬ولن الغرب أصبح ف حاجة إل‬
‫نظام جديد ف التكوين مافظ على الرجعية العقدية والشرعية ومتسم بسمة الكفاءة والقدرة على‬
‫تقيق الهداف الرجوة منه مع ملءمته للواقع الغرب‪ .‬من هذا النطلق بادر اللك ممد الامس إل‬
‫إصلح التعليم العتيق بالغرب عب إصدار ظهي لصلح جامع القرويي‪ ،‬أعرق الؤسسات الصيلة‪،‬‬
‫وذلك ف ‪ 10‬ذي القعدة عام ‪1349‬ه موافق ‪ 29‬مارس سنة ‪1931‬م‪ ،‬اشتمل على " تعيي‬
‫ملس أعلى يشرف على القرويي‪ ،‬وسن ضابط كفيل بتحسي حالتها فيما يرجع لنتخاب العلماء‬
‫الدرسي‪ ،‬وتعيي الفنون الت تدرس فيها‪ ،‬والتآليف الت تقرأ با‪ ،‬والوقات الت تلقى فيها الدروس‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وما يتعلق بذلك‪"..‬‬
‫كما عي اللك ممد الامس مديرا للقرويي سنة ‪1942‬م للشراف على التطوير‬
‫والتجديد وترقية جامع القرويي‪ ،‬وجعل ذلك وسيلة لترقية التعليم العتيق ف الغرب كله‪ ،‬وقد جسد‬
‫الطاب الذي ألقاه اللك ممد الامس بامع القرويي يوم ‪ 25‬جادى الثانية ‪1362‬ه موافق‬
‫‪ 28‬يونيو ‪1943‬أسس هذا التصور ووضح خطوطه العريضة‪ ،‬والت يكن إبرازها من خلل‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-‬تنظيم التعليم تنظيما عصريا نافعا‪ :‬ركز اللك ممد الامس على أهية الفاظ على‬
‫القيم الوطنية والذي ل يتم إل بإيلء التعليم ما يستحق من اهتمام‪ ،‬مبزا الساعي‬
‫البذولة لصلحه والنهوض بأحواله‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫"وهل ند برهانا على عناية ال بذه المة‪ ،‬أقوى من انتشار معال دينه القوي‪ ،‬وأنفع من إشراق‬
‫شوس الداية بالتعليم؟ أزهرت رياض العارف بعد ذبولا‪ ،‬وأشرقت أنوار الدين النيف بعد أفولا‪،‬‬
‫ول سعادة بدون علم‪ ،‬ول يهتدي بغي رائده الرشيد‪ .‬تعلمون الالة الت وجدنا عليها التعليم بامع‬
‫القرويي‪ ،‬وما كان يهدده من الوقوع ف هاوية الزوال‪ :‬علماء يقلون‪ ،‬وطلبة يتشتتون‪ ،‬علوم تنقص‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫بوت مزاوليها‪ ،‬وقلة ذات اليد تلزم الدرسي أن يهجروا العلم للرتزاق بهن أخرى‪ ،‬ل مرشد خي‬
‫(‪)3‬‬
‫يهدي الناس السبيل‪ ،‬ول رائد رشد يورد من العارف العذب السلسبيل‪".‬‬
‫‪-‬ضرورة إصلح التعليم العتيق وتديده‪ :‬لقد أدرك اللك ممد الامس ‪-‬كما أشرنا‬
‫قبل‪ -‬أن التعليم الصيل بالغرب ف حاجة ماسة للصلح للحفاظ عليه من النقراض‬
‫وتطويره لن البلد ف أمس الاجة إليه‪ ،‬ولقد كان عمل اللك ف هذا الجال بي‬
‫فريقي معارضي فريق الماية الفرنسية الذي يرى ف إصلح هذا التعليم خطرا عليه‬
‫وعلى وجوده بالغرب واستمراره‪ ،‬ووسيلة لنشر الفكار الوطنية العارضة لتسلط‬
‫الستعمار‪ .‬وفريق من العلماء الحافظي الذين يودون الفاظ على التعليم الصيل على‬
‫حاله ظنا منهم أن كل تديد أو تطوير خطر عليه وعلى أصالته‪ ،‬وأن ذلك يقق آمال‬
‫القامة العامة ف ماربة هذا التعليم والقضاء عليه‪.‬‬
‫لقد كان عمل اللك ممد الامس نجا بي هذين الفريقي ذوي الوقفي التعارضي حيال‬
‫التعليم الصيل العتيق‪ ،‬الوقف الول مستند معاداة تاريية وحضارية‪ ،‬والثان إل غية صادقة ومبة‬
‫ثابتة‪ .‬لذلك كان عمل اللك مستندا إل الفاظ على هذا التعليم الوطن عب إصلحه وتطويره‪،‬‬
‫انطلقا من كون الصلح والتجديد من صميم العقيدة وصميم الدين ومن سنن الكون الثابتة‪ ،‬قال‬
‫ف خطابه‪:‬‬
‫"إنكم تعلمون أن من طبيعة الكون أن يستتبع الصلح إصلحا‪ ،‬بيث ل ينبغي للنسان أن‬
‫يقف ف طريق التحسي‪ ،‬بل التعي هو مواصلة الهود مادام الرء حيا ذلك ما نعدكم به‪ ،‬ول نزال‬
‫بول ال ند ف الصعود بشأن العلم وأهله حت نصل إل أبعد الغايات‪ ،‬وتن المة كلها ف حقول‬
‫ما يني الذهان ألذ الثمرات‪ ،‬إل أنكم تعلمون أن يد ال مع الماعة‪ ،‬وان الرء قليل بنفسه كثي‬
‫بإخوانه‪ ،‬فليوجه كل عنايته لبلوغ المل‪ ،‬وليجعل نفسه مثال اقتداء ف حلبة العمل‪ ،‬على أن لنا ول‬
‫النة والمد‪ ،‬أحسن أسوة ف سلفنا الجيد‪ ،‬الذي امتاز بي المم بالداية والتسديد‪ ،‬فما من سبيل‬
‫يوصل إل السعادة إل سلكه‪ ،‬ول ذخر من ذخائر العرفان إل ملكه‪ ،‬مهتديا ف سبيل الفلح بكتاب‬
‫رب العالي‪ ،‬وراقيا مدارج النجاح بسنة سيد الرسلي‪ ،‬إل السن يتسابقون‪ ،‬ومن حياض الرشد‬
‫والسعادة يستقون‪ ،‬ويستمعون القول فيتبعون أحسنه‪ ،‬ويرون حسن السبيل‪ ،‬فيقتفون سننه‪ ،‬حت‬
‫(‪)4‬‬
‫لحوا ف ساء العال نوما‪ ،‬وأعدوا لشياطي الضلل رجوما‪".‬‬
‫‪-‬إنشاء مؤسسات حكومية تشرف على هذا التعليم‪ :‬تنبه اللك ممد الامس إل أن‬
‫تطوير التعليم العتيق ل يكن أن يتم دون رؤية شولية مستند إل عمل مبن على‬
‫مؤسسات حديثة ذات كفاءة وخبة تشرف على الصلح والتطوير‪ ،‬قال مشيا إل‬
‫تأسيس الجلس العلى للعلوم السلمية ليقوم بذه الهمة‪:‬‬
‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫" أدركتنا العناية الربانية‪ ،‬فوجهنا هتنا لصلح الحوال‪ ،‬وتدارك مهجة العلم ما كان‬
‫يهدده من الضمحلل‪ ،‬فأسسنا الجلس العلى للعلوم السلمية بأعتابنا الشريفة‪ ،‬ليباشر‬
‫(‪)5‬‬
‫تت إشرافنا إنشاء نظام جديد للمعهد القروي‪".‬‬
‫‪-‬تديد التعليم من الناحية الدارية والتربوية‪ :‬كانت الرؤية الت انطلق منها اللك ممد‬
‫الامس ف إصلح التعليم متسمة بالعمق والشمولية‪ ،‬وذلك لنا جعت ف تصور‬
‫التجديد والتطوير كافة مناحي هذا التعليم من النظام التربوي إل الضامي العلمية إل‬
‫التنظيم الداري‪ ،‬وقد كانت الدراسة بؤسسات التعليم العتيق حرة؛ فيقضي الطالب‬
‫سنوات كثية من عمره تتلف حسب تصيله ودأبه لينتقل بي الطبقات الثلث الكونة‬
‫لراحله التعليمية‪ ،‬وهكذا يقضي على القل عشرين سنة ليتم الدراسة وقد ل يتمها‬
‫لسباب كثية‪ ،‬ما يؤدي لضياع أعمار الكثيين دون تصيل مفيد‪ ،‬لذلك وجه اللك‬
