Professional Documents
Culture Documents
اإلستقالل إلى حدود اليوم ،سيقف على سلسلة من اللجان و اإلستراتيجيات و بناء التوافق ات دون تفعي ل.
فهل اس تطاع المغ رب أن يجعل من نظ ام التربية و التك وين بنيانا يشد بعضه بعضا ؟ و إذا لم
يستطع ،فهل ألن العولمة الجارفة فرضت عليه أن ينحو منحى اإلصالح ،و لو لم يوفر المقومات الحقيقية
1
.Iالمنطلقات و المرجعيات :
إن قضية التعليم و قضية العدل قض يتان مطروحت ان في المغ رب منذ ثالثيني ات الق رن الماض ي ،أي منذ أن جعلتهما
الحركة الوطنية المغربية س نة 1934م على رأس مطالبها اإلص الحية ال تي واجهت بها الحماية الفرنس ية ،قبل أن تنتقل إلى
()1
مطلب اإلستقالل.
و بعد مرور أكثر من خمسين سنة على اإلستقالل ،بتدافعاتها و ارتجاجاته ا ،لم يتوقف المغ رب في اس تنبات منظومة
في التربية و التكوين متكاملة األضلع ،متناسقة السيرورة ،مؤسسة في فلسفتها على مرجعية محددة مبنية على تصور واضح،
خاضعة لعمليات في التقييم بأفق اإلصالح و التقويم.
()2
و إن مسألة اإلصالح التعليمي بالمغرب مسألة سياس ية و ليست تقني ة؛ أي مج رد إص الح في األدوات و ال برامج
آليات التدبير اإلداري؛ إن مستوى التعليم هو صورة معبرة عما وصل إليه تدبير الشأن العام بالمغرب.
و فاإلص الح يقتضي أوال فهم الواقع التعليمي و تشخيصه بن اء على اتص ال مباشر مع الع املين في المي دان،
التواصل و الحوار معهم ،بحيث يكون تشخيص مشكالت الواقع التعليمي مبنيا على مشاركة ديمقراطية للمجتمع المدرسي ...
مع تب ني السياسة الجهوية ...فاإلص الح ليس مج رد تعليم ات بيروقراطية مفروضة من األعلى ،إنما هو انخ راط واعي
عقالني و وجداني في مشروع يتطلب إشراك الناس في القرارات و اإلستراتيجيات و السياسات بحيث يصبح اإلصالح ج زء
()3
من تاريخية الذات التي تقاوم من أجل إنجاحه.
إن المراجعة السريعة لهذا المسار اإلصالحي تجعلنا نقف عند المحطات الرئيسية التالية :
اللجنة العليا للتعليم (1957م) :إصالح التعليم الموروث عن اإلستعمار (الهياكل ،ال برامج ،األطر ،)...مع
المناداة باعتماد المبادئ األربعة ( :المغربة ،التعريب ،التوحيد ،التعميم) إلرساء نظام تربوي وطني.
اللجنة الملكية إلص الح التعليم (1958م) :إص الح التعليم بال دعوة إلى إجباريته و مجانيته مع توحيد
المناهج و البرامج.
المجلس األعلى للتعليم (1959م) :التأكيد على ضرورة مجانية التعليم و تعميمه.
مناظرة المعمورة ( 14أبريل 1964م) :الدعوة إلى تطوير آلي ات ث وابت اإلص الح :المغرب ة ،التع ريب،
التوحيد ،التعميم.
المخطط الثالثي (1965م – 1967م) :إلزامية التعريب في مرحلة اإلبتدائي.
2
مناظرة إفران األولى (1970م) :تطوير التعليم العالي و اإلهتمام بالتكوين المهني.
مناظرة إفران الثانية (1980م) :تقدم مسلسل التعريب و مغربة األطر بالرغم من المشاكل المادية التي كان
يجتازها المغ رب في تلك الف ترة ،و ال تي أث رت على البني ات التحتية للتعليم نتيجة اعتم اد التق ويم الهيكلي "سياسة
التقشف".
اللجنة الوطنية للتعليم (1994م) :محاولة تج اوز آث ار التق ويم الهيكلي على التعليم خالل ثمانيني ات الق رن
الماضي و ذلك بالرفع من بنياته.
اللجنة الملكية للتربية و التك وين (1999م) :وضع أسس إص الح التعليم :إلزامية التعليم ،إدم اج
التعليم في المحيط ...
