Professional Documents
Culture Documents
المعـلم الول
المعلم الول
(صلى الله عليه وسلم )
تأليف
فؤاد بن عبدالعزيز الشلهوب
المد ل الذي علم بالقلم ،علم النسان ما ل يعلم ،والصلة والسلم على العلم الول – صلى ال
عليه وعلى آله وصحبه وسلم . -
أما بعد ...هذا كتاب حوى جلة نافعة من أخبار الصطفى صلوات ال وسلمه عليه ،أثناء تعليمه
لمته أمر دينهم وما يستقيم به أمرهم ،ولقد رأيت خلل مارست للتعليم ومطالعت لسنن الصطفى صلوات
ال وسلمه عليه أن هناك كما هائلً من القوال والفعال النبوية تفيد الدرس بالدرجة الول ،فاستعنت بال
ف جع ما ييسره ل الباري جل وعل .
2
المعـلم الول
ف أمر التربية والتعليم ،ولكن حسب ث أنن ل أحط – خلل جعي وبثي – بكل ما ورد عن النب
أن قد جعت ما إذا وقف الناظر عليه رأى ما يبهج قلبه ويكفيه ويشفيه – بإذن ال . -ولقد تطرق بعض
العلماء قديا إل هذا أو قريبا منفه ،كابفن عبفد الب فف جامفع بيان العلم وفضله ،وابفن مفلح فف الداب
الشرع ية ،والغزال ف إحياء علوم الد ين ،وغي هم ولكن هم ل يق صروا كتب هم وبوث هم على أفعال ال نب
وأقواله ف التربية والتعليم بلك كانوا يشدون أقوال الصحابة والتابعي والعلماء الجلء وغيهم ،وهم أيضا
– رح هم ال – كانوا يتو سعون ف ذلك فيدخلون ف كتبهم هذه كل ما يتعلق بالعلم والتعل يم ،ك ما ي تبي
للناظر ف كتبهم .ولعلك بعد أن تطالع كتابنا هذا يتبي لك ما قلناه آنفا .
ويدر بنا الشارة إل أن هناك رسائل وبوثا معاصرة قيمة ومفيدة ،وهي قريبة من هذا السلك الذي
اتذته ف عمل هذه الرسالة .
فعسى ال أن يرزقنا الخلص ف القول والعمل وأن ينفعنا وينفع السلمي به .وال الوفق ،ول حول
لنا ول قوة إل به .وصلى ال وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا .والمد ل رب
العالي .
مدخــل
مهنة التعليم ل تساويها مهنة ف الفضل والرفعة ،ووظيفة العلم من أشرف الوظائف وأعلها .وكلما
كانفت الادة العلميفة أشرف وأنففع ،ارتففع صفاحبها شرفا ورفعفة ً ،وأشرف العلوم على الطلق العلوم
الشرعية ،ث العلوم الخرى كل بسبه .والعلم إذا أخلص عمله ل ،ون بتعليمه نفع الناس ،وتعليمهم الي
ف الديث الصحيح " :إنا العمال بالنيات " .ولعل حديث أب أمامة رضي ال عنه يبي ،لقول النب
" :إن ال وملئكته وأهل السموات والرض حت النملة لنا فضل تعليم الي .يقول :قال رسول ال
ف جحرها وحت الوت ف البحر ليصلون على معلم الناس الي ". 1
ومهمة العلم ل تقتصر على طرح الادة العلمية على طلبه فقط ،بل هي مهمة عسية وشاقة – وهي
ي سية على من ي سرها ل عل يه – ف هي تتطلب من العلم صبا ،وأما نة ،ون صحا ،ورعا ية ل ن ت ته ،ولو
عددنا ما الذي ينبغي توفره ف العلم لطال بنا القام . 2وقبل أن ندخل ف فصول هذا الكتاب أحب أن أنوه إل
وأقواله ،م ستندا ل ف ا ستنباط م سألة تو ضح مق صود هذا الكتاب ،و هو أن ن جعلت من أفعال ال نب
أ سوة ح سنة ( ل قد كان ل كم ف صفات العلم ،وطرق التدر يس الختل فة ،وذلك لن ل نا ف ر سول ال
-العلم الول الذي علم ور ب صحابته فكانوا خ ي طلب ل ي ر سول ال أ سوة ح سنة ) ، 3ول نه -
معلم .
( كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلوا عليكم إياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والكمة ويعلمكم
ما ل تكونوا تعلمون ). 4
ولعلك ب عد تطالع كتاب نا هذا يت ب لك أن ما ادعاه منظروا الترب ية والتعل يم من إحداث طرق وأ ساليب
سبقهم متنو عة ،ف الترب ية والتعل يم ل يس ب ستقيم ل م ول م سلم به على كل حال ،بل إن العلم الول
بذلك بأربعة عشر قرنا .وال الوفق .
رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ( .المختصر ص . )42 1
القسم الول
] [ 1إخلص العلم ل
أمر عظيم غفل عنه كثي من العلمي والربي ،أل وهو تأسيس وغرس مبدأ إخلص العلم والعمل ل .
وهو أمر ل يفطن له لبعد فئام من الناس عن النهج الربان .ولعمر ال كم من علوم مفيدة وأعمال جليلة للمة
،ل يستفد أصحابا منها شيئا وذهبت أدراج الرياح وكانت هبا ًء منثورا .وذلك لن أصحابا ل يلصوا ف
علوم هم وأعمال م ،ول يعلو ها ف سبيل ال ،ول ي كن ه هم ن فع إخوان م ال سلمي بذه العلوم والعارف
والعمال ،إنا كانت أغراضهم نيل منصب أو جاه ونو ذلك ،ولذلك استحقت أن تكون هباءً منثورا ،أي
نعم قد ينتفع أولئك بعلومهم ومعارفهم ف الدنيا ،من مدح وثناء ونو ذلك ولكن ذلك عاقبته إل زوال ولعل
الديث الذي رواه أبو هريرة يسد ذلك العن :
" ..ورجـل تعلم العلم ، -1عفن أب هريرة – رضفي ال عنفه – قال :قال النفب
وقرأ القرآن ،فأت به ،فعرفه نعمه ،فعرفها فقال :ما عملت فيها ،قال تعلمت
العلم وعلم ته وقرأت ف يك القرآن ،قال كذ بت ،وك نك تعل مت العلم ليقال :
عال ،وقرأت القرآن ليقال قارئ ف قد ق يل ،ث أ مر به ف سحب على وج هه ح ت
ألقي ف النار ..الديث " . 1ولذا كان حري بالربي والعلمي أن يغرسوا ف نفوس
ناشئتهم إخلص العلم والعمل ل ،وابتغاء الجر والثواب من ال ،ث إن حصل بعد
ذلك مدح وثناء من الناس فذلك فضل من ال ونعمة والمد ل .قال ابن رجب :
فأمفا إذا عمفل العمفل ل خالصفا ،ثف ألقفى ال له الثناء السفن فف قلوب الؤمنيف
بذلك ،ففرح بف ضل ال ورحته ،واستبشر بذلك ،ل يضره ذلك .و ف هذا العن
أنه سئل عن الرجل يعمل العمل ل من الي يمده جاء حديث أب ذر ،عن النب
الناس عليه فقال " :تلك عاجل بشرى الؤمن " أخرجه مسلم .أهف .ومدار ذلك
كله على النية ،والنية ملها الصدور وال سبحانه وتعال ل تفى عليه خافية ( قل
إن تفوا ما ف صدوركم أو تبدوه يعلمه ال ) 2فمن كانت نيته ل خالصة فليبشر
بقبلو عمله ،وأجر من ال ومئوبة .
قول " إنا العمال -2عن عمر بن الطاب رضي ال عنه قال :سعت رسول ال
بالنيات ،وإن ا ل كل امرئ ما نوى ،ف من كا نت هجر ته إل ال ور سوله فهجر ته
أخرجه مسلم في كتاب المارة ،والنسائي في الجهاد ،وأحمد في باقي مسند المكثرين ،والترمذي في الزهد . 1
إل ال ورسوله ،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ،فهجرته إل
1
ما هاجر إليه "
الخلصة :
العلم أن يغرس ف نفوس طلبه حقيقة الخلص . ()1
وعلى العلم استصحاب تلك القيقة ف بدايات العمال ،والتذكي با دائما . ()2
⊥⊥ ⊥
] [2صدق العلم
إن الصدق تاج على رأس العلم ،إذا فقده فقد ثقة الناس بعلمه ،وبا يليه عليهم من معلومات .لن
الطالب ف الغالب يتقبل من معلمه كل ما يقوله ،فإذا بان للطلب كذب معلمهم ف بعض المور ،فإن ذلك
ينعكس عليه مباشرة ،ويؤدي إل سقوطه من أعي طلبه .
والصدق منجاة للعبد ف الدنيا والخرة ،وقد أثن ال على الصادقي ،ورغب الؤمني أن يكونوا من
أهله بقوله ( :يأيهـا الذيـن أمنوا اتقوا ال وكونوا مـع الصـادقي ) ، 2وأرشفد العلم الول إل أن الصفدق
يهدي إل النة بقوله :
( -1إن ال صدق يهدي إل الب ،وإن الب يهدي إل ال نة ،وإن الر جل لي صدق ويت حى ال صدق ح ت
يكتـب عنـد ال صـديقا ،وإن الكذب يهدي إل الفجور ،وإن الفجور يهدي إل النار ،وإن الرجـل
كان ليكذب ويتحرى الكذب ح ت يك تب ع ند ال كذابا ) 3وع ند تأ مل ال سية النبو ية ،ن د أن نبيكم
يسمى بالصادق المي ،ول يعهد منه كفار مكة كذبة واحدة .ولا بعث وظهر أمره ،عاداه سادات قريش
وأعيانم ،ل لكذبه عليهم ،ولكن استكبارا وتبا ،وخوفا من سقوط هيبتهم وجاههم ومقامهم بي القبائل
بالصدق أثرا كبيا ف دخول كثي من الناس ،وقد صرح بقيقة ذلك بعض أعيانم .ولقد كان ل تصافه
لول وهلة قال :لا رأيت وجهه عرفت أن ف دين ال ،ورحم ال ذلك الصحاب 4الذي عندما رأى النب
وجهه ليس بوجه كذاب !!
هو عبد ال بن سلم رواه الترمذي في كتاب صفة القيامة /والدارمي في كتاب الصلة . 4
7
المعـلم الول
5و صدق العلم يد عو التعلم إل الث قة به وب ا يقول ،ويك سبه احترام العلم ي ،وير فع من شأ نه ف عمله ،
ويتم ثل صدق العلم ف م ستلزمات ال سئولية اللقاة على عات قه ،وال ت من ها ن قل العر فة ب ا في ها من حقائق
ومعلومات للجيال ،فإن ل يكفن العلم متحليا بالصفدق فإنفه سفينقل لمف علما ناقصفا ومبتورا ،وحقائق
ومعلومات مغايرة للصورة الت يب أن ينقلها ،وإذا تعود التلميذ على قبول هذا السلوك السيء من العلم فإنه
ربا يستحسن هذا العمل حت يصبح ملزما له ،وهو أمر خطي على الجتمع أ هف .
وإل يك أي ها العلم مثا ًل يبي أ ثر الكذب على الطلب .يقول الش يخ ممد ج يل زي نو :حدث أن سأل أ حد
الطلب معلمه مستنكرا تدخي أحد العلمي ،فأجاب العلم مدافعا عن زميله ،بأن سبب تدخينه هو نصيحة
ال طبيب له ،وح ي خرج التلم يذ من ال صف قال :إن العلم يكذب علي نا ( .قال م مد ج يل ) وحبذا لو
صدق العلم ف إجابته ،وبي خطأ زميله ،بأن التدخي حرام ،لنه مضر بالسم ،مؤذ للجار ،متلف للمال
،فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلب وحبهم ،ويستطيع أن يقول هذا العلم إل طلبه :إن هذا العلم فرد من
الناس تري عليه العراض البشرية ،فهو يصيب ويطئ .2 ..
الخلصة :
الصدق ناة للمعلم ف الدنيا والخرة . ()1
()2الكذب على الطلب ،عائق عن التلقي ،وفاقد للثقة .
()3الكذب أثره يتعدى إل الجتمع ،ول يقتصر على منتحله .
⊥⊥ ⊥
] [3مطابقة القول العمل
قال تعال (:يأيها الذين أمنوا ل تقولون ما ل تفعلون ،كب مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون ) .3
أي :ل تقولون الي ،وتثون عليه ،وربا تدحتم به ،وأنتم ل تفعلونه .وتنهون عن الشر ،وربا نزهتم
أنفسكم عنه ،وأنتم متلوثن متصفون به .فهل تليق بالؤمني ،هذه الالة الذميمة ؟ أم من أكب القت عند ال
،أن يقول العبد ما ل يفعل ؟ .ولذا ينبغي للمر بالي أن يكون أول الناس مبادرة إليه ،والناهي عن الشر ،
أن يكون أبعفد الناس عنفه ،قال تعال ( :أتأمرون الناس بالب وتنسـون أنفسـكم وأنتـم تتلون الكتاب أفل
تعقلون ) .وقال شعيب عليه السلم ( :وما أريد أن أخالفكم إل ما أناكم عنه ) أهـ. 4
كان يأ مر الناس بال ي و هو أول من يأت يه ،وكان ينها هم عن ال شر و هو أول من يتن به ور سولنا
ويبتعد عنه ،وهذا من كمال خلقه عليه الصلة والسلم ،ول عجب فقد كان خلقه القرآن .ومطاقة القول
من هنا يبدأ النقل من كتاب إعداد المعلم /د .عبد ال عبد الحميد محمود . 157 ، 156 . 5
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان .للشيخ عبد الرحمن بن سعدي (. ) 366 ،7/365 4
8
المعـلم الول
الع مل ،أ سرع ف ال ستجابة من مرد القول بفرده ،ي تبي ل نا ذلك من خلل عرض هذا الدث الذي و قع
،وال سلمي م عه ف ق صة الديب ية .فعند ما صال الشركون ال سلمي على شروط معي نة ومن ها أن لل نب
يرجع السلمون من عامهم هذا عن مكة ويجوا ف عامهم القبل .قال ابن القيم :
" :قوموا فانروا ،ث احلقوا " فوال ما قام منهم 1فلما فرغ من قضية الكتاب ،قال رسول ال
رجل واحد حت قال ذلك ثلث مرات ،فلما ل يقم منهم أحد ، 2دخل على أم سلمة ،فذكر لا ما لقي
م نه الناس ،فقالت أم سلمة :يا ر سول ال :أت ب ذلك ؟ اخرج ث ل تكلم أحدا من هم كل مة ح ت تن حر
بدنك ،وتدعو حالقك فيحلقك ،فقام ،فخرج ،فلم يكلم أحدا منهم حت فعل ذلك :نر بدنه ،ودعا
حالقه فحلقه ،فلما رأى الناس ذلك ،قاموا فنحروا ،وجعل بعضهم يلق بعضا .
البته ،وقد تكلم ابن القيم في زاد المعاد ( )3/307،308على سبب تأخر الصحابة ل ينبغي لحد أن يتأخر عن امتثال أمر رسول ال 2
رضوان ال عليهم ،عن امتثال أمر النبي في حادثة الحديبية ،فراجعه إن شئت ففيه فوائد .
يخبرني طالب في إحدى المدارس المتوسطة :أن لديهم مدرس لمادة الدين ،وهو يتصف بثلث خصال مذمومة ،الولى :حليق ، 3
والثانية :مسبل ،والثالثة :يتعاطى الدخان !! قلت :إنا ل وإنا إليه راجعون ،أي علم يؤخذ عن هذا !!
إحياء علوم الدين )1/97( .ط .دار الحديث . 4
9
المعـلم الول
فيقولون لول أنه أطيب الشياء وألذها لا كان يستأثر به .ومثل العلم الرشد من السترشدين مثل النقش من
الطي والظل من العود فكيف ينتقش الطي با ل نقش فيه ومت استوى الظل والعود أعوج ؟
10
المعـلم الول
ـــــُ
ـــــَ عظيمـ
ـــــك إذا فعلتـ
عارٌ عليـ
ـــا
ـــن غيهـ
ـــا عـ
ـــك فانههـ
وابدأ بنفسـ
ـــــُ
ـــــع التعليمـ
ـــــك وينفـ
بالقول منـ
ـــقيمُ
ـــت سـ
ـــه وأنـ
ـــح بـ
ـــا يصـ
كيمـ
مختصر جامع بيان العلم وفضله .لبن عبد البر .اختصره الشيخ أحمد بن عمر المحمصاني البيروتي .ص . 167 1
11
المعـلم الول
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان ) 4/232 ( .بتصرف يسير . 5
؟ فكلمه أسامة ،فقال :رسول ال " أشفع ف حد من ومن يترئ عليه إل أسامة بن زيد ،حب رسول ال
حدود ال ؟ " ث قام فاختطب ،ث قال " :إنا أهلك الذين قبلكم أنم كانوا ،إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،
وإذا سرق في هم الضع يف أقاموا عل يه ال د ،وا ي وال ! لو أن فاط مة ب نت م مد سرقت لقط عت يد ها " 1ال
أكب ! انظر إل من بلغ الذروة ف تقيق العدالة (لو أن فاطمة بنت ممد سرقت لقطعت يدها ) وحاشاها أن تفعل
ذلك
-2عن النعمان بن بش ي قال :تصدق على أ ب ببعض ماله .فقالت أمي عمرة ب نت رواحة :ل أرضى ح ت
" :أفعلت هذا ليشهده على صفدقت .فقال له رسفول ال فانطلق أبف إل النفب تشهفد رسفول ال
بولدكم كلهم ؟ " قال :ل .قال ":اتقوا ال واعدلوا ف أولدكم " .فرجع أب فرد تلك الصدقة . 2وجاء ف
رواية أخرى " :فل تشهدن إذا .فإن ل أشهد على جور " .3
والعلمون ،يتعرضون لوا قف كثية من ق بل طلب م ،سواء ف توز يع الهام والواجبات إن كا نت هناك
أعمال تتاج إل مشاركات جاعيفة أو تفضيفل بعضهفم دون بعفض ونوف ذلك .ويتأكفد العدل عنفد وضفع
العلمات ور صد الدرجات ،فل مال لحاباة أ حد ،أو تفض يل أ حد على أ حد سواء لقراب ته أو معرف ته أو لي
أمر كان ،فإن هذا من الظلم الذي ل يرضاه ال وصاحبه متوعد بالعقوبة .
إن اختلل هذا اليزان عند العلم ،أي وجود التميز بي الطلب ،كفيل بان يلق التوتر وعدم النسجام
والعداوة والبغضاء بي الطلب ،وكفيل بأن يعل هناك هوة واسعة بي العلم وطلبه الخرين الذين بي طلبه
لكي يشيع الخاء والحبة بينهم .
أي ها العلم :إن كا نت لك عل قة قر ب أو صداقة مع أ حد طل بك ،فلت كن بعيدة عن م سمع ومرأى
الطلب الخرين .
روى عن ماهد قال ( :العلم إذا ل يعدل كتب من الظلمة ) ...
ويروى عفن ال سن البصفري قوله ( :إذا قوطـع العلم على الجـر فلم يعدل بينهـم – أي الطلب –
كتب من الظلمة ). 4
الخلصة :
()1عظم شأن العدل ،حيث أمر ال به وأوجبه مع القريب والبعيد ،ومع العدو أيضا
()2أهية تقيق العدل والساواة بي الطلب ،لا فيه من إشاعة الحبة والودة بينهم .
رواه البخاري في كتاب الهبة /ومسلم في كتاب الهبات .واللفظ له /وأحمد في مسند الكوفيين والنسائي في النحل /وأبو داود في 2
النقل من كتاب إعداد المعلم .د /عبد ال عبد الحميد محمود .ص . 238 4
13
المعـلم الول
رواه البخاري في البيوع ،وتفسير القرآن /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة . 4
14
المعـلم الول
خلق عظ يم ) وكا نت عائشة أم الؤمني رضي ال عنها تقول ( :كان خلقه القرآن ) . 1وتعال مع نا لنرى
ذلك الوقف الذي يرويه أنس بن مالك :
،وعل يه برد نرا ن غل يظ الاش ية ،فأد كه أعرا ب فجبذه بردائه جبذة -2قال ( :ك نت أم شي مع ال نب
شديدة ،حت نظرت إل صفحة عاتق رسول ال قد أثرت با حاشية البد من شدة جبذته ،قال :ياممد ،
ث ضحك ث أمر له بعطاء ). 2 مر ل من مال ال الذي عندك ،فالتفت رسول ال
،كان ف مقدوره أن يؤدب ذلك العرا ب على صنيعه ، ما أع ظم ذلك اللق الرف يع الذي امتاز به ال نب
،كيف يفعل ذلك وهو الذي قال : ولكن ل تكن تلك من شيم ول أخلق العلم الول
( من ك ظم غيظا و هو يقدر أن ينفذه دعاه ال على رءوس اللئق يوم القيا مة ،ح ت ييه ف أي الور
العي شاء ). 3
،ف التحلي بالخلق الفاضلة والدب الرفيع ، والربون والعلمون حري بم أن يترسوا خطى العلم الول
وهي من أنع الوسائل ف التعليم والتربية ،حيث إن الطالب ف الغالب يتأثر وتلق بأخلق معلمه ويتقبل منه
أكثر من غيه ،فإذا كان العلم يتحلى بأخلق حيدة أثر ذلك على طلبه إيابا ،وعملت ف نفوسهم ما ل
" مامن شيء ف اليزان أثقل من حسن اللق تعمله عشرات النصائح والدروس ،ومن هنا نفهم سر قوله
" 4وقوله " :إن الر جل ليدرك ب سن خل قه درجات قائم الل يل ،و صائم النهار " 5لن ح سن اللق سجية
تعمل عمل السحر ف أسر القلوب ،واستمالة النفوس ،وإشاعة الحبة بي أفراد الجتمع .والعلمون هم أول
الناس بذلك ! .
الخلصة :
()1الخلق صفة حيدة ينبغي للمعلم أن يتحلى با ،ويث طلبه على التخلق با .
()2الكل مة الطي بة ،والبشا شة وطل قة الو جه ،من ال سباب ال ت تز يل الا جز النف سي ب ي العلم
وتلميذه .
()3اللم والناة ،وانشراح صدر الرب ،ف مقابل جهل الطالب .
⊥⊥ ⊥
رواه أحمد وابن ماجه ،والترمذي وقال هذا حديث غريب ،وأبو داود برقم ( )4777-3997وقال اللباني :حسن . 3
أخرجه أبو داود ،وأحمد ،وصححه ابن حبان ،ورواه الترمذي وقال :هذا حديث غريب من هذا الوجه .قال اللباني إسناده صحيح 4
] [6تواضع العلم
التوا ضع خلق ح يد ،يض في على صاحبة إجل ًل ومها بة ،و من ظن أن التوا ضع خلق مرذول ينب غي
تنبه وترك التخلق به فقد أخطأ وأبعد النجعة ،وحسبك بإمام التقياء مثلً - - 1والتواضع وإن كان من
لوازمه الذل ،فهو إن كان ف جانب ال فما ألذه من ذل وما أطيبه ،لن العبود ية ل تتحقق ول تكمل إل
بالذل ل والنكسار بي يديه ،وأما الذل الذي يكون ف جانب الخلوقي فهو ف حق الؤمني خاصة ،قال
تعال ( :أذلة على الؤمن ي أعزة على الكافر ين ) 2ف هم للمؤمن ي أذلة ،من مبت هم ل م ،ون صحهم ل م ،
3
ولينهم ،ورفهم ،ورأفتهم ،ورحتهم بم وسهولة جانبهم ،وقرب الشيء الذي يطلب منهم ..
