You are on page 1of 194

‫‪.

‬‬
‫‪1‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل والصالة والسالم عىل رسول اهلل وعىل آله وصحبه ومن اهتدى هبداه‪ ،‬أمـا بعـدُ ‪:‬‬
‫فهذا منهج دورة رشح كتاب التوحيد للمرحلة الثانية‪ ،‬والذي بدأنا فيه من باب ماجاء يف السحر‬
‫حتى امتمنا دراسة أبواب الكتاب ‪ ،‬ووضعناه يف سؤال وجواب‪ ،‬خمترص يف موانن ففيد‬
‫االختصار فيها وذلك تيسريا لطلبة العلم مراجعة وتثبيت مادة الرشح ‪.‬‬
‫وألمهية ما ذكره الشيخ صالح حفظه اهلل يف مقدمة اجلزء األول من هذا الرشح ‪ ،‬نجدد ذكرها‬
‫يف هذا اجلزء ونبتدئ هبا حيث أنه الغنى لطالب علم عن الرتغيب والتذكري يف نرفقه للطلب‪،‬‬
‫قال الشيخ حفظه اهلل يف استهالله لرشح هذا الكتاب العظيم النفع ‪:‬‬
‫والرغبة فيه‪ ،‬واحلرص واإلقبال عليه‪ ،‬دليل صحة القلوب؛ ألن القلب إذا‬
‫إن االهتامم بالعلم‪ّ :‬‬
‫سيحرص عىل العلم؛ ذلك ألن اهلل جل جالله مدح أهل‬ ‫ِ‬ ‫صح لنفسه‪ ،‬وعرف ما فنف ُعه فإنه‬ ‫َّ‬
‫العلم‪ ،‬ورفعهم عىل غريهم درجات‪ ،‬قال سبحانه ﴿ َف ْر َف ِع اهللَُّ ا َّل ِذف َن آ َمنُوا ِمنْك ُْم َوا َّل ِذف َن ُأوتُوا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ا ْلع ْل َم َد َر َجات﴾ [املجادلة‪ ،]11:‬وقال جل وعال‪َ ﴿ :‬أ َّم ْن ُه َو َقان ٌت آنَا َء ال َّل ْي ِل َساجدً ا َو َقائ ًام َ ْ‬
‫َي َذ ُر‬
‫ْح َة َر ِّب ِه ُق ْل َه ْل َف ْست َِوي ا َّل ِذف َن َف ْع َل ُمو َن َوا َّل ِذف َن َال َف ْع َل ُمو َن إِن ََّام َفت ََذك َُّر ُأو ُلو‬
‫ْاْل ِخ َر َة َو َف ْر ُجو َر ْ َ‬
‫ْاألَ ْل َب ِ‬
‫اب﴾[الزمر‪ ،]9:‬فعدم استواء من فعلم مع من ال فعلم‪ ،‬هذا إنام فذكره وفعيه أهل األلباب؛‬
‫(إِن ََّام َفت ََذك َُّر ُأ ْو ُلوا ْاألَ ْل َب ِ‬
‫اب)‪.‬‬
‫وأما اجلاهل‪ :‬فهو ال فعرف أنه جاهل‪ ،‬وفقنع باجلهالة‪ ،‬ثم هو ال فعلم معنى العلم وأمهية العلم‪،‬‬
‫وأن العلم هو الرشف األعظم يف هذه احلياة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وهلذا قال العلامء‪ِ :‬من دالئل أمهية العلم أن اهلل جل جالله ما أمر نبيه ‪ ‬أن فد ُع َو باالزدفاد من‬
‫﴿و ُق ْل َر ِّب ِز ْد ِِن ِع ْل ًام﴾[نه‪ ،]111:‬وكفى بذلك رشفا‪.‬‬
‫يشء إال من العلم‪ ،‬فقال سبحانه لنبيه َ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫والعلم فشرتك كثريون يف االهتامم به‪ :‬لكنهم ال فستوون يف أخذه‪ ،‬وال يف نرفقة حتصيله‪.‬‬
‫ف ُهم يف هذا عىل نبقات‪:‬‬
‫املتعجل‪ :‬الذي فظن أن العلم َُي َّصل يف أسابيع‪ ،‬أو يف أههر‪ ،‬أو يف سن ن معدودة‪ ،‬وهذا‬
‫ِّ‬ ‫فمنهم‬
‫بعيد عن الصواب؛ ألن العلم ال ِ‬
‫فنتهي حتى فموت املرء‪ ،‬وفبقى من العلم أهياء كثرية مل فعلمها‪،‬‬
‫فإن العلم واسع األنراف واجلنبات‪ ،‬واهلل جل وعال هو ذو العلم الكامل‪ ،‬وأعطى البرش‬
‫بمجموعهم بعض علمه‪ ،‬فهذا ففوت عليه يشء من العلم‪ ،‬وذاك ففوت عليه يشء من العلم؛‬
‫ولكن بمجموعهم لو ُُجع علمهم لكان هيئا قليال جدا من علم اهلل‪ ،‬كام تضع اإلبرة يف البحر‬
‫ثم خترجها مل ت ِ‬
‫ُنقص من ماء البحر هيئا‪.‬‬
‫وإذا كان كذلك‪ :‬فإن َر ْو َم العلم ال فمكن أن فكون بإنالق؛ بل فنبغي لطالب العلم أن فكون‬
‫متدرجا فيه؛ والتدرج ُسنة ال بد منها‪ ،‬فهي سنة النبي ‪ ،‬وسنة أصحابه‪ ،‬وهي سنة أهل العلم‬
‫من بعدهم؛ فالنبي ‪ ‬ما ع ّلم الصحاب َة العلم ُجلة واحدة‪ ،‬وإنام ع َّلمهم يف سن ن عددا‪ ،‬يف مكة‬
‫علمهم أصل األصول‪ ،‬الذي به سالمة القلب والعقل وصحتهام‪ ،‬أال وهو توحيد اهلل جل‬
‫جالله‪ ،‬والرباءة من كل ما سوى الرب جل وعال‪ ،‬ثم بعد ذلك أتى العلم هيئا فشيئا لصحابة‬
‫رسول اهلل ‪ٌّ ،‬‬
‫وكل أخذ من العلم بقدر ما ُف ِِّّس له و ُقدّ ر له‪.‬‬
‫هكذا أهل العلم من بعد الصحابة‪ :‬ال جتد َّ‬
‫أن أولئك خاضوا العلم خوضا واحدا‪ ،‬فمنهم من‬
‫ّبرز يف العربية‪ ،‬ومنهم من ّبرز يف علم األصول‪ ،‬ومنهم من ّبرز يف التفسري‪ ،‬ومنهم من ّبرز يف‬
‫احلدفث‪ ،‬ومنهم من ّبرز يف علوم اْللة األخرى كاملصطلح ونحوه‪ ،‬ومنهم من ب ّرز يف الفقه‪،‬‬
‫وهكذا يف علوم هتى‪ ،‬وقد كانت وصية ابن ههاب الزهري‪ ،‬التي البد أن نحفظها‪ ،‬حيث قال‪:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫(من رام ِ‬
‫العلم ُجلة‪ ،‬ذهب عنه ُجلة‪ ،‬إنام ُفطلب العلم عىل مر األفام والليايل)‪ ،‬فاملتعجلون ال‬ ‫َ َ‬
‫َيص ّلون العلم‪ ،‬فال بد ‪-‬إذن‪ -‬من التدرج‪.‬‬
‫املتذوق‪ :‬أهل التذوق يف أخذ العلم؛ فأيت وفطلب علام ما مدة قليلة‪ ،‬ثم فأيت وَيكم عىل‬
‫ِّ‬ ‫ومنهم‬
‫هذا العلم‪ ،‬أو َيكم عىل من ُفع ّلم ذاك العلم‪ ،‬وأفضا فنتقل إىل آخر‪ ،‬ثم َيكم عىل ذلك العلم‬
‫ٍ‬
‫ونقص يف اإلدراك‬ ‫ٍ‬
‫نقص يف العلم‪،‬‬ ‫اْلخر‪ ،‬وعىل من ُفع ّلم ذلك العلم اْلخر‪ ،‬وهذا دليل‬
‫والعقل؛ ألن العلوم ال ََي ُكم عليها إال َمن حواها من ُجيع جنباهتا‪ ،‬وأحاط من ورائها‪ ،‬وهذا ال‬
‫فتأتى ألكثر الذفن فتذوقون؛ فتجد أنه يف مدة من الزمن أههر أو سنة حرض عند فالن من أهل‬
‫العلم‪ ،‬أو ِمن املع ِّلم ن من نلبة العلم‪ ،‬فحكم عىل نفسه‪ ،‬أو عىل ذلك املُع ِّلم بأنه كذا وكذا‪ ،‬ثم‬
‫انتقل إىل غريه‪.‬‬
‫تعجل‪ ،‬وكان متذوقا يف‬
‫َيصل علام كثريا؛ ذلك ألنه َّ‬
‫ثم يف النهافة‪ :‬جتد أن هذا النوع فيأس‪ ،‬وال ّ‬
‫العلم‪ ،‬والتذوق بمعنى كثرة التنقل‪ ،‬واألخذ من هذا بيشء واألخذ من ذاك بيشء‪ ،‬فهذا ال فكون‬
‫عرفوا األدب بأنه‪:‬‬
‫املرء به عاملا‪ ،‬وال نالب علم‪ ،‬وإنام كام قال األولون فكون (أدفبا)؛ ألهنم ّ‬
‫(األخذ من كل علم بطرف)‪ ،‬وهذا مما ال فنبغي أن ُفسلك‪ ،‬فعني‪ :‬أن فكون نالب العلم الذي‬
‫أراد صحة العلم‪ ،‬وصحة السلوك فيه‪ ،‬ال فصلح أن فكون متذوقا‪.‬‬
‫عزفز جدا‪ :‬بأن حتف كام حف األولون‪.‬‬
‫وتأصيل العلم ونلبه أمره ٌ‬
‫انظر إن كنت معتربا‪ :‬لكتب الرتاجم‪ ،‬حيث ترجم أولئك املصنفون ألهل العلم؛ يف ترُجة إمام‬
‫من األئمة‪ ،‬أو حاف ٍ من احلفاظ‪ ،‬جتد أهنم فذكرون يف أوائل ترُجته أنه قرأ الكتاب الفالِن من‬
‫الكتب القصرية من املتون املخترصة‪ ،‬وقرأ الكتاب الفالِن‪ِ ،‬‬
‫وحف كذا‪ ،‬وحف كذا‪ ،‬فذكرون‬
‫هذا وجيعلو نه منقبة ألولئك؟ ألن حف تلك املتون‪ ،‬وقراءة تلك املخترصات هي نرفقة العلم‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫يف الواقع‪ ،‬وهذه ُسنة العلامء‪ ،‬و َمن تركها فقد ترك سنة العلامء يف العلم والتعليم‪ ،‬منذ تش َّعب‬
‫العلم بعد القرن الرابع اهلجري‪ ،‬وهلذا ف ينبغي لك أن تكون حرفصا عىل التأِن يف نلب العلم‪،‬‬
‫وأن ُحت ِكم ما تسمع وما تقرأ هيئ ًا فشيئا‪.‬‬

‫ومن املهامت أفضا‪ :‬أالّ تُدخل عقلك إال صورة صحيحة من العلم‪ ،‬فال َّ‬
‫هتتم بكثرة املعلومات‪،‬‬
‫بقدر ما هتتم ْ‬
‫بأن ال فدخل العقل إال صورة صحيحة للعلم‪ ،‬إذا أردت أن تتناوهلا تناولتها‬
‫باالحتجاج أو الذكر أو االستفادة‪ ،‬تناولتها تناوال صحيحا‪ ،‬أما إذا كنت تُدخل يف عقلك مسائل‬
‫كثرية‪ ،‬وإذا أتى النقاش حلظت من نفسك َّ‬
‫أن هذه املسألة فهمتها عىل غري وجهها‪ ،‬والثانية‬
‫فهمتها عىل غري وجهها‪ ،‬بأن كان هلا قيدٌ مل هتتم به‪ ،‬وهلا ضوابط ما اعتنيت هبا‪ ،‬فتكون الصور يف‬
‫الذهن كثرية‪ ،‬وتكون املسائل كثرية؛ لكن غري منضبطة‪ ،‬وليس ذلك بالعلم‪.‬‬
‫إنام العلم‪ :‬أن تكون الصورة يف الذهن للمسألة العلمية منضبطة؛ من جهة (صورة املسألة)‪،‬‬
‫ومن جهة (احلكم عليها)‪ ،‬ومن جهة (الدليل)‪ ،‬ومن جهة (وجه االستدالل)‪.‬‬
‫فهذه األربع هتتم هبا جدا‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬صورة املسألة‪ .‬الثانية‪ :‬حكم املسألة‪ .‬الثالثة‪ :‬دليلها‪ ،‬بمعرفة دليل َمن قال كذا وكذا‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬وجه االستدالل‪ .‬بأن تعرف عندما استدل فالن بدليل‪ ،‬كيف أعمل عقله فيه فاستنبط‬
‫منه احلكم؟‪.‬‬
‫عودت ذهنك عىل هذه األربع‪ِِ :‬ست مسريا ج ّيدا يف فهم العلم‪ ،‬والذي َييط باللغة‬
‫فإذا ّ‬
‫هيتم بألفاظ أهل العلم‪ ،‬وبلغة العلم‪ ،‬مل‬ ‫العربية‪ ،‬وهيتم بألفاظ أهل العلم؛ وصل؛ َّ‬
‫ألن من مل ّ‬
‫فدرك مرادهم من كالمهم‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫بــــــــــاب مــــــــــا جـــــــــاء فـــــي السحـــــــر‬

‫‪ ‬ما حكم السحر؟ وكيف يصل الساحرإلى حقيقة السحر؟‬

‫السحر أحد نو اقض اللسام ألنه شرك باهلل لسبحانه وتعالى‪ ،‬وكل لساحر مشرك؛ ألنه ل يمكن للساحر أن‬

‫يصل إلى روح وقلب من ُيراد صرفه أوالعطف إليه إل بالشرك؛ ألن الشيطان هوالذي يؤثرعلى النفس بالصرف‬
‫ُ‬
‫أو العطف‪ ،‬ولن يخدم الشيطان هذا الساحر إل بعد أن يشرك باهلل جل وعا‪ ،‬ويكفر به‪ ،‬ويس َّبه جل وعا‪،‬‬

‫ويسب نبيه ﷺ‪ُ ،‬ويهين املصحف‪.‬‬


‫َّ‬

‫ول يصل الساحر إلى حقيقة السحر في جميع أنواعه إل بالستخدام الشياطين التي ل تخدم إل من يتقرب إليها‬
‫ً‬
‫بالذبح لها‪ ،‬واللستعاذة واللستغاثة بها‪ ،‬ويصرف إليها شيئا من أنواع العبادة‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على تحريم السحر؟‬


‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫ِخاق﴾ الية‪1.‬‬ ‫قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ولقد َع ِل ُموا مل ِن اشت َر ُاه َما ل ُه ِفي ال ِِخ َر ِة ِمن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫﴿مل ِن اشت َر ُاه﴾ يعني‪ :‬اشترى السحر‪ ،‬وحقيقة الشراء أن تشتري لسلعة وتدفع ثمنها‪ ،‬تأِخذ ُمثمنا وتدفع ثمنا‪،‬‬

‫والساحراشترى السحربدل توحيده‪ ،‬فالثمن هو التوحيد واليمان باهلل وحده‪ ،‬واملثمن هو السحرالذي اشتراه‬
‫َّ‬
‫وتعلمه وعمل به ‪.‬‬

‫‪[ 1‬البقرة‪.]101 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫ََ‬ ‫َ‬
‫ووجه اللستدلل من هذه الية‪َ ﴿ :‬ما ل ُه ِفي ال ِِخ َر ِة ِمن ِخاق﴾ يعني‪ :‬من نصيب‪ ،‬فاملشرك ليس له في الِخرة من‬
‫ً‬
‫عوضا عن هذا الذي اشتراه وتعلمه‪.‬‬ ‫نصيب‪ ،‬ألنه جعل دينه‬
‫ً‬
‫‪ ‬اذكردليا في ذم أهل الكتاب الذين يؤمنون بالسحر‪ ،‬مع بيان أقوال الصحابة فيها‪.‬‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫وت﴾الية‪ ،2‬وهذا في ذم أهل الكتاب‪ ،‬ويكثر ذلك في اليهود‪ .‬فإنهم ملا‬‫قوله تعالى‪﴿ :‬يؤ ِمنون ِبال ِجب ِت والطاغ ِ‬
‫آمنوا بالسحر ذمهم هللا جل وعا ولعنهم وغضب عليهم‪ ،‬وهذا يفيد أنه من املحرمات ومن الكبائر‪ ،‬و أنه شرك‬

‫باهلل جل وعا إذا كان فيه إشراك به تعالى وجميع أصناف السحركذلك‪.‬‬

‫قال عمربن الخطاب رض ي هللا عنه‪( :‬الجبت‪ :‬السحر‪ ،‬والطاغوت‪ :‬الشيطان)‪.‬‬

‫الجبت‪ :‬السم يشمل أشياء كثيرة من أظهرها عند اليهود (السحر)‪.‬‬

‫الطاغوت‪ :‬الشيطان‪ ،‬وهو كل ما توجهوا إليه بالطاعة‪َ ،‬وب ُعد عن الحق والصواب‪.‬‬

‫قال جابر‪( :‬الطواغيت‪ :‬كهان‪ ،‬كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد)‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن السحرهو أحد املوبقات السبع التي تجعل صاحبها في هاك وِخسارفي الدنيا والِخرة؟‬

‫للا َو َما ُه ّن؟‬


‫َ ُ َ ّ‬
‫ات» قالوا‪ :‬يا َرلسول ِ‬
‫ّ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫وبق ِ‬ ‫عن أبي هريرة رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪« :‬اجت ِنبوا السبع امل ِ‬
‫َّ ّ‬ ‫الرَبا‪َ ،‬و َأك ُل َمال َ‬
‫الي ِت ِيم‪َ ،‬والت َو ِلي َيو َم‬ ‫هللا َّإل بال َح ّق‪َ ،‬و َأك ُل ّ‬
‫التي َح َّر َم ُ‬
‫النفس َّ‬ ‫َ ّ ُ َ َ ُ َّ‬
‫ل‬ ‫ت‬ ‫ق‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬‫ح‬ ‫الس‬‫و‬ ‫اهلل‪،‬‬‫ب‬ ‫ك‬
‫ّ‬
‫الشر ُ‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫َق َ‬
‫ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ ََ‬ ‫َّ‬
‫ات»‪.‬‬‫ات املؤ ِمن ِ‬
‫ات الغا ِف ِ‬ ‫ف‪ ،‬وقذف املحصن ِ‬ ‫الزح ِ‬
‫ُ‬
‫وجه اللستدلل من ذلك أن السحرمن املوبقات‪ ،‬واملوبقات‪ :‬هي التي توبق صاحبها وتجعله في هاك وِخسارفي‬
‫ً‬
‫الدنيا وفي الِخرة‪ ،‬وهذه السبع هي أكبر الكبائر‪ ،‬وعطف السحر على الشرك باهلل في هذا الحديث ليس عطفا‬

‫بين متغايرين ‪-‬في الحقيقة‪ ،-‬و إنما هو عطف بين ِخاص وعام‪ ،‬فالشرك باهلل يكون بالسحر ويكون بغيره‪،‬‬
‫َ‬
‫فعطف السحرعلى الشرك للتنصيص عليه‪.‬‬

‫‪[ 1‬النساء‪.]11:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫ما عقوبة الساحر؟ وما الدليل على ذلك؟‬ ‫‪‬‬


‫الصحيح‪ :‬أن الساحر يقتل من أي نوع كان سحره‪ .‬واِختلف العلماء في ّ‬
‫حد الساحرعلى عدة أقوال‪:‬‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫مطلقا بسبب الكفر ّ‬
‫والردة؛ ألن السحرل يكون إل بشرك‪.‬‬ ‫‪ :)1‬أنه يقتل‬
‫ً‬
‫‪ :)2‬أنه يقتل ّردة إذا كان سحره بشرك‪ ،‬ويقتل حدا إذا كان سحره أدى إلى قتل غيره بغيرما فيه إشراك ِمن‬

‫مثل‪ :‬السحرباألدوية والتعويذات ونحو ذلك‪.‬‬


‫ُ‬
‫‪ :)3‬قول شيخ اللسام ابن تيمية ‪:‬الساحر كالزنديق‪ ،‬وقد ل تدرك حقيقة سحره‪ ،‬فيترك أمر قتله إلى المام‬
‫ََ‬
‫بحسب ما يراه‪ ،‬فإن رأى املصلحة الشرعية في قتله قتله‪ ،‬وإل عاقبه بما دون القتل‪.‬‬

‫حد ردة؛ ألن حقيقة السحرل ّبد أن يكون فيه إشراك باهلل جل وعا‪،‬‬
‫والصحيح من هذه األقوال أنه في الجميع ّ‬

‫فمن أشرك باهلل جل وعا فقد ارتد و ّ‬


‫حل دمه وماله‪.‬‬
‫َ‬
‫اح ِرضرُب ُه‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬
‫فالساحرمن أي نوع حده القتل‪ ،‬ولم يفصل بين لساحرولساحر؛ ملا جاء عن جندب مرفوعا‪( :‬حد الس ِ‬
‫َ )‬ ‫َ‬
‫ف) رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬الصحيح أنه موقوف‪ُ .‬رويت هكذا‪( :‬ضرُب ُه) بالهاء وهي األصح‪ ،‬ورويت (ضرَبة)‬ ‫َّ‬
‫بالسي ِ‬
‫َ )‬
‫بالتاء‪ ،‬فعلى رو اية (ضرَبة) ل يكون لها مفهوم؛ يعني إن مات بضربة وإل يضرب ضربتين أو ثاث؛ ألن العدد ل‬

‫مفهوم له‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرما يدل على فهم الصحابة رضوان هللا عليهم أن حد كل لساحرهو القتل مهما اِختلف نوع سحره‪.‬‬

‫ما جاء في صحيح البخاري عن بجالة‪ ،‬قال‪ :‬كتب عمربن الخطاب رض ي هللا عنه‪( :‬أن اقتلوا كل لساحرولساحرة‪،‬‬

‫قال‪ :‬فقتلنا ثاث لسواحر)‪ ،‬هذا ظاهر في األمر بقتل الساحر والساحرة بدون تفصيل؛ ألن حقيقة السحر ل‬

‫تكون إل بالشرك باهلل جل وعا‪ ،‬وذلك ّردة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وصح عن حفصة رض ي هللا عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها‪ ،‬فق ِتلت‪ ،‬وكذلك صح عن جندب قال أحمد‪:‬‬

‫لسواء قلنا ُيقتل لحد الردة أو ُيقتل‬


‫ً‬ ‫عن ثاثة من أصحاب النبي ﷺ‪ ،‬يعني أن الساحريجب أن ُيقتل وهذا حده‪،‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫ً‬
‫تعزيرا‪ ،‬فالصحابة رضوان هللا عليهم أفتوا بقتله وأمروا بقتله‪ ،‬وذلك بدون تفريق‪ ،‬وهذا هو‬ ‫لحد القتل أو ُيقتل‬

‫الواجب أن ل يفرق بين نوع ونوع‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على املسلمين في مواجهة السحروالسحرة؟‬

‫ً‬
‫وإنكارا للمنكر عن كل‬ ‫الواجب على املسلمين أن يحذروا السحر بأنواعه‪ ،‬وأن يتعاونوا في الباغ براءة للذمة‬
‫ً‬
‫الستخداما لش يء من الخر افات أو السحرونحوذلك؛ ألنه كما قال األئمة‪ :‬ما يدِخل‬ ‫من يعلمون عنده شعوذة أو‬
‫َ‬
‫السحرة إلى بلد إل ويفشون فيها الفساد والظلم والعتداء والطغيان‪ ،‬ذلك ألنهم يستخدمون الشياطين التي‬

‫تطيعهم‪ ،‬أعاذنا هللا منهم ومن أقوالهم وأعمالهم وتأثيراتهم‪.‬‬

‫باب بيان شيء من أنواع السحر‬

‫‪ ‬قد يأتي السحر في النصوص ول ُيراد منه السحرالذي يكون بالشرك باهلل جل وعا‪ّ .‬‬
‫وضح ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫السم السحرعام في اللغة‪ ،‬يدِخل فيه ذلك اللسم الخاص الذي فيه الستعانة بالشياطين وتقرب إليها وعبادتها‬
‫ُ‬
‫لتخدم الساحر‪ ،‬وقد يكون بألسماء أِخرى لكن الشارع يطلق عليها أنها سحر وليست كالسحر األول في الحقيقة‬

‫ول في الحكم‪ ،‬فهو درجات‪.‬‬


‫ََ‬ ‫ّ‬
‫لسح ًرا»‪ ،‬البيان‬ ‫ً‬
‫سحرا‪ :‬البيان‪ .‬عن ابن عمر رض ي هللا عنهما‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪ِ « :‬إن من البي ِان ِ‬ ‫ومما يسمى‬

‫ليس فيه الستعانة بالشياطين ولكنه داِخل في حقيقة السحراللغوية؛ ألن له تأثيرِخفي على القلوب‪ ،‬فإن الرجل‬
‫ً‬ ‫ََ‬
‫البليغ ذا البيان وذا اليضاح وذا اللسان الجميل الفصيح يؤثرعلى القلوب حتى يسبيها‪ ،‬وربما قل َب الحق باطا‬
‫ً‬
‫حقا لبيانه‪ُ ،‬‬
‫فسمي ً‬
‫سحرا لخفاء وصوله إلى القلوب‪ ،‬وقلب رأي وفهم املخاطب من ش يء إلى آِخر‪ ،‬كذلك‬ ‫والباطل‬
‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫ما ذكر من أن (الطيرة من السحر) فالطيرة نوع اعتقاد‪ ،‬كذلك (العيافة) وهي شبيهة بها أو ببعض أنواعها‪،‬‬

‫كذلك (الخط في الرمل)‪ ،‬ونحو ذلك من األشياء التي ربما أطلق عليها أنها سحر وهي ليست كالسحر األول في‬
‫ّ‬
‫الحد‪ ،‬ول الحقيقة‪ ،‬ول في ُ‬
‫الحكم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ما منالسبة باب (بيان ش يء من أنواع السحر) للباب الذي قبله؟‬

‫‪ ‬بيان أن أنواع السحرمنها ما هو شرك أكبرباهلل جل وعا‪ ،‬وهو املراد إذا قلنا السحروهذه هي الحقيقة‬

‫العرفية‪ .‬وهناك في ألفاظ الشرع أشياء يكون املرجع فيها إلى الحقيقة اللغوية‪ ،‬وهناك أشياء يكون‬

‫املرجع فيها إلى الحقيقة العرفية‪ ،‬ويكون هناك أشياء املرجع فيها إلى الحقيقة الشرعية‪ .‬وهنا في هذا‬
‫ً‬
‫عرفا أنه سحر‪ ،‬ويطلق عليه ش ً‬ ‫ً‬
‫رعا‬ ‫الباب ذكرما يشمل كل ما يطلق عليه لغة أنه سحر‪ ،‬ويطلق عليه‬

‫أنه سحر‪.‬‬
‫فالحد الذي فيه ّ‬
‫حد الساحر ضربه بالسيف ل ينطبق على كل هذه‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬التفريق بين هذه األنواع مهم‪،‬‬
‫) ً‬
‫لغة وليست بسحر ً‬
‫شرعا‪.‬‬ ‫األنواع؛ ألنها سحر‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫واصطاحا؟ وما الدليل أنها من السحر؟‬ ‫‪ ‬ما هي العيافة لغة‬
‫ّ‬
‫العيافة مأِخوذة من عياف الش يء وهو تركه‪ ،‬عاف الش َيء يعافه إذا تركه فلم تب ِغ ِه نفسه‪ .‬وهي َزج ُرالطي ِر‪ ،‬وهذا‬
‫طيرا حتى ينظرإلى أين يتحرك‪ ،‬ثم ينظربعد ذلك هل هذا األمرالذي ُ‬
‫لسيقدم‬ ‫أحد معانيها‪ ،‬وزجرالطيرأن ّ‬
‫يحرك ً‬
‫ّ‬
‫عليه أمرمحمود أو أمرمذموم‪ ،‬أو يطلع بزجرالطيرعلى مستقبل الحال‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والدليل أنها من السحر ما روي عن النبي ﷺ أنه قال‪« :‬إن العيافة‪ ،‬والطرق‪ ،‬والطيرة من الجبت»‪ .‬فهي نوع من‬

‫الجبت وهو السحر‪ ،‬والسحر ش يء ِخفي يؤثر على النفوس‪ ،‬والعيافة من التأثر بالطير وبزجرها وبانتقالها أو‬
‫ِ‬
‫بحركتها ش يء ِخفي دِخل في النفس فأثرعليها من جهة القدام أو الكف‪ ،‬فصار ً‬
‫نوعا من السحرألجل ذلك‪ ،‬وهو‬

‫جبت ألنه ش يء مرذول يصرف عن الحق ّأدى إلى القبال أو المتناع‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪ ‬ما معنى الطيرة؟ وما حقيقتها؟‬


‫ّ‬
‫فالط َي َرة أعم من العيافة؛ ألن العيافة على حسب‬
‫الطيرة هي السم عام ملا فيه تشاؤم أو تفاؤل بش يء من األشياء‪ِ .‬‬
‫أحد تفسيراتها متعلق بالطيروحده‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يمينا أو ً‬ ‫شيئا ً‬
‫لسواء كان ً‬ ‫ى ً‬
‫يسارا‪ ،‬فلما رآه تحرك يمينا قال متفائا‪ :‬أنني‬ ‫طيرا أو غيره تحرك‬ ‫وحقيقة الطيرة أنه ير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متشائما‪ :‬هذا معناه أني لسأتضرر في هذا‬ ‫لسأنجح في هذا العمل أو في هذا السفر‪ ،‬وإذا رآه تحرك ِشمال قال‬

‫السفر أو لسيصيبني مكروه فيرجع‪ ،‬فمتى رده ما رآه عن حاجته أو جعله ُيق ِب ُل إلى حاجته‪ ،‬ولسيطر التشاؤم على‬
‫ُ‬
‫متطيرا‪ .‬وقد قال عليه الصاة والسام‪« :‬من ّردته الطيرة عن حاجته فقد‬
‫ً‬ ‫قلبه فجعله يقدم أو يحجم فإنه يكون‬

‫أشرك»‪.‬‬

‫‪ ‬اذكربعض صور الطيرة املنتشرة بين الناس‪.‬‬

‫قد يتشاءم بحركة ش يء‪ ،‬أو بكلمة يسمعها‪ ،‬أو برؤية تصادم لسيارات أمامه‪،‬أو مشاهدة لسواد في الجو في ذلك‬

‫اليوم الذي لسينتقل فيه‪ ،‬أو تشاءم بش يء حصل له في أول زواجه‪ ،‬ومنه التشاؤم باألشهرأو باأليام‪ ،‬ونحو ذلك‬

‫من أنواع التشاؤم‪ ،‬هذا كله من أنواع الطيرة‪.‬‬


‫ً‬
‫ويدِخل فيه التفاؤل إذا رأى شيئا فجعله ذلك الش يء ُيقدم على الفعل‪ ،‬ولول رؤيته ذلك الش يء ملا جعله أقدم‪،‬‬
‫فإن ذلك ً‬
‫أيضا من الطيرة‪ ،‬وهو نوع من أنواع التأثيرات الخفية على القلوب‪ ،‬وذلك ضرب من السحر‪.‬‬
‫َّ‬
‫الطرق؟ وكيف يكون ً‬
‫نوعا من أنواع السحر؟‬ ‫‪ ‬ما معنى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫الطرق‪ :‬مأِخوذ من وضع طرق في األرض وهي الخطوط‪ ،‬فيخط ِخطوطا متنوعة في األرض‪ِ ،‬خطوطا كثيرة ليس‬
‫ً ً‬
‫لها عدد‪ ،‬ثم يبدأ الكاهن الذي يستخدم الخطوط فيمسح ِخطا ِخطا‪ ،‬أو يمسح ِخطين ِخطين بسرعة‪ ،‬ثم ينظر‬

‫ما بقي فيقول للشخص‪ :‬هذا الذي بقي يدل على كذا وكذا‪ ،‬هذا الذي بقي يدل على أنك لستغتني‪ ،‬أو على أنك‬
‫ّ ُ‬
‫الكهانة‪ ،‬والكهانة ضرب من السحر‪ ،‬قال هنا‪( :‬والطرق‬ ‫لسيصيبك كذا وكذا ونحو ذلك‪ ،‬وهو نوع من أنواع ِ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫َ ُّ َ ّ‬
‫ض‪ ،‬والجبت‪ :‬قال الحسن‪ :‬رنة الشيطان) وهو من أنواع السحر؛ ألن الشيطان يدعو إلى ذلك‬
‫الخط يخط ِفي األر ِ‬
‫بصوته وبعويله‪.‬‬

‫‪ ‬ما عاقة علم النجوم بتعلم السحر؟‬


‫ََ َ ُ ً‬ ‫ََ َ ُ َ ً َ ّ ُ‬
‫س شع َبة ِم َن‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫إن تعلم علم النجوم تعلم للسحر‪ ،‬قال رلسول هللا ﷺ‪( :‬م ِن اقتبس شعبة ِمن النج ِ‬
‫وم‪ ،‬فقد اقتب‬
‫ََ َ ُ ً‬
‫س شع َبة) أي‪:‬‬‫السح ِر َز َاد َما َز َاد)‪ ،‬وقوله‪(َ :‬م ِن اقتب‬
‫ّ‬

‫‪ ‬من تعلم ً‬
‫بعضا من علم النجوم؛ ألن الشعبة هي "الطائفة من الش يء أو جزء من أجزائه"‪ ،‬فكل جزء‬

‫من أجزاء علم النجوم ‪-‬الذي هو علم التأثير‪ -‬نوع من أنواع السحر‪.‬‬

‫‪ ‬من زاد في تعلم علم النجوم زاد في تعلم السحر حتى يصل إلى آِخر حقيقة علم التأثير ‪-‬كما يسمونه‪-‬‬
‫ً‬
‫سحرا وكهانة على الحقيقة‪.‬‬ ‫فيصبح‬

‫والتنجيم منه (علم التأثير) وهو‪ :‬جعل الكواكب والنجوم في حركتها والتقائها و افتر اقها وطلوعها وغروبها‬

‫مؤثرة في الحوادث األرضية أو دالة على ما لسيحدث في األرض‪ ،‬فيجعلونها دالة على علم الغيب واملغيبات‪ ،‬وفي‬

‫هذا قدرمن السحر؛ ألنه يشترك معه في حقيقته ألنه َجع )ل للتأثيرألمر ِخفي‪.‬‬
‫‪ ‬ما املراد ُ‬
‫بالعقدة؟ ومتى يتحول النفث في العقد إلى سحر؟‬
‫العقدة قد تكون عقدة حبل أو عقدة ِخيط أو نحو ذلك‪ ،‬تارة تكون مرئية واضحة‪ ،‬وتارة تكون صغيرة ً‬
‫جدا‪،‬‬

‫ضر الجن والشياطين عند تاوته وتخدم هذه‬ ‫ُينفث فيها لعقد السحر بأدعية ورقى شركية وتعويذات وكام َتح ُ‬
‫ً ُ ََ َ‬ ‫َ‬
‫عقد السحر‪ .‬جاء من حديث أبي هريرة‪َ ( :‬من َعق َد ُعق َدة ث ّم نفث‬ ‫َ‬
‫العقدة السحرية‪ ،‬وليس كل نفث في عقدة ي ِ‬
‫َ ّ َ ً ّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ‬
‫موجودا في زمن النبي ﷺ‬ ‫ً‬ ‫ِف َيها فقد َس َح َر‪َ ،‬و َمن َس َح َر فقد أش َر َك‪َ ،‬و َمن ت َعل َق شيئا ُوك َل إلي ِه)‪ ،‬وكان هذا األمر‬
‫َ‬ ‫َ َّ َّ َ‬
‫ات ِفي ال ُعق ِد﴾‪ ،3‬وهن السواحر‪.‬‬ ‫َ‬
‫ويتعاطاه الناس املردة في ذلك الزمان‪ ،‬كما قال جل وعا‪﴿ :‬و ِمن ش ِّرالنفاث ِ‬

‫‪[ 3‬الفلق‪.]4:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫‪ ‬كيف ينعقد سحرالساحر؟‬

‫ينعقد األمر الذي أراده الساحربشيئين‪:‬‬

‫‪ ‬العقدة‪ ،‬وفائدتها أن السحرل ينحل مادامت معقودة‪.‬‬

‫‪ ‬النفث فيها باألدعية الشركية واللستعانة بالشياطين‪ ،‬فالجني يخدم السحربالنفث في العقدة‪.‬‬
‫‪ ‬ماذا ينبغي على من وجده مثل هذه العقد؟‬

‫ينبغي ملن اطلع عليها أو نظرفيها أن يحل العقدة فينتهي تأثيرالسحر ‪-‬بإذن هللا‪ -‬أو يضعف تأثيره‪.‬‬
‫ََ َ‬
‫‪ ‬ما دللة قوله ﷺ‪(َ :‬و َمن َس َح َرفقد أش َر َك)؟ وهل دِخل في الشرك حين عقد العقد أم قبل ذلك؟‬
‫هذا الحكم عام؛ ألنه َّرتب ً‬
‫جزاء على الفعل بصيغة َ(من) فكأنه قال‪" :‬كل من سحر فقد أشرك"‪ ،‬يعني سحر‬

‫بأن يعقد عقدة ثم ينفث فيها‪ ،‬ول يمكن أن يحدث السحر إل بالنفث في العقد أو بالستحضار الجن وبعبادتهم‬

‫ونحو ذلك‪ ،‬وهذا شرك باهلل‪.‬‬


‫ً‬
‫ومن املعلوم أنه قبل أن يعقد العقدة وينفث فيها ل بد من تعلمه للسحر؛ ولهذا يكون مشركا قبل أن يعقد‬

‫وينفث ما دام أنه تعلم ذلك ليعمل به فإنه مشرك باهلل ألن تعلم السحرفيه الشرك باهلل عزوجل‪.‬‬

‫‪ ‬ما أثر التعلق باأللسباب الشركية؟ وما أثر التعلق باهلل تعالى؟‬

‫‪ ‬إن التعلق باأللسباب الشركية تعود على فاعلها أو على الراض ي بها بالضرر ل بالنفع‪ ،‬والعبد إذا تخلى عن‬
‫هللا جل وعا ووكل إلى نفسه أووكل إلى غيرهللا جل وعا فقد ِخاب وِخسر ُ‬
‫وض َّرأعظم الضرر‪ ،‬فسعادة العبد‬

‫وعظم صاح قلبه‪ ،‬وعظم صاح روحه بأن يكون تعلقه باهلل جل وعا وحده‪ ،‬قال رلسول هللا ﷺ‪( :‬ومن تعلق‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫شيئا ُوكل إليه)‪.‬‬

‫ورغبا فيما عند هللا‪ً ،‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫ورهبا مما يخافه ويؤذيه ‪-‬يعني يؤذي‬ ‫‪ ‬أما من تعلق قلبه باهلل إنزال لحوائجه باهلل‪،‬‬

‫العبد‪-‬؛ فإن هللا جل وعا كافيه ومن يتوكل على هللا فهو حسبه‪ ،‬والعباد فقراء إلى هللا وهللا جل وعا هو ولي‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫يد﴾‪ ،4‬فمن أنزل حاجته باهلل‬ ‫اس َأ ُنتم ال ُف َق َر ُاء إ َلى َّللا َو َّ ُ‬
‫للا ُه َو ال َغني ال َحم ُ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫الن ُ‬ ‫النعمة وولي الفضل ﴿يا أيها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتعلق قلبه به أفلح‪ّ ،‬‬
‫وأما من تعلق بالخر افات أوتعلق باألمور الشركية كالسحروكالذهاب إلى األولياء وطلب‬

‫املدد منهم أو طلب الغاثة منهم فإنه يوكل إلى املخلوق‪ ،‬ومن وكل إلى املخلوق فإنه يضره ذلك أعظم الضرر‬
‫َّ‬ ‫ََ َ َ‬
‫كما قال جل وعا‪َ ﴿ :‬يد ُعو ملن ضر ُه أق َر ُب ِمن نف ِع ِه﴾‪.5‬‬

‫‪ ‬ما املراد بالعضه كما بينها الرلسول ﷺ؟ وما حكمها؟ وما وجه الشبه بينها وبين السحر؟‬
‫َ‬
‫(العض ُه) هكذا تروى في كتب الحديث‪ ،‬وفي كتب غريب الحديث واللغة تنطق هكذا (ال ِعضه) ألشباهها في‬ ‫َ‬
‫َ َ َُُّ ُ َ َ ُ َ ّ َ ُ َ َ ُ َ َ ّ‬
‫اس)‪.6‬‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫وزنها‪ ،‬وهي كما فسرها النبي ﷺ قال‪( :‬أل هل أنبئكم ما العضه؟ ِهي الن ِميمة القالة بين‬

‫العضه في اللغة يطلق على أشياء منها السحر‪ ،‬والنميمة القالة بين الناس نوع من أنواع السحر وهي‬ ‫وأصل َ‬

‫كبيرة من الكبائر‪،‬ومحرم من املحرمات‪.‬‬


‫ّ‬
‫وجه الشبه بين النميمة والسحر‪ :‬أن تأثير السحر في التفريق بين املتحابين أو في جمع املتفارقين‪ ،‬فتأثيره على‬

‫القلوب ِخفي‪ ،‬وهذا عمل النمام فإنه يفرق بين األحباب؛ ألجل كام يسوقه لهذا وكام يسوقه لذاك فيفرق بين‬
‫ً‬
‫القلوب ويجعل العداوة والبغضاء بين قلب هذا وهذا‪ ،‬فحقيقة النميمة كما قال جل وعا عن السحر‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫﴿ف َيت َعل ُمون ِمن ُه َما َما ُيف ِّرقون ِب ِه َبين املر ِء َوزو ِج ِه﴾‪.7‬‬
‫عد ً‬
‫ضربا من السحر؟‬ ‫‪ ‬ما املقصود بــ(البيان) في قوله ﷺ‪( :‬إ ّن من ال َب َيان لسح ًرا)؟ وكيف يمكن أن ُي َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املقصود بالبيان هنا‪ :‬التبيين عما في النفس باأللفاظ الفصيحة ّ‬
‫البينة التي تأِخذ املسامع والقلوب فتسحرها‪،‬‬
‫ً‬
‫حقا‪ ،‬فيغدو قول ذلك الذي ُي ّ‬ ‫ً‬
‫عد من أهل البيان والفصاحة في قلوب‬ ‫حتى أنها ربما تقلب الحق باطا والباطل‬

‫الناس هو الحق وأن ما لم يقله أو رده هو الباطل‪.‬‬

‫‪[ 4‬فاطر‪.]11:‬‬
‫‪[ 1‬الحج‪.]13:‬‬
‫‪ 6‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪[ 7‬البقرة‪.]101:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫وع َّد البيان ً‬


‫ضربا من السحرلتأثيره الخفي على النفوس باأللفاظ‪ ،‬كتأثير السحرفي الخفاء‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ََ‬ ‫ّ‬
‫لسح ًرا)؟‬
‫‪ ‬اذكر أقوال العلماء في تفسيرهذا الحديث‪ِ ( :‬إن من البي ِان ِ‬
‫‪ ‬بعض أهل العلم قال أن هذا الحديث فيه ذم للبيان وليس ً‬
‫مدحا له‪ ،‬وهذا هو القول الصحيح‪.‬‬

‫ً‬ ‫‪ ‬وبعض أهل العلم قال إن ذلك على جهة مدح البيان؛ ألنه يؤثر ً‬
‫تأثيرا بالغا كتأثير السحر في النفوس‪،‬‬

‫والتأثيرالبالغ إن كان من جهة البيان يقولون أنه جائز‪ ،‬ولكن هذا القول فيه نظر‪.‬‬

‫والظاهرأنه ملَّا جعل البيان ً‬


‫سحرا علمنا أن الشرع َّ‬
‫ذمه‪ ،‬ولهذا أورد الشيخ رحمه هللا في هذا الباب الذي اشتمل‬

‫على أنواع من املحرمات‪ ،‬فالذي يستغل ما أتاه هللا جل وعا من اللسان والبيان والفصاحة في قلب الباطل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حقا وفي قلب الحق باطا‪ ،‬هذا ل شك أنه من أهل الوعيد ومذموم على فعله؛ ألن البيان إنما يقصد به نصرة‬
‫ً‬
‫الحق ل أن يجعل ما أبطله هللا جل وعا حقا في أنفس الناس وفي قلوبهم‬

‫بـــــاب مــــا جـــــاء فـــي الكهــــــان وحنوهـــــم‬

‫‪ ‬ما منالسبة (باب ما جاء في الكهان ونحوهم) ملا قبله؟‬

‫هذا الباب أتى بعد أبواب السحر؛ ألن حقيقة عمل الكاهن أنه يستخدم الجن لِخباره باألمور املغيبة‪ ،‬إما‬

‫التي غابت في املاض ي‪ ،‬أو األمور املغيبة في املستقبل التي ل يعلمها إل هللا جل جاله‪ ،‬فالكاهن يجتمع مع الساحر‬
‫ّ ً‬
‫في أن كا منهما يستخدم الجن ويستمتع به لغرضه‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫)‬
‫الستخدام للجن وهذا كفروشرك أكبرباهلل جل وعا‪ ،‬والستخدام الكهان‬ ‫الكهانة‬
‫منالسبته لكتاب التوحيد‪ :‬أن ِ‬
‫للجن في مثل هذه األشياء حتى يخدموهم بذكر األمور املغيبة لهم ل يجوز‪ ،‬ألنه ل يكون إل بأن ّ‬
‫يتقربوا إليهم‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫بش يء من العبادات كالذبح أو اللستغاثة أو بالكفر باهلل جل وعا بإهانة املصحف أو بسب هللا أو نحو ذلك من‬

‫األعمال الشركية الكفرية‪ ،‬فالكهانة إذن صنعة مضادة ألصل التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬من هم الكهان؟ وما املكانة التي احتلوها في الجاهلية؟‬


‫الكهان أناس ُي َّدعى فيهم َ‬
‫الولية والصاح‪ ،‬وأن عندهم علم ما لسيكون في املستقبل‪ ،‬أو عندهم علم املغيبات‬

‫التي لستحدث للناس أو تحدث في األرض‪.‬‬


‫ّ‬
‫والكهانة في الجاهلية كانت منتشرة في باد العرب في الجزيرة وفي غيرها‪ ،‬وكانت العرب تعظم الكهان وتخاف‬

‫ظيما ألجل ما ُيخبرعنه‪.‬‬


‫أجرا ع ً‬
‫منهم‪ ،‬وكانت تعطي الكاهن ً‬
‫ُ ً‬
‫‪ ‬يستمتع كا من الكهان والجن ببعضهم البعض‪ ،‬كيف يكون ذلك؟‬

‫الكاهن ل يصل إلى حقيقة عمله بأن يخبر عن األمور املغيبة إل بالستخدام الجن‪ ،‬والتقرب إليهم التقربات‬