اللجنة الخاصة بالتربية و التك وين ( :الميث اق الوط ني للتربية و التك وين) 2000( :م) :إص الح
المنظومة التعليمية بتغيير البرامج و المناهج :تعددية الكتب المدرسية ،اإلهتمام بتدريس اللغة األمازيغية ...
المخطط اإلس تعجالي 2012 – 2009( :م) :زرع نفس جديد في مسلسل إص الح المنظومة التربوية :
اعتماد بيداغوجيا الكفايات و اإلدماج ،محاربة الهدر المدرسي ،تشجيع جمعيات دعم مدرسة النجاح ...
إن القاسم المشترك بين هذه اإلص الحات و مح اوالت اإلص الح و إص الح اإلص الح و إع ادة اإلص الح ،هو غي اب
نظرة استشرافية و توقعية واضحة المعالم( ،)4فب الرغم من التج ارب الس ابقة و الالحق ة ،م ازال تعليمنا بعي دا عما يجب ،ألن
الرتب المخجلة التي يحصل عليها المغرب سنويا بناء على تقارير عدة منها تقرير األمم المتح دة للتنمية البش رية ،تضع بالدنا
()5
في مكان يشعر معه المرء ،إن كانت فيه بقية من ضمير وطني و إنساني بالخزي و العار.
التنمية : و معلوم أن المعايير " :المقاييس" التي تعتمدها هذه المؤسسات الدولية في ت رتيب ال دول حسب
مدى انتشار التعليم و تعميمه ،و مستوى التشغيل و نس بة البطال ة .إذن ،علينا أن نس توعب ال دروس من ه ذه التق ارير و نعيد
النظر في سياساتنا التعليمية إلنتاج أو ص نع إنس ان جديد يفكر و يتطلع و يب دع على أسس قوية و راس خة من العلم و المعرفة
()6
من أجل إدراك أبعاد المستقبل و متطلباته و الثقة في قدراته الذاتية الخالقة المبدعة.
كثرة المذكرات ...و سفينة التعليم تغوص نحو أعماق الجهل و األمية )7(.جراء الضعف الشديد في التعلمات األساسية ،و نتيجة هشاشة البنية التحتية للمؤسسات التعليمية إذ يقر التقرير األخير للمجلس األعلى للتعليم
أن نسبة %80من مدارس الوسط القروي ال تتوفر على مراحيض ،و أن نسبة %75من هذه المدارس ال تتوفر على الماء الصالح للشرب ،و أن نسبة %67كذلك من هذه المدارس غير مرتبطة بش بكة الكهرب اء و
يعترف ذات التقرير بالنقص الحاد المسجل في الموارد البشرية لقطاع التعليم المدرسي ،و الجدول أسفله يوضح ذلك )8(:
3
10 622 2012 – 2011
زيادة على مشكل الخصاص في الموارد البشرية يعاني قطاع التعليم ببالدنا من عدة اختالالت أبرزها :
إذ ال يتعدى عدد المستهدفين من هذا التعليم في الفئة العمرية ( :ما بين 4 :و 5سنوات) نسبة ،%59,7و في العالم
الموسم القروي تتوجه نس بة %80من األطف ال في ه ذه الفئة العمرية إلى الكت اتيب القرآني ة .و إلى ح دود
الدراسي 2007 – 2006 :لم يتوفر المغرب إال على 42ألف حجرة دراسية تستقبل 700ألف طف ل ،بينما تح دد وزارة
التربية الوطنية عدد األطف ال في سن التم درس (من 4إلى 5س نوات) في 1,5ملي ون نس مة ،و هو ما يع ني أن 500ألف
طفل ال يستفيدون من خدمات التعليم األولي.
و على مستوى المناهج الدراسية يغيب التوحيد ،و يقابله تعدد ش ديد كما أن مواص فات الم ربين و المربي ات تختلف و
()9
تتباين حسب طبيعة كل مؤسسة من مؤسسات التعليم األولي.
يتوفر المغرب في التعليم اإلبت دائي على 6950مؤسسة و 13381فرعي ة ،بزي ادة نس بة %12مقارنة مع الموسم
الدراسي 2001 – 2000 :أي موسم :بداية تفعيل بن ود الميث اق الوط ني للتربية و التك وين ،و خالل الف ترة الممت دة من
2000إلى ،2007استفاد العالم القروي من نسبة %81هو مجموع ما شيد من حجرات دراسية.
