You are on page 1of 277

‫شرح الربعي النووية‬

‫للشيخ العلمة ممد بن صال العثيمي رحه ال تعال‬


‫القدمة‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على نبينا ممد خات النبيي وإمام التقي وعلى آله‬
‫وصحبه ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين ‪،‬‬
‫أما بعد ‪،‬‬
‫فهذه هي ( الربعي النووية ) نبتدأ دروس هذه الجازة ف هذه الليلة ليلة السبت الامس عشر‬
‫من ربيع الول سنة إحدى وعشرين وأربع مائة وألف ‪،‬‬
‫ل صالا ‪،‬‬
‫ونسأل ال سبحانه وتعال أن يرزقنا علما نافعا وعم ً‬
‫ث نرحب بإخواننا الذين قدموا لضور هذه الدروس وننئهم با مَنّ ال به عليهم من الثواب‬
‫الزيل ‪،‬‬
‫حيث قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬من سلك طريقا يلتمس به علما سهّل ال له‬
‫به طريقا إل النة ) ‪،‬‬
‫وسلوك الطريق للعلم ينقسم إل قسمي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬سلوك طريق حسي ‪ ،‬كأن يأت النسان من بيته إل السجد لضور الدروس ‪،‬‬
‫‪ – 2‬والثان ‪ :‬معنوي ‪ :‬كأن يطالع ف الكتب ويذاكر مع العلماء ‪،‬‬
‫وكل المرين يترتب عليه هذا الثواب ‪،‬‬
‫أيها الخوة إن طلب العلم الشرعي ليس لجرد العلم بكم ال عز وجل وحكم رسوله ‪،‬‬
‫لن هذا يصل من الؤمن والكافر والب والفاجر ‪،‬‬
‫ي من‬
‫ولذلك ترى الكفار الذين درسوا الفقه السلمي ترى عندهم من علم الفقه ما ليس عند كث ٍ‬
‫السلمي ‪،‬‬
‫ل فهو وبالٌ على صاحبه ‪،‬‬
‫القصود من العلم العمل ‪ ،‬وكل عل ٍم ينتج عم ً‬
‫لن هذا الذي تعلم ول يعمل من أول وأول أهل النار بالعقوبة والعياذ بال ‪،‬‬
‫كما قال الناظم ‪:‬‬
‫ب من قبل عباد الـوثـن‬
‫معذ ٌ‬ ‫وعال بعلمه ل يَـعْـمَـلَـنْ‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫فالعلم سلح إما لك وإما عليك ‪،‬‬


‫مت يكون لك ؟‬
‫إذا عملت به ويكون عليك إذا ل تعمل به ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬القرآن حجة لك أو عليك ) وليس فيه قسمٌ ثالث‬
‫ل لك ول عليك ‪ ،‬إما لك وإما عليك ‪،‬‬
‫فإن عملت به كان لك ‪ ،‬وإن ل تعمل به كان عليك ‪،‬‬
‫إن عملت به ف حق ال عز وجل ف العبادة الت بينك وبي ال تبارك وتعال ‪،‬‬
‫إن عملت به فيما بينك وبي الناس منت العاملة واللق وغي ذلك فأنت موف ٌق والعلم حجةٌ‬
‫لك ‪ ،‬وإن كانت الخرى فقد جانبك التوفيق وصار العلم وبالً عليك ‪،‬‬
‫أيها الخوة إنه يب على طالب العلم مراعاة ما يأت ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬حسن النية بطلب العلم بأن يكون قصد النسان امتثال أمر ال عز وجل ورجاء ثوابه ‪،‬‬
‫هل أمر ال بالعلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫أمر ال بالعلم بأعظم الشياء ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬فاعلم أنه ل إله إل ال واستغفر لذنبك وللمؤمني والؤمنات } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون } ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ‪،‬‬
‫وهذا حثّ على العلم ‪،‬‬
‫فتنوي بطلب العلم امتثال أمر ال ‪،‬‬
‫إخواننا إذا نويت بطلب العلم امتثال أمر ال ‪ ،‬ماذا سيكون طلب العلم ؟‬
‫يكون عباده تتقرب با إل ال ‪ ،‬تقلب صفحات الكتاب فأنت ف عبادة ‪،‬‬
‫كالذي يدس مسدسه ومدفعه للجهاد ‪،‬‬
‫وإذا كان العلم بذه النية فل يعدله شيء ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تنوي بطلب العلم رفع الهل عنك أولً وعن الناس ثانيا ‪،‬‬
‫كيف عن نفسك أولً ؟‬
‫لنك خلقت جاهل‌ً ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬وال أخرجكم من بطون أمهاتكم ل تعلمون شيئا } ‪،‬‬
‫وأنت بنفسك الن ترى أنك كلما جلست إل عال أو راجعت كتابا ازددت علما ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫فتنوي بطلب العلم رفع الهل عنك وعن نفسك ‪،‬‬
‫لن رفع الهل نور ‪ ،‬العلم نور يستضاء به ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫ولذلك تد أكثر الناس انشراحا ف الصدر هم أهل العلم ‪،‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حفظ الشريعة ‪ ،‬يعن حفظ الشريعة ‪،‬‬
‫لن الشريعة مفوظة بالكتب السطورة وكذلك بالقلوب ‪،‬‬
‫فتنوي حفظ الشريعة من أن تضيع ‪،‬‬
‫لنا إذا ل يتجه إل العلم ضاعت الشريعة ‪،‬‬
‫تنوي حفظ الشريعة يعن أن تفظ الشريعة من أن تضيع ‪،‬‬
‫تفظها بالصدر تفظها بالورق ‪ ،‬لنه إذا ل يتعلم الناس ضاعت الشريعة ‪،‬‬
‫ث اعلم أن حفظ الشريعة ‪ ،‬الشريعة كما يكون بتقييد العلومات يكون كذلك بتطبيق‬
‫العلومات ‪ ،‬انتبه لذه النقطة ‪،‬‬
‫حفظ الشريعة بتطبيق العلومات ‪،‬‬
‫ولذا لو سألتكم هل نسيتم التشهد الول والخي ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫لنكم تقرؤونه ف اليوم والليلة عدة مرات فهذا حفظ الشريعة ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن ينوي بذلك حاية الشريعة ‪ ،‬ل سيما ف زمنٍ تكثر فيه الفت ‪،‬‬
‫حاية الشريعة غي حفظ الشريعة ‪،‬‬
‫حايتها هي الدفاع عنها ‪ ،‬ورد كيد الكائدين وإبطال شبه البطلي ‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫لن الشريعة ل تمى إل بأصحابا برجالا ‪ ،‬كما أن الديار ل تمى إل بشجعانا ‪،‬‬
‫ب زوجان ‪ ،‬فيها العلوم الكثية ‪،‬‬
‫ل مبتدعا قام ف مكتبة فيها من كل كتا ٍ‬
‫أرأيت لو أن رج ً‬
‫وقام يتكلم بالبدعة يقررها ويؤكدها ‪،‬‬
‫وليس عنده إل الكتب وطلب علمٍ مبتدءون يغترون بقوله ‪،‬‬
‫هل يكن لذه الكتب السلفية أن تدافع ؟‬
‫ل يكن ‪،‬‬
‫لكن لو كان هناك طالب علم أمكن أن يدافع ‪،‬‬
‫إذن انوِ الدفاع عن الشريعة كما ينوي الجاهدون الدفاع عن بلد السلم ‪،‬‬
‫لن شريعتك السلمية مستهدفة منذ بزغ نور فجرها ‪،‬‬
‫وهي مستهدفة إل اليوم واليوم أشد وأشد ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬

‫‪3‬‬
‫لن الدول التحضرة وهي التخلفة ف الواقع تاف من السلم خوفا شديدا ‪،‬‬
‫ولذا يذكر عن بعض زعمائهم أنه قال لا فّتتَ التاد السوفيت قال ‪ ( :‬الن استرحنا من‬
‫الشيوعية ‪ ،‬لكن بقي علينا العدو الكب ) ‪،‬‬
‫أل وهو السلم ‪،‬‬
‫ولذلك تدون حايتهم للنصارى ومساعدتم ضد السلمي وكذلك مساعدة اليهود هذا شيءٌ‬
‫يعرفه متتبع الخبار وهم يبثون سومهم ف المة السلمية من كل ناحية ‪ ،‬تارة بالشبه وتارة‬
‫بالخلق وتارة بالعاملت الربوية واليسرية وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫الناس اليوم ف ضرورةٍ لماية الشريعة فهذه ستة أشياء كلها تدور حول الخلص ف طلب العلم‬
‫‪،‬‬
‫قال المام أحد ‪ :‬العلم ل يعدله شيء لن صحت نيته ‪ ،‬ل يعدله شيء أي شيء لن صحت نيته ‪،‬‬
‫قالوا كيف يا أبا عبد ال ؟ قال ‪ :‬ينوي رفع الهل عن نفسه وعن غيه ‪،‬‬
‫وهذا جزءٌ من إخلص النية ‪،‬‬
‫هذه واحدة ‪ :‬أن ينوي بطلب العلم إخلص النية ‪ ،‬ويتضمن كل الشياء الستة هذه ‪،‬‬
‫ثانياً ‪ :‬أن يعمل بعلمه ‪،‬‬
‫على طالب العلم أن يعمل بعلمه لن هذا ثرة العلم ‪،‬‬
‫وهو الن قد أمسك بالجة إما له وإما عليه ‪ ،‬فليعمل ‪،‬‬
‫واعلم يا أخي ‪ ،‬ويا أيها الشباب أنك إذا عملت بالعلم زدت إيانا وزدت أجرا وزدت قبولً عند‬
‫الناس ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ‪،‬‬
‫{ زادهم هدىً } أي علما ‪،‬‬
‫{ وآتاهم تقواهم } أي عملً صالا ‪،‬‬
‫كلما عملت بالعلم وفرحت بالسألة تعرفها من كتاب ال وسنة رسوله ث عملت با ازددت علما‬
‫وإيانا وقبولً عند الناس وفكاكا من الث ‪،‬‬
‫اعمل بالعلم ‪،‬‬
‫أرأيت الرجل يعرف أن الغيبة حرام من كبائر الذنوب ولكنه يغتاب الناس هل انتفع بعلمه ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫إذن علمه ضرر عليه ‪،‬‬
‫ل بد أن تعمل بالعلم ‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫أسأل ال ل ولكم أن يرزقنا علما نافعا ‪،‬‬
‫وإل خسرت وفقدت فائدة العلم ‪،‬‬
‫إذا عملت بعلمك صرت موثوقا عند الناس وقبل الناس منك وعرفوا أن دعوتك صحيحة وأنك‬
‫تفعل ما تقول ‪،‬‬
‫وهذا شيءٌ مشاهد ‪،‬‬
‫ل حذر الناس من إسبال الثوب وهو مسبل ثوبه جاء بالدلة والنصوص البينة الواضحة‬
‫لو أن رج ً‬
‫وقَبِلَ الناسُ النصوص ‪،‬‬
‫لكن هل قبولم لا كقبولم إياها من رجل ( ملتزم ) مستقيم ؟‬
‫أنا قلت ( ملتزم ) غلط ‪،‬‬
‫لن كلمة ( ملتزم ) عند الناس يعن مستقيم ‪،‬‬
‫ل تقل ‪ ( :‬فلن ملتزم ) ‪،‬‬
‫قل ‪ :‬فلن مستقيم ‪،‬‬
‫لتوافق الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬إن الذين قالوا ربنا ال ث استقاموا } ول يقل ( ث التزموا ) ‪،‬‬
‫وقال رجلٌ للنب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬قل ل ف السلم قولً ل أسأل عنه أحدا غيك ‪ ،‬قال ‪( :‬‬
‫قل ‪ :‬آمنت بال ‪ ،‬ث استقم ) ‪،‬‬
‫أقول ‪ :‬هل يقبلون من هذا الرجل الذي حذر من إسبال الثوب وهو مسبل كقبولم من رجل‬
‫حذر من إسبال الثوب وهو ل يسبل ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫فإذا أردت أن تنجو بعلمك من إثك وأردت الناس أن يقبلوا علمك فاعمل به ‪،‬‬
‫حت تكون أول من يطبق ذلك ‪،‬‬
‫ولذا يا جاعة التطبيق العملي أقوى تأثيا من القول باللسان أقوى بكثي ‪،‬‬
‫أضرب لكم مثلً أو مثلي أو ثلثة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ف صلح الديبية لا قرر النب صلى ال عليه وسلم أن يتحلل ‪ ،‬لن الشركي صدوا النب‬
‫صلى ال عليه وسلم عن إتام العمرة فقرر أن يتحلل أمر الناس أن يلقوا ‪ ،‬أمرهم أن يلقوا‬
‫ويتحللوا لكن صار ف نفوسهم شيء ترددوا لعلهم يرجون أن يُنسخ المر لن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم أحيانا يأمر بالمر ث إذا روجع فيه أمر بغيه ‪ ،‬فغضب عليه الصلة والسلم دخل‬
‫على أم سلمة ووجدته متغيا أم سلمة زوجته وكانت من أعقل النساء ‪ ،‬وسألته ‪ :‬ما الذي‬

‫‪5‬‬
‫غيّرك ؟ قال ‪ :‬أمرتم أن يلقوا ول يفعلوا ‪ ،‬أو كلم من هذا العن ‪ ،‬قالت ‪ :‬أتريد أن يفعلوا ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قالت ‪ :‬اخرج إليهم وادعُ باللق أن فليحلقك ‪ ،‬خرج ودعا باللق فحلقه ‪،‬‬
‫فصار الناس يكاد يقتل بعضهم بعضا أيهم يلق أو ًل ‪،‬‬
‫سبحان ال ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫الفعل ‪،‬‬
‫صار تأثي فعله أشد من تأثي قوله ‪،‬‬
‫‪ – 2‬الثل الثان ‪ :‬ف حجة الوداع أمر من يَسُقْ الدي ‪ ،‬أن يعل حجه عمرة ‪ ،‬أو قرانه عمرة‬
‫فراجعوه ف ذلك ‪ ،‬حت قالوا قولً يُستحى من ذكره ‪ ،‬قالوا ‪ :‬الل كله نل حت من النساء ؟‬
‫قال ‪ ( :‬حت من النساء ) ‪ ،‬قالوا ‪ :‬نرج من من وذكر أحدنا يقطر منيا ؟ قال ‪ ( :‬نعم ) ‪ ،‬يعن‬
‫من الماع ‪ ،‬قال ‪ ( :‬نعم ) ‪ ،‬فلما رآهم ل تطب نفوسهم ‪ ،‬قال ‪ ( :‬لو استقبلت من أمري ما‬
‫استدبرت ما سقت الدي ول أحللت لكم ) ‪،‬‬
‫لكن منعه أن يفعل ما أمرهم به منعه من ذلك سوق الدي ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ويذكر أن شيخ السلم ابن تيمية رحه ال لا حاصر التتار دمشق وكان ف رمضان قال‬
‫للجنود ‪ :‬أفطروا فإنه أقوى لكم ‪ ،‬فتردد بعض الناس ‪ ،‬وسألوا بعض العلماء قالوا ‪ :‬نفطر ؟ قالوا‬
‫‪ :‬ل تفطروا ‪ ،‬ل أنتم مرضى ول على سفر ل تفطروا ‪ ،‬فأخذ خبزة وجعل ير بي صفوف‬
‫القاتلي ويأكلها ‪ ،‬كل ذلك من أجل أن يطمئنهم إل جواز الفطار ‪،‬‬
‫وما قاله صحيح ‪ ،‬لن فيه دليل ‪:‬‬
‫فإن النب صلى ال عليه وسلم ف غزوة الفتح وكانت ف رمضان أمرهم أن يفطروا ‪ ،‬منهم من‬
‫أفطر ومنهم من ل يفطر ‪ ،‬فلما قربوا من مكة قال ‪ ( :‬إنكم ملقو العدو غدا والفطر أقوى لكم‬
‫فأفطروا ) فجعل السبب التقوي على القتال ‪،‬‬
‫الهم يا إخواننا أنكم إذا عملتم بعلمكم صار ذلك أقوى لقبول قولكم وأشد طمأنينة لقبوله وإل‬
‫سينقص قبول الناس لكم بقدر ما نقصتم من العمل بعلمكم ‪،‬‬
‫اجتهدوا ل تقولوا ‪ :‬حفظنا الت الفلن والت الفلن ‪،‬‬
‫حثّ عليه ‪،‬‬
‫هذا طيب ل شك وَن ُ‬
‫لكن الكلم على الخلص والعمل حت ل تضيعوا ‪،‬‬
‫قراءتنا ف هذا الجازة إن شاء ال هي هذا الكتاب ( الربعي النووية ) ف الساء ‪،‬‬
‫ونرجو ال تبارك وتعال أن نكمله على خي ‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫ف هذه الليلة نقرأ من كتاب ( الربعي النووية ) ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الديث الول‬
‫عن أمي الؤمني أب حفصٍ عمر بن الطاب رضي ال عنه قال ‪ :‬سعت رسول ال عليه وسلم‬
‫يقول ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ‪ ،‬وإنا لكل امرئ ما‬
‫نوى ‪ ،‬فمن كانت هجرته إل ال ورسوله فهجرته إل ال ورسوله ‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا‬
‫يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إل ما هاجر إليه ) ‪.‬‬
‫رواه إماما الحدثي أبو عبد ال ممد بن إساعيل بن إبراهيم بن الغية بن بردزبه البخاري وأبو‬
‫السي مسلم بن الجاج بن مسلم القشيي النيسابوري ف صحيحيهما اللذين ها من أصح‬
‫الكتب الصنفة ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المام الافظ النووي من أصحاب الشافعي الذين تعتب أقوالم ‪،‬‬
‫ومن أشد الشافعية ف الرص على التأليف ‪،‬‬
‫وأَّلفَ ف فنونٍ شت ‪ ،‬ف الديث ومتعلقاته وف اللغة كما ف ( تذيب الساء واللغات ) ‪،‬‬
‫وهو ف القيقة من أعلم الناس ‪،‬‬
‫والظاهر وال أعلم أنه من أخلص الناس ف التأليف ‪،‬‬
‫لن تأليفاته رحه ال انتشرت ف العال السلمي ‪،‬‬
‫ل تكاد تد مسجداَ إل ويقرأ فيه ( رياض الصالي ) ‪،‬‬
‫وكتبه مشهورة مبثوثة ف العال ما يدل على صحة نيته ‪،‬‬
‫فإن قبول الناس للمؤلفات من الدلة على إخلص النية وهو رحه ال متهد والجتهد يطئ‬
‫ويصيب ‪،‬‬
‫وقد أخطأ رحه ال ف مسائل الساء والصفات فكان يؤول فيها لكنه ل ينكرها ‪،‬‬
‫فمثلً ‪ { :‬على العرش استوى } ‪ ،‬فيقول أهل التأويل معناها ‪ :‬استول على العرش ‪،‬‬
‫لكن ل ينكرون { استوى } ‪،‬‬
‫لنم لو أنكروا الستواء لكفروا إذا أنكروه تكذيبا لكنهم يصدقون ولكن يرفونه ‪،‬‬
‫مثل هذه السائل ‪،‬‬
‫إذا علمنا صدق نية النووي رحه ال وكثرة ما انتفعت المة بؤلفاته فإنا تغتفر ‪،‬‬
‫ولقد ضل قومٌ أخذوا يسبونه سباّ عظيما من اللف الالفي ‪،‬‬
‫حت بلغن أن بعضهم قال ‪ ( :‬يب أن يُحرق شرح النووي على صحيح مسلم ) ‪،‬‬

‫‪8‬‬
‫نسأل ال العافية ‪،‬‬
‫فالنووي نشهد له فيما نعلم من حاله بالصلح ‪ ،‬وأنه متهد ‪ ،‬وأن كل متهد قد يصيب ‪ ،‬وقد‬
‫يطئ وإن أخطأ فله أجرٌ واحد وإن أصاب فله أجران ‪،‬‬
‫وقد ألف مؤلفات كثية من أحسنها هذا الكتاب ( الربعي النووية ) ‪،‬‬
‫وهي ليست أربعي بل اثنان وأربعون ‪،‬‬
‫لكن العرب يذفون الكسر ف العداد ‪،‬‬
‫فيقولون ‪ :‬أربعون وإن زاد واحدا أو اثني أو نقص واحدا أو اثني ‪،‬‬
‫هذه الربعون ينبغي لطالب العلم أن يفظها ‪ ،‬لنا منتخبة من أحاديث عديدة ‪ ،‬ومن أبواب‬
‫متفرقة ‪،‬‬
‫يعن لو جئنا إل ( عمدة الحكام ) ‪ ( ،‬عمدة الحكام ) منتخبة ل شك لكنها ف باب واحد باب‬
‫الفقه ‪،‬‬
‫أما هذه فهي من أبواب متفرقة متنوعة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عن أمي الؤمني أب حفصٍ ) ‪ :‬أمي الؤمني هو أبو حفص عمر بن الطاب ‪،‬‬
‫آلت إليه اللفة ‪ ،‬بتعيي أب بكر الصديق رضي ال عنه له ‪،‬‬
‫فهو حسن ٌة من حسنات أب بكر ‪،‬‬
‫ونصبه ف اللفة شرعي ‪،‬‬
‫لن الذي عيّنه أبو بكر ‪،‬‬
‫وأبو بكر تعيّن ببايعة الصحابة له ف السقيفة ‪،‬‬
‫فخلفته شرعية كخلفة أب بكر ‪،‬‬
‫ولقد أحسن أبو بكر اختيارا حيث اختار عمر بن الطاب رضي ال عنه ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬أنه سع النب صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ............ :‬ال ‪،‬‬
‫وف قوله ‪ ( :‬سعت ) ‪ :‬دليلٌ على أنه أخذ من النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بل واسطة ‪،‬‬
‫والعجب أن هذا الديث ل يروه عن النب صلى ال عليه وسلم إل عمر مع أهيته ‪،‬‬
‫لكن له شواهد ف القرآن والسنة ‪:‬‬
‫ففي القرآن ‪ { :‬وما تنفقون إل ابتغاء وجه ال } هذه نية ‪،‬‬
‫{ ممد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحاء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلً‬
‫من ال ورضوانا } وهذه نية ‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫وقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي با وجه ال إل أُ ِج ْرتَ عليها‬
‫حت ما تعله ف فِيّ امرأتك ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تبتغي با وجه ال ) هذه نية ‪،‬‬
‫فالهم أن معن الديث ثابت بالقرآن والسنة ‪،‬‬
‫ولفظ الديث انفرد به عمر رضي ال عنه ‪،‬‬
‫لكن تلقته المة بالقبول التام حت إن البخاري صدّر كتاب الصحيح بذا الديث ‪،‬‬
‫يقول ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ‪ ،‬وإنا لكل امرئ ما نوى ) نتكلم أو ًل على ما فيه من البلغة ‪،‬‬
‫الديث ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ) ‪ :‬فيه من البلغة ‪:‬‬
‫الصر ‪ :‬وهو ‪ ( :‬إثبات الكم ف الذكور ونفيه عما سواه ) ‪،‬‬
‫طريق الصر ف هذا الديث ‪ ( :‬إنا ) ‪،‬‬
‫لن ( إنا ) تفيد الصر ‪،‬‬
‫إذا قلت ( زي ٌد قائم ) ما فيه حصر ‪،‬‬
‫( إنا زي ٌد قائم ) فيه حصر ‪ ،‬وأنه ليس إل زيد قائما فهذا أداة حصر ‪،‬‬
‫وكذلك ( وإنا لكل امرئٍ ما نوى ) ‪،‬‬
‫ونشي ف الديث ‪ ( :‬فمن كانت هجرته إل ال ورسوله فهجرته إل ال ورسوله ومن كانت‬
‫هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إل ما هاجر إليه ) ‪،‬‬
‫ف الملة الخية من البلغة ‪:‬‬
‫إخفاء نية من هاجر إل الدنيا ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فهجرته إل ما هاجر إليه ) ‪ ،‬ول يقل ‪ ( :‬إل دنيا يصيبها ) ‪،‬‬
‫الفائدة البلغية ف ذلك ‪:‬‬
‫هو تقي ما هاجر إليه هذا الرجل ‪ ،‬يعن ل أهلً لن يذكر ‪،‬‬
‫بل يُكنّى عنه بقوله ‪ ( :‬إل ما هاجر إليه ) ‪،‬‬
‫( من كانت هجرته إل ال ورسوله ) ‪،‬‬
‫الواب ‪ ( :‬فهجرته إل ال ورسوله ) ذكرها ‪،‬‬
‫( من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها – أو ينكحها – فهجرته إل ما هاجر إليه ) ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬إل دنيا يصيبها أو امرأ ٍة ينكحها ) ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫تقيا لشأن ما هاجر إليه وهي الدنيا أو الرأة ‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫أما الول ‪ ( :‬فهجرته إل ال ورسوله ) فذكره تنويها بفضله ‪،‬‬
‫أما من حيث العراب ‪ :‬وهو البحث الثان ‪:‬‬
‫( إنا العمال بالنيات ) مبتدأ وخب ‪،‬‬
‫( العمال بالنيات ) ‪ ( :‬العمال ) مبتدأ ‪،‬‬
‫و ( بالنيات ) خبه ‪،‬‬
‫ئ ما نوى ) أيضا مبتدأ وخب ‪،‬‬
‫( وإنا لكل امر ٍ‬
‫لكن ُق ّدمَ الب على البتدأ ‪،‬‬
‫لن البتدأ ف قوله ‪ ( :‬وإنا لكل امرئٍ ما نوى ) هو ‪ ( :‬ما نوى ) متأخر ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فمن كانت هجرته إل ال ورسوله فهجرته إل ال ورسوله ) ‪ :‬هذه جلة شرطية ‪.‬‬
‫أداة الشرط فيها ‪ ( :‬من ) ‪،‬‬
‫وفعل الشرط ‪ ( :‬كانت ) ‪،‬‬
‫وجواب الشرط ( فهجرته إل ال ورسوله ) ‪،‬‬
‫وهكذا نقول ف ‪ ( :‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ‪ ) ....‬ف العراب ‪،‬‬
‫أما ف اللغة ‪:‬‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫( العمال ) ‪ :‬جع عمل ‪،‬‬
‫ويشمل ‪ :‬العمال القلبية والعمال النطقية والعمال الوارحية ‪،‬‬
‫يشمل ‪ :‬العمال كلها القلبية والنطقية والوارحية ‪،‬‬
‫العمال القلبية ‪ :‬ما ف القلب من العمال ‪.‬‬
‫كالتوكل على ال والنابة إليه والشية منه وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫هذه أعمال قلبية ‪،‬‬
‫العمال النطقية ‪ :‬أعمال اللسان ‪.‬‬
‫وما أكثر أقوال اللسان ‪،‬‬
‫ل من اللسان ‪،‬‬
‫ل أعلم شيئا من الوارح أكثر عم ً‬
‫اللهم إل أن تكون العي أو الذن ‪،‬‬
‫الثالث ‪ :‬الوارحية ‪ :‬أعمال اليدين والرجلي وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬العمال بالنيات ) ‪ :‬النيات ‪ :‬جع نية ‪ ،‬وهي ‪ :‬القصد ‪ ،‬وملها ‪ :‬القلب ‪،‬‬
‫فهي عمل قلب وتعلق للجوارح با ‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وإنا لكل امرئ ) ‪ :‬لكل إنسان ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ما نوى ) ‪ :‬أي ما نواه ‪،‬‬
‫هاتان الملتان ‪ ،‬هل ها بعن واحد أو ها متلفتان ؟‬
‫الواب ‪ :‬يب أن نعلم أن الصل ف الكلم التأسيس دون التوكيد ‪،‬‬
‫ومعن التأسيس يعن أن الثانية لا معن مستقل ‪،‬‬
‫ومعن التوكيد أن الثانية بعن الول ‪،‬‬
‫هذه ‪ ،‬ننظر ‪،‬‬
‫بعض العلماء يقول ‪ :‬الملتان بعنً واحد ‪،‬‬
‫فقد قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ) ‪.‬‬
‫ئ ما نوى )‬
‫وأكد ذلك بقوله ‪ ( :‬وإنا لكل امر ٍ‬
‫هذا قولٌ لبعض العلماء ‪،‬‬
‫وبعض العلماء قال ‪ :‬إن الثانية غي الول ‪،‬‬
‫فالكلم من باب التأسيس ل من باب التوكيد ‪،‬‬
‫فالقاعدة أيها الخوة الطلبة أنه إذا دار الكلم بي تأسيسا أو توكيدا أن نعله تأسيسا وأن نعل‬
‫الثان غي الول ‪،‬‬
‫لنك لو جعلت الثان هو الول صار ف ذلك تكرار يتاج إل أن نعرف السبب ‪،‬‬
‫والصواب ‪ :‬أن الثانية غي الول ‪،‬‬
‫فالول ‪ :‬باعتبار النوي وهو العمل ‪،‬‬
‫والثانية ‪ :‬باعتبار النوي له وهو العمول له ‪،‬‬
‫هل أنت عملت ل أو عملت للدنيا ؟‬
‫ويدل لذا ما َفرّ َعهُ النب صلى ال عليه وسلم ف قوله ‪ ( :‬فمن كانت هجرته إل ال ورسوله‬
‫فهجرته إل ال ورسوله ) ‪،‬‬
‫وعلى هذا فيبقى الكلم ل تكرار فيه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬العمال بالنيات ) ‪ :‬والقصود من هذه النية تييز العادات عن العبادات وتييز العبادات‬
‫بعضها عن بعض ‪،‬‬
‫تييز العادات عن العبادات ‪:‬‬
‫مثاله ‪ :‬الرجل يأكل الطعام شهو ًة والرجل الخر يأكل الطعام امتثا ًل لمر ال ف قوله ‪ { :‬وكلوا‬
‫واشربوا } ‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫صار أكل الثان عبادة وأكل الول عادة ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الرجل يسبح بالاء تبدا والثان يسبح بالاء للغسل من النابة ‪،‬‬
‫الول عادة والثان عبادة ‪،‬‬
‫ولذا لو كان على النسان جنابة ث انغمس ف الاء للتبد ث صلى ‪،‬‬
‫هل يزؤه ذلك أو ل ؟‬
‫ل يزؤه ‪،‬‬
‫ل بد من النية وهو ل ينو التعبد وإنا نوى التبد ‪،‬‬
‫ولذا قال بعض أهل العلم ‪ :‬عبادات أهل الغفلة عادات وعادات أهل اليقظة عبادات ‪،‬‬
‫سبحان ال سبحان ال ‪،‬‬
‫( عبادات أهل الغفلة عادات ) ‪ :‬يقوم ويغسل ويصلي ويذهب على العادة ‪،‬‬
‫و ( عادات أهل اليقظة عبادات ) ‪ :‬تده إن أكل يريد امتثال أمر ال يريد إبقاء نفسه يريد ستر‬
‫عورته يريد التكفف عن الناس يكون عبادة ‪،‬‬
‫آخر لبس ثوبا جديدا يريد أن يزبعه يريد أن يترفه بثيابه أو يكشخ هذا ل يؤجر ‪،‬‬
‫آخر لبس ثوبا جديدا يريد أن يعرف الناس قدر نعمة ال عليه وأنه غن هذا يؤجر ‪ ،‬ف يوم‬
‫المعة لبس أحسن ثيابه لنا يوم المعة ‪،‬‬
‫والثان لبس أحسن ثيابه تأسيا بالنب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫أيهما العبادة ؟‬
‫الثان ‪ ،‬وعلى هذا فقس ‪،‬‬
‫يصلي النسان ركعتي أحدها ينوي بذلك التطوع والثان ينوي الفريضة ‪،‬‬
‫تيز العملن أم ل ؟‬
‫تيزا ‪ ،‬هذا نفل وهذا واجب ‪ ،‬وعلى هذا فقس ‪،‬‬
‫إذن القصد تييز العبادات بعضها عن بعض كالنفل مع الفريضة أو تييز العادات عن العبادات‬
‫هذا القصود بالنية ‪،‬‬
‫النية ملها القلب ل ينطق با إطلقا ‪،‬‬
‫لن تتعبد لن { يعلم خائنة العي وما تفي الصدور } ‪،‬‬
‫لست تعمل لنسان حت تقول ‪ :‬عملت هذا لك ‪،‬‬
‫تعمل ل عز وجل ‪،‬‬
‫ولذا ل ينطق النب صلى ال عليه وسلم بالنية أبدا ‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫والنطق با بدعة ينهى عنه ‪ ،‬ل سرا ول جهرا ‪،‬‬
‫خلفا لن قال من أهل العلم ‪ :‬إنه ينطق با جهرا ‪،‬‬
‫وبعضهم قال ‪ :‬ينطق با سراّ ‪،‬‬
‫وعللوا ذلك بأن يطابق اللسان القلب ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬يا سبحان ال ‪ ،‬أين رسول ال عن هذا ؟‬
‫لو كان هذا من شرع الرسول لفعله هو وبينه للناس ‪،‬‬
‫ويذكر أن عاميا من أهل ند كان ف السجد الرام وإل جانبه رجل ل يعرف إل الهر بالنية ‪،‬‬
‫الرجل النجدي هذا عامي ما يعرف شيء لا أقيمت صلة الظهر قال الرجل الذي كان ينطق‬
‫بالنية قال ‪ :‬اللهم إن نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات ل خلف إمام السجد الرام ‪ ،‬فعندما‬
‫أراد أن يكب قال العامي ‪ :‬اصب يا رجل باقي عليك ‪ ،‬قال ‪ :‬وماذا تبقى ؟ قال ‪ :‬قال باقي عليك‬
‫التاريخ ما اليوم وما الشهر وما السنة ‪ ،‬ما حاجة تعلم ‪،‬‬
‫إذا قال قائل ‪ :‬قول اللب ‪ :‬لبيك اللهم عمرةً ولبيك اللهم حجاّ ولبيك ال عمر ًة وحجاّ ‪ ،‬أليس‬
‫هذا نطقا بالنية ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪ ،‬هذا إظهارا للشعية ‪،‬‬
‫ولذا قال بعض العلماء ‪ :‬إن التلبية ف النسك كتكبية الحرام ف الصلة ‪،‬‬
‫ب ما انعقد إحرامك كما أن تكبية الحرام لو ل تكب ما انعقدت صلتك ‪،‬‬
‫يعن إذا ل تل ّ‬
‫إذن قول اللب ‪ :‬لبيك عمرةً أو حجاّ أو عمر ًة وحجاّ ‪ ،‬ليس إل لظهار هذه الشعية فقط ‪،‬‬
‫ولذا ليس من السنة أن نقول ما قاله الفقهاء رحهم ال ‪ :‬اللهم إن أريد نسك العمرة فيسرها ل‬
‫وإن حبسن حابس فمحلي حيث حبسن ‪،‬‬
‫ل تقل هكذا ‪،‬‬
‫لن هذا ذكر يتاج إل دليل ول دليل ‪،‬‬
‫إذن النية لغةً ‪ :‬القصد ‪،‬‬
‫واصطلحا ‪ :‬نية العمل ‪،‬‬
‫وملها القلب ‪ ،‬والنطق با بدعة ‪،‬‬
‫إذن ُأنْ ِكرُ على من نطق با أم ل ؟‬
‫أنكر عليه ‪ ،‬ولكن بدوء ‪،‬‬
‫أقول ‪ :‬يا أخي هذه ما قالا الرسول عليه الصلة والسلم ول أصحابه فدعها ‪،‬‬
‫فإذا قال ‪ :‬قالا فلن ف كتابه الفلن ‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫قل ‪ :‬القول ما قاله ال ورسوله ‪،‬‬
‫ئ ما نوى ) هذه الخية وهي نية العمول له ‪،‬‬
‫( وإنا لكل امر ٍ‬
‫هي الت يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما ‪،‬‬
‫نعم ‪ ،‬يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما ‪،‬‬
‫تد رجلن يصليان بينهما كما بي الشرق والغرب ف الثواب لن أحدها ملص والثان غي‬
‫ملص ‪ ،‬هذه يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما ‪،‬‬
‫تد شخصي يطلبان العلم التوحيد أو الفقه أو التفسي أو الديث ‪ ،‬أحدها بعيد عن النة والثان‬
‫قريب منها وها يقرءان ف كتاب واحد وعلى مدرس واحد ‪،‬‬
‫فالناس ف الملة الخي ة يتفاوتون تفاوتا عظيما أبعد ما بي الشرق والغرب أو ما بي السماء‬
‫والرض ‪،‬‬
‫ئ ما نوى ) هذا رجل طلب الفقه ‪ ،‬لاذا يا أخي طلبت الفقه ؟‬
‫( وإنا لكل امر ٍ‬
‫قال ‪ :‬لكي أكون قاضيا ‪ ،‬والقاضي له راتب رفيع ومرتبة رفيعة ‪،‬‬
‫والثان قيل له ‪ :‬ل طلبت الفقه ؟‬
‫قال ‪ :‬لكون عالا معلما لمة ممد ‪ ،‬بينهما فرق عظيم ‪،‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من طلب علما ما يُبتغى به وجه ال ل يريد إل أن ينال عرضا‬
‫ح رائحة النة ) أعوذ بال ‪،‬‬
‫من الدنيا ل َيرَ ْ‬
‫أخلص النية ‪،‬‬
‫صار الناس يتلفون ف هذه الملة ‪ ( :‬وإنا لكل امرئٍ ما نوى ) اختلفا عظيما ويتباعدون‬
‫تباعدا عظيما ‪،‬‬
‫ل بالهاجر ‪:‬‬
‫ث ضرب النب صلى ال عليه وسلم مث ً‬
‫فقال ‪ ( :‬فمن كانت هجرته ) الجرة ‪ :‬هي الترك ‪،‬‬
‫والراد با النتقال من بلد الكفر إل بلد السلم ‪،‬‬
‫وهل هي واجبة أو سنة أو ما أشبه ذلك ‪ ،‬له بابٌ آخر ‪،‬‬
‫لكن نريد أن نعرف الجرة كهجرة السلمي من مكة إل البشة أو من مكة إل الدينة ‪،‬‬
‫وهي مأخوذة من الجر وهو الترك ‪،‬‬
‫( ومن كانت هجرته إل ال ورسوله فهجرته إل ال ورسوله ) رجل انتقل من مكة قبل الفتح‬
‫يريد ال ورسوله يعن يريد ثواب ال ويريد الوصول إل ال ‪،‬‬
‫كقوله تعال ‪ { :‬يا أيها النب قل لزواجك إن كنت تردن ال ورسوله } ‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫( يريد ال ) أي يريد وجه ال ونصرة دين ال وهذه إرادة حسنة ‪،‬‬
‫( رسوله ) يريد رسول ال ليفوز بصحبته والذب عنه ونشر دينه فهجرته إل ال ورسوله ‪،‬‬
‫وال تعال يقول ‪ ( :‬من تقرب إل شبا تقربت إليه ذراعا ) ‪،‬‬
‫فهو إذا أراد ال فإن ال تعال يكافئه على ذلك بأعظم ما عمل وكذلك الرسول بعد موت‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫هل يكن أن تاجر إل الرسول عليه الصلة والسلم ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أما إل شخصه فل ‪،‬‬
‫ولذلك ل ناجر إل الدينة من أجل شخص الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫لنه تت الثرى ‪،‬‬
‫وأما إل سنته وشرعه فهذا وارد ‪،‬‬
‫أذهب إل بلد أنصر فيها شريعة الرسول عليه الصلة والسلم وأذود عنها ‪،‬‬
‫هذه هجرة إل رسول ال ‪،‬‬
‫الجرة إل ال ف كل وقت وحي ‪،‬‬
‫الجرة إل رسول ال إل شخصه وشريعته ف حياته وإل شريعته بعد ماته ‪،‬‬
‫نظي هذا قوله تعال ‪ { :‬فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول } ‪،‬‬
‫إل ال دائما ‪،‬‬
‫وإل الرسول ف حياته وإل شريعته بعد وفاته ‪،‬‬
‫من ذهب مثلً من البلد الفلن إل البلد الفلن ليتعلم الديث فهذا هجرته إل ال ورسوله ‪،‬‬
‫ومن هاجر من بلد إل بلد لمرأة يتزوجها خطبها وقالت ‪ :‬ل أتزوجك إل إذا حضرت إل‬
‫بلدي ‪ ،‬فهجرته إل ما هاجر إليه ‪،‬‬
‫( أو دنيا يصيبها ) علم أن ف البلد الفلن تارة رابة فذهب إليها من أجل أن يربح فهذا هجرته‬
‫إل دنيا يصيبها ‪،‬‬
‫انتهى الكلم على الديث من حيث اللفظ والشرح ‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫فوائد الديث‬
‫أما الفوائد ‪:‬‬
‫فهذا الديث أيها الخوة ركن من أركان السلم وليس من الركان المسة ‪،‬‬
‫لكن على السلم مداره ‪،‬‬
‫ولذا قال العلماء ‪ :‬مدار السلم على حديثي هذا الديث وحديث عائشة ‪ ( :‬من عمل عملً‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد ) ‪،‬‬
‫هذا الديث عمدة أعمال القلوب فهو ميزان العمال الباطنة ‪،‬‬
‫وحديث عائشة عمدة أعمال الوارح فهو ميزان أعمال الوارح ‪،‬‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذا رجل ملص غاية الخلص يريد الوصول إل ال‬
‫( من عمل عم ً‬
‫عز وجل وإل دار كرامته لكنه أتى ببدع كثية رجل ملص ل عز وجل لكنه يعمل عملً بدعيا ‪،‬‬
‫هذا من جهة النية ‪،‬‬
‫لكن من جهة العمل سيئ مردود ‪ ،‬لفقده موافقة الشريعة ‪،‬‬
‫رجل آخر أتى بصلة الفريضة على أت وجه لكن يرائي والده ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬لاذا صليت مع الماعة ؟ قال ‪ :‬خائف من أب ‪،‬‬
‫هذا فقد الخلص ل يثاب على ذلك ‪،‬‬
‫إل إذا كان يصلي خوفا من أبيه أن يضربه على ترك الصلة فيكون متعبدا ل تعال بالصلة ‪،‬‬
‫من فوائد هذا الديث ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنه يب تييز العبادات بعضها عن بعض والعبادات عن العاملت ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ) فيجب أن تيز‬
‫ولنضرب مثلً ‪ :‬بالصلة حت ل تتشعب علينا العلوم ‪،‬‬
‫الصلة مثلً إنسان أراد أن يصلي بعد الزوال ‪ ،‬ما هذه الصلة ؟ بعد زوال الشمس الظهر يب‬
‫أن ينوي الظهر حت تتميز عن غيها إذا كان عليه ظهران ظهر أمس وظهر قبل أمس يب أن‬
‫ييز ظهر أمس عن ظهر قبل أمس ‪،‬‬
‫لن كل صلة لا نية ‪،‬‬
‫لو نوى بصلة الظهر بعد زوال الشمس خرج من بيته متطهر وراح ودخل السجد ول ف قلبه‬
‫أنه ظهر ول عصر ول عشاء فقط أنه فرض الوقت ‪،‬‬
‫تزيء أم ل تزيء ؟‬
‫على القاعدة ‪ :‬ل تزيء ‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫لنه ما عيّن الظهر وهذا هو الذهب ‪،‬‬
‫وإذا قلت لكم ‪ :‬الذهب ‪ ،‬يعن مذهب النابلة ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬تزيء ‪ ،‬وهو رواية عن أحد ‪ ،‬أنه إذا نوى فرض الوقت كفى ‪،‬‬
‫وهذا القول هو الصحيح ‪ ،‬الذي ل يسع الناس العمل إل به ‪،‬‬
‫لنه أحيانا يأت إنسان مع العجلة على طول يكمل ويدخل مع المام بدون أن يقع ف ذهنه أنا‬
‫الظهر لكن وقع ف ذهنه أنا فرض الوقت ول يأت إل لذا ‪،‬‬
‫فعلى الذهب نقول ‪ :‬أعدها ‪،‬‬
‫وعلى القول الصحيح ‪ ،‬نقول ‪ :‬ل تعدها ‪،‬‬
‫وهذا يريح القلب ‪،‬‬
‫لن هذا يقع كثيا حت المام أحيانا يسج – معن يسج لغة عامية هذه معن يسج يسهو –‬
‫ويكب على أن هذا فرض الوقت ‪،‬‬
‫فهذا على الذهب ‪ :‬لبد أن يعيد ‪،‬‬
‫وعلى القول الراجح ‪ :‬ل يعيد وهو الذي ل يسع الناس إل العمل به ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على الخلص ل عز وجل ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وسلم قسم الناس إل قسمي ‪:‬‬
‫قسم أراد بعمله وجه ال والدار الخرة ‪،‬‬
‫وقسم بالعكس وهذا يعن الث على الخلص ل عز وجل ‪،‬‬
‫والخلص جديرٌ بالث عليه ‪،‬‬
‫لنه هو الركيزة الول الامة الت خلق الناس من أجلها قال ال تعال ‪ { :‬وما خلقت الن‬
‫والنس إل ليعبدون } ‪،‬‬
‫ومنها مشروعية الجرة لنا انقسمت إل ‪:‬‬
‫مقبولة ‪،‬‬
‫ومردودة ‪،‬‬
‫والقبولة هي الشروعة وهو كذلك ‪،‬‬
‫فالجرة سنة مؤكدة وهي ‪ ( :‬النتقال من بلد الشرك إل بلد السلم ) ‪،‬‬
‫وإذا كان النسان ف بلد الشرك ل يستطيع أن يظهر شعائر دينه وجب عليه أن يهاجر ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬أن يضرب على الصلة أو على الصيام أو على قراءة القرآن أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫فهنا يب أن يهاجر من بلد الكفر إل بلد السلم ‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ – 3‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬حسن تعليم الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وذلك بالتنويع تنويع الكلم وتقسيم الكلم ‪،‬‬
‫لنه قال ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ) وهذا للعمل ( وإنا لكل امرئٍ ما نوى ) وهذا للمعمول له ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الجرة قسمها إل قسمي ‪:‬‬
‫شرعية ‪،‬‬
‫وغي شرعية ‪،‬‬
‫وهذا من حسن التعليم ‪،‬‬
‫ولذلك ينبغي للمعلم أن ل يسرد السائل على الطالب سردا ‪،‬‬
‫لن هذا يُنسى بل يؤصل يعن يعل أصولً ويعل قواعد ويعل تقسيما ‪،‬‬
‫لن ذلك أدعى لثبوت العلم ف قلبه ‪،‬‬
‫أما أن تسرد عليه مسائل ما أسرع ما ينساها ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬قرن الرسول عليه الصلة والسلم مع ال بالواو ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬إل ال ورسوله ) ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬إل ال ث رسوله ) ‪.‬‬
‫ل قال لرسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ :‬ما شاء ال وشئت ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ما‬
‫مع أن رج ً‬
‫شاء ال وحده ) ‪،‬‬
‫فما الفرق ؟‬
‫نقول ‪ :‬أما ما يتعلق بالشريعة ‪ :‬فبالواو ‪،‬‬
‫لن ما صدر عن النب صلى ال عليه وسلم من الشرع كالذي صدر من ال ‪،‬‬
‫كما قال ال عز وجل ‪ { :‬من يطع الرسول فقد أطاع ال } ‪،‬‬
‫وأما المور الكونية ‪ :‬فل يوز أن يقرن مع ال أحدٌ بالواو أبدا ‪،‬‬
‫لن كل شي ٍء تت إرادة ال ومشيئته صار هذا هو الفرق ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬هل ينل الطر غدا ؟‬
‫قال ‪ :‬ال ورسوله أعلم ‪،‬‬
‫ماذا نقول ؟‬
‫نقول ‪ :‬خطأ ‪،‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ليس عنده علم بذا ‪،‬‬
‫إذا قال ‪ :‬هل هذا حرام أو حلل ؟‬

‫‪19‬‬
‫قال ‪ :‬ال ورسوله أعلم ؟‬
‫صحيح أم غي صحيح ؟‬
‫صحيح ‪،‬‬
‫لن حكم الرسول صلى ال عليه وسلم ف المور حكمٌ ل ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬من يطع الرسول فقد أطاع ال } ‪،‬‬
‫الجرة من أي المور ؟‬
‫شرعية ‪ ،‬الجرة شرعية ‪،‬‬
‫النسان يهاجر إل الرسول صلى ال عليه وسلم من أجل أن يمي شريعته ودينه ‪،‬‬
‫هنا سؤال ‪ :‬أيهما أفضل العلم أو الهاد ف سبيل ال ؟‬
‫العلم أفضل ‪ ،‬العلم أفضل من حيث هو ‪،‬‬
‫لن الناس كلهم متاجون إل العلم ‪،‬‬
‫وسعتم قول المام أحد ‪ :‬العلم ل يعدله شيء ‪،‬‬
‫العلم من حيث هو علم أفضل من الهاد ‪،‬‬
‫ول يكن أبدا أن يكون الهاد فرض عي ‪،‬‬
‫لقول ال تعال ‪ { :‬وما كان الؤمنون لينفروا كافة } ‪،‬‬
‫فلو كان فرض عي لوجب على جيع السلمي ‪،‬‬
‫{ فلول نفر من كل فرقةٍ طائفة } يعن وقعدت طائفة‪،‬‬
‫{ ليتفقهوا ف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يذرون } ‪،‬‬
‫قلت لكم ‪ :‬العلم من حيث هو علم أفضل من الهاد ف سبيل ال ‪،‬‬
‫لكن باعتبار أحوال وأشخاص قد يكون الهاد أفضل ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬جاءنا رجل شجاع مقدام قوي جسمه كالبعي لكن ذهنه ذهن بليد ‪ ،‬بليد ل يفهم ‪،‬‬
‫فجاء يسأل أيهما أفضل له ‪ :‬الهاد أو طلب العلم ؟ الهاد لنه أنفع ‪ ،‬رجل مقدام شجاع نشيط‬
‫يسك الرجلي والثلثة من العدو ويغفصه هذا أفضل ف الهاد ‪،‬‬
‫رجل آخر نيف جبان لو يتحرك الباب من الواء فزع ولكنه ف العلم قوي حافظ ذكي مثابر‬
‫مب للعلم ‪ ،‬ماذا نقول له ؟ العلم أفضل بل شك ‪،‬‬
‫حصر العدو البلد ‪ ،‬وواحد ف الكتبة يطالع ‪ ،‬فقال ‪ :‬العلم ل يعدله شيء أفضل ‪،‬‬
‫وآخر قال ‪ :‬اذهب ادفع عن البلد لو احتل الكفار البلد لذهب ما فيه ‪،‬‬
‫أيهما أفضل ؟‬

‫‪20‬‬
‫أن يبقى ف مكتبته أو أن يدافع عن البلد ؟ أن يدافع عن البلد ‪،‬‬
‫فيختلف باختلف الحوال والشخاص ‪،‬‬
‫لكن من حيث النس ‪ :‬جنس العلم أفضل من جنس الهاد ف سبيل ال ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إنا العمال بالنيات ) ‪ :‬هل يدخل ف ذلك الطلق أي أنه على نية الطلق أو ل ؟‬
‫إذا قال الرجل لزوجته ‪ :‬أنتِ طالق ‪ ،‬أي غي مقيدة اليدين والرجلي ‪ ،‬يقع الطلق أو ل ؟‬
‫ل يقع ‪ ،‬إنا العمال بالنيات ‪،‬‬
‫لكن هل يُصدق أو ل يُصدق ؟‬
‫صدّقْ ‪ ،‬ووجب على الزوجة أل تطالبه ‪ ،‬وإن كان بالعكس‬
‫إن كان أمينا يشى ال عز وجل ُ‬
‫وجب أن ترافعه إل القاضي ‪ ،‬والقاضي يكم بالظاهر ‪ ،‬ويقول ‪ :‬ليس لنا إل ما سعنا ‪ ،‬كما قال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬إنا أقضي بنحو ما أسع ) ‪،‬‬
‫الهم يا إخوان أن هذا الديث عظيم تنبن عليه كل العمال الباطنة الت ملها القلب ‪،‬‬
‫قال الؤلف رحه ال تعال ‪ ( :‬رواه إمام الحدثي ممد بن إساعيل بن إبراهيم بن الغية بن بردزبة‬
‫البخاري ) من بارى وهو إمام الحدثي ‪،‬‬
‫و ( مسلم ) قشيي ‪،‬‬
‫( ف صحيحيهما اللذين ها أصح الكتب الصنفة ) صحيح البخاري وصحيح مسلم ها أصح‬
‫الكتب الصنفة ف علم الديث ‪،‬‬
‫ولذا قال بعض الحدثي ‪ :‬إن ما اتفقا عليه يفيد العلم ‪ ،‬يعن ليس يفيد الظن فقط يفيد العلم ‪،‬‬
‫وأيهما أصح ؟‬
‫البخاري أصح من مسلم ‪،‬‬
‫لنه يشترط ف الرواية أن يكون الراوي قد لقي من روى عنه ‪،‬‬
‫وأما مسلم رحه ال فيكتفي بطلق العاصرة إن ل يثبت لقيه ‪،‬‬
‫وقد أنكر على من يشترط اللقاء ف أول الصحيح إنكارا عجيبا ‪،‬‬
‫فالصواب ما ذكره البخاري لبد من ثبوت اللقي ‪،‬‬
‫ومسلم يقول يكفي إمكان اللقي وإن ل يثبت لقاؤه ‪،‬‬
‫وبذا صار البخاري أصح ‪،‬‬
‫لكن ذكر العلماء أن سياق مسلم أحسن من سياق البخاري ‪،‬‬
‫لنه رحه يذكر الديث ث يذكر شواهده وتوابعه ف مكانٍ واحد ‪،‬‬
‫والبخاري يفرق ‪،‬‬

‫‪21‬‬
‫ففي الصناعة مسلم أفضل ‪،‬‬
‫وأما ف الرواية والصحة فالبخاري أفضل ‪،‬‬
‫قال بعض أهل العلم ‪ :‬ولول البخاري ما ذهب مسلمٌ ول راح ‪،‬‬
‫فالديث إذن صحيح أم غي صحيح ؟‬
‫صحيح ‪ ،‬يفيد العلم اليقين ‪،‬‬
‫لكنه ليس يقينيا بالعقل ‪،‬‬
‫إنا هو يقينّ بالنظر ‪،‬‬
‫لثبوته عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫الديث الثان‬
‫عن عمر بن الطاب رضي ال عنه أيضا ‪ :‬بينما نن جلوسٌ عند النب صلى ال عليه وسلم ذات‬
‫يوم إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثياب ‪ ،‬شديد سواد الشعر ‪ ،‬ل يُرى عليه أثر السفر ‪ ،‬ول‬
‫يعرفه منا أحد ‪ ،‬حت جلس إل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأسند ركبتيه إل ركبتيه ‪ ،‬ووضع‬
‫كفيه على فخذيه ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا ممد ‪ ،‬أخبن عن السلم ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ( :‬السلم ‪ :‬أن تشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم‬
‫رمضان وتج البيت إن استطعتَ إليه سبيلً ) ‪ ،‬قال ‪ :‬صدقت ‪ ،‬فعجبنا له يسأله ويصدقه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فأخبن عن اليان ‪ ،‬قال ‪ ( :‬اليان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن‬
‫بالقدر خيه وشره ) ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخبن عن الحسان ‪ ،‬قال ‪ ( :‬الحسان أن تعبد ال كأنك تراه‬
‫فإن ل تكن تراه فإنه يراك ) ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخبن عن الساعة ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ما السؤول عنها بأعلم من‬
‫السائل ) ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخبن عن أماراتا ‪ ،‬قال ‪ ( :‬أن تلد ا َلمَةُ ربتها ‪ ،‬وأن تد الفاة العراة العالة‬
‫رعاء الشاة يتطاولون ف البنيان ) ‪ ،‬ث انطلق فلبثت ملياّ ‪ ،‬ث قال ‪ ( :‬يا عمر ‪ ،‬أتدري من‬
‫السائل ؟ ) ‪ ،‬قلت ‪ :‬ال ورسوله أعلم ‪ ،‬قال ‪ ( :‬فإنه جبيل أتاكم يعلمكم دينكم ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬بينما ) ‪ :‬هذه هي ( بينا ) ‪،‬‬
‫ولكن ( ما ) زيدت فيها ‪،‬‬
‫والصل ( بينا نن ) فـ ( ما ) زيدت للتوكيد ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬جلوسٌ ) ‪ :‬مبتدأ ‪،‬‬
‫وخبه ‪ ( :‬عند رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ) ‪،‬‬
‫و ( ذات ) تفيد النكرة أي ف يوم من اليام ‪،‬‬
‫وتستعمل ف اللغة على وجوهٍ متعددة ‪:‬‬
‫فتارة تكون بعن صاحبة ‪،‬‬
‫وتارة تكون اسا موصولً ‪،‬‬
‫وتارة تكون بعن النكرة الدالة على العموم ‪،‬‬
‫وهذا أغلب ما تستعمل ‪،‬‬
‫فـ ( ذات يوم ) يعن ف يومٍ من اليام ‪،‬‬
‫وتستعمل بعن صاحبة ‪.‬‬
‫مثل ‪ ( :‬ذات النطاقي ) ‪ :‬أي صاحبة ‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫وتستعمل اسا موصولً عند ‪ ( :‬طيء ) ‪،‬‬
‫وهم قومٌ من العرب يستعملون ( ذات ) بعن ( الت ) ‪،‬‬
‫قال ابن مالك رحه ال ‪:‬‬
‫وكالت أيضا لديهم ذات‬
‫فكأن يقول مثلً بعت عليك بيت ذات اشتريت يعن الت اشتريت ‪،‬‬
‫( رجل ) مبهم وهو رجلٌ ف شكله لكن حقيقته أنه َم َلكْ ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬شديد بياض الثياب ) ‪ :‬يعن عليه ثياب رجل عادي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬شديد سواد الشعر ) ‪ :‬يعن أنه شاب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ل يرى عليه أثر السفر ) ‪ :‬لن ثيابه بيضاء وشعره أسود ‪ ،‬ليس فيه غبار ول َش َعثُ‬
‫السفر ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ ( :‬ل يرى عليه أثر السفر ) ‪،‬‬
‫لن السافر ف ذلك الوقت يرى عليه أثر السفر يكون أشعث رأسه ويكون مغبا وتكون ثيابه‬
‫غي ثياب الضر لكن هذا ل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ول يعرفه منا أحد ) ‪ :‬لحظ يعن ليس من أهل الدينة العروفي فهو غريب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬جلس إل النب صلى ال عليه وسلم ) ل يقل ‪ ( :‬عنده ) ليفيد الغاية أي أن جلوسه كان‬
‫ملصقا للنب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ ( :‬أسند ركبتيه إل ركبتيه ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ووضع كفيه على فخذيه ) ‪ :‬أي كفي هذا الرجل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬على فخذيه ) ‪ :‬على فخذي هذا الرجل ليس على فخذي النب صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم وهذا من شدة الحترام ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وقال ‪ :‬يا ممد ) ‪ :‬ول يقل ‪ ( :‬يا رسول ال ) ليوهم أنه أعرابّ لن العراب ينادون‬
‫النب صلى ال عليه وسلم باسه ال َع َلمَ وأما أهل الضر فينادونه بوصف النبوة أو الرسالة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أخبن عن السلم ) ‪ :‬يعن ما هو السلم ؟ أخبن عنه ‪،‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬السلم أن تشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا‬
‫رسول ال ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تشهد ) ‪ :‬أي تقر وتعترف بلسانك وقلبك فل يكفي اللسان ‪ ،‬بل ل بد من اللسان‬
‫والقلب قال ال عز وجل ‪ { :‬إل من شهد بالق وهم يعلمون } ‪،‬‬
‫نعرب ( ل إله إل ال ) ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫هذه جلة منفية بـ ( ل ) الت لنفي النس وهي أعم من النفي ‪ ،‬نفي النس أعم من النفي ‪،‬‬
‫واسها‬
‫قوله ‪ ( :‬إله ) ‪ :‬وخبها مذوف ‪،‬‬
‫والتقدير ( حقٌ ) ‪ ،‬تقدير الحذوف ( ح ٌق ) ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬إل ) ‪ :‬أداة حصر ‪،‬‬
‫والسم الكري لفظ الللة من خب ( ل ) الحذوفة وليس خبها ‪،‬‬
‫لاذا ل يكون خبها ؟‬
‫لن ( ل ) النافية للجنس ل تعمل إل ف النكرات ‪،‬‬
‫فصارت الملة الن فيها شيءٌ مذوف ‪ ،‬ما هو ؟‬
‫الب تقديره ( ح ٌق ) ‪،‬‬
‫أي ( ل إله ح ٌق إل ال عز وجل ) وهناك آلة باطلة تسمى آلة وليست آلة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وأن ممدا رسول ال ) ‪ :‬يعن وتشهد أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ :‬أن رسول ال ‪،‬‬
‫مع أن السياق يقتضيه لنه ياطبه لكن إظهاره باسه ال َعلَم أوكب وأشد تعظيما ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬ممد ) ‪ :‬هو ممد بن عبد ال الاشي القرشي من ذرية إساعيل ‪،‬‬
‫وليس من ذرية إساعيل رسولٌ سواه ‪،‬‬
‫وهو ا َلعْنِيّ بقوله تعال عن إبراهيم وإساعيل ‪ { :‬ربنا وابعث فيهم رسولً منهم يتلو عليهم آياتك‬
‫}‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬رسول ) ‪ :‬بعن مرسل ‪،‬‬
‫والرسول ‪ :‬هو الذي أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتقيم الصلة ) ‪ :‬أي تأت با قائمة تامة معتدلة ‪،‬‬
‫وكلمة ( الصلة ) يشمل الفريضة والنافلة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتؤت ) ‪ :‬بعن تعطي ‪،‬‬
‫و ( الزكاة ) ‪ :‬هي الال الواجب بذله لستحقه من الموال الزكوية ‪.‬‬
‫كالذهب والفضة والاشية والثمار ‪.‬‬
‫وإن شئت قل ‪ :‬الارج من الرض وعروض التجارة ‪.‬‬
‫هذه الموال الزكوية ‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتصوم رمضان ) ‪ :‬أي تسك عن الفطرات من طلوع الفجر إل غروب الشمس ‪،‬‬
‫واصل الصيام ف اللغة المساك ‪،‬‬
‫و ( رمضان ) هو الشهر العروف بي شعبان وشوال ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتج البيت ) ‪ :‬أي تقصد البيت لداء النسك ‪،‬‬
‫فقال ‪ ( :‬صدقت ) القائل ‪ ( :‬صدقت ) من ؟‬
‫جبيل وهو السائل فكيف يقول ‪ ( :‬صدقت ) وهو السائل ؟‬
‫لن الذي يقول ‪ ( :‬صدقت ) للمتكلم يعن أن عنده علما سابقا علم أن هذا الرجل أصابه وهو‬
‫مل عجب ‪،‬‬
‫ولذا تعجب الصحابة ( كيف يسأله ويصدقه ؟ ) لكن سيأت إن شاء ال بيان هذا ‪،‬‬
‫نعود نشرح هذه الركان المسة فنقول ‪:‬‬
‫الركن الول ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫وهنا نسأل ‪ :‬لاذا ُجعِلَ هذان ركنا واحدا ل يعل ركني ؟‬
‫والواب ‪ :‬أن الشهادة بذين تنبن عليها صحة العمال كلها ‪،‬‬
‫لن شهادة أن ل إله إل ال تعن الخلص أو تستلزم الخلص ‪،‬‬
‫وشهادة أن ممدا رسول ال تستلزم التباع ‪،‬‬
‫وكل عمل يَُت َقرّبُ به إل ال ل يقبل إل بذين الشرطي ‪:‬‬
‫الخلص ل ‪،‬‬
‫والتابعة للرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫أن تشهد أن ل إله إل ال يعن بقلبك ولسانك فالقلب ل يكفي واللسان ل يكفي اللهم إل أن‬
‫يكون الشاهد بلسانه أخرس ل يستطيع النطق فإنه يكفي للعجز ‪،‬‬
‫الشهادة باللسان ل تكفي ‪ ،‬بدليل ‪:‬‬
‫أن النافقي يشهدون ل عز وجل بالوحدانية ‪،‬‬
‫ولكنهم يشهدون باذا ؟‬
‫بألسنتهم { فيقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم } فل ينفعهم ‪،‬‬
‫وهم يأتون إل رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم يؤكدون له أنم يشهدون أنه رسول ال‬
‫وال يعلم أنه رسول ال ولكن يشهد إن النافقي لكاذبون ‪،‬‬
‫( أن ل إله إل ال ) يعن أل يوجد معبودٌ إل ال أل يوجد معبودٌ ح ٌق ؟‬
‫الثان يتعي هذا ‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫لنه يوجد معبودات من دون ال معبودات تسمى آلة ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬فما أغنت عنهم آلتهم الت يدعون من دون ال من شيء } ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬أم لم آلةٌ تنعهم من دوننا ل يستطيعون نصر أنفسهم ول هم منا يسحبون } ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬ول تدع مع ال إلا آخر } ‪،‬‬
‫فالهم أن الراد بـ ( ل إله إل ال ) أي ل إله حقٌ إل ال وما سواه فهو باطل ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬ذلك بأن ال هو الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن ال هو العلي‬
‫الكبي } ‪،‬‬
‫فإذا جاء الشرك إل هذا التمثال يركع ويسجد ويشع وينتحب وربا يُغمى عليه فعبادته باطلة ‪،‬‬
‫ومعبوده باطل أيضا ‪،‬‬
‫و ( ال ) علمٌ على الرب عز وجل ل يسمى به غيه وهو أصل الساء ‪،‬‬
‫ولذا تأت الساء تابعةً له ‪،‬‬
‫ول يأت تابعا للساء إل ف آية واحدة ‪،‬‬
‫وهي قوله تعال ‪ { :‬إل صراط العزيز الميد ال الذي له ما ف السماوات والرض } ‪،‬‬
‫لكن اللفظ هنا ( ال ) السم الكري بدل من ( العزيز ) وليست صفة ‪،‬‬
‫لن جيع الساء إنا تكون تابعةً لذا السم العظيم ‪،‬‬
‫هل هذه الشهادة تدخل النسان ف السلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬تدخله ف السلم ‪،‬‬
‫حت لو ظننا أنه قالا تعوذا فإننا نعصمه نعصم دمه وماله ‪،‬‬
‫ولو ظننا أنه قالا كاذبا ‪،‬‬
‫ودليل ذلك ‪:‬‬
‫قصة الشرك الذي أدركه أسامة بن زيد رضي ال عنه حي هرب الشرك فلما أدركه أسامة قال ‪:‬‬
‫ل إله إل ال ‪ ،‬انظر قال ‪ ( :‬ل إله إل ال ) فقتله أسامة ظنّا منه أنه قالا تعوذا من القتل يعن قالا‬
‫لئل يقتل فقتله فلما أخب بذلك النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم جعل يردد ‪ ( :‬أقتلته بعد أن‬
‫قال ‪ :‬ل إله إل ال ) قال ‪ :‬يا رسول ال إنا قالا تعوذا ‪ ،‬فجعل يردد ‪ ( :‬أقتلته بعد أن قال ‪ :‬ل‬
‫إله إل ال )قال أسامة ‪ :‬فتمنيت أن ل أكن أسلمت ‪ ،‬من شد ما وجد ‪،‬‬
‫إذن نن ليس لنا إل الظاهر ‪،‬‬
‫حت لو غلب علينا أنه قالا تعوذا عصمته ‪،‬‬
‫نعم لو ارتد بعد ذلك قتلناه ‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫وهذا يوجد من جنود الكفر إذا أسرهم السلمون قالوا ‪ :‬أسلمناه من أجل أن يعصموا أنفسهم‬
‫من القتل ‪،‬‬
‫فيسأل الجاهدون يقولون ‪ :‬هل نقتل هؤلء بعد أن قالوا ‪ :‬أسلمنا ‪ ،‬بعد أن قالوا ‪ :‬ل إله إل‬
‫ال ؟‬
‫نقول ‪ :‬حديث أسامة يدل على أنم ل يقتلون ‪،‬‬
‫ولكن يراقبون إذا ظهر منهم ردة قتلوا ‪،‬‬
‫لنم بشهادة أن ل إله إل ال تلزمهم أحكام السلم ‪،‬‬
‫فإن كان الكافر يقول ‪ :‬ل إله إل ال ‪،‬‬
‫لكن ل يشهد أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫فهل يكفيه ذلك ؟‬
‫ل يكفيه ‪،‬‬
‫حت يقول ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫وعلى هذا فالكافر يدخل ف السلم بجرد أن يقول ‪ :‬ل إله إل ال ‪،‬‬
‫فإن كان يقولا لكنه ينكر رسالة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم فل بد أن يضيف إليها‬
‫شهادة أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫وإذا كان مسلما وشهد أن ل إله إل ال ومات على ذلك ‪ ،‬فهل هذا يكفي ؟‬
‫الواب ‪ :‬يكفي ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬من كان آخر كلمه ‪ :‬ل إله إل ال دخل النة )‬
‫وإنا اكتفي بـ ( ل إله إل ال ) ‪،‬‬
‫لن هذا اليت يقر بأن ممدا رسول ال ليس عنده فيها إشكال ‪ ،‬تستلزم شهادة أن ل إله إل ال‬
‫إخلص العبادة ل ‪،‬‬
‫ولذا يسمى هذا النوع من التوحيد يسمى توحيد اللوهية ويسمى توحيد العبادة ‪،‬‬
‫لن معن ( ل إله إل ال ) أي ل معبود إل ال ‪،‬‬
‫إذن ل تعبد غي ال ‪،‬‬
‫فمن قال ‪ ( :‬ل إله إل ال ) وعبد غي ال فهو كاذب ‪،‬‬
‫إذ أن هذه الشهادة تستلزم إخلص العبادة ل عز وجل وطرد الرياء والفخر وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬أن ممدا رسول ال ) ‪ :‬ل بد أن تشهد أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫أي مرسله إل اللق ‪،‬‬

‫‪28‬‬
‫والرسول كما قلنا قبل قليل ‪ :‬هو الذي أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ‪،‬‬
‫وكان الناس قبل نوح على ملةٍ واحدة ل يتاجوا إل رسول ث كثروا واختلفوا فكانت حاجتهم‬
‫إل الرسل فأرسل ال الرسل ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيي مبشرين ومنذرين وأنزل معهم‬
‫الكتاب بالق ليحكم بي الناس فيما اختلفوا فيه } ‪،‬‬
‫إذن إنا بعثت الرسل حينما اختلفت الناس ليحكموا بي الناس بالق ‪،‬‬
‫ولذا كان أول الرسل نوحا وآخرهم ممد صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫إذن نؤمن بأن ممد رسول ال ‪،‬‬
‫ول بد أن نؤمن بأنه خات النبيي ‪.‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم من يقول ‪ :‬ل إله إل ال وهو قاتل للمسلمي ؟‬
‫الواب ‪ :‬عاصي ‪ ،‬عاصٍ بل شك قال ال عز وجل ‪ { :‬وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا‬
‫بينهما فإن بغت إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفيء إل أمر ال فإن فاءت فأصلحوا‬
‫بينهما بالعدل وأقسطوا إن ال يب القسطي ‪ ،‬إنا الؤمنون أخوة } ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ذكرنا أن من قال ‪ :‬ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال فهو مسلم ‪ ،‬إذن يا شيخ من‬
‫ترك الصلة متعمدا بعد الشهادتي قلنا إنه كافر ‪ ،‬طيب يا شيخ كيف نفسر حديث معاذ بن جبل‬
‫رضي ال عنه عندما قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬حق العباد على ال أن ل يعذب من ل‬
‫يشرك به شيئا ) الشكال ‪ :‬أنه قال ل إله إل ال ول يشرك ولكنه ترك الصلة ؟‬
‫الواب ‪ :‬لليات والحاديث الواردة ف هذا ‪،‬‬
‫السائل ‪ :‬يعي تصيص يا شيخ ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم من ترك صل ًة واحدة ؟‬
‫الواب ‪ :‬ذهب بعض السلف وبعض التأخرين أنه يكفر والصواب أنه ل يكفر ‪ ،‬لن النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ...... ( :‬فمن تركها ‪ ) .......‬أي الصلة ول يقل ‪ ( :‬فمن ترك‬
‫صلةً ) من ترك صلة ً فعليه وعيد بل شك ولكن ل يكفر هذا القول الراجح ف هذه السألة ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا ل يستطع إنسان نطق الشهادتي باللغة العربية ؟‬
‫الواب ‪ :‬يكفي اللغة الت يفهم ‪ ،‬يكفي لغته الت يفهم ‪ ،‬يعن من ل يستطيع أن ينطق ( ل إله إل‬
‫ال ) باللغة العربية فإنه ينطقها بلغته ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫السؤال ‪ :‬من صرف شيئا من العبادة لغي ال تعال ‪ ،‬قلنا ‪ :‬هو كاذب ف شهادته كافر ‪ ،‬فهل‬
‫نقول ‪ :‬إنه منافق ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬نقول هذا مشرك ‪ ،‬من صرف شيئا من العبادة لغي ال فهو مشرك ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ولو بالرياء ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬الرياء ‪ ،‬ل ‪ ،‬لن الرياء ‪ ،‬ليس يصلي للناس لكن يصلي ليمدحه الناس هو يصلي‬
‫ل ولكن ليمدحه الناس ليقولون فل ٌن ذو عبادة يتعبد ل ليس يصلي لم فيجب أن تعرف الفرق‬
‫بي من يصلي ل ولكنه يرائي الناس ومن يصلي للناس ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬من يقول ل إله إل ال وهو ل يعرف معناها هل تصل ؟‬
‫الواب ‪ :‬إذا كان من عامة السلمي يكفي ‪ ،‬لن عامة السلمي لو تسك واحد ف الشارع‬
‫وتقول ‪ :‬ما معن ل إله إل ال ؟ يقول لك ‪ :‬معن ل إله إل ال ‪ :‬ل إله إل ال ؟ ليس عنده غي‬
‫هذا ‪ ،‬لو قلت ‪ :‬ل معبود حقٌ إل ال ربا تشوش عليه وهو ف قلبه يعرف أن معن ل إله إل ال‬
‫أنه ل أحد يعبد سوى خالق الرض والسماء ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا كان ف الصل كافر وأسره السلمون فقال ‪ :‬ل إله إل ال ‪ ،‬وهو ل يعرف معناها ؟‬
‫الواب ‪ :‬يكفي ‪ ،‬لن هذه عنوان السلم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ذكرنا أن من قال ل إله إل ال دخل ف السلم فلماذا ل يقم الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم الد على أسامة لنه قتل مسلما ؟‬
‫الواب ‪ :‬الواب أنه قتله متأولً بانيا على أصل وهو كفر هذا التأول يؤخذ بتأويله إذا كان له‬
‫وجه ‪،‬‬
‫الشرح‬
‫نرجع إل الدرس ‪:‬‬
‫الدرس يقول ‪ ( :‬وأن ممدا رسول ال ) ‪:‬‬
‫قلنا ‪ :‬أن الرسول ‪ :‬هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ‪.‬‬
‫ومت كانت الرسالة ؟‬
‫حي احتاج الناس إليها ‪،‬‬
‫يوجد ف بعض التاريخ أن هناك رسولً أو أكثر قبل نوح ‪،‬‬
‫وهذا خطأٌ عظيم ‪،‬‬
‫ليس قبل نوحٍ رسول ‪،‬‬
‫دليل هذا من كتاب ال ‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫ح والنبيي من بعده } ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬إنا أوحينا إليك كما أوحينا إل نو ٍ‬
‫وقال ال عز وجل ‪ { :‬ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا ف ذريتهما النبوة والكتاب } ‪،‬‬
‫إذن ل يكن نبوة ول كتاب من قبل نوح ‪،‬‬
‫وما ذكر ف التاريخ فإنه كذب ل يوز نشره ول يوز اعتقاده ن‬
‫فيه دليل من السنة ‪ :‬ف قصة نوح أن الناس يوم القيامة يلحقهم من الغم والكرب ما ل يطيقون‬
‫ح ويقولون ‪ :‬أنت أول رسولٍ أرسله ال إل‬
‫فيبحثون عمن يشفع لم إل ال عز وجل فيأتون نو ٍ‬
‫أهل الرض ‪،‬‬
‫فعقيدتنا ‪ :‬أن أول الرسل نوح وآخرهم ممد صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫من ادعى النبوة بعد ممد ‪ ،‬فما حكمه ؟‬
‫حكمه أنه كافر ‪،‬‬
‫لقول ال تعال ‪ { :‬ولكن رسول ال وخات النبيي } سبحان ال ‪،‬‬
‫الن انتبهوا لبلغة القرآن ‪،‬‬
‫قال رسول ال ‪ { :‬رسول ال وخات النبيي } ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬وخات الرسل ) مع أنه قال ‪ { :‬رسول ال } بالول ‪،‬‬
‫لنه إذا كان خات النبيي فهو خات الرسل ‪،‬‬
‫إذ ل رسالة إل بعد النبوة ‪،‬‬
‫فإذا انتفت النبوة من بعده فالرسالة من باب أول ‪،‬‬
‫شهادة أن ممدا رسول ال صلى ال عليه وعلى وآله وسلم تستلزم ثلثة أشياء ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬تصديقه فيما أخب ‪،‬‬
‫بيث ل يكون عند النسان ترد فيما أخب به رسول ال صلى ال عليه وسلم بل يكون ف أشد‬
‫ما نطق ‪،‬‬
‫كما قال ال عز وجل ‪ { :‬إنه لقٌ كما أنكم تنطقون } النسان ل يشك فيما ينطق به ‪،‬‬
‫كذلك ما ينطق به رسول ال صلى ال عليه وسلم ل نشك فيه نعلم أنه حق ‪،‬‬
‫لكن بيننا وبينهم مفاوز ما هو السند ؟‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ليس أمامنا ‪،‬‬
‫لكن إذا ثبت الديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وجب علينا تصديقه سواءٌ علمنا وجهه‬
‫أم ل نعلمه ‪،‬‬
‫أحيانا تأت أحاديث ل نعلم وجهها نعرف العن لكن ل نعرف وجه هذا الواجب علينا التصديق‬