والعلم ف أمس الاجة إل التخلق بذا اللق العظيم ،لا فيه من تقيق القتداء بسيد الرسلي ،ولا فيه من
نفع عظيم للمتعلمي .
(و) إذا كان الن سان ال سلم يتاج إل التوا ضع للنجاح ف علق ته مع ال ث مع الجت مع فإن حا جة
العلم إل التوا ضع أ شد وأقوى ،لن عمله العل مي والتعلي مي والتوجي هي يقت ضي الت صال بالتعلم ي والقرب
من هم ح ت ل يدوا حرجا ف سؤاله ومناقش ته والبوح له ب ا ف نفو سهم ،لن النفوس ل ت ستريح لت كب أو
4
متجب أو مغتر بعمله .أهف
: وإليك بعض المثلة من تواضعه
" :إن ال أوحى إل أن تواضعوا حت ل يفخر أحد على أحد ،ول يبغي أحد على -1قال رسول ال
أحد ". 5
،فتنطلق به حيث شاءت -2وعن أنس رضي ال عنه قال :إن المة من أماء الدينة لتأخذ بيد النب
6
.
قال " :ما بعث ال نبيا إل رعى الغنم " قال أصحابه : -3وعن أب هريرة رضي ال عنه ،عن النب
وأنت ؟ فقال " :نعم كنت أرعاها على قراريط لهل مكة ". 7
تيسير الكريم الرحمن بتفسير كلم المنان .عبد الرحمن السعدي (. )2/308 3
إعداد المعلم .د /عبد ال عبد الحميد محمود .ص .181 4
رواه مسلم ،في كتاب الجنة وصفة نعيمها /وأبو داود في الدب /وابن ماجه في الزهد .. 5
رواه البخاري .تعليقا وقد وصله أحمد ( )214 ، 3/119وأبو داود ( )4818من هذا الوجه ..ذكر ذلك اللباني في حاشيته على الشمائل 6
المحمدية ص . 176
رواه البخاري . 7
16
المعـلم الول
قال :لو دعيت إل كراع أو ذراع لجبت ،ولو أهدي إل ذراع أو كراع لقبلت ". 8 -4وعنه عن النب
رواه البخاري .والكراع :من الدابة ما بين الركبتين إلى الساق ( نقلً من رياض الصالحين .ط.دار عالم الكتب ص . )228 8
عزاه محقق البداية والنهاية إلى دلئل البيهقي ،انظر البداية والنهاية (ج )533-4دار احياء التراث العربي ط 1408هـ وهو عند ابن 2
()3بقدار ما يكون الطالب قريبا من معلمه ،يتحصل الطالب على العلم بشكل أفضل ،والتواضع
يققه .
⊥⊥ ⊥
] [7شجاعة العلم
ل عن العلم ! قد ي ستغرب الكثيون هذا العنوان ،و قد يقول قائل :ما د خل الشجا عة بالتعل يم ،فض ً
نقول :الشجا عة ال ت نر مي إلي ها ،هي الشجا عة الدب ية ك ما يلو للكثي ين أن ي سميها بذا ال سم ،ول
مشاحة ف الصطلح ،فأما الشجا عة الت يذهب الذ هن إليها عندما نسمع هذه الكلمة لول وهلة ،فلقد
كان نبيكم صلوات ال وسلمه عليه ،أشجع الناس ،حت إن بعض الصحابة رضوان ال عليهم كانوا يتمون
ويلوذون به إذا اشتدت ر حى الرب لشجاع ته عل يه ال صلة وال سلم . 1وأ ما الشجا عة الق صودة ه نا ،ف هي
شجاعة الكلمة ،والعتراف بالطأ والقصور البشري ،وهذا ل يكاد يسلم منه أحد ،أما التدليس ،والب ،
والراوغة فليست أمرا ممودا ،ويسن بالعلم أن ينأى عنه .ولعل الصورة تتضح بعد تأمل المثلة .
الدينة ،وهم يأبرون النخل .يقولون يلقحون النخل .فقال -1عن أب رافع بن خديج قال :قدم النب
2
( :ما تصنعون ؟ ) قالوا :كنا نصنعه .قال ( :لعلكم لو ل تفعلوا كان خيا لكم ) فتركوه .فنفضت
أو فنقصت .قال فذكروا ذلك له فقال " :إن ا أ نا ب شر إذا أمرت كم بشيء من دين كم فخذوا به .وإذا
أمر تك بش يء من رأي .فإن ا أ نا ب شر " و ف ب عض الروايات قال " :أن تم أعلم بأمور دنيا كم " . 3من
،وأنه يضع للحوال الت تعتري البشر من النسيان والطأ وغي سياق الديث يتضح لنا بشرية النب
ذلك .أما ف مقام التشريع فل يوز عليه ذلك ،نعم قد يصل منه نسيانا ف مقام التشريع لكي يشرع
لل مة ،ك ما سلم من ركعت ي ف صلة رباع ية ،فل ما أ خب بذلك قام وأ تى بالبا قي و سجد سجدتي
بي أنه بشر وأن رأيه ف المور الدنيوية للسهو ،ومل بسط ذلك ف كتب الصول .الاصل أن النب
ال ت ل يس في ها تشر يع قد ي صيب و قد ي طئ .قال النووي ( :قوله ) ( :أن تم أعلم بأمور دنيا كم ) قال
ورآه من رأ يي أي ف أ مر الدن يا ومعايش ها ل على التشر يع .فأ ما ما قاله باجتهاده العلماء :قوله
شرعا ي ب الع مل به ول يس من أبار الن خل من هذا النوع بل من النوع الذكور قبله 4..ولو أن نا أعد نا
روى المام أحمد في مسنده ،في مسند العشرة المبشرين بالجنة ،عن على رضي ال عنه قال :كنا إذا احمر البأس ولقى القوم القوم 1
فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . اتقينا برسول ال
،إذا كان من باب التشريع ،أو من باب ل في بيان التفريق بين قوله
المصدر السابق .وتلحظ أننا خرجنا عن مسارنا وتوسعنا قلي ً 4
الرأي في المور الدنيوية ،وذلك للحاجة إلى معرفته ،وحتى ل يحصل الخلط فيه . .
18
المعـلم الول
،حاول أن يد لنفسه العذر عندما رأى النظر إل سياق الديث مرة أخرى ،فإننا ل ند فيه أن النب
هذا الرأي – وحاشاه ذلك – بل اعترف ببشريته ،وأن هذه الحكام ترى على البشر .وتعالوا بنا لننظر
لنرى كيف ترسوا خطى نبيهم عليه أفضل الصلة والتسليم فمن ذلك : إل صحابة رسول ال
ث قال :أيها الناس ما إكثركم ف -2ما رواه مسروق قال :ركب عمر بن الطاب منب رسول ال
وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم .فما دون ذلك . صدق النساء وقد كان رسول ال
ولو كان الكثار ف ذلك تقوى ع ند ال أو كرا مة ل ت سبقوهم إلي ها .فلعر فن ما زاد ر جل ف صداق
امرأة على أربعمائة درهم .قال :ث نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت :يا أمي الؤمني نيت الناس أن
يزيدوا ف م هر الن ساء على أربعمائة در هم ،قال :ن عم فقالت أ ما سعت ال يقول ( :وءاتي تم إحدا هن
قنطارا ) ال ية قال :فقال الل هم غفرا ،كل الناس أف قه من ع مر .ث ر جع فر كب ال نب فقال :أي ها
الناس إن كنت نيتكم أن تزيدوا النساء ف صدقاتن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله
ما أحب. 1
-3عن ممد بن كعب القرظي قال :سأل رجل عليا بن أب طالب عن مسألة فقال فيها ،فقال الرجل :
ليس كذلك يا أمي الؤمني ،ولكن كذا كذا ،فقال علي رضي ال عنه :أصبت وأخطأت وفوق كل
،يضربون أروع المثلة ف الشجاعة ،والنصاف ،ولو ذي علم عليم 2ال أكب انظر إل تلمذة ممد
كان على ح ساب الن فس ،وهذا وال ليز يد الرء عزا ورف عة ،ول ين قص من قدره شيئا ،و من ظن غ ي
ذلك ف قد حاد عن جادة ال صواب .والعلم ب كم وظيف ته وبشري ته ،معرض ل ثل هذه الوا قف ،ف يا ترى
ماذا يقول العلم إذا أخطأ ف مسألة ما وعارضه با أحد طلبه ،ث بان له الصواب ،فهل يبادر إل شكر
الطالب والعتراف بالطأ ؟ أم أنه يراوغ ،ويقلب الكلم بعضه على بعض ،حت يبهن لم صحة قوله ؟
أترك لك الواب !
3
يقول ابن عبد الب :من بركة العلم وآدابه النصاف فيه ،ومن ل ينصف ل يفهم ،ول يفهم .
الخلصة :
()4إتصاف العلم بالشجاعة ،مطلب لكل معلم .
()5العتراف بالطأ ،ليس فيه تنقيص لصاحب الطأ ،بل هو رفعه له ،ودليل على شجاعته .
()6العتراف بالطأ معناه إصلح الطأ ،وعكسه الستمرار عليه والعناد فيه .
⊥⊥ ⊥
ساقه الحافظ ابن كثير في تفسيره من طريق أبي يعلى بسنده ثم قال ابن كثير في آخره .قال أبو يعلى :وأظنه قال :فمن طابت نفسه 1
فليفعل إسناده جيد قوي ( .تفسير ابن كثير .الية 20من سورة النساء ) .
مختصر جامع بيان العلم وفضله .لبن عبد البر ( ص . )120 2
ف مداعبته لهله ،ومزاحه مع أصحابه ،وسوف نتخي منها – إن ولقد وردت أخبار عن النب
شاء ال – ما يكفي ويشفي :
-1عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال :قالوا :يا ر سول ال ! إ نك تداعب نا .قال " :ن عم ،غ ي أ ن ل
أقول إل حقا ". 4
هدية من البادية ل من أهل البادية كان اسه زاهرا وكان يهدي إل النب
-2وعن أنس بن مالك أن رج ً
يبه " :إن زاهرا باديتنا ونن حاضروه " .وكان إذا أراد أن يرج ،فقال النب ،فيجهزه النب
قطوف من الشمائل المحمدية .ص ( 93قال محمد جميل زينو :ذكره الزغبي محقق الشمائل المحمدية ) . 1
تحفة الحوذي بشرح جامع الترمذي .للمباركفوري .باب البر والصلة .رقم . 56 2
و هو يبيع متا عه ،فاحتض نه من خل فه و هو ل يب صره ،فقال :من ،وكان رجلً دميما فأتاه ال نب
حي عرفه ،فجعل فجعل ل يألو ما ألصق ظهره بصدر النب هذا ؟ أرسلن .فالتفت ،فعرف النب
": يقول " :من يشتري هذا العبد ؟ " فقال :يا رسول ال إذا تدن كاسدا .فقال النب النب
لكن عند ال لست بكاسد " أو قال " :أنت عند ال غال ". 1
فقال " :إن حاملك على ولد ناقة " ! فقال : -3وعن أنس بن مالك أن رجلً استحمل 2رسول ال
" :وهل تلد البل إل النوق ؟ ". 3 يارسول ال ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال
الخلصة :
()1الثر الياب الذي يدثه الزاح ف تلطيف جو الدراسة ،وقطع اللل الذي يعتري الطلب .
()2مراعاة عدم الكثار منه ،كي ل يرج الدرس عن مساره ,وتضيع الفائدة الرجوة منه .
()3الكثار من الزاح ،يزيل اليبة والوقار .
()4الزاح ل يكون إل حقا أي صدقا
()5عدم إيذاء أو إهانة أحد التلميذ بالزاح .
⊥⊥ ⊥
] [9الصب واحتمال الغضب :
ال صب ل غة بع ن ال نع والب س ، 4و هي منلة رفي عة ل ينال ا إل ذوو ال مم العال ية ،والنفوس الزك ية .
والغ ضب هو ثورة ف الن فس ،يف قد في ها الغا ضب اتزا نه ،وتنقلب الواز ين عنده ،فل يكاد ي يز ب ي ال ق
،فإنه ل والباطل ،وهي خصلة غي ممودة ،إل ما كان منها غضبا ل ،وهو ما كان يتصف به الرسول
يكن يغضب لنفسه ول ينتصر لا قط ،إنا كان يغضب إذا انتهكت حرمات ال .
وو جه تعلق ذلك بالتعل يم :أن العلم يتعا مل مع أفراد يتلفون ف الطباع ،والفكار ،فمن هم ال يد ،
ومنهم الضعيف ،هذا بالضافة إل انشغال العلم بعمليات التحضي ،والتصحيح ،والتدريس التواصل أغلب
فترات اليوم الدراسي ،مع ما يتبع ذلك من تمل لشاكل الطلب التكررة ،إل غي ذلك من الهام النوطة
بالعلم .فكل المور السالفة الذكر وغيها ،تستلزم من العلم صبا وتملً ،وهذا الصب ليس سهل النال ،
بل إنه يتاج إل طول مارسة من العلم حت يعتاد ذلك ويألفه .وفقدان الصب يوقع العلم ف حرج شديد ،
خصفوصا إذا كان ذلك أثناء مارسفته للتعليفم ،فإن العلم يواجفه عقليات متفاوتفة فف الدراك والتصفور ،
والستجابة ،إل غي ذلك .فقد يظل العلم يلقي درسه لدة ساعة متواصلة ،ث يفاجأ بقول أحد طلبه بأنه ل
يف هم هذا الدرس كله ،أو قد يتعرض العلم إل أ سئلة تاف هة أو ف غ ي مل ها ،أو قد يفا جأ العلم أثناء إلقائه
بأن أحد طلبه نائم أو يبتسم ..ال .بل إن من أشدها وقعا وأثرا على العلم وهو ما إذا تعرض العلم لكلمة
نابية من أحد طلبه ،وليس ذلك بستغرب لختلفهم ف الطباع ،والدراك ونو ذلك .
إن احتواء الغ ضب وال سيطرة عل يه ،عل مة قوة للمعلم ،ولي ست عل مة ض عف ،خ صوصا إذا كان
بقوله " :ليس الشديد بالصرعة ، 1إنا الشديد ذلك العلم قادرا على إنفاذ ما يريد ،أخب بذلك الرسول
وقوله فإ نه – بأ ب وأ مي – كان أملك الناس الذي يلك نف سه ع ند الغضب " 2وي سد ذلك ف عل ال نب
لغضبه .
،عل يه رداء نرا ن غل يظ شد يد الاش ية ، -1عن أ نس بن مالك قال :ك نت أم شي مع ر سول ال
وقد أثرت با حاشية فأدر كه أعراب .فجبذه بردائه جبذة شديدة .نظرت إل صفحة عنق رسول ال
الرداء من شدة جبذ ته .ث قال :يا م مد ! مر ل من مال ال الذي عندك .فالت فت إل يه ر سول ال
فضحـك ثـ أمـر بعطاء . 3علق النووي على هذا الديـث بقوله :فيفه احتمال الاهليف والعراض عفن
مقابلتهم ،ودفع السيئة بالسنة 4قلت :ولشك أنه مهما بلغ من أمر الطالب ما بلغ ،فهو دون فعل ذلك
العراب بكثي !! .
قسما .فقال رجل :إنا لقسمة -2عن عبد ال بن مسعود – رضي ال عنه – قال :قسم رسول ال
فساررته .فغضب من ذلك غضبا شديدا واحر وجهه حت تنيت أن ما أريد با وجه ال :فأتيت النب
ل أذكره له .قال :ث قال " :قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصب ". 5
ولك أن تسأل عن أثر الغضب على الرء ف جسمه ،ولسانه ،وأعضائه ،وقلبه .يقول صاحب الحياء: 6
ومفن أثار هذا الغضفب فف الظاهفر تغيف اللون وشدة الرعدة فف الطراف وخروج الفعال عفن الترتيفب
والنظام واضطراب الركة والكلم ،حت يظهر الزبد على الشداق وتمر الحداق وتنقلب الناخر وتستحيل
اللقة ،ولو رأى الغضبان ف حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته ،واستحالة خلقته ..
وأما أثره ف اللسان فانطلقه بالشتم والفحش من الكلم الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند
فتور الغضب ،وذلك مع تبط النظم واضطراب اللفظ .وأما أثره على العضاء فالضرب والتهجم والتمزيق
قال النووي في رياض الصالحين (ص ( : )42والصرعة) بضم الصاد وفتح الراء ،وأصله عند العرب من يصرع الناس كثيرا . 1
رواه البخاري في الدب وفي مواقع من صحيحه /مسلم في الزكاة /أحمد في باقي مسند المكثرين /ابن ماجة في اللباس . 3
رواه البخاري في الدب .وفي مواقع من صحيحه /مسلم في الزكاة /أحمد في مسند المكثرين من الصحابة . 5
إحياء علوم الدين :لبي حامد الغزالي ( )263 ،3/262بتصرف يسير . 6
22
المعـلم الول
والقتل والرح عند التمكن من غي مبالة ..وأما أثره ف القلب مع الغضوب عليه فالقد والسد وإضمار
السوء والشماتة بالساءات والزن بالسرور ..أهف .
وعلج ذلك يكون بالعلج الربا ن والنبوي :أ ما العلج الربا ن ف قد أث ن ال سبحانه وتعال على الذ ين
يكظمون غيظ هم ول يس ذلك ف قط بل مع الع فو عن الناس .قال تعال ( :والكاظم ي الغ يظ والعاف ي عن
الناس وال يب الحسني ) . 1وأما العلج النبوي فقد عال النب الغضب بعدة طرق .
()1أن يقول الغاضب أعوذ بال من الشيطان الرجيم. 2
()2أن يسكت الغاضب ول يتكلم ،حت ل يتمادى به الغضب فيقع ف الحذور. 3
()3إذا كان الغاضب قائما فليجس ،وإن ل ينطفئ غضبه فليضطجع .
()4أن يتوضأ الغاضب وضوءه للصلة ،فإن الغضب يطفأ بالاء. 4
قال علي بن ثابت: 5
العقـــــل آفتـــــه العجاب والغضـــــب
ـــب
ـــن الغضـ
ـــل المرء أعدى مـ
عدوا لعقـ
الخلصة :
()1الصب عامل قوي ف ناح العلم .
()2الغضب ثورة ف النفس ،واختلل ف الوازين وضعف ف التمييز ،وعواقبه وخيمة .
()3براعة العلم تكمن ف كيفية امتصاص غضبه عند حدوثه والسيطرة على أعصابه .
()4التدرج ،وطول الران يكسبان العلم ،قوة ومنعة .
()5البادرة بعلج الغضب عند حدوثه ،وأفضله على الطلق العلج الربان النبوي .
⊥⊥ ⊥
رواه البخاري في كتاب اليمان /ومسلم في اليمان /أحمد في مسند المكثرين من الصحابة والترمذي في اليمان /والنسائي في تحريم 3
الدم .
فتح الباري /كتاب اليمان (حديث . 1/135 )48 4
رواه البخاري في كتاب الدب /وأحمد في باقي مسند المكثرين . 5
البخاري ( الدب المفرد ) وصححه اللباني برقم /340/316مسلم في البر والصلة /أحمد في مسند القبائل /أبو داوود في الدب . 6
24
المعـلم الول
قال " :ليس الؤمن بالطعان ،ول اللعان ،ول الفا حش ،ول -1عن ع بد ال بن م سعود ،عن ال نب
البذيء. 2" 1
الخلصة :
()1هذه الصال الذميمة ،تتعدى آثارها إل الغي ،فتؤثر فيه .
()2ال سخرية في ها تنق يص للم سخور به وإزدراء له ،وهذا جالب للعداوة والبغضاء ،فك يف إن كان هذا
دأب العلم ؟
()3اللعن خلق ذميم وصاحبه متوعد بالعقوبة إن ل يتب .
()4القول الفاحش ينبئ عن سوء الطوية وفساد النية .
⊥⊥ ⊥
] [11استشارة العلم لغيه :
ل أو مرجا .فقد يصعب تواجه العلم مسائل مشكلة ،وقضايا معقدة ،يتار معها العلم ،ول يد لا ح ً
ل أو تفسيا .على العلم ف بعض الحيان فهم مسألة ما ،أو قد يطرح عليه سؤال من أحد طلبه ول يد له ح ً
ومن جهة أخرى قد يد العلم نفسه أمام مشكلة عند أحد طلبه أو بعضهم وتتاج من العلم أن يفصل فيها ،
وي ل إشكال ا .وه نا قد ي سلك العلم عدة م سالك فمن ها :أن يت هد ف إياد حل ل ا ،أو يعتذر عن ها وهذا
ل للطالب لن مشكل ته ل ت ل ب عد . ح سن بالن سبة إل العلم ل نه ل ي ص في ها بغ ي علم وإن كان ذلك مشك ً
ومنها أن يوض فيها بغي علم فهذا مذموم وهو يفسد أكثر ما يصلح ،ومنها أن يبحث عن حلها إما عن طريق
الطال عة والب حث ،وإ ما عن طر يق طلب ال ستشارة و هو مق صودنا .وال ستشارة مأخوذة من قول العرب :
شرت الدابة وشورتا إذا علمت خبها ،وقيل من قولم :شرت العسل إذا أخذته من موضعه .أ هف. 3
قال تعال ( :وشاور هم ف ال مر ) 4يقول ا بن سعدي ع ند هذه ال ية :أي ف المور ال ت تتاج إل
استشارة ،ونظر وفكر ،فإن ف الستشارة من الفوائد والصال الدينية والدنيوية ،مال يكن حصره ..ومنها
:أن ف الستشارة ،تنور الفكار ،بسبب إعمالا فيما وضعت له ،فصار ف ذلك زيادة للعقول .ومنها ما
تنتجفه السفتشارة ،مفن الرأي الصفيب ،فإن الشاور ل يكاد يطفئ فف فعله .وإن أخطفأ ،أو ل يتفم له
ل وأعزر هم علما وأفضل هم
– و هو أك مل الناس عق ً مطلوب ،فل يس بلوم .فإذا كان ال يقول لر سوله
الطعان :الوقاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ( ،اللعان ) اللعن خلف النصر ،أي الملعون ل ينصره ال فيطرده ويبعده ،فلعن المؤمن أي 1
طرده وإبعاده عن الجنة في أول أمره .و(الفاحش ) هو الذي يتسرع لسانه بالفحش ول يريد أن ينطق به ..قال :وكذا الفحش بالفعال قال الحافظ :
هو الزيادة على الحد في الكلم السيء ،فمن تعدى بزيادة القبح في القول والعمل فهو فاحش ( .البذئ) قال الجوهري :هو التكلم بكلم ل ينفع ،
وقال القاري :هو الذي ل حياء له ( النقل من كتاب فضل ال الصمد في توضيح الدب المفرد لفضل ال الجيلني )411 ،1/409
البخاري ( الدب المفرد ) وصححه اللباني برقم . 237/312وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /والترمذي في البر والصلة . 2
رأيا –
( وشاورهم ف المر ) فكيف بغيه. 1
" :أ ما إن ال ور سوله عن ا بن عباس قال :ل ا نزلت ( :وشاور هم ف ال مر ) قال ر سول ال
لغنيان عنها ولكن ال جعلها رحة لمت ،فمن استشار منهم ل يعدم رشدا ،ومن تركها ل يعدم غيا ". 2
فأنت ترى ف هذا الديث ،كيف كانت الشورة سببا ف القرب من إصابة الق ،ما ف تركها من
مقاربة الطأ والوقوع فيه ،فحري بكل معلم أن يسأل ويشاور من هو أعلم منه فيما أشكل عليه ،ليحصل له
بذلك مقاربة الصواب وإصابة الق ،وليبتعد عن الترفع ،والنفة ،وتعاظم النفس من سؤال غيه وطلب رأيه
أول الناس به ! . ومشورته ،فإن ذلك ترفع ف غي مله ،ولو كان ذلك ممودا لكان النب
فعليك أيها العلم أن تسأل عما أشكل عليك فهمه ،أو تعسر عليه حله ،ول تقل إن هذا توين من
شأن ،أو نقص من قدري .ل .بل هو دليل على كمال العقل ورجاحته .