و حسب المعطيات التي توفرها الوزارة الوص ية ،ف إن التعميم في التعليم اإلبت دائي الزال بعيد المن ال إذ يس جل نس بة
و %94في الفئة العمرية ( :من 6 :إلى 11سنة) ،بينما ال تتجاوز هذه النسبة %92ضمن نفس الفئة بالعالم الق روي،
تصل نسبة اإلنقطاع ...%5,7
يالحظ في هذا الس لك التعليمي الكث ير من اإلختالالت ،ف إذا ك انت الفئة العمرية (من 12إلى 14س نة) ال تش كل فيه
سوى نسبة ،%60فإن التعميم الذي أقر الميثاق الوطني الوصول الزال بعيد المنال ،خصوصا في العالم القروي الذي يعرف
خصاصا كبيرا في تغطية الجماعات بالثانوي ات اإلعدادي ة ،إذ ال تتج اوز نس بة التغطية ،%46أي :طفل من بين طفلين في
الفئة العمرية (من 12إلى 14س نة هو المتم درس) ،و تنض اف معض لة اإلكتظ اظ إلى ه ذه المش اكل ،فحسب إحص ائيات
الوزارة الوصية سنة 2007فإن 1381ثانوية إعدادية غير قادرة على امتصاص األع داد المتزاي دة للتالميذ إذ يس جل به ذا
الس لك أن %20من الفص ول الدراس ية يتج اوز فيها ع دد التالميذ 41تلمي ذا ...و تصل نس بة اإلنقط اع به ذا الس لك إلى
.%13,6
4
يضاف إلى كل ما سبق مشكل النقل المدرسي و الخصاص في الداخليات إذ أن نسبة %25فقط من اإلعداديات تتوفر
على داخليات في العالم القروي ،و ذلك ب الرغم من إح داث 75داخلية خالل الف ترة الممت دة من 2000إلى 2007م ،زي ادة
()10
على معضلة تحمل األسر المعوزة وزر تكاليف التمدرس ...
ارتفع عدد الثانويات بنسبة %27سنة 2007م مقارنة مع سنة 2001م ،و انتقل ع دد التالميذ في الفئة العمرية (من
15إلى 17س نة) من 480ألف إلى 681ألف موسم ،2008 – 2007 :و مع ذلك بقي 1من 5من ه ذه الفئة غ ير
متمدرس في ثانوية تأهيلية بالعالم القروي ،كما أن تغطية هذه المؤسسات بالداخليات تبقى ضعيفة ج دا ( %33س نة )2006
كما سجل ضعف كبير في عدم قدرة هذه المؤسسات على استيعاب األع داد المتزاي دة للتالمي ذ ،إذ أن %15من األقس ام تضم
أك ثر من 41تلمي ذا ،فيما ترتفع نس بة اإلنقط اع إلى درجة مخيفة %13 :كما تس جل أيضا هشاشة بني ات و تجه يزات ه ذه
المؤسسات بسبب غياب الصيانة و الترميم 531 :حجرة دراس ية في وضع م ترد و 24مؤسسة غ ير مرتبطة بش بكة الم اء
الصالح للشرب ،و 12مؤسسة بدون كهرباء و 218مؤسسة بدون ش بكة التطهر الس ائل ،كما تم يزت تجربة خلق المس الك
()11
في األقسام التحضيرية (الثانويات المرجعية) بنقص التجهيزات و غموض معايير الولوج إليها ...
يتكون التعليم الع الي ب المغرب من مؤسس ات التعليم الع الي العم ومي (بنس بة )%80و من مؤسس ات التعليم الع الي
الخصوصي (بنسبة .)%20
المواد : و إلى حدود اليوم و رغم تبني نظام ( )8 – 5 – 3في التعليم العالي (إجازة – ماستر – دكتراه) ،فإن
( 82 – 81سلك جامعي أول) و ( 83سلك جامعي ثان الميتريز) و ( 85سلك الدكتوراه :دبلوم الدراسات العليا المعمقة،
الدكتوراه) من الميثاق لم تغير لحدود الساعة و لم يتقدم أحد فيما وصل إلى علمنا بمشروع تغييره ا !! و ه ذا يع ني أن وزارة
التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين األطر و البحث العلمي ال تلتزم بدعامات الميثاق و مواده!