‫الشركية‪ ،‬فتستمتع الجن من جهة ما يصرف لها من العبادة‪ ،‬ويستمتع الكاهن من جهة ما يخبره به الجن من‬

‫األمور املغيبة‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يمكن للجن معرفة األمور املغيبة؟‬


‫الجن تصل إلى األمور املغيبة التي َتصدق فيها عن طريق الستراق السمع‪ ،‬فإن بعضهم يركب ً‬
‫بعضا حتى يسمعوا‬
‫ُ‬
‫الشهاب الجني قبل أن يعطي الكلمة ملن تحته‪ ،‬وربما‬ ‫الوحي الذي يوحيه هللا جل وعا في السماء‪ ،‬فربما أدرك‬

‫أدرك الشهاب الجني بعد أن ألقى الكلمة‪ ،‬فتأتي هذه الكلمة للجن فيعطونها الكاهن فيكذب معها الكاهن أو‬

‫تكذب معها الجن مائة كذبة حتى يعظم شأن الكاهن‪ ،‬وتعظم عبادة النس للجن‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي أحوال الستراق السمع؟‬

‫أحوال الستراق السمع ثاثة‪:‬‬


‫كثيرا ً‬
‫جدا‪.‬‬ ‫الحالة األولى‪ :‬قبل بعثة النبي ﷺ‪ ،‬وكان ً‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬بعد بعثة النبي ﷺ‪ ،‬ولم يحصل الستراق من الجن؛ ألجل تنزل القرآن والوحي‪ ،‬وحتى ل‬ ‫‪‬‬

‫يقع الشتباه في أصل الوحي والنبوة‪ ،‬وإن حصل فهو نادرفي غيروحي هللا جل وعا بكتابه لنبيه‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬بعد وفاته عليه الصاة والسام‪ ،‬رجع الستراق السمع ولكنه ليس بالكثرة التي كانت قبل‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫وشهبا‪.‬‬ ‫ً‬
‫شديدا‬ ‫ذلك ألن السماء ملئت ً‬
‫حرلسا‬

‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫السم َع فأت َب َع ُه‬ ‫ذكر هللا جل وعا في آيات كثيرة أن النجوم والشهب ترمي الجن كما قال جل وعا‪ِ ﴿ :‬إل َم ِن السترق‬

‫اب ُم ِب )ين﴾‪.8‬‬
‫ش َه )‬
‫ِ‬
‫‪ ‬ما الفرق بين الكاهن والعراف؟‬

‫الكاهن قد يطلق عليه العراف‪ ،‬فهما السمان متداِخان أحدهما يدل على الِخر‪.‬‬

‫وعند بعض الناس أو في بعض الفئات ُيستخدم لفظ (الكاهن) لإلِخباربما يحصل في املستقبل‪ُ ،‬ويستخدم لفظ‬

‫خبرعن الغائب عن األعين مما حصل في املاض ي من مثل مكان املسروق أو السارق من هو‪ ،‬ونحو‬ ‫ُ‬
‫(العراف) ملن ي ِ‬
‫ذلك مما هو غائب عن األنظار‪ ،‬و إنما يعلمه العراف بوالسطة الجن‪.‬‬
‫والصحيح ما ذكره شيخ اللسام ابن تيمية أن‪ :‬العراف السم للكاهن واملنجم ّ‬
‫والرمال ونحوهم‪ ،‬ممن يتكلمون في‬

‫معرفة األمور املغيبة إما املاضية أو املستقبلة بتلك الطرق‪( :‬طريق التنجيم‪ ،‬أو طريق الخط في الرمل‪ ،‬أو طريق‬

‫الطرق على الحص ى أو الودع‪ ،‬أو بالخشبة املكتوب عليها أبا جاد‪ ،‬أو قراءة الفنجان أو قراءة الكف) كل من يخبر‬
‫عر ًافا؛ ألنه ل يحصل له ُ‬
‫أمره‬
‫ً‬
‫كاهنا ويسمى ّ‬ ‫عن األمور املغيبة بش يء يجعله ولسيلة ملعرفة األمور املغيبة يسمى‬

‫إل بنوع من أنواع الكهانة‪.‬‬

‫ً‬
‫‪ ‬ما جزاء من أتى عر افا فسأله؟‬

‫‪6‬‬
‫[الحجر‪.]18:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫َّ‬
‫ويصدقه بما يقول‪ ،‬فهذا يكون قد كفربما أنزل على النبي محمد‬ ‫الحالة األولى‪ :‬من يأتي ّ‬
‫العراف فيسأله‬ ‫▪‬

‫يوما‬ ‫يوما‪ ،‬لكنه لم يخرج من امللة؛ ألن النبي ﷺ ّ‬


‫حد عدم قبول صاته أربعين ً‬ ‫ﷺ ول تقبل له صاة أربعين ً‬
‫ً‬ ‫والكافر ً‬
‫كفرا أكبرصاته ل تقبل بتاتا حتى يرجع إلى اللسام‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً َ ََ‬ ‫ََ‬
‫فقد روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ‪ ،‬عن النبي ﷺ أنه قال‪َ ( :‬من أتى َع ّر افا ف َسأل ُه َعن ش يء‬
‫ََ َ ً‬ ‫ص َا ُة َأرَبع َين ً‬ ‫َف َ‬
‫ص َّد َق ُه‪َ ،‬لم ُتق َبل َل ُه َ‬
‫يوما)‪ ،9‬وعن أبي هريرة رض ي هللا عنه قال‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪َ ( :‬من أتى ك ِاهنا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ص َّدق ُه ِب َما َيقو ُل فقد كف َر ِب َما أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ)‪.‬‬ ‫ف‬
‫ً‬ ‫▪ الحالة الثانية‪ :‬من أتى َّ‬
‫العراف فسأله عن ش يء مجرد لسؤال رغبة في الطاع‪ ،‬ولم يصدقه‪ ،‬فهذا ل تقبل‬

‫يوما‪ ،‬ويدل ذلك على عظم جزاء من يأتي الكاهن أو العراف ليسأله ولو لم يصدقه‪ .‬قال رلسول‬ ‫له صاة أربعين ً‬
‫َ ُ َ َ ُ َ َُ‬
‫صاة‬ ‫ص َا ُة َأرَبع َين ً‬
‫يوما)‪ ،‬واملقصود من قوله‪( :‬لم تقبل له‬ ‫هللا ﷺ‪َ ( :‬من َأ َتى َع ّر ًافا َف َس َأ َل ُه َعن َش يء‪َ ،‬لم ُتق َبل َل ُه َ‬
‫ِ‬
‫يوما) أن الصاة تقع‪ ،‬وهي ُمجزئة ول يجب عليه قضاؤها؛ ولكن ل ثواب له فيها؛ ألن الذنب والثم الذي‬ ‫َأرَبع َين ً‬
‫ِ‬
‫العراف فسأله عن ش يء يقابل ثواب الصاة أربعين ً‬
‫يوما‪ ،‬فألسقط هذا هذا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حصله حينما أتى ّ‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬من أتى العراف فسأله؛ لإلنكار عليه وحتى يتحقق أنه ّ‬
‫عراف فا يدِخل في ذلك؛ ألن‬ ‫▪‬

‫الولسائل لها أحكام املقاصد‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرأقوال العلماء في الذي يأتي الكهان ويصدقهم‪.‬‬


‫َ َ‬ ‫ص َا ُة َأرَبع َين ً‬
‫يوما) على أن قوله‪( :‬كف َر ِب َما‬ ‫دل قوله ﷺ‪َ ( :‬لم ُتق َبل َل ُه َ‬ ‫القول األول‪ :‬قال طائفة من أهل العلم‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ) هو كفر أصغر‪ ،‬وليس بالكفر املخرج من امللة‪ ،‬وهذا القول صحيح‪ ،‬وهو الذي يتعين؛‬

‫يوما) يدل على أنه لم يخرج من اللسام‪،‬‬ ‫ص َا ُة َأرَبع َين ً‬‫َجم ًعا بين النصوص‪ .‬فإن قول النبي ﷺ‪َ ( :‬لم ُتق َبل َل ُه َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ‬
‫والحديث الِخر وهو قوله ﷺ‪( :‬فقد كف َر ِب َما أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ) يدل على كفره‪ ،‬فعلمنا بذلك على أن كفره‬

‫ص ّد َقه)‪ ،‬وهي موجودة في مسند اإلمام أحمد‪ ،‬والشيخ رحمه هللا ذكر‬ ‫‪ - 9‬قد نبَّه ال ُّ‬
‫شراح على أن لفظ هذا الحديث في "مسلم" بدون كلمة (فَ َ‬
‫هذا اللفظ وعزاه لمسلم‪ ،‬على طريقة أهل العلم ألحد صاحبي الصحيح إذا كان أصله فيهما؛ التحاد الطريق أو نحو ذلك‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫)‬
‫وِخارج من امللة فإن صاته‬ ‫كفرا أكبر )‬
‫ومرتد‬ ‫كفرأصغروليس كفرمخرج من امللة؛ ألن الذي يحكم عليه أنه كافر ً‬
‫ً‬
‫ل تقبل بتاتا حتى يرجع إلى اللسام‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه ُي َت َو َّقف فيه‪ ،‬فا يقال يكفر ً‬
‫كفرا أكبر ول يقال ً‬
‫كفرا أصغر‪ ،‬و إنما يقال أن إتيان الكاهن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وتصديقه كفر باهلل جل وعا ُويسكت عن ذلك‪ُ ،‬ويطلق القول كما جاء إطاقه في األحاديث ألجل التهديد‬

‫والتخويف حتى ل يتجالسرالناس على هذا األمر‪ .‬وهذا هو مذهب المام أحمد في املنصوص عنه‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن الذي يأتي الكاهن فيسأله ُوي ّ‬
‫صدقه كافر ً‬
‫كفرا أكبر‪ ،‬كفره مخرج من امللة‪ ،‬وهذا القول فيه‬ ‫ِ‬
‫نظرمن جهتين‪:‬‬
‫ص َا ُة َأرَبع َين ً‬
‫يوما) يدل على أنه لم يكفرالكفر‬ ‫الجهة األولى‪ :‬ما ذكرناه من الدليل؛ من أن قوله ﷺ‪َ ( :‬لم ُتق َبل َل ُه َ‬
‫ِ‬
‫ََ‬
‫األكبر‪ ،‬ولو كفر الكفر األكبر لم يحدد تلك املدة من األيام في عدم قبول الصاة‪ .‬والكافر الذي يحكم عليه أنه‬
‫ً‬ ‫كافرك ً‬
‫فرا أكبرومرتد وِخارج من امللة فإن صاته ل تقبل بتاتا حتى يرجع إلى اللسام‪.‬‬
‫ُ‬
‫الجهة الثانية‪ :‬أن تصديق الكاهن فيه شب َهة‪ ،‬فهذا الكاهن الذي َّيدعي علم الغيب ويخبرباألمور املغيبة ‪-‬فيما‬

‫صدق فيه‪ -‬عن طريق الستراق الجن للسمع‪ ،‬فيكون قد نقل ذلك الخبرعن الجن‪ ،‬والجن نقلوه عما لسمعوه في‬
‫ُ‬
‫السماء‪ ،‬وهذه شب َهة‪ ،‬فقد يقول الذي يأتي للكاهن أنا أصدقه فيما أِخبر من الغيب؛ ألنه قد جاءه علم ذلك‬
‫الغيب من السماء عن طريق الجن‪ ،‬وهذه الشبهة تمنع من تكفيرمن ّ‬
‫صدق الكاهن الكفراألكبر‪.‬‬

‫فصار القول األظهر أن كفره كفرأصغروليس بأكبر؛ لدللة األحاديث ولظهور التعليل في ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ومعنى قوله ﷺ‪( :‬فقد كف َر ِب َما أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ) أي‪ :‬بالقرآن؛ ألنه قد جاء في القرآن والسنة أن الكاهن‬

‫والساحروالعراف ل يفلحون وأنهم إنما يكذبون ول يصدقون‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم الكاهن‪ ،‬وما جزاؤه وجزاء من يصدقه؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ ّ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ً َ َ َّ‬
‫س ِمنا َمن تط َيرأو ت ِط َيرل ُه‪ ،‬أو تك َّه َن أو تك ِّه َن ل ُه أو َس َح َرأو ُس ِح َر‬ ‫‪ o‬ما جاء عن عمران بن حصين مرفوعا‪( :‬لي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ ََ َ ً َ َ َ‬
‫ص َّدق ُه ِب َما َيقو ُل‪ ،‬فقد كف َر ِب َما أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ)‪.‬‬‫له‪ ،‬ومن أتى ك ِاهنا‪ ،‬ف‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫(ليس منا) يدل على أن هذا الفعل محرم‪ ،‬وبعض أهل العلم يقول‪ :‬يدل على أنه من الكبائر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(من تطيرأو تطيرله) والطيرة من الكبائر‪.‬‬

‫(أو تكهن) يعني ادعى علم الغيب وأِخبربأمور مغيبة‪ ،‬أو َّادعى بأنه كاهن ليخدع من رآه بأنه كاهن‪ ،‬فهذا مشرك‬
‫ُ‬
‫الشرك األكبرباهلل؛ ألنه ل يمكن له أن يخبرباألمور املغيبة إل بأن يشرك‪( .‬أو تكهن له) يعني من رض ي بأن يتكهن‬

‫له فأتى ولسأل عن ش يء‪.‬‬


‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ً َ َ َ‬
‫ص ّدق ُه ِب َما َيقو ُل‪ ،‬فقد كف َر ِب َما أن ِز َل َعلى ُم َح ّمد ﷺ) وهذا كله ألجل أن‬‫(أو َسحر أو ُسحر له‪ ،‬ومن أتى ك ِاهنا‪ ،‬ف‬

‫تصديق الكاهن فيه إعانة له على الشرك األكبرباهلل جل وعا‪.‬‬

‫وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم‪( :‬ما أرى من فعل ذلك له عند هللا من‬ ‫‪o‬‬
‫َ‬
‫ِخاق) ذلك ألن كتابة (أبا جاد) والنظر في النجوم يعني للتأثير؛ نوع من أنواع الكهانة‪ ،‬والكهانة محرمة وكفر‬

‫باهلل جل وعا‪.‬‬

‫اذكربعض ما ذكره أهل العلم في شرح معاني العر افة والكهانة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العراف‪ :‬الذي َي َّدعي معرفة األمور بمقدمات يستدل بها على املسروق ومكان َّ‬
‫الضالة‪ ،‬ونحو‬ ‫قال البغوي‪َّ ( :‬‬

‫ذلك)‪ ،‬فالعراف عند بعض أهل العلم هو من يخبر بأمور لسبقت لكنها ِخفية غيبية عن الناس؛ وهي من حيث‬

‫الوجود قد وقعت في ملكوت هللا‪.‬‬

‫وقيل‪( :‬هو الكاهن‪ ،‬والكاهن‪ :‬هو الذي يخبر عن املغيبات في املستقبل‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الذي يخبر عن ما في الضمير)‪.‬‬

‫وقال أبو العباس ابن تيمية‪ :‬العراف السم للكاهن واملنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة األمور بهذه‬

‫الطرق)‪.‬‬

‫(العراف السم للكاهن) بمعنى‪ :‬العراف والكاهن السمان لش يء واحد‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫(املنجم) هو الذي يستخدم علم التأثير‪ ،‬يقول ظهر نجم كذا والتقى بنجم كذا فمعناه أنه لسيحدث كذا وكذا‪،‬‬

‫أو إذا ولد لفان ولد في برج كذا فإنه لسيحصل كذا وكذا له من الغنى والفقرأو السعادة أو الشقاوة ونحو ذلك‪،‬‬

‫فيستدلون على حركة النجوم على حال األرض وحال الناس فيها‪.‬‬
‫َ‬
‫الرمال هو‪ :‬صاحب الط َرق‪ ،‬أو هو‪ :‬الذي يخط في الرمل‪ ،‬أو يستخدم الحص ى على الرمل‪.‬‬
‫والرمال) َّ‬
‫( َّ‬

‫(ونحوهم) من مثل الذين يقرأون الكف ويقرأون الفنجان‪ ،‬أو في هذا العصر الذين يكتبون في الصحف‬

‫والجرائد ومجات البروج وما يحصل في البروج‪ ،‬و أنت إذا ولدت في هذا البرج معناه أنه لسيحصل لك في هذا‬

‫الشهركذا وكذا‪ ،‬هذا كله من أنواع الكهانة‪.‬‬

‫ما هي حقيقة الكهانة وأصنافها؟‬ ‫‪‬‬


‫أصناف الكهانة كثيرة ً‬
‫جدا‪ ،‬وجامعها أن الكاهن يستخدم ولسيلة ُليقنع السائل بأنه وصل إليه العلم عن طريق‬

‫الو َدع‪ ،‬أو عن‬


‫أمور ظاهرية علمية‪ ،‬تارة يقول عن طريق النجوم‪ ،‬وتارة يقول عن طريق الطرق‪ ،‬أو عن طريق َ‬

‫طريق الفنجان‪ ،‬أوعن طريق الكف‪ ،‬أوعن طريق النظرفي األرض في الحص ى‪ ،‬أوعن طريق الخشب أوعن طريق‬

‫النظرفي البروج‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬هذه كلها ولسائل يغربها الكاهن من يأتيه‪.‬‬

‫وفي الحقيقة هي ولسائل ل ُت ّ‬


‫حصل العلم الغيبي؛ لكن جاءه العلم عن طريق الجن‪ ،‬وهذه الولسائل إنما هي‬
‫ِ‬
‫للضحك على الناس‪ ،‬ولكي يظن الظان أنها تؤدي إلى العلم‪ ،‬وأن هؤلء أصحاب علم وفهم بهذه األمور‪ .‬والكاهن‬

‫ُيظهر هذه األشياء حتى يحصل على املقصود‪ ،‬ويصدق الناس أنه ولي من األولياء و أنه ل يستخدم الجن‪ .‬وهذا‬
‫يحصل في بعض باد غرب إفريقيا وبعض شمالها‪ ،‬ومنتشر ً‬
‫أيضا في الشرق‪ ،‬وفي كثيرمن الباد‪ ،‬يجعلون الساحر‬
‫والكاهن ً‬
‫وليا من األولياء‪ ،‬ويقولون أنهم ل يفعلون الفعل إل بإرشاد من املائكة‪.‬‬

‫ولهذا ترى بعض الشراح يذكر في مقدمة هذه األبواب أن أولياء هللا جل وعا ل يتعاطون الشرك ول يتعاطون‬
‫مثل هذه األمور‪ ،‬فأولياء هللا َّ‬
‫مقيدون بالشرع وليسوا من أولياء الجن‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫باب ما جاء يف النشرة‬

‫‪ ‬ما هي النشرة املقصودة في هذا الباب؟‬


‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫صحيحا‪ ،‬لسميت نشرة ألنه ينتشر بها‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫النشرة السم لعاج املسحور‪ ،‬وأصلها من النشر وهو‪ :‬قيام املريض‬

‫يقوم ويرجع إلى حالته املعتادة‪ .‬فالنشرة متعلقة بالسحر‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة باب (ما جاء في النشرة) لكتاب التوحيد؟ وما منالسبته لباب السحرالذي جاء قبله؟‬

‫منالسبته لكتاب التوحيد‪ :‬السحر شرك باهلل جل وعا يقدح في أصل التوحيد‪ ،‬والساحر مشرك الشرك األكبر‬

‫باهلل‪ ،‬كذلك النشرة التي هي َحل السحر قد تكون من لساحر‪ ،‬وقد تكون من غير لساحر باألدوية املأذون بها أو‬

‫األدعية ونحو ذلك‪ ،‬فإذا كانت من لساحر فإنها مناقضة ألصل التوحيد‪ ،‬وكثيرون ممن يستعملون النشرة‬

‫ُيشركون باهلل جل وعا‪.‬‬

‫ما هي أنواع النشرة من حيث الحكم؟‬ ‫‪‬‬

‫النشرة نوعان‪ :‬النوع األول‪ :‬النشرة الجائزة‪ :‬هي ما كانت بالقرآن‪ ،‬أو باألدعية املعروفة‪ ،‬أو باألدوية املباحة عند‬

‫األطباء‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫في ُح َّل السحر األول‬ ‫ُ َّ‬


‫نشرعنه بطريق السحر‪َ ،‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬النشرة املمنوعة‪ :‬وهي من أنواع الشرك‪ ،‬وذلك أن ي‬

‫بسحرآِخر‪.‬‬

‫ما هو العاج النافع في إزالة السحربإذن هللا؟‬ ‫‪‬‬


‫َ‬ ‫ً‬
‫‪ .1‬قد يحصل من السحر تغيير في العقل والذهن والفهم حقيقة‪ ،‬وإذا كان كذلك فإنه يعالج باملضادات التي‬

‫تزيل ذلك السحر‪ ،‬ومما يزيله القرآن‪ ،‬وهو أعظم ما ينفع في إزالته‪ ،‬كذلك األدعية واألوراد ونحو ذلك مما هو‬

‫معروف من الرقى الشرعية‪.‬‬


‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫َ‬ ‫ً‬
‫‪ .2‬بعض أنواع السحر تكون في البدن‪ ،‬أي‪ :‬من جهة عضوية‪ ،‬فهذا أحيانا يعالج بالرقى واألدعية والقرآن‪،‬‬
‫ً َ‬
‫يعالج عن طريق األطباء العضويين‪ ،‬وذلك ألن السحر ُ‬
‫مرض حقيقة‪ ،‬فإذا أزيل املرض أو لسبب املرض‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫وأحيانا‬

‫فإن السحريبطل‪ ،‬ولهذا قال ابن القيم في آِخرالكام‪( :‬والثاني‪ :‬النشرة بالرقية والتعوذات واألدوية والدعوات‬

‫املباحة‪ ،‬فهذا جائز)‬

‫‪ ‬ملاذا كان َحل السحربالسحرغيرمشروع؟‬


‫الساحر الذي يشرك باهلل د ً‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ائما‪،‬‬ ‫السحر ل ينعقد أصا إل بأن يتقرب الساحر إلى الجني‪ ،‬أو أن يخدم الجني‬

‫كذلك حل السحر بالسحر ل بد فيه من إزالة لسببه وهو ِخدمة شياطين الجن للسحرة‪ ،‬وهذا ل يمكن إل‬
‫َ ّ‬
‫باللستعانة بالجن‪ ،‬فالساحر الثاني الذي ُين ِشر السحر ويرفعه ل بد أن يستغيث أو يتوجه إلى بعض الجن‬

‫ليرفعوا أثرالجن الذين عقدوا السحراألول‪.‬‬

‫فصار إذن أن (السحر األول) من حيث العقد والبتداء ل يكون إل بالشراك باهلل‪ ،‬و(السحر الثاني) من حيث‬

‫الرفع والنشر ل يكون إل بالشرك باهلل كذلك‪ ،‬ولهذا قال الحسن‪( :‬ل يحل السحر إل لساحر) يعني‪ :‬أنه ل يحل‬

‫السحربطريقة غيرشرعية‪ ،‬إل لساحر‬

‫ما املقصود بالنشرة املعروفة واملعهودة عند العرب في الجاهلية؟‬ ‫‪‬‬

‫النشرة عند العرب في الجاهلية هي‪ :‬حل السحربمثله‪ ،‬وقد قال رلسول هللا ﷺ عندما لسئل عن النشرة‪( :‬هي من‬

‫عمل الشيطان)‪ ،‬ألن عقد السحر كان من عمل شيطان جني‪ ،‬فكذلك رفع السحر بسحر مثله يكون من عمل‬

‫شيطان جني‪.‬‬

‫قال العلماء‪ :‬لم التعريف في قوله (النشرة) للعهد؛ يعني النشرة املعهود الستعمالها وهي حل السحربمثله‪.‬‬

‫ما موقف ابن مسعود رض ي هللا عنه من النشرة عن طريق التمائم؟‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫قال رلسول هللا ﷺ عندما لسئل عن النشرة‪« :‬هي من عمل الشيطان» (رواه أحمد بسند جيد و أبو داود‪ ،‬وقال‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لسئل أحمد عنها فقال‪ :‬ابن مسعود يكره هذا كله)‪( ،‬يكره هذا كله) أي‪ :‬أن تكون النشرة عن طريق التمائم التي‬

‫تعلق وفيها ش يء من القرآن ألي غرض‪ :‬لدفع العين‪ ،‬أو لزالة السحر‪ ،‬ورفع الضرر‪ .‬قال إبراهيم النخعي رحمه‬

‫هللا‪( :‬كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن ومن غيرالقرآن) يعني‪ :‬ابن مسعود وأصحابه كذلك‪.‬‬

‫أما النشرة بالستخدام النفث والرقية من غير تعليق‪ ،‬فا يمكن لإلمام أحمد ول لبن مسعود أن يكرهوا ذلك؛‬
‫ً‬
‫ألن النبي ﷺ الستخدم ذلك‪ ،‬وأذن به عما في نفسه‪ ،‬وكذلك في غيره عليه الصاة والسام‪.‬‬

‫‪ ‬ما نوع النشرة الذي أباح ابن املسيب الستخدامه في عاج املبتلى بالسحر؟‬
‫ّ ُّ‬ ‫جاء في البخاري عن قتادة‪( :‬قلت لبن املسيب‪) :‬‬
‫أويؤِخذ عن امرأته ‪-‬بصرف القلب عنها‪ ،-‬أيحل‬ ‫رجل به طب‬
‫عنه؟ أو ينشر؟ قال‪ :‬ل بأس به‪ ،‬إنما يريدون به الصاح‪ ،‬فأما ما ينفع فلم ُي َ‬
‫نه عنه)‪.‬‬

‫يريد ابن املسيب بذلك ما ينفع من النشرة بالتعوذات الشرعية واألدعية وقراءة القرآن والدواء املباح ونحو‬

‫ذلك فهذا لم ُين َه عنه بل أذن فيه‪ ،‬أما النشرة التي هي بالسحر فابن املسيب أرفع من أن يقول‪ :‬إنها جائزة ولم‬

‫ُينه عنها‪ ،‬والنبي ﷺ يقول عنها‪( :‬هي من عمل الشيطان)‪.‬‬


‫‪ ‬بم َّ‬
‫عرف ابن القيم النشرة؟‬
‫(قال ابن القيم‪ :‬النشرة‪ :‬حل السحر عن املسحور‪ ،‬وهي نوعان‪ :‬أحدهما‪) :‬‬
‫حل بسحر مثله‪ ،‬وهو الذي من عمل‬

‫الشيطان‪ ،‬وعليه يحمل قول الحسن‪ ،‬فيتقرب الناشر واملنتشر إلى الشيطان بما ُيحب‪ ،‬فيبطل عمله عن‬

‫املسحور‪ ،‬والثاني‪ :‬النشرة بالرقية والتعوذات واألدوية والدعوات املباحة‪ ،‬فهذا جائز)‪ ،‬فالنوع األول هو حقيقة‬

‫النشرة الشركية‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم حل السحربمثله؟‬

‫ل يجوز ومحرم؛ بل هو شرك باهلل جل وعا؛ ألنه ل يحل السحرإل لساحر‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫بعض العلماء من أتباع املذاهب يرى جواز حل السحر بمثله إذا كان للضرورة كما قال فقهاء مذهب‬ ‫‪-‬‬
‫ً‬
‫المام أحمد في بعض كتبهم‪( :‬ويجوز حل السحربمثله ضرورة)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫عوضا عنها‪ .‬معروف أن‬ ‫وهذا القول ليس بصواب؛ ألن الضرورة ل تكون جائزة ببذل الدين والتوحيد‬
‫ً‬
‫الضروريات الخمسة التي جاءت بها الشرائع أولها (حفظ الدين)‪ ،‬وما هو دونها مرتبة ل يبذل ما هو أعلى‬

‫لتحصيل ما هو أدنى‪ ،‬وضرورة (الحفاظ على النفس) هذه ل شك أنها من الضروريات الخمس لكنها دون حفظ‬
‫ً‬
‫الدين مرتبة‪ ،‬ولهذا ل يقدم ما هو أدنى على ما هو أعلى‪ ،‬أو أن ُيبذل ما هو أعلى لتحصيل ما هو أدنى من‬

‫الضروريات الخمس‪.‬‬

‫واألنفس ل يجوز حفظها بالشرك‪ ،‬وهذا أن يموت وهو على التوحيد ل شك أنه ِخير له من أن يعافى وقد أتى‬
‫ن َّ‬
‫إل بشرك‪ ،‬والذي يأتي الساحر ويطلب منه َّ‬
‫حل السحر هذا معناه أنه‬ ‫بشرك باهلل جل وعا‪ .‬والسحر ل يكو‬

‫رض ي قوله وعمله‪ ،‬ورض ي أن يعمل به ذاك‪ ،‬ورض ي أن يشرك ذاك باهلل ألجل منفعته‪ ،‬وهذا غيرجائز‪ ،‬فا يجوز‬

‫أن يحل السحر بمثله ل من جهة الضرورة ول من غير الضرورة من باب أولى بسحر مثله بل يحل وينشر بالرقى‬

‫الشرعية‪.‬‬

‫باب ما جاء يف التطري‬

‫ما منالسبة (باب ما جاء في التطير) لألبواب التي قبله؟‬ ‫‪‬‬

‫جاء الشيخ رحمه هللا بهذا الباب بعد األبواب املتعلقة بالسحر ألن الطيرة نوع من أنواعه كما جاء في نص‬

‫الحديث‪.‬‬

‫ما منالسبة (باب ما جاء في التطير) لكتاب التوحيد؟‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫ّ‬
‫منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد‪ :‬أن التطيرنوع من الشرك باهلل جل وعا بشرطه‪ ،‬والشرك الذي يكون من‬

‫جهة التطيرمناف لكمال التوحيد الواجب ألنه شرك أصغر‪.‬‬

‫‪ ‬ما حقيقة التطير؟‬

‫حقيقته أنه تشاؤم أو تفاؤل بحركة الطير من السوانح والبوارح أو النطيح أو القعيد‪ ،‬أو بغير الطير‪ ،‬فإذا أراد‬
‫)‬
‫أحد أن يذهب إلى مكان أو يمض ي في لسفرأو أن يعقد له ً‬
‫ِخيارا‪ ،‬فيستدل بما يحدث له من أنواع حركات الطيور‪،‬‬
‫ّ‬
‫أو بما يحدث له من الحوادث أن هذا السفر لسفر لسعيد فيمض ى فيه‪ ،‬أو أنه لسفر س يء وعليه فيه َو َبال فيرجع‬

‫عنه‪.‬‬

‫‪ ‬ما ضابط الطيرة الشركية؟‬


‫َ‬
‫ضابط الطيرة الشركية‪ :‬أن تقع في القلب‪ ،‬ويبني عليها املرء َمض ًاء في الفعل أو َر ًدا عن الفعل‪ .‬فمن قامت في قلبه‬

‫وحصل له شرطها وضابطها فهو مشرك الشرك األصغر‪.‬‬

‫قال عليه الصاة والسام‪( :‬إنما الطيرة ما أمضاك‪ ،‬أو ردك) فالطيرة شرك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مثا‪ :‬إذا ِخرج الرجل من بيته وهو ينوي ً‬
‫لسفرا أورحلة‪ ،‬أو ينوي القيام بصفقة تجارة أو نحو ذلك‪ ،‬فحصل أمامه‬
‫حادث من تصادم لسيارة أو اعتداء من واحد على آِخر أو نحو ذلك‪ ،‬فجعل من هذا الحادث في قلبه ً‬
‫شؤما‪ ،‬ثم‬

‫الستدل بهذا الحادث على أنه لسيفشل في لسفره أو في تجارته أو أنه لسيصيبه مكروه في لسفره‪:‬‬

‫يمض فقد حصل له التطيرالشركي‪.‬‬


‫‪ -‬فإذا رجع ولم ِ‬
‫‪ّ -‬أما إذا وقع ذلك في قلبه مجرد وقوع‪ ،‬وحصل له نوع تشاؤم؛ ولكنه مض ى وتوكل على هللا فهذا ل يكاد يسلم‬
‫َ َ ّ َّ َ َ ّ َ ُ ُ ُ ّ‬
‫الت َو ّكل)‪ .‬فالتطيرالسم عام ليس ً‬
‫ِخاصا‬ ‫ِ‬ ‫منه أحد‪ ،‬وكما جاء في حديث ابن مسعود (وما ِمنا إل‪ ،‬ول ِكن هللا يذ ِهبه ِب‬

‫بالطيروحركاتها‪.‬‬

‫‪ ‬ما الفرق ما بين العيافة والطيرة؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫العيافة متعلقة بالطير كما فسرها عوف األعرابي بقوله‪ :‬العيافة زجر الطير‪ ،‬فالشخص يحرك الطيرويزجرها‬

‫حتى ينظرأين تتحرك‪.‬‬

‫وأما الطيرة‪ :‬أن يتشاءم أو يتفاءل‪ ،‬ويمض ي أو يرجع‪ ،‬بحركة تحصل أمامه من الطيرأو من غيره‪.‬‬
‫َ ) َّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ ُ ََ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ‬ما تفسير قوله تعالى في لسورة األعراف‪﴿ :‬ف ِإذا َج َاءت ُه ُم ال َح َسنة قالوا لنا َه ِذ ِه َو ِإن ت ِصب ُهم َلس ِّيئة َيط َّي ُروا‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ ُ‬
‫كن أكث َر ُهم ل َيعل ُمون﴾‪10‬؟‬ ‫ِبموس ى ومن معه أل ِإنما طا ِئ ُرهم ِعند ِ‬
‫هللا ول‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫﴿ف ِإذا َج َاءت ُه ُم ال َح َس َنة﴾ أي‪ :‬إذا أتاهم ِخصب ولسعة وزيادة في األرزاق ﴿قالوا ل َنا َه ِذ ِه﴾ يعني نحن املستحقون‬

‫وس ى َو َمن َم َع ُه﴾ أي‪ :‬أصابهم جدب أو نقص في األرزاق أو باء قالوا‪ :‬هذا‬ ‫لها‪َ ﴿ .‬وإن ُتصب ُهم َلس ّي َئ )ة َي َّط َّي ُروا ب ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بسبب شؤم موس ى ومن معه‪ ،‬فهم الذين بسببهم وبسبب أقوالهم وأعمالهم حصل لنا هذا السوء وهذه الويات‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ‬ ‫ً‬
‫فتطيروا بهم؛ أي أنهم جعلوهم لسببا ملا حصل لهم‪﴿ .‬أل ِإنما طا ِئ ُرهم ِعند ِ‬
‫هللا﴾ يعني‪:‬‬

‫‪)1‬ما يطير عنهم من عمل صالح أو طالح‪ ،‬وأنهم يستحقون الحسنات أو يستحقون السيئات كل هذا عند هللا‬

‫جل وعا‪.‬‬

‫‪ )2‬أن لسبب ما يأتيهم من الحسنات أو ما يأتيهم من السيئات قضاء وقدرفهو عند هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة الية السابقة لباب التطير؟‬

‫أن صفة التطير من صفات أعداء الرلسل‪ ،‬ومن ِخصال املشركين الشركية‪ ،‬وإذا كان كذلك فهو مذموم‪ ،‬أما‬

‫أتباع الرلسل فإنهم يعلقون ذلك بما عند هللا من القضاء والقدر‪ ،‬أو بما جعله هللا جل وعا لهم من ثواب‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ‬
‫أعمالهم أو العقاب على أعمالهم كما قال تعالى‪﴿ :‬أل ِإنما طا ِئ ُرهم ِعند ِ‬
‫هللا﴾‪.‬‬

‫‪ ‬ذكرهللا تعالى في لسورة يس صورة من صور التطير‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬


‫اب َأ ِل )‬
‫يم﴾‪11‬؛‬ ‫قال هللا تعالى‪﴿ :‬إ َّنا َت َط َّيرَنا ب ُكم َل ِئن َّلم َت َنت ُهوا َل َنر ُج َم َّن ُكم َو َل َي َم َّس َّن ُكم ّم َّنا َع َذ )‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪[ 10‬األعراف‪.]131 :‬‬


‫‪[ 11‬يس‪.]18 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫الذين ّ‬
‫تطيروا هم املشركون أصحاب القرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ُ َ ُّ ُ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫وقالت أتباع الرلسل‪﴿ :‬قالوا طا ِئ ُركم َّم َعكم أ ِئن ذ ِكرتم﴾‪ 12‬يعني لسبب وقوع السيئات عليكم‪ ،‬أو لسبب‬ ‫‪-‬‬

‫قدوم الحسنات عليكم هذه من ش يء فيكم‪ ،‬فالسوء والعقاب الذي لسينالكم مازم لكم مازمة ما تتطيرون به‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫من عمل لسوء ومن معاداة للرلسل وتكذيب لهم هذا مازم لكم ولستتطيرون به‪﴿ ،‬طا ِئ ُركم َّم َعكم﴾ ألنه من جهة‬
‫ّ‬
‫أنهم فعلوا السيئات‪ ،‬وكذبوا الرلسل وهذا لسيقع عليهم وباله‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ومنالسبة هذه الية للباب كمنالسبة الية قبلها من َّ‬
‫أن هذه هي قالة املشركين وأعداء الرلسل‪.‬‬
‫َ َ َى َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫صف َر»؟‬ ‫‪ ‬ما املراد من النفي في قوله ﷺ‪« :‬ل عدو ‪ ،‬ول ِطيرة‪ ،‬ول هامة‪ ،‬ول‬

‫من املعلوم أن املنفي هنا ليس هو وجود الطيرة؛ ألن الطيرة موجودة من جهة اعتقاد الناس‪ ،‬ومن جهة‬

‫الستعمالها؛ ولكنها باطلة‪ ،‬كذلك العدوى موجودة من جهة الوقوع‪ .‬فالجاهليون ل ينازعون في أصل وجود هذه‬
‫األشياء‪ ،‬فهم يؤمنون بوجودها ويؤمنون ً‬
‫أيضا بتأثيرها‪ ،‬فاملنفي ليس هو وجودها و إنما هو تأثيرها‪ ،‬وهم‬

‫يعتقدون أن العدوى تنتقل بنفسها‪ ،‬فأبطل هللا جل وعا ذلك العتقاد‪.‬‬

‫ولهذا قال العلماء النفي هنا‪ :‬راجع إلى ما تعتقده العرب‪ ،‬ويعتقده أهل الجاهلية بأن (ل) نافية للجنس والسمها‬

‫مذكور وِخبرها محذوف ألجل العلم به‪.‬‬


‫ً‬
‫والخبرتقديره‪( :‬ول عدوى مؤثرة بنفسها ول طيرة مؤثرة أصا؛ بل راجع إلى قضاء هللا وقدره)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فالطيرة ش يء وهمي يكون في القلب ل أثر له في قضاء هللا وفي قدره‪ ،‬فحركة الطائر يمينا أو شمال أو السانح أو‬

‫البارح أو النطيح أو القعيد ل أثر لها في حكم هللا وفي ملكوت هللا وفي قضائه وقدره‪ ،‬وتنتقل العدوى بإذن هللا‬

‫جل وعا‪ ،‬وكذلك ل هامة ول صفر‪.‬‬

‫‪ ‬ما هو الفأل؟‬

‫‪[ 11‬يس‪.]11 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫َ ُ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قال ﷺ‪َ «( :‬و ُيع ِج ُب ِني الفأل»‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الفأل؟ قال‪« :‬الك ِل َمة الط ّي َبة»)‪ ،‬كان ﷺ يحبه وفسره بأنه (الكلمة‬
‫الطيبة)؛ ألنه إذا لسمعها فتفاءل بها في أنه لسيحصل له كذا وكذا من الخيرات‪ ،‬ففي ذلك حسن ّ‬
‫ظن باهلل جل‬

‫وعا وتعظيم له وتعلق القلب به و أنه ل يفعل للعبد إل ما هو أصلح له‪.‬‬

‫الفأل حسن ظن باهلل وهذا مأمور العبد به‪ ،‬والتشاؤم لسوء ظن باهلل جل وعا‪ ،‬ولهذا صار الفأل‬
‫ً‬
‫مذموما‪.‬‬ ‫ممدوحا ومحمو ًدا‪ ،‬وصارالشؤم‬
‫ً‬

‫‪ ‬ما هو نوع الطيرة املأذون به ً‬


‫شرعا؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬
‫تكون الطيرة باألقوال وباألفعال التي تحصل أمام العبد‪ ،‬فإذا كان َثم تطير َّ‬
‫فإن أحسنه الفأل‪ ،‬وهو أن يقع في‬

‫جراء فعل حصل له‪ .‬والدليل ما‬ ‫جراء كلمة لسمعها أو من َّ‬ ‫قلب النسان أنه لسيحصل له كذا وكذا من الخيرمن َّ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫جاء عن أبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر‪ ،‬قال‪( :‬ذ ِك َر ِت الط َي َرة ِعن َد رلسول هللا ﷺ فقال‪« :‬أح َس ُن َها‬
‫َ‬
‫الفأ ُل»)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬ملاذا كان الفأل ً‬
‫محمودا ومأذونا به؟‬ ‫أمرا‬
‫َ‬ ‫)‬ ‫ً‬ ‫الفأل أمر محمود وممدوح ومأذون به ً‬
‫الظن باهلل جل وعا‪.‬‬ ‫محسن‬ ‫شرعا ألن النسان إذا تطير متفائا فإنه‬

‫والفأل في نفسه مطلوب؛ ألن التفاؤل يشرح الصدرويؤنس العبد ُويذهب الضيق الذي ُيوحيه الشيطان ويسببه‬
‫في قلب العبد‪ ،‬فالشيطان يأتي للعبد فيجعله َيتوهم أشياء وأشياء‪ ،‬كلها في َّ‬
‫مضرته‪ ،‬فإذا فتح العبد لنفسه باب‬

‫الفأل أبعد عن قلبه باب تأثيرالشيطان على النفس‪.‬‬


‫املسلم َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الحق عن حاجته؟ وما الدليل على ذلك؟‬ ‫‪ ‬هل ترد الطيرة‬

‫مسلما عن حاجته‪ ،‬فإذا ّردته عن حاجته فقد حصل له الشرك بالتطير‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ل ترد الطيرة‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لقوله ﷺ بعد أن ذكرت عنده الطيرة‪« :‬أح َس ُن َها الفأ ُل‪َ ،‬ول ت ُرد ُمس ِل ًما»‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫ّ‬ ‫(ل َت ُر ّد ُمسل ًما) هذا ِخبر‪ ،‬لكنه متضمن للنهي (ل)‪ ،‬والنهي قد ُي َ‬ ‫َ‬
‫عدل عنه إلى الخبر لتأكيد النهي‪ ،‬كما أن‬ ‫ِ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫األمرقد ُي َ‬
‫عدل عنه إلى الخبرلتأكيد األمر‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و َّلِل َيس ُج ُد َما في َّ َ‬
‫اوات َو َما في األرض من َدآ َّبة﴾‪13‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ‬
‫هذا ِخبر ُمث َبت لكنه كاألمر املؤكد‪ ،‬وهنا‪( :‬ل ت ُرد ُمس ِل ًما) ِخبر منفي لكن فيه النهي عن أن ترد الطيرة مس ًلما عن‬

‫حاجته‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على العبد إذا عرض له ش يء من التشاؤم؟ اذكرالدليل‪.‬‬


‫ّ َ‬ ‫ّ َ َ ََ َُ ّ َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ ََ‬ ‫َ َ َ ُُ َ َ ُ َ َُ‬
‫ات إل أنت‪،‬‬
‫ات إل أنت‪ ،‬ول يدفع السيئ ِ‬‫جاء في قوله ﷺ‪( :‬فإذا َرأى أحدكم ما يك َره فليقل‪ :‬الل ُه ّم ل يأ ِتي ِبالحسن ِ‬
‫َ ُ َ ّ‬ ‫َ‬
‫َول َحو َل َول ق ّوة إل ِب َك)‪ ،‬هذا دعاء عظيم في دفع ما يأتي للقلب من أنواع التشاؤم والطيرة‪.‬‬

‫عما أراد عمله؛ بل عليه أن ُيعظم التوكل على‬ ‫الواجب على العبد إذا عرض له ش يء من التشاؤم أن ل يرجع ّ‬

‫هللا جل وعا؛ ألن هذه األشياء التي تحصل ل تدل على األمور املغيبة ألنها أمور طرأت وو افقت هكذا أمام‬
‫ً‬
‫العبد وليس لها أثرفيما لسيحصل مستقبا‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫إل! َو َلك ّن َ‬
‫هللا ُيذ ِه ُب ُه ِبالت َوك ِل»)‪.‬‬
‫) ََ ّ ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫الط َي َرة ِشرك‪ ،‬وما ِمنا‬ ‫)‬ ‫َّ ُ‬ ‫)‬ ‫مرفوعا‪َ ّ « :‬‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫الطي َرة ِشرك‪ِ ،‬‬
‫الطي َرة ِشرك‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فعن ابن مسعود‬
‫َّ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫(الط َي َرة ِشر )ك) أي‪ :‬الشرك األصغر باهلل جل وعا‪ ،‬قال‪(َ :‬و َما ِمنا إل) أي‪ :‬وما منا إل وقد عرض له و أتى ِلقلبه‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫بعض التطير؛ ألن هذا من الشيطان‪ ،‬والشيطان يأتي القلوب فيغريها بما يفسدها‪ ،‬ومن ذلك التطير‪(َ ،‬ول ِك ّن‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫هللا ُيذ ِه ُب ُه ِبالت َوك ِل)؛ ألن َح َسنة التوكل و إتيان العبد بواجب التوكل ُيذهب عنه كيد الشيطان‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬متى تكون الطيرة شركا؟ وما كفارتها؟‬

‫ضابط كون الطيرة شركا أن ُتر َّد املتطيرعن حاجته‪ ،‬فإذا لم ترده عن حاجته ولم يستأنس لها فا حرج عليه في‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذهبه بالتوكل وتعظيم‬
‫ذلك‪ ،‬إل أن عظمت في قلبه‪ ،‬فربما دِخلت في أنواع محرمات القلوب‪ ،‬والذي يجب أن ي ِ‬
‫الرغبة فيما عند هللا وحسن الظن باهلل جل وعا‪ ،‬قال أحمد من حديث ابن عمرو‪« :‬من َّردته الطيرة عن حاجته‬
‫ّ‬

‫‪[ 13‬النحل‪.]94:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫فقد أشرك»‪ ،‬قالوا‪ :‬فما كفارة ذلك؟ قال‪ :‬أن تقول‪ :‬اللهم ل ِخيرإل ِخيرك‪ ،‬ول طيرإل طيرك)‪( ،‬ل طيرإل ُ‬
‫طيرك)‬
‫أي‪ :‬لن يحصل إل قضاؤك الذي قضيته َّ‬
‫وقدرته على العبد‪ ،‬وعلم املغيبات إنما هو عند هللا جل وعا وحده‪.‬‬

‫بـــــــــــاب مــــــــا جـــــــاء فـــــــي التنجيــــــــــــــم‬

‫‪ ‬ما هو التنجيم؟ وما هي أنواعه؟ وما حكم كل نوع؟‬

‫التنجيم هو ادعاء معرفة املغيبات عن طريق النجوم‪ ،‬وهو ثاثة أنواع‪:‬‬


‫)‬ ‫)‬
‫النوع األول‪ :‬هو اعتقاد أن النجوم فاعلة ومؤثرة بنفسها‪ ،‬وأن الحوادث األرضية ناتجة عن النجوم وعن‬
‫ً َ‬
‫إراداتها‪ .‬وهذا تأليه للنجوم‪ ،‬وهو ما كان يصنعه الصابئة‪ ،‬حيث يجعلون لكل نجم وكوكب صورة وتمثال لت ِحل‬