الخلصة :
()1الشورة معي للمعلم فيما يشكل عليه من السائل والقضايا الت ترد عليه .
()2طلب ال ستشارة من الغ ي لي ست دليلً على نقص ف الرت بة أو ف العلم ،بل هو دل يل على رجاحة
العقل ورزانته .
()3ف الشورة القرب من الق ،وف تركها البعد عنه .
ذكره الشوكاني في تفسيره وصدره بقوله :قال السيوطي بسند حسن عن ابن عباس .ثم ساق الحديث ( .فتح القدير ,) 441 ، 1/440 2
26
المعـلم الول
القسم الثان
ربت :أي انتفخت وزادت قال أبو السعود في تفسيره :أي تحركت بالنبات ،لن النبات إذا دنا أن يظهر ،ارتفعت له الرض ،وانتفخت ، 2
يجب التنبه إلى مسألة هامة وهي أنه ل يلزم منا أن نستدل بلك ظاهرة من ظواهر العلم أو جزئية معينة ،بدليل من الكتاب والسنة ،ول 4
أن نلوي أعناق النصوص أو نتكلف ذلك ،فالقرآن الكريم أنزل ليتلى ويتدبر ويعمل به ،والسنة لتطبق ويعمل بها ،ولكن إن جاء أحد منهما
مصرحا بذكر شيء من الظواهر قبلناه وأثبتناه ول نتكلفه .
سورة النبأ . 5
ينبغي أن نشير هنا إلى أمر هام وهو أن السباب ل تؤثر بنفسها فالمؤثر هو ال ،ولكننا نتجنب السباب التي تكون سببا للبلء ..وفي 3
هذا المعنى يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه لكتاب التوحيد ( )2/82قال :وهذا النفي في هذه المور الربعة ( وهي قوله
في الحديث " ول عدوى ول طيرة ول هامة ول صفر " ) ليس نفيا للوجود ،لنها موجودة ،ولكنه نفي للتأثير ،فالمؤثر هو ال ،فما
كان سببا معلوما فهو سبب صحيح ،وما كان منها سببا موهوما فهو سبب باطل ،ويكون نفيا لتأثيره بنفسه ولسببه .فقوله " :ل عدوى "
" :ل يورد ممرض على مصح " أي :ل يورد صاحب البل المريضة على صاحب البل الصحيحة العدوى موجودة ،ويدل لوجودها قوله
،لئل تنتقل العدوى .أهـ .
29
المعـلم الول
وتذيب الخلق ،وتصحيح الفكار . .وجاع ذلك كله ،بذل النصيحة .والنصيحة :هي كلمة يعب با
عن جلة هي إرادة الي للمنصوح له. 1
وبذل النصيحة مطلب شرعي ،قبل أن يكون تعليميا تربويا .
قال " :الد ين الن صيحة " قل نا :ل ن ؟ قال " :ل -1عن ت يم بن أوس الداري ر ضي ال ع نه أن ال نب
ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم ". 2
يقول الافظ ابن حجر :والنصيحة لعامة السلمي الشفقة عليهم ،والسعي فيما يعود بالنفع عليهم ،
وتعليمهم ما ينفعهم ،وكف وجوه الذى عنهم ،وأن يب لم ما يب لنفسه ،ويكره لم ما يكره لنفسه .3
ول شلك أن الطلب من عامة السلمي .
على إقامة الصلة ،وإيتاء الزكاة ،والنصح -2وعن جرير بن ع بد ال البجلي قال :بايعت ر سول ال
4
لكل مسلم .
5
قال " :ل يؤمن أحد كم ح ت ي ب لخيه ما يب لنف سه " -3و عن أنس ر ضي ال ع نه ،عن ال نب
والنقول ف هذا الباب كثية وحسبنا با ذكرنا .
يقول ابن رجب :ومن أنواع نصحهم بدفع الذى والكروه عنهم ،إيثار فقيهم ،وتعليم جاهلهم ،ورد من
زاغ منهم عن الق ف قول أو عمل ،بالتلطف ف ردهم إل الق ،والرفق بم ف المر بالعروف والنهي عن
الن كر ،ومب تة إزالة ف سادهم 6..ث إ نه من التع ي على العلم ،أن يبذل ن صيحته إل طل به سرا إن كا نت
خاصة بفرد معي ،لن ذلك أبلغ ف قبول النصيحة ،وأسرع للستجابة ،أما إن كانت علنية فهو توبيخ ف
قالب ن صح! يقول ا بن ر جب :كان ال سلف إذا أرادوا ن صيحة أ حد وعظوه سرا ،ح ت قال بعض هم :من
وعظ أخاه في ما بينه وبينه ،فهي نصيحة ،ومن وع ظه على رؤوس الناس ،فإن ا وبه 7.و من النصح الذي
يتعيف على معلم بذله تاه طلبفه ،هفو تصفحيح ( كراس الواجبات الدرسفية ) 8بأمانفة وإخلص ،ومراعاة
رواه مسلم في كتاب اليمان /وأحمد في مسند الشاميين /وأبو داود في الدب /والنسائي في البيعة /وذكره البخاري تعليقا في صحيحه 2
قال " :ل يؤمن أحدكم الخطاء النحوية والملئية ونوها .وباب النصح واسع ولكن يضبطه قول النب
1
حت يب لخيه ما يب لنفسه "
أيهفا العلم :قدم إليفك الب ثرة فؤاده ،وفلذة كبده ،فهفي عندك أمانفة .فماذا عملت فيهفا ؟ هفل
رعيتها وأديت حق المانة ؟ أم ماذا ؟
الخلصة :
()1النصح والتوجيه ،ل يقل أهية عن التعليم ،فلتعط حظها من الهتمام .
()2النصيحة مطلب شرعي ،قبل أن تكون مطلبا تربويا تعليميا .
()3توجيه الطالب وجهة سليمة ،وأمره با يصلحه ،وتقويه إذا مال عن الطريق الستقيم ..وغي هذه
المور ،كلها من واجبات العلم .
()4تقدي النصيحة سرا سبب ف القبول ،وسرعة الستجابة .
⊥⊥ ⊥
] [3الرفق بالتعلم وتعليمه بالسلوب السن :
يرا عي نف سياتم وأحوال م ،ك يف ل و هو الذي قال " : أر فق الناس للناس ،وكان ل قد كان
إن الرفق ل يكون ف شيء إل زانه ول ينع من شيء إل شانه " 2وقال عليه الصلة والسلم " :إن ال عز
و جل ي ب الر فق ف ال مر كله " 3والر فق هو :ل ي الا نب بالقول والف عل ،وال خذ بال سهل ،و هو ضد
العنف . 4والنفس البشرية تيل إل الرفق ولي الانب وطيب الكلم وتأنس به ،وتنفر من الفوة والغلظة .
ولذا كان حري بالعلمي والربي أن يعوا هذا الانب ويطبقوه على تلميذهم وطلبم .
والشدة على التعلم ي مضرة بم 5وذلك أن إرهاف ال د بالتعل يم م ضر بالتعلم سيما ف أ صاغر الولد
لنه من سوء اللكة ومن كان مرباه بالعسف والقهر من التعلمي أو الماليك أو الدم سطا به القهر وضيق
عن النفس ف إنبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إل الكسل وحل على الكذب والبث وهو التظاهر بغي ما ف
ضميه خوفا من انبساط اليدي بالقهر عليه وعلمه الكر والديعة . 6..
أروع المثلة وأعل ها ف ح سن تعلي مه ورف قه ب صحابته رضوان ال علي هم ، ولد ضرب الر سول
فمنها :
رواه مسلم في كتاب البر /وأحمد في باقي مسند النصار /وأبو داود في الدب . 2
رواه البخاري في كتاب الدب /مسلم في السلم /أحمد في مسند باقي النصار /الترمذي في الستئذان والدب /ابن ماجه في الدب . 3
عنوان فصل عقده ابن خلدون في مقدمته .وهو الفصل الثاني والثلثون من الباب الخامس .من الكتاب الول . 5
،إذ جاء أعراب ،فقام يبول ف عن أنس رضي ال عنه قال :بينما نن ف السجد مع رسول ال
" :ل تزرموه ، 2دعوه " فتركوه حت :مه مه .1فقال رسول ال السجد .فقال أصحاب رسول ال
دعاه ،فقال له " :إن هذه ال ساجد ل ت صلح لش يء من هذا البول والقذر ،إن ا بال ،ث أن ر سول ال
ل من القوم ،فجاء بدلو
.قال :وأمر رج ً هي لذكر اله والصلة ،وقراءة القرآن " أو كما قال رسول ال
من ماء فسنه 3عليه .رواه مسلم .وعند أحد وابن ماجه زيادة وهي :قال :يقول العراب بعد أن فقه :فقام
إل بأب هو وأمي فلم يسب ول يؤنب ول يضرب . النب
بالعراب وحسن تعليمه له ،وذلك لن العراب كان يهل ذلك ففي هذا الديث بيان لرفق النب
ول يوبه ،بل دعاه وعلمه برفق المر الذي يهله . الكم بطبيعة الال ولذا السبب ل يعنفه النب
ولقد صور العراب ذلك الوقف بعد أن فقه ،بقوله :بأب هو وأمي فلم يسب ول يؤنب ول يضرب .
به ،وحسن تعليمه له . وف هذا القول دليل على تأثر العراب برفق النب
قال الافظ ابن حجر بعد حديث أنس :وفيه الرفق بالاهل وتعليمه ما يلزمه من غي تعنيف إذا ل يكن
وحسن خلقه .أهف. 4 ذلك منه عنادا ،ولسيما إن كان من يتاج إل استئلفه .وفيه رأفة النب
إذ عطس رجل من القوم -3وعن معاوية بن الكم السلمي قال :بينما أنا أصلي مع رسول ال
فقلت :يرحك ال .فرمان القوم بأبصارهم ،فقلت واثكل أمياه ،ما شأنكم تنظرون إل ؟ فجعلوا
فبأب هو وأمي ما يضربون بأيديهم على أفخاذهم ،فلما رأيتهم يصمتونن لكن سكت فلما صلى
رأ يت معلما قبله ول بعده أح سن تعليما م نه فوال ما كهرن ، 5ول ضرب ن ،ول شتمن 6قال " :
إن هذه الصلة ،ل يصلح فيها شيء من كلم الناس ،إنا هو التسبيح والتكبي وقراءة القرآن " ،أو
ك ما قال ر سول ال ( ..ث قال معاو ية ف تام الد يث ) ..قال :وكا نت ل جار ية تر عى غنما ل
قبل أحد والوانية 7فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذ هب بشاة من غنمها ،وأنا رجل من بن آدم
آسف كما يأسفون ،لكن صككتها صكة ،فأتيت رسول ال فعظم ذلك علي قلت :يا رسول ال
أفل أعتقها ؟ قال :ائتن با ،فأتيته با ،فقال لا :أين ال ؟ قالت :ف السماء ،قال :من أنا ؟ قالت
مه مه :أي اكفف ،والتكرير للتأكيد وزيادة التهديد ( .حاشية المشكاة . )1/153 1
ل تزرموه :أي ل تقطعوا عليه بوله فيضره ،أو تنتشر النجاسة في المسجد بعد أن تكون بمحل واحد ( حاشية المشكاة . )1/153 2
فسنه :بالسين المهملة وتشديد النون ،أي فصبه ( .حاشية المشكاة . )1/154 3
كهرني :أي ما انتهرني ،والكهر النتهار قاله أبو عبيد .وفي النهاية يقال كهره إذا زجره واستقبله بوجه عبوس ( عون المعبود .)3/926 5
ول شتمني :في رواية أبي داود ( ول سبني ) :أراد نفي أواع الزجر والعنف وإثبات كمال الحسان واللطف ( .عون المعبود .)3/926 6
قبل أحد والجوانية :موضع بقرب أحد شمالي المدينة ( عون المعبود . ) 3/926 7
32
المعـلم الول
ول يوب ه .ل نه كان جاهلً والدل يل على ذلك ،الد يث ف في الاد ثة الول :ل يعن فه الر سول
الذي أخرجه البخاري 2وأبو داود من رواية عطاء بن يسار عن معاوية بن الكم السلمي قال :لا قدمت على
علمت أمورا من أمور السلم ،فكان فيما علمت أن قال ل :إذا عطست فاحد ال ،وإذا رسول ال ،
عطس العاطس فحمد ال فقل :يرحك ال .قال :فبينا أن قائم مع رسول ال ف الصلة .. ،الديث )
بنقيض ذلك ،حيث أنكر ذلك الفعل على معاوية ويؤخذ هذا وف الادثة الثانية :عامله الرسول
من قوله ( :فعظم ذلك علي ) .
هذا الفعل من معاوية وهو ضرب الارية ،يتمل وجهان وقد يتمل أكثر من ذلك : وإنكار الرسول
الول :وهو أن معاوية ل يعد جاهلً حيث أمضى فترة ف السلم وعلم شرائعه وآدابه .
الثان :وهو أن هذا الصنيع من معاوية ليس من المور الت تهل عادة ،فالرفق والحسان إل الناس
من المور الركوزة ف الفطر وليست من باب العلم الكتسب .وال أعلم .
الخلصة :
ل.
()1الرفق بالطالب يتأكد عندما يكون جاه ً
()2تقدير الطأ الذي يقع من الطالب ،وهل هو من الطأ الذي يعذر بهله ،أم ل .وذلك يرجع إل
تقدير العلم .
()3معالة الطأ الذي يقع من الطالب الاهل كما حدث ذلك ف قصة العراب الذي بال ف السجد ،
ل من أصحابه أن يزيل أثر النجاسة
صحابته أن يقطعوا عليه بوله لئل يتضرر ،ث أمر رج ً حيث نى النب
وعل مه ما الذي ينب غي عل يه فعله وتر كه ف بالاء ،ث د عا العرا ب وأ خبه بطئه ،ث دعاه الر سول
الصلة .
مسلم في كتاب المساجد .واللفظ له /وأبو داود في كتاب الصلة وصححه اللباني /والنسائي في كتاب السهو /وأحمد في باقي مسند 1
()4أمفا الطفأ الذي ل يعذر بهله ،فعلى الربف أو العلم أن ينكفر ذلك الطفأ أو الفعفل الذي بدر مفن
الطالب ،كما جاء ف قول الصحاب ( فعظم ذلك علي ) ،ث إن على الرب بعد ذلك أن يسعى ف إصلح
لعاو ية عندما أراد أن ذلك الطأ ومساعدة الطالب ف إصلح خطئه ،وذلك يتجلى ف إقرار الرسول
يعتق الارية ،حيث قال له ( :أعتقها فأنا مؤمنة ) .
⊥⊥ ⊥
] [4عدم التصريح بالساء أثناء التوبيخ
غالبا ما يكون التوب يخ له أ ثر ف ن فس الو بخ ،ويع ظم هذا ال ثر إن كان التوب يخ بضور جا عة من
كانت له طريقة فريدة من نوعها ف معالة الخطاء الظاهرة الت الناس ،فإنه حينئذ يتضاعف .والنب
تدث من صحابته ،إذ إن الغاية من تشهيه عليه الصلة والسلم بالطأ ليس التشفي من الخطئ ،بل هو
مشهورة : تذير من الوقوع ف الطأ ،وذم للخطأ نفسه .وقصة الثلثة الذين تقالوا عبادة الرسول
عن عمله سألوا أزواج النب -1عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال ( :عن نفرا من أصحاب النب
ف ال سر ؟ فقال بعض هم :ل أتزوج الن ساء .وقال بعض هم ل آ كل الل حم .وقال بعض هم :ل أنام على
فراش .فحمفد ال وأثنف عليه 1فقال " :مابال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكنف أصفلي وأنام .وأصفوم وأفطفر
وأتزوج النساء .فمن رغب عن سنت فليس من " ). 2
:ما بال أقوام ،ف هو ل ي صرح بأ سائهم وإن كان ب عض ال صحابة يعرفون م و مع ذلك تأ مل قوله
ل يصرح بأسائهم لن الغرض – كما قلنا سابقا – ليس هو التشهي بالخطئ أو بصاحب الفعل فالنب
الذموم ،وإنا هو بيان ذلك الفعل الذموم أو القول الذموم والتحذير منه .قال النووي عند قوله ( :أن النب
ف حد ل تعال وأثن عليه فقال " :ما بال أقوام قالوا كذا وكذا " ) هو موافق للمعروف من خطبه
فإن القصود من مثل هذا أنه إذا كره شيئا فخطب له ذكر كراهيته ول يعي فاعله ،وهذا من عظيم خلقه
ذلك الش خص وج يع الاضر ين وغي هم م ن يبل غه ذلك ول ي صل توب يخ صاحبه على الل . 3وإل يك ق صة
أخرى يرويها أبو حيد الساعدي :
ل من بن أ سد يقال له ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال :هذا لكم وهذا
رج ً -2قال :استعمل النب
على النب فحمد ال وأثن عليه ،ث قال " :ما بال العامل نبعثه فيأت فيقول :هذا أهدي ل :فقام النب
أي :بعد أن علم بمقالتهم ،صعد على المنبر وخطب بالناس ،وهذا جاء مصرحا به في روايات أخرى لهذا الحديث . 1
رواه البخاري في كتاب النكاح /ومسلم في النكاح واللفظ له /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والنسائي في النكاح . 2
مسلم بشرح النووي :كتاب النكاح /حديث رقم (. )1401 3
34
المعـلم الول
لك وهذا ل ،فهل جلس ف بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم ل ؟ " ..الديث. 1
عن اسه مع أن كثيا :ما بال العامل نبعثه ،حيث ل يفصح الرسول وف هذه الواقعة ،قوله
بقوله :ما بال العا مل نبع ثه ،ول كن ل ا كان الق صد هو من ال صحابة يعلمون هذا الذي عناه الر سول
التحذير من الفعل الذموم وبيان ضرره وسوء عاقبته حت ل يقع ف الخرون ،شهر بالفعل دون الفاعل ،إذ
ليس هناك مصلحة ترجى من ذكر اسم الفاعل .وحول هذا الديث وهذا العن يشي ابن حجر بقوله :وفيه
2
أن من رأى متأولً أخطأ ف تأويل يضر من أخذ به أن يشهر القول للناس ويبي خطأه ليحذر من الغترار به
والعلمون كذلك يب أن تكون طريقتهم ف علج الخطاء الت تقع من الطلب ،عن طريق التشهي
بالطأ وذمه وبيان سوء عاقبته ،والتحذير منه ،مع عدم التصريح باسم الخطئ خصوصا إذا كان الطأ عن
غ ي تع مد من الطالب نف سه ،ل كي ل ي ستغلها ضعاف النفوس ف تقيه ورم يه بالنقائص ،ول كي ل يو جد
حالة من الكراهية والبغضاء بي العلم والطالب ،أما إن كان الخطئ متعمدا عالا فهذه حالة يقدرها العلم ،
هل يشهر به أمام الخرين لردعه عما هو فيه – مع ملحظة ترد النفس من قصد التشفي والنتصار لا -؟
أم يستعمل أساليب أخرى لعلج هذه الالة ؟ وهذه كما قلت سابقا ،راجعة إل تقدير العلم .وعموما فإن
طريقة التعريض بالطأ دون التصريح باسم صاحبه مهمة ليست بيسية ،إذ فيها تكمن براعة العلم ف علج
الطأ دون التعرض لكرامة الطالب . 3وهي من دقائق صناعة التعليم أن يزجر التعلم عن سوء الخلق بطريق
التعر يض ما أم كن ول ي صرح .وبطر يق الرح ة ل بطر يق التوب يخ فإن الت صريح يه تك حجاب اليئة ويورث
الرأة على الجوم باللف ويهيج الرص على الصرار .أ هف .
الخلصة :
()1ليس القصد من إعلن الطأ التشهي بالخطىء ،بل هو تذير وبيان لسوء الفعل أو القول ،لكي ل
يغتر به .
()2عدم التصريح بالسم أثناء بيان الطأ ،وإن كان الخطئ معلوما عند البعض .
()3إذا كان الخطئ عامدا عالا ،فللمعلم أن يتهد ف إياد السبيل القوم ف معالة وتأديب الخطئ .
()4براعة العلم تكمن ف كيفية علج الطأ ،دون التصريح باسم الخطئ . .
⊥⊥ ⊥
] [5إلقاء السلم على التعلم قبل الدرس وبعده
،وهي سنة السلم ،وقد ورد ف فضلها يغفل كثي من العلمي عن سنة عظيمة من سنن الصطفى
البخاري في كتاب الحكام /مسلم في المارة /أحمد في باقي مسند النصار /أبو داود في الخراج والمارة والفيء /والدارمي في الزكاة 1
فتح الباري .كتاب الحكام ( )13/179باب هدايا العمال غلول . 2
من هنا يبدأ النقل من إحياء علوم الدين . )1/95( . 3
35
المعـلم الول
آثار كثية .والعجب أن يعدل العلمون عن السلم الشروع وهو سنة إل غيها من التحيات ،ول بأس أن
يصبح بالي ،أو يسي بالي ولكن يكون ذلك بعد السلم ،أما أن تكون هذه التحيات ونوها هي العتمد
ف كل حال فل .ث إنه قد يدث من بعض العلمي أمرا مالفا للشرع وهو جعل الطلب يقومون له عند
ميئه لم ( 1.وقد وقع فيه كثي من العلمي – سامهم ال – تأثرا بالعادات والتقاليد ،وهو تثل الطلبة قياما
لعلمهفم زاعميف أن هذا مفن الدب الطلوب ،وأنفه رمفز لتوقيف العلم وتبجيله ،وقفد أخطأوا ،فل يسفمى
خلف الشرع أدبا إل ف قاموس العرضي عن شرع ال ،ذلك أن :
،وكانوا إذا -1أنس بن مالك رضي ال عنه قال ( :ما كان شخص أحب إليهم من رسول ال
رأوه ل يقوموا له ،لا يعلمون من كراهيته لذلك ) .2
" :من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار " 3أهـ . -2وقال الرسول
صحابته إل ذلك وبذل السلم أجر وغنيمة يستفيد منه السلم ف تكثي حسناته ،ولذا رغب النب
وحثهم عليه :
-3قال عليه الصلة والسلم " :إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ،فإن حالت بينهما شجرة ،أو
جدار ،أو حجر ث لقيه ،فليسلم عليه ". 4
وإلقاء السلم سبب ف إشاعة الحبة بي الفراد والماعات ،والعلم يتاج إل ذلك من باب أول .
" :ل تدخلوا النة حت تؤمنوا ،ول تؤمنوا حت تابوا ،أو ل أدلكم على شيء -4قال رسول ال
إذا فعلتموه تاببتم ؟ أفشوا السلم بينكم ". 5
والح بة إذا شا عت ب ي العلم وطل به ،كان ذلك عل مة على قبول العلم الذي يب ثه ذلك العلم ،لن
النفس بطبعها تيل إل الشيء الذي تبه وتواه ،وهذا شيء متعارف عليه .