()12
نس تخلص أن المدرسة المغربية تعيش أزمة بنيوية و هيكلية مما ي دعو الجميع إلى اإلنخ راط الفعلي إليج اد حل ول
مناسبة لهذا القطاع الحيوي الذي تدهورت أوضاعه بشكل كبير إن على مستوى التجه يزات ال تي تع اني من الهشاش ة ،أو من
حيث المن اهج الدراس ية ال تي ال تس اير الت دريس بالبي داغوجيات الحديث ة ،زي ادة على ض عف التك وين و ارتف اع نسب
الهدر المدرسي ...
ف التعليم إذن وجه واحد و ليس الوحيد من أوجه األزمة ال تي نتخبط فيه ا ،و ليس هو المس ؤول عن إغالق المعاهد و
المؤسسات العلمية و إلغ اء ش عب معين ة ،و ال عن التملص الض ريبي و ال عن إفس اد اإلنتخاب ات و ال عن مظ اهر الي أس و
اإلحباط السائدة ،و ال عن تدهور قيمة العلم و أهله و تراجع الطلب اإلجتماعي عليه ،و ال عن تسريح العمال ...و ال عن غير
ذلك من مظ اهر و مالمح التخلف ال تي غرقنا فيها ...فالمدرسة ليست ق ادرة بوح دها على إص الح األوض اع اإلجتماعية
المتردية أو اإلرتق اء ب المجتمع )13(.فكما ق ال المفكر المغ ربي محمد عابد الج ابري " :إن ش عار إدم اج التعليم في محيطه
5
ينطوي على قدر كبير من التضليل ألنه يس كت عما هو أساسي و هو "المحي ط" ذاته :هل هو ق ادر على أن ين دمج التعليم
()14
فيه كما هو الحال في الدول المتقدمة كالواليات المتحدة األمريكية و كندا و غيرهما" ؟
و يبقى أب رز مش كل من مش اكل منظومتنا التعليمية هو إهم ال المدرسة العمومية إلى درجة أن األسر المغربية فق دت
ثقتها فيها و أص بحت تبحث عن الب ديل مهما كلفها األم ر ،إض افة إلى غي اب خريطة مدرس ية مدققة بس بب إنج اح التالميذ
بمع دالت هزيلة من أجل معالجة آفة أخ رى هي " :اله در المدرس ي" ال تي ت رتبت عنها ع واقب وخيمة تتمثل في تك ديس
التالميذ في األقسام (ظاهرة اإلكتظاظ) و إرهاق المدرسين ،مما يحول دون تحقيق المردودية " /الجودة" المتوخاة.
تفعيل آليات الدعم اإلجتماعي :توسيع مبادرة المليون محفظة ،و توسيع برنامج "تيسير" للتحفيز على التمدرس،
و تفعيل برن امج النقل المدرسي ك ذلك ،إض افة إلى توس يع برن امج المط اعم المدرس ية و الرفع من قيمة منحة
الداخلية ...
تأهيل الفضاءات المدرسية و مرافقها مع عقد شراكات مع مؤسسات أخرى و مع بعض جمعيات المجتمع المدني.
تفعيل المقاربة بالكفايات و اإلدماج لإلرتقاء بج ودة التعلم ات األساس ية لكونها ج وهر العملية التعليمية – التعلمية
في المراحل اإللزامية.
التفكير الجدي في مالءمة الكتب المدرسية الحالية "رغم تعدديتها في مستوى واح د" مع بي داغوجيا اإلدم اج في
أفق تغيير البرامج و المناهج.
إنشاء المدارس المندمجة و الجماعاتية /الجماعية لمحاربة الهدر المدرسي.
و تأهيل و ترشيد الموارد البش رية مع تكوينها و إع ادة تكوينه ا ،و اإلس راع لمراجعة مجموعة من مش اكلها
ملفاتها العالقة.
تدبير اإليقاعات المدرسية عن طريق تنظيم و تدبير الحصص اليومية و األسبوعية و الشهرية و الس نوية ألنش طة
التلميذ الفكرية و المهارية و العالئقية ،و ذلك بمراعاة ظروفه الصحية و النفسية.
استكمال تعميم التعليم ،و الحد من استفحال الفوارق المجالية التعليمية وطنيا و جهويا.
التنظيم المحكم للمجال المدرسي و التدبير األمثل للشأن التعليمي ...