‫‪31‬‬
‫الثان ‪ :‬ما تستلزمه شهادة أن ممدا رسول ال اتباعه امتثال أمره أن نتثل أمره ‪،‬‬
‫لقول ال تعال ‪ { :‬وما كان لؤمنٍ ول مؤمن ٍة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لم الية من‬
‫أمرهم } نفعل المر بدون تردد ‪،‬‬
‫ولذا أقول ‪ :‬من الطأ أنه إذا جاءنا المر من ال ورسوله ‪ ،‬قلنا ‪ :‬هل المر للوجوب أو‬
‫للستحباب ؟!!!‬
‫كما يقوله كثيٌ من الناس اليوم يقول ‪ :‬هل المر للوجوب أو لغي الوجوب ؟‬
‫هذا السؤال يب طرحه وأل يورد ‪،‬‬
‫لن الصحابة رضي ال عنهم إذا أمر النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل يكونون يقولون ‪ :‬يا‬
‫رسول ال هل المر للوجوب أو ل ‪،‬‬
‫بل يتثلون بدون أن يسألوا بعض الناس يسأل هل هو للوجوب أو لغي الوجوب ؟‬
‫نقول ‪ :‬ل تسأل يا أخي افعل أنت تشهد أن ممدا رسول ال افعل ما أمرك ‪،‬‬
‫نعم لو أن النسان تورط ف السألة خالف المر فهنا له الق أن يسأل هل هو للوجوب أو لغي‬
‫الوجوب ؟‬
‫لنه لو كان للوجوب وجب عليه أن يتوب منه له خالف وإذا كان لغي الوجوب فأمره سهل ‪،‬‬
‫المر الثالث ‪ :‬اجتناب ما نى عنه ‪،‬‬
‫أن يتنب ما نى رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم عنه بدون تردد ‪،‬‬
‫ل يقول هذا ليس ف القرآن فيهلك ‪،‬‬
‫لننا نقول ‪ :‬ما جاء ف السنة فقد أمر القرآن باتباعه ‪،‬‬
‫ولقد حذر النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم من هذا وأمثاله الذي يقول ليس هذا ف القرآن ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬ل ألفي أحدكم على أريكته – يعن جالسا متبتخرا متعاظما – يأتيه المر من عندي‬
‫فيقول ‪ :‬ل أدري إن كان ف كتاب ال اتبعناه ) يعن وما ل يكن ل نتبعه ‪،‬‬
‫مع أننا نقول ‪ :‬كل ما جاء عن رسول ال فقد جاء ف القرآن ن‬
‫لن ال قال ‪ { :‬اتبعوه } وهو عام ف كل ما قال ‪،‬‬
‫بقي أمرٌ رابع ‪ :‬وهو أل يقدم قول أحدٍ على قوله ‪،‬‬
‫أل يقدم أح ٍد من البشر على قول النب صلى ال عليه وعلى وسلم ‪،‬‬
‫وعلى هذا ل يوز أن تقدم قول فلن المام من أئمة السلمي على قول الرسول صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫لنك أنت والمام يلزمكما اتباع الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬

‫‪32‬‬
‫وما أعظم قول من إذا حاججته قلت ‪ :‬قال رسول ال ‪ ،‬قال ‪ :‬لكن المام فلن قال كذا وكذا‬
‫هذه عظيمة جدا ‪،‬‬
‫إذ ل يل لح ٍد أن يعارض قول رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم بقول أحدٍ من‬
‫الخلوقي كائنا من كان ‪،‬‬
‫حت إنه ذكر عن عبد ال بن عباس رضى ال عنهما ‪ :‬يوشك أن تنل عليكم حجار ٌة من السماء‬
‫– كما نزلت على أصحاب الفيل – أقول لكم قال رسول ال وتقولون قال أبو بكر وعمر ‪،‬‬
‫ومن إمام هذا الرجل الجادل بالنسبة لب بكر وعمر ؟‬
‫هذا أيضا ما يستلزمه شهادة أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫وما تستلزمه هذه الشهادة أل يبتدع ف دين ال ما ل يأت به الرسول سواءً كان عقيدة أو قول أو‬
‫فعل ‪،‬‬
‫وعلى هذا فجميع البتدعي ل يققوا شهادة أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫لنم زادوا ف شرعه ما ليس منه ول يتأدبوا مع رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫من تقيق شهادة أن ممدا رسول ال أل يبتدع ف دينه ما ليس منه ‪،‬‬
‫وعلى هذا فالذين يبتدعون الحتفال بالولد ناقصون ف تقيق شهادة أن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫لن تقيقها يستلزم أل تزيد ف شريعته ما ليس منه ‪،‬‬
‫فعلى كل حال شهادة أن ممدا رسول ال لا لوازم ل بد منها كما ذكرنا لكم ‪،‬‬
‫من لوازمها أيضا وهو أمرٌ مهم أن تعتقد أنه – أي النب صلى ال عليه وسلم – ليس له شيءٌ من‬
‫الربوبية ‪،‬‬
‫يعن أنه ل يدعى ول يستغاث إل ف حياته فيما يقدر عليه ‪،‬‬
‫فهو عبد ال ورسول ‪،‬‬
‫وبذا نعرف ضلل من يدعون رسول ال صلى ال عليه وعلى وآله وسلم ‪،‬‬
‫وأنم ضالون ف دينهم سفهاء ف عقولم ‪،‬‬
‫إذا أن النب صلى ال عليه وسلم ل يلك لنفسه نفعا ول ضرا فكيف يلك لغيه ؟ ‪،‬‬
‫ولذا أمره أن يقول ‪ { :‬إن ل أملك لكم ضرا ول رشدا ‪ ،‬قل إن لن يين من ال أحدٌ ولن‬
‫أجد من دونه ملتحدا } ‪،‬‬
‫يعن أنه هو عليه الصلة والسلم لو أراد ال به ما يريد ما استطاع أحدٌ من الناس أن ينعه إرادته‬
‫‪ ،‬من الضلل البي أن يستغيث أحدٌ برسول ال بل هو من الشرك ‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫لو جاء إنسان مهموم مغموم إل قب النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وقال ‪ :‬يا رسول ال‬
‫أغثن فإن مهمو ٌم مغموم ‪،‬‬
‫فماذا يكون ؟‬
‫مشركٌ شركا أكب ‪،‬‬
‫لنه دعا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ودعوة اليت أن يغيثك أو يعينك شرك ‪،‬‬
‫لنه هو غي قادر هو جسد ‪،‬‬
‫وإن كانت الروح قد تتصل بالسد ف القب ‪،‬‬
‫لكن هو جسد ‪،‬‬
‫وهذا ل يناف ف قبه حياّ ف قبه حياةً برزخية ل تشبه حياة الدنيا ‪،‬‬
‫ومن تقيق شهادة أن ممدا رسول ال احترام أقواله وأفعاله ‪،‬‬
‫أما أفعاله فقد انتهت ‪،‬‬
‫لكن أقواله أن تترم قول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فل تضع أحاديث الرسول صلى ال عليه وسلم ف أماكن غي لئقة ‪،‬‬
‫لن هذا نوعٌ من المتهان ‪،‬‬
‫ومن ذلك أل ترفع صوتك عند قبه ‪،‬‬
‫وقد سع أمي الؤمني عمر بن الطاب رضي ال عنه رجلي قدما من الطائف ‪ ،‬فجعل يرفعا‬
‫أصواتما ف مسجد النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬لول أنكما من أهل الطائف لوجعتكما‬
‫ضربا ‪،‬‬
‫لن ال يقول ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النب ول تهروا له بالقول‬
‫كجهر بعضكم لبعض أن تبط أعمالكم وأنتم ل تشعرون } ‪،‬‬
‫وأتفكم بالقصة الت حصلت عند نزول هذه الية ‪:‬‬
‫كان رج ٌل من الصحابة من خطبائهم من يطب عند النب صلى ال عليه وعلى وآله وسلم يقال‬
‫ل ونارا رضي ال عنه‬
‫له ثابت بن قيس وكان جهوري الصوت لا نزلت الية بقي ف بيته يبكي لي ً‬
‫ل نارا يبكي ففقده النب صلى‬
‫هؤلء الذين كانوا يعرفون قدر القرآن الكري جعل يبقى ف بيته لي ً‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم لن من عادة النب صلى ال عليه وسلم أن يتفقد أصحابه وهذا من‬
‫حسن رعايته فسأل عنه فقالوا ‪ :‬يا رسول ال إن الرجل منذ أنزلت هذه الية وهو ف بيته يبكي‬
‫ل ونارا فأرسل النب صلى ال عليه وسلم إليه يسأله ‪ :‬لاذا ؟ قال ‪ :‬إن خشيت أن يبط عملي‬
‫لي ً‬

‫‪34‬‬
‫وأنا ل أشعر ‪ ،‬لن ال يقول ‪ { :‬أن تبط أعمالكم وأنتم ل تشعرون } فرد الرسول صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم وقال ‪ ( :‬اذهب إليه وقل له إنك لست من هؤلء إنك تعيش حيدا وتقتل‬
‫شهيدا وتدخل النة ) ‪،‬‬
‫ال أكب ‪،‬‬
‫كل من خاف من ال َأمِنْ ‪،‬‬
‫هو بقي ف بيته خائفا من ال عز وجل ‪،‬‬
‫ولكن َأمَّنهُ ال عز وجل عز وجل ‪،‬‬
‫تعيش حيدا ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬تقتل شهيدا ‪،‬‬
‫والثالث ‪ :‬تدخل النة ‪،‬‬
‫ولذا يب علينا أن نشهد أن ثابت بن قيس من أهل النة يب علينا وجوبا ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى وسلم أخب بذا بقي الرجل حيدا ف حياته ‪،‬‬
‫وشارك السلمي القتال لسيلمة الكذاب ‪،‬‬
‫وغزوة مسيلمة الكذاب مشهورة معروفة ف التاريخ وقتل رضي ال عنه شهيدا ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬ويدخل النة ؟‬
‫نعم ‪ ،‬ويدخل النة ‪،‬‬
‫اللهم اجعلنا من أهل النة يا رب العالي ‪،‬‬
‫وقع ف قصته أيضا مسألة غريبة ‪ :‬مر به أحد النود وعليه درع على ثابت عليه درعٌ جيد ‪،‬‬
‫فأخذ الدرع أتعرفون الدرع ما هو ؟ قميص مرد من عرى بعضها مع بعض يتقي النسان به‬
‫السهام والرماح أخذ الدرع منه ث ذهب به إل رَ ْح ِلهْ ووضعه وجعل عليه ُب ْرمَة البمة قدر من‬
‫الزف ف الليل رأى ثابت بن قيس أحد أصحابه ف النام وأخبه الب وقال له ‪ :‬إن درعي مر ب‬
‫رجل من الند وأخذه ووضعه تت برمة ف طرف العسكر وحوله فرس تست أي رافعة إحدى‬
‫قوائمها فلما أصبح الرجل الذي رأى هذه الرؤيا أخب با القائد خالد بن الوليد فأرسله إل الكان‬
‫لا أرسله إل الكان وجد المر كما قال ثابت سبحان ال ما الذي أعلم ثابت ؟ وهو ميت لكن‬
‫الرؤيا الصالة جزء من ستة وأربعي جزءا من النبوة فأخذ الدرع ولكن فيها شيء آخر أوصى‬
‫ثابت بن قيس بوصية بعد موته وأبلغت أبا بكر رضي ال عنه فنفذ الوصية قالوا ول يوجد أحد‬
‫نفذت وصيته الت أوصى با بعد موته إل ثابت بن قيس رضي ال عنه ‪،‬‬
‫لكن يشكل على هذا ‪ :‬كيف نعتب الرؤيا ف تنفيذ الوصية ؟‬

‫‪35‬‬
‫والواب ‪ :‬أنه إذا دلت القرائن على صدق الرؤيا نفذت الوصية ول حرج ‪،‬‬
‫ولقد حدثن رجل أثق به يقول إنه مات أبوه ولا مات أبوه كان قد استأجر البيت الذي تركه بعد‬
‫موته لدة كذا سنة فلما مات أتى أهل البيت الذين يلكون رقبة البيت وقالوا للورثة ‪ :‬أخرجوا‬
‫من البيت ‪ ،‬البيت بيتنا فقالوا لن نرج بي مورثنا وبينكم عقد ل ينتهي بعد قالوا أبدا انتهى العقد‬
‫ففزع الورثة من هذه الدعوى وضاقت بم الرض يقول فلما كان ذات ليلة رأيت ف النام أن أب‬
‫أطل علينا من الفرجة فرجة الجلس وقال لم الكتب ف أول صفحة لكنها لصقة بلدة الدفتر‬
‫فلما أصبح وفتح أول صفحة وجد العقد ‪،‬‬
‫انظر يعن سبحان ال ‪،‬‬
‫أن ال تعال يب الوتى ببعض ما يصل على أهله لكن هذه مسائل ليست لكل أحد ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬إذا كان النسان يا شيخ رأى رؤيا وفيها عبة من العب ؟‬
‫الواب ‪ :‬إذا كان فيه مصلحة يب با إذا كان فيه مصلحة فإنه يب با لجل مصلحته ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬قول بعض أهل العلم ‪ :‬ترك العمل لجل الناس رياء والعمل لجلهم شرك ‪ ،‬هل تصح‬
‫هذه العبارة ؟‬
‫الواب ‪ :‬لا وجه من الصحة ‪ ،‬ترك العمل لجل الناس رياء والعمل لجلهم شرك ‪ ،‬هذه لا‬
‫وجهة نظر ‪ ،‬لنك إذا تركت العمل من أجلهم هذا رياء لنك تريهم بأنك لست من يرائي الناس‬
‫‪،‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫إذا علم ال صدق النية من العبد زاده من العلم والتقوى قال ال عز وجل ‪ { :‬والذين اهتدوا‬
‫ى وآتاهم تقواهم } ‪،‬‬
‫زادهم هد ً‬
‫قوله ‪ ( :‬وتقيم الصلة ) ‪ :‬أي أن تأت با قوية ‪،‬‬
‫ول تكون قوية إل بفعل شروطها وأركانا وواجباتا وهذا ل بد منه ومكملتا وهذا يكون‬
‫أكمل ‪،‬‬
‫ول حاجة لشرح هذه لنا معروفة ف كتب الفقه ولو ذهبنا نشرحها ما مشينا ول ربع القرر ن‬
‫لكن ك ّل يعرف أن من ل يقرأ بفاتة الكتاب فصلته باطلة ‪،‬‬
‫وأن من صلى صلة وهو مدث فصلته باطلة ‪،‬‬
‫ولكن إذا كان عليه ناسة وصلى وهو جاه ٌل با ‪ ،‬ل يعلم با إل بعد السلم ‪ ،‬فهل صلته‬
‫صحيحة ؟‬

‫‪36‬‬
‫يرى بعض العلماء ‪ :‬أن صلته باطلة ‪،‬‬
‫والصحيح ‪ :‬أن صلته صحيحة ‪،‬‬
‫لن جبيل عليه السلم أعلم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ف أثناء الصلة أن ف نعليه‬
‫قذرا وكان يصلي بنعليه فخلعهما ومضى ف صلته ‪،‬‬
‫ل للصلة لستأنف صلته من جديد ‪،‬‬
‫ولو كان حل النجاسة جاهلً مبط ً‬
‫كلّ يعلم أنه ل بد من التشهد ‪،‬‬
‫لقول ابن مسعود ‪ :‬كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ‪،‬‬
‫لكن علمنا بالسنة أن التشهد الول ليس ركنا ‪،‬‬
‫دليله أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لا نسيه جبه بسجود السهو ‪،‬‬
‫ولو كان ركنا ما تت الصلة إل به وعلى هذا فقس ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬الصلة ) ‪ :‬يشمل كل صلة الفريضة والنافلة ‪،‬‬
‫وهل تدخل صلة النازة أو ل ؟‬
‫يتمل هذا وهذا ‪،‬‬
‫إن رأينا إل عموم اللفظ ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬إنا داخلة لنا صلة ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬ول تصل على أحد منهم مات أبدا } ‪،‬‬
‫وإن نظرنا إل صلة النازة صلة طارئة حادثة يقصد با الشفاعة للميت ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬ل تدخل ف هذا الديث ‪،‬‬
‫ولكن تدخل ف عموم المر بإحسان العمل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتؤت ) بعن تعطي ‪،‬‬
‫و ( الزكاة ) ‪ :‬هي الال الواجب ف الموال الزكوية ‪،‬‬
‫فيعطيه النسان مستحقه تعبدا ل عز وجل ورجاءا لثوابه ‪،‬‬
‫مثال ذلك الدراهم والدناني فيها زكاة ‪ ،‬كم فيها ؟‬
‫ربع العشر تأخذ ربع العشر وهو واحد من أربعي وتعطيه الستحق ‪،‬‬
‫وقد بي ال عز وجل أصحاب الزكاة ف سورة براءة سورة التوبة ‪،‬‬
‫وهم ثانية أصناف ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬إنا الصدقات للفقراء والساكي والعاملي عليها والغارمي وف سبيل ال وابن‬
‫السبيل } ثانية ‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫{ فريضةً من ال } أي فرضها ال علينا أن نعطيها هؤلء ول نعطي غيهم ‪،‬‬
‫{ وال عليمٌ حكيم } ‪،‬‬
‫وتفاصيل ذلك مذكورة ف كتب الفقه ول حاجة لتفصيله لنه يأخذ منا وقتا كثيا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتصوم رمضان ) ‪ :‬بأن تسك عن الفطرات من طلوع الفجر الثان إل غروب‬
‫الشمس ‪ ،‬الفطرات معروفة ل حاجة لذكرها ‪،‬‬
‫ولكن ننبه على شيء مهم فيها ‪،‬‬
‫الفطرات ل تفطر الصائم إل بثلثة شروط ‪:‬‬
‫العلم ‪،‬‬
‫وأن يكون ذاكرا ‪،‬‬
‫وأن يكون مريدا ‪،‬‬
‫الشروط ثلثة ‪:‬‬
‫أن يكون عالا ‪،‬‬
‫ذاكرا ‪،‬‬
‫مريدا ‪،‬‬
‫ضد العال ‪ :‬الاهل ‪،‬‬
‫فلو أكل الصائم يظن أن الليل باقٍ ث تبي أنه قد طلع الصبح وهو يأكل ‪،‬‬
‫فما حكم الصوم ؟‬
‫صحيح ‪،‬ولو أكل يظن غروب الشمس ث تبي أنا ل تغرب فالصوم صحيح ‪،‬‬
‫والدليل ما رواه البخاري عن أساء بنت أب بكر رضي ال عنهما قالت ‪ ( :‬أفطرنا ف يوم غيمٍ‬
‫على عهد النب عليه وسلم ث طلعت الشمس ) ول يأمرهم بالقضاء ‪،‬‬
‫ما قال ‪ :‬اقضوا يوما مكانه ‪،‬‬
‫لو كان القضاء واجبا لكان يبينه النب عليه الصلة والسلم ولنقل إلينا ‪،‬‬
‫لنه لو كان واجبا كان القضاء من شريعة ال ول بد أن تنقل ‪،‬‬
‫وهو داخل ف عموم قوله تعال ‪ { :‬ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ‪،‬‬
‫وقوله تعال ‪ { :‬وليس عليكم فيما أخطأت به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ‪،‬‬
‫ولو أكل غي مريدٍ للكل أو شرب غي مريد للشرب بأن كان مكرها فصيامه صحيح ‪،‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬أن يكره الرجل زوجته فيجامعها وهي صائمة ‪،‬‬
‫فليس عليها شيء ل قضاء ول كفارة ‪،‬‬

‫‪38‬‬
‫هذه مهمة ‪،‬‬
‫لن كثيَا من الفقهاء يقولون ‪ :‬إن النسان إذا أكل جاهلً بالوقت سواءً من أول النهار أو آخره‬
‫وجب عليه القضاء إذا تبي أنه قد أكل ف النهار ‪،‬‬
‫ولكن يقال ‪ :‬إن الذي شرع الصوم للعباد هو الذي رفع عنهم الرج بذه العذار ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتج البيت ) ‪ :‬أي تقصده ‪،‬‬
‫وهل يدخل ف ذلك العمرة أو ل ؟‬
‫فيه خلف بي العلماء ‪:‬‬
‫منهم من قال إن العمرة داخلة ‪،‬‬
‫لقول النب صلى عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬العمرة حج أصغر ) ‪،‬‬
‫ولنه وردت روايات ف نفس الديث فيها ذكر العمرة ‪،‬‬
‫والصحيح أن العمرة دون الج يعن ليست من أركان السلم ‪،‬‬
‫ولكنها واجبة ‪،‬‬
‫يأث النسان بتركها إذا تت شروط الوجوب ‪،‬‬
‫ل ) ‪ :‬مأخوذة من قوله تعال ‪ { :‬ول على الناس حج البيت من‬
‫قوله ‪ ( :‬إن استطعت إليه سبي ً‬
‫استطاع إليه سبيلً } ‪،‬‬
‫قد يقول قائل ‪ :‬هذا الشرط ف جيع العبادات لقول ال تعال ‪ { :‬فاتقوا ال ما استطعتم } ‪،‬‬
‫فلماذا خص الج ؟‬
‫نقول ‪ :‬خص الج لن الغالب فيه الشقة والتعب وعدم القدرة ‪،‬‬
‫ولذلك نص عليه ‪،‬‬
‫وإل فجميع العبادات ل بد فيها من الستطاعة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬صدقت ) أي أخبت بالق ‪ ،‬من القائل صدقت ؟ جبيل‬
‫قال عمر ‪ ( :‬فعجبنا له يسأله ويصدقه ) ‪ :‬ووجه العجب ‪ :‬أن السائل عادة يكون جاهلً‬
‫والصدق يكون عالا فكيف يتمع هذا وهذا ؟ أنت لو قلت ل فل ٌن قدم الدينة قلت صدقت‬
‫فمقتضى هذا أن عال فكيف يسأل جبيل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ويقول صدقت ؟‬
‫هذا مل عجب لكن ستأت الكمة ف هذا ‪ ،‬انتهى الكلم على السلم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬قال فأخبن عن اليان ) ‪ :‬قال من ؟ قال جبيل ( قال ) أي يا ممد ( أخبن عن‬
‫اليان ) ‪،‬‬
‫اليان ف اللغة ‪ :‬هو القرار الستلزم للقبول والذعان وهو مطابق للشرع ‪،‬‬

‫‪39‬‬
‫وأما قولم اليان ف اللغة التصديق ففيه نظر ‪.‬‬
‫لنه يقال ‪ :‬آمن به ‪،‬‬
‫ول يقال صدق به بل يقال صدقه ‪،‬‬
‫فصدق فعل متعدي وآمن فعل لزم ‪،‬‬
‫وقد ذكر ذلك شيخ السلم رحه ال باستفاضة ف كتاب اليان ‪،‬‬
‫وقولنا ‪ ( :‬اليان الستلزم للقبول والذعان ) احترازا ما لو أقر لكن ل يقبل ‪،‬‬
‫كأب طالب أبو طالب عم النب صلى ال عليه وعلى وسلم وقد أقر به وأنه صادق ‪ ،‬لكن ل يقبل‬
‫ما جاء به نسأل ال العافية ول يذعن ول يتابع ‪،‬‬
‫فلم ينفعه القرار ‪،‬‬
‫ل بد من القبول والذعان ‪،‬‬
‫ولذلك يوجد من بعض السفهاء من الناس من يقول ‪ :‬أن أهل الكتاب مؤمنون ‪،‬‬
‫كيف مؤمنون بال وهم ل يقبلوا شرع ال ول يذعنوا له أين اليان ؟ ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬اليان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيه وشره ) ‪:‬‬
‫هذه كم ؟‬
‫ستة أشياء ‪ ( :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيه وشره )‬
‫قوله ‪ ( :‬أن تؤمن بال ) ‪ :‬اليان بال يتضمن أربعة أشياء ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬اليان بوجوده فمن أنكر ال فليس بؤمن ‪،‬‬
‫ولكن قل ل ‪ :‬هل يكن لحد أن ينكر وجود ال ف قرارة نفسه أو ل يكن ؟‬
‫ل يكن ف قرارة نفسه حت فرعون الذي قال لوسى ‪ { :‬ما رب العالي } كان مقراّ بال قال له‬
‫موسى ‪ { :‬لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب العالي بصائر } ‪،‬‬
‫لكنه جاحد كما قال تعال ‪ { :‬وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } ‪,‬‬
‫الثان ‪ :‬اليان بانفراده بالربوبية أي تؤمن بأنه رب وأنه منفرد بالربوبية ‪،‬‬
‫الرب هو الالق الالك الدبر ‪ ،‬هذا الرب خالق مالك مدبر ‪،‬‬
‫من خلق السماوات والرض ؟ ال من خلق البشر ؟ ال من يلك تدبي هذه ؟ ال من يدبرها ا؟‬
‫ل عز وجل ‪،‬‬
‫إذن أن تؤمن بانفراده بالربوبية أي باللق والثان باللك والثالث التدبي ؟‬
‫المر الثالث الذي يدخل ف اليان بال ‪ :‬اليان بانفراده باللوهية وأنه وحده الذي ل إله إل هو‬
‫‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫فمن ادعى مع ال إلا يعبد فإنه ل يؤمن بال ‪،‬‬
‫ل بد أن تؤمن بانفراده باللوهية وإل فما آمنت به ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن تؤمن بأساء ال وصفاته على الوجه الذي وردت بدون تريف ول تثيل ‪،‬‬
‫فمن حرف آيات الصفات أو أحاديث الصفات فإنه ل يقق اليان بال ‪،‬‬
‫قال قومٌ ‪ { :‬الرحن على العرش استوى } أي استول ‪،‬‬
‫ومعناه شرعا ولغة عل وارتفع على العرش ‪،‬‬
‫لكنه علوٌ خاص علوا على جيع الخلوقات ‪،‬‬
‫هذا الذي فسر { استوى } بـ ( استول ) ل يقق اليان بال ‪،‬‬
‫لنه نفى صفةً أثبتها ال لنفسه والواجب إثبات الصفات ‪،‬‬
‫من قال ‪ { :‬لا خلقت بيدي } أي بقدرت أو بقدرت وليس ل يد حقيقية ‪،‬‬
‫هل حقق اليان بال ؟‬
‫ل ‪ ،‬ل يقق اليان بال ‪،‬‬
‫لو حقق اليان بال ‪ ،‬لقال ‪ :‬ل ي ٌد حقيقية ‪ ،‬لكن ل تاثل أيدي الخلوقي ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬ليس كمثله شيء } يا أخي نن ل نتحدث عن ال إل حسب ما أخبنا‬
‫ال به عنه نفسه إذا ل يكن أن تتحدث عن شخص عندنا ف البلد لكنه ف البيت ل يكن أن‬
‫تتحدث فكيف تتحدث عن ال ؟‬
‫إذا قال ‪ :‬إن ال ل يتكلم بكل ٍم مسموع ولكن كلمه العن القائم بنفسه وما سعه جبيل فهو‬
‫ملوق أصوات خلقها ال عز وجل لتعب عما ف نفسه ‪،‬‬
‫هل حقق اليان بال ؟‬
‫ل وال ‪،‬‬
‫لن تفسي الكلم بذا يعن أن ال ل يتكلم حقيقةً ‪،‬‬
‫لنك إذا قلت الكلم هو العن القائم بالنفس صار معن الكلم هو العلم ل أنه مسموع وعلى‬
‫هذا فقس ‪،‬‬
‫وقال قوم ‪ :‬كلم ال كلم نفسي وليس له كلم مسموع وأن ال ل يتكلم حقيقة ‪،‬‬
‫وعلى هذا فجميع البتدعة ف الساء والصفات الخالفي لا عليه السلف ل يققوا اليان بال ‪،‬‬
‫وانتبه ل نقول ‪ :‬إنم غي مؤمني ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬مؤمنون ل شك ‪،‬‬
‫لكنهم ل يققوا اليان بال ‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫ما الذي فاتم من المور الربعة ؟‬
‫الرابع أساء ال وصفاته ‪،‬‬
‫ل بد من هذا أن تؤمن بأن ل أساءً وصفاتٍ ‪،‬‬
‫ولكن صفاته ل تاثل صفات الخلوقي ‪،‬‬
‫شغب الناس ف حديث ‪ ( :‬أن ال خلق آدم على صورته ) ضجوا وارتفعت أصواتم وكثرت‬
‫مناقشاتم ‪:‬‬
‫كيف خلق آدم على صورته ؟‬
‫فحرفه قوم تريفا مشينا مستكرها ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬معن الديث ‪ ( :‬خلق آدم على صورته ) أي على صورة آدم ‪ ،‬ال الستعان ‪،‬‬
‫هل يكن لفصح البشر وأنصح البشر أن يريد بالضمي ضمي الفعول ؟‬
‫بعن خلق آدم على صورته أي على صورة آدم ؟‬
‫ل يكن هذا ‪،‬‬
‫لن كل ملوق فقد خلق على صورته ‪ ،‬أليس كذلك ؟‬
‫كل ملوق ملوق على صورته ‪،‬‬
‫وحيننئذ ل فضل لدم على غيه ‪،‬‬
‫فهذا هراء ل معن له ‪،‬‬
‫أتدرون لا قالوا هذا ؟‬
‫التأويل الستكره الشي ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬لنك لو قلت إنا صورة الرب عز وجل لثلت ال بلقه لن صورة الشيء مطابقة له‬
‫وهذا تثيل ‪،‬‬
‫جوابنا على هذا أن نقول ‪ :‬يا أخي لو أعطيت النصوص حقها ‪،‬‬
‫لقلت ‪ :‬خلق ال أدم على صورة ال لكن ليس كمثل ال شيء ‪،‬‬
‫يصلح هذا أو ل يصلح ؟‬
‫يصلح ‪ ،‬هو على صورته ولكن ليس كمثله ‪،‬‬
‫فإن قال قائل اضربوا لنا مثلً نقتنع به أن الشيء يكون على صورة الشيء ول يكون ماثلً له ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬أهلً وسهلً ‪،‬‬
‫ثبت عن النب عليه الصلة والسلم أن أول زمرة تدخل النة على صورة القمر ليلة البدر ‪،‬‬
‫اللهم اجعلنا منهم يا رب ‪ ،‬أول زمرة على صورة البدر ‪،‬‬

‫‪42‬‬
‫وهل هؤلء وجوههم ماثلة للقمر ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫مع أنه قال ‪ ( :‬على صورة القمر ) ول يلزم الماثلة ‪،‬‬
‫فالهم أن باب الصفات باب عظيم ‪ ،‬خطره جسيم ‪ ،‬ول يكن أن ينفك النسان من الورطات‬
‫ف ما نفاه ال عن‬
‫وا َللَكات الت يقع فيها إل باتباع السلف الصال ‪ ،‬اثبت ما أثبته ال لنفسه وان ِ‬
‫نفسه فتستريح ‪،‬‬
‫هل تبحث ف أمر يكون البحث فيه تعمقا وتنطعا ؟‬
‫الواب ل ‪،‬‬
‫سئل المام مالك عن قوله تعال ‪ { :‬الرحن على العرش استوى } كيف استوى ؟‬
‫اسع يا رجل ‪،‬‬
‫وتأمل حال السلف الصال ‪،‬‬
‫لا سأله هذا السؤال أطرق برأسه وجعل يتصبب عرقا من ثقل ما ألقي عليه وتعظيمه الرب ث‬
‫رفع رأسه ‪،‬‬
‫وقال ‪ ( :‬الستواء غي مهول ) يعن أنه معلوم ف اللغة العربية ‪ ،‬استوى على كذا عل عليه ‪،‬‬
‫كل ما ورد ف القرآن والسنة وكلم العرب إذا تعدت بـ ( على ) فمعناها العلو ( والكيف غي‬
‫معقول ) يعن ل ندركه بعقولنا ‪ ،‬ول يكن أن نصل إليه ‪،‬‬
‫( واليان به واجب ) أي بالستواء ‪،‬‬
‫( والسؤال عنه بدعة ) لاذا بدعة ؟‬
‫يريد أن يسأل الرجل يقول بدعة هذا ‪،‬‬
‫هل سأل الصحابةُ رسولَ ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن ذلك ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫وهم أشد منا حرصا على معرفة ال والجيب لو سألوه أعلم منا بال ومع ذلك ل يقع السؤال ‪،‬‬
‫أفل يسعك ما وسعهم ؟‬
‫الواب ‪ :‬بلى ‪ ،‬يب على السلم أن يسعه ما وسع السلف الصال ‪ ،‬ل تسأل ‪،‬‬
‫ث قال المام مالك ‪ ( :‬ما أراك ) أي ما أظنك ‪،‬‬
‫( إل مبتدعا ) تريد أن تفسد على الناس دينهم ‪،‬‬
‫ث أمر به فأخرج من السجد ‪،‬‬
‫مسجد من ؟‬

‫‪43‬‬
‫النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ :‬وال ل أستطيع أن أخرجه ‪،‬‬
‫أخشى أن أدخل ف قوله تعال ‪ { :‬ومن أظلم من منع مساجد ال أن يذكر فيها اسه } ‪،‬‬
‫لن أمنع هذا من دخول السجد ‪،‬‬
‫لنه ل يدخل السجد ليذكر فيه اسم ال بل ليفسد عباد ال ‪،‬‬
‫ومثل هذا يُمنع ‪ ،‬يا جاعة استمع ‪،‬‬
‫إذا كان الذي يأكل الثوم والبصل يُمنع من دخول السجد ‪،‬‬
‫فكيف بن يفسد على الناس أديانم أفل يكون أحق بالنع ؟‬
‫بلى وال ‪،‬‬
‫ولكن كثيا من الناس غافلون ‪،‬‬
‫يعن لو شمنا من إنسان رائحة ثوم وبصل طلعناه ‪،‬‬
‫وكان الناس ف عهد النب عليه الصلة والسلم ‪ ،‬إذا دخل أحد السجد وفيه رائحة ثوم أو بصل‬
‫أخرجوه للبقيع ‪،‬‬
‫البقيع تعرفون بعيد من السجد ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫لن النب عليه الصلة والسلم قال ‪ ( :‬ل يقربن مساجدنا ) ‪ ،‬ل يقرب ‪،‬‬
‫على كل حال ‪ ،‬القام هذا مقام عظيم ‪،‬‬
‫لكن أحذركم أن تتعمقوا ف باب الساء وأن تسألوا عما ل حاجة لكم به ‪،‬‬
‫يقول بعض الناس ‪ :‬ال تعال له أصابع ‪،‬‬
‫ويقول الحرفون ‪ :‬ليس له أصابع والراد بقوله ‪ ( :‬ما من قلب من قلوب بن آدم إل وهو بي‬
‫أصبعي من أصابع الرحن ) الراد بذلك ‪ :‬كمال السيطرة والتدبي ‪،‬‬
‫سبحان ال أأنتم أعلم أم رسول ال ؟‬
‫انظر ‪،‬‬
‫نفوا الصابع ‪،‬‬
‫لظنهم أن إثباتا يستلزم التمثيل فمثلوا أولً وعطلوا ثانيا فجمعوا بي التمثيل والتعطيل ‪،‬‬
‫جاء آخرون فقالوا ‪ ( :‬بي أصبعي من أصابع الرحن ) وأمسك السواك بأصبعيه وقال ‪ ( :‬بي‬
‫أصبعي من أصابع الرحن ) ‪،‬‬
‫قطع ال هاتي الصبعي ‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫انظر هل يل هذا ؟‬
‫ل يل ‪،‬‬
‫أو ًل ‪ :‬هل تعلم أن أصابع ال خسة إبام سبابة ووسطى وخنصر وبنصر ؟‬
‫ل تعلم ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬هل تعلم أن كون القلوب بي أصبعي من أصابع الرحن بي البام والسبابة بي البام‬
‫والوسطى بي البام والبنصر بي البام والنصر ؟‬
‫كيف تقول على ال ما ل تعلم ؟‬
‫{ أم على ال يفترون } ‪،‬‬
‫هذا يستحق يعن أن يؤدب ‪،‬‬
‫لنه قال على ال ما ل يعلم ‪،‬‬
‫فقال جزاكم ال خيا ‪،‬‬
‫أليس النب عليه الصلة والسلم لا قال ‪ ( :‬كان ال سيعا بصيا ) وضع إبامه وسبابته على العي‬
‫والذن ؟‬
‫ماذا نقول ؟‬
‫نقول ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫لكن أنت لست رسو ًل حت تفعل هذا ‪،‬‬
‫ث القصود من وضع الرسول عليه الصلة والسلم إصبعيه تقيق السمع والبصر فقط ‪،‬‬
‫الهم أكرر أن باب الصفات بابٌ عظيم ‪،‬‬
‫احذر أن َتزِلّ فتحت رجلك هوةٌ ‪،‬‬
‫احذر المر صعب جدا ‪،‬‬
‫يقول بعض الخرين ‪ { :‬والرض جيعا قبضته يوم القيامة } انظر { قبضته } ماذا يعن ؟ ويضع‬
‫شيء ‪،‬‬
‫أعوذ بال ‪ ،‬كيف تقول هذا الكلم ؟‬
‫والخرون يقولون ‪ :‬تت تصرفه ‪،‬‬
‫الفرق فرق عظيم ‪،‬‬
‫فعلى كل حال ‪ :‬أكرر احذروا باب الصفات أن توضوا ف شيء ل يتكلم فيه السلف الصال ‪،‬‬
‫يقول بعض العلماء ‪ :‬من ل يسعه ما وسع الصحابة والتابعي فل وسع ال عليه ‪،‬‬
‫صار اليان بال يتضمن كم ؟‬

‫‪45‬‬
‫أربعة أمور ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وملئكته ) ‪ :‬اللئكة بدأ بم قبل الرسل والكتب لنم عال غيب ‪،‬‬
‫الرسل والكتب مسوس عال مسوس ‪،‬‬
‫واللئكة عال غيب ل يظهرون بالس إل بإذن ال عز وجل ‪،‬‬
‫هؤلء العال خلقوا من نور كما جاء عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وهم ل يتاجون إل أكل وشرب ‪،‬‬
‫ص ْمدٌ يعن ليس لم أجواف ‪،‬‬
‫ولذا قيل ‪ :‬إنم ُ‬
‫ل يتاجون إل أكل وشرب ‪،‬‬
‫فنؤمن بأن هناك عالا غيبيا هم اللئكة ‪،‬‬
‫وهم أصناف ووظائفهم أيضا أصناف حسب حكمة ال عز وجل ‪،‬‬
‫كالبشر أصناف ووظائفهم أصناف ‪،‬‬
‫واليان باللئكة يتضمن ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬اليان بأساء من علمنا أساءهم ‪،‬‬
‫أن نؤمن بأن هناك ملكا اسه كذا مثل من ؟‬
‫جبيل ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن نؤمن با لم من أعمال ووظائف ‪،‬‬
‫مثلً جبيل موكل بالوحي ينل به من عند ال إل رسله ‪،‬‬
‫ميكائيل موكل بالقطر والنبات ‪ ،‬القطر الطر ‪ ،‬والنبات نبات الرض ‪،‬‬
‫إسرافيل موكل بالنفخ ف الصور ‪،‬‬
‫هؤلء الثلثة كان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم يستفتح صلة الليل فيقول ‪ ( :‬اللهم رب‬
‫جبائيل وميكائيل وإسرافيل ) ‪،‬‬
‫والكمة من هذا أن كل واحد منهم موكل بياة ‪،‬‬
‫جبيل بالوحي وهو حياة القلوب كما قال عز وجل ‪ { :‬وكذلك أوحينا إليك روحا من‬
‫أمرنا } ‪،‬‬
‫ميكائيل موكل بالقطر والنبات وهو حياة الرض ‪،‬‬
‫إسرافيل بالنفخ وهو حياة الناس الياة البدية ‪،‬‬
‫والناسبة ظاهرة ‪،‬‬
‫لنك إذا قمت من النوم فقد بعثت من موت ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ث يبعثكم فيه } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ال يتوف النفس حي موتا والت ل تت ف منامها فيمسك الت قضى عليها‬
‫الوت ويرسل الخرى إل أجل مسمى } ‪،‬‬
‫إذا كان القيام من الليل بعثا وهؤلء الثلثة الكرام كلهم موكلون بالياة ‪،‬‬
‫صارت الناسبة واضحة ‪،‬‬
‫كذلك أن تؤمن با تعلم من وظائفهم وهذه كثية ‪،‬‬
‫منها ما نعلمه ‪،‬‬
‫ومنها ما ل نعلمه ‪،‬‬
‫مثلً ‪ :‬فيه ملئكة وظيفتهم أن يكتبوا أعمال العباد ‪.‬‬
‫ال أكب ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬ولقد النسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونن أقرب إليه من حبل الوريد‬
‫إذ يتلقى التلقيان عن اليمي وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد } ‪،‬‬
‫هؤلء الوكلون بكتابة أعمال بن آدم ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ف آي ٍة أخرى ‪ { :‬كل بل تكذبون بالدين ‪ ،‬وإن عليكم لافظي ‪ ،‬كراما كاتبي‬
‫}‪،‬‬
‫يكتبون كل قول يقوله النسان ‪،‬‬
‫وظاهر الية الكرية أنم يكتبون ما للنسان وما عليه وما ليس له ول عليه ‪،‬‬
‫وجه كون هذا هو الظاهر ‪:‬‬
‫أن قوله ‪ { :‬من قول } نكرة ف سياق النفي مؤكدة بـ ( من ) فتفيد العموم ‪،‬‬
‫لكن ما ليس له ول عليه ل ياسب إنا قاله إنه فاته خيٌ كثي ‪،‬‬
‫ذكروا أن رجلً دخل على المام أحد بن حنبل رحه ال فقيه الحدثي ومدث الفقهاء إمام أهل‬
‫السنة دخل عليه وهو مريض يئن من الوجع فقال ‪ :‬يا أبا عبد ال إن فلنا من التابعي وأظنه‬
‫طاووسا يقول إن اللكي يكتبان حت أني الريض فأمسك أبو عبد ال المام أحد أمسك حت‬
‫عن الني ‪،‬‬
‫انظر تعظيم آثار السلف عند السلف ‪،‬‬
‫من اللئكة من هم موكلون بالسياحة ف الرض يلتمسون حلق الذكر يعن حلق العلم ‪،‬‬
‫ومنهم ملئكة بفظ بن آدم ‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫ومنهم ملئكة موكلون بقبض روح بن آدم ‪،‬‬
‫ومنهم ملئكة موكلون بسؤال ابن آدم ف قبه ‪،‬‬
‫ومنهم ملئكة موكلون بتلقي الؤمني يوم القيامة تتلقاهم اللئكة ‪،‬‬
‫ومنهم ملئكة موكلون بتحية الؤمني ف النة { يدخلون عليهم من كل باب سلمٌ عليكم با‬
‫صبت } ‪،‬‬
‫ل ونارا يسبحون الليل والنهار ل يفترون ‪،‬‬
‫منهم ملئكة يعبدون ال عز وجل لي ً‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬أطت السماء وحق لا أن تئط ) الطيط هو صرير‬
‫ك قائمٌ ل أو راكع أو‬
‫الرحم على البعي من شدة المل ( ما من موضع أربع أصابع إل وفيه مل ٌ‬
‫ساجد ) ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬ما أوجه التفاق ف حديث الصورة ؟‬
‫الواب ‪ :‬ال أعلم هذه من الشياء الت نكل علمها إل ال عز وجل ولكن نعلم أنه ل ماثلة ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬ذكرنا أن اليان بال وبالرسل صلى ال عليهم وسلم وباللئكة يتضمن أمور فلو أن‬
‫أحدا أنكر أمرا من هذه المور هل نقول إنه مؤمن ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل ‪ ،‬نقول ‪ :‬ف بعضه ل يقق اليان وبعضه نقول ليس بؤمن أصلً من أنكر وجود‬
‫ل هذا كافر ليس فيه إشكال من أنكر انفراده بالربوبية أو باللوهية فهو كافر ‪ ،‬الصفات‬
‫ال مث ً‬
‫هي الت فيها التفصيل ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬لاذا اختلف حكم من أنكر الصفات ول نقل إنه كافر ؟‬
‫الواب ‪ :‬لن اللف بي المة السلمية ف الصفات الن متلفون ف الصفات ‪ ،‬ولكن ل‬
‫يتلفوا ف انفراد ال بالربوبية أو ول يتلفوا بانفراد باللوهية ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬بعضهم فسر قوله تعال ‪ { :‬والسماء بنيناها بأيد } أي بقوة وقدرة لن خلق اليد مزية‬
‫لدم عليه السلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬وبعض الناس !!! ‪ ،‬أنت قلت ‪ :‬بعض الناس فل بد من بعض آخر ‪،‬‬
‫بعض الناس أنكر على من فسر قوله تعال ‪ { :‬والسماء بنيناها بأيد } أي بقوة ‪،‬‬
‫ول إنكار ف هذا ‪،‬‬
‫ول يوز أن نفسرها بيد ال عز وجل ‪،‬‬
‫لن ال قال ‪ { :‬بأي ٍد } ول يضفها إل نفسه ‪،‬‬
‫واليد معروف بأنه القوة ‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬وأيدناه بروح القدس } أي قويناه ‪،‬‬
‫فل يوز أن نقول أن ال خلق السماء بيده عز وجل ‪،‬‬
‫لن ال ل يضفها إل نفسه ‪،‬‬
‫ق ويدعون إل السجود فل يستطيعون } ‪،‬‬
‫وهذا نظي قول ال تعال ‪ { :‬يوم يكشف عن سا ٍ‬
‫روي عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه قال ‪ :‬يوم يكشف عن شدة ‪،‬‬
‫وفسر الساق بالشدة ‪،‬‬
‫وهذا تفسيٌ صحيح ‪،‬‬
‫لن ال ل يضف الساق إل نفسه ‪،‬‬
‫ول يل لنا أن نضيف إل ال ل يضفها إل نفسه ‪،‬‬
‫لكن هذا التفسي يضعفه الديث الطويل ف أن ال عز وجل يكشف عن ساقه ‪،‬‬
‫وذكر الديث كسياق الية تاما ‪،‬‬
‫فيكون الديث مفسرا للية ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬قوله تعال ‪ { :‬يا حسرتى على ما فرطت ف جنب ال } هل هي من الصفات ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬من الصفات { ف جنب } أي ف جانبه أي ف حقه ‪ ،‬وليس الراد { ف جنب }‬
‫يعن ذات ال عز وجل ‪ { ،‬ف جنب } أي ف جانبه أي ف حقه ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬من أنكر الساء أو أنكر الصفات هل يكون كافرا ؟‬
‫الواب ‪ :‬من أنكرها تكذيبا وجحدا فهو كافر ‪ ،‬إذا كانت قد ثبتت ف الكتاب والسنة لن هذا‬
‫تكذيب ‪،‬‬
‫ل نظرنا ‪:‬‬
‫ومن أنكرها تأوي ً‬
‫إذا كان التأويل له مساغٌ ف اللغة العربية فإنه ل يكفر ‪،‬‬
‫وإن ل يكن له مساغ فإنه يكفر ‪،‬‬
‫لن تأويل اللفظ إل ما ل يكن أن يراد به لغ ًة وشرعا يعن إنكاره ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬بعض الناس يسمي ملك الوت بـ ( عزرائيل ) هل ف هذا دليل ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا ل يوز لن اسه ل بد أن يثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ول يثبت‬
‫عنه لكن س ّم ملك الوت باسه ف القرآن ( ملك الوت ) ‪،‬‬
‫هل هناك غي جبيل وميكائيل وإسرافيل من عرفنا أساءهم ؟‬
‫( منكر ) و ( ونكي ) فيها خلف ‪،‬‬
‫( مالك ) خازن النار ‪ ،‬ف القرآن { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك } ‪،‬‬

‫‪49‬‬
‫( رضوان ) يقال إنه خازن النة فإذا صح به الديث قبلناه ‪،‬‬
‫( رقيب ) هذا وصف وليس باسم ‪،‬‬
‫( هاروت وماروت ) { وما أنزل على اللكي ببابل هاروت وماروت } ‪،‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫نعود إل شرح الديث ونسأل ال أن يوفقنا للصواب ‪،‬‬
‫من أنكر اللئكة سيأتينا إن شاء ال ف الفوائد حكمه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وكتبه ) ‪ :‬هو الذي أنزله ال عز وجل على الرسل لنه ما من رسول إل أنزل ال عليه‬
‫كتابا كما قال عز وجل ‪ { :‬كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيي مبشرين ومنذرين وأنزل‬
‫معهم الكتاب بالق } وقال عز وجل ‪ { :‬وجعلنا ف ذريتهما } أي إبراهيم ونوح { النبوة‬
‫والكتاب } ولكن اعلم أن جيع الكتب السابقة منسوخة با له هيمن ٌة عليها وهو القرآن كما قال‬
‫عز وجل ‪ { :‬وأنزلنا عليك الكتاب بالق مصدقا لا بي يديه من الكتاب ومهيمنا عليه } كل‬
‫الكتب منسوخة بالقرآن‬
‫‪ ،‬ل يعمل با شرعا ‪،‬‬
‫واختلف العلماء فيما ثبت ف شرائع من سبقنا إل أن يرد ف شرعنا بلفه أو ل نعمل به ؟‬
‫منهم من قال ‪ :‬إن شرع من قبلنا شرع لنا ما ل يرد شرعنا بلفه ‪،‬‬
‫وذلك أن ما سبق من الشرائع إما أن توافقه شريعتنا وإما أن تالفه شريعتنا وإما أل ندري هل‬
‫توافق أو ل معناه يعن حكم مذكور ف الكتب السابقة ولكن ف شريعتنا مسكوت عنه ‪،‬‬
‫القسام كم ؟ ثلثة ‪،‬‬
‫ما وافقته شريعتنا فهو حق ونتبعه وهذا بالجاع وإتباعنا إياه ل لنفس الكتاب السابق ولكن‬
‫لشريعتنا ‪،‬‬
‫وما خالفت شريعتنا ‪ ،‬فل نعمل به بالتفاق لنه منسوخ ‪،‬‬
‫فهل نرم على الناس الن البل ؟‬
‫ل نرمها ‪ ،‬مع أنا على بن إسرائيل اليهود خاصة مرمة ‪،‬‬
‫ما ل يرد شرعنا بلفه ول وفاقه فهذا مل اللف ‪:‬‬
‫فمنهم من قال ‪ :‬إنه شرع لنا ‪،‬‬
‫ومنهم من قال ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫ولك ّل دليل ‪،‬‬
‫وتفصيل ذلك ف أصول الفقه ‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫قوله ‪ ( :‬الكتب ) ‪ ،‬كيف اليان با ؟‬
‫اليان با على الوجوه التالية ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬أن نؤمن بأن ال تعال أنزل على الرسل كتبا وأنا من عند ال لكن هل بأن الكتب‬
‫الوجودة ف هذه المم هي الكتب الت من عند ال ؟ ل لنا مرفة ومبدلة لكن أصل الكتاب‬
‫النازل على الرسول نؤمن بأنه حق ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن نؤمن بكل ما ورد فيه من المور العلمية إذا صحت ‪،‬‬
‫يعن مثلً ‪ :‬ف الزبور فيه آيات وأخبار ف التوراة والنيل نؤمن بأنه حق لكن مت ؟‬
‫إذا صح أن هذا ما جاء ف التوراة والنيل والزبور ‪،‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن نؤمن با فيها من أحكام إذا ل تالف ف الشريعة ‪،‬‬
‫على القول ‪:‬‬
‫بأن شرع من قبلنا هو شرع لنا ‪،‬‬
‫وهو الق ‪،‬‬
‫رابعا ‪ :‬أن نؤمن با علمنا من أسائها ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬التوراة والنيل والزبور وصحف إبراهيم وصحف موسى ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬ل أؤمن بأن هناك كتابا يسمى التوراة ‪ ،‬فإنه كافر ‪،‬‬
‫لن اليان بال يتضمن اليان بالكتب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ورسله ) ‪ :‬الراد هنا الرسل ا َللَكِيون أو البشر ؟‬
‫البشر ‪،‬‬
‫لن اليان بالرسل من اللئكة سبقوا ‪ ،‬الراد بالرسل من البشر ‪،‬‬
‫وليعلم أنه يعب برسول ويعب بنب فهل معناها واحد ؟‬
‫أما ف القرآن فالنب هو الرسول ‪ ،‬كلما وجدت ف القرآن نب فهو رسول لكن معن النب‬
‫والرسول يتلف‬
‫والصواب فيه أن النب أوحي إليه بالشرع وأمر بالعمل به ولكن ل يؤمر بتبليغه فهو نب بعن مب‬
‫ولكن ل يؤمر بالتبليغ‬
‫مثاله ‪ :‬آدم ‪ ،‬آدم أبونا نب مكلم لكنه ليس برسول ‪،‬‬
‫لن أول الرسل نوح ‪،‬‬
‫أما آدم فنب كما صح ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫إذا قال قائل ‪ :‬لاذا ل يرسل رسول ف ذلك الوقت ؟‬

‫‪51‬‬
‫الواب ‪ :‬أن الناس ف ذلك الوقت على أمة واحدة كانوا أمة واحدة قليلون وليس بينهم خلف‬
‫ما اتسعت الدنيا ول انتشر البشر فكانوا متفقي ‪،‬‬
‫فكفاهم أن يروا أباهم على عبادة ويتبعوها ث لا حصل اللف وانتشر الناس احتيج إل الرسل ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيي مبشرين ومنذرين } ‪،‬‬
‫إذا قال قائل ‪ :‬ما الفائدة من النب بعد آدم إذا كان ل يؤمر بالتبليغ ؟‬
‫قلنا ‪ :‬الفائدة تذكي الناس بالشريعة الت نسوها وف هذا ل يكون العراض من الناس تاما فل‬
‫يتاجون إل رسول ويكفي النب الذي يذكرهم بالشريعة ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬إنا أنزلنا التوراة فيها ‪ .....‬يكم با النبيون الذين أسلموا للذين هادوا } ‪،‬‬
‫هذه هي الفائدة من النب ‪،‬‬
‫لن هذا اليراد إيراد قوي ‪ :‬ما الفائدة من نبوة بل رسالة ؟‬
‫الواب ما سعتم ‪ :‬تذكي الناس با غفلوا عنه من شريعتهم ‪،‬‬
‫ولذا جاء ف حديث لكنه ضعيف ‪ ( :‬علماء أمت كأنبياء بن إسرائيل ) ‪،‬‬
‫معناه صحيح ‪،‬‬
‫ولكنه ضعيف من حيث أنه مسند إل النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫أول الرسل نوح وآخرهم ممد صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫واعلم أنك ستجد ف بعض كتب التاريخ أن إدريس قبل نوح وأن فيه آخرين شيث ونسيت‬
‫الثالث ‪،‬‬
‫كل هذا كذب ليس بصحيح إدريس بعد نوح قطعا ‪،‬‬
‫وقد قال بعض العلماء ‪ :‬إن إدريس من الرسل ف بن إسرائيل ‪،‬‬
‫لنه دائما يذكر ف سياق قصصهم ‪،‬‬
‫لكن نعلم علم اليقي أنه ليس قبل نوح ‪،‬‬
‫والدليل قوله تعال ‪ { :‬إنا أوحينا إليك كما أوحينا نوحٍ والنبيي من بعده } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ولقد أرسلنا إل نوحٍ وإبراهيم وجعلنا ف ذريتهما النبوة والكتاب } ‪،‬‬
‫فمن زعم أن إدريس قبل نوح فقد كذب القرآن عليه أن يتوب إل ال من هذا العتقاد ‪،‬‬
‫الرسل عليهم الصلة والسلم هم أعلى طبقات البشر الذين أنعم ال عليهم ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬ومن يطع الرسول فأولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيي والصديقي‬
‫والشهداء والصالي } هذه أربعة أصناف ‪،‬‬
‫النبيون يدخل فيهم الرسل وهم أفضل من النبياء ث الرسل ‪،‬‬

‫‪52‬‬
‫أفضلهم خسة هم أولوا العزم ‪،‬‬
‫ذكروا ف القرآن ف موضعي ف سورة الحزاب وف سورة الشورى ‪،‬‬
‫ف سورة الحزاب ‪ { :‬وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى‬
‫وعيسى } ‪،‬‬
‫وف سورة الشورى ‪ { :‬شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به‬
‫إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه } سبحان ال ‪،‬‬
‫هذه الوصية ف الخرين فهو توصية من ال عز وجل بإقامة الدين وعدم التفرق قي الدين ‪،‬‬
‫هؤلء خسة يسمون أول العزم أفضلهم ممد عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫كما قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬أنا سيد ولد آدم ) ‪،‬‬
‫ولا التقى بم ف السراء َأ ّم ُهمْ ف الصلة صلى بم إماما ‪،‬‬
‫إبراهيم إمام النفاء صلى وراء ممد صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ومعلوم أنه ل يقدم ف المامة إل من الشرف فالنب عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫هو أشرف أول العزم ‪،‬‬
‫الثان إبراهيم الليل عليه الصلة والسلم يلي مرتبة النب عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫الذي قال ال فيه ‪ { :‬واتذ ال إبراهيم خليل } ‪،‬‬
‫والذي ابتله ال ببلية ل يصب عليها إل أولوا العزم ‪ ،‬ما البلية ؟ أنه كب عليه الصلة والسلم‬
‫وأنه ابنه إساعيل على كب ‪،‬‬
‫ومعلوم أنه إذا أتى الفريد الوحيد على كب سيكون ف قلب أبيه ف غاية الحبة للبشر لا بلغ من‬
‫السعي فلم يكن طفلً ل يهتم به ول يكن كبيا أبقى بنفسه وبلغ السعي يعن يشي تعلق قلبه به‬
‫تاما فامتحنه ال به سبحان ال العظيم ‪،‬‬
‫رأى ف النام أنه يذبه ورؤيا النبياء وحي فقال له ‪ { :‬يا بن إن أرى ف النام أن أذبك فانظر ما‬
‫تنظر } هو ل يغيه ولكن أراد أن يتحنه فجاء البن ف غاية ما يكون من المتثال والنقياد ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬يا أبت افعل ما تؤمر } ول يقل يا أبت اذبن وإنا قال ‪ { :‬افعل ما تؤمر } حت ينبهه‬
‫على أنه إنا يفعل هذا امتثا ًل لمر ال عز وجل ‪،‬‬
‫{ ستجدن إن شاء ال من الصابرين } { إن شاء ال } ما جزم { ل تقولن لشيءٍ إن فاع ٌل ذلك‬
‫غدا إل أن يشاء ال } { ستجدن إن شاء ال من الصابرين } ‪،‬‬
‫اتفق الب والبن على ذلك { فلما أسلما } يعن استسلما لمر ال { وتله } أبوه { للجبي }‬
‫يعن على الرض { البي } البهة ‪ ،‬وإنا تله على البي دون أن يذبه مستلقيا لئل يرى وجه‬

‫‪53‬‬
‫ابنه والسكي تلوح على رقبته فيخفف هو عن نفسه ويفف أيضا على البن ‪ ،‬جاء الفرج من ال‬
‫فرّج ال عنه { وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نزي الحسني إن هذا لو‬
‫البلء البي } هذه الحبة لذا البن وهذا البتلء ‪،‬‬
‫وهذا المتثال التام يدل على أن مبة ال ف قلب إبراهيم أعظم من مبة الولد ‪،‬‬
‫فكان إبراهيم خليل ال عز وجل ‪،‬‬
‫أعطاه ال اللة واللة هي أعلى أنواع الحبة ‪،‬‬
‫الحبة أنواعها عشر وقيل سبع لكن أعلها اللة ‪،‬‬
‫وف هذا يقول الشاعر لعشوقته ‪:‬‬
‫وبذا سـمي الـخليل خليل‬ ‫قد تللت مسلك الروح من‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫أن مبته تللت مسلك الروح العروق والعظام والخ كل شيء ‪،‬‬
‫ولذا قال الشاعر الغبون ‪:‬‬
‫العشق أعظم ‪ -‬أو أبلغ ‪ -‬ما ف‬ ‫قالوا جُننت بن توى قلت لم‬
‫الجاني‬
‫وإنا يُصرع الجنون ف‬ ‫العشق ل يستفيق الدهر صاحبه‬
‫الي‬
‫فالهم أن اللة أعلى أنواع الحبة ‪،‬‬
‫ل } دليل على أن إبراهيم أعلى من ما يكون عند ال من‬
‫ففي قوله تعال ‪ { :‬اتذ ال إبراهيم خلي ً‬
‫الحبوب ففيه إثبات الحبة ‪،‬‬
‫قال الحرفون الذين يقولون أن ال ل يب ‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬قوله تعال ‪ { :‬واتذ ال إبراهيم خليل } ‪،‬‬
‫خليل مأخوذ من اللة بالكسر يعن الفتقار { واتذ ال إبراهيم خليل } أي فقيا إليه ‪،‬‬
‫تبا لكم على هذا التحريف ‪،‬‬
‫كل إنسان على زعمكم يكون خليلً ل لن كل إنسان مفتقر إل ال ‪،‬‬
‫ولكن نقول ‪ :‬الليل هو الذين بلغ غاية الحبة ‪،‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬إن ال اتذن خليلً كما اتذ إبراهيم خليلً ولو‬
‫كنت متخذا من أمت خليلً لتذت أبا بكر ) ‪،‬‬
‫هنا كلمة شائعة عند الناس ‪ :‬يقولون ‪ :‬إبراهيم خليل ال ممد حبيب ال موسى كليم ال ‪،‬‬
‫والذين قالوا ‪ :‬ممد حبيب ال ‪ ،‬قد هضموا حق الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫لن الحبة أقل من اللة ‪،‬‬
‫ل ل ‪ ،‬إل اثنان إبراهيم وممد عليهما‬
‫ولذلك ل يكن أن نقول ‪ :‬إن من البشر فيما نعلم خلي ً‬
‫الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ولكن الحبة كثي { إن ال يب الحسني } { يب الذين يقاتلون ف سبيله صفا } وما أشبه‬
‫ذلك ‪،‬‬
‫فكيف تعدل عن اللة إل الحبة ؟‬
‫ولذلك يقول بعضهم يا أخي نب نزور البيب ‪،‬‬
‫إن قصد البيب إليه ما ننكر عليه ‪،‬‬
‫وإن قصد البيب إل ال قلت ‪ :‬اصب يا أخي الليل أكمل من البيب ‪،‬‬
‫وأنا أحكي نزور البيب على حد قولم ‪،‬‬
‫وإل فالصواب أنه يزار قبه ل نفس الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ولذا يطئ لن يقول لن أراد أن يذهب إل الدينة ‪ :‬يا فلن من فضلك سلم ل على الرسول ‪،‬‬
‫ال الستعان ‪،‬‬
‫ما أدري عن هذا الرجل هل هذا السافر سينل ضيفا على الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫يا أخي إذا أردنا أن نسلم على الرسول فهناك من هم أمناء أقوياء وهم اللئكة تمل سلمنا إليه‬
‫اللهم صل وسلم عليه ‪،‬‬
‫وهم أوثق من هذا الرجل الذي أوصيته أن يسلم لك على الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫أطلنا ف هذه السألة لكن أرجو أن يكون ف هذه الطالة فائدة ‪،‬‬
‫وصلنا إل قوله ( واليوم الخر ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬اليان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ) ‪ :‬ذكرنا أن اليان بال‬
‫يتضمن أربعة أمور ‪:‬‬
‫الوجود خلفا للشيوعية واللحدين الذين ينكرون وجود ال عز وجل ‪،‬‬
‫وانفراده بالربوبية ‪،‬‬
‫وانفراده باللوهية ‪،‬‬
‫والساء والصفات ‪،‬‬
‫اليان باللئكة ‪ :‬يب اليان بأساء من علمنا أساؤهم ووظائفهم وأشكالم ‪،‬‬
‫وقد رأى النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم جبيل على صورته الت خلق عليها له ست مائة‬
‫جناح قد سد الفق ‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫رآه مرتي ‪:‬‬
‫مرة ف الرض ‪،‬‬
‫ومرة عند سدرة النتهى ‪،‬‬
‫وذكرنا ما شاء من هذا العن ‪،‬‬
‫والكتب كذلك ‪،‬‬
‫وذكرنا أن القرآن الكري مهيمن عليها ناسخ لا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ورسله ) ‪ :‬بينا الفرق بي النب والرسول ‪:‬‬
‫أن النب من أوحي إليه بشرع ول يؤمر بالتبليغ فيكون الوحي له كالتذكي للمة ‪،‬‬
‫وأما الرسول فهو الذي أمر أن يبلغ ‪،‬‬
‫وهذا القول قول المهور ‪،‬‬
‫وهو الذي ل يرجع عليه إشكال ‪،‬‬
‫لن من قال أن النب مدد لنبوة من قبله وما أشبه ذلك فيه نظر ‪،‬‬
‫لن آدم نب وليس قبله أحد ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬واليوم الخر ) ‪ :‬هذا مبتدأ درس الليلة ‪،‬‬
‫اليوم الخر هو يوم القيامة ‪،‬‬
‫وسي آخرا لنه آخر مراحل بن آدم وغيهم أيضا ‪،‬‬
‫فالنسان له أربعة دور ‪:‬‬
‫ف بطن أمه ‪،‬‬
‫وف الدنيا ‪،‬‬
‫وف البزخ ‪،‬‬
‫ويوم القيامة وهو آخرها ‪،‬‬
‫اليان باليوم الخر يتضمن ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬اليان بوقوعه وأنه واقع ل مالة ‪،‬‬
‫لن ال تعال أخب به ف كتابه وكذلك ف السنة ‪،‬‬
‫وكثيا ما يقرن ال بي اليان بال واليوم الخر ‪،‬‬
‫لن من ل يؤمن باليوم الخر ل يعمل إذ أنه يرى أنه ل حساب ‪،‬‬
‫يتضمن اليان بكل ما صح عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ما يكون ف ذلك اليوم وما‬
‫ذكر ف القرآن ‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫فمن باب أول من كون الناس يشرون يوم القيامة حفاة عراة غر ًل بما يعن ليس معهم مال ‪،‬‬
‫وهذا كقوله تعال ‪ { :‬كما بدأنا أول خلقٍ نعيده } ‪،‬‬
‫ثالثا ‪ :‬كذلك اليان با ذكر فيه من الوض والصراط والنة والنار وما فيهما من نعيم النة‬
‫وعذاب النار ‪،‬‬
‫قال شيخ السلم رحه ال ‪ :‬ويدخل ف اليان باليوم الخر اليان بكل ما يكون بعد الوت ‪،‬‬
‫كل ما يكون بعد الوت ‪،‬‬
‫مثل الفتنة ف القب ‪،‬‬
‫فإن الناس يفتنون ف قبورهم ويُسألون عن ثلثة أشياء ‪:‬‬
‫من ربك ‪،‬‬
‫وما دينك ‪،‬‬
‫ومن نبيك ‪،‬‬
‫وكذلك يؤمنون بنعيم القب وعذابه ‪،‬‬
‫لن ذلك ثابت بالقرآن والسنة وإجاع السلف ‪،‬‬
‫هذا اليان باليوم الخر ‪ ،‬اليوم الخر على وصفه هو الخر ‪،‬‬
‫وهنا أنبه على ما نسمعه ف بعض الذاعات أو نقرأه ف بعض الصحف ‪:‬‬
‫إذا مات النسان قالوا ‪ :‬انتقل إل مثواه الخي ‪،‬‬
‫هذا غلط ‪ ،‬غلط عظيم ‪،‬‬
‫ولول أنا نعلم مدار قائله لقلنا إنه ينكر البعث ‪،‬‬
‫لنه إذا كان القب مثواه الخي فهذا يتضمن إنكار البعث ‪،‬‬
‫فالسألة خطية ‪،‬‬
‫لكن بعض الناس إذا قال الناس قولً أخذ به وهو ل يتأمل معناه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتؤمن بالقدر خيه وشره ) ‪ :‬وهنا أعاد الفعل ( تؤمن ) لهية اليان بالقدر ‪،‬‬
‫الفعل ما هو ؟‬
‫( تؤمن ) ‪،‬‬
‫لن اليان بالقدر مهم جدا جدا وخطي جدا جدا ‪،‬‬
‫اليان بالقدر يتضمن أربعة أمور ‪:‬‬
‫ل‪،‬‬
‫الول ‪ :‬أن تؤمن بعلم ال الحيط بكل شيء جلةً وتفصي ً‬
‫أن ال عال ما يكون ف الستقبل إل ما ناية له جلةً وتفصيلً ‪،‬‬

‫‪57‬‬
‫با يفعله هو سبحانه وتعال وبا يفعله الخلوق ‪،‬‬
‫هذه واحدة ‪،‬‬
‫دليلها ‪ :‬عموم الدلة ‪:‬‬
‫{ وال بكل شيء عليم } ‪،‬‬
‫وخصوص العلم بالغيب ‪،‬‬
‫وقد قال موسى عليه الصلة والسلم { ف كتاب ل يضل رب ول ينسى } ‪،‬‬
‫أي ل يهل ول ينسى ما علم ‪،‬‬
‫وقد ذكر ال عز وجل العلم ف آيات كثية جلةً وتفصيلً ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ف الملة { وال بكل شي ٍء عليم } ‪،‬‬
‫وقال ال تعال { ال الذي خلق سبع ساوات ومن الرض مثلهن يتنل المر بينهن لتعلموا أن‬
‫ال على كل شيء قدير } أي أخبناكم بذا { ولتعلموا أن ال على كل علما }‬
‫هذا ممل ‪،‬‬
‫التفصيل ‪:‬‬
‫{ وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما ف الب وما ف البحر وما تسقط من ورقة إل‬
‫يعلمها } يعلم مت سقطت وأين سقطت وكيف سقطت ‪،‬‬
‫{ ول حبة ف ظلمات الرض ول رطبٍ ول يابس إل ف كتابٍ مبي } ‪ ،‬حبة ف ظلمات الرض‬
‫وصفي ف ظلمات الرض ‪،‬‬
‫إذا قدرنا أن حبة بر غاصة ف قاع البحر وفوقها وفوق الطي ماء وكان ذلك ليلً ظلمة الليل‬
‫وكان السماء مطرة والغيوم متبلدة فهذا ظلمة الطر ظلمة الغيوم وكان الو مغبا هذا أيضا‬
‫ظلمة يعلم ال عز وجل البة ف ظلمات الرض ‪،‬‬
‫{ ول رطب ول يابس إل ف كتاب مبي } ‪،‬‬
‫ل فيما يفعله العباد وفيما يفعله هو‬
‫يعن العلم أن تؤمن بأن ال ميط بكل شيء علما جلةً وتفصي ً‬
‫بنفسه ‪،‬‬
‫تؤمن بذا إيان حقيقي ‪،‬‬
‫واعلم أنك إذا آمنت بذا أوجب ذلك الوف من ال وخشية ال والرغبة فيما عند ال ‪،‬‬
‫لن كل حركة تقوم با فال يعلمها ‪،‬‬
‫الثان الرتبة الثانية ف القضاء والقدر ‪ :‬اليان بأن ال كنب ف اللوح الحفوظ مقادير كل شيء‬
‫إل يوم القيامة ‪،‬‬