بقي ثة أمر آخر ل يطر ببال الكثيين ،وهو أن يسلم العلم على طلبه ،عند إرادة النصراف من الدرس :
" :إذا انتهفى أحدكفم إل ملسفة فليلم ،فإن بدا له أن يلس فليجلس ،ثف إذا قام -5قال النفب
6
فليسلم ،فليست الول بأحق من الخرة "
من هنا يبدأ النقل من كتاب نداء إلى المربين والمربيات .إعداد محمد بن جميل زينو ص . 17 1
رواه الترمذي في كتاب الدب وقال :هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه . 2
أحمد في مسند الشاميين /أبو داود في الدب /الترمذي في الدب . 3
أورده صاحب المشكاة وقال :رواه أبو داود .وقال اللباني :بإسنادين أحدهما صحيح . 4
رواه مسلم في كتاب اليمان /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والترمذي في الستئذان والدب /وأبو داود في الدب وابن ماجه في 5
المقدمة .
قال التبريزي في المشكاة .رواه الترمذي وأبو داود ( .وقال عنه الترمذي حسن ،وحسنه اللباني أيضا ) ورواه أيضا أحمد في باقي 6
الخلصة:
()1البداءة بالسلم عند لقاء الطالب .
()2السلم سبب ف جلب الغفرة ،وتكثي السنات .
()3السلم سبب ف إشاعة الحبة بي العلم وطلبه .
()4إلقاء السلم عد الدخول على الطلب ،وعند النصراف .
⊥⊥ ⊥
] [6استخدام العقوبات أثناء التعليم
يتفق العلمون ف وجوب معاقبة الخطئ وردعه عند تكرار خطئه ،ولكنهم يتلفون ف مسألة العقاب
البدنف للتلميفذ ،فالانعون يقولون :إن هذا السفلوب غيف مدف ،ويؤدي إل حدوث أمراض نفسفية لدى
الطالب ،وت عل الطالب يتخوف من العلم لد ن سبب ،وكذلك هذا ال سلوب يد عو الطالب إل الكذب
للفرار من عقاب العلم ،قالوا :ولذا نرى عدم السماح للمعلم بعاقبته بدنيا مطلقا .
والفر يق ال خر الؤيدون يقولون :إن إلغاء العقاب البد ن بتاتا له عوا قب وخي مة ،من ها أن الطالب ل
يأبفه للمعلم ،ول يضفع له اعتبارا ،وبالتال لن يلقفي اهتماما للعلم أي ( للمادة الدراسفية ) ،وعمليفة إلغاء
العقاب البدن ينشئ لنا جيلً مستهترا بالقيم والثل والعلم .
والتحقيق أن يقال :أنه ل بد من التفصيل ف هذه السألة ،وأن نتناولا من جوانب عدة .أولً :إلقاء
الضرب بالكلية مرفوض ،وإطلق العنان للمعلم بالضرب ف كل الحوال مرفوض أيضا ،ومستندنا ف جواز
الضرب هو قول ال نب " :مروا ال صب بال صلة و هم أبناء سبع سني ،واضربو هم علي ها و هم أبناء ع شر ،
وفرقوا بين هم ف الضا جع " . 1قال العلق مي :إن ا أ مر بالضرب لع شر ل نه حد يتح مل ف يه الضرب غالبا ،
والراد بالضرب ضربا غي مبح وأن يتقي الوجه ف الضرب .انتهى . 2فهذا الديث صريح ف جواز ضرب
من بلغ ع شر سني تأديبا له .ثانيا :الضرب للتأد يب فقط :ول يس للنتقام والتشفي ،ولذلك ي طئ بعض
العلمي عندما يضرب أحد طلبه ضربا شديدا مبحا لطأ وقع فيه ،فيظن العلم أنه يؤدبه ،وف القيقة أنه
ينتصر لنفسه ! يقول ممد جيل زينو :3ولقد رأيت بعض العلمي يرفسون بأرجلهم ونعالم ،وربا أصاب
ل خطيا أودى بياة الطالب .اهف .وهل هذا إل بدافع الغضب والنتصار للنفس وحظوظها
ذلك الرفس م ً
" :إذا ضرب أحد كم فلي تق الو جه " 4وذلك لن الو جه هو .ثالثا :اتقاء ضرب الو جه :قال الر سول
أشرف العضاء ف ج سم الن سان ،و هو مكان التكر ي ،فالضرب على الو جه يب عث على الكراه ية و حب
رواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة وأبو داود في كتاب الصلة .وقال اللباني :حسن صحيح أهـ .وقال المنذري :والحديث 1
رواه أبو داود في كتاب الحدود .وصححه اللباني ،ورواه أيضا أحمد في باقي مسند المكثرين . 4
37
المعـلم الول
النتقام .رابعا :هناك عقوبات أخرى تسبق الضرب :أورد الشيخ ممد جيل زينو 1بعض العقوبات التربوية
الفيدة نأخذ منها على سبيل الختصار :
()1النصح والرشاد ( لن البعض تؤثر فيه الكلمة والتوجيه ) .
()2التعبيس ( أي تعبيس الوجه وتقطيب الاجبي للتعبي عن الستياء ) .
()3الزجر
()4العراض ( العراض عن طلبه أو عن أحدهم حت يرجع عن خطئه ) .
()5التوبيخ .
()6جلوس القرفصاء ( أو إيقاف الطالب مع رفع يديه ونو ذلك ) .
( ()7تكليف الطالب بواجبات منلية ونو ذلك )
2
()8تعليق العصي .. :لديث " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه آدب لم "
( ()9الرحلة الخية ) الضرب الفيف .
وبعد فإن على العلم أن يتدرج ف استعمال العقوبات ،ول يلجأ للضرب لول زلة يقع فيها الطالب ،
بل عليه أن يستعمل الكمة ف استخدام السلوب المثل لعالة الطأ كما بيناه سابقا .ث إن ل يد بدا من
الضرب ،فليضرب ولكن بالشروط السالفة الذكر .ول عبة بقول ،ول حجة لن أنكر الضرب مطلقا .
الخلصة:
()1التدرج ف معاقبة الخطئ ،وعدم اللجوء إل الضرب إل ف الالت القصوى .
()2عدم القسوة ف الضرب ،واتقاء الوجه .
()3القصد من الضرب هو التأديب ،وليس لطفاء نار الغضب .
⊥⊥ ⊥
] [7تقدي الكافآت للمتعلم
الكافآت بأنواعها لا فعل عجيب ف أسر القلوب ،وتديد النشاط ،وكسر طوق المول ،وباعث
على ال ستزادة من العلم ،إل غ ي ذلك من الثار ال ت تدث ها الكافآت وعلى العلم أن يو جد هذا ال سلوب
كلما وجد فتورا بي طلبه ،أو رأى مصلحة ف تقديها .وتتلف الكافآت اختلفا متباينا ،ولكنها تشترك
ف الثر الذي تدثه مع اختلف ف مقدار هذا الثر .وإليك بعضا منها :
(أ) الكافآت الاد ية :و هي أقوى الكافآت والوا فز تأثيا على التعلم وإثارةً له ،لن في ها مع ن زائدا على
حيازة الكافأة الاد ية ،و هو التفوق على القران ،ور ضى العلم ع نه ،وح صوله على الثناء ال سن من ق بل
. معلميه .ولقد فعل ذلك رسول ال
نداء إلى المربين والمربيات ص .93وما بين المعكوفتين زيادة بيان مني . 1
المصدر السابق ص 97وقال :الشيخ محمد :حسنه اللباني في صحيح الجامع . 2
38
المعـلم الول
يصف عبد ال وعبيد ال وكثيا من بن العباس ث -1فعن عبد ال بن الارث قال :كان رسول ال
1
يقول " :من سبق إل فله كذا وكذا " قال :فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم .
( ب ) الكافأة بالدعاء :و هو الدعاء للطالب بالب كة واليف والتوف يق ونوه .وهذا ال سلوب عز يز ونادر
وجوده بي العلمي ،ول أدري أهو رغبة عنه أم جهل به ؟ .فإن كان رغبة عنه فلقد فعله خي البشر
وإن كان جهلً به فهاك علمه :
د خل اللء فوض عت له وضوءا .قال :من و ضع هذا ؟ -1عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ال نب
فأخب ،فقال " :اللهم فقه ف الدين " 2قال الافظ ابن حجر :قال التيمي :فيه استحباب الكافأة بالدعاء
.وقال ابن الني :مناسبة الدعاء لبن عباس بالتفقه على وضعه الاء من جهة انه تردد بي ثلثة أمور :إما أن
يدخل إليه بالاء إل اللء ،أو يضعه على الباب ليتناوله من قرب ،أول يفعل شيئا ،فرأى الثان أوفق ،لن
ف الول تعرضا للطلع ،والثالث ي ستدعي مش قة ف طلب الاء ،والثا ن أ سهلها ،فعله يدل على ذكائه ،
فناسب أن يدعى له بالتفقه ف الدين ليحصل به النفع .3
(ت ) الكافأة بالثناء السـن ( الدح ) :وهفو قولك للطالب أحسفنت ،متاز ،ونوه ..وهذا السفلوب
يزرع فف التعلم الثقفة بعلمفه ،ويثف غيه لنيفل هذا السفتحسان مفن العلم ،ويبعفث فف الطالب الشعور
بالرتياح لا يبذله من جهد ف التعلم ومثاله :
" :يا أبا النذر! أتدري أي آية من كتاب ال معك أعظم ؟ " -1عن أب بن كعب قال :قال رسول ال
قال قلت :ال ور سوله أعلم .قال " :يا أ با النذر ! أتدري آ ية من كتاب ال م عك أع ظم ؟ " قال قلت :
( ال ل إله إل هو ال ي القيوم ) قال :فضرب ف صدري وقال " :وال ! ليه نك العلم أ با النذر " 4قال
النووي :ف يه منق بة عظي مة ل ب ،ودل يل على كثرة عل مه ،وف يه تبج يل العال فضلء أ صحابه وتكنيت هم ،
وجواز مدح النسان ف وجهه إذا كان فيه مصلحة ول يف عليه إعجاب ونوه لكمال نفسه ورسوخه ف
التقوى . 5قلت ومن الصلحة ما تقدم آنفا .
وهفو بالبطحاء .فقال -2عفن أبف موسفى الشعري رضفي ال عنفه قال :قدمفت على رسفول ال
.قال :أحسفنت .. أحججفت ؟ .قلت نعفم .قال :باف أهللت .قلت :لبيفك بإهلل كإهلل النفب
اخرجه البخاري في كتاب الوضوء وفي كتاب العلم ( اللهم علمه الكتاب ) /ومسلم في فضائل الصحابة /وأحمد في مسند بني هاشم / 2
رواه مسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها /وأبو داود في الصلة /ومالك في النداء للصلة . 4
مسلم بشرح النووي .باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي ( .حديث . )810 : 5
39
المعـلم الول
1
الديث .
يقول ممد بن جيل زينو :2على العلم الناجح أن يثن على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة ف سلوكه ،
أو ف اجتهاده ،فيقول للطالب الذي أحسن الواب :أحسنت ،بارك ال فيك ،أو نعم الطالب فلن ،فمثل
هذه الكلمات اللطي فة تش جع الطالب وتقوي رو حه العنو ية ،وتترك ف نف سه أح سن ال ثر ،م ا يعله ي ب
معلمه ومدرسته ويتفتح ذهنه للتدريس ،ويكون ف نفس الوقت مشجعا لرفاقه أن يقتدوا به ف أدبه وسلوكه
3
واجتهاده لينالوا الثناء والتشجيع من معلمهم ..أهف
الخلصة:
()1الكافآت لا أثر فعال ف دفع التعلمي وتفيزهم على طلب العلم .
()2يب أن تكون الوافز والكافآت وسيلة ل غاية .
()3الكافأة بالدعاء أمر ممود ،وكلما كان الدعاء مناسبا للفعل كان أفضل .
()4مكافأة الطالب بالثناء عليه ،أسلوب حسن ،ودافع جيد للستزادة من العلم .
⊥⊥ ⊥
رواه البخاري في كتاب الحج /ومسلم في الحج /وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة /والنسائي في مناسك الحج /والدارمي في 1
المناسك .
نداء إلى المربين والمربيات ص .83 2
هناك مكافآت أخرى لم نذكرها في كلمنا عن المكافآت ،وذلك لنها خلف منهجنا الذي سرنا عليه ،وهو الستدلل بلك خلق أو وسيلة في 3
التعليم بخبر عن رسول ال ومن هذه المكافآت ما ذكرها محمد جميل زينو في كتاب نداء إلى المربين والمربيات ( وما بين المكوفتين مني ) :
أ – لوحة الشرف ( :أي يوضع أسم المتفوق ونحوه في هذه اللوحة ) .ب – توصية أهل الطالب ( :وذلك بمراسلة أهله وذكر محاسنه
وتقدمه في دراسته ونحو ذلك ) ( ونزيد :ت – خطابات الشكر :وهو تزويد الطالب بخطابات الشكر ويعلن عنه في مدرسته ويوضع في
ملفه ونحو ذلك ) .
40
المعـلم الول
أي أطلب منهم النصات ليسمعوا الخطبة ( .فتح الباري – . )12/202 1
رواه البخاري في كتاب العلم /ومسلم في اليمان /وأحمد في مسند الكوفيين /والنسائي في تحريم الدم /وابن ماجة في الفتن / 2
إشارة إلى قوله تعالى ( :فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل ال لهن سبيلً ) .كانت المرأة إذا زنت تمسك في البيوت 2
وتحبس حتى يتوفاها الموت ،أو يجعل ال لها سبيلً .ثم أوحى ال إلى نبيه وبين له هذا السبيل الذي جاء في الية .وهو الحديث الذي
بين أيدينا .
رواه مسلم في كتاب الحدود /وأحمد في باقي مسند النصار /والترمذي في الحدود /وأبو داود الحدود وابن ماجه في الحدود / 3
العلومة بشكل أفضل ما لو كانت إحداها معزولة عن الخرى .ثانيا :إن التصال البصري قد يتخلف ف
ج يع أوقات التعل يم ،كأن يكون التعلم كفيفا ،أو ف ب عض أوقات التعل يم إذا كان الطالب ف حالة شرود
وذهول أو انشغال بع مل ما عن الدرس ،أ ما الت صال ال سمعي ف هو يتخلف ف حالة واحدة إذا كان التعلم
أبكم .ولذلك قلنا إن التصال السمعي هو الوسيلة القوى ف إيصال العلومات إل الطالب .وهذا التصال
– أي السمعي والبصري – يساعد الدرب على ضبط الفصل وإدارته ،وف القابل فهو يفيد الطالب ف حفظ
العلومات وصيانتها عن النسيان .وسوف نستعرض هنا بعض أنواع التصال السمعي والبصري الت تساعد
العلم – أثناء الشرح – ف أداء مهم ته التربو ية والتعليم ية على الو جه الك مل ،آخذ ين ذلك من سنة العلم
الول صلى ال عليه وعلى آهل وصحبه وسلم تسليما كثيا .
أولً :التصال السمعي :منها :
أ -طريقة الكلم ( السرد – الشرح ) :
ي سرد ك سردكم هذا ،ولك نه كان يتكلم عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت ( :ما كان ر سول ال
يسرد ) ..بضم الراء من السرد بكلم بي فصل ،يفظه من جلس إليه ) 1قولا ( :ما كان رسول ال
يتا بع الد يث ا ستعجالً و هو التيان بالكلم على الولء وال ستعجال ف يه ..والع ن ل ي كن ر سول ال
2
بعضه إثر بعض لئل يلتبس على الستمع ..وقوله ( :فصل ) أي بي ظاهر يكون بي أجزائه فصل .
إن عرض الادة العلمية بسرعة يسبب إرباكا لدى الطالب ،ويشتت ذهنه ،ويرمه النتفاع بكثي من
الفوائد والسائل الت قد تر سريعا ول يتصيدها الذهن ،وهذه الطريقة يقع فيها كثي من العلمي ،وذا وجب
التنبيه ل ا .وع كس ذلك البطء الشد يد ال مل ،الذي يبعث على ال سترخاء والنوم ،ويولد الضجر وال سآمة
لدى الطالب .
والطر يق الم ثل ،هو الفصل بي الكلمات ،ح يث يف صل بي الكل مة وأخت ها فل تتدا خل الكلمات
والروف لكفي ل تشكفل وتصفعب على الطالب ،وكذلك التوسفط فف السفرد فل هفو بالسفريع الفرط ول
البطيء الخل .
ب -عدم التشدق ف الكلم وتكلف السجع :
التشدق :هو التوسع ف الكلم من غي احتياط واحتراز ،وقيل التشدق التكلف ف الكلم فيلوي به
شدق يه ،والشدق جا نب الفم . 3وتكلف الكلم ،والتيان بغرائ به ،والبال غة ف إخراج حرو فه ،أ مر مذموم
الشمائل المحمدية .للترمذي .تحقيق اللباني .وقال الترمذي حديث حسن صحيح .وحسن اللباني إسناده .. 1
وعند البخاري في المناقب وفيه ( :كان يحدث حديثا لو عده العاد لحصاه ) وهو عند مسلم في فضائل الصحابة /وأحمد في باقي مسند
النصار /والترمذي في المناقب /وأب داود في العلم .
تحفة الحوذي /أبواب المناقب /باب . 39بتصرف يسير . 2
عون المعبود ( كتاب الدب /باب 95باب ما جاء في التشدق في الكلم ) . 3
44
المعـلم الول
شرعا ،ومرفوض عقلً ،لن مفن كانفت هذه صففته لبفد وأن يرى فف نفسفه التعاظفم على الغيف وازدراء
الخر ين لكون م أ قل م نه بل غة وف صاحة .ول عل حد يث جابر ر ضي ال ع نه ،وحد يث ع بد ال بن عمرو
يغنيان عن كثي من الكلم ف هذا الباب :
قال " :إن من أحب كم إل ،وأقرب كم م ن مل سا يوم -1عن جابر ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال
القيامة ،أحاسنكم أخلقا .وإن أبغطكم إل ،وأبعدكم من يوم القيامة ،الثرثارون والتشدقون والتفيهقون
1
" قالوا :يا رسول ال قد علمنا الثرثارون والتشدقون فما التفيهقون ؟ قال ( :التكبون )
" إن ل يب غض البل يغ من الرجال الذي عن ع بد ال بن عمرو ر ضي ال عنه ما قال :قال ر سول ال
2
يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانا ".
يقول الغزال ف الحياء :التقعر ف الكلم بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع فيه بالتشبيبات
والقدمات و ما جرى به عادة التفا صحي الدع ي للخطا بة .و كل ذلك من الت صنع الذموم و من التكلف
قال :بل ينب غي أن يقت صر ف كل ش يء على مق صوده : المقوت ..ث ب عد أن ساق أخبارا عن ال نب
ومق صود الكلم التفه يم للغرض و ما وراء ذلك من ت صنع مذموم .ول يد خل ف هذه ت سي ألفاظ الطا بة
والتذكي من غي إفراط وإغراب. 3
قلت :هذا إذا كان التكلم م ن ي سن التحدث بالعرب ية ول كن بلي نا بقوم فرطوا ف لغت هم ،فادخلوا
عليها ما ليس فيها كقول بعضهم ( أوكي ، ) ok /و(يس ) yes/ونو ذلك ،فل لغتهم نصروا ،ول لغة
عدهم دفعوا ! .
ت – رفع الصوت ( أو تغيي نبات الصوت ) بالتعليم :
ف سفرة سافرناها ،فأدركنا وقد أرهقتنا الصلة ونن -1عن عبد ال بن عمرو قال :تلف عنا النب
نتو ضأ ،فجعل نا ن سح على أرجل نا ،فنادى بأعلى صوته ( :و يل للعقاب من النار ) مرت ي أو ثلثا 4هذا
الديث بوب عليه البخاري ف صحيحة بقوله :باب من رفع صوته بالعلم .قال الافظ :واستدل الصنف
على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله ( :فنادى بأعلى صوته ) وإنا يتم الستدلل بذلك حيث تدعو الاجة
إل يه لب عد أو كثرة ج ع أو غ ي ذلك ،ويل حق بذلك ما إذا كا نت موع ظة ك ما ث بت ذلك ف حد يث جابر
قال النووي في رياض الصالحين ص : 233رواه الترمذي وقال حديث حسن .ثم قال ( :الثرثار ) :هو كثير الكلم تكلفا ( .والمتشدق ): 1
المتطاول على الناس بكلمه ،ويتكلم بملء الفم فيه تفاصحا وتعظيما لكلمه ( ،والمتفيهق ) أصله من الفهق ،وهو المتلء ،وهو الذي
يمل فمه بالكلم ،ويتوسع فيه ،ويغرب به تكبرا وارتفاعا ،وإظهارا للفضيلة على غيره .
رواه المام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة /وأبو داود في الدب /والترمذي في الدب .وصحح اللباني رواية أبي دواد . 2
والباقرة أي البقرة :وخص البقرة لن جميع البهائم تأخذ النبات بأسنانها وهي تجمع بلسانها .قاله في عون المعبود/كتاب الدب /باب 95
إحياء علوم الدين (. )3/193 3
رواه البخاري في كتاب العلم /ومسلم في الطهارة /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /وأبو داود في الطهارة /والنسائي في 4
الطهارة .
45
المعـلم الول
1
إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعل صوته ..الديث ) أخرجه مسلم . ( كان النب
يستفاد ما سبق من رفع الصوت أثناء التعليم ،ف بيان السائل الهمة جدا الت تستلزم جذب انتباه
السامعي ،لكي تطرد الغفلة والشرود عن أذهانم وتيئتهم لا سيلقى إليهم ،وكذلك يستفاد من رفع الصوت
ل أثناء الشرح ،إذا أراد العلم أن
ف النكار ك ما جاء ف الد يث التقدم ،و قد يستفاد من رفع الصوت قلي ً
ينبه فردا أو أفرادا معيني من الطلب ،ول يرد أن يقطع حديثه .
ث – استمرار ا لعلم ف اللقاء وعدم قطعه :
يلجفأ بعفض الطلب إل أيقاف شرح العلم لتوضيفح نقطفة غامضفة ،أو إعادة لشرح مضفى ،وقفد
ي ستجيب العلم لذا الطلب و قد ل ي ستجيب ،و ف ا ستجابة العلم عدة ماذ ير .أولً :تقد ي رغ بة طالب
واحد أو اثني على حساب مموعة كبية وهي الغلبية .ثانيا :قطع الديث بعضه عن بعض وكان حقه أن
يكون مت صلً .ثالثا :التشو يش عل أذهان الطلب بذا الق طع الطارئ .رابعا :التشو يش على العلم نف سه
وقطع تسلسل أفكاره .ومستندنا ف ذلك ما رواه البخاري ف صحيحه قال :
ف ملس يدث القوم جاءه أعراب فقال :مت الساعة -1عن أب هريرة رضي ال عنه قال :بينما النب
يدث .فقال بعض القوم :سع ما قال فكره ما قال ،وقال بعضهم :بل ل يسمع ؟ فمضى رسول ال
.حت إذا قضى حديثه قال :أين أراه السائل عن الساعة ؟ قال ها أنا يا رسول ال .قال " :فإذا ضيعت
المانة فانتظر الساعة ". 2
أجاب على سؤال السائل بعد فراغه من تأمل هذا الديث يتضح لك ما قلناه آنفا ،وفيه زيادة أن الرسول
حديثه ،ونستنبط من هذا عدم قطع الديث التصل ، 3وإجابة السائل بعد الفراغ من الديث التصل .