و يرى العديد من المهتمين بأوضاع التربية و التعليم ببالدنا أن إصالح هذا القطاع رهين بوض عه في اإلط ار الش امل
لإلصالح الديمقراطي و بإشراك المواطنين بشكل منظم و ديمقراطي حر في اتخاذ جميع القرارات التي تؤثر على مس تقبلهم،
مع تركيز اإلستثمار في الرأسمال البشري (تحقيق تنمية شاملة) ،و عدم تحميل مس ؤولية الفشل و اإلخف اق ال ذي ش هده الحقل
6
التعليمي لرجال و نساء التعليم و كأنهم وح دهم من خطط و فكر و ب رمج و وجه و أدار ...إلى أن وصل التعليم إلى ما وصل
()15
إليه اليوم.
ال أحد ينكر الكثير من الحلول اإليجابية التي جاء بها المخطط اإلستعجالي (إلزامية التعليم – مصاحبة المتف وقين من
التالميذ ما بعد 15سنة – الدعم اإلجتماعي – تأسيس جمعيات دعم مدرسة النجاح "ب الرغم من الض بابية ال تي تلفها من
الناحية القانونية" – تأمين الزمن المدرسي ،)...لكن هناك مجموعة من المالحظات و التساؤالت التي يمكن إبداؤها بش أنه
أهمها :
إتسامه بصفة اإلستعجالية (يمتد على ثالث سنوات ،و يهدف إلى حل إشكاالت تعليمية عويصة .)...
و أي دور للمجتمع المدني و الشركاء اإلجتماعيين و جمعيات اآلباء و األولي اء و ب اقي الجمعي ات التربوية
الجماعات المحلية في أجرأة مضامين هذا البرنامج ؟
لماذا لم يتم اإلشراك الفعلي لجميع الطاقات المؤهلة لتطبيق/تفعيل البرنامج اإلستعجالي بغيرة وطنية و هم تق دمي/
حداثي ،ثم نحاسب المسؤولين ،اعتمادا على المقاربة بالنتائج بدال من وضع العربة أمام الحصان كما يقال ؟
و لماذا ال يتم اعتماد تمفصالت هيكلية بين ما هو مالي/مادي (الميزاني ة ،البناي ات المدرس ية ،المط اعم
الداخليات )...و بين ما هو تربوي /ديداكتيكي (المناهج و البرامج الدراسية) حتى تتمكن اإلدارة التربوية (جهويا
و محليا) من التفرغ إلى ما يخص التربية و التكوين في عالقتها مع تطوير المجتمع ؟
هل تت وفر فعال ال وزارة الوص ية (مركزيا و جهويا و محلي ا) على األطر الكف أة و الكافية و الق ادرة على تنزيل
البرنامج اإلستعجالي ميدانيا بالمواصفات و اإلجراءات المتوخاة ؟
هل نتوفر على مشروع مجتمعي واضح المعالم و محدد المرامي و الغايات تسهيال لمأمورية المدرس ة ،بعي دا عن
تفك ير الطبقة الغنية ال تي ح ولت المؤسسة التعليمية إلى حقل إلع ادة اإلنت اج (على حد ق ول بوردي و) حفاظا على
()16
مصالحها و موقعها.
ما يالحظ ك ذلك من خالل ه ذا اإلص الح (البرن امج) هو كونه فوقيا ال ي راعى فيه دور األس تاذ و التلميذ و المؤسسة
التربوية ،فما معنى أن يتم إنجاز مخطط استعجالي هكذا في غياب توافق تام عليه ؟
ينض اف إلى كل ما ذكر وج ود ف راغ ق انوني فيما يخص إلزامية ت دريس اللغة األمازيغي ة ،ال تي خضع إدماجها في
المدرسة المغربية إلى ن زوات المدرس ين و المفتش ين و الم ديرين و نياب ات التعليم ،في ظل غي اب إرادة مركزية في إدم اج
()17
حقيقي لهذه اللغة من خالل التنصيص القانوني.
من جهة أخ رى هن اك من ي رى أن المخطط اإلس تعجالي س قط في فخ الكث ير من الهف وات ال تي أبعدته عن تحقيق
األه داف ال تي ج اء من أجله ا ،فع وض أن يخ دم مج ال التعليم العم ومي ج اء داعما من حيث ي دري أو ال ي دري للتعليم
7
الخصوصي ( :إمكانية ض ربه للمدرسة العمومية في العمق عن طريق ض رب المجانية و تك افؤ الف رص و تعميم التعليم،
()18
تطويق المدرس بتحويله إلى أداة منفعلة متحكم فيها إداريا).