‫فيها أرواح الشياطين‪ ،‬فتأمرهم بعبادة تلك األصنام واألوثان‪.‬‬

‫وحكم هذا النوع‪ :‬كفرأكبربالجماع‪ ،‬وشرك كشرك قوم إبراهيم‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬هو ما يسمى "علم التأثير"‪ ،‬وهو اللستدلل بحركة النجوم والتقائها و افتر اقها وطلوعها وغروبها‬
‫ً‬
‫على ما لسيحصل مستقبا في األرض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫الك َّهان؛ ألنه يخبر باألمور ّ‬
‫املغيبة عن طريق‬ ‫والذي يفعل هذه األشياء ُويحسنها يقال له "املن ِجم" وهو من‬

‫اللستدلل بحركات األفاك وتحرك النجوم‪.‬‬

‫وحكم هذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر‪ ،‬وهو نوع من الكهانة‪ ،‬وهو كفرباهلل جل وعا؛ ألن النجوم ما ِخلقت‬
‫ً‬
‫لذلك‪ ،‬ولكن هؤلء تأتيهم الشياطين ويجعلون حركة النجوم دليا على ما توحي إليهم بما يريدون وبما لسيحصل‬
‫في املستقبل‪ .‬وقد ُأبطل قول املنجمين في أشياء كثيرة من الو اقع‪ ،‬وذلك نحو ما كان في فتح ّ‬
‫عمورية في قصيدة‬
‫أبي تمام املشهورة‪ :‬السيف أصدق ً‬
‫إنباء من الكتب‪ ....‬وغيرها‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫النوع الثالث‪ :‬وهو أن يتعلم النجوم وحركات النجوم ألجل معرفة اتجاه القبلة‪ ،‬ومعرفة األوقات‪ ،‬وما يصلح من‬

‫األوقات للزرع وما ل يصلح‪ ،‬واللستدلل بذلك على وقت هبوب الرياح‪ ،‬وعلى الوقت الذي أجرى هللا فيه ُلسنته‬

‫أنه يحصل فيه من املطركذا ونحو ذلك‪ ،‬فهذا يسمى "علم التسيير"‪.‬‬
‫ّ‬
‫وحكم هذا النوع‪ :‬رِخص فيه بعض العلماء‪ ،‬ولسبب الترِخيص فيه‪ :‬أن املتعلم يجعل النجوم وحركتها والتقاءها‬
‫ً‬
‫وعامة ول يجعله ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لسببا‪ ،‬وهللا جل وعا جعل النجوم عامات كما قال‪:‬‬ ‫و افتر اقها وطلوعها وغروبها وقتا وزمنا‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ‬
‫النج ِم ُهم َيه َت ُدون﴾‪ ،14‬فهي عامة على حدوث أشياء‪ ،‬مثل طلوع النجم الفاني عامة على دِخول‬‫﴿وعامات و ِب‬

‫وقت الشتاء‪ ،‬وليس بسبب طلوعه دِخل الشتاء‪ ،‬بل الستدللنا بطلوعه على دِخول الشتاء‪ ،‬وإل فهو ليس بسبب‬

‫لحصول البرد‪ ،‬وليس بسبب لحصول الحر‪ ،‬وليس بسبب للمطر‪ ،‬وليس بسبب ملنالسبة غرس النخل أو زرع‬
‫ً‬ ‫املزروعات ونحو ذلك؛ ولكنه )‬
‫وقت‪ ،‬فإذا كان على ذلك فا بأس به قول أو تعل ًما ألنه يجعل النجوم وظهورها‬
‫ً‬
‫وغروبها أزمنة‪ ،‬وذلك مأذون به‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا ِخلق هللا النجوم؟‬


‫ً‬ ‫كما قال جل وعا‪َ ﴿ :‬و َز َّي َّنا َّ‬
‫الس َم َاء الدن َيا ب َم َ‬
‫صاب َ‬
‫ظا﴾‪15‬‬ ‫يح َوحف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زينة للسماء‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ً‬ ‫َ َ َ‬
‫صاب َ‬ ‫َ َ َّ َّ َّ َ َ‬
‫يح َو ِحفظا﴾‪.‬‬ ‫رجوم للشياطين‪ ،‬كما قال هللا جل وعا‪﴿ :‬وزينا السماء الدنيا ِبم ِ‬ ‫‪‬‬
‫عامات يهتدى بها‪ ،‬كما قال جل وعا‪َ ﴿ :‬أ َّمن َّيهد ُيكم في ُظ ُل َمات َ‬
‫الب ّ ِر َوال َبح ِر﴾‪ ،16‬وقال جل وعا‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫﴿ َو َعا َمات َو ِبالنج ِم ُهم َيهت ُدون﴾‪ ،‬فهي عامات يهتدى بها إلى الجهات كجهة القبلة‪ ،‬وجهة الشمال‪ ،‬وجهة‬
‫ُ‬ ‫الغرب‪ ،‬وجهة الشرق‪ ،‬يهتدى بها ً‬
‫أيضا على التجاهات حيث تعرف أن البلد الفانية في اتجاه النجم الفاني‪،‬‬
‫ً‬
‫فإذا أراد السائر ليا في البحر أن يتجه نحو اتجاه هذا النجم فيعلم أنه متجه إلى تلك البلدة‪ ،‬ونحو ذلك مما‬

‫أجرى هللا ُلسنته به‪.‬‬

‫‪[ 14‬النحل‪.]16:‬‬
‫‪[ 11‬فصلت‪.]11:‬‬
‫‪[ 16‬النمل‪.]66:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫لق ُ‬‫(قال البخاري في صحيحه‪ :‬قال قتادة‪َِ :‬خ َ‬


‫ورجوما للشياطين‪ ،‬وعامات‬ ‫هللا هذه النجوم لثاث‪ :‬زينة للسماء‪،‬‬

‫يهتدى بها)‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا لسيجني من يستخدم النجوم بغيرمراد الشرع منها؟‬

‫نصيبه‪ ،‬وتكلف ما ل علم ُله به) وهذا صحيح؛ ألن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأضاع‬ ‫جاء في قول قتادة‪( :‬فمن تأو َل فيها غير َ‬
‫ذلك أِخطأ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النجوم ِخلق من ِخلق هللا ول نفهم لسرها إل بما أِخبر هللا جل وعا به‪ ،‬فما أِخبرنا به أِخذناه‪ ،‬وما لم نخبر به فا‬
‫ُ‬
‫يجوز أن نكلف فيه ذلك‪ ،‬ولهذا قال عليه الصاة والسام‪« :‬إذا ذكر القدر فأمسكوا‪ ،‬وإذا ذكر أصحابي‬

‫فأمسكوا‪ ،‬وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا»‪ ،‬واملراد هنا بذكرالنجوم يعني في غيرما جاء به الدليل‪ ،‬إذا ذكرالقدر‬

‫في غير ما جاءت به األدلة فأمسكوا‪ ،‬وإذا ذكرأصحابي في غيرما جاء به من فضلهم وحسن صحابتهم ولسابقتهم‬

‫ونحو ذلك من الدليل فأمسكوا‪ ،‬وكذلك إذا ذكرت النجوم وما فيها بغير ما جاء به الدليل فأمسكوا؛ ألن ذلك‬

‫ذريعة ألمور محرمة‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم تعلم منازل القمر؟‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫جعل هللا القمر منازل كما قال جل وعا‪َ ﴿ :‬والق َم َر ق َّدرن ُاه َمن ِاز َل َح َّتى َع َاد كال ُعر ُجو ِن الق ِد ِيم﴾‪ ،17‬وله ثمان‬
‫ً‬
‫وعشرون منزل ينزل في كل يوم منزلة منها‪ ،‬وحكم تعلم هذه املنازل على قولين‪:‬‬
‫ً‬
‫األول‪ :‬منعه بعض السلف كراهة‪ .‬فقد كره قتادة تعلم منازل القمر‪ .‬ولم يرِخص ابن عيينة فيه‪ .‬ذكره‬ ‫‪‬‬

‫حرب عنهما‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬رِخص في تعلم املنازل طائفة من أهل العلم منهم أحمد وإسحاق‪ .‬وهو الصحيح؛ ألنه جل وعا‬ ‫‪‬‬
‫ور َ َ َّ َ ُ َ َ َل َ َ ُ َ َ َ ّ َ‬
‫الشم َ َ َ َ َ ُ ً‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫س ِضي ًاء والقم َر ن ا وقدره من ِاز ِلتعلموا عدد ِ‬
‫الس ِنين‬ ‫امتن على عباده بذلك فقال‪ُ ﴿ :‬ه َو ال ِذي جعل‬
‫ّ‬ ‫َوالح َس َ‬
‫اب﴾‪ 18‬وظاهرالية أن حصول املنة به في تعلمه‪ ،‬وذلك دليل الجواز‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪[ 17‬يس‪.]64:‬‬
‫‪[ 18‬يونس‪.]5:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫ّ‬
‫املصدق بالنجوم؟‬ ‫ما حال‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬
‫ََ َ ُ ً‬ ‫ََ َ ُ َ ً َ ّ ُ‬
‫س شع َبة ِم َن‬ ‫َ‬
‫التنجيم نوع من أنواع السحر كما قال رلسول هللا ﷺ‪« :‬م ِن اقتبس شعبة ِمن النج ِ‬
‫وم‪ ،‬فقد اقتب‬

‫السح ِر َز َاد َما َز َاد»‪ ،‬وإذا صدق بالنجوم فإنه مصدق بالسحر‪ ،‬واملصدق بالسحر ل يدِخل الجنة‪ ،‬فعن أبي‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ ) َ َ ُ ُ َن َ َّ َ ُ ُ َ‬
‫الخمر‪َ ،‬و َق ِ ُ َّ‬
‫ص ِد )ق‬
‫الرحم‪َ ،‬و ُم َّ‬
‫اطع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫موس ى رض ي هللا عنه‪ ،‬قال رلسول هللا ﷺ‪« :‬ثاثة ل يدِخلو الجنة‪ :‬مد ِمن‬
‫ب ّ‬
‫السح ِر»‪ ،‬ووجه اللستدلل من هذا الحديث قوله‪( :‬ومصدق بالسحر)‪ .‬قال‪( :‬مدمن الخمر) وإدمان الخمر‬
‫ِ ِ‬
‫من الكبائر‪ ،‬قال‪( :‬وقاطع الرحم) وهو من الكبائر‪ ،‬وقال‪( :‬ومصدق بالسحر) وهو ً‬
‫أيضا من الكبائر‪.‬‬

‫اذكربعض صور التنجيم املعاصرة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مما يدِخل من التنجيم في هذا العصر بوضوح مع غفلة الناس عنه‪ :‬ما يكثر في املجات مما يسمونه البروج‪،‬‬
‫َ‬
‫يض ُعون صفحة أو أقل منها في الجرائد يجعلون عليها رلسم بروج السنة‪ :‬برج األلسد والعقرب والثور إلى آِخره‪،‬‬
‫ً‬
‫مولودا في ذلك البرج يقول‪ :‬لسيحصل لك في هذا‬ ‫ويجعلون أمام كل برج ما لسيحصل فيه‪ ،‬فإذا كان املرء أو املرأة‬

‫الشهر كذا وكذا وكذا‪ ،‬وهذا هو التنجيم الذي هو اللستدلل بالنجوم والبروج على التأثير في األرض‪ ،‬وعلى ما‬

‫لسيحصل في األرض‪ ،‬وهو نوع من الكهانة‪ ،‬ووجوده في املجات والجرائد على ذلك النحو وجود للكهان فيها‪،‬‬
‫فهذا يجب إنكاره ً‬
‫إنكارا للشركيات‪ ،‬ولدعاء معرفة الغيب‪ ،‬وللسحر‪ ،‬وللتنجيم؛ ألن التنجيم من السحر‪ ،‬يجب‬
‫إنكاره على كل صعيد‪ ،‬ويجب ً‬
‫أيضا على كل مسلم أن ل ُيدِخله بيته‪ ،‬وأن ل يقرأه ول يطلع عليه؛ ألنه إن رأى تلك‬

‫البروج وما فيها‪ ،‬ولو أن يعرف ذلك معرفة فإنه يدِخل في النهي من جهة أنه أتى إلى الكاهن غيرمنكرله‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم من يطالع البروج؟‬

‫إذا أتى إلى هذه البروج وهو يعرف البرج الذي ُولد فيه؛ ولكن يقول لسأطلع ماذا قالوا عني‪ ،‬أو ماذا قالوا أنه‬
‫ً‬
‫لسيحصل ملن ولد في هذا البرج‪ ،‬فإنه يكون كمن أتى كاهنا فسأله‪ ،‬فا تقبل له صاة أربعين ليلة‪.‬‬

‫وإذا أتى وقرأ وهو يعلم برجه الذي ُولد فيه أو يعلم البرج الذي ينالسبه وقرأ ما فيه‪ ،‬فهذا كسؤال الكاهن‪ ،‬فإذا‬

‫صدق به فقد كفربما أنزل على محمد ﷺ‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫‪ ‬ما الواجب علينا لنكارهذا املنكر؟‬

‫يدل هذا املنكر على غربة التوحيد بين أهله‪ ،‬وغربة فهم حقيقة هذا الكتاب ‪-‬كتاب التوحيد‪ -‬حتى عند أهل‬
‫ّ‬
‫يؤثم املرء نفسه ول من في بيته بإدِخال‬‫الفطرة وأهل هذه الدعوة‪ ،‬فإنه يجب إنكارذلك على كل صعيد‪ ،‬وأن ل ِ‬
‫ش يء من الجرائد التي فيها ذلك في البيوت؛ ألن هذا معناه إدِخال للكهنة إلى البيوت‪ ،‬وهذا والعياذ باهلل من‬

‫الكبائر‪ ،‬فواجب إنكارذلك وتمزيقه والسعي فيه بكل لسبيل حتى ُيدحض أولئك؛ ألن أهل البروج هم من الكهنة‪،‬‬

‫والتنجيم له معاهد يتعلم فيها الناس حركة النجوم وما لسيحصل بحسابات معروفة وجداول معينة‪ ،‬ويخبرون‬

‫بأنه ما كان في البرج الفاني فإنه لسيحصل كذا وكذا عن طريق تعلم وهمي يغرهم به رؤولسهم وكهانهم‪ .‬فالواجب‬

‫على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس في ذلك بالكلمات‪ ،‬وبعد الصلوات‪ ،‬وفي ِخطب الجمع؛ ألن هذا مما‬

‫كثرالباء به والنكارفيه قليل‪ ،‬والتنبيه عليه ضعيف وهللا املستعان‪.‬‬

‫باب ما جاء يف االستسقاء باألنواء‬

‫‪ ‬ما هي األنواء؟ وما الذي كان يعتقده فيها الجاهليون؟‬

‫(األنواء) هي‪ :‬النجوم‪ُ ،‬يقال للنجم نوء‪ .‬والعرب والجاهليون كانوا يعتقدون أن النجوم واألنواء لسبب في نزول‬
‫ً‬
‫ألسبابا‪ ،‬ومنهم ‪-‬وهم طائفة قليلة‪ -‬من يجعل النوء والنجم هو الذي يأتي باملطر‪ ،‬ويجعلون‬ ‫املطر فيجعلونها‬

‫املفعولت منفعلة عن النجوم وعن حركتها‪.‬‬


‫(اللستسقاء باألنواء) يعني‪ :‬نس َبة السقيا إلى النوء‪َّ ،‬‬
‫وعبررحمه هللا بفظ "اللستسقاء" في قوله‪( :‬باب ما جاء في‬ ‫ِ‬
‫اللستسقاء باألنواء) ألنه جاء في الحديث‪( :‬واللستسقاء بالنجوم)‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪36‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب ملا قبله من األبواب؟‬

‫منالسبة هذا الباب ملا قبله من األبواب أن اللستسقاء باألنواء نوع من التنجيم؛ ألنه نسبة السقيا إلى النجم؛‬
‫وذلك ً‬
‫أيضا من السحرألن التنجيم من السحربمعناه العام‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫ّ‬
‫منالسبته لكتاب التوحيد أن الذي ينسب السقيا والفضل والنعمة الذي أتاه حينما جاءه املطر إلى النوء وإلى‬
‫)‬ ‫ّ‬ ‫)‬
‫ملتفت ُ‬
‫ونالسب النعمة إلى غير هللا جل وعا‪،‬‬ ‫ومتعلق قلبه بغيره‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قلبه عن هللا جل وعا إلى غيره‪،‬‬ ‫النجم هذا‬

‫املسب َبات من نزول املطر ونحوه‪ ،‬وهذا مناف لكمال التوحيد فإن كمال‬ ‫َّ‬ ‫ومعتقد أن النجوم ألسباب لهذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جميعا إلى هللا وحده وأن ل ينسب شيئا منها إلى غيرهللا ولو‬ ‫التوحيد الواجب يوجب على العبد أن ينسب النعم‬
‫لسببا‪ ،‬فينسب النعمة إلى ُمسديها ولو كان من أجرى هللا على يديه تلك النعم ً‬
‫لسببا من األلسباب‬ ‫كان ذلك الغير ً‬
‫ً‬
‫فإنه ل ينسبها إلى غيرهللا جل وعا‪ ،‬كيف وأن النجوم ليست بسبب أصا‪.‬‬
‫ّ‬
‫التعدي عند نسبة النعم إلى غيرهللا عزوجل؟‬ ‫‪ ‬ما أنواع‬
‫ِ‬
‫في ذلك نوعان من التعدي‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنها ليست بألسباب‪.‬‬


‫ً ُ‬ ‫ً‬
‫ألسبابا‪ ،‬وتنسب النعم والفضل السقيا إليها‪.‬‬ ‫ألسبابا لم يجعلها هللا جل وعا‬ ‫الثاني‪ :‬أن تجعل‬

‫وهذا مناف لكمال التوحيد‪ ،‬وكفرأصغرباهلل جل وعا‪.‬‬


‫َ َ ُ َ َ ُ َ َّ ُ ُ َ ّ َ‬
‫﴿وتج َعلون ِرزقكم أنكم تك ِذ ُبون﴾‪14‬؟‬ ‫‪ ‬ماذا قال العلماء في تفسيرقول هللا تعالى‪:‬‬

‫قال علماء التفسير‪ :‬معنى هذه الية‪ :‬وتجعلون شكرما رزقكم هللا من النعم ومن املطرأنكم تكذبون بأن النعمة‬

‫من عند هللا تارة بنسبتها إلى األنواء‪ ،‬وتارة بنسبتها إلى غيرهللا جل وعا‪.‬‬

‫‪[ 11‬الواقعة‪.]21:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫والواجب ً‬


‫جميعا إليه‬ ‫وتفضل أن تنسب النعم‬ ‫وشكرا هلل جل وعا على ما رزق و أنعم‬ ‫شكرا لنعم هللا جل وعا‪،‬‬

‫وحده دون ما لسواه‪.‬‬

‫‪ ‬لم ذم الشرع اتباع أمور الجاهلية؟ وما الدليل على ذلك؟‬


‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عن أبي مالك األشعري رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪( :‬أرَب )ع ِفي أ ّم ِتي ِمن أم ِرال َج ِاه ِل ّي ِة ل َيت ُركون ُه ّن‪ :‬الفخ ُر‬
‫َ َّ َ ُ‬ ‫َ ُ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫األن َس َ‬ ‫َ ّ‬
‫الطع ُ‬ ‫َ‬
‫األح َ‬
‫احة)‪.‬‬ ‫وم‪ ،‬والني‬
‫اب‪ ،‬واللس ِتسقاء ِبالنج ِ‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ف‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫اب‪،‬‬‫س‬ ‫ِفي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(من أم ِر ال َج ِاه ِل ّي ِة) هذا دليل على ذمها وأنها من شعب الجاهلية‪ ،‬ومن مطلوب من هذه األمة أن تبتعد‬ ‫قوله‪ِ :‬‬
‫عنها؛ ألنها مذمومة كما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس أن النبي ﷺ قال‪« :‬أبغض الرجال إلى هللا‬
‫وم ّطلب دم امرئ بغير ّ‬
‫حق ِل ُيهريق دمه‪ ،‬ومبتغ في اللسام لسنة الجاهلية» فكل شعبة من‬ ‫ُ‬
‫ثاثة‪ :‬ملحد في الحرم‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫شعب أهل الجاهلية إذا أرجعت إلى أهل اللسام بعد أن أنقذهم هللا من ذلك ببعثة النبي ﷺ وظهور القرآن‬

‫(من‬
‫والسنة وبيان األحكام فإنه مبتغ في اللسام لسنة الجاهلية‪ ،‬وهو من أبغض الرجال إلى هللا جل وعا‪ ،‬قوله‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫أم ِرال َج ِاه ِل ّي ِة) هذا دليل الذم وليس الِخباربأنها باقية دليل الباحة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪( -‬الفخ ُر ِفي األح َساب( أي‪ :‬على وجه التكبروالرفعة‪.‬‬

‫اب)‪ :‬بالطعن في نسب فان وفان‪ ،‬والتكذيب بنسب فان وفان بغير دليل شرعي‪ ،‬ومن غير‬ ‫َ َ‬ ‫َ ّ ُ‬
‫‪( -‬والطعن ِفي األنس ِ‬
‫حاجة شرعية‪ ،‬فإن القاعدة التي ذكرها المام مالك وغيره من أهل العلم أن الناس مؤتمنون على أنسابهم‪،‬‬
‫ً‬
‫فإذا كان ذكر النسب وأن فانا ينتسب إلى آل فان أو إلى القبيلة الفانية لم يترتب عليه أثر شرعي من إعطاء‬
‫حق لغيرأهله أو بميراث أو بعقد نسبة أو بزواج ونحو ذلك َّ‬
‫فإن الناس مؤتمنون على أنسابهم‪ ،‬أما إذا كان له أثر‬
‫ً‬
‫فا ّبد من الثبات‪ ،‬لسيما إذا كان مخالفا ملا هو شائع متواتر عند الناس‪ ،‬فالطعن في األنساب من أمور‬

‫الجاهلية‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫َ ُ ّ‬
‫الن ُجوم( وهو نسبة السقيا إلى النجوم‪ ،‬ويشمل ً‬
‫أيضا ما هو أعظم من ذلك كحال الذين‬ ‫ِ‬ ‫‪(َ -‬واللس ِتسقاء ِب‬
‫ُ‬
‫يعتقدون أن الحوادث األرضية تحصل بالنجوم نفسها‪ ،‬وأن النجوم هي التي تحدث املقدرات األرضية‬

‫واملنفعات األرضية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ام َيو َم ال ِق َيا َم ِة َو َع َلي َها ِلسرَب )‬
‫ال ِمن ق ِط َران‪َ ،‬و ِدر )ع ِمن َج َرب(‬ ‫(النائ َح ُة إ َذا َلم َت ُتب َقب َل َموت َها ُت َق ُ‬
‫ِ‬
‫َ َ ّ‬ ‫َ ّ‬
‫الن َي َ‬
‫احة(‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫‪( -‬و‬
‫ِ ِ‬
‫َّ َ ُ‬
‫احة من الكبائر وهي‪ :‬رفع الصوت عند املصيبة وشق الجيب ونحو ذلك‪ ،‬وهي منافية للصبر‬ ‫رواه مسلم‪ .‬الني‬

‫الواجب ومن ِخصال الجاهلية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫لسم ِاء كانت ِم َن اللي ِل)؟‬ ‫‪ ‬ما معنى قوله‪( :‬على ِإث ِر‬

‫لسماء‪ :‬أي مطر‪ ،‬املطريطلق عليه لسماء؛ ألنه يأتي من جهة العلو‪ ،‬ويقال له لسماء‬

‫‪ ‬ما حكم قول‪( :‬هللا ورلسوله أعلم)؟‬

‫هذه من الكلمات التي تقال في حياته ﷺ‪ ،‬ألن ذكرعلم النبي ﷺ مقيد بحياته الشريفة عليه الصاة والسام‪،‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫ال َ ّب ُكم؟» َق ُالوا‪ُ :‬‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ََ ّ‬
‫هللا َو َر ُلسول ُه أعل ُم)‪ .‬بعد وفاته‬ ‫ال‪« :‬هل تد ُرون َماذا ق َ ر‬‫اس فق‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫كما جاء في قوله‪( :‬أقبل على‬

‫ﷺ إذا ُلسئل املرء عما ل يعلم فليقل‪( :‬ل أدري) أو فليقل‪( :‬هللا أعلم)‪ ،‬ول يقل‪( :‬هللا ورلسوله أعلم)‪.‬‬

‫‪ ‬ورد في السنة اِختاف أحوال العباد بعد نزول املطر‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫في قوله‪( :‬أص َب َح ِمن ِع َب ِادي ُمؤ ِم )ن ِبي َوكا ِف )ر( هنا قسم العباد إلى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول‪( :‬مؤمن باهلل جل وعا)‪ ،‬وهو الذي نسب هذه النعمة وأضافها إلى هللا جل وعا‪ ،‬وشكرهللا عليها‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫(ف َأ ّما َمن َق َ‬
‫ال‪ُ :‬م ِطرنا ِبفض ِل هللا‬
‫َ‬ ‫وعرف أنها من عند هللا‪ ،‬فشكر ذلك الرزق َ‬
‫وح ِمد هللا و أثنى عليه به‪ .‬قال‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َو َرح َم ِت ِه فذ ِل َك ُمؤ ِم )ن ِبي كا ِف )ر ِبالكوك ِب) فنسبة النعمة هلل وحده دلت على إيمانه‪.‬‬

‫القسم الثاني (كافر)‪ ،‬ولفظ كافر السم فاعل الكفر‪ ،‬أو السم من قام به الكفر‪ ،‬وهذا قد يصدق على الكفر‬

‫األصغرأو الكفراألكبر‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫َ َ َ َ َ َ‬
‫‪ ‬ما نوع الكفرالذي يقوم بالعبد الذي يقول‪(ُ :‬م ِطرنا ِبنو ِء كذا َوكذا)؟‬
‫)‬
‫لسبب في املطر‪ ،‬فهذا كفره كفر أصغر؛ ألنه ما اعتقد‬ ‫النوع األول‪ :‬الذي يعتقد أن النوء والنجم والكوكب‬
‫َ َ َ َ‬
‫لسببا‪ ،‬ونسب النعمة إلى غيرهللا‪ ،‬فقوله ُ(م ِطرنا ِبنو ِء كذا) إن‬
‫لسببا ً‬
‫التشريك واللستقال؛ ولكنه جعل ما ليس ً‬

‫كانت الباء للسببية يعني‪( :‬مطرنا بسبب نوء كذا وكذا) فهذا من أقوال أهل الكفر‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬الذي اعتقد أن املطر أثر من آثار الكواكب والنجوم‪ ،‬وأنها هي التي تفضلت باملطر‪ ،‬وهي التي‬

‫تحركت بحركة ملا توجه إليها عابدها فأنزلت املطر إجابة لدعوة عابدها‪ ،‬وهذا كفر أكبر بالجماع؛ ألنه اعتقاد‬

‫ربوبية وإلهية غيرهللا جا وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم قول بعض الناس عند هبوب الرياح املحملة باألمطار‪( :‬في الولسم يأتي مطر)‪ ،‬و(طلع نجم لسهيل‬

‫فسيحصل كذا) ونحو ذلك؟‬


‫ينبغي أن َّ‬
‫يفرق بين حالين‪:‬‬
‫الحال األولى‪ :‬أن يقول ذلك ألجل أن النجم أو البرج الذي أتى هو )‬
‫زمن جعل هللا لسنته فيه أن يأتي فيه املطر‬

‫والبرد والصيف ونحو ذلك ‪ ،‬فإذا كان هذا القول معناه (هذا وقت املطر‪ ،‬وإن شاء هللا ينزل املطر ونحو ذلك)‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فهذا جعل للولسم زمنا ووقتا وظرفا وهذا جائز‪.‬‬
‫)‬ ‫الحال الثانية‪ :‬إذا قال ذلك بجعل هذا الفصل أو ذلك البرج أو النجم ً‬
‫لسببا‪ ،‬فهذا كفر‪ ،‬ونسبة للنعمة لغير‬
‫ً‬
‫هللا‪ ،‬واعتقاد تأثير أشياء ل تأثير لها‪ ،‬وهذا شرك وضال‪،‬ألنه نسب األفعال للنجوم إما الستقال وإما على وجه‬

‫التسبب‪.‬‬

‫الناس َمن َي َّتخ ُذ من ُدون َّ َ َ ً ُ َ ُ َ ُ ّ َّ‬


‫للا﴾‬
‫َ َ َّ‬
‫باب قول اهلل تعاىل ﴿و ِمن‬
‫للا أندادا ي ِحبونهم كح ِب ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫[البقرة‪]561:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫شرع المام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا في هذا الباب واألبواب التي بعده في ذكرالعبادات القلبية‪،‬‬

‫وأنها يجب أن تكون هلل جل وعا‪ ،‬فهي من واجبات التوحيد ومكماته‪ ،‬فذكر بعض العبادات القلبية وكيف‬

‫يكون إفراد هللا جل وعا بها‪.‬‬

‫و ابتدأها بباب املحبة‪ ،‬وأن العبد يجب أن يكون هللا جل وعا أحب إليه من كل ش يء حتى من نفسه‪ ،‬وهذه‬

‫املحبة هي‪ :‬محبة العبادة‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى محبة العبادة؟‬


‫َ‬ ‫ً‬
‫هي املحبة التي فيها تعل )ق باملحبوب بما يكون معه امتثال لألمر رغبة واِختيا ًرا َورغب إلى املحبوب‪ ،‬واجتناب‬
‫ً‬
‫واِختيارا‪.‬‬ ‫النهي رغبة‬

‫فمحبة العبادة هي املحبة التي تكون في القلب‪ ،‬يكون معها الرغب والرهب‪ ،‬يكون معها الطاعة‪ ،‬يكون معها‬

‫السعي في مراض ي املحبوب‪ ،‬والبعد عما ل يحب املحبوب‪ ،‬واملوحد ما أتى للتوحيد إل بش يء وقر في قلبه من‬

‫محبة هللا جل وعا؛ ألنه دلته ربوبية هللا جل وعا و أنه الخالق وحده‪ ،‬و أنه ذو امللكوت وحده‪ ،‬و أنه ذو الفضل‬

‫والنعمة على عباده وحده‪ ،‬على أنه محبوب‪ ،‬و أنه يجب أن ُيحب‪ ،‬وإذا أحب العبد ربه فإنه يجب عليه أن يوحده‬
‫بأفعال العبد حتى يكون ً‬
‫محبا له على الحقيقة‪.‬‬

‫‪ ‬ما أنواع املحبة املتعلقة باهلل تعالى؟‬

‫قال طائفة من أهل العلم املحبة املتعلقة باهلل ثاثة أنواع‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬محبة هللا‪ ،‬فمحبة هللا وحده محبة العبادة هذه من أعظم أنواع العبادات الجليلة‪ ،‬ويجب إفراد‬

‫هللا جل وعا بها‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬محبة في هللا‪ ،‬وهو أن يحب الرلسل في هللا عليهم الصاة والسام‪ ،‬وأن يحب الصالحين في هللا‪ ،‬يحب‬

‫في هللا وأن يبغض في هللا‪.‬‬

‫النوع الثالث‪ :‬محبة مع هللا‪ ،‬واملحبة مع هللا محبة العبادة هذه شركية‪ ،‬وهي محبة املشركين للـهتهم؛ فإنهم‬
‫رغبا ً‬
‫ورهبا نتيجة‬ ‫ورهبا نتيجة محبة هللا‪ ،‬ويتقربون إلى اللـهة ً‬
‫رغبا ً‬
‫يحبونها مع هللا جل وعا‪ ،‬فيتقربون إلى هللا ً‬

‫ملحبتهم لتلك اللـهة‪ ،‬فهؤلء مشركون الشرك األكبرباهلل جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬كيف تكون املحبة مع هللا محبة شركية؟‬

‫يتضح املقام بتأمل حال املشركين وعبدة األوثان وعبدة القبور في مثل هذه األزمنة‪ ،‬فإنك تجد املتوجه لقبر‬

‫الولي في قلبه من محبة ذلك الولي وتعظيمه ومحبة لسدنة ذلك القبر ما يجعله في رغب ورهب وفي ِخوف وفي‬

‫طمع وفي إجال حين يتوجه إلى ذلك الولي بأنواع العبادة؛ ألجل تحصيل مطلوبه‪ ،‬فهذه هي محبة العبادة التي‬
‫هي عماد الدين؛ بل هي عماد صاح القلب‪ ،‬فإن القلب ل يصلح إل بأن يكون ً‬
‫محبا هلل جل وعا وأن تكون محبته‬

‫هلل جل وعا أعظم من كل ش يء‪ ،‬وصرفها لغيرهللا جل وعا شرك أكبربه‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي املحبة الطبيعية؟ وما حكمها؟‬

‫النوع الثاني من أنواع املحبة وهي املحبة املتعلقة بغير هللا من جهة املحبة الطبيعية‪ ،‬وهذا أذن فيه الشرع‬

‫وجائز؛ ألن املحبة فيها ليست محبة العبادة والرغب والرهب الذي هومن العبادة‪ ،‬و إنما هي محبة للدنيا‪ ،‬وذلك‬

‫كمحبة الوالد لولده والولد لوالده والرجل لزوجته واألقارب ألقربائهم والتلميذ لشيخه واملعلم ألبنائه ونحو‬

‫ذلك من األحوال‪ ،‬هذه محبة طبيعية ل بأس بها؛ بل هللا جل وعا جعلها غريزة‪.‬‬
‫ُ َ َ ُ ّ َّ‬
‫‪ ‬ما معنى األنداد؟ وما تفسيراملساواة بحب هللا في قوله تعالى‪﴿ :‬ي ِحبون ُهم كح ِب ِ‬
‫للا﴾؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫َ َ َّ‬


‫ونظراء وأكف ًاء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أشباها‬ ‫للا أ َند ًادا﴾‪( .20‬أ َند ًادا)‪ :‬أي‬ ‫ُ‬
‫اس من يت ِخذ ِمن دو ِن ِ‬
‫قال هللا تبارك وتعالى‪﴿ :‬و ِمن الن ِ‬
‫ُ َ َ ُ ّ َّ‬
‫يساوونهم في محبتهم هلل‪ ،‬لهذا قال هللا تعالى‪﴿ :‬ي ِحبون ُهم كح ِب ِ‬
‫للا﴾‪ ،‬ولها تفسيران‪:‬‬
‫َ‬
‫األنداد كحب املشركين هلل‪.‬‬ ‫● األول‪ّ :‬‬
‫يحب املشركون‬
‫َ‬
‫األنداد كحب املؤمنين هلل‪.‬‬ ‫● الثاني‪ :‬يحب املشركون‬
‫َ ُ ّ َّ‬
‫للا﴾ بمعنى مثل؛ أي‪( :‬يحبونهم مثل حب هللا)‪ ،‬وهي كاف املساواة‪،‬‬ ‫واألول أظهر‪ ،‬و(الكاف) هنا في قوله‪﴿ :‬كح ِب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫الِل ِإن كنا ل ِفي ضال ُم ِبين (‪ِ )97‬إذ ن َس ّ ِويكم‬ ‫ولهذا قال جل وعا في لسورة الشعراء ً‬
‫مخبرا عن قول أهل النار‪﴿ :‬ت ِ‬
‫َ ّ َ َ َ‬
‫املين﴾‪ ،21‬قال العلماء‪َ ( :‬لسووهم برب العاملين في املحبة بدليل هذه الية‪ ،‬ولم يسووهم برب العاملين في‬ ‫ِبر ِب الع ِ‬
‫الخلق والرزق و أفراد الربوبية)‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم تقديم محبة غيرهللا على محبة هللا؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬

‫تقديم محبة غير هللا على محبة هللا كبيرة من الكبائر‪ ،‬ومحرم من املحرمات؛ ألن هللا توعد عليها‪ ،‬وحكم على‬
‫َ َ َ ُ ّ َ َّ‬
‫للا َو َر ُلس ِول ِه‬
‫َ َ َ ُُ َ َ َ ُُ‬ ‫ُ‬
‫فاعلها بالفسق والضال‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬قل ِإن كان آباؤكم و أبناؤكم﴾ إلى قوله‪﴿ :‬أح َّب ِإليكم ِمن ِ‬
‫َ َ َ َّ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ‬
‫للا ِبأم ِر ِه﴾‪.22‬‬ ‫َو ِج َهاد ِفي َلس ِب ِيل ِه فتربصوا حت ٰى يأ ِتي‬

‫هذا يدل على أن محبة هللا جل وعا واجبة‪ ،‬ويجب أن تكون فوق كل محبوب‪ ،‬ويدل على أن الواجب لتكميل‬
‫العبد َ‬
‫هللا أعظم من محبته ألي ش يء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫التوحيد أن يحب‬
‫ً‬
‫مستشهدا بقول شيخ اللسام في ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬ما حكم محبة النبي ﷺ؟ وما حقيقتها؟‬

‫محبة النبي ﷺ هي محبة في هللا وليست محبة مع هللا؛ ألن هللا هو الذي أمرنا بحب النبي ﷺ‪ ،‬ومحبته ألجل‬

‫محبة هللا؛ فإن من أحب هللا جل وعا أحب رلسله‪.‬‬

‫‪[ 10‬البقرة‪.]165:‬‬
‫‪[ 11‬الشعراء‪.]42 -49:‬‬
‫‪[ 11‬التوبة‪.]19:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫َ ّ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ ّ َ ُ َ َ َ َّ َ‬
‫عن أنس رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪( :‬ل يؤ ِمن أحدكم حتى أكون أحب ِإلي ِه ِمن ول ِد ِه وو ِال ِد ِه والن ِ‬
‫اس‬
‫َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫أج َم ِعين( ‪ 23‬وفي حديث عمراملعروف (أنه قال للنبي ﷺ‪ِ :‬إل ِمن نف ِس ي‪ ،‬فقال « َيا ُع َم ُر َح َّتى أكون أ َح َّب ِإلي َك ِمن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الن َيا ُع َم ُر») أي‪ :‬الن َّ‬
‫كملت إيمانك‪.‬‬ ‫نف ِس َك»‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أنت الن أحب إلي من نفس ي‪ ،‬قال «ف‬

‫قدم محبة النبي ﷺ على محبة الولد والوالد والناس‬ ‫فقوله‪َ ( :‬ل ُيؤم ُن َأ َح ُد ُكم) أي‪ :‬ل يؤمن اليمان الكامل حتى ُي ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫محاب‬ ‫أجمعين‪ ،‬وحتى يكون النبي ﷺ في نفسه أحب إليه وأعظم منهم‪ ،‬ويظهر هذا بالعمل‪ ،‬فإذا كان يقدم‬

‫هؤلء على ما فيه مرضاة هللا جل وعا وعلى ما أمر به النبي ﷺ‪ ،‬فإن محبته للنبي ﷺ تكون ناقصة؛ ألن املحبة‬
‫ُ ّ‬
‫حركة‪ ،‬كما قال شيخ اللسام في كتابه قاعدة في املحبة يقول‪( :‬املحبة هي التي تحرك‪ ،‬الذي يحب الدنيا يتحرك‬
‫م ِ‬
‫إلى الدنيا‪ ،‬والذي يحب العلم يتحرك للعلم‪ ،‬والذي يحب هللا جل وعا محبة عبادة ورغب ورهب يتحرك ً‬
‫طالبا‬

‫ملرضاته ويتحرك ُمب ِع ًدا عما فيه مساِخط الرب جل وعا‪ ،‬كذلك الذي يحب النبي ﷺ على الحقيقة فإنه الذي‬

‫يسعى في اتباع لسنته‪ ،‬وفي امتثال أمره‪ ،‬و في اجتناب نهيه‪ ،‬والهتداء بهديه والقتداء بسنته عليه الصاة‬

‫والسام)‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن محبة هللا ورلسوله يجب أن تكون مقدمة على محبة ما لسواهما؟‬
‫أحب إليه م ّما لس ُ‬
‫واهما‪ ،‬وأن‬
‫ُ‬
‫ورلسوله َّ‬ ‫او َة اليمان‪َ :‬أن َيكو َن ّ ُ‬
‫للا‬
‫َ )‬
‫اث َمن ُك ّن فيه َو َج َد بهن َح َ‬ ‫قال رلسول ﷺ‪) :‬ث‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫أنق ُذه هللا منه كما َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫ُ ّ َ َ ُ ُّ ّ‬
‫يكر ُه أن ُيقذف في النا ِر)‪.‬‬ ‫فربعد إذ‬
‫ي ِحب املرء ل ي ِحبه إل هلل‪ ،‬وأن يكره أن يعود في الك ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ُ َ َ ) َ ََ‬
‫اوة اليمان َحتى‪....‬إلى آِخره) املقصود بالحاوة هنا‪ :‬الحاوة الناتجة عن تحصيل‬ ‫قال وفي رو اية‪(:‬ل ي ِجد أحد ح‬

‫كمال اليمان؛ ألن اليمان له حاوة توجد في الروح‪ ،‬وكلما لسعى العبد في تكميل إيمانه كلما اشتد َوجده لهذه‬

‫الحاوة‪ ،‬واشتد شعوره بها وباللذة التي تكون في القلب‪.‬‬

‫‪ ‬ما ضابط املحبة في هللا؟ مع ذكراألثرالوارد في ذلك‪.‬‬

‫‪ 13‬أخرجه البخاري (‪ ،)11‬ومسلم (‪.)44‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫املحبة في هللا راجعة إلى التقيد بأوامرهللا ونواهيه‪ .‬قال ابن عباس رض ي هللا عنه‪( :‬من أحب في هللا‪ ،‬و أبغض في‬
‫ُ‬
‫هللا‪ ،‬ووالى في هللا‪ ،‬وعادى في هللا‪ ،‬فإنما تنال َولية هللا بذلك) ‪.‬‬

‫● (أحب في هللا) أي‪ :‬كانت محبته لذلك املحبوب ألجل تقيده بأمرهللا‪.‬‬
‫َ‬
‫● (أبغض في هللا) أي‪ :‬كان بغضه لذلك املبغض ألجل عصيانه ألمرهللا‪.‬‬

‫● (ووالى في هللا) كانت موالته له ألجل العقد الذي بينهما في هللا جل وعا من أِخوة إيمانية‪.‬‬

‫● (وعادى في هللا) كانت معاداته له ملا حصل منه من مخالفة ألمرهللا إما بكفرأو بما دونه‪.‬‬
‫ُ‬
‫(فإنما تنال َولية هللا بذلك) أي‪ :‬إنما يكون العبد َو ًليا من أولياء هللا ينال محبته ونصرته بهذا الفعل‪ ،‬وهو أن‬

‫يحب ويوالي في هللا وأن يبغض ويعادي في هللا جل وعا‪.‬‬


‫ُ ً‬
‫واله َولية)‪ :‬أي أحبه محبة‪ ،‬ونصره نصرة‪.‬‬ ‫َ‬
‫والولية بالفتح هي‪ :‬املحبة والنصرة‪( ،‬‬

‫لِل ال َح ِ ّق﴾‪ ،24‬أي‪ :‬املحبة والنصرة إنما هي هلل جل وعا وليست لغيره‪ .‬وأما‬‫ُ َ َ َ َ َ ُ َّ‬
‫قال جل وعا‪﴿ :‬هن ِالك الولية ِ ِ‬
‫الولية) بالكسر‪ :‬فهي امللك والمارة‪.‬‬
‫( ِ‬
‫‪ ‬ما هي املحبة النافعة والتي تعود على صاحبها بالنفع العظيم؟‬
‫ُ‬
‫املؤاِخاة واملحبة التي تراد للدنيا لن تجدي على أهلها شيئا‪ ،‬فالدنيا قصيرة زائلة‪ ،‬و إنما يغتر بها أهل الغرور‪،‬‬

‫وهي مرتحلة عنهم‪ ،‬وهم مقبلون على آِخرتهم‪ ،‬إنما الذي ُيجدي هو الحب في هللا والرغب في الِخرة‪ .‬فأهل املعرفة‬
‫كمال اليمان وتحقيق التوحيد إنما تكون َ‬
‫محابهم ومشاعرهم القلبية و أنواع العلوم‬ ‫ُ‬ ‫باهلل والعلم باهلل وأهل‬
‫واملعارف و أنواع العبادات واملقامات واألحوال التي تكون في قلوبهم يكون ذلك كله ً‬
‫تبعا ألمرهللا ونهيه ورغبة في‬

‫الِخرة‪.‬‬

‫‪[ 14‬الكهف‪.]99:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫قال ابن عباس رض ي هللا عنهما‪( :‬ولن يجد عبد طعم اليمان ‪-‬وإن كثرت صاته وصومه‪ -‬حتى يكون كذلك‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫صارت عامة مؤاِخاة الناس على أمرالدنيا وذلك ل ُيجدي على أهله شيئا)‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي عاقبة من اتخذ من دون هللا أولياء؟ اذكرما يدل على ذلك‪.‬‬

‫كان املشركون يحبون آلهتهم ويظنون أنها َلستشفع لهم يوم القيامة ألجل مودتهم ومحبتهم لها‪ ،‬لكن تلك األلسباب‬
‫لسببا ً‬
‫نافعا لسينفعهم عند‬ ‫نصيرا‪ ،‬وكل ما ظنوه ً‬ ‫وتلك الحبال املدعاة املوهومة َلستتقطع يوم القيامة ولن يجدوا ً‬
‫َ َّ َ َّ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َّ َ َّ َ ُ‬
‫اب َوتقط َعت‬ ‫ين أت ِب ُعوا ِمن ال ِذين اتبعوا ورأوا العذ‬‫هللا فإنه لسينقطع يوم القيامة كما قال تعالى‪﴿ :‬إذ تبرأ ال ِذ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ُ َ‬
‫اب﴾‪ .‬قال ابن عباس‪( :‬املودة) ‪.‬‬ ‫األلس َب ُ‬ ‫اب﴾‪ ،25‬في قوله‪َ ﴿ :‬وتقط َعت ِب ِهم‬
‫األلس َب ُ‬ ‫ِب ِهم‬

‫ُ‬ ‫ان ُي َخ ّو ُف َأول َي َاء ُه َف َا َت َخ ُاف ُ‬


‫وهم َو َِخافو ِن‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َّ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باب قول هللا تعالى‪ِ :‬‬
‫﴿إنما ذ ِلكم الشيط‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِإن كنتم مؤ ِم ِنين﴾ [آل عمران‪]175:‬‬

‫ُ ُ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َّ َ ُ ُ َ ّ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ‬
‫وهم َوِخافو ِن ِإن كنتم‬ ‫‪ ‬ما منالسبة باب (قول هللا تعالى‪ِ :‬‬
‫﴿إنما ذ ِلكم الشيطان يخ ِوف أو ِلياءه فا تخاف‬
‫َ‬
‫مؤ ِم ِنين﴾) لكتاب التوحيد؟‬

‫هذا الباب في بيان عبادة الخوف‪ ،‬ومنالسبته لكتاب التوحيد ظاهرة‪ :‬وهي أن ِخوف العبد من هللا عبادة من‬

‫العبادات التي أوجبها هللا جل وعا‪ ،‬فالخوف واملحبة والرجاء عبادات قلبية واجبة وتكميلها كمال للتوحيد‪،‬‬