ج -السكوت أثناء اللقاء ( الشرح )
ل فمنهـا :أناف تذب انتباه الطلب ،
للسفكوت أثناء شرح العلم فوائد يسفن بنفا الوقوف عندهفا قلي ً
فكون العلم يتكلم ف موضوع معي ث يسكت فجأة فإن هذا وبل شك يستلزم انتباها من الستمع ،ومنها :
أنا تسمح بتراد نفس العلم وأخذ قسط قليل من الراحة ومنها :أنا تعطي العلم فرصة لترتيب أفكاره وهي
عملية ذهنية ل تستغرق سوى ثوان معدودة .ولعل الديث الت يقرب ما قلناه آنفا :
قال " :أي شهر هذا ؟ قلنا ال ورسوله أعلم .فسكت حت عن أب بكرة رضي ال عنه عن النب
ظن نا أ نه سيسميه بغ ي ا سه ،قال :أل يس ذا ال جة ؟ قل نا :بلى ،قال :فأي بلد هذا ؟ قل نا :ال ور سوله
ذكره الحافظ في الفتح ( ) 1/173وهو عند المام أحمد في باقي مسند المكثرين /وأبي داود في الخراج والمارة والفيء /والنسائي في 1
أحد طلب الثانوية يقول :مدرسنا اضطر لقطع حديثه مرتين من أجل أن يجيب على رسالة ( ل سلكية ) جاءته عبر جهاز " الجوال " !!؟. 3
46
المعـلم الول
أعلم ف سكت ح ت ظن نا أ نه سيسميه بغ ي ا سه ،قال :فأي يوم هذا ؟ قل نا :ال ور سوله أعلم .ف سكت
ح ت ظن نا أ نه سيسميه بغ ي ا سه .قال :أل يس يوم الن حر ؟ قل نا بلى .قال :فإن دماء كم وأموال كم – قال
ممد وأحسبه قال :وأعراضكم – عليكم حرام ،كحرمة يومكم هذا ،ف بلدكم هذا ،ف شهركم هذا ..
1
الديث "
ف العلم أن
فأ نت ترى أ ثر هذا ال سكوت على ال صحابة ،وك يف جذب حواسفهم وانتباههفم ،ولك أيه ا
تستخدم هذه الطريقة أثناء شرحك ،بعد كل نقطة رئيسة للفصل بي النقاط ،وللتهيؤ لشرح النقطة الت تليها.
ثانيا :التصال البصري :منه :
أ -إدامة التصال النظري بي العلم والتعلم :
إن الحافظة على التصال النظري بي العلم وتلميذه ،مفيد جدا للمعلم وللمتعلم .فالعلم يبقي طلبه
ت ت سيطرته من خلل متابع ته ل م بنظره ،و من ث يل حظ الغا فل فينب هه ،والنا عس فيوق ظه ،والتل عب
فيزجره ..إل .ولذا كان حري بالعلم أن يوزع نظره على عموم طلبفه حتف يعتقفد كفل طالب أنفه العنف
بالكلم ،ول يغفل عن طلبه أثناء الشرح ،فإن بعض العلمي يصوب بصره على جهة معينة أثناء تدريسه ،
وهذا خ طأ يؤدي إل فقدا نه ال سيطرة على طل به ،و من ث يع طي الطالب الفر صة بالتشا غل عن ال ستماع
ل عن طل به لتح صل التاب عة اليدة من والن صات للدرس .وي ستحب أن يكون مكان العلم مرتفعا ولو قلي ً
قبله ،ولكي يتسن لكل طالب متابعة معلمه دون عناء أو مضايقة من حوله .وأما التعلم فمن خلل رؤيته
ال ستمرة وإدام ته لنظره لعل مه ،ي صل له ف هم أقوى ل ا يطرح ويقال ف الدرس ،لن اشتراك حا ستي وه ا
السمع والبصر أقوى ف التلقي من القتصار على واحدة .ولنا أن نلمس السبب من جعل النب عاليا .ولقد
بارتفاع ثلث درجات وهي كافية جدا ف تبادل النظر بي الطيب والصلي ..يوضح ذلك : كان منبة
يطب الناس يوم المعة فقال :أصليت -1عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه قال ( :جاء رجل والنب
2
يافلن ؟ قال :ل .قال قم فاركع )
3
جلس ذات يوم على النب وجلسنا حوله) -2وعن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال (:إن النب
واللوس حول الطيب يقتضي النظر إليه ،وكذا اللوس حول العلم يقتضي النظر إليه .وهذا الديث أورده
البخاري ف صحيحه وعقد عليه بابا بقوله :باب (يستقبل المام القوم ،واستقبال الناس المام إذا خطب)
قال الا فظ ا بن ح جر معلقا :و من حك مة ا ستقبالم للمام الته يؤ ل سماع كل مه و سلوك الدب م عه ف
رواه البخاري في المغازي /ومسلم في القسامة والمحاربين والقصاص /وأحمد في مسند البصرين /وابن ماجه في المقدمة /والدارمي 1
والنسائي في الجمعة /وابن ماجه في إقامة الصلة والسنة فيها /والدارمي في الصلة .
رواه البخاري في كتاب الجمعة /ومسلم في الزكاة /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والنسائي في الزكاة وابن ماجه في الفتن . 3
47
المعـلم الول
ا ستماع كل مه ،فإذا ا ستقبله بوج هه وأق بل عل يه ب سده وبقل به وحضور ذه نه كان أد عى لتف هم موعظ ته
1
ومافقته فيما شرع له القيام لجله .
ب -استخدام تعابي الوجه :
يغفل كثي من العلمي عن توظيف هذه الطريقة ف التعليم ،بل إنك ل تكاد تد من يعمل با ،إما
لهله با أو لغفلته عنها .وهذه الطريقة تغن العلم عن النكار باللسان ،أو ترديد عبارات الرضا والرتياح
تاه عمل معي أو قول معي ،وهذه الطريقة نافعة جدا مع فئة معينة من الناس ،فإن هناك من تؤثر فيه النظرة
الادة ،وهي كافية ف زجرة وردعه ،وهناك من تؤثر فيه البتسامة والبشاشة أكثر ما لو قلت له :أحسنت
أو هذا ج يد هكذا دون مشار كة تعاب ي الو جه ال ت تدل على الرتياح والر ضا .وهناك من ل يؤ ثر ف يه ذلك
كان يعرض الغضب ف وجهه . كله ،فيعامل كل بسبه .ونبينا
وف البيت قرام فيه صور .فتلون وجهه ،ث -1قالت عائشة – رضي ال عنها – دخل على رسول ال
2
" :من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورن هذه الصور " تناول الستر فهتكه .وقالت قال النب
رأى نامة ف القبلة فشق ذلك عليه حت رؤي ف وجهه ،فقام -2ويروي أنس رضي ال عنه أن النب
فحكها بيده فقال " :إن أحدكم إذا قام ف صلته فإنه يناجي ربه – أو إن ربه بينه وبي القبلة – فل يبزقن
أحدكم قبل قبلته ،ولكن عن يساره أو تت قدمه " ث أخذ طرف ردائه فبصق فيه ،ث رد بعضه على بعض
فقال " :أو يف عل هكذا " 3و ف قوله ( :ح ت رؤي ف وج هه ) يقول الا فظ 4:أي شو هد ف وج هه أ ثر
الش قة ،وللن سائي ( فغ ضب ح ت اح ر وج هه ) وللم صنف ( ..فتغ يظ على أ هل ال سجد ) أه ف .فهذه
اللفاظ كل ها تدل على أن هذا الغ ضب أحدث ع ند ال صحابة علما جازما بأن هذا الف عل الذي غ ضب م نه
ول يزد على ذلك ،لكان كافيا ف النكار والردع ،ولك نه عل يه منكرا ،ولو سكت ال نب الر سول
الصلة والسلم بي سبب الغضب لنه ف مقام التبليغ والتعليم ..وال أعلم .
أما التبسم :
منذ أسلمت ول رآن إل تبسم ف وجهي 5ول -3فيقول جرير بن عبد ال البجلي :ما حجبن النب
يفى أثر ذلك البتسام على جرير بن عبد ال رضي ال عنه وأرضاه .
فتح الباري /حديث . ) 2/467(921 1
رواه البخاري في كتاب الدب /ومسلم في الحيض /وأحمد في باقي مسند النصار /وأبو داود في الطهارة /والترمذي في الطهارة / 2
رواه البخاري في كتاب الدب /ومسلم في فضائل الصحابة /وأحمد في مسند الكوفيين /والترمذي في المناقب /وابن ماجه في المقدمة 5
الخلصة:
( )1مراعاة القصد ف الكلم _ أثناء الشرح – والترسل فيه ،والتوسط ،ل سريع مفرط ،ول بطيء مل
()2الغاية من التوسط ف الكلم وعد السرد السريع ،هو ضمان وصول العلومات إل ذهن الطالب بعيدا
عن الثارة والتشويش .
()3تكلف الكلم خصلة ذميمة شرعا وحسا وعقلً .
()4تكلف الكلم والتيان بغرائبه ،يوجب النفرة بي العلم والتعلم .
()5رفع الصوت أثناء التعليم ،وسيلة جيدة ف جذب انتباه السامعي وف النكار .
()6قطع الشرح يسبب إرباكا للطلب ،ويفسد على العلم تسلسل أفكاره ورط بعضها ببعض .
()7على العلم أن يطلب من طلبه أن يؤخروا أسئلتهم إل أن يفرغ من الشرح .
()8السكوت أثناء الشرح له فوائد منها :جذب انتباه الطلب ،وتراد نفس العلم ،وترتيب الفكار .
()9تبادل النظر بي العلم والتعلم ،عامل هام ف سيطرة العلم على طلبه ،وف فهم التعلم لا يلقى إليه
من مسائل وعلوم .
()10توظيف تعابي الوجه ف التعليم ،يساعد العلم ف تقيق أغراضه .
()11مراعاة اختلف الطلب ،ومقدار تأثرهفم بذه النفعالت ،فإن بعضهفم ل تدي معفه مثفل هذه
التعابي الظاهرة .
⊥⊥ ⊥
] [3السلوب العملي ف التعليم
ل شك أن عرض الادة وتقدي ها عن طر يق اللقاء ،و سيلة جيدة ف التح صيل والتعلم ،ول كن هذه
الوسيلة تبلغ ذروتا إذا أنضاف إليها وسيلة أخرى ،وهي السلوب العملي ،فإذا اشترك السلوب النظري مع
ال سلوب العملي ف آن وا حد أثناء التعل يم ،كان ذلك عاملً قويا ف تر سيخ العلومات ف ذ هن الطالب ،
ومث بت ل ا من الن سيان .والسلوب العملي قد يكون من ج هة العلم ،و قد يكون من ج هة التعلم ،أي أن
الفعل قد يكون من العلم ،وقد يكون من التعلم ،وإليك بسطا لكل منهما :
أ -السلوب العملي من قبل العلم :
صلى عليها على النب ) قال ( .. :ث رأيت رسول ال -1حديث سهل بن سعد ( وفيه صلة النب
وكب وهو عليها ،ث ركع وهو عليها ،ث نزل القهقرى ،فسجد ف أصل النب ،ث عاد ،فلما فرغ أقبل
1
على الناس فقال :أيها الناس :إنا صنعت هذا لتأتوا ب ولتعلموا صلت )
رواه البخاري في كتاب الجمعة /ومسلم في المساجد ومواضع الصلة /وأحمد في باقي مسند النصار /وأبو داود في الصلة /والنسائي 1
في المساجد /وابن ماجة في إقامة الصلة والسنة فيها /والدارمي في الصلة .
49
المعـلم الول
رأي نامة ف القبلة فشق ذلك عليه حت رؤي ف وجهه ،فقام فحكه -2عن أنس رضي ال عنه أن النب
بيده فقال " :إن أحدكم إذا قام ف صلته فإنه يناجي ربه – أو إن ربه بينه وبي القبلة – فل يبزقن أحدكم
قبل قبلته ،ولكن عن يساره أو تت قدمه " ث أخذ طرف ردائه فبصق فيه ،ث رد بعضه على بعض فقال :
( أو يف عل هكذا ) 1قال الا فظ ع ند قوله ( :ث أ خذ طرف ردائه ..ال ) ف يه البيان بالف عل ليكون أو قع ف
نفس السامع .2
-3ومثله الديث الذي رواه البخاري ،وفيه أن عثمان بن عفان رضي ال عنه توضأ ث قال :قال رسول ال
( من توضأ نو وضوئي هذا ،ث صلى ركعتي ل يدث فيهما نفسه ،غفر له ما تقدم من ذنبه ) 3قال
ابن حجر :وف الديث التعليم بالفعل لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم 4ومثله قوله عليه الصلة والسلم ف الج
( خذوا ع ن منا سككم ) والمثلة كثية ف هذا الباب ،وفي ما سبق غن ية عن الطالة .فعلى العلم أن يعت ن
بذا السلوب فإنه ناجع ومفيد .وزيادة على ما مضى فإن هذا السلوب يتصر السافة على العلم ف ضرب
ل – ويسفتهلك وقتا طويلً ففالمثلة ،ويوففر الوقفت والهفد ،فبد ًل مفن أن يفظهفم صففة الوضوء – مث ً
تعليم هم ،يكف يه أن ي ض الاء ويطب قه عمليا أمام هم ث يعل هم يفعلون ذلك عمليا بت طبيق ما شاهدوه من
معلمهم على أنفسهم .وكذلك المر ف تعليم الصلة ونوها .
وعلى العلم أن يتذكر أن استخدام السلوب العملي ف التعليم ل يتأتى لكل مادة علمية ،ولكن عليه أن يبذل
جهده ف استخدام هذا السلوب أثناء أداءه لهمته التعليمية ،فإنه مرب ومفيد ف حفظ العلومات واستدامتها
ف الذهن .
ب -السلوب العملي من قبل التعلم :
دخل السجد فدخل رجل فصلى ،ث جاء فسلم على النب -1عن أب هريرة رضي ال عنه ( أن النب
عليه السلم قال :ارجع فصل فإنك ل تصل ،فرجع الرجل فصلى كما كان صلى .ث جاء ،فرد النب
( وعليك السلم ) ث قال :ارجع فصل فإنك ل تصل ) حت فعل إل النب فسلم عليه .فقال رسول ال
ذلك ثلث مرات .فقال الرجل :والذي بعثك بالق ! ما أحسن غي هذا .علمن .قال ( :إذا قمت إل
الصلة فكب .ث اقرأ ما تيسر معك من القرآن .ث اركع حت تطمئن راكعا .ث ارفع حت تعتدل قائما .ث
اسجد حت تطمئن ساجدا .ث ارفع حت تطمئن جالسا .ث افعل ذلك ف صلتك كلها ) 5فهذا الديث فيه
تقدم تخريجه . 1
فتح الباري .كتاب الصلة .باب حك البراق باليد في المسجد .1/606 ( .ح . ) 405 2
رواه البخاري في كتاب الوضور /ومسلم في الطهارة /وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة /وأبو داود في الطهارة /والنسائي في 3
هذا حديث مشهور ومعروف عند أهل العلم ،بحديث المسيء صلته .رواه البخاري في كتاب الذان /ومسلم في الصلة /وأحمد في 5
باقي مسند المكثرين /والترمذي في الصلة والنسائي في الفتتاح /وأبو داود في الصلة /وابن ماجه في إقامة الصلة والسنة فيها .
50
المعـلم الول
،لذلك الذي أساء ف صلته ول يسن فيها ،بأسلوب عملي يعل التعلم يكتشف الطأ تعليم الرسول
،لذلك الصلي ثلث مرات ،لعله يكتشف سبب أمر النب الذي وقع فيه بنفسه ،وذلك يتبي من رد النب
عن تعلي مه أولً ح ت افت قر ال له بإعادة ال صلة .يقول القا ضي عياض :فإن ق يل ل سكت ال نب
الراج عة كرة ب عد أخرى ،قل نا لن الر جل ل ا ل ي ستكشف الال مغترا ب ا عنده سكت عن تعليمه زجرا له
وإرشادا إل أ نه ينبغي له أن ي ستكشف ما ا ستبهم عليه ،فل ما طلب ك شف الال بينه بسن القال ..وقال
ابن دقيق العيد :ل شك ف زيادة قبول التعلم لا يلقى إليه بعد تكرار فعله واستجماع نفسه وتوجه سؤاله
مصلحة مانعة من وجود البادرة إل التعليم ل سيما مع عدم الوف 1وقال النووي :وإنا ل يعلمه أو ًل ليكون
أبلغ ف تعريفه وتعريف غيه بصفة الصلة الجزئة. 2
عن وقت صلة الفجر ،فقال :صلها معنا غدا ،فصلها -2عن أنس بن مالك ،أن رجلً سأل النب
بغلس ،فلما كان اليوم الثان أخر حت أسفر ،ث قال :أين السائل عن وقت الصلة ؟ فقال الرجل : النب
:أليس قد حضرتا معنا أمس واليوم ؟ قال :بلى .قال :فما بينهما وقت " .3 أنا يانب ال فقال النب
" :ليس الب قال ابن عبدالب . 4وقد يكون البيان بالفعل أثبت أحيانا فيما فيه عمل من القول ،وقد قال
كالعاينة " .5
الخلصة:
( )1المع بي السلوب النظري والسلوب العملي ف التعليم ،من الوسائل النافعة ف التربية والتعليم .
()2هذه الطريقة تتصر الطريق على العلم ،وتوفر الوقت والهد .
()3إشراك الطلب ف التطبيق العملي ،لكي تتم الفائدة .
()4على العلم أن ي عل طل به يكتشفون ال طأ بأنف سهم ،كأن يع يد العلم كرا سة الواجبات إل الطالب
بدون تصحيح لكي يعيد النظر فيها ويكتشف الطأ بنفسه .
()5مارسة الشيء وتطبيقه ،عامل قوي ف حفظ العلومة وصيانتها عن النسيان .
⊥⊥ ⊥
] [4عرض الادة العلمية بأسلوب يناسب عقل الطالب وفهمه
عون المعبود .شرح سنن أبي داود .أبي الطيب محمد شمس الحق عظيم آبادي ( .كتاب الصلة /باب . ) 146 1
ذكره ابن عبد البار بسنده في التمهيد ( .4/332حديث سادس وعشرون لزيد بن أسلم ) وقال محققه في الحاشية :أخرجه البزار بسند 3
صحيح ،وأخرجه الطبراني في الكبير والوسط من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن حارث بسند حسن ،ومن حديث زيد بن حارثة عند أبي
يعلى والطبراني .
في التمهيد (. ) 4/334 4
تتلف العقول والدارك ،من شخص لخر ،ومن جاعة لخرى ،وذلك أمر بي وواضح ،ويدلك على
ذلك أن الطلب ف الفصل الواحد يتلفون ف سرعة الستجابة لسئلة الطروحة ،وف الفهم ،ولعل حديث أب
سعيد الدري الروي ف الصحيحي وغيها يلي لنا المر :عن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال :إن رسول
جلس على النب فقال :عبد خيه ال بي أن يؤتيه زهرة الياة الدنيا وبي ما عنده ،فاختار ما عنده .فبكى ال
هو الخي ،وكان أبوبكر هو أعلمنا به ..الديث أبوبكر فقال :فديناك بآبائنا وأمهاتنا .قال فكان رسول ال
هو الع بد الخ ي فب كى حزنا على فرا قه وانقطاع .قال النووي :وكان أبوب كر ر ضي ال ع نه علم أن ال نب
1
إن عبدا وأبمه لينظر فهم أهل العرفة ونباهة أصحاب الذق .أهف الوحي وغيه من الي دائما ،وإنا قال
.وقال شيخ السلم ابن تيمية :نعم .كان أبوبكر الصديق رضي ال عنه أقرب الناس إل رسول ال ،وأولهم به
،وأعلم هم براده ل ا ي سألونه ع نه فكان ال نب يتكلم بالكلم العر ب الذي يفه مه ال صحابة ر ضي ال عن هم ويزداد
2
الصديق بفهم أخر يوافق ما فهمهوه ،ويزيد عليهم ول يالفه .أهف
ث إن القدرة على إيصال العلومات إل ذهن الطالب ،تتلف قوة وضعفا من ووسيلة لخرى ،ومن هذه
الوسائل ،طريقة الشرح ،شرح الادة الراد تدريسها ،وهذه الطريقة تعد من أفضل الطرق ف الفصاح والكشف
عن مراد العلم ،ولذا كان من ال هم جدا أن يعرف العلم م ستوى طل به العقلي ،لن ذلك ي ساعد على تد يد
أسلوبه ف عرض الواد العلمية ،وتلخيصها با يوفق عقولم ومداركهم .ويوضح ذلك الثار التالية :
عن الدر أمن البيت هو ؟ قال :نعم .قلت :فما عن عائشة رضي ال عنها قال ( :سألت النب
لم ل يدخلوه ف البيت ؟ قال :إن قومك قصرت بم النفقة .قلت :فما شأن بابه مرتفعا ؟ قال :فعل ذلك
قو مك ليدخلوا من شاءوا وينعوا من شاءوا ،ولول أن قو مك حد يث عهد هم بالاهل ية فأخاف أن تن كر
ترك بناء الكعبة على أساسها الذي قلوبم أن أدخل الدر ف البيت وأن ألصق بابه ف الرض ) 3فالنب
بناها عليه إبراهيم عليه السلم ،من أجل المن من الوقوع ف الفسدة ،والفسدة هي 0 :أن قريشا كانت
أن يظنوا لجل قرب عهدهم بالسلم أنه غي بناءها لينفرد بالفخر عليهم ف تعظم أمر الكعبة جدا فخشي
أمرا عظيما كهذا ،خش ية أن تق صر أفهام هم عن إدراك ال مر ذلك ) 4فان ظر رعاك ال ك يف ترك ال نب
: على وجهه .ولكي نزيد المر وضوحا ،هاك مثالي من تلميذ ممد
الول :مارواه البخاري ف صحيحه عن على بن أ ب طالب ر ضي ال ع نه قال :حدثوا الناس ب ا
مسلم بشرح النووي .كتاب فضائل الصحابة .حديث رقم (. )2382 1
البخاري :كتاب الحج .وبوب البخاري على هذا الحديث في كتاب العلم بقوله :باب .من ترك بعض الختيار مخافة أن يقصر فهم بعض 3
الناس عنه فيقعوا في أشد منه / .وهو عند مسلم في الحج /وأحمد في باقي مسند النصار /والترمذي في الحج /والنسائي في مناسك
الحج /وأبي داود في المناسك /وابن ماجه في المناسك /ومالك في الحج /والدارمي في المناسك .
فتح الباري ()1/271 4
52
المعـلم الول
قال الحفظ :وزاد آدم بن إياس في كتاب العلم له عن عبد ال بن داود عن معروف في آخره (ودعوا ما ينكرون ) أي يشتبه عليهم فهمه 1
قال العراقي :رويناه في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث ابن عمر أخصر منه وعند أبي داود من حديث عائشة أنزلوا 3
الناس منازلهم أهـ .والكلم يطول حول هذا الحديث .تجده في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين .استخراج أبي عبد ال محمود بن محمد
الحداد ( ) 1/166ط .دار العاصمة .
إحياء علوم الدين )1/96( .ط دار الحديث . 4
الداب الشرعية .لبن مفلح )2/165( .ط مكتبة الرياض . 5
53
المعـلم الول
وصاحب هذا يخشى عليه الفتنة في دينه ،لننا تعبدنا ال بالسمع والطاعة ،ومن صفات المؤمنين أنهم يقولون :ربنا إننا سمعنا وأطعنا 1
ولو لم تظهر لهم حكمة التشريع من ذلك المر أو النهي .ولكن تلمس الحكمة من التشريع مع التسليم والنقياد للدليل ،أسكن للنفس وأهدأ
للبال .وال أعلم .