كما يرى البعض اآلخر أن البرنامج اإلستعجالي المطروح اليوم ين درج ض من مقاربة تقنوقراطية فوقية مما ال يجعلنا
متفائلين في حظوظ نجاحه لطابعه اإلستعجالي ،مع عدم وضع تدبير الشأن التعليمي ضمن منظور وطني متكامل.
كما اعتبر بعض المكونين أن التكوين بمثابة الحلقة المفقودة في إصالح تعليمنا ،لكون البرنامج اإلستعجالي عمل على
وضع استراتيجية إلرساء آليات البحث التربوي من فراغ و خارج مراكز التكوين التي تعت بر حض نها الط بيعي ،فبعد تف ويت
التكوين المستمر ،تستعد الوزارة لتهريب التكوين األساسي بالمراكز إلى الجامعات ،و تكتمل بذلك حلق ات إف راغ المراكز من
()19
كل وظائفها التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية و التكوين كاختيارات استراتيجية في مجال التكوين.
كما جاء في البرنامج اإلستعجالي كذلك أن المدرس عليه أن يكون مدرسا متحركا و متعدد اإلختصاص ،بحيث يدرس
ثالث أو أربع مواد ،فأين الجانب التربوي في هذا المجال ؟ إضافة إلى زيادة ساعات التدريس ،و هذا كله من أجل ربح مليون
و 36ساعة في الس نة ،و ربح 15ألف منصب ش غل و ه ذا معن اه أن اله اجس األس اس للمش روع ليس هو إص الح التربية
منطق ان :منطق الض بط لخدمة المجتمع و التنمية ،بقدر ما هو رؤية يحكمها المنطق المالي ! ألن المش روع يحكمه
اإلداري و منطق مق اوالتي ،و هنا المفارقة فالتربية موض وعها اإلنس ان و التنمية و ليس المقاولة ال تي تص نع الس يارة أو
()20
مساحيق التنظيف!!
.Vاقتراحــــــــات :
المدرسة المغربية يلزمها إص الح في العمق س واء على مس توى الجهة أو على مس تويات أخ رى :أخالقية و معرفية
و سياسية ...فعن دما تبقى ملف ات عالقة و أف واج مكونة و ال ت رقى ،و مدرس ون يحمل ون دبلوم ات و ال تعطى لهم تلك القيمة
الرمزية على األقل ...تصبح المدرسة في ش موليتها عب ارة عن مالجئ لتخ زين التالميذ إلى حين تص ديرهم إلى الش ارع أو
()21
إلى أمام البرلمان!!
و إن اإلصالح الحقيقي يقتضي مراعاة خصوص ية المدرسة المغربي ة ،و مراع اة الخصوص ية المحلية لكل جهة
منطقة ...إصالح التعليم يحتاج إلى أكثر من المذكرات و البرامج اإلستعجالية و ب رامج ال دعم ،إنه يحت اج إلى إرادة سياس ية
قوية و جهود كل مكونات المجتمع.
فمهما بذلت الدولة من مجهودات مادية و مالية و تنظيمية للرقي بمنظومة التربية و التك وين ،و حل المش اكل التربوية
و اإلجتماعية للتالمي ذ ،فإنها لن تحقق أه دافها و نجاعة مخططاتها و مش اريعها دون تحس ين و تح ديث الوض عية المعنوية و
المهنية و المادية و اإلجتماعية لكافة رج ال و نس اء التعليم بإش راكهم في ص ناعة الق رار ال تربوي و استش ارتهم في كل
اإلصالحات و اإلجراءات التربوية التي تهم المدرسة المغربية ،و ذلك لحل و تبديد االحتقان النفسي لدى الش غيلة التعليمية في
عالقتها باإلدارة و الدولة و استرجاع من اخ الثقة و التعبئة و إال س يظل أي إص الح أو إج راء تعليمي فاق دا لحلقته األس اس =
المدرس (ة).
()22
8
و كما يجب أثناء تخطيط بحوثنا الميدانية الخاصة بإصالح التعليم اختي ار المنهجي ات األك ثر تالؤما مع أوض اعنا
أهدافنا و قدراتنا ،فهذه هي الطريقة المثلى للخروج بهذه البحوث من مستوى المعرفة إلى مستوى التطبيق و اإلستنارة في أخذ
()23
القرار.