‫عنايته إل تنظيم التعليم من الناحية الدارية وتديد سنوات الدراسة‪ ،‬وتكي الطلبة من‬
‫الصول على شهادات علمية للمستويات الت تاوزوها‪ ،‬قال ف خطابه بالقرويي عن‬
‫النظام الديد‪:‬‬
‫"‪ ..‬رتب مزاولة العلم ف ثلث طبقات ابتدائية وثانوية ونائية‪ ،‬وحدد لكل طبقة ما يقرأ‬
‫با من العلوم كما حصر أمد سن الدراسة فيها‪ ،‬وعي الدرسي لكل واحدة منهما ورتب‬
‫الرواتب الكافية‪ ،‬ث عي مراقبا لسي الدروس‪ ،‬بعدما حصر الفنون والكتب الت تقرأ با‪،‬‬
‫وأوجب امتحانا سنويا لترقي الطلبة من طبقة ال طبقة‪ ،‬وآخرين للمتخرجي من سادسة‬
‫الثانوي وثالثة النهائي الدين والدب‪ ،‬وجعل شهادتي لذلك يتمسك بما أولئك التخرجون‪،‬‬
‫دليل على تصيلهم وتأهيل لم لنيل الوظائف الدينية أو الخزنية‪ ،‬ث أحدثنا شهادة أخرى‬
‫(‪)6‬‬
‫لتخرجي رابعة الثانوي تفيفا على طلب البادية‪".‬‬
‫‪-‬العناية بؤسسات التعليم العتيق وصيانتها وترميمها‪ :‬من الوانب الهمة الت وردت‬
‫ف خطاب القرويي الهتمام بؤسسات التعليم الصيل‪ ،‬إذ إنا ف الغالب مساجد‬
‫جامعة عتيقة‪ ،‬ومدارس لقامة الطلبة‪ ،‬ما يستدعي ترميمها لتكون صالة لتلقي العارف‬
‫مع إحداث البناءات اللزمة لدعمها ف عملها التربوي العلمي‪ ،‬ورد ف خطاب‬
‫القرويي‪:‬‬
‫" ل تقتصر عنايتنا على إصلح العنويات بل أمرنا بكل ما يستطاع من الصلح الادي‪ ،‬فقد‬
‫شاهد الكل ما ت من إصلح الدرسة الحمدية‪ ،‬وباشرنا ف السبوع الفارط افتتاح خزانة الكتب‬
‫وردهة اجتماع أعضاء الجلس التحسين والدرسي‪ ،‬وما يتبع ذلك من المكنة اللزمة لتسيي‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫شؤون الكلية على نط يضمن لا الياة ويسهل لا الرقي‪ ،‬أما مدارس سكن الطلبة‪ ،‬فل تزال يدخل‬
‫(‪)7‬‬
‫عليها الصلح التواصل من إنارة وغيها‪ ،‬على أننا نرجو ف ذلك السبيل مزيدا بعد مزيد‪".‬‬
‫‪-‬تكوين الدرسي وتعزيز الدافع الذات للتكوين الستمر‪ :‬ل ينجح السعى لصلح‬
‫التعليم دون العناية بالقائمي به من أساتذة ومدرسي ومشرفي‪ ،‬لذلك توجهت عناية‬
‫اللك ممد الامس إل هذا الانب فأكد اهتمامه بأطر التعليم العتيق ليتفرغوا للقيام‬
‫بهامهم‪ ،‬كما نبه إل أن العناية الادية والدعم الارجي من الكومة ل يفي بالراد ما‬
‫دام الدافع الذات عند الساتذة غائبا‪ ،‬وما ل يكن القبال على التعليم نابعا من مسئولية‬
‫وطنية وغية إسلمية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫" فعلى العلماء أن ل يكتفوا بإلقاء الدروس العتيادية‪ ،‬بل ينبغي لكل واحد أن ل يزال يتهد ف‬
‫الطالعة وتسي طرق التدريس‪ ،‬ويتابع الترقي ف أسلوب التعليم‪ ،‬غي قانع با يتيسر عفوا‪ ،‬بل‬
‫يوجب عليه اختصاصه بفن واحد أن يدأب على البحث والتنقيب‪ ،‬ف كل وسيلة تسهل تبليغ العلم‬
‫للطلبة‪ ،‬وأن يغتنم كل فرصة تسنح لتهذيب النشء‪ ،‬إذ ل غاية كحسن التربية لتنمية الواهب‬
‫الطبيعية‪ ،‬وتطهي الخلق الغريزية‪ ،‬ولينصحوا الطلبة بكل ما يسن أحوالم‪ ،‬ويزكي مآلم‪ ،‬ويسهل‬
‫عليهم عقبات السي‪ ،‬ويقرب لم وسائل التيسي‪ ،‬وينصحوا والدي الطلبة مهما استطاعوا إل ذلك‬
‫سبيل‪ ،‬فلن تزال النصيحة للعباد على قوة اليان دليل‪ ،‬ومن أنع النصائح أن يثوا الطلب‪ ،‬على‬
‫ملزمة التعلم المد الطويل‪ ،‬فان ذلك من آكد شروط التحصيل‪ ،‬وأننا لجتهادهم شاكرون‪،‬‬
‫ولعمالم ف سبيل حفظ مهجة العلم حامدون‪ .‬فلسنا نعلم طريقا لتحسي أحوالم إل سلكناه‪ ،‬ول‬
‫(‪)8‬‬
‫سبيل يضمن لم السعادة إل مهدناه‪ ،‬بول ال القوي العي‪".‬‬
‫‪-‬العناية بؤسسات التعليم الول الكتاتيب القرآنية‪ :‬سعت سلطات الماية الفرنسية‬
‫منذ سيطرتا على مقاليد المور بالغرب إل نشر تعليم فرنسي الصبغة‪ ،‬وعملت على‬
‫بناء مؤسساته البتدائية ف متلف بقاع البلد وبوازاة ذلك ضيقت على الكتاتيب‬
‫القرآنية وهي رافد التعليم الصيل وأساسه الذي يده بالطلبة رغبة ف القضاء عليه‪،‬‬
‫ولذلك اهتم اللك ممد الامس بذه الكتاتيب‪ ،‬إذ هي وسيلة لستكمال الصلح‬
‫وضمان الستمرار‪ ،‬قال‪:‬‬
‫" لا علمنا أن نظام القرويي ل يكمل إل إذا مهدت له السبل من الارج ومدت إليه‬
‫الوسائل من كل جانب‪ ،‬بدأنا الصلح من الساس ليكون هيكله أمت‪ ،‬ووجهنا عنايتنا‬
‫لصلح كتاتيب القرآن‪ ،‬اعتناء بفظ كتاب ال وتويده‪ ،‬فأصلح الوجود بكل ما يستطاع‪،‬‬
‫وأنشأنا مدرسة بفاس سيناها باسم نلنا البار مولي السن‪ ،‬وأخرى بالدار البيضاء باسم‬
‫شقيقه الرضى مولي عبد ال‪ ،‬وأسس برنامهما لفظ كتاب ال ومزاولة التعليم البتدائي‬
‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫ليكون وسيلة إل تريج الطبقة البتدائية منهما‪ ،‬ليمكنها الدخول إل ثانوي القرويي أو ابن‬
‫يوسف‪ ،‬والمل هو أن ننشئ أمثالما بكل مدن إيالتنا الشريفة‪ ،‬ليمكن بذلك أن يسقط كل‬
‫البتدائي من الامعتي فل يبقي فيهما إل الثانوي والنهائي‪ ،‬تسهيل على طلبة العلم‬
‫الشريف‪ ،‬وتيسرا لورودهم على حياضه‪ ،‬من كل النواحي الغربية‪ ،‬من غي أن يتحمل‬
‫الحداث مشاق التغرب ف أول سن الدراسة‪ ،‬كما تأسست مدرسة ابتدائية بكناس‪ ،‬بناسبة‬
‫حلول ركابنا الشريف با‪ ،‬يكن للمتخرجي منها أن يدخلوا ثانوي القرويي بأسهل‬
‫(‪)9‬‬
‫الوسائل‪" .‬‬
‫‪-‬العناية بتعليم الفتيات‪ :‬ل يكن تصور اللك ممد الامس للصلح التعليم متجها إل‬
‫فئة اجتماعية دون أخرى ول جنس دون آخر لذلك حرص على الشارة إل تعليم‬
‫الفتيات وضرورة العناية به انطلقا ما رسه الدين وحددته حضارة الغرب السلمية‪،‬‬
‫وقيمه الوطنية‪ ،‬لجل تقيق الصلح الأمول‪ ،‬قال‪:‬‬
‫" وهناك أمر آخر نتم به كل الهتمام‪ ،‬وهو تعليم بناتنا وتثقيفهن لينشأن على سنن الدى‬
‫ويهذبن با ينبغي حت يتصفن با يتعي أن تتصف به الرأة السلمة‪ ،‬حت تكون على بينة من الواجب‬
‫عليها ل ولزوجها وبنيها ولبيتها‪ ،‬فل يدرك ذلك بالهال‪ ،‬ول يصل عليه بجرد التكال‪ ،‬ولذلك‬