والحقيقـة أن القواعـد والسـس العلميـة ليـس مسـلما بهـا على الطلق ،والدليـل هـو ظهور بعـض المكتشفات والختراعات الحديثـة ، 2
والنظريات التي قد تنقض قاعدة ثابتة من أصلها ولكن يندر أن يوجد تلميذ في مرحلة معينة من الدراسة ويستدرك قاعدة ثابتة اتفق عليها
علماء كثيرون .
في مختار الصحاح ( ص : )290مه :مبني على السكون اسم لفعل المر ومعناه اكفف فإن وصلت نونت فقلت مه مه . 3
أخر جه المام أح مد في با قي م سند الن صار وقال اللبا ني في ال سلسلة ال صحيحة ( : )1/645وهذا سنده صحيح رجاله كل هم ثقات رجال 4
الصحيح .
54
المعـلم الول
في كتاب الطلق /ومسلم في اللعان /وأحمد في باقي مسند المكثرين /الترمذي في الولء والهبه /والنسائي في الطلق /وأبو دادود 1
قوله ( :فأني ذلك ) أي من أين أتاها اللون الذي خالفها ،هل هو بسبب فحل من غير لونها طرأ عليها أو لمر آخر ؟ ( الفتح ) 9/353 3
قال النووي :والمراد بالعرق هنا الصل من النسب تشبيها بعرق الثمرة ..ومعنى نزعه أشبهه واجتذبه إليه وأظهر لونه عليه ،وأصل النزع 4
الجذب فإنه جذبه إليه لشبهه ،يقال منه نزع الولد لبيه وإلى أبيه ونزعه أبوه ونزعه إليه ( صحيح مسلم بشرح النووي حديث )1500
ساق البخاري في كتاب العتصام بالسنة ..عن أبي هريرة أن أعرابيا ..الحديث . 5
يستدل الفقهاء بهذا الحديث وغيره على إثبات القياس والرد على من أنكره .أنظر فتح الباري كتاب العتصام (حديث .)7314 6
هذه القصة ترشد كل من جاء ولد تختلف أوصافه عن أوصاف والديه ،بأن ل يتعجل ويصدر حكما على زوجه بالزنا ،بل عليه أن يحسن 7
رواه البخاري في المناقب /وأحمد في مسند البصريين /وأبو داود في الجهاد . 3
56
المعـلم الول
فيها من الكم والعب ل يعلمها إل من أعطاها حقها من التأمل ، فهذه القصة الت ساقها الرسول
ففيها أن البتلء بالتعذيب وغيه لهل التوحيد سنة ماضية ،وفيها ثبات من كان قبلنا على الق ل يصده عن
دينه شيء ولو كان الثمن حياته ،وفيها إخبار بالغيب عندما أخب عن ظهور هذا الدين ،وفيها بيان فضيلة
الصب وذم الستعجال بقوله ( :ولكنكم تستعجلون ) .
والق صص ف ال سنة كثية ولول الطالة ل سقت بعضا من ها ول كن أكت في بإشارات إلي ها ،فمن ها ق صة
الثل ثة (الع مى ،والبرص ،والقرع ) الذ ين أتا هم اللك .وق صة الثل ثة الذ ين لئوا إل الغار فانطب قت
عليهم الصخرة .وقصة نب ال موسى عليه السلم مع الضر ،وغيها كثي .
وعلى العلم ..أن ل يكون ه ه سرد الق صص ف قط ،بل عل يه بيان موا ضع ال عب من ها ،وبيان الفوائد
الستنبطة من القصة ،وبيان الحكام الواردة فيها إن كان فيها أحكام ..إل .
الخلصة:
()1القصص تألفها النفوس ،ولا تأثي عجيب ف جذب انتباه السامع وحفظ أحداث القصة بسرعة .
()2القصة ل توضع للتسلية الجردة فقط بل للعتبار والتعاظ والتعلم .
()3القصص لا أثرها البالغ ف التأثي على سلوكيات الطلب ،خصوصا إذا كانت القصة واقعية وتعال
قضايا هامة .
()4القصة وسيلة قوية للتعليم فيجب العتناء با ،وإعطاؤها قدرا كبيا من الهتمام .
⊥⊥ ⊥
1
] [7ضرب المثال أثناء التعليم
يتاج العلم والرب إل وسيلة تقرب السألة العقدة أو العضلة إل الذهان ،أو توضح الفكرة الصعبة .
وبأ سلوب آ خر فإن العلم قد تواج هه ب عض ال صعوبات ف إي صال العلومات إل ذ هن ال سامع ،فيحتاج إل
و سيلة أخرى م ساعدة تلف هذا الشكال ،وتف تح الجال أمام ذهفن الطالب فيتعلم ال سألة الصفعبة ب سهولة
ويسر.
والثل لغة :صيغة الثل وما يشتق منها تفيد التصوير والتوضيح ،والظهور والضور والتأثي .فالثل هو
الشيء الضروب المثل به الذي تتضح به العان وهو صفة الشيء أيضا . 2
والقرآن الكر ي حا فل بذ كر المثال ،و هي كثية جدا :ف من ذلك قوله تعال ( :أل تر ك يف ضرب ال
ل كل مة طي بة كشجرة طي بة أ صلها ثا بت وفرع ها ف ال سماء تؤ ت أكل ها كل ح ي بإذن رب ا ويضرب ال
مث ً
انظر تحفة الحوذي بشرح سنن الترمذي (. )8/123 عقد الترمذي في سننه أبوابا خاصة بالمثال التي وردت عن رسول ال 1
المثال في القرآن الكريم .لبن القيم الجوزية .ص 28تحقيق سعيد محمد نمر الخطيب ( ط.دار المعرفة ) والكلم من قول المحقق . 2
57
المعـلم الول
1
المثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الرض مالا من قرار )
عن ا بن عباس ف قوله ( :أل تر ك يف ضرب ال مثلً كل مة طي بة كشجرة طي بة ) ( يع ن بالشجرة
الطيبة الؤمن ويعن بالصل الثابت ف الرض والفرع ف السماء يكون الؤمن يعمل ف الرض ،ويتكلم فيبلغ
2
قوله وعمله السماء وهو ف الرض )
و ف قوله تعال ف ال ية ال سابقة ( ويضرب ال المثال للناس لعل هم يتذكرون ) يقول الشوكا ن :و ف
ضرب المثال زيادة تذك ي وتفه يم وت صوير للمعان3ي .ويقول ا بن سعدي :فإن ف ضرب المثال ،تقريبا
للمعانف العقولة ،مفن المثال الحسفوسة ،ويتفبي العنف الذي أراده ال ،غايفة البيان ،ويتضفح ،غايفة
الوضوح ،وهذا من رحته ،وحسن تعليمه .فلله أت المد وأكمله وأعمه 4.ويقول أبو بكر الزائري :بعد
5
هذه الية ،من هداية اليات :استحسان ضرب المثال لتقريب العان إل الذهان .
ما ف المثال من قدرة على ،كان يضرب المثال كثيا ف أحاديثه وأقواله ،لعلمه والعلم الول
تقريب العن وبيان القصود ،فمن ذلك :
قال ( :م ثل الؤ من الذي يقرأ -1ما جاء ف ال صحيحي من حد يث أ ب مو سى الشعري عن ال نب
القرآن كمثل الترجة طعمها طيب وريها طيب ،مثل الؤمن الذي ل يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها
طيب ول ريح لا ،ومثل النافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريانة ريها طيب وطعمها مر ،ومثل النافق
الذي ل يقرأ القرآن كمثل النظلة ليس لا ريح وطعمها مر ) فانظر أخي البارك إل هذا التفصيل ما أروعه
،ث تأمل أثر التمثيل ف بيان حقيقة الؤمن والنافق الذي يقرأ القرآن والذي ل يقرأ القرآن .
ل صراطا مستقيما وعلى جنبت
قال :ضرب ال مث ً -2عن النواس بن سعان النصاري عن رسول ال
الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى البواب ستور مرخاة ،وعلى باب الصراط داع يقول :أيها الناس
ادخلوا ال صراط جيعا ول تنفرجوا ،وداع يد عو من جوف ال صراط ،فإذا أراد يف تح شيئا من تلك البواب
قال :ويك ل تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه .والصراط السلم والسوران حدود ال تعال ،والبواب الفتحة
مارم ال تعال وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب ال عز وجل والداعي فوق الصراط واعظ ال ف قلب
كل مسلم .6
قال ( :إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بن -3عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال
بيتا فأحسـنه وأجله ،إل موضـع لبنـة مـن زاويـة ،فجعـل الناس يطوفون بـه ويعجبون له ويقولون :هل
وضعت هذه اللبنة ؟ قال :فأنا اللبنة ،وأنا خات النبيي ) 1قال ابن حجر :فكأنه شبه النبياء وما بعثوا به
من إرشاد الناس ببيت أسست قواعده ورفع بنيانه وبقي منه موضع به يتم صلح ذلك البيت ..ث قال :وف
على سائر ال نبيي ،وأن ال خ تم به الر سلي ، الد يث ضرب ال المثال للتقر يب للفهام وف ضل ال نب
2
وأكمل به شرائع الدين .
الخلصة:
()1ضرب المثال وسيلة جيدة ف تقريب العان والفكار
()2يل جأ العلم لضرب ال ثل عند ما ت صعب م سألة ما على الذهان ،فيع مد إل ال ثل لتب سيطها وتقريب ها
للفهم .
()3يتو قف مدى الفائدة من ضرب الثال على برا عة العلم ف ت صوير الثال ل كي يطا بق الفكرة ال ت ير يد
إيضاحها .
⊥⊥ ⊥
] [8أسلوب التشويق ف التعليم
أ سلوب التشو يق :هو أ سلوب أو طري قة من الطرق تب عث على إيقاظ ال مم ،وإذكاء النفوس ،إذ إن
النفس البشرية تتطلع إل استكشاف كل جديد ،بل إن إثارة التعلم وتشويقه ،تعله يبحث ويستقصي بلهف
شد يد ،ورغ بة شديدة ،ف معر فة ذلك الش يء الشوق .يو ضح ذلك الد يث الذي يرو يه أ بو سعيد العلي
رضي ال عنه :
فلم أجبه ،فقلت :يا رسول ال إن كنت أصلي ، -1قال ( :كنت أصلي ف السجد فدعان رسول ال
فقال :أل يقل ال ( :استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لا يييكم ) ؟ ث قال ل :لعلمنك سورة هي أعظم
السور ف القرآن قبل أن ترج من السجد ث أخذ بيدي ،فلما أراد أن يرج قلت له :أل تقل لعلمنك سورة
هي أعظم سورة ف القرآن ؟ قال ( :المد ل رب العالي ) هي السبع الثان والقرآن العظيم الذي أوتيته .3ف
هذا الديث يظهر لنا جليا شوق ذلك الصحاب إل معرفة أعظم سورة ف القرآن ،حيث أنه ل يصب ول يهل
الرسول حت يرج بل بادره بقوله :أل تقل لعلمنك سورة هي أعظم سورة ف القرآن ؟ ) .
( :احشدوا ( أي اجتمعوا ) -2ومثله الد يث الذي ع ند م سلم ،عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال
رواه البخاري في كتاب المناقب /ومسلم في الفضائل /وأحمد في باقي مسند المكثرين . 1
رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن /وأحمد في مسند المكيين /والنسائي في الفتتاح وأبو داود في الصلة /وابن ماجة في الدب / 3
فقرأ :قل هو ال أحد .ث دخل فأن سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) فحشد من حشد .ث خرج نب ال
فقال : فقال :بعضنا لبعض :إن أرى هذا خب جاءه من السماء .فذاك الذي أدخله .ث خرج نب ال
وفعله ، ( إن قلت لكم :سأقرأ عليكم ثلث القرآن .أل إنا تعدل ثلث القرآن ) . 1أل إن قول الرسول
ففي هذه القصة فوائد منها دللة واضحة على فضل كان له أثر كبي ف تشوقهم ،لسماع ثلث القرآن منه
،ومن ها أن قوله قراءة سورة الخلص ،ومن ها تل هف ال صحابة ل سماع ثلث القرآن من ف ر سول ال
( احشدوا ) ث دخوله وخروجه مرة أخرى يلزم منه رسوخ هذه القصة بأحداثها عند الصحابة وحفظهم لا .
فقال ( :يطلع عليكم الن رجل من -3روى المام أحد :عن أنس قال :كنا جلوسا مع رسول ال
أهل النة ) فطلع رجل من النصار تنطف ليته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال فلما كان الغد قال
مثل مقالته رسول ال مثل ذلك فطلع الرجل مثل الرة الول ،فلما كان اليوم الثالث قال رسول ال
تب عه ع بد ال بن عمرو بن العاص أيضا فطلع ذلك الر جل على م ثل حاله الول ،فل ما قام ر سول ال
فقال :إن ل حيت أب فأقسمت أن ل أدخل عليه ثلثا فإن رأيت أن تؤوين إليك حت تضي فعلت قال :
( نعم ) قال أنس فكان عبد ال يدث أنه بات معه تلك الليال الثلث فلم يره يقوم من الليل شيئا غي أنه إذا
تعار 2وتقلب على فراشه ذكر ال وكب حت يقوم لصلة الفجر قال عبد ال غي أن ل أسعه يقول إل خيا ،
فلما مضت الليال الثلث وكدت أحتقر عمله قلت يا عبد ل ل يكن بين وبي أب غضب ول هجرة ولكن
يقول لك ثلث مرات ( يطلع علي كم الن ر جل من أ هل ال نة ) فطل عت أ نت ف سعت ر سول ال
الثلث الرات فأردت أن آوي إليك لنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كبي عمل فما الذي بلغ بك
،قال :هو ما رأيت ،فلما وليت دعان فقال :ما هو إل ما رأيت غي أن ل أجد ف ما قاله رسول ال
نفسي لحد من السلمي غشا ول أحسد أحدا على خي أعطاه ال إياه .قال عبد ال فهذه الت بلغت بك
وهي الت ل تطاق. 3
وفف هذه القصفة كان الداففع الذي حدا بعبفد ال بفن عمرو بفن العاص إل أن يقول مفا يقول لذلك
رواه مسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرهم /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والترمذي في فضائل /القرآن وابن ماجه في الدب / 1
قال ( :أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث والدارمي في فضائل القرآن .وعند مسلم أيضا ( برقم ) 811عن أبي الدرداء عن النبي
القرآن ؟ قالوا :وكيف يقرأ ثلث القرآن قال ( :قل هو ال أحد تعدل ثلث القرآن ) .
تعار :بتشديد الراء :هب من النوم مع كلم ،وقيل :تمطيء النهاية لبن الثير ( ،عرر) ( .نقلً من التمهيد لبن عبد البر ()6/122 2
حاشية ) 2
رواه المام أحمد في باقي مسند المكثرين قال ابن كثير ( ) 338 ،4/337ورواه النسائي .في اليوم والليلة عن سويد بن نصر عن أبن 3
المبارك عن معمر به .وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين لكن رواه عقيل وغيره عن الزهري عن رجل عن أنس فال أعلم .وكذلك
رواه ابن عبد البر بسنده انظر التمهيد ( . ) 122 ، 6/121
60
المعـلم الول
يقول ثلث مرات 0 :يطلع عليكم الن رجل الصحاب ،لكي يعلم السبب الذي من أجله كان الرسول
من أهل النة ) ،و ل يفى ما ف هذه القصة من أسلوب إثارة وتشويق وهو بي ظاهر .
الخلصة:
()1إن استخدام أسلوب التشويق والثارة ،من أقوى الدوافع على التعلم والبحث والستقصاء .
1
()2يب أن يضع العلم ف اعتباره ،أن العبارات الستخدمة ف هذا السلوب ،يب أن تؤدي إل معن تواه
( :لعلمنك أعظم سورة ف القرآن قبل أن ترج من السجد ) ،وقوله ( : وتستشرف إليه النفس .كقوله
احشدوا فإن سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) وقوله ( :يطلع عليكم الن رجل من أهل النة ) ثلث مرات .
()3كلما كان أسلوب التشويق قويا ،كلما كانت الدوافع أقوى .
⊥⊥ ⊥
] [8استخدام الياءات ( حركات اليدين والرأس ) ف التعليم
ل ينففك العلم بال مفن الحوال عفن إياءات اليديفن والرأس ،أثناء مارسفته للتعليفم ،فهفي ملزمفة
للمتحدث أيا كان نوع الديث .ولكن هل من سبيل إل توظيف هذه الركات والياءات لصال التعليم ؟
الواب .نعم .وإن سألتن كيف ذلك ؟ قلت لك :تابع معي السطور التالية :
إن عي التلميذ تتابع حركات العلم وسكناته ،ولذلك فهو يتأثر بالنفعالت الت يدثها العلم ،إذا فهو
يتأثر بركة اليدين والرأس .والعلم قد يستفيد من هذه الركات والشارات ف أمور عدة :
أحد ها :زيادة بيان وإيضاح وتأك يد على الكلم :نأ خذ هذه من حد يث جابر ر ضي ال ع نه ،ف
وفيه : سياق حجة النب
من أساليب التشويق التي يستطيع المدرس تقديمها لطلبه ،هي تقسيم الفصل إلى مجموعتين أو فريقين ثم يقوم بطرح السئلة على 1
الفريقين ويعطي درجات معينه على الجابات الصحيحة .ول شك أن هذه الطريقة ونحوها تدفع الطلب إلى التعلم لن فيها تشويقا وإثارة .
وقس على ذلك .
أصابعه واحدة في الخرى وقال :دخلت العمرة في الحج ) يقول النووي :واختلف العلماء في معناه في قوله ( :فشبك رسول ال 2
على أقوال أصحها به قال جمهورهم معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى بوم القيامة ،والمقصود به بيان إبطال ما كانت
الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج ( .مسلم بشرح النووي .كتاب الحج .حديث . )1216
61
المعـلم الول
ش بك ب ي أ صابعه ل يبي ويؤ كد على أن هذا ال كم ( ل بل ل بد ال بد ) 1وو جه الدللة ه نا أن الر سول
مستمر للبد ،ول يفى ما ف هذه الركة من معان قوية ،تزيد الكلم تأكيدا ،وقوة إل قوة .
ذكر يوم المعة فقال ( :فيه ساعة ل يوافقها عبد مسلم -2عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال
وهو قائم يصلي ي سأل ال تعال شيئا إل أعطاه إياه ) وأشار بيده يقلل ها ( يزهدها ) 2وبتأمل هذا الديث ،
،وهو أن هذه الساعة أمرها يسي ف مقابل نيل أفادت معن جديدً زائدا على كلمه يتبي أن إشارته
أمر عظيم ،وهذا من فضل ال على عباده .قال الزين بن الني :الشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والض
عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها. 3
ثاني ها :جذب النتباه وتر سيخ ب عض العا ن ف الذ هن :نل مس ذلك من الد يث ال سابق الذي ساقه
بالناس ف نرة يوم عرفة ،حيث بي لم ف جابر بن عبد ال رضي ال عنه ،وذلك عندما خطب النب
هذه الطبة أمورا كثية وعظيمة ،ث بعد أن بلغهم قال لم :
( -1وأنتم تسألون عن .فما أنتم قائلون ؟ ) قالوا :نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت .فقال :بإصبعه
ال سبابة ،يرفع ها إل ال سماء وينكتها 4إل الناس ( الل هم ! اش هد .الل هم ! اش هد ) ثلث مرات 5ف في ر فع
ل صبعه إل ال سماء ث الشارة به إلي هم ،جذب لنظار الناس لذا ال مر الام والط ي و هو مقام الر سول
الشهادة على التبليغ. 6
-2ذكر أبو العالية الباء ..تأخي ابن زياد الصلة ذكر ذلك لعبد ال بن الصامت فعض على شفتيه فضرب
ك ما فخدي وقال سألت أ با ذر ك ما سألتن فضرب فخذي ك ما ضر بت فخذك وقال سألت ر سول ال
سألتن فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال ( :صل الصلة لوقتها فإن أدركت الصلة معهم فصل ول
ت قل أ ن قد صليت فل أ صلي ) قال ف شرح م سلم :قوله فضرب فخذي أي للت نبيه وج ع الذ هن على ما
. .أورده مسلم في كتاب الحج /باب حجة النبي حديث جابر الطويل في سياق حجة النبي 1
رواه البخاري في كتاب الجمعية ( والزيادة التي بين المعقوفتين هي عند المصنف في كتاب الدعوات ) /ومسلم في الجمعة /وأحمد في 2
باقي مسند المكثرين /والترمذي في الجمعة /والنسائي في الجمعة /وأبو داود في الجمعة /وابن ماجه في إقامة الصلة والسنة فيها /
ومالك في النداء للصلة /والدارمي في الصلة .
فتح الباري ( كتاب الجمعة ح ) 935 3
ورد في سنن أبي داود ( وينكبها ) بالباء الموحدة ،وكذلك ( وينكتها ) بالتاء المثناة .ومعنى ( ينكبها ) إي يقلبها ويردها على الناس 4
مشيرا إليهم .ومعنى ( وينكتها ) أي يشير بها إلى الناس كالذي يضرب بها الرض ( عون المعبود .كتاب المناسك .باب 5/264 ( . 57
بتصرف يسير ) .
لصبعه إلى السماء ،بيان جلي إلى أن ال سبحانه وتعالى في العلو ،وأنه منزه عن تخبيطات وأوهام الفلسفة ، وفي رفعه 6
والتحادية والحلولية ومن نحى نحوهم .ولكنه سبحانه يهدي من يشاء بفضله ،ويضل من يشاء بعدله ،فلله الحمد والفضل والمنة .
62
المعـلم الول
في التنبيه وصراحته في التعليم )2/87( .ط .مكتبة الرياض /وهو ذكره ابن مفلح في الداب الشرعية وقال ( :فصل هدي النبي 1
عند مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلة /وأحمد في مسند النصار /والترمذي في الصلة /والنسائي في المامة /وأبي داود في
الصلة /وابن ماجة في إقامة الصلة والسنة فيها /والدارمي في الصلة.
ساق البخاري هذا الحديث في كتاب العلم .باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس . 2
يتاج العلمون إل وسائل مساعدة ،تساعد العلم ف إيصال العلومات بشكل أفضل وأيسر ،ومن هذه
الوسائل ( السبورة ) حيث يتمكن العلم من دعم شرحه بالكتابة أو بالرسم على ( السبورة ) ونوها .ولك
أن تقارن بي معلم يمع بي الشرح والكتابة أو الرسم على( السبورة ) وبي معلم يقتصر على أسلوب اللقاء
ف قط .قطعا الول أك ثر إيضاحا للمع ن الراد بيا نه ،وأ سرع فهما .وهذا أ مر ل يتاج إل تدل يل لثبا ته .