‫والنقص فيها نقص في التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي أقسام الخوف من غيرهللا‪ ،‬وما حكم كل قسم؟‬

‫الخوف من غيرهللا ينقسم إلى ثاثة أقسام‪:‬‬

‫‪[ 11‬البقرة‪.]166 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫القسم األول‪:‬‬
‫َ‬
‫امل ُخوف منه أن يمسه ً‬
‫لسرا بش يء‪ ،‬أو أنه يملك‬ ‫●الخوف الشركي‪ :‬وهو ِخوف السر؛ أي أن يخاف في داِخله من‬
‫ضرا أو ً‬
‫نفعا‪.‬‬ ‫له في آِخرته ً‬

‫فالخوف الشركي‪:‬‬
‫متعلق بالدنيا‪ِ :‬خوف السربأن يخاف أن يصيبه ذلك الله ب َش ّر ً‬
‫لسرا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ِ ِ‬
‫متعلق بالِخرة؛ ِخاف غير هللا؛ ألنه يخاف أن ل ينفعه ذلك الله في الِخرة‪ ،‬فألجل رغبته في أن ينفعه‬ ‫‪-‬‬

‫ذلك الله في الِخرة‪ ،‬وأن يشفع له‪ ،‬وأن يقربه منه وأن يبعد عنه العذاب في الِخرة ِخاف منه‪.‬‬

‫وهذا شرك؛ ألن الخوف أحد العبادات العظيمة التي يجب أن ُيفرد هللا جل وعا بها‪.‬‬

‫القسم الثاني‪:‬‬

‫●الخوف املحرم‪ :‬وهو أن يخاف من مخلوق بامتثال واجب أوجبه هللا‪ ،‬أو بالبعد عن محرم حرمه هللا‪ ،‬مثل‬
‫ً‬
‫الذي يخاف من مخلوق في أداء فرض من فرائض هللا‪ ،‬وفي أداء واجب من الواجبات‪ ،‬فا يصلي ِخوفا من‬
‫ً‬
‫الستنقاصه له‪ ،‬فهذا محرم‪ ،‬قال بعض العلماء‪ :‬وهو نوع‬
‫ِ‬ ‫مخلوق‪ ،‬ول يحضر الجماعة ِخوفا من ذم املخلوق أو‬
‫ً‬
‫من أنواع الشرك‪ ،‬يترك األمروالنهي الواجب بشرطه ِخوفا من ذم الناس أو من ترك مدحهم له‪ ،‬أو من وصمهم‬

‫له بأشياء‪ ،‬فهذا ِخوف رجع على الخائف بترك أمرهللا‪ ،‬وهذا محرم؛ ألن الولسيلة إلى املحرم محرمة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ ُ َ َّ َّ َ َ ُ‬
‫للا﴾ جعل فتنة الناس‬
‫اب ِ‬‫اس كعذ ِ‬ ‫الِل ف ِإذا أ ِوذ َي ِفي ِ‬
‫للا جعل ِفتنة الن ِ‬ ‫اس من يقول آمنا ِب ِ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬و ِمن الن ِ‬
‫كعذاب هللا‪ :‬بأن ِخاف منهم وترك ما أوجب هللا عليه‪ ،‬أو أقدم على ما حرم هللا عليه ِخشية من كام الناس‪.‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬الخوف الطبيعي‪ :‬كخوف من عدو‪ ،‬أو ِخوف من َلس ُبع‪ ،‬أو ِخوف من نار‪ ،‬أو ِخوف من مؤذ‬

‫ومهلك‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فهذا أمرطبيعي مأذون به‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن الخوف من هللا توحيد‪ ،‬والخوف من غيره شرك؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َّ َ ُ ُ َ ّ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ‬
‫وهم َوِخافو ِن ِإن كنتم مؤ ِم ِنين﴾‪ ،26‬وجه اللستدلل‬‫قول هللا تعالى‪ِ ﴿ :‬إنما ذ ِلكم الشيطان يخ ِوف أو ِلياءه فا تخاف‬

‫نهي‪ ،‬والنهي للتحريم‪ ،‬فنهى عن إنزال عبادة الخوف بغيره وهذا‬ ‫وهم﴾ هذا )‬ ‫من هذه الية أنه قال‪َ ﴿ :‬ف َا َت َخ ُاف ُ‬

‫يدل على أنه نهي عن أحد أفراد الشرك‪.‬‬


‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫﴿وِخافو ِن ِإن كنتم مؤ ِم ِنين﴾ أمر بالخوف منه‪ ،‬فدل أن الخوف عبادة من العبادات‪ ،‬وتوحيد هللا بهذه‬ ‫قال‪:‬‬
‫توحيد‪ ،‬وإشراك غيرهللا معه في هذه العبادة )‬
‫شرك‪.‬‬ ‫)‬ ‫العبادة‬

‫‪ ‬ما لسبب الخوف من األعداء وترك فريضة الجهاد؟ وما الدليل على ذلك؟ وما الواجب ملنع هذا السبب؟‬
‫الخوف من األعداء في ترك فريضة الجهاد إنما يكون من ّ‬
‫جراء الشيطان‪ ،‬فالشيطان هو الذي يخوف املؤمنين‬

‫حرما‪.‬‬ ‫أهل التوحيد وأهل اليمان من أوليائه أعداء هللا لكي يتركوا الفريضة‪ ،‬فلهذا صارذلك الخوف ُم ً‬
‫َّ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫قوله جل وعا‪ِ ﴿ :‬إن َما ذ ِلك ُم الشيطان ُيخ ّ ِوف أو ِل َي َاء ُه﴾ معناه على الراجح‪ :‬يخوفكم أولياءه‪ ،‬أي‪ :‬يخوف أهل‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫اليمان من أولياء الشيطان‪ ،‬ففاعل ( ُيخ ّ ِوف) محذوف َد َّل عليه السياق‪ ،‬الفاعل هو الشيطان‪ ،‬يخوف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أولياءه؛ أي‪ :‬يجعل الشيطان أهل التوحيد في ِخوف من أعدائهم‪ .‬وهذا ظاهرمن اليات قبلها‪:‬‬ ‫الناس‬ ‫الشيطان‬

‫يل﴾‪.27‬‬ ‫اس َقد َج َم ُعوا َل ُكم َفاِخ َشو ُهم َف َز َاد ُهم إ َيم ًانا َو َق ُالوا َحس ُب َنا َّ ُ‬
‫للا َو ِنع َم ال َو ِك ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ ُ ُ َّ ُ َّ َّ‬
‫الن َ‬ ‫﴿ال ِذين قال لهم الناس ِإن‬
‫ِ‬
‫والواجب أن ل يخاف العبد إل ربه جل وعا‪ ،‬وأن ُينزل ِخوفه به‪ ،‬وأن ل يخاف أولياء الشيطان‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم الخشية من هللا؟ اذكرالدليل على ذلك‪.‬‬

‫أِخص من الخوف‪ ،‬وقد هللا أثنى على أولئك بأنهم جعلوا ِخشيتهم من هللا وحده دون ما لسواه‪ ،‬فقال‬ ‫ّ‬ ‫الخشية‬

‫للا﴾‪ ،28‬ووجه‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ‬
‫ش إ َّل َّ َ‬ ‫للا َمن َآم َن ب َّ َ َ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬إ َّن َما َيع ُم ُر َم َس َ َّ‬
‫الِل واليو ِم ال ِِخ ِر و أقام الصاة و آتى الزكاة ولم يخ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫اجد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للا﴾ هذا نفي (ولم) والستثناء (إل)‪ ،‬ومجيء أداة اللستثناء بعد النفي يدل على‬ ‫ََ َ َ‬
‫ش إ َّل َّ َ‬
‫الدللة قوله‪﴿ :‬ولم يخ ِ‬
‫الحصروالقصر‪ ،‬فإذن الية دالة على أن الخشية يجب أن تكون من هللا وحده‪.‬‬

‫‪[ 16‬آل عمران‪.]195:‬‬


‫‪[ 17‬آل عمران‪.]196:‬‬
‫‪[ 18‬التوبة‪.]12:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ ‬ما حكم إرضاء الناس بسخط هللا؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬

‫اليمان يزيد بالطاعة وينقص باملعصية‪ ،‬وإرضاء الناس بسخط هللا معصية وذنب ومحرم؛ ألن هذا الذي أرض ى‬

‫الناس بسخط هللا قد ِخافهم أو رجاهم‪.‬‬


‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫للا‪َ ،‬وأن تح َم َد ُهم َعلى‬
‫اس ِبسخ ِط ِ‬ ‫ف الي ِق ِين أن تر ِض ي الن‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫عن أبي لسعيد رض ي هللا عنه مرفوعا‪ِ « :‬إن ِمن ضع ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للا َل ي ُجر ُه حر ُ‬
‫ص َح ِريص َول َي ُرد ُه ك َرا ِهية ك ِاره»‪ ،‬ووجه اللستدلل‬ ‫رزق َّ َ َ ُ َّ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫للا‪ ،‬أن تذم ُهم على ما لم يؤ ِتك للا‪ ،‬و ِرزق ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫للا)‬
‫اس ِبسخ ِط ِ‬ ‫ف الي ِق ِين أن تر ِض ي الن‬
‫من هذا الحديث قوله‪ِ ( :‬إن ِمن ضع ِ‬
‫‪ ‬ما جزاء من أفرد هللا بعبادة الخوف منه؟ وما جزاء من ِخاف الناس في غيررضا هللا؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ‬
‫اس َر ِض َي هللا َعن ُه‪َ ،‬وأرض ى‬ ‫َ‬
‫عن عائشة رض ي هللا عنها‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪( :‬م ِن التمس ِرضا ِ‬
‫للا ِبسخ ِط الن ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َ ُ َّ َ َ َ‬
‫للا َعلي ِه‪َ ،‬وأسخط عليه الناس)‪ .29‬هذا جزاء الذي‬ ‫للا‪ ،‬سخط‬
‫اس ِبسخ ِط ِ‬ ‫عنه الناس‪ ،‬وم ِن التمس ِرضا الن ِ‬
‫أفرد هللا بعبادة الخوف‪ ،‬وجزاء الذي لم ُيك ِمل التوحيد في عبادة الخوف‪.‬‬
‫َ ُ َ َ َ َ ُ َّ‬
‫الن َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ‬
‫اس) فالذي التمس رضا هللا بسخط الناس‬ ‫اس َر ِض َي هللا عنه‪ ،‬وأرض ى عنه‬
‫للا ِبسخ ِط الن ِ‬
‫(م ِن التمس ِرضا ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫وِخشيه وط ِم َع‬ ‫هذا عظم هللا وِخافه‪ ،‬ولم يجعل فتنة الناس كعذاب هللا‪ ،‬بل جعل عذاب هللا أعظم‪ ،‬فخاف هللا‬
‫فيما عنده‪ ،‬ولم يلتفت إلى الناس ولم يرفع بهم ً‬
‫رألسا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ط عليه الناس) ألنه ارتكب ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ‬
‫ذنبا أن ِخاف الناس‪،‬‬ ‫للا‪ ،‬سخط للا علي ِه‪ ،‬وأسخ‬
‫اس ِبسخ ِط ِ‬‫(وم ِن التمس ِرضا الن ِ‬
‫لسببا لعمل املحرم أو ترك فريضة من فرائض هللا‪ ،‬فكان جزاؤه أن سخط هللا عليه‪ ،‬وأسخط‬ ‫وجعل ِخوفه منهم ً‬

‫عليه الناس‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َ ََ‬


‫للا فتوكلوا ِإن كنتم ُمؤ ِم ِنين﴾املائدة‪23:‬‬
‫باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬وعلى ِ‬

‫‪ 11‬رواه ابن حبان في صحيحه‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َّ ُ‬
‫للا فت َوكلوا ِإن كنتم ُمؤ ِم ِنين﴾؟‬
‫‪ ‬ما لسبب عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬وعلى ِ‬
‫ّ‬
‫عقد الشيخ هذا الباب لبيان أن عبادة التوكل على هللا فريضة من الفرائض‪ ،‬وواجب من الواجبات‪ ،‬وعبادة‬

‫عظيمة‪ ،‬وشرط في صحة اللسام وصحة اليمان‪.‬‬


‫)‬ ‫توحيد‪ ،‬وأن التوكل على غيرهللا )‬
‫)‬ ‫ّ‬
‫مخرج من امللة‪.‬‬ ‫شرك‬ ‫وأن إفراد هللا جل وعا بالتوكل‬

‫‪ ‬ما حقيقة التوكل على هللا؟‬


‫ُ ُّ‬
‫صرفه كيف‬
‫حقيقة التوكل على هللا جل جاله هي‪ :‬أن العبد يعلم أن هذا امللكوت إنما هو بيد هللا جل وعا ي ِ‬
‫يشاء‪ّ ،‬‬
‫فيفوض األمر إليه‪ ،‬ويلتجئ بقلبه في تحقيق مطلوبه‪ ،‬وفي الهرب مما يسوغه‪ ،‬ويعتصم باهلل جل جاله‬
‫َ‬
‫حاجت ُه باهلل ويفوض ُ‬ ‫وحده‪ ،‬فينزل‬
‫أمره إلى هللا‪ ،‬ثم يعمل السبب الذي أمرهللا به‪.‬‬
‫التوكل كما قال المام أحمد‪ :‬عمل القلب‪ ،‬فهو عبادة قلبية محضة‪ ،‬ولهذا صار إفراد هللا جل وعا بها ً‬
‫واجبا‪،‬‬
‫ً‬
‫وصارصرفها لغيرهللا جل وعا شركا‪.‬‬

‫‪ ‬ما الذي يجتمع في حقيقة التوكل على هللا؟‬

‫التوكل في الشرع تجتمع فيه‪:‬‬

‫عبادة قلبية عظيمة وهي‪ :‬تفويض األمرإلى هللا جل وعا واللتجاء إليه ‪،‬والعلم بأنه ل أمرإل أمره ول‬
‫ً‬
‫ش يء إل بما قدره وأذن به كونا‪.‬‬

‫فعل األلسباب‪ :‬فترك فعل األلسباب أو العتماد على السبب وحده وترك تفويض األمرإلى هللا جل وعا‬
‫كل ذلك ينافي حقيقة التوكل الشرعية‪ ،‬بل إن نفس اليمان )‬
‫لسبب من األلسباب التي يفعلها املتوكلون على هللا؛‬
‫وكذلك نفس التوكل على هللا )‬
‫لسبب من األلسباب‪.‬‬

‫من هو العبد املتوكل على هللا في الشرع؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫َّ‬
‫املسبب‬ ‫املتوكل في الشرع هو من عمل السبب ّ‬
‫وفوض األمرإلى هللا جل وعا في النتفاع بالسبب‪ ،‬وفي حدوث‬

‫من ذلك السبب‪ ،‬وفي توفيق هللا وإعانته‪ ،‬فإنه ل حول ول قوة إل به جل وعا‪.‬‬

‫ما حالت التوكل على غيرهللا؟‬

‫التوكل على غيرهللا جل وعا له حالن‪:‬‬

‫الحال األولى‪:‬‬
‫ً‬
‫أن يكون شركا أكبر‪ ،‬وهو أن يتوكل على أحد من الخلق فيما ل يقدرعليه إل هللا جل جاله‪:‬‬

‫يتوكل على املخلوق في مغفرة الذنب‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫يتوكل على املخلوق في تحصيل الخيرات األِخروية‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫يتوكل على املخلوق في تحصيل ولد له‪ ،‬أو تحصيل وظيفة له‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫يتوكل عليه بقلبه وهو ل يقدرعلى ذلك الش يء‪ ،‬وهذا يكثر عند عباد القبور‪ُ ،‬‬
‫وع ّباد األولياء فإنهم يتوجهون إلى‬

‫املوتى بقلوبهم‪ ،‬يتوكلون عليهم؛ بمعنى أنهم يفوضون أمر صاحهم فيما يريدون في الدنيا والِخرة على أولئك‬

‫املوتى‪ ،‬وعلى تلك اللهة واألوثان التي ل تقدرمن ذلك على ش يء‪.‬‬

‫حكمه‪ :‬هذا عبادة صرفت لغيرهللا جل وعا وهو شرك أكبرباهلل جل وعا‪ ،‬مناف ألصل التوحيد‪.‬‬

‫الحال الثانية‪:‬‬

‫أن يتوكل على املخلوق فيما أقدره هللا جل وعا عليه‪ ،‬حكمه‪ :‬هذا نوع شرك؛ بل هو شرك ِخفي وشرك أصغر‪،‬‬

‫ولهذا قال طائفة من أهل العلم‪( :‬إذا قال‪" :‬توكلت على هللا وعليك" فإن هذا شرك أصغر)‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ما حكم قول‪( :‬توكلت على هللا ثم عليك)؟‬

‫ل يجوز أن يقول‪( :‬توكلت على هللا ثم عليك)؛ ألن املخلوق ليس له نصيب من التوكل؛ فإن التوكل إنما هو‬

‫تفويض األمر واللتجاء بالقلب وطمعه ورغبته في تحصيل املطلوب إلى من بيده األمر ومن يملكه وهو هللا جل‬
‫ً‬
‫وعا‪ ،‬واملخلوق ل يستحق شيئا من ذلك‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫‪ ‬هل طلب املعونة من شخص في أمرما يكون ُيخل بعبادة التوكل؟‬


‫ل‪ ،‬ألن املخلوق إنما هو )‬
‫لسبب فيما أقدره هللا عليه‪ ،‬والعبد يفوض أمر النفع بهذا السبب إلى هللا جل وعا‪،‬‬
‫ُ‬
‫فيتوكل على هللا ويأتي بالسبب الذي هو النتفاع من هذا املخلوق بما جعل هللا جل وعا له من النتفاع أو من‬

‫القدرة ونحو ذلك‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫الستقال‪ ،‬لذا ل يجوز التوكل عليه‪ ،‬و إنما يجعله ً‬
‫شفيعا‪ ،‬أو والسطة‬ ‫لسببا بأن يجعله‬ ‫واملخلوق ل يقدرعلى ش يء‬

‫ونحو ذلك‪ ،‬وهذا ل يعني أنه متوكل عليه‪.‬‬


‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫َ ‪60‬‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ‬
‫اهلل ف َعلي ِه‬
‫﴿إن كنتم آمنتم ِب ِ‬
‫للا فتوكلوا ِإن كنتم مؤ ِم ِنين﴾ وقوله‪ِ :‬‬ ‫‪ ‬على ماذا يدل قوله تعالى‪﴿ :‬وعلى ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ت َوكلوا ِإن كنتم مس ِل ِمين﴾‪61‬؟‬

‫دلت اليتان على أن‪ :‬التوكل عبادة‪ ،‬وأن إفراد هللا به جل وعا واجب‪ ،‬و أنه شرط في صحة اللسام وشرط في‬

‫صحة اليمان‪ ،‬وهذا كله يدل على أن انتفاءه ُمذ ِهب ألصل التوحيد ومناف ألصله إذا توكل على غيرهللا فيما ل‬

‫يقدرعليه إل هللا جل جاله‪.‬‬


‫َ َ َ َّ َ َ َّ ُ‬ ‫ّ‬
‫للا فت َوكلوا﴾؟‬
‫‪ ‬لم قدم الجارواملجرورعلى الفعل في قوله‪﴿ :‬وعلى ِ‬
‫َ َ َ َّ‬
‫للا﴾ َّ‬
‫قدم الجار واملجرورعلى‬ ‫علمنا أنه من العبادة‪ ،‬وفي قوله‪﴿ :‬وعلى ِ‬
‫هذه الية فيها األمر بالتوكل‪ ،‬وملا أمر به ِ‬
‫دل ذلك على وجوب إفراد هللا جل وعا بالتوكل‪ ،‬وأن التوكل عبادة يجب‬‫ما يتعلق به وهو الفعل ﴿ َت َو َّك ُلوا﴾‪ ،‬وي َّ‬

‫أن تحصر وتقصرفي هللا جل وعا‪.‬‬


‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬
‫اهلل ف َعلي ِه ت َوكلوا ِإن كنتم مس ِل ِمين﴾ قال‪﴿ :‬ف َعلي ِه‬
‫وكذلك قوله جل وعا في آية لسورة يونس‪ِ ﴿ :‬إن كنتم آمنتم ِب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ت َوكلوا﴾ أفرد التوكل به جل وعا وأمربه‪ ،‬فقدم الجارواملجرور﴿ف َعلي ِه﴾ بما يفيد الحصروالقصروالِختصاص‬

‫باهلل جل وعا‪.‬‬

‫‪[ 30‬المائدة‪.]13 :‬‬


‫‪[ 31‬يونس‪.]84 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫﴿إن كنتم مس ِل ِمين﴾؟‬ ‫‪ ‬ما دللة الشرط في قوله‪ِ :‬‬
‫﴿إن كنتم مؤ ِم ِنين﴾‪ ،‬وقوله‪ِ :‬‬
‫َ َ َ َّ َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫للا فت َوكلوا﴾‬ ‫ّ‬
‫جعل اليمان ل يصح إل بالتوكل‪ ،‬فجعل (الشرط)‪ِ ﴿ :‬إن كنتم مؤ ِم ِنين﴾‪ ،‬و(جزاء الشرط) ﴿وعلى ِ‬
‫فأفردوا هللا بالتوكل‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬
‫اهلل ف َعلي ِه ت َوكلوا ِإن كنتم مس ِل ِمين﴾ قال‪﴿ :‬ف َعلي ِه‬ ‫وكذلك قوله جل وعا في آية لسورة يونس‪ِ ﴿ :‬إن كنتم آمنتم ِب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ت َوكلوا﴾ ثم جعل إفراد التوكل به جل وعا شرط في صحة اللسام‪ ،‬فقال‪ِ ﴿ :‬إن كنتم مس ِل ِمين﴾‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ ُ‬
‫للا َو ِجلت قل ُوب ُهم َو ِإذا ت ِل َيت‬ ‫﴿إنما املؤ ِمنون ال ِذين ِإذا ذ ِكر‬
‫‪ ‬ما صفات املؤمنين املذكورة في قال هللا تعالى‪ِ :‬‬
‫َّ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ً َ َ َ ّ َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ َ َ‬
‫‪61‬‬
‫نفقون﴾؟‬ ‫علي ِهم آياته زادت ُهم ِإيمانا وعلى َرِب ِهم يتوكلون(‪)2‬ال ِذين ي ِقيمون الصاة و ِمما رزقناهم ي ِ‬

‫إذا ذكرهللا َو ِجلت قلوبهم‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫ً‬ ‫وإذا قرئت عليه آيات كتابه ّ‬
‫صدقوا بها و أيقنوا أنها من عند هللا‪ ،‬فازدادوا إيمانا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫متوكلون على ربهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مقيمون للصاة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫منفقون مما رزقهم هللا‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫وصف املؤمنين بهذه الصفات )‬
‫دليل على أن هذه هي أعظم مقامات أهل اليمان‪ ،‬وأن هذه العبادات الخمس‬

‫هي أعظم املقامات‪ ،‬وكل أمور الدين والعبادات والفروع العملية التي يعملها العبد إنما هي فرع عن تحقيق‬

‫هذه الصفات الخمس‪.‬‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫للا َو َم ِن ات َب َع َك ِم َن املؤ ِم ِنين﴾؟‬
‫النبي َحس ُب َك َّ ُ‬ ‫َ ُ َ َّ ُ‬
‫‪ ‬ما معنى ﴿حسبك للا﴾ في قوله تعالى‪﴿ :‬يا أيها ِ‬
‫يعني كافيك هللا وكافي من اتبعك من املؤمنين؛ ألن َ‬
‫الحس َب هو الكافي‪ ،‬والكلمة املشابهة لها َ‬
‫(ح َسب)‪ ،‬تقول‪ :‬هذا‬
‫بناء على كذا‪ ،‬وأما الكافي فهو َ‬
‫الحسب بسكون السين‪.‬‬ ‫ب َح َسب كذا؛ يعني ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪[ 31‬األنفال‪.]1-6 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫للا َف ُه َو َحس ُب ُه﴾‪) 33‬‬


‫دليل على أن هللا جل وعا أمرعباده‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َّ‬
‫وفي الية األِخرى وهي قوله جل وعا‪﴿ :‬ومن يتوكل على ِ‬
‫املؤمنين بالتوكل عليه حتى يكون كافيهم من أعدائهم املشركين‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة الية لهذا الباب؟‬

‫أن هللا َحس ُب من توكل عليه وفيه بيان لفضيلة التوكل وفضيلة املتوكلين عليه‪ .‬فرتب الكفاية والحسب‬

‫بالتوكل عليه لسبحانه ‪.‬‬

‫‪ ‬كيف لنا أن نقوي في قلوبنا عبادة (التوكل)؟‬


‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َّ َ‬
‫للا ف ُه َو َحس ُب ُه﴾‪ ،‬والتوكل على هللا جل وعا يرجع إلى فهم توحيد الربوبية‬
‫قال جل وعا‪﴿ :‬ومن يتوكل على ِ‬
‫ً‬
‫وعظم اليمان بربوبيته لسبحانه‪ ،‬فكلما كان العبد أكثرتأما في ملكوت هللا والسموات واألرض واألنفس والفاق‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ويعظم أمره ونهيه‪ ،‬وينظر أن هللا جل‬
‫كان علمه بان هللا ذو امللكوت و أنه هو املتصرف فيعظم التوكل عليه‪ِ ،‬‬
‫جاله ل ُيعجزه ش يء في األرض ول في السماء لسبحانه وتعالى‪ .‬وبعض املشركين قد يكون عنده من التوكل على‬
‫ُ‬
‫هللا الش يء العظيم‪ ،‬والتوكل على هللا من العبادات التي تطلب من املؤمن‪ ،‬ومن العبادات الواجبة والعبادات‬

‫العظيمة‪.‬‬
‫ُ‬
‫العبد التوكل على هللا‪ ،‬وحقق في القلب معناه فإنه وإن كادته السماوات واألرض ومن فيهن فإن هللا‬ ‫فإذا تحقق‬
‫ً‬
‫مخرجا‪.‬‬ ‫لسيجعل له من أمره ُي ً‬
‫سرا‪ ،‬ولسيجعل له من بينها‬

‫‪ ‬من توكل على هللا كفاه‪ .‬أين نجد هذه الكفاية في لسيرة املصطفى العطرة‪ ،‬وقصة إبراهيم الخليل عليهما‬

‫الصاة السام؟‬

‫يل﴾ قالها إبراهيم عليه السام حين ألقي في النار‪ ،‬وقالها محمد‬ ‫﴿حس ُب َنا َّ ُ‬
‫للا َو ِنع َم ال َو ِك ُ‬ ‫عن ابن عباس‪ ،‬قال‪َ :‬‬

‫يل﴾‪.34‬‬ ‫اس َقد َج َم ُعوا َل ُكم َفاِخ َشو ُهم َف َز َاد ُهم إ َيم ًانا َو َق ُالوا َحس ُب َنا َّ ُ‬
‫للا َو ِنع َم ال َو ِك ُ‬ ‫َّ َّ‬
‫الن َ‬ ‫ﷺ حين قالوا له‪ِ ﴿ :‬إن‬
‫ِ‬

‫‪[ 33‬الطالق‪.]6:‬‬
‫‪[ 34‬آل عمران‪.]196 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫يل﴾‪َ ﴿،‬حس ُب َنا َّ ُ‬


‫للا﴾ أي‪ :‬كافينا هللا‪َ ﴿ ،‬و ِنع َم‬ ‫هذا يبين عظم هذه الكلمة وهي قول املؤمن‪َ ﴿ :‬حس ُب َنا َّ ُ‬
‫للا َو ِنع َم ال َو ِك ُ‬

‫ال َو ِك ُ‬
‫يل﴾ أي‪ :‬ونعم الوكيل ربنا‪.‬‬

‫َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َّ َ ُ َ ُ َ‬
‫السرون﴾األعراف‪99:‬‬‫للا ِإل القوم الخ ِ‬
‫للا فا يأمن مكر ِ‬ ‫باب قوله تعالى‪﴿:‬أفأ ِمنوا مكر ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ّ َّ‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫وقوله‪﴿ :‬ومن يقنط ِمن َّرحم ِة رب ِه ِإل الضالون﴾[الحجر‪.]56:‬‬
‫ِ‬

‫‪ ‬ما املراد بترجمة الباب؟ وما الواجب فيه؟‬


‫ّ‬
‫بيان أن الجمع بين الخوف والرجاء واجب من واجبات اليمان ول يتم التوحيد إل بذلك‪ ،‬فانتفاء الجمع بين‬

‫الخوف والرجاء هذا مناف لكمال التوحيد‪ ،‬فالواجب على العبد أن يجعل ِخوفه مع الرجاء وأن يجعل رجاءه‬

‫مع الخوف وأن ل يأمن املكركما ل يقنط من رحمة هللا جل وعا‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َّ َّ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫الس ُرون﴾‪ 35‬فيها أن املشركين‬
‫للا ِإل القوم الخ ِ‬
‫للا فا يأمن مكر ِ‬‫فالية األولى وهي قول هللا تعالى‪﴿ :‬أفأ ِمنوا مكر ِ‬
‫من صفاتهم أنهم أمنوا عقاب هللا فلم يخافوا‪ ،‬والواجب باملقابل بأن تكون قلوبهم ِخائفة وجلة من هللا جل‬

‫وعا‪.‬‬
‫َ َ َ ُ َ َّ‬
‫‪ ‬قال لسبحانه ﴿أفأ ِمنوا مك َر ِ‬
‫للا﴾ من هم الذين أمنوا من مكرهللا؟ وما الذي أوقعهم في هذا املزلق الخطير؟‬

‫هم املشركون‪ ،‬فإن من صفاتهم األمن من عقاب هللا‪ ،‬وهذا األمن ناتج من ترك عبادة الخوف‪ ،‬وعبادة الخوف‬
‫ّ‬
‫ولسيعظمه ويتقرب‬
‫ِ‬ ‫قلبية؛ فإذا كان الخوف في القلب فإن العبد لسيسعى في مراض ي هللا ويبتعد عن مناهيه‪،‬‬

‫إليه بالخوف‪.‬‬

‫‪ ‬متى يكون الخوف عبادة؟ وكيف يمكن أن نحققه؟‬

‫‪[ 31‬األعراف‪.]11 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫ً‬
‫يكون الخوف عبادة بمعاني‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪-‬أن يتقرب إلى هللا جل وعا بالخوف‪.‬‬

‫‪-‬وأن يتقرب إلى هللا جل وعا بعدم األمن من مكرهللا‪ ،‬وذلك أن هللا هو ذو الجبروت‪.‬‬

‫يمكن أن نحقق الخوف من هللا بفهم صفاته جل وعا وألسمائه التي منها‪ :‬القهار والجبار‪ ،‬وهو الذي يجير ول‬

‫يجار عليه‪ ،‬ونحو ذلك من صفات الربوبية‪.‬‬

‫‪ ‬من الصفات التي يوصف هللا بها على وجه التقييد صفة املكر‪ ،‬ما معنى ذلك؟‬

‫املكر هي صفة نقص؛ ولكنها تكون صفة كمال إذا كانت باملقابلة‪ ،‬لذا فهي تطلق ُمقيدة‪ ،‬فاهلل جل وعا يمكر‬

‫بأوليائه و أنبيائه وبمن مكر بدينه‪ ،‬وفي هذا التقييد إظهار العزة والقدرة والقهر والجبروت ولسائر‬
‫ِ‬ ‫بمن مكر‬

‫صفات الجال هلل لسبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يمكرهللا بمن عصاه وأعرض عنه؟‬

‫هللا جل وعا يستدرج العبد ُويملي له حتى إذا أِخذه لم يفلته‪ ،‬يسرله األمور حتى يظن أنه في مأمن غاية املأمن‪،‬‬
‫فيكون ذلك الستدر ً‬
‫اجا في حقه ‪.‬‬

‫قال النبي ﷺ‪« :‬إذا رأيتم هللا يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلموا أن ذلك الستدراج»‪ ،‬وهذا ظاهرمن‬

‫معنى املكر؛ ألن في معنى املكر والكيد وأمثالهما معنى اللستدراج‪ ،‬ل ترادف في اللغة‪ ،‬بل هناك فروق بين املكر‬
‫ُ‬
‫فاملكرفيه الستدراج‪ ،‬وفيه زيادة‬ ‫واللستدراج‪ ،‬والكيد واللستدراج‪ ،‬ونحوذلك؛ لكن نقول هذا من جهة التقريب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضا على اللستدراج حتى يكون قلب ذلك املستدرج آمنا من كل جهة‪.‬‬

‫‪ ‬حذرهللا من القنوط ما الدليل؟ وما هي دللته؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬


‫الضالون﴾‪ ،36‬بيان أن صفة الضالين هي القنوط من رحمة‬ ‫في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و َمن َيقنط ِمن َرح َم ِة َرِّب ِه ِإل‬
‫ّ‬
‫أن صفة املتقين وصفة املهتدين عدم القنوط من رحمة هللا؛ بل يرجون‬ ‫هللا جل وعا‪ ،‬ومعنى ذلك بمفهوم الية‬

‫رحمته جل وعا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬اِختلف العلماء في جمع الخوف والرجاء في القلب‪ ،‬ومتى ِ‬
‫نغلب أحدهما على الِخر؟‬
‫الجمع بين الخوف والرجاء واجب ً‬
‫شرعا‪ ،‬ألنهما عبادتان‪ ،‬ول بد من اجتماعهما في القلب‪ ،‬لكن تغليب أحدهما‬

‫على الِخريختلف باِختاف الحالت و أقوال العلماء فيهما متباينة ولكنها متفقة في الحقيقة وترجع إلى الحالت‬

‫التالة ‪:‬‬

‫سار ًعا في الخيرات‪ ،‬فهذا يجب أن يتساوى في‬ ‫ُ ً ُ‬


‫إذا كان العبد في حالة الصحة والسامة‪ ،‬وكان مسددا م ِ‬ ‫‪o‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ات‬‫قلبه الخوف والرجاء‪ .‬وهذه الحالة هي التي وصف هللا جل وعا أهلها بقوله‪ِ ﴿ :‬إن ُهم كانوا يس ِارعون ِفي الخي َر ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫ون َنا َر َغ ًبا َو َر َه ًبا َو َك ُانوا َل َنا َِخاشع َين﴾‪ ،37‬وقوله‪ُ ﴿ :‬أو َلئ َك َّالذ َ‬
‫ََ ُ َ‬
‫ين َيد ُعون َيبتغون ِإلى َرِّب ِهم ال َو ِلسيلة أي ُهم أق َر ُب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ويدع‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َير ُجو َن َرح َم َت ُه َو َي َخ ُافو َن َع َذ َاب ُه إ َّن َع َذ َ‬
‫اب َرِّب َك كان َمحذ ًورا﴾‪.38‬‬ ‫ِ‬
‫‪ o‬وإذا كان في حالة الصحة والسامة وعدم دنو املوت‪ ،‬وكان من أهل العصيان‪ ،‬فيجمع في قلبه الرجاء‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫غلب جانب الخوف حتى ينكف عن املعصية‪.‬‬ ‫والخوف‪ ،‬والواجب عليه أن ي ِ‬
‫وإذا كان في حالة املرض املخوف‪ ،‬فيقوم في قلبه الرجاء والخوف‪ ،‬ولكن يجب أن يكون رجاؤه في هللا‬ ‫‪o‬‬
‫أعظم من ِخوفه‪ ،‬لقول النبي ﷺ‪« :‬ل يمت أحدكم إل وهو ّ‬
‫يحسن الظن بربه تعالى»‪.39‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫‪[ 36‬الحجر‪.]56 :‬‬


‫‪[ 37‬األنبياء‪.]40 :‬‬
‫‪[ 38‬اإلسراء‪.]59 :‬‬
‫‪ 31‬رواه مسلم (‪.)7111‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫عقد الشيخ رحمه هللا هذا الباب لبيان وجوب أن يجتمع الخوف والرجاء في القلب‪ ،‬وجاء بهذه األبواب متتالية‬

‫لبيان حالت العبادات القلبية وأحكامها‪.‬‬

‫ما حكم القنوط من رحمة هللا واليأس من َروحه؟ مع ذكرالدليل‪ ،‬والشاهد منه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القنوط من رحمة هللا واليأس من َروحه من الكبائر‪ ،‬فعن ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ :‬أن رلسول هللا ﷺ لسئل‬

‫عن الكبائر؟ فقال‪« :‬الشرك باهلل‪ ،‬واليأس من روح هللا‪ ،‬واألمن من مكرهللا»‪ ،‬ووجه الشاهد من ذلك‪ :‬أنه جعل‬

‫اليأس من روح هللا وهو‪ :‬ذهاب الرجاء من هللا وعدمه من القلب من الكبائر‪ ،‬وجعل األمن من مكر هللا وهو‪:‬‬
‫ً‬
‫جميعا كبيرة أعظم من كبيرة‬ ‫ذهاب الخوف من هللا من الكبائر‪ ،‬فهي كبائرمن جهة أعمال القلوب‪ .‬و انعدامهما‬

‫ترك الخوف وحده من هللا أو ترك الرجاء وحده من هللا جل وعا‪ ،‬ولهذا قرنهما في هذا الحديث‪.‬‬

‫‪ ‬ما الفرق بين (اليأس من روح هللا والقنوط من رحمته)‪ ،‬و(األمن من مكره لسبحانه)؟‬

‫الفرق بين اليأس من روح هللا أو القنوط من رحمة هللا‪ ،‬وبين األمن من مكرهللا‪ ،‬أن اليأس من روح هللا راجع إلى‬

‫ترك عبادة الرجاء‪ ،‬واألمن من مكرهللا راجع إلى ترك عبادة الخوف‪ ،‬واجتماعهما واجب من الواجبات‪ ،‬وذهابهما‬

‫أو ذهاب بعضهما نقص في كمال التوحيد‪.‬‬

‫ما األثرالوارد عن ابن مسعود رض ي هللا عنه في ذلك‪ ،‬وعلى ماذا يدل؟‬ ‫‪‬‬

‫عن ابن مسعود رض ي هللا عنه قال‪« :‬أكبر الكبائر‪ :‬الشراك باهلل‪ ،‬واألمن من مكرهللا‪ ،‬والقنوط من رحمة هللا‪،‬‬

‫واليأس من روح هللا»‪ .‬ويدل على الفرق بين (القنوط من رحمة هللا) و(اليأس من روح هللا)‪ ،‬فجعل القنوط من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رحمة هللا شيئا‪ ،‬وجعل اليأس من روح هللا شيئا آِخر‪ ،‬وهذا الفرق باعتباربعض الصفات ل باعتبارأصل املعنى‪،‬‬

‫فإن القنوط من الرحمة واليأس من الروح بمعنى واحد؛ لكن يختلفان من حيث ما يتناوله هذا ويتناوله هذا‪،‬‬

‫أو أن يكون هناك ترادف في أصل املعنى واِختاف في الصفات‪ ،‬أو بعض ما يتعلق باللفظ‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬القنوط من رحمة هللا) فالقنوط من رحمة هللا عام ولهذا قدمه؛ ألن (الرحمة) أعم من َ‬
‫الروح‪،‬‬

‫فالرحمة تشمل جلب النعم ودفع النقم‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪58‬‬

‫وقوله‪( :‬اليأس من روح هللا) هذا من عطف الخاص على العام‪َ ،‬‬
‫و(روح هللا) يطلق في الغالب في الخاص من‬

‫املصائب‪.‬‬

‫باب من اإلميان باهلل الصرب على أقدار اهلل‬

‫‪ ‬ما معنى الصبر في اللغة؟ وما حقيقته في الشرع؟‬

‫صبرا‪ ،‬إذا ُحبس أو ُربط فقتل من دون ُمبارزة ول قتال‪.‬‬ ‫الصبر في اللغة‪ :‬الحبس‪ ،‬ومنه قولهم‪ :‬قد ُقتل )‬
‫فان ً‬

‫وحقيقة الصبر الشرعي‪ :‬هو صبر ألنه حبس‪ ،‬فهو‪ :‬حبس اللسان عن التشكي‪ ،‬وحبس القلب عن التسخط‪،‬‬

‫وحبس الجوارح عن إظهار التسخط من لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫‪ ‬ما مقصود املص ِنف رحمه هللا من عنوان الباب؟‬
‫لبيان أن الصبر من شعب اليمان قال‪) ( :‬‬
‫باب من اليمان باهلل) أي‪ :‬من ِخصال اليمان باهلل (الصبر على أقدار‬

‫هللا)‪.‬‬
‫ُ‬
‫واليمان له شعب‪ ،‬كما أن الكفر له شعب‪ ،‬فنبه بقوله أن (من اليمان باهلل الصبر) على أن من شعب اليمان‬

‫الصبر‪ ،‬ونبه في الحديث الذي لساقه عن صحيح مسلم أن النياحة من شعب الكفر‪ ،‬فيقابل كل شعبة من‬

‫شعب الكفر شعبة من شعب اليمان‪ ،‬فالنياحة على امليت شعبة من شعب الكفر‪ ،‬يقابلها الصبر على أقدار‬

‫هللا املؤملة شعبة من شعب اليمان‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة (باب من اليمان باهلل الصبر على أقدار هللا) لكتاب التوحيد؟‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫ملا كان الصبر على املصائب قليا عند الناس؛ أفرد الشيخ رحمه هللا تعالى هذا الباب لبيان أن الصبر من كمال‬
‫التوحيد‪َّ ،‬‬
‫ونبه أن الصبر على الطاعة واجب‪ ،‬والصبر عن املعصية واجب‪ ،‬ومن الواجب على العبد أن يصبر‬
‫على أقدار هللا املؤملة؛ ألن التسخط ً‬
‫كثيرا ما يظهر في حال البتاء باملصائب‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ ‬ما هي منزلة الصبرمن اليمان؟‬

‫الصبر من املقامات العظيمة والعبادات الجليلة التي تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح‪ ،‬وحقيقة‬
‫ُ‬
‫العبد األمرالشرعي‪ ،‬وأن يجتنب النهي الشرعي‪ ،‬وأن‬ ‫العبودية ل تثبت إل بالصبر؛ ألن العبادة تتحقق بأن يمتثل‬
‫ُ‬
‫يصبر على املصائب القدرية التي ابتلى هللا جل وعا بها العباد‪ .‬قال المام أحمد رحمه هللا‪( :‬ذكر الصبر في‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫موضعا)‪ ،‬والصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ ألن من ل صبر له على الطاعة‬ ‫القرآن في أكثر من تسعين‬

‫ول صبر له عن املعصية ول صبر له على أقدار هللا املؤملة فإنه يفوته أكثر اليمان‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى أن البتاء قد يحصل بالدين‪ ،‬وقد يحصل باألقدار؟‬

‫وحاصل باألقدار‪ ،‬فحصوله بالدين كما قال جل وعا لنبيه ﷺ في الحديث القدس ي‬ ‫)‬ ‫)‬
‫حاصل بالدين‪،‬‬ ‫البتاء‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ّ‬
‫اض ب ِن ِح َمارقال‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪« :‬قال هللا تعالى‪(ِ :‬إن َما َب َعثت َك ألبت ِل َي َك َو أبت ِل َي ِب َك)‪.‬‬ ‫َ‬
‫الذي رواه مسلم عن ِعي ِ‬
‫فحقيقة بعثة النبي عليه الصاة والسام البتاء باألوامر والنواهي‪ ،‬والبتاء يجب معه الصبر‪ .‬فاألوامرتحتاج‬

‫إلى صبر‪ ،‬واملنهيات تحتاج إلى صبر‪.‬‬

‫وكذلك حاصل باألقدارالكونية التي تحتاج إلى صبر‪.‬‬

‫ولهذا قال طائفة من أهل العلم‪ :‬إن الصبرثاثة أقسام‪:‬‬

‫صبرعلى الطاعة‪ ،‬وصبرعن املعصية‪ ،‬وصبرعلى أقدارهللا املؤملة‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن الصبرعند املصيبة من ثمرات اليمان؟ مع التوضيح‪.‬‬


‫َ‬
‫الِل َيه ِد قل َب ُه﴾‪ ،40‬قال علقمة‪( :‬هو الرجل تصيبه املصيبة‪ ،‬فيعلم أنها‬‫َّ‬ ‫ََ ُ‬
‫الدليل هو قول هللا تعالى‪﴿ :‬ومن يؤ ِمن ِب ِ‬
‫ّ‬
‫من عند هللا‪ ،‬فيرض ى ُوي َس ِلم)‪ .‬هذا تفسير من التابعي علقمة لهذه الية‪ ،‬وهو تفسير ظاهر الصحة والصواب‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الِل َيه ِد قل َب ُه﴾ إنما جاء في لسياق ذكرابتاء هللا باملصائب في الية‪ ،‬فـمن يؤمن‬
‫َّ‬ ‫ََ ُ‬
‫وذلك أن قوله تعالى‪﴿ :‬ومن يؤ ِمن ِب ِ‬

‫‪[ 40‬التغابن‪.]11:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬
‫يعظمه ويمتثل أمره ويجتنب نهيه ( َيه ِد قل َب ُه) للصبر‪ ،‬ولعدم التسخط‪ ،‬وللعبادات‪ ،‬ولهذا قال‪( :‬هو الرجل‬
‫باهلل و ِ‬
‫تصيبه املصيبة فيعلم أنها من عند هللا) وهذا هو اليمان باهلل (فيرض ى ويسلم)‪.‬‬

‫‪ ‬هل ُيعد إظهار التسخط عند املصائب من نقص اليمان؟ اذكر ما يدل على ذلك‪.‬‬
‫ود‪َ ،‬و َش ّق ال ُج ُي َ‬
‫وب‪َ ،‬و َد َعا ِب َدع َوى‬ ‫ض َر َب ال ُخ ُد َ‬
‫َ‬ ‫ً َ َ ّ‬
‫س ِمنا َمن‬‫جاء عن ابن مسعود رض ي هللا عنه مرفوعا‪« :‬لي‬
‫َ َ ّ‬
‫س ِمنا) تدل على أن من فعل هذه األفعال فهو ليس من أهل اليمان وأن فعله من الكبائر‪.‬‬ ‫ال َج ِاه ِل ّي ِة»‪ ،‬وكلمة (لي‬
‫ُ‬
‫ولهذا نقول‪ :‬ترك الصبر‪ ،‬وإظهار التسخط كبيرة من الكبائر‪ ،‬واملعاص ي تنقص اليمان؛ ألن اليمان يزيد‬

‫بالطاعة وينقص باملعصية‪ ،‬و نقص اليمان قد ينقص كمال التوحيد‪ ،‬بل إن ترك الصبر مناف لكمال التوحيد‬

‫الواجب‪.‬‬
‫‪ ‬كيف يمكن للعبد معرفة أن في حصول املصائب )‬
‫ِخيرله؟‬

‫املصائب هي من القدر الراجع إلى حكمة هللا‪ ،‬والتي هي وضع األمور في مواضعها املو افقة للغايات املحمودة‬

‫منها‪.‬‬
‫ً‬
‫فمن وضع األمرفي غيرموضعه فقد ظلم‪ ،‬ومن وضع األمرفي موضعه عدل‪ ،‬وقد يكون عادل لكنه غيرحكيم‪،‬‬