‫أمرنا أن يؤسس لتعليمهن برنامج يوافق تعاليم الدين النيف‪ ،‬يكون تت إشرافنا لئل يلحقه شطط‬
‫ول تريف‪ ،‬ليضمن رقي المة من كل اليثيات‪ ،‬ويفظ من الهال كما يصن من الفات‪،‬‬
‫ويتسن لا تسابق المم‪ ،‬من غي خروج على مبدأ دينها القوم‪ ،‬تتعلم ما ينفعها ويييها‪ ،‬وتتنب ما‬
‫يؤخرها ويرديها‪ ،‬مقصدها العلم القيقي النافع‪ ،‬ورائدها الرشد البي الساطع‪ ،‬ل تيد عن طريق‬
‫الدى‪ ،‬ول تلوي على مهاوي الردى‪ ،‬وديننا الزكي الطاهر‪ ،‬يسر ل عسر‪ ،‬ومنهجه القوي الظاهر‬
‫(‪)10‬‬
‫سهل ل قسر‪".‬‬
‫هكذا نرى أن خطاب القرويي قد رسم بوضوح تصور اللك ممد الامس لصلح التعليم‬
‫بالغرب عب خطوات إجرائية واضحة مؤسسة على تصور شول مبن على فهم عميق للمجتمع‬
‫الغرب ولصوله الضارية وقيمه العقدية والوطنية الصيلة‪ ،‬وهو التصور الذي ظل حاضرا لدى ممد‬
‫الامس كما نراه بعد خطاب القرويي بأزيد من عقد من الزمن‪ ،‬ف خطاب عيد العرش ف ‪18‬‬
‫نونب سنة ‪1952‬م‪ ،‬حيث قال مشيا إل أهية التعليم العتيق ف الفاظ على الدين والوطن‪:‬‬
‫"وقد علمنا ما كان للمعاهد الدينية من أثر ف حفظ الشريعة ودفع الشبهات عنها‪،‬‬
‫وبث الخلق الفاضلة وحفظ العربية‪ ،‬فوجهنا عنايتنا لامعة القرويي الت كان الظ الوفر‬
‫ف الحافظة على كيان الضارة السلمية‪ ،‬وإمداد البلد بعلماء أعلم‪ ،‬كانوا مفخرة ف‬
‫تاريخ السلم‪ ،‬فما تركنا وسيلة ترد لا مدها وتعيد إليها سعتها إل اتذناها‪ ،‬فوضعنا لذلك‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫نظاما توخينا فيه أن يساير العاهد الدينية الناهضة ف البلد السلمية‪ ،‬وطبقناه ف جامع ابن‬
‫يوسف وف معهدي مكناس وطنجة‪ ،‬وكان أملنا أن يزدهر هذا النظام ويعم تطبيقه سائر‬
‫(‪)11‬‬
‫العاهد ف أمد يسي‪ ،‬لول ما يعترض هذا العمل من عراقيل نن جادون ف تذليلها‪" .‬‬
‫‪ -2‬التعليم العتيق بنطقة سوس ف عهد الماية‪:‬‬
‫مر التعليم العتيق ف سوس بأطوار كثية عب التاريخ شهد فيها انتشارا لؤسساته بهود‬
‫العلماء الدرسي وأعيان القبائل وزعماء الزوايا الصوفية وجهود عامة الناس‪ ،‬حت قاربت الدارس‬
‫العلمية العتيقة الثلثائة ف متلف الناطق‪ )12( ،‬وعندما حل القرن الرابع عشر للهجرة شهدت هذه‬
‫الدارس بعض التعثر لسباب كثية منها القحط الطارئ ف بدايات ذلك القرن والجاعات الت‬
‫صاحبته‪ ،‬والجرة التتالية للناس إل الواضر وموت العلماء الكبار‪ ،‬وتغي الوضاع الجتماعية‪ ،‬قال‬
‫العال الفقيه ممد بن أحد الانوزي (‪ )13‬ف مذكراته مقارنا بي الاضي والاضر‪:‬‬
‫" انتشرت العلوم وعمت القطار‪ ،‬ما بي عال متفنن متضلع‪ ،‬وبي قاريء حزاوي أو‬
‫عشري مود للقراءات متشبع‪ ،‬إل حدود المسة والثلثي واللف‪ ،‬فجعلت شس تلك العصار‬
‫الضيئة تركض ف مغرب أفولا‪ ،‬إل أن غابت أضواء تلك الطالع بالكلية ف ظرف خس سني‪،‬‬
‫لستيلء ظلمات الرفاهية وأسبابا‪ ،‬وتبدلت بالكلية {كأن ل تغن بالمس}(‪ )14‬تلك الخلق‬
‫بانسداد أبوابا‪ ،‬وطمت ف بور الخلق الديدة العصرية الناشئة من تراكم الحتلل الورب‪،‬‬
‫فانغمس الناس ف أوحال العايش‪ ،‬لا اجتمع عليهم من تعاقب السني الجدبة‪ ،‬وأنواع اللذ الألوفة‪،‬‬
‫والتفنن ف الآكل والشارب الستلزمة لترك الخلق القدية‪ ،‬والخذ بالخلق الديدة‪ ،‬من التلون‬
‫ف الفكار من طور إل طور‪ ،‬ومن أكب القواطع انشار الناس عامة وخاصة إل الدن لتعاطي‬
‫التجارات والتعليمات بأنواعها‪ ،‬وظهرت ف السوس القصى بل والدن من مراكش وأحوزاها‬
‫ودرعة وتافيللت وصحرائها إل فكيك آثار اللء والراب الحسوسة‪ ..‬فبذلك كله تأخرت ف‬
‫السوس القصى وغيه من سائر القطار أنواع العلوم‪ ،‬فإذا قبض عال فل يلفه إل جاهل أو تاجر‪..‬‬
‫(‪)15‬‬
‫"‬
‫ومن السباب كذلك تسلط الستعمار على البلد وانشغال الناس بقاومته‪ ،‬وما نتج عن‬
‫ذلك من حروب وصراعات كثية‪ ،‬ث سيطرة الستعمار على الناطق وعمله على النتقام من أساتذة‬
‫الدارس العلمية لنم كانوا ف طليعة القاومي فاغتال بعضهم وسجن ونفى آخرين‪ ..‬ما اضطر‬
‫الباقي إل النكماش والعزلة‪ ،‬إضافة إل ما سبق ذكره من مضايقة إدارة الماية الفرنسية هناك‬
‫منافسة التعليم العصري الذي انتشر قبيل الستقلل ف مناطق النوب‪ ،‬فهذه العوامل كلها أدت إل‬
‫ضعف التعليم العتيق وتدهوره‪.‬‬
‫ومن أبرز مظاهر هذا التدهور نذكر‪:‬‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫* إهال مؤسسات التعليم العتيق خاصة الساجد الامعة العتيقة‪ ،‬مثل الامع الكبي بدينة‬
‫تارودانت الذي لقه الهال حت آل إل الراب‪ )16( ،‬ورامت إدارة الحباس إصلحه فلم تزد على‬
‫إنفاق الال على تدعيم سقوفه بالخشاب‪ ،‬وارتفعت الصوات بالدعوة إل إصلحه‪ ،‬ومن بينها‬
‫صوت قاضي سطات أحد سكيج الذي زار تارودانت ووقف على حال السجد‪ ،‬ووصف حاله‬
‫(‪)17‬‬
‫شاكيا إل اللك ما لقه لعله يبادر إل المر بإصلحه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لّا رأيــــت دعائـــم اليطـان‬ ‫ودخلت جامعهـا الكبي فهالنـــي‬
‫وشقوقه مــن سائــــر الركـان‬ ‫وتشابك الشـــب الت بسقوفــه‬
‫قد أصلحـت ما فيــــه من بنيــان‬ ‫قد غيتــه يــد تظـــن بأنا‬
‫يا ليتهــا هدمتــــه حت ل يضع مـال بــه صرفتــــه ف خسـران‬
‫شوهـاء بعــد جالــــا الفتـان‪..‬‬ ‫لسيما وقد استحــــال لصـورة‬
‫ف حالـه الـال ســوى السلطــان‬ ‫ل ل أرى أحــدا يــرق لالــه‬
‫ـشماء حـال السجـــد الــرودان‬ ‫من مبلـغ للحضـرة العلويــة الشْـ‬
‫* انقطاع الوفر الادي للحباس عن دعم مؤسسات التعليم العتيق وقيميه من أساتذة‬
‫وغيهم‪ ،‬بعد أن ت تنظيم الحباس وجعل توزيع وفرها مسألة مركزية تشرف عليها وزارة الحباس‪،‬‬
‫وقد قام العلماء باستنكار هذا اليف الذي لقهم ومؤسساتم‪ ،‬كما ند ف رسالة علماء تارودانت‬
‫وجهوها إل السلطان مؤرخة ف ‪ 21‬شوال ‪ 1349‬موافق ‪ 11‬مارس سنة ‪ ،1931‬جاء‬