بعض التجارب الدولية التي أتت أكلها في إصالح تعليمها : .VI
أهم إنه حققت بعض البلدان طفرات في التنمية رغم توفرها على موارد طبيعية لكونها اس تثمرت في ما هو
:العنصر البشري الذي يختزن داخله طاقة (متج ددة) جب ارة ،و ال تي ال يمكن اس تغاللها في اإلتج اه اإليج ابي ،إال من خالل
التربية و التعليم إذ ال يمكن فصل التنمية عن التربية ...فالمدرسة هي ال تي ت وفر الخ دمات البش رية و األطر المؤهلة لقي ادة
البالد و إحداث التغيير و الرفاهية بضمان "الحريات الموضوعية" للفرد أو "الحريات األداتية" كما يسميها الباحث البنغ الي
الح ائز على ج ائزة نوبل "أمارتياص ن" في كتابه " :التنمية حري ة" ،بينما النمو اإلقتص ادي ي وفر اإلمكاني ات المادية
()24
الضرورية لتعميم تعليم جيد.
و التجربة اليابانية في مجال التعليم خير دليل على ما سبق ذكره ،لكونها تجربة رائدة على المستوى العالمي ،إذ يع ود
الفضل في تقدم اليابان إلى عهد اإلمبراطور "ميتسوهيتو" (سنة 1868م :عهد ميجي أي المتنور) حيث رفع ش عار يق ول
()25
( :الحقوا بالغرب و تجاوزوه) و فعال تم تحقيق هذا المبتغى.
أما التجربة الماليزية في ميدان إصالح التعليم فارتكزت على استراتيجية إصالحية تمتد على مدى عش رين عام ا ،و
تنبني باألساس على تأهيل العنصر البشري و تشجيع البحث العلمي ...
و في كوريا الشمالية يعد المعلم بطل العمل ،حيث ارتفعت نس بة الك وريين الش ماليين الق ادرين على الق راءة و الكتابة
من أقل من %50في منتصف األربعيني ات من الق رن الماضي إلى %90في أوائل التس عينيات من ه ،و ذلك بتط بيق
()26
استراتيجية تحسين نوعية التعليم و تقوية أسسه المادية و الفنية.
و بالنسبة لفنلندا فقد أصبحت بلدا ذا اقتصاد معرفي متقدم في ظ رف ثالثة عق ود ،بحيث ك ان أهم أس من أسس نهضة
"لن ننس التعليم بها هو أن تت اح الف رص للجميع في كل مس تويات التعليم و في كل من اطق البالد مع رفع ش عار
طفال ،"! و كانت نتيجة ذلك أن أنهى %99من الفنلنديين التعليم األولي و اإلل زامي ،و أنهى %95منهم التعليم الث انوي ،و
أصبح %90منهم يتوجه إلى التعليم ما بعد الثانوي ( :التعليم الجامعي و المعاهد المهنية المتخصص ة) ،تق ول وزي رة التعليم
و اقتص اد يعتمد بفنلندا "توال هاتانين" في هذا الش أن " :ما ال ذي مكن فنلن دا كدولة ص غيرة من تحقيق أج ور عالية
()27
على الكفاءة العالية ؟ :إنه اإلستثمار في التعليم و التدريب "...
أما النم وذج الفرنسي المحت ذى به عن دنا ،فإنه ي وفر للمنظومة التربوية مختص ين في علم النفس المدرسي يس تفيد من
كفاءاتهم اإلداريون و األساتذة و التالميذ على حد سواء.
()28
9
و تبقى الواليات المتح دة األمريكية و كن دا من أك ثر ال دول إنفاقا على التعليم خاصة في مج ال تش جيع البحث العلمي
و تشجيع هجرة األدمغة.
يقتضي إصالح التعليم ببالدنا إصالح األوضاع اإلجتماعية و اإلقتصادية لمجتمعنا لإلرتق اء به على
جميع األص عدة ،ألن المجتمع المغ ربي ال ديمقراطي الح داثي ال ذي ننش ده جميعا لن يتحقق إال بإرس اء
مواطنة جديدة مبنية على احترام ثوابت و مقدسات البالد ،و مرتك زة على الجهوية الموس عة و مؤسسة
على قاعدة تخليق الحياة العامة ،مع عدم النظر إلى قطاع التعليم كقطاع اجتماعي غير منتج.