ف بعض حدي ثه برسومات سبق التربية الدي ثة بأربعة عشر قرنا ح يث كان يدعم قوله والعلم الول
تقرب العن للذهان ،وتعي على الفظ .فمن ذلك :
خطا مربعا ،وخط خطا ف الوسط خارجا منه .، -1عن ابن مسعود رضي ال عنه قال :خط النب
و خط خططا صغارا إل هذا الذي ف الو سط من جان به الذي ف الو سط ،فقال ( :هذا الن سان ،وهذا
أجله ميطا به -أو قد أحاط به -وهذا الذي هو خارج أمله ،وهذه الطط الصغار العراض ،فإن أخطأه
هذا ،نشه هذا ،وإن أخطأه هذا نشه هذا ) 1وهذه صورته: 2
الجل
المل
العراض
خطا بيده ث قال ( :هذا سبيل ال -2و عن ع بد ال بن م سعود ر ضي ال ع نه قال :خط ر سول ال
مستقيما ) وخط عن يينه وشاله ث قال ( :هذه السبل ليس منها سبيل إل عليه شيطان يدعو إليه ) ث قرأ
3
( وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )
وبعد .فإننا نضيف أمورا أخرى ،وهي )1( :أن يراعي العلم وضوح الادة الكتوبة أو الرسومة )2 ( .أن
يتأ كد من أن ج يع الطلب يشاهدون الادة الكتو بة أو الر سومة وإزالة ج يع العوائق ال ت ت نع ذلك )3( .
استخدام اللوان وتنويعها لذب النتباه .
الخلصة:
()5دعم الشرح بالرسومات والكتابة ،يزيد الشرح قوة إل قوة .
رواه البخاري في كتاب الرقاق /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /والترمذي في صفة القيامة /وابن ماجه في الزهد والدارمي 1
. حيث أورد الحافظ رسومات مختلفة في بيان صفة هذه الخطوط التي رسمها النبي
رواه المام أحمد في مسند المثرين من الصحابة /والدارمي في المقدمة .وقال ابن كثير في تفسيره :وكذا رواه الحاكم ..وقال صحيح 3
1
] [11توضيح السائل الهمة عن طريق التعليل
قد تغلق بعض السائل على الطالب ،ويتار فيها ول يد تفسيا لا أو فكا لرموزها ،وعندئذ يأت دور
العلم ف بيان ما أش كل على الطالب وأغلق عل يه .و من ذلك ا ستخدام أ سلوب التعل يل ،أي بيان ال سباب
والعلل الت جعلت هذه السألة أو هذا الكم على هذه الصورة .والتعليل يل رموز السائل الشكلة ،ويدخل
على النفس الراحة ،ويكسبها الطمأنينة ،هذا بالضافة إل رسوخ السألة ف الذهن وصيانتها عن النسيان ،
لن حفظ ما علم علته وسببه أيسر من جهلت علته وسببه .وبالثال يتضح الال :
قال ( :إذا و قع الذباب ف إناء أحد كم فليغم سه كله ث -1عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه أن ر سول ال
الكمة من غمس ليطرحه ،فإن ف إحدى جناحيه داء وف الخر شفاء ) 2ففي هذا الديث بي النب
الذبابة جيعها ف الناء أو الشراب ،وعللها بأ ،ف أحد جناحي الذبابة داء وف الخر شفاء .ولو أن الديث
ل ميا ،ولكن لا جاء هذا التعليل بان لنا سبب الغمس والطرح. 3
جاء هكذا بدون تعليل منه ،لصبح مشك ً
:أن ينحر إبلً ببوانة 4؟ فقال النب : -2عن ثابت بن الضحاك ،قال :نذر رجل على عهد رسول ال
( هل كان فيها وثن من أوثان الاهلية يعبد ) ؟ قالوا :ل! قال ( :هل كان فيها عيد من أعيادهم ) ؟ قالوا :
5
( :أوف بنذرك ،فإ نه ل وفاء لنذر ف مع صية ال ،ول في ما ل يلك ا بن آدم ) ل! قال ر سول ال
أن عليه نذرا ف مكان يقال له بوانة ،فلما عي ذلك الرجل الكان وهذا الديث فيه أن الرجل سأل النب
عقد ابن القيم فصلً ساق فيه بعض ما ورد في السنة من تعليل الحكام .فارجع إليه إن شئت ( .أعلم الموقعين 1/152ط .دار الكتب 1
العلمية ) .
رواه البخاري في كتاب الطب /وأحمد في باقي مسند المكثرين /وأبو داود في الطعمة /وابن ماجة في الطب والدارمي في الطعمة . 2
وعند أحمد ( )9428زيادة ( وإنه يقدم الداء ) ،وعند أبي داود ( ( )3844وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله ) .
رد هذا الحديث طائفة من الناس -ل كثرهم ال -زاعمين أن العقل يحيله ويأباه ،مع أن هذا الحديث ثابت صحيح وهو عند البخاري 3
وغيره كما ترى ،وقد أجمعت المة على تلقي كتاب البخاري ومسلم بالقبول ،والمة ل تجتمع على ضللة .ومع ذلك رد هذا الحديث
وغيره من الحاديث بدعوى أن العقل يحيله .فسبحان ال العظيم! كيف تنتكس الفطر فتقدم العقل القاصر على النص الثابت عن نبينا عليه
أفضل الصلة وأتم التسليم .
بوانة :موضع وراء ينبع .وفي أسفل مكة مكان بهذا السم وليس هو المقصود .قاله اللباني في صحيح أبي داود . 4
رواه أبو داود /كتاب اليمان والنذور ،باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر .وقال اللباني صحيح . 5
65
المعـلم الول
عن سبب ذلك فسأله هل كان فيها وثن من أوثان الاهلية ،وهل كان فيها عيد من استفسر منه النب
ف وفائه بنذره أعيادهم ،فلما قالوا :ل ،وانتفى الحذور من أن يكون الكان مكان معصية ،أذن له النب
،ث علل ذلك بقوله ( :فإ نه ل وفاء لنذر ف مع صية ال ) أي إن نذر الع صية ل يوز إمضاؤه .وأ نت ترى
ل يعلل ،لسأل سائل ،ما عن ذلك الكان ،فلو أن النب كيف جاء هذا التعليل بيانا لستفسار النب
عن ذلك الوقع ؟ ولكن لا جاء التعليل وضح القصود وأزال التوهم . هو القصود من استفسار النب
الخلصة:
()1أسلوب التعليل يوضح ما صعب على الطالب فهمه ،وما أشكل عليه .
()2أسلوب التعليل يبعث ف النفس الطمأنينة ،ويقر العن للذهن .
()3أسلوب التعليل ،سبب ف رسوخ العلومات ف ذهن الطالب .
⊥⊥ ⊥
] [12ترك استخراج الواب للمتعلم
إن ترك العلم الطالب يستخرج الواب بنفسه ،وسيلة نافعة ف إعمال الذهن ،وتريضه على التفكي
والدلء بالواب .ويكفي هذه الطريقة فائدة ،أنا شحذت الذهن والواس ،وجعلتها تبحث جاهدة للعثور
على الواب الطلوب ،وهذا ف حد ذاته تقدما ومكسبا ينضاف إل رصيد الطالب .بيان ذلك ،بأن يطرح
العلم م سألة معي نة ،ث يقرب ا ل م ويترك الواب أو ال كم النهائي ل م .و قد تكون هذه ال سألة الطرو حة
تستلزم جوابا من الطالب ،وقد ل تستلزم ذلك ولكنها تتطلب إعمالً ذهنيا وشحذا فكريا .وإليك المثلة :
( يصبح على كل سلمي 1من ابن آدم صدقة تسليمه على -1عن أب ذر رضي ال عنه قال :قال النب
من لقي صدقة ،وأمره بالعروف صدقه .ونيه عن النكر صدقه ،وإماطة الذى عن الطريق صدقة ،وبضعة
أهله صدقه ، 2ويزئ من ذلك كله ركعتان من الض حي ) ( ..قالوا :يا ر سول ال أحد نا يق ضي شهو ته
3
وتكون له صدقة ؟ قال :أرأيت لو وضعها ف غي حلها أل يكن يأث ؟ )
ف الديث ،أرأيت لو وضعها ف غي حلها أل يكن يأث ؟ .فالواب وإن كان مسكوتا عنه ، وقول النب
فهو إن وضعها ف غي حلها أل يكن يأث ؟ .فالواب وإن كان مسكوتا عنه ،فهو إن وضعها ف حلها فهو
له صدقة .أليس هذا إعما ًل للذهن ؟
فقال :إن امرأ ت ولدت غلما -2عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال :جاء ر جل من ب ن فزارة إل ال نب
السلمي :أصله عظام الصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله ..قال الخطابي :إن كل عضو ومفصل من بدنه 1
رواه أبو داود برقم ( . )1285وقال عنه اللباني صحيح . 3
66
المعـلم الول
( :هل لك من إبل ؟ ) قال :نعم .قال ( :فما ألوانا ؟ ) قال :حر .قال ( :فهل أسود .فقال النب
فيها من أورق 1؟ ) قال :إن فيها أورقا .قال ( :فأن أتاها ذلك ؟ ) قال :عسى أن يكون نزعه عرق .قال
3 2
( :وهذا عسى أن يكون نزعه عرق
حاوره وقرب إليه السألة حت أجاب السائل بقوله :عسى وعند التأمل لذا الديث نرى كيف أن النب
أن يكون نزعه عرق .ول شك أن هذه الطريقة تتطلب براعة من العلم ،وحسن اختيار للمسائل الطروحة ،
ومراعاة البساطة والسهولة فيها ،وتقريبها للذهن بذكر القرائن والحوال الصاحبة ونو ذلك .
الخلصة:
()1استخراج الطالب الجابة بنفسه من السألة ،طريقة مفيدة ونافعة ف إعمال الذهن ،وشحذ الفكر .
()2قد تستلزم السألة الطروحة إجابة من الطالب ،وقد ل تستلزم ذلك .
()3هذه الطريقة تتطلب براعة من العلم ،وحسن اختيار للمثلة .
()4كلما كانت السألة الطروحة ،سهلة -ليست من النوع الت تصعب على الذهن -كان ذلك أدعى
لصول القصود .
⊥⊥ ⊥
] [13استخدام التكرار ف التعليم
إن استخدام أسلوب التكرار ف التعليم له فوائد عظيمة النفع منها :
التأكيد على مسألة مهمة ،أو حكم هام ،ومنها تنبيه الغافل ومن به نعاس ونوه ،ومنها حفظ الشيء الكرر
،قال ابن التي :فيه أن الثلث .والقتصار على ثلث مرات ،أمر قد تكر كثيا ف أحاديث الصطفي
غاية ما يقع به العتذار والبيان .أهف .ومن تأمل ذلك وجده كما قال .وقد يزاد على الثلث للحاجة كما
قريبا .والتكرار قد يكون ف الكلمات وال مل ،و قد يكون ف ال ساء ،و قد ستراه من قول الر سول
يكون ف غيها .
فأولً :تكرار الكلمات :
أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلثا حت تفهم عنه ، -1عن أنس بن مالك رضي ال عنه عن النب
وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلثا . 4وعند الترمذي من حديث أنس ( :كان رسول ال
قال النووي في شرحه لمسلم .الورق :هو الذي فيه سواد ليس بصاف . 1
قوله ( :لعله نزعه عرق ) أي لعله في أصولك أو في أصول امرأتك من يكون في لونه أسود فأشبهه واجتذبه إليه وأظهر لونه عليه . 2
قاله المباركفوري ،في شرحه لسنن الترمذي /باب الولء والهبة . ) 6/272 ( .
تقدم تخريجه . 3
رواه البخاري في كتاب العلم /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والترمذي في الستئذان والدب . 4
67
المعـلم الول
( بتصرف من الفتح .كتاب الشهادات ،5/309 وكراهية لما يزعجه .ومحبتهم له في قول الراوي ليته سكت :أي شفقة عليه 3
/ )311وهو عند مسلم في اليمان /وأحمد في مسند البصريين /والترمذي في البر والصلة .
فتح الباري .كتاب الشهادات (. )311 ،5/309 4
رواه البخاري في كتاب الديات /ومسلم في اليمان /وأحمد في مسند النصار /وأبو داود في الجهاد . 5
رواه البخاري في كتاب العلم /ومسلم في اليمان /وأحمد في باقي مسند المكثرين . 7
68
المعـلم الول
كانوا جاعة فله أن يناديهم بالسم الذي يمعهم ،كأن يقول :يا طلب ( ثلثا ) أو نوا من ذلك .
الخلصة:
()1التكرار ثلثا غاية ما يصل به البيان ،ولكن قد يزاد فوق الثلث للحاجة .
()2التكرار وسيلة ناجعة ف حفظ العلومات ،وف التركيز على النقاط الامة .
()3تكرار السم يعل النادي يتهيأ لستقبال الب .
⊥⊥ ⊥
] [14استخدام أسلوب التقسيم ف التعليم
هذا أ سلوب عزيز 1وجودة ع ند العلم ي وقل يل هم الذ ين ي ستخدمونه أثناء طرح هم لواد هم العلم ية ،
وأعن بأسلوب التقسيم ،أن يعمد العلم إل دراسة الادة العلمية الت يراد طرحها على الطلب ،ث يقسمها
إل أق سام أو مرا تب أو فقرات أو نقاط -سها ما شئت -ث يقوم بطرح ها على الطلب .ول يفى ما ف
هذه الطريقة من فائدة عظيمة للطالب ،إذ إن ا ت عل الطالب يلم بأطراف الوضوع ،وتعله ي فظ العلومات
ويستوعبها بشكل سريع ،هذا بالضافة إل صيانة العلومات وحفظها من النسيان .فإذا نسي الطالب معلومة
منها ث تذكر أن عددها كذا ،أو أقسامها كذا ،كان ذلك معينا ل سترجاع العلومة الفقودة .ولعل الذي
يطالع الكتب الفقهية ،يرى أنواعا عديدة من التقسيمات ،فهناك شروط ،وواجبات ،وأركان ،ومظورات
..إل .و كل هذه التق سيمات ل يرد ب ا نص عن الع صوم عل يه ال صلة وال سلم ،وإناف وضع ها العلماء
والفقهاء -رحهم ال -من أجل تقريب العلم لطالبيه ،وحصر مواده ،وجع متفرقاته ،فيسهل على مريده
حفظه ومراجعته. 2
يفعل مثل ذلك : ولقد كان النب
قال :سبعة يظلهم ال ف ظله يوم ل ظل إل ظله ،المام -1عن أب هريرة رضي ال عنه ،عن النب
العادل ،وشاب نشأ ف عبادة ربه ،ورجل قلبه معلق ف الساجد ،ورجلن تابا ف ال اجتمعا عليه وتفرقا
عل يه ،ور جل طلب ته أمرأة ذات من صب وجال فقال إ ن أخاف ال ،ور جل ت صدق ب صدقة فأخفا ها ح ت ل
تعلم شاله ما تنفق يينه ،ورجل ذكر ال خاليا ففاضت عيناه. 3
:أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ،ومن -2وعن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما قال
كانت فيه خصلة منهم كانت فيه خصلة من النفاق حت يدعها ،إذا أؤتن خان ،وإذا حدث كذب ،وإذا
اعتقد البعض أن هذا التقسيم الذي وضعه العلماء والفقهاء من البدع المحدثة في الدين وهذا غلط ،والصواب ما ذكرناه . 2
رواه البخاري في كتاب الذان /ومسلم في الزكاة /وأحمد في باقي مسند المكثرين /والترمذي في الزهد /والنسائي في آداب القضاة / 3
رواه البخاري في كتاب اليمان /ومسلم في اليمان /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /والترمذي في اليمان /والنسائي في 1
رواه البخاري في كتاب العلم /ومسلم في القسامة والمحاربين /وأحمد في مسند البصريين /والدرامي في المناسك . 4
70
المعـلم الول
هذا :فإن دماءكم ..ال ،مبالغة ف تري هذه الشياء .أ هف .
-3عن أب هريرة رضي ال عنه أن الناس قالوا يا رسول ال هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول ال :
هل تضارون 1ف القمر ليلة البدر ؟ قالوا :ل يا رسول ال ،قال :فهل تضارون ف الشمس ليس دونا
سحاب ؟ قالوا :ل يا رسول ال ،قال فإنكم ترونه كذلك يمع ال الناس يوم القيامة ،فيقول من كان يعبد
شيئا فليتبعه ..الديث ). 2
واللحظ ف المثلة السابقة أن الرسول ل يعي شخصا بعينه ،للجابة على السئلة الطروحة ،بل
كا نت عبارا ته ب صيغة ال مع غالبا وهذا يفيد نا ف أن العلم ينب غي عل يه أن يطرح ال سؤال أولً ل كي يشترك
الطلب جبع هم ف إياد جواب لل سؤال الطروح ،ث إ نه من ال ستحسن للمعلم أن يترك وقتا منا سبا ق بل
الشروع ف ساع إجابة الطالب ،وذلك لن قدرات الطلب العقلية تتلف وتتباين من فرد لخر ،فبعضهم
سريع استحضاره وبعضهم دون ذلك براحل .وبذا يتبي لك خطأ ما يفعله بعض العلمي من سؤال طلبم
حسب قائمة معينة من الساء ،أو حسب ترتيبهم ف مقاعد الصف ،لن هذه الطريقة تعل الطلب الخرين
الذين ل يقع عليهم الختيار ل يتكلفون عناء البحث عن الجابة اكتفاء بتعيي الطالب من قبل معلمهم .
نعم قد يسأل العلم بعض طلبه ف حالت معينة كأن يريد العلم أن يفاجئ طالبا معينا ،ليستخب حاله ،أو
لينبهه من غفلته ونو ذلك .
سأل ب عض آحاد ال صحابة ف م سائل متفر قة ،وهذا مله ما إذا كان ال نب و قد ورد أن ال نب
منفردا بذلك الصحاب ،كما جاء ذلك مع معاذ رضي ال عنه :
عن أ نس بن مالك أن ال نب -ومعاذ ردي فه على الر حل -فقال :يا معاذ بن ج بل .قال :لب يك يا
3
رسول ال وسعديك .قال :يا معاذ .قال :لبيك يا رسول ال وسعديك (ثلثا ) .قال ..الديث .
الخلصة:
()1أسلوب الستفهام ،أسلوب فعال ف جذب انتباه السامع ،وتيئته لا سيلقى عليه .
()2قد يكون الستفهام ف أول الديث ،وقد يكون ف أثنائه ،بسب ما تقتضيه الاجة .
()3على العلم أن يطرح السؤال على طلبه بشكل عام ث يترك وقتا كافيا ل ستحضار الواب ،ث يعي
الطالب الذي سوف يقوم بالجابة على السؤال .
( فأي بلد هذا ؟ ) ولهذا يشير في كتاب المغازي للبخاري حديث رقم ( )4406ذكر الراوي زيادة لم ترد في هذا الحديث وهي قوله 5
رواه البخاري في كتاب التوحيد /ومسلم في كتاب اليمان /وأحمد في باقي مسند المكثرين والدارمي في الرقاق . 2
()4عدم تعيي طالب بعينه ،قبل طرح السؤال ،لن ذلك يلغي مشاركة الطلب الخرين الذهنية اكتفاءً
بتعيي زميلهم .
()5للمعلم أن يعي طالبا بعينه قبل طرح السؤال لالت خاصة ،كإرادة العلم معرفة قدرة الطالب على
الستجابة السريعة ،أو تنبيه طالب من غفلة أو نوم ونوه ،ولكن ل يتخذ العلم هذه عادة له .
⊥⊥ ⊥
] [16طرح بعض السائل العلمية الهمة لختبار مقدرة الطالب العقلية .
إن طرح بعفض السفائل للختبار على الطلب بشكفل عام ،له فائدة كفبية فف تنميفة الدارك وتقويفة
الفهام .والطري قة الثلى ل ستخدامها ،هي أن يقوم العلم بطرح ال سألة بش كل جاعي ،ث تكون هناك مهلة
ق صية ل سترجاع العلومات والتفك ي ف ال سألة ،ث ترك جواب ال سألة الطرو حة للطلب .وال سنة حافلة
بثل هذا النوع من العلم .
قال ( :إن من الشجر شجرة ل يسقط -1فعن عبد ال بن دينار عن ابن عمر رضي ال عنه عن النب
ورقها وإنا مثل السلم ،حدثون ما هي ؟ قال فوقع الناس ف شجر البوادي .قال عبد ال :فوقع ف نفسي
1
أنا النخلة .فاستحييت ث قالوا :حدثنا ما هي يا رسول ال ؟ قال :هي النخلة )
قال البغوي : 2قال المام :فيه دليل على أنه يوز للعال أن يطرح على أصحابه ما يتب به علمهم أهف
وقال ابن حجر رحه ال :وف هذا الديث من الفوائد ..امتحان العال أذهان الطلبة با يفى مع بيانه
لم إن ل يفهموه .. ،وفيه التحريض على الفهم ف العلم .3.
وعلى العلم أن يسفن اختيار السفائل التف يطرحهفا على طلبفه ،وكذلك له أن يسفمح بالناقشفة بيف
الطلب والدلء بالراء أل ترى إل قوله ( :فو قع الناس ف ش جر البوادي ) أن ذلك مش عر بأن الم يع قد
ذهبوا ف تليل هذه العضلة كل مذهب .قال الافظ :أي ذهبت أفكارهم ف أشجار البادية ،فجعل كل
منهم يفسرها بنوع من النواع وذهلوا عن النخلة. 4
عليهم ،يد أنا قد حفزت همهم ،وبعثتهم على التفكي ف والتأمل ف السألة الت طرحها النب
لا عجزوا عن حله . الل ،وتلهفت أنفسهم لعرفة الواب الصحيح من رسول ال
أيضا من المور الهمة الت يسن التفطن لا ،أن تكون هذه السائل تؤصل فكرة معينة أو ترسخ مفهوما
معينا لدى الطلب .ولك أن ت سأل ما و جه الش به ب ي النخلة وب ي السلم ،أو ما هي الفائدة الستفادة من
رواه البخاري في كتاب العلم /ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /والترمذي في 1
هذا السؤال ،يبي ذلك الافظ ابن حجر بقوله :وبركة النخلة موجودة ف جيع أجزائها ،مستمرة ف جيع
أحوالا ،فمن حي تطلع إل أن تيبس تؤكل أنواعا ،ث بعد ذلك ينتفع بميع أجزائها ،حت النوى ف علف
الدواب والليف ف البال وغي ذلك ما ل يفى ،وكذلك بركة السلم عامة ف جيع الحوال ،ونفعه مستمر
له ولغيه حت بعد موته. 1
وهذه الطريقة نافعة جدا إذا أحسن استخدامها واستغللا ،فعلى العلم أن يبتعد عن صعاب السائل ،
وأن ل يكون هه تعجيز التعلمي وإفحامهم ،بل عليه أن يقرب لم السألة الطروحة عليهم بقرائن الحوال
وغي ها من الو سائل ،ل كي تكون عونا ل م ف الهتداء إل الواب ال صحيح ،ويدل على ذلك أن الر سول
عند ما طرح علي هم هذه ال سألة كان ف يد يه جار ،ف في إحدى روايات هذا الد يث ،عن ما هد قال :
، إل حديثا واحدا قال :ك نا ع ند ال نب صحبت ا بن ع مر إل الدي نة فلم أ سعه يدث عن ر سول ال
، فأت بمار فقال ..الديث 2فابن عمر رضي ال عنهما فهم الراد عندما رأى المار ف يدي رسول ال
ول ين عه من الجا بة على ال سؤال إل صغر سنه 3قال الا فظ ا بن ح جر :إن الل غز ينب غي له أن ل يبالغ ف
التعمية بيث ل يعل للملغز بابا يدخل منه ،بل كلما قربه كان أوقع ف نفس سامعه. 4
الخلصة:
()1أهية هذه الطريقة ف تقوية الفهم ،وتوسيع الدارك .
()2الستفادة من هذه السائل ف ترسيخ معان معينة ف الذهان .
()3تقريب السألة الطروحة بقرائن وأحوال ،تساعد ف الوصول إل الل .
()4بيان الواب الصحيح عند العجز عن التيان بالواب .