‫فيها‪:‬‬
‫"إن تارودانت حاضرة هذه الصقاع السوسية النكودة الظ الت طالا أخن عليها الدهر‬
‫بكلكله‪ ،‬وأجلب عليها بيله ورجله‪ ،‬اندثر فيها ‪ -‬ول حول ول قوة إل بال – نشر العلم‬
‫والتدريس‪ ،‬وانطمست أعلمه فهو الن يود بنفسه الخي النفيس‪ ،‬إن ل يتداركه سيدنا بوابل‬
‫صلته‪ ،‬ويلفت له النظر بغزير عطياته‪ ،‬صار ‪ -‬ل قدر ال ‪ -‬ف خب كان‪ ،‬واستحوذ الهل والطيش‬
‫على النشء‪ ،‬فيذهب مستقبل المة ضحية السران‪ .‬وغي خاف على سيدنا حفظه ال‪ ،‬والتاريخ‬
‫أصدق شاهد‪..‬ما كان للوك الغرب من العتناء التام بشأن هذه الدينة السكينة النحوسة السعد‬
‫خصوصا ما يتعلق منها بالعلوم‪ ،‬فلقد كانت جوامعها ومساجدها ومدارسها أيام حكومة أسلف‬
‫سيدنا ومن قبلهم من ولة المر تضاهي كلية القرويي‪ ،‬ومنهل يروي جيع العطاش الواردين‪،‬‬
‫والعلماء فيها متوافرون‪ ،‬والطلبة إليها من كل حدب ينسلون‪ ،‬وأسواق العلوم نافقة‪ ،‬وأنواع الب على‬
‫العلماء من اللوك متدفقة‪ ،‬لكل عال مرتب يكفيه‪ ،‬على حسب معلوماته من الحباس‪ ،‬ورياض‬
‫العارف إذ ذاك عطرة النفاس‪ ،‬عم الميع نوال السلطان‪ ،‬والكل مغمور برداء الحسان‪..‬‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫هذا طلبنا ومرغوبنا قدمناه للعتاب الشريفة‪ ،‬والرجاء ‪ -‬ف سيدنا وفقه ال ‪ -‬جيل أن‬
‫يتلقاه بسن القبول وحاشاه أن ييب قاصده‪ ،‬وهو البحر ل تفن الدلء مدده‪ ..‬فحالة مدينتنا اليوم‬
‫تفتت الكباد‪ ،‬ويرثي لا بنو نوع النسان‪ ،‬وتجل القلم عن تسطيها‪ ،‬إذ أصبحت مشرفة على‬
‫الزوال‪ ،‬قريبة الضمحلل‪ ،‬انقطع فيها تعليم العلم بل – عياذا بال – حت القرآن‪ ،‬وتوالت سنوات‬
‫القحط على هذا القطر البئيس‪ ،‬وأذهلت أفكار العلماء والطلبة‪ ..‬فعلى أي حال يشب النشء والولد‬
‫إن ل ينقذهم سيدنا من هذه الورطة‪ ،‬ث بأي دين إن تعلموا يتدينون‪ ،‬وإل أي غاية إن دمنا على‬
‫(‪)18‬‬
‫الضنك ف العيش نن سائرون‪".‬‬
‫‪ – 3‬ممد الامس وإصلح التعليم العتيق بسوس‪:‬‬
‫وصلت حالة التعليم ف منطقة سوس إل درجة من المود والتخلف‪ ،‬مقابل ما كانت‬
‫الواضر الغربية تشهده من حركة تعليمية دائبة بإصلح جامع القرويي وجامع ابن يوسف وغيها‬
‫من مؤسسات التعليم العتيق بالواضر الغربية‪ ،‬إضافة إل ظهور مؤسسات التعليم الر ف متلف‬
‫الناطق‪ ،‬كل ذلك طرح بدة مسألة التعليم بنطقة سوس وضرورة تطويرها وإنقاذ الدارس العلمية‬
‫العتيقة ما تعان منه من جود‪.‬‬
‫وقد بذلت ف سبيل ذلك مساع حثيثة بدعم كامل من اللك ممد الامس ومتابعة دقيقة منه‬
‫خاصة بعد الستقلل‪ ،‬ويكن التمييز ف هذه العمال الصلحية بي مرحلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة الماية‪:‬‬
‫دفع ما شهدته الواضر الغربية من إصلح التعليم العتيق‪ ،‬مموعة من مثقفي سوس إل‬
‫للتفكي ف تطوير التعليم بالنطقة لسيما أنا حافلة بالدارس العلمية العتيقة النبثة ف جبالا وسهولا‪،‬‬
‫وهكذا انبى بعض هؤلء للتعبي عن أفكارهم وتصوراتم ف الرائد الت كانت تصدر آنذاك ومنهم‪:‬‬
‫* السن البونعمان الذي كتب مقال بريدة السعادة بعنوان‪":‬إنعاس الكومة لدارس‬
‫سوس" أشار فيه إل جهود العمال الهاجرين إل أوربا ف دعم الدارس العلمية العتيقة بتمويل طلبتها‬
‫وأساتذتا‪ ،‬ونوه بسماح سلطات الماية بدفع العشار إل هذه الدارس بعد امتناعها مدة طويلة‪.‬‬
‫* مُحمد العثمان ف مقالي له نُشرا بريدة العلم بعنوان‪":‬العلم ف سوس على وشك‬
‫النقراض" بيّن فيه خطورة الوضاع البئيسة الت تعيشها تلك الدارس مقترحا بعض اللول‬
‫لصلحها وتديدها منها‪ :‬وضعها تت إشراف مندوبية العارف التابعة للقصر اللكي وإخضاعها‬
‫للتفتيش التربوي وتريرها من هيمنة شيوخ القبائل الاضعي آنذاك لسيطرة ضباط الماية الفرنسية‬
‫(‪)19‬‬
‫بالغرب‪.‬‬
‫* ممد الختار السوسي الذي تدث عما تعانيه الدارس العلمية بالنطقة من تميش وإهال‬
‫وضرورة العناية با‪ ،‬قال ف رحلته خلل جزولة واصفا حال التعليم بدينة تارودانت‪:‬‬
‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫"وأما حالة التعليم ف الدينة فمؤسفة فإن التعليم السلمي يكاد ينقرض‪ ،‬فل دروس علمية‬
‫إل صبابة قليلة جدا‪ ،‬ول كتاتيب للقرآن مدية‪ .‬وقد صارت الكومة تتم على كل تلميذ تلميذ ف‬
‫الكتاتيب القرآنية أن يلتحق بتعليمها الديد مرغما‪ ،‬فضاعت الوقات بي الكتاتيب والدرسة‪ ،‬ول‬
‫يستفد التلميذ ل من هذه ول من تلك‪ ،‬هكذا يقول الهال‪ .‬ول أر ول أسع مدينة وقع فيها مثل‬
‫(‪)20‬‬
‫ذلك‪".‬‬
‫كما قال عن حال التعليم بالدارس العلمية العتيقة بسوس‪:‬‬
‫" إن القطر السوسي كان دبّ إليه الفتور العام الذي دب إل جيع الغرب‪ ،‬ول صدر هذا‬
‫القرن بعد ‪ 1311‬ه فلم يصل ‪1330‬ه حت تضاءلت الدارس جدا‪ ،‬وضعفت المم ضعفا‬
‫عظيما‪ ،‬ث جاءت أهوال يعرفها كل أحد من جراء الحتلل‪ ،‬زلزلت القلوب‪ ،‬فلم يكد يصل‬
‫‪1345‬ه حت قلت جدا الدارس العامرة‪ ،‬ث جاءت السغبة الت وقعت ف هذه السنة وف الت‬
‫بعدها‪ ،‬فأتت على الباقي‪ ،‬فانقضى كل شيء‪ ،‬وقدر مع ذلك وفاة العلماء الكبار‪ ،‬ث سرى ما سرى‬
‫ف كل أطوار الياة الغربية‪ ،‬فتأثرت مالس دراسة العلوم غاية التأثر‪ ،‬فلم تدخل سنوات ‪1350‬‬
‫ه‪ ،‬حت ل تكاد تد مدرسة عامرة العمارة العهودة‪ ،‬فل ترى إل البعض يكون فيها عشرة إل‬
‫عشرين‪ ،‬أو أدون من العشرين‪ ..‬وقد أقفلت أبواب الدراسة الدية‪ ،‬ول يرابط الساتذة اليوم غالبا ف‬
‫الدارس‪ ،‬ول الطلبة الذين معهم إل للمعاش فقط‪ ،‬وقد يضي أسبوع فشهر من غي معاطاة دروس‪،‬‬
‫إل عند أناس منهم ل يتجاوزون نو خسة عشر‪ ..‬وأما غيها فأستاذها بنلة الناطور للبستان‪ ،‬يرس‬
‫(‪)21‬‬
‫سقوف الدرسة وأبوابا‪ ،‬لئل تد إليها اليدي‪ ،‬حقيقة وال مؤلة ‪"..‬‬
‫وقد دفعت هذه الفكار والكتابات مموعة من العلماء والتجار السوسيي القيمي بالواضر‬