‫‪58‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬وكل شيء أحصيناه ف إمامٍ مبي } أي ف كتاب ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ولقد كتبنا ف الزبور من بعد الذكر } وهو اللوح الحفوظ { أن الرض يرثها‬
‫عبادي الصالون } ‪،‬‬
‫واليات ف هذا متعددة ‪،‬‬
‫وأخب النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن ال لا خلق القلم قال له اكتب أمره وهو جاد ‪،‬‬
‫هل يصح توجيه المر للجماد ؟‬
‫يصح من ال ‪،‬‬
‫لنه هو الذي يُنْطِقُ الماد ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعي } ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬اكتب ) القلم امتثل ‪،‬‬
‫ولكن أشكل عليه ‪ :‬ماذا يكتب ؟‬
‫قال ‪ :‬رب وما اكتب ؟‬
‫فقال ال له ‪ :‬اكتب ما هو كائن إل يوم القيامة ‪،‬‬
‫فجرى ف تلك الساعة ف تلك اللحظة با هو كائن إل يوم القيامة ‪،‬‬
‫سبحان ال ‪،‬‬
‫من يصي الوادث والوقائع إل ال عز وجل ‪،‬‬
‫لكن اللوح الحفوظ مشتمل عليه ‪،‬‬
‫ول تستغرب يا أخي ‪،‬‬
‫تقول كيف هذا اللوح الحفوظ كتبت فيه الوادث ؟‬
‫لنك ل تعرف حجم هذا اللوح ول سعة هذا اللوح قد يكون مل السموات والرض ‪،‬‬
‫ث ظهر ف الونة الخية ما يسمى بالقراص أقراص الليزر يتسع القرص الصغي لكتب كثية‬
‫وهو من صنع الدمي ‪،‬‬
‫وأقول هذا تقريبا ل تشبيها ‪،‬‬
‫لن اللوح الحفوظ أعظم من أن تيط به ‪،‬‬
‫كتب ف اللوح الحفوظ مقادير كل شيء إل يوم القيامة ‪،‬‬
‫ولذا أجع السلمون على هذه الكلمة ( ما شاء ال كان وما ل يشأ ل يكن ) ‪،‬‬
‫أي شيء يدث فبمشيئة ال ‪،‬‬
‫وهذا عام لا يفعله ال بنفسه وما يفعله العباد كله بالشيئة ‪،‬‬

‫‪59‬‬
‫اتل قول ال تعال ‪ { :‬ولو شاء ال ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتم البينات ولكن‬
‫اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء ال ما اقتتلوا ولكن ال يفعل ما يريد } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ولو شاء ربك ما فعلوه } ‪ { ،‬ولو شاء ال ما فعلوه } ‪،‬‬
‫آيتان ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ومن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إل أن يشاء ال رب العالي } ‪،‬‬
‫فكل ما حدث ف الكون فهو بشيئة ال ‪،‬‬
‫فإذا آمن النسان بذا سلم من مشاكل كثية سلم من عمل الشيطان ‪،‬‬
‫إذا فعل وحصل خلف القصود قال ليتن ل أفعل ‪،‬‬
‫فهذا من عمل الشيطان ‪،‬‬
‫لن الذي فعلته هذا قد شاءه ال عز وجل ‪،‬‬
‫ل بد أن يكون لكن إن كان ذنبا فعليك بالتوبة ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬اللق ‪ :‬أن تؤمن بأن كل موجود سوى ال فهو ملوق ‪،‬‬
‫من خالقه ؟‬
‫ال عز وجل ‪,‬‬
‫كل شيء ملوق ل عز وجل ‪،‬‬
‫السماوات الرضون البحار النار الكواكب الشمس القمر ‪،‬‬
‫النسان ملوق ل حركات النسان ملوقة ل ‪،‬‬
‫لن ال خلقه بصفاته وأفعاله ‪،‬‬
‫أي بصفات النسان وأفعاله وإذا كان هو ملوق فصفاته وأفعاله ملوقة ول شك ‪،‬‬
‫فأفعال العباد ملوقة لرب العباد عز وجل ‪ ،‬خلق عز وجل كل ملوق سواه ‪،‬‬
‫وهل صفات ال ملوقة ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫لن صفاته كذاته ‪ ،‬كما أن صفات النسان كذاته ملوقة ‪،‬‬
‫أعود مرة ثانية فأقول ‪ :‬اليان بالقدر يتضمن أمور أربعة ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬العلم ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬الكتابة ‪،‬‬
‫والثالث ‪ :‬الشيئة ‪،‬‬
‫والرابع ‪ :‬اللق ‪،‬‬

‫‪60‬‬
‫وسنذكر ف الفوائد إن شاء ال ‪،‬‬
‫أن الناس انقسموا ف القدر إل ثلث أقسام ‪:‬‬
‫‪ – 1‬مُ ْفرِطْ ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومُ َفرّطْ ‪،‬‬
‫‪ – 3‬والثالث مقتصد مستقيم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتؤمن بالقدر خيه وشره ‪ ،‬قال ‪ :‬صدقت ) ‪ :‬القائل جبيل ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬أخبن عن الحسان ) ‪ :‬الحسان ‪ :‬مصدر ‪ :‬أحسن يسن ‪،‬‬
‫وهو ‪ ( :‬بذل الي للغي من مال أو جاه أو غي ذلك ) ‪،‬‬
‫هذا بالنسبة للحسان للمخلوق ‪،‬‬
‫أما بالنسبة للحسان ف حق الالق فأن تبن عبادتك على الخلص والتابعة لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪،‬‬
‫وكلما كنت أخلص وأتبع كلما كنت أحسن ‪،‬‬
‫فقال له النب صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ( :‬الحسان أن تعبد ال ) ‪ :‬هذه واحدة‬
‫تعبد ال ‪،‬‬
‫وعبادة ال ل تصل إل بأمرين كما سعتم ‪:‬‬
‫الخلص ‪،‬‬
‫والتابعة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كأنك تراه ) ‪ :‬والعابد ل كأنه يراه ل بد أن تكون عبادة مبنية على رغبة شديدة ‪،‬‬
‫لن من رأى مبوبه فسوف يسرع إل الوصول إليه ‪،‬‬
‫فعبادة النسان ربه كأنه يراه تتضمن الرغبة ف الوصول إليه سبحانه وتعال ‪،‬‬
‫وهذا يستلزم الد والجتهاد ف العبادة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإن ل تكن تراه ) ‪ :‬فهنا الرتبة الثانية أقل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإنه يراك ) ‪ :‬فاعبده على وجه الوف ل تالفه ‪،‬‬
‫لنك إن خالفته فإنه يراك ‪،‬‬
‫فصار الحسان مرتبتان ‪:‬‬
‫مرتبة الطلب ‪،‬‬
‫ومرتبة الرب ‪،‬‬
‫مرتبة الطلب أن تعبد ال كأنك تراه ‪،‬‬

‫‪61‬‬
‫ومرتبة الرب أن تعبد ال وهو يراك عز وجل ‪،‬‬
‫وبذا نعرف أن الملتان متباينتان ‪:‬‬
‫( فإن ل تكن تراه فإنه يراك ) ‪،‬‬
‫( أن تعبد ال كأنك تراه ) ‪،‬‬
‫وهذا يقتضي شدة الطلب وشدة الطاعة لتصل إل مبوبك ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك ) ‪ :‬فاحذره ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬ويذركم ال نفسه } ‪،‬‬
‫أيهم أكمل ؟‬
‫الول ‪،‬‬
‫ولذا جعل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم الثان ف الرتبة الثانية متأخر بعد الديث‬
‫قال ‪ ( :‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬قال ‪ :‬فأخبن عن الساعة ؟ ) ‪ :‬ول يذكر ‪ ( :‬قال ‪ :‬صدقت ) ‪ ،‬اكتفى بالول ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬فأخبن عن الساعة ) ‪ :‬ما هي الساعة ؟‬
‫الساعة هي قيام الناس من قبورهم ل رب العالي يعن البعث ‪،‬‬
‫وسـميت الساعة لنا داهية عظيمة ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬قال أخبن عن الساعة قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ :‬ما السؤول عنها ) ‪:‬‬
‫يعن نفسه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بأعلم من السائل ) ‪ :‬يعن جبيل والعن إذا كنت تهلها فأنا أجهلها ول أستطيع أن‬
‫أخبك با أن علم الساعة ما اختص ال به ‪،‬‬
‫قال ال تبارك وتعال ‪ { :‬يسألونك عن الساعة قل إنا علمها عند ال وما يدريك لعل الساعة‬
‫تكون قريبة } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ف سورة العراف ‪ { :‬يسألون عن الساعة كأنك عنها قل إنا علمها عند ال }‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬قل إنا علمها عند رب ل يليها لوقتها إل هو ف السماوات والرض ل‬
‫تأتيكم إل بغتة } ‪،‬‬
‫ولذا يب علينا أن نكذب كل من حدد عمر الدنيا ف الستقبل ‪،‬‬
‫ومن صدق فهو كذب ‪،‬‬
‫وما نسمع عن بعض أهل الشعوذة أن عمر الدنيا كذا وكذا قياسا على ما مضى منها ‪،‬‬

‫‪62‬‬
‫فإنه يب علينا أن نقول بألستنا وقلوبنا كذبتم ومن صدق فهو كافر ‪،‬‬
‫لن أعلم الرسل البشرية بال وأعلم الرسل اللكية ل يعلمان مت تكون ‪،‬‬
‫فمن دونما من باب أول بدون شك ‪،‬‬
‫لا قال ‪ ( :‬ما السؤول عنها بأعلم من السائل ) قال ‪ ( :‬فأخبن عن أماراتا ) ‪ :‬أي عن علمات‬
‫قربا‬
‫لن المارة بعن العلمة ‪،‬‬
‫والراد ( أماراتا ) ‪ :‬أي أمارات قربا وهو ما يعرف بالشراط ‪.‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬فهل ينظرون أن تأتيهم الساعة إل بغتة فقد جاء أشراطها } ‪،‬‬
‫أشراط الساعة كثية بعضها قريب من الساعة وبعضها بعيد ‪ ،‬وبعضها صغي وبعضها كبي ‪،‬‬
‫من علمات الساعة ‪ :‬بعثة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫لنه بعث لميع من بعده ول يأت بعده رسول ‪،‬‬
‫وهذا يدل على أن الساعة قريب ‪،‬‬
‫ومنها ما سيذكر ف الديث ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أن تلد المة ربتها ) وف لفظ ‪ ( :‬ربا ) ‪ :‬المة يعن الرقيقة الملوكة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ربا ) ‪ :‬أي سيدها ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أو ربتها ) ‪ :‬أي سيدتا ‪،‬‬
‫وكل اللفظي مفوظ ‪،‬‬
‫ولكن ما معن ‪ ( :‬أن تلد المة ربا ) ؟ هل الراد العي أو النس ؟‬
‫اختلف ف هذا العلماء ‪:‬‬
‫منهم من قال ‪ :‬الراد ( أن تلد المة ربا ) ‪ ،‬يعن أن تلد المة من يكون سيدا لغيها ل لا ‪،‬‬
‫فيكون الراد بالمة النس ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬العن ‪ :‬أن تلد المة سيدها أو سيدتا بيث يكون اللك قد أولد أمته ‪،‬‬
‫وما معن أولدها ؟‬
‫أي أنب منها فيكون هذا الولد الذي أنبته يكون سيدا لا ‪،‬‬
‫إما لن أباه سيدها ‪،‬‬
‫وإما لنه سوف يلف أباه فيكون سيدا لا ‪،‬‬
‫ولكن العن الول أقوى أن الماء يلدن اللوك ‪،‬‬
‫وهو كناية عن تغي الال بسرعة ‪،‬‬

‫‪63‬‬
‫ويدل لذا ما ذكره بعد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وأن ترى الفاة العراة العالة يتطاولون ف البنيان ) ‪ ( :‬الفاة ) ‪ :‬يعن ليس لم نعال ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬العراة ) ‪ :‬ليس لم ثياب تكسوهم وتكفيهم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬العالة ) ‪ :‬ليس عندهم ما يأكلون من النفقة أو السكن أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫عالة فقراء يتطاولون ف البنيان أي يكونون أغنياء حت يتطاولون ف البنيان أيهما أطول ‪،‬‬
‫وهل الراد بالتطاول ارتفاعا أو جا ًل أو ها ؟‬
‫كلها ‪،‬‬
‫يتطاولون ف البنيان أيهم أعلى ‪،‬‬
‫يتطاولون ف البنيان أيهم أحسن ‪،‬‬
‫وهم ف الول فقراء ل يدون شيء ‪،‬‬
‫لكن تتغي الال بسرعة ما يدل على قرب الساعة ‪،‬‬
‫وهذا هل وجد الن أو ل يوجد ؟‬
‫ل ندري هذا الوجود هو من أشراط الساعة أو بعد يوجد ما هو أعظم من هذا ‪ ،‬فال أعلم ‪،‬‬
‫ولكن إذا كل ناس وكل جيل يدث فيه مثل ذلك ‪،‬‬
‫فهذا من أشراط الساعة فال أعلم ‪،‬‬
‫لكن هذه علمة واضحة ‪،‬‬
‫يقول ف الديث ‪ ( :‬ث انطلق فلبثت مليا ) ‪ :‬يعن بقيت مليا مدة طويلة ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬واهجرن مليا } أي مدة طويلة قيل ثلثة وقيل أكثر وقيل أقل ولكن العروف‬
‫أن اللي يعن الزمن الطويل ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬يا عمر ) يقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أتدري من السائل ؟ فقال عمر ‪ :‬ال ورسوله أعلم ) ‪ :‬يعن كأنه وجده فيما بعد وسأله‬
‫قوله ‪ ( :‬من السائل ؟ ) ‪ :‬أي أتعلم من هو ؟‬
‫قوله ‪ ( :‬فقال عمر ‪ :‬ال ورسوله أعلم ) ‪ :‬وهذا يعن أنه ل علم عند عمر بذا ‪،‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ) ‪ :‬الشارة‬
‫هنا إل شيء مسوس ‪،‬‬
‫مرئي أو إل شيء معلوم بالذهن ؟‬
‫نعم إل شيء معلوم بالذهن ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ) ‪ :‬لكنه جاء بذه الصيغة صيغة السؤال ‪،‬‬

‫‪64‬‬
‫لنه أمكت للنفس وأقوى ف التأثي ‪،‬‬
‫هذا الديث فيه فوائد كثية ‪،‬‬
‫يعن لو أراد النسان أن يستنبط ما فيه من الفوائد منطوقا ومفهوما وإشار ًة لكتب ملدا ‪،‬‬
‫لكن نشي إشار ًة قليلة إل ما يضرنا إن شاء ال تعال ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬من أراد يعبد ال بقام الحسان هل يتدرج لذلك بيث يعبد ال أو ًل بقام السلم ث‬
‫بقام اليان حيث يد اليان متقى ف قلبه ث إل النسان ث على الحسان وهل ياول ف البداية‬
‫أن يعبد ال ف هذا القام ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا سؤال وجيه يعن يقول الديث مرتب السلم ث اليان ث الحسان ‪،‬‬
‫‪،‬‬
‫فهل معن هذا أن النسان يبدأ بالسلم ث اليان ث الحسان ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم بدأ بالسلم ‪،‬‬
‫لنه أعمال الوارح الظاهرة ‪،‬‬
‫ث ثن باليان مع أن السلم مبن على السلم ‪،‬‬
‫لنه أعمال بأمور علمية ل عملية ث الحسان ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫سؤال ‪ :‬قول من قال ‪ :‬أن نوح عليه السلم بعد حدوث الشرك ‪ ،‬هل هو جيء به ليوفق بي‬
‫القول أن النب يدد الشريعة من قبله قد يقول قائل ما الفائدة ؟‬
‫ل ما له حاجة ‪،‬‬
‫الواب ‪ :‬أص ً‬
‫لنه آدم عليه السلم لا كان يصلي ويعبد ال وكان ابناه ومن حوله أقله ول يكثروا فيختلفوا‬
‫وتفتنهم الدنيا صاروا يتأسون به ‪،‬‬
‫لكن إذا قالوا نوح أول رسول بعد حدوث الشرك ما يصح ل يقال أول رسول مطلقا ‪،‬‬
‫لكن الرسل ل يرسلوا إل حي اختلف الناس ‪،‬‬
‫{ كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيي مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالق ليحكم‬
‫بي الناس } ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬يقال إن النب نب ول يرسل ‪ ،‬أل يشكل عليه حديث ‪ ( :‬والنب يبعث إل قومه خاصة‬
‫وبعثه إل المة عامة ) ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا يبي أن الرسول عليه الصلة والسلم أنه رسول كما أن القرآن ملوء بذكر الرسل‬
‫بلفظ النبياء ‪،‬‬

‫‪65‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل يوز ضرب المثال بالشياء الحسوسة لتقريب الفهام ف مسائل الاهلية مثال‬
‫بعض الخوان الوعاظ مثل يوم القيامة يساوي خسي ألف سنة من أيام الدنيا يقربون عمر‬
‫النسان إذا كان عمر النسان إذا كان ستي سنة أو كذا وهو يعيش كذا دقيقة بالنسبة ليوم‬
‫الخرة قياس على هذا ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل يوز ‪ ،‬هذا ل يوز ‪،‬‬
‫مثلما رأينا بعض الناس يصور النار على ورقة ‪،‬‬
‫فهذا ل يل ‪،‬‬
‫لنه يكي كيفية ل يعلمها ‪،‬‬
‫وهذا أيضا ما يقلل هيبة يوم القيامة ف نفوس الناس ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬ذكرنا حديث الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أنا سيد ولد آدم ول فخر ) بعضهم‬
‫يقولون ‪ :‬أن بعض من يدّعون التوحيد يقولون ‪ ( :‬ول فخر ) ليس الراد ل رياء ول سعة لن‬
‫النب عليه الصلة والسلم برئ من هذا ‪ ،‬يقولون ‪ :‬قوله ( ول فخر ) يعن ول فخر يوازي هذا‬
‫الفخر ‪،‬‬
‫الواب ‪ :‬هذا خلف ظاهر الواقع لكن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ول فخر ) ليبي‬
‫كمال صفاته وليس ما نفي عن النسان معناه أنه يكن أن يتصف به ‪،‬‬
‫أليس ال تعال قال ‪ { :‬لئن أشركت ليحبطن عملك }‬
‫وهل يشرك ؟‬
‫ل‪،‬‬

‫‪66‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫فوائد الديث‬
‫من فوائد هذا الديث ‪:‬‬
‫‪ – 1‬بيان حسن خلق النب عليه الصلة والسلم وأنه يلس إل أصحابه ويلسون إليه ‪ ،‬وليس‬
‫ينفرد ويرى نفسه فوقهم ‪،‬‬
‫بل إن الارية تأخذ بيده عليه الصلة والسلم ‪ ،‬حت ترسله إل بيتها ‪ ،‬حت يلب لا الشاة ‪ ،‬من‬
‫تواضعه عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫‪ – 2‬جواز جلوس الصحاب إل سيدهم وشيخهم ومن يفوقهم ‪،‬‬
‫لكن هذا مشروط با إذا ل يضيع عليه الوقات ‪،‬‬
‫فإذا ضيع عليه الوقات فل ‪،‬‬
‫ل فيجلس إليه ويتحدث إليه وتد أن الرجل الذي يفظ‬
‫لن بعض الناس يلس إل الشخص مث ً‬
‫الوقات يتململ هكذا ويقول وال الليل قصر ويوري ولكن الخر من شدة مبته له والتحدث‬
‫إليه يبقى ‪،‬‬
‫‪ – 3‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن اللئكة عليهم السلم يكن أن يتشكلوا إل أشكال غي‬
‫أشكالم ‪،‬‬
‫لن جبيل أتى بصورة الرجل الذكور ف الديث ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬وهل هذا إليهم أو إل ال عز وجل ؟‬
‫فالواب هذا إل ال ‪،‬‬
‫بعن أنه ل يستطيع اللك أن يَتَـزَيَـىّ بزيّ غي ما خلقه ال عليه إل بإذن ال عز وجل ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومنها ‪ :‬الدب مع العلم كما فعل جبيل جلس أمامه جلسة التأدب ليأخذ منه ‪،‬‬
‫‪ – 5‬ومنها ‪ :‬جواز التورية ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬يا ممد ) ‪،‬‬
‫وهذه العبارة عبارة العراب فيوري با كأنه أعراب وإل فأهل الدن التخلقون بالخلق الفاضلة‬
‫ل ينادون الرسول عليه الصلة والسلم بثل هذا ‪،‬‬
‫‪ – 6‬ومنها ‪ :‬فضيلة السلم وأنه ينبغي أن يكون أول ما يسأل عنه ‪،‬‬
‫ولذا كان النب عليه الصلة والسلم إذا أرسل الرسل للدعوة إل ال أمرهم أن يبدءوا قبل كل‬
‫شيء ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪،‬‬
‫‪ – 7‬ومنها ‪ :‬أن أركان السلم هي هذه المسة ‪،‬‬

‫‪67‬‬
‫ويؤيده حديث عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬بن‬
‫السلم على خس ‪ ( :‬وذكرها ) ‪،‬‬
‫‪ – 8‬ومنها ‪ :‬فضل الصلة وأنا مقدمة على غيها بعد الشهادتي ‪،‬‬
‫‪ – 9‬ومنها ‪ :‬الث على إقامة الصلة ‪،‬‬
‫أي على فعلها قوية مستقيمة ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ومنها ‪ :‬أن إيتاء الزكاة من السلم ‪ ،‬وكذلك البقية ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬إذا ترك النسان واحدا من هذه الركان المسة أيكفر أم ل ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أنه إذا ل يشهد أنه ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال فهو كافر بالجاع ‪،‬‬
‫ول خلف ف هذا ‪،‬‬
‫وأما إذا ترك الصلة والزكاة والصيام والج أو واحدا منها ففي ذلك خلف ‪:‬‬
‫فعن المام أحد رحه ال رواية ‪ :‬أن من ترك واحدا منها فهو كافر ‪،‬‬
‫يعن من ل يصل فهو كافر من ل يزك فهو كافر من ل يصم فهو كافر من ل يج فهو كافر ‪،‬‬
‫لكن هذه الرواية من حيث الدليل ضعيفة ‪،‬‬
‫والصواب ‪ :‬أن هذه الربعة ل يكفر تاركها إل الصلة ‪،‬‬
‫لقول عبد ال بن شقيق رحه ال ‪ :‬كان أصحاب النب عليه الصلة والسلم ل يرون شيئا من‬
‫العمال تركه كفر إل الصلة ‪،‬‬
‫ولذلك أدلة معروفة ‪،‬‬
‫لو أنكر وجوبا وهو يفعلها فإنه يكفر ‪،‬‬
‫لن وجوبا أمر معلوم بالضرورة من دين السلم ‪،‬‬
‫هل يقضيها أو ل ؟‬
‫نقول ‪ :‬الوقت ل يقضيها ‪،‬‬
‫فلو ترك الصلة حت خرج وقتها ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬ل تقضي ‪،‬‬
‫لنه لو قضاها لن تنفعه ‪،‬‬
‫لقول ال تعال ‪ { :‬ومن يتعد حدود ال فأولئك هم الظالون } ‪،‬‬
‫والظال ل يكن أن يُقبل منه ‪،‬‬
‫فمن أخر الصلة لي خروجها من وقتها بدون عذر فهو ظال ‪،‬‬
‫ولقول النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ‪،‬‬

‫‪68‬‬
‫وكذلك يقال ف الصوم ‪ :‬لو ترك النسان صوم يوم عمدا بدون عذر ث ندم بعد أن دخل شوال‬
‫وأراد أن يقضيها ‪،‬‬
‫فإننا نقول ‪ :‬ل تقضيها ‪،‬‬
‫لنك لو قضيته ل ينفعك ‪،‬‬
‫لكونك تعديت حدود ال ‪،‬‬
‫ولقول النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ‪،‬‬
‫ماذا يصنع من ترك الصلة بل عذر حت خرج الوقت ؟‬
‫أو ترك الصوم بل عذر حت خرج الوقت ؟‬
‫ماذا يصنع ؟‬
‫إذا قلنا ‪ :‬ل يقضي ‪ ،‬نقول ‪ :‬أكثر من الطاعات وتب إل ال توبة حقيقية ويكفي ‪،‬‬
‫الزكاة موقتة وغي موقتة ؟‬
‫منها غي مؤقتة ‪،‬‬
‫ولكن ف شيء من التوقيت ‪،‬‬
‫إذا تركها النسان ث تاب أراد أن يزكي ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬ز ّك ‪،‬‬
‫لنا ليس لا وقت مدد يقال فيه ‪ :‬ل تزكي إل ف الشهر الفلن ‪،‬‬
‫طيب إذا مات وهو ل يزك تاونا فهل ترج الزكاة من ماله أو ل ترج ؟‬
‫ترج ولكن ل تزئه عن الزكاة يعذب عليها ‪،‬‬
‫وإنا قلنا ترج لق أصحاب الزكاة يعن لق أهل الزكاة ‪،‬‬
‫لكن ذمته ل تبأ ‪،‬‬
‫لن الرجل مات على عدم الزكاة ‪،‬‬
‫الج كذلك لو تركه النسان القادر الستطيع تفريطا حت مات فإنه ل يُحج عنه لن الرجل‬
‫تركه ل يريد أن يج فكيف نج عنه وهو ل يريد ‪،‬‬
‫هل يب على ورثته أنه يرجوا الج عنه من تركته ؟‬
‫ل لنه ل ينفعه ول يتعلق به حق الغي كالزكاة ‪،‬‬
‫قال ابن القيم ف تذيب السنن ‪ :‬هذا هو الذي ندين ال به ‪ ،‬أو كلمة نوها ‪ ،‬وهو الذي تدل‬
‫عليه الدلة ‪،‬‬
‫فيجب على النسان أن يتقي ال عز وجل ‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫لنه إذا مات لو ُحجّ عنه ألف مرة لن تقبل فإنه لن تبأ ذمته ‪،‬‬
‫‪ – 11‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬النتقال من الدن إل العلى ‪،‬‬
‫السلم بالنسبة لليان أدن ‪،‬‬
‫لن كل إنسان يكن أن يسلم ظاهرا { قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } ‪،‬‬
‫لكن اليان – اللهم حقق إياننا – ليس بالعمل الي مله القلب والتصاف به صعب ‪،‬‬
‫‪ – 12‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن السلم غي اليان ‪،‬‬
‫لن جبيل قال ‪ ( :‬ما السلم ؟ ) وقال ‪ ( :‬ما اليان ؟ ) ‪،‬‬
‫وهذا يدل على التغاير ‪،‬‬
‫وهذه السألة نقول فيها ما قال السلف ‪:‬‬
‫إن ذكر اليان وحده دخل فيه السلم وإن ذكر السلم وحده دخل فيه اليان ‪،‬‬
‫فقوله تعال ‪ { :‬ورضيت لكم السلم دينا } يشمل اليان ‪،‬‬
‫وقوله تعال ‪ { :‬وقل أسلمت وجهي ل ومن اتبعن } يشمل كذلك اليان ‪،‬‬
‫اليان إذا ذكر وحده دخل فيه السلم ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬وبشر الؤمني } ‪،‬‬
‫بعد أن ذكر { تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم } ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬وبشر الؤمني } ‪،‬‬
‫إذن إذا ذكر السلم وحده دخل فيه اليان أو اليان وحده دخل فيه السلم ‪،‬‬
‫أما إذا ذكرا جيعا فيفترقان إذا ذكرا جيعا ‪،‬‬
‫صار السلم علنية واليان سراّ ‪،‬‬
‫مثال الديث الذي معنا على التفريق ‪،‬‬
‫فصار السلم علنية واليان ‪،‬‬
‫وكذلك قوله تعال ‪ { :‬قالت العراب آمنا ‪ ......‬ولا يدخل اليان ف قلوبكم } ‪،‬‬
‫فهذا يدل على التفريق ‪،‬‬
‫قوله تعال ‪ { :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف‬
‫قلوبكم } فإن قيل يرد على هذا إشكال وهو قول ال تبارك وتعال ف قوم لوط ‪ { :‬فأخرجنا من‬
‫كان فيها من الؤمني ‪ ،‬فما وجدنا فيها غي بيت من السلمي } فعب بالسلم عن اليان ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن هذا الفهم خطأ ‪،‬‬
‫وأن قوله ‪ { :‬فأخرجنا من كان فيها من الؤمني } يص الؤمني ‪،‬‬

‫‪70‬‬
‫{ فما وجدنا فيها غي بيت من السلمي } يعم كل من كان ف بيت لوط ‪،‬‬
‫وف بيت لوط من ليس بؤمن ‪،‬‬
‫وهي امرأته الت خانته وأظهرت أنا معه وهي ليست كذلك ‪،‬‬
‫البيت بيت مسلمي ‪،‬‬
‫لن الرأة ل تظهر العدوان والفرقة هم ف بيت واحد ‪،‬‬
‫لكن لا نوا ‪ ،‬من الناجي ؟ الؤمنون خاصة ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ { :‬فأخرجنا من كان فيها من الؤمني } وهم ما عدا هذه الرأة ‪،‬‬
‫أما البيت فهو بيت مسلم ‪،‬‬
‫ويؤخذ من هذه الية فائدة ‪:‬‬
‫وهي أن البلد إذا كان السيطر عليه هم السلمي فهو بلد إسلمي وإن كان فيه نصارى أو يهود‬
‫أو مشركون أو شيوعيون ‪،‬‬
‫لن ال جعل بيت لوط بيت إسلم ‪،‬‬
‫مع أن امرأته كافرة ‪،‬‬
‫هذا هو التفصيل ف مسألة اليان والسلم ‪:‬‬
‫والاصل ‪ :‬أنه إذا ذكر السلم وحده دخل فيه اليان ‪،‬‬
‫وإذا ذكر اليان وحده دخل فيه السلم ‪،‬‬
‫إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا ‪،‬‬
‫ولذا نظائر ‪:‬‬
‫كالفقي والسكي ‪،‬‬
‫وكالب والتقوى ‪،‬‬
‫هذه ألفاظ إذا اجتمعت افترقت وإذا افترقت اجتمعت ‪،‬‬
‫‪ – 13‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن أركان اليان ستة ‪،‬‬
‫وهذه الركان تورث قوة الطلب ف الطاعة والوف من ال عز وجل ‪،‬‬
‫‪ – 14‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬اليان بال عز وجل واليان باللئكة ‪،‬‬
‫من أنكر وجود ال فهو كافر هذه الصول الستة أقولا على العموم من أنكر واحدا منها فهو‬
‫كافر ‪،‬‬
‫يعن من قال ‪ :‬ل رب ل ملئكة ل كتب ل رسل ل يوم آخر ل قدر ‪ ،‬فهو كافر ‪،‬‬
‫لنه مكذب لا أخب به رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ – 15‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬إثبات اللئكة ‪،‬‬
‫وأنه يب اليان بم ‪،‬‬
‫وهنا نسأل ‪ :‬هل اللئكة أجسام أم عقول أم قوى ؟‬
‫ل أول أجنحة } ‪،‬‬
‫اللئكة بل شك كما قال تعال ‪ { :‬جاعل اللئكة رس ً‬
‫وقال النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬أطت السماء – يعن صار لا أطيط أي صرير من ثقل من‬
‫عليها – وحق لا أن تئط ما من موضع أربع أصابع إل فيه ملك قائم ل أو راكع أو ساجد ) ‪،‬‬
‫ويدل لذا حديث جبيل أنه له ست مائة جناح قد سد الفق ‪،‬‬
‫والمثلة على هذا كثية قصوى ‪،‬‬
‫والدلة على هذا كثية ‪،‬‬
‫وأما من قال ‪ :‬إنم أرواح ل أجسام لم ‪،‬‬
‫فقوله منكر وضلل ‪،‬‬
‫وأنكر منه من قال ‪ :‬إن اللئكة ‪ :‬كناية عن قوى الي الت ف نفس النسان ‪ ،‬والشياطي ‪:‬كناية‬
‫عن قوى الشر ‪،‬‬
‫فهذا من أبطل القوال ‪،‬‬
‫‪ – 16‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه ل بد من اليان بميع الرسل ‪،‬‬
‫فلو آمن أحد برسوله وأنكر ما سواه فإنه ل يؤمن برسوله بل هو كافر ‪،‬‬
‫واقرأ قوله تعال ‪ { :‬كذبت قوم نوح الرسلي } ‪،‬‬
‫مع أنم إنا كذبوا نوحا ول يكن قبله رسول ‪،‬‬
‫لكن تكذيب واحد من الرسل تكذيب للجميع ‪،‬‬
‫تكذيب واحد من الكتب أنه نزل من عند ال تكذيب للجميع ‪،‬‬
‫‪ – 17‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬إثبات اليوم الخر ‪،‬‬
‫الذي هو مآل اللق والنهاية أن النسان إما يكون ف جنة – جعلن ال وإياكم فيها ومن أهلها –‬
‫أو إل نار ‪،‬‬
‫وقد أنكر البعث قوم من الشركي أو كل الشركي ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬وضرب لنا مثلً ونسي خلقه قال ‪ :‬من ييي العظام وهي رميم } ‪ ،‬رميم يتفتت من‬
‫يييها ‪،‬‬
‫أجاب ال عز وجل ‪،‬‬
‫فأمر نبيه أنه يقول ‪ { :‬قل الذي يييها الذي أنشأها أول مرة } ‪،‬‬

‫‪72‬‬
‫هذا الدليل ‪ { ،‬يييها الذي أنشأها أول مرة } ‪،‬‬
‫وجه كونه دليل ‪ :‬أن القادر على الياد قادر على العادة ‪،‬‬
‫هذا دليل واضح ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬وهو الذي يبدئ اللق وهو يعيده وهو أهون عليه } ‪،‬‬
‫فإذا كان ابتداء اللق هينا وأنتم أيها الشركون تقرون به فإعادته أهون والكل هي على ال عز‬
‫وجل ‪،‬‬
‫{ يييها الذي أنشأها أول مرة } ‪،‬‬
‫الدليل الثان ‪ { :‬وهو بكل خلق عليم } ‪،‬‬
‫يعلم كيف يلق عز وجل ويقدر على خلقه ‪،‬‬
‫فكيف تقولون إنه متنع ؟‬
‫{ الذي جعل لكم من الشجر الخضر نارا } ‪،‬‬
‫{ جعل لكم } أيها الشركون ‪،‬‬
‫ما معن هذا ؟‬
‫يعن ويقدرهم لكن الحاجة مع هؤلء الشركي ‪،‬‬
‫{ الذي جعل لكم من الشجر الخضر نارا } ‪،‬‬
‫ما معن هذا ؟‬
‫معن هذا أن ف بلد الجاز شجرا يقال له ‪ :‬ا َلرْخ والعِفار يضربونه بالزند ‪ ،‬ث يشتعل نارا مع‬
‫أنه أخضر َورَطْب وبارد أبعد ما يكون عن النار تُخلق منه النار ‪،‬‬
‫فالقادر على أن يلق من الشيء ضده قادر على أن يعيد الشيء نفسه ‪،‬‬
‫وقوله ‪ { :‬فإذا أنتم منه توقدون } ‪،‬‬
‫هذا إلزام لم ‪،‬‬
‫يعن أمر ليس غريبا عليكم بل أنتم تستعملونه ‪،‬‬
‫دليل آخر أيضا ‪:‬‬
‫{ َأوَ ليس الذي خلق السماوات والرض بقادر على أن يلق مثلهم } ‪،‬‬
‫وأي شيء الواب ؟‬
‫{ بلى } أجاب ال نفسه ‪،‬‬
‫لن خلق السماوات والرض أكب من خلق الناس ‪،‬‬
‫{ وهو اللق العليم } يعن ذو اللق التام مع القدرة التامة ‪،‬‬

‫‪73‬‬
‫{ إنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } ‪،‬‬
‫ومن كان أمره إذا أراد شيئا أن يقول له ‪ :‬كن ‪،‬‬
‫هل يعجزه شيء ؟‬
‫ل وال ‪ ،‬ل يعجزه شيء ‪،‬‬
‫{ كن فيكون } إن أمر موجود أو عدم معدوم أو معدوما أن يوجد وجد مهما كان ‪،‬‬
‫أرأيتم لا وقف موسى على البحر العميق أمره ال أن يضرب البحر فضربه مرة واحدة فانفلق ‪،‬‬
‫وصار كم طريقا ؟‬
‫صار اثن عشر طريقا ييسر ف الال ‪،‬‬
‫من يقدر على هذا الاء ؟‬
‫ل يقدر إل ال عز وجل لنه { إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } ‪،‬‬
‫وهنا أود أن أنبه على كلمة دارجة بي العوام ‪:‬‬
‫( يا من أمره بي الكاف والنون ) ‪،‬‬
‫وهذا غلط عظيم ‪،‬‬
‫الصواب ‪ ( :‬يا من أمره – مأموره – بعد الكاف والنون ) ‪،‬‬
‫لن ما بي الكاف والنون ليس أمرا ‪،‬‬
‫المر ل يتم إل إذا جاءت الكاف والنون ‪،‬‬
‫لن الكاف الضمومة ليس أمرا ‪،‬‬
‫والنون كذلك ‪،‬‬
‫لكن باجتماعهما تكون أمرا ‪،‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أن تقول ‪ ( :‬يا من أمره – مأموره – بعد الكاف والنون ) ‪،‬‬
‫{ إنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه‬
‫ترجعون } ‪،‬‬
‫الهم أنه يب علينا أن نؤمن باليوم الخر ‪،‬‬
‫وإن كانت العقول الضعيفة تستبعده ‪،‬‬
‫لن ال تعال إذا أمر حصل هذا فورا ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬إن كانت إل صيحة واحدة فإذا هم جيع لدينا مضرون } ‪،‬‬
‫صيحة واحدة يأت اللق كلهم ‪،‬‬
‫ومن اليان ‪ :‬اليان باليوم الخر ‪،‬‬

‫‪74‬‬
‫وسي آخر لنه ل يوم بعده ‪،‬‬
‫هو الخي آخر الراحل ‪،‬‬
‫وغلط ما يقول إذا دفن اليت ‪ ( :‬انتقل إل مثواه الخي ) ‪،‬‬
‫لن هذا إذا اعتقد القائل مدلول هذه الكلمة لكان منكرا للبعث ‪،‬‬
‫لكنهم ل يرجون هذا ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬يب الذر من كل ما يوهم معن فاسد ‪،‬‬
‫أما تفاصيل ذلك موجود ف كتب العقائد ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتؤمن بالقدر خيه وشره ) ‪ :‬هذا معترك عظيم اليان بالقدر معترك من زمن الصحابة‬
‫إل يومنا هذا ‪،‬‬
‫وسبق لنا أن مراتب القدر أربع ‪:‬‬
‫أولا ‪ :‬العلم ‪،‬‬
‫الثان ‪ :‬الكتابة ‪،‬‬
‫الثالث ‪ :‬الشيئة ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬القدر ‪،‬‬
‫فلنتكلم عن كل واحد منها تفصيلً وذلك لهيتها ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬أن تؤمن بأن ال بكل شيء عليم ‪،‬‬
‫وقال ‪ { :‬أل يعلم من خلق وهو اللطيف البي } ؟‬
‫الواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫وأما التفصيل فذكر آية النعام { وعنده مفاتح الغيب } ‪،‬‬
‫وقد ذكرنا لكم { ل يعلمها إل هو ويعلم ما ف الب والبحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول‬
‫حبة ف ظلمات الرض ول رطب ول يابس إل ف كتاب مبي } ‪،‬‬
‫علم ال عز وجل كامل ابتداءً وانتهاءً ‪،‬‬
‫أي أنه ل يزل ول يزال عال ل يطرأ عليه العلم بعد جهل ول يرد على علمه نسيان ‪،‬‬
‫قال موسى عليه الصلة والسلم لا قال له فرعون ‪ { :‬ما بال القرون الول } ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬علمها عند رب ف كتاب ل يضل ول ينسى } ل إله إل هو ‪،‬‬
‫{ ل يضل } يعن ل يهل ‪،‬‬
‫{ ول ينسى } أي ما علم بل علمه تام ‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫إن قال قائل ‪ :‬لدينا إشكال مثل قول ال تعال ‪ { :‬ولنبلونكم حت نعلم الجاهدين منكم‬
‫والصابرين ونبلو أخباركم } وقال عز وجل ‪ { :‬ليعلم ال من يافه ف الغيب } وأمثال هذه‬
‫اليات مشكلة لن ظاهرها تدد علم ال عز وجل بعد وقوع الفعل وقال تعال ‪ { :‬أم حسبتم أن‬
‫تدخلوا النة ولا يعلم ال الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } هذا إشكال ؟‬
‫والواب عنه من أحد أمرين ‪:‬‬
‫إما أن يقال ‪ :‬إن علمه عز وجل به بعد وقوعه غي علمه به قبل وقوعه ‪،‬‬
‫لن علمه به قبل وقوعه علم به بأنه سيقع وعلمه به بعد وقوعه علم بأنه وقع ‪،‬‬
‫نظي هذا من بعض الوجوه ‪:‬‬
‫أن ال مريد لكل شيء حت الستقبل الذي ل ناية له مريد له ل شك ‪،‬‬
‫لكن الرادة القارنة تكون عند الفعل ‪ { :‬إنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } ‪،‬‬
‫فهاهنا إرادتان ‪:‬‬
‫إرادة قدية ‪،‬‬
‫وإرادة مقارنة للفعل ‪،‬‬
‫إذا أراد ال يلق شيئا ‪ ،‬مت يريد ؟‬
‫يريد عند خلقه ‪،‬‬
‫لكن كونه أراد أن يلق ف الستقبل ‪،‬‬
‫هذا غي الرادة القارنة ‪،‬‬
‫كذلك العلم هذا جواب ‪،‬‬
‫الواب الثان ‪ { :‬حت نعلم } علما يترتب عليه الثواب والعقاب ‪،‬‬
‫لن علم ال الزل السابق ل يترتب عليه ثواب ول عقاب ‪،‬‬
‫الثواب والعقاب يترتب بعد المتحان والبتلء { ولنبلوكم حت نعلم } ‪،‬‬
‫وحينئذ ل يبقى إشكال ول المد ‪،‬‬
‫الشكال زال ‪،‬‬
‫قال غلة القدرية ‪ :‬إن ال علم ال بأفعال العباد مستأنف ‪ ،‬أي المر أُُنفْ أي مستؤنف ‪،‬‬
‫وهؤلء كفرة بل شك الذين يقولون ‪ :‬إن ال ل يعلم الشيء إل بعد وقوعه ‪،‬‬
‫هؤلء كفار لنكارهم ما دل عليه الكتاب والسنة دللة قطعية وأجع عليه السلمون ‪،‬‬
‫انتهينا الن من هذا الشكال ‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫الثان ‪ :‬أن الراد بالعلم الذي يترتب عليه الثواب والعقاب على معلومة بالنسبة لفعل العبد إل‬
‫بعد البتلء والمتحان والتكليف ‪،‬‬
‫الرتبة الثانية ‪ :‬الكتابة ف اللوح الحفوظ كتب ال تعال كل شيء هناك ‪،‬‬
‫كتابات أخرى ‪:‬‬
‫كتابة عمرية ‪،‬‬
‫وكتابة حولية ‪،‬‬
‫كتابة عمرية ‪ :‬وهي أن الني إذا ت له أربعة أشهر بعث ال له اللك الوكل بالرحام وُأ ِمرَ أن‬
‫يكتب أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد هذه كتابة عمرية ‪،‬‬
‫لنا مقيدة بالعمر تكتب مرة واحدة ول يعاد كتابتها ‪،‬‬
‫وهناك كتابة حولية ‪ :‬وهي الت تكون ليلة القدر ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا } { يُفرق } يعن يُبي ويُفصّل‬
‫{ كل أمر حكيم } ‪،‬‬
‫وليس أمر من أمر ال إل وهو حكيم هذه تسمى كتابة حولية ‪،‬‬
‫بعضهم ذكر كتابة يومية ‪،‬‬
‫واستدل لذلك بقوله تعال ‪ { :‬يسأله من السماوات والرض كل يوم هو ف شأن } ‪،‬‬
‫ولكن الية ليست واضحة ف هذا العن ‪،‬‬
‫هذه الكتابة هل تغي أو ل تتغي ؟‬
‫اسع كلم رب العالي { يحو ال ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب } اللوح الحفوظ ليس فيه‬
‫مو ول كَ ْتبْ ‪،‬‬
‫ما كتب ف اللوح الحفوظ فهو كائن ول تغيي فيه ‪،‬‬
‫لكن ما كتب بالصحف الت بيد اللئكة هذا { يحو ال ما يشاء ويثبت } ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬إن السنات يذهب السيئات } ‪،‬‬
‫وف هذا القام ‪ ،‬يُنكر على من يقولون ‪ ( :‬اللهم إن ل أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف‬
‫فيه ) ‪،‬‬
‫من أين هذا البتدع ؟‬
‫دعاء بدعي باطل ‪،‬‬
‫إذا قلت ‪ ( :‬ل أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ) معناه مستغن يعن افعل ما شئت‬
‫لكن خفف وهذا غلط ‪،‬‬

‫‪77‬‬
‫النسان يسأل ال عز وجل رفع البلء نائيا ‪ :‬اللهم عافن اللهم ارزقن ‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬ل تقل هكذا ‪،‬‬
‫إذا كان النب عليه الصلة والسلم يقول ‪ ( :‬ل يقل أحدكم ‪ :‬اللهم اغفر ل إن شئت ) ‪،‬‬
‫فقولك ( ل أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ) أشد ‪،‬‬
‫واعلم أن الدعاء قد يرد القضاء ‪،‬‬
‫كما ف الديث ‪ ( :‬ل يرد القدر إل الدعاء ) ‪،‬‬
‫وكم من إنسان افتقر غاية الفتقار حت كاد يهلك فإذا دعا أجاب ال دعاه ‪،‬‬
‫كم من إنسان ف أيسٍ من الياة فيدعو فيستجيب ال دعاه ‪،‬‬
‫{ أيوب إذ نادى ربه ‪ .....‬وأنت أرحم الراحي } ذكر حاله يريد أن ال يكشف الضر قال ‪:‬‬
‫{ فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر } ‪،‬‬
‫الكتابة الت ذكرنا مت كانت ؟‬
‫كانت قبل خلق السماوات والرض بمسي ألف سنة كتب ال مقادير كل شيء ‪،‬‬
‫بقي الثالث ‪ :‬الشيئة ‪ ،‬كل شيء وقع فهو بشيئة ال كل شيء ‪،‬‬
‫الطر بشيئة ال ‪ ،‬الفاف بشيئة ال نبات الرض بشيئة ال الحياء بشيئة ال الماتة بشيئة‬
‫ال ‪،‬‬
‫وهذا ل إشكال فيه ‪،‬‬
‫لن مشيئة ال بفعله ل إشكال فيها ‪،‬‬
‫لكن مشيئة ال لفعل ال ‪،‬‬
‫هل ال يشاء فعل العبد ؟‬
‫نعم ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬لن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إل أن يشاء ال } ‪،‬‬
‫وقال ال عز وجل ‪ { :‬ولو شاء ال ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد أن جاءتم البينات ولكن‬
‫اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء ال ما اقتتلوا } ‪،‬‬
‫وأجع السلمون على هذه الكلمة ‪ ( :‬ما شاء ال كان وما ل يشأ ل يكن ) ‪،‬‬
‫ففعل العبد بشيئة ال ‪،‬‬
‫لكن يبقى عندنا إشكال ‪:‬‬
‫إذا كان بشيئة ال النسان مب على العمل ‪،‬‬
‫لن ما شاء ال كان وما ل يشأ ل يكن ‪،‬‬

‫‪78‬‬
‫فيؤدي بنا هذا العتقاد إل مذهب البية ؟‬
‫والهمية لم ثلث جيمات كلها فساد ‪،‬‬
‫التجهم وهذا يتعلق بالب ‪،‬‬
‫الب يتعلق بالقدر ‪،‬‬
‫الرجاء يتعلق باليان ‪،‬‬
‫ثلث جيمات كلها ل خي فيها ‪،‬‬
‫إذا كان كل شيء بشيئة ال وبكتابة ال سيقول القائل ‪ :‬نن إذن نن مبورون ‪،‬‬
‫وهذا قول ل يفي ما فيه من الفساد ‪،‬‬
‫لنه إذا كان النسان مب وفعل العبد ث عذب عليه كان غاية الظلم ‪،‬‬
‫كيف ينهانا عن شيء ث يبنا على فعله ث يعاقبن عليه ؟‬
‫لو فعله البشر لصاحوا به الناس فكيف بالالق عز وجل ؟‬
‫ولذلك يعتب هذا القول من أبطل القوال ‪،‬‬
‫ونن نشعر بأننا ل نب على الفعل ول على الترك وأننا نفعل ذلك باختيارنا التام ‪،‬‬
‫وهذا التقرير يبطل هذا الستفهام ‪ :‬هل النسان مسي أو مي ؟‬
‫هذا سؤال بارد غي وارد ‪،‬‬
‫ك ّل يعرف أن النسان مي ‪ ،‬ل أحد يبه ‪،‬‬
‫أحضر من بيت إل السجد هل أشعر بأن أحدا أجبن ؟‬
‫ل ‪ ،‬وعندما أتأخر باختياري ل أشعر فالنسان مي بل شك ‪،‬‬
‫لكن ما يفعله النسان نعلم أنه مكتوب من قبل ‪،‬‬
‫ولذا نستدل بكتابة ال عز وجل لفعالنا وإرادته لا وخلقه لا ‪ ،‬مت ؟‬
‫بعد وقوعها ‪ ،‬إذا وقعت ‪ ،‬أما قبلها ما ندري فل نستدل لننا ل ندري ‪،‬‬
‫ولذا قال تعال ‪ { :‬وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفسٌ بأي أرض توت } ‪،‬‬

‫إذا كان هذا الواقع بالنسبة للمشيئة أن ال يشاء كل شيء لكن ل يب العباد بل العباد متارون ‪،‬‬
‫ولذا إذا وقع فعل العبد من غي اختيار رفع عنه الث لنه ل يتار ‪،‬‬
‫ولذا قال النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬ما منكم من أحد إل وقد كتب مقعده من النة ومقعده‬
‫من النار ) فقالوا ‪ :‬يا رسول ال أفل ندع العمل ونتكل على ما كُتب ؟ قال ‪ ( :‬ل ‪ ،‬اعملوا فكلّ‬
‫ميسر لا خلق له ‪ ،‬أما أهل السعادة – اللهم اجعلنا منهم – فييسرون لعمل أهل السعادة وأما‬

‫‪79‬‬
‫أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ) ‪ ،‬ث قرأ النب عليه الصلة والسلم مستد ًل ومقررا‬
‫لا قال ‪ ،‬قرأ قول ال عز وجل ‪ { :‬فأما من أعطى واتقى وصدق بالسن فسنيسره للحسن ‪،‬‬
‫وأما من بل وكذّب بالسن فسنيسره للعسرى } ‪،‬‬
‫إذن نعمل ‪،‬‬
‫الرزق مكتوب ومراد ل أليس كذلك ؟‬
‫هل النسان يسعى للرزق أم ل يسعى ؟‬
‫يسعى للرزق ‪،‬‬
‫الولد مكتوب أو غي مكتوب ؟‬
‫ولد النسان سيولد مكتوب ‪،‬‬
‫هل النسان يسعى لذا ويطلب الولد بالنكاح أو يطلبه الفراش ؟‬
‫لو كان مقدر الولد ‪ ،‬أين يأت ؟‬
‫هل أحد يقول هذا الكلم ؟‬
‫لو قال هذا الكلم ‪ ،‬لقال ‪ :‬هذا منون ؟‬
‫كذلك العمل ‪ ،‬العمل الصال ‪،‬‬
‫اعمل صالا حت تدخل النة ول أحد ينعك ول أحد يكرهك على العصية ول أحد ينعك من‬
‫الطاعة ول أحد يكرهك على العصية ‪،‬‬
‫فيه حديث بل هناك آية من القرآن الكري ‪،‬‬
‫قال ال تبارك وتعال ‪ { :‬سيقول الذين أشركوا لو شاء ال ما أشركنا ول آباؤنا ول حرمنا من‬
‫شيء } ‪،‬‬
‫يتجون بالقدر ‪،‬‬
‫يقولون ‪ { :‬لو شاء ال ما أشركنا ول آباؤنا ول حرمنا من شيء } ؟‬
‫الواب ‪ { :‬كذلك كذب الذين من قبلهم حت ذاقوا بأسنا } ‪،‬‬
‫ل تقبل منهم هذه الجة ‪،‬‬
‫لن ال تعال جعل ذلك تكذيبا وجعل ذلك عقوبة { حت ذاقوا بأسنا } ‪،‬‬
‫فإن قال إنسان ‪ :‬آدم وموسى تاجا أي تاصما فقال موسى لدم ‪ :‬خيبتنا أخرجتنا ونفسك النة‬
‫‪،‬‬
‫لن خروج آدم من النة من أجل أنه أكل من الشجرة الت ني عن الكل منها فقال ‪ :‬أتلومن‬
‫على شيء قد كتبه ال علي قبل أن أُ ْخلَقْ ‪،‬‬

‫‪80‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬فحج آدم موسى ) ‪ ،‬وف لفظ ‪ ( :‬فحاجه آدم )‬
‫يعن غلبه بالجة ‪ ( ،‬فحج آدم موسى ‪ ،‬فحج آدم موسى ) مرتي أو ثلث ‪،‬‬
‫هذا متمسك بن يتج بقدر ال على العاصي ‪ ،‬ولكن كيف الخرج والديث ف الصحيحي ؟‬
‫كيف الخرج من هذا ؟‬
‫أجاب شيخ السلم رحه ال بواب وأجاب ابن القيم تلميذه بواب آخر ‪،‬‬
‫شيخ السلم قال ‪ :‬إن موسى ل َي ُلمْ أباه على العصية ‪،‬‬
‫نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬إن موسى ل َي ُلمْ أباه على العصية ‪،‬‬
‫وحاشاه أن يلوم أباه على معصية تاب منها واجتباه ال تعال واصطفاه ‪،‬‬
‫لو أنه فعل هذا لكان من أعَقّ الولد ‪،‬‬
‫أنت لو ترى أحدا فعل معصية وتاب منها وحسنت حاله بعد هذه العصية ‪،‬‬
‫هل لك أن تلومه على هذه العصية ؟‬
‫ل ‪ ،‬فكيف بِنَِبيّ هو أحد أول العزم أن يلوم أباه على ذنب تاب منه وهداه ال عز وجل بعده ؟‬
‫إذن على أي شيء احتج ؟‬
‫احتج على الصيبة وهي الخراج ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ ( :‬أخرجتنا ونفسك من النة ) ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬عصيت ربك ) ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬أخرجتنا ونفسك من النة ) ‪،‬‬
‫فهنا كلم موسى مع أبيه على ماذا ؟‬
‫الصيبة الت حصلت ‪،‬‬
‫وهي الخراج من النة ‪،‬‬
‫وإن كان السبب هو فعل آدم ‪،‬‬
‫وقال رحه ال ‪ :‬اللوم على الصائب أو على العائب على الصائب ‪،‬‬
‫والعائب إذا استمر النسان فيها ‪،‬‬
‫أما تلميذه ابن القيم فأجاب بواب آخر قال ‪:‬‬
‫إن اللوم على إتيان العصية بعد التوبة منها غلط ‪،‬‬
‫وإن احتجاج النسان بالقدر بعد التوبة من العصية صحيح ‪،‬‬
‫يعن مثلً إنسان شرب المر فجاءته ذنوب فجعلت تلومه وهو قد تاب توبة صحيحة ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬وال هذا أمر مقدر علي وإل لست من أهل هذا لكنه مقدر وتده حزينا ‪،‬‬

‫‪81‬‬
‫يقول ابن القيم ‪ :‬هذا ل بأس به ‪،‬‬
‫الحتجاج بالقدر أن نقول ‪ :‬أن يتج بالقدر ليستمر على معصيته ‪،‬‬
‫كما فعل الشركون ‪،‬‬
‫أما النسان يتج بالقدر لدفع اللوم عنه ‪،‬‬
‫مع أن اللوم قد اندفع بتوبته فهذا ل بأس به ‪،‬‬
‫هذا الواب كما ترون جواب واضح يتصور النسان ‪.‬‬
‫وإن كان كلم الشيخ رحه ال أسدد وأصوب ‪.‬‬
‫ولكن كلم الشيخ ل ينع أن ياب بذا الواب أيضا ‪،‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ :‬ونظي هذا ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم طلب ابنته فاطمة وابن‬
‫ل فوجدها نائمي فكأنه عاب عليهما ‪ :‬لاذا ل تقوما للصلة للتهجد ؟ فقال علي ‪ :‬يا‬
‫عمه علي لي ً‬
‫رسول ال إن أنفسنا بيد ال عز وجل لو شاء لقامنا ‪ ،‬فخرج النب صلى ال عليه وعلى وآله‬
‫وسلم وهو يضرب على فخذه ‪ ،‬ويقول ‪ { :‬وكان النسان أكثر شيء جدلً } ‪،‬‬
‫لن علي رضي ال عنه دافع عن نفسه لمر قد انتهى وانقضى ‪،‬‬
‫لو أن إنسانا فعل معصية وأردنا أن نقيم عليه العقوبة حدّا أو تعزيرا وقال ‪ :‬يا ناس ‪ ،‬أنا مكتوب‬
‫ل يا جاعة‬
‫علي ‪ ،‬ولنفرض أنه زن وقلنا ‪ :‬اجلدوه مائة جلدة وغربوه سنة عن البلد ‪ ،‬فقال ‪ :‬مه ً‬
‫هذا شيء مكتوب علي ‪،‬‬
‫أتنكرون هذا ؟‬
‫ماذا نقول له ؟‬
‫ل ننكر ‪،‬‬
‫إذن ل لوم عليه ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬ل بأس ‪،‬‬
‫لكننا سنجلدك ‪ ،‬ونقول ‪ :‬هذا مكتوب علينا ‪،‬‬
‫وذكر أن سارقا رفع إل أمي الؤمني عمر بن الطاب رضي ال عنه فأمر بقطع يده ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫مهلً يا أمي الؤمني وال ما سرقت إل بقدر ال ‪،‬‬
‫جواب صحيح أو غي صحيح ؟‬
‫صحيح ‪،‬‬
‫قال عمر ‪ :‬ونن ل نقطعك إل بقدر ال ‪،‬‬
‫غلبه عمر أو ل ؟‬

‫‪82‬‬
‫غلبه ‪،‬‬
‫بل نقول ‪ :‬إننا نقطع يده بقدر ال وبشرع ال ‪،‬‬
‫السارق سرق بقدر ال ‪،‬‬
‫لكنه هل سرق بشرع ال ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫سرق بقدر ال ونن نقطع يده بقدر ال وشرع ال ‪،‬‬
‫ولكن عمر سكت عن مسألة الشرع من أن يقابل هذا الحتج بثل حجته ‪،‬‬
‫لقاك رجل ف السوق ومعه عصا فجعل يضربك ضربا مبحا وأنت تصرخ وكلما زدت ف‬
‫الصراخ زادك ف الضرب ولا أمسك بالرجل قال ‪ :‬يا جاعة هذا بقدر ال ‪،‬‬
‫يقبل أو ل يقبل ؟‬
‫ما أحد يقبل ‪،‬‬
‫ل أحد يقول ‪،‬‬
‫فتبي أن الحتجاج بالقدر على العاصي باطل أو غي باطل ؟‬
‫باطل ‪،‬‬
‫والحتجاج بالقدر على فوات الكتوب باطل أيضا ‪،‬‬
‫ولذلك ترى الناس يتسابقون إل الوظائف باختيارهم ول يفوتونا ‪،‬‬
‫ولو أن إنسانا تقاعس ول يتقدم لمه الناس على ذلك ‪،‬‬
‫ما يدل دللة واضحة على أن النسان على إرادة وله اختيار أظن واضح إن شاء ال ‪،‬‬
‫فبطل الحتجاج بالقدر على العاصي بقدر ال على ماذا ؟‬
‫على معاصي ال ‪،‬‬
‫ونقول له ‪ :‬أنت الن قدرت الن أن ال كتب عليك العصية لاذا ل يقدر الطاعة وأطعت ؟‬
‫لن القدر سر مكتوب ما يعلمه إل ال ول يعلم ماذا قدر ال إل بعد الوقوع ‪،‬‬
‫فإذا أنت كنت أقدمت على العصية ‪،‬‬
‫فلماذا ل تقدم على الطاعة وتقول بقضاء ال وقدره ؟‬
‫والمر والمد ل واضح لول ما أثي حول القضاء والقدر لكان ل حاجة إل البحث فيه ‪،‬‬
‫لنه واضح جدا ‪،‬‬
‫لن ل حجة للقدر على العاصي ول على ترك الحرمات ‪،‬‬
‫السألة الرابعة ‪ :‬اللق ‪ :‬أن ال خالق كل شيء ‪،‬‬

‫‪83‬‬
‫فكل ما ف الكون فهو ملوق ل بالنسبة لا يدثه ال من فعله واضح كالطر وإنبات الرض وما‬
‫أشبه ذلك كله ملوق ل ول شك ‪،‬‬
‫لكن بالنسبة لفعل العبد هو ملوق ل أم ل ؟‬
‫والواب ‪ :‬نعم ملوق ل ‪،‬‬
‫حركات النسان وسكناته ملوقة ل ‪،‬‬
‫ما وجه ذلك ؟‬
‫وجه ذلك ‪ :‬أن ال خلق النسان وأعطاه إرادة وقدرة بما يفعل ‪،‬‬
‫فسبب إياد العبد لا يوجده سببه هو الرادة الازمة والقدرة التامة ‪،‬‬
‫وهاتان الصفتان ملوقتان ل ‪،‬‬
‫وخالق السبب خالق السبب ‪،‬‬
‫هذا هو الوجه الثان ‪ :‬أن النسان بسمه ووصفه فكما أنه ملوق ل بسمه فهو ملوق ل بوصفه‬
‫‪،‬‬
‫ففعله ملوق ل عز وجل كما أن الطول والقصر والبياض والسواد والسمن والنحافة كل هذه‬
‫ملوقة ل ‪،‬‬
‫فهكذا أيضا أفعال النسان ملوقة ‪،‬‬
‫لنه صفة من أوصافه ‪،‬‬
‫وخالق الصل خالق للصفة ‪،‬‬
‫ويتم بذا قول إبراهيم عليه السلم ‪ { :‬أتعبدون ما تنحتون وال خلقكم وما تعملون }‬
‫وقوله ‪ { :‬وما تعملون } ‪ :‬تتمل معنيي ‪:‬‬
‫العن الول ‪ :‬أن تكون { ما } مصدرية ‪،‬‬
‫والعن ‪ ( :‬خلقكم وخلق عملكم ) ‪،‬‬
‫وهذا واضح إذا كان { ما } مصدرية ‪،‬‬
‫لنا تدل على أن أعمالنا ملوقة ل عز وجل ‪،‬‬
‫الحتمال الثان ‪ :‬أن تكون { ما } اسا موصو ًل ‪،‬‬
‫أي خلقكم وخلق الذي تعملونه إلة أصناما فآلة ما هي ملوقة ‪،‬‬
‫فحينئذٍ تتاج إل تدبر تام ‪:‬‬
‫كيف كانت دليلً على خلق أعمال العباد ؟‬
‫التدبر تقول ‪ :‬هذا العمول ملوق ل ‪،‬‬

‫‪84‬‬
‫لاذا حدث ؟‬
‫بفعل العبد ‪،‬‬
‫تكون الية دليلً على أن أفعال العباد ملوقة ل عز وجل ‪،‬‬
‫فال تعال خالق كل شيء ‪،‬‬
‫هل ال عز وجل خالق كل صفاته ؟‬
‫ل ‪ ،‬لن صفات الالق غي ملوقة ‪،‬‬
‫‪ – 18‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن القدر فيه خي وشر ‪،‬‬
‫وانتبه لذه السألة ‪،‬‬
‫القدر بالنسبة لفعل ال كله خي ‪،‬‬
‫دليل هذا ‪:‬‬
‫قول النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬والشر ليس إليك ) ‪،‬‬
‫أي ل ينسب إليه ‪،‬‬
‫لن الشر الحض ل يقع إل من الشرير ‪،‬‬
‫ي وأبقى ‪،‬‬
‫وال تعال خ ٌ‬
‫إذن كيف نوجه ‪ ( :‬والقدر خيه وشره ) ؟‬
‫نقول ‪ :‬أن الفعولت والخلوقات هي الت فيها الي والشر ‪،‬‬
‫أما أصل الفعل فل ‪،‬‬
‫واضح ؟‬
‫نعم ‪،‬‬
‫انتبهوا لذه السألة أقول ‪ :‬الشر ليس إل ال عز وجل ليس إل ال ‪،‬‬
‫فل يكون فعله شراّ ‪،‬‬
‫إنا الشر ف الفعولت أي ف الخلوقات ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬قول ال عز وجل ‪ { :‬ظهر الفساد ف الب والبحر با كسبت أيدي الناس } ‪،‬‬
‫الفساد خي أو شر ؟‬
‫شر ‪ ،‬إياد الشر الذي هو الفساد ف خي ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ { :‬ليذيقهم بعض الذي عملوا لو كانوا يرجعون } ‪،‬‬
‫إذن ففي إعادة الناس خي وإن كان هو نفسه الخلوق شر ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬نفس الفعل ليس الشر ‪،‬‬

‫‪85‬‬
‫الفعول هو الذي فيه الي والشر ‪،‬‬
‫ومن الكمة أن يكون ف الخلوق خي وشر ‪،‬‬
‫لنه لول الشر ما عرف الي لول الشر ما عرف الي ‪،‬‬
‫كما قيل ‪:‬‬
‫بـضـدهـا تـتـبـيـن الشـيـاء‬
‫لو كان الناس كلهم على خي ما عرفنا الشر ‪،‬‬
‫ولو كانوا كلهم على شر ما عرفوا الي ‪،‬‬
‫كما أنه ل يعرف المال إل بوجود القبيح ‪،‬‬
‫لو كان الشياء كلها جالً ما عرفنا القبيح ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫إذن إياد الشر لنعرف به الي ‪،‬‬
‫لكن كون ال أوجد هذا الشر ليس شراّ ‪،‬‬
‫فهنا فرقٌ بي الفعل والفعول ‪،‬‬
‫وفعل ال الذي هو تقديره ل شر فيه ‪،‬‬
‫ومفعوله الذي هو مقدره هذا الذي ينقسم إل ‪:‬‬
‫‪ – 1‬خي ‪،‬‬
‫‪ – 2‬وشر ‪،‬‬
‫وهذا الشر الوجود ف الخلوق لكمة عظيمة ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬لاذا قدر ال الشر ؟‬
‫الواب ‪:‬‬
‫ليعرف به الي هذه واحدة ‪،‬‬
‫وثانيا ‪ :‬من أجل أن يرجع الناس إل ال عز وجل ‪،‬‬
‫وثالثا ‪ :‬من أجل أن نتوب إل ال ‪،‬‬
‫ل أو نارا إل مافة شرور اللق فتجده يافظ على الوراق‬
‫كم من إنسان ل يمله على ا ُللْك لي ً‬
‫ليحفظه من الشرور ‪،‬‬
‫وهذه الشرور من الخلوقات تمل النسان على الفكار والوراق وما أشبه ذلك فهي خي ‪،‬‬
‫أضرب مثلً ‪ :‬ف رج ٍل له ابن مشفق عليه تاما أصيب البن برض وكان من القرر أن يكوي هذا‬
‫البن يكويه بالنار ‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫النار مؤلة للبن ل شك أنا مؤلة ل شك أنا مؤلة ‪،‬‬
‫لكن الب يكوي ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫لا يعرف من الصلحة من هذا الكي ‪،‬‬
‫مع أن الكي ف نفسه شر لكن نتيجته خي ‪ ،‬فعلً هذا يا أخوة ‪،‬‬
‫وإذا علمت أن فعل ال عز وجل ‪ ،‬الذي هو فعله كله خي ‪ ،‬اطمأننت إل مقدور ال عز وجل ‪،‬‬
‫واستسلمت تاما ‪،‬‬
‫وكما كنت قال ال عز وجل ‪ { :‬ومن يؤمن بال يه ِد قلبه } ‪،‬‬
‫س ّلمْ ‪،‬‬
‫قال علقمة ‪ :‬هو الرجل يصيب الصيبة يعلم أنا من عند ال فيضى ويُ َ‬
‫والنسان إذا آمن بالقدر استراح ‪،‬‬
‫استراح من الزن والم ‪،‬‬
‫اسع إل قول الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬الؤمن القوي خي من الؤمن الضعيف وف كلّ‬
‫خي احرص على ما ينفعك واستعن بال ول تعجز إن أصابك شي ٌء فل تقل لو أن فعلت كذا‬
‫لكان كذا وكذا فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ‪،‬‬
‫فأمر النب صلى ال عليه وآله وسلم بالرص على ما ينفع ‪،‬‬
‫ث إذا أخلفت المور فقل ‪ :‬هذا قدر ال وما شاء فعل ‪،‬‬
‫بذه الناسبة الؤمن خي وأحب إل ال من الؤمن الضعيف ‪،‬‬
‫لو كتبت هذه على لفتة كبية فوق مدينة الرياض على أن الؤمن القوي قوي العضلت ‪،‬‬
‫هل يوز هذا أو ل يوز ؟‬
‫ل يوز ‪،‬‬
‫لن الراد من قول النب صلى ال عليه وآله وسلم بالؤمن القوي ف إيانه ل ف جسمه ‪،‬‬
‫كم من إنسا ٍن قوي السم ل خي فيه وبالعكس ‪،‬‬
‫أظن أنا هذه السألة ‪ :‬هل الشر منسوب إل ال أم ل ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ ( :‬والشر ليس إليك ) ‪،‬‬
‫هل الشر ينسب إل الخلوقات ؟‬
‫نعم ‪ { ،‬قل أعوذ برب الفلق ‪ ،‬من شر ما خلق } ‪،‬‬
‫ينسب إل الخلوقات تقدير الخلوقات الشريرة ‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫هل هي حكمة ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫حكمة عظيمة ‪،‬‬
‫ولول هذه الخلوقات الشريرة ما عرفنا الخلوقات الية ‪،‬‬
‫انظر الن الذئب كبي السم أم صغي بالنسبة للبعي ؟‬
‫صغي ‪،‬‬
‫البعي يأكله الذئب ‪،‬‬
‫كما ف سورة يوسف أن أخوته قالوا أنه قال لبنائه ‪ { :‬إن أخاف أن يأكله الذئب } ‪،‬‬
‫البعي هل تأكله ؟‬
‫البعي أنت تأكله أنت تأكله ‪،‬‬
‫بل إن البعي ينقاد للصب الصغي ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬أو ل يروا أنا خلقنا لم ما علمت أيدينا أنعاما فهم لا مالكون وذللناها لم‬
‫فمنها ركوبم ومنها يأكلون } ‪،‬‬
‫تأمل الكمة البالغة أن ال عز وجل خلق البل وهي أجسام كبية ‪،‬‬
‫أمر ال أن يتدبر ‪ { :‬أفل ينظرون إل البل كيف خلقت } ‪،‬‬
‫وخلق الذئاب وأشباهها ما يؤذي بن آدم ‪،‬‬
‫حت يعلم الناس بذلك قدرة ال عز جل ‪،‬‬
‫وأن المور كلها بيده ‪.‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬ما الرد على من يقول القرآن ملوق ؟‬
‫الواب ‪ :‬نرد عليهم بأن القرآن كلم ال ‪،‬‬
‫وأن الكلم صفة التكلم ‪،‬‬
‫وصفة الالق غي ملوقة ‪،‬‬
‫وال جعله من ًل ‪،‬‬
‫وقال ‪ { :‬إنا أنزلناه قرآنا عربيا } ‪،‬‬
‫ث إذا كان ملوقا بطلت الشريعة كلها ‪،‬‬
‫صدَ با الصوت صار هذا الصوت كزمرة الرعد صوت الخلوق على هذا ‪ .....‬ول‬
‫لنه إذا ُق ِ‬
‫أمر ول ني ‪،‬‬

‫‪88‬‬
‫وإن كان مرادفا للمور الكتوبة صار كالشكل ‪ .......... ،‬ف الثوب ل أمر ول ني ‪،‬‬
‫ولذا قال أهل السنة ‪ :‬إن لزم هذا القول إبطال الشريعة ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬أثابكم ال رجل إذا أصيب بصيبة يقول ‪ :‬أنا ل أدعو ال أن يكشفها عن لن ال ل‬
‫يبتلي العبد إل إذا أحبه فأنا أنتظر إل أن يزيلها ال ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا غلط ‪،‬‬
‫مالف لدي الرسل ‪،‬‬
‫الرسل إذا أصابم الضر دعوا ال عز وجل ‪،‬‬
‫لكن إذا أراد ال عز وجل أن يبقي الضرر فحينئذٍ تُثاب ‪،‬‬
‫وأصل البتلء بذه الصيبة أصله إما أن ال عز وجل ابتلى النسان لصب أو ل يصب ‪،‬‬
‫وإما أن عليه ذنوبا تكفر بذه الصائب ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬أثابك ال ‪ ،‬هل يصح أن تقول ‪ :‬إن النسان مي مسي ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬مسي ف باب الرادة الكونية مي ف باب الرادة الشرعية ؟‬
‫الواب ‪ :‬هن مي ف كل حال ‪ ،‬لكن الوادث الت لا تأثي بغي اختياره ل يقال إنا من فعله‬
‫مثل لو أن النسان فصار له حادث ل نقول هذا من فعله ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬اسه ونسبه ؟‬
‫الواب ‪ :‬كل هذا ليس من فعل النسان ‪،‬‬
‫والنسان ما سافر من أجل أن يصاب بادث ‪،‬‬
‫هذا من قدر ال عز وجل الحض ‪،‬‬
‫ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬إن أصابك شيءٌ فل تقل لو أن فعلت كذا لكان كذا‬
‫وكذا فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ‪ ،‬نعم ‪.‬‬