‫فإذا وضع األمرفي موضعه املو افق للغاية املحمودة منه فذاك هو الحكيم‪.‬‬

‫وم َثبت له‬


‫ومثبت له كمال العدل لسبحانه حيث يضع األمور في مواضعها‪ُ ،‬‬
‫وهللا جل وعا منفي عنه الظلم ُ‬
‫ّ‬
‫كمال الحكمة حيث إن وضعه األمور في مواضعها مو افق للغايات املحمودة منها‪.‬‬

‫فنعلم بذلك أن املصيبة إذا أصابت العبد فإن الخيرله فيها‪ ،‬فإما أن يصبرفيؤجر‪ ،‬وإما أن يتسخط فيؤزرعلى‬

‫ذلك‪ ،‬وهذا في حق الخالسرين‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم صبراملسلم على قضاء هللا وقدره؟‬

‫هلل جل وعا الحكمة من البتاء باملصائب‪ ،‬لهذا يجب على العبد أن يعلم أن ما جاء من عند هللا هو قدر هللا‬

‫جل وعا وقضاؤه املو افق لحكمته فيجب عليه الصبر على ذلك‪ ،‬فقوله علقمة‪( :‬هو الرجل تصيبه املصيبة‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فيعلم أنها من عند هللا هو الذي أتى بها‪ ،‬وهو الذي ِأذن بها ً‬
‫قدرا وكونا‪ ،‬فيرض ى‪ -‬أي‪ :‬عن قضاء هللا‪ -‬ويس ِلم)‬

‫لعلمه أنها من عند هللا جل جاله‪ ،‬وهذا من ِخصال اليمان‪.‬‬

‫‪ ‬ما الفرق بين الصبرعلى املصيبة‪ ،‬والرضا بها؟‬


‫ّ‬
‫ويسلم)‪ ،‬الرضا باملصيبة مستحب وليس بواجب‪ ،‬ولهذا يختلط على كثيرين الفرق بين الرضا‬ ‫قوله‪( :‬فيرض ى ِ‬
‫والصبر‪ .‬وتحريراملقام في ذلك‪:‬‬

‫‪-‬أن الصبرعلى املصائب واجب من الواجبات؛ ألن فيه ترك التسخط على قضاء هللا وقدره‪.‬‬

‫‪-‬أما الرضا فله جهتان‪:‬‬

‫‪ ‬الجهة األولى‪ :‬راجعة إلى فعل هللا جل وعا‪ ،‬فيرض ى بقدرهللا‪ ،‬ويرض ى بفعل هللا‪ ،‬ويرض ى بحكمة هللا‪ ،‬ويرض ى‬

‫بقسمة هللا‪ ،‬هذا الرضا واجب من الواجبات‪ ،‬وتركه محرم ومناف لكمال التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬الجهة الثانية‪ :‬راجعة إلى الرضا باملقض ي وباملصيبة في نفسها‪ ،‬هذا الرضا مستحب‪ ،‬وهو رتبة الخاصة من‬
‫عباد هللا‪ ،‬فليس ً‬
‫واجبا على العباد أن يرضوا باملرض‪ ،‬وبفقد الولد‪ ،‬وبفقد املال‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا كانت النياحة شعبة من شعب الكفر؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫اس ُه َما ِب ِهم كف )ر» أي‬
‫قال في صحيح مسلم عن أبي هريرة رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪« :‬اثنت ِان ِفي الن ِ‬
‫َ َّ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احة)‬ ‫ِخصلتان من شعب الكفرقائمتان في الناس ولستبقيان فيهم‪( ،‬الطع ُن ِفي الن َس ِب) من شعب الكفر‪( ،‬والني‬

‫على امليت من شعب الكفر‪.‬‬


‫َ َّ َ ُ َ َ‬
‫احة َعلى امل ّي ِت)‪ ،‬النياحة مخالفة للصبر‪ ،‬والصبرالواجب فيه حبس‬‫وجه الشاهد من هذا الحديث قوله‪( :‬والني‬

‫الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب وحبس اللسان عن التشكي والعويل وهذا من النياحة‪ ،‬فالنياحة من‬

‫شعب الكفر ألنها منافية للصبر‪ ،‬وكونها من شعب الكفر ل يدل على أن من قامت به فهو كافر الكفر املطلق‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪62‬‬

‫املخرج من امللة‪ ،‬بل يدل على أن من قامت به قد قامت به ِخصلة من ِخصال الكفار‪ ،‬وشعبة من شعب الكفر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫اس ُه َما ِب ِهم كف )ر) فنكركلمة (كف )ر)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ي‬‫ف‬‫ِ‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ولهذا قال هنا‪( :‬اثن‬

‫‪ ‬ما هي القاعدة التي حررها األئمة رحمهم هللا كشيخ اللسام في التفريق بين كلمة (كفر) و (الكفر)‬

‫الواردة في النصوص الشرعية؟‬

‫القاعدة في فهم ألفاظ (الكفر) التي تأتي في الكتاب والسنة‪:‬‬


‫ً‬
‫أن الكفرإذا أتى ُمعرفا باأللف والام فإن املراد به الكفراألكبر‪ ،‬كقوله عليه الصاة والسام‪« :‬بين الرجل وبين‬

‫الشرك والكفر ترك الصاة»‪.‬‬


‫ّ‬
‫وإذا أتى الكفرمنك ًرا بدون األلف والام‪ ،‬فإنه يدل على أن تلك الخصلة من شعب الكفر‪ ،‬وأن ذلك كفرأصغر‪،‬‬
‫كما قال عليه الصاة والسام‪« :‬ل ترجعوا بعدي ً‬
‫كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض»؛ ألن ذلك من ِخصال‬

‫الكفار‪ ،‬ونحو ذلك قوله‪« :‬لسباب املسلم فسوق وقتاله كفر» هذا كفرأصغر‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬اذكردليا يبين أن البتاءات من هللا هي محض ِخيرمن هللا بعبده‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫عن أنس رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪« :‬إ َذا َأ َر َاد هللا ب َعبده ال َخي َر َع ّج َل َل ُه ال ُع ُق َ‬
‫وب َة في ّ‬
‫الدن َيا‪َ ،‬و ِإذا أ َرا َد‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َُ‬ ‫ّ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫الق َي َام ِة»‪.‬‬‫ِبعب ِد ِه الش ّرأمسك عنه ِبذن ِب ِه حتى يوافى ِب ِه يوم ِ‬
‫‪ ‬ما أثرالستحضار املصاب لحكمة هللا من املصائب التي يصيب بها عباده؟‬

‫يعظم عنده الصبر‪ ،‬ويتحلى بعبادة قلبية عظيمة أل وهي ترك التسخط والرضا بفعل هللا جل وعا وقضائه‪.‬‬

‫‪ ‬ما ف ِعل هللا لعبده إن أراد به الخير؟‬

‫يعجل له العقوبة في الدنيا إن ِخالف أمره في ملكوته ؛ فيعاقب بمرض‪ ،‬أو بفقد مال‪ ،‬أو بمصيبة أي كان نوعها‪،‬‬

‫فالعقوبة في الدنيا أهون من أن تكون في البرزخ‪ ،‬أو أن تكون يوم القيامة‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬ما لسبب نهي النبي ﷺ عن لسب الحمى؟ اذكردليا على ذلك‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫ألن الحمى لسبب لتكفير الذنوب‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬ل تسبوا الحمى‪ ،‬فو الذي نفس ي بيده إنها لتنفي الذنوب عن العبد‬

‫كما ينفي الكيرِخبث الحديد»‪.‬‬

‫‪ ‬لم كان بعض الصحابة يتهم نفسه إن لم يصبه هللا بباء أو محنة؟‬

‫ِخيرا ُي ِصب منه»‪.‬‬


‫ألنهم يعلمون أن في املصائب ِنعم للعبد‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬من يرد هللا به ً‬
‫ً‬
‫‪ ‬اذكردليا على أن ابتاء هللا لعبده باملصائب دليل على محبته له‪.‬‬
‫َ َ َ ّ َ ً َ َُ َ َ َ َ ََ ُ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ََ َ َ ََ‬
‫الرضا‪،‬‬ ‫عظم ال َبا ِء‪َ ،‬و ِإن هللا تعالى ِإذا أحب قوما ابتاهم‪ ،‬فمن ر ِض ي فله‬
‫قال النبي ﷺ‪ِ « :‬إن ِعظم الجز ِاء مع ِ‬
‫َ َ َ َ ََ ُ ّ َ ُ‬
‫السخط»‪.‬‬ ‫ومن س ِخط فله‬

‫‪ ‬بماذا يقابل هللا من رض ي ومن سخط من أقداره؟‬


‫َ َ َ ََ ُ ّ َ‬
‫الرضا) أي‪ :‬الرضا من هللا عليه‪.‬‬ ‫(من ر ِض ي فله‬

‫فالرضا عبادة؛ فاهلل يرض ى عن عبده بفعله املحمود وهو رضاه عن أقداره‪.‬‬
‫َ َ َ َ ََ ُ ّ َ ُ‬
‫السخط)وهذا دليل على أن السخط ُمحرم من هللا جل وعا‪.‬‬ ‫(ومن س ِخط فله‬

‫وحقيقة السخط على هللا جل وعا أن يقوم في قلبه عدم محبة ذلك الش يء‪ ،‬وكراهته وعدم الرضا به‪ ،‬واتهام‬

‫الحكمة فيه‪ ،‬فمن قامت به هذه األشياء مجتمعة فقد سخط‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يظهرسخط النسان عن أقدارهللا؟‬

‫يظهر أثر السخط على اللسان‪ ،‬أو على الجوارح‪ ،‬كما يظهر السخط في القلب من جهة عدم الرضا باألوامر‪ ،‬أو‬

‫عدم الرضا بالنواهي‪ ،‬أو عدم الرضا بالشرع‪ ،‬فهذا كبيرة من الكبائر‪ ،‬ألن تسخطه وعدم رضاه لدليل على انتفاء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وسخطه‬
‫كمال التوحيد في حقه‪ ،‬وقد يصل بالبعض إلى انتفاء التوحيد من أصله إذا لم يرض بأصل الشرع‪ِ ،‬‬
‫بقلبه‪ ،‬واتهم الشرع‪ ،‬أو اتهم هللا جل وعا في حكمه الشرعي‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫باب ما جاء يف الرياء‬

‫‪ ‬ما أقسام الشرك؟‬


‫وكل له اصطاحه‪ُ ،‬‬
‫وكل األقوال‬ ‫يقسم العلماء الشرك إلى أكبر وأصغر‪ ،‬ومنهم من قسمه إلى أكبر وأصغر وِخفي‪) ،‬‬

‫صواب‪.‬‬

‫‪ ‬ما املقصود بالرياء؟‬

‫الرياء حقيقته من الرؤية وهي البصرية‪ ،‬وذلك بأن يعمل العبادة‪ :‬من صاة أو تاوة أو ذكر أو صدقة أو حج أو‬

‫جهاد أو أمرونهي أو صلة رحم أو نحو ذلك ل لطلب ما عند هللا‪ ،‬ولكن ألجل أن ُيرى فيثني عليه الناس‪.‬‬

‫‪ ‬ما درجات الرياء؟‬

‫الرياء على درجتين‪ :‬الدرجة األولى‪ :‬رياء املنافقين‪ ،‬بأن ُيظهراللسام ُويبطن الكفر؛ ألجل رؤية الخلق‪ ،‬وهذا مناف‬
‫ُ َ ُ َن َّ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون َّ َ‬
‫للا‬ ‫للتوحيد من أصله‪ ،‬وكفرأكبرباهلل جل جاله‪ ،‬لهذا وصف هللا املنافقين بقوله‪﴿ :‬يراءو الناس ول يذكر‬
‫َّ َ ً ‪َ ُ َ ُ 41‬ن َّ‬
‫الن َ‬
‫اس﴾ أي‪ :‬الرياء األكبر الذي هو إظهار أصل اللسام وشعب اللسام و إبطان الكفر‬ ‫ِإل ق ِليا﴾ ‪﴿ ،‬يراءو‬

‫وشعب الكفر‪.‬‬

‫مسلما ولكن يرائي بعمله أو ببعض عمله‪ ،‬فهذا شرك ِخفي‪ ،‬وذلك الشرك‬ ‫ً‬ ‫والنوع الثاني من الرياء‪ :‬أن يكون‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ َ َ‬
‫للا ل َيغ ِف ُر أن ُيش َر َك ِب ِه َو َيغ ِف ُر َما ُدون ذ ِل َك ِملن َيش ُاء﴾‪ 42‬على‬ ‫مناف لكمال التوحيد‪ ،‬وهللا جل وعا قال‪ِ ﴿ :‬إن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اِختيارمن قال إن قوله‪﴿ :‬ل َيغ ِف ُرأن ُيش َر َك ِب ِه﴾ يدِخل فيه الشرك الخفي واألصغر‪.‬‬

‫‪[ 41‬النساء‪.]191:‬‬
‫‪[ 41‬النساء‪.]92:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫كثير من أهل العلم يعبرون عن الشرك األصغر بيسير الرياء‪ ،‬وتارة يعبرون عن الشرك الخفي بالرياء؛ ذلك ألن‬

‫الشرك يختلف من حيث الطاق من عالم إلى آِخر‪،‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اح )د ف َمن كان َير ُجو ِلق َاء َرِّب ِه فل َيع َمل‬ ‫ُ َّ َ َ َ َ َ ّ ُ ُ ُ َ َ َ َّ َ َٰ ُ َٰ ) َ‬
‫قال هللا تعالى‪﴿ :‬قل ِإنما أنا بش )ر ِمثلكم يوح ٰى ِإل َّي أنما ِإل ُهكم ِإله و ِ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع َم ًا َ‬
‫‪96‬‬
‫ص ِال ًحا َول ُيش ِرك ِب ِع َب َاد ِة َرِّب ِه أ َح ًدا﴾‬

‫عن أي نوع من أنواع الشرك جاء النهي في هذه الية؟ وعام يستدل السلف بها؟‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫جميعا؛ ألن ﴿ ُيش ِرك﴾ نكرة جاءت في لسياق النهي فعمت أنواع‬
‫ً‬ ‫﴿ َول ُيش ِرك﴾ هذا عموم يعم أنواع الشرك‬
‫َ‬
‫الشرك‪ ،‬وقوله ﴿أ َح ًدا﴾ يعم جميع الخلق بمراءاة أو بتسميع أو بغيرذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويستدل السلف بهذه الية على مسائل الرياء‪.‬‬ ‫فالنهي هنا عام لجميع أنواع الشرك والتي منها "شرك الرياء"‪.‬‬

‫ما منالسبة الية بباب الرياء؟‬ ‫‪‬‬

‫الية ظاهرة على الباب‪ ،‬فاملراءاة نوع من أنواع الشرك األصغر‪.‬‬

‫‪ِ ‬لم ينعت الرياء تارة بأنه شرك أصغر‪ ،‬وتارة بأنه شرك ِخفي؟‬

‫يقال شرك أصغر‪ :‬باعتبارأنه ليس بأكبرمخرج من امللة‪.‬‬

‫ويقال شرك ِخفي؛ ألنه ليس بظاهرو إنما هو باطن ِخفي في قلب العبد‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬اذكردليا يبين أن هللا ل يقبل العمل الذي ِخالطه الرياء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ َ ََ َ َ ّ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫للا ت َب َار َك َوت َعال َى‪ :‬أنا أغن َى الش َرك ِاء َع ِن الشر ِك‪َ ،‬من‬ ‫ً‬
‫مرفوعا‪ :‬قال النبي ﷺ‪« :‬قال‬ ‫عن أبي هريرة رض ي هللا عنه‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬
‫َع ِم َل َع َما أش َر َك ِف ِيه َم ِعي غي ِري‪ ،‬ت َركت ُه َو ِشرك ُه»‪ ،‬هذا الحديث يدل على أن الرياء مردود على صاحبه‪.‬‬

‫‪ ‬ما أحوال رياء العبادة كما فصلها العلماء؟‬

‫‪[ 43‬الكهف‪.]110:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫الحال األولى‪ :‬إذا عرض للعبادة من أولها فإن العبادة كلها باطلة‪ ،‬مثل أن املصلي لم ُيرد أن يصلي الراتبة‬

‫لكن ملا رأى فانا ينظر إليه صلى الراتبة لكي يراه‪ ،‬فهذا عمله حابط‪ ،‬وهو مأزور على مراءاته‪ ،‬ومرتكب الشرك‬

‫الخفي‪ ،‬الشرك األصغر‪.‬‬

‫والحال الثانية‪ :‬أن يكون أصل العبادة هلل‪ ،‬ولكن ِخلط ذلك العابد عمله برياء‪ ،‬مثل‪ :‬أطال الركوع وأكثر‬

‫التسبيح‪ ،‬أطال القراءة والقيام ألجل من يراه‪ ،‬فهذا القدر الواجب من العبادة له‪ ،‬وما عدا ذلك فهو حابط؛‬

‫وهو آثم عليه‪ ،‬ويؤزر على إشراكه وعلى مراءاته‪ ،‬هذا في األعمال أو في العبادات البدنية‪ ،‬أما العبادات املالية‬

‫فيختلف الحال عن ذلك‪.‬‬


‫ً‬ ‫دليا ً‬ ‫ً‬
‫ِخالصا لوجهه الكريم‪.‬‬ ‫نبويا يبين أن هللا ل يقبل من األعمال إل ما كان‬ ‫‪ ‬اذكر‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬
‫قال ﷺ‪(َ :‬من َع ِم َل َع َما أش َر َك ِف ِيه َم ِعي غي ِري‪ ،‬ت َركت ُه َو ِشرك ُه)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬ماذا أفاد تنكير(عما) في قوله ﷺ‪(َ :‬من َع ِم َل َع َما)؟‬
‫َ ً‬
‫(ع َما) هذه نكرة جاءت في لسياق الشرط فعمت جميع األعمال‪:‬‬

‫البدنية‪ :‬كالصاة والصيام‪ ،‬واملالية‪ :‬كالزكاة والصدقة‪ ،‬واملشتملة على بدن ومال‪ :‬كالحج والجهاد ونحو ذلك‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫هذا يعم الجميع َ(من َع ِم َل َع َما) أي أنشأه‪( ،‬أش َر َك ِف ِيه َم ِعي غي ِري)‪ :‬جعله هلل ولغير هللا جميعا فإن هللا جل‬

‫وعا أغنى الشركاء عن الشرك‪ ،‬ل يقبل إل ما كان له وحده لسبحانه وتعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ً َ َ َ َ ُ ُ‬
‫ال‪« :‬أل أِخ ِب ُركم ِب َما ُه َو أِخ َوف َعليكم ِعن ِدي ِم َن امل ِس ِيح‬‫‪ ‬عن أبي لسعيد رض ي هللا عنه مرفوعا‪ :‬ق‬
‫َ َ‬ ‫ّ ُ َ ّ َ ُ َ ّ ُ ُ َ ُ َ ّ َُ َّ ُ َ ََ َ‬ ‫الد ّجال؟» َقالوا‪َ :‬ب َل َى‪َ .‬ف َق َ‬
‫صات ُه ِملا َي َرى ِمن نظ ِر َر ُجل»‬ ‫ال‪« :‬الشرك الخ ِفي‪ :‬يقوم الرجل فيصلي فيزين‬ ‫ِ‬
‫ّ‬

‫ملاذا ِخاف الرلسول ﷺ على أصحابه من الشرك أكثرمن ِخوفه عليهم من املسيح الدجال؟ وكيف فسره‬

‫لهم؟‬

‫ذلك أن أمر املسيح أمر ظاهر ّبين‪ ،‬والنبي ﷺ بين ما في شأنه وبين صفته‪ ،‬وحذر األمة منه‪ ،‬وأمرهم بأن يدعوا‬
‫آِخركل صاة باللستعاذة من ّ‬
‫شروفتنة املسيح الدجال‪ ،‬لكن الرياء هذا يعرض للقلب كثيرا‪ ،‬والشيطان يأتي إلى‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬


‫العبد إلى أن يتخلى شيئا فشيئا عن مر اقبة هللا جل وعا ويتجه إلى مر اقبة‬ ‫القلوب‪ ،‬وهذا الشرك يقود‬

‫املخلوقين‪ ،‬لذلك صار أِخوف عند النبي صلى هللا عليه ولسلم من املسيح الدجال‪..‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ ُ َ ّ َ ُ َ ّ ُ ُ ُ َ ّ َُ َّ ُ َ ََ َ‬
‫صات ُه ِملا َي َرى ِمن نظ ِر َر ُجل)‪.‬‬ ‫و فسره ﷺ بقوله‪( :‬الشرك الخ ِفي‪ :‬يقوم الرجل يصلي فيزين‬

‫باب من الشرك إرادة اإلنسان بعمله الدنيا‬

‫‪ ‬أي شرك ذلك الذي ِخصص له الشيخ هذا الباب؟ وملاذا يعد هذا الشرك بإرادة النسان الدنيا أعم‬

‫من الرياء؟ وملاذا عطف الشيخ هذا الباب على الذي قبله؟‬

‫الشرك األصغر‪ ،‬وإرادة النسان ثواب الدنيا أعم من حال الرياء؛ ألن الرياء حالة واحدة من أحوال إرادة‬

‫النسان الدنيا‪ ،‬فهو يصلي أو يزيد ويزين في صاته ألجل الرؤية وألجل املدح‪ ،‬لكن هناك أحوال أِخرى لرادة‬

‫الناس بأعمالهم الدنيا‪.‬‬

‫وعطف الشيخ رحمه هللا هذا الباب على الذي قبله ليبين أن إرادة النسان الدنيا تأتي في أحوال كثيرة أعم من‬

‫حال الرياء بخاصة‪ ،‬لكن الرياء جاء فيه الحديث وِخافه النبي ﷺ على أمته‪ ،‬فهو في وقوعه كثير والخوف منه‬

‫جلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫﴿من كان ُي ِر ُيد ال َح َياة الدن َيا َو ِزين َت َها ن َو ِف ِإلي ِهم أع َمال ُهم ِف َيها َو ُهم ِف َيها ل‬ ‫‪ ‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اط )ل َما كانوا‬ ‫الِخ َر ِة ِإل النار وح ِبط ما صنعوا ِفيها وب ِ‬ ‫س ل ُهم ِفي ِ‬ ‫ُيبخ ُسون(‪)15‬أول ِئك ال ِذين لي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫وقصدا وتحركا؟ وهل هذه‬ ‫َيع َملون﴾‪ ،99‬من الذين نزلت فيهم هذه الية وهم يريدون الحياة الدنيا أصا‬

‫اللفظة قاصرة عليهم فقط؟‬

‫‪[ 44‬هود‪.]16-15 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫الذين نزلت فيهم هذه الية هم الكفار‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ل‪ ،‬ولكنها تشمل كل من أراد الحياة الدنيا بعمله الصالح‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عدد أحوال الناس من الوعيد كما جمعها الشيخ من أقوال السلف عند تفسيرهم لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫﴿من‬ ‫‪ّ ‬‬
‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ ّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كان ُي ِر ُيد ال َح َياة الدن َيا َو ِزين َت َها ن َو ِف ِإلي ِهم أع َمال ُهم ِف َيها َو ُهم ِف َيها ل ُيبخ ُسون(‪﴾)15‬‬

‫النوع األول‪ :‬يعمل العمل الصالح وهو فيه مخلص هلل جل وعا‪ ،‬ولكن يريد به ثواب الدنيا‪ ،‬ول يريد به ثواب‬
‫ً‬
‫الِخرة‪ ،‬مثا‪ :‬يتعبد هللا جل وعا بالصاة وهو فيها مخلص هلل أداها على طواعية واِختياروامتثال ألمرهللا؛ لكن‬

‫يريد منها أن يصح بدنه‪ ،‬أو وصل رحمه وهو يريد منه أن يحصل له في الدنيا الذكر الطيب والصلة ونحو ذلك‪،‬‬
‫ً‬
‫أو عمل أعمال من التجارة والصدقات وهو يريد بذلك أن يكون عنده مال فيتصدق‪..‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬اذكرأقسام األعمال التي يعملها العبد ويستحضرفيها ثواب الدنيا‪ ،‬مبينا حكمها‪.‬‬

‫هما قسمان‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬أن يكون العمل الذي عمله والستحضر فيه ثواب الدنيا وأراده‪ ،‬ولم يرد ثواب الِخرة‪ ،‬ولم‬
‫ّ‬
‫يرغب الشرع فيه بذكرثواب الدنيا‪ ،‬مثل‪ :‬الصاة والصيام ونحو ذلك من األعمال والطاعات‪ ،‬فهذا ل يجوز له‬
‫ِ‬
‫أن يريد به الدنيا‪ ،‬ولو أراد به الدنيا فإنه مشرك‪..‬‬
‫ّ‬ ‫القسم الثاني‪ :‬أعمال رتب الشارع عليها ً‬
‫ثوابا في الدنيا‪ ،‬ورغب فيها مثل‪ :‬صلة الرحم وبر الوالدين ونحو ذلك‪،‬‬

‫لسره أن ُيبسط له في رزقه أو ُينسأ له في أثره فليصل رحمه»‪ ،‬فهذا النوع إذا الستحضر في‬
‫وقد قال ﷺ‪« :‬من َّ‬

‫عمله ذلك الثواب الدنيوي‪ ،‬وأِخلص هلل في العمل‪ ،‬ولم يستحضرالثواب األِخروي‪ ،‬فإنه داِخل في الوعيد‪ ،‬فهو‬
‫من أنواع هذا الشرك‪ ،‬لكن إذا الستحضرالثواب الدنيوي والثواب األِخروي ً‬
‫معا ‪-‬له رغبة فيما عند هللا في الِخرة‬

‫يطمع الجنة‪ ،‬ويهرب من النار‪ ،‬والستحضرثواب هذا العمل في الدنيا‪ -‬فإنه ل بأس بذلك؛ ألن الشرع ما رغب فيه‬
‫ً‬
‫بذكرالثواب في الدنيا إل للحض عليه «من قتل قتيا فله لسلبه» فقتل القتيل في الجهاد لكي يحصل على السلب‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫ً‬
‫مخلصا فيه لوجه هللا‪ ،‬لكن أتى هذا من زيادة‬ ‫هذا‪ ،‬ولكن قصده من الجهاد الرغبة فيما عند هللا جل وعا‬

‫الترغيب له ولم يقتصر على هذه الدنيا‪ ،‬بل قلبه معلق أيضا بالِخرة‪ ،‬فهذا النوع ل بأس به ول يدِخل في النوع‬

‫األول مما ذكره السلف في هذه الية‪.‬‬

‫‪ ‬النوع الثاني‪ :‬الذين يعملون العمل الصالح ألجل ما يحصلونه من املال‪.‬‬

‫مثل من يدرس ويتعلم العلم الشرعي ألجل الوظيفة فقط‪ ،‬وليس في همه رفع الجهالة عن نفسه واملعرفة بأمر‬

‫ربه ونهيه‪ ،‬وليس من أجل الرغب في الجنة وما يقرب منها والهرب من الناروما يقرب منها‪.‬‬
‫ومثل من حفظ القرآن ليكون ً‬
‫إماما في املسجد ويكون له َّ‬
‫الرزق الذي يأتي من بيت املال‪ ،‬فغرضه من هذا‬

‫العمل إنما هو املال‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫صالحا‪ ،‬و إنما عمل العمل الذي في ظاهره أنه صالح؛ ولكن في باطنه قد أراد به الدنيا‪.‬‬ ‫فهذا لم يعمل عما‬

‫‪ ‬النوع الثالث‪ :‬الذين يعملون األعمال ألجل الرياء‪.‬‬

‫‪ ‬النوع الرابع‪ :‬الذين يعملون األعمال الصالحة ومعهم ناقض من نو اقض اللسام‪.‬‬

‫كمن يعمل أعمال صالحة‪ :‬يصلي ويزكي ويتصدق ويقرأ القرآن ويتلو؛ ولكنه مشرك الشرك األكبر‪ ،‬فهذا وإن‬
‫ً‬
‫صادقا ّ‬
‫لوحد هللا جل وعا‪.‬‬ ‫قال إنه مؤمن فليس بصادق في ذلك؛ ألنه لو كان‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فهذه بعض األنواع التي ذكرت في تفسيرهذه الية وكلها داِخلة تحت قوله‪َ ﴿ :‬من كان ُي ِر ُيد ال َح َياة الدن َيا َو ِزين َت َها﴾‬

‫جميعا أرادوا الحياة الدنيا وزينتها‪ ،‬ولم يكن لهم َهم في رضا هللا جل وعا وطلب الِخرة بذلك العمل الذي‬
‫ً‬ ‫فهؤلء‬

‫عملوه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ‬هل املسلم الذي قامت به إرادة الدنيا يدِخل في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬من كان ُي ِر ُيد ال َح َياة الدن َيا َو ِزين َت َها﴾؟‬

‫للعلماء في ذلك قولن‪:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫ّ‬


‫س ل ُهم ِفي ال ِِخ َر ِة ِإل الن ُار َو َح ِبط َما‬ ‫القول األول‪ :‬هو أن هللا جل وعا قال في الية التي تليها‪﴿ :‬أول ِئك ال ِذين لي‬
‫ُ ّ‬ ‫َ َ ُ َ َُ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ ُ‬
‫كفر‪ ،‬أما املسلم الذي قامت به‬ ‫اط )ل ما كانوا يعملون﴾ هذه في الكفاراألصليين أو في من قام به م ِ‬ ‫صنعوا ِفيها وب ِ‬
‫إرادة الدنيا فإنه ل يدِخل في هذه الية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬القول الثاني‪ :‬وهو الصحيح‪ :‬أن املسلم يدِخل؛ ألن السلف أدِخلوا أصنافا من املسلمين في هذه الية‪،‬‬

‫وكما قال أهل العلم‪ :‬إن العبرة هنا باللفظ ل بخصوص السبب‪ ،‬فهي وإن كانت في الكفار لكن لفظها‬

‫يشمل من أراد الحياة الدنيا من غير الكفار‪.‬‬


‫َّ َّ‬ ‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫س ل ُهم ِفي ال ِِخ َر ِة ِإل الن ُار﴾؟‬ ‫‪ ‬من املقصود بالوعيد املذكور في قوله تعالى‪﴿ :‬أول ِئك ال ِذين لي‬

‫من ليس معه أصل اليمان واللسام الذي يصح به عمله‪ :‬وكانت إرادته الحياة الدنيا فلم يتقرب إلى هللا جل‬

‫وعا بش يء‪ ،‬فهؤلء أرادوا الدنيا بكل عمل وليس معهم مصحح ألصل أعمالهم من اليمان واللسام‪ ،‬فهم‬

‫مخلدون في النار‪.‬‬

‫من معه أصل اليمان واللسام الذي يصح به عمله‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫فهذا ُيحبط عمله الذي أشرك فيه وأراد به الدنيا‪ ،‬وما عداه ل ُيحبط؛ ألن معه أصل اليمان الذي يصحح‬

‫العمل الذي لم يخالطه شرك‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرالدليل على أن الذي يعمل العمل ألجل الدنيا مشرك باهلل؟‬


‫س ُ‬
‫عبد‬ ‫الدرهم‪َ ،‬ت ِع َ‬
‫عبد ّ‬
‫س ُ‬‫الدينار‪َ ،‬ت ِع َ‬
‫عبد ّ‬‫س ُ‬‫في الصحيح عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪َ « :‬ت ِع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫عبد الخ ِميلة‪ )...‬إلى آِخر الحديث‪ ،‬ووجه الشاهد منه‪ :‬أنه دعا على عبد الدينار‪ ،‬وعلى عبد‬ ‫الخميصة‪ ،‬ت ِعس‬

‫الدرهم‪ ،‬وعلى عبد الخميصة‪...‬إلى آِخره‪.‬‬

‫وعبد الدينارهو‪ :‬الذي يعمل العمل ألجل الدينار‪ ،‬ولول الدينارملا تحركت همته في العمل‪ ،‬ولول الخميصة ملا‬
‫تحركت همته في العمل‪ ،‬فأراد العمل َ‬
‫وع ِمله ألجل هذا الدينار‪ ،‬ألجل هذه الدنيا‪ ،‬ألجل الدراهم‪ ،‬ألجل الجاه‪،‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫ألجل املكانة‪ ،‬ألجل الخميصة والخميلة ونحو ذلك‪ .‬وقد لسماه النبي ﷺ ً‬
‫عابدا للدينار‪ ،‬فدل ذلك على أنه من‬

‫الشرك؛ ألن عبودية غيرهللا درجات منها‪ :‬عبودية الشرك األصغر‪ ،‬ومنها عبودية الشرك األكبر‪.‬‬
‫‪ ‬كيف يمكن أن يكون الشخص ً‬
‫عبدا للديناروالدرهم؟‬
‫)‬
‫نعلم أن الذي يشرك بغير هللا جل وعا الشرك األكبر فهو عابد له‪ ،‬فأهل األوثان عبدة األوثان‪ ،‬وأهل الصليب‬
‫)‬
‫عبدة للصليب‪.‬‬

‫وكذلك من يعمل الشرك األصغر ويتعلق قلبه بش يء من الدنيا فهو عابد له‪ ،‬يقال عبد هذا الش يء؛ ألنه هو‬

‫الذي حرك همته‪ ،‬ومعلوم أن العبد مطيع لسيده‪ ،‬أينما وجهه توجه‪ ،‬فهذا الذي حركته وهمته للدنيا وللدينار‬
‫ً‬
‫وللدرهم عبد لها؛ ألن همته ُمعلقة بتلك األشياء‪ ،‬وإذا وجد لها لسبيا تحرك إليها‪ ،‬بدون النظرهل يو افق ذلك‬

‫أم ل يو افق أمرهللا جل وعا وشرعه‪.‬‬

‫باب من أطاع العلماء واألمراء يف حتريم ما أحل اهلل أو حتليل ما‬


‫ً‬
‫حرمه فقد اختذهم أربابا من دون اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة باب (من أطاع العلماء واألمراء في تحريم ما أحل هللا‪ ،‬أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم‬
‫ً‬
‫أربابا) لكتاب التوحيد؟‬

‫هذا الباب في بيان مقتضيات التوحيد‪ ،‬ولوازم تحقيق شهادة أن ل إله إل هللا‪ ،‬وشهادة أن ل إله إل هللا تقتض ي‬
‫وم ً‬‫حا للحال ُ‬ ‫َّ ُ ً‬ ‫ً‬
‫مطيعا هلل جل وعا فيما َّ‬
‫حرما للحرام‪ ،‬ل يتحاكم إل‬ ‫أحل وفيما حرم‪ ،‬م‬ ‫وتستلزم أن يكون العبد‬
‫ّ‬
‫إلى هللا‪ ،‬ول ُي َح ِكم في الدين إل شرع هللا جل وعا‪ ،‬ووظيفة العلماء تبيين معاني ما أنزل هللا جل وعا على رلسوله‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪72‬‬

‫ﷺ‪ ،‬والجتهاد في فقه النصوص فيبينوا ما أحل وما حرم هللا جل وعا‪ ،‬فهم أدوات وولسائل لفهم نصوص‬

‫الكتاب والسنة‪ .‬وليست وظيفتهم التي أذن لهم بها في الشرع أنهم يحللون أو يحرمون ما يشاؤون‪ .‬إذن‪ ،‬عقد‬

‫الشيخ رحمه هللا هذا الباب ليبين أن الطاعة من أنواع العبادة‪ ،‬وهذه العبادة يجب أن ُيفرد هللا جل وعا بها‪،‬‬

‫فمن أطاع غير هللا في التحليل وفي التحريم‪ ،‬فقد أشرك الشرك األكبر باهلل جل وعا‪ .‬وهذا معنى اتخاذ األرباب‪.‬‬

‫‪ ‬ما الضابط في طاعة العلماء و األمراء؟‬


‫طاعة العلماء واألمراء )‬
‫تبع لطاعة هللا ورلسوله‪ ،‬يطاعون فيما فيه طاعة هلل جل وعا ولرلسوله‪ ،‬وكذلك يطاعون‬

‫فيما كان من األمور الجتهادية؛ ألنهم هم أفقه في النصوص من غيرهم‪ ،‬فتكون طاعة العلماء واألمراء من جهة‬

‫الطاعة التبعية هلل ولرلسوله‪،‬أما الطاعة اللستقالية فليست إل هلل جل وعا‪ ،‬وهي نوع من أنواع العبادة يجب‬

‫إفراد هللا جل وعا بها‪ ،‬وغير هللا ُيطاع ألن هللا أذن بطاعته‪ُ ،‬ويطاع فيما أذن هللا به في طاعته‪ ،‬فاملخلوق ل يطاع‬

‫في معصية هللا؛ ألن هللا لم يأذن أن يطاع مخلوق في معصية الخالق جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى أن طاعة النبي ﷺ طاعة تبعية لطاعة هللا؟‬

‫تبع لطاعة هللا جل وعا‪ ،‬فإن هللا هو الذي أذن وأمر بطاعة رلسوله ﷺ‪ ،‬وهذا معنى‬ ‫طاعة النبي ﷺ إنما هي )‬
‫َ َ‬ ‫الر ُلسو َل َف َقد َأ َط َ‬
‫اع َّ َ‬
‫للا﴾‪ ،45‬وقال جل وعا‪َ ﴿ :‬و َما أر َلسلنا‬ ‫الشهادة له بأنه رلسول هللا‪ ،‬قال جل وعا‪َ ﴿ :‬من ُي ِطع َّ‬
‫ِ‬
‫َّ ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِمن َّرلسول ِإل ِليطاع ِب ِإذ ِن ِ‬
‫هللا﴾‪.46‬‬

‫‪ ‬من هم ألو األمر؟ مع ذكرالدليل؟‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الر ُلسو َل َوأو ِلي األم ِر ِمنكم﴾‪ ،47‬قال‬ ‫للا َو َأط ُ‬
‫يعوا َّ‬ ‫(العلماء واألمراء) هم أولو األمر في قوله جل وعا‪َ ﴿ :‬أط ُ‬
‫يعوا َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العلماء‪[ :‬أولو األمر] يشمل من له األمرفي حياة الناس‪ :‬في دينهم وهم‪( :‬العلماء)‪ ،‬وفي دنياهم وهم‪( :‬األمراء)‪.‬‬

‫‪[ 41‬النساء‪.]20:‬‬
‫‪[ 46‬النساء‪.]69:‬‬
‫‪[ 47‬النساء‪.]54:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪73‬‬

‫‪ ‬على ماذا يدل عدم تكرارقوله تعالى‪َ ﴿ :‬أط ُ‬


‫يعوا﴾ عندما أمربطاعة أولي األمر؟‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫األمر ِمن ُكم﴾ ولم يكرر فعل الطاعة‪ ،‬قال ابن القيم وغيره‪َّ :‬‬ ‫َُ‬
‫دل هذا على أن طاعة‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬‫ِ‬ ‫و‬‫أ‬‫قال هللا جل وعا هنا‪﴿ :‬و‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أولي األمرليست الستقال‪ ،‬و إنما يطاعون في طاعة هللا ورلسوله ﷺ‪ ،‬فإذا أ َمروا بمعصية فإنه ل طاعة ملخلوق‬

‫في معصية الخالق‪ ،‬أما األمور الجتهادية التي ليس فيها نص من الكتاب والسنة فإنهم يطاعون فيها ملا أذن هللا‬

‫به‪ ،‬وملا في ذلك من املصالح املرعية في الشرع‪.‬‬


‫‪ ‬ما معنى طاعة العلماء واألمراء في ( تحريم ما َّ‬
‫أحل هللا)؟‬
‫)‬
‫حال في‬ ‫(من أطاع العلماء واألمراء في تحريم ما ّ‬
‫أحل هللا) أي‪ :‬في تحريم الذي أحل هللا؛ بمعنى‪ :‬أن يكون هناك‬
‫ً‬
‫الشرع فيحرمه العالم‪ ،‬أو يحرمه األمير‪ ،‬فيطيعونه الناس في التحريم وهم يعلمون أنه حال أحله هللا‪ ،‬مثا‪:‬‬
‫َ ً‬ ‫ً‬
‫أحل هللا أكل الخبز‪ ،‬فيقولون الخبز حرام عليكم دينا‪ ،‬فا تأكلوا الخبزتدينا‪ ،‬فهذه طاعة لهم في تحريم ما أحل‬

‫هللا‪.‬‬
‫‪ ‬ما معنى طاعة العلماء واألمراء في (تحليل ما َّ‬
‫حرم هللا)؟‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫(أو تحليل ما حرم هللا) أي‪ :‬أحلوا لهم ما ُيعلم أن هللا حرمه‪ ،‬مثا‪ :‬حرم هللا الخمرفأحله العالم‪ ،‬أو أحله األمير‪،‬‬
‫ّ‬
‫أميرا في اعتقاد أن الخمرحال وهو يعلم أن هللا حرمها‪ ،‬فقد اتخذه ًربا من دون هللا جل وعا‪.‬‬
‫فمن أطاع عاملا أو ً‬

‫‪ ‬اذكر موضع الشرط‪ ،‬وجزاء الشرط‪ ،‬وضابطه في قول املصنف‪( :‬من أطاع العلماء واألمراء في تحريم‬
‫ما أحل هللا‪ ،‬أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم ً‬
‫أربابا)‪.‬‬

‫الشرط في قوله‪( :‬من أطاع العلماء واألمراء)‪.‬‬


‫وجزاء الشرط في قوله‪( :‬فقد اتخذهم ً‬
‫أربابا)‪.‬‬

‫وضابط هذا الشرط ما بينهما‪ ،‬وهو قوله‪( :‬في تحريم ما أحل هللا‪ ،‬أو تحليل ما حرمه) ويستفاد من هذا اللفظ‬

‫أنهم عاملون بما أحل هللا فحرموا طاعة لهم‪ ،‬وعاملون بما حرم هللا فأحلوه طاعة لهم‪.‬‬
‫‪ ‬ما معنى األرباب في قوله‪( :‬فقد اتخذهم ً‬
‫أربابا)؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪74‬‬

‫األرباب جمع الرب‪( ،‬الرب) و(الله) لفظان يفترقان؛ ألن‪ :‬الرب‪ :‬هو السيد‪ ،‬امللك‪ ،‬املتصرف في األمر‪.‬‬

‫الله‪ :‬هو املعبود‪.‬‬

‫‪ ‬بماذا أجاب املصنف المام محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا عندما ُلسئل عن الفرق بين الله والرب‪،‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫ُ َ َ َّ ُ‬ ‫ََ‬
‫﴿ول َيأ ُم ُركم أن تت ِخذوا املا ِئكة َوالن ِب ِّيين أرَب ًابا أ َيأ ُم ُركم‬ ‫وعن معنى الربوبية في نحو قول هللا تعالى‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ً‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ‬
‫للا﴾؟‬ ‫ِبالكف ِربعد ِإذ أنتم مس ِلمون﴾‪ ،92‬وفي نحو قوله‪﴿ :‬اتخذوا أحب َارهم ورهبان ُهم أربابا ِمن دو ِن ِ‬
‫قال‪ :‬الربوبية هنا بمعنى األلوهية‪ ،‬والرب بمعنى املعبود؛ ألن من أطاع على ذلك النحو فقد َعبد‪ ،‬وعن عدي‬
‫بن حاتم‪ :‬أنه لسمع النبي ﷺ يقرأ هذه الية‪َّ ﴿ :‬ات َخ ُذوا َأح َب َار ُهم َو ُره َب َان ُهم َأرَب ًابا من ُدون َّللا َواملَس َ‬
‫يح اب َن َمرَي َم َو َما‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َّ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫اح ًدا ل ِإل َه ِإل َه َو ُلسب َحان ُه َع َّما ُيش ِركون﴾‪ ،49‬فقلت له‪ :‬إنا لسنا نعبدهم‪ ،‬قال‪ « :‬أليس‬ ‫أ ِم ُروا ِإل ِليعبدوا ِإل ًها و ِ‬
‫يحرمون ما أحل هللا فتحرمونه‪ ،‬ويحلون ما حرم هللا فتحلونه؟»‪ ،‬فقلت‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ « :‬فتلك عبادتهم»‪.50‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فحينما ف ِهم عدي رض ي هللا عنه من كلمة (أرَب ًابا) أنها‪ :‬العبادة‪ ،‬فقال‪( :‬إنا لسنا نعبدهم)‪ ،‬قال له النبي ﷺ‬

‫مقررا لذلك‪« :‬أليس ُيحرمون‪»...‬إلى آِخره‪ ،‬فهو إقرارمنه عليه الصاة والسام؛ ألن معنى الربوبية هنا العبودية‪.‬‬
‫ً‬

‫‪ ‬ملاذا يطلق على األرباب آلهة‪ ،‬وعلى اللهة ً‬


‫أربابا؟‬

‫ألن لفظي األرباب واللهة من األلفاظ التي إذا اجتمعت افترقت‪ ،‬وإذا افترقت اجتمعت‪ ،‬كلفظ الفقير‬

‫واملسكين‪ ،‬وكلفظ اللسام واليمان‪.‬‬

‫وهذا الطاق قد يكون ألن أصله في اللغة أن يدِخل هذا في هذا‪ ،‬وهذا في ذاك‪.‬‬

‫‪[ 48‬آل عمران‪.]20:‬‬


‫‪[ 41‬التوبة‪.]61:‬‬
‫‪ 10‬رواه أحمد والترمذي وحسنه‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫لكن الظاهر ‪-‬عندي‪ -‬أن إطاق ‪[ :‬الربوبية واأللوهية] أو كلمة [الرب والله] ألجل اللزوم والتضمن‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬
‫الربوبية مستلزمة لأللوهية‪ ،‬واأللوهية متضمنة للربوبية‪ ،‬فإذا ذكرالرب الستلزم ذلك ذكرالله‪ ،‬وإذا ذكر الله‬

‫فقد تضمن ذلك ذكرالرب‪.‬‬

‫َ‬ ‫َّ َ ُ َ‬ ‫ُ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬


‫قال جل وعا هنا‪َ ﴿ :‬ول َيأ ُم ُركم أن تت ِخذوا املا ِئكة َوالن ِب ِّيين أرَب ًابا﴾ وكذلك قوله‪﴿ :‬اتخذوا أح َب َار ُهم َو ُره َبان ُهم‬
‫َأرَب ًابا﴾ ً‬
‫أربابا أي‪ :‬آلهة معبودين؛ للستلزام لفظ الربوبية لأللوهية‪.‬‬

‫وكقوله ﷺ في مسائل القبر‪« :‬فيأتيه ملكان فيسألنه من ربك؟» أي من معبودك؟؛ ألن البتاء لم يقع في الرب‬

‫الذي هو الخالق الرازق املحيي املميت‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب عند وجود تعارض بين قول النبي ﷺ وقول غيره؟‬

‫ً‬
‫أجمع أهل العلم على أن من الستبانت له لسنة من لسنن الرلسول ﷺ لم يكن له أن يتركها لقول أحد كائنا من‬

‫كان‪ .‬قال ابن عباس رض ي هللا عنهما‪( :‬يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء‪ ،‬أقول‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪،‬‬

‫وتقولون‪ :‬قال أبو بكروعمر؟!)‬

‫ً‬
‫فالواجب على املسلم أنه إذا لسمع حديثا عن النبي ﷺ وعلم فقهه أو َّبينه له أهل العلم‪ ،‬وكان هذا الحديث‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ظاهرا في الدللة فإنه ل يترك ذلك الحديث والذي ف ِق َهه ألجل قول أحد كائنا من كان الذي ل دليل عليه‪ .‬أما إذا‬
‫ً‬