‫‪ -‬الذين كانوا يشهدون جهود اللك ممد الامس ف مال التعليم‪ ،‬بالرغم من مضايقة القامة العامة‬
‫وتعنتها ‪ -‬إل التفكي ف العمل لصلح الدارس العلمية العتيقة‪ ،‬واستنساخ النموذج الناجح الذي‬
‫أنزه ممد الختار السوسي ف مدرسة زاوية الرميلة براكش وف مدارس أخرى هناك كمدرسة‬
‫الياة‪ ..‬وغيها‪ )22( ،‬وتطبيقه بالدارس العلمية العتيقة ف بوادي سوس وحواضره‪.‬‬
‫وقد انتبهت أبناء النخبة السوسية بالواضر إل أن هذه الطوة ل يكن أن تتم دون موافقة‬
‫سلطات الماية‪ ،‬ففكروا ف تقدي ملتمس إل اللك ممد الامس حول تطوير التعليم العتيق بسوس‬
‫وتديد مدارسه العتيقة ف إطار التعليم الر‪ ،‬لعل ذلك يكون خطوة أول ف انضمام النطقة والنوب‬
‫الغرب عامة إل التطور الذي شهده التعليم على الصعيد الوطن‪ ،‬وقد استغل العيان السوسيون‬
‫مناسبة زيارة اللك ممد الامس لراكش يوم ‪ 11‬رجب ‪1369‬ه الوافق ‪ 29‬أبريل‬
‫‪1950‬م لوضع الجر الساس لبناء مدارس بن دغوغ لتقدي اللتمس‪ ،‬بعدما كانوا اتصلوا به قبل‬
‫قدومه إل مراكش وأطلعوه عليه‪ ،‬فتلقى فكرة تقديه بالقبول مشيا إل أن الفرنسيي لن يتقبلوا هذا‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫الطلب بسهولة‪ .‬وقد رفع اللتمس إل اللك‪ ،‬ونقله إل القامة العامة الوزير الفقيه ممد العمري‪،‬‬
‫والقيم العام آنذاك النرال جوان الذي أجابه قائل‪:‬‬
‫" قل للسلطان يكن أن نفتح للسوسيي ثكنات عسكرية ف بيوگرا أو أگادير ليتدربوا فيها‬
‫(‪)23‬‬
‫و ل يكن أن نسمح لم ولو بإصلح وتنظيم مدرسة واحدة بسوس‪".‬‬
‫لقد كان رد القيم العام على اللتمس اللكي إشارة إل رغبة سلطات الماية ف بقاء الدارس‬
‫العتيقة ف حالتها من التخلف والمود‪ ،‬لنا ف نظرها مصدر خطر داهم إذا ما جددت وأصلحت‬
‫وتقق فيها طموح اللك ممد الامس والغاربة جيعا‪ ،‬وقد توالت بعد ذلك الحداث السياسية الت‬
‫نتجت عن تسك اللك بواقفه الوطنية ومبادئه ما أدى إل عزله عن العرش ونفيه‪ ،‬ونفي الوطنيي من‬
‫علماء ومثقفي ومناضلي‪ ،‬وف غمرة هذه الوضاع السياسية والجتماعية الضطربة أسس طلبة‬
‫وأصدقاء ممد الختار السوسي ‪ -‬وهو منفي آنذاك مع نبة من الوطنيي ف معتقل تنجداد ث أغبالو‬
‫نكردوس ‪ -‬براكش جعية علماء سوس ف ‪ 1‬شعبان ‪1373‬ه موافق ‪ 5‬أبريل ‪ ،1953‬لتتابع‬
‫العمل ولتسهر على تنفيذ الشروع الصلحي للتعليم العتيق استعدادا للمرحلة القادمة حينما تكون‬
‫(‪)24‬‬
‫الفرصة مواتية باستقلل الغرب وعودة الشرعية إل أصحابا‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة الستقلل وتأسيس معهد ممد الامس بتارودانت‪:‬‬
‫استقل الغرب ورجع السلطان ممد الامس إل بلده وعرشه منصورا مظفرا‪ ،‬فبادر علماء‬
‫الغرب وأعيانه لزيارته للتهنئة ومن هؤلء وفد علماء سوس النتظمون ف جعية علماء سوس ف شهر‬
‫دجنب ‪ ،1955‬الذين استغلوا الفرصة فعرضوا مطالبهم الجتماعية الصلحية الت سبق أن عبوا‬
‫عنها للملك من قبل ف عهد الماية‪ ،‬وقد استقبل اللك ممد الامس العلماء الائة والثلثي الذين‬
‫حلوا بالرباط بالقصر اللكي وقدموا للملك مطالبهم الت كان التعليم العتيق من ضمنها‪ ،‬جاء ف‬
‫ديباجة الطالب‪:‬‬
‫"فل يفى على مولنا ما لسوس من تاريخ ميد‪ ،‬حافل بالبطولة ف ميادين العلم والدين‬
‫والدفاع عنهما بالسيف والقلم‪ ،‬وأنتم يا مولنا أدرى الناس بأن سوس من أشد القطار الغربية تسكا‬
‫بالديانة السلمية‪ ،‬والعزة القومية‪ ،‬وإن هذه البلد ساهت مساهة فعالة ف بناء الغرب الزاهر إن ل‬
‫نقل هي الحرك لدولب التقدم والعمران ف إمباطورية مغرب المس‪ ،‬تلك المباطورية الت كانت‬
‫أسبانيا السلمة والقطار الثلثة للمغرب العرب [ضمنها]‪ )25(،‬وما الصفحات الت سجلها التاريخ‬
‫لبطال صحراء لتونة وجبال الصامدة‪ ،‬إل وثيقة خالدة تنطق با لذه البلد قديا من مكانة ف الدين‬
‫والسياسة والجتماع‪ ،‬بيد أنه ‪ -‬والسف يهز القلب ‪ -‬مرت بذه البلد ف عهد الماية البغيض‬
‫عاصفة جارفة قلبت أوضاعها‪ ،‬وعكست حقيقتها‪ ،‬وزعزعت جذور العلم والدين ف حوضها‪ ،‬ولول‬
‫(‪)26‬‬
‫تأصلها وقوة روحها لجتثتها من أصلها‪".‬‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫وقد اشتملت لئحة الطالب بنودا التمست تطوير التعليم العتيق باتاذ جلة من الجراءات‪،‬‬
‫هي‪:‬‬
‫‪-‬أن تكون موارد الدارس الالية مضبوطة تشرف عليها إحدى الوزارات الختصة‬
‫بواسطة لان موثوق با‪.‬‬
‫‪-‬أن ينظم التعليم فيها فيوضع له برنامج موحد معترف به من لدن الوزارة الت‬
‫تشرف على تطبيقه‪ ،‬بيث يهيئ التلميذ لشهادات تول لامليها اللتحاق‬
‫بالعاهد الدينية‪.‬‬
‫‪-‬فصل الدارس عن كل سلطة ملية‪ ،‬ومنع الشيوخ والقواد وأعوانم من التدخل‬
‫ف شؤونا‪.‬‬
‫‪-‬تأليف لنة علمية لجراء بث نزيه حول الدرسي الاليي وعمداء الدارس‪،‬‬
‫فيكون إقرار الساتذة ذوي الكفاءة ف مقاعد التدريس وعزل غيهم على ضوء‬
‫تقريرها‪.‬‬
‫‪-‬إجراء مباريات بي الرشحي لختيار من يشغل القاعد الشاغرة ف الدارس‪،‬‬
‫ويعفى من هذا الجراء أساتذة معروفون بالكفاءة والخلص للمهنة‪.‬‬
‫‪-‬إنشاء مكتب فن يسهر على تفتيش الدارس وإصلح أساليب التعليم وتديدها‬
‫تدرييا‪.‬‬
‫‪-‬العمل على تأسيس معهد ثانوي لدارس سوس ف أگادير تول شهادته لاملها‬
‫(‪)27‬‬
‫النراط ف القسام النهائية بكليت القرويي وابن يوسف‪".‬‬
‫وقد عاد وفد من علماء سوس مرة أخرى إل زيارة اللك ممد الامس ف ‪ 19‬مرم‬
‫‪1376‬ه موافق ‪ 27‬غشت ‪ ،1956‬قدم فيها الزائرون للملك تقريرا موجزا عن أعمالم ف‬
‫ميدان إصلح التعليم وتديد مؤسساته كما أخبوه بتأسيس جعية علماء سوس وسعيهم لبناء العهد‬
‫الثانوي للتعليم العتيق ف مدينة تارودانت والعزم على انطلق الدراسة برسم ذلك ف شهر أكتوبر من‬
‫تلك السنة بالامع الكبي بالدينة ف انتظار استكمال بناء العهد‪.‬‬