‫السؤال ‪ :‬يا شيخ بارك ال فيكم ‪ ،‬معن قول النسان القدر ‪ ،‬معناه ؟‬
‫الواب ‪ :‬العن هنا غي معلوم نن ل نعلم ما قدّر ال لنا حت يقع فواسطة الكتوب ‪ .....‬إل‬
‫الوقوع ‪. ....‬‬
‫السؤال ‪ :‬يعن الواب الثان حت نعلم أما يترتب عليه الثواب أو العقاب يعن كيف نمع مع‬
‫حديث ابن مسعود ‪ ...‬حيث يقول ‪ ( :‬حت يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل كذا ) ‪ ....‬؟‬
‫الواب ‪ :‬والثان من هذا الباب ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا قال قائل هذا يدل على نقصان علم ال حت نعلم علما يترتب عليه الثواب‬
‫والعقاب ؟‬
‫الواب ‪ :‬صحيح لن علم ال بأن هذا الرجل سيسبق ‪ ........‬هذا علم ل ‪ .........‬حت يسبق‬
‫فإذا سبق علمه ال علما يعاقبه ال عليه على فعله ‪،‬‬
‫لكن حديث ابن مسعود ينبغي أن تكلم عليه حديث ابن مسعود ‪، ....‬‬
‫حديث ابن مسعود قال فيه النب صلى عليه وآله وسلم ‪ ( :‬فوال الذي ل إله غيه إن أحدكم‬
‫ليعمل بعمل أهل النة حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل‬
‫النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النة‬
‫فيدخلها ) ‪،‬‬
‫هنا إشكال لكن هذا الديث مقيد بالقصة ‪،‬‬
‫مقيد بالقصة الت تسمعونا الن إن شاء ال عز وجل ‪:‬‬
‫كان مع النب صلى ال عليه وآله وسلم ف إحدى الغزوات رجل شجاع مقدام ل يدع للعدو‬
‫شاذة ول غارة إل قضى عليها فقال النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬هذا من أهل النار )‬
‫‪ .......‬رجل يقضي على ‪ .......‬العدو كب هذا على الصحابة وعظم عليهم كيف هذا الرجل‬
‫الشجاع القدام الذي ل يدع شيء إل قضى عليه كيف يدخل النار ؟ وهذا عظيم وال اللهم‬
‫أعذنا من هذا فقال رجل من الصحابة ‪ :‬وال ‪ .......‬أتابعه أشوف النهاية يقول ‪ :‬فلزمه فأصابه‬
‫سهمٌ من العدو أصاب هذا الرجل سهم من العدو فجزع كيف يصيبه سهم من العدو وهو هذا‬
‫الشجاع ؟ فأخذ سيفه ووضعه على صدره ‪ ........‬أعله على صدره ث اتكأ عليه حت خرج من‬
‫ظهره نسأل ال العافية يعن ماذا ؟ قتل نفسه { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها‬
‫وغضب ال عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } والنسان إذا قتل نفسه بشيء يعذب به ف نار‬
‫جهنم فلما أصبح الرجل – من الرجل الذي قتل نفسه ؟ الثان – الذي لزمه إل النب صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم وقال ‪ :‬أشهد أنك رسول ال أشهد أنك رسول ال ‪ ،‬قال ‪ ( :‬با ) ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫الرجل الذي قلت عنه كذا وكذا فعل كذا وكذا ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬إن‬
‫الرجل ليعمل بعمل أهل النة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) ‪،‬‬
‫اللهم أعذنا من هذا اللهم أعذنا من هذا اللهم أعذنا من هذا ‪،‬‬
‫يكون ف قلبه والعياذ بال حقد خبيث تسوء به خاتته ‪،‬‬
‫اللهم أجرنا من هذا يا رب العالي ( ليعمل بعمل أهل النة فيما يبدو للناس ) ‪،‬‬
‫فيمكن أن يمل حديث ابن مسعود على هذا ( ليعمل بعمل أهل النة فيما يبدو للناس ) ‪،‬‬

‫‪90‬‬
‫وأن الرجل يعمل بعمل أهل النة ملصا ل عز وجل فوال ث وال ث وال ل ييبه ال عز وجل‬
‫أبدا ستكون نايته الي ‪،‬‬
‫وأما قوله ‪ ( :‬حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع ) فليس العن انه يصل إل النة فيبقى ذراع ‪،‬‬
‫ولكن العن حت يكون بينه وبي الوت مدة يسية ‪،‬‬
‫عرفتم الن هذا الثال ف الذي ساءت خاتته ‪،‬‬
‫نعوذ بال من سوء الاتة ‪،‬‬
‫ضد هذا حسن الاتة ‪،‬‬
‫فيه رجل من النصار يقال له ‪ :‬الصيم من النصار من بن عبد الشهل كان معروفا بصده‬
‫لدعوة السلم منابذا للسلم فلما كانت غزوة أحد وخرج الناس سبحان ال ألقى ال ف قلبه‬
‫سرْ فلما انتهى‬
‫السلم والهاد اسع يا أخي وال أكون بي يدي ال فخرج خرج إل الغزوة فَكُ ِ‬
‫من القتال جعل الناس يشون بي القتلى ك ّل يعرف صاحبه ويتلمح من الوتى وجدوا هذا الرجل‬
‫ف آخر رمق مقتو ًل شهيدا فقالوا له ‪ :‬ما الذي جاء بك يا فلن ؟ أجئت حربا على قومك أم‬
‫رغبة ف السلم ؟ يعن هل جئت حية أو عصبية أم رغبة ف السلم ؟ قال ‪ :‬بل جئت رغبة ف‬
‫السلم وأقرئ على النب صلى ال عليه وآله وسلم من السلم ‪،‬‬
‫ال أكب سبحان ال شيء عجيب ‪،‬‬
‫قتل هذا الرجل شهيدا ما بينه وبي الكفر إل ذراع أو ‪، .......‬‬
‫هذا عكس ‪،‬‬
‫عكس الول ‪،‬‬
‫نسأل ال أن يسن لنا ولكم الاتة ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬بارك ال فيك ‪ ،‬اليان بالقدر للعوام هل يشرح لم ‪ ..........‬؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل ‪ ،‬العامي ل يعرف ‪،‬‬
‫اليان بالقدر أن تقول للعامي ‪ :‬كل شيء بقضاء ال ‪ ،‬وقدره ما يرج عن قدره شيء ‪،‬‬
‫ولذا يقدر كذا ويقدر كذا ويقدر كذا ‪،‬‬
‫أما أن تشرح لم ذلك فسوف تضعه ف اليم مكتوفا ‪،‬‬
‫وتقول كما قال الول ‪:‬‬
‫إياك إياك أن تـبـتـل بالاء‬ ‫ألقاه ف اليـم مكتوفا وقال له‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫هل معقول أو غي معقول ؟‬


‫اليم يعن البحر ‪،‬‬

‫‪91‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬فاقذفيه ف اليم } ‪،‬‬
‫واحد كتف إنسان وألقاه ف البحر و ‪ .........‬أن يبتل جسمه ‪،‬‬
‫فلكل مقام مقال يا إخواننا ‪،‬‬
‫قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ :‬إنك لن تدث قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان‬
‫لبعضهم فتنة ‪،‬‬
‫وقال علي بن أب طالب رضي ال عنه ‪َ :‬حدّثْ الناس با يعرفون – أي با يكنهم معرفته – أم‬
‫تريدون أن يكذب ال ورسوله ؟!!! ‪،‬‬
‫وكم من إنسانٍ على الستقامة يدث بثل هذه الحاديث العميقة فيتعش وربا يرتد ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬شيخنا بارك ال فيك علمنا أن القرآن مكتوب ف اللوح الحفوظ ‪ ،‬فهل أفعال ال‬
‫سبحانه وتعال مكتوبة ف اللوح الحفوظ ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬كل شيء مقادير كل شيء للنسان ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬بارك ال فيك ما معن قول ال ‪ { :‬اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا } ما‬
‫معن النسيان ؟‬
‫الواب ‪ :‬النسيان ف حق ال يعن الترك ‪،‬‬
‫كلما وجدت ف حق ال نسيان فهو ترك ‪،‬‬
‫{ نسوا ال } أضاعوا حقه { فنسيهم } تركهم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬جزاك ال يا شيخ ‪ ،‬أريد أن تبي ل الكمة ف الكتابة الولية أو العمرية إن كانت‬
‫تتغي ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬سؤال جيد ‪،‬‬
‫الكمة ف ذلك ‪ :‬يتبي بذلك فضل ال على العبد أن يعمل السيئة تكتب عليه ‪،‬‬
‫يتبي بذلك فضل ال عز وجل ‪،‬‬
‫كذلك أيضا ف مسألة الشرائع إذا تنسخ من أسفل إل أعلى ومن أثقل إل أخف وما أشبه ذلك ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬السؤال ‪ :‬الكتابة العمرية الت يكون فيها النسان شقي أو سعيد ‪ ،‬هل تتغي ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬الشقاوة والسعادة ثابتة ‪، ،‬‬
‫لكن العمال ل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ بالنسبة لتوحيد الساء والصفات للعامة إذا كنت تريد ‪ ........‬؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل ‪ ،‬أبدا ‪ ،‬أبدا ‪ ،‬هذا عامة ل خاصة ‪،‬‬
‫العامة تقول ‪ :‬السم يتضمن ثلثة أشياء ‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫إثبات السم ‪،‬‬
‫وإثبات الصفة ‪،‬‬
‫وإثبات ‪ ....‬الكم ‪،‬‬
‫ث تفصل ‪،‬‬
‫لكل مقامٍ مقال ‪،‬‬
‫أنا لول أن هذا مكتوب ف الكتب وأنكم إن شاء مقلبون عليه ما تكلمت فيه ‪،‬‬
‫ولذا تد عند العامي الن من الشوع وتعظيم ال عز وجل ما ل يكون عند كثي من طلبة العلم‬
‫التعمقي ف الساء والصفات نعم ‪،‬‬
‫وهذا شيء واضح ‪،‬‬
‫حت أن من أكابر التكلمي من قال ‪ :‬أنا أموت على عقيدة أمي ‪،‬‬
‫وبعضهم قال ‪ :‬أنا أموت على عقيدة عجائز نيسابور ‪،‬‬
‫دعوه على ما هو عليه هذه طبيعته ما ل يكن ف عقيدته خلل ‪ ،‬نعم ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫الكفر ل شك أنه شر لكن ال قدره لصلحة ‪،‬‬
‫حت يعرف الؤمن من الكافر ‪،‬‬
‫ويقوم الهاد ‪،‬‬
‫والمر بالعروف والنهي عن النكر ‪،‬‬
‫وغي ذلك ‪،‬‬
‫كذلك أيضا يقدر ال عز وجل ف الرض الدب وف السماء منع القطر ‪،‬‬
‫لكن العاقبة حيدة ‪،‬‬
‫والدليل قوله تعال ‪ { :‬ظهر الفساد ف الب والبحر با كسبت أيدي الناس لنذيقهم بعض الذي‬
‫عملوا لعلهم يرجعون } ‪،‬‬
‫الهم عليك أيها السلم أن تفرق بي القدر الذي هو فعل وبي القدور الذي هو خلقك ‪،‬‬
‫والخلوق فيه خي وشر ‪،‬‬
‫وأما نفس اللق الذي هو فعل ال فهو خي ‪،‬‬
‫ولذا جاء ف الديث الصحيح أن النب صلى ال عليه وآله وسلم كان يقول ‪ { :‬الشر ليس‬
‫إليك } ‪،‬‬
‫‪ – 19‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الساعة ل يعلمها أحد ‪،‬‬

‫‪93‬‬
‫لن أفضل رسل اللئكة سأل أفضل رسل البشر عنها ‪،‬‬
‫فقال ‪ ( :‬ما السؤول عنها بأعلم من السائل ) ‪،‬‬
‫ويترتب هذه الفائدة ‪ :‬أنه لو صدق أح ٌد من الناس شخصا ادعى أن الساعة ستكون ف اليوم‬
‫الفلن فإنه يكون كافرا ‪،‬‬
‫لنه مكذب بالقرآن والسنة ‪.‬‬
‫‪ – 20‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنا إذا كنا ل نعلم الشيء فإننا نطلب ما يكون من علماته ‪،‬‬
‫لن جبيل عليه السلم قال ‪ ( :‬أخبن عن أماراتا ) ‪.‬‬
‫‪ – 21‬ومن فوائده ‪ :‬عظم الساعة ‪،‬‬
‫ولذا جاءت لا أمارات وعلمات حت يستعد الناس لا ‪،‬‬
‫رزقنا ال وإياكم السداد لا ‪.‬‬
‫‪ – 22‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬ضرب الثل ‪،‬‬
‫با ذكره النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن تلد المة ربتها وف لفظ ربا ‪،‬‬
‫وف المارة الثانية أن ترى الفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون ف البنيان ‪،‬‬
‫فإن قالت طائفة ل يذكر النب صلى ال عليه وسلم أمارتا أخرى أوضح من هذه ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن المارات الخرى بينة واضحة ل يتاج إل السؤال عنها ‪،‬‬
‫ولذلك عدل النب صلى ال عليه وسلم عنها إل ذكر هذه السورة ‪.‬‬
‫‪ – 23‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن اللئكة يشون إذا تولوا إل بشر لقوله ‪ ( :‬ث انطلق ) ‪،‬‬
‫وهل يشون على صفة اللق الذي خلقوا عليه ؟‬
‫الواب ‪ :‬قال ال عز وجل ‪ { :‬قل لو كان ف الرض ملئكة يشون متطمئني لنلنا عليهم من‬
‫السماء ملكا رسولً } ‪،‬‬
‫ولم أجنحة يطيون با كما هو معروف ‪.‬‬
‫‪ – 24‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬إلقاء العال على طلبته ما يفى عليهم ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬أتدرون من السائل ) ‪،‬‬
‫‪ – 25‬ومن فوائده ‪ :‬إن السائل عن العلم يكون معلما لن سع الواب ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ ( :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم دينكم ) ‪،‬‬
‫مع أن الذي علمهم هو النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪،‬‬
‫ولكن لا كان سببا لا كان سؤال جبيل هو السبب جعله هو العلم ‪،‬‬

‫‪94‬‬
‫وينجر على هذا أنه ينبغي على طالب العلم إذا علم مسألة وكان الهم معرفتها أن يسأل عنها‬
‫وإن كان يعلمها ‪،‬‬
‫وإذا سأل عنها وأجيب صار هو العلم ‪.‬‬
‫‪ – 26‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن السبب إذا بن عليه الكم صار الكم للسبب ‪،‬‬
‫ولذا ذكر العلماء لذه القاعدة مسائل كثية ‪،‬‬
‫منها ‪ :‬لو شهد شخصان على رج ٍل با يوجب قتله من ردة أو حرابة أو زنا لكن الزنا لكن الزنا‬
‫ل بد من أربعة ث حكم القاضي بذلك ث رجعوا ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬تعمدنا قتله ‪ ،‬فإن هؤلء الشهود‬
‫يقتلون ‪،‬‬
‫لن الكم مبن على شهادتم ‪،‬‬
‫ولكن اجتمع سبب ومباشر ‪،‬‬
‫فأيهما يقدم ؟ يقدم الباشر ‪،‬‬
‫إذا تعذر إحالة الضمان عليه فعلى السبب ‪،‬‬
‫إذا اجتمع السبب والباشر فالضمان على الباشر ‪،‬‬
‫إل إذا تعذر إحالة الضمان عليه فيكون على التسبب ‪،‬‬
‫أضرب لذا مثلً ‪ :‬رجل حفر حفرة ف الطريق فوقف عليها رجل فجاء رجلٌ ثالث فدفع الرجل‬
‫فسقط ف الفرة ومات ‪،‬‬
‫الضمان على من ؟‬
‫على الدافع لنه هو الباشر ‪،‬‬
‫مثال ثان ‪ :‬رجل ألقى بشخص بي يدي أسد فأكله ‪ ،‬عند الباشر والتسبب ‪،‬‬
‫من الباشر ؟‬
‫السد ‪،‬‬
‫والتسبب ؟‬
‫الرجل الذي ألقاه بي يديه ‪،‬‬
‫الضمان على من ؟‬
‫مباشر ومسبب ‪. ......... ،‬‬
‫‪ – 27‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ما ذكر ف هذا الديث هو الدين ‪،‬‬
‫لقوله صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬يعلمكم دينكم ) ‪،‬‬
‫ولكن ليس على سبيل التفصيل ‪،‬‬

‫‪95‬‬
‫ولكن على سبيل الجال ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬أليس النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬الدين النصيحة – ثلث مرات‬
‫– ل ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم ) ؟‬
‫فالواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫لكن هذا النصيحة ل ترج عما ف حديث جبيل ‪،‬‬
‫لنا من السلم ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الديث الثالث‬
‫عن أب عبد الرحن عبد ال بن عمر بن الطاب رضي ال عنه ‪ :‬سعت رسول ال عنه يقول ‪:‬‬
‫( بن السلم على خس ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪ ،‬وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء‬
‫الزكاة ‪ ،‬وحج البيت ‪ ،‬وصوم رمضان ) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬أب عبد الرحن ) ‪ :‬هذه كنية ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عبد ال بن عمر ) ‪ :‬هذا اسم علم ‪،‬‬
‫والكنية ‪ :‬كل ما صدر بـ ( أب ) و ( أم ) و ( أ خ ) و ( عم ) و ( خال ) أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫هذه كلها كن ‪،‬‬
‫والعلم ‪ :‬اسم معي مسمى مطلقا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬رضي ال عنهما ) ‪ :‬قال العلماء ‪ :‬إذا كان الصحاب وأبوه مسلمي فقل ‪ ( :‬عنهما ) ‪،‬‬
‫وإذا كان الصحاب مسلما وأبوه كافر فقل ‪ ( :‬رضي ال عنه ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بن السلم على خس ) ‪ :‬أي خس دعائم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بن ) ‪ :‬من الذي بناه ؟‬
‫الذي بناه هو ال عز وجل ‪،‬‬
‫وأبم الفاعل للعلم به ‪،‬‬
‫كما أبم الفاعل ف قوله تعال ‪ { :‬وخلق النسان ضعيفا } ‪،‬‬
‫ل يبي من الالق لكنه معلوم ‪،‬‬
‫فما علم شرعا أو قدرا جاز أن يبن فاعله لا ل يسم فاعله ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬على خس ) ‪ :‬أي على خس دعائم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬شهادة ) ‪ :‬له وجهان ف العراب ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الضم ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬الكسر ‪،‬‬
‫( شهادةُ ) بناءا على أنا خب والبتدأ مذوف ‪،‬‬
‫والتقدير ‪ ( :‬هي شهادة ) ‪،‬‬
‫و ( شهادةِ ) بالكسر على أنا بدل من قوله ‪ ( :‬على خس ) ‪،‬‬
‫وما نن ببعيدين عن دراسة البدل ‪ ،‬أليس كذلك ؟‬
‫هذا البدل ‪ ،‬ما نوعه ؟‬

‫‪97‬‬
‫قوله ‪ ( :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ) ‪ :‬سبق الكلم عليه مستوف ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) ‪ :‬كل هذا سبق الكلم عليه ‪،‬‬
‫لكن ف هذا الديث إشكال وهو تقدي الج على الصوم ‪،‬‬
‫فيقال ‪ :‬هذا ترتيب ذكري والترتيب الذكري يوز أن يقدم فيه الؤخر ‪.‬‬
‫كقول الشاعر ‪:‬‬
‫ثـم ساد مـن بعد ذلك َجدّ‬ ‫إن من ساد ثـم سـاد أبـوه‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الترتيب هنا ترتيب ذكري ول ترتيب واقعي ؟‬
‫ذكري ل شك ‪،‬‬
‫هنا تقول ‪ :‬الترتيب هنا ذكري ‪،‬‬
‫وإل فسبق ف حديث جبيل ‪ :‬تقدي الصيام على الج ‪،‬‬
‫ول حاجة إل إعادة الكلم على معان الكلمات ‪،‬‬
‫لكن تقول ‪ :‬إن ال عز وجل حكيم بن السلم العظيم على هذا الدعائم المس من أجل‬
‫امتحان العباد فلننظر ‪،‬‬
‫الشهادتان ‪ ،‬نطق باللسان واعتقاد بالنان ‪،‬‬
‫أنعم أو ل ؟‬
‫نعم ‪،‬‬
‫إقامة الصلة عمل بدن يشتمل على قول وفعل ‪ ،‬أليس كذلك ؟ أم عمل مال ؟‬
‫عمل بدن وما يب من الال لكمال الصلة ل يعد منها ‪،‬‬
‫لنه من العلوم أنه يب الوضوء للصلة وإذا ل تد ما ًل اشترى ماءا بثمن ‪،‬‬
‫ومن العلوم أيضا أنك ستستر العورة ف الصلة ‪ ،‬أليس كذلك ؟‬
‫وتشتريها بال ‪،‬‬
‫لكن هذا خارج عن العبادة ‪،‬‬
‫ولذلك نقول ‪ :‬إن الصلة عبادة بدنية مضة ‪ ،‬الزكاة عبادة مالية مضة ‪ ،‬أو مالية بدنية ؟‬
‫مالية بدنية ‪،‬‬
‫كون الغن يوصلها للفقي وربا يشي وربا يستأجر سيارة هذا خارج عن العبادة ‪،‬‬
‫ولذا لو كان الفقي عند الغن وأعطاه الدراهم مباشرة بدون أي عناء ول يقل ‪ :‬اذهب يا أيها‬
‫التاجر ‪ ......‬البلد ث ارجع ‪ ،‬ما يقول هذا ؟‬
‫إذن الزكاة عبادة مالية ل بدنية ‪،‬‬
‫لن الركات ليصالا إل الفقي خارجة عن العبادة ‪،‬‬
‫صوم رمضان هو بدن ‪،‬‬
‫لكن من نوع آخر الصلة بدنية لكنها فعل ‪،‬‬
‫الصيام بدن لكنه كف وترك ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫كف ‪،‬‬

‫‪99‬‬
‫لاذا ؟‬
‫لنه سهل على النسان أن يفعل وصعب عليه أن يكف ‪،‬‬
‫وقد يسهل عليه أن يكف ويصعب عليه أن يفعل ‪،‬‬
‫فنوعت العبادات ليكون بذلك المتحان العظيم ‪ ،‬سبحان ال العظيم ‪،‬‬
‫حج البيت مال أو بدن ؟‬
‫لننظر ‪،‬‬
‫هل يتوقف الج على بذل الال ؟‬
‫فيه تفصيل ‪ :‬إذا كان النسان يتاج إل شد الرحال احتاج إل الال ‪،‬‬
‫لكن هذا خارج عن العبادة هذا من جنس الوضوء للصلة ‪،‬‬
‫إذا قدم رجل إل مكة هل يتاج إل بذل الال ؟‬
‫إذا كان يستطيع أن يشي على رجليه ما يتاج إل بذل الال ‪،‬‬
‫والنفقة من الكل والشرب ل بد منها حت لو ل يج ‪،‬‬
‫ولذلك الج عندي متردد بي أن يكون عبادة بدنية أو عبادة مالية بدنية ‪،‬‬
‫وعلى كل حال ‪ ،‬وإن كان عبادة مالية بدنية فهو امتحان ‪،‬‬
‫فصارت هذه هي الكمة العظيمة يا أخوة ‪،‬‬
‫أنا بذل الحبوب والكف عن الحذور وإجهاد البدن ‪ ،‬كل هذا امتحان ‪،‬‬
‫بذل الحبوب ف ماذا ؟‬
‫الزكاة يعن الال ‪ ،‬مبوب للنسان ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬وإنه لب الي لشديد } وقال ‪ { :‬وتبون الال حبّا جاّ } ‪،‬‬
‫الكف عن الحذور ؟‬
‫الصيام ‪،‬‬
‫كما جاء ف الديث القدسي ‪ ( :‬يدع شرابه وطعامه وشهوته من أجلي ) ‪،‬‬
‫فتنوعت هذه الدعائم المس على هذه الوجوه تتويا للمتحان ‪،‬‬
‫يعن بعض الناس يسهل عليه أن يصوم ‪،‬‬
‫ولكن ل يسهل عليه أن يعطي قرشا واحدا ‪،‬‬
‫بعض الناس يسهل عليه أن يصلي ‪،‬‬
‫ولكن يصعب عليه أن يصوم ‪،‬‬

‫‪100‬‬
‫يذكر أن بعض اللوك وجبت عليه الكفارة ترير رقبة فإن ل يد فصيام شهرين متتابعي فإن ل‬
‫يستطع فإطعام ستي مسكينا ‪،‬‬
‫الشاهد أن بعض العلماء قال لذا اللك ‪ :‬يب عليك أن تصوم شهرين متتابعي ول تعتق فقيل له‬
‫ف ذلك للمفت فقال ‪ :‬لن الشهرين أشق على هذا اللك من عتق رقبة ‪،‬‬
‫والقصود بالكفارة مو ما حصل من إث الذنب وأل يعود ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬هذا استحسان ‪،‬‬
‫لكنه ليس بسن ‪،‬‬
‫وما أقربنا من ذكر دليل الستحسان هذا ‪ .....‬استحسان ف غي مله ‪،‬‬
‫يعن مالف للشرع ألزمه با أوجب ال عليه والباقي على ال عز وجل ليس إليه ‪،‬‬

‫‪101‬‬
‫الديث الرابع‬
‫عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال ‪ :‬حدثنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو الصادق‬
‫الصدوق ‪ ( :‬إن أحدكم يمع خلقه ف بطن أمه أربعون يوما نطفة ‪ ،‬ث يكون علقة مثل ذلك ‪ ،‬ث‬
‫يكون مضغة مثل ذلك ‪ ،‬ث يرسل إليه اللك ‪ ،‬فينفخ فيه الروح ‪ ،‬ويؤمر اللك يؤمر بأربع كلمات‬
‫‪ :‬بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ‪ ،‬فوال الذي ل إله غيه إن أحدكم ليعمل بعمل‬
‫أهل النة ‪ ،‬حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع ‪ ،‬فيسبق عليه الكتاب ‪ ،‬فيعمل بعمل أهل النار‬
‫فيدخلها ‪ ،‬وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ‪ ،‬حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع ‪ ،‬فيسبق عليه‬
‫الكتاب ‪ ،‬فيعمل بعمل أهل النة فيدخلها ) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬حدثنا ) ‪ :‬حدث وأخب ف اللغة العربية واحد ‪،‬‬
‫وهي كذلك عند قدماء الحدثي ‪،‬‬
‫لكن عند التأخرين من الحدثي يفرقون بي ( حدثنا ) و ( أخبنا ) ‪،‬‬
‫وعلم ذلك مذكور ف الصطلح ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وهو الصادق الصدوق ) ‪ :‬الملة هذه مؤكدة لقول رسول ال ‪،‬‬
‫لن من اعترف بأنه رسول اعترف بأنه صادق مصدوق ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬هو الصادق الصدوق ) ‪ ( :‬الصادق ) فيما أخب ‪ ( ،‬الصدوق ) ‪ :‬فيما أُخبِر به ‪،‬‬
‫فإذا قلت ‪ :‬قدم زيد ‪ ،‬وكان قادما فهذا يقال للمخب أنه صادق ‪،‬‬
‫وإذا حدث النسان وقال ‪ :‬قدم زيد وهو كاذب عليه أو صادق ‪،‬‬
‫إذا كان الميز بالصدق النب صلى ال عليه وآله وسلم وصفه هكذا تاما ‪،‬‬
‫فهو صادق فيما أخب به مصدوق فيما أوحي إليه عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫وإنا ذكر ابن مسعود رضي ال عنه هذه الملة ‪،‬‬
‫لن التحدث عن هذا القام من أمور الغيب الت تفى ‪،‬‬
‫وليس ف ذلك الوقت تقدم طب حت يعرف ما يصل ‪،‬‬
‫ث هناك شيء فوق الطب وهو زيادة الجل والعمل وشقي أو سعيد ‪،‬‬
‫فلذلك رأى عبد ال بن مسعود من فقهه رضي ال عنه أن يأت بذه الملة ‪ ..... ( :‬النب صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم وهو الصادق الصدوق ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إن أحدكم يمع خلقه ) ‪ :‬أي أن النسان إذا أتى أهله فإن هذا الاء التفرق يمع ‪،‬‬
‫كيفية المع ل يذكر ف الديث ‪،‬‬

‫‪102‬‬
‫لكن الطباء يعرفونه الن ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أربعي يوما نطفة ) ‪ :‬أي قطرة من الن ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ث يكون علقة مثل ذلك ) ‪ :‬ولكن هل هو ينتقل فجأة من النطفة إل العلقة ؟‬
‫يتكون شيئا فشيئا فَيَحْ َمرْ حت يصل إل الغاية ف المرة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فيكون علقة ) ‪ :‬والعلقة هي الدم الغليظ ‪،‬‬
‫وهي دودة ف الياه الراكدة ترى ف الياه الراكدة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ث يكون علقة مثل ذلك ث يكون مضغة مثل ذلك ) ‪ :‬كم ؟‬
‫أربعي يوما ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬نطفة ) ‪ :‬يعن قطعة لم بقدر ما يضغه النسان أربعي يوما ‪،‬‬
‫هذه النطفة هل تتطور شيئا فشيئا أو تنتقل ؟‬
‫الواب ‪ :‬كما سبق تتطور شيئا فشيئا ‪،‬‬
‫ولذا قال ال عز وجل ‪ { :‬ث من مضغة ملقة وغي وملقة } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ث يكون مضغة مثل ذلك ) ‪ :‬الميع الن مائة وعشرون يوما أي أربعة أشهر ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ث يرسل إليه اللك ) ‪ :‬والرسل هو ال رب العالي عز وجل يرسل إل هذا الني هذا‬
‫اللك واحد بذاته ‪،‬‬
‫والراد به النس ل ملك معي يعن ملك من اللئكة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فينفخ فيه الروح ) ‪ :‬الروح ‪ ( :‬ما به ييا البدن ) ‪،‬‬
‫كيفية النفخ ؟‬
‫ل ندري ال أعلم ‪،‬‬
‫لكن ينفخ ف هذا الني الروح ويتقبلها السم ‪،‬‬
‫والروح سئل عنه النب صلى ال عليه وآله وسلم عنها ‪،‬‬
‫ل}‪،‬‬
‫فأمره ال أن يقول ‪ { :‬قل الروح من أمر رب وما أوتيتم من العلم إل قلي ً‬
‫الملة الخية فيها نوع من التوبيخ ‪،‬‬
‫ل}‬
‫كأنه قال ‪ :‬ما بقي عليكم من العلم إل الروح حت تسألوا عنها { وما أوتيتم من العلم إل قلي ً‬
‫‪،‬‬
‫ولذا قال الضر لوسى لا شرب الطائر من البحر قال ‪ :‬ما نقص علمي وعلمك من علم ال إل‬
‫كما نقص البحر من هذا الذي شرب وهو ما نقص شيء ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ويؤمر اللك يؤمر بأربع كلمات ) ‪ :‬من المر ؟‬

‫‪103‬‬
‫ال عز وجل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بأربع كلمات ‪ :‬بكتب رزقه ) ‪ :‬الرزق هنا ‪ ( :‬ما ينتفع به النسان ) ‪،‬‬
‫وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬رزق يقوم به البدن ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ورزق يقوم به الدين ‪،‬‬
‫الرزق الذي يقوم به البدن ‪ :‬هو الكل والشرب واللباس والسكن والركوب وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫والرزق الذي يقوم به الدين ‪ :‬هو العلم واليان ‪،‬‬
‫وكلها مرادة بذا الديث ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وأجله ) ‪ :‬أي مدة بقائه ف هذه الدنيا ‪،‬‬
‫والناس يتلفون ف الجل باختلف متباين ‪،‬‬
‫من الناس من يوت حي الولدة ‪،‬‬
‫ومنهم من يعمر إل مائة سنة من هذه المة ‪،‬‬
‫أما الذين من قبل فيعمرون أكثر من هذا ‪،‬‬
‫نوح ف قومه كم ؟‬
‫ألف سنة إل خسي عاما ‪،‬‬
‫واختياركم للجل أو قصر الجل ليس إلينا وليس لصحة البدن وقيام البدن ‪،‬‬
‫إذ قد يدث الوت بادث والنسان أقوى ما يكون وأعز ما يكون ‪،‬‬
‫لكن الجال تقديرها إل ال عز وجل ‪،‬‬
‫الجل ل يتقدم لظة ول يتأخر ‪ ،‬ل يتقدم ول يتأخر ‪ ......‬ال ‪،‬‬
‫إذا ت الجل انتهت الياة ‪،‬‬
‫واذكر لكم قصة وقعت هنا ف عنيزة مرة ‪ ................‬دراجة نارية مرت بتقاطع وإذا‬
‫بسيارة أخرى سيارة تريد أن تقطع وصاحب الدراجة النارية وقف ينتظر عبور السيارة والسيارة‬
‫وقفت تنتظر عبور الدراجة النارية ث انطلقا جيعا انطلقا جيعا فصدم الدراجة النارية ومات‬
‫الراكب الذي وراء السائق الرديف ‪،‬‬
‫فتأمل وقف هذه الدقيقة من أجل استكمال هذا الجل ‪ ،‬سبحان ال ‪،‬‬
‫{ ولن يؤخر نفسا إذا جاء أجلها } ‪،‬‬
‫هل الجل وراثي ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ليس وراثي ‪،‬‬

‫‪104‬‬
‫كم من شاب مات من قبيلة أعمارهم طويلة ‪،‬‬
‫وكم من إنسان عَمّر ف قبيلة أعمارهم قصية ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وعمله ) ‪ :‬يعن ما يكتسبه من العمال القولية والفعلية والقلبية مكتوبة على النسان‬
‫العمل ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬قوله ‪ ( :‬شقي أو سعيد ) ‪ :‬السعيد هو الذي ت له الفرح والسرور والشقي بالعكس ‪،‬‬
‫قال ال تبارك وتعال ‪ { :‬ومنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لم فيها زفي وشهيق‬
‫خالدين فيها ما دامت السماوات والرض إل ما شاء ربك إن ربك فعال لا يريد ‪ ،‬وأما الذين‬
‫سعدوا ففي النة خالدين فيها ما دامت السماوات والرض إل ما شاء ربك عطاءً غي‬
‫مذوذ } ‪،‬‬
‫فالنهاية إما شقاء وإما سعادة ‪،‬‬
‫اللهم اجعلنا من أهل السعادة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فوال الذي ل إله غيه ) ‪ :‬قيل ‪ :‬هذه الملة مدرجة من كلم ابن مسعود وليست من‬
‫كلم النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫ولكن إذا اختلف الحدثون ف جلة من الديث أمدرجة هي أم من أصل الديث فما هو‬
‫الصل ؟‬
‫الصل ‪ :‬من أصل الديث ‪،‬‬
‫فل يقبل الدراج إل بدليل ‪،‬‬
‫ل يكن أن يمع بي الصل والدراج ‪،‬‬
‫وعلى هذا فالصواب أنا من كلم النب صلى ال عليه وآله وسلم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فوال ) قسم مؤكد بالتوحيد ‪،‬‬
‫القسم ( فوال ) ‪،‬‬
‫والتوكيد بالتوحيد ( الذي ل إله غيه ) ‪،‬‬
‫أي ل إله حق إل ال ‪،‬‬
‫وإن كانت توجد آلة تعبد من غي ال وإن كانت ليست حقا ‪،‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬أم لم آلة تنعهم من دوننا ل يستطيعون نصر أنفسهم } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬ذلك بأن ال هو الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فوال الذي ل إله غيه إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النة حت ما يكون بينه وبينها إل‬
‫ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وأن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار‬

‫‪105‬‬
‫حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النة فيدخلها ) ‪ :‬اللهم‬
‫أحسن خاتتنا ‪ ،‬العمال بالواتيم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النة حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع ) ‪ :‬أي حت يقرب‬
‫أجله تاما ‪،‬‬
‫وليس العن ‪ :‬ما يكون بينه وبينها إل ذراع من مرتبة العمل ‪،‬‬
‫ل صالا ‪،‬‬
‫لن عمله الذي عمله ليس عم ً‬
‫كما جاء ف الديث ‪ ( :‬إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النة ‪ ،‬فيما يبدو للناس ‪ ،‬وهو من أهل‬
‫النار ) ‪،‬‬
‫لنه أشكل على بعض الناس ‪ :‬أنه يعمل بعمل أهل النة ‪ ،‬حت ما يبقى إل ذراع ‪ ،‬فيسبق عليه‬
‫الكتاب ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬عمل بعمل أهل النة فيما يبدو للناس ول يتقدم ول يسبق ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬حت ما يكون بينه وبينها إل ذراع ) ‪ :‬يعن دنو أجله يعن أنه قريب من الوت ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ) ‪ :‬ويدع العمل الول الذي كان يعمله‬
‫وذلك لوجود دسيسة ف قلبه والعياذ بال هوت به إل الاوية ‪،‬‬
‫نعم ‪ ،‬أقول ‪ :‬هذا بارك ال فيكم فل تظنوا بال ظن السوء ‪،‬‬
‫وال ما من أحد يقبل على ال بصدق ويعمل بعمل أهل النة بصدق إل ل يذله ال أبدا أو ل‬
‫يكن أن يذله ال عز وجل ‪،‬‬
‫ال عز وجل أكرم من عبده ‪،‬‬
‫لكن ل بد من بل ٍء ف قلبه ‪،‬‬
‫واذكروا قصة الرجل الذي كان مع النب صلى ال عليه وسلم ف غزوة وكان ل يدع ‪ ......‬ول‬
‫‪ ........‬للعدو إل قضى عليها فتعجب الناس منه وقالوا ‪ :‬هذا الذي كسب العركة ‪ ،‬فقال النب‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ( :‬هو من أهل النار ) فعظم ذلك على الصحابة كيف يكون هذا‬
‫الرجل من أهل النار ‪ ،‬فقال رجل ‪ :‬للزمنه ‪ ،‬يعن أتابعه ‪ ،‬فتابعه ‪ ،‬فأصيب هذا الرجل الشجاع‬
‫القدام بسه ٍم من العدو فجزع فلما جزع سلّ سيفه والعياذ بال ث وضع دبابة على صدره‬
‫ووضعه على الرض واتكأ عليه وخرج من ظهره فقتل نفسه وهو مؤمن ‪،‬‬
‫وقد قال ال تعال ‪ { :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه ولعنه‬
‫وأعد عذابا عظيما } فجاء الرجل إل النب صلى ال عليه وآله وسلم وأخبه فقال ‪ :‬أشهد أنك‬
‫رسول ال ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ب ؟ ) قال ‪ :‬أن الرجل الذي قلت أنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا ‪،‬‬

‫‪106‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وآله وسلم بعد ذلك ‪ ( :‬إن الرجل ليعمل بعمل أهل النة فيما يبدو‬
‫للناس وهو من أهل النار ) ‪،‬‬
‫اللهم أعذنا من هذا يا رب العالي اللهم أعذنا منه اللهم أعذنا منه لوجود دسيسة ف القلب ‪،‬‬
‫طهر قلبك يا رجل ‪، ........‬‬
‫تعاهده كل صباح وكل مساء ما الذي فيه لعلك تنجو من هذا ‪ ،‬نعم ‪،‬‬
‫واذكروا قصة الصيم من بن عبدالشهل الذي كان منابذا للدعوة السلمية عدوّا لا ولا خرج‬
‫الناس إل أحد ف غزوة أحد ألقى ف قلبه اليان فآمن وخرج للجهاد وقتل شهيدا فجاء الناس‬
‫بعد العركة يتفقدون قتلهم وإذا بالرجل فقالوا ‪ :‬ما الذي جاء بك يا فلن ؟ أجئت حربا على‬
‫قومك أم رغبة ف السلم ؟ قال ‪ :‬بل رغبة ف السلم ‪ ،‬ث طلب منهم أن يقرئوا النب صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم السلم فصار هذا ختامه أن قتل شهيدا وهو مضاد للدعوة ‪،‬‬

‫‪107‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حسن أسلوب ابن مسعود رضي ال عنه‪،‬‬
‫وهو رضي ال عنه كلماته كأنا ترج من مشكاة النبوة كلمات عذبة مهذبة ‪،‬‬
‫وانظر إل الثر الروي عنه ‪ :‬من سره أن يلقى ال غدا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات‬
‫حيث ينادى به ‪ .....‬إل آخر الديث ‪،‬‬
‫كأنا يرج من فم النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه ينبغي للنسان أن يؤكد الب الذي يتاج الناس إل تأكيده‬
‫بأي نوع من أنواع التأكيدات ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫‪-‬الدعائم ‪ ( :‬ما يقوم عليه الشيء ) ‪،‬‬
‫وهو ركن وكل شيء يقوم عليه شيء فهو ركن له ‪،‬‬
‫ول ينبغي للنسان لثل الشياء الت درج عليها العلماء السابقون أن يتعمق فيها إل هذا الد ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬بارك ال فيك ‪ :‬المر بالشيء ‪ ......‬ما ل يتم الواجب إل به ‪ ........‬من العبادة‬
‫‪. ........‬‬
‫الواب ‪ :‬أرأيت لو أذّن وأتيت على وضوء هل يلزمك أن تتوضأ ل أذن ‪ ........‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬اسع إذا قتل معصوما قتل سواءً كان مسلما أو كان ذميا أو من ‪ .....‬وجب عليه أن‬
‫يكفر ‪،‬‬
‫الكفارة ‪ :‬عتق رقبة فإن ل يد فصيام شهرين متتابعي فإن ل يستطع فل شيء عليه ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬أثابكم ال بعض الناس من ‪ .........‬الجل وينطقون بالشهادة ‪ ..........‬؟‬
‫الواب ‪ :‬ربا ‪ .....‬النسان مشركا قبوريا ‪،‬‬
‫لن بعض القبوريي عندهم نية طيبة لكن عنده عمل خطأ ‪ ،‬نعم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ بارك ال فيك ‪ ،‬الجل ل يُقدم ول يُؤخر ‪ ،‬فيه حديث ‪ ( :‬من أحب أن ينسأ له‬
‫ف أثره فليصل رحه ‪ ،‬فكيف نمع بينه وبي هذا الديث ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل منافاة لن ال تعال قد كتب عنده أن هذا سوف يصل رحه فسيكون أجله مدودا‬
‫كما أنا قلت ‪ :‬من أحب أن يولد له فليتزوج ‪ ،‬فتزوج ‪ ،‬هذا مكتوب من قبل فالواقع أن الجل‬
‫والرزق والولد على حدّ سواء يعن أن تفعل السباب الت يصل با هذا ويكون ال عز وجل قد‬
‫كتب ف الزل أنك ستفعل السبب ويكون السبب ‪،‬‬

‫‪108‬‬
‫السؤال ‪ :‬بعض الناس يقول ‪ :‬ال يطول ف عمرك ‪ ،‬هل هذا صحيح ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬صحيح ‪،‬‬
‫كما لو قلت ال يرزقك الال ‪،‬‬
‫نن الن نصلي على الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬نقول ‪ :‬اللهم صلّ وسلم على رسول ال ‪،‬‬
‫ومع ذلك فقد أخبنا ال بأنه يصلي عليه وملئكته ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬نفخ الروح يكون ف اليوم مائة وعشرين ؟‬
‫الواب ‪ :‬بعد تام مائة وعشرين ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا أسقطت الني ف اليوم الائة وعشرين ‪ ،‬فهل تعتب قاتلة للنفس ؟‬
‫الواب ‪ :‬يعن القتل عمدا ؟‬
‫إذا تأكدنا أنه قد نفخ فيه الروح ‪،‬‬
‫فتكون قاتلةً للنفس عمدا ‪،‬‬
‫لكن ليس عليها قصاص ‪،‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫‪ – 3‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬تأكيد الب با يدل على صدقه ‪،‬‬
‫لقول عبد ال بن مسعود ‪ :‬وهو الصادق الصدوق ‪،‬‬
‫‪ – 4‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن النسان ف بطن أمه يمع على هذا الوجه الذي ذكره النب‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫‪ – 5‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه يبقى نطفة لدة أربعي يوما ‪،‬‬
‫هذه النطفة ‪ ،‬هل يوز إلقاؤها أو ل يوز ؟‬
‫ذكر الفقهاء رحهم ال أنه يوز إلقاؤها بدواء مباح ‪،‬‬
‫قالوا لنه ل يتكون إنسانا ول يوجد أصل النسان وهو الدم فيجوز إلقاؤها ‪،‬‬
‫وقال آخرون ‪ :‬ل يوز ‪،‬‬
‫لن ال تعال قال ‪ { :‬فجعلناه ف قرارٍ مكي ‪ ،‬إل قد ٍر معلوم } ‪،‬‬
‫فل يوز أن نتجاسر على هذا القرار الكي ونرج الني منه ‪،‬‬
‫وهذا أقرب إل الصواب ‪ ،‬أنه حرام ‪،‬‬
‫لكنه ليس كتحري ما بعده ‪،‬‬
‫إذا ُق ّدرْ أن الرأة مرضت وخيف عليها ‪ ،‬فهل يوز إلقاء هذه النطفة ؟‬
‫الواب ‪ :‬يوز ‪،‬‬

‫‪109‬‬
‫لن إلقاءها الن صار ضروريا ‪،‬‬
‫‪ – 6‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬حكمة ال عز وجل ف أطوار الني من النطفة إل العلقة ‪،‬‬
‫‪ – 7‬ومن فوائده ‪ :‬أهية الدم ف بقاء حياة النسان ‪،‬‬
‫وجهه ‪ :‬أن أصل بن آدم بعد النطفة ‪ :‬العلقة ‪ ،‬والعلقة ‪ :‬دم ‪،‬‬
‫ولذلك إذا نزف دم النسان هلك ‪،‬‬
‫‪ – 8‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الطور الثالث هي الضغة ‪،‬‬
‫هذه الضغة تكون ملقة وغي ملقة بنص القرآن ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬مضغة ملقة وغي ملقة } ‪،‬‬
‫لكن ما الذي يترتب عليها كونا ملقة وغي ملقة ؟‬
‫يترتب عليها مسائل ‪:‬‬
‫لو سقطت هذه الضغة غي الخلقة ل يكن الدم نفاسا ‪ ،‬الدم الذي يرج ل يكن نفاسا ‪،‬‬
‫بل دم فساد ‪،‬‬
‫خلّق وكانت الرأة ف عدة ل تنقضي العدة ‪،‬‬
‫لو سقطت هذه الضغة قبل أن تُ َ‬
‫خلّقا ‪،‬‬
‫بل ل بد ف انقضاء العدة أن يكون المل مُ َ‬
‫ول بد لثبوت النفاس من أن يكون المل ملقا ‪ ،‬لاذا ؟‬
‫قال العلماء ‪ :‬لنه قبل التخليق يتمل أن يكون قطعة لم ‪ ،‬وليس آدميا ‪،‬‬
‫فلذلك ل نعدل إل إثبات هذه الحكام إل بيقي ‪،‬‬
‫بأن يتبي ف خلقه إنسان ‪،‬‬
‫‪ – 9‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن نفخ الروح يكون بعد تام أربعة أشهر ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬ث يرسل إليه اللك فينفخ فيه الروح ‪ .......‬الـخ ) ‪،‬‬
‫وينبن على هذا ‪ :‬أنه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه فإنه ُيغَسّل ويكفن ويصلى عليه ويدفن ف‬
‫مقابر السلمي ويسمى ويعق عنه ‪،‬‬
‫لنه صار إنسانا صار آدميا إنسانا ‪،‬‬
‫فيثبت له حكم الكبي ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ومن الفوائد ‪ :‬أنه بعد نفخ الروح فيه يرم إسقاطه بكل حال ‪،‬‬
‫إذا نُفخت فيه الروح ل يكن إسقاطه ‪،‬‬
‫لن إسقاطه حينئذٍ يكون سببا للكه ‪،‬‬
‫ول يوز قتله وهو إنسان ‪،‬‬

‫‪110‬‬
‫أرأيتم لو كان إبقاؤه سببا لوت أمه أفيلقى وتبقى حياة الم أو يبقى فتهلك الم ث يهلك الني ؟‬
‫الول أو الثان ؟‬
‫ربا أهل الستحسان يقولون بالول ‪،‬‬
‫ولكن ل استحسان ف مقابلة الشرع ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬أن الثان هو التعي ‪،‬‬
‫بعن أنه ل يوز إسقاطه ‪،‬‬
‫حت لو قال الطباء ‪ :‬إن بقي هلكت الم ‪،‬‬
‫وإذا هلكت الم هلك الني فيهلك نفسه ‪،‬‬
‫وإذا أخرجناه هلك الني ولكن الم تسلم ‪،‬‬
‫والواب على هذا الرأي الفاسد أن نقول ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬قتل النفس لحياء نفسٍ أخرى ل يوز ‪،‬‬
‫ولذلك لو فرض أن رجلي كانا ف سفر ف أرض فلة كان أحدها كبيا والخر عشر سني أو‬
‫تسع سني الكبي جاع جدا جدا بيث لو ل يأكل للك ‪،‬‬
‫هل يوز أن يذبح هذا الصغي ليأكله ؟‬
‫ل يوز أبدا ‪ ،‬بإجاع السلمي ‪،‬‬
‫لو ُق ّدرَ أن الصب هلك مات من الوع وبقي الكبي ‪،‬‬
‫والكبي الن إما أن يأكله فيبقى أو يتركه فيهلك ‪،‬‬
‫هل يأكله أو ل ؟‬
‫أما مذهب المام أحد رحه ال ف الشهور ‪ :‬فإنه ل يوز أكله ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬كسر عظم اليت ككسره حيا ) ‪،‬‬
‫وذبح اليت كذبه حيا ‪،‬‬
‫ولكن القول الثان ف هذه السألة ‪ :‬أنه يوز أن يأكل منه ما يسد رمقه ‪،‬‬
‫لن حرمة الي أعظم من حرمة اليت ‪،‬‬
‫نعود إل مسألتنا ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬إذا نفخت فيه الروح فل يوز إسقاطه بأي حال من الحوال حت لو ماتت الم ‪،‬‬
‫وجه ذلك ‪ :‬أننا لو أسقطناه فهلك فنحن الذي قتلناه ‪،‬‬
‫ولو أبقيناه فهلكت الم ث هلك هو فالذي أهلكهما ال عز وجل ليس من فعلنا هذا واحد ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ل يلزم من هلك الم أن يهلك الني ل سيما ف وقتنا الاضر ‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫إذ من المكن إجراء عملية سريعة لخراج الني فيحيا ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫يكن ل شك ‪،‬‬
‫ولذا بعض البياطرة ف الغنم وشبهها يستطيع إذا ماتت الم أن يرج حلها قبل أن يوت ‪،‬‬
‫وأيضا نقول ‪ :‬لو أنه مات هذا الني ف بطنها من عند ال عز وجل ل يلزم أن توت هي فيُخرج‬
‫لنه ميت وتبقى الم ‪،‬‬
‫اللصة ‪ :‬أنه إذا نفخت فيه الروح فإنه ل يوز إسقاطه بأي حال من الحوال ‪،‬‬
‫‪ – 11‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬عناية ال تبارك وتعال باللق ‪،‬‬
‫حيث وَكّ َل بم وهم ف بطون أمهاتم من ملئكة ‪،‬‬
‫سبحان ال العظيم ‪،‬‬
‫عناية ال تعال ببن آدم عنايةٌ عظيمة ‪ ،‬وكل به ملئكة ف بطن أمه وملئكة إذا خرج إل الدنيا‬
‫وملئكة إذا مات كل هذا دليل على عناية ال تبارك وتعال بنا ‪،‬‬
‫‪ – 12‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الروح ف السد تُنفخ نفخا ‪،‬‬
‫لكن ل نعلم الكيفية ‪،‬‬
‫وهذا كقوله تعال ‪ { :‬ومري ابنة عمران الت أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا } ‪،‬‬
‫لكن ل ندري كيف هذا ‪،‬‬
‫لن هذا من أمور الغيب ‪،‬‬
‫‪ – 13‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الروح جسمٌ ‪ ،‬الروح جسم ‪،‬‬
‫لنه يُنفخ فَيَحِلّ ف البدن ‪،‬‬
‫ولكن هل هذا السم من جنس أجسامنا الكثيفة الكونة من عظا ٍم ولمٍ وعصبٍ وجلود ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫طيب من أي شيء ؟ من أي مادة ؟‬
‫ال أعلم ‪ ،‬ال أعلم بذلك ‪،‬‬
‫{ ويسألونك عن الروح ‪ ،‬قل الروح من أمر رب } ‪،‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ‪ :‬ولا ل يكن عند التكلمي والفلسفة علم شرعي بال‬
‫الروح تبطوا فيها ‪،‬‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬إن الروح عرض أي صفة للبدن كالطول القصر والبياض والسواد ‪،‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬إن الروح هي الدم ‪،‬‬

‫‪112‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬إن الروح جزءٌ من النسان ‪ ،‬جزء كيده ورجله ‪،‬‬
‫فتخبطوا فيها ‪،‬‬
‫أما نن فنقول ‪ :‬الروح من أمر ال عز وجل ‪،‬‬
‫ولكننا نؤمن با علمنا من أوصافها ف الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫فمن ذلك قول ال تبارك وتعال ‪ { :‬قل يتوفاكم ملك الوت الذي وكل بكم } أي يقبضكم ‪،‬‬
‫وقوله ‪ { :‬حت إذا جاء أحدهم الوت توفته رسلنا } أي قبضته ‪،‬‬
‫وثبت ف الصحيح عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن اللئكة إذا قبضوا الروح من‬
‫السد إذا كان من أهل النة اللهم اجعلنا منهم فإذا مع اللئكة كفن من النة وحنوط من النة‬
‫فأخذوها من يد ملك الوت ول يدعوها طرفة عي ث جعلوها ف هذا الكفن وصعدوا با إل‬
‫السماء ‪،‬‬
‫إذن هي جسم أو غي جسم ؟‬
‫جسم ‪،‬‬
‫ف للجسام الكثيفة الت هي أجسادنا ‪،‬‬
‫لكن مال ٌ‬
‫وال أعلم بكيفيتها ‪،‬‬
‫الروح عجيبة الن ف النام ترج الروح من البدن لكن ليس خروجا تاما ‪،‬‬
‫فتجد نفسك توب الفياف ربا وصلت إل الصي أو إل أقصى الغرب وربا طرت ف الطائرة‬
‫وربا ركبت ف السيارة وأنت ف مكانك واللحاف قد غطى جسمك ‪،‬‬
‫ومع ذلك تتجول ف الرض ‪،‬‬
‫لكنها سبحان ال ل تفارق السم ف حال النوم مفارق ًة تامة تكون عليهم مثل شعاع الشمس فيه‬
‫مفارقة لكن ليست تامة ‪،‬‬
‫فالروح أمرها عجيب ولسنا نعلم منها إل ما جاء ف الكتاب والسنة والباقي ل ندري عنه ‪،‬‬
‫أيها الخ السلم إذا كنت ل تدري عن نفسك الت بي جنبيك ‪،‬‬
‫فكيف تاول أن تعرف كيفية صفات ال عز وجل الذي هو أعظم وأجل من أن تيط به ؟‬
‫اعرف نفسك وأنك غي قادر على معرفة كيفية صفات ال مهما كنت ‪،‬‬
‫فل تاول إدراك الكيفية ول السؤال عنها ‪،‬‬
‫ولذا قال المام مالك رحه ال ‪ :‬السؤال عن كيفية الستواء بدعة ‪،‬‬
‫وهذا الثال أعن مثال الروح يقتنع به النسان تاما ‪،‬‬
‫أنه ل يعرف عن الروح الت هي قوام بدنه ‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫فكيف بصفات ال عز وجل ؟‌‬
‫‪ – 14‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن اللئكة عليهم السلم عبي ٌد يؤمرون ويُنهون ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فيؤمر بأربع كلمات ) ‪،‬‬
‫والمر لم هو ال عز وجل ‪،‬‬
‫‪ – 15‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن هذه الربعة مكتوبة على النسان ‪ ( :‬رزقه وأجله وعمله‬
‫وشقي أو سعيد ) ‪،‬‬
‫ولكن هل معن ذلك أل نفعل السباب الت يصل با الرزق ؟‬
‫ل ‪ ،‬نفعل ‪،‬‬
‫وما نفعله من السباب تابعٌ للرزق ‪،‬‬
‫‪ – 16‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن اللئكة يكتبون ‪،‬‬
‫فلو قال لنا قائل ‪ :‬بأي حرفٍ يكتبون ؟ أباللغة العربية أو باللغة السريانية أو العبية أو ما أشبه‬
‫ذلك ؟ فما الواب ؟‬
‫السؤال عن هذا بدعة علينا أن نؤمن بأنم يكتبون ‪،‬‬
‫أما بأي لغة ؟‬
‫ما نقول شيئا ‪،‬‬
‫هذه الكتابة هل هي بصحيفة أو تكتب على جبي الني ؟‬
‫فيه آثار تدل على أنا تكتب على جبي الني ‪،‬‬
‫وآثار على أنا تكتب بصحيفة ‪،‬‬
‫والمع بينهما سهل ‪،‬‬
‫إذ يكن أن تكتب على صحيفة ويأخذها اللك إل ما شاء ال ‪،‬‬
‫ويكن أن تكتب على جبي النسان ‪،‬‬
‫‪ – 17‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن النسان ل يدري ماذا كُتب له ‪،‬‬
‫ولذلك أُمر بالسعي لتحصيل ما ينفعه ‪،‬‬
‫وهذا أمرٌ مسلّم ‪،‬‬
‫كلنا ل يدري ماذا كُتب له لكننا مأمورون أن نسعى لتحصيل ما ينفعنا وأن ندع ما يضرنا ‪،‬‬
‫‪ – 18‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ناية بن آدم أحد أمرين ‪:‬‬
‫إما الشقاء ‪،‬‬
‫وإما السعادة ‪،‬‬

‫‪114‬‬
‫هل فيه قسم ثالث ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬فمنهم شقي وسعيد } ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } ‪،‬‬
‫وبالناسبة نريد من أحدكم أن يعرب قوله تعال ‪ { :‬فمنهم شقي وسعيد } من ؟‬
‫( أجاب أحد الطلبة ) ‪،‬‬
‫الفاء بسب ما قبلها ‪،‬‬
‫{ منهم } جار ومرور ‪،‬‬
‫والجرور ف مل خب مقدم ‪،‬‬
‫{ شقي } مبتدأ مؤخر ‪،‬‬
‫{ و } الواو حرف عطف ‪،‬‬
‫{ سعيد } مبتدأ ‪،‬‬
‫والب مذوف تقديره ‪ ( :‬ومنهم سعيد ) ‪،‬‬
‫فالعطف إذن عطف جلة على جلة ‪،‬‬
‫هذا الصواب ‪،‬‬
‫لنك لو تقول ‪ { :‬سعيد } معطوف على { شقي } ‪،‬‬
‫معناه أن الواحد اتصف بكونه شقيا وسعيدا ‪،‬‬
‫فيتعي أن تقول ‪ :‬إن التقدير ( ومنهم سعيد ) ‪،‬‬
‫اللهم اجعلنا من السعداء يا رب العالي إنك على كل شيء قدير ‪،‬‬
‫إذا اختلف الحدثون ‪ :‬ف الديث هل هو مرفوع أو موقوف ؟‬
‫فلنرجح الرفوع لسببي ‪:‬‬
‫السبب الول ‪ :‬أن الرافع معه زيادة علم بلف من رواه غي الرفوع ‪،‬‬
‫الثان ‪ :‬أن الراوي قد يدث بالديث أحيانا ينسبه إل الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وأحيانا ل ينسبه ‪،‬‬
‫الرفوع ‪ :‬ما نسب إل الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫والوقوف ‪ :‬ما نسب إل الصحاب ‪،‬‬
‫فمثلً إذا قلت أنا ‪ :‬قال الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬

‫‪115‬‬
‫الديث الامس‬
‫عن أم الؤمني أم عبد ال عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬وف رواي ٍة لسلم ‪ ( :‬من‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد ) ‪.‬‬
‫عمل عم ً‬

‫‪116‬‬
‫الديث السادس‬
‫عن أب عبد ال النعمان بن بشي رضي ال عنهما قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول ‪ ( :‬اللل َبيّنْ ‪ ،‬والرام َبيّنْ ‪ ،‬وبينهما أمو ٌر مشتبهات ل يعلمهن كثيٌ من الناس ‪،‬‬
‫فمن اتقى الشبهات فقد استبأ لدينه وعرضه ‪ ،‬ومن وقع ف الشبهات وقع ف الرام ‪ ،‬كالراعي‬
‫يرعى ف الِمى يوشك أن يرتع فيه ‪ ،‬أل وإن لكل ملكٍ حِمى ‪ ،‬أل وإن حِمى ال مارمه ‪ ،‬أل‬
‫وإن ف السد مضغة ‪ ،‬إذا صلحت صلح السد كله ‪ ،‬وإذا فسدت فسد السد كله ‪ ،‬أل وهي‬
‫القلب ) ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫الديث السابع‬
‫عن أب رقية تيمٍ بن أوسٍ الداري رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬الدين‬
‫النصيحة ) ‪ ،‬قيل ‪ :‬لن يا رسول ال ؟ قال ‪ ( :‬ل ‪ ،‬ولكتابه ‪ ،‬ولرسوله ‪ ،‬ولئمة السلمي ‪،‬‬
‫وعامتهم ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الديث الثامن‬
‫عن ابن عمر رضي ال عنهما ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ُ ( :‬أ ِمرْتُ أن أقاتل الناس‬
‫حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪ ،‬ويقيموا الصلة ‪ ،‬ويؤتوا الزكاة ‪ ،‬فإن هم‬
‫فعلوا ذلك ‪ ،‬فقد عصموا من دماءهم وأموالم ‪ ،‬إل بق السلم ‪ ،‬وحسابم على ال تعال )‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الشريط السابع‬
‫على ال عز وجل ‪.‬‬
‫كما قال تعال للنب عليه الصلة والسلم ‪ { :‬لست عليهم بسيطر ‪ ،‬إل من تول وكفر } يعن‬
‫من تول وكفر ‪ { ،‬فيعذبه ال العذاب الكب ‪ ،‬إن إلينا إيابم ث إن علينا حسابم } ‪.‬‬
‫فل تزن أيها الداعي إل ال إذا ُر ّد قولك ‪ ،‬أو إذا ل يُقبل من أول مرة ‪.‬‬
‫لنك أديت ما يوجب عليك ‪.‬‬
‫ولكن اعلم أنك إذا قلت حقاّ تريد به وجه ال فل بد أن يؤثر ‪.‬‬
‫حت لو ُر ّد أمامك فل بد أن يؤثر ‪.‬‬
‫اسعوا إل قصة موسى عليه السلم ‪ ،‬حي جُمِعَ له السحرة من كل وجه ف مصر ‪ ،‬واجتمعوا‬
‫حبالم وعصيهم حت إن الرض كانت تشي ثعابي حت إن موسى خاف { أوجس ف نفسه خيفةً‬
‫موسى } ‪ ،‬لا اجتمعوا كلهم قال لم ‪ { :‬ويلكم ل تفتروا على ال كذبا فيسحتكم بعذاب وقد‬
‫خاب من افترى } ‪ ،‬كلمات يسية ‪ ،‬قال ال عز وجل ‪ { :‬فتنازعوا أمرهم بينهم } يعن أنم‬
‫تنازعوا فوراَ ‪ ،‬والفاء ف { تنازعوا } للسببية والترتيب والتعقيب ‪ ،‬فتأمل كيف أثرت هذه‬
‫الكلمة من موسى عليه الصلة والسلم بؤلء السحرة ‪.‬‬
‫فلبد لكلمة الق أن تؤثر ‪.‬‬
‫قد تؤثر فورا وقد تتأخر ‪.‬‬
‫القتل قلنا ‪ :‬هناك فرق بي القتل والقتال ‪ ،‬أيهما أوسع ؟‬
‫القتال ‪.‬‬
‫إذ قد يوز قتال من ل يوز قتله ‪.‬‬
‫ومثّلنا لذا ‪ :‬بقول ال تبارك وتعال ‪ { :‬وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت‬
‫إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفيء إل أمر ال } ‪.‬‬
‫فأمر بقتالا وهي مؤمنة ‪.‬‬
‫ل يل قتلها ول يباح دمها ‪.‬‬
‫لكن من أجل الصلح ‪.‬‬
‫ولذا ُأ ِمرَتَ المة أن توافق المام ف قتال أهل البغي الذين يرجون على المام بشبهة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فإذا قرر المام أن يقاتلهم وجب على الرعية طاعته وموافقته دفعا للشر والفساد ‪.‬‬
‫وهنا نقاتل من ؟ مسلمي أو كافرين ؟‬
‫نقاتل مسلمي ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫لجل إقامة العدل وإزالة الفوضى ‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الديث التاسع‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه عبد الرحن بن صخر رضي ال عنه قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ما نيتكم عنه فاجتنبوه ‪ ،‬وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ‪ ،‬فإنا أهلك‬
‫الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلفهم على أنبيائهم ) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬أبو هريرة عبد الرحن بن صخر ) ‪ :‬أكثر الناس ل يعرفون اسه ‪.‬‬
‫ولذا اختلف الؤرخون ف اسم أب هريرة رضي ال عنه ‪.‬‬
‫وأصح القوال وأقربا للصواب ما ذكره الؤلف ‪ :‬أن اسه عبد الرحن بن صخر ‪.‬‬
‫كُـنّـيَ بـ ( أب هريرة ) لنه كان مع هرة قد ألفها وألفته فلمصاحبتها إياه كُـنّـ َي با ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ما نيتكم عنه ) ‪ :‬النهي ‪ :‬طلب الكف على وجه الستعلء ‪.‬‬
‫يعن أن يطلب منك من هو فوقك ولو باعتقاده أن تكف ‪.‬‬
‫هذا ني ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬على وجه الستعلء ول باعتقاده ‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬رجل ف الطريق يشي صاحب جاه وشرف ومال لقيه بدوي ‪ ،‬بدوي ما له قيمة ‪ ،‬فقال له‬
‫‪ :‬ل تتجه ف هذا الطريق ‪.‬‬
‫هذا ني أو غي ني ؟‬
‫ني ‪.‬‬
‫أيهما أعلى منلة ؟‬
‫النهي ‪.‬‬
‫لكن هذا الناهي يعتقد أنه فوقه فيوجه إليه النهي ‪.‬‬
‫ولذا قال الذي يتكلمون على هذه المور ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إننا نقول ‪ :‬على وجه الستعلء ولو حسب‬
‫دعوى الناهي ‪.‬‬
‫يعن وإن ل يكن عاليا على النهي ‪.‬‬
‫ومعلومٌ أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أعلى منا حقيقةً ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ما نيتكم عنه فاجتنبوه ) ‪ :‬هذه الملة شرطية ‪.‬‬
‫فـ ( ما ) ‪ :‬اسم شرط ‪.‬‬
‫و ( نيتكم ) ‪ :‬فعل الشرط ‪.‬‬
‫( فاجتنبوه ) ‪ :‬جواب الشرط ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ت أنشدتكموه من قبل ‪:‬‬
‫وقرنت بالفاء لنا إحدى المل النظومة ف بي ٍ‬
‫اسي ٌة طلبي ٌة وبامدٍ وبـ ( ما ) و ( قد ) وبـ ( لن ) وبالتنفيس‬
‫الملة الت معنا من أي القسام السبعة ؟‬
‫طلبية ‪ ،‬يعن فعل أمر ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬اجتنبوه ) ‪ :‬يعن ابتعدوا عنه ‪.‬‬
‫فكونوا ف جانب وهو ف جانب ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) ‪ :‬الملة هذه أيضا شرطية ‪.‬‬
‫فعل الشرط فيها ‪ ( :‬أمرتكم ) ‪.‬‬
‫وجوابه ‪ ( :‬فأتوا منه ما استطعتم ) ‪.‬‬
‫يعن ‪ :‬افعلوا منه ما استطعتم ‪ ،‬أي ما قدرت عليه ‪.‬‬
‫وهنا تدون الفرق بي النهيات والأمورات ‪.‬‬
‫النهيات ‪ :‬قال ‪ ( :‬اجتنبوه ) ‪ ،‬ول يقل ‪ ( :‬ما استطعتم ) ‪.‬‬
‫ف ‪ ،‬وكل إنسان يستطيعه ‪.‬‬
‫ووجهه ‪ :‬أن النهي ك ٌ‬
‫والمر ‪ :‬إياد قد يستطاع وقد ل يستطاع ‪.‬‬
‫ولذا قال ف المر ‪ ( :‬ائتوا منه ما استطعتم ) ‪.‬‬
‫ويترتب على هذا فوائد سنذكرها إن شاء ال تعال ف الفوائد ‪.‬‬
‫ي دقيق ‪.‬‬
‫لكن التعبي النبوي تعب ٌ‬
‫والفرق بي المر والنهي كما سعتم ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإنا أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلكم ) ‪ ( :‬إنا ) ‪ :‬أداة حصر ‪ ،‬أو ( إن ) للتوكيد‬
‫‪ ،‬و ( ما ) اسم موصول ؟‬
‫الثان ‪.‬‬
‫بدليل قوله ‪ ( :‬كثرة ) ‪ :‬على أنا خب ‪ ( :‬إن ) ‪.‬‬
‫أي ‪ :‬فإن الذي أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ‪.‬‬
‫ويوز أيضا أن تعل ( إنا ) أداة حصر ‪.‬‬
‫ويكون العن ‪ :‬ما أهلك الذين من قبلكم إل كثرة مسائلهم ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬الذين من قبلكم ) ‪ :‬يشمل اليهود والنصارى وغيهم ‪.‬‬
‫والتبادر ‪ :‬أنم اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫كما قال عز وجل ‪ { :‬والحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫وذلك لن المم السابقة قبل اليهود والنصارى ل تكاد َت ِر ُد على قلوب الصحابة ‪.‬‬
‫فإن نظرنا إل العموم ‪ ،‬قلنا ‪ :‬الراد بقوله ‪ ( :‬من قبلكم ) ‪ :‬جيع المم ‪.‬‬
‫وإن نظرنا إل القرينة قرينة الال ‪ ،‬قلنا ‪ :‬الراد ‪ :‬اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫واليهود أشد ف كثرة الساءلة الت يهرفون با ‪.‬‬
‫ولذلك لا قال لم نبيهم صلى ال عليه وسلم وهو موسى ‪ { :‬إن ال يأمركم أن تذبوا بقرة }‬
‫ماذا صار ؟‬
‫جعلوا يسألون ‪ { :‬ما هي } ‪ { ،‬ما لونا } ‪ ،‬ما عملها ؟!!!‬
‫وقوله ‪ ( :‬وكثرة مسائلهم ) ‪ :‬جع مسألة ‪ ،‬وهي ‪ :‬ما يُسأل عنه ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬واختلفهم على أنبيائهم ) ‪ :‬يعن ‪ :‬وأهلكهم اختلفهم ‪.‬‬
‫ويوز فيها أن تكون مرورة ‪.‬‬
‫أي ‪ ( :‬وكثرة اختلفِهم على أنبيائهم ) ‪.‬‬
‫وكل المرين صحيح ‪.‬‬
‫ولكن العراب الول يقتضي أن يكون مرد الختلف ‪ :‬سببٌ للهلك ‪.‬‬
‫وأما على الحتمال الثان فإنه أن سبب اللك هو ‪ :‬كثرة الختلف ‪.‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬على أنبيائهم ) ‪ :‬يعن العارضة والخالفة ‪.‬‬
‫وهذا قوله صلى ال عليه وسلم ف المام ‪ ( :‬إنا جعل المام ليؤت به فل تتلفوا عليه ) ‪.‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬فل تتلفوا عنه ) ‪.‬‬
‫وهكذا هذا الديث ‪ ( :‬اختلفهم على أنبيائهم ) ‪.‬‬
‫ول يقل ‪ ( :‬عن أنبيائهم ) ‪.‬‬
‫لن كلمة ‪ ( :‬على ) ‪ :‬تفيد أن هناك معارضة للنبياء ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أولً ‪ :‬وجوب الكف عما نى عنه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬ما نيتكم عنه فاجتنبوه ) ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ومنها ‪ :‬أن النهي عنه يشمل القليل والكثي ‪.‬‬
‫لنه ل يتأتى اجتنابه إل باجتناب قليله وكثيه ‪.‬‬
‫فمثلً ‪ :‬نانا عن الربا ‪.‬‬
‫يشمل قليله وكثيه ‪.‬‬
‫ولو قلتُ لك ‪ :‬ل تأكل هذه البزة ‪.‬‬
‫شـمل قليلها وكثيها ‪.‬‬
‫يعن ل تأكلوا منها شيئا ‪.‬‬
‫إل إذا كان معك قرينة تدل على أن الراد ‪ :‬ل تأكلها جيعها ‪.‬‬
‫فيُعمل با ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ومنها ‪ :‬أن الكف أهون من الفعل ‪.‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أمر ف النهيات أن تُجتنب كلها ‪.‬‬
‫لن الكف سهل ‪.‬‬
‫فإن قال قائل ‪َ :‬ي ِردُ على هذا إباحة اليتة للمضطر ‪ ،‬وإباحة النير للمضطر ‪ ،‬وإذا كان مضطرا‬
‫ل يب الجتناب ؟‬
‫فالواب عن هذا ‪ :‬أن نقول ‪ :‬إذا وُجدت الضرورة ارتفع التحري ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬
‫فل تري أص ً‬
‫ولذا كان من قواعد أصول الفقه ‪ :‬ل مرم مع الضرورة ‪ ،‬ول واجب مع العجز ‪.‬‬
‫إذن اليراد هذا غي وارد ‪.‬‬
‫لو قال لنا قائل ‪ ( :‬فاجتنبوه ) ‪ :‬هذا عام ‪ ،‬فيشمل اجتناب أكل اليتة عند الضرورة ؟‬
‫فنقول ‪ :‬ل يشمل ‪.‬‬
‫لنه إذا وُجدت الضرورة ارتفع التحري ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه ل يب من فعل الأمور إل ما كان مستطاعا ‪.‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬هل هذه الملة تفيد التسهيل أو التشديد ‪ ،‬ونظيها ‪ :‬قوله تعال ‪ { :‬فاتقوا ال ما‬
‫استطعتم } ؟‬
‫فالواب ‪ :‬لا وجهان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬قد يكون العن ‪ :‬ل بد أن تقوموا بالواجب بقدر الستطاعة ‪ ،‬وأل تتهاونوا ما دمتم‬
‫مستطيعي ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ويتمل العن ‪ :‬ل وجوب إل مع الستطاعة ‪.‬‬
‫العن الثان يؤيده قوله تعال ‪ { :‬ل يكلف ال نفسا إل وسعها } ‪.‬‬
‫ولذا لو أمرت إنسانا ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما أستطيع ‪ ،‬وهو يستطيع ل يسقط عنه المر ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫الديث العاشر‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى عليه وسلم ‪ ( :‬إن ال تعال طيبٌ ل يقبل‬
‫إل طيبّا ‪ ،‬وإن ال أمر الؤمني با أمر به الرسلي ‪ ،‬فقال تعال ‪ { :‬يا ايها الرسل كلوا من‬
‫الطيبات واعملوا صالا } ‪ ،‬وقال تعال ‪ { :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم } ‪ ،‬ث ذكر الرجل‬
‫يطيل السفر أشعث أغب يد يديه إل السماء ‪ :‬يا رب يا رب ‪ ،‬ومطعمه حرام ‪ ،‬ومشربه حرام ‪،‬‬
‫وملبسه حرام ‪ ،‬و ُغذّيَ بالرام ‪ ،‬فأنّى يُستجاب له ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫الديث الادي عشر‬
‫عن أب ممد السن بن علي بن أب طالب – سبط رسول ال صلى ال عليه وسلم وريانته –‬
‫رضي ال عنهما قال ‪ :‬حفظت من رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬دعك ما يريبك إل ما‬
‫يريبك ) رواه الترمذي والنسائي ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الديث الثان عشر‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من حُسْنِ إسلم الرء‬
‫تركه ما ل يعنيه ) حديثٌ حسن رواه الترمذي وغيه هكذا ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫الديث الثالث عشر‬
‫عن أب حزة أنس بن مالك رضي ال عنه – خادم رسول ال صلى ال عليه وسلم – عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه ) رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫الديث الرابع عشر‬
‫ئ مسلمٍ إل‬
‫عن ابن مسعود رضي ال عنه قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل يل دم امر ٍ‬
‫بإحدى ثلث ‪ :‬الثيب الزان ‪ ،‬والنفس بالنفس ‪ ،‬والتارك لدينه الفارق للجماعة ) رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫الديث الامس عشر‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬من كان يؤمن بال‬
‫واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت ‪ ،‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليكرم جاره ‪ ،‬من كان‬
‫يؤمن بال واليوم الخر فليكرم ضيفه ) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫الشريط التاسع‬
‫‪ -‬الرديئة تكتب والطيبة تكتب ‪،‬‬
‫واللغو فيه خلف ‪:‬‬
‫بعضهم يقول ‪ :‬تكتب ‪،‬‬
‫وبعضهم يقول ‪ :‬ل تكتب ‪،‬‬
‫وظاهر اليات الكرية أن لديه رقيب عتيد ‪،‬‬
‫ول يلزم من ذلك أن تكتب ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬من سب النبياء غي الرسول عليه الصلة والسلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬أكمل الشيخ وقال ‪ :‬نعم فإنه كافر ‪،‬‬
‫لن من سب رسو ًل فقد سب جيع الرسل ‪،‬‬
‫ومن كذب رسولً فقد كذب جيع الرسل ‪،‬‬
‫اسع إل قول ال عز وجل ‪ { :‬كذبت قوم نوح الرسلي } ‪،‬‬
‫مع أنه ليس هناك رسول قبله كل الرسل بعده ‪،‬‬
‫فجعل تكذيبهم لنوح تكذيبا لميع الرسل ‪،‬‬
‫لن التكذيب لواحد تكذيب للجنس كله ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬لاذا ل يقتل الذين رموا عائشة رضي ال عنه بالزنا ؟‬
‫الواب ‪ :‬الق لعائشة وللنب صلى ال عليه وعلى وآله وسلم ‪،‬‬
‫والذين رموها منهم منافقون ل يصرحون بالزنا ‪،‬‬
‫ولكن مثلً يقولون ‪ :‬قال الناس كذا وكذا ‪،‬‬
‫أو ييء ويقول ‪ :‬ما ظنكم بامرأة خل با رجل ‪ ،‬أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫ُي َعرّضون ‪،‬‬
‫وهذه قضية عي ‪ ،‬ال أعلم ‪،‬‬
‫ولكن َحدّ ُه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬حد القذف ‪،‬‬
‫وبعضهم تركه ‪،‬‬
‫ولبن القيم ف زاد العاد كلم طيب حول هذا الوضوع لو ترجعون إليه ‪،‬‬