‫كانت املسألة اجتهادية في الحديث من جهة الفهم‪ ،‬فهذا مجاله والسع‪.‬‬

‫‪ ‬ما عقوبة من رد بعض قول النبي ﷺ بقول غيره‬

‫من ّرد بعض قول النبي ﷺ بقول أحد فهذا ُيخش ى عليه أن يعاقب بأن يقع في قلبه زيغ‪،‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪76‬‬

‫اب َأ ِل )‬
‫يم﴾ ‪ ،‬قال المام أحمد‪:‬‬ ‫ين ُي َخال ُفو َن َعن َأمره َأن ُتص َيب ُهم فت َن )ة َأو ُيص َيب ُهم َع َذ )‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهللا تعالى يقول‪َ ﴿ :‬فل َيح َذر َّالذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫(أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك‪ ،‬لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه ش يء من الزيغ فيهلك)‪ .‬فتنة‪ :‬يعني نوع‬

‫شرك‪ ،‬وقد يصل إلى الشرك األكبرباهلل جل وعا‪ ،‬إذا كان في تحليل الحرام مع العلم بأنه حرام‪ ،‬وتحريم الحال‬
‫َ َ َّ َ ُ َ َ َ َّ ُ ُ ُ‬
‫للا قل َوب ُهم﴾ ‪ ،‬فاليهود زاغوا بمحض‬ ‫مع العلم بأنه حال‪ .‬كما قال هللا جل وعا عن اليهود‪﴿ :‬فلما زاغوا أزاغ‬

‫إرادتهم واِختيارهم مع بيان الحجج وظهور الدلئل والبراهين‪ ،‬فأزاغ هللا قلوبهم عقوبة لهم‪.‬‬

‫‪ ‬ما الذي حمل ابن عباس رض ي هللا عنهما على قوله‪( :‬يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء‪ ،‬أقول‪:‬‬

‫قال رلسول هللا ﷺ‪ ،‬وتقولون‪ :‬قال أبو بكروعمر؟!)؟ وما املقصود من كامه هذا؟‬

‫ابن عباس رض ي هللا عنهما رد على الذين عارضوا قوله في (املتعة في الحج) بقول أبي بكروعمراملناقض لصريح‬
‫ّ‬
‫أن إفراد الحج أفضل من التمتع‪ ،‬وكان ابن عباس يوجب التمتع ويسوق‬ ‫قول النبي ﷺ‪ ،‬فقد كانا يذهبان إلى‬

‫األدلة في ذلك‪ .‬وأِخذ طائفة من أهل العلم كمالك وغيره بقول أبي بكر وعمررض ي هللا عنهما؛ بل قال طائفة إن‬
‫إفراده في الحج ولسفره مرة أِخرى للعمرة )‬
‫ِخير له من أن يجمع بين حج وعمرة في لسفرة واحدة‪ ،‬كما هو اِختيار‬

‫شيخ اللسام وغيره من املحققين‪.‬‬

‫واملقصود من كام ابن عباس ليس في املسألة الفقهية (التمتع والفراد)؛ ولكن في مسألة عموم اللفظ‪ ،‬وهو‬
‫أن قول النبي ﷺ الظاهر معناه يجب أن ل ُي َ‬
‫عارض بقول أحد ل دليل له على قوله‪ ،‬ولو كان ذلك القائل أبا بكر‬

‫وعمررض ي هللا عنهما‪ ،‬فكيف بمن دونهما من التابعين أو من الصحابة؟!‪ ،‬وكيف بأئمة أهل املذاهب وأصحاب‬

‫أهل املذاهب رحمهم هللا تعالى؟!‪ ،‬واحترام العلماء وأهل املذاهب واجب‪.‬‬

‫‪ ‬ما هو األمرالذي تعجب منه المام أحمد بن حنبل؟‬

‫قال المام أحمد بن حنبل‪( :‬عجبت لقوم عرفوا اللسناد وصحته‪ ،‬يذهبون إلى رأي لسفيان)‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫قوله‪( :‬عجبت لقوم عرفوا اللسناد وصحته) يعني‪ :‬الحديث الذي تنازعوا فيه‪.‬‬

‫وقوله‪( :‬يذهبون إلى رأي لسفيان) يدل على أن لسفيان لم يكن له مستند على رأيه‪.‬‬
‫(لسفيان) هو لسفيان بن لسعيد بن مسروق الثوري أحد العلماء ّ‬
‫الزهاد الصالحين املشهورين وكان له مذهب‬

‫و أتباع‪ ،‬ولكن قد تخفاه السنة فيكون قد حكم برأيه أو بتقعيد عنده‪ ،‬لكن السنة جاءت بخاف ذلك الرأي‪،‬‬

‫فا يسوغ أن ُيجعل رأي لسفيان في مقابل حديث النبي ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرما يدل على حكم طاعة األحباروالرهبان و اتخاذهم ً‬


‫أربابا من دون هللا‪.‬‬

‫أربابا ومعبودين‪ ،‬األحبار‪ :‬هم العلماء‪ ،‬والرهبان‪:‬‬ ‫طاعة األحبار والرهبان قد تصل إلى الشرك األكبر لتخاذهم ً‬
‫َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫﴿ات َخذوا أح َب َار ُهم َو ُره َب َان ُهم أرَب ًابا ِمن ُدو ِن‬ ‫الع ّباد‪ .‬فعن عدي بن حاتم‪ :‬أنه لسمع النبي ﷺ يقرأ هذه الية‪:‬‬ ‫هم ُ‬

‫َّ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫اح ًدا﴾‪ 51‬الية‪ ،‬فقلت له‪( :‬إنا لسنا نعبدهم) ففهم من معنى‬ ‫للا وامل ِسيح ابن مريم وما أ ِم ُروا ِإل ِليعبدوا ِإل ًها و ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫قوله (أرَب ًابا) أنه معناه املعبودين‪( ،‬قال عليه الصاة والسام‪« :‬أليس يحرمون ما أحل هللا فتحرمونه‪ ،‬ويحلون‬

‫ما حرم هللا فتحلونه؟»‪ .‬فقلت‪ :‬بلى‪ .‬قال‪« :‬فتلك عبادتهم»‪. .‬رواه أحمد والترمذي وحسنه)‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي درجات طاعة العلماء واألمراء‪ ،‬وما هي أحكامها؟‬

‫جاء في كام شيخ اللسام ابن تيمية رحمه هللا على هذه الية أن طاعتهم تأتي على درجتين‪:‬‬
‫حال وفي جعل الحال ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حراما‪،‬‬ ‫تعظيما لهم؛ أي في جعل الحرام‬ ‫الدرجة األولى‪ :‬طاعتهم في تبديل الدين‬ ‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتعظيما وهو يعلم أنه حرام‪( ،‬حلل) يعني‪ :‬اعتقد أنه حال وأمض ى بذلك وهو حرام‬ ‫فحلل ما أحلوه طاعة لهم‬

‫أربابا‪،‬‬ ‫حرم ما حرموه ً‬


‫تبعا لتحريمهم وهو يعلم أن ما حرموه من الحال؛ فهذا يكون قد اتخذهم ً‬ ‫في نفسه‪ .‬أو ّ‬

‫وهذا هو الكفراألكبروالشرك األكبرباهلل جل وعا‪ ،‬ألنه صرف عبادة الطاعة إلى غيرهللا‪.‬‬

‫‪[ 11‬التوبة‪.]61:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫ولهذا قال الشيخ لسليمان رحمه هللا في شرحه لكتاب التوحيد‪ :‬الطاعة هنا ‪-‬في هذا الباب‪ -‬املراد بها طاعة ِخاصة‬

‫وهي الطاعة في تحليل الحرام أو تحريم الحال‪.‬‬


‫ً‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬طاعتهم و اتباعهم عما‪ ،‬فهو يعلم أنه عاص ومعترف باملعصية‪ ،‬وقلبه لم يجعل طاعتهم‬ ‫‪‬‬
‫حبا في املعصية أو ً‬ ‫ً‬
‫لسائغا؛ ولكن أطاعهم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في جعل الحال ً‬
‫حبا في مجاراتهم؛ وفي‬ ‫حراما والحرام حال متعينا أو‬

‫داِخله يعلم أن الحال هو الحال والحرام هو الحرام فما َّبدل الدين‪ .‬قال شيخ اللسام رحمه هللا‪ :‬هذا له حكم‬
‫حرم الحال‪ ،‬ول ّ‬
‫أحل الحرام و إنما فعل الحرام من جهة العصيان‪،‬‬ ‫أمثاله من أهل الذنوب والعصيان؛ ألنه ما ّ‬

‫وجعل الحال ً‬
‫حراما من جهة العصيان ل من جهة تبديل أصل الدين‪.‬‬

‫‪ ‬هل طاعة (الرهبان‪َّ :‬‬


‫العباد) لها أحكام طاعة العلماء واألمراء؟ وضح ذلك‪.‬‬

‫ذكر الشيخ املصنف الرهبان وأراد بإيراده لهذه الية التنبيه على أن الطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحال‬
‫جاءت ً‬
‫أيضا من جهة الرهبان ‪ُ -‬‬
‫الع َّباد‪ ،-‬وهذا عند املتصوفة والطرق الصوفية وأهل الغلو في التصوف وفي‬
‫تعظيم رؤلساء الصوفية؛ فإنهم أطاعوا مشايخهم ّ‬
‫والعباد والذين زعموا أنهم أولياء أطاعوهم في تغييرامللة‪ ،‬فهم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تعظيما للشيخ وللعابد‪ ،‬أو يعلمون أن هذا شرك في‬ ‫يعلمون أن السنة هي كذا وكذا وأن ِخافها بدعة‪ ،‬فأطاعوا‬
‫القرآن والدلئل عليه ظاهرة لكنهم تركوها أباحوا ذلك الشرك وأحلوه؛ ألن شيخهم َّ‬
‫ومقدمهم ورئيس طريقتهم‬ ‫و‬
‫كثيرا َّإبان ظهور الشيخ بدعوته‪ ،‬وهو موجود في كثيرمن األمصار‪ ،‬وهذا املقام أي ً‬
‫ضا فيه‬ ‫أحله‪ ،‬وهذا كان في نجد ً‬

‫تفصيل على نحو الدرجتين اللتين ذكرهما شيخ اللسام رحمه هللا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫﴿أ َلم َت َرإ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون أ َّن ُهم َآمنوا ِب َما أ ِنز َل ِإلي َك َو َما أ ِنز َل ِمن قب ِل َك ُي ِر ُيدون أن َيت َحاك ُموا ِإلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باب قول تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ض َا ًل َبع ً‬ ‫َ ُ ُ َّ َ ُ َ ُ َّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫يل ل ُهم ت َعالوا ِإل ٰى َما أ َنز َل‬‫يدا﴿‪﴾60‬و ِإذا ِق‬ ‫ِ‬ ‫وت َوقد أ ِم ُروا أن َيكف ُروا ِب ِه وي ِريد الشيطان أن ي ِضلهم‬ ‫الطاغ ِ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪79‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫)‬ ‫ف إ َذا َأ َ‬


‫ََ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ ُ ً‬ ‫َّ ُ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ َ‬
‫ص َابت ُهم م ِص َيبة ِب َما ق َّد َمت أي ِد ِيهم ث َّم‬ ‫اللـه و ِإلى الرلسو ِل رأيت املنا ِف ِقين يصدون عنك صدودا﴿‪﴾61‬فكي ِ‬
‫ً َ ً‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َج ُاء َ‬
‫وك َيح ِلفون ِبالل ِـه ِإن أ َردنا ِإل ِإح َسانا َوتو ِفيقا ﴿‪[﴾﴾ 62‬النساء‪.]62-60:‬‬

‫‪ ‬ملاذا عقد الشيخ هذا الباب في كتاب التوحيد؟‬

‫عقد الشيخ رحمه هللا هذا الباب ليبين أن الحكم بما أنزل هللا فرض‪ ،‬وأن ترك الحكم بما أنزل هللا وتحكيم غير‬

‫ما أنزل هللا في شؤون املتخاصمين وتنزيل ذلك منزلة القرآن شرك أكبر باهلل جل وعا‪ ،‬وكفر مخرج من ملة‬

‫اللسام‪ ،‬وقدح في أصل التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬ما الذي يتضمنه ويقتضيه اليمان بوحدانية هللا في الربوبية واأللوهية؟‬

‫جميعا‪ -‬أن ُيفرد في الحكم‪،‬‬


‫ً‬ ‫إفراد هللا جل وعا َ‬
‫بالوحدانية في ربوبيته وفي إلهيته يتضمن ويقتض ي ويستلزم ‪-‬‬

‫فكما أنه جل وعا ل حكم إل حكمه في ملكوته‪ ،‬فكذلك يجب أن يكون ل حكم إل حكمه فيما يتخاصم فيه‬

‫لِل‬‫َ ُ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫الناس وفي الفصل بينهم‪ ،‬فاهلل جل وعا هو الحكم وإليه الحكم لسبحانه وتعالى‪ ،‬قال جل وعا‪﴿ :‬فالحكم ِ ِ‬
‫لِل﴾‪.53‬‬‫ُ ُ َّ َّ‬ ‫َ ّ َ‬
‫﴿إ ِن الحكم ِإل ِ ِ‬
‫الع ِل ِي الك ِب ِير﴾‪ ،52‬وقال‪ِ :‬‬

‫ً‬
‫محمدا رلسول هللا يلزم تحكيم شرع هللا‪.‬‬ ‫‪ ‬لتحقيق كمال توحيد هللا وتحقيق شهادة أن ل إله إل هللا وأن‬

‫وضح ذلك‪.‬‬

‫ً‬
‫محمدا رلسول هللا ل يكون إل بأن يكون‬ ‫توحيد هللا جل وعا في الطاعة وتحقيق شهادة أن ل اله إل هللا وأن‬
‫ُ ّ‬
‫حكمين ملا أنزل هللا تعالى على رلسوله ﷺ‪ ،‬وترك التحكيم بحكم الجاهلية وبحكم القوانين وبحكم‬
‫العباد م ِ‬

‫‪[ 11‬غافر‪.]11:‬‬
‫‪[ 13‬يوسف‪.]67 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫لسواليف البادية‪ ،‬أو بكل حكم مخالف لحكم هللا جل وعا‪ ،‬هذا من الكفر األكبر باهلل ّ‬
‫جل جاله ومما يناقض‬
‫ً‬
‫محمدا رلسول هللا"‪.‬‬ ‫كلمة التوحيد‪" :‬أشهد أن ل إله إل هللا وأن‬

‫قال المام الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه هللا في أول رلسالته "تحكيم القوانين"‪( :‬إن من الكفراألكبراملستبين‪،‬‬

‫تنزيل القانون اللعين‪ ،‬منزلة ما نزل به الروح األمين‪ ،‬على قلب محمد ﷺ ليكون من املنذرين‪ ،‬بلسان عربي مبين‪،‬‬
‫َّ َّ َ َ َ ُ‬
‫وجل‪﴿ :‬ف ِإن تن َازعتم‬ ‫في الحكم به بين العاملين‪ ،‬والرد إليه عند تنازع املتنازعين‪ ،‬مناقضة ومعاندة لقول هللا عز‬

‫اهلل َوال َيو ِم ال ِِخ ِر﴾‪.‬‬


‫ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫وه إ َلى هللا َوإ َلى َّ ُ‬
‫الرلسو ِل ِإن كنتم تؤ ِمنون ِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِفي ش يء فرد ِ‬

‫‪ ‬ما هي حقيقة التوحيد في طاعة هللا فيما يتعلق بمسائل التخاصم بين الخلق؟‬

‫الحكم بين املتخاصمين ل بد أن يرجع فيه إلى حكم من ِخلق املتخاصمين‪ ،‬ومن ِخلق األرض والسماوات‪،‬‬

‫فالحكم الكوني القدري هلل جل وعا‪ ،‬كذلك الحكم الشرعي هلل جل وعا‪ ،‬فيجب أن يكون العباد ليس بينهم إل‬

‫تحكيم أمرهللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم التحاكم إلى القوانين الوضعية؟‬

‫الحكم بالقوانين الوضعية أو الحكم بسواليف البادية هذا كله من الكفر األكبر باهلل جل وعا‪ ،‬وتحكيم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫القوانين كفر باهلل جل وعا لقوله تعالى هنا في هذه الية‪َ ﴿ :‬أ َلم َت َر إ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون أ َّن ُهم َآمنوا ِب َما أ ِنز َل ِإلي َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ ََ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫وت﴾‪ .‬وأن تحكيم القوانين أو لسواليف البادية أو أمور‬ ‫وما أ ِنزل ِمن قب ِلك ي ِريدون أن يتحاك ُموا ِإلى الطاغ ِ‬
‫ً‬
‫محمدا‬ ‫محمدا رلسول هللا‪ ،‬فإن من مقتضيات شهادة أن‬ ‫ً‬ ‫الجاهلية هذا مناف لشهادة أن ل إله إل هللا‪ ،‬وأن‬

‫رلسول هللا أن يطاع فيما أمر‪ ،‬وأن يصدق فيما أِخبر‪ ،‬وأن ُيجتنب ما عنه نهى وزجرـ وأن ل يعبد هللا إل بما شرع‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫﴿أ َلم َت َر إ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون أ َّن ُهم َآمنوا ِب َما أ ِنز َل ِإلي َك َو َما أ ِنز َل ِمن قب ِل َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬ما لسبب نزول قوله تعالى‪:‬‬
‫ض َا ًل َبع ً‬‫َ ُ ُ َّ َ ُ َ ُ َّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ ََ َ َ‬
‫يدا﴾؟‬ ‫ِ‬ ‫وت َوقد أ ِم ُروا أن َيكف ُروا ِب ِه وي ِريد الشيطان أن ي ِضلهم‬ ‫ي ِريدون أن يتحاك ُموا ِإلى الطاغ ِ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫قال الشعبي‪ :‬كان بين رجل من املنافقين ورجل من اليهود ِخصومة‪ ،‬فقال اليهودي‪ :‬نتحاكم إلى محمد ﷺ؛ ألنه‬

‫عرف أنه ل يأِخذ الرشوة‪ ،‬وقال املنافق‪ :‬نتحاكم إلى اليهود؛ لعلمه أنهم يأِخذون الرشوة‪ ،‬فاتفقا على أن يأتيا‬
‫َ‬ ‫كاهنا في جهينة فيتحاكما إليه‪ ،‬فنزلت ﴿ َأ َلم َت َرإ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون﴾الية‪..‬‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقيل نزلت في رجلين اِختصما‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬نتر افع إلى النبي ﷺ‪ ،‬وقال الِخر‪ :‬إلى كعب بن األشرف‪ ،‬ثم تر افعا‬
‫إلى عمر‪ ،‬فذكر له أحدهما القصة‪ ،‬فقال للذي لم َ‬
‫يرض برلسول هللا ﷺ‪ :‬أكذلك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فضربه بالسيف‬

‫فقتله‪.‬‬

‫‪ ‬بماذا نحكم على من تحاكم إلى حكم الطاغوت؟‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫﴿أ َلم َت َرإ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون أ َّن ُهم َآمنوا ِب َما أ ِنز َل ِإلي َك َو َما أ ِنز َل ِمن قب ِل َك ُي ِر ُيدون أن َيت َحاك ُموا ِإلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قول هللا تعالى‪:‬‬
‫ض َا ًل َبع ً‬‫َ ُ ُ َّ َ ُ َ ُ َّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫يدا﴾‬ ‫ِ‬ ‫وت َوقد أ ِم ُروا أن َيكف ُروا ِب ِه وي ِريد الشيطان أن ي ِضلهم‬ ‫الطاغ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫﴿يز ُع ُمون﴾ يدل على أنهم كذ َبة‪ ،‬فا يجتمع اليمان مع إرادة الحكم و التحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫َ‬
‫﴿ي ِر ُيدون﴾ هذا ضابط مهم وشرط في نفي أصل اليمان عمن حاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬‬

‫ومن تحاكم إلى الطاغوت له حالن‪:‬‬


‫ُ‬ ‫ً‬
‫اِختيارا ورغبة في ذلك‪ ،‬وعدم كراهة‪.‬‬ ‫األولى‪ :‬من تحاكم إلى الطاغوت بإرادته طواعية و‬
‫ُ‬
‫فهذا ينتفي عنه أصل اليمان‪ ،‬فا يجتمع اليمان باهلل وبما أنزل إلى النبي ﷺ وما أنزل من قبله مع إرادة التحاكم‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫﴿ي ِر ُيدون﴾‪ ،‬وقوله‪﴿ :‬أن َيت َحاك ُموا﴾ املصدر منه (التحاكم)‪،‬‬
‫إلى الطاغوت‪ ،‬فالرادة شرط فقد قال تعالى‪ُ :‬‬
‫َ َّ ُ‬
‫وت﴾ الطاغوت‪ :‬السم لكل ما تجاوز به العبد حده من متبوع‬ ‫﴿إلى الطاغ ِ‬‫بمعنى‪ :‬يريدون التحاكم إلى الطاغوت‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫﴿وقد أ ِم ُروا أن َيكف ُروا ِب ِه﴾ أي‪ :‬أن يكفروا بالطاغوت‪ ،‬أن يكفروا بكل تحاكم إلى غير شرع‬ ‫أو معبود أو مطاع‪،‬‬

‫هللا جل وعا‪ ،‬فاألمر بالكفر بالتحاكم إلى الطاغوت أمر واجب ومن أفراد التوحيد‪ ،‬ومن أفراد تعظيم هللا جل‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪82‬‬

‫ََ ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ ُ َ‬ ‫ً‬


‫﴿و ُي ِر ُيد الشيطان أن ُي ِضل ُهم ضال‬
‫أصا‪َ ،‬‬ ‫وعا في ربوبيته‪ ،‬فمن تحاكم إلى الطاغوت بإرادته انتفى عنه اليمان‬
‫َبع ً‬
‫يدا﴾ دل ذلك على أن هذا من وحي الشيطان ومن تسويله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الثانية‪ :‬من تحاكم إلى الطاغوت بغيرإرادته‪ ،‬وهو كاره ومجبرعلى ذلك‪ ،‬وليس له في ذلك اِختيار‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ‬
‫ض قالوا ِإن َما نح ُن ُمص ِل ُحون﴾‪ 59‬في هذا‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫األ‬ ‫يل ل ُهم ل تف ِس ُدوا ِفي‬ ‫‪ ‬ملاذا لساق الشيخ قوله تعالى‪﴿ :‬و ِإذا ِق‬

‫الباب؟‬

‫لساق الشيخ هذه الية ألجل أن يبين أن صاح األرض بالتوحيد والذي منه إفراد هللا جل وعا بالطاعة‪ ،‬وأن ل‬
‫َ‬
‫يحاكم إل إلى شرعه‪ ،‬وأن إفساد األرض وبالشراك باهلل والذي منه أن ُيجعل حكم غير هللا جل وعا ً‬
‫جائزا في‬

‫التحاكم إليه؛ فاألرض إصاحها بالشريعة وبالتوحيد‪ ،‬و إفسادها بالشرك بأنواعه الذي منه الشرك في الطاعة‪.‬‬

‫)‬
‫إفساد في األرض؟‬ ‫‪ ‬ما الدليل على أن الحكم بغيرشرع هللا هو‬

‫َ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫األر َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫ض قالوا ِإن َما‬
‫ض بعد ِإصا ِحها﴾‪ ، 55‬وقوله‪﴿ :‬و ِإذا ِقيل لهم ل تف ِسدوا ِفي األر ِ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬ول تف ِس ُدوا ِفي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نح ُن ُمص ِل ُحون﴾ آيات ظاهرة في أن من ِخصال املنافقين لسعيهم في الشرك وفي ولسائله و أفراده‪ ،‬ويقولون‪ :‬إنما‬

‫نحن مصلحون‪ ،‬وفي الحقيقة أنهم هم املفسدون ولكن ل يشعرون؛ ألنهم إذا أرادوا الشرك ورغبوا فيه وحاكموا‬

‫وتحاكموا إلى غيرشرع هللا فإن ذلك هو الفساد‪ ،‬والسعي فيه لسعي في الفساد‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى التحاكم إلى شرائع الجاهلية‪ ،‬وما حكمه؟‬

‫(حكم الجاهلية) هو‪ :‬أن يحكم بعضهم على بعض؛ بأن يسن البشر"شريعة" فيجعلونها حاكمة‪.‬‬

‫‪[ 14‬البقرة‪.]11:‬‬
‫‪[ 11‬األعراف‪.]56:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫وهللا جل وعا هو الذي ِخلق العباد وهو أعلم بما يصلحهم‪ ،‬وبما فيه العدل في الفصل في أقضيتهم‬

‫وِخصوماتهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حكم البشر؛ ومعنى ذلك أنه اتخذه ُم ً‬ ‫َ‬
‫طاعا من دون هللا‪ ،‬أو جعله شريكا‬ ‫فمن حاكم إلى شرائع الجاهلية فقد‬

‫هلل جل وعا في عبادة الطاعة‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على تحريم التحاكم إلى غيرشرع هللا؟‬


‫للا ُحك ًما ِّل َقوم ُيو ِق ُنو َن﴾‪َّ ،56‬‬‫َ َ ُ َ َ َّ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َّ‬
‫دل على أن حكم‬ ‫قال هللا تعالى‪﴿ :‬أفحكم الج ِاه ِلي ِة يبغون ومن أحسن ِمن ِ‬
‫ً‬
‫إنما هو كما قال طائفة‪( :‬زبالة أذهان‪ ،‬ونحاتة أفكار‪ ،‬ل تساوي شيئا عند من عقل تصرف هللا جل وعا في ملكه‬
‫َ‬
‫وملكوته‪ ،‬وأن ليس ث َّم حكم إل حكم الرب جل وعا)‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على العبد في مسألة التحاكم؟ مع ذكرالدليل‪.‬‬

‫الواجب على العبد أن يجعل حكمه وتحاكمه إلى هللا دونما لسواه‪ ،‬وحكم هللا جل وعا هو أحسن األحكام‪ ،‬قال‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َّ‬
‫للا ُحك ًما ِلقوم ُيو ِقنون﴾‪.‬‬
‫َ َ َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫للا أبت ِغي حك ًما﴾‪ ،57‬وقال هنا‪﴿ :‬ومن أحسن ِمن ِ‬
‫تعالى‪﴿ :‬أفغير ِ‬
‫‪ ‬ما لسبب الخلط الذي وقع في مسألة التحاكم إلى غيرشرع هللا؟ وما ِخطره؟‬

‫مسألة [التحاكم إلى غير شرع هللا] من املسائل التي يقع فيها ِخلط كثير ِخاصة عند الشباب؛ في هذه الباد وفي‬
‫تفرق املسلمين؛ ألن نظرالناس فيها لم يكن ً‬
‫واحدا‪ ،‬ومن أوجه الخلط في ذلك أنهم جعلوا‬ ‫غيرها‪ ،‬وهي من ألسباب ّ‬

‫مسألة الحكم والتحاكم صورة واحدة‪ ،‬بينما هي متعددة الصور‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على طالب العلم فعله حتى يتجنب هذا الخلط؟‬

‫يتحرى طالب العلم ما دلت عليه األدلة‪ ،‬وما َّبينه العلماء من معاني تلك األدلة‪ ،‬وما فقهوه من‬
‫الواجب أن ّ‬

‫أصول الشرع والتوحيد‪ ،‬وما بينوه في تلك املسائل‪.‬‬

‫‪[ 16‬المائدة‪.]50 :‬‬


‫‪[ 17‬األنعام‪.]119 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪84‬‬

‫‪ ‬ما هي حالت الحكم والتحاكم إلى غيرشرع هللا؟‬


‫ُ ّ‬
‫شرع هو من ُي َّ‬
‫شرع قانون مستقل‪ ،‬يضاهي به حكم هللا جل وعا‪.‬‬ ‫الحالـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة األول ـ ـ ـ ـ ــى‪ :‬امل ِ‬
‫ً‬
‫منسوبا إليه‪ ،‬وهو الذي حكم به‪،‬‬ ‫فهو واضع هذا القانون والتشريع‪ ،‬و َّ‬
‫السان له‪ ،‬وجاعله‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املشرع (كافر) وكفره ظاهر؛ ألنه جعل نفسه طاغوتا‬
‫ِ‬ ‫وهذا التقنين والتشريع (كفر) من حيث َوضعه‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حراما والحرام حال‪ ،‬وفي‬ ‫فدعا الناس إلى عبادته عبادة الطاعة وهو راض‪ .‬ومن أطاعه في جعل الحال‬

‫مناقضة شرع هللا (كافر) قد اتخذه ًربا من دون هللا‪.‬‬

‫الحال ـ ـ ـ ـ ــة الثانيـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬الحاكم وهو من يحكم بهذا التشريع والقانون املستقل‪.‬‬

‫وفيه تفصيل‪:‬‬
‫ً‬
‫إن حكم بغير شرع هللا مرة أو مرتين أو أكثر من ذلك‪ ،‬ولم يكن ذلك ديدنا له‪ ،‬وهو يعلم أنه عاص‪ ،‬فهذا‬ ‫‪)1‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ستحل‪ ،‬ولهذا تجد أن بعض أهل العلم يقول‪( :‬الحكم بغيرشرع‬ ‫له حكم أمثاله من أهل الذنوب‪ ،‬ول يكفرحتى ي ِ‬
‫َُ‬
‫الستحل)‪ ،‬وهذا صحيح؛ ولكن ل تن َّز ُل هذه الحالة على حالة التقنين والتشريع‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫هللا ل يكفر به إل إذا‬

‫ابن عباس‪( :‬كفردون كفر‪ ،‬ليس بالكفرالذي يذهبون إليه) يعني‪ :‬من حكم في مسألة‪ ،‬أو في مسألتين بهواه بغير‬

‫شرع هللا‪ ،‬وهو يعلم أنه عاص ولم يستحل‪ ،‬فهذا كفردون كفر‪.‬‬
‫ً‬
‫دائما بغيرشرع هللا ُويلزم به الناس‪:‬‬
‫بتاتا‪ ،‬ويحكم ً‬ ‫أما الحاكم الذي ل يحكم بشرع هللا‬ ‫‪)2‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ً‬
‫لسن القانون؛ ألن هللا جل وعا قال‪ُ ﴿ :‬ي ِر ُيدون أن َيت َحاك ُموا‬
‫مطلقا ككفرالذي ّ‬ ‫‪ ‬فمن أهل العلم من قال‪ :‬يكفر‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬
‫وت َوقد أ ِم ُر ٓوا أن َيكف ُروا ِب ِه﴾‪ ،58‬فجعل الذي يحكم بغيرشرع هللا طاغوتا‪.‬‬
‫ِإلى الطاغ ِ‬

‫‪ ‬ومن أهل العلم من قال‪( :‬حتى هذا النوع ل يكفرحتى يستحل؛ ألنه قد يحكم وهو في نفسه عاص‪ ،‬فله حكم‬

‫أمثاله من املدمنين على املعصية الذين لم يتوبوا منها)‪.‬‬

‫‪[ 18‬النساء‪.]60 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫دائما بغير شرع هللا ُويلزم الناس به هو كافر‪ ،‬وهذا قول الجد الشيخ‬
‫والصحيح‪ :‬القول األول‪ ،‬أن الذي يحكم ً‬

‫محمد بن إبراهيم رحمه هللا في رلسالته [تحكيم القوانين]؛ ألن ذلك الفعل ل يصدرفي الو اقع من قلب قد كفر‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بالطاغوت؛ بل ل يصدرإل ممن عظم القانون‪ ،‬وعظم الحكم به‪.‬‬

‫الحال ـ ـ ـ ـ ـ ــة الثالثـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬املتحاكم وهو من يتحاكم إلى هذا التشريع‪ ،‬فيذهب هو وِخصمه فيتحاكما إلى هذا القانون‪.‬‬

‫فيه تفصيل‪:‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى‪ :‬إن كان يريد التحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬وله رغبة في ذلك ويرى أن الحكم بذلك لسائغ ول يكرهه‪،‬‬

‫فهذا (كافر)؛ ألنه داِخل في هذه الية‪ ،‬كما قال العلماء‪( :‬ل تجتمع إرادة التحاكم إلى الطاغوت مع اليمان باهلل)‪،‬‬
‫َ‬ ‫بل هذا ينفي هذا‪ ،‬وهللا ‪-‬جل وعا‪ -‬قال‪َ ﴿ :‬أ َلم َت َرإ َلى َّالذ َ‬
‫ين َيز ُع ُمون﴾‪ 59‬الية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫‪‬الحالة الثانية‪ :‬أنه ل يريد التحاكم إلى الطاغوت؛ ولكنه َحاكم إما بإجباره على ذلك كما يحصل في الباد‬

‫األِخرى أنه يجبرأن يحضر مع ِخصمه إلى قاض يحكم بالقانون‪ ،‬أو أنه علم أن الحق له في الشرع فرفع األمرإلى‬

‫القاض ي في القانون لعلمه أنه يو افق حكم الشرع‪ ،‬فهذا الذي رفع أمره في الدعوة على ِخصمه إلى قاض قانوني‬

‫لعلمه أن الشرع يعطيه حقه وأن القانون و افق الشرع في ذلك‪ ،‬فهذا األصح عندي أنه جائز‪ ،‬وبعض أهل العلم‬

‫يقول‪ :‬يتركه ولو كان الحق له‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُ َّ‬


‫وهللا ‪-‬جل وعا‪ -‬وصف املنافقين بقوله‪َ ﴿ :‬و ِإن َيكن ل ُه ُم ال َحق َيأت ٓوا ِإلي ِه ُمذ ِع ِنين﴾‪ .60‬فالذي يرى أن الحق ثبت‬
‫ً‬
‫مشروعا‪ ،‬فهذا ل‬ ‫له في الشرع وما أجاز لنفسه أن يتر افع إلى غير الشرع إل ألنه يأتيه ما جعله هللا جل وعا له‬

‫يدِخل في إرادة التحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬هو كاره ولكنه حاكم إلى الشرع‪ ،‬فعلم أن الشرع يحكم له فجعل الحكم‬
‫الذي عند القانوني ولسيلة ليصال الحق الذي ثبت له ً‬
‫شرعا إليه‪.‬‬

‫‪[ 11‬النساء‪.]60 :‬‬


‫‪[ 60‬النور‪.]94 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪86‬‬

‫الحال ـ ـ ـ ـ ــة الرابعـ ـ ـ ــة‪ :‬الدولة‬

‫الدولة التي تحكم بالقانون املستقل‪ .‬فيه تفصيل‪:‬‬

‫الدول التي تحكم بالقانون بحسب تفصيل كام الشيخ محمد بن إبراهيم في هذه املسألة في فتاويه‪ ،‬وِخاصة‬

‫قوله‪( :‬أن الكفربالقانون فرض‪ ،‬وأن تحكيم القانون في الدول‪:‬‬


‫ّ‬ ‫• إن كان ً‬
‫ِخفيا ً‬
‫نادرا فاألرض أرض إلسام؛ يعني الدولة دولة إلسام‪ ،‬فيكون له حكم أمثاله من ِ‬
‫الشركيات التي‬

‫تكون في األرض‪.‬‬

‫ً‬
‫فاشيا؛ فالدارداركفر؛ يعني الدولة دولة كفر)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ظاهرا‬ ‫• وإن كان‬

‫فيصبح الحكم على الدولة راجع إلى هذا التفصيل‪:‬‬


‫قليا ً‬‫ً‬
‫وِخفيا‪ ،‬فهذا لها حكم أمثالها من الدول الظاملة أو التي لها ذنوب وعصيان‪ ،‬وظهور‬ ‫إن كان تحكيم القانون‬
‫ً‬
‫وفاشيا فالدار دار كفر‪ ،‬والظهور يضاده الخفاء‪ ،‬والفشو‬ ‫ً‬
‫ظاهرا‬ ‫أو وجود بعض الشركيات في دولتها‪ ،‬وإن كان‬

‫تضاده القلة‪.‬‬

‫وهذا التفصيل هو الصحيح؛ ألننا نعلم أنه في دول اللسام صار هناك تشريعات غير مو افقة لشرع هللا جل‬

‫وعا‪ ،‬والعلماء في األزمنة األولى ما حكموا على الدار بأنها دار كفر ول على تلك الدول بأنها دول كفرية؛ ذلك ألن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاهرا وينكرفاألرض‬ ‫فاشيا فالدولة دولة كفر‪ ،‬ومتى كان قليا‬ ‫ظاهرا‬ ‫الشرك له أثرعلى الدار‪-‬الدولة‪ -‬فمتى كان‬

‫أرض إلسام والداردارإلسام‪ ،‬وبالتالي فالدولة دولة إلسام‪.‬‬

‫ً‬
‫باب من جحد شيئا من األمساء والصفات‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫‪ ‬ما عاقة أنواع التوحيد الثاثة ببعضها (توحيد الربوبية‪ -‬توحيد األلوهية‪ -‬توحيد األلسماء‬

‫والصفات)؟‬

‫أن (توحيد الربوبية) برهان على (توحيد األلوهية)‪ ،‬فمن أدلة توحيد األلوهية توحيد الربوبية‪ ،‬كما لسبق في‬
‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫شي ًئا َو ُهم ُيخل ُقو َن﴾‪61‬‬ ‫(باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬أيش ِركون ما ل يخلق‬

‫برهان على (توحيد األلوهية)‪ ،‬ومن حصل عنده ضال في توحيد األلسماء‬ ‫)‬ ‫وكذلك (توحيد األلسماء والصفات)‬

‫والصفات‪ ،‬فإن ذلك لسيتبعه ضال في توحيد األلوهية‪ ،‬ولهذا تجد أن املبتدعة الذين ألحدوا في ألسماء هللا وفي‬

‫صفاته من هذه األمة من الجهمية واملعتزلة والر افضة واألشاعرة واملاتريدية ونحو هؤلء‪ ،‬تجد أنهم ملا انحرفوا‬

‫في باب توحيد األلسماء والصفات لم يعلموا حقيقة معنى توحيد األلوهية؛ ففسروا (الله) بغيرمعناه‪ ،‬وفسروا‬

‫(ل إله إل هللا) بغير معناها الذي دلت عليه اللغة ودل عليه الشرع‪ ،‬وكذلك لم يعلموا متعلقات األلسماء‬

‫والصفات‪ ،‬و آثاراأللسماء والصفات في ُملك هللا جل وعا ولسلطانه‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬ما منالسبة باب (من جحد شيئا من األلسماء والصفات) لكتاب التوحيد؟‬

‫عقد الشيخ رحمه هللا هذا الباب لصلته بكتاب التوحيد من جهتين‪:‬‬

‫الجهة األولى‪ :‬أن من براهين توحيد العبادة أي‪( :‬توحيد األلوهية) هو توحيد األلسماء والصفات‪ ،‬وأن تعظيم‬

‫األلسماء والصفات من كمال التوحيد‪.‬‬


‫الجهة الثانية‪ :‬أن جحد ش يء من األلسماء والصفات مناف ألصل التوحيد‪ ،‬فالذي يجحد ً‬
‫السما أو صفة أثبتها‬
‫ً‬
‫أصا‪ ،‬فإنه يكون ً‬
‫كافرا باهلل جل وعا‪ ،‬فهذا شرك وكفر مخرج من‬ ‫هللا لنفسه أو أثبتها له رلسوله ﷺ ثم جحدها‬
‫َُ َ ُ ُ َ‬
‫الرح َم ِن﴾‪.62‬‬
‫ون ب َّ‬
‫امللة كما قال لسبحانه عن املشركين‪﴿ :‬وهم يكفر ِ‬

‫‪[ 61‬األعراف‪.]141 :‬‬


‫‪[ 61‬الرعد‪.]30 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪88‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على العباد تجاه ألسماء هللا وصفاته؟‬

‫الواجب على العباد أهل هذه امللة أن يؤمنوا بتوحيد هللا جل وعا في ألسمائه وصفاته‪ ،‬وأن يعلموا أن هللا جل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جاله متصف باأللسماء الحسنى وبالصفات العا‪ ،‬وأن ل يجحدوا شيئا منها‪ ،‬ومن جحد شيئا من ألسماء هللا‬

‫وصفاته فهو كافر؛ ألنه تكذيب بالكتاب وبالسنة‪ ،‬وذلك صنيع الكفار واملشركين‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى اليمان بتوحيد هللا في األلسماء والصفات؟‬

‫ومعنى اليمان بتوحيد هللا في ألسمائه وصفاته أن يتيقن ويؤمن بأن هللا جل وعا ليس له مثيل في ألسمائه‪ ،‬وليس‬
‫س َكمثله َش ي )ء َو ُه َو َّ‬ ‫َ‬
‫الس ِم ُيع ال َب ِص ُير﴾‪.63‬‬ ‫له مثيل في صفاته‪ ،‬كما قال جل وعا‪﴿ :‬لي َ ِ ِ ِ‬
‫س َكمثله َش ي )ء َو ُه َو َّ‬ ‫َ‬
‫الس ِم ُيع ال َب ِص ُير﴾؟‬ ‫‪ ‬ما دللة تقديم النفي على الثبات في قوله تعالى‪﴿ :‬لي َ ِ ِ ِ‬
‫هنا نفى أثبت‪ ،‬فنفى أن يماثل هللا جل وعا ش )يء‪ ،‬أثبت له صفتي السمع والبصر‪ ،‬قال العلماء‪َّ ( :‬‬
‫قدم النفي‬ ‫و‬ ‫و‬

‫على الثبات بناء على القاعدة العربية املعروفة أن التخلية تسبق التحلية؛ حتى يتخلى القلب من كل براثن‬

‫التمثيل ومن كل ما كان يعتقده املشركون الجاهلون من تشبيه هللا بخلقه أو تشبيه ِخلق هللا به)‪ ،‬والنفي يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مجما والثبات يكون مفصا‪.‬‬

‫فإذا ِخا القلب من براثن التشبيه والتمثيل أثبت ما يستحقه هللا جل وعا من الصفات‪ ،‬فأثبت هنا صفتين‬

‫وهما‪ :‬السمع والبصر‪.‬‬

‫‪ ‬ما لسبب ذكرالسمي (السميع البصير) دون غيرهما من األلسماء؟‬

‫لسبب ذكر صفتي (السمع والبصر) هنا في مقام الثبات دون ذكر غيرهما من الصفات‪ ،‬أو دون ذكر غير السمي‬
‫(السميع والبصير) من األلسماء؛ ألن صفتي السمع والبصرمشتركة بين أكثراملخلوقات الحية‪ُ ،‬‬
‫وجل املخلوقات‬
‫ً‬
‫جميعا‪ ،‬فالنسان له لسمع‬ ‫الحية التي حياتها بالروح وليست حياتها بالنماء فإن السمع والبصر موجود فيها‬

‫‪[ 63‬الشورى‪.]11 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪89‬‬

‫وبصر‪ ،‬ولسائر أصناف الحيوانات لها لسمع وبصر‪ :‬الذباب له لسمع وبصر ينالسبه‪ ،‬والبعير له لسمع وبصر‬

‫ينالسبه‪ ،‬ولسائرالطيور‪ ،‬والسمك في املاء‪ ،‬والدواب الصغيرة والحشرات‪ ،‬كل له لسمع وبصرينالسبه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومن املتقرر عند كل عاقل أن لسمع هذه الحيوانات ليس متماثا‪ ،‬وأن بصرها ليس متماثا‪ ،‬وأن لسمع الحيوان‬
‫ً‬
‫ليس مماثا لسمع النسان‪ ،‬فسمع النسان ربما كان أبلغ وأعظم من لسمع كثيرمن الحيوانات‪ ،‬وكذلك البصر‪.‬‬
‫فإذا كان كذلك؛ كان اشتراك املخلوقات التي لها لسمع وبصر في السمع والبصر اشتر )‬
‫اك في أصل املعنى‪ ،‬ولكل‬
‫ُ‬
‫لسمع وبصربما ق ِّدرله وما ينالسب ذاته‪ ،‬فإذا كان كذلك ولم يكن وجود السمع والبصرفي الحيوان وفي النسان‬
‫ً‬
‫مقتضيا لتشبيه الحيوان بالنسان‪ ،‬فكذلك إثبات السمع والبصر للملك الحي القيوم ليس على وجه املماثلة‬

‫للسمع والبصر في النسان أو في املخلوقات‪ ،‬فلله جل وعا لسمع وبصر يليق به‪ ،‬كما أن للمخلوق لسمع وبصر‬

‫يليق بذاته الحقيرة الوضيعة‪ ،‬فسمع هللا كامل مطلق من جميع الوجوه‪ ،‬ل يعتريه نقص‪ ،‬وبصره كذلك‪ ،‬والسم‬

‫هللا (السميع) هو الذي الستغرق كل الكمال من صفة السمع‪ ،‬وكذلك السم هللا (البصير) هو الذي الستغرق كل‬

‫الكمال في صفة البصر‪.‬‬

‫‪ ‬ما ثمرة اليمان بألسماء هللا وصفاته والعلم بها؟‬


‫لسبب ملعرفة هللا والعلم به؛ بل َّ‬
‫إن العلم باهلل ومعرفته تكون‬ ‫اليمان باأللسماء والصفات يقوي اليقين باهلل‪ ،‬وهو )‬

‫بمعرفة ألسمائه وصفاته‪ ،‬وبمعرفة آثار األلسماء والصفات في ملكوت هللا جل وعا‪ ،‬وهذا باب عظيم ربما يأتي‬
‫َ َّ َ‬
‫األلس َم ٓا ُء ال ُحس َن ٰى َفاد ُع ُ‬
‫وه ِب َها﴾‪.64‬‬ ‫له زيادة إيضاح عند (باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬وِ ِ‬
‫لِل‬

‫‪[ 64‬األعراف‪.]120 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫‪ ‬ما معنى السم هللا (الرحمن)؟‬


‫(الرحمن) من ألسماء هللا الحسنى‪ ،‬وهو مشتمل على صفة الرحمة؛ ألنه مشتق منها‪ ،‬وهو )‬
‫مبني على وجه‬

‫املبالغة‪.‬‬
‫املشركون والكفار في مكة قالوا‪ :‬ل نعلم (الرحمن) إل رحمن اليمامة‪ ،‬فكفروا بالسم هللا (الرحمن) وهذا )‬
‫كفر‬
‫َُ َ ُ ُ َ‬
‫الرح َم ِن﴾‪ ،65‬أي‪ :‬يكفرون بالسم هللا (الرحمن)‪.‬‬
‫ون ب َّ‬
‫بنفسه‪ ،‬ولهذا قال جل وعا‪﴿ :‬وهم يكفر ِ‬
‫‪ ‬ما الفرق بين السمي (الرحمن) و(الرحيم)؟‬
‫َّ‬
‫يتسم بــ(الرحمن) على الحقيقة‬ ‫السم (الرحمن) أبلغ في اشتماله على صفة الرحمة من السم (الرحيم)‪ ،‬ولهذا لم‬
‫ُ‬
‫إل هللا جل وعا؛ فهو من ألسماء هللا العظيمة التي ل َيش َرك ُه فيها أحد‪ ،‬أما (الرحيم) فقد أطلق هللا جل وعا‬
‫َ َُ )‬
‫وف َّر ِح )‬ ‫ُ‬
‫يم﴾‪.66‬‬ ‫على بعض عباده بأنهم رحماء‪ ،‬وأن نبيه ﷺ رحيم‪ ،‬كما قال‪ِ ﴿ :‬باملؤ ِم ِنين رء‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ما هي أوجه الرتباط بين ألسماء هللا الحسنى وصفاته العلى؟‬