‫وقد تلقى اللك ممد الامس مقترحات المعية بالقبول والتنويه والتشجيع وقد تلى ذلك‬
‫ف‪:‬‬
‫‪-‬دعمه جعية علماء سوس ف نشاطها العلمي الصلحي‪ ،‬وقد عب عن ذلك‬
‫بقوله‪:‬‬
‫"إننا وحكومتنا مستعدون لتشجيع هذه المعية العاملة الؤمنة الت تقوم بأعمال ثقافية‬
‫(‪)28‬‬
‫دينية واجتماعية جليلة تشكر عليها وتستحق كل تشجيع من الواطني‪".‬‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫‪-‬دعمه مشروع بناء العهد السلمي بتارودانت‪ ،‬وإشرافه بنفسه على تسلم هبة‬
‫(‪)29‬‬
‫أحد الحسني للقطعة الرضية الت سيبن عليها العهد الرودان‪.‬‬
‫‪-‬استقباله العلماء الشرفي على الشروع الرة بعد الرة وتزويدهم بنصائحه‬
‫وإرشاداته وإجابته استشاراتم ف ما يتعلق بوانب الشروع ومراحله‪ ،‬فقد زاره‬
‫علماء المعية أربع مرات بالقصر اللكي بالرباط قدموا خللا ملتمساتم‬
‫(‪)30‬‬
‫ومطالبهم‪.‬‬
‫‪-‬تصريه بالرغبة ف زيارة مدينة تارودانت عندما يؤسس العهد‪ ،‬وذلك عندما‬
‫قال‪" :‬ستجدونن دائما بانبكم ف هذا اليدان بل ستجدونن أمامكم‪ ،‬ويسرن‬
‫أن أزور سوس وأجد اللقات الدراسية بعهد تارودانت الذي نرجو له كل‬
‫(‪)31‬‬
‫التوفيق‪".‬‬
‫‪-‬إسهامه ف التبع الذي انطلق لمع الموال اللزمة لبناء معهد تارودانت‪،‬‬
‫(‪)32‬‬
‫حيث قدم مبلغ مليون فرنك للمشروع‪.‬‬
‫‪-‬موافقة اللك ممد الامس على طلب جعية علماء سوس الشرفة على مشروع‬
‫العهد بشأن معاوضة أرض البة للمشروع وبقعة أرضية ف ملك الحباس‬
‫بتارودانت‪ ،‬وذلك بإصدار ظهي ف هذا الشأن مؤرخ ف ‪ 28‬ذي الجة‬
‫‪ ،1376‬وإصدار أمره إل وزير الحباس بالتنازل عن أكثر من نصف الفرق‬
‫(‪)33‬‬
‫الناتج عن العاوضة لصال مشروع العهد وقدره ثلثة مليي فرنك‪.‬‬
‫‪-‬إصدار الذن بانطلق أشغال البناء بعد تعذر زيارته مدينة تارودانت‪ ،‬وذلك‬
‫بطلب من المعية الشرفة‪ ،‬على أن يضع اللك الجر الساس عندما يزور‬
‫(‪)34‬‬
‫الدينة‪.‬‬
‫‪-‬الوافقة على تأسيس فروع أخرى لعهد ممد الامس بكل من بتزنيت وماسة‬
‫وأيت باها وتامگروت والديدة وتاليوين وتنار باحة‪ ،‬وقد نتج ذلك كله ‪-‬‬
‫فيما بعد – إحداث مرحلة جامعية بتأسيس كلية الشريعة بأگادير التابعة لامعة‬
‫القرويي‪ ،‬سنة ‪1398‬ه موافق ‪1978‬م‪.‬‬
‫هكذا نرى أن اللك ممد الامس تابع أعمال تأسيس العهد السلمي بتارودانت منذ‬
‫بدايتها‪ ،‬وساندها لنا خطوة لتطوير التعليم وترقيته‪ ،‬فتطوير الدارس العلمية العتيقة يتاج إل زمن‬
‫طويل وجهد كبي مع ما يكتنف ذلك من تضحية مادية كبية وما سيجابه من معارضة الشرفي‬
‫عليها أو من مشاكل تربوية أو إدارية‪ ،‬بينما كانت الاجة ملحة لنشاء مؤسسات تعليمية تنطلق ف‬
‫عملها بسرعة وتستوعب طلبة الدارس العلمية العتيقة ليستكملوا فيها تكوينهم العرف والفكري‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫وينفتحوا على العارف الديثة وعلى مريات الياة العصرية بعدما عمقوا معارفهم الشرعية واللغوية‬
‫من قبل بدارسهم العتيقة‪ ،‬فكان العهد مرحلة تعليمية تربوية تؤهل الطلبة بتكوينهم تكوينا عربيا‬
‫إسلميا يافظ على القيم الت عمل الستعمار على استئصالا ويميهم من الضياع ومن النسلخ‬
‫عن أصالتهم كما يفظهم من المود والتحجر‪.‬‬
‫لقد كانت الاجة ملحة – إبان تأسيس معهد ممد الامس ‪ -‬لتخريج أجيال من الثقفي‬
‫لدمة وطنهم حديث العهد بالستقلل وتقوية إداراته وتتي شخصيته القومية السلمية‪ ،‬وقد‬
‫استدعت هذه الاجة اللحة حل سريعا آنيا ف انتظار حلول طويلة الدى‪.‬‬
‫إضافة إل ذلك فطن مؤسسو العهد إل أن الدارس العلمية العتيقة ل تكن تقوم بالوظيفة‬
‫التعليمية العلمية وحدها لكن كانت لا أدوار اجتماعية أخرى متعددة‪ ،‬أكثر خطرا‪ ،‬فقد كانت‬
‫شديدة الندماج ف متمعها‪ ،‬ما يعن ضرورة البحث عن رؤية شولية لصلحها‪ ،‬ترتبط بإصلح‬
‫الجتمع عامة‪ ،‬وقد تؤدي خطوات إصلح غي مسوبة العواقب إل خلخلة وضعية هذه الدارس‬
‫وعلقتها بجتمعاتا ووضعية الفقهاء والطلبة‪ ،‬ما سيؤثر سلبا على التوازن العرف لتلك الجتمعات‬
‫خاصة التعلق منه بشؤون الدين والعقيدة‪ ،‬فقد كانت هذه الدارس مؤسسات حرة ينفق الناس على‬
‫تسييها تعلقا منهم بالدين واحتسابا للجر عند ال تعال‪ ،‬ويتقربون إل الفقيه والطلبة بختلف‬
‫البات تقديرا للقرآن الكري والعلم الشريف‪ ،‬ويصدرون عن إرشادهم واستشاراتم وفتواهم‪،‬‬
‫فكانت رعايتهم للمدارس وقيميها وطلبتها تطوعا ل قهرا‪ ،‬واحترامهم لا رغبا ل رهبا‪ ،‬أي أن هذه‬
‫الدارس كانت حلقة حاسة ف منظومة اجتماعية دينية معرفية عميقة الذور ف التاريخ والوعي‬
‫الدين لعموم الغاربة‪.‬‬
‫لقد رأى دعاة إصلح التعليم العتيق وعلى رأسهم اللك ممد الامس رحه ال أن الدارس‬
‫العلمية العتيقة تقوم با هو مطلوب منها على قدر وسعها‪ ،‬من حيث تكوين الطلبة ف العلوم الشرعية‬
‫والعلوم اللغوية بعدما استظهروا القرآن الكري‪ ،‬وهذا أساس الفاظ على القيم السلمية والوطنية‬
‫الت ناضل الغاربة من أجلها‪ ،‬كما استنتجوا أن إصلح هذه الدارس ف غاية الصعوبة‪ ،‬ومتاج إل‬
‫نفس طويل وخطة قوية‪ ،‬لن الصلح ل يتعلق بالناهج والدرسي والطلبة فحسب‪ ،‬ولكنه مرتبط‬
‫أشد الرتباط بالجتمع من حول هذه الدارس‪ .‬لذلك ارتأوا معالة الشكل العاجل الطروح وهو‬
‫إدماج طلبة هذه الدارس وخرييها ف النظومة التعليمية الوطنية وتأهيلهم فكريا ومعرفيا وفتح آفاق‬
‫العرفة التجددة الوثقة بالشهادات الدرسية والعلمية أمامهم ليسهموا ف خدمة وطنهم والفاظ على‬
‫ثوابته السلمية وقيمه الوطنية بعدما اكتسبوا تكوينا متينا جع بي القدي النافع والديث الفيد‪.‬‬
‫كما استنتج القائمون بالصلح أن تأسيس العهد ل يعن ناية مهمة الدارس العلمية العتيقة‬
‫بلوله ملها بل إن تأسيسه ما كان إل تتويا لهودها ف التربية والتكوين‪ ،‬وتقوية لدوارها‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫الجتماعية والوطنية‪ ،‬فقد كانت هذه الدارس إل جانب تعليم الطلبة‪ ،‬تقوم بنشر العرفة السلمية‬