‫‪133‬‬
‫الديث السادس عشر‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رجلً قال ‪ ( :‬يا رسول ال أوصن ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ل تغضب ) ‪،‬‬
‫فردد مرارا ‪ ( :‬ل تغضب ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫ل يبي هذا الرجل ‪،‬‬
‫وهذا يأت كثيا ف الحاديث ل يبي فيها البهم ‪،‬‬
‫وذلك لن معرفة اسم الرجل أو وصفه ل يُحتاج إليه ‪،‬‬
‫ل قال ‪ :‬كذا ) ‪،‬‬
‫فلذلك تد ف الحاديث أن ( رج ً‬
‫وتد بعض العلماء يتعب تعبا عظيما ف تعيي هذا الرجل ‪،‬‬
‫والذي أرى أنه ل حاجة للتعب ‪،‬‬
‫ما دام الكم ل يتغي بفلن وفلن ‪،‬‬
‫فل حاجة إل التعب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أوصن ) ‪ :‬الوصية هي العهد إل الشخص بأمر هام ‪،‬‬
‫أن يعهد إليه بأمر هام ‪،‬‬
‫كما يوصي الرجل على ثلثه أو على ولده الصغي أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ل تغضب ) ‪ :‬الغضب هو الغضب حقيقة ‪،‬‬
‫لكن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بيّن أنا جرة يلقها الشيطان ف قلب ابن آدم فيغلي‬
‫القلب ولذلك يمر وجهه وتنتفخ أوداجه ‪،‬‬
‫وربا يقف شعره ‪،‬‬
‫فهل مراد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬ل تغضب ) يعن ل يقع منك الغضب أو العن‬
‫ل تنفذ الغضب ؟‬
‫لننظر ‪،‬‬
‫أما الول فإن ضبطه صعب ‪،‬‬
‫لن الناس يتلفون ف هذا اختلفا كبيا ‪،‬‬
‫لكن ل مانع أن نقول ‪ :‬أراد أن ( ل تغضب ) يعن الغضب الطبيعي ‪،‬‬
‫بعن أن توطن نفسك وتبد على نفسك ‪،‬‬
‫أما الثان وهو أل تنفذ مقتضى الغضب فهذا ح ٌق ينهى عنه ‪،‬‬

‫‪134‬‬
‫إذن كلمة ‪ ( :‬ل تغضب ) هل ني عن الغضب الذي هو طبيعي أو ل ؟ أو ني عما يقتضيه‬
‫الغضب ؟ أيهما ؟‬
‫الواب ‪ :‬إن نظرنا إل ظاهر اللفظ قلنا ‪ ( :‬ل تغضب ) الغضب الطبيعي ‪،‬‬
‫لكن هذا فيه صعوبة ‪،‬‬
‫وله وجه يكن أن يمل عليه ‪،‬‬
‫بأن يقال ‪ :‬اضبط نفسك عند وجود السبب حت ل تغضب ‪،‬‬
‫والعن الثان ‪ ( :‬ل تغضب ) أي ل تنفذ مقتضى الغضب ‪،‬‬
‫فلو غضب إنسان وأراد أن يطلق امرأته نقول ‪ :‬ل ‪ ،‬اصب ‪َ ،‬تأَنّ ‪،‬‬

‫‪135‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد كثية منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حرص الصحابة رضي ال عنهم على ما ينفع ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أوصن ) ‪،‬‬
‫والصحابة رضي ال عنهم إذا علموا الق ل يقتصرون على مرد العلم بل يعملون ‪،‬‬
‫كثي من الناس اليوم يسألون عن الكم فيعلمونه ولكن ل يعملون با ‪،‬‬
‫أما الصحابة رضي ال عنهم فإنم إذا سألوا عن الدواء استعملوا الدواء فعملوا ‪.‬‬
‫‪ – 2‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الخاطب يُخاطب با تقتضيه حاله ‪،‬‬
‫انتبه لذه القاعدة الهمة ‪:‬‬
‫إذا قررنا هذا ل َي ِردُ عليه الشكال الت ‪:‬‬
‫وهو أن يقال ‪ :‬لاذا ل يوصه بتقوى ال عز وجل كما قال ال تعال ‪ { :‬ولقد وصينا الذين أوتوا‬
‫الكتاب وإياكم أن اتقوا ال ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن كل إنسان ياطب با تقتضيه حاله ‪،‬‬
‫فكان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عرف أن هذا الرجل غضوب فأوصاه بذلك ‪،‬‬
‫هذا مثال ‪،‬‬
‫ومثال آخر ‪ :‬رجل أتى إليك وقال ‪ :‬أوصن ‪ ،‬وأنت تعرف أن هذا الرجل يصاحب الشرار ‪،‬‬
‫يصلح أن تقول ‪ :‬أوصيك أل تصاحب الشرار ‪،‬‬
‫لن القام يقتضيه ‪،‬‬
‫مثال آخر ‪ :‬جاءك رجل وقال ‪ :‬أوصن ‪ ،‬وأنت تعرف أنه يسيء العشرة مع أهله ‪ ،‬ماذا تقول ؟‬
‫أل تسيء العشرة مع أهلك ‪،‬‬
‫فهذه القاعدة الت ذكرناها يل عليها جواب النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن يوصي‬
‫النسان با يقتضيه حاله ل بأعلى ما يوصى به أنه أعلى ما يوصى به غي هذا ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬النهي عن الغضب ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬ل تغضب ) ‪،‬‬
‫لن الغضب يصل منه مفاسد عظيمة إذا نفذ النسان مقتضاه ‪،‬‬
‫كم من إنسان غضب ‪ ،‬فَ َطلّق ‪ ،‬فجاء يسأل ‪،‬‬
‫كم من إنسان غضب فقال ‪ :‬وال ل أكلم فلن ‪ ،‬فندم ‪ ،‬وجاء يسأل ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬إذا وُجد سبب الغضب وغضب النسان ‪ ،‬فماذا يصنع ؟‬

‫‪136‬‬
‫نقول ‪ :‬هناك دواء والمد ل ‪،‬‬
‫دواء لفظي ‪،‬‬
‫ودواء فعلي ‪،‬‬
‫اللفظي ‪ :‬إذا أحس بالغضب فليقل ‪ ( :‬أعوذ بال من الشيطان الرجيم ) ‪،‬‬
‫ل قد غضب غضبا شديدا فقال ‪ ( :‬إن أعلم‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬رأى رج ً‬
‫كلمةً لو قالا – يعن ل يغضب – لو قال ‪ :‬أعوذ بال من الشيطان الرجيم – هذا قول ‪،‬‬
‫الفعل – إذا كان قائما فليجلس وإذا كان جالسا فليضطجع ) ‪،‬‬
‫لن تغي حاله الظاهر يوجب تغي حاله الباطن ‪،‬‬
‫فإن ل ُي ِفدْ فليتوضأ ‪ ،‬يتوضأ بدون استنجاء ‪،‬‬
‫وضوء عادي ‪،‬‬
‫لن اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب ‪،‬‬
‫ولن الوضوء يطفئ حرارة الغضب ‪،‬‬
‫سؤال ‪ :‬وهل يُقتصر على هذا ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل يلزم القتصار على هذا ‪،‬‬
‫قد نقول ‪ :‬إذا غضبت فغادر الكان ‪،‬‬
‫وكثي من الناس يفعل هذا ‪،‬‬
‫فإذا غضب غادر البيت حت ل يدث ما يكره بعد ‪،‬‬
‫‪ – 4‬من فوائد الديث ‪ :‬أن الدين السلمي ينهى عن مساوئ الخلق ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬ل تغضب ) ‪،‬‬
‫والنهي عن مساوئ الخلق يستلزم المر بحاسن الخلق ‪،‬‬
‫َعوّد نفسك التحمل وعدم الغضب ‪،‬‬
‫لكن الشكل أن بعض الناس يملك على أن تغضب كرها عليك وذلك بإساءة الدب معك ‪،‬‬
‫فل تلك نفسك ‪،‬‬
‫إل أنه ينبغي على النسان أن يُ َمرّ َن على عدم الغضب ‪،‬‬
‫كان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم يذب العرابّ رداءه حت يؤثر ف رقبته ث يلتفت إليه‬
‫ويضحك ‪،‬‬
‫مع أن هذا لو فعله بنا أقل شيء نغضب عليه ‪،‬‬
‫ولكن الضرب وارد ربا تضربه ‪،‬‬

‫‪137‬‬
‫فعليك باللم ما أمكن ذلك ‪،‬‬
‫يستريح قلبك وتبتعد عن المراض الطارئة من الغضب كالسكري والضغط وما أشبهه ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الديث السابع عشر‬
‫عن أب يعلى شداد بن أوس رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪:‬‬
‫( إن ال كتب الحسان على كل شيء ‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ‪ ،‬وإذا ذبتم فأحسنوا‬
‫حدّ أحدكم شفرته َولْـيُـرِحْ ذبيحته ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫الذبة ‪َ ،‬ولْيُ ِ‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬كتب ) ‪ :‬بعن شرع ل بعن أوجب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬الحسان على كل شيء ) ‪ :‬أي ف كل شيء ‪،‬‬
‫ول يقل ‪ :‬إل كل شيء ‪،‬‬
‫بل قال ‪ ( :‬ف كل شيء ) يعن أن الحسان ليس خاصا بشيء معي من الياة بل هو ف جيع‬
‫الياة ‪،‬‬
‫ث ضرب أمثلة فقال ‪ ( :‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ‪ ،‬وإذا ذبتم فأحسنوا الذبة ) ‪،‬‬
‫الفرق بينهما ‪ :‬أن القتول ل يل بالقتل كما لو أراد أن يقتل إنسانا مؤذيا نقول ‪ :‬أحسن القتلة ‪،‬‬
‫أراد أن يقتل ثعبانا نقول ‪ :‬أحسن القتلة ‪،‬‬
‫إذا ذبت أحسن الذبة وهذا فيما يؤكل أحسن الذبة لكل ما يكون فيه الحسان ‪،‬‬
‫ح ّد أحدكم شفرته ) ‪ :‬السكي ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ ( :‬وَلْيُ ِ‬
‫وَ َحدّها بعن حَكّها حت تكون قوية القطع يكها بالبد بالجر وغيه حت تكون حادة يصل به‬
‫الذبح بسرعة ‪،‬‬
‫قوله ‪( :‬وَلْـيُـرِحْ ذبيحته ) ‪ :‬اللم للمر ف ( وليح ) ‪،‬‬
‫قوله ‪( :‬وَلْـيُـرِحْ ذبيحته ) ‪ :‬عند الذبح بيث ير السكي بقوة وبسرعة ‪،‬‬
‫ل يبقى يرحر هكذا ‪،‬‬
‫لن هذا يؤذي البهيمة ‪،‬‬
‫بل بقوة وسرعة ‪،‬‬

‫‪139‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ففي هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬رأفة ال سبحانه وتعال بالعباد وأنه كتب الحسان على كل شيء ‪،‬‬
‫سؤال ‪ :‬هل يدخل ف ذلك الحسان إل تدله الطريق ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬إطعام الطعام يدخل ‪ ،‬المر بالعروف والنهي عن النكر يدخل ‪ ،‬كل شيء وما‬
‫ذكره النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم من القتل والذبح مرد أمثلة ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬بالث على الحسان ف كل شيء ‪،‬‬
‫لن ال كتب ذلك ‪،‬‬
‫أي شرعه شرعا ً مؤكدا ‪،‬‬
‫‪ – 3‬أنك إذا قتلت شيئا يباح قتله فأحسن القتلة ‪،‬‬
‫ولنضرب لذا مثلًَ ‪ :‬إنسان آذاه كلب وأراد أن يقتله ‪،‬‬
‫له طرق قتله ‪،‬‬
‫أليس كذلك ؟‬
‫مرة يقتل بالرصاص ‪،‬‬
‫يقتل ِب َرضّ الرأس ‪،‬‬
‫يقتل بإسقائه السم ‪،‬‬
‫يقتل بالصعق بالكهرباء ‪،‬‬
‫أنواع كثية من القتل ‪،‬‬
‫فبأيها نقتله ؟‬
‫بالسر ‪،‬‬
‫أسهلها كما قيل ‪ :‬بالصعق بالكهرباء ‪،‬‬
‫لن الصعق بالكهرباء ل يس القتول بأي أل ‪،‬‬
‫على طول ترج روحه من غي أن يشعر ‪،‬‬
‫فيكون هذا أسهل شيء ‪،‬‬
‫يستثن من ذلك القصاص ‪،‬‬
‫القصاص يفعل بالان كما فعل بالقتول ‪،‬‬
‫ض فأمر النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن ُي َرضّ رأسه‬
‫ومر علينا آنفا قصة اليهودي الذي َر ّ‬
‫بي حجرين ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬يقول الصنف ‪ ( :‬شرعه ) أي أوجبه مع أن ال أمر بالحسان ؟‬
‫الواب ‪ :‬الحسان على سبيل الفضل { إن ال يأمر بالعدل والحسان } ‪،‬‬
‫العدل واجب والحسان فضل ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا قلنا بأن ال تعال أخب بعفوه عن ‪، ...........‬‬
‫فإذا قائل بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم لسان حاله يب بأنه عفا عن ذلك‬
‫{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم } ‪،‬‬
‫أيضا عفوه صلى ال عليه وسلم عن بعض الصحابة – الذين سبوه ( هذا كلم الشيخ ) – ما‬
‫يكون شريعة يكون عاما ‪،‬‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬هذه قضايا أعيان ‪،‬‬
‫ولذا ل يعفُ عن عبد ال بن خطل ‪ ،‬كان أسلم ث ارتد وجعل جاريتي تغنيان بجاء النب صلى‬
‫ال عليه وسلم وف فتح مكة تعلق بأستار الكعبة فقال ‪ ( :‬اقتلوه ) ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إقامة الد يكون لول المر حديث سعد بن أب وقاص ‪ ...........‬؟‬
‫الواب ‪ :‬يقول ‪ :‬هذا ليس بد ‪،‬‬
‫هذا حد خاص ف قضية خاصة ‪،‬‬
‫كل إنسان يد والعياذ بال رجل على امرأته فله أن يقتله ‪،‬‬
‫لكن لحظ أن وراءك قضا ًء وهو أن تطالب بإثبات هذا ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬بالنسبة ليذاء اليوان مت النسان يقتل هذا اليوان هل ما ُع ّد عرفا أنه إيذاء ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫مثل اليذاء أنه مثلً يأكل اللحم أو يشرب اللب أو ينجس الكان أو يكون له أصوات مزعجة ‪،‬‬
‫أنواعٌ كثيةٌ من الذى ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬بالنسبة للذي سب الرسول صلى عليه وعلى آله وسلم إذا كان معه إنسان فقتله ف‬
‫نفس الوقت فماذا على الذي قتله ؟‬
‫الواب ‪ :‬ليس عليه شيء ‪،‬‬
‫إل أنه اعتدى من جهة حق ول المر ‪،‬‬
‫لكن هذه النفس غي معصومة ‪،‬‬
‫لنه سب الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ولكن كما قلنا للخ ‪ :‬يبقى إثبات هذا ‪،‬‬

‫‪141‬‬
‫فإذا ل يثبت قُتِل القاتل ‪،‬‬
‫وإل لكان كل واحد يقتل شخصا ‪،‬‬
‫ويقول ‪ :‬سب الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬من هو الضيف ؟ القادم من السفر أم القيم ف البلد ؟ ويبقى كم يوم ؟ وإذا ل يكرم‬
‫فهل يوز أن يأخذ من الال سرقة ؟ يعن يأخذ الال بدون إذن ؟‬
‫الواب ‪ :‬الضيف إذا نزل ضيفا على إنسان ول يكرمه يعن ل يعطه حق الضيافة فله أن يأخذ من‬
‫ماله بقدر الضيافة فقط ‪ ،‬ما ل يكن فتنة ‪،‬‬
‫فإن كان فتنة فل ‪،‬‬
‫وهل هو القيم أو القادم ؟‬
‫فرد الشيخ ‪ :‬ل ‪ ،‬القادم من السفر ‪،‬‬
‫وكم يوم يبقى ؟‬
‫الضيافة يوم وليلة هذا الواجب ‪،‬‬
‫والكمل ثلثة أيام ‪،‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫أسئلة حول الديث‬
‫السؤال ‪ :‬لاذا أوصى الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم هذا الرجل لا قال ‪ :‬أوصن ‪ ،‬قال‬
‫‪ ( :‬ل تغضب ) ‪ ،‬مع أن هناك شيئا أهم ؟‬
‫الواب ‪ :‬كأن النب صلى ال عليه وآله وسلم شعر أنه غضوب فأوصاه أل يغضب ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬وهل ف الديث ما يدل على تكرار السؤال ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫كيف ؟‬
‫قوله ‪ ( :‬فردد مرارا ) ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬لاذا قال ‪ ( :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أ‪ ,‬ليصمت ) ؟‬
‫الواب ‪ :‬من باب الث والزجر ‪،‬‬
‫يعن الذي إيانه صادق فسوف يفعل هذا فيقول خيا أو ليصمت ‪،‬‬
‫القول الي قسمان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬خي ف ذاته ‪،‬‬
‫‪ – 2‬خي بغيه ‪،‬‬

‫‪142‬‬
‫مثال الول ‪ :‬التسبيح والتحميد والمر بالعروف والنهي عن النكر ‪،‬‬
‫ومثال الثان ‪ :‬الكلم ليس خيا ف ذاته ‪،‬‬
‫لكنه ساقه من أجل السرور والنس على إخوانه ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إكرام الار كيف يكون ؟ وهل له حد شرعي أو راجع على العرف ؟‬
‫الواب ‪ :‬يرجع إل العرف ‪،‬‬
‫ما ُعدّ إكراما فهو إكرام ‪،‬‬
‫وما ل فليس بإكرام ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل هذا الديث يدل على أن السلم يريد من المة أن تتكاتف وتتعارف وتتآلف ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل شك أنه يدل على ذلك ‪،‬‬
‫حت ل تتفرق المة ‪،‬‬
‫ويكون كل جار ل يعرف جاره ‪،‬‬
‫بلف المم الخرى ‪،‬‬
‫فإن الرجل ل يعرف بل ربا ل يعرف أولده إذا كبوا ‪،‬‬
‫أظنهم إذا بلغوا ثانية عشر سنة انفصل بعضهم عن بعض ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬إن ال كتب الحسان على كل شيء ) ما معن ‪:‬‬
‫( كتب الحسان على كل شيء ) ؟‬
‫الواب ‪ :‬أي جعله ف كل شيء حت ف الذبيحة والقتلة ‪،‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا قال قائل ‪ :‬سكت عن النحر ؟‬
‫الواب ‪ :‬لن هذا هو الغالب ‪،‬‬
‫فالغالب هو الذبح ‪،‬‬
‫إذ أن النحر ل يكون إل ف البل ‪،‬‬
‫وكم من يذبح من البهائم ؟‬
‫ما ل يصيه إل ال عز وجل أجناسا وأنواعا وأفرادا ‪،‬‬
‫من فوائد هذا الديث ‪:‬‬
‫‪ – 4‬أن ال عز وجل له المر وإليه الكم ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬إن ال كتب الحسان ) ‪،‬‬
‫وكتابة ال نوعان ‪:‬‬
‫أ – كتابة كونية ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫ب – كتابة قدرية ‪.‬‬
‫الكتابة الكونية ل بد أن تقع ‪،‬‬
‫والكتابة الشرعية قد تقع من بن آدم وقد ل تقع ‪،‬‬
‫مثال الول ‪:‬‬
‫قوله ال تعال ‪ { :‬ولقد كتبنا ف الزبور من بعد الذكر أن الرض يرثها عبادي الصالون } وهذه‬
‫كتابة قدرية ‪،‬‬
‫مثال الثان ‪:‬‬
‫قوله تعال ‪ { :‬كتب عليكم القتال وهو كر ٌه لكم } ‪،‬‬
‫{ كتب } كتابة شرعية ‪،‬‬
‫وقوله ‪ { :‬وهو كرهٌ لكم } ‪،‬‬
‫والضمي ‪ { :‬هو } ‪ ،‬يعود على ‪ { :‬القتال } ‪،‬‬
‫وليس يعود على الكتاب ‪،‬‬
‫لن الصحابة ل يكن أن يكرهوا فريضة ال ‪،‬‬
‫لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيُقتلون ‪،‬‬
‫وفرق بي أن يكره النسان حكم ال أو يكره الكم به ‪،‬‬
‫ومن الكتابة الشرعية ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } أي كتب شرعا ‪،‬‬
‫‪ – 5‬أن الحسان شاملٌ ف كل شيء ‪ ،‬كل شيء يكن فيه الحسان ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬إن ال كتب الحسان على كل شيء ) ‪،‬‬
‫‪ – 6‬حسن تعليم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بضرب المثال ‪،‬‬
‫لن المثلة تقرب العان ‪،‬‬
‫ف قوله ‪ ( :‬إذا قتلت ) ‪ ( ،‬وإذا ذبت ) ‪،‬‬
‫‪ – 7‬وجوب إحسان ( القِ ْتلَة ) ( القَ ْتلَة ) ‪ ،‬القِ ْتلَة ‪،‬‬
‫لن هذا وصف للهيئة ل للفعل ‪،‬‬
‫سؤال ‪ :‬إحسان القتلة باذا يكون ؟‬
‫الواب ‪ :‬قلنا ‪ :‬إن إحسان القتلة يكون على القول الراجح هو اتباع الشرع فيها سواءً كانت‬
‫أصعب أو أسهل ‪،‬‬
‫على هذا التقدير ل َي ِردُ علينا مسألة الرّجْم ‪،‬‬
‫‪ – 8‬أن نسن الذبة بأن تذبها على الوجه الشروع ‪،‬‬

‫‪144‬‬
‫وسبق أن الذبح ل بد فيه من شروط ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬ف الذابح ‪ :‬بأن يكون مسلما أو يهوديا أو نصرانيا ‪،‬‬
‫فإن كان وثنيا ل تل ذبيحته ‪،‬‬
‫وإن كان مرتدا ل تل ذبيحته ‪،‬‬
‫وعلى هذا فتارك الصلة ل تل ذبيحته ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬
‫لنه ليس مسلما ول يهوديا ول نصرانيا ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬ما هو الدليل على أن ذبيحة اليهودي والنصران حلل ؟‬
‫فالواب ‪ :‬قول ال عز وجل ‪ { :‬وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلّ لكم وطعامكم حِ ّل لم } ‪،‬‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنه ‪ :‬طعامهم ما ذبوه ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن تكون اللة ما يباح الذبح با ‪،‬‬
‫وهي كل ما أنر الدم من حديد أو فضة أو ذهب أو حصى أو قصب ‪ ،‬أي شيء ‪،‬‬
‫يقول النب عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬ما أنر الدم وذكر اسم ال عليه فكلوه ) ‪،‬‬
‫ومعن ‪ ( :‬أنر ) أي أساله ‪،‬‬
‫فلو أن إنسانا ذبح بجر له حدّ وأنر الدم فالذبيحة حلل ‪،‬‬
‫إل أنه يستثن شيئان ‪ ( :‬السن والظفر ) ‪،‬‬
‫علل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم هذا بقوله ‪ ( :‬أما السن فعظم وأم الظفر فمدا البشة )‬
‫أي سكاكي البشة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أما السن فعظم ) أخذ من هذا بعض أهل العلم أن جيع العظام ل تل الذكاة به ‪،‬‬
‫فالعلة أعم ‪،‬‬
‫وعلى هذا فجميع العظام ل تل التذكية به ‪،‬‬
‫والكمة واضحة لن العظم إن كان من ميتة فل يصح أن يُذكى به ‪،‬‬
‫لن التذكية تطهي واليتة نسة ‪،‬‬
‫وإن كان العظم من طاهرة كعظم شاة مذكاة فل تل التذكية به ‪،‬‬
‫لن العظم ( عظم الذكاة ) طعام الن والتذكية به يفسده على الن ‪،‬‬
‫لنه سوف يتلوث بالدم النجس ‪،‬‬
‫وقد ثبت عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أنه قال للجن الذين وفدوا عليه ‪ ( :‬لكم كل‬
‫عظم ذكر اسم ال عليه تدونه أوفر ما يكون لمة ) ‪،‬‬

‫‪145‬‬
‫قد يقول قائل ‪ :‬أنا أمر بالعظام تلوح ليس عليها لم ‪ ،‬فما الواب ؟‬
‫الواب ‪ :‬نقول ‪ :‬أن أتؤمن بال ورسوله ؟‬
‫فسيقول ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬هكذا قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫إذن وعليك أن تؤمن بذلك سوا ًء رأيتَ أم ل ترَ ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عال الن عال غيب ‪،‬‬
‫ولذا أخب النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن الرجل الذي ل يصلّ الصبح ‪ ،‬قال ‪ ( :‬إنه‬
‫بال الشيطان ف أذنه ) ‪،‬‬
‫والعجب أن بعض العلماء قال ‪ :‬هذا يدل على أن بول الشيطان طاهر ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل يأمره بغسل الذن ‪،‬‬
‫يا سبحان ال ‪،‬‬
‫بول الشيطان طاهر وبول النسان نس ‪،‬‬
‫والواب عن هذا ‪:‬‬
‫أن نقول ‪ :‬هذا عال غيب ل يلحق بعال الس ‪،‬‬
‫إذن نقول ‪ :‬يستثن ما ينهر الدم كل عظم ‪،‬‬
‫الظفر علل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ذلك بأنه مد البشة أي سكاكينهم ‪،‬‬
‫ونن منهيون أن نتشبه بالعاجم وهم أعاجم ‪،‬‬
‫البشة دخلت عليهم العربية بعد الفتوحات السلمية ‪،‬‬
‫إذا قائل ‪ :‬لو وجدنا سكاكي ل يستعملها إل البشة فهل تل التذكية با ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬كيف تقولون العبة بعموم العلة ف الول ( السن فعظم ) ول تكون بعموم العلة‬
‫هنا ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن أظفار البشة متصلة بالبدن ‪،‬‬
‫وجعلها مُداّ يستلزم أل تُقص ول تقلّم وهذا خلف الفطرة ‪،‬‬
‫لن النسان إذا عرف أن أظافره ستكون مداّ سيبقيها ‪ ،‬ربا يتاجها فتبي الفرق ‪،‬‬
‫وهذا تذير من النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن مشابة العاجم وعن اتاذ الظافر ‪،‬‬
‫ثالثا ‪ :‬من شروط الذكاة ‪ :‬إنار الدم أي إسالته ‪،‬‬
‫وباذا يكون إنار الدم ؟‬

‫‪146‬‬
‫يكون إنار الدم بقطع الودجي وها العرقان الغليظان الحيطان باللقوم ‪.‬‬
‫هذان العرقان متصلن بالقلب ‪،‬‬
‫إذا قُطع إنار‌َ الدم بكثرة وغزارة وماتت الذبيحة بسرعة ‪،‬‬
‫الدليل على أنر الدم ‪:‬‬
‫قول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬ما أنر الدم وذكر اسم ال عليه فكلوا ) ‪ ،‬فاشترط‬
‫إنار الدم ‪،‬‬
‫س ‪ :‬هل يشترط مع قطع الودجي قطع اللقوم والريء ؟ هل يشترط قطع الربعة ؟‬
‫ج ‪ :‬قطع الربعة ل شك أنه أول وأطهر وأذكى ‪،‬‬
‫لكن لو اقتصر على قطع الودجي ‪،‬‬
‫فالصحيح ‪ :‬أن الذبيحة حلل ‪،‬‬
‫ولو اقتصر على قطع الريء واللقوم ‪،‬‬
‫فالصحيح ‪ :‬أنا حرام ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم نى عن شريطة الشيطان ‪،‬‬
‫وهي أن تذبح ول تفرى أوداجها ‪،‬‬
‫إذن ل بد من قطع اللقوم والريء ‪.‬‬
‫س ‪ :‬هل يشترط أن يكون قطع اللقوم من نصف الرقبة أو من أسفلها أو من أعلها ؟‬
‫ج ‪ :‬ل يشترط ‪،‬‬
‫الهم من أن يكون ذلك ف الرقبة ‪،‬‬
‫سوا ًء من أعلها ما يلي الرأس ‪،‬‬
‫أو من أسفلها ما يلي النحر ‪،‬‬
‫أو من وسطها ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬ذكر اسم ال عليه عند الذبح ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬ما أنر الدم وذكر اسم ال عليه فكلوا ) ‪،‬‬
‫فإذا كان إنار الدم شرطا فكذلك التسمية شرط ‪،‬‬
‫بل إن ال قال ‪ { :‬ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه } ‪،‬‬
‫فإذا ذبح إنسان ذبيحته ول يسم فالذبيحة حرام وإن كانت بعيا ‪.‬‬
‫س ‪ :‬إن نسي أن يسمي ‪ ،‬هل هي حرام أم حلل ؟‬
‫ج ‪ :‬حرام ‪،‬‬

‫‪147‬‬
‫لن الشرط ل يسقط بالنسيان ‪،‬‬
‫بدليل ‪ :‬أن الرجل لو صلى مدثا ناسيا فصلته غي صحيحة ‪،‬‬
‫ولن ال قال ‪ { :‬ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه } ‪ ،‬وأطلق بالنسبة للذابح ‪.‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬فهمنا أن التسمية شرط ‪ ،‬وأنه لو تركها سهواَ أو عمدا فالذبيحة حرام ‪ ،‬لكن‬
‫ماذا تقولون ف قول ال تبارك وتعال ‪ { :‬ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } فقال ال ‪ :‬قد‬
‫فعلت ؟‬
‫فنقول ‪ :‬نن ل نؤاخذ هذا الذي ذبح الذبيحة ول يسم ‪،‬‬
‫نقول ‪ :‬ليس عليه إث ‪،‬‬
‫لكن يبقى الكل إذا أراد أن يأكل من هذه ‪،‬‬
‫وسأل ‪ :‬هل ذكر اسم ال عليه أم ل ؟ ماذا يقال له ؟‬
‫يقال ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫إذن ل يأكل ‪،‬‬
‫لكن لو فرض أن هذا أكل من الذبيحة ناسيا أو جاهلً فل شيء عليه ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬يلزم من هذا أن تفسدوا أموال الناس ‪ ،‬إذا قلت ‪ :‬هذا البعي الت تساوي ألف‬
‫ريال ‪ ،‬قلت ‪ :‬إنا حرام ‪ ،‬لا نسي أن يسمي عليها يعن أنك أضعت ألف ريال ؟‬
‫فالواب ‪ :‬نن ما أضعنا الال ‪،‬‬
‫لن كل شيء متروك بأمر ال ‪ ،‬فتركه ليس إضاعة بل طاعة ل عز وجل ‪،‬‬
‫ألسنا نطيع ال ونعطي الزكاة وهي ربع عشر أموالنا ؟‬
‫لو كان إنسان عنده أربعي مليون زكاته مليون ‪،‬‬
‫فما دمنا تركنا هذه الذبيحة ‪ ،‬الت ل يسم ال تعال عليها فإننا ل نضع الال ف الواقع بل وضعناه‬
‫ف حله ومله ‪ ،‬هذه واحدة ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إذا حرمناه من الذبيحة هذه الرة فهل ينسى بعد ذلك أو ل ينسى ؟‬
‫ج ‪ :‬ل ينسى ‪،‬‬
‫يكن يسمي عشر مرات ‪ ،‬ل ينسى أبدا ‪،‬‬
‫ولذا اعترض بعض الناس على قطع اليد – يد السارق – وقال ‪ :‬لو أننا قطعنا يد السارق لكان‬
‫شعبنا أشل لكان شعبنا أقطع ‪،‬‬
‫فنقول له ‪ :‬أنت الن أقررت بأن نصف شعبك ُسرّاق ‪،‬‬
‫سرّاق ‪،‬‬
‫ولكننا نقول لك ‪ :‬لو قطعت سارقاَ واحدا لنتهى آلف ال ُ‬

‫‪148‬‬
‫فهذا الرجل الذي نسي التسمية ‪،‬‬
‫وقلنا ‪ :‬الذبيحة حرام ‪،‬‬
‫لن ينسى ف الستقبل ‪،‬‬
‫ولدينا آية مكمة ‪ { :‬ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه } ‪ ،‬يستثن من قولنا ‪ :‬أن يقطع‬
‫الوجدين وها ف الرقبة ‪ :‬ما ليس مقدورا عليه ‪ ،‬فالذي ليس مقدورا عليه يَحِ ّل بطعنه ف أي‬
‫موضع كان ببدنه فلو ند لنا بعي ( أي هرب بعي ) وعجزنا عن إدراكه ورميناه بالرصاص‬
‫وأصابت الرصاص بطنه وخزقت قلبه ‪ ،‬ومات ‪َ ،‬يحِلّ أو ل َيحِ ّل ؟ الواب ‪َ :‬يحِلّ ‪ ،‬لنه غي‬
‫مقدور عليه ‪ ،‬وكذلك لو سقط ف بئر ‪ ،‬ول نتمكن من النول إليه لنذبه أو ننحره ورميناه‬
‫وأصابت الرصاصة أي مكان ف بدنه فمات فهو حلل ‪.‬‬
‫س ‪ :‬هل يشترط أن يستقبل القبلة بالذبح ؟ بعن أن يوجه الذبيحة على القبلة ؟‬
‫ج ‪ :‬ل ‪ ،‬ليس بشرط ‪،‬‬
‫بل لو قائل ‪ :‬ليس بسنة حت يقوم دليل على ذلك لن الظاهر من فعل النب صلى ال عليه وعلى‬
‫حرَ ف من ف حجة الوداع ثلث وستي بدنة ل يذكر أنه وجّهها‬
‫آله وسلم أنه ل يفعل هذا ‪ ،‬نَ َ‬
‫وذبح الضحية ف مصلى العيد – يعن قرب مصلى العيد – ول يذكر أنه وجّهها لكن قد تدخل‬
‫ف عموم كل عبادة ينبغي أن يُستقبل با القبلة ‪.‬‬
‫وعلى ك ّل فاستقبال القبلة ليس بشرط ‪.‬‬
‫‪ – 9‬من فوائد الديث أيضا ‪ :‬استحباب – وإن شئت فقل ‪ – :‬وجوب ح ّد الشفرة ‪.‬‬
‫أن يدها لن ذلك أسهل للذبيحة ‪.‬‬
‫ومعن إحدادها أن يسحها بشي ٍء يعلها حادة ‪.‬‬
‫فإن ذبح بآلةٍ كالّة بشفرةٍ كالّة – يعن ما هي جيدة ولكن قطع ما يب قطعه ‪ ،‬فالذبيحة حلل أو‬
‫حرام ؟‬
‫الواب ‪ :‬حلل ‪ ،‬لكنه آث ‪ ،‬حيث ل يَحُد الشفرة ‪.‬‬
‫ث هنا سؤال ‪ :‬هل يد الشفرة أمام الذبيحة ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل يد الشفرة أمامها ‪.‬‬
‫ح ّد الشّفار وأن تُوارى عن البهائم ‪ ،‬تُغطى ‪.‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أمر أن تُ َ‬
‫ولنه إذا أَ َحدّها أمامها فهي تعرف ‪.‬‬
‫ولذا أحيانا إذا حدا أمام الذبيحة هربت وعجزوا عنها ‪.‬‬
‫حدّ الشفرة لكن مواراتا عن الذبيحة ‪.‬‬
‫هربت خوفا من الذبح فَ ُ‬

‫‪149‬‬
‫‪ – 10‬وجوب إراحة الذبيحة وذلك بسرعة الذبح ‪ ،‬ما يبقى هكذا يرخر ‪ ،‬ل ‪ ،‬بسرعة ‪ ،‬يعن‬
‫هو َأرْيَحْ لا ‪.‬‬
‫ويبقى النظر ‪ :‬هل نعل قوائمها الربع مطلقة أو نسك با ؟‬
‫فالواب ‪ :‬نعلها مطلقة ‪ ،‬ونعل الرجل على صفحة العنق لئل تقوم ‪ ،‬وبقية العضاء ‪ :‬الرجل‬
‫واليدي تبقى مطلقة ‪ ،‬هذا َأ ْريَحْ للذبيحة ‪ ،‬أريح للذبيحة من وجه ‪ ،‬وأشد إفراغا للدم من وجهٍ‬
‫آخر ‪ ،‬لن مع الركة والضطراب يرج الدم ‪.‬‬
‫وما يفعله بعض الناس اليوم الن من كونم إذا أضجعوا الشاة وأرادوا الذبح َبرَكوا عليها‬
‫وأمسكوا بيديها ورجليها ‪ ،‬هذا تعذيب لا ‪.‬‬
‫وبعضهم يأخذ بيدها اليسرى ويلويها من وراء العنق ‪ ،‬هذا أشد ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬ضع يدك على صفحة العنق واذبح ودعها ‪.‬‬
‫يعن دعها تتحرك تضطرب مع بقاء رجلك على صفحة العنق حت توت ‪.‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬هل من إراحتها ما يفعله بعض الناس بأن يكسر عنقها ‪ ،‬بعض الناس من يوم يذبح‬
‫ويرج الدم قبل أن توت يكسر العنق من أجل سرعة الوت ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل يوز هذا ‪ ،‬لن ف كسر عنقها إيلما شديدا لا ‪.‬‬
‫س ‪ :‬وهل نن ف حاجة إل هذا اليلم ؟‬
‫ج ‪ :‬ل ‪ ،‬ننتظر حت يرج الدم ‪ ،‬وإذا خرج الدم انتهى كل شيء ‪.‬‬
‫س ‪ :‬هل نقول ‪ :‬يدخل ف هذا إذا أراد النسان أن يؤدب أهله وولده ‪ ،‬هل يؤدب بإحسان أو‬
‫بصلف وشدة ؟‬
‫ج ‪ :‬الول ‪ :‬ولذا قال النب عليه الصلة والسلم ف حجة الوداع ‪ ( :‬ولكم عليهن أل يوطئن‬
‫فرشكم أح ٌد تكرهونه ‪ ،‬فإنْ فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غي مبح ) ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬حت ف التأديب إذا أردت أن تؤدب فأحسن الدب ‪ ،‬ل تؤدب بعنف ‪.‬‬
‫وبعض الناس يؤدب بعنف ‪ ،‬يظن أن ذلك أنفع ‪ ،‬وليس هكذا ‪ ،‬فاضرب ضربا ول تسرف فيه ‪.‬‬
‫ولذا قال العلماء ف كتاب النايات ‪ :‬لو أنه ضرب ولده ضربا وأسرف فيه ومات ضمنه ‪.‬‬
‫إذا أدبه تأديبا عاديا بدون عنف ث مات فل ضمان له ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫الديث الثامن عشر‬
‫عن أب ذر جندب بن جنادة وأب عبد الرحن معاذ بن جبل رضي ال عنهما عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬اتق ال حيث ما كنت ‪ ،‬وأتبع السيئة السنة تَـمْحُهـا وخالق الناس‬
‫بلقٍ حسن ) رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وف بعض النسخ ‪ :‬حسن صحيح ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬اتق ) ‪ :‬أي اتذ وقاية من ال عز وجل ‪ ،‬وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬حيث ما كنت ) ‪ ( :‬حيث ) ‪ :‬ظرف مكان ‪.‬‬
‫أي ف أي مكان كنت ‪.‬‬
‫سواءً ف العلنية أو ف السر ‪ ،‬وسواءً ف البيت أو ف السوق ‪ ،‬وسواءً عندك أناس أو ليس عندك‬
‫أناس ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬واتبع السنة السيئة ) ‪ ( :‬أتبع ) ‪ :‬فعل أمر ‪ ،‬و ( السيئة ) ‪ :‬مفعول أول ‪ ،‬و ( السنة )‬
‫‪ :‬مفعول ثان ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تَـمْحُهـا ) ‪ :‬جواب المر ‪ ،‬ولذا ُج ِز َمتْ ‪.‬‬
‫لن جواب المر يكون مزوما ‪.‬‬
‫ولو ل يكن مزوما لقيل ‪ ( :‬تحوها ) ‪.‬‬
‫فهي مزومة ‪ ( :‬تَـمْحُهـا ) ‪.‬‬
‫العن ‪ :‬إذا فعلتَ سيئةً َفأَتِْبعَها بسنة ‪ ،‬هذه السنة تحو السيئة ‪.‬‬
‫واختلف العلماء رحه ال ‪:‬‬
‫هل الراد السن الت تتبع السيئة ‪ :‬التوبة ‪ ،‬فكأنه قال ‪ :‬إذا أسأتَ فتب ؟ أو الراد العموم ؟‬
‫الصواب ‪ :‬الثان ‪ ،‬أن السنة تحو السيئة وإن ل تكن توبة ‪.‬‬
‫ودليل هذا ‪:‬‬
‫قوله تعال ‪ { :‬وأقم الصلة طرف النهار وزلفى من الليل إن السنات ُي ْذهِبْنَ السيئات } ‪،‬‬
‫السنات ‪.‬‬
‫ولا سأل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم رجل قال ‪ :‬إنه أصاب امرأة ما يصيب الرجل من‬
‫امرأته إل الزنا ‪ ،‬وكان قد صلى معهم الفجر ‪ ،‬قال ‪ ( :‬أصليتَ معنا الفجر ؟ ) قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قتل‬
‫عليه الية ‪ { :‬إن السنات ُي ْذهِبْ َن السيئات } ‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن السنة تحو السيئة ‪ ،‬وإن ل تكن هي التوبة ‪.‬‬
‫المر الول ‪ ( :‬اتق ال حيث ما كنت ) ‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫المر الثان ‪ ( :‬وأتبع السنة السيئة ) ‪.‬‬
‫فَبَيّنَ النتيجة وهي أنا تحوها ‪.‬‬
‫والثالث ‪ ( :‬وخالق الناس بلقٍ حسن ) ‪ :‬يعن ‪ :‬عامل الناس بلق حسن ‪.‬‬
‫للُقْ ‪ :‬هو الصفة الباطنة ف النسان ‪.‬‬
‫اُ‬
‫للْقْ ‪ :‬الصفة الظاهرة ‪.‬‬
‫وا َ‬
‫للُقِ السن ‪.‬‬
‫العن عامل الناس با ُ‬
‫قوله ‪ ( :‬وخالق الناس بلقٍ حسن ) ‪ :‬يعن عاملهم بالخلق السنة ‪ ،‬بالقول وبالفعل ‪.‬‬
‫فما هو اللق السن ؟‬
‫قال بعضهم ‪ :‬اللق السن ‪ :‬هو ‪ ( :‬كف الذى وبذل الندى والصب على الذى – يعن على‬
‫أذى الغي – والوجه ال َطلِقْ ) ‪.‬‬
‫كف الذى ‪ :‬منك للناس ‪.‬‬
‫وبذل الندى ‪ :‬العطاء ‪.‬‬
‫والصب على الذى ‪ :‬لن النسان ما يلو من أذي ٍة من الناس ‪.‬‬
‫وطلقة الوجه ‪ :‬قال بعضهم ‪ :‬إن هذه هي اللق السن ‪.‬‬
‫وضابط ذلك ‪ :‬ما ذكره ال عز وجل ‪ { :‬خذ العفو وأمر بال ُعرْف } ‪.‬‬
‫{ خذا العفو } ‪ :‬ما عفى و َسهُلْ من الناس ‪ ،‬ل تريد من الناس أن يأتوك على ما تب ‪ ،‬لن هذا‬
‫أمرٌ مستحيل ‪ ،‬لكن خذ ما تيسر ‪.‬‬
‫{ وأمر بالعرف وأعرض عن الاهلي } ‪ :‬واللق السن معروف ‪.‬‬
‫وهل هو جِِبلّي أم يصل بالكسب ؟‬
‫الواب ‪ :‬بعضه جِِبلّي وبعضه يصل بالكسب ‪.‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لرجل ‪ ( :‬إن فيك خلقي يبهما ال ‪ :‬اللم والناة ) ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬أخلقي تلقت بما أم جبلن ال عليهما ‪ ،‬قال ‪ ( :‬بل جبلك ال عليهما ) ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬المد ل الذي جبلن ال على ما يب ‪.‬‬
‫فاللق السن يكون طبيعيا ‪ ،‬بعن أن النسان يَمُنّ ال عليه من الصل بلقٍ حسن ‪.‬‬
‫ويكون بالكسب بعن أن النسان ُي َمرّن نفسه حت يكون ذا خلق حسن ‪.‬‬
‫والعَجَب اللق السن يكسب النسان الراحة والطمأنينة وعدم القلق ‪.‬‬
‫لنه مطمئن من نفسه ف معاملة غيه ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬وجوب تقوى ال حيث ما كان النسان ‪.‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬اتق ال حيث ما كنت ) ‪.‬‬
‫وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه ‪.‬‬
‫سواءً كنت ف العلنية أو ف السر ‪.‬‬
‫س ‪ :‬وأيهما أفضل أن يكون ف السر أو ف العلنية ‪.‬‬
‫ج ‪ :‬ف هذا تفصيل ‪ :‬إذا كان إظهارك للتقوى يظهر به التأسي والتباع لا أنت عليه فهنا إعلنا‬
‫أحسن وأفضل ‪ ،‬ولذا مدح ال الذين ينفقون سراّ وعلنية ‪.‬‬
‫وقال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬من سن ف السلم سنةً حسنة كان له أجرها وأجر‬
‫من عمل با إل يوم القيامة ) ‪.‬‬
‫أما إذا كانت ل تصل بالسرار فائدة فالسرار أفضل ‪.‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم فيمن يظلهم ال ف ظله ‪ ( :‬رجلٌ تصدق بصدقةٍ‬
‫فأخفاها ‪ ،‬حت ل تعلم شاله ما تنفق يينه ) ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫الديث التاسع عشر‬
‫عن أب العباس عبد ال بن عباس رضي ال عنهما قال ‪ :‬كنتُ خلف النب صلى ال عليه وسلم‬
‫يوما ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬يا غلم إن أعلمك كلماتٍ ‪ :‬احفظ ال يفظك ‪ ،‬احفظ ال تده تاهك ‪ ،‬وإذا‬
‫سألت فاسأل ال ‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال ‪ ،‬واعلم أن المة لو اجتمعت على أن ينفعوك‬
‫بشي ٍء ل ينفعوك إل بشي ٍء قد كتبه ال لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشي ٍء ل يضروك إل‬
‫بشي ٍء قد كتبه ال عليك ‪ ،‬رُفعت القلم وجفّت الصُحُف ) رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫وف رواية غي الترمذي ‪ ( :‬احفظ ال تده أمامك ‪َ ،‬ت َع ّرفْ إل ال ف الرخاء يعرفك ف الشدة ‪،‬‬
‫واعلم أن ما أخطأك ل يكن ليصيبك ‪ ،‬وما أصابك ل يكن ليخطئك ‪ ،‬واعلم أن النصر مع‬
‫سرِ يُسْرا ) ‪.‬‬
‫الصب ‪ ،‬وأن الفرج مع الكرب ‪ ،‬وأن مع العُ ْ‬
‫الشرح‬

‫‪154‬‬
‫الديث العشرون‬
‫عن أب مسعود عقبة بن عمرو النصاري البدري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ( :‬إن ما أدرك الناس من كلم النبوة الول ‪ :‬إنْ ل تستح فاصنع ما شئت ) رواه‬
‫البخاري‬

‫‪155‬‬
‫الديث الادي والعشرون‬
‫عن أب عمرو – وقيل ‪ :‬أب عمرة – سفيان بن عبد ال رضي ال عنه قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال‬
‫قل ل ف السلم قولً ل أسأل عنه أحدا غيك ‪ ،‬قال ‪ ( :‬قل ‪ :‬آمنت بال ث استقم ) رواه مسلم‬

‫‪156‬‬
‫الديث الثان والعشرون‬
‫عن أب عبد ال جابر بن عبد ال النصاري رضي ال عنهما ‪ :‬أن رجلً سأل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال ‪ :‬أرأيتَ إذا صليتُ الكتوبات ‪ ،‬وصُ ْمتُ رمضانُ ‪ ،‬وأحللتُ اللل ‪ ،‬و َح ّر ْمتُ‬
‫الرام ‪ ،‬ول أزد على ذلك شيئا أأدخل النة ؟ قال ‪ ( :‬نعم ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫ومعن ‪ :‬حرمت الرام ‪ :‬اجتنبته ‪.‬‬
‫ومعن ‪ :‬أحللت اللل ‪ :‬فعلته معتقدا ِحلّه ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫الديث الثالث والعشرون‬
‫عن أب مالك الارث بن عاصم الشعري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ( :‬الطهور شطر اليان ‪ ،‬والمد ل تل اليزان ‪ ،‬وسبحان ال والمد ل تل – أو تلن‬
‫– ما بي السماء والرض ‪ ،‬والصلة نور ‪ ،‬والصدقة برهان ‪ ،‬والصب ضياء ‪ ،‬والقرآن حجةٌ لك‬
‫أو عليك ‪ ،‬كل الناس يغدو فبائ ٌع نفسه فمعتقها أو موبقها ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫الديث الامس والعشرون‬
‫عن أب ذر الغفاري رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه‬
‫قال ‪ ( :‬يا عبادي ‪ ،‬إن حرمت الظلم على نفسي ‪ ،‬فل تظالوا ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬كلكم ضالّ إل من‬
‫هديته ‪ ،‬فاستهدون أهدكم ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬كلكم جائ ٌع إل من أطعمته ‪ ،‬فاستطعمون أطعمكم ‪ ،‬يا‬
‫عبادي ‪ ،‬كلكم عارٍِ إل من كسوته ‪ ،‬فاستكسون أَكْسُ ُكمْ ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬إنكم تطئون بالليل‬
‫ضرّي‬
‫والنهار وأنا أغفر الذنوب جيعا ‪ ،‬فاستغفرون أغفر لكم ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬إنكم لن تبلغوا ُ‬
‫فتضرون ‪ ،‬ولن تبلغوا نفعي فتنفعون ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم على‬
‫أتقى قلب رج ٍل واحد منكم ما زاد ذلك من ملكي شيئا ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬لو أن أولكم وآخركم‬
‫وإنسكم وجنكم على أفجر قلب رج ٍل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ‪ ،‬يا عبادي ‪،‬‬
‫لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيدٍ واحد فسألون فأعطيت كل واحدٍ‬
‫مسألته ما نقص ذلك ما عندي إل كما ينقص من الخيط إذا ُأدْخِلَ البحر ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬إنا هي‬
‫أعمالكم أحصيها لكم ث أوفيكم إياها ‪ ،‬فمن وجد خيا فليحمد ال ومن وجد غي ذلك فل‬
‫يلومن إل نفسه ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫شرح الحاديث الربعي النووية لفضيلة الشيخ ممد بن صال العثيمي رحه ال‪.‬‬
‫الوجه الول من الشريط رقم ( ‪) 12‬‬
‫ال أو لفظ ‪ ( :‬النب ) لسنا مكلفي بذا ‪،‬‬
‫فنقول الديث القدسي ‪ ( :‬ما رواه النب صلى ال عليه وسلم عن ربه ) ونسكت ‪.‬‬
‫وإذا سألنا سائل نقول ‪ :‬ليس لنا الق أن نتكلم وليس لك أن تسأل وف ذلك نسكت ‪.‬‬
‫قال ف أنه قال ‪ ( :‬يا عبادي إن حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مرما فل تظالوا ) ‪:‬‬
‫نداء من ال عز وجل ‪،‬‬
‫وهل النادي الن يسمعها النادي ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬لكن بواسطة ‪،‬‬
‫من الذي أبلغنا بذا ؟‬
‫أصدق الخبين وهو ممد صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬يا عبادي ) ‪ :‬يشمل من كان عابدا ف العبودية العامة والعبودية الاصة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إن حرمت الظلم على نفسي ) ‪ :‬أي منعته مع قدرت عليه ‪ ،‬منعته مع قدرت عليه ‪،‬‬
‫وإنا قلنا ‪ :‬مع قدرت عليه ‪،‬‬
‫لنه لو كان متنعا على ال ل يكن ذلك مدح ول ثناءً ‪،‬‬
‫إذ ل يثن على الفاعل إل إذا كان يكنه أن يفعل أو ل يفعل _‬
‫فلو سألنا سائل مثل ‪ :‬هل يقدر ال أن يظلم اللق ؟‬
‫فالواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫لكن نعلم أن ذلك مستحيل ببه ‪،‬‬
‫حيث قال ‪ { :‬ول يظلم ربك أحدا } ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وجعلته بينكم مرما ) ‪ :‬أي صيته بينكم مرما ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فل تظالوا ) ‪ :‬هذا عطف معنوي على قول ‪ ( :‬جعلته بينكم مرما ) أي بناءً على كونه‬
‫مرما ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ل تظالوا ) ‪ :‬أي ل يظلم بعضكم بعضا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كلكم ضال ) ‪ :‬أي تائه عن الطريق الستقيم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إل من هديت ) ‪ :‬أي علمته ووفقته علمته ‪،‬‬
‫هذه هداية الرشاد ‪،‬‬
‫ووفقته هداية التوفيق ‪،‬‬

‫‪160‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فاستهدون ) ‪ :‬أي اطلبوا من الداية ‪ ،‬ل من غيي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أهدكم ) ‪ :‬هذا جواب المر ‪،‬‬
‫وهذا كقوله ‪ { :‬ادعون أستجب لكم } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كلكم جائع إل من أطعمته فاستطعمون أطعمكم ) ‪ :‬كلكم جائع إل من أطعمه ال ‪،‬‬
‫وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام أو وجد ولكن ل يتمكن النسان من الوصول إليه ‪،‬‬
‫من الذي أنبت الزرع ؟ من الذي أدّر الضرع ؟ من الذي أحيا الثمار كله ؟‬
‫ال عز وجل ‪،‬‬
‫واقرأ من سورة الواقعة من قول ال تبارك و تعال ‪ { :‬أفرأيتم ما تنون } ‪ ،‬إل قوله ‪ { :‬فسبح‬
‫باسم ربك العظيم } ‪،‬‬
‫الول ‪ :‬تد كيف تدى ال اللق ف هذه اليات ‪،‬‬
‫ل بالنسبة للمأكول ول الشروب ول ما يشرح به الأكول والشروب ‪،‬‬
‫فكلنا جائع إل ما أطعمه ال ‪،‬‬
‫كذلك أظن يكن يوجد الطعام ‪ ،‬لكن ل يتمكن النسان منه ‪،‬‬
‫إما لكونه مبوسا أو مصابا برض أو بعيدا عن مل الصب والرخاء ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إل ما أطعمته فاستطعمون أطعمكم ) ‪ :‬يعن اطلبوا من الطعام ‪،‬‬
‫وإذا فعلتم إذا طلبتم ذلك ستجدونه أطعمكم ‪،‬‬
‫يعن ( أطعم ) ‪ :‬هذه فعل مضارع مزوم على أنه جواب الشرط ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬يا عبادي كلكم عار ) ‪ :‬نعم كلنا عاري لنا خلقنا خرجنا من بطون أمهاتنا عراة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إل من كسوته فاستكسون أكسكم ) ‪ :‬وقوله ‪ ( :‬إل من كسوته ) ‪ :‬سواء كان من فعل‬
‫النسان كالكبي يشتري الثوب أو من فعل غيه كالصغي يشترى له الثوب ‪،‬‬
‫وربا يقال ‪ :‬إنه يشمل لباس الدين ‪،‬‬
‫وأن كل إنسان ف الصل غي متدين ‪،‬‬
‫إل من كساه ال الدين ‪،‬‬
‫فيشمل الكسوتي ‪:‬‬
‫كسوة السد السية ‪،‬‬
‫وكسوة الروح العنوية ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إنكم تطئون ) ‪ :‬أي تانبون الصواب ‪،‬‬
‫لن العمال إما خطأ أو صواب ‪،‬‬

‫‪161‬‬
‫فالطأ مانبة الصواب ‪،‬‬
‫وذلك إما بترك الواجب وإما بفعل الحرم ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬بالليل ) ‪ :‬الباء هنا بعن ‪ ( :‬ف ) ‪،‬‬
‫كما هي ف قول ال تعال ‪ { :‬وإنكم لتمرون عليهم مصبحي وبالليل } أي وف الليل ‪،‬‬
‫{ وبالليل والنهار واغفر الذنوب جيعا } أغفرها أسترها وأتاوز عنها مهما كثرت مهما‬
‫عظمت ‪،‬‬
‫ولكن تتاج إل الستغفار { فاستغفرون أغفر لكم } استغفرون أي اطلبوا مغفرت ‪،‬‬
‫باذا ؟‬
‫إما بطلب الغفرة ‪ ( :‬اللهم اغفر ل ) ‪ ( ،‬استغفر ال وأتوب إليه ) ‪،‬‬
‫وإما بفعل ما به الغفرة ‪ :‬فمن قال ‪ ( :‬سبحان ال وبمده مائة مرة غفرت خطاياه ولو كانت مثل‬
‫زبد البحر ) ‪،‬‬
‫فقوله ‪ ( :‬فاستغفرون ) ‪ :‬يشمل طلب الستغفار طلب الغفرة ‪،‬‬
‫وكذلك فعل ما تكون به الغفرة ‪،‬‬
‫ويأت إن شاء ال بقية الديث ‪،‬‬
‫لنه جاء دور السئلة ‪.‬‬
‫السئلة‬
‫السؤال ‪ :‬أثابكم ال إذا كان الرجل يراجع حفظه ويقرأ الديث سريع ول يتدبر هل يصل‬
‫له الجر ؟‬
‫الواب ‪ :‬القرآن يعن ؟‬
‫السؤال ‪ :‬القرآن والديث‪.‬‬
‫الواب ‪ :‬إي نعم يصل له الجر لنه قرأ ‪ 000000‬أنه قال _ أنه قرأ ‪ .‬نعم ؟‬
‫السؤال ‪ :‬أحسن ال إليك ف بعض البلد عامة ل يعرفون الية من القرآن الكري ل يعرفون‬
‫من القرآن إل اسه هل يكون القرآن حجة لم أم عليهم ؟ المر ل يعرفون آية‪.‬‬
‫الواب ‪ :‬إذا بلغهم ولو معناه _ إذا بلغهم القرآن ولو بالعن فهو حجة إما لم أو عليهم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬أحسن ال إليك إذا نسي القرآن هل يعتب حجة عليه ؟‬
‫الواب ‪ :‬إذا نسي القرآن فإن كان لهال وعدم مبالة فهو آث وإن كان بفترض الطبيعة‬
‫فليس بآث فإن هذا يقع حت من علية القوم حت من النب صلى ال عليه وسلم فقد نسى آية‬
‫فذكره با أبّي _ أبّي بن كعب فقال ‪ :‬هلّ كنت ذكرتنياه ؟‬

‫‪162‬‬
‫السؤال ‪ :‬الصب قلنا ‪ :‬الرضا أعلى مراتبه ‪ ،‬مات له ميت يضحك فهل هذا من الرضا ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫هذا من الضعف ‪،‬‬
‫بعض الناس إذا مات له ميت ضحك وهذا من الضعف ‪،‬‬
‫لن قلبه عجز أن يتحمل الصيبة مع الرضا ‪،‬‬
‫فصار يضحك كل إنسان يضحك عليه إذا رآه يضحك ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬هذا الظاهر أصابه جنون وش ‪ ،‬يصاب بصيبة ويضحك ‪،‬‬
‫هذا ما هو معقول ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬أحسن ال إليك يا شيخ هناك من يكرر آيات بقصد الشوع والبكاء هل هذا‬
‫جائز ؟‬
‫الواب ‪ :‬أما ف الصلة فل ‪ ،‬إل النافلة ‪،‬‬
‫فقد ثبت عن النب صلى ال عليه ‪ :‬أنه جعل يكرر ف صلة الليل ‪ { :‬إن تعذبم فإنم عبادك‬
‫فإن تغفر لم فأنت العزيز الكيم } ‪ ،‬حت طلع الفجر ‪،‬‬
‫وأما ف صلة الفرائض فل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل ينكر على الئمة ؟‬
‫يقال ‪ :‬هل عندكم دليل على هذا أو ل ؟‬
‫لكن ليس معن إنكارها على الئمة أنك إذا سلّمت ووقفت وقلت قائما ‪ :‬أيها المام الضال‬
‫ما هذا العمل أتريد هذا أو ل ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫لكن تأت بلطف ‪،‬‬
‫وتقول ‪ :‬جزاك ال خي العبادة التوفيقية ‪،‬‬
‫والنب صلى ال عليه وعلى آله وسلم فرّق بي الفريضة والنافلة ‪،‬‬
‫ففي النافلة جلس يكرر ‪ { :‬إن تعذبم فإنم عبادك } ‪ ،‬جعل يكررها إل الصباح ‪،‬‬
‫وف الفريضة ما علمنا أنه كان يكررها الية ‪،‬‬
‫فهل عندك دليل ؟‬
‫السؤال ‪ :‬ل يا شيخ ‪.‬‬
‫الواب ‪ :‬أنا أحب أن أكرر آية مهمة ‪،‬‬
‫مثل قوله عز وجل ف النافقي ‪ { :‬هم العدو فاحذرهم } ‪،‬‬

‫‪163‬‬
‫أود أن أكررها ف صلة المعة لنا تقرأ ‪،‬‬
‫لكن أهاب أن أكرر ‪،‬‬
‫أهاب أن أفعل شيئا ل يفعله الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وبعض الناس يكرر الية ‪،‬‬
‫لنه يعن تدعو إل البكاء فيكررها ويكررها حت يبكي ويبكي الناس ‪،‬‬
‫وهذا ل أعلمه واردا ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬إذا قال قائل ما ثبت ف النافلة ثبت ف الفريضة إل بالدليل ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬
‫نقول ‪ :‬صدقت ‪ ،‬صدقت ‪،‬‬
‫ولكن الفريضة الصحابة كلهم يصلون خلف الرسول عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ول ينقلوا عنه هذا ‪،‬‬
‫فلو كان يسن ف الفريضة لفعله الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم تشريعا للمة ‪،‬‬
‫أفهمت الن الفرق ؟‬
‫السؤال ‪ :‬هل هناك فرق يا شيخ بي قول ‪ :‬نزل القرآن على قلب النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬أو نزل القرآن على النب صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬على قلب النب أوكد وأعظم ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬نزل الروح المي على قلبك } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل { وأنزلنا – وأنزلنا عليك القرآن – إنّا نن نزلنا عليك القرآن تنيل } ‪،‬‬
‫لكن على القلب أبلغ لنه هو مل الوعي والفظ ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ذكرنا ف الديث ‪ ( :‬الطهور شطر اليان ) ‪ ،‬فيه الن مقولة بي الناس يتناقلونا‬
‫على أنا حديث وهي ‪ ( :‬النظافة من اليان ) ‪ ،‬هل تصح عن النب صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا ف حديث ورد ف هذا لكنه ما يضرن هذا الوضوع أو عليه ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬أحسن ال إليك ‪ ،‬هل يوز أن يقرأ سورة الخلص ف كل فريضة حت لو كان‬
‫المام ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬هذا ليس من السنة ‪،‬‬
‫لكن لو فعله فاعل ‪،‬‬
‫على ما فعله الرجل الذي بعث للنب صلى ال عليه وسلم جسريا ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬أنا أكررها ‪،‬‬

‫‪164‬‬
‫لنا صفة ال وأحب أن أقرأها ‪،‬‬
‫فإننا ل ننكر عليه أما إن فعلها تسننا فإننا ننكر عليه ‪،‬‬
‫لننا نقول له ‪ :‬هل فعل الرسول ؟ هل أمر با ؟‬
‫غاية ما هنالك أنه بلغنا عن هذا الرجل أنه فعلها ‪ ،‬وقال ‪ :‬أنا صفة الرحن ‪،‬‬
‫فأحب أن أقرأها ‪،‬‬
‫فإن حلك على هذا ما حل الصحاب فل حرج عليه ‪،‬‬
‫وإما إن فعلتها تسننا فل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما يكون إقرار هذا يا شيخ ؟ سكوت النب صلى ال عليه وسلم عن الصحاب ما‬
‫يكون إقرار؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬إقرار لكنه إقرار على السنة ‪ ،‬إقرار عن الفعل ولو ل يقرها لكانت بدعة ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫نكمل حديث أب ذر رضي ال عنه وهو حديث عظيم جامع لصول كبية ‪،‬‬
‫وقد شرحه شيخ السلم ابن تيميه رحه ال ف إسهاب مستقل ‪،‬‬
‫انتهينا إل قوله تعال ف الديث القدسي ‪ ( :‬يا عبادي إنكم تطئون بالليل والنهار ‪ ،‬وأنا أغفر‬
‫الذنوب جيعا فاستغفرون أغفر لكم ) ‪ :‬أي اطلبوا من الغفرة أغفر لكم ‪،‬‬
‫والغفرة ‪ ( :‬ستر الذنب والتجاوز عنه ) ‪،‬‬
‫لنا مأخوذة من الغفر الذي يوضع على الرأس عند القتال وفيه ستر ووقاية ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬لن تبلغوا ) ‪ :‬أي لن تستطيعوا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أن تضرون وأن تنفعون ) ‪ :‬لن الضار والنافع هو ال عز وجل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما‬
‫زاد ذلك ف ملكي شيئا ) ‪ :‬يعن لو أن كل العباد من النس والن الولي والخريي كانوا على‬
‫أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك ف ملك ال شيئا ‪،‬‬
‫وذلك لن ملك ال عز وجل واسع لكل شئ للتقي والفاجر ‪،‬‬
‫ووجه قوله ‪ ( :‬ما زاد ذلك ف ملكي شيئا ) ‪ :‬أنه إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد كان من‬
‫أولياء ال ‪،‬‬
‫وأولياء ال عز وجل جنوده وجنوده يتسع بم ملكه ‪،‬‬
‫كما لو كان للملك جنود كثيون فإن ملكه يتسع بم ‪ ،‬بنوده هذا وجه ‪،‬‬

‫‪165‬‬
‫وجه قوله ‪ ( :‬ما زاد ذلك ف ملكي شيئا ) ‪ :‬وهذا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم‬
‫وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك ف ملكي شيئا ‪.‬‬
‫ووجه ذلك ‪ :‬أن الفاجر عدو ال عز وجل فل ‪ 0000‬ال ‪،‬‬
‫ومع هذا ل ينقص من ملكي شيئا ‪،‬‬
‫لن ال غن عنه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا ف صعيد واحد فسألون ‪،‬‬
‫فأعطيت كل واحد مسألته ‪ ،‬ما نقص ذلك ما عندي ‪ ،‬إل كما ينقص الخيط إذا أدخل البحر ) ‪:‬‬
‫وهذا من باب البالغة ف عدم النقص ‪،‬‬
‫لن كل واحد يعلم لو أنك لو أدخلت الخيط وهو البرة الكبية ف البحر ث أخرجتها فإنا ل‬
‫تنقص البحر شيئا ول تغي ‪،‬‬
‫وهذا كقوله ‪ { :‬ل تفتح لم أبواب النة أبواب السماء ول يدخلون النة حت يلج المل ف‬
‫سم الياط } ‪،‬‬
‫إذن العلوم أن المل ل يكن أن يدخل ف سم الياط ‪،‬‬
‫فيكون هذه مبالغة ف عدم دخوله النة ‪،‬‬
‫كذلك هنا من العلوم أن الخيط لو أدخل ف البحر ل ينقص شيئا ‪،‬‬
‫فكذلك أن أول اللق وآخرهم وإنسهم وجنهم لو سألوا ال عز وجل وأعطى كل إنسان طلبه‬
‫مسألته مهما بلغت ‪،‬‬
‫كان ذلك ماذا ؟‬
‫ل ينقص ما عنده إل كما ينقص الخيط إذا أدخل البحر ‪،‬‬
‫ومن العلوم أن الخيط إذا أدخل البحر ل ينقص منه شيئا ‪،‬‬
‫ومن الديث الصحيح أن عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬يد ال ملى سحاء ) ‪،‬‬
‫أي كثية العطاء الليل والنهار ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والرض فإنه ل يقض ما ف يينه ) ‪ :‬أي ل ينقص ما‬
‫ف يينه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬يا عبادي إنا هي أمانة أحصيها لكم ث أوفيكم إياها ) ‪ ( :‬إنا هي ) ‪ :‬أي ما هي نعم ‪،‬‬
‫معن هذا حصر ‪.‬‬
‫هذه الملة فيها حصر طريقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إنا ) ‪ :‬يعن ما هي إل أعمالكم أحصيها لكم أي أضبطها بالعدد ‪،‬‬

‫‪166‬‬
‫لنم كانوا ف الاهلية ل يعرفون الساب فيضبطون العداد بإيش ؟‬
‫بالصى‬
‫وبذا يقول الشاعر ‪:‬‬
‫وإنـما الـعـزة للـكاثـر‬ ‫ولست بالكثر منـهم حصى‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫يعن أن عدد أن عددكم قليل ‪،‬‬


‫لست بالكثر منهم حصى ‪،‬‬
‫وإنا العزة للكاثر ‪ :‬أي الغلبة ‪ ،‬للكثرة ‪،‬‬
‫على كل حال ‪ :‬قوله ‪ ( :‬أحصيها ) ‪ :‬بعن أضبطها تاما بالعدد ل زيادة ول نقصان ‪،‬‬
‫فمن وجد خيا نعم ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ث أوفيكم إياها أوفيكم إياها ف الدنيا أو ف الخرة أو فيهما جيعا وقد يكون ف الدنيا‬
‫فقط وقد يكون ف الخرة فقط قد يكون ف الدنيا فقط ‪،‬‬
‫فإن الكافر يازى على عمله السن لكن ف الدنيا ل ف الخرة ‪،‬‬
‫والؤمن قد يؤخر له الثواب ف الخرة ‪،‬‬
‫وقد يازى به ف الدنيا وف الخرة ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬من كان يريد حرث الخرة نزد له برث ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها‬
‫وما له ف الخرة من نصيب } ‪،‬‬
‫وقال ال عز وجل ‪ { :‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لن نريد } ‪،‬‬
‫وقال ال عز وجل ‪ { :‬ومن أراد الخرة وسعى لا سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم‬
‫مشكورا } ‪،‬‬
‫الهم أنه التوفية تكون ف الدنيا دون الخرة لن ؟‬
‫للكافر ‪،‬‬
‫أما للمؤمن فتكون ف الدنيا فقط أو ف الدنيا والخرة جيعا أو ف الخرة فقط ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فمن وجد خيا فليحمد ال ) ‪ :‬ليحمد ال على المرين على توفيقه للعمل الصال وعلى‬
‫ثواب ال له ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ومن وجد غي ذلك ) ‪ :‬بل وجد شرا أو عقوبة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فل يلومن إل نفسه ) ‪ :‬لنه ل يغلب ‪،‬‬
‫واللوم معروف أن يشعر النسان بقلبه بأن هذا فعل غي لئق وغي مناسب وربا ينطق بذلك‬
‫بلسانه ‪،‬‬

‫‪167‬‬
‫فوائد الديث‬
‫هذا الديث حديث عظيم كما قلت فيه فوائد كثية منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬رواية النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن ربه – رواية النب صلى ال عليه وسلم عن‬
‫ربه – وهذا أعلى مراتب السند ‪،‬‬
‫لنه غاية السند إما الرب عز وجل وهذا ف الحاديث القدسية ‪،‬‬
‫وإما النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وهذا ف الحاديث الرفوعة ‪،‬‬
‫وإما عن الصحابة وهذا ف الحاديث الوقوفة ‪،‬‬
‫وإما عن التابعي ومن بعدهم وهذا ف الحاديث القطوعة ‪،‬‬
‫فالقسام إذن أربعة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬من انتهى سنده إل ال يسمى حديثا قدسيا ‪.‬‬
‫‪ – 2‬إل الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم يسمى حديثا مرفوعا ‪.‬‬
‫‪ – 3‬إل الصحابة موقوفا ‪.‬‬
‫‪ – 4‬وإل التابعي ومن بعدهم يسمى مقطوعا ‪.‬‬
‫فإذا روي أثر عن عمر بن الطاب ‪ ،‬فماذا نسميه ؟‬
‫موقوفا لنه صحاب ‪،‬‬
‫وإذا روينا حديثا عن ماهد نسميه مقطوعا لنه تابع ‪.‬‬
‫المد ل ‪.‬‬
‫‪ – 2‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن أحسن ما يقال الديث القدسي ‪ :‬أنه ‪ ( :‬ما رواه النب صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وسلم عن ربه ) ‪،‬‬
‫ونقتصر على هذا ‪،‬‬
‫ول نبحث ‪ :‬هل هو من قول ال لفظا ومعن أو من قول ال معن ومن لفظ النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم ؟‬
‫لن هذا فيه نوع من لتكلف ‪،‬‬
‫وقد نينا عن التكلف ونينا عن التنطع وعن التعمد ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬الديث القدسي ‪ ( :‬ما رواه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن ربه فقط ) ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬إضافة القول ل عز وجل ‪،‬‬
‫وهذا كثي بالقرآن الكري ‪،‬‬
‫وهو دليل على ما ذهب إليه أهل السنة ‪ :‬من أن كلم ال يكون بصوت ‪،‬‬