‫اللسم والصفة بينهما ارتباط‪ ،‬فكل السم من ألسماء هللا مشتمل على صفة؛ وألسماء هللا ليست جامدة؛ فاللسم‬

‫من ألسماء هللا‪:‬‬

‫يدل على مجموع شيئين باملطابقة‪ ،‬وهما‪( :‬الذات‪ ،‬والصفة التي اشتمل عليها اللسم)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويدل على أحدهما بالتضمن‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫)‬
‫مطابق ملعناه ألنه دال على كل‬ ‫ولهذا نقول‪ :‬كل السم من ألسماء هللا متضمن لصفة من صفات هللا‪ ،‬واللسم‬

‫من‪( :‬الذات املتصفة بالصفة‪ ،‬وعلى الصفة)‪ ،‬وجميع الصفات التي تتضمنها األلسماء دالة على كمال هللا جل‬

‫وعا وعلى عظمته‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى السم الجالة (هللا)؟ وما أصله؟‬

‫‪[ 61‬الرعد‪.]30 :‬‬


‫‪[ 66‬التوبة‪.]112 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫َ‬
‫السم (هللا)‪ :‬هو َعل )م على املعبود بحق جل وعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫)‬
‫طلق (هللا) فحذفت الهمزة تخفيفا؛ لكثرة دعائه وندائه به في أصل العربية‪.‬‬
‫مشتق؛ ألن أصله (الله)‪ ،‬ولكن أ ِ‬
‫)‬
‫مشتق على الصحيح من قولي أهل العلم‪.‬‬ ‫ً‬
‫جامدا؛ بل هو‬ ‫(هللا) ليس ً‬
‫السما‬

‫‪ ‬ما أثرمعرفة العبد بألسماء هللا وصفاته على توحيده؟‬

‫عظم العناية باأللسماء والصفات؛ ألن هذه األلسماء والصفات تؤثرفي‬ ‫ُ‬
‫العبد املؤمن إذا أراد أن يكمل توحيده فلي ِ‬
‫توحيده‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وعلمه باهلل ومعرفته؛ ألن معرفة اللسم والصفة تجعل العبد ير اقب هللا جل وعا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬ما القدرالواجب على العلماء تعليمه لعامة الناس فيما يخص مثا مباحث األلسماء والصفات؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الناس باليمان بمسائل األلسماء والصفات املعروفة واملعلومة املشتهرة في الكتاب والسنة إجمال‪ ،‬إيمانا‬ ‫يؤمر‬

‫يصح معه توحيدهم و إيمانهم وإلسامهم‪.‬‬

‫أما دقائق البحث في األلسماء والصفات فإنما هي للخاصة‪ ،‬ول تنالسب العامة‪ ،‬ول تنالسب املبتدئين في طلب‬
‫ّ‬
‫العلم؛ حتى إن بعض املتجهين إلى العلم قد ل تطرح عليهم بعض املسائل الدقيقة في األلسماء والصفات‪.‬‬
‫َ َّ‬ ‫جاء في صحيح البخاري قال‪ :‬قال علي رض ي هللا عنه‪ّ ( :‬‬
‫حدثوا الناس بما يعرفون‪ ،‬أتريدون أن ُيكذب هللا‬
‫ِ‬
‫ورلسوله؟!) هذا فيه دليل على أن بعض العلم ل يصلح لكل أحد‪ ،‬فإن من العلم ما هو ِخاص ولو كان ً‬
‫نافعا في‬

‫نفسه ومن أمور التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا األثرالوارد عن علي رض ي هللا عنه لهذا الباب؟‬


‫َ‬
‫الناس بما ل يعقلونه من‬ ‫حدث ُ‬
‫املرء‬ ‫منالسبة هذا األثرلهذا الباب‪ :‬أن من ألسباب جحد األلسماء والصفات أن ُي ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شكل‪ ،‬ومنه ما قد َيؤول بقائله إلى أن‬
‫األلسماء والصفات‪ ،‬فالدِخول في تفاصيل ذلك غير منالسب ألن منه ما ي ِ‬
‫َ ّ‬
‫ُيك ِذب هللا ورلسوله ألن تلك التفاصيل فوق عقله‪ ،‬وفوق مستواه‪ .‬إل إذا كان املخاطب يعقل ذلك ويعيه‪ ،‬وهذا‬

‫ليس بحال أكثرالناس‪.‬‬

‫‪ ‬ما األمر الذي ينبغي للمعلم وللمتحدث وللواعظ وللخطيب أن يعيه في حديثه للناس؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫الواجب على املسلم وِخاصة طالب العلم أن يجعل تقوية توحيد الناس وإكماله والزيادة في إيمانهم بما يعرفون‬
‫ً‬ ‫ُ ّ‬
‫كذبون شيئا مما قاله هللا جل وعا أو أِخبر به رلسوله ﷺ‪ ،‬وولسيلة ذلك‬
‫ل بما ينكرون‪ ،‬وأن ل يجعل الناس ي ِ‬
‫يحدث الناس بما ل يعرفون‪ ،‬أو يحدثهم بحديث ل تبلغه عقولهم‪ ،‬كما جاء في األثرعن ابن مسعود‬ ‫التكذيب أن ّ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫قوما حديثا ل تبلغه عقولهم إل كان لبعضهم فتنة»‪ ،‬وقد َّبوب على ذلك‬ ‫رض ي هللا عنه قال‪« :‬ما أنت بمحدث ً‬

‫الناس عنه‬ ‫ُ‬


‫بعض‬ ‫م‬‫ص َر َفه ُ‬ ‫َ‬
‫مخافة أن َيق ُ‬ ‫َ‬
‫بعض الِختيار‬
‫َ‬
‫اب َمن ترك‬‫البخاري في الصحيح في كتاب العلم بقوله‪َ ( :‬ب ُ‬
‫ِ‬
‫قعوا في ّ‬
‫أشد منه)‪.‬‬ ‫في ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬ما الواجب على املسلم إذا لسمع صفة من صفات هللا ل يعرفها لكنها في كتاب هللا أو في لسنة النبي ﷺ؟‬

‫الواجب على املسلم أنه إذا لسمع صفة من صفات هللا في كتاب هللا أو في لسنة النبي ﷺ أن يجريها ُمجرى جميع‬
‫الصفات‪ ،‬وهو إثبات الصفات هلل جل وعا )‬
‫إثبات با تكييف ول تمثيل‪ ،‬فإثباتنا للصفات على وجه تنزيه هللا جل‬

‫وعا عن املثيل والنظيرفي صفاته وألسمائه‪ ،‬فله من كل السم وصفة أعلى وأعظم ما يشتمل عليه من املعنى‪.‬‬
‫ً‬
‫فقد روى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ :‬أنه رأى رجا انتفض‬
‫َ ُ‬ ‫ً‬
‫الستنكارا لذلك فقال‪ :‬ما ف َرق هؤلء؟ يجدون رقة عند محكمه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ملا لسمع حديثا عن النبي ﷺ في الصفات‪،‬‬

‫ويهلكون عند متشابهه)‪.‬‬

‫َّ‬
‫فهذا الرجل ملا لم يعرف هذه الصفة انتفض؛ ألنه فهم من هذه الصفة [املماثلة أو التشبيه] فخاف من تلك‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الصفة‪.‬قول ابن عباس‪( :‬ما ف َرق هؤلء؟) يعني‪ :‬ما لسبب ِخوف هؤلء؟!‪ ،‬ملاذا ف َرقوا وِخافوا من هذه الصفة‬

‫ومن إثباتها؟! (يجدون رقة عند محكمه) أي‪ :‬إذا ِخوطبوا باملحكم الذي يعرفونه وجدوا في قلوبهم رقة له‪.‬‬

‫املحكم‪ :‬هو الذي ُيعلم‪ ،‬يعلمه لسامعه‪.‬‬


‫ُ‬

‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫(ويهلكون عند متشابهه)‪ :‬فإذا لسمعوا في الكتاب أو السنة شيئا ل تعقله عقولهم هلكوا عنده وِخافوا وف َرقوا‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وأولوا ونفوا أو جحدوا‪ ،‬وهذا من ألسباب الضال‪ .‬املتشابه‪ :‬هو الذي يشتبه علمه على لسامعه‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪93‬‬

‫‪ ‬ما أقسام القرآن والعلم والشريعة من حيث املحكم واملتشابه؟‬


‫ً‬
‫جميعا‪ ،‬كلها محكمة‪ ،‬وكلها متشابهة‪ ،‬ومنها محكم ومنها متشابه‪ ،‬فهذه ثاثة أقسام‪:‬‬ ‫القرآن والعلم والشريعة‬
‫القسم األول‪ :‬م )‬
‫حكم كله‪:‬‬
‫َ‬
‫۝أ َّل َتع ُب ُد ٓوا إ َّل َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ) ُ َ َ ُ ُ ُ َّ ُ ّ َ‬ ‫ٓ‬
‫للا﴾‪،67‬‬ ‫ِ‬ ‫صلت ِمن ل ُدن َح ِكيم ِخ ِبير‬ ‫۝كتاب أح ِكمت آياته ثم ف ِ‬
‫كما قال جل وعا‪﴿ :‬الر ِ‬
‫فالقرآن كله محكم‪ ،‬بمعنى أن معناه واضح‪ ،‬وأن هللا جل وعا أحكمه‪ ،‬فا اِختاف فيه ول تباين‪ ،‬و إنما بعضه‬
‫َ ً َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫للا ل َو َج ُدوا ِف ِيه اِخ ِتافا ك ِث ًيرا﴾‪.68‬‬
‫ند غي ِر ِ‬
‫ً‬
‫يصدق بعضا كما قال جل وعا‪﴿ :‬ولو كان ِمن ِع ِ‬
‫)‬
‫متشابه كله‪:‬‬ ‫القسم الثاني‪:‬‬

‫بعضا‪ ،‬فهذا الحكم وهذه املسألة تشبه تلك ألنها تجري معها في قاعدة واحدة‪ ،‬فنصوص‬ ‫بمعنى أن بعضه ُيشبه ً‬

‫َ‬
‫يث ِكت ًابا‬ ‫َّ ُ َ َّ َ َ َ َ َ‬ ‫ً‬
‫الشريعة يصدق بعضها بعضا‪ ،‬ويؤول بعضها إلى بعض‪ ،‬وقد قال جل وعا‪﴿ :‬للا نزل أحسن الح ِد ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ ُ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين َيخشون َرَّب ُهم﴾‪ ،69‬قال‪ِ ﴿ :‬كت ًابا متش ِاب ًها﴾ فالقرآن متشابه؛ يعني بعضه‬ ‫متش ِاب ًها َّمثا ِن َي تقش ِعر ِمنه جلود ال ِذ‬

‫بعضا‪ ،‬وهذه قصة وهذه قصة فهذه تصدق‬ ‫يفصل ً‬ ‫بعضا‪ ،‬فهذا ِخبرالجنة وهذا ِخبرالجنة وبعض األِخبار ّ‬ ‫يشبه ً‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫وهذه تزيدها تفصيا‪ ،‬وهكذا في كل ما في القرآن‪.‬‬
‫)‬
‫متشابه‪:‬‬ ‫)‬
‫محكم ومنه‬ ‫القسم الثالث‪ :‬منه‬
‫ُ‬ ‫ات مح َك َم )‬
‫ات ُه َّن أم‬ ‫ُ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اب من ُه َآي )‬
‫املحكم واملتشابه هنا هو الذي جاء في آية آل عمران‪﴿ :‬هو ال ِذي أنزل عليك ال ِكت ِ‬
‫ات﴾‪ ،70‬منه محكم وهو الذي اتضح علمه‪ ،‬ومنه متشابه وهو الذي اشتبه علمه‪ ،‬وبهذا‬ ‫الك َتاب َو ُأ َِخ ُر ُم َت َشاب َه )‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ً‬
‫نعلم أنه ليس عندنا في عقيدة أهل السنة والجماعة ‪-‬أتباع السلف الصالح‪ -‬شيئا من املتشابه املطلق الذي ل‬

‫يعلمه أحد‪ ،‬بمعنى أنه ل توجد مسألة من مسائل التوحيد أو من مسائل العمل يشتبه علمها على كل األمة‪ ،‬بل‬

‫‪[ 67‬هود‪.]1-1 :‬‬


‫‪[ 68‬النساء‪.]21 :‬‬
‫‪[ 61‬الزمر‪.]16 :‬‬
‫‪[ 70‬آل عمران‪.]9 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪94‬‬

‫َ َ َ َ ُ َ َ ُ َّ َّ ُ َ َّ ُ َ‬
‫اسخون ِفي‬
‫ربما اشتبه على بعض الناس وبعضهم يعلم املعنى‪ ،‬كما قال جل وعا‪﴿ :‬وما يعلم تأ ِويله ِإل للا والر ِ‬
‫ال ِعل ِم﴾‪ ،71‬على أحد وجهي الوقف‪.‬‬

‫فهذا املتشابه املوجود يشتبه على بعض الناس‪ ،‬فإذا اشتبه عليك علم ش يء من التوحيد أو من الشريعة فإن‬
‫َ‬
‫الواجب أن ل تفرق عنده ول تخاف‪ ،‬وأن ل تتهم الشرع أويقع في قلبك ش يء من الزيغ؛ ألن الذين يتبعون املتشابه‬

‫بمعنى‪[ :‬ل يؤمنون به] هم الذين في قلوبهم زيغ‪ ،‬وهذا هو الذي عناه ابن عباس رض ي هللا عنهما حين قال‪:‬‬

‫(ويهلكون عند متشابهه)‪ ،‬يريد به من أن الذين يهلكون عند املتشابه هم أهل الزيغ الذين قال هللا جل وعا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫) َ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َّ َ ُ ُ‬
‫ين ِفي قل ِوب ِهم َزيغ ف َيت ِب ُعون َما تش َاب َه ِمن ُه اب ِتغ َاء ال ِفتن ِة َو اب ِتغ َاء تأ ِو ِيل ِه﴾‪.72‬‬‫فيهم‪﴿ :‬فأما ال ِذ‬

‫فأهل الزيغ يستعملون في املتشابه هاتين الطريقتين‪:‬‬

‫• إما أن يبتغوا باملتشابه الفتنة‪.‬‬

‫• وإما أن يبتغوا باملتشابه التأويل‪.‬‬

‫يرد املتشابه إلى املحكم‪ ،‬فنعلم أن الشريعة تصدق بعضها ً‬


‫بعضا‪ ،‬وأن التوحيد بعضه يدل على‬ ‫والواجب أن ّ‬

‫بعض‪ ،‬كالقاعدة املعروفة في الصفات التي ذكرها عدد من األئمة كالخطابي وشيخ اللسام في التدمرية‪( :‬أن‬

‫القول في بعض الصفات كالقول في بعض‪ ،‬وأن القول في الصفات كالقول في الذات يحتذى في حذوه وينهج فيه‬

‫على منواله)‪.‬‬

‫‪ ‬بماذا نصف إنكارقريش للسم هللا (الرحمن)؟‬

‫‪[ 71‬آل عمران‪.]9 :‬‬


‫‪[ 71‬آل عمران‪.]9 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫َُ َ ُ ُ َ‬
‫الرح َم ِن﴾‪ .‬فإنكار‬
‫ون ب َّ‬
‫ملا لسمعت قريش رلسول هللا ﷺ يذكر الرحمن‪ ،‬أنكروا ذلك‪ ،‬فأنزل هللا فيهم‪﴿ :‬وهم يكفر ِ‬
‫الصفة أو إنكار اللسم بمعنى عدم التصديق بذلك هذا (جحد)‪ ،‬وهذا يختلف عن التأويل‪ ،‬فالتأويل واللحاد‬

‫له مراتب يأتي بيانها إن شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫نك ُرون َها َو أكث ُره ُم الكا ِف ُرون﴾[النحل‪]83:‬‬
‫َ َّ ُ ُ‬‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫للا ث َّم ي ِ‬
‫باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬يع ِرفون ِنعمت ِ‬

‫‪ ‬ما حكم إنكارنعمة هللا‪ ،‬ونسبتها إلى غيرهللا؟‬


‫َ َ َ‬ ‫النعم‪ -‬بأنهم‪َ ﴿ :‬يعر ُفو َن نع َم َت َّ ُ ُ‬
‫ّ‬
‫نك ُرون َها َو أكث ُر ُه ُم‬
‫للا ث َّم ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصف هللا الكفار في لسورة النحل ‪-‬التي تسمى لسورة ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الكا ِف ُرون﴾‪ ،‬و إنكار ِ‬
‫النعمة بأن تنسب إلى غير هللا‪ ،‬وأن يجعل املتفضل بالنعمة غير الذي ألسداها وهو هللا جل‬

‫جاله‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على العبد فيما يخص نسبة النعم إلى ِخالقها هللا لسبحانه وتعالى؟‬

‫الواجب على العبد أن يعلم أن كل النعم من هللا جل وعا‪ ،‬وأن كمال التوحيد ل يكون إل بإضافة كل نعمة إلى‬

‫هللا جل وعا‪ ،‬وأن إضافة النعم إلى غيرهللا نقص في كمال التوحيد‪ ،‬ونوع شرك باهلل جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫َ‬
‫نك ُرون َها﴾‪،‬‬ ‫ترجم املصنف ‪-‬رفع هللا مقامه في الجنة‪ -‬الباب بقوله‪ :‬باب قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يعر ُفو َن نع َم َت َّ ُ ُ‬
‫للا ث َّم ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو من األبواب العظيمة في هذا الكتاب ِخاصة في هذا الزمن لشدة الحاجة إليه‪ ،‬فقد َّنبه الشيخ رحمه هللا‬
‫ً‬
‫بهذا الباب على ما ينافي كمال التوحيد من األلفاظ‪ ،‬فتكون منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أن ثمة ألفاظا‬

‫يستعملها كثيرمن الناس في مقابلة النعم‪ ،‬أو في مقابلة اندفاع النقم‪ ،‬فيكون ذلك القول منهم نوع شرك أصغر‬

‫باهلل جل وعا‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫َ‬
‫نك ُرون َها﴾ أن هناك فرق بين العلم‬ ‫‪ ‬الستفاد بعض أهل العلم من قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يعر ُفو َن نع َم َت َّ ُ ُ‬
‫للا ث َّم ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعرفة‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫أِخذ بعض أهل العلم من هذه الية أن لفظ (املعرفة) إنما يأتي في الذم‪ ،‬وأن النافع هو العلم‪ ،‬وأن املعرفة‬
‫ين َآتين ُاه ُم الك َت َ‬ ‫َّ‬
‫﴿الذ َ‬ ‫ً‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫تستعمل في القرآن وفي السنة غالبا فيما يذم من أِخذ املعلومات‪ ،‬كقول هللا جل وعا‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫نك ُرون َها﴾‪.‬‬ ‫ون ُه َكما َيعرفو َن َأب َن َاء ُه ُم﴾‪ ،73‬وكقوله في هذه الية‪َ ﴿ :‬يعر ُفو َن نع َم َت َّ ُ ُ‬
‫َ ُ َ‬
‫للا ث َّم ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع ِرف‬

‫وهذا على جهة األكثرية‪ ،‬وإل فقد ورد أن املعرفة بمعنى العلم كما جاء في صحيح مسلم في حديث ابن عباس‬
‫معاذا إلى اليمن قال له‪ّ « :‬إن َك َتأتي َقو ًما َأه َل ك َتاب‪َ ،‬فل َي ُكن َأ ّو َل َما َتد ُع ُ‬
‫وهم‬
‫ً‬
‫رض ي هللا عنه أن النبي ﷺ ملا بعث‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِإلي ِه أن يعرفوا هللا فإن هم عرفوا هللا‪ ،»....‬فهذا يدل أن بعض من روى الحديث من التابعين جعل معنى العلم‬

‫املعرفة‪ ،‬وهم حجة في هذا املقام‪ ،‬فيدل على أن الستعمال املعرفة بمعنى العلم ل بأس به‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم إضافة النعم إلى غيرهللا ولو كانت صغيرة؟‬

‫هذا الباب معقود أللفاظ يكون الستعمالها من الشرك األصغر؛ ذلك أن فيها إضافة النعمة إلى غير هللا‪ ،‬وهللا‬

‫للا﴾‪ ،74‬وهذا نص صريح في العموم بأن مجيء النكرة في لسياق النفي‬ ‫ّ َ َ َ َّ‬ ‫ََ ُ‬
‫جل وعا قال‪﴿ :‬وما ِبكم ِمن ِنعمة ف ِمن ِ‬
‫يدل على الظهور في العموم‪ ،‬فإن ُلسبقت النكرة بـ(من) حرف جر الذي هو شبيه بالزائد فيكون العموم ً‬
‫نصا‬ ‫ِ‬
‫فيه‪ ،‬والتنصيص في العموم بمعنى أنه ل َيخرج ش يء من أفراده‪ ،‬فدلت الية على أنه ل يخرج ش يء من النعم أيا‬
‫ً‬ ‫جليا أو ً‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫صغيرا كان أو ً‬
‫ً‬
‫وضيعا‪ -‬ل يكون إل من هللا جل وعا‪ ،‬فكل النعم‬ ‫حقيرا‬ ‫عظيما‬ ‫كبيرا‪،‬‬ ‫كان ذلك الش يء ‪-‬‬

‫صغرت أو عظمت هي من هللا جل وعا وحده‪ ،‬وأما العباد فإنما هم ألسباب تأتي النعم على أيديهم‪ ،‬يأتي أحدهم‬
‫لسببا في تعيينك‪ ،‬أو ً‬
‫لسببا في نجاحك‪ ،‬أو نحو‬ ‫لسببا في معالجتك‪ ،‬أو ً‬
‫لسببا في إيصال النعمة إليك أو يكون ً‬
‫ويكون ً‬

‫ذلك‪ ،‬ل يدل على أنه هوولي النعمة وهوالذي أنعم‪ ،‬فإن ولي النعمة هوالرب جل وعا‪ ،‬وهذا من كمال التوحيد‪،‬‬

‫‪[ 73‬األنعام‪.]10 :‬‬


‫‪[ 74‬النحل‪.]56 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪97‬‬

‫ً‬ ‫َ‬
‫فإن القلب املوحد يعلم أنه ما ثم شيئا في هذا امللكوت إل وهللا جل وعا هو الذي يفتحه‪ ،‬وهو الذي يغلق ما‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ َ َّ ُ َّ‬
‫اس ِمن َّرح َمة فا ُمم ِس َك ل َها َو َما ُيم ِسك فا ُمر ِلس َل ل ُه ِمن َبع ِد ِه﴾‪.75‬‬
‫يشاء‪ ،‬كما قال لسبحانه‪﴿ :‬ما يفت ِح للا ِللن ِ‬
‫فكل النعم من هللا جل وعا والعباد ألسباب في ذلك‪.‬‬
‫فالواجب ‪-‬إذن‪ -‬أن تنسب النعمة إلى املسدي ل إلى السبب؛ ألن السبب لو أراد هللا جل وعا ألبطل كونه ً‬
‫لسببا‪،‬‬
‫آدميا فقلبه بين أصبعين من أصابع هللا جل وعا‪ ،‬لو شاء لصده عن أن يكون ً‬
‫لسببا أو أن‬ ‫وهذا السبب إذا كان ً‬

‫ينفعك بش يء‪ ،‬فاهلل جل وعا هو ولي النعمة‪.‬‬

‫‪ ‬ما مصيرمن تعلق قلبه بمخلوق في حصول نعمة أو دفع نقمة؟‬

‫قال شيخ اللسام رحمه هللا تعالى‪( :‬ما من أحد تعلق بمخلوق إل وِخذل)‪ ،‬ما من أحد تعلق بمخلوق في حصول‬
‫ّ‬
‫يعلق قلبه باهلل وأن‬
‫ش يء له أو اندفاع مكروه عنه إل ِخذل‪ ،‬وهذا في غالب املسلمين‪ ،‬فالواجب على املسلم أن ِ‬
‫يعلم أن النعم إنما هي من عند هللا‪ ،‬وأن العباد ألسباب يسخرهم هللا جل جاله‪ ،‬وهذا هو حقيقة التوحيد‬

‫ومعرفة تصرف هللا جل وعا في ملكوته‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم نسبة املال إلى النفس والباء بقول‪( :‬هذا مالي‪ ،‬ورثته عن آبائي)؟‬
‫َ‬
‫هذا القول‪( :‬هذامالي‪ ،‬ورثته عن آبائي) مناف لكمال التوحيد‪ ،‬وهو نوع من أنواع الشرك؛ ألنه ن َسب هذا املال‬

‫إليه وإلى آبائه‪ ،‬وفي الو اقع أن هذا املال أنعم هللا به على آبائه‪ ،‬ثم أنعم هللا به على هذا املؤمن إذ جعل هللا‬

‫قسمة امليراث تصل إليه‪ ،‬وهذا كله من فضل هللا جل وعا ومن نعمته‪ ،‬والوالد لسبب في إيصال املال إليه‪ ،‬ولهذا‬

‫في قسمة امليراث ل يجوز للوالد أو لصاحب املال أن يقسم امليراث على ما يريد هو؛ ألن املال في الحقيقة ليس‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ ُ ُ ّ َّ‬ ‫ً‬
‫للا ال ِذي آتاكم﴾‪ ،76‬فهو مال هللا جل وعا يقسمه كيف يشاء‪،‬‬ ‫مال له‪ ،‬كما قال جل وعا‪﴿ :‬و آتوهم ِمن م ِال ِ‬
‫"إن هللا قسم بينكم أِخاقكم كما قسم بينكم أرز اقكم"‪.77‬‬

‫‪[ 71‬فاطر‪.]1 :‬‬


‫‪[ 76‬النور‪.]66:‬‬
‫‪ 77‬أخرجه أحمد ‪.387 /1‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪98‬‬

‫فالواجب على العبد أن يعلم أن ما وصله من املال أو وصله من النعمة عن طريق آبائه هو من فضل هللا جل‬

‫وعا ونعمته‪ ،‬ووالده أو والدته أو قريبه لسبب من األلسباب‪ ،‬فيحمد هللا جل وعا على هذه النعمة‪ ،‬ويسأل هللا‬

‫جل وعا ذلك السبب‪ ،‬ويقابل ذلك السبب بجزائه إما بدعاء وإما بغيره‪.‬‬

‫‪ ‬هل يجوز قول (لول فان لم يكن كذا)؟‬


‫الواجب على العبد أن ّ‬
‫يوحد هللا فيقول‪( :‬لول هللا ثم فان)‪ ،‬فيجعل مرتبة فان ثانية ول يجعل مرتبة فان‬
‫ِ‬
‫هي األولى أو الوحيدة؛ ألن هللا جل وعا هو املسدي النعم املتفضل بها‪.‬‬
‫َّ‬
‫الطيارلذهبنا في هلكة"‪" ،‬لول لسائق السيارة كان ً‬
‫ماهرا لذهبنا في كذا وكذا"‪ ،‬أو يقول‪" :‬لول أن‬ ‫فا يقول‪" :‬لول‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫معل ًما أفهمنا املسألة ملا فهمناها ً‬
‫أبدا"‪ ،‬أو يقول‪" :‬لول املدير الفاني لف ِصلت"‪ ،‬ونحو ذلك من‬ ‫الشيخ كان ِ و‬

‫األلفاظ التي فيها تعليق حصول األمر بهذه الوالسطة‪ ،‬و إنما حصل األمر بقضاء هللا وبقدره‪ ،‬وبفضل هللا‬

‫وبنعمته من حصول النعم أو اندفاع املكروه والنقم‪.‬‬

‫‪ ‬هل ينطبق هذا املنع في الستعمال هذا اللفظ على النسان وغيره؟‬

‫جاء عن عون بن عبدهللا قوله‪( :‬يقولون‪ :‬لول فان لم يكن كذا) إنما قال هنا‪( :‬فان) من جهة كثرة اللستعمال‪،‬‬

‫أما في الو اقع فإن الناس يستعملونها فيما يتعلقون به من الجمادات ك ـبيت أو بسيارة أو طيارة‪ ،‬أو بقعة‪ ،‬أو‬

‫مطر‪ ،‬أو ماء‪ ،‬أو سحاب‪ ،‬أو هواء‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فنسبة النعمة إلى إنسان أو إلى بقعة أو إلى فعل فاعل أو إلى صنعة‬

‫أو إلى مخلوق كل ذلك من نسبة النعم إلى غيرهللا‪ ،‬وهو نوع من أنواع الشرك في اللفظ‪ ،‬وهو من الشرك األصغر‬

‫باهلل جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى قول ابن قتيبة‪( :‬يقولون‪ :‬هذا بشفاعة آلهتنا)؟‬

‫هؤلء كانوا إذا حصلت لهم نعمة؛ أو جاءتهم أمطار‪ ،‬أو مال‪،‬أو نجحوا في تجارتهم‪ ،‬إذا حصل لهم ذلك تذكروا‬
‫ً‬
‫أنهم قد توجهوا لألولياء‪ ،‬أو لألنبياء‪ ،‬أو لألصنام‪ ،‬أو لألوثان‪ ،‬تذكروا أنهم قد توجهوا لهم وصرفوا لهم شيئا من‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪99‬‬

‫العبادة‪ ،‬فقالوا‪( :‬اللهة شفعت لنا؛ فلذلك جاءنا هذا الخير)‪ ،‬فيتذكرون آلهتهم وينسون أن املتفضل بذلك‬

‫هو هللا جل وعا‪ ،‬وأن هللا لسبحانه ل يقبل شفاعة شركية من تلك الشفاعات التي يذكرونها‪.‬‬

‫‪ ‬من شكرالنعمة التحدث بها‪ ،‬كيف يكون ذلك؟‬

‫قال أبو العباس بعد حديث زيد بن ِخالد‪( :‬وهذا كثير في الكتاب والسنة‪ ،‬يذم لسبحانه من يضيف إنعامه إلى‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫غيره‪ ،‬ويشرك به)‪ ،‬قال بعض السلف‪( :‬هو كقولهم‪ :‬كانت الريح طيبة واملاح حاذقا‪ ،‬ونحو ذلك مما هو جار‬

‫على ألسنة كثير)‪.‬‬

‫وهذا باب ينبغي الهتمام به وتنبيه الناس عليه؛ ألن نعم هللا علينا ‪-‬في هذه الباد؛ بل نعم هللا على أهل اليمان‬

‫في كل مكان‪ -‬كثيرة ل حصرلها‪ ،‬ولهذا الواجب أن تنسب النعم إلى هللا جل وعا وأن ُيذكربها وأن ُيشكر؛ ألن من‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫درجات شكر النعمة أن تضاف إلى من ألسداها وهي أول الدرجات ﴿ َوأ َّما ِب ِنع َم ِة َرِّب َك ف َح ِّدث﴾‪ ،78‬أول درجات‬

‫التحديث بالنعمة أن تقول‪ :‬هذا من فضل هللا‪ ،‬هذه نعمة هللا‪ ،‬فإذا التفت القلب إلى مخلوق فإنه يكون قد‬

‫أدرك هذا النوع من الشرك املنافي لكمال التوحيد‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َّ َ َ ً‬ ‫ََ َ َُ‬


‫لِل أندادا َو أنتم تعل ُمون﴾[البقرة‪22:‬‬
‫باب قول هللا تعالى‪﴿:‬فا تجعلوا ِ ِ‬

‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َّ َ‬
‫لِل أ َند ًادا َو أنتم تعل ُمون﴾‪94‬؟‬
‫‪ ‬ما معنى التنديد في قوله تعالى‪﴿ :‬فا تجعلوا ِ ِ‬
‫التنديد معناه‪ :‬أن تجعل غير هللا ًندا له‪ ،‬فيكون التنديد في نسبة النعم إلى غير هللا‪ ،‬ويكون التنديد في الحلف‬

‫بغير هللا‪ ،‬ويكون التنديد في قول ما شاء هللا وشاء فان‪ ،‬وغير ذلك من األلفاظ‪.‬‬

‫‪[ 78‬الضحى‪.]11:‬‬
‫‪[ 71‬البقرة‪.]11 :‬‬
‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪ ‬ما أنواع التنديد؟ وما نوع التنديد الذي ألجله عقد هذا الباب؟‬

‫شرك أصغر‬ ‫هذا الباب فيه بيان أن التنديد يكون في األلفاظ‪ ،‬والتنديد هنا املراد به التنديد األصغر الذي هو )‬

‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َّ َ‬
‫لِل أ َند ًادا َو أنتم‬
‫في األلفاظ‪ ،‬وليس التنديد الكامل الذي هو‪ :‬الشرك األكبر‪ ،‬وقوله جل وعا‪﴿ :‬فا تجعلوا ِ ِ‬
‫أيضا اتخاذ األنداد في أنواع الشراك التي‬ ‫َتع َل ُمو َن﴾‪ ،‬هذا عام يشمل اتخاذ األنداد في الشرك األكبر‪ ،‬ويشمل ً‬
‫َ‬
‫دون الشرك األكبر؛ ألن قوله (أ َند ًادا) هذا يعم جميع أنواع التنديد‪ ،‬والتنديد منه ما هو مخرج من امللة‪ ،‬ومنه‬

‫ما ل يخرج من امللة‪.‬‬

‫ولهذا لساق عن ابن عباس أنه قال‪( :‬األنداد هو الشرك‪ ،‬أِخفى من دبيب النمل) فجعل مما يدِخل في هذه الية‬

‫(الشرك الخفي) أو (شرك األلفاظ) التي تخفى على كثيرمن الناس‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫ّ‬
‫منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد لبيان أن حقيقة التوحيد أل يكون في القلب إل هللا جل وعا‪ ،‬وأل يتلفظ‬
‫ً‬
‫بش يء فيه َجعل غيرهللا جل وعا شريكا له أو ًندا له كمن حلف بغيرهللا‪ ،‬أو كمن قال‪" :‬ما شاء هللا وشاء فان"‪،‬‬

‫أو "لول كليبة هذا ألتانا اللصوص"‪ ،‬ونحو هذه األلفاظ‪.‬‬

‫األول ظاهروهو تبع للباب قبله؛ يعني كام ابن عباس على الية‪ ،‬ثم قال في آِخره‪( :‬ل تجعل فيها فانا هذا كله به‬

‫شرك) أي‪ :‬ل تقل لول هللا وفان‪ ،‬قل "لول هللا لحصل كذا وكذا"‪ ،‬هذا هو األكمل‪ ،‬فالذي ينبغي في الستعمال‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫هذه األلفاظ أن تنسب إلى هللا‪ .‬هذا من جهة الرشاد إلى ما ينبغي أن يقال‪ ،‬فا تجعل مشيئة العبد مقارنة‬
‫ً‬
‫مشتركة مع مشيئة هللا‪ ،‬فالواجب أن ينزه العبد لفظه حتى يعظم هللا جل وعا‪ ،‬والقلب املعظم هلل جل وعا ل‬
‫ً‬
‫يمكن أن يستعمل لفظا فيه جعل ملخلوق في مرتبة هللا جل وعا في املشيئة أو في الحلف أو في الصفات ونحو‬

‫ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي األلفاظ الجائزة في نسبة النعم؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫األلفاظ الجائزة تأتي على درجتين‪:‬‬

‫الدرجة األولى‪ :‬هي الكاملة‪ ،‬وهي أن يقول‪( :‬لول هللا ملا حصل كذا)‪.‬‬

‫الدرجة الثانية‪ :‬وهي الجائزة‪ ،‬وهي أن يقول‪( :‬لول هللا ثم فان ملا حصل كذا)‪.‬‬

‫والثانية توحيد؛ بجعله مرتبة فان نازلة عن مرتبة إنعام هللا؛ ولكن هذا ليس هوالكمال‪ ،‬ولهذا قال ابن عباس‪:‬‬
‫ً‬
‫(ل تجعل فيها فانا)‪ ،‬ألن الكمال أن تقول‪( :‬لول هللا ألتانا اللصوص)‪( ،‬لول نعمة هللا ملا حصل كذا)‪( ،‬لول‬

‫فضل هللا ملا حصل كذا)‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي األلفاظ غيرالجائزة في نسبة النعم؟‬

‫وأما الذي ل يجوز والذي قال فيه ابن عباس‪( :‬كله به شرك) أن يقول‪( :‬لول هللا وفان)‪ ،‬أو (ما شاء هللا وشاء‬

‫فان)‪ ،‬بالواو‪ ،‬هذا شرك أصغر‪.‬‬


‫ُ‬
‫‪ ‬ما الفرق بين الستعمال (و) و (ث َّم)؟‬

‫قول‪( :‬لول هللا وفان) بالواو ألن (الواو) تفيد التشريك بين املعطوف واملعطوف عليه دون تراخ في املرتبة‪،‬‬
‫)‬ ‫ُ‬
‫معلوم في هذا املبحث‬ ‫أما قول (لول هللا ثم فان) فإن (ث َّم) تفيد التراخي في املرتبة أو التراخي في الزمن‪ ،‬وهذا‬

‫في حروف املعاني من النحو‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى "اليمين"؟‬


‫َّ‬
‫اليمين‪ :‬هي تأكيد الكام ملعظم به بين املتكلم واملخاطب‪ ،‬يؤكد الكام بمعظم به بأحد حروف القسم الثاثة‪:‬‬

‫الواو أو الباء أو التاء‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم الحلف بغيرهللا؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫َّ‬
‫الواجب أن ل يؤكد الكام إل باهلل جل وعا؛ ألن املعظم على الحقيقة هو هللا جل وعا‪ ،‬وأما البشر فليسوا‬

‫بمعظمين بحيث ُيحلف بهم‪ ،‬و إنما ربما عظموا بش يء ينالسب ذاتهم‪ ،‬تعظيم البشرالائق‪ ،‬أما التعظيم الذي‬

‫يصل إلى حد أن ُيحلف به‪ ،‬فهذا إنما هو هلل جل وعا‪.‬‬


‫ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫قال رلسول هللا ﷺ‪َ « :‬من َحلف ِبغي ِر هللا فقد كف َر أو أش َر َك»‪ ،80‬أي‪ :‬من عقد اليمين بغير هللا جل وعا فقد‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫كفر أو أشرك‪ ،‬ألنه عظم هذا املخلوق كتعظيم هللا جل وعا في الحلف به‪ ،‬وكفره وشركه شرك أصغر‪ ،‬وقد‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫يصل إلى أن ُيشرك بالحلف شركا أكبر إذا عظم املحلوف به كتعظيم هللا جل وعا في العبادة‪ ،‬كحلف الذين‬

‫يعبدون األوثان ويحلفون بأوثانهم فإنه شرك أكبر؛ ألنه يعظم ذلك الوثن أو ذلك القبر أو تلك البقعة أو ذلك‬
‫ً‬
‫املشهد أو ذلك الولي كتعظيم هللا في العبادة‪ ،‬فيكون حلفه حلفا بمعظم به في العبادة‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم اليمين بالستخدام غيراألحرف الثاثة كحرف (في) ونحوها؟‬


‫ً‬
‫إذا الستخدم غير هذه األحرف الثاثة كلفظ (في) ونحو ذلك فإنه ل يعد حلفا‪ ،‬إل إن كان في قلبه أنه يمين‬

‫ولكنه أِخطأ التعبير‪ ،‬فالعبرة بما في النفس من املعاني‪ ،‬وأما ما في اللفظ فإنه في هذا املقام يؤول إلى ما في‬

‫القلب‪.‬‬

‫‪ ‬ما أحوال الحلف بغيرهللا‪ ،‬وما أحكامها؟‬

‫‪ -1‬من حلف بغيرهللا فهو مشرك الشرك األصغر‪.‬‬

‫‪ -2‬من حلف بغيرهللا وكان يعبد هذا الذي حلف به فهو مشرك الشرك األكبر‪.‬‬
‫من حلف بغير هللا ولم يعقد القلب باليمين‪ ،‬كمن يكون ً‬
‫دائما على لسانه الستعمال الحلف بالنبي أو‬ ‫‪-3‬‬

‫بالكعبة أو باألمانة أو بولي ونحو ذلك‪ ،‬وهو ل يريد حقيقة اليمين‪ ،‬و إنما يجري على لسانه مجرى في اللغو‪،‬‬
‫فهذا ً‬
‫أيضا شرك ألنه تعظيم لغير هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ - 80‬رواه الترمذي وحسنه‪ ،‬وصححه الحاكم‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫ً‬ ‫ما مراد ابن مسعود رض ي هللا عنه من قوله‪( :‬ألن أحلف باهلل ً‬
‫كاذبا أحب ّ‬
‫إلي من أن أحلف بغيره صادقا)؟‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫هذا ألجل ِعظم الحلف بغيرهللا جل وعا‪ ،‬وأن الحلف بغيرهللا شرك‪ ،‬وأما الكذب فإنه كبيرة‪ ،‬والشرك األصغر‬

‫أعظم من الكبائر‪ ،‬فلهذا الستحب أن يكذب مع التوحيد‪ ،‬وأن ل يصدق مع الشرك؛ ألن حسنة التوحيد أعظم‬

‫من حسنة الصدق‪ ،‬ولسيئة الشرك أشنع من لسيئة الكذب‪.‬‬


‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫‪ ‬ما نوع النهي في قوله ﷺ‪( :‬ل تقولوا‪َ :‬ما ش َاء هللا َوش َاء فا )ن)؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫هذا النهي للتحريم؛ ألن هذا التشريك في املشيئة شرك أصغرباهلل جل وعا‪ ،‬قال‪َ ( :‬ول ِكن قولوا‪َ :‬ما ش َاء هللا ث ّم‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ش َاء فا )ن)‪81‬؛ ألن (ث ّم) تفيد التراخي في املشيئة‪ ،‬وألن مشيئة العبد تبع ملشيئة هللا جل وعا قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َما‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ‬
‫تش ُاءون ِإل أن يش َاء للا َرب الع ِ‬
‫املين﴾‪ ،82‬فمشيئة العبد ناقصة ومشيئة هللا كاملة‪.‬‬

‫ما أحكام ألفاظ اللستعاذة؟‬ ‫‪‬‬

‫اللستعاذة لها جهتان‪ :‬جهة ظاهرة‪ ،‬وجهة باطنة‪.‬‬

‫‪ -‬الجهة الباطنة‪ :‬وهي اللتجاء والعتصام والرغب والرهب و إقبال القلب على املستعاذ به‪ ،‬فهذا ل تصلح إل‬
‫ّ‬
‫هلل‪ ،،‬فقد جاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أن يقول‪( :‬أعوذ باهلل وبك)؛ ألن الواو تقتض ي التشريك في‬

‫اللستعاذة‪.‬‬

‫‪-‬الجهة الظاهرة‪ :‬العتماد في اللستعاذة باملخلوق فيما أقدره هللا عليه هذا جائز‪ ،‬قال‪( :‬ويجوز أن يقول باهلل ثم‬

‫بك) ملا فيها من التراخي‪.‬‬

‫‪ ‬ما مراد السلف في الستعمال لفظ (الكراهة)؟‬


‫الكراهة في الستعمال السلف يراد منها ً‬
‫غالبا املحرم‪ ،‬وقد ترد لغيراملحرم؛ ولكن يستعملونها فيما ل نص فيه‪.‬‬

‫‪ - 81‬رواه أبو داوود بسند صحيح‪.‬‬


‫‪[ 81‬التكوير‪.]14:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫ُ َ َ َ ُ‬
‫ومجيء الكراهة بمعنى التحريم في القرآن في قوله تعالى ملا ذكر الكبائر في لسورة اللسراء‪﴿ :‬كل ذ ِل َك كان َلس ِّيئ ُه‬
‫ً‬ ‫وها﴾ َ(مك ُر ً‬ ‫ى ُ َ َ َ َ‬
‫ان َلس ّي َئ ًة عن َد َرّب َك َمك ُر ً‬ ‫ند َرّب َك َمك ُر ً‬
‫َ‬
‫محرما التحريم‬ ‫وها) أي‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وها﴾‪ ،83‬وفي القراءة األِخر ‪﴿ :‬كل ذ ِلك ك‬ ‫ِع ِ‬
‫الشديد‪.‬‬

‫باب ما جاء فيمن مل يقنع باحللف باهلل‬

‫‪ ‬ما الوجه الصحيح في قراءة السم املحدث (ابن ماجة) أم (ابن ماجه)؟‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(ابن ماجه)‪َ :‬م َ‬
‫اجه أمه‪ ،‬وآِخره هاء وصا ووقفا‪ ،‬فا يقال‪( :‬رواه ابن ماجة بسند حسن)‪ ،‬والصواب أن يقال‪:‬‬

‫(رواه ابن ماجه بسند حسن)؛ ألن الهاء هنا ليست ألجل السكون في التاء‪ ،‬و إنما هي أصلية في السم أمه رحمه‬

‫هللا تعالى ورحمها‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب للباب الذي قبله؟‬


‫ً‬
‫تعظيما هلل جل وعا‪.‬‬ ‫الظاهرفي املراد من هذا الباب أن المام املصنف رحمه هللا ذكره‬

‫ذكرفي الباب قبله (من حلف بغيرهللا) حكمه أنه مشرك‪ ،‬فهذا فيه أنه يجب تعظيم الحلف باهلل‪ ،‬وأن ل يحلف‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تعظيما‬ ‫)‬
‫فواجب عليه الرضا‬ ‫املرء باهلل إل صادقا‪ ،‬وأن ل يحلف بآبائه‪ ،‬وأن ل يحلف بغيرهللا‪ ،‬ومن ُحلف له باهلل‬
‫ً‬
‫وتعظيما لحق هللا جل وعا حتى ل يقع في قلبه الستهانة بالسم هللا األعظم وعدم اكتراث به أو بالكام‬ ‫للسم هللا‬

‫املؤكد به‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا فهم العلماء من لفظ (لم يقنع) في ترجمة هذا الباب؟‬

‫‪[ 83‬اإلسراء‪.]62:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫‪ -1‬لفظ (لم يقنع) الستفاد منه كثير من الشراح بأن املراد بهذا الباب ما يكون عند ّ‬
‫توجه اليمين على أحد‬
‫َ‬
‫املتخاصمين‪ ،‬فإنه إذا كان في الخصومة وتوجهت اليمين بالدعوى‪ ،‬فإن الواجب على الِخر أن يقنع بما َحلف‬

‫عليه الِخر باهلل جل وعا‪ ،‬فخصوا ما جاء من الدليل‪ ،‬وِخصوا هذا الباب بمسألة الدعاوي‪ :‬أي اليمين عند‬

‫القاض ي‪.‬‬

‫حسنه طائفة من أهل العلم‪ ،‬كما ذكر الشيخ رحمه هللا‪،‬‬ ‫‪ -2‬وقال بعض أهل العلم‪ :‬إن الحديث عام‪ ،‬والحديث َّ‬

‫الِل َفل َير َ‬


‫ض) هذا عام في كل حلف لسواء كان عند القاض ي أو لم يكن عند القاض ي‪.‬‬
‫ََ ُ َ َُ ّ‬
‫فقوله‪( :‬ومن ح ِلف له ِب ِ‬
‫ً‬
‫ظاهرا؛ ألن لسبب الرضا بالكام الذي حلف عليه باهلل هو التعظيم هلل‬ ‫وهذا القول أوجه وأصوب‬
‫صدق من حلف له باهلل ولو كان ً‬
‫كاذبا؛ وله أن ل يبن َي عليه؛‬ ‫جل وعا‪ ،‬فإن تعظيم هللا في قلب العبد يجعله ُي ّ‬