‫بي عامة الناس‪ ،‬كما يعد أستاذها العال الفقيه حكما بينهم ف خصوماتم ومستشارهم ف قضاياهم‬
‫ومشاكلهم‪ ،‬ومفتيا لم ف نوازلم‪ ،‬وضامنا لوحدة الذهب الفقهي والعقدي‪ ،‬وداعيا للتعلق بالدين‬
‫والشريعة ووحدة المة والوطن وطاعة السلطان‪ ،‬ما جعل تلك الدارس مؤطرة للمجتمع من الناحية‬
‫الدينية ومافظة على توازنه وارتباطه بعقيدته وقيمه الوطنية‪.‬‬
‫لقد كانت هذه الرؤيا منطلق مشروع تأسيس معهد ممد الامس‪ ،‬ليجسد تشبث الغاربة‬
‫بقيمهم ودينهم وهو ما عب عنه اللك ممد الامس عندما زار مدينة تارودانت لوضع حجر الساس‬
‫لبناء العهد ف ‪ 20‬ذي القعدة ‪1378‬ه موافق ‪ 29‬ماي ‪ 1959‬وألقى كلمة بالناسبة‬
‫أبرزت تصوره لصلح التعليم وتطويره‪ ،‬واللفية الفكرية لذا الصلح الستندة إل الثقافة‬
‫السلمية والتراث العريق‪ ،‬والبنية على التشبث بالعقيدة السلمية الت بنيت على أساسها الثقافة‬
‫الوطنية‪ ،‬قال فيها‪:‬‬
‫" إن الثقافة السلمية جزء من مقوماتنا الوطنية ول يسعنا ونن نشيد صرح نضتنا الديثة‬
‫إل أن نستمسك با ونافظ عليها حفظا لكياننا‪ ،‬وربطا لاضرنا باضينا وتيسيا لسباب التقدم‬
‫(‪)35‬‬
‫والتطور الذي يعلها السلم ف متناول أيدي الذين يعتنقونه ويسيون طبق تعاليمه الالدة‪".‬‬
‫كما أشار رحه ال إل ضرورة تديد مضامي التعليم بعدم القتصار على العرفة الشرعية‬
‫واللغوية فقط بل الهتمام بالعلوم العصرية على اختلف أنواعها‪ ،‬أسوة بالسلف الذين ل ينعهم‬
‫العتزاز بقيم المة السلمية من الزاوجة بي الساس العقدي التي والبداع اللق النفتح على‬
‫عصره السهم ف بناء الضارة النسانية‪ ،‬قال عن الحافظة على القومات الوطنية‪:‬‬
‫"‪ ..‬على أن هذه الحافظة ل تعن كما يتوهه البعض الوقوف عند حدود معرفة الحكام‬
‫الشرعية والقواعد اللغوية بل تفتح الجال لستيعاب العلوم والفنون على اختلفها‪ ،‬لتكون ثقافتنا‬
‫السلمية حينئذ ثقافة كاملة نطيق با الساهة ف إقامة ركن الضارة الديدة كما ساهم أجدادنا با‬
‫ف إقامة ركن الضارة القدية‪ ،‬وقد أصبح تعميم هذه الثقافة اليوم أمرا ضروريا‪ ،‬لن حاجة البلد‬
‫تشتد شيئا فشيئا إل رجال مؤمني واعي متبصرين يقدرون السؤوليات‪ ،‬ويعملون بإخلص‬
‫(‪)36‬‬
‫ويسنون أداء الواجبات‪".‬‬
‫لقد كان تصور اللك ممد الامس لصلح التعليم عموما والعتيق منه بوجه خاص‪ ،‬تصورا‬
‫واضحا مبنيا على التجديد والتطوير لتخريج جيل من العلماء الامعي بي متانة التكوين الشرعي‬
‫والنفتاح على قضايا العصر وإشكالته حت يستطيعوا مابة التحديات الطروحة ف وجه متمعاتم‪،‬‬
‫والسي با ف السبيل السوية المنة‪ ،‬إضافة إل استلهام فعل السلف الصال للمة ف مافظتهم على‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫العقيدة وتسكهم بالشرع النيف واستنادهم على ذلك ف البداع العلمي والضاري وعملهم‬
‫لصال أمتهم ولصال البشرية كلها‪.‬‬
‫لقد كانت العمال العظيمة الت تققت ف فجر الستقلل بتأسيس العهد السلمي‬
‫بتارودانت‪ ،‬خطوة عظيمة ف بناء الجتمع والدولة الغربية‪ ،‬حققت أهدافا متلفة منها‪:‬‬
‫‪-‬تكي طائفة كبية من طلبة الدارس العلمية العتيقة من متلف مناطق الغرب من‬
‫استكمال دراستهم‪ ،‬بل لقد تاوز المر استفادة الغاربة منه بعد أن أقبل عليه‬
‫الطلبة من خارج الغرب خاصة من السنغال وسياليون ودول إفريقية أخرى‪.‬‬
‫‪-‬تقيق إجاع وطن وملي جهوي بصوص العناية بالتعليم عامة والعتيق منه‬
‫بوجه خاص‪ ،‬والعمل على خلق تعليم وطن مافظ على عقيدة المة وقيم‬
‫الوطن‪ ،‬منفتح على العصر‪.‬‬
‫‪-‬تسيد التآزر بي ملك البلد ممد الامس رحه ال وعلماء الغرب من خلل‬
‫جعية علماء سوس‪ ،‬ث متلف فئات الشعب من تار وفلحي‬
‫وحرفيي‪..‬وغيهم‪ ،‬فقد كان بناء العهد فرصة لتحميس الناس وتأجيج مشاعر‬
‫الغية الدينية والوطنية عندهم لبناء مستقبل أبنائهم وبلدهم‪.‬‬
‫وقد عبّر ممد الختار السوسي عن أثر تأسيس معهد ممد الامس بتارودانت وأهية ما‬
‫حققه من إجاع وحاس‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"نرى ف سنة ‪1377‬ه انبعاثا جديدا من سوس يتجلى فيما تده الن من معهد‬
‫تارودانت وفروعه كتزنيت وغيها‪ ،‬فقد قامت الوزارة الشكورة بد يدها إل جعية علماء سوس‪،‬‬
‫فإذا بألف وسبعمائة من الطلبة السوسيي ف العهد الذي تاوز مع السنوات الول إل الثانوي‪،‬‬
‫واستطاع ذوو المم السوسية من الهال‪ ،‬با نفخه فيهم مولنا ممد الامس‪ ،‬أن يفتحوا جيوبم‪،‬‬
‫فإذا بؤلء الطلبة‪ ،‬كأنم داخليون يأكلون الوجبات الثلث‪ ،‬ويتمتعون بالوطية والغطية‪ ،‬تت نظر‬
‫المعية الت قانت قياما مغبوطا بكل شؤون الطلبة‪ ،‬مع تربية إسلمية واقعية تاشي العصر‪ ،‬فأعلنت‬
‫سوس بذلك أن سلسلتها العلمية ل تزال إل المام‪ ،‬وأن الحفاد تأثروا خطا الجداد‪ ،‬فلتحي سوس‬
‫العالة‪ ،‬وليحي الغرب كله‪ ،‬وليحي عرشه الذي ردت به الياة إل كل النفوس‪ ،‬ولتحي العاهد‬
‫(‪)37‬‬
‫الدينية كلها متأثرة خطا أمها القرويي الالدة‪" .‬‬
‫التحق الطلبة بالعهد لستكمال تكوينهم ف العلوم الشرعية واللغوية والنفتاح على العارف‬
‫الديثة والتصورات الفكرية الستجدة‪ ،‬وتصيل الشهادات الدراسية‪ ،‬وقد مكنهم ذلك كله من‬
‫التدرج ف الستويات الدراسية العليا بختلف أسلكها وشعبها‪ ،‬ول يكد ير عقد من الزمن على‬
‫افتتاح معهد ممد الامس بتارودانت حت كان طائفة من خرييه مصلي لشهادات عليا ف مال‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫العلوم الشرعية واللغوية والدبية والفكرية والقانونية والعلمية البحتة‪ ،‬وحت أصبحوا يسهمون ف بناء‬
‫وطنهم وخدمته‪ ،‬واستطاعت فئة منهم التميز ف الجالت الت تصصت فيها لتكون نوذجا للعال‬
‫الغرب الامع بي العرفة العلمية الشرعية والطلع على الثقافة واللغات العصرية والفكار الديثة‪ ،‬مع‬