‫‪168‬‬
‫إذ ل يطلق إل على السموع ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬أليس ال تعال يقول ( ويقولون ف أنفسهم لول يعذبنا ال ما نقول ) وهذا قول‬
‫يقولونه – يقولونه بقلوبم ؟‬
‫فالواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫لكن هذا القول مقيد ‪ { ،‬يقولون ف أنفسهم } ‪،‬‬
‫وأما إذا أطلق القول ‪ ،‬فالراد به ‪ :‬ما يسمع ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال تعال قادر على الظلم ‪،‬‬
‫لكنه حرمه على نفسه أي منع نفسه منه ‪،‬‬
‫وف ذلك أنه لو كان غي قادر عليه ل يثن على نفسه بتحري الظلم ‪،‬‬
‫لنه غي قادر ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬هو قادر على الظلم لكنه حرمه على نفسه ‪.‬‬
‫‪ – 5‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه من صفات ال ما هو سلب أي منفي ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬الظلم ‪،‬‬
‫ولكن اعلم أنه ل يوجد ف صفات ال عز وجل نفي إل لثبوت ضده ‪،‬‬
‫فنفي الظلم يعن ثبوت العدل الكامل الذي ل نقص فيه‪.‬‬
‫‪ – 6‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال عز وجل أن يرم على نفسه ما يشاء ‪،‬‬
‫لن الكم إليه ‪،‬‬
‫نن ل نستطيع أن نرم على ال ‪،‬‬
‫لكن ال يرم على نفسه ما شاء كما أنه يوجب على نفسه ما شاء ‪،‬‬
‫اقرأ قول ال تعال ‪ { :‬قل لن ما ف السماوات والرض قل ل كتب على نفسه الرحة }‪،‬‬
‫{ كتب على نفسه الرحة } ‪،‬‬
‫وكتب سبحانه وتعال كتابا عنده ‪ ( :‬إن رحت سبقت غضب ) ‪،‬‬
‫فصار لو أن سألنا سائل ‪ :‬هل يرم على ال شئ ؟ هل يب على ال شئ ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أما نبيه تفصيل ‪:‬‬
‫أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم فنعم ‪.‬‬
‫لن له أن يكم با شاء ‪،‬‬
‫وأما أن نرم بعقولنا على ال كذا وكذا أو نوجب بعقولنا على ال كذا وكذا فل ‪،‬‬
‫فالعقل ل يوجب ول يرم ‪،‬‬

‫‪169‬‬
‫وإنا التحري والياب إل ال عز وجل ‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال ف النونية ‪:‬‬
‫هو أوجب الجر العظيم الشان‬ ‫ما للعباد علي حق واجب‬
‫إن كان بالخلص والحسان‬ ‫ما لم علي حق واجب ول عمل لديه ضائع‬
‫هو الذي أوجب ؟‬
‫كل ‪،‬‬
‫الحسان يعن التابعة ‪.‬‬
‫‪ – 7‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬إطلق النفس على الذات ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬على نفسه ) ‪ :‬والراد بنفسه ذاته عز وجل ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬ويذركم ال نفسه } ‪،‬‬
‫وليس النفس صفة ‪،‬‬
‫كسائر الصفات كالسمع والعلم والقدرة ‪ ،‬ل ‪،‬‬
‫النفس يعن الذات ‪،‬‬
‫فقوله ‪ { :‬ويذركم ال نفسه } ‪ ،‬يعن ذاته ‪،‬‬
‫وقوله الن ‪ { :‬نفسي } ‪ :‬يعن على ذاته ‪،‬‬
‫و ( النفس ) ‪ :‬هي الصواب ‪،‬‬
‫أصوب من كلمة ‪ ( :‬الذات ) ‪،‬‬
‫لكن شاع بي الناس ‪ :‬إطلق الذات دون إطلق النفس ‪،‬‬
‫ولكن الصل العرب ‪ :‬النفس ‪.‬‬
‫‪ – 8‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال تعال حرم الظلم بيننا ‪،‬‬
‫فقال ‪ ( :‬وجعلته بينكم مرما ) ‪،‬‬
‫وهذا يشمل ظلم النسان نفسه وظلم غيه ‪،‬‬
‫لكن هو ف العن الثان أظهر ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فل تظالوا ) ‪،‬‬
‫ومن العلوم أن الظلم يكون للناس ويكون للغي ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬ولكن ظلموا أنفسهم } ‪،‬‬
‫لكن الراد هنا ف الذي يظهر أن الراد بذا الديث ظلم الغي ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فل تظالوا ) ‪ :‬أي ل يظلم بعضكم بعضا ‪،‬‬

‫‪170‬‬
‫ومدار الظلم على النقص ‪،‬‬
‫كما قال تعال ‪ { :‬كلتا النتي آتت أكلها ول تظلم منه شيئا } ‪،‬‬
‫ويدور على أمرين ‪:‬‬
‫إما منع واجب للغي ‪،‬‬
‫وإما تميله ما ل يب ‪،‬‬
‫على هذا يدور الظلم ‪،‬‬
‫إما منع واجب ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬أن تنع شخصا من دين عليك فل توفيه أو تاطل به ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬مطل الغن ظلم ) ‪،‬‬
‫أو تمله ما ل يب ‪،‬‬
‫كأن تدعي عليه دينا تأت بشهادة زور فيحكم لك به فهذا ظلم ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬هل يستثن من قول ال ‪ ( :‬ل تظالوا ) شيء ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل يستثن ‪،‬‬
‫فإن قال ‪ :‬أليس يوز لنا أن نأخذ أموال الكفار والحاربي ؟‬
‫فالواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫لكن هذا ليس بظلم ‪،‬‬
‫لنه أبيح لنا هذا ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬وهل يل لنا أموال العاهدين ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫ل يل لنا أموال العاهدين ول دماء العاهدين ‪،‬‬
‫حت أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬من قتل معاهدا ل يرح رائحة النة ) ‪.‬‬
‫نسأل ال العافية ‪،‬‬
‫وبذا نعرف عدوان وظلم وضلل أولئك الغرورون الذي يعتدون على أموال الكفار العاهدين ‪،‬‬
‫سواء كان الكافر عندك ف بلدك وهو معاهد ‪،‬‬
‫أو أنت ف بلده ‪،‬‬
‫فإننا نسمع من بعض الشباب الذين ف بلد الكفر من يقول ‪ :‬أنه ل بأس أن نفسد أموال هؤلء‬
‫الكفار ‪،‬‬
‫فتجدهم يعتدون على أنوار الشوارع يعتدون على التاجر يعتدون على السيارات ‪،‬‬

‫‪171‬‬
‫وهذا حرام عليهم ‪،‬‬
‫سبحان ال !‬
‫قوم ائتمنوكم ‪ ،‬وأنتم ف عهدهم الن ‪،‬‬
‫أنتم ف عهدهم ‪ ،‬ليسوا هم ف عهدكم أنتم ف عهدهم وتونوا !‬
‫هذا أشد ما يكون تشويها للسلم وقدح ف السلم ‪،‬‬
‫والقدح هنا والتشويه ليس للسلم ف الواقع ‪،‬‬
‫لكن لؤلء الذين ينتسبون للسلم ‪،‬‬
‫ولذلك يب أن نعرف أن أموال العاهدين مترمة سواء كانوا معاهدين عندك أو كان أنت عندهم‬
‫‪،‬‬
‫ل يل لنا العتداء عليهم ‪،‬‬
‫لنه ظلم ‪،‬‬
‫‪ – 9‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن النسان ضال إل من هدى ال ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ويتفرع من هذه الفائدة ‪ :‬أن تسأل ال الداية دائما حت ل تضل ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬هنا إشكال ‪ :‬وهي أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أخب أن كل مولود‬
‫يولد على الفطرة وكيف يقول كلكم ضال ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬كل مولود يولد على الفطرة ‪ ،‬فأبواه‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يجسانه ) ‪،‬‬
‫وهنا ياطب ال سبحانه وتعال الكلفي الذين قد تكون تغيت فطرتم إل ما كان عليه آباؤهم‬
‫فهم أضلء حت يهديهم ال عز وجل ‪،‬‬
‫‪ – 11‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على طلب العلم ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬كلكم ضال ) ‪،‬‬
‫ول شك أن طلب العلم من أفضل العمال ‪،‬‬
‫بل لقد قال المام أحد ‪ :‬ل يعدله شئ لن صحت نيته ‪،‬‬
‫ل سيما ف هذا الزمن الذي كثر فيه الهل وكثر فيه الظن وأفت من ل يستحق أن يفت ‪،‬‬
‫فطلب العلم ف هذا الزمان متأكد ‪،‬‬
‫‪ – 12‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ل تطلب الداية إل من ال ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فاستهدون أهدكم ) ‪،‬‬
‫ولكن الداية نوعان ‪:‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ – 1‬هداية التوفيق هذه ل فطرة إل من ال ‪،‬‬
‫إذ ل يستطيع أحد أن يهديك هداية التوفيق ‪،‬‬
‫‪ – 2‬وهداية الدللة هذا يصح أن تطلبها من عند ال ‪،‬‬
‫فمن عنده علم تقول ‪ :‬يا فلن أفتن بكذا ‪،‬‬
‫يعن اهدن للحق فيه ‪.‬‬
‫هل نقول ‪ :‬أن قوله ‪ ( :‬فاستهدون ) ‪ ،‬يدل على أن الراد هداية التوفيق ؟‬
‫أو نقول ‪ :‬أنه يشمل الدايتي ‪،‬‬
‫وهداية الدللة تكون باتباع الوسائل الت جعلها ال عز وجل سببا للعم ؟‬
‫الواب ‪ :‬الثان ‪ ،‬العموم ‪.‬‬
‫‪ – 13‬ومن من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن العباد ف الصل جياع ‪،‬‬
‫جياع لنم ل أن يكونوا ‪ ،‬أن يلقوا ما تلم به نفسهم ‪،‬‬
‫كما ف سورة الواقعة ‪ { :‬أفرأيتم ما ترثون ‪ ،‬أفرأيتم الاء الذي تشربون ‪ ،‬أفرأيتم النار الت‬
‫تورون } ‪،‬‬
‫فالصل ‪ :‬أن النسان قاصر جائع إل من أطعمه ال ‪،‬‬
‫‪ – 14‬ويتفرع من هذا الفائدة ‪ :‬قوله ‪ ( :‬فاستطعمون أطعمكم ) ‪ :‬أي اسألون الطعام أطعمكم ‪،‬‬
‫وعليه فل تلجأ لطلب الرزق إل إل ال عز وجل وحده ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬استطعمون ) ‪ :‬يشمل سؤال ال عز وجل الطعام ‪،‬‬
‫ويشمل السعي ف الرزق وابتغاء فضل ال عز وجل ‪،‬‬
‫كما قال تعال ف سورة المعة ‪ { :‬فإذا قضيت الصلة فانتشروا ف الرض وابتغوا من فضل ال‬
‫واذكروا ال كثيا لعلكم تفلحون } ‪،‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬وهو الذي جعل لكم الرض ذلول فامشوا ف مناكبها وكلوا من رزقه } ‪،‬‬
‫وإن من العلوم أن السماء ل تطر ذهبا ول درها ول خبزا فل بد من السعي ‪.‬‬
‫‪ – 15‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن أصل النسان العرى حت يكسوه ال عز وجل ‪،‬‬
‫وسبق ف الشرح أنه ف الصل العرى السي ‪،‬‬
‫وقد يراد به العرى العنوي ‪،‬‬
‫وذلك بأن النسان خرج من بطن أمه عاريا ول يكسوه إل ال عز وجل با قدره من السباب ‪.‬‬
‫‪ – 16‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬كرم ال عز وجل حيث يعرض على عباده بأن حالم بافتقارهم‬
‫إل ال ث يدعوهم إل دعائه سبحانه وتعال حت يزيل عنهم ما فيهم من الفقر والاجة ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ – 17‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن بن آدم خطاء أي كثي الطأ ‪،‬‬
‫كما قال ال عز وجل ‪ { :‬وحلها النسان إنه كان ظلوما جهول } ‪.‬‬
‫‪ – 18‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه مهما كثرت الذنوب والطايا ‪،‬‬
‫فإن ال تعال يغفرها لكن يتاج أن يستغفر النسان ‪،‬‬
‫ولذا قال ‪ { :‬فاستغفرون أغفر لكم } ‪،‬‬
‫وقد سبق بالشرح أن الستغفار يكون على وجهي ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬طلب الغفرة باللفظ ‪ ( :‬اللهم اغفر ل ) أو ( أستغفر ال ) ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬طلب الغفرة بالعمال الصالة الت تكون سببا لذلك ‪،‬‬
‫كقوله ‪ ( :‬من قال سبحان ال وبمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) ‪.‬‬
‫سؤال ‪ :‬يقولون ال ما يتكلم بكلم ؟‬
‫جواب ‪ :‬اللهم عافهم ‪ ،‬احد ربك ‪.‬‬
‫سؤال ‪ :‬ما هي وجهة نظرهم ؟‬
‫جواب ‪ :‬ما لم وجهة أبدا ‪ .‬ما لم وجهة أبدا ‪ ،‬اللهم عافهم ‪.‬‬
‫‪ – 19‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال تعال يغفر الذنوب جيعا ‪ ،‬هذا لن استغفر ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فاستغفرون ) ‪،‬‬
‫أما من ل يستغفر ‪،‬‬
‫فإن الصغائر تكون مكفرة بالعمال الصالة ‪،‬‬
‫كقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬الصلوات المس والمعة إل المعة ورمضان‬
‫إل رمضان مكفرات لا بينهن ما اجتنبت الكبائر ) ‪.‬‬
‫وأما الكبائر فل بد لا من توبة ‪،‬‬
‫ل تكفرها العمال الصالة ‪،‬‬
‫فل بد لا من توبة خاصة ‪.‬‬
‫أما الكفر فل بد له من توبة بالجاع ‪،‬‬
‫فصار قوله ‪ { : :‬إن ال يغفر الذنوب جيعا } ‪،‬‬
‫هذه الذنوب على ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫قسم ‪ :‬ل بد فيه من توبة بالجاع ‪ :‬وهو الكفر ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬ما تكفره العمال الصالة ‪ :‬وهو الصغائر ‪،‬‬
‫والثالث ‪ :‬ما ل بد له من توبة على خلف ف ذلك ‪،‬‬

‫‪174‬‬
‫لكن المهور يقولون ‪ :‬أن الكبائر ل بد لا من توبة ‪.‬‬
‫‪ – 20‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬كمال سلطان ال عز وجل وغناه عن خلقه ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أنكم لن تبلغوا ضري ولن تبلغوا نفعي ) ‪،‬‬
‫وذلك لكمال سلطانه عز وجل وكمال غناه ‪،‬‬
‫فكأنه قال سبحانه وتعال ‪ :‬إنا طلبت منكم الستغفار من الذنوب ل لاجة لذلك ول لتضرري‬
‫من معاصيكم ولكن لكم ‪.‬‬
‫‪ – 21‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن مل التقوى ‪ :‬القلوب ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬على أتقى قلب رجل واحد منكم وعلى أفجر قلب رجل واحد منكم ) ‪،‬‬
‫ويشهد لذا ‪ :‬قول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬أل وأن ف السد مضغة إذا صلحت‬
‫صلح السد كله ‪ ،‬وإذا فسدت فسد السد كله )‬
‫‪ – 22‬ويتفرع على هذا ‪ :‬أنه يب علينا أن نعتن بالقلب ‪،‬‬
‫وننظر ‪ :‬أين ذهب ؟ أين ح ّل ؟‬
‫حت نطهره ونصفيه ‪،‬‬
‫‪ – 23‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬كمال غن ال عز وجل وسعة غناه ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬يا عبادي لو أن أولكم وآخركم قاموا ف صعيد واحد ‪ .....‬ال ) ‪،‬‬
‫فهذه الول على سعة غن ال عز وجل وسعة كامل الوجود ‪،‬‬
‫‪ – 24‬ومنها ‪ :‬أنه يظهر أن اجتماع الناس ف مكان واحد أقرب إل الجابة من تفرقهم ‪،‬‬
‫ولذا أمروا أن يتمعوا ف منل واحد بالمعة ‪،‬‬
‫وأن يتمعوا ف مصلى العيد ف الستسقاء ‪،‬‬
‫وأن يتمعوا ف عرفات ف مكان واحد ‪،‬‬
‫لن ذلك أقرب إل الجابة ‪.‬‬
‫‪ – 25‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬جواز البالغة ف القول ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬إل كما ينقص الخيط إذا أدخل البحر ) ‪،‬‬
‫هل له من دليل ؟‬
‫نعم ‪ ،‬قوله تعال ‪ {:‬ل تفتح أبواب السماء ول يدخلون النة حت يلج المل ف سم الياط } ‪.‬‬
‫‪ – 26‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال عز وجل يصي أعمال العباد أي يضبطها بالعدد ‪،‬‬
‫فل ينقص أحدا شيئا ‪،‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ‪،‬‬

‫‪175‬‬
‫وهذا على سبيل البالغة ‪،‬‬
‫فلو عمل أدن من مثقال الذرة لرآه ‪،‬‬
‫لكن لا كان للذرة من أصغر الخلوقات ‪،‬‬
‫وما تضرب به العرب الثل ف الصغر ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬فمن يعمل مثقال ذرة } ويقول أحصيها لكم ‪.‬‬
‫‪ – 27‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ال عز وجل ل يظلم أحدا شيئا بل من عمل عمل وجده ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬ث أوفيكم إياه ) ‪.‬‬
‫‪ – 28‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬وجوب المد ل عز وجل على من وجد خيا ‪،‬‬
‫وذلك من وجهي ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬أن ال سبحانه يّسره حت عنه ‪،‬‬
‫والوجه الثان ‪ :‬أن ال أثاب ‪.‬‬
‫‪ – 29‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬جواز التحدث للنسان عن نفسه ف صيغة الغائب ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬من وجد خيا فليحمد ال ) ‪،‬‬
‫دون أن يقال ‪ ( :‬فمن وجد خيا فليحمدن ) ‪،‬‬
‫وهذا أعن العموم عن ضمي التكلم ‪،‬‬
‫إل أن تكون الصيغة للغائب من باب التعظيم ‪،‬‬
‫تقول مثل ‪ :‬يقول اللك وهو يأمر ‪ :‬يقول لكم اللك ‪ :‬افعلوا كذا وكذا ‪،‬‬
‫فهو أبلغ من أن يقال ‪ :‬أقول لكم ‪ :‬افعلوا كذا وكذا ‪.‬‬
‫‪ – 30‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن من تلى عن العمل الصال ول يد الي ‪ ،‬اللوم على من ؟‬
‫اللوم على نفسه ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬كيف يكون اللوم على نفسه وأنا مقدّر ل هذا ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أنك حي فعلت العصية أو تركت الواجب ل تكن تعلم أنه قدّر لك هذا ‪،‬‬
‫فالعاصي يقدم على العصية وهو ل يعلم أنا كتبت عليه إل إذا عمله ‪،‬‬
‫وكذلك تارك الواجب ل يعلم أنه كتب عليه ترك الواجب إل إذا تركه وإل ماذا يعلم ‪،‬‬
‫فاللوم عليك ‪،‬‬
‫الرسل بلغت والقرآن حجة ‪،‬‬
‫ومع ذلك تركت هذا الشيء ‪،‬‬
‫فاللوم عليك أنت ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫السئلة‬
‫ال سؤال ‪ :‬أثاب كم ال ف حالة أن خط بة الع يد كا نت خطبت ي واحدة ب كبات ال صوت ف هل‬
‫يوز للوا حد أن ي ضر خط بة واحدة ول ي ضر الط بة الثان ية ويرج ؟ إذا كان اليوم خط بة‬
‫العيد خطبتي فهل يوز للواحد أن خطبة واحدة ويترك الثانية ؟‬
‫الواب ‪ :‬خطبة العيد سنة ليست واجبة ل يب على النسان أن يبقى ‪ .‬يعن له أن ينصرف‬
‫من حي ما يسلم المام ‪.‬‬
‫لكن إذا بقي يستمع حرّم عليه أن يتكلم ‪.‬‬
‫لن كلمه والمام يطب يدل على عدم مبالته بالوعظة ويصل فيه تشويش على الخرين ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ف حالة إلزام نفسه بضور الطبة الثانية ‪ ،‬هل يكون أتى بشيء مدث ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬كيف ؟‬
‫السؤال ‪ :‬لنه خطبة واحدة بكبات الصوت ؟‬
‫الواب ‪ :‬والثانية ما هي بكبات الصوت ؟‬
‫الثانية فيها مكبات الصوت ‪.‬‬
‫الهم أن حضور خطبة العيد ليست واجبة للنسان له أن ينصرف حي يصلي لكن إذا جلس‬
‫فل بد له أن ينصت جعة ؟‬
‫السـؤال ‪ :‬شيـخ أحسـن ال إليـك الكفار الن يسـتغلون ضعـف السـلمي فينهبون أموالمـ‬
‫وي سرقون ثروات م ويبثون في هم الديا نة الفا سدة والقاعدة الباطلة ف هل ل نا أن نعتدي علي هم‬
‫كما اعتدوا علينا ؟‬
‫الواب ‪ :‬هل هم يأتون إل النسان ويأخذون ماله من بيته ؟‬
‫السؤال ‪ :‬ل ؟‬
‫الواب ‪ :‬إذن كيف ؟‬
‫السؤال ‪ :‬يأخذون أموال السلمي ‪.‬‬
‫الواب ‪ :‬إذن يأخذونه بعقد من السلمي هذا رضا من السلمي ‪.‬‬
‫أما إذا كان وال يدخلون على بيته وينهبون الال فقد انتفض أحدهم ول يكن له معن ‪ ،‬لك‬
‫أن تعل ف رأسه خس رصاصات ‪.‬‬
‫ال سؤال ‪ :‬ش يخ أثاب كم ال ف ب عض البلد يرج الن صارى ين صّرون ال سلمي ف هل هم يع ن‬
‫معاهدون ؟‬

‫‪177‬‬
‫الواب ‪ :‬ل إذا دعوا إل بدعت هم إذا ‪ 000‬ف قد أ مر ال ل كن ل ست أ نت الذي تن فذ ب م هذا‬
‫إل المام‬
‫‪-‬نعم ‪ -‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك ‪ .‬هل يؤخر من يستغفر بدون حضور قلبه ؟‬
‫‪-‬هل ؟‬
‫‪-‬يؤجر من يستغفر بدون حضور قلبه يتنفذ ؟‬
‫‪-‬إي نعم ‪ ،‬أرجو أن ينفعه ذلك ولكنه نفع قليل إذن هذا ما ينفع النسان بل قصد وأنت‬
‫تعلم أن اليمي وهي اليمي ل تنعقد إذا كانت بل قصد ‪ .‬نعم ؟‬
‫‪-‬أحسن ال إليك الفرق بي قول القلب وعمل القلب ؟‬
‫‪-‬نعم قول القلب وعمل خوف ووجاه نعم ‪.‬‬
‫‪-‬ال يفظك حديث با معناه من قطع سدرة صوّب ال رأسه بالنار‪.‬‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬من قطع سدرة صوّب رأسه بالنار‪.‬‬
‫‪-‬من قلع ؟‬
‫‪-‬قطع ‪.‬‬
‫‪-‬قطع‬
‫‪-‬سدرة‬
‫‪-‬سدرة ؟‬
‫‪-‬صوّب ال رأسه بالنار‪.‬‬
‫‪-‬إي ما أعرف هذا الد يث ل كن الر سول صلى ال عل يه وعلى آله و صحبه نزل منل‬
‫ذات يوم ف الب ون ى عن ق طع الش جر لن ل يرم الناس من ال ستظلل ب ا أ ما هذا‬
‫الوعيد ما أعرفه ‪.‬‬
‫‪-‬شيخ أحسن ال إليك إذا لم النسان نفسه عن فعل هل يكن من التسخر يناف ما ف‬
‫القلب ؟‬
‫‪-‬ل ليس للتسخر لكن يقول نفسي أنت السبب نعم ‪.‬‬
‫‪-‬بارك ال فيك‬
‫‪-‬ارفع يدك نعم ‪.‬‬
‫‪-‬حكم قتل العاهد ؟‬

‫‪178‬‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬حكم قتل العاهد ؟‬
‫‪-‬نعم ؟‬
‫‪-‬كقتل السلم ؟‬
‫‪-‬يرى أبو حنيفة أنه كقتل السلم وأنه يب أن يقتل السلم والمهور على خلف ف هذا‬
‫– المهور يقولون ل يقتل السلم ولو كان معاهدا والصواب هذا أنه ل يوز قتل السلم‬
‫بالكافـر حتـ وأن كان معاهدا لكـن فـ هذا وعيـد أن مـن قتـل معاهدا ل يرح رائحـة‬
‫النة‪.‬نعم ؟‬
‫‪-‬شيخ بالنسبة للنفس كيف نرد على الؤول يعن مثل قد يتجون علينا يقولون جئتم ف‬
‫النفس فأولتم ؟‬
‫‪-‬ما أوّلنا من قال لك ؟‬
‫‪-‬قد يعن مثل يعترض ؟‬
‫‪-‬ما أولنا يذركم ال نفسه مش النفس يعن يذركم ال إياه ‪.‬‬
‫‪-‬لقوله تعلم ما ف نفسي ول أعلم ما ف نفسك ؟‬
‫‪-‬ل نفس الشيء تعلم ما ف نفسي ول أعلم ما ف نفسك ‪ .‬نعم ؟‬
‫‪-‬بارك ال فيكم من قتل معاهدا هل له توبة ؟‬
‫‪-‬إي نعم ‪ ،‬كل إنسان مهما عظمت ذنوبه له توبة واسع آية الفرقان ( والذين يدعون ل‬
‫يدعون مع ال إل ا آ خر ول يقتلون النفس ال ت حرم ال إل بال ق ول يزنون ومن يفعل‬
‫ذلك يلق آثاما ) إل قوله ‪ :‬إل من تاب ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ بارك ال فيك إذا عرف الرجل بالظلم ‪.‬‬
‫‪-‬إذا ؟‬
‫‪-‬إذا عرف الرجل بالظلم وكان عنده عمال فهل ينعهم حقوقهم مثل واستطاع العامل أن‬
‫يأخذ حقه بطريق غي شرعي فهل له ذلك ؟‬
‫‪-‬كيف تقول بطريق غي شرعي ؟‬
‫‪-‬كالسرقة مثل ‪.‬‬
‫‪-‬أنت الن تقول بطريق غي شرعي ‪ ،‬قد يلقى ‪ ،‬قد يسأل عنه لكن هذه السألة نصورها ‪.‬‬
‫إذا كان النسان له دين بذمة شخص وأب أن ينكره إما ماطلة أو جهل فهل لذا الطالب‬
‫أن يأخذ من مال الطلوب إذا قدر عليه ؟ هذه السألة يسميها العلماء الظفر الظفر بالظال‬

‫‪179‬‬
‫‪ 00000‬وال صحيح أ نه ل يوز أن يأ خذ ولو قدر على ماله لقول ال نب صلى ال عل يه‬
‫وعلى آله وسلم ‪ :‬أدي المانة لن ائتمنك ول تن من خانك ‪ .‬إل ف مسألة واحدة إذا‬
‫كان السبب ظاهرا ما ف إشكال كالر جل تلز مه نف قة ز يد ولك نه ل ين فق عل يه وحصل‬
‫زيد على شيء من ماله فله أن يأخذ من ماله بقدر النفقة ‪.‬‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬أن هندا بنت عتبة شكت إل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أبا سفيان‬
‫بأنه ل يعطيها ما يكفيها وولدها فقال خذي من مال ما يكفيك وولدك بالعروف لاذا ؟ لنه‬
‫سـبب ظاهـر هـي زوجتـه ونفقتهـا عليـه ونزل عليـه الضيوف ‪ .‬إذا نزلوا على قوم أبوا أن‬
‫يضيفوهم وقدروا على ش يء من مال م أخذوه ول كن بقدر الضيا فة لن سبب الوجوب آمن‬
‫نعم ؟‬
‫‪-‬شيخ أحسن ال إليك ‪.‬‬
‫‪-‬ارفع يدك ‪ .‬نعم ؟‬
‫‪-‬ف الحاديث الت تقول من قتل معاهدا ل يرح رائحة النة ‪.‬‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬لقوله ( مـن يقتـل معاهدا متعمدا جزاءه جهنـم خالدا فيهـا ) والدلة على أن صـاحب‬
‫الكبية ل يلد ف النار ؟‬
‫‪-‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬كيف المع ؟‬
‫‪-‬المـع بيـ هذا وبيـ الدلة الخرى اختلف فيهـا العلماء فقال بعضهـم إنـه على تطهيـ‬
‫شرط والع ن فجزاءه إن جازاه ول كن هذا ف يه ن قص وقال بعض هم من هذا على سبيل‬
‫الوع يد أن م يلقوه ول نتحدث ع نه وقال بعض هم أن هذا م ستثن لن الق تل أع ظم ش يء‬
‫ولكن الصواب أن يقال القتل عمدا ‪.‬قتل الؤمن عمدا سببا ف اللود ف النار والسبب‬
‫قد يوجد له مانع قد يوجد له مانع وهو اليان التوبة ما ف إشكال لكن اليان هذا رجل‬
‫قتل مؤمن متعمدا ومات قبل أن يضر فجزاءه جهنم ملدا فيها لكن إذا وجد الانع وهو‬
‫اليان ولو مثقال ذرة امت نع اللود ك ما قلت لو القرا بة سبب للرث فالب يرث من‬
‫ابنه هل هذا يرث على كل حال ؟ ل ‪ .‬قد يوجد مانع ينع الباء من الياث ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫الديث الرابع والعشرون‬
‫عن أب ذر رضي ال عنه أيضا ‪ :‬أن أناسا من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬يا رسول ال ذهب أهل الدثور بالجور ‪ ،‬يصلون كما نصلي ‪ ،‬ويصومون‬
‫ك ما نصوم ‪ ،‬ويتصدقون بفضول أموال م ‪ ،‬قال ‪ ( :‬أو ل يس قد جعل ال ل كم ما تصدقون ؟ إن‬
‫لكم بكل تسبيحة صدقة ‪ ،‬وكل تكبية صدقة ‪ ،‬وكل تميدة صدقة ‪ ،‬وكل تليلة صدقة ‪ ،‬وأمر‬
‫بالعروف صدقة ‪ ،‬ون ي عن من كر صدقة ‪ ،‬و ف ب ضع أحد كم صدقة ) ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا ر سول ال ‪،‬‬
‫أيأت أحد نا شهو ته ويكون له فيها أجر ؟ قال ‪ ( :‬أرأي تم لو وضعها ف حرام ‪ ،‬أكان عليه وزر ؟‬
‫فكذلك إذا وضعها ف اللل كان له أجر ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫هؤلء الفقراء ‪،‬‬
‫قالوا للنب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ :‬ذهب أهل الدثور بالجور ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أهل الدثور ) ‪ :‬أي الموال الكثية ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بالجور ) ‪ :‬أي الثواب عليه ‪،‬‬
‫وليس قصدهم بذلك السد ول العتراض على قدر ال ‪،‬‬
‫لكن قصدهم لعلهم يدون أعمال يستطيعونا يقومون با تقابل ما يفعله أهل الدثور ف الجور ‪،‬‬
‫يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون من فضول أموالم يعن ول نتصدق ‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬وليس عندنا شيء ‪،‬‬
‫يعن فكيف يكن أن نسبقهم ‪،‬‬
‫على كل حال ‪ :‬هذا الراد عنهم رضي ال عنهم ‪،‬‬
‫وليس مرادهم قطعا أن العتراض على قدر ال ‪،‬‬
‫ول أن يسدوا هؤلء الغنياء ‪،‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أو ليس قد جعل ال لكمما تتصدقون به ؟‬
‫الواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫ث يبي لم عليه الصلة والسلم أن ( بكل تسبيحة صدقة ) ‪ :‬يعن إذا قلت ‪ :‬سبحان ال ‪،‬‬
‫فهي صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وبكل تكبية صدقة ) ‪ :‬إذا قلت ‪ :‬ال أكب ‪ ،‬فهذه صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وبكل تميدة صدقة ) ‪ :‬إذا قلت ‪ :‬المد ل ‪ ،‬فهي صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وبكل تليلة صدقة ) ‪ :‬إذا قلت ل إله إل ال فهي صدقة ‪،‬‬

‫‪181‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وأمر بالعروف صدقة ) ‪ :‬يعن إذا أمرت من رأيته مقصرا ف شيء من الطاعات وأمرته‬
‫فهي صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وني عن منكر صدقة ) ‪ :‬إذا رأيت شخص على النكر ونيته فهي صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وف بضع أحدكم صدقة ) ‪ :‬يعن الزوجة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول ال أيأت أحدنا شهوته ‪ .....‬أل ‪ :‬هذه الشياء الت ذكرها النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم وقال أنا صدقة ‪،‬‬
‫هل يستطيعها هؤلء الفقراء ؟‬
‫نعم يستطيعها ‪.‬‬
‫فأن تم املئوا الز من من الت كبي والتهل يل والتحم يد وال مر بالعروف والن هي عن الن كر وكل ها‬
‫صدقات ‪،‬‬
‫الغنياء يكن ل يتصدقون ‪،‬‬
‫وإذا تصدقوا باليوم ل يستوعبون اليوم بالصدقة فأنتم قادرون على هذا ‪،‬‬
‫واضح هنا ول غي واضح ؟‬
‫لّا قرر هذا اقتنعوا رضي ال عنهم ‪،‬‬
‫لكن لّا قال ‪ ( :‬ف بضع أحدكم صدقة ) ‪ :‬يعن إذا أتى الرجل أهله فله بذلك صدقة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول ال أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ‪،‬‬
‫استفهام ‪،‬‬
‫ليس اعتراضا ‪،‬‬
‫لكن يريدون أن يعرفوا ‪،‬‬
‫وجه ذلك ‪ :‬كيف النسان يأت أهله وشهوته ويقارن با أتوه ؟‬
‫يعن أن النسان قد يستبعد هذا ‪،‬‬
‫ولكن النب صلى ال عليه وسلم بيّن لم وجه ذلك ‪:‬‬
‫فقال ‪ ( :‬أرأيتم لو وضعها ف حرام ‪ ،‬أكان عليه وزر ؟ )‬
‫والواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫عليه وزر ‪،‬‬
‫لو وضعها ف حرام ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬فكذلك إذا وضعها ف اللل كان له أجر ) ‪،‬‬
‫فاستغن باللل عن الرام فكان مأجورا بذا ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫وهذا ما يسمى عند العلماء ‪ :‬قياس العكس ‪،‬‬
‫يعن إذا ثبت هذا ثبت ضده ف ضده ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حرص الصحابة رضي ال عنهم على التسابق إل الي يتسابقوا كلنا ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ف هذا الديث دليل على ‪ :‬مسارعة الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬وتسابقهم إل العمل الصال‬
‫‪،‬‬
‫ل نه هؤلء الذ ين جاءوا يقولون للر سول صلى ال عل يه وعلى آله و سلم أ نه ذ هب أ هل الدثور‬
‫بالجور ‪،‬‬
‫ل يريدون حسد ‪،‬‬
‫ولكن يريدون أن يفتح لم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بابا يدركون به هذا السبق ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الصحابة رضي ال عنهم يستعملون أموالم ف ما فيه الي ف‬
‫الدنيا و الخرة ‪،‬‬
‫وهم أنم يتصدقون ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن العمال يشترك فيها الغن والفقي ‪،‬‬
‫بقوله ‪ ( :‬يصومون كما نصوم ويصلون كما نصلي ) ‪ ،‬وهو كذلك ‪،‬‬
‫وقد يكون أداء الفقي لا أفضل وأكمل من أداء الغن ‪.‬‬
‫‪ – 5‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم فتح للفقراء أبوابا من الي‬
‫‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أو ليس قد جعل ال لكم ما تتصدقون به ؟ )‬
‫وذكر البواب ‪.‬‬
‫‪ – 6‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬تقرير ماطب با ل يكنه إنكاره ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أو ليس قد جعل ال لكم ما تتصدقون به ؟ )‬
‫لن هذا أبلغ ف إقامة الجة عليه ‪.‬‬
‫‪ – 7‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ما ذكره النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم من العمال كله‬
‫صدقة ‪،‬‬
‫لكن هذه الصدقة فيها واجب وفيها غي واجب ‪،‬‬
‫ومنها متعدي ومنها قاصر ‪،‬‬
‫حسب ما سنذكره ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫قال عل يه ال صلة وال سلم ‪ ( :‬إن ب كل ت سبيحة صدقة و كل ت كبية صدقة و كل تميدة صدقة‬
‫وكل تليلة صدقة ) ‪،‬‬
‫هذا كله متعدي أو قاصر ؟‬
‫قاصر ‪،‬‬
‫وفيه واجب وفيه غي واجب ‪،‬‬
‫التكبي منه واجب ومنه ما ليس بواجب ‪،‬‬
‫فتكبي الصلوات واجب ‪،‬‬
‫وتكبي أذكار الصلة بعدها مستحب ‪،‬‬
‫وهكذا يقال ف التسبيح والتهليل ‪.‬‬
‫نشي على ما ذكرنا أول ‪،‬‬
‫( وأمر بعروف صدقة وني عن منكر صدقة ) ‪ :‬هذا من الواجب أو من الستحب ؟‬
‫هذا من الواجب ‪،‬‬
‫لكن المر بالعروف تارة يكون واجب وجوب عي ‪،‬‬
‫على من قدر عليه ول يوجد غيه ‪،‬‬
‫وكذلك النكر ‪،‬‬
‫وتارة يكون واجب كفاية لن قدر عليه ‪،‬‬
‫ولكن فيه من يقوم مقامه ‪،‬‬
‫وتارة يكون مستحبا ‪،‬‬
‫وذلك ف المر بالعروف الستحب والنهي عن النكر الكروه ‪،‬‬
‫إن صح أن نطلق عليه اسم ( منكر ) ‪،‬‬
‫المر بالعروف ل بد فيه من شروط ‪:‬‬
‫الشرط الول ‪ :‬أن يكون المر عالا بأن هذا معروف ‪،‬‬
‫فإن كان جاهل فإنه ل يوز أن يتكلم ‪،‬‬
‫لنه إذا أمر با يهل فقد قال على ال ما ل يعلم ‪،‬‬
‫الشرط الثان ‪ :‬أن يعلم أن هذا قد تركه ‪،‬‬
‫قد ترك العروف ‪،‬‬
‫فإن ل يعلم تركه إياه فليستفسر ‪،‬‬

‫‪185‬‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬أن رجل دخل يوم المعة والنب صلى ال عليه وعلى آله وسلم يطب ‪ ،‬فجلس‬
‫فقال له ‪ ( :‬أصليت ) ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ ( :‬قم ‪ ،‬فصلي ركعتي ‪ ،‬وتوّز فيهما ) ‪،‬‬
‫فلم يأمره بصلة ركعتي حت سأله ‪ :‬هل فعلتهما أو ل ؟‬
‫فل بد أن تعلم أنه تارك لذا العروف ‪،‬‬
‫النهي عن النكر كذلك ل بد فيه من شروط ‪:‬‬
‫الشرط الول ‪ :‬أن تعلم أن هذا منكر بالدليل الشرعي ‪،‬‬
‫ل بالذوق ل بالعادة ول بالغية ول بالعاطفة ‪،‬‬
‫أن تعلم أن هذا منكر بالدليل الشرعي ‪،‬‬
‫وليس مرد أنه منكر يكون منكرا فقد ينكر النسان ما كان معروفا ‪،‬‬
‫الشرط الثان ‪ :‬أن تعلم أن هذا الخاطب قد وقع فيه أي ف النكر ‪،‬‬
‫فإن ل تعلم فل يوز أن تنهى ‪،‬‬
‫لنك لو فعلت لعّد ذلك منك تسرعا ‪،‬‬
‫ولكل الناس عرضك ‪،‬‬
‫بل ل بد أن تعلم أن ما وقع فيه النكر ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬رأ يت رجل ف البلد يأ كل ف رمضان ويشرب ف رمضان ‪ ،‬ولن قل ‪ :‬ف ال سجد‬
‫الرام هل لك أن تنكر عليه ؟‬
‫ل ‪ ،‬حت تسأل أمسافر أنت أم غي مسافر ؟‬
‫لنه قد يكون مسافرا ‪،‬‬
‫والسافر يوز له أن يأكل ويشرب ف رمضان ‪،‬‬
‫فل بد أن تعلم ظان هذا الخاطب وقع ف هذا النكر ‪،‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن ل يزول النكر إل ما هو أعظم منه ‪،‬‬
‫فإن زال النكر إل ما هو أعظم كان إنكاره حراما ‪،‬‬
‫لن إنكاره يعن أننا حولناه من ما هو أخف إل ما هو أشد ‪،‬‬
‫وتت هذه السألة أربعة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يزول النكر بالكلية ‪،‬‬
‫القسم الثان ‪ :‬أن يف ‪،‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يتحول إل منكر مثله ‪،‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬أن يتحول إل منكر أعظم ‪،‬‬

‫‪186‬‬
‫فالقسام أربعة ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يزول النكر ‪،‬‬
‫القسم الثان ‪ :‬أن يعلم أن أنه منكر – أن يزول – زواله ‪،‬‬
‫تفيفه أن يف النكر ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن ل يزول أن يتحول إل منكر أكب منه ‪ ،‬أن يتحول إل منكر أعظم ‪،‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن يتساوى ‪ ،‬أن يتحول إل منكر مساوي ‪،‬‬
‫إذا كان بإمكان النكر يزول ‪ ،‬فل شك أن النكار واجب ‪،‬‬
‫فإذا كان يف فالنكار واجب ‪،‬‬
‫لن تفيف النكر أمر واجب ‪،‬‬
‫إذا كان يتحول إل ما هو اعظم فالنكار حرام ‪،‬‬
‫إذا كان يتحول إل ما هو مثله ‪،‬‬
‫فمحل نظر ‪ :‬هل يرجح النكار ‪ ،‬أو ل ؟‬
‫فقد يرجح النكار ‪،‬‬
‫لن النسانيات تغيت به الحوال وانتقل من شيء إل شيء ربا يكون أخف ‪،‬‬
‫وقد يكون المر بالعكس بقاءه على ما هو عليه أحسن من نقله ‪،‬‬
‫لنه إذا تعدد التنقل انتقل إل منكرات أخرى ‪،‬‬
‫هذه أقل أحوال إنكار النكر ‪.‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬عل ّل أو دللّ لذه القسام ؟‬
‫فنقول ‪ :‬أما إذا كان إنكاره يقتضي زواله فوجوبه ظاهر ‪،‬‬
‫لقوله تعال ‪ { :‬وتعاونوا على الب والتقوى } ‪،‬‬
‫وقوله ‪ { :‬ولتكن منكم أمة يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر } ‪،‬‬
‫وقول النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬والذي نفسي بيده ‪ ،‬لتأمرن بالعروف ‪ ،‬ولتنهون عن النكر ‪،‬‬
‫ولتأخذن على عدة الظال ‪ ،‬ولتأطرّنه على الق أطرا ‪ ، ) ....‬وذكر الديث وعيدا شديدا ‪.‬‬
‫أما تفيفه إذا كان النكار يؤدي إل تفيفه ‪،‬‬
‫فالتعليل أن تفيف الشر واجب ‪،‬‬
‫لن اثني ناقص واحد ‪ ،‬واحد آخذ منه اثني ‪،‬‬
‫وهذا تعليل ‪،‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬أنه دليل ‪،‬‬

‫‪187‬‬
‫لن هذا الزائد منكر يزول بالنكار فيكون واحدا فيما سبق ‪،‬‬
‫أما إذا كان يزول إل يتحول إل ما هو أنكر فإن النكار حرام ‪،‬‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬قول ال تبارك وتعال ‪ { :‬ل تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسب ال عدوا بغي‬
‫علم } ‪،‬‬
‫فنهى عن سب آلة الشركي مع أنه أمر واجب لن سبهم – سب آلتهم – يؤدي إل سب من‬
‫هو منه عن كل تقص وهو ال عز وجل ‪،‬‬
‫فنحن إذا سببنا آلتهم سببنا بق وهم إذا سبوا ال سبوه عدوا بغي حق انتبه لذا –‬
‫ويذكر ‪ :‬عن شيخ السلم رحه ال ‪ ،‬أنه م ّر مع صاحب له على قوم من التتر ‪ ،‬يشربون المر‬
‫ويفسقون ‪،‬‬
‫ول ينههم شيخ السلم عن هذا ‪،‬‬
‫فقال له صاحبه ‪ :‬يعن لاذا ل تنهاهم ؟‬
‫وكان رحه ال من عرف بإنكار النكر ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬لو نيت هؤلء لقاموا إل بيوت الناس ونبوها وانتهكوا أعراضهم وهذا أعظم ما هم عليه‬
‫الن ‪،‬‬
‫انظر للفقه ف دين ال عز وجل ‪،‬‬
‫نعود للحديث ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أمر صدقة ونى عن منكر صدقة ) ‪ :‬وهذه من الصدقة الواجبة أو الستحبة ؟‬
‫على التفصيل الذي سعته وجوب عي أو وجوب كفاية أو سنة ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وف بضع أحدكم صدقة ) ‪ :‬هذه الصدقة من الواجب أو من الستحب ؟‬
‫من الواجب تارة ‪،‬‬
‫ومن الستحب تارة ‪،‬‬
‫إذا كان النسان ياف على نفسه من الزنا إن ل يأت أهله صار من الصدقة الواجبة ‪،‬‬
‫وإن كان ل فهو من الصدقة الستحبة ‪،‬‬
‫وظاهر هذا الديث ‪ ( :‬وف بضع أحدكم صدقة ) ‪ :‬أن ذلك صدقة ‪،‬‬
‫وإن كان على سبيل الشهوة ‪،‬‬
‫ل على سبيل الكفاف عن الرام ‪،‬‬
‫لنه إذا كان على سبيل الكفاف عن الرام ‪،‬‬
‫فالمر واضح أنه صدقة ‪،‬‬

‫‪188‬‬
‫لنه يدفع الرام بالباح ‪،‬‬
‫لكن إذا كان لجرد الشهوة فظاهر الديث أن ذلك صدقة ‪،‬‬
‫وله وجه ‪:‬‬
‫منها – من الوجوه – ‪ :‬أن النسان مأمور أن ل ينع نفسه ما تشتهي ‪،‬‬
‫إذا كان ذلك ف غي معصية ال ‪ ( ،‬إن لنفسك عليك حق ) ‪،‬‬
‫والثان ‪ :‬أنه إذا أت أهله فقد أحسن إليهم إل أهله ‪،‬‬
‫لن الرأة عندها من الشهوة ما عند الرجل ‪،‬‬
‫فهي تشتهي الرجل كما يشتهيها ‪،‬‬
‫فإذا أتاها صار مسنا إليها وصار ذلك صدقة ‪.‬‬
‫‪ – 8‬ومن فوائد الديث ‪ :‬أن الصحابة رضي ال عنهم ل يتركون شيئا مشكل إل سألوا عنه ‪.‬‬
‫( أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ) ‪،‬‬
‫وبه نعلم أن كل شيء ل يسأل عنه الصحابة ما يظن أنه من أمور الدين ‪،‬‬
‫فإن السؤال عنه بدعة ‪،‬‬
‫لنه لو كان من دين ال لغيّر ال من يسأل عنه حت يتبي واضح ‪.‬‬
‫ومن ذلك ما تدث لا حدّث النب صلى ال عليه وسلم عن الدجال أن أول يوم من أيامه كسنة‬
‫قالوا يا رسول ال هذا اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلة واحدة قال ‪ :‬ل اقدروا له قدره ‪،‬‬
‫فكل شيء يتاج إليه الناس ف دينهم ‪،‬‬
‫فإما أن يصدر من النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ابتداءً ‪،‬‬
‫وإما أن يسأل عنه ‪،‬‬
‫وما ل يرد عن النب صلى ال عليه وسلم ابتداءً ول جوابا لسؤال وهو ما يتعلق بالدين ‪،‬‬
‫فالسؤال عنه بدعة ‪،‬‬
‫ومن ذلك ما يفعله بعض التنطعي ف أساء ال وصفاته ‪،‬‬
‫أو بعض التنطعي فيما جاء الب عنه من أحوال يوم القيامة ‪،‬‬
‫نقول لؤلء ‪ :‬أنكم مبتدعة ‪،‬‬
‫أو نقول على القل ‪ :‬إن هذا بدعة ‪،‬‬
‫لنه قد يكون سائل قد يكون السائل ل يريد أن يبتدع ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬هذا السؤال بدعة ‪،‬‬
‫وإن كنا ل نصف السائل بأنه مبتدع ‪،‬‬

‫‪189‬‬
‫واضح يا جاعة ؟‬
‫واضح ‪.‬‬
‫انتبهوا لذا ‪،‬‬
‫قد يكون العمل بدعه وفاعله ليس ببتدع ‪،‬‬
‫لنه ل يعلم أو لتأويل أو ما أشبه ذلك ‪.‬‬
‫‪ – 9‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬حسن تعليم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫حيث ضرب الثل الذي يقتنع به الخاطب ‪،‬‬
‫وهذا من حسن التعلم أن تقرب المور السية بالمور العقلية ‪،‬‬
‫وذلك بقوله ‪ ( :‬أرأي تم لو وضع ها ف الرام أكان عل يه وزر فكذلك إذا وضع ها ف اللل كان‬
‫له أجر ) ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن القياس حجة ‪،‬‬
‫فقياس الوافقة كثي جدا ول إشكال فيه ‪:‬‬
‫بأن تقيس هذا الشيء على هذا الشيء ‪ ،‬ف حكم من الحكام ‪،‬‬
‫وتقول ‪ :‬يب هذا على قياس هذا ‪ ،‬يرم هذا قياسا على هذا ‪،‬‬
‫لكن قياس العكس هذا أيضا صحيح ‪،‬‬
‫قياس العكس صحيح ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وسلم قاس هذا القياس قياس العكس ‪،‬‬
‫يعن فإذا كانت الشهوة حرام وزرا فالشهوة اللل أجر ‪،‬‬
‫وهذا واضح ‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫الديث السادس والعشرون‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬كل سلمى من الناس‬
‫عليه صدقة ‪ ،‬كل يوم تطلع فيه الشمس ‪ :‬تعدل بي اثني صدقة ‪ ،‬وتعي الرجل ف دابته فتحمله‬
‫عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ‪ ،‬والكلمة الطيبة صدقة ‪ ،‬وبكل خطوةٍ تشيها إل الصلة‬
‫صدقة ‪ ،‬وتيط الذى عن الطريق صدقة ) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬كل سلمى ) ‪ :‬السلمى ‪ :‬هي الفاصل ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬العظام ‪،‬‬
‫لن كل عظم مفصول عن الخر بفاصل ‪،‬‬
‫فإنه يتلف عنه بالشكل وف القدرة وف كل المور ‪،‬‬
‫وهذا من تام قدرة ال عز وجل ‪،‬‬
‫فليس الذراع كالعظم وليس الصابع كالكف ‪،‬‬
‫كل ما فصل عن غيه من العظام فله ميزة خاصة ‪،‬‬
‫ولذلك كان على كل سلمى صدقة ‪،‬‬
‫والسلمى قلنا ‪ :‬إما العظام ‪ ،‬وإما الفاصل ‪،‬‬
‫والعن واحد ل يتلف ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬فكم هذه ؟ ) ‪ :‬فكم السلمى ؟‬
‫جاء ف صحيح مسلم ‪ 360‬مفصل ‪،‬‬
‫هكذا جاء ف الديث ‪،‬‬
‫والطب الديث يوافق هذا ‪،‬‬
‫سبحان ال !‬
‫ما يدل على أن رسالة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم حق ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬كل سلمى من الناس عليه صدقة ) ‪،‬‬
‫نعيدها حت يتضح العن ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كل سلمى ) ‪ :‬مبتدأ ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ومن الناس ) ‪ :‬بيان لـ ( كل ) أو لـ ( سلمى ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عليه صدقة ) ‪ :‬مبتدأ وخب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كل ) ‪ :‬يعن كل مفصل عليه صدقة ‪،‬‬

‫‪191‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬كل يوم تطلع ف يه الش مس ) ‪ :‬يع ن كل يوم ي صبح على ع ضو من أعضائ نا صدقة‬
‫‪، 360‬‬
‫كم ف السبوع ‪ 7‬أيام ؟‬
‫أنتم أعلم منا ف الساب ‪ 2420‬؟‬
‫‪ 2520‬كل أسبوع وكل يوم ‪، 360‬‬
‫لكن من نعمة ال أن هذه الصدقة عامة ف كل القربات ‪،‬‬
‫كل القربات صدقات ‪،‬‬
‫وهذا شيء ليس بصعب على النسان مادام كل قربة صدقة فما أيسر أن يؤدي النسان ما يب‬
‫عليه ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تعدلوا بي اثني صدقة ) ‪ :‬يعن تفصل بينهما ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بصلح أو حكم ) ‪ :‬تفصل بينهما إما بصلح وإما بكم ‪،‬‬
‫وأيهما أول الصلح أم الكم ؟‬
‫الصلح إذا أمكن ‪،‬‬
‫ما ل يتبي للرجل أن الصواب مع أن الكم لحدها ‪،‬‬
‫فإن تبي أن الكم لحدها حرم الصلح وهذا قد يفعله بعض الناس القضاة ياول أن يصلح مع‬
‫علمه أن الق مع الدعي أو الدعى عليه ‪،‬‬
‫وهذا مرم ‪،‬‬
‫لنه بالصلح ل بد أن يتنازل كل واحد عما ادعاه فيحال بينه وبي حقه ‪،‬‬
‫وإذن العدل بي اثني بالصلح أو بالكم ‪،‬‬
‫أن الصلح أفضل إن ل يعلم الق لحدهم ‪.‬‬
‫نعم يكون صدقة إن علم أن الق لحدهم فل يصلح فليحكم بالق ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعي الرجل ف دابته ‪،‬‬
‫أي ف بعيه فتحمله عليه أو ترفع له عليها متاعه صدقة ‪،‬‬
‫المد ل تعي الرجل ف دابته أي ف بعيه ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬تمله أنت تضعه على الرحل هذا صدقة أو تمل له عليه متاعه ‪.‬‬
‫متاعه ما يتمتع به ف السفر من طعام وشراب وغيها ‪.‬‬
‫تمله على البعي وتربطه هذا صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬والكلمة الطيبة صدقة ) ‪ :‬ال أكب الكلمة الطيبة صدقة أي كلمة طيبة ‪،‬‬

‫‪192‬‬
‫سواء طيبة ف حق ال كالتسبيح والتكبي والتهليل ‪،‬‬
‫أو ف حق الناس كحسن اللق ‪،‬‬
‫وسبق بالديث الول قبله ( كل تليله صدقة ‪ ....‬ال ) ‪ ،‬الكلمة الطيبة صدقة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وبكل خطوة تطوها إل الصلة صدقة ) ‪ :‬كل خطوة تطوها إل الصلة صدقة ‪،‬‬
‫سواء بعدت الدار أم قربت الدار ‪،‬‬
‫ومن يصي الطوات ؟‬
‫نعم ‪ ،‬ال وأنت لو حاولت إحصاءها أحصيتها لكن بصعوبة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وب كل خطوة ت يط الذى عن الطر يق صدقة ) ‪ ( :‬ت يط ) ‪ :‬تز يل الذى ما يؤذي الارة‬
‫من حجر أو زجاج أو قاذورات أي شيء يؤذي الارين ‪،‬‬
‫إذا أمطته عن طريقهم فإنه صدقه ‪،‬‬

‫‪193‬‬
‫فوائد الديث‬
‫أما فوائد الديث فهي متعددة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬وجوب الصدقة على كل إنسان كل يوم تطلع فيه الشمس عن كل عضو من أعضائه‬
‫واضح ول غي واضح ؟‬
‫لن قوله ‪ ( :‬عليه صدقة ) ‪ ( :‬عليه ) ‪ :‬و ( على ) للوجوب ‪،‬‬
‫ووجه ذلك ‪ :‬أن كل إنسان يصبح سليما عليه أن يشكر ال عز وجل سليما ف كفه ف ذراعه ف‬
‫عضده ف ساقه ف فخذه ف كل عضو من أعضائه عليه نعمة من ال عز وجل فليشكرها ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬قد يكون ف إحصاء ذلك صعوبة ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أنه صح عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أنه يزئ من ذلك ‪،‬‬
‫يعن عنه بدل عنه يزئ من ذلك من هنا ‪:‬‬
‫( بدليه ) بعن أن بدل ذلك ركعتان يركعهما من الضحى نعمه – إذا ركعت ركعتي من الضحى‬
‫صارت – صار الباقي نفل وتطوعا ‪،‬‬
‫ويؤخذ من هذا الديث أعن من الرواية الت ذكرتا ‪ :‬أنه ينبغي للنسان أن يداوم على ركعت‬
‫الضحى ‪،‬‬
‫وجه ذلك ‪ :‬عجيب أنا تأت بدل عن هذه الصدقات عن ‪ 360‬صدقة ‪،‬‬
‫وهذا القول هو الراجح أنه تسن الداومة على ركعت الضحى ‪،‬‬
‫ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح ف رأي العي إل قبيل الزوال ‪،‬‬
‫يعن بعد طلوع الشمس بنحو ثلث ساعة إل قبل الزوال بعشر أو خس دقائق ‪،‬‬
‫وآخر الوقت أفضل ‪،‬‬
‫أقلها ركعتي ‪،‬‬
‫وأكثرها ل حد له ‪،‬‬
‫صلي ما شئت ‪،‬‬
‫لو تبقى تصلي إل قبيل الزوال فأنت على خي ‪,‬‬
‫‪ – 2‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الشمس هي الت تدور على الرض ‪ ،‬فيأت النهار بدل الليل ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬تطلع فيه الشمس ) ‪،‬‬
‫وهذا واضح أن الركة حركة الشمس ‪،‬‬
‫ويدل لذا قول ال تبارك وتعال ‪ { :‬وترى الشمـس إذا طلعـت تزاور عـن كهفهـم ذات اليميـ‬
‫وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال } ‪،‬‬

‫‪194‬‬
‫كم من فعل ؟‬
‫أربعة أفعال مضاف إل الشمس ‪،‬‬
‫وقال تعال عن سليمان ‪ { :‬إن أحببت حب الي عن ذكر رب حت توارت } ‪ ،‬أي الشمس ‪،‬‬
‫{ بالجاب } ‪ ،‬أي بالرض ‪،‬‬
‫وقال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لب ذر حي غربت الشمس ‪ ( ،‬أتدري أين تذهب ؟ )‬
‫قال ‪ :‬ال ورسوله أعلم ‪،‬‬
‫فأضاف الذهاب إليها أي إل الشمس ‪،‬‬
‫أفبعد هذا يكن أن نقول ‪ :‬إن الرض هي الت تدور ؟ ويكون ف دورانا اختلف الليل والنهار ؟‬
‫ل يكن ‪،‬‬
‫إل إذا ثبت عندنا ثبوتا قطعيا نستطيع به أن نصرف به ظاهر النصوص الت معنا ‪،‬‬
‫يطابق الواقع إذا ثبت ‪،‬‬
‫فالقرآن ل يالف الواقع ‪،‬‬
‫أسعتم يا جاعة ؟‬
‫ل تذهبون ‪ ،‬تقولون ‪ :‬فلن ينكر كذا أو يثبت كذا ‪،‬‬
‫أنا أقول ‪ :‬إذا ثبت بالدليل القطعي السي أن اختلف الليل والنهار من دوران الرض ‪،‬‬
‫فنحن نقول ‪ :‬أن القرآن ل يالف الواقع ‪،‬‬
‫ولكن كيف نتصرف مع هذه الفعال الت ظاهرها أن الشمس هي الت تدور ؟‬
‫نتصرف فنقول ‪ :‬تطلع ف رأي العلم ‪،‬‬
‫يعن لنك أنت مثل ف السطح أو ف الب ترى الشمس تطلع وترتفع ‪،‬‬
‫ف رأي العلم مت نقول هذا ؟‬
‫إذا ثبت قطعا ثبوتا حسيا أن اختلف الليل والنهار يكون بدوران الرض ‪،‬‬
‫وهذا الن ل نصل إليه ‪،‬‬
‫فيجب إبقاء النص على ما هو عليه ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل ‪ :‬كيف يتصور النسان أن الكبي يدور على الصغي ؟‬
‫لنك لو نسبت الرض إل الشمس ليس بشيء قليل جدا ‪،‬‬
‫نن نقول ‪ :‬اللهم صلي على ممد ‪،‬‬
‫من الذي أدار الكبي على الصغي ‪ ،‬من ؟‬
‫ال ‪،‬‬

‫‪195‬‬
‫وهو على كل شيء قدير ‪،‬‬
‫ول مانع ‪،‬‬
‫فهذا ما نعتقده حول هذه السألة ‪،‬‬
‫ومع ذلك لو قال قائل ‪ :‬هل الدللة قطعية ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫ما هي قطعية ظنية ‪،‬‬
‫ونن علينا أن نعمل بالدليل الظن الذي هو ظاهر النصي حت يعارض بدليل قطعي ‪،‬‬
‫ول يوز أن نقول ‪ :‬أن دللة الية والديث على دوران الشمس على الرض قطعية ‪،‬‬
‫ول يوز أن نقول هذا ‪،‬‬
‫لنه ربا يأت الوقت الذي نقطع بأن اختلف الليل والنهار بدوران ماذا ؟‬
‫دوران الرض ‪،‬‬
‫وحينئذ نقول ‪ :‬من الحال ‪،‬‬
‫لن تعارض الدليلي القطعيي مال ‪،‬‬
‫إذ تعارضهما يقتضي انتفاء أحدها ‪،‬‬
‫وما دمنا نقول ‪ :‬أنما قطعيان فل يكن أن ينتفيا ‪،‬‬
‫واضح ؟‬
‫وإذا تقرر بالدليل القطعي أن الرض هي الت تدور ‪،‬‬
‫فقد يستدل بذلك مستدل بقوله تعال ‪ { :‬وألقى ف الرض رواسي أن تيد بكم } ‪،‬‬
‫{ تيد } يعن ‪ :‬تضطرب ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬وانتفاء الضطراب يدل على وجود أصل الركة ‪،‬‬
‫كما أن قوله تعال ‪ { :‬ل تدركه البصار } ‪،‬‬
‫يدل على ثبوت رؤية ال ‪،‬‬
‫حيث نفى الخص ‪،‬‬
‫ونفي الخص يدل على ثبوت العم ‪،‬‬
‫ولكن إل الن ل نصل إل القطع ‪،‬‬
‫لن اختلف الليل والنهار يكون بدوران الرض ‪،‬‬
‫ل بدوران الشمس ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬فضيلة العدل بي الثني ‪،‬‬

‫‪196‬‬
‫وقد حث ال عز وجل على الصلح ‪،‬‬
‫فقال ‪ { :‬وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فل جناح عليهما أن يصلح بينهما صلحا‬
‫والصلح خي وأحضرت النفس الشح } ‪،‬‬
‫الصلح خي ‪،‬‬
‫العدل بي خصمي ف الكم واجب ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على معونة الرجل أخاه ‪،‬‬
‫لن معونته إياه صدقة ‪،‬‬
‫سواء ف الثال الذي ذكره الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫أو ف غيه ‪،‬‬
‫الثال الذي ذكره ‪ :‬هو أن يعينه ف دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه ‪،‬‬
‫ولكن هناك أمثلة كثية ‪ :‬لو وجدت إنسانا على الط وطلب منك أن تمله إل البلد وحلته ‪،‬‬
‫هل يدخل ف هذا أو ل يدخل ؟‬
‫نعم ‪،‬‬
‫يدخل من باب أول ‪،‬‬
‫ولكن هل يب عليك أن تمله ‪ ،‬أو ل يب ؟‬
‫إن كان ف مهلكة وأمنت منه وجب عليك أن تمله وجوبا ‪،‬‬
‫لنقاذه من اللكة ‪،‬‬
‫والهلكة إما لقلة الاشي فيها ‪،‬‬
‫أو لن فيها قطاع طريق ‪،‬‬
‫ربا يكون على هذا الرجل ‪،‬‬
‫على كل حال إذا خفت عليه وأمنت منه وجب عليك أن تمله ‪،‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬إذا حلته أخاف من تورط مع السؤولي عن الطرق ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬من اتقى ال جعل له مرجا ‪،‬‬
‫فإن ل تأمن من هذا الرجل فل يلزمك أن تمله ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬أن تاف من أن يغتالك أو يوّل مسيك إل اتاه آخر بالقوة ‪،‬‬
‫فل يلزمك ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬ل ضرر ول ضرار ) ‪،‬‬
‫السئلة‬

‫‪197‬‬
‫ال سؤال ‪ :‬لو قال قائل يا ش يخ لاذا ل تملون الياة ف الد يث على أن الراد رؤ ية الع ي‬
‫فقال ‪ :‬وتراه ‪ ،‬أضاف بعد الشمس بالنسبة للرؤية ؟‬
‫الواب ‪ :‬إذا طلع لكن إذا طلع الكلم على فعل إذا طلعت تراها إذا طلعت ل ل يقل وترى‬
‫الش مس إذا طل عت علي ها يع ن إذا جعل نا الرض هي ال ت تدور فن حن الذ ين طلع نا على‬
‫الشمس ما هي الشمس اللي طالعة نن الذين قربنا منها فارتفعت ‪.‬‬
‫على كل حال أ نا هذا ما أعتقده ف هذه ل سألة ل أول إن دللة القرآن على هذا قطع ية بل‬
‫ظنية ولكن الظن مقدم حت يرد أمر قطعي وإذا ورد أمر قطعي أمكن أن نؤوّل اليات ‪ .‬نعم‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ حفظك ال من الذي يقرر تضعيف الدليل العلمي ؟‬
‫الواب ‪ :‬الذي يقرره أهله الصوغ بم ‪ .‬نعم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ أثابكم ال قلنا إزالة النكر إذا كان يزول بالكلية أنه واجب ؟‬
‫الواب ‪ :‬النهي عن النكر ما هو ؟‬
‫السؤال ‪ :‬النهي عن النكر فإذا يعن ظننا سيخف منه هل نقول ‪ ..........‬؟‬
‫الواب ‪ :‬كيف أنه سيزول ‪ ،‬سيخف منه ؟‬
‫السؤال ‪ :‬سيخف ‪.‬‬
‫الواب ‪ :‬هذه الرتبة الثانية التخفيف‬
‫ال سؤال ‪ :‬إذا ني نا عن الن كر سيخف ‪ ،‬قل نا أ نه وا جب ‪ ،‬هل ن قض الدل يل قوله تعال ‪{ :‬‬
‫‪ 00000‬ما استطعتم } ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ما نقضه ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ ركعت الضحى إذا كان النسان يتصدق يوميا عن هذه الفاصل ؟‬
‫الواب ‪ :‬تكون ذات أجر ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل تكون صلة الضحى سنة ف حقه ؟‬
‫الواب ‪ :‬نعم ‪ .‬لنه من يتيقن أنه أتى به على الوجه الطلوب حت لو سبحّت هل تتيقن أنك‬
‫أتيت على الوجه الطلوب ؟‬
‫وهذه ملحظة ينبغي أن نعرفها إذا رتب الجر أو الثواب على عمل صال ‪.‬‬
‫فالراد إذن على كماله { إن ال صلة تن هى عن الفحشاء والن كر } و ( ال صلة نور ) ما كل‬
‫مصلي تكون صلته نورا ول كل مصلي تنهاه صلته عن الفحشاء والنكر ومن الذي يضمن‬
‫أنك سبحت وحدت وهللت على وجه الكمال ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫ال سؤال ‪ :‬أح سن ال إل يك يا ش يخ قوم عند هم ط بل وعند هم أشياء والثا ن الدف يرق صون‬
‫عليـه يقولون شيخهـم أتـى شيخهـم هؤلء الماعـة هؤلء قوم كفار يبون اللهـو واللعـب‬
‫فدعاهم النسان فلم يستجيبوا ث أتى بذا اللهو فأجابوا قالوا هذا الذكر خفف الناس حل‬
‫الناس نقل الناس من الشرك إل ما هو أقل منه فهل هذا صحيح ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل غي صحيح ‪ .‬ل يكن أن يدعي للحق بباطل أبدا فإن فت النسان وانتفع الناس‬
‫بذا الباطل فهذه فتنة أحيانا يأت الرجل إل القب ويدعوه لرض ‪ 000000‬هذا من الفت ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬يا شيخ أحسن ال إليك بأن هذا تفيف من النكر معن هذا خف من الشرك ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل لكن بالنسبة لك أنت منكر ول نؤمر بالنكر صحيح أنه خف هذا مع إن أظن‬
‫أنه إذا أسلم على اللهو ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬من أراد أن ينكر على رجل فعل منكرا فكيف يدري هل هذا الرجل سيتوب عن‬
‫هذا النكر أو سينتقل إل أعظم منه ؟‬
‫الواب ‪ :‬ل ‪ ،‬ل ‪ ،‬مثل النسان رأى شخص معه آلة لو يعزف عليها ‪ ،‬فأنكر عليه فكسرها‬
‫أمامه هذا زاد ‪ ،‬رآه يشرب المر فأنكر عليه فأراق المور ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬كيف يعرف يا شيخ قبل إنكار النكر حت إذا كان سينتقل إل ما هو أعظم منه ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا الصل ‪.‬‬
‫ال سؤال ‪ :‬ش يخ أثاب كم ال ف حد يث ‪ ( :‬من رأى من كم منكرا فليغيه بيده ) ‪ ،‬ف حالة أن‬
‫تكون ( من ) لعامة الناس ‪ ،‬فما هو الضابط ؟ فما هو الضابط لتغيي النكر باليد للعامة ؟‬
‫الواب ‪ :‬هذا تغيي النكر باليد ل يكون إل لولة المور ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬على قول من ؟‬
‫الواب ‪ :‬على قول ال ق إن شاء ال ‪ ،‬لو جعل نا تغي ي الن كر ل كل وا حد لتقا تل الناس ف‬
‫السواق لكان بجرد ما يكون أنه منكر يضرب هذا الرجل وليس بنكر خصوصا ف الوقت‬
‫الا ضر ن عم الن ف الو قت الا ضر ت د ب عض الناس عنده غية كل ش يء عنده من كر كل‬
‫شيء عنده منكر كل شيء عنده بدعة يادلون الن ف فالعلمات على الت ( تسوية الصنف‬
‫الن ) يقول هذا ‪ :‬منكر ‪ ،‬هذا بدعة ‪ ،‬أنتم مبتدعة ‪ ،‬يكن بعضهم ما يصلي ف السجد إذا‬
‫صار فيه علمات هذه ‪.‬‬
‫بل حدثن من أثق به أن قالوا ‪ :‬هذا الكهرباء منكر ‪ ،‬سحر ‪،‬‬
‫ويأتون بالحجار ف الليل يكسرون اللمبات ‪،‬‬
‫لاذا ؟‬

‫‪199‬‬
‫قال ‪ :‬هذا منكر ‪ ،‬سحر ‪.‬‬
‫إذا أراد الوا حد يو قد ال سراج ي يب ال كبيت والفتيلة والوقود الغاز أو ما أش به ذلك وهذا‬
‫بس مسمار يا مسلمون تنقلب الدنيا هذا سحر ‪.‬‬
‫ل سطوا على الساجد بعض الساجد وكسروا اللمبات‬
‫ترى هذا حق يعن مو أمر مفروط فع ً‬
‫يقول ‪ ( :‬من رأى منكم منكرا ‪ ،‬فليغيه بيده ) ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫‪ – 5‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على معونة إخوانك السلمي ‪،‬‬
‫حت ف غي الثال الذي ذكره النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وكلما كان أخوك أحوج إل معونتك كانت العونة أفضل ‪،‬‬
‫وكلما كانت العونة أنفع لخيك كانت أفضل ‪،‬‬
‫وهنـا السـؤال ‪ :‬هـل مـن هذا النوع أن تعيـ زميلك فـ وقـت الختبار على معرفـة الواب‬
‫الصحيح ؟‬
‫ل ‪ ،‬كيف ل ؟‬
‫أليس هذا معونة له ؟ أليس أنت تب أن تنجح ؟‬
‫ح زميلك ‪،‬‬
‫طيب ‪ ،‬ن ّ‬
‫يقال ‪ :‬هذا منكر وخيانة للمانة ‪،‬‬
‫وأنت لو فعلت فقد أعنته على منكره فل يوز ‪،‬‬
‫وقيل لنا أن بعض الشايخ كان يراقب على الطلب ف المتحان ‪ ،‬فجاءوا يسألونه عن الواب ‪،‬‬
‫كلما سأله واحد أجاب بالواب الصحيح ‪ ،‬فبلغ ذلك مدير الدرسة ‪ ،‬ودعاه ‪ ،‬قال ‪ :‬كيف تعلم‬
‫الطلب ؟!!! أنا ما وضعتك عندهم إل لتمنعهم من هذا ‪ ،‬قال ‪ :‬إن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ ( :‬من سئل عن علم فكت مه يل جم يوم القيا مة بلجام من نار ) ‪ ،‬هذا سألوه ع نه فعلم هم ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬أجل يا ال ندور على غيك وخلى واحد ثان ‪،‬‬
‫فالفاهيم مشكلة ‪ ،‬إنا مشكلة ‪.‬‬
‫‪ – 6‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على الكلمة الطيبة ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬والكلمة الطيبة ) ‪،‬‬
‫ول وال أطيب من كلم ال عز وجل ‪،‬‬
‫القرآن كل كلمة ف القرآن فهي صدقة ‪،‬‬
‫الكلمة الطيبة تكون طيبة ف أسلوبا وف موضوعها وف إلقائها وف نواح أخرى ‪،‬‬