‫ض)‪ :‬يعني فليجعل توحيده‬ ‫الِل َفل َير َ‬


‫َ ُ َ َُ ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫لكن يصدقه ول يظهر تكذيبا له لتعظيم هللا جل وعا‪( ،‬من ح ِلف له ِب ِ‬
‫وتعظيمه هلل جل وعا له‪ ،‬وكذب ذاك الشخص في الحلف باهلل يرجع عليه‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -3‬وقال طائفة من أهل العلم‪ :‬إن هذا راجع إلى من ُعرف صدقه في اليمين‪ ،‬أما من كان ف ً‬
‫اجرا فالسقا ل يبالي إذا‬
‫حلف أن يحلف ً‬
‫كاذبا فإنه ل يجب تصديقه؛ ألن تصديقه والحالة هذه مع قيام اليقين أوالقرائن العامة بكذبه‬
‫َ‬
‫ليس بداِخل في الحديث‪ ،‬ف ُيف َّرق بين من ظاهره الصدق ومن ظاهره الكذب‪.‬‬
‫الِل َفل َير َ‬
‫َ ََ َ ّ َ َ ُ ََ ُ َ َُ ّ‬
‫ض)‬ ‫الِل فليصدق‪ ،‬ومن ح ِلف له ِب ِ‬‫لقوله في أول الحديث‪( :‬من حلف ِب ِ‬
‫َ ََ َ ّ َ‬ ‫ف َل ُه ب ّ َ َ َ‬‫ََ ُ َ‬
‫الِل فل َيص ُدق)‪.‬‬
‫الِل فليرض) بما قبلها وهو قوله‪( :‬من حلف ِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فتعلق قوله‪( :‬ومن ح ِل‬
‫ً‬
‫ض) فيمن كان صادقا‪.‬‬ ‫الِل َفل َير َ‬
‫َ ُ َ َُ ّ‬
‫(من ح ِلف له ِب ِ‬
‫الِل)‪ ،‬من لم َ‬ ‫ََ َ َ َ ّ‬
‫يرض باليمين باهلل‪.‬‬ ‫(ومن لم يرض ِب‬
‫ََ َ َ ّ‬
‫للا)‪ ،‬يدل على أن فعله من الكبائر‪.‬‬ ‫س ِمن ِ‬ ‫( فل ي‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪116‬‬

‫باب قول‪ :‬ما شاء اهلل وشئت‬

‫‪ ‬هل يلزمنا قبول الحق من صاحب الهوى إذا فهم الصواب؟‬

‫صاحب الهوى قد يفهم الصواب‪ ،‬فإذا فهم الصواب فإن الواجب أن ُيقبل منه؛ ألن املؤمن يجب عليه أن يقبل‬
‫ً‬
‫نصرانيا‪.‬‬ ‫الحق ممن جاء به ولو كان ً‬
‫يهوديا أو‬
‫َ َُ ُ َ‬ ‫ََ َ ُّ ُ ُ َ َُ ُ‬
‫ولو َن‪َ :‬ما َش َاء ّ ُ‬ ‫ََ ّ‬ ‫َّ َ‬
‫للا َو ِشئت َوتقولون‪:‬‬ ‫ود ًيا أتى الن ِب َّي ﷺ فقال‪ :‬إنكم تش ِركون‪ ،‬تق‬ ‫جاء في حديث قتيلة‪( :‬أن ي ُه ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ َ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫للا ث ّم ِشئت) رواه‬ ‫َوالكع َب ِة‪ ،‬فأ َم َر ُه ُم الن ِب ّي ﷺ إذا أ َر ُادوا أن َيح ِلفوا أن َيقولوا َو َرب الكع َب ِة‪َ ،‬وأن يقولوا ما شاء‬

‫النسائي وصححه‪.‬‬

‫فيه من الفوائد ما قاله الشيخ رحمه هللا في مسائل الباب قال فيه‪( :‬فهم النسان إذا كان له هوى)‪ .‬فهؤلء‬

‫اليهود هم أهل الشرك يقولون عزيرابن هللا ويشركون باهلل جل وعا؛ لكنهم مع كونهم مشركين نقموا على أهل‬

‫اللسام أنهم يشركون‪ ،‬وهذا ألجل الطعن فيهم‪ ،‬فالهوى وطلب تنقص أهل اللسام والنقد عليهم‪ ،‬أو مخاطبتهم‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫قصدا لهم‪ ،‬ولهذا فهموا من أين يدِخلون‪ ،‬فأهل اللسام أهل التوحيد قالوا لهم (إنكم‬ ‫بما يسوؤهم هذا كان‬
‫ُ ُ َ‬
‫تش ِركون) وهم أهل الشرك‪ ،‬فهذا اليهودي ‪-‬أو النصارى كما لسيأتي‪ -‬هؤلء توجهوا إلى املؤمنين بالقدح فيهم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بالشرك‪ ،‬ولم يمنع النبي ﷺ من قبول الحق الذي قالوه أنهم يهود؛ بل ق ِبل ما جاء به ذلك اليهودي‪ ،‬فأوصاهم‬

‫بأن يتركوا ذلك التنديد‪.‬‬

‫وهذا فيه أن الحق هو ضالة املؤمن أين وجده أِخذه‪ ،‬فا يمنعه من قبول الحق أن قاله مشرك أو قاله كافر‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫قاله فالسق‪ ،‬أو قاله مبتدع‪ ،‬أو قاله ضال‪ ،‬إذا كان الكام في نفسه حقا؛ ألنه كما قال النبي عليه الصاة‬

‫والسام‪« :‬الحكمة ضالة املؤمن أينما وجدها أِخذها»‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن قول‪( :‬ما شاء هللا وشئت) من الشرك؟‬


‫ً‬
‫عن ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ ،‬أن رجا قال للنبي ﷺ‪( :‬ما شاء هللا وشئت)‪ ،‬فقال‪( :‬أجعلتني هلل ًندا؟! بل ما‬

‫شاء هللا وحده)‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬ما الواجب على صاحب الحق إذا واجهه صاحب هوى بأن عنده باطا كما الباطل الذي عنده هو؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫صاحب الهوى أو صاحب امللة الباطلة قد ّ‬
‫يرد على صاحب الحق بأن عنده باطا كما أن عند ذاك باطا‪ ،‬فإذا‬

‫واجهه بذلك فالواجب عليه أن يتجرد للحق‪ ،‬وأن ل يرد الحق ألجل أن من أتى به صاحب باطل‪.‬‬

‫لبن ماجه عن الطفيل ‪-‬أخي عائشة ألمها‪ -‬قال‪( :‬رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود‪ ،‬قلت‪ :‬إنكم ألنتم القوم‬

‫لول أنكم تقولون عزيرابن هللا‪ ،‬قالوا‪ :‬و إنكم ألنتم القوم لول أنكم تقولون ما شاء هللا وشاء محمد)‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على املؤمن إذا واجهه صاحب بدعة بالحق؟‬


‫ُ‬
‫القاعدة عند أهل السنة واليمان‪( :‬أن البدعة ل ترد ببدعة‪ ،‬والباطل ل ُيرد بباطل)‪ ،‬وقد حصل كثيرمن البدع‬

‫في تاريخ اللسام‪ ،‬وحصلت الشبهات‪ ،‬وقويت بعض الضالت بسبب أن من ُوو ِج َه بحق وكان الذي واجهه بذلك‬

‫صاحب باطل أنه ّرد عليه الحق ولم يقبله‪ ،‬ثم صاريوجه األدلة في إبطال ذلك الحق‪ ،‬وهذا كما فعله طائفة من‬

‫أهل البدع‪.‬‬
‫والواجب ً‬
‫أيضا أن ل ترد البدعة ببدعة‪ ،‬و إنما ترد البدعة بحق‪ ،‬وإذا جهل املرء كيف يرد البدعة بحق فليصبر‬

‫حتى يتعلم‪ ،‬أويسأل أهل العلم‪ ،‬وليس من الواجب عليك أن ترد مباشرة؛ بل إذا ُوو ِجهت بحق ولو كان من أضل‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الضال فاق َبل‪ ،‬فإبليس ‪-‬الشيطان‪ -‬ق ِبل منه بعض الحق الذي جاء به وأرشد إليه أبا هريرة‪ ،‬وهؤلء اليهود‬
‫ً‬
‫والنصارى في هذين الحديثين قبلنا منهما حقا أرشدونا إليه في أعظم املسائل وأجل املطالب وهو توحيد هللا جل‬

‫جاله‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫‪ ‬هل ُيعد قول القائل (ما شاء هللا وشئت)‪ ،‬وألفاظ التشريك في املشيئة‪ ،‬من الشرك األصغرأم األكبر؟‬
‫هذه املسائل ليست من الشرك األكبربل من األصغر‪ّ ،‬‬
‫دل عليه قوله ﷺ‪( :‬قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن‬

‫أنهاكم عنها)‪،‬كما جاء في الحديـ ـ ـ ـ ــث الذي ذكره املصنف‪:‬‬

‫ولبن ماجه عن الطفيل ‪-‬أخي عائشة ألمها‪ -‬قال‪( :‬رأيت كأني أتيت على نفرمن اليهود‪ ،‬قلت‪ :‬إنكم ألنتم القوم‬

‫لول أنكم تقولون‪ :‬عزيرابن هللا‪ ،‬قالوا‪ :‬و أنتم ألنتم القوم لول أنكم تقولون‪ :‬ما شاء هللا وشاء محمد‪ ،‬ثم مررت‬

‫بنفرمن النصارى‪ ،‬فقلت‪ :‬إنكم ألنتم القوم لول أنكم تقولون‪ :‬املسيح ابن هللا‪ ،‬قالوا‪ :‬و إنكم ألنتم القوم لول‬

‫أنكم تقولون‪ :‬ما شاء هللا وشاء محمد)‪ ،‬فلما أصبحت أِخبرت بها من أِخبرت‪ ،‬ثم أتيت النبي ﷺ فأِخبرته‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ً‬ ‫«هل أِخبرت بها ً‬
‫أحدا؟»‪ .‬قلت نعم‪ ،‬قال‪ :‬فحمد هللا‪ ،‬و أثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪( :‬أما بعد‪ ،‬فإن طفيا رأى رؤيا أِخبر‬

‫بها من أِخبرمنكم‪ ،‬و إنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها‪ ،‬فا تقولوا‪ :‬ما شاء هللا وشاء محمد‪،‬‬

‫ولكن قولوا‪ :‬ما شاء هللا وحده)‪.‬‬

‫‪ ‬ما الحكمة من تأِخيروتدريج إنكارشرك األلفاظ‪ ،‬وعدم تأِخير إنكارالشرك األكبر؟‬

‫النهي عن الشرك في األلفاظ أتى بالتدريج في تاريخ بعثة النبي ﷺ وتبليغه أمته باألوامروالنواهي‪ ،‬فكان (الحلف‬
‫بالباء) وقول‪( :‬ما شاء هللا وشئت) ً‬
‫جائزا‪ ،‬ثم نهاهم عليه الصاة والسام عن ذلك‪ ،‬ألن شرك األلفاظ فقد‬

‫تكون املصلحة وفقه الدعوة وفقه ترتيب األهم واملهم وتقديم األهم على املهم أن يؤِخر بعضه لتتم املصلحة‬

‫العظمى‪.‬‬

‫أما الشرك األكبرفقد نفاه من أول الرلسالة‪ ،‬ولهذا قال املصنف في مسائل كتاب التوحيد‪ :‬فيه أن الشرك فيه‬

‫أكبر وأصغر لقوله (كان يمنعني كذا وكذا)‪ ،‬فا يجوز أن يؤِخر إنكار الشرك األكبر أو أن يمنع عنه مانع‪ ،‬ألنه ل‬

‫مصلحة تبقى مع وجوده‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫باب من سب الدهر فقد آذى اهلل‬

‫‪ ‬ما هو الدهر؟‬
‫ُ‬
‫السنون‪ ،‬والعقود‪ ،‬هذا هو الدهر‪.‬‬
‫الدهرهو الزمان؛ واليوم‪ ،‬والليلة‪ ،‬واأللسابيع‪ ،‬واألشهر‪،‬و ِ‬
‫‪ ‬كيف يكون لسب َّ‬
‫الدهر؟‬

‫السب في أصله التنقص أو الشتم‪ ،‬فيكون بتنقص الدهر‪ ،‬أو يكون بلعنه‪ ،‬أو بشتمه‪ ،‬أو بنسبة النقائص إليه‪،‬‬

‫أو بنسبة الشرإليه ونحو ذلك‪ ،‬وهذا كله من أنواع لسبه‪.‬‬


‫‪ ‬ملاذا كان لسب هذه األزمنة ً‬
‫لسبا هلل تعالى؟‬
‫ً‬
‫ألن هذه األزمنة مفعول بها ل فاعلة‪ ،‬فهي ل تفعل شيئا و إنما هي مسخرة يسخرها هللا جل جاله‪ ،‬وكل يعلم أن‬

‫السنين ل تأتي بش يء‪ ،‬و إنما الذي يفعل هو هللا جل وعا في هذه األزمنة‪ ،‬وهللا جل وعا هو الذي يقلب الليل‬

‫لسبا ملن تصرف فيها وهو هللا جل جاله‪ .‬قال املصنف‪( :‬من لسب الدهرفقد آذى هللا)‪،‬‬ ‫لسبها ً‬ ‫والنهار؛ ولهذا صار ّ‬
‫ََ‬ ‫ولفظ (آذى هللا) كما جاء في حديث أبي هريرة رض ي هللا عنه‪( :‬قال ّ ُ‬
‫للا تعالى‪ُ :‬يؤذيني اب ُن َآد َم‪َ ،‬ي ُس ّب ّ‬
‫الده َر‪َ ،‬و أنا‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ ُ ُ َّ ُ ّ‬
‫اللي َل َو ّ‬
‫الن َه َار) ففيه رعاية للفظ‬ ‫الدهر‪ ،‬أقلب‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة‪ ،‬وهو أن لسب الدهرمن األلفاظ التي ل تجوز‪ ،‬والتخلص منها واجب‪،‬‬
‫والستعمالها مناف لكمال التوحيد‪ ،‬وهذا يحصل من الجهلة ً‬
‫كثيرا‪ ،‬فإنه إذا حصل لهم في زمان ش يء ل يسرهم‬

‫لسبوا ذلك الزمان‪ ،‬ولعنوا ذلك اليوم أو لعنوا تلك السنة أو لعنوا ذلك الشهر ونحو ذلك من األلفاظ الوبيلة‪،‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫أو شتموا الزمان وهذا با شك ل يتوجه إلى الزمن؛ ألن الزمن ش يء ل َيفعل‪ ،‬و إنما ُيفعل فيه‪ ،‬وهذا أذية هلل جل‬

‫وعا؛ ألنه هو من تصرف بهذا الدهر‪.‬‬

‫ما حكم لسب الدهر؟‬ ‫‪‬‬

‫لسب الدهر محرم وهو درجات‪ ،‬أعاها لعن الدهر؛ ألن توجه اللعن إلى الدهرأعظم أنواع املسبة‪ ،‬وأشد أنواع‬

‫اليذاء‪ ،‬فيسب الدهرألجل أنه فعل به ما يسوؤه فينسب الفعل إليه فهذا هو الذي يكون أذية هلل جل وعا‪.‬‬

‫وصف السنين بالشدة‪ ،‬ووصف اليوم بالسواد‪ ،‬ووصف األشهر بالنحس ونحو ذلك‪ ،‬ليس من مسبة الدهر؛‬
‫مقيد‪ ،‬وقد جاء في القرآن في نحو قوله جل وعا‪﴿ :‬في َأ َّيام َنح َسات ل ُنذ َيق ُهم َع َذ َ‬
‫اب ال ِخز ِي﴾‪ ،84‬فوصف‬ ‫ألن هذا ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا األيام بالنحس؛ ألنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ونحو ذلك قوله جل وعا‪ِ ﴿ :‬في َيو ِم نحس ُمست ِم ّر﴾‪.85‬‬

‫أو يقول (يوم ألسود) أو (لسنة لسوداء)‪ ،‬هذا ليس من لسب الدهر ألن املقصود بهذا الوصف ما حصل فيها كان‬

‫من صفته كذا وكذا على هذا املتكلم‪.‬‬

‫‪ ‬ما الدليل على أن نسبة الفعل إلى الدهرمن ِخصال املشركين؟‬


‫ّ‬ ‫وت َو َنح َيا َو َما ُيهل ُك َنا إ َّل َّ‬
‫َ َُ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬
‫الده ُر﴾‪ ،86‬هذه الية ظاهرة في أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬وقالوا َما ِه َي ِإل َح َياتنا الدنيا نم‬

‫نسبة األشياء إلى الدهرمن ِخصال املشركين أعداء التوحيد‪ ،‬فنفهم منه أن ِخصلة املوحدين أن ينسبوا األشياء‬

‫إلى هللا جل وعا ول ينسبوا الهاك إلى الدهر؛ بل هللا جل وعا هو الذي يحيي ويميت‪.‬‬
‫‪ ‬جاء في الصحيح عن أبي هريرة رض ي هللا عنه عن النبي ﷺ قال‪« :‬قال ّ ُ‬
‫للا تعالى‪ُ :‬يؤ ِذ ِيني اب ُن َآد َم‪َ ،‬ي ُس ّب‬
‫الده َر‪َ ،‬فإ ّن ّ َ‬
‫للا ُه َو ّ‬ ‫الن َه َار»‪ .‬وفي اية‪َ « :‬ل َت ُس ّبوا ّ‬ ‫ّ َ َ ََ ّ ُ ُ َّ ُ ّ‬
‫اللي َل َو ّ‬
‫الده ُر»‪ ،‬فهل الدهر السم‬ ‫ِ‬ ‫رو‬ ‫الدهر‪ ،‬و أنا الدهر‪ ،‬أقلب‬

‫من ألسماء هللا الحسنى؟‬

‫‪[ 84‬فصلت‪.]16:‬‬
‫‪[ 81‬القمر‪.]14:‬‬
‫‪[ 86‬الجاثية‪.]19:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫قوله هنا‪َ َ ( :‬أ َنا ّ‬


‫الده ُر) ل يعني أن الدهرمن ألسماء هللا جل وعا؛ ولكنه رتبه على ما قبله فقال ( َي ُس ّب ال ّده َر‪،‬‬ ‫و‬

‫الدهر َلسب هلل؛ ألن الدهر َيفعل‬ ‫ب‬ ‫فس‬


‫ً‬
‫شيئا‪َ ،‬‬ ‫يفعل‬ ‫ول‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫شيئ‬ ‫يملك‬ ‫ل‬ ‫الدهر‬ ‫أن‬ ‫األمر‬ ‫حقيقة‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫)؛‬ ‫ر‬ ‫َ َأ َنا ّ‬
‫الده ُ‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫هللا جل وعا فيه‪ ،‬الزمان ظرف لألفعال وليس مستقا‪ ،‬فلهذا ل يفعل ول يحرم ول يعطي ول يكرم ول يهلك‪،‬‬

‫و إنما الذي يفعل هذه األشياء هللا مالك امللك املتفرد بامللكوت وتدبيراألمرالذي يجيرول يجارعليه‪ ،‬إذن فقوله‬

‫الده ُر) فيه نفي نسبة األشياء إلى الدهر‪ ،‬وأن هذه األشياء تنسب إلى هللا جل وعا‪ ،‬فيرجع مسبة الدهر‬‫( َ َأ َنا ّ‬
‫و‬

‫إلى مسبة هللا جل وعا؛ ألن الدهرل ملك له‪ ،‬وهللا هو الفاعل‪.‬‬
‫ُ َّ ُ ّ‬
‫اللي َل َو ّ‬
‫الن َه َار) والليل والنهارهما الدهر‪ ،‬فاهلل جل وعا هو الذي يقلبهما‪ ،‬فليس لهما من األمرش يء‪.‬‬ ‫قال‪( :‬أقلب‬

‫باب التسمي بقاضي القضاة وحنوه‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يختص‬ ‫يقتض ي التوحيد من املوحد املؤمن باهلل جل وعا أن ُي َع ِظ َمه‪ ،‬وأن ل يجعل مخلوقا في منزلة هللا فيما‬
‫ُ‬
‫به‪ ،‬فهناك من يجعل املخلوق في منزلة هللا لشبهة وصف قام به أو ش يء يكون عليه‪ ،‬ككون القاض ي هو رئيس‬
‫ً‬
‫قاضيا للقضاة‪ ،‬ف َّنبه الشيخ رحمه هللا على عدم جواز‬ ‫القضاة أو أعلم القضاة‪ُ ،‬‬
‫فيجعل في اللفظ والتسمية‬

‫التسمي باأللسماء التي معناها إنما هو هلل جل جاله‪ ،‬وأن التوحيد يقتض ي أن ل ُيوصف بها إل هللا‪ ،‬وأن ل يسمى‬

‫بها إل هللا‪ ،‬فتسمية غير هللا بتلك األلسماء ل تجوز ومحرم‪ ،‬بل هي أِخنع األلسماء وأوضع تلك األلسماء و أبغض‬

‫األلسماء إلى هللا جل جاله‪.‬‬

‫‪ ‬اذكربعض األمثلة على األلقاب املحرمة؟‬

‫قاض ي القضاة‪ ،‬ملك األماك‪ ،‬شاهان شاه ونحو ذلك‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫ّ‬
‫بالتسمي بتلك األلقاب؟‬ ‫‪ ‬من هم الذين يلحقهم الوعيد‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫الت ّ‬
‫سمي بتلك األلقاب‪ :‬من لسمى نفسه‪ .‬ومن لسماه غيره به فرض ي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يشمل‬
‫يرض فإنه ل يدِخل في الذم؛ لعدم الرضا‪ .‬ولكن يلحق الوعيد املُ ّ‬
‫سمي ومن رض ي‬ ‫أما من لسماه غيره به فلم َ‬
‫ِ‬
‫بذلك اللسم‪.‬‬

‫‪ ‬ما حقيقة معنى لفظ (قاض ي القضاة)؟‬

‫القضاة كثيرون‪ ،‬وقاض ي القضاة هو الذي يقض ي بين القضاة‪ ،‬تقول (قاض ي املسلمين) أي الذي يقض ي بين‬
‫)‬
‫املسلمين‪( ،‬قاض ي الرياض) أي الذي يقض ي في الخصومات التي بين أهل الرياض‪ ،‬فـ(قاض ي القضاة) لفظ‬

‫حقيقة معناه‪ :‬الذي يقض ي بين القضاة‪ ،‬وهذا إنما هو هلل جل جاله‪ ،‬فهو الذي يقض ي بين العباد‪ :‬بين القضاة‬

‫فيخ َبر عنه بذلك؛ ألن (قاض ي القضاة) ليس‬


‫وبين العبيد‪ ،‬فهو قاض ي القضاة على الحقيقة لسبحانه وتعالى‪ُ ،‬‬

‫من ألسماء البشر‪ ،‬فالذي يقض ي بين القضاة هو هللا جل جاله‪.‬‬

‫‪ ‬ما املعنى الذي كان يقصده الناس عند إطاق لقب (قاض ي القضاة) في القرن الرابع الهجري؟‬

‫الذين أطلقوا هذه التسمية على كبير القضاة أو على كبير العلماء ل يعنون بها آنذاك أنه يقض ي بين القضاة‪،‬‬

‫و إنما يعنون بها أنه وصل إلى مرتبة في القضاء أو في العلم أعلى من درجة القاض ي‪ ،‬فصار قاض ي القضاة‪ ،‬كما‬

‫شاع في الزمن املتأِخر في الدولة العثمانية أنهم يسمون املفتي (شيخ اللسام)‪ ،‬ووكيل املفتي (وكيل شيخ‬

‫اللسام) تسمية ِخاصة‪ ،‬وهذا انتشرت في باد املسلمين التسمية بقاض ي القضاة ونحوه من نحو القرن الرابع‬

‫الهجري إلى أوقات متأِخرة قريبة من هذا الزمان‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬ما حقيقة معنى لفظ (مالك األماك) أو (ش َاهان شاه)؟‬

‫هذا اللفظ فيه تسمية البشر بما يختص باهلل‪ ،‬فإن الذي يملك األماك هو هللا جل وعا‪ ،‬واألماك والسعة‪،‬‬
‫ً‬
‫و إنما يطلق على البشر أنه مالك للش يء املعين‪ ،‬وليس مالكا لكل ش يء‪ ،‬فالذي يملك كل ش يء هو هللا وحده‪،‬‬
‫ُ‬
‫والبشر يملكون بالضافة بعض األشياء‪ ،‬وكذلك امللك بالضم وهو نفاذ األمر والسيطرة‪ ،‬فإنه يكون في بعض‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫ً‬
‫األرض وليس في كل األرض‪ ،‬فالذي يملك يقال عنه ملك أو مالك إذا كان يملك ِملكا‪ ،‬أو ملك إذا كان يملك ُملكا‬

‫بمعنى نفاذ األمروكان يضاف إلى بقعته‪ ،‬فيقال ملك اململكة العربية السعودية‪ ،‬ملك األردن ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي ِخطورة الرضا بتسمية مثل هذه األلسماء على عقيدة املوحد؟ مع الدليل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الطاق العام (ملك األماك‪ ،‬أو ش َاهان شاه) إنما هو هلل جل وعا‪ ،‬فإن األماك منها ما هو على األرض ومنها‬

‫غير ذلك‪ ،‬فالتوحيد يوجب أن ل يتسمى بذلك أحد‪ ،‬وأن ل ُيرض ى بتسمية أحد بذلك‪ ،‬حتى لو وجدته في بعض‬
‫ً‬
‫الكتب فا تنقله كما وجدته‪ ،‬قد يغلط بعض الباحثين وبعض طلبة العلم فينقل قول عن بعض أهل العلم‬

‫املتقدمين ممن يتجوزون في مثل هذه األلفاظ‪ ،‬وفيه‪[ :‬وقال قاض ي القضاة كذا‪ ،‬وكان قاض ي القضاة كذا] ول‬
‫ً‬
‫تعظيما هلل جل وعا‪ ،‬وأمانة النقل التي يدعون هي في مرتبة دون توحيد هللا جل وعا‬ ‫يغيره‪ ،‬والواجب أن يغيره‬

‫بكثير‪ ،‬فالواجب تغيير ذلك وهذا من توحيد هللا‪ ،‬وتغيير اشتراك الخلق مع هللا جل وعا في حقه فيما يزعمه‬

‫البعض‪ ،‬فإذن الواجب على العبد أن ل يجعل هذه التسمية جارية على لسانه‪ ،‬ول أن يرض ى بها‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ّ ُ َ َ ّ َ َ َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ّ‬
‫اك) (أِخنع) أي‪:‬‬ ‫وفي الصحيح عن أ ِبي ه َري َرة ع ِن الن ِبي ﷺ قال‪ِ ( :‬إن أِخنع السم ِعند ِ‬
‫للا َرج )ل تسم َى م ِلك األم ِ‬
‫ُ‬ ‫للا) وهذا حصراملُلك أو ا ِمللك إنما هو هلل وحده‪َ .‬ق َ‬
‫ال ُلسف َيان‪:‬‬ ‫أوضع وأحقر أبعد األلسماء عند هللا )ل َمال َك إ َّل ّ ُ‬
‫و‬
‫ِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ ََ ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫للا َيو َم ال ِق َي َام ِة‪َ ،‬وأِخ َبث ُه) لسبب كونه أغيض رجل وأِخبث رجل‬
‫ِمث ُل شاهان شاه‪ ،‬وفي رو اية‪( :‬أغيظ َرجل على ِ‬
‫ً‬
‫أنه جعل نفسه مماثا هلل جل وعا في الحق بهذه التسمية‪.‬‬

‫‪ ‬ما الفرق بين (ال ِـملك) و (ال ُـملك)؟‬

‫وم ِلك‪،‬هذا في قول عدد من محققي أهل اللغة‪.‬‬ ‫هناك فرق بين َمالك َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫مختصا به‪ ،‬وهذا ر )‬
‫اجع إلى التصرف‬ ‫(ا ِمللك) بالكسر‪ ،‬السم الفاعل منه‪(َ :‬م ِالك)‪َ ،‬مل َك الش َيء أي‪ :‬اقتناه وصار‬

‫باألعيان‪.‬‬
‫(املُلك) بالضم‪ ،‬فاللسم منه‪( :‬املَلك) وهو الذي ينفذ أمره ونهيه‪ ،‬وهذا ر )‬
‫اجع إلى املعاني‪.‬‬ ‫ِ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫باب احرتام أمساء اهلل تعاىل‪ ،‬وتغيري االسم ألجل ذلك‬

‫‪ ‬ملاذا عقد املصنف رحمه هللا هذا الباب؟‬

‫هذا الباب فيه الرشاد إلى األدب الذي يجب أن يصدر من قلب املوحد ومن لسانه‪ ،‬فإن املوحد متأدب مع هللا‬
‫ً‬
‫جل جاله‪ ،‬ومتأدب مع ألسمائه‪ ،‬متأدب مع صفاته‪ ،‬متأدب مع دينه‪ ،‬فا يهزل ‪-‬مثا‪ -‬بش يء فيه ذكرهللا‪ ،‬ول ُيلقي‬
‫الكلمة عن هللا جل وعا هكذا دون أن يتدبر ما فيها‪ ،‬وكذلك ل يسمي ً‬
‫أحدا بألسماء هللا وعليه أن يغير اللسم‬

‫ومن احترامها‪ :‬أن يجعل ما ل يصلح إل هلل منها‬


‫ألجل هذا‪ ،‬فألسماء هللا جل وعا يجب احترامها ويجب تعظيمها‪ِ ،‬‬
‫هلل وحده‪ ،‬وأن ل يسمى به البشر‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي األحكام املتعلقة بمسألة احترام ألسماء هللا تعالى؟‬

‫احترام ألسماء هللا تعالى من األدب الذي‪:‬‬


‫ً‬
‫مستحبا‪ :‬فا يوصف بها غيرالرب جل وعا‪.‬‬ ‫قد يكون‬

‫واجبا‪ :‬فألسماء هللا تعالى يجب احترامها بأن ل تمتهن‪.‬‬ ‫وقد يكون ً‬
‫ُُ‬ ‫َ َ‬ ‫وهذا راجع إلى تعظيم شعائرهللا‪ ،‬قال لسبحانه‪َ ﴿ :‬و َمن ُي َع ّظم َش َعائ َر َ َّ َ‬
‫وب﴾‪ ،87‬وقال جل‬‫هللا ف ِإنها ِمن تقوى القل ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ند َرِّب ِه﴾‪ ،88‬قال أهل العلم‪ :‬الشعائر جمع شعيرة وهي‪ :‬كل ما أشعر‬ ‫وعا‪َ ﴿ :‬و َمن ُي َع ّظم ُح ُر َمات هللا َف ُه َو َِخي )ر َل ُه ع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪[ 87‬الحج‪.]61:‬‬
‫‪[ 88‬الحج‪.]60:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫هللا بتعظيمه‪ ،‬أي كل ما أعلم هللا بتعظيمه فهو شعيرة‪ ،‬ومما أشعر هللا بتعظيمه ألسمائه جل وعا‪ ،‬فيجب‬

‫احترامها وتعظيمها‪ .‬لهذا يستدل أهل العلم على وجوب أن ل تمتهن ألسماء هللا املوجودة في الجرائد وفي األوراق‪،‬‬

‫وأن ل ترمى ول توضع في أمكنة قذرة‪ ،‬يستدلون على وجوب احترام ما فيه السم من ألسماء هللا بهاتين اليتين‬

‫وبالقاعدة العامة في ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ما الحديث الوارد في وجوب تعظيم ألسماء هللا بتغييراللسم ألجل ذلك التعظيم؟‬
‫كنى َأبا ال َح َكم‪ ،‬فقال له النبي ﷺ‪( :‬إ ّن هللا ُه َو ال َح َكم َوإ َلي ِه ال ُحك ُم)‪َ ،‬ق َ‬
‫ال‪:‬‬
‫ُ َ‬
‫ي‬ ‫كان‬ ‫أنه‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫ي‬ ‫رض‬ ‫ح‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫عن أبي ُش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ّ َ‬
‫‪(:‬ما أح َس َن َهذا‪ ،‬ف َما ل َك ِم َن‬ ‫( ِإن قو ِمي ِإذا اِختلفوا في ش ي ِء أتو ِني ف َحكمت َبي َن ُهم ف َر ِض َي ِكا الف ِريقي ِن)‪ ،‬فقال‬
‫َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪َ ( :‬فمن َأك َب ُ‬ ‫ال َو َل ِد؟)‪ .‬قلت‪ُ ( :‬ش َري )ح َو ُمس ِل )م َو َعب ُد هللا)‪َ .‬‬
‫قال‪( :‬فأنت أ ُبو ش َري ِح) رواه أبو‬ ‫رهم؟)‪ .‬قلت‪( :‬ش َري )ح)‬

‫داود وغيره‪.‬‬
‫‪ ‬أيهما أفصح‪ ،‬أن يقال ُ(يكنى) أم َّ‬
‫(يكنى)؟‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لساق في هذا الحديث قوله ‪(:‬أنه كان ُيكنى أبا ال َحكم)‬
‫َ‬
‫( ُيكنى) بالتخفيف هي الفصيحة‪ ،‬ألنها هي التي كان عليها غالب اللستعمال فيما ذكره أهل اللغة‪ ،‬تقول‪( :‬فان‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُيكنى بكذا)‪ّ ،‬أما ( ُيك َّنى) بالتشديد فهذه ضعيفة وليست بجيدة‪.‬‬

‫‪ ‬ما العلة في تحريم كنية (أبي الحكم)؟‬


‫الح َكم) من ألسماء هللا جل وعا‪ ،‬وهللا جل وعا لم يلد ولم يولد ولم يكن له ً‬
‫كفوا أحد‪ ،‬فتكنيته بأبي الحكم‬ ‫‪ -1‬ألن ( َ‬

‫غيرلئقة‪.‬‬
‫الح َكم) وهو بلوغ الغاية في ُ‬
‫الحكم‪ ،‬وهذا فيما فيه فصل بين املتخاصمين راجع إلى من له الحكم وهو هللا‬ ‫‪ -2‬وألن ( َ‬

‫جل جاله‪ ،‬وأما البشرفإنهم ل يصلحون أن يكونوا ُح ّكاما أو أن يكون الواحد منهم ً‬
‫حكما على وجه اللستقال‪،‬‬

‫ولكن يكون حكما على وجه التبع‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪116‬‬

‫َ‬ ‫‪ -‬ولهذا أنكرالنبي ﷺ عليه هذه التسمية‪ ،‬فقال له‪) :‬إ ّن َ‬


‫هللا ُه َو ال َحكم)‪ ،‬ودِخول ) ُه َو) بين لفظ الجالة وبين‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫السمه )ال َحكم) يدل على اِختصاصه بذلك كما هو مقرر في علم املعاني؛ ألن ) ُه َو) هذا الضمير عماد أو ضمير‬
‫فصل ل محل له من العراب‪ ،‬فائدته‪ :‬أن ُيح َ‬
‫صرأو أن ُيجعل الثاني مختص باألول‪.‬‬
‫الحكم) الذي يفيد الستغراق صفات ُ‬
‫الحكم هذا‬ ‫قال‪َ ) :‬وإ َليه ال ُحك ُم) أي أن ُ‬
‫الحكم إليه ل إلى غيره‪ ،‬فلهذا لفظ ( َ‬
‫ِ ِ‬
‫ليس إل إلى هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬الستحسن النبي ﷺ تعليل هذا الرجل لتسميته بأبي الحكم لكنه رغم ذلك أمره بتغييركنيته‪ ،‬ملاذا؟‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ّ َ‬
‫ذاك الرجل علل فقال‪ِ ( :‬إن قو ِمي ِإذا اِختلفوا في ش ي ِء أتو ِني ف َحكمت َبي َن ُهم ف َر ِض َي ِكا الف ِريقي ِن)‪ ،‬فقال النبي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ﷺ‪َ ( :‬ما أح َس َن َهذا) وهذا اللستحسان راجع إلى الصلح ل إلى الحكم؛ حيث أنه يصلح بينهم بحكم فيرض ى كا‬

‫الفريقين‪ ،‬لكنه حكم بينهم بما يراه هو ل بما يراه الشرع‪.‬‬


‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫(فمن َأك َب ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫قال‪( :‬فأنت‬ ‫رهم؟)‪ .‬قلت‪( :‬ش َري )ح)‬ ‫ال‪ :‬ف َما ل َك ِم َن ال َول ِد؟)‪ .‬قلت‪( :‬ش َري )ح َو ُمس ِل )م َو َعب ُد هللا)‪ .‬قال‪:‬‬ ‫(فق‬
‫َ ُ‬
‫أ ُبو ش َري ِح)‪.‬‬

‫ولو كان الحكم بينهم بالشرع لجاز إطاق الحكم على من يحكم بين املتخاصمين بالشرع‪ ،‬أما إطاقه على‬

‫الفاصل بين املتخاصمين بغيرالشريعة‪ ،‬فإن هذا مخالف لألدب‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي الحالة التي يجوز فيها إطاق السم (الحكم) على أحد البشر؟ مع ذكراألدلة‪.‬‬
‫(حكم)؛ ألنه حكم بحكم من له ُ‬
‫الحكم وهو هللا جل جاله‪ ،‬فيسوغ‬ ‫من يحكم بما حكم به هللا هوالذي يقال عنه َ‬
‫ّ ً‬ ‫) َ َ‬
‫منفذا ألحكام هللا‬‫إطاق ذلك ول بأس به‪ ،‬فمن األدب أن ل يسمى أحد بالحكم أو الحاكم أو نحو ذلك إل إذا كان ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫جل جاله‪ ،‬لهذا قال لسبحانه ﴿ َو ِإن ِِخفتم ِشقاق َبي ِن ِه َما فاب َعثوا َحك ًما ِمن أه ِل ِه َو َحك ًما ِمن أه ِل َها﴾‪ّ ،89‬لسمى‬

‫حكما) ألنهما يحكمان بالشرع‪،‬‬ ‫املبعوث من هذا وهذا ( ً‬

‫‪[ 81‬النساء‪.]65:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫ووصف هللا من يحكم بشرعه بأنه حاكم‪ ،‬والذين يحكمون بأنهم حكام وهم القضاة‪ ،‬قال جل وعا في لسورة‬
‫ُ َّ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫الح َّكام ل َتأ ُك ُلوا َفر ًيقا من َأم َ‬
‫البقرة‪َ ﴿ :‬و ُتد ُلوا ب َها إ َلى ُ‬
‫الحك ِام) وهو‬ ‫الث ِم َو أنتم تعل ُمون﴾‪ ، 90‬قال‪) :‬‬
‫اس ِب ِ‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫جمع (الحاكم) لساغ إطاق ذلك؛ ألنه يحكم بالشرع‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب للباب الذي قبله؟‬

‫أتبع هذا الباب بالذي قبله ألن األدب في هذا الباب أن ل يسمى أحد بش يء يختص هللا جل وعا به‪ ،‬فتسمية‬

‫(ملك األماك) مشابهة لتسمية (أبا الحكم) ألن في كل منهما اشتراك في التسمية؛ لكن فيها اِختاف‪ :‬أن (أبا‬
‫الحكم) ر )‬
‫اجع إلى ش يء يفعله هو‪ ،‬وهو أنه يحكم فيرضون بحكمه‪ ،‬و(ملك األماك) ادعاء ليس له ش يء‪ ،‬ولهذا‬

‫كان أِخنع السم عند هللا جل جاله‪.‬‬

‫باب من هزل بشيء فيه ذكر اهلل أو القرآن أو الرسول‬

‫‪ ‬هل يمكن أن يجتمع في القلب توحيد هللا مع اللستهزاء به؟ وملاذا كان اللستهزاء باهلل وبالرلسول ﷺ‬
‫وبالقرآن ً‬
‫كفرا؟‬

‫التوحيد الخالص في القلب ل يجتمع مع اللستهزاء باهلل جل وعا وبرلسوله وبالقرآن؛ ألن اللستهزاء معارضة‪،‬‬

‫والتوحيد مو افقة‪.‬‬

‫‪[ 10‬البقرة‪.]122:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫فالتوحيد الستسام و انقياد وقبول وتعظيم‪ُ ،‬‬


‫والهزؤ واللستهزاء بش يء فيه ذكرهللا أو القرآن أو الرلسول ﷺ هذا‬
‫معارضة؛ ألنه مناف للتعظيم‪ ،‬ولهذا صار ً‬
‫كفرا أكبر باهلل جل وعا‪ ،‬فا يصدر اللستهزاء باهلل أو برلسوله ﷺ أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫افقا أو ً‬ ‫ً‬
‫كافرا مشركا‪.‬‬ ‫بالقرآن من قلب موحد أصا؛ بل ل بد أن يكون إما من‬
‫ُ‬
‫العلماء بحسب معارضتهم؟‬ ‫‪ ‬ما هي أنواع الكفارالتي ذكرها‬

‫قال بعض أهل العلم‪ :‬الكفارنوعان‪:‬‬


‫ضو َن﴾‪91‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫‪-1‬معرضون‪ ،‬كمن قال هللا فيهم‪َ ﴿ :‬بل أكث ُر ُهم ل َيعل ُمو َن ال َح َّق ف ُهم ُمعر ُ‬
‫ِ‬
‫‪ -2‬معارضون‪ ،‬وهم املجادلون أو الذين يعارضون بأنواع املعارضات ألجل إطفاء نور هللا‪ ،‬ومن ذلك اللستهزاء‬

‫ونحوه‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى الهزل؟‬


‫الهزل ِخاف الجد‪ ،‬وصفته‪ :‬أن يتكلم بكام فيه َ‬
‫الهزل واللستهزاء والعيب إما باهلل أو بالقرآن أو بالرلسول ﷺ‪.‬‬
‫‪ ‬قول الشيخ رحمه هللا‪) :‬باب من هزل بش يء)‪ ،‬هل (الباء) هي التي ُيذكربعدها ولسيلة َ‬
‫الهزل؟ أو الباء التي‬
‫يذكربعدها ما َ‬
‫هزل فيه؟‬
‫ً‬
‫معنيان‪:‬األول ‪ :‬أنه ذكرهللا هازل‪ ،‬ذكرالقرآن بش يء فيه هزل‪ ،‬ذكرالرلسول بش يء فيه هزل؛ بمعنى أنه هزل وهو‬

‫يذكرهذه األشياء‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أن املستهزأ به أو املهزول به هو ذكرهللا أو القرآن أو الرلسول ﷺ‪.‬‬


‫واملعنى املقصود هو الثاني؛ ألن الشيخ يريد أن املستهزأ به هو هللا أو الرلسول أو القرآن ً‬
‫تباعا لنص الية‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫‪[ 11‬األنبياء‪.]19:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة؛ وهو أن َ‬


‫الهزل واللستهزاء باهلل أو بالرلسول ﷺ أو بالقرآن مناف ألصل‬
‫ّ‬
‫التوحيد‪ ،‬وكفرمخرج من امللة؛ لكن بضابطه وهو أن اللستهزاء وهو اللستنقاص واللعب والسخرية يكون باهلل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جل جاله أو يكون بالرلسول ﷺ أو يكون بالقرآن‪ ،‬وهذا هو الذي جاء فيه النص قال جل وعا‪َ ﴿ :‬ول ِئن َلسأ َلت ُهم‬
‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ َّ َ ُ َّ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫اهلل َو َآيا ِت ِه َو َر ُلسولِـ ِه كنتم تس َته ِزئون (‪ )65‬ل تعت ِذ ُروا قد كفرتم َبع َد‬
‫ليقولن ِإنما كنا نخوض ونلعب قل أ ِب ِ‬
‫هزل‬‫هزل بذكره هلل جل وعا؛ أي حينما ذكرهللا جل وعا الستهزأ أو َ‬ ‫إ َيمان ُكم﴾‪ ،92‬فمن الستنقص هللا جل وعا أو َ‬
‫ِ ِ‬
‫ولم ُيظهر التعظيم في ذلك فتنقص هللا جل وعا كما يفعله بعض الفسقة والذين يقولون الكلمة ل يلقون لها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بال تهوي ببعضهم لسبعين ِخريفا‪ ،‬أو هزل بالقرآن أو الستهزأ بالقرآن أو بالسنة وبالنبي ﷺ فإنه كافرالكفراألكبر‬

‫املخرج من امللة‪ ،‬هذا ضابط هذا الباب‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم اللستهزاء بالدين؟‬

‫‪ ‬من الستهزأ بالدين يريد اللستهزاء باهلل وألسمائه وصفاته أوبآياته أوبرلسوله ﷺ ‪-‬كما نصت الية‪ ،-‬أوكان الستهزاؤه‬
‫كافرا ً‬
‫كفرا أكبر‪.‬‬ ‫يرجع إلى ذلك‪ ،‬يكون ً‬
‫ً‬
‫‪ ‬من الستهزأ بالدين يريد دين املستهزأ به‪ ،‬ول يريد دين اللسام أصا‪ ،‬ول يرجع الستهزاؤه إلى هللا و آياته ورلسوله‪،‬‬
‫بل يريد اللستهزاء بتدين فان‪ ،‬فهذا اللستهزاء محرم‪ ،‬ول يكون ً‬
‫كفرا أكبر‪.‬‬
‫ً‬
‫مثال‪ :‬يأتي أحد املسلمين ويستهزئ بهيئة أحد الناس التي يكون فيها التزام بالسنة‪ ،‬فا يكون مستهزئا اللستهزاء‬
‫ً‬ ‫الذي يخرجه من امللة؛ ألن هذا اللستهزاء راجع إلى تدين هذا املرء وليس ً‬
‫راجعا إلى دين اللسام أصا‪.‬‬
‫)‬ ‫الرد عليه‪ُ :‬ي َّ‬
‫عرف بأن هذه الهيئة لسنة عن النبي ﷺ‪ ،‬فإذا علم أنها لسنة وأن النبي ﷺ فعلها‪ ،‬و أقر بذلك‪ ،‬ثم‬

‫الستهزأ والستنقص أو هزأ بالذي اتبع السنة مع علمه بأنها لسنة و إقراره بصحة كونها لسنة فهذا رجع إلى اللستهزاء‬

‫بالرلسول ﷺ‪.‬‬

‫‪[ 11‬التوبة‪.]66-65:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪ ‬ما دليل كفراملستهزئ باهلل و آياته ورلسوله؟‬


‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َّ َّ َ ُ َّ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫اهلل َو َآيا ِت ِه َو َر ُلسولِـ ِه كنتم تس َته ِزئون (‪ )65‬ل‬
‫قول هللا تعالى‪﴿ :‬ول ِئن لسألت ُهم ليقولن ِإنما كنا نخوض ونلعب قل أ ِب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫تعت ِذ ُروا قد كفرتم َبع َد ِإ َيما ِنكم﴾‪ ،93‬هذه الية نص في أن املستهزئ باهلل وبالرلسول ﷺ وبآيات هللا جل وعا أن‬

‫هذا املستهزئ كافر‪ .‬واملقصود بآيات هللا هي آيات هللا الشرعية‪" :‬القرآن"‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا لم ينفع هؤلء املستهزئين اعتذارهم للنبي ﷺ؟‬

‫ل ينفع املستهزئ بالدين اعتذاره بأنه كان في هزل ولعب؛ بل هو كافر؛ ألن تعظيم هللا جل وعا وتوحيده يوجب‬

‫