‫العقيدة السليمة والصالة التينة‪ ،‬وقد دفع ناح معهد ممد الامس ف التكوين العلماء إل الستبشار‬
‫بإنازاته والتفاؤل بستقبله‪ ،‬قال ممد الختار السوسي منوها بالعهد ومستبشرا باقتران تأسيسه‬
‫باستقلل الغرب‪:‬‬
‫" أقول إن الزمان قد استدار با تبه سوس‪ ،‬فبز بعد الستقلل معهد منظم حافل يضم بي‬
‫جنبيه هو وفروعه أزيد من سبعمائة وألف طالب‪ ..‬فالمد ل الذي آتانا الستقلل على يد ممد‬
‫(‪)38‬‬
‫الامس‪ ،‬فأتانا منه كل ما يرام‪ ،‬وهل تروم سوس إل انبعاث العلوم فيها‪".‬‬
‫خاتة‪:‬‬
‫إن مشروع إصلح التعليم الذي نض به رجال الركة الوطنية وعلى رأسهم اللك ممد‬
‫الامس ‪ -‬الذي سطر خطوطه العريضة ف خطبه منذ بداية العقد الامس من القرن العشرين من‬
‫خلل إشرافه على إصلح جامع القرويي ‪ -‬نتاج مسية طويلة وعمل دؤوب‪ ،‬كما أنه استلهام‬
‫للتراث الغن والتنوع واستثمار للماضي الضيء ف مواجهة قضايا الاضر وإشكالته‪ ،‬ونن ف‬
‫عصرنا أحوج ما نكون إل دراسة هذا الفكر الصلحي الستني بالعقيدة السمحة وفهمه واستلهامه‬
‫ف النظر إل مشاكل التعليم ببلدنا بعد أزيد من خسي عاما من الستقلل‪ ،‬كما أنه تربة غنية‬
‫خصبة تصلح لتكون أساسا لصلح التعليم العتيق وضمان إدماجه ف النظومة التربوية الوطنية عب‬
‫إصلحه بطريقة تافظ على خصوصياته التعليمية والنهجية ومكانته الجتماعية والعرفية‪ ،‬بيث‬
‫يتمكن خريوه من إفادة متمعهم والسهام ف تنميته ونضته‪ ،‬وليسترجع ماضيه الزاهر ف بناء المة‬
‫والفاظ على الذات بالرتباط بقومات الوحدة الوطنية وقيم السلم الصيلة والتراث الغرب‬
‫العريق‪.‬‬
‫الوامش‪:‬‬

‫نشر المقال بمجلة دعوة الحق الصادرة عن وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالرباط العدد ‪ 394‬بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1430‬موافق غشت ‪2009‬‬
‫‪ -‬نقصد بالتعليم العتيق وبالصيل‪ ،‬في هذه الدراسة‪ ،‬ذلك التعليم المتوارث في المغرب منذ قرون والذي احتضنته المدارس‬ ‫‪1‬‬

‫العلمية والجوامع في الحواضر والبوادي المغربية‪ ،‬وقد صار مصطلح الصيل بعد الستقلل يطلق على التعليم الرسمي في‬
‫المعاهد الثانوية حيث الشعب الصيلة التي تولى فيها الهمية للعلوم الشرعية‪ ،‬وهناك سعي الن لتعميمه على جميع المراحل‬
‫التعليمية‪ ،‬أما مصطلح العتيق فقد أصبح دال على المؤسسات التعليمية غير النظامية‪ ،‬من مدارس علمية وقرآنية‪ ،‬ثم صار‬
‫شامل بعد ذلك لدور القرآن والكتاتيب القرآنية‪.‬‬
‫‪ -‬نضال محمد الخامس للحفاظ على لغة القرآن‪ ،‬محمد حجي‪ ،‬ص‪ ،456:‬ضمن الندوة الدولية حول‪ :‬محمد الخامس الملك‬ ‫‪2‬‬

‫الرائد‪ ،‬منشورات جمعية رباط الفتح‪ ،‬الرباط ‪.1988‬‬


‫‪ - 3‬جامع القرويين‪ ،‬عبد الهادي التازي ‪.3/775‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 7‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 8‬نفسه‪ ،‬ص‪.776 :‬‬
‫‪ - 9‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 10‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 11‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.457 :‬‬
‫‪ - 12‬يراجع المدارس العتيقة بالمغرب وإشعاعها العلمي والدبي‪ ،‬المدرسة اللغية بسوس نموذجا‪ ،‬المهدي بن محمد السعيدي‪،‬‬
‫من ص‪ 19 :‬إلى ص‪ 73 :‬منشورات وزارة الوقاف والشؤون السلمية‪ ،‬الرباط ‪.2006‬‬
‫‪ - 13‬من علماء سوس الكبار ولد سنة ‪1306‬ه ودرس بالمدارس العتيقة بسوس واشتغل بالمشارطة واتصل بعلماء الحواضر‬
‫واستقر آخر حياته بمكناس حيث توفي سنة ‪1365‬ه من أهم مؤلفاته مذكراته التي نشرها محمد المختار السوسي في الجزء‬
‫الثالث من المعسول ص‪.415-214:‬‬
‫‪ -‬يونس ‪.24‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ - 15‬المعسول ‪.273-3/272‬‬
‫‪ - 16‬أنظر خلل جزولة‪ ،‬محمد المختار السوسي ‪.4/148‬‬
‫‪ - 17‬تاج الرؤوس بالتفسح في نواحي سوس‪ ،‬أحمد سكيرج‪ ،‬ص‪43-42 :‬‬
‫‪ - 18‬المدارس العتيقة بالمغرب وإشعاعها العلمي والدبي ‪ ،‬المهدي بن محمد السعيدي‪ ،‬ص‪.64-63 :‬‬
‫‪ -‬منار السعود عن تافراوت المولود ومدرستها العتيقة‪ ،‬امحمد أيت بومهاوت‪ ،‬تقديم الستاذ مُحمد العثماني‪ ،‬ص‪ :‬و‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪19‬‬

‫النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.1994 ،‬‬


‫‪ - 20‬خلل جزلة ‪.150-4/149‬‬
‫‪ - 21‬سوس العالمة‪ ،‬محمد المختار السوسي‪ ،‬ص‪.58-57 :‬‬
‫‪ - 22‬المعهد السلمي بتارودانت ‪. 411 /1‬‬
‫‪ -‬المعهد السلمي بتارودانت والمدارس العلمية العتيقة بسوس‪ ،‬عمر المتوكل الساحلي ‪ ،1/31‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار‬ ‫‪23‬‬

‫البيضاء‪.1985 ،‬‬
‫‪ - 24‬منجزات جمعية علماء سوس في عهد محمد الخامس‪ ،‬ص‪ ،15-14 :‬منشورات جمعية علماء سوس ‪.1400/1980‬‬
‫‪ - 25‬يبدو أن هناك سقطا في الجملة متعلق بخبر كان‪ ،‬وقد أضفنا الكلمة بين المعقوفين ليستقيم المعنى ‪.‬‬
‫‪ - 26‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪ - 27‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ - 28‬نفسه‪،‬ص‪.99 :‬‬
‫‪ - 29‬المعهد السلمي بتارودانت‪ ،..‬ص‪.76 :‬‬
‫‪ - 30‬منجزات جمعية علماء سوس في عهد محمد الخامس‪ ،‬ص‪,121 ،95 ،44 ،39 ،28:‬‬
‫‪ - 31‬نفسه‪ ،‬ص‪.41 :‬‬
‫‪ - 32‬نفسه‪ ،‬ص‪ 41-40 :‬والمعهد السلمي بتارودانت ‪.77-1/76‬‬
‫‪ - 33‬منجزات جمعية علماء سوس في عهد محمد الخامس ‪ ،‬ص‪.50 :‬‬
‫‪ - 34‬نفسه ‪،‬ص‪.51-50 :‬‬
‫‪ - 35‬نفسه‪ ،‬ص‪.103 :‬‬
‫‪ - 36‬نفسه‪ ،‬ص‪.104-103 :‬‬
‫‪ - 37‬سوس العالمة‪ ،‬ص‪ 30 :‬هامش‪.2:‬‬
‫‪ - 38‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 58 :‬هامش‪.1 :‬‬

You might also like