‫‪200‬‬
‫فإذا رأيـت شخصـا وتكلمـت معـه بكلم طيـب ‪ :‬السـلم عليكـم ‪ ،‬حياكـم ال ‪ ،‬صـبحكم ال‬
‫بالي ‪،‬‬
‫فهذه كلمة طيبة ‪،‬‬
‫لكن بشرط أل يكون ذلك مل ‪،‬‬
‫بعن أن تبقى معه مدة وأنت تقول مثل هذا الكلم ‪،‬‬
‫إذا كان مل انقلب إل غي طيب ‪،‬‬
‫لو كان مثل سـلّم ‪ :‬السـلم عليكـم ‪ ،‬كيـف حالك ؟ عسـاك طيـب ؟ وشلون العيال ؟ وشلون‬
‫حالك بالبيع والشراء ؟ ويش كسبت اليوم ؟‬
‫وقام يعد عليه ‪،‬‬
‫كلمة طيبة ول غي طيبة ؟‬
‫غي طيبة ‪،‬‬
‫فلكل مقام مقال ‪،‬‬
‫الهم القاعدة ‪ :‬كل كلمة طيبة فهي صدقة ‪.‬‬
‫‪ – 7‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن إزالة الذى عن الطريق صدقة ‪،‬‬
‫نقيس بالعكس ‪،‬‬
‫وضع الذى ف الطريق جرية ‪،‬‬
‫لن استعمال القياس العكسي مر علينا قريبا ‪،‬‬
‫فإذا كان إماطة الذى عن الطريق صدقة ‪،‬‬
‫فوضع الذى على الطريق جرية وأذيّة ‪،‬‬
‫‪ – 8‬يتفرع على هذه الفائدة ‪ :‬إذا كان إماطة الذى عن الطريق السي صدقة ‪،‬‬
‫فإماطة الذى عن الطريق العنوي أبلغ ‪،‬‬
‫وذلك ببيان البدع والنكرات وغيها ‪،‬‬
‫النكرات ‪ :‬كسفاسف الخلق من الدعارة والزن واللواط وشرب المر وغيها ‪،‬‬
‫بيان هذه الشياء ‪،‬‬
‫لن ل يارسها الناس تعتب صدقة ‪،‬‬
‫وأعظم من إماطة الذى عن الطريق السي ‪،‬‬
‫وهل من إماطة الذى عن الطريق العنوي قتل داعية الفساد ؟‬
‫نعم ‪،‬‬

‫‪201‬‬
‫لكنه ليس إلينا ‪،‬‬
‫بل إل ول المر ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫الديث السابع والعشرون‬
‫عن النواس بن سعان رضي ال عنهما عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬الب حسن‬
‫اللق ‪ ،‬والث ما حاك ف نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫وعن وابصة بن معبد رضي ال عنه قال ‪ :‬أتيتُ رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬جئتَ‬
‫ت سأل عن الب ؟ ) ‪ ،‬قل تُ ‪ :‬ن عم ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ا ستفت قل بك ‪ ،‬الب ما اطمأ نت إل يه الن فس واطمأن‬
‫إليه القلب ‪ ،‬والث ما حاك ف النفس وتردد ف الصدر ‪ ،‬وإن أفتاك الناس وأفتوك ) حديث حسن‬
‫رويناه ف مسندي المامي أحد بن حنبل والدارمي بإسنادٍ حسن ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬الب ) ‪ :‬الذي ذكره ال تعال ف القرآن فقال ‪ { :‬وتعاونوا على الب والتقوى } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬حسن اللق ) ‪ :‬حسن اللق مع ال وحسن اللق مع عباد ال ‪،‬‬
‫أما حسن اللق مع ال ‪:‬‬
‫فأن تتلقى أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ‪،‬‬
‫وأل يكون ف نفسك حرج منها ‪،‬‬
‫ول تضيق با ذرعا ‪،‬‬
‫أمرك بالصيام أهل وسهل ‪ ،‬بالصلة بالزكاة وغيها ‪،‬‬
‫تقابل هذا بصدر منشرح أيضا ‪،‬‬
‫حسن اللق مع ال ‪:‬‬
‫ف أحكامه القدرية ‪ :‬النسان ليس دائما مسرورا يأتيه ما يزنه ف ماله ‪ ،‬ف أهله ‪ ،‬ف نفسه ‪ ،‬ف‬
‫متمعه ‪،‬‬
‫والذي قدر ذلك هو ال عز وجل ‪،‬‬
‫فتكون حسن اللق مع ال وتقوم با أمرت به وتنجر عن منهياته ‪،‬‬
‫أما حسن اللق مع الناس ‪ :‬فقد سبق أنه ( بذل الندى وكف الذى وطلقة الوجه ) ‪،‬‬
‫هذا حسن اللق مع الناس ‪،‬‬
‫هذا هو الب ‪،‬‬
‫والراد به الب الطلق ‪،‬‬
‫وهناك بر خاص ‪،‬‬
‫كب الوالدين مثل ‪،‬‬
‫هذا بر خاص ‪،‬‬

‫‪203‬‬
‫وهو الحسان إليهما بالال والبدن والاه وسائر الحسان ‪،‬‬
‫هل يدخل بر الوالدين بقوله ‪ ( :‬حسن اللق ) ؟‬
‫فالواب ‪ :‬نعم ‪ ،‬يدخل ‪،‬‬
‫لن بر الوالدين ل شك أنه خلق حسن ممود ‪،‬‬
‫كل أحد يمده فاعله عليه الث الذي هو ضد الب ‪،‬‬
‫لن ال قال ‪ { :‬تعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث والعدوان } ‪،‬‬
‫فما هو الث ؟‬
‫قوله ‪ ( :‬الث ‪ :‬هو ما حاك ف نفسك ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬حاك ) ‪ :‬أي تردد وصرت منه ف قلق ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وكرهت أن يطلع عليه الناس ) ‪ :‬لنه مل ذم وعيب ‪،‬‬
‫فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليه ‪،‬‬
‫وهذه الملة إنا هي لن كان قلبه صافيا لن كان قلبه سليما ‪،‬‬
‫فهذا هو الذي يوك ف نفسه ما كان إثا ويكره أن يطلع عليه الناس ‪،‬‬
‫أما التمردون الارجون عن طاعة ال الذين قست قلوبم ‪،‬‬
‫فهؤلء ل يبالون ‪،‬‬
‫بل ربا يتبجحون بفعل النكر والث ‪،‬‬
‫فالكلم هنا ليس كلما ليس عاما لكل أحد ‪،‬‬
‫بل هو خاص لن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ‪،‬‬
‫فإنه إذا همّ بإث وإن ل يعلم بأنه إث من قبل الشرع ‪،‬‬
‫تده ماذا ؟‬
‫مترددا ‪ ،‬يكره أن يطلع الناس عليه ‪،‬‬
‫وهذا ضابط وليس بقاعدة ‪،‬‬
‫يعن ضابط علمة على الؤمن أو علمة على الث ف قلب الؤمن ‪.‬‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أعطي جوامع الكلم يتكلم بالكلم اليسي وهو‬
‫يمل معان كثية ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬الب حسن اللق ) ‪ :‬كلمة جامعة بالعن ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومنها ‪ :‬الث على حسن اللق وأنك مت أحسنت خلقك فإنك ف بَر ‪،‬‬

‫‪204‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬وهل يناف الغضب ل عز وجل هل يناف الب ؟‬
‫يعن لو غضبت على إنسان وشددت عليه ول تسن اللق معه ‪،‬‬
‫فإن ذلك ل يناف حسن اللق ‪،‬‬
‫بل هذا من حسن اللق ‪،‬‬
‫لن القصود به التربية والتوجيه فهو من حسن اللق ‪،‬‬
‫ولذا كان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل ينتقم لنفسه ‪،‬‬
‫لكن إذا انتهكت مارم ال عز وجل كان أشد الناس فيهم ‪.‬‬
‫‪ – 3‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الؤمن الذي قلبه صاف سليم يوك ف نفسه الث ‪،‬‬
‫وإن ل يعلم أنه إث بل يتردد فيه ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬الث ما حاك ف نفسك ) ‪،‬‬
‫وهو ياطب النواس بن سعان وأمثاله ‪.‬‬
‫فما موقف النسان إذا حاك ف نفسه شيء ؟‬
‫فهل هو إث أو غي إث ؟‬
‫موقفه أن يدع أن يدع هذا حت يتبي ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬دع ما يريبك إل ما ل يريبك ) ‪،‬‬
‫ول تتجاسر فتقع ف الشبهات ‪،‬‬
‫( ومن وقع ف الشبهات فقد وقع ف الرام ) ‪،‬‬
‫كما ثبت ذلك عن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الرجل الؤمن يكره أن يطلع الناس على آثامه ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬وكرهت أن يطلع عليه الناس ) ‪،‬‬
‫أما الرجل الفاجر التمرد فل يكره أن يطلع الناس على آثامه ‪،‬‬
‫بل من الناس من يفتخر ويفاخر بالعصية ‪،‬‬
‫كما يوجد من الفسقة يذهبون إل بلد كلها فجور وخور ث يأت مفتخرا فيتحدث أنه فجر كم‬
‫امرأة ‪ ،‬أنه شرب كم كأسا من المر ‪،‬‬
‫فتكون السيئة عنده ‪ ،‬ماذا ؟‬
‫حسنة ‪،‬‬
‫ويكون مستهترا بأحكام ال عز وجل ‪،‬‬
‫ومثل هذا يستتاب فإن تاب وإل قتل ‪،‬‬

‫‪205‬‬
‫لن هذا من أعظم السخرية ف دين ال ‪،‬‬
‫تأت تتبجح با وصفه ال بأنه فاحشة كالزن !‬
‫تأت تتبجح بشرب ما لعن النب صلى ال عليه وسلم شاربه !‬
‫أين الدين ؟ أين اليان ؟‬
‫وإذا عومل مثل هذا با يستحق ارتدع كثي من الناس عن مثل هذه المور‬
‫السئلة‬
‫‪-‬قد سعنا بعض الناس يقول أنه إذا سع ( الظال ) اثنان يتناجيان ف الختبار فابطش ؟‬
‫‪-‬إي نعم ‪.‬‬
‫‪-‬هل يوز ( للظال ) أن يأخذ الجابة منهم؟ ويب عليه أن يفضحهم عند المراء ؟‬
‫‪ -‬إي نعم لكن ل يقول ل يتنصت ل أنا أقول لك الن ما أقول يتصنت لكن لو سع بدون‬
‫تصنت هو تصنت ول ف نصه ؟‬
‫‪-‬تصنت ‪.‬‬
‫‪-‬هل أنا أقول أصنت فلن لفلن ؟ أو أنصت فلن لفلن ؟ إذن تنصت وهذا من لن الشاعر‬
‫تصنت والصواب تنصت طيب ‪ .‬ما أقول هذا لكن سع ‪ .‬ها ؟‬
‫‪-‬أبلغ عنه ؟‬
‫‪-‬إي نعم لنه نصب فهو يستفيد ويفيد نعم ‪.‬‬
‫‪-‬شيخ حفظك ال الفاخرة ‪.‬‬
‫‪-‬إيش؟‬
‫‪ -‬الفاخرة تعتب ردة ؟‬
‫‪-‬إي نعم لن هذا الفاخر يعتقد حنّا ما أجع الناس على تريه نعم ‪.‬‬
‫‪-‬يقول الرسول صلى اله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪-‬ارفع يدك نعم ‪.‬‬
‫‪-‬يقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من رأى منكرا فإذا علم بوقوع النكر ف مكان ما فهل‬
‫عليه أن ينكر ؟‬
‫‪-‬على إيش ؟‬
‫‪-‬فهل يب عليه إنكاره يعن ؟‬
‫‪-‬هذا الديث الذي ذكرته غي النكار لن هذا قال فليغيه بيده فإذا كان لك السلطة أن تغي‬
‫بيدك وعلمت بأن هذا الكان منكر فغي ‪ .‬نعم ‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يا شيخ فهم بعضهم أن الجاهرة بالعصية من الفاخرة فاعتبها ردة ؟‬
‫‪-‬إي نعم‬
‫‪-‬فهل إذا جاهر النسان بالعصية تعتب ردة ؟‬
‫‪ -‬ل الجاهرة بالعصية غي الفاخرة لن الفاخر فرح معتبها غنيمة أم الجاهر ما فرح ولكنه‬
‫رجل ل يبال أن – أن يعصي ال جهرا أو سرا ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬أحسن ال إليك‬
‫‪-‬ارفع يدك‬
‫‪-‬أحسن ال إليك إذا قلنا الوجوب التصدق عن الفاصل فهل معن ذلك أن من ترك هذه المور‬
‫يأث ؟‬
‫‪-‬معلوم وشيء ثان من الوجوب‬
‫‪-‬وهل نقول للناس أن هذا أمر واجب ؟‬
‫‪-‬نعم ما نقول نن يا أخي نقول قال الرسول صلى ال عليه وسلم على كل سلمة صدقة‬
‫كل يوم تطلع فيه الشمس ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إل يوم الدين ‪،‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فقد فاتنا الكلم على قوله ‪ ( :‬وبكل خطوة ) ‪ :‬ويوز خطوة تشيها إل الصلة صدقة ‪،‬‬
‫سواء بعدت السافة أم قصرت ‪،‬‬
‫كل خطوة ‪،‬‬
‫وإذا كان قد تطهر ف بيته وخرج إل الصلة ل يرجه إل الصلة ل يطو خطوة إل رفع ال له با‬
‫درجة وحط عنه با خطيئة ‪،‬‬
‫فيكتسب شيئي ‪:‬‬
‫رفع الدرجة ‪،‬‬
‫وحط الطيئة ‪،‬‬
‫وقد استحب بعض العلماء رحهم ال أن يدن النسان خطواته إذا ذهب إل السجد ‪،‬‬
‫ولكن هذا ف استحباب ف غي موضعه ‪،‬‬

‫‪207‬‬
‫ول دليل عليه ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم لا أخب أن بكل خطوة يطوها إل الصلة صدقة ‪،‬‬
‫ل يقل ‪ :‬فليدن أحدكم خطواته ‪،‬‬
‫ولو كان هذا أمرا مقصودا مشروعا ‪،‬‬
‫لبينه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ولكن ل يباعد الطى قصدا ول يدنيها قصدا ‪،‬‬
‫يشي على عادته ‪،‬‬
‫وهذا نظي قول بعضهم ‪ :‬يستحب لن دخل السجد أن ينوي العتكاف مدة لبثه فيه ليحصل له‬
‫انتظار الصلة والعتكاف ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬قد حضر النسان إل مسجد الامع ف الساعة الواحدة يوم المعة ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬ينبغـي أن ينوي العتكاف مدة لبثـه فيـه ليحصـل له ثواب العتكاف وثواب انتظار‬
‫الصلة ‪،‬‬
‫وهذا ف غي مله ‪،‬‬
‫ول صحة له ‪،‬‬
‫لنه لو كان هذا أمرا مبوبا إل ال ومشروعا ف السلم ‪،‬‬
‫لبينه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وقد تكلم عن ثواب من راح ف الساعة الول ث الثانية ث الثالثة ث الرابعة ث الامسة ‪،‬‬
‫ول يقل للناس ‪ :‬انووا العتكاف مدة لبثكم ف السجد ‪،‬‬
‫فهذا ما يستحسنه بعض العلماء ‪،‬‬
‫لكن ل يعن ل يتفطن ‪،‬‬
‫إن استحباب شيء يتقرب به النسان إل ال عز وجل بدون أصل ‪ ،‬يعتب بدعة ل صحة له ‪،‬‬
‫ث إن العتكاف الشروع الذي يطلب من النسان ‪،‬‬
‫ويقال ‪ :‬اعتكف ‪ ،‬هو العتكاف ف العشر الواخر من رمضان فقط ‪.‬‬
‫ل يقال ‪ :‬للنسان اعتكف ف أي وقت إل ف هذه العشر ‪،‬‬
‫والدليل على هذا ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم اعتكف ف العشر الول من رمضان‬
‫يريد يتحرى ليلة القدر ث اعتكف العشر الوسط ث قيل له أنه ف العشر الواخر فاعتكف ف‬
‫العشر الواخر ‪،‬‬
‫ول يعد إل اعتكاف العشر الول ول الوسط ف العام القادم ‪،‬‬

‫‪208‬‬
‫مع أنه قد فعلها وكان صلى ال عليه وسلم إذا فعل شيئا أثبته ‪،‬‬
‫فدل هذا على أن العتكاف غي مشروع ف غي العشر الواخر من رمضان ‪،‬‬
‫ث إن سبب العتكاف ‪ :‬هو تري ليلة القدر ‪،‬‬
‫ومت تكون ليلة القدر ؟‬
‫ف العشر الواخر من رمضان ‪،‬‬
‫فالعبادات مددة شرعا ‪،‬‬
‫ول أدري هل الخوان أدركوا أن العبادة ل تكون موافقة ؟‬
‫ل تكون العبادة إل إذا وافقت الشريعة ف ستة أمور ‪،‬‬
‫ما هو الب ؟ الب العام والاص ؟‬
‫الب العام حسن اللق ‪،‬‬
‫مع من ؟‬
‫مع ال عز وجل وعباده ‪،‬‬
‫الب الاص ؟‬
‫كب الوالدين هذا خاص ‪،‬‬
‫وهو داخل ف الواقع ف حسن اللق ‪،‬‬
‫لكنه نص عليه لهيته ‪،‬‬
‫يقال ‪ :‬الب والتقوى ‪ ،‬هل ها ف معن واحد ؟‬
‫يقال ‪ :‬الب والتقوى ف القرآن ‪ { :‬وتعاونوا على الب والتقوى } ‪،‬‬
‫إذا ذكرا جيعا صار لكل منهما معن ‪،‬‬
‫وإذا أفرد أحدها دخل ف الخر ‪،‬‬
‫إذا ذكرا جيعا ‪،‬‬
‫فما الراد بالب ؟‬
‫الراد بالب ‪ :‬فعل الي ‪،‬‬
‫وبالتقوى ؟‬
‫اجتناب الشر ‪،‬‬
‫هذا إذا ذكرا جيعا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬الث ما حاك ف نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) ‪ ،‬هل هذا عام لكل أحد ؟‬
‫ل ‪ ،‬هذا خاص لن كان قلبه سليم ‪،‬‬

‫‪209‬‬
‫صافيا مبا للخي ‪،‬‬
‫وأما القلب الزائغ فإنه ل يهتم لذا المر ‪،‬‬
‫بل ل يوك ف صدره إل الب يتردد ف فعله ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬افعله ‪ ،‬أو ل أفعله ‪،‬‬
‫أخشى أن زملئي يقولون ‪ :‬هذا صار مطوع ‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫لكن صاحب القلب الصاف هو الذي إذا هم أو حدثته نفسه بفعل الث حاك ف صدره ل يطمئن‬
‫إليه ول يرتح له ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬جئت تسأل عن الب ؟ ) ‪ :‬هذه جلة خبية ف ظاهرها ‪،‬‬
‫لكن استفهامية ف معناها ‪،‬‬
‫فمعن ‪ ( :‬جئت تسأل ) ‪ :‬يعن ‪ :‬أجئت تسأل عن الب ؟‬
‫والملة خبية تأت بعن استفهامها كثية ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬أم لم آلة من الرض هم ينشرون } ‪،‬‬
‫جلة ‪{ :‬هم ينشرون } جلة استفهامية حذفت منها هزة الستفهام ‪،‬‬
‫والتقدير ‪ ( :‬أهم ينشرون حت أتذهم آلة ؟ ) ‪،‬‬
‫ولذا ينبغي للقارئ أل يصل قوله ‪ { :‬هم ينشرون } لقوله ‪ { :‬أم لم آلة من الرض } ‪،‬‬
‫بل يقول ‪ { :‬أم لم آلة من الرض هم ينشرون } ‪،‬‬
‫حت يتبي العن ‪،‬‬
‫لن لو وصلت لظن السامع أنه صفة آلة ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬كيف وقع ف قلب النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن هذا الرجل جاء يسأل‬
‫عن الب ؟‬
‫فالواب ‪ :‬قضايا العيان ل يسأل عنها ‪،‬‬
‫هذه قضية عي ‪،‬‬
‫يتمل أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بلغه أن وابصة يسأل عن الب ‪ ،‬فلما أتى إليه ‪ ،‬قال‬
‫له ‪ ( :‬جئت تسأل عن الب ؟ ) ‪،‬‬
‫ويتمل أن هذا من فراسة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫فالهم أن قضايا العيان يصعب جدا أن يدرك النسان أسبابا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬استفت ) ‪ :‬بعن ‪ :‬اسأل ‪،‬‬
‫والستفتاء ‪ ( :‬طلب الفتاء ) ‪،‬‬

‫‪210‬‬
‫وهو بعن ‪ :‬الب ‪،‬‬
‫أعن الفتاء ‪،‬‬
‫لن الفتاء إخبارنا عن حكم شرعي ‪،‬‬
‫فقوله ‪ ( :‬استفت قلبك ) ‪ :‬يعن اسأل قلبك ‪،‬‬
‫فأحاله النب صلى ال عليه وسلم على قلبه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬الب ‪ :‬ما اطمئنت إليه النفس ) ‪ :‬ما اطمئن إليه القلب اللهم صلي وسلم رسول ال ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬اطمئن ) ‪ :‬يعن استقر ‪،‬‬
‫ومنه ‪ :‬الديث ‪ ( :‬اركع حت تطمئن راكعا ) ‪ :‬أي تستقر ‪،‬‬
‫فما استقر إليه القلب ورضي به وانشرح به واطمأنت إليه النفس أيضا ‪.‬‬
‫ل تدثك نفسك بالروج عنه ‪،‬‬
‫فهذا هو الب ‪،‬‬
‫ولكن لن ؟‬
‫لن قلبه سليم ونيته صادقة ‪،‬‬
‫أما من ليس كذلك فقلبه ل يطمئن للب‪،‬‬
‫ول تطمئن إليه نفسه ‪،‬‬
‫ولذا تده إذا شرع بالب يضيق ذرعا ويسرع هربا ‪،‬‬
‫حت كأنه مطرود ‪،‬‬
‫لكن الؤمن يطمئن قلبه وتطمئن نفسه إل الب ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬والث ما حاك ف النفس ) ‪ :‬يعن ترددها فيها ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وتردد ف الصدر ) يعن ف القلب ( إحم – كحة ) ‪،‬‬
‫لنه قال ‪ ( :‬اطمئن إليه القلب ) ‪،‬‬
‫( واطمأنت إليه النفس ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ‪ :‬يع ن أ نك إذا ا ستفتيت قل بك ورأ يت نف سك ل تطمئن فل‬
‫تفعل ‪،‬‬
‫حت وإن أفتاك الناس ‪،‬‬
‫لو قالوا ‪ :‬هذا حلل ‪ ،‬وأنت ل تطمئن إليه ‪ ،‬ل تفعل حت ترتاح ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬وإن أفتاك وأفتوك ) ‪ :‬هذا من باب التوكيد ‪،‬‬
‫يعن حت لو أفتاك وأفتاك وأفتاك وأفتاك ل ترجع إل فتواهم ‪،‬‬

‫‪211‬‬
‫ما دام قلبك ل يطمئن ول يستقر فل تلتفت للفتوى ‪،‬‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حسن خلق النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم حيث يتقدم للسائل با ف نفس السائل‬
‫ليستريح ويطمئن ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬جئت تسأل عن الب ) ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومنها ‪ :‬جواز حذف هزة الستفهام إذا دل عليها الدليل ‪،‬‬
‫لكن هذا ليس حكما شرعيا إما هو حكم لغوي ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومنها ‪ :‬أن ( نعم ) ‪ ،‬جواب لثبات ما سئل عنه ‪،‬‬
‫فقول وابصة ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫أي جئت أسأل عن الب ‪،‬‬
‫ولذا لو أجاب النسان با منه سأله عن شيء ‪،‬‬
‫فمعناه إثبات ذلك الشيء ‪،‬‬
‫لو قيل للرجل ‪ :‬أوقفت بيتك على الفقراء ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫ماذا يكون ؟‬
‫تكون وقفا على الفقراء ‪،‬‬
‫لو قيل للرجل ‪ :‬أطلقت امرأتك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬يعن طلقتها ‪،‬‬
‫فتطلق ‪،‬‬
‫لو قيل للرجل ‪ :‬أبعت دارك على فلن ؟ قال ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫يتم البيع ‪،‬‬
‫إذا وافق الذي أقر له ‪،‬‬
‫وهلم جرّا ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬جواز الرجوع إل القلب والنفس ‪،‬‬
‫لكن بشرط أن يكون هذا الذي رجع إل قلبه ونفسه من استقام دينه ‪،‬‬
‫فإن ال عز وجل يؤيد من علم ال منه صدق النية ‪،‬‬
‫‪ – 5‬ومن ها ‪ :‬أن ال صوفية وأشباه هم ا ستدلوا بذا الد يث على أن الذوق دل يل شر عي ير جع‬
‫إليه ‪،‬‬
‫لنه قال ‪ ( :‬استفت قلبك فما وافق عليه القلب فهو بر ) ‪،‬‬
‫فيقال ‪ :‬هذا ل يكن ‪،‬‬

‫‪212‬‬
‫لن ال تعال أنكر على من شرعوا دينا ل يعلم به ال ‪،‬‬
‫ول يكن أن يكون ما أنكره ال حقا أبدا ‪.‬‬
‫ث إن الطاب الن لرجل صحاب حريص على تطبيق الشريعة ‪،‬‬
‫فمثل هذا يؤيده ال عز وجل ويهدي قلبه ‪،‬‬
‫حت ل يطمئن إل إل أمر ممود ل عز وجل ‪،‬‬
‫ويقال ف الث ‪ ( :‬ما حاك ف النفس وتردد ف الصدر ) ‪ ،‬ما قيل ف الديث الول ‪.‬‬
‫‪ – 6‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ل يغتر النسان بإفتاء الناس ‪،‬‬
‫ل سيما إذا وجد ف نفسه حسكة ‪،‬‬
‫فإن كثي من الناس يستفت عالا أو طالب علم فيفتيه ث يتردد ‪ ،‬يشك ‪،‬‬
‫فهل لذا الذي تردد وشك أن يسأل عالا آخر إذا تردد ف جواب الثان ؟ ‪،‬‬
‫‪ – 7‬ومنها ‪ :‬أن الدار ف الشريعة على الدلة ل على ما اشتهر بي الناس ‪،‬‬
‫لن الناس قد يشتهر عندهم شيء ويفتون به وهو ليس بق ‪،‬‬
‫الدار إل الدلة الشرعية ‪،‬‬

‫‪213‬‬
‫الديث الثامن والعشرون‬
‫عن أ ب ن يح العرباض بن سارية ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬وعظ نا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬كأنا موعظة مودع ‪،‬‬
‫فأوصنا ‪ ،‬قال ‪ ( :‬أوصيكم بتقوى ال عز وجل ‪ ،‬والسمع والطاعة ‪ ،‬وإن َتَأ ّمرَ عليكم عب ٌد ‪ ،‬فإنه‬
‫َيعِشْ منكم فسيى اختلفا كثيا ‪ ،‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي ‪ ،‬عضوا عليها‬
‫بالنواجـذ ‪ ،‬وإياكـم ومدثات المور ‪ ،‬فإن كـل بدعةٍ ضللة ) رواه أبـو داود والترمذي وقال ‪:‬‬
‫حديثٌ حسن صحيح ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ ( :‬وعظنا ) ‪ :‬الوعظ التذكيي لا يلي القلب سواء كانت الوعظة ترغيبا أو ترهيبا ‪،‬‬
‫وكان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم يتخول أصحابه بالوعظة أحيانا ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬وجلت منها القلوب ) ‪ :‬يعن خافت ‪،‬‬
‫كما قال ال تعال ‪ { :‬الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وذرفت منها العيون ) ‪ :‬أي ذرفت الدموع ‪ ،‬وهو كناية عن البكاء ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فقلنا ‪ :‬يا رسول ال كأنا موعظة الودع فأوصنا ) ‪ ( :‬كأنا ) أي هذه الوعظة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬موعظة مودع ) ‪ :‬وذلك لتأثيها ف إلقائها وف موضوعها وف هيئة الواعظ ‪،‬‬
‫لن كل هذا مؤثر ‪،‬‬
‫حت أننا ف عصرنا الن تسمع الطيب فيلي قلبك وياف وتبكي ‪،‬‬
‫فإذا سعت وصار إذا سعته مسجلً ل تتأثر ‪،‬‬
‫فتأثي الواعظ له أسباب منها ‪:‬‬
‫الوضوع ‪،‬‬
‫ومنها حال الواعظ ‪،‬‬
‫ومنها انفعاله ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أوصـيكم بتقوى ال عـز وجـل ) ‪ :‬وهذه الوصـية مأخوذة مـن قول ال تعال ‪ { :‬ولقـد‬
‫وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال } ‪،‬‬
‫فتقوى ال رأس كل شيء ‪،‬‬
‫ومعن التقوى ‪ ( :‬طاعة ال بامتثال أوامره واجتناب نيه على علم وبصية ) ‪،‬‬
‫ولذا قال بعضهم ف تفسيها ‪ ( :‬أن تعبد ال على نور من ال ترجو ثواب ال وأن تترك ما حرم‬
‫ال على نور من ال تشى عقاب ال ) ‪،‬‬

‫‪214‬‬
‫وقال بعضهم ‪:‬‬
‫واعمـل كما شٍ فوق أرض الشوك يذر ما يرى‬ ‫خَ ّل الذنوب صـغيـرها وكبيــرها ذاك الت ـقـى‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫إن الـــجبـــال مــن الـــحـصى‬ ‫ل تَــــحْــقِــ َرنّ صــــغــيــرة‬


‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫قوله ‪ ( :‬أوصيكم بتقوى ال والسمع والطاعة ) ‪ :‬السمع والطاعة يعن لولة المر ‪،‬‬
‫بدليل قوله ‪ ( :‬وإن تأمر عليكم ) ‪،‬‬
‫السمع والطاعة ‪ :‬أن تسمع إذا تكلم وأن تطيع إذا أمر ‪.‬‬
‫وسيأت إن شاء ال ف بيان الفوائد حكم هذه الملة العظيمة ‪،‬‬
‫لكن انظر أن النب صلى ال عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر التقوى ‪،‬‬
‫مع أن السمع والطاعة من تقوى ال لهيتها ‪،‬‬
‫ولعظم التمرد عليها ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬والسمع والطاعة ) ‪ :‬يعن ‪ ،‬لن ؟‬
‫لولة المور ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وإن تأمر عليكم ) ‪ ( :‬إن تأمر ) أي صار أميا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عبد ) ‪ :‬يعن ملوكا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإنه من يعش منكم ) ‪ :‬اللهم صلي وسلم عليه يعن تطول به الياة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فسيى ) ‪ :‬والسي هنا للتحقيق ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬اختلفا كثيا ) ‪ :‬ف ماذا ؟‬
‫ف العقيدة ‪ ،‬ف العمل ‪ ،‬ف النهج ‪،‬‬
‫يرى اختلفا كثيا ‪ ،‬وهذا هو الذي حصل ‪،‬‬
‫ل وجدوا من الختلف والفت والشرور ما ل يكن له ف السبان ‪،‬‬
‫الصحابة الذين عاشوا طوي ً‬
‫ث أرشدهم صلى ال عليه وعلى آله وسلم إل ما يلزمونه عند هذا الختلف ‪:‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فعليكم ) أي إلزموا ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي ) ‪ :‬إلزموا سنت ‪،‬‬
‫والراد بالسنة هنا ‪ :‬الطريقة الت عليها صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫فل تبتدعوا ف دين ال ما ليس منه ول ترجوا عن شريعته ‪،‬‬
‫ل ترجوا عن شريعته ول تبتدعوا ف دينه ما ليس منه ‪،‬‬
‫وكذلك سنة اللفاء الراشدين اللفاء الذين يلفون رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ف‬
‫أمته ‪،‬‬

‫‪215‬‬
‫وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي ال عنه ‪،‬‬
‫فإن أبا بكر الصديق هو الليفة الول لذه المة ‪،‬‬
‫نص النب صلى ال عليه وسلم نصا يقرب من اليقي ‪،‬‬
‫وعامله بأمور تشي إل أنه الليفة بعده ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬أتته امرأة ف حاجة لا فوعدها وعدا قالت ‪ :‬يا رسول ال إن ل أجدك ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ائت‬
‫أبا بكر ‪ ،‬ائت أبا بكر ) ‪،‬‬
‫وقال ‪ ( :‬يأب ال ورسوله والؤمنون إل أبا بكر ) ‪،‬‬
‫وأمر أن تسد جيع البواب الشرعة على السجد إل باب أبا بكر ‪،‬‬
‫وجعله خليفته ف الصلة بالسلمي حي مرض ‪،‬‬
‫وهذه إمامة صغرى ‪،‬‬
‫يشي ف ذلك أنه يتول المامة الكبى ‪،‬‬
‫وجعله أميا على الجيج ف السنة التاسعة خلفا عنه ‪،‬‬
‫فهو الليفة بالنص الذي يقرب من اليقي ‪،‬‬
‫ث الليفة من بعده ؟ من ؟‬
‫عمر ‪،‬‬
‫لن أول الناس باللفة بعد أب بكر عمر رضي ال عنه ‪،‬‬
‫فإنما صاحبا رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وكان كثيا ما يقول ‪ ( :‬ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ) ‪ ( ،‬وجئت أنا وأبو بكر وعمر ) ‪،‬‬
‫فرأى أبو بكر رضي ال عنه أن أحق الناس باللفة عمر ‪،‬‬
‫خلفة عمر ثابتة شرعا أم ل تثبت ؟‬
‫ثابتة ‪،‬‬
‫لنا وقعت من خليفة ‪،‬‬
‫فهي ثابتة شرعا ل إشكال فيها ‪،‬‬
‫ث صارت اللفة لعثمان بشورة معروفة رتبها عمر رضي ال عنه ‪،‬‬
‫ث صارت بعد ذلك لعلي ‪،‬‬
‫هؤلء هم اللفاء الراشدون رضي ال عنهم ل إشكال فيهم ‪،‬‬
‫ّفـ النـب صـلى ال عليـه وعلى آله وسـلم فـ أمتـه عبادة ودعوة‬
‫وهـل يدخـل فـ هذا مـن َخل َ‬
‫وتوجيها ‪ ،‬أو قال ‪ :‬هذا خاص ف الربعة اللفاء ؟‬

‫‪216‬‬
‫الظاهر ‪ :‬الول ‪،‬‬
‫ولذلك َعدّ كثي من السلف عمر بن عبد العزيز رحه ال َعدّو ُه من اللفاء ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬الهديي ) ‪ :‬صفة مؤكدة لا سبق ‪،‬‬
‫لنه لزم من كونم راشدين أن يكونوا مهديي ‪،‬‬
‫إذ ل يكن رشد إل بداية ‪،‬‬
‫وعليه فالصفة هنا ليست صفة احتراز ‪،‬‬
‫ولكنها صفة توكيد وبيان علة ‪،‬‬
‫يعن أنم رشدوا لنم مهديون ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬عضوا عليها ) ‪ :‬أي على سنت وعلى سنة اللفاء ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بالنواجذ ) ‪ :‬وهي أقسى الضراس ‪،‬‬
‫ومن العلوم أن السنة ليست جسما يؤكل ‪،‬‬
‫لكن هذه كناية عن شدة التمسك با ‪،‬‬
‫أن النسان يتمسك بذه السنة حت يعض عليها بأقسى أضراسه ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬وإياكم ) ‪ :‬لا حث على السنة حذر من البدعة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وإياكم ومدثات المور ) ‪ :‬يعن اجتنبوها ‪،‬‬
‫والراد بالمور هنا ‪ :‬الشئون ‪،‬‬
‫والراد بالشئون ‪ :‬شئون الدين ‪،‬‬
‫ل الحدثات ف أمور الدنيا ‪،‬‬
‫الحدثات ف أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خي ‪،‬‬
‫ومنها ما هو ضار فهو شر ‪،‬‬
‫لكن الحدثات ف أمور الدين كلها شر ‪،‬‬
‫ولذا قال صلى ال عل يه و سلم ‪ ( :‬فإن كل بد عة ‪ ،‬فإن كل مد ثة بد عة ‪ ،‬و كل بد عة ضللة ‪،‬‬
‫وكل ضللة ف النار ) ‪ :‬هذه من عندكم ؟ موجودة ‪ ،‬ل أحفظها ف هذا الديث ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬فإن كل مدثة بدعة ) ‪ :‬لنا ابتدعت وأنشئت من جديد ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وكل بدعة ضللة ) ‪ :‬كل بدعة ‪ ،‬يعن ف ماذا ؟‬
‫ف دين ال فهي ضللة ‪،‬‬
‫قال الؤلف رحه ال ‪ :‬رواه أبو داود والترمذي ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪،‬‬

‫‪217‬‬
‫قد يقول قائل ‪ :‬كيف يمع بينهما ؟ والصحيح غي السن ؟‬
‫أجاب العلماء عن هذا ‪ :‬بأنه إن كان طريق الديث واحدا فالخرج له قد َشكّ ‪:‬‬
‫هل الطريق يصل إل درجة الصحة ؟ أو ما ف دونا ف مرتبة السن ‪،‬‬
‫وعلى هذا التردد ‪،‬‬
‫وإما إذا كان جاء من طريقي فيحمل على أن أحدها ‪ :‬صحيح ‪ ،‬والثان ‪ :‬حسن ‪،‬‬
‫ويكون على تقدير الواو ‪ :‬أي صحيح وحسن ‪ ،‬صحيح من طريق ‪ ،‬وحسن من طريق ‪،‬‬
‫وعليه فنقول ‪ :‬أيهما أقوى ؟ أن يقول ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪ ،‬أو هذا حديث حسن ؟‬
‫فيه تفصيل ‪ :‬إن كان قال ‪ :‬حديث حسن صحيح للتردد ‪،‬‬
‫فقوله ‪ :‬صحيح أقوى ‪،‬‬
‫وإن كان قال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬عن طريق ‪.‬‬
‫فحسن صحيح أقوى ‪،‬‬

‫‪218‬‬
‫فوائد الديث‬
‫نعود إل فوائد هذا الديث منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬مشروعية الوعظة ولكن ينبغي أن تكون ف ملها وأن ل يكثر فيمل ‪،‬‬
‫لن الناس إذا ملوا الواعظ والوعظة وتقاصر سيماهم عن الضور ‪،‬‬
‫ولذا كان النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم يتخول أصحابه ف الوعظة ‪،‬‬
‫وكان بعض الصحابة يعظ أصحابه كل يوم خيس ‪،‬‬
‫يعن بالسبوع مرة ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومنها ‪ :‬أنه ينبغي للواعظ أن تكون موعظته مؤثرة باختيار اللفاظ الزلة الثية ‪،‬‬
‫وهذا على حسب الوضوع ‪،‬‬
‫إن كان يريد أن يعظ الناس لشاركة ف جهاد أو نوه ‪،‬‬
‫فالطبة تكون ماذا ؟‬
‫حاسية ‪،‬‬
‫إن كان لعمل الخرة فإن الوعظة تكون مرققة للقلوب ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الخاطب بالوعظة إذا كانت بليغة فسوف يتأثر ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ) ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومنها ‪ :‬أن القلب إذا خاف بكت العي وإذا كان قاسيا نسأل ال أن يعيذنا وإياكم من‬
‫قسوة القلب لن تدمع العي ‪.‬‬
‫‪-‬يا سليم‬
‫‪-‬غفـر ال لك و –واطلعنـا على – على حالة الناس مـن أول بعضهـم فـ بعـض الحيان‬
‫يبكون يا شيخ بكاء شديد حت بعضهم ف بعض الحيان يكون أزود من ثلثة أو أربعة‬
‫ف الصف الواحد – ‪ 0000000‬يا شيخ ما ينقطع البكاء ما أدري ويش السبب ؟‬
‫‪-‬السبب قسوة القلوب ‪.‬‬
‫‪-‬طيب العلم يا شيخ ؟‬
‫‪-‬و – و – وقسـوة القلب بارك ال فيـك وانماكهـا فـ طلب الدنيـا ‪ .‬كان الول الناس‬
‫متفرغي ف الول وقلوبم متعلقة بال عز وجل فيقرب منهم البكاء حت انم إذا خرجوا‬
‫لصلة الستسقاء أدركناهم تسمع شهيقه وهو – وهو يشي ف السوق قبل أن يدخل ف‬
‫الصلة الن كما ترى إنت ‪ .‬الواب يا سليم ‪.‬‬
‫‪-‬ما لشيء ‪ ،‬كان الواب لترددي يا شيخ ما أدري ويش السبب نسأل ال العافية ‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪-‬السبب قسوة القلب يا أخي ‪.‬‬
‫‪-‬ما أدري العلم تعلموا أكثر من علمهم من أول والرزاق أكثر منها بالول ‪.‬‬
‫‪-‬إي هذا – هذا ‪ ،‬الرزاق هي البلء ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم وال ما الف قر‬
‫أخ شى علي كم وإن ا أخ شى أن تف تح علي كم الدن يا فت – فتناف سوها ك ما تناف سها من‬
‫قبلكم _ من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم‬
‫‪-‬جزاك ال خي يا شيخ‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪ -‬ف بعض الدول السلمية نرى مموعة من الناس يتخذون لم أميا أو يسمونه رئيسا ف‬
‫جاعة داعية ف – فما حكم الوز _ ؟‬
‫‪-‬ما إيش ؟‬
‫‪-‬ما حكم اتاذ هذا الشخص و –‬
‫‪ -‬هذا سيأ – سيأت هذا الديث ‪ .‬نعم وليد ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يا شيخ لقول النب ‪ :‬والث ما حاك ف نفسك وكرهت أن يطلع عليه‬
‫الناس هل نقول الملة الثانية يا شيخ يكون شرط ثان لثبات الث أو تكون ؟‬
‫‪-‬إي نعم ‪ ،‬يعن ه – هل من لزم من اجتماع الوصفي ؟‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬ل هذا بيان للواقع _ لنه من جلة ما يفعله النسان يت – يتردد ف المر أنه يكره أن‬
‫يطلع عليه الناس ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ ‪.‬‬
‫‪-‬جعة ‪.‬‬
‫‪ -‬يا ش يخ أح سن ال إل يك ما عرف حله من كتاب ر سول ال ف هل التردد ف يه يع ن يلزم‬
‫تركه ؟‬
‫‪-‬نعم – ل لكن أحيانا يكون النسان ف نفسه شيء و – وتردد ما هو من جهة الل لكن‬
‫من جهة أنه يشى أن سبب الل غي – غي تام ‪.‬‬
‫‪-‬القول – يقال أن القربيـ يتركون سـبعي بابـا مـن اللل خوفـا مـن الواقـع فـ – فـ‬
‫الرام ؟‬

‫‪220‬‬
‫‪-‬أجل النب صلى ال عليه وسلم ترك سبعي – نعم لذا غلط بل – بل النسان إذا امتنع‬
‫من الطيبات تعبدا بدون سبب شرعي فهو مذموم ( يا أيها السلمون كلوا من الطيبات )‬
‫نعم ‪.‬‬
‫‪-‬باك ال ف يك ال صدقات ال ت بين ها ال نب صلى ال عل يه وعلى آله و سلم ف حد يث أ ب‬
‫هريرة هل يشترط لا با نية أم مرد الفعل يصل على الجر ؟‬
‫‪-‬ظاهر الديث أنه – أنه بجرد الفعل – تيط الذى عن الطريق صدقة ‪.‬‬
‫‪-‬وإن ل يدث ؟‬
‫‪-‬وإن ل تدث النية لكن إذا – إذا كان بنية فهو أفضل ل شك نعم ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ أثابكم ال هل يعتب اطمئنان القلب مرجحا من الرجحات عند تعارض الدلة ؟‬
‫‪-‬إي ن عم _ يع – يع تب اطمئنان القلب إل أ حد القوال ع ند تعارض الدلة يع تب مرج حا‬
‫ولذا تد النسان يأت بشيئا مستحبا غي قلق نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك بعض الناس من يأمر بالعروف ول ينكر النكر ‪ 00000‬الديث فيكون‬
‫أجاب العروف ول ينكر النكر ‪.‬‬
‫‪-‬إي هذا جهة فأمر بالعروف واني عن النكر حت وإن كنت ل تفعل ولكن أمر بالعروف‬
‫وان ي عن الن كر وأبدأ بنف سك وهذا نظ ي من أ نا ذا أح فظ القرآن أخ شى من ال ث ف‬
‫نسيانه كل هذا من ال هل من الشيطان والشيطان له – له – له طرق وأبواب يرب با‬
‫النسان على العمل الصال نعم ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ جزاك ال خي هل بالنسبة لطوات الشي إل الصلة يشترط أن يكون بالقدام ؟‬
‫‪-‬أ – أنه إيش ؟‬
‫‪-‬يشترط أن يكون بالرجل أو _‬
‫‪-‬أن يكون إيش ؟‬
‫‪-‬بالرجل مشيا على القدام ؟‬
‫‪-‬إي يعن والذي يشي على يديه ما يصل – ما يالف ‪.‬‬
‫‪-‬مثل بالسيارة ؟‬
‫‪-‬آ – ال – السـيارة – الطوة لاـ خطوة السـيارة هـو دوران الكفـر(‪ ) cover‬إذا دار‬
‫الكفر( ‪ ) cover‬هـ – هـ –هذا خطوة نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أثابك ال النة ‪.‬‬
‫‪-‬إيش ؟‬

‫‪221‬‬
‫‪-‬هناك الرخص الت رخصها ال عز وجل لعباده كالفطر ف رمضان ‪.‬‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬المع بي صلة العيد‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬بجة أن هذا ما يطمئن إليه القلب‬
‫‪-‬ل غلط ‪ ،‬هذا غلط ‪ .‬عظيـم اطمئنان القلب إل مـا يالف الشريعـة معناه فسـاد القلب‬
‫كقول بعضهم أنه يطمئن إذا غمض عينيه ف الصلة صار أخشع له هذا من الشيطان ‪،‬‬
‫إحذر ‪ ،‬إحذر ‪ ،‬إحذر ‪ ،‬أن تطمئن إل شيـء يالف الشريعـة فإن هذا يدل على فسـاد‬
‫قلبك ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫نعود إل بيان الفوائد ونسأل ال أن يوفقنا إل الصواب ‪،‬‬
‫‪ – 5‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه جرت العادة أن موعظة الودع تكون بليغة مؤثرة ‪،‬‬
‫لن الودع لن يبقى عند قومه حت يكرر عليهم الوعظة ‪،‬‬
‫فيأت بوعظة مؤثرة يذكر با بعد ذلك ‪،‬‬
‫لقولم ‪ :‬كأنا موعظة مودع ‪،‬‬
‫‪ – 6‬ومنها ‪ :‬طلب النسان من العال أن يوصيهم ‪،‬‬
‫لقولم رضي ال عنهم ‪ :‬أوصنا ‪،‬‬
‫ولكن هل هذا يكون بدون سبب أو إذا وجد سبب لذلك ؟‬
‫الظاهر ‪ :‬الثان ‪،‬‬
‫بعن أنه ليس كلما قابلت أحدا ‪ ،‬تقول ‪ :‬أوصنا ‪،‬‬
‫فإن هذا مالف لدى الصحابة فيما يظهر ‪،‬‬
‫لكن إذا وجد سبب إنسان تكلم ووعظ وَبيّنَ ‪ ،‬تقول ‪ :‬أوصنا ‪،‬‬
‫وأما بدون سبب فل ‪،‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬السفر ‪،‬‬
‫إذا أراد النسان أن يسافر ‪،‬‬
‫ل ‪ :‬أوصن هذا مشروع ‪.‬‬
‫وقال للعال مث ً‬
‫‪ – 7‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن أهم ما يوصى به العبد تقوى ال عز وجل ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أوصيكم بتقوى ال ) ‪،‬‬

‫‪222‬‬
‫‪ – 8‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬فضيلة التقوى ‪،‬‬
‫حيث كانت أهم وأول وأول ما يوصى به العبد ‪،‬‬
‫‪ – 9‬ومن فوائد الديث ‪ :‬وصية لنب صلى ال عليه وسلم بالسمع والطاعة لولة المور ‪،‬‬
‫وهذا واجب ‪،‬‬
‫أعن السمع والطاعة لم واجب بالكتاب والسنة ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأول المر منكم } ‪،‬‬
‫فجعل طاعة أول المر بالرتبة الثالثة ‪،‬‬
‫ولكنه ل يأت بالفعل ‪ { :‬أطيعوا } ‪،‬‬
‫بل قال ‪ { :‬أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأول المر } ‪،‬‬
‫لن طاعة ولة المور تابعة لطاعة ال ورسوله ‪،‬‬
‫ولذا لو أمر ولة المور بعصية ال فل سع ول طاعة ‪،‬‬
‫وظاهر الديث ‪ :‬وجوب السمع والطاعة لول المر وإن كان يعصي ال ‪،‬‬
‫إذا ل يأمرك بعصية ال فأطعه ‪ ،‬ولو كان يعصي ال ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬اسع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) ‪،‬‬
‫وضرب الظهر وأخذ الال بل سبب شرعي معصية ل شك ‪،‬‬
‫فل يقول النسان لول المر ‪ :‬أنا ل أطيعك حت تطيع ربك ‪ ،‬هذا مرم ‪،‬‬
‫بل يب أن يطيعه وإن ل يطع ربه ‪،‬‬
‫أما لو أمر بالعصية فل سع ول طاعة ‪،‬‬
‫لن رب ول المر ورب الرعية واحد عز وجل ‪،‬‬
‫كلهم يب أن يضعوا له ‪،‬‬
‫فإذا أمر بعصية ال ‪ ،‬قلنا ‪ :‬ل سع ول طاعة ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ومنها ‪ :‬ثبوت إمرة العبد ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬وإن تأمر عليكم عبد ) ‪،‬‬
‫ولكن هل يلزم طاعة المي ف كل شيء أو ما يتعلق بالكم ؟‬
‫الواب ‪ :‬الثان ‪،‬‬
‫أن ف ما يتعلق بالكم ورعاية النسان ‪،‬‬
‫وإل لو قال لك المي مثل ‪ :‬ل تأكل ف اليوم إل وجبتي أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫فلم يب عليك ‪،‬‬

‫‪223‬‬
‫توافقه ‪،‬‬
‫إل أنه يرم عليك أن تنابذ بعن أن تعصيه جهرا ‪،‬‬
‫لن هذا يفسد الناس عليه ‪،‬‬
‫‪ – 11‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬وجوب طاعة المي وإن ل يكن السلطان وإن تأمر عليكم ‪،‬‬
‫ومعلوم أن المة السلمية من قدي الزمان فيه خليفة وهو السلطان وفيه أمراء للبلدان ‪،‬‬
‫وإذا وجبت طاعة المي فطاعة السلطان من باب أول ‪،‬‬
‫وهنا سؤال يكثر ‪ :‬إذا أمر الناس واحدا عليهم ف السفر ‪ ،‬فهل تلزمه طاعته ؟‬
‫فالواب ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫تلزمه طاعته ‪،‬‬
‫وإذا ل نقم بذلك لن يكون هناك فائدة من تأميه ‪،‬‬
‫لكن طاعته فيما يتعلق بالسفر بأمور السفر ‪،‬‬
‫ل ف كل شيء ‪،‬‬
‫إل أن الشيء الذي ل يتعلق بأمور السفر ل توز منابذته فيه ‪،‬‬
‫مثاله ‪ :‬لو قال أمي السفر ‪ :‬اليوم كل واحد منكم يلبس ثوبي لنه سيكون الو باردا ‪،‬‬
‫فهنا ل تلزمه طاعته ‪،‬‬
‫لكن ل توز منابذته ‪،‬‬
‫بعن ل يوز لحد أن يقول ‪ :‬لن ألبس ثوبي‪،‬‬
‫لن مرد منابذة ولة المور تعتب ماذا ؟‬
‫معصية ‪،‬‬
‫‪ – 12‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬ظهور آية من آيات النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ف قوله ‪ ( :‬فإنه من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا ) ‪،‬‬
‫فقد وقع المر كما أخب به النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬وهل يكن أن نطبق هذه الملة ف كل زمان ؟‬
‫بعن أن نقول ‪ ( :‬من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا ) ‪ :‬ل نستطيع أن نطبقها ف كل زمان ‪،‬‬
‫لكن الواقع أن من طال عمره رأى اختلفا كثيا ‪،‬‬
‫كان الناس فيما سبق أمة واحدة حزبا واحدا ليس هناك تشتت ول تفرق ‪،‬‬
‫ث اختلفوا ف بلدنا هذه منقادين لمرائهم منقادين لعلمائهم ‪،‬‬

‫‪224‬‬
‫حت أن الرجل يأت مع خصمه إل القاضي وهو يرى أن الق له فيحكم القاضي عليه ث يذهب‬
‫مطمئن القلب مستريا ‪،‬‬
‫وإذا قيل له ‪ :‬يا فلن كيف غلبك خصمك ؟ قال ‪ :‬الشرع يلف ‪،‬‬
‫الن المر بالعكس ‪،‬‬
‫تد الصم إذا حكم عليه وهو بكم حق ذهب ياطل وارفعوها للتمييز وارفعوها لجلس القضاء‬
‫العلى ‪،‬‬
‫وإن كان يرى أن الق عليه وليس له لكن يريد أن يضر بصاحبه ‪،‬‬
‫والختلف الن وقع ‪،‬‬
‫أحصي مثل أفكار الناس ل تكاد تصيها منهم من فكره إلاد ومنهم من فكره دون ذلك ومنهم‬
‫من فكره سيئ الخلق ومنهم دون ذلك ‪،‬‬
‫لكن المد ل ف بلدنا ما زلنا على خط واحد ‪،‬‬
‫أقول مرة ثانية ‪ :‬هل نطبق هذا الديث على كل زمن ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ما ل يكن أن نطبقه على كل زمن ‪،‬‬
‫لنه ربا يكون الزمن الثان خيا من الزمن الول ‪،‬‬
‫‪ – 13‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬وجوب التمسك بسنة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عند‬
‫الختلف ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬فعليكم بسنت ) ‪،‬‬
‫والتمسك با واجب ف كل حال ‪،‬‬
‫لكن يتأكد عند وجود الختلف ‪.‬‬
‫‪ – 14‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أنه يب على النسان أن يتعلم سنة النب صلى ال عليه وعلى‬
‫آله وسلم ‪،‬‬
‫وجه ذلك ‪ :‬أنه ل يكن لزومها إل بعد علمها وإل فل يكن ‪،‬‬
‫‪ – 15‬ومنها ‪ :‬أن للخلفاء سنة متبعة ‪،‬‬
‫لقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وعلى هذا فما سنّه اللفاء الراشدون اعتب سنة للرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم بإقراره‬
‫إياه ‪،‬‬
‫ووجه كونه أقره ‪ :‬أنه أوصى باتباع سنة اللفاء الراشدين ‪،‬‬
‫وبذا نعرف سفه هؤلء القوم الذين يدعون أنم متبعون للسنة وهم منكرون لم ‪،‬‬

‫‪225‬‬
‫حيث المثلة كثية ‪،‬‬
‫لكن نأخذ مثالً واحدا ‪ :‬قالوا ‪ :‬أن الذان الول يوم المعة بدعة ‪،‬‬
‫لنه ليس معروفا بعهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫إنا هو من سنة عثمان ‪،‬‬
‫فيقال لم ‪ :‬وسنة عثمان ‪ ،‬هل هي هدر ؟ أو يؤخذ با ما ل تالف سنة الرسول ؟‬
‫الواب ‪ :‬الثان ‪ ،‬ل شك ‪،‬‬
‫وعثمان رضي ال عنه ل يالف النب صلى ال عليه وسلم ف إحداث الذان الول ‪،‬‬
‫لن السبب الذي من أجله أحدثه عثمان ليس موجودا ف عهد النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫الدينة صغية متقاربة ل تتاج إل أذان أول ‪،‬‬
‫ف عهد عثمان اتسعت الدينة وكثر الناس وصار منهم شيء من التهاون فاحتيج إل أذان آخر‬
‫قبل الذان الذي عند ميء المام ‪،‬‬
‫وهذا الذي فعله عثمان حق وسنة بقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ث أن له أصلً من سنة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وهو أنه ف رمضان كان يؤذن بلل وابن أم مكتوم ‪،‬‬
‫بلل يؤذن قبل الفجر ‪،‬‬
‫وبَيّ َن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أن أذانه ل لصلة الفجر ‪،‬‬
‫ولكن ليوقظ النائم ويرجع القائم للسحور ‪،‬‬
‫عثمان رضي ال عنه زاد الثالث من أجل أن يقبل الناس البعيدون إل السجد ويتأهبوا ‪،‬‬
‫فهو إذن سنة من وجهي ‪:‬‬
‫من جهة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أمر باتباع سنة اللفاء ‪،‬‬
‫ورأي عثمان خي من رأينا ‪،‬‬
‫ل ف سنة الرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫من جهة أخرى أن له أص ً‬
‫السئلة‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يا شيخ هل يشفع السنة بعيد عن السجد ؟‬
‫‪-‬ل – ل – ل يشفع ‪.‬‬
‫­‪000000000000‬؟‬

‫‪226‬‬
‫‪-‬إل من هم أن يأتوا ول ي قل للقر يبي اخرجوا ولن لو قم نا بذا ب قي ما حول ال سجد‬
‫فضاءا ث ف وقتنا الاضر الن كلما بعد البيت عن السجد قل حضور الساكن إل من‬
‫شاء ال ‪.‬‬
‫‪-‬بارك ال فيك – من قال إن علي رضي ال عنه ترك سنة عثمان هل صحيح ؟‬
‫‪-‬ترك سنة ها ؟‬
‫‪-‬عثمان ؟‬
‫‪-‬ف إيش ؟‬
‫‪-‬ف الذان الثان ؟‬
‫‪-‬ما أدري – ما أدري ولكن إن تركه ف – فهو اجتهاد عوض – باجتهاد ما يضر ‪.‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬شيخ أحسن ال إليكم إذا مر السلطان على قوم نسبه السلمي فيهم أميا من – من غي‬
‫السلمي واضح فيه كفر الفواحش فهل يق للمسلمي أن يرجوا عليه ؟‬
‫‪-‬ل ي ب – ي ب على ال سلمي أن – أن ينا صحوا ال سلطان ول كن هل إذا سنحت ل م‬
‫الفرصة يوز أن يقتلوه ؟ لن لو قتل ما صارت الفوضى الت تكون بقتل السلطان نعم ‪.‬‬
‫‪-‬جزاك ال بقوله تعال (صراط الذين أنعمت عليهم) هل يكن أن يفسر بأنم هم السلف‬
‫الصال ومن تبعهم بإحسان يعن الذين أنعمت عليهم هل يكن أن يفسر بذا ؟‬
‫‪-‬قال ال عز و جل ف سورة الن ساء (و من ي طع ال والر سول فأولئك مع الذ ين أن عم ال‬
‫عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي)هؤلء هم الذين أنعم ال عليهم أربعة‬
‫أصـناف فقوله (صـراط الذيـن أنعمـت عليهـم)يعنـ صـراط هؤلء البرة والنـبيون‬
‫والصديقون والشهداء والصالون نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يا شيخ ذكرت أمس أنه من يذهب لبلد الكفرة ويرجع بأوصاف الزنا‬
‫وكذا – اللي هو يقرب القول بالكفر فهل ؟‬
‫‪-‬ل أبدا ما قلنا هذا – هل قلنا هذا ؟ قلنا الذي يفتخر ‪.‬‬
‫‪-‬إي نعم يا شيخ‬
‫‪-‬سواء راح لبلد ال – الكفر أو ما راح يذهب‬
‫‪-‬إذا ما استحليتوا – ل يستحلوها ولكن افتخر وكان كما يذكر لذة المر و‪-‬‬
‫‪-‬ل – ل ه – هو ما يفتخر بأنه مثل ارتاح – ارتاح نفسه ل يفخر بأنه عصى ال ‪.‬‬
‫‪-‬يعن يكفي هذا ؟‬
‫‪-‬يكفي‬

‫‪227‬‬
‫‪-‬قال أنه ل يستحل ؟‬
‫‪-‬نعم يكفي لن الستحل سواء شرب ول ما شرب وسواء افتخر أو ل يفتخر يعن لو قال‬
‫ال – المر حلل فهو مرتد نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يقال ‪.‬‬
‫‪-‬ارفع يدك ‪.‬نعم‬
‫‪-‬أحسن ال إليك يا شيخ أمي اليش هل يطاع طاعة مطلقة يعن خلف أمي السفر أو‬
‫المي العام حيث أن بعض الناس يقول بالنسبة للنب عليه الصلة والسلم أمرهم بصلة‬
‫العصر ف بن قريظة فرجح أن لبد من الطاعة يعن لن أمر الدين أمر عسكري ؟‬
‫‪-‬ل أبدا أ‪ -‬الم ي – أم ي ال يش ت ب طاع ته في ما يتعلق ب – ب – بأمور ال يش وأ ما‬
‫قصة بن قريظة فليس هناك أمي أمرهم أن يرجوا وأل يصلوا العصر إل ف بن قريظة ث‬
‫حان وقت الصلة ودار المر أن يؤخروا الصلة إل – إل الغروب ويصلوا العصر قبل‬
‫بن قريظة اختلفوا وكل نى النحى الذي يرى أنه واجب عليه وأخبوا بذلك النب صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم ول يعنف واحدا منهم لكن الصيب هو الذي صلى ف الوقت‬
‫– نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أحسن ال إليك قول النب صلى ال عليه وسلم بكل خطوة تشيها للصلة صدقة ‪.‬‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬بكل خطوة تشيها للصلة صدقة ‪.‬‬
‫‪-‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬هل يشترط الطهارة ؟‬
‫‪-‬ل – ل يشترط – يشترط الطهارة فيما ف – ف أمر أعظم من هذا وهو أن من تطهر ف‬
‫بيته وخرج إل السجد ل يرجه إل الصلة ل يطو خطوة إل رفع ال له با درجة وحط‬
‫عنه با خطيئة وهذي أ‪ -‬أوف من الصدقة نعم ‪.‬‬
‫‪-‬شيخ أثابكم ال من جاء إل السجد يريد النصح أو كذا هل يؤخذ هذا الجر أنه خطوة‬
‫بكل ؟‬
‫‪-‬ل – ل هذا يدخل ف قوله من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له طريقا إل النة‬
‫‪-‬هل يكن أن يمع بينهما ؟‬
‫‪-‬ي – يصل إذا وجد السببان وجد ما يترتب عليهما‬
‫‪-‬نعم انتهى – حت ال‬

‫‪228‬‬
‫‪-‬حت المس ‪.‬‬
‫‪-‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬بارك ال فيك ف بلد الكفر هل يب طاعة ؟‬
‫‪-‬هل ؟‬
‫‪-‬ف بلد الكفر هل يب طاعة الرؤساء ؟‬
‫‪-‬إي نعـم ‪ .‬فـ بلد الكفـر يبـ طاعتـه فـ نظام الدولة إل العصـية فل يعنـ فل يوز‬
‫للنسـان أن يتعدى أنظمـة الرور أو غيه مـن النظمـة لنـك – أن – أنـت الن تتـ‬
‫رعايتهم ‪.‬‬
‫‪-‬ولو يالف الشرع ؟‬
‫‪-‬ها ؟‬
‫‪-‬ولو يالف الشرع ؟‬
‫‪-‬يا‬
‫‪-‬يالف الشرع ؟‬
‫‪-‬ل – ل ما خالف الشرع ل لكن ما خالف الشرع عندهم هم ما – ما علينا من شرعهم‬
‫ي – ه – يكون هم عصاة لكن بالنسبة لنا – ما دام ل – ل يالف الشرع وجب علينا‬
‫أن أن نطي عه أ ما لو خالف الشرع بأن قالوا – بأن قالوا ل نا احلوا جرار ال مر إل الكان‬
‫الفلن فل يوز ‪ .‬فل أطيعه نكمل شرح حديث أ – العرباب إي نعم انتهينا إل قوله فإنه‬
‫من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا نعم ‪.‬‬
‫‪-‬أن للخلفاء سنة متبعة ‪.‬‬
‫‪-‬نعم يستبان من قوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم أنه من يعش منكم سيى اختلفا‬
‫كثيا فعلي كم بسـنت أ نه إذا كثرت الحزاب فـ المـة ل تنت مي إل حزب ه نا ظهرت‬
‫طوائف من – من قدي الزمان خوارج – معتزلة جهمية – شيعة بل رافضة وث ظهرت‬
‫أخيا أ – إخوانيون وسـلفيون وتبلغيون ومـا أشبـه ذلك كـل هذه ‪000‬؟ اجعلهـا على‬
‫الي سار وعل يك ب – بالمام و هو ما أر شد إل يه ال نب صلى ال عل يه وعلى آله و سلم‬
‫عليكم بسنت سنة اللفاء الراشدين ول شك أن الواجب على جيع السلمي أن يكون‬
‫مذهبهم مذهب السلف ل بالنتماء إل حزب معي يسمى السلفيي الواجب أن يكون –‬
‫أن تكون المـة السـلمية مذهبهـا مذهـب السـلف الصـال ل التحزب إل مـن يسـمى‬
‫السـلفيون انتبهوا للفرق هناك طريـق سـلف وهناك حزب يسـمى السـلفيون الطلوب‬

‫‪229‬‬
‫إيش ؟ اتباع السلف لاذا ؟ لن الخوة السلفيي هم أقرب ال‪ -‬الف – الفرق إل الص‬
‫– إل الصـواب ل شـك لكـن مشكلتهـم كغيهـم أن بعضهـم هذه الفرق يضلل بعضـا‬
‫ويبدعه ويفسقه ونن ل ننكر هذا إذا كانوا مستحقي لكننا ننكر معالة هذه البدع على‬
‫بذه الطري قة الوا جب أن يت مع رؤ ساء هذه الفرق ويقولون بين نا كتاب ال عز و جل‬
‫وسـنة رسـوله فلنتحاكـم إليهمـا ل إل الهواء والراء ول إل فلن وفلن كـل يطـئ‬
‫ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة ولكن العصمة ف دين السلم فهذا الديث أرشد‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فيه إل سلوك طريق يسلم فيه النسان ل ينتمي إل أي فرقة‬
‫إل إل طريـق السـلف ال صال بل سنة ال نب صلى ال عليـه وعلى آله وسـلم واللفاء‬
‫الراشدين الهديي طيب ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫‪ – 16‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على التمسك با ‪،‬‬
‫أي سنة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وسنة اللفاء الراشدين تسكا تاما ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬عضوا عليها بالنواجذ ) ‪،‬‬
‫‪ – 17‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬التحذير من البدع مدثات المور ‪،‬‬
‫لن معناها ‪ :‬التحذير من مدثات المور ‪ ،‬لكن ف الدين ‪،‬‬
‫أما ف الدنيا فالحدث منها ‪:‬‬
‫إما مطلوب ‪،‬‬
‫وإما مذموم ‪،‬‬
‫حسب ما يؤدي إليه من النتائج ‪،‬‬
‫فمثلً ‪ :‬أساليب الرب ‪ ،‬أساليب التصالت ‪ ،‬أساليب الواصلت ‪ ،‬الن كلها مدثة ‪،‬‬
‫ل يوجد لا نوع فيما سبق ‪،‬‬
‫ولكن منها صال ‪،‬‬
‫ومنها فاسد ‪،‬‬
‫حسب ما تؤدي إليه ‪،‬‬
‫فالحذر منه هو الحدث ف ماذا ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫ف الدين عقيدةً أو قولً أو عم ً‬
‫كل مذر منه ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬فإن كل مدثة بدعة ) ‪ :‬كل مدثة مهما صغرت أو كبت فإنا بدعة ‪،‬‬

‫‪230‬‬
‫هكذا قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫والراد الحدثة ف الدين ‪ :‬بدعة ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬ك يف ن مع ب ي هذا للكل ية العا مة الواض حة البي نة أن كل مد ثة بد عة وب ي‬
‫قوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬من سن ف السلم سنة حسنة فلها أجرها وأجر من‬
‫عمل با إل يوم القيامة ) ؟‬
‫فالواب ‪ :‬من وجهي ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬أن معن قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من سن ف السلم سنة حسنة ) ‪ ،‬أي‬
‫من ابتداء العمل بالسنة ‪،‬‬
‫ويدل لذا ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ذكر بعد أن حث على الصدقات للقوم‬
‫الذين وفدوا إل الدينة ‪،‬‬
‫حث على الصدقة َورَ ّغبَ فيها ‪،‬‬
‫فجاء الصحابة بكل ما تيسر له ‪،‬‬
‫وجاء رجل – أظنه من النصار – بصرة قد أثقلت يده فوضعها ف حجر النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم فقال ‪ ( : :‬من سن ف السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل با إل‬
‫يوم القيامة ) ‪،‬‬
‫أي ابتداء العمل بسنة ثابتة ‪،‬‬
‫ليس أنه يأت هو بسنة جديدة ‪،‬‬
‫بل يبتدئ العمل ‪،‬‬
‫لنه إذا ابتدأ العمل سَ ّن الطريق للناس وتأسوا به وأخذوا با فعل ‪،‬‬
‫هذا واحد ‪،‬‬
‫الثان ‪ :‬أن يقال ‪ ( :‬من سن ف السلم سنة حسنة ) ‪ ،‬أي سن الو صول إل شيء مشروع‬
‫من قبل ‪،‬‬
‫كجمع الصحابة الصاحف على مصحف واحد ‪،‬‬
‫هذا سنة حسنة ‪ ،‬ل شك ‪،‬‬
‫لن القصود من ذلك ‪ :‬منع التفرق بي السلمي وإضلل بعضهم وتضليل بعضهم بعضا ‪،‬‬
‫كذلك أيضا ‪ :‬جع السنة وبتبويبها وترتيبها ‪،‬‬
‫هذه السنة السنة يتوصلوا با إل ماذا ؟‬
‫إل حفظ السنة إل أن تمل على الوسائل ‪،‬‬

‫‪231‬‬
‫( من سن ف السلم سنة حسنة ) ‪ :‬على الوسائل إل أمور ثابتة شرعا ‪،‬‬
‫وجه هذا ‪ :‬أننا نعلم أن كلم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل يتناقض ‪،‬‬
‫ونعلم أنه لو فتح الباب لكل شخص أو لكل طائفة أن تبتدع ف الدين ما ليس منه لتمزقت‬
‫المة وتفرقت ‪،‬‬
‫وقد قال ال عز وجل ‪ { :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم ف شيء إنا أمرهم‬
‫إل ال ث ينبئهم با كانوا يفعلون } ‪،‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬كل بدعة ضللة )‪،‬‬
‫فيستفاد من هذا ‪ :‬أن الميع البدعة ‪،‬‬
‫أن جيع البدع ضللة ليس فيها هدى ‪،‬‬
‫بل هي شر مض ‪،‬‬
‫حت وإن استحسنها من ابتدعها فإنا ليست حسن ‪ ،‬بل ول حسنة ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬كل بدعة ضللة ) ‪ :‬هل استثن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم شيئا ؟‬
‫ل ‪ ،‬كل بدعة ضللة ‪،‬‬
‫سمَ البدع إل خسة أقسام أو إل ثلثة أقسام ‪،‬‬
‫وبناءً على هذا يتبي خطأ من قَ ّ‬
‫وأنه ليس على صواب ‪،‬‬
‫لننا نعلم علم اليقي أن أعلم الناس بشريعة ال ‪ ،‬من ؟‬
‫رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وأن أوسع اللق لعباد ال رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وأن أفصح اللق نطقا ممدا صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫وأن أصدق اللق خبا رسول اله صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫أربعة أوصاف كلها متمعة على الكمل ف قول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫يأت من بعده ‪،‬‬
‫ويقول ‪ :‬البدعة ليست ضللة ‪ ،‬البدعة أقسام ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حسنة ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومباحة ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومكروهة ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومرمة ‪،‬‬
‫سبحان ال العظيم ‪،‬‬

‫‪232‬‬
‫يعن لول إحسان الظن بؤلء العلماء ‪،‬‬
‫لكانت السألة كبية ‪،‬‬
‫لن يقسموا ما حكم النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأنه ضللة ‪،‬‬
‫ويقسموه إل أقسام ‪ :‬حسن ‪ ،‬وقبيح ‪،‬‬
‫إذن نقول ‪ :‬من ابتدع بدعة ‪ ،‬وقال ‪ :‬إنا حسنة ‪،‬‬
‫فإما أن ل تكون بدعة ‪،‬‬
‫وإما أن ل تكون حسنة قطعا ‪،‬‬
‫ما الواب ؟‬
‫أقول ‪ :‬من ابتدع بدعة ‪ ،‬وقال ‪ :‬إنا حسنة ‪،‬‬
‫قلنا ‪ :‬ول قبول ث ننظر ‪،‬‬
‫إما أن ل تكون بدعة ‪،‬‬
‫وإما أن ل تكون حسنة ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬قالوا ‪ :‬من البدع السنة ‪ :‬جع الصاحف ف مصحف واحد ‪،‬‬
‫ومن البدع ‪ :‬كتابة الديث ‪،‬‬
‫ومن البدع السنة ‪ :‬إنشاء الدور على طلب العلم ‪،‬‬
‫وهكذا فنقول ‪ :‬هذه ليست بدع هي حسنة ل شك ‪،‬‬
‫لكن ليست بدع ‪،‬‬
‫هذه وسيلة إل أمر مقصود شرعا ‪،‬‬
‫نن ل نبتدع عبادة من عندنا ‪،‬‬
‫لكنا أمرنا بشيء ‪،‬‬
‫ورأينا أقرب طريق إليه هذا العمل فعملناه ‪،‬‬
‫وهناك فرق بي الوسائل والذرائع وبي القاصد ‪،‬‬
‫لن جيع المثلة الت قالوا ‪ :‬أنا حسنة تنطبق على هذا ‪،‬‬
‫أنا وسائل إل أمر مشروع مقصود ‪،‬‬
‫َيرِد علينا الن قال ‪ :‬اليكرفون الذي يؤدي الصوت إل بعيد بدعة ! ول يوز العمل به ‪،‬‬
‫ماذا نقول ؟‬
‫نقول ‪ :‬هو بدعة حسنة ‪ ،‬لاذا ؟‬
‫لنه يوصل إل القصود ‪،‬‬