و هذا اإلصالح الشامل الم أمول لن يتحقق هو اآلخر إال بضخ الحم اس و تجديد آلي ات التفك ير و
باإلرادة و العزيمة القويتين اللتين توازيان عظمة تاريخ وطننا و ش موخ رجاله و نس ائه و غ نى مكوناته
الثقافية و اإلثنية.
10
الع دد : .1الدكتور :محمد عابد الجابري (أفكار حول إصالح التعليم بالمغرب الراهن ،)2/1جريدة المساء،
.2ذ .يحيى اليحياوي ( :مأساة التعليم بالمغرب) مجلة "الفرقان" (ملف العدد :أزمة منظومة التعليم ب المغرب) الع دد
.3الدكتور محمد بوعزة (استراتيجية إصالح التعليم) ،مجلة علوم التربية ،ملف خ اص " :المخطط اإلس تعجالي للتربية
.4ذ .الحسين األحالفي (المنظومة التربوية ...التخطيط من فوق إلى متى ؟) ،جريدة المس اء ،الع دد ( 936 :الخميس
.6الدكتور أحمد أبو زيد ( :عصر التطلعات) ،مجلة "العربي" ،العدد ( 22 :شتنبر ،)2010ص .34 :
.7ذ .محمد البرك الي ( :غي اب تعميم التعليم إنت اج لألمي ة) جري دة المنعطف (المنعطف ال تربوي) ،الع دد 3612 :
.8ذ .محمد أمش ياع ( :التربية و التك وين بين الوض عية الفعلية و الوض عية المتوخ اة) ،الجري دة األولى ،الع دد 513 :
.9ذ .عبد اللطيف بوجملة ( :المنظومة التربوية من إفالس إلى إفالس ؟ ) ! جريدة المنعطف ،الع دد ( 3762 :الخميس
11
.12ذ .عبد اللطيف بوجملة ،مرجع سابق ،نفس الصفحة.
.13ذ .الزبير مهداد (أزمة تعليم أو أزمة مجتمع ؟) ،مجلة علوم التربية – العدد ( 43 :أبريل )2010ص .55 :
.15الدكتور أحمد رزيق ( :التعليم الذي نريد) مجلة "الفرقان" ،العدد 1429( 61 :هـ 2008 /م) ص .6 :
جري دة .17ذ .محمد بلحاج ( :تدريس األمازيغية بالمغرب واجهة من واجه ات االرتب اك في السياسة التعليمي ة)،
المنعطف ،العدد ( 3762 :الخميس 18رجب 1431هـ 01 /يوليوز )2010ص .6 :
(الخميس .18ذ .عبد النبي مصلوحي ( :التعليم بالمغرب ...بعيون نقابية) ،جريدة المنعطف الع دد 3762 :
الع دد .19ذ .عبد الحفيظ ملوكي (التكوين هو الحلقة المفقودة في إصالح التعليم) الجريدة األولى (ملحق تربية و تعليم)
.20ذ .عالل بلعربي (البرنامج اإلستعجالي إصالح تقني ،و التقني ال يمكنه أن يسير أم ور البالد) الجري دة األولى (ملحق
.21الدكتور محمد صولة (أي إصالح تربوي نريد ؟) الجريدة األولى ،العدد )23/09/2009( 416 :ص .9 :
الع دد .22ذ .محمد الصدوقي (المدرس الحلقة المفقودة في اإلصالح التعليمي) ،جريدة المساء (الملحق ال تربوي)
.23الدكتور عبد الوهاب بوحديبة (مناهج تطور البحث في العلوم اإلجتماعية) مجلة ع الم الفكر – المجلد العش رون – الع دد
دد 3612 : تربوي) الع دة المنعطف (المنعطف ال ة) جري وس (التعليم و التنمي دين عف .24ذ .عز ال
( .25ذ .رش يد جرم وني (تقرير المجلس األعلى للتعليم ب المغرب :ق راءة نقدية مجلة "الفرق ان" الع دد 61 :
الع دد .26عبد الحق لشهب (في كوريا الشمالية :المعلم بطل العمل) جريدة المنعطف (المنعطف التربوي)
( 3647 :األربعاء 02ربيع األول 1431هـ )17/02/2010 /ص .7 :
12
(األربع اء .27ذ .عبد الكريم القيشوري (متى يصبح المدرس في قلب الحدث ؟) الجريدة األولى العدد 561 :
الع دد : .28ذ .محمد بآمحمد (تقرير المجلس األعلى و الخطة اإلستعجالية :مالحظات أولية) جريدة المنعط ف،
13