⊥⊥ ⊥
] [17حث العلم طلبه على طرح السئلة .
إن السئلة تز يل كثيا من اللط أو الوهم الذي قد يقع فيه الطالب ،فع ند عرض العلم لادته شرحا ،
فإنه ل يتبي له ما إذا كانوا قد فهموا منه مادته كما ينبغي أم ل .وطريق معرفة ذلك يكون بسؤالم عن بعض
ما ت عرضه ،وأفضل من ذلك أن يبتدئ الطالب بسؤال معلمه عما أشكل عليه .والسؤال يوضح العان الت
قصر فهم الطالب عن عقلها وتدبرها ،ويرسخ الجابة ف ذهن السائل لكونه هو الذي ابتدر السؤال ،وهو
مزيل للجهل كما قال عليه الصلة والسلم ( :فإنا شفاء العي السؤال ) 5والعي بكسر العي وتشديد الياء هو
فتح الباري (( )1/176حديث . )61 1
( فتح الباري .كتاب العلم .باب الفهم في العلم ( )1/199حديث .))72 2
صرح بان عمر بذلك قال ( :فمنعني أن أتكلم مكان سني ..الحديث ) ورد ذلك عند البزار من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن 3
عمر ( .فتح الباري /1 .حديث ، ) 61وعند مسلم قال ( :ورأيت أبا بكر وعمر ل يتكلمان فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا ..الحديث ) وعند
أحمد قوله ( . .ونظرت فإذا أنا أصغر القوم فسكت ) .
فتح الباري ( /1حديث . ) 61 4
هذا جزء من حديث رواه أبو داود في سننه .وحسنه اللباني رقم (. )336-325 5
73
المعـلم الول
التح ي ف الكلم وعدم الض بط .كذا ف ال صحاح .و ف النها ية ول سان العرب ال عي بك سر الع ي ال هل ،
والعن أن الهل داء وشفاؤه السؤال والتعلم . 1ومن أجل ذلك قلنا إنه يتوجه على العلم أن يث طلبه على
طرح السئلة عليه .وقد قال بذلك معلمنا الول صلوات ال وسلمه عليه إل يوم الدين :
حت أحفوه بالسألة .فخرج ذات يوم فصعد النب .فقال : -1عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النب
2
( سلون .ل تسألون عن شيء إل بينته لكم ) ..الديث
-2عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال :سلون فهابوه أن يسألوه ،فجاء رجل فجلس عند
ركبتيه فقال :يا رسول ال .ما السلم ..الديث ). 3
-3عن سعيد بن السيب قال :ما كان أحد من الناس يقول سلون غي على بن أب طالب ..وروينا عن
السن :أنه كان يبتدئ الناس بالعلم ويقول :سلون .4
-4عن سعيد بن جبي قال :إ نا لع ند ا بن عباس ف بي ته إذا قال :سلون .قلت :أي أ با عباس جعل ن ال
فداك ..الديث ). 5
ففي الثار التقدمة استحباب قول العلم ( سلون ) ،فإن ف هذا حثا للطلب على طرح السؤال ،وفيه أيضا
ترئه للطالب الجول على سؤال معلمه ،وفيه استفادة الغي من السؤال الطروح ،وفيه معرفة العلم مقدار
ت صيل طل به للمادة الشرو حة .وينب غي أن يرا عي العلم ف أ سئلة الطلب ال صادرة من هم ،أن تكون ذات
فائدة ،ولي ست من باب التعج يز ،أو ال سخرية أو الته كم ،فإن هذه ال سئلة وأمثال ا تطرح ف الرض ول
كرامة لصاحبها .
الخلصة:
()1السؤال يزيل غشاوة الهل ،ويصحح العان والفكار .
()2ابتدار العلم طلبه وحثهم على طرح السؤال فيه فوائد منها :
أ -تقييم حال طلبه من حيث الفهم .
ب -دفع الطالب الجول وترئته على طرح السؤال .
ت -استفادة الطلب الخرين عند ساع الجابة .
ث -تقدي العلم لنفسه ،ومراجعته لطريقة عرضه لادته ،عندما يتضح له من خلل السئلة ،عدم
فهمهم كما ينبغي .
أورده ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ،حيث بوب عليه وعلى غيره من الثار بقوله :باب ابتداء العالم جلساءه بالفائدة وقوله 4
( )3رد السئلة التعجيزية ،أو السئلة الساخرة ،وتوبيخ قائلها .
⊥⊥ ⊥
] [18تقدي السائل من خلل سؤاله ،وإجابته با يناسب حاله
يتل قى العلمون والربون ،أ سئلة كثية من طلب م وتلميذ هم ون د أن كثيا من العلم ي والرب ي
يقتصرون ف إجاباتم على مراد السائل فقط ل يتعدونه .والتحقيق أن يقال :إن القتصار على مراد السائل
ف قط ل ينب غي ف كل الحوال ،بل قد يكون ف ب عض الحيان ما يد عو العلم إل الزيادة على مراد ال سائل
وتوضيح بعض السائل الت تتعلق بالسؤال ،أو تقرير بعض السائل الهمة والت يكن ربطها بالسؤال ،وذلك
المر يشتد إذا كان السائل يغلب عليه الهل .وإليك التفاصيل :
أ -معاملة السائل من جهة جهله :
فقال :يا رسول ال ،إنا نركب البحر -1عن أب هريرة رضي ال عنه قال ( :سأل رجل رسول ال
:هو الطهور ونمل معنا القليل من الاء فإنا توضأنا به عطشنا ،أفنتوضأ من ماء البحر .فقال رسول ال
1
ماؤه ،الل ميتته ).
اشتباه المر على ال سائل ف ماء الب حر أش فق أن يشت به عل يه ح كم ميي ته قال الرافعي :ل ا عرف
وقد يبتلى به راكب البحر فعقب الواب على سؤاله ببيان حكم اليتة ..وقال ابن العرب :وذلك من ماسن
الفتوى أن ياء ف الواب بأكثر ما يسأل عنه تتميما للفائدة وإفادة لعلم آخر غي مسئول عنه ،ويتأكد ذلك
عند ظهور الاجة إل الكم كما هنا لن من توقف ف طهورية ماء البحر فهو عن العلم بل ميتته مع تقدم
ف بيان حكم جديد لذلك السائل ،لن من سأل تري اليتة أشد توقفا 2.ونن هنا نلمس حكمة الرسول
عن طهورية ماء البحر وجهل حكمه ،فلئن يهل حكم ميتته من باب أول كما قاله ابن العرب .
-2عن أ ب جري الجي مي قال ( :رأ يت رجلً ي صدر الناس عن رأ يه ل يقول شيئا إل صدروا ع نه قلت :
،قلت :عل يك ال سلم يا ر سول ال مرت ي ،قال :ل ت قل عل يك من هذا ؟ قالوا :هذا ر سول ال
السلم فإن عليك السلم تية اليت 3قل السلم عليك .قال قلت :أنت رسول ال ؟ قال :أنا رسول
رواه المام أحمد في باقي مسند المكثرين /والنسائي في المياه /وأبو داود في الطهارة /وابن ماجه في الطهارة وسننها /ومالك في 1
أنه دخل قال الخطابي :هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلم كما يفعله كثير من العامة ،وقد ثبت عن النبي 3
المقبرة فقال السلم عليكم أهل دار قوم مؤمنين ،فقدم الدعاء على أسم المدعو له كهو في تحية الحياء ،وإنما كان ذلك القول منه إشارة
إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الموات إذا كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر :عليك سلم
ال قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما .وكقول الشماخ :عليك سلم من أمير وباركت ،يد ال في ذلك الديم الممزق ( .عون
75
المعـلم الول
ال الذي إذا أ صابك ضر فدعو ته ك شف ع نك ،وإن أ صابتك عام سنة فدعو ته أنبت ها لك ،وإذا ك نت
بأرض قفر أو فلة ( بأرض قفراء أو فلة ) فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك .قال قلت :أعهد إل .
قال ل تسب أحدا ..الديث ) . 1وف هذا الديث يتبي لنا جهل ذلك السائل واضحا بأمور :أولً ف قوله
ل ) وهذا يدل على أنه لول وهلة يرى الرسول .ثانيا :ف قوله ( عليك السلم ) ،فإن تية
( :رأيت رج ً
السلم ل يهلها أحد من الصحابة .لنا من المور التكررة الت تدث ف اليوم الواحد مرات عديدة ،فلما
،جهله أراد أن يدله على خالقه ويعلمه ،فأرشده أولً إل تصحيح خطئه بقوله ( :ل تقل رأي الرسول
عليك السلم ،فإن عليك السلم تية اليت ) ث بي له أن كشف الضر ،والستغاثة كلها ل تصرف إل ل .
و ف الد يث لف تة كري ة للم سلم ح يث دل العرا ب على خال قه الذي يلك وحده ال ضر والن فع ،ورب طه به
2
،ورغبه ف اللجوء إليه وطلب العون منه والستغاثة به ف اللمات . وحده دونه
ب -معاملة السائل من جهة ما هو أنفع له :
ل قال :يا رسول ال ،ما يلبس الحرم من الثياب ؟
-1عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما ( أن رج ً
:ل يلبس القمص ول العمائم ول السراويلت ول البانس ول الفاف ..الديث قال رسول ال
) 3قال النووي :قال العلماء هذا من بد يع الكلم وجزله لن مال يل بس منح صر فح صل الت صريح به ،
وأ ما اللبوس الائز فغ ي منح صر فقال :ل يلب سك كذا أي ويل بس ما سواه ..وقال ا بن دق يق الع يد :
يستفاد منه أن العتب ف الواب ما يصل منه القصود كيف كان ولو بتغيي أو زيادة ول تشترط الطابقة
.4
-2عن قتادة قال :سألوا النب عن الهلة ل جعلت ؟ فأنزل ال ( يسئلونك عن الهلة قل هي مواقيت
للناس والج ) فجعلها لصوم السلمي وإفطارهم ولناسكهم وحجهم وعدد نسائهم ومل دينهم .5
يقول ابن القيم :فسألوه عن سبب ظهور اللل خفيا ث ل يزال يتزايد فيه النور على التدريج حت يكمل
ث يأخذ ف النقصان ،فأجابم عن حكمة ذلك من ظهور مواقيت الناس الت با تام مصالهم ف أحوال
معاشهم ومواقيت أكب عباداتم وهو الج ،وإن كانوا قد سألوا عن السبب فقد أجيبوا با هو أنفع لم
المعبود .شرح سنن أبي داود .كتاب اللباس .باب ما جاء في إسبال الزار . ) 11/93
رواه أحمد في مسند المكيين ،والترمذي في كتاب الستئذان والدب وقال :حسن صحيح ،وأبو داود في كتاب اللباس وقال اللباني 1
صحيح .
من قوله ،وفي الحديث لفتة كريمة ( ..نقلً من زاد المعاد حاشية ( )2ص())2/420 2
رواه البخاري في كتاب الحج /ومسلم في الحج /وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة /والنسائي في مناسك الحج والترمذي في الحج 3
وأبو داود في المناسك /وابن ماجه في المناسك /ومالك في الحج /والدارمي في المناسك .
فتح الباري ( حديث رقم . ) 1542 4
فتح القدير /الشوكاني ( )208وصدر الحديث بقوله :وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة .الحديث . 5
76
المعـلم الول
1
ما سألوا عنه وإن كانوا سألوا عن حكمة ذلك فقد أجيبوا عن عي ما سألوا عنه ..
الخلصة:
()1تقدي حال السائل ،وبيان ما قد يتاجه السائل ،ففي الثال الول من الفقرة الول :كان السائل
على سؤاله وأردفه بكم جاهلً بكم معي وهو قد يفي على بعض دون بعض ولذلك أجابه الرسول
آخر يهله السائل وهو متعلق بالسؤال نفسه ،فمن جهل الكم الول فلبد أن يهل الخر .فتأمله .وف
الثال الثان من الفقرة الثانية :كان سؤال الصحاب يدل على جهله الشديد بأمور السلم حيث أخطأ ف
بسب حاله ،حيث أجاب السلم وهو أمر ل يكاد يطئه أحد لشيوعه بي الناس ،ولذا عامله الرسول
على سؤاله ث علمه ودل على خالقه .
( )2قد تكون إجا بة ال سائل بلف ال سؤال ولكن ها أن فع له ف في الثال الول من الفقرة الثان ية :كان
إل مال يلبس وهو قليل مصور . السؤال عن جنس ما يلبس وهو كثي صعب الصر ،فأرشده النب
و ف الثال الثا ن من الفقرة الثان ية :ف يه سؤالم عن طبي عة اللل وخلق ته ،فأجاب م ب ا هو أنفع ل م من
الكمة العظيمة ف إياده .
()3ليس ذلك التقدي مضطردا ف كل أحوال السائلي ،وإنا هي أمور يقدرها العلمون .
()4الستفادة من أسئلة الطلب ف ترسيخ معان معينة ،أو بيان أحكام جديدة ،وغي ذلك .
⊥⊥ ⊥
] [19التعليق على إجابة التعلم
يتاج العلم إل التعليق على إجابة الطالب بعد توجيه السؤال إليه ،وذلك لن الطالب قد يكون غي
متأكد من الجابة الت أدل با ،وأيضا فإن الطلب الخرين الذي يستمعون إل إجابة الطالب ف شوق
لعرفة ما إذا كانت إجابة الطالب صحيحة أم غي ذلك .وعلى العلم أن يعلق على إجابة كل طالب فيستفيد
الطالب من تصويب العلم له ،ويستفيد الطلب الخرون بعرفة صحة الواب من عدمه .
وعلى العلم أيضا أن يتحرى الدقة ف التصويب والتخطئة ،وأل يسارع بتخطئة الطالب كليا إن كان ف
إجابته شيء من الصحة ،بل عليه أن يشيد بالصحيح ويوضح الطأ ويبينه ،وينبغي على العلم أن يتار ألفاظ
التخطئة فل تكون ألفاظا قاسية أو عبارات ساخرة فتصيب الطالب بإحباط وتنعه من القدام على الجابة
على أسئلة العلم خوفا من لسان العلم السليط وعباراته القاسية ،بل تكون العبارة مطئة للجواب ولكن ف
قالب تشجيعي .وإليك بيان ذلك :
أعلم الموقعين ( ، )4/121وقد بوب عليه ابن القيم بقوله ( :للمفتي العدول عن السؤال بما هو أنفع ) . 1
77
المعـلم الول
فقال :إن أرى الليلة – فذكر رؤيا ،فعبها أبو -1عن أب هريرة رضي ال عنه أن رجلً أتى رسول ال
( :أصبت بعضا ،وأخطأت بعضا ) فقال :أقسمت عليك يا رسول ال بأب أنت بكر – فقال النب
على تعبي أب ( ل تقسم ) . 1وهنا يتبي لنا بلء تعليق النب لتحدثن ،ما الذي أخطأت ،فقال النب
بكر للرؤيا ،وأخبه بأن بعضها صحيح وبعضها خطأ وهذا عي النصاف أن تذكر ما ف الجابة من صحة
الطأ ول يوضحه لا أو خطأ ،ث إن على العلم أن يبي الطأ ويوضحه ،وف الثال السابق ل يذكر النب
يترتب على ذكره من مفاسد كان الول ترك تعبيه 2ولكن غرضنا هنا هو بيان تقييم الجابة ف حالة الصحة
أو الطأ ،أو بينهما .
سورة فبينما أنا ف السجد إذ سعت رجلً يقرأها بلف -2عن أب بن كعب قال :أقرأن رسول ال
، فقلت :ل تفارقن حت آت رسول ال قراءت ،فقلت من أقرأك هذه السورة ؟ فقال :رسول ال
فأتيناه فقلت :يا رسول ال إن هذا قد خالف قراءت ف هذه السورة الت علمتن ،قال :اقرأ يا أب ،
فقرأت ،فقال :أحسنت ،فقال للخر :اقرأ فقرأ بلف قراءت ،فقال له :أحسنت ،ث قال :يا أب إنه
أنزل على سبعة أحرف ،كلها شاف ،كاف ،قال :فما اختلج ف صدري شيء من القرآن بعد . 3وهنا
أحسنت لكل منهما لن الصحابيي كليهما قد قرأ قراءة كان التعليق على قراءة أب والصحاب الخر بقوله
صحيحة ،استوجبت التصحيح ،ولو بعبارة مغايرة لكلمة الصحة 4بل يكفي أي عبارة تدل على القصود .
الخلصة:
()1التعليق على إجابة التعلم ،تفيد الجيب ف تصحيح إجابته ،وتفيد الطلب الخرين ف قبول الجابة
أو رفضها .
( )2قد تكون الجابة صحيحة ،وقد تكون الجابة صحيحة جزئيا ،وقد تكون خطأ .ولكل إجابة ما
يناسبها من عبارات التعليق .
()3الجابة الاطئة يراعى فيها نفسية الطالب وروحه العنوية .
()4ل يلزم أن يتقيد العلم بلفظ ( صحيح ،خطأ ) بل أي عبارة تدل على القصود ( كأحسنت ،جيد ،
متاز ،تتاج العبارة إل تصحيح أكثر ،الواب غي مكتمل ..ونوه ) .
رواه البخاري في كتاب التعبير /ومسلم في الرؤيا /والترمذي في الرؤيا /وابن ماجه في تعبير الرؤيا /وأبو داود في اليمان والنذور 1
واللفظ له .والحديث عند أبي داود مختصر جدا ،وتجده عند من ذكرنا بأتم منه .فراجعه ففيه فوائد .
انظر ما ذكره الشراح في المصادر السابقة حول هذا الحديث . 2
رواه مسلم في كتاب صلة المسافرين /وأحمد في مسند النصار /وأبو داود في الصلة /والنسائي في كتاب الفتتاح /وابن عبد البر 3
أحسنت يقتضي التصحيح والتصويب . وعند أحمد في مسند النصار بقوله ( :أصبتما ) ،مما يدل على أن قوله 4
78
المعـلم الول
⊥⊥ ⊥
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان .الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ) 2/360 ( . 2
سئل الشعبي عن مسألة فقال كلما فيه أني ل أحسن الجابة عن هذه المسألة .فقال له أصحابه :قد استحيينا لك مما رأينا منك .فقال : 4
لكن الملئكة المقربين لم تستح حين قالت ( :ل علم لنا إل ما علمتنا ) ( .مختصر جامع بيان العلم وفضله .لبن عبد البر ص )221
أدب الدين والدنبا ص .123 5
79
المعـلم الول
( :ل تيون على موسى ،فإن الناس يصعقون ،فأكون أو من يفيق ،فإذا موسى باطش بانب -1قال
1
العرش ،فل أدري :أكان فيمن صعق فأفاق قبلي ،أو كان من استثن ال )
فقال :يا رسول ال أي البقاع خي ؟ قال :ل أدري .فقال -2عن ابن عمر قال ( :جاء رجل إل النب
فقال :يا جبيل أي البقاع خي ؟ قال : :أي البقاع شر ؟ قال :ل أدري .قال سل ربك .فأتاه جبيل
ل أدري ،قال :أي البقاع شر ؟ قال :ل أدري .فقال :سل ربك فانتفض جبيل انتفاضة كاد يصعق منها
،وقال :ما أسأله عن شيء ،فقال ال – عز وجل – لبيل سألك ممد أي البقاع خي ؟ فقلت : ممد
ل أدري وسألك أي البقاع شر ؟ فقلت :ل أدري .فأخبه أن خي البقاع الساجد ،وشر البقاع السواق
.2
،فهذا أبو بكر الصديق رضي فقد ضربوا أروع المثلة ف التأسي بعلمهم أما تلمذة ممد
ال عنه يقول :أي ساء تظلن ؟ وأي أرض تقلن ؟ إذا قلت ف كتاب ال بغي علم .وهذا ابن سعود رضي
( :قل ما ال عنه يقول :إن من العلم أن تقول لا ل تعلم :ال أعلم .قال ال تبارك وتعال لنبيه
أسئلكم عليه من أجر وما أنا من التكلفي ) ،وهذا علي بن أب طالب رضي ال عنه يقول فيما يرويه عنه
الشعب :إنه خرج عليهم وهو يقول :ما أبردها على الكبد ؟! فقيل له :وما ذلك ؟ قال :أن تقول للشيء ل
تعلمه :ال أعلم .وهذا ابن عمر رضي ال عنهما يقول فيما يرويه عنه نافع :أنه سئل عما ل يعلم فقال :
ل يعلم فقال ل علم ل به . 3والكلم ف ذكر أقاويل الصحابة والسلف يطول ،وفيما ذكر يكفي ويشفي .
قال الراجز :
فإن جهلت ما سئلت عنه
ول يكن عندك علم منه
فل تقل فيه بغي فهم
إن الطأ مزر بأهل العلم
وقل إذا أعياك ذاك المر
مال با تسأل عنه خب
جزء من حديث رواه البخاري في كتاب أحاديث النبياء /ومسلم في الفضائل /وأحمد في باقي مسند المكثرين /الترمذي في تفسير 1
عن كتاب تخريج أحاديث الحياء :أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصححه وهو من حديث ابن عمر .ثم قال :وهو حسن ذكره
اللباني في الصحيحة . 3271 /
النقول السابقة التي عن الصحابة مأخوذه من مختصر جامع بيان العلم وفضله لبن عبد البر ص . 221/223 3
80
المعـلم الول
الخلصة:
. ()1القائل بل علم مذموم أبدا ف كتاب ال ،وعلى لسان رسوله
()2القائل بل علم ،يفسد ول يصلح .
()3عدم العرفة ليس عيبا ول نقصا ف حق العلم .
()4الياء والجل من قول ( ل أدري ) ليس سببا مقنعا ف ترير العلومات الاطئة على الطلب .
()5يب على العلم أن يغرس هذا البدأ ف نفوس طلبه ،ويؤكد عليه .
()6قول ل أعلم .جزء من العلم .بل قال عنه أبو الدرداء أنه نصف العلم .2
خاتة
وبعد ...
ف التربية والتعليم ،وما تركت أكثر ما ذكرت ، ..فإن ما طالعته آنفا ،جزء يسي من سيته
وحسب أن مهدت السبيل لك ،ودللتك على ينبوع ل ينضب ،ونر ل يدرى أوله من آخره ،فشمر عن
ساعد الد واست بن أمرنا بالستنان به ،فهو لعمر ال السوة السنة والسراج الني .وإنه لن الؤسف أن
يعدل معلمونا عن سنة نبيهم ويطلبوا غيها وهي دونا براحل .ولو تقصينا كثيا من الثار النبوية لرجنا
بكم هائل من الفوائد التربوية والتعليمية ،ولكن نشكو إل ال ضعف هتنا وقلة علمنا .
أخي العلم ..إن المة تعلق عليك آمالً كبية ,لنا قدمت لك أغلى ما تلك ،قدمت لك ثرة فؤادها
،وفلذة كبدها ،فماذا ستفعل فيها ،هل سترعاها وتؤدي ما اؤتنت عليه ،أم ماذا ؟
( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) يغن عن كثي من الكلم ..أل فاتقوا ال ف ولعل قوله
أولد السلمي ول تغشوهم ،وعلموهم العلم والدب ،وقدموا لم النصيحة ول تبخلوا عنهم بشيء فهم
عماد الستقبل وعليهم تقوم المة .
وال أعلم ..و صلى ال وبارك على نبي نا م مد وعلى آله و صحبه و سلم ت سليمُا كثيا إل يوم الد ين ،
والمد ل رب العالي ف الول والخرة .
مختصر جامع بيان العلم وفضله ل بن عبد البر ص . 224 1