‫‪233‬‬
‫وقد اختار النب صلى ال عليه وسلم إل الذان من هو أندى صوتا للذان ‪،‬‬
‫لنه يبلغ أكثر ‪،‬‬
‫وقال للعباس ف غزوة حني نادى ‪ ( :‬يا عباس ) ‪،‬‬
‫لنه كان صيتا رضي ال عنه ‪،‬‬
‫إذن رفع الصوت مطلوب ‪ ،‬ول غي مطلوب ؟‬
‫مطلوب ‪،‬‬
‫هذه وسيلة من وسائله ‪،‬‬
‫ولذا ركب اليكرفون ف هذا السجد ‪،‬‬
‫أول ما ركب على زمن شيخنا عبد الرحن رحه ال ‪،‬‬
‫خطب ف ذلك خطبة ‪،‬‬
‫وأثن على هذا الذي أتى به وهو أحد الحسني رحه ال ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬هذا من النعمة ‪،‬‬
‫وصدق هو من النعمة ‪،‬‬
‫لنه وسيلة إل أمر مقصود ‪،‬‬
‫كذلك أيضا التصالت ‪ :‬الن عندك جهاز ترك فيه ما ترك ‪،‬‬
‫ث تتصل بأقصى العال ‪،‬‬
‫هل نقول ‪ :‬استعمال هذا الهاز الاتف بدعة ؟‬
‫ل ‪ ،‬يوز ؟‬
‫ل ‪ ،‬ما نقول هذا ‪ ،‬لاذا ؟‬
‫لنه وسيلة ‪،‬‬
‫لكن عاد إما أن يكون إل خي وإما أن يكون إل شر ‪،‬‬
‫فعلى كل حال ‪ :‬يب أن نعرف الفرق بي ما كان غاية وما كان ذريعة ‪،‬‬
‫ف أناس مثل ‪ :‬أحدثوا أذكارا يذكرون ال فيها على هيئات معينة ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬إن قلوبنا ترتاح لذا الشيء ‪،‬‬
‫فهل نقول هذا بدعة ؟ أو ل ؟‬
‫ل ‪ ،‬لنم أحدثوا ف دين ال ما ليس منه ‪،‬‬
‫فإن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ل يتعبد ال على هذا الوجه ‪،‬‬
‫وعلى هذا فقس ‪،‬‬

‫‪234‬‬
‫إذن الواجب علينا أن نقول ‪ :‬سعنا وآمنا وصدقنا بأن كل بدعة ضللة ‪،‬‬
‫وأنه ل حسن ف البدع ‪،‬‬
‫تصديقا لن ؟‬
‫للرسول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫ونقول ‪ :‬ما ادعى صاحبه أنه بدعة حسنة فهو إما أن ل يكون حسنا‌ً وظنه حسنا ‪،‬‬
‫وإما أن ل يكون بدعة ‪،‬‬
‫وإما أن يكون بدعة وحسنا ‪،‬‬
‫هذا ل يكن ‪،‬‬
‫ويب علينا أن نؤمن بذا عقيدة ‪،‬‬
‫ول يكن أن نادل أهل الباطل ف بدعهم إل بذه الطريقة ‪،‬‬
‫أن نقول ‪ :‬كل بدعة ضللة ‪،‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬ماذا تقولون بقول الليفة الراشدي عمر بن الطاب رضي ال عنه حي جع‬
‫الناس فـ قيام رمضان على إمام واحـد وخرج يومـا مـن اليام ‪ ،‬ليلة مـن الليال فوجدهـم ‪،‬‬
‫فوجد الناس يصلون بإمام واحد قال ‪ :‬نعمت البدعة هذه ‪ ،‬فسماها بدعة ؟‬
‫أجاب بعض العلماء ‪ :‬بأن الراد هنا البدعة اللغوية ل الشرعية ‪،‬‬
‫ولكن هذا الواب ل يستقيم ‪ :‬كيف البدعة اللغوية وهي صلة ؟‬
‫والصواب ‪ :‬أنا بدعة نسبية ‪،‬‬
‫بالنسبة لجران هذا القيام بإمام واحد ‪،‬‬
‫وذلك لن النب صلى ال عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد ‪،‬‬
‫أعن التراويح ‪،‬‬
‫فقد صلى بأصحابه ثلثة ليال ف رمضان ث تلف خشية أن تفرط وتركت وصار الناس يأتون‬
‫للمسجد يصلي الرجل وحده والرجلن جيعا والثلثة أوزاع ‪،‬‬
‫فرأى عمر رضي ال عنه بثاقب سياسته أن يردهم إل السنة الول ‪،‬‬
‫وهي الجتماع على إمام واحد ‪،‬‬
‫فجمعهم على تيم الداري وأبّ بن كعب وأمرها أن يصليا بالناس أحدا عشر ركعة ‪،‬‬
‫كما كان النب صلى ال عليه وسلم ل يزيد ف رمضان ول غيه على أحد عشر ركعة ‪،‬‬
‫فيكون قوله ‪ :‬نعمت البدعة ‪،‬‬
‫يعن البدعة النسبية ‪،‬‬

‫‪235‬‬
‫أي بالنسبة إل أنا هجرت ف آخر عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم وف عهد أب‬
‫بكر وف أول خلفة عمر ‪،‬‬
‫وإل فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضللة ‪،‬‬
‫ث هذه الضللت تنقسم إل ‪:‬‬
‫بدعة مكفرة ‪،‬‬
‫وبدعة مفسقة ‪،‬‬
‫وبدعة يعذر فيها صاحبها ‪،‬‬
‫ولكن الذي يعذر صاحبها فيها ل ترج عن كونا ضللة ‪،‬‬
‫ولكن يعذر النسان إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد ‪،‬‬
‫وأضرب لكم مثلً ‪ :‬بافظي معتمدين موثوقي بي السلمي وها ابن حجر والنووي ل نشك‬
‫أن الرجل ناصح وأن له قدم صدق ف السلم ‪،‬‬
‫ويدل لذلك ‪ :‬قبول مؤلفاته ‪،‬‬
‫حت أنك ل تد مسجدا من مساجد السلمي إل ويقرأ ف رياض الصالي ‪،‬‬
‫وهذا يدل على القبول ‪،‬‬
‫ول شك أنه ناصح ‪،‬‬
‫ولكنه رحه ال أخطأ ف تأويل آيات الصفات حيث سلك با مسلك الؤولة ‪،‬‬
‫فهل نقول ‪ :‬أن الرجل مبتدع ؟‬
‫نقول ‪ :‬قوله بدعة ‪،‬‬
‫لكنه هو غي مبتدع ‪،‬‬
‫لنه ف القيقة متؤول ‪،‬‬
‫والتؤول إذا أخطأ مع اجتهاده فله أجر ‪،‬‬
‫فكيف نصفه بأنه مبتدع وننفر الناس منه ؟؟؟‌‌!!!!‬
‫والقول غي القائل ‪،‬‬
‫قد يقول النسان كلمة الكفر ول يكفر ‪،‬‬
‫أرأي تم الر جل الذي أ ضل راحل ته ح ت أيّس من ها واضط جع ت ت شجرة ينت ظر الوت فإذا‬
‫بالناقة على رأسه فأخذ با ‪ ،‬وقال من شدة الفرح ‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك ‪،‬‬
‫الكلمة هذه ‪ ،‬كفر ول إيان ؟‬
‫كفر ‪،‬‬

‫‪236‬‬
‫لكن هو ل يكفر ‪،‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬أخطأ من شدة الفرح ) ‪،‬‬
‫أرأيتم الرجل يكره على الكفر قو ًل أو فعلً ‪،‬‬
‫فهل يكفر ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫القول كفر ‪ ،‬والفعل كفر ‪،‬‬
‫لكن هذا القائل أو الفاعل ليس بكافر ‪،‬‬
‫لنه مكره ‪،‬‬
‫أرأيتم الرجل الذي كان مسرفا على نفسه فقال لهله ‪ :‬إذا مت فأحرقون وذرون ف اليم ف‬
‫البحر ‪ ،‬فوال لن قدر ال علي ليعذبن عذابا ما عذبه أحدا من العالي ‪،‬‬
‫ظن أنه بذلك ينجو من عذاب ال ‪،‬‬
‫وهذا شك ف قدرة ال ‪،‬‬
‫والشك ف قدرة ال كفر ‪،‬‬
‫لكن هذا ل يكفر جعه ال عز وجل وسأله ‪،‬‬
‫لاذا صنعت هذا ؟‬
‫قال ‪ :‬خوفا منك أو خوفا من عذابك ‪ ،‬أو كلمة نوها ‪،‬‬
‫فغفر ال له‬
‫انتبهوا لذه السألة ‪،‬‬
‫أما الادثة الثانية ‪:‬‬
‫ابن حجر رحه ال ‪،‬‬
‫وابن حجر حسب ما بلغ علمي متذبذب ف الواقع ‪.‬‬
‫أحيانا يسلك مسلك السلف ‪.‬‬
‫وأحيانا ينقل نقولت ‪.‬‬
‫وأحيانا يشي على طريق التأويل الت هي ف نظرنا تريف ‪،‬‬
‫مثل هذين الرجلي ‪ ،‬هل يكن أن نقدح فيهما ؟‬
‫أبدا ‪،‬‬
‫لكننا ل نقبل خطؤها ‪،‬‬
‫خطؤها شيء واجتهادها شيء آخر ‪،‬‬

‫‪237‬‬
‫أقول هذا لنه نبتت نابتة قبل سنتي أو ثلث تاجم هذين الرجلي هجوما عجيبا ‪،‬‬
‫وتقول ‪ :‬يب إحراق فتح الباري وإحراق شرح السلم ‪،‬‬
‫أعوذ بال ‪،‬‬
‫كيف يرأ النسان على مثل هذا الكلم ؟‬
‫لكنه الغرور والعجاب بالنفس واحتقار الخرين ‪،‬‬
‫البدعة الكفرة أو الفسقة ل نكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حت تقوم عليه الجة ‪،‬‬
‫لقول ال تبارك وتعال ‪ { :‬وما كان ربك مهلك القرى حت يبعث ف أمها رسول يتلو عليهم‬
‫آياتنا وما كنا مهلكي القرى إل وأهلها ظالون } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬وما كنا معذبي حت نبعث رسول } ‪،‬‬
‫ولو كان النسان يكفر لكان يعذب ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬رسل مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس حجة بعد الرسل } ‪،‬‬
‫واليات ف هذا كثية ‪،‬‬
‫فعلينا أن نتئد ول نتسرع ‪،‬‬
‫وأن ل نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلف السني ‪ :‬أنه رجل مبتدع ‪،‬‬
‫هل يصح أن ننسب هذين الرجلي وأمثالما إل الشاعرة ؟ ونقول ‪ :‬ها من الشاعرة ؟‬
‫ل‪،‬‬
‫لن الشاعرة لم مذهب مستقل له كيان ف الساء والصفات واليان وأحوال الخرة ‪،‬‬
‫وما أحسن ما كتبه أخونا سفر الوال عما ذكروه أو عما علم من مذهبهم ‪،‬‬
‫أكثر الناس ل يفهم من هذا إل أنم مالفون للسلف ف باب الساء والصفات ‪،‬‬
‫لكن لم اختلفات كثية ‪،‬‬
‫فإذا قال قائل بسألة من مسائل الصفات با يوافق مذهبهم فل نقول ‪ :‬أنه أشعري ‪،‬‬
‫أرأيتم لو أن إنسانا من النابلة اختار قولً للشافعي ‪ ،‬هل نقول أنه شافعي ؟‬
‫ل ‪ ،‬ل نقول ‪ :‬أنه شافعي ‪،‬‬
‫فانتبهوا لذه السائل الدقيقة ل تتسرعوا ول تتهاونوا باغتياب العلماء السابقي واللحقي ‪،‬‬
‫لن غيبة العال ليست قدحا ف شخصه فقط ‪،‬‬
‫بل ف شخصه وما يمله من الشريعة ‪،‬‬
‫لنه إذا ساء ظن الناس فيه ‪،‬‬
‫فإنم لن يقبلوا ما يقول من شريعة ال ‪،‬‬

‫‪238‬‬
‫وتكون مصيبة على الشريعة أكثر ‪،‬‬
‫ث أنكم ستجدون قوما يسلكون هذا السلك الشي فعليكم بنصحه ‪،‬‬
‫عليكم بنصحه ‪،‬‬
‫وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق ف القول ف بالعلماء فانصحوه وحذروه ‪،‬‬
‫وقولوا له ‪ :‬اتق ال أنت ل تتعبد بذا ‪،‬‬
‫وما الفائدة من أن تقول ‪ :‬فلن فيه وفلن ما فيه ؟‬
‫قل ‪ :‬هذا القول فيه كذا وكذا غلط ‪،‬‬
‫بقطع النطع عن الشخاص ‪،‬‬
‫لكن قد يكون من الفضل أن نذكر الشخص ‪،‬‬
‫لكن ل على سبيل العموم هكذا ف الجالس أن نذكر الشخص با فيه ‪،‬‬
‫لن ل يغتر الناس به ‪،‬‬
‫لنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل ‪،‬‬
‫فالسألة أعن ذكر القائل جائز عند الضرورة ‪،‬‬
‫وإل فالهم إبطال القول الباطل ‪،‬‬

‫‪239‬‬
‫الديث التاسع والعشرون‬
‫عن معاذ بن ج بل ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا ر سول ال أ خبن بع مل يدخل ن ال نة‬
‫سرَ ُه ال عل يه ‪،‬‬
‫ويباعد ن عن النار ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ل قد سألت عن عظ يم ‪ ،‬وإ نه لي سيٌ على من يَ ّ‬
‫تعبد ال ل تشرك به شيئا ‪ ،‬وتقيم الصلة ‪ ،‬وتؤت الزكاة ‪ ،‬وتصوم رمضان ‪ ،‬وتج البيت ) ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬أل أدلك على أبواب ال ي ؟ ال صوم جُنّ ة ‪ ،‬وال صدقة تط فئ الطيئة ك ما يط فئ‬
‫الاء ‪ ،‬وصلة الرجل ف جوف الليل ) ث تل ‪ { :‬تتجاف جنوبم عن الضاجع ‪ } ........‬حت‬
‫بلغ { يعملون } ‪ ،‬ث قال ‪ ( :‬أل أخبك برأس المر وعموده وذروة سنامه ؟ ) قلتُ ‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال ‪ ،‬قال ( رأس المر السلم ‪ ،‬وعموده الصلة ‪ ،‬وذروة سنامه الهاد ) ‪ ،‬ث قال ‪:‬‬
‫( أل أخبك بلك ذلك كله ؟ ) قل تُ ‪ :‬بلى يا رسول ال ‪ ،‬فأخذ بلسانه ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬كف‬
‫عل يك هذا ) قل تُ ‪ :‬يا نب ال ‪ ،‬وإ نا لؤاخذون ب ا نتكلم به ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ثكل تك أ مك ‪ ،‬هل‬
‫يكب الناس ف النار على وجوههم – أو قال ‪ :‬على مناخرهم – إل حصائد ألسنتهم ) رواه‬
‫الترمذي وقال ‪ :‬حديثٌ حسن صحيح ‪.‬‬
‫الشرح‬
‫قوله ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال أخبن بعمل يدخلن النة ويباعدن عن النار ‪ :‬وال هم عالية ‪،‬‬
‫ل يقل ‪ :‬أخبن بعمل أكسب فيه العشرة والعشرين أو ثلثي أو ما أشبه ذلك ‪،‬‬
‫قوله ‪ :‬بعمل يدخلن النة ويباعدن عن النار ‪ :‬يعن يكون سببا لدخول النة والبعد عن النار‬
‫‪،‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬لقد سألت عن عظيم ) ‪ :‬إي وال عظيم ‪،‬‬
‫هذه هي الياة أن تدخل النة وتبتعد عن النار ‪،‬‬
‫هذا هو الفوز والفلح ‪،‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ { :‬فمن زحزح عن النار وأدخل النة فقد فاز } ‪،‬‬
‫ولذا وصفه النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بأنه عظيم ‪،‬‬
‫ولكن والمد ل وإنه ليسي على من يسره ال عليه ‪ ،‬اللهم يسره علينا يا رب العالي ‪،‬‬
‫يسي على من يسره ال عليه‬
‫وصدق النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫فإن الدين السلمي مبن على السمح ‪،‬‬
‫قال ال نب صلى ال عل يه و سلم ل صحابه و هو يبعث هم إل الهاد ‪ ( :‬ي سروا ول تع سروا ‪،‬‬
‫وبشروا ول تنفروا ‪ ،‬فإنا بعثتم ميسرين ‪ ،‬ول تبعثوا معسرين ) ‪،‬‬

‫‪240‬‬
‫وقال ‪ ( :‬إن هذا الدين يسر ‪ ،‬ولن يشّاد الدين أحد إل وغلبه ) ‪،‬‬
‫فهو يسي ‪ ،‬لكن لن ؟‬
‫لن يسره ال عليه ‪،‬‬
‫ث شرح ذلك فقال ‪ ( :‬تعبد ال ول تشرك به شيئا ) ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫‪-‬بارك ال فيك ما رأيك بن يفرق بي الوسائل الت ‪.‬‬
‫‪-‬ارفع صوتك ‪.‬‬
‫‪-‬ما رأيك بن يفرق بي الوسائل الت يكن فعلها ؟‬
‫‪ -‬بي الوسائل إيش ؟‬
‫‪-‬بي الو سائل ال ت يكن فعلها ف عهد النب صلى ال عليه و سلم وبي الو سائل ال ت ل‬
‫يكن فعلها ؟‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬هل يكن سببها ؟‬
‫‪-‬نعم كل شيء وجد سببه ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ول يفعله مع عدم‬
‫الانع فإن تركه سنة وقولنا مع عدم الانع لن ل يرد قض – قضية بناء الكعبة فإن النب‬
‫صلى ال عل يه و سلم أراد أن يهدم الكع بة ويبنيها على قوا عد إبراه يم لكن و – وذ كر‬
‫مانعا وهو أن قريشا كانوا حديث العهد بالكفر فهذه هي – هي القاعدة‬
‫‪-‬ويثل يا شيخ بالاجز ؟‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬نعم ويثل حجز النساء بالسجد‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬الاجز الذي بي النساء والرجال‬
‫‪-‬نعم – نعم‬
‫‪-‬ما سببه ؟‬
‫‪-‬هذا لم يوجد سببه ف عهد الرسول ف عهد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم النساء‬
‫يأتيـ إل السـاجد متلفعات ب – ب ‪ 0000‬متشمات وليـس هناك أنوار تكشفهـن‬
‫وير جن ق بل الرجال والرجال ينتظرون ح ت ترج الن ساء هذا غ ي موجود الن – الن‬

‫‪241‬‬
‫من يترقب أن يدخل السجد ليى النساء فهذه الواجز ل شك أنا من الوسائل لدر –‬
‫لدرأ الفتنة ‪ .‬نعم ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ هل يكفي ؟‬
‫‪-‬ارفع يدك – ل ما هو إنت‬
‫‪-‬بارك ال فيك ما رأيكم بن يقول مقولة اللهم يسر ول تعسر ؟‬
‫‪-‬صحيح‬
‫‪-‬صحيح ؟‬
‫‪-‬إي نعم يسر ل ما هو لل – عموما الراد يسر ل قال موسى عليه الصلة وال – عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ :‬رب اشرح ل صدري ويسر ل أمري نعم ‪.‬‬
‫‪ -‬يا ش يخ ‪ 0000‬البتد عة الوجودة هل يك في لتف سيقهم إن كا نت بدعت هم مف سقة أو‬
‫مكفرة ؟‬
‫‪-‬هل ؟‬
‫‪-‬هل يكفي لقامة الجة عليهم للبيان لم فقط بدون دعوتم ؟‬
‫‪-‬هل أنت ستبي بدون دعوة ؟‬
‫‪-‬ل‬
‫‪-‬ل بد أن تدعوه لكن مشكلتنا الن أن بعض العوام بعض ال – عوام أهل البدع أنه ليس‬
‫أ حد – ل يس عند هم أ حد ينبه هم هذه من ج هة وأي ضا هم يثقون بعلماء الضللة الذ ين‬
‫عند هم فل يرون أحدا ي – ي – يك في ف مقابلت هم هذه هي الشكلة أن تم ما جئ تم‬
‫لتقوموا الناس وتقولون ف – فلن ف يك كذا وفلن ف يك كذا جئ تم لطلب العلم وأ نا ل‬
‫يع ن دأ ب والذي أرى أن ل نلتفت ل حد بين نا وال مد ل كتاب ال وسنة ر سوله صلى‬
‫ال عل يه وعلى آله و سلم ول علي نا من الناس نقول ال ق ونب طل البا طل ول علي نا من‬
‫الناس العجـب مـن الناس جعلوا بعـض الرجال رموزا يوالون مـن والهـم ويعادون مـن‬
‫عاداهم كل هذا غلط كل هذا من الشيطان و – بالنسبة لل – للذي أشرت إليه فأظنك‬
‫أنت أشرت إل شيء وصارت هنا معناها صحيح السئول ‪.‬‬
‫‪-‬يا شيخ أحسن ال إليك ‪.‬‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬أثابك ال – الطريقة الصحيحة لنكار‬
‫‪-‬إيش ؟‬

‫‪242‬‬
‫‪-‬الطريقة الصحيحة لنكار البدعة هل تكون إنكار مباشر أو دعوة‬
‫‪ -‬يا أخي ادع إل سبيل ربك بالكمة أنت انظر ل – لقرب الطريق إل تقيق السنة و –‬
‫وإبطال البدع وكل إنسان عاقل يوزن ‪ 00000‬بنلا الحوال تتلف وال – والشخاص‬
‫يتلفون والزمان والماكن تتلف والبدعة تتلف أيضا انتهى الوقت طيب ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫نرجع إل الديث ‪،‬‬
‫يقول صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬تعبد ال ول تشرك به شيئا ) ‪ :‬أي تذل ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تعبد ) ‪ :‬بعن تتذلل له بالعبادة حبا وتعظيما ‪،‬‬
‫انتبه ( تعبد ) أي تتذلل ‪،‬‬
‫مأخوذ من قولم ‪ :‬طريق معبد ‪ ،‬أي مهد ومهيأ للسي عليه ‪،‬‬
‫ل تعبد ال وأنت تعتقد أن لك الفضل على ال ‪،‬‬
‫فتكون كمن قال ال فيهم ‪ { :‬ينون عليك أن أسلموا قل ل تنوا على إسلمكم } ‪،‬‬
‫هذه وهم ل ينوا على ال على الرسول ‪،‬‬
‫ل له مبةً وتعظيما ‪،‬‬
‫فقط اعبدوا ال عز وجل تذل ً‬
‫فبالحبة تفعل الطاعات ‪،‬‬
‫وبالتعظيم تترك العاصي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬ل تشرك به شيئا ) ‪ :‬أي شيء يكون حت النبياء ؟‬
‫نعم ‪ ،‬حت النبياء ‪،‬‬
‫بل النبياء ما جاءوا إل لحاربة الشرك ‪،‬‬
‫ل تشرك به شيئا ل ملكا مقربا ول نبيا مرسلً ‪،‬‬
‫والعبادة لا شروط نذكرها إن شاء ال ف الفوائد ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتج البيت ) ‪ :‬هذه أركان السلم المسة‬
‫وقد مرت ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬أل أدلك على أبواب الي ؟ ) ‪ :‬أبواب أي مسائل ‪،‬‬
‫أبواب تستعمل بالباب الذي يفتح للداخل والارج ‪،‬‬
‫وتستعمل ف السائل ‪،‬‬
‫ومن هذا قول العلماء ف مؤلفاتم ‪ :‬هذا الباب فيه كذا وكذا ‪،‬‬
‫وقول الحدثي ‪ :‬ل يصح ف هذا الباب شيء ‪،‬‬

‫‪243‬‬
‫أي ف هذه السألة شيء ‪،‬‬
‫فقوله ‪ ( :‬أبواب الي ) ‪ :‬أي مسائل الي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أل أدلك على أبواب الي ؟ ) ‪ :‬أي مسائله ‪،‬‬
‫ويوز أن يكون الراد با الباب العروف الذي يكون منه الدخول والروج ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬أل أدلك على أبواب الي ؟ ) ‪ :‬الواب ‪ :‬بلى ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬الصوم جُنّة ) ‪ :‬أي مانع ينع صاحبه ف الدنيا وينع صاحبه ف الخرة ‪،‬‬
‫أما ف الدنيا فإنه ينع صاحبه من تناول الشهوات المنوعة ف الصوم ‪،‬‬
‫ولذا ينهى الصائم أن يقابل من اعتدى عليه بثل ما اعتدى عليه ‪،‬‬
‫حت أنه إذا سبه أحد أو شاته يقول ‪ :‬إن صائم ‪،‬‬
‫هو أيضا جُنّة من النار يقيك من النار يوم القيامة ‪،‬‬
‫والصـوم معروف ‪ ( :‬التعبـد ل تعال ‪ ،‬بالمسـاك عـن الفطرات مـن طلوع الفجـر إل غروب‬
‫الشمس ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬والصدقة تطفئ الطيئة كما يطفئ الاء النار ) ‪ :‬الصدقة مطلقا سواء الزكاة الواجبة أو‬
‫التطوع ‪،‬‬
‫وسواء كانت قليلة أو كثية ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تطفئ الطيئة ) ‪ :‬أي خطيئة بن آدم ‪،‬‬
‫وهي العاصي ‪،‬‬
‫كما يطفئ الاء النار ‪،‬‬
‫والاء يطفئ النار بدون تردد ‪،‬‬
‫فشبه النب صلى ال عليه وسلم المر العنوي بالمر السي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وصلة الرجل ف جوف الليل ) ‪ :‬هذه معطوفة على قوله ‪ ( :‬الصدقة ) ‪،‬‬
‫يعن ‪ :‬وصلة الرجل ف جوف الليل تطفئ الطيئة وجوف الليل وسطه كجوف النسان تطفئ‬
‫الطيئة ‪،‬‬
‫ث تل صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ { :‬تتجاف جنوبم عن الضاجع } ‪،‬‬
‫حت بلغ { يعملون } ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬تل ) ‪ :‬أي قرأ ‪،‬‬
‫{ تتجاف جنوبم عن الضاجع } ‪ ،‬هذا ف وصف من ؟‬
‫وصف الؤمني ‪،‬‬

‫‪244‬‬
‫{ تتجاف جنوبم عن الضاجع } أي أنم ل ينامون ‪،‬‬
‫{ يدعون ربم خوفا وطمعا } ‪ ،‬كيف { خوفا وطمعا } ؟‬
‫إن ذكروا ذنوبم خافوا ‪،‬‬
‫وإن ذكروا فضل ال طمعوا ‪،‬‬
‫فهم بي الوف والرجاء ‪،‬‬
‫{ وما رزقناهم ينفقون } ‪،‬‬
‫{ من } هنا ‪،‬‬
‫إما أن تكون للتبعيض ‪،‬‬
‫والعن ‪ :‬ينفقون ما رزقهم ال قليلً كان أو كثيا ‪،‬‬
‫{ فل تعلم نفس ما أخفي لا من قرة أعي جزا ًء با كانوا يعملون } ‪،‬‬
‫استشهد النب صلى ال عليه وسلم بذه الية على فضيلة قيام الليل ‪:‬‬
‫{ تتجاف جنوبم عن الضاجع } حت بلغ { يعملون } ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬أل أخبك برأس المر وعموده وذروة سنامه ؟ ) ‪ :‬ثلثة أشياء ‪:‬‬
‫( أل أخبك برأس المر وعموده وذروة سنامه ؟ ) ‪،‬‬
‫قوله ‪ :‬قلت ‪ :‬بلى يا رسول ال قال ‪ ( :‬رأس المر السلم ) ‪ :‬أمر النسان الذي من أجله خلق‬
‫رأسه ‪،‬‬
‫السلم ‪ :‬أن يسلم ل تعال ظاهرا وباطنا بقلبه وجوارحه ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وعموده الصلة ) ‪ :‬والراد ‪ :‬الصلوات المس ‪،‬‬
‫عمود السلم ‪ :‬الصلوات ‪،‬‬
‫وعمود اليمة ‪ :‬ما تقوم وإذا أزيل عليه سقطت ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬وذروة سنامه الهاد ف سبيل ال ) ‪ :‬ذكر الهاد أنه ذروة السنام ‪،‬‬
‫لن الذروة أعلى الشيء ‪،‬‬
‫وبالهاد يعلو السلم ‪،‬‬
‫فجعله ذروة سنام المر ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬ول تنوا ول تزنوا أنتم العلون إن كنتم مؤمني } ‪،‬‬
‫وقال عز وجل ‪ { :‬فل تنوا وتدعوا إل ‪ 0000‬أنتم العلون وال معكم } ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ( :‬الهاد ) ‪ :‬يعن ف سبيل ال عز وجل ‪،‬‬
‫ومت يكون الهاد ف سبيل ال ؟‬

‫‪245‬‬
‫بينه الرسول صلى ال عليه وسلم أت بيان ‪،‬‬
‫فقد سئل عن الرجل ‪ :‬يقاتل حيه ويقاتل لشجاعة ويقاتل ليى مكانه ؟ أي ذلك ف سبيل ال ؟‬
‫قال ‪ ( :‬من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا فهو ف سبيل ال ) ‪،‬‬
‫انتبه ‪،‬‬
‫هو ل يب عن الثلثة الذين سئل عنهم ‪،‬‬
‫بل ذكر ف عبارة عامة ‪ ( :‬من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا فهو ف سبيل ال ) ‪،‬‬
‫ث قال ‪ ( :‬أل أخبك بلك ذلك كله ؟ ) ‪ :‬ملك الشيء ‪ :‬ما يلك به ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬بلك ذلك ) ‪ :‬أي ما تلك به كل هذا ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأخذ بلسانه وقال ‪ ( :‬كف عليك هذا ) ‪ :‬أخذ النب صلى ال عليه وسلم بلسانه ‪،‬‬
‫أي بلسان نفسه ‪،‬‬
‫وقال ‪ ( :‬كف عليك ) ‪ :‬هذا يعن ل تطلقه ف القيل والقال ‪،‬‬
‫وقد مر علينا ‪ ( :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت ) ‪،‬‬
‫كف عليك هذا ل تتكلم إل بي ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال قلت ‪ :‬يا نب ال وإنا لؤاخذون با نتكلم به ؟ ‪ :‬الملة خبية ‪،‬‬
‫لكنها استفهامية ‪،‬‬
‫والعن ‪ :‬إننا لؤاخذون با نتكلم به ؟ ‪،‬‬
‫يعن أن معاذا تعجب كيف يؤاخذ النسان با يتكلم به ؟‬
‫فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم حثاّ له على أن يفهم ‪،‬‬
‫قال له ‪ ( :‬ثكلتك أمك يا معاذ ثكلتك ) ‪ :‬أي فقدتك ‪،‬‬
‫وهذه الكلمة يقولا العرب للغراء والث ول يقصدون با العن الظاهر ‪،‬‬
‫وهو أن تفقده أمه ‪،‬‬
‫لكن يقصدون با ‪ :‬الث والغراء ‪،‬‬
‫وقال بعض العلماء ‪ :‬إن هذه الملة على تقدير الشرط ‪،‬‬
‫والعن ‪ :‬ثكلتك أمك يا معاذ إن ل تكف لسانك ‪،‬‬
‫ولكن العن الول أوضح وأظهر ‪،‬‬
‫وأنا تدل على الغراء والث ‪،‬‬
‫ولذا خاط به بالنداء قال ‪ ( :‬يا معاذ و هل ي كب الناس ف النار على وجوه هم – أو قال ‪ :‬على‬
‫مناخرهم – إل حصائد ألسنتهم ) ‪،‬‬

‫‪246‬‬
‫يكب الناس على وجوههم إل الصائد ‪،‬‬
‫وقوله ‪ :‬أو قال ‪( :‬على مناخرهم ) ‪ :‬شك من الراوي ‪،‬‬
‫قوله ‪ ( :‬إل حصائد ألسنتهم ) أي ما يصدون بألسنتهم من القوال ‪،‬‬
‫فاقتنع معاذ لا قال هذا الكلم ‪،‬‬
‫عرف أن ملك المر كله هو كف اللسان ‪،‬‬
‫لن اللسان قد يقول الشرك وقد يقول الكفر وقد يقول الفحشاء ‪،‬‬
‫يعن ليس له حد ‪،‬‬

‫‪247‬‬
‫فوائد الديث‬
‫ف هذا الديث فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬حرص الصحابة رضي ال عنهم على العلم ‪،‬‬
‫ولذا يكثر منهم سؤال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم عن العلم ‪،‬‬
‫ولكن سؤالم رضي ال عنهم لجرد أن يعلموا بالكم ‪ ،‬أو لجل أن يطبقوا ؟‬
‫الثان ‪،‬‬
‫عكس ما يفعله بعض الناس اليوم ‪،‬‬
‫يسأل ليعرف الكم فقط ‪،‬‬
‫ث هو باليار إن شاء فعل وإن شاء ل يفعل ‪،‬‬
‫وهذا غلط ‪،‬‬
‫اجعل غايتك من العلم العمل به ‪،‬‬
‫دون الطلع على أقوال الناس ‪،‬‬
‫ولذا تد بعض الناس يسأل هذا العال عرف ما عنده ‪،‬‬
‫ث يذهب يسأل عالا آخر وثالثا ورابعا ‪،‬‬
‫لنه ل يريد العمل بالعلم ‪،‬‬
‫بل يريد الطلع فقط ‪،‬‬
‫وهذا غلط ‪،‬‬
‫ل تسأل عن العلم إل لدف واحد ‪،‬‬
‫وهو العمل ‪،‬‬
‫‪ – 2‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬علو هة معاذ بن جبل رضي ال عنه ‪،‬‬
‫حيث ل يسأل عن أمور الدنيا بل عن أمور الخرة ‪ :‬عمل يدخلن النة ويباعدن من النار ‪،‬‬
‫وجدير به رضي ال عنه أن يكون بذه النلة العالية ‪،‬‬
‫لنه أحد فقهاء الصحابة ‪،‬‬
‫ولن النب صلى اله عليه وعلى آله وسلم بعثه إل اليمن داعيا ومفتيا وحاكما ‪،‬‬
‫فهو رضي ال عنه من أفقه الصحابة ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬إثبات النة والنار ‪،‬‬
‫واليان بما أحد أركان اليان الستة كما سبق ومن هذا الديث ‪،‬‬
‫‪ – 4‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن العمل يدخل النة ويباعد عن النار ‪،‬‬

‫‪248‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم أقره على هذا ‪،‬‬
‫وهنا يقع إشكال ‪:‬‬
‫و هو أن ال نب صلى ال عل يه وعلى آله و سلم قال ‪ ( :‬لن يد خل ال نة أ حد بعمله ) قالوا ‪ :‬ول‬
‫أنت يا رسول ال ؟ قال ‪ ( :‬ول أنا ‪ ،‬إل أن يتغمدن ال برحته ) ‪ ،‬فكيف يمع بي هذا الديث‬
‫وبي النصوص الخرى الدالة على أن النسان يدخل بعمله النة ؟‬
‫أجاب العلماء رحهم ال فقهاء السلم أطباء القلوب والبدان ما علمهم ال ذلك ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬الباء لا معنيان ‪:‬‬
‫تارة تكون للسببية ‪،‬‬
‫وتارة تكون للعوض ‪،‬‬
‫الباء لا معنيان ‪:‬‬
‫تارة تكون سببية ‪،‬‬
‫وتارة تكون للعوض ‪،‬‬
‫وإذا قلت ‪ :‬أكرمت بإكرامي ‪ ،‬بإكرامك إياي ‪،‬‬
‫هذه للسببية ‪،‬‬
‫فالنفي ‪ :‬باء العوض ‪،‬‬
‫والثبت باء السببية ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬معن قول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬لن يدخل النة أحد بعمله ) ‪،‬‬
‫أي أن ذلك معاوضة ‪،‬‬
‫لن لو أراد ال عز وجل أن يعوض العباد بأعمالم وجزاءهم لكانت نعمة واحدة تقضي على كل‬
‫ما عمل ‪،‬‬
‫واضرب مثلً ‪ :‬بنع مة الن فس نع مة الن فس هذه نع مة عظي مة ل يعرف قدر ها إل من ابتلي بض يق‬
‫النفس وأسأل من ابتلي بضيق النفس ‪ ،‬ماذا يعانون من هذا ؟‬
‫الصحيح الذي ليس مصابا بضيق النفس ل يد كلفة ف التمتع بذه النعمة وهو يتكلم ينفس وهو‬
‫يأكل ول يس بشيء هذه النعمة ‪،‬‬
‫لو عملت أي عمل من العمال ل تقابلها ‪،‬‬
‫لن هذه نعمة مستمرة دائمة ‪،‬‬
‫بل نقول ‪ :‬إذا وفقت إل العمل الصال فهذه نعمة أضل ال عن ذلك أما ‪،‬‬
‫وإن كل نعمة متاجة إل شكر ‪،‬‬

‫‪249‬‬
‫وإذا شكرت فهي نعمة تتاج إل شكر آخر ‪،‬‬
‫ولذا قال الشاعر ‪:‬‬
‫علي له ف مثلها يب الشكر‬ ‫إذا كان شكري نعمة ال نعمة‬
‫فكيف بلوغ الشكر إل بفضله وإن طالت اليام واتصل العمر ‪.‬‬
‫واضح ؟‬
‫إذن المع بي الباء بقوله ‪ ( :‬لن يدخل النة أحد بعمله ) ‪ ،‬وقوله ‪ ( :‬أيدخلن النة ) ‪،‬‬
‫أو كقوله تعال ‪ ( :‬جزاء با كنتم تعملون ) وما أشبه بذلك ‪،‬‬
‫نقول الباء لا معنيان ‪:‬‬
‫العن الول ‪ :‬أن تكون للعوض ‪،‬‬
‫والثانية ‪ :‬أن تكون للسببية ‪،‬‬
‫والنفي أن تكون الباء للعوض ‪،‬‬
‫السئلة‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬يا شيخ بعض ما قلت ف هذا الديث‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬ف هذا الديث ذروة سنامه الهاد‬
‫‪-‬ها ؟‬
‫‪-‬وذروة سنامه الهاد‬
‫‪-‬ما وصلناه – ما وصلناه وليد ‪.‬‬
‫‪-‬لو قال قائل ‪ :‬يا ش يخ لاذا ل تقول أن الد يث من سن ف ال سلم سنة ح سنة على‬
‫تصيص على حديثنا الول كل بدعة ضللة ؟‬
‫‪-‬إي ما يكن ما – ما دمنا عرفنا معن ما يكن نمع بينهما ‪.‬‬
‫‪-‬بعضهم يقول إن التخصيص أول من التأويل ؟‬
‫‪-‬على إيش ؟‬
‫‪-‬التأويل حيث حلنا حديث ‪ :‬من سن ف السلم سنة حسنة ‪.‬‬
‫‪ -‬ما دام السبب معروف أن النب صلى ال عليه وسلم قال ذلك بسبب إتيان هذا الرجل‬
‫بال صرة – ول ي كن أن يقول كل بد عة ضللة ويذر من البدع ح ت ف خ طب الم عة‬
‫ويدخلها التخصيص ما يكن نعم ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫‪-‬شيخ أحسن ال إليكم إذا كان الوسائل مبتدعة والغاية ثابتة ف أصل الشرع ؟‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬هل نفرق الوسائل البتدعة الغاية الثابتة؟‬
‫‪-‬ن عم ما ل تكون الو سيلة حرا ما إن كا نت حرا ما بذات ا ف هي حرام وإ ما إذا كا نت من‬
‫المور ال ت مبا حة ف – ف حد ذات ا فل ها ح كم من كا نت و سيلة له ولذلك لو كان‬
‫لنسان يريد أن يتوضأ ول يد ماءا إل بدراهم نقول له البيع – شراء الاء الن واجب‬
‫‪-‬يا شيخ‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬أثابكم ال يا شيخ كيف يعامل العال الذي بيده نقطة من البدع عنده شيء من البدع ف‬
‫غي هذه السألة يكون موافق للسنة والماعة كيف يعامل معه ؟‬
‫‪-‬كيف إيش ؟‬
‫‪-‬كيف يعامل معه يعن ؟‬
‫‪-‬كيف يتعامل النسان معه ؟‬
‫‪-‬نعم‬
‫‪-‬إي يقبـل القـ ويرد الباطـل ولكـن إذا كان حيـا أمكنـه أن – أن يتكلم معـه بالجادلة‬
‫والناظرة والق ويب إتباعه ‪.‬‬
‫‪-‬لكن يعن للنسان أن يشي معه أقصد بذا مشيا معنويا يكون معه ف الدعوة ويكون معه‬
‫تعليم العلم ؟‬
‫‪-‬هذا سؤال جيد وعلى كل حال البتدع إذا خيف أننا إذا اتبعناه ف – ف الق اغتر الناس‬
‫به وأخذوا ب كل ما يقول فه نا نتجن به وال ق موجود ف غيه وال مد ل وأ ما إذا ك نا ل‬
‫نشى هذا فالواجب قبول الق من أي إنسان‬
‫‪-‬وإن ل يكن يوجد ف غيه لن ف بعض البلدان الذين على أهل السنة ولم علم ونشاط ف‬
‫السنة قليل فماذا يكم ف هذا الال ؟‬
‫‪-‬إم هذا يتاج إل نظر خاص يتق النسان ربه – يتق النسان ربه بقدر ما يستطيع نعم غان؟‬
‫‪-‬أحسن ال إليك قول النب صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫‪-‬اللهم صلي وسلم عليه‬

‫‪251‬‬
‫‪-‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي أحسن ال عملك بالنسبة للخلفاء الراشدون‬
‫أل يكون سنتهم هي الق صورة أي ل يكون هناك خلي فة را شد إل هؤلء الر بع لن غي هم‬
‫سنته غي متبعة ؟‬
‫‪-‬إم ذكرنـا هذا – ذكرنـا هذا أمـس فـ الشرح قلنـا هـل الراد اللفاء الراشديـن أعيانمـ أم‬
‫بأوصافهم‬
‫‪-‬لكن ذكرنا ترجيح كثي من السلف ؟‬
‫‪-‬نعم؟‬
‫‪-‬ذكرنا كثي من السلف عد عمر بن عبد العزيز ؟‬
‫‪-‬نعم – نعم عد عمر بن عبد العزيز من اللفاء الراشدين‬
‫‪-‬فهل تكون سنته متبعة أحسن ال إليك ؟‬
‫‪-‬إي على هذا نعم بأمر الرسول عليه الصلة والسلم لكن ف الغالب إنك ما تي لؤلء سنة‬
‫تالف الخرين ف الغالب نعم ؟‬
‫‪-‬يا شيخ أحسن ال إليك يا شيخ‬
‫‪-‬نعم؟‬
‫‪-‬توزع أوراق فيها تذير من بعض العلماء يعن الذين يرجون ف الفضائيات ؟‬
‫‪-‬إيش ؟‬
‫‪-‬يرجون ف الفضائيات ؟‬
‫‪-‬إي‬
‫‪-‬هـل يوز لشخـص أن يوزع مثـل هذه الوراق أو يذر مـن بعـض العوام مـن هؤلء العلماء‬
‫خاصة إذا كانت عندهم أخطاء ف العقائد ؟‬
‫‪-‬وال لبد – ل بد من هذا وما أصل النسان يلي الناس يتكلمون ف الفضائيات با يريدون‬
‫والشكلة أن الفضائيات الن غزت الناس ف بيوت م وجاءت عاد اللي أخ بث وأخ بث و هي‬
‫النترنـت هذه مدمرة للخلق وللعقائد لنـه يدـ الشيـء مكتوبـا يسـتطيع ينسـخه مشكلة‬
‫القيقة نسأل ال الثبات الواقع أن – أن المة السلمية الن ف منة ‪.‬‬
‫تكملة الشرح‬
‫‪ – 5‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن هذا وإن كان عظيما فهو يسي على من يسره ال عليه ‪،‬‬
‫‪ – 6‬ومن فوائده ‪ :‬أنه ينبغي للنسان أن يسأل ال تعال التيسي ‪،‬‬
‫أن ييسر أموره ف دينه ودنياه أن من ل ييسر ال عليه فإنه يصعب عليه كل شيء ‪،‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ – 7‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬ذكر أركان السلم المسة ‪،‬‬
‫ف قوله ‪ ( :‬تعبد ال ول تشرك به شيئا وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتج البيت )‬
‫‪،‬‬
‫ول يذكر الرسالة ‪،‬‬
‫لن عبادة ال تتضمن الرسالة ‪،‬‬
‫إذ ل يكن أن يعبد النسان ربه إل با شرع نبيه صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫‪ – 8‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن أعلى الهمات ‪ ،‬أن أغلى الهمات وأعلى الواجبات عبادة ال‬
‫وحده ل شريك له التوحيد ‪،‬‬
‫‪ – 9‬ومنها من فوائد هذا الديث ‪ :‬فضل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ف التعليم ‪،‬‬
‫حيث يأت با ل يتحمله السؤال ‪،‬‬
‫لقوله ‪ ( :‬أل أدلك على أبواب الي ؟ ) ‪،‬‬
‫وهذا من عادته صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪،‬‬
‫أنه إذا دعت الاجة إل ذكر شيء يضاف إل الواب أضافه ‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬سئل عن ماء البحر أنتوضأ به ؟ فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬هو الطهور ماؤه‬
‫الل ميتته ) ‪،‬‬
‫( الطهور ماؤه ) ‪ ،‬هذا جواب السؤال ‪،‬‬
‫( الل ميتته ) ‪ ،‬زائد ‪،‬‬
‫لكن لا كان الناس ف البحر يتاجون إل الكل بي لم أن ميتته حلل ‪،‬‬
‫وقد عاب قومٌ شيخَ السلم ابن تيميه رحه ال ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬أنه إذا سئل عن السألة أتى بسائل كثية ‪،‬‬
‫فأجاب عن ذلك بعض تلميذه وقال ‪ :‬أن هذا من جوده وكرمه ف بذل العلم ‪،‬‬
‫واستشهد بقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ف البحر ‪ ( :‬هو الطهور ماؤه الل ميتته )‬
‫وهو ل يسأل إل عن الوضوء ف ماء البحر ‪،‬‬
‫‪ – 10‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الصوم جُـنّـة ‪،‬‬
‫وسبق معناها ف الشرح ‪،‬‬
‫وبناءً على هذا ‪ :‬فمن ل يكن صومه جنّة له فإنه ناقص ‪،‬‬
‫ولذا يرم على النسان تناول العاصي ف حال الصوم ‪،‬‬
‫ولكن هل تبطل الصوم ‪ ،‬أو ل ؟‬

‫‪253‬‬
‫يعن العاصي ف الصيام هذه مرمة ‪،‬‬
‫والصوم ل يفد ‪ ،‬فهل إذا فعلها النسان تبطل ؟ يبطل صومه ؟‬
‫فالواب ‪ :‬إن كان هذا الحرم خاصا بالصوم أفسد صومه ‪،‬‬
‫وإن كان عاما ل يفسده ‪،‬‬
‫مثال الول ‪ :‬يرم على الصائم الكل والشراب ‪ ،‬فلو أكل أو شرب فسد صومه ‪،‬‬
‫يرم على الصائم وغيه الغيبة ‪ :‬ذكرك أخاك با يكره ‪،‬‬
‫فلو أغتاب الصائم أحدا ترم غيبته ل يفسد صومه ‪،‬‬
‫لن هذا النهي ل يتص بالصوم ‪،‬‬
‫هذه القاعدة عند جهور أهل العلم ‪،‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ :‬إذا أتى الصائم با يرم ‪ ،‬ولو على سبيل العموم ‪ ،‬فسد صومه ‪،‬‬
‫واستدل بقول النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬من ل يدع قول الزور والعمل به والهل‬
‫فليس ل حاجة ف أن طعامه وشرابه ) ‪،‬‬
‫لكن ما ذهب إل المهور أصح ‪،‬‬
‫والديث إنا أراد النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم به أن يبي الكمة من الصوم ‪،‬‬
‫ل أن يبي فساد الصوم بقول الزور والعمل بالزور والهل ‪،‬‬
‫‪ – 11‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الصدقة تطفئ الطيئة ‪،‬‬
‫ففيه الث على الصدقة إذا كثرت خطاياك ‪،‬‬
‫فأكثر من الصدقة فإنا تطفئ الطيئة ‪،‬‬
‫وقد قال النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ( :‬كل امرئ ف ظل صدقته يوم القيامة ) ‪،‬‬
‫وقال ال نب صلى ال عل يه وعلى آله و سلم ‪ ( :‬سبعة يظل هم ال ف ظله يوم ل ظل إل ظله إمام‬
‫عادل – إل أن قال ‪ – :‬ورجل تصدق بصدقة فأطفأها حت ل تعلم شاله ما تنفق يينه ) ‪،‬‬
‫ومع ن الد يث ‪ :‬أ نه ف يوم القيا مة ل يس هناك ش جر ول مغارات ول جبال ول بناء ي ستظل به‬
‫الناس ‪،‬‬
‫إل الظل الذي يلقه ال عز وجل ‪،‬‬
‫فيستظل به فيظل به عباده ‪،‬‬
‫وهو إما ظل العرش كما قيل به أو غيه ‪،‬‬
‫الهم ‪ :‬أنه ل يوز أن نعتقد أن العن ‪ :‬ظل ال نفسه ‪،‬‬
‫فإن ال تعال نور السماوات والرض وحجابه النور ‪،‬‬

‫‪254‬‬
‫والظل يقتضي ثلثة أشياء ‪:‬‬
‫‪ – 1‬متظلل عنه ‪،‬‬
‫‪ – 2‬وظل ‪،‬‬
‫‪ – 3‬ومظلل ‪،‬‬
‫ما هو العلى منها ؟‬
‫الظلل عنه ‪،‬‬
‫ول يكن أن يكون فوق ال شيء ‪،‬‬
‫يكون ال هو الوسط بي الشمس وبي العباد هذا شيء مستحيل ‪،‬‬
‫وليس هذا من باب التأويل كما قيل به ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬بذا تأويل ‪،‬‬
‫أن جوابنا على هذا من وجهي ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬أن التأويل إذا دّل عليه بدليل فل مانع ‪،‬‬
‫فهاهم السلف ‪،‬‬
‫أوّلوا العية ‪ :‬بالعلم ‪،‬‬
‫خوفا من أن يظن أن العيّة بالذات ف نفس الرض ‪،‬‬
‫وأوّل الفقهاء ‪ :‬قول ال عز وجل ‪ { :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم } ‪،‬‬
‫بأن الراد ‪ :‬إذا أردت أن تقرأ ‪،‬‬
‫فالتأويل الذي دل عليه الدليل ليس تريفا ‪،‬‬
‫بل هو التفسي ‪ ،‬تفسي الكلم ‪،‬‬
‫والتأويـل الذموم ‪ :‬هـو ( التحريـف أن يصـرف الكلم عـن ظاهره بل معنً يالف الظاهـر بل‬
‫دليل ) ‪،‬‬
‫‪ – 12‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الطيئة فيها شيء من الرارة ‪،‬‬
‫لنه يعذب النسان عليها بالنار ‪،‬‬
‫والاء فيه شيء من البودة ‪،‬‬
‫ولذا شبه النب صلى ال عليه وسلم ذلك بالاء يطفئ النار ‪،‬‬
‫‪ – 13‬ومنها ‪ :‬حسن تعليم النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وما أكثر ما ير علينا حسن تعليمه صلوات ال وسلمه عليه ‪،‬‬
‫لن حسن تعليمه من تام تبليغه ‪،‬‬

‫‪255‬‬
‫وذلك بقياس الشياء العنوية على الشياء السية ‪:‬‬
‫( تطفئ الطيئة كما يطفئ الاء النار ) ‪،‬‬
‫‪ – 14‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬الث على صلة الليل ‪،‬‬
‫وبيان أنا تطفئ الطايا كما يطفئ الاء ‪،‬‬
‫‪ – 15‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬استدلل النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم بالقرآن ‪،‬‬
‫مع أن القرآن أنزل عليه ‪،‬‬
‫لكن القرآن يستدل به ‪،‬‬
‫لنه كلم ال مقنع لكل أحد وبذا تل هذه الية ‪ { :‬تتجاف جنوبم } ‪،‬‬
‫وإن قال قائل ‪ :‬ل يذ كر ف الد يث أ نه ا ستعاذ بال من الشيطان الرج يم ‪ ،‬و قد قال ال تعال ‪:‬‬
‫{ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم ‪ ....‬أل } ؟‬
‫فالواب ‪ :‬أن هذه الية ل يراد التلوة ‪،‬‬
‫وإنا يراد با الستدلل ‪،‬‬
‫والية الكرية ‪ { :‬وإذا قرأت القرآن } ‪،‬‬
‫يعن للتلوة ‪،‬‬
‫وأحاديث كثية من هذا النوع يذكر فيها الستشهاد باليات ‪،‬‬
‫ول يذكر فيها الستعاذة بال من الشيطان الرجيم ‪،‬‬
‫كثي من الخوة إذا أراد أن يقرأ قال ‪ :‬قال ال عز وجل ‪ :‬أعوذ بال من الشيطان الرجيم ‪ { :‬إنّا‬
‫أنزلناه ف ليلة القدر } ‪ ،‬كيف ؟‌ ‌‬
‫غلط ‪،‬‬
‫لنه قال ‪ :‬قال ال تعال ‪ { :‬أعوذ بال من الشيطان الرجيم } ‪،‬‬
‫أدخل أعوذ بال من الشيطان من الرجيم ‪،‬‬
‫فقلها قبل ‪ ،‬قل أعوذ بال من الشيطان الرجيم قال تعال ‪،‬‬
‫ولكن الذي مر علينا كثيا أناط أن ما قصد به الستدلل فإنه ل يتعوذ فيه ‪،‬‬
‫بلف ما قصد فيه التلوة ‪،‬‬
‫والية ظاهرة ‪ { :‬إذا قرأت القرآن فاستعذ بال } ‪،‬‬
‫‪ – 16‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬فضيلة أولئك القوم الذين تتجاف جنوبم عن الضاجع ‪،‬‬
‫ولكن بأي شغل يشتغلون ؟‬
‫بالصلة ‪ { ،‬يدعون ربم خوفا وطمعا } ‪،‬‬

‫‪256‬‬
‫وليس للذين { تتجاف جنوبم عن الضاجع } ف اللهو واللغو والرام ‪،‬‬
‫فإن هؤلء بقاؤهم ساهرين إما مكروه وإما مرم ‪،‬‬
‫حسب ما يشتغلون به ‪،‬‬
‫‪ – 17‬ومن فوائد الديث ‪ :‬من الية الت استشهد با رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬
‫أنه ينبغي للنسان أن يكون عند دعوة ال عز وجل خائفا راجيا ‪،‬‬
‫لقوله ‪ { :‬يدعون ربم خوفا وطمعا } ‪،‬‬
‫وهنا نسأل ‪ :‬هل الراد ‪ :‬دعاء العبادة ‪ ،‬أو دعاء السألة ‪ ،‬أو كلها ؟‬
‫كلها فأنت إذا عبدت ال كن خائفا راجيا تاف أن ل يقبل منك ‪،‬‬
‫كما قال ال عز وجل ‪ { :‬والذين يوفون ما أتوا وقلوبم وجلة } ‪ ،‬أي خائفة أل يقبل منهم ‪،‬‬
‫ولكن أحسن الظن بال أيضا كن راجيا ربك عز وجل حت تسي إل ال بي الوف والرجاء ‪،‬‬
‫وهذه مسألة اختلف فيها أهل السلوك أو أرباب السلوك ‪:‬‬
‫هل الول أن يغلب النسان جانب الرجاء ؟‬
‫أو الوْل أن يغلب جانب الوف ؟‬
‫أو ف ذلك تفصيل ؟‬
‫هل الول ‪ :‬أن يغلب جانب الرجاء ‪ ،‬أو جانب الوف ‪ ،‬أو يعل كلها سوا ًء ؟‬
‫فقال المام أحد رحه ال ‪ :‬ينبغي أن يكون خوفه ورجاءه واحدا فأيهما غلب هلك صاحبه ‪،‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ :‬ينبغي عند الوت أن يغلب جانب الرجاء وف حال الصحة جانب الوف‬
‫‪،‬‬
‫قال ‪ :‬لن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ل يوتن أحدكم إل وهو يسن الظن بال ) ‪،‬‬
‫أما ف حالة الصحة فيغلب جانب الوف ‪،‬‬
‫لجل أن يمله خوفه على الستقامة ‪،‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ :‬ف حال فعل الطاعة يغلب جانب الرجاء ‪ ،‬وف حال الم بالعصية يغلب‬
‫جانب الوف ‪،‬‬
‫وهذا حسن ‪،‬‬
‫وجه الول ‪ :‬أن ف حالة الطاعة يغلب جانب الرجاء ‪،‬‬
‫وهو أنه يقول ‪ :‬إن الذي منّ علي بذه الطاعة سيمنّ علي بقبولا فيجعل منّة ال عليه بقبولا ‪،‬‬
‫ويغلّب جانب الرجاء ‪،‬‬
‫ويقول ‪ :‬قمت با أمرت به وأرجو من ال الثواب ‪،‬‬

‫‪257‬‬
‫أما إذا ه ّم بالعصية فيغّلب جانب الوف ‪،‬‬
‫لئل يقع ف العصية ‪،‬‬
‫وهذا القول من حيث العن أحسن القوال ‪،‬‬
‫لكن مع ذلك ل نكم به على كل فرد ‪،‬‬
‫إذ قد يعرض للنسان حالت يغلب فيها الرجاء ‪،‬‬
‫وحالت يغّلب فيها الوف ‪،‬‬
‫لكن نن نتكلم عن الوف والرجاء ل باعتبار كل واحد ‪،‬‬
‫‪ – 18‬ومن فوائد الديث ‪ :‬ف ظل الية ‪ :‬فضيلة النفاق ما رزق ال العبد ‪،‬‬
‫لقوله ‪ { :‬وما رزقناهم ينفقون } ‪،‬‬
‫وهل الراد الرزق الطيب أو مطلق الرزق ؟‬
‫الية مطلقة ‪،‬‬
‫ولكن من اكتسب مالً مرما أو أنفق مالً مرما فل مدح ‪،‬‬
‫ل مدح له ‪،‬‬
‫واحد سرق ماله وراح يتصدق به ‪،‬‬
‫ما يستقيم هذا ‪،‬‬
‫إنسان تصدق بنير ل يستقيم ‪،‬‬
‫فعلى هذا نقول ‪ :‬الراد بالرزق هنا ماذا ؟‬
‫الرزق الطيب ‪،‬‬
‫‪ – 19‬من فوائد هذا الديث ‪ :‬أن رأس المر السلم ‪،‬‬
‫المر يعن أمر الدنيا والخرة رأسه السلم ‪،‬‬
‫فما هو السلم ؟‬
‫فالواب ‪ :‬هو ( ما بعث به النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ) ‪،‬‬
‫إذ بعد بعثته ل إسلم إل ما كان على شريعته انتبه !!‬
‫وعلى هذا لو سأل سائل ‪ :‬هل اليهود مسلمون ؟ هل النصارى مسلمون ؟‬
‫فالواب ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬أخطأت ‪،‬‬
‫وإن قلت ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫أخطأت اليهود ف حال قيام شريعة التوراة إذا اتبعوها مسلمون ‪،‬‬

‫‪258‬‬
‫وكذلك النصارى ف حال قيام النيل إذا اتبعوه فهم مسلمون ‪،‬‬
‫ولذا ف القرآن الكري ذكر السلم لؤلء وهؤلء ‪،‬‬
‫وأما بعد بعثة النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم فإن كل من كفر به ليس بسلم ‪،‬‬
‫حت لو قال ‪ :‬إن أسلمت ‪،‬‬
‫‪ – 20‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الصلة عمود الدين ‪،‬‬
‫والعمود ل يستقيم البناء إل به وهو دليل ‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫‪ – 21‬يتفرع على هذا ‪ :‬أن من ترك الصلة فهو كافر ‪،‬‬
‫من ترك الصلة فهو كافر ‪ ،‬لاذا ؟‬
‫لن العمود إذا سقط ل يستقم البناء ‪،‬‬
‫وهذا القول هو القول الرا جح الذي دل عل يه كتاب ال و سنة ر سول ال صلى ال عل يه وعلى‬
‫آله وسلم وأقوال الصحابة رضي ال عنهم حت حكي إجاعهم ‪،‬‬
‫حكي هذا القول إجاع الصحابة ‪،‬‬
‫وهو مقتضى النظر والقياس ‪ :‬إذ كيف لؤمن بال واليوم الخر أن يافظ على ترك الصلة ؟‬
‫سبحان ال ‪ ،‬هذا ل يكن أبدا ‪،‬‬
‫وماذا عنده إذا ل يصلي ؟‬
‫ليس عنده شيء ‪،‬‬
‫وقد كتبنا هذا ف رسالة موجودة والمد ل ‪،‬‬
‫لكنها تضمنت ذكر الدلة على كفر تارك الصلة ‪،‬‬
‫والواب عن قول من يقول ‪ :‬أنه ل يكفر ‪،‬‬
‫وليس عند من يقول ‪ :‬أنه ل يكفر ‪،‬‬
‫ليس عندهم دليل إل نصوص عامة تص بنصوص كفر تارك الصلة ‪،‬‬
‫أو نصوص قيدت با ل يكن مع هذا ‪،‬‬
‫أن يترك الصلة ‪،‬‬
‫أو نصوص قيدت لقيود ل يكن أن يقوم با النسان إل إذا كان كافرا والعياذ بال ‪،‬‬
‫الهم على كل حال الرسالة هذه ينبغي لكل إنسان أن يقرأها متجردا عن الوى ‪،‬‬
‫وف ظن أنا لو شاع هذا القول بي الناس ‪،‬‬
‫لرتدع كثي من الناس عن ترك الصلة ‪،‬‬
‫وأما إذا قيل ‪ :‬ترك الصلة فسق من الفسوق ‪،‬‬

‫‪259‬‬
‫فكثي من الناس ل يبال أن يكون فاسقا أو مستقيما ‪،‬‬
‫ويرى بعض أهل العلم من السابقي واللحقي ‪ :‬أن ترك صلة واحدة حت أخرج وقتها بل عذر‬
‫كفر ‪،‬‬
‫ولكن الذي أراه أنه ل يكفر إل إذا ترك الصلة نائيا ‪،‬‬
‫‪ – 22‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن الهاد ذروة سنام السلم ‪،‬‬
‫والذروة ‪ :‬هو ( الشيء العال ) ‪،‬‬
‫لنه إذا استقام الهاد فمقتضاه أن السلمي يكونون أن تكون كلمتهم هي العليا‬
‫وهذا هو ذروة السنام ‪،‬‬
‫ولكن يقيد هذا الطلق با إذا كان الهاد ف سبيل ال عز وجل يتعي هذا ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬سئل عن الرجل يقاتل حية يعن حية إذا قوى وعصبية‬
‫ويقاتل شجاعة لنه شجاع والشجاع يب أن القتال ‪،‬‬
‫كما أن من اعتاد صيد الطيور والرانب أحب ذلك ‪،‬‬
‫ويقاتل ليى مكانه ‪،‬‬
‫وف لفظ ‪ :‬يقاتل رياءً ‪،‬‬
‫أي ذلك ف سبيل ال ؟‬
‫عدل النب صلى ال عليه وسلم عن هذا كله ‪،‬‬
‫وقال ‪ ( :‬من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا فهي ف سبيل ال ) ‪،‬‬
‫هذا اليزان ‪،‬‬
‫ولذلك ند الذين قاتلوا من ينتسبون إل السلم قاتلوا حية ل ينجحوا ولن ينجحوا ‪،‬‬
‫ماذا حصل من قتال العرب لليهود ؟‬
‫حصل الفشل حصد الزية ‪،‬‬
‫لنم ل يقاتلون لتكون كلمة ال هي العليا ‪،‬‬
‫يقاتلون لاذا ؟‬
‫للقومية العربية ‪،‬‬
‫هذه القومية أتدرون ماذا حصل من الفاسد ؟‬
‫دخل فيهم النصارى واليهود من العرب ‪،‬‬
‫ما دام مناط الكم ‪ :‬العروبة ‪،‬‬
‫يدخل ف ذلك اليهود والنصارى والشيوعيون وغيهم إذا كانوا عربا ‪،‬‬

‫‪260‬‬
‫وهل يعقل أن يهوديا أو نصرانيا أو شيوعيا يقاتل لماية السلم ؟‬
‫أبدا ‪،‬‬
‫وخرج الليي من السلمي غي العرب ‪،‬‬
‫وصار ف نفوسهم شيء ‪،‬‬
‫ل يستفيدون من القتال ‪،‬‬
‫ولذا صارت الزية والفشل الذي ليس بعده استرداد للعزة والعلو ‪،‬‬
‫وإل قد يكون الزية يبتلي ال با ‪،‬‬
‫كما حصل ف أحد ‪،‬‬
‫ولكن استرد السلمون عزهم وعلوهم ‪،‬‬
‫أما نن فلم نزل ف هذا ؟‬
‫أرجوحة ‪،‬‬
‫كان الناس ف عنفوان العروبة كما يقولون عندهم ثلث لءات ‪،‬‬
‫يسمونم اللءات الثلثة ‪:‬‬
‫ل صلح ‪،‬‬
‫ل سلم ‪،‬‬
‫ول استسلم ‪،‬‬
‫الن اليهودي البيث ‪ :‬إيهود باراك جاب خس لءات ‪،‬‬
‫والعرب الن وراءهم يلهثون يطلبون الصلح ‪،‬‬
‫ولكن ما هو حاصل إل على ثروات العرب وربا دمائهم أيضا ‪،‬‬
‫فالهم أن الهاد الحمود الفروض على السلمي هو ‪:‬‬
‫( من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا ) ‪،‬‬
‫‪ – 23‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬أن ملك هذا كله كف اليد كف اللسان ‪،‬‬
‫يقول النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أل أخبك بلك ذلك كله ؟ ) ‪،‬‬
‫‪ – 24‬ومن فوائده ‪ :‬خطورة اللسان ‪،‬‬
‫من أخطر ما يكون ‪،‬‬
‫فإن الن سان رب ا يتكلم الكل مة من غ ضب ال ل يل قي ل ا بال ً‪ ،‬يهوي ب ا ف النار كذا وكذا‬
‫سنوات ‪،‬‬
‫وهو ما ألقى لا بالً ‪،‬‬

‫‪261‬‬
‫يتكلم بكلمة الكفر ما يلقي لا با ًل فيكفر والعياذ بال ‪،‬‬
‫وارتدع ‪،‬‬
‫ث خذ الغيبة الن الغيبة ملت الجالس إل من شاء ال ‪،‬‬
‫وهي من آفات اللسان ‪ :‬الكذب ‪،‬‬
‫من آفات اللسان ‪ :‬السب ‪،‬‬
‫مقابل ُة وجها لوجه ‪،‬‬
‫من آفات اللسان ‪ :‬النميمة من آفات اللسان ‪،‬‬
‫وخذ ‪،‬‬
‫فإذا حفظ النسان لسانه حفظه ال عز وجل ‪،‬‬
‫ولذا جاء ف الديث ‪ ( :‬من يضمن ل ما بي لييه وفخذيه أضمن له النة ) ‪،‬‬
‫يعن ‪ :‬من كف عن الزنا وعن القول الحرم فإنه يدخل النة ‪،‬‬
‫‪ – 25‬ومن فوائد هذا الديث ‪ :‬التعليم بالقول وبالفعل ‪،‬‬
‫لقوله ‪ :‬أخذ بلسانه ‪،‬‬
‫وقال ‪ ( :‬كف عليك هذا ) ‪،‬‬
‫ل يقل ‪ :‬كف عليك اللسان ‪،‬‬
‫أخذ بلسانه وقال ‪ ( :‬كف عليك هذا ) ‪،‬‬
‫لنه إذا حصل الفعل ‪،‬‬
‫سعت الذن ‪،‬‬
‫رأت العي ‪،‬‬
‫وانطبعت الصورة ف القلب ‪،‬‬
‫بيث ل ينسى ‪،‬‬
‫هذا السموع ينسى ‪،‬‬
‫لكن الرئي ما ينسى ‪،‬‬
‫يبقى ف صفحة الذهن إل ما شاء ال عز وجل ‪،‬‬
‫ولذا كان الصحابة رضي ال عنهم أحيانا ‪.‬‬

‫انتهى الوجه الثان من الشريط رقم (‪)14‬‬


‫لشرح الحاديث الربعي النووية‬

‫‪262‬‬
‫لفضيلة الشيخ ممد بن صال العثيمي رحه ال‬
‫وجعله ف ميزان حسناته‬

‫‪263‬‬
‫الديث الثلثون‬
‫عن أب ثعلبة الشن جرثوم بن ناشر رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫( إن ال تعال فرض فرائض فل تضيعوها ‪ ،‬و َح ّد حدودا فل تعتدوها ‪ ،‬وحرم أشياء فل تنتهكوها‬
‫‪ ،‬وسكت عن أشياء رحةً لكم غي نسيان فل تبحثوا عنها ) حديثٌ حسن ‪ ،‬رواه الدارقطن‬
‫وغيه ‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫الديث الادي والثلثون‬
‫عن أب العباس سهل بن العباس الساعدي رضي ال عنه قال ‪ :‬جاء رجلٌ إل النب صلى ال عليه‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬دلن على عملٍ إذا عملته أحبن ال وأحبن الناس ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ازهد ف‬
‫الدنيا يبك ال ‪ ،‬وازهد فيما عند الناس يبك الناس ) حديثٌ حسن ‪ ،‬رواه ابن ماجة وغيه‬
‫باسانيد حسنة ‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫الديث الثان والثلثون‬
‫عن أب سعيد سعد بن سنان الدري رضي ال عنه ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫( ل ضرر ول ضرار ) حديثٌ حسن رواه ابن ماجة والدارقطن وغيها مسندا ‪ ،‬ورواه مالك ف‬
‫الوطأ مرسلً عن عمرو بن يي عن أبيه عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأسقط أبا سعيد ‪ ،‬وله‬
‫طرقٌ يقوي بعضها بعضا ‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫الديث الثالث والثلثون‬
‫عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما ‪ :‬أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال ‪ ( :‬لو يُع طى الناس‬
‫بدعواهم ‪ ،‬لدّعى رجا ٌل دماء أقوامٍ وأموالم ‪ ،‬لكن البينة على الدعي ‪ ،‬واليمي على من أنكر )‬
‫حديثٌ حسن رواه البيهقي وغيه هكذا ‪ ،‬وبعضه ف الصحيحي ‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الشريط السادس عشر‬
‫أن هذه القبيلة قتلت صاحبهم والقاتل فلن عينته ‪.‬‬
‫فهنا ُمدّعي و ُمدّعَىً عليه ‪.‬‬
‫من ا ُلدّعي ؟‬
‫أولياء القتول ‪.‬‬
‫وا ُلدّعَىً عليه ‪ :‬القبيلة الثانية ‪.‬‬
‫إذا قلنا ‪ ( :‬البينة على ا ُلدّعي ‪ ،‬واليمي على من أنكر ) ‪.‬‬
‫وقلنا ‪ :‬البينة ليست الشاهد ‪ ،‬بل ما أبان الق ‪.‬‬
‫اختلف الكم ‪.‬‬
‫ولو قلنا ‪ :‬إن البينة ‪ :‬الشاهد ‪.‬‬
‫لقلنا لل ُمدّعي ‪ :‬هاتوا بينة على أن فلنا قتله ‪.‬‬
‫وإل فل شيء له ‪.‬‬
‫لكن السنة جاءت على خلف هذا ‪.‬‬
‫جاءت بأن الدعي يلفون على هذا الرجل أنه قتل صاحبهم ‪.‬‬
‫يلفون خسي يينا بأنه قتل صاحبهم ‪.‬‬
‫فإذا حلفوا فهو كالشهود تاماَ ‪.‬‬
‫يأخذون برمته ويقتلونه ‪.‬‬
‫ل من‬
‫هذه وقعت ف عهد النب صلى ال عليه وسلم وقضى با على أنه إذا حلف خسون رج ً‬
‫أولياء القتول فإنم يستحقون قتل الدعى عليه ‪.‬‬
‫وهذا هو الق ‪.‬‬
‫وإن كان بعض السلف واللف أنكر هذا ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬كيف لم بأيْماِنهِم وهم مدعون ‪.‬‬
‫فيقال ‪ :‬السنة هنا مطابقة تاما للواقع ‪.‬‬
‫لن مع الدعي قرينة تدل على أنه قتل صاحبهم ‪.‬‬
‫وهي العداوة ‪.‬‬
‫فهذا القتيل رئِ َي عند القبيلة الخرى ا ُلدّعى عليها مقتولً ‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫الديث الرابع والثلثون‬
‫عن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ( :‬من‬
‫رأى من كم منكرا فليغيه بيده ‪ ،‬فإن ل ي ستطع فبل سانه ‪ ،‬فإن ل ي ستطع فبقل به ‪ ،‬وذلك أض عف‬
‫اليان ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫الديث الامس والثلثون‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل تاسدوا ‪ ،‬ول‬
‫تناجشوا ‪ ،‬ول تباغضوا ‪ ،‬ول تدابروا ‪ ،‬ول يبع بعضكم على بيع بعض ‪ ،‬وكونوا عباد ال إخوانا‬
‫‪ ،‬السلم أخو السلم ‪ ،‬ل يظلمه ‪ ،‬ول يذله ‪ ،‬ول يكذبه ‪ ،‬ول يقره ‪ ،‬التقوى هاهنا – ويشي إل‬
‫صدره ثلث مرات – بسب امرئٍ من الشر أن يقر أخاه السلم ‪ ،‬كل السلم على السلم حرام‬
‫دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫الديث السادس والثلثون‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬من فرّج عن مسلمٍ ُكرَْب ًة من‬
‫سرَ ال عليه ف‬
‫سرٍ يَ ّ‬
‫س َر على مُعْ ِ‬
‫ُك َربِ الدنيا فرّج ال عنه ُكرَْب ًة من ُك َربِ يوم القيامة ‪ ،‬ومن يَ ّ‬
‫الدنيا والخرة ‪ ،‬ومن ستر مسلما ستره ال ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وال ف عون العبد ما كان العبد‬
‫ف عون أخيه ‪ ،‬ومن سلك طريقا يلتمس به علما َسهّلَ ال له به طريقا إل النة ‪ ،‬وما اجتمع قومٌ‬
‫ت من بيوت ال يتلون كتاب ال ويتدارسونه فيما بينهم إل نزلت عليهم السكينة ‪،‬‬
‫ف بي ٍ‬
‫وغشيتهم الرحة ‪ ،‬و َحفّ ْتهُم اللئكة ‪ ،‬وذَ َك َر ُهمْ ال فيمن عنده ‪ ،‬ومن بطأ به عمله ل يسرع به‬
‫نسبه ) رواه مسلم بذا اللفظ ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫الديث السابع والثلثون‬

‫‪272‬‬
‫الديث الثامن والثلثون‬

‫‪273‬‬
‫الديث التاسع والثلثون‬

‫‪274‬‬
‫الديث الربعون‬

‫‪275‬‬
‫الديث الادي والربعون‬

‫‪276‬‬
‫الديث الثان والربعون‬

‫‪277‬‬

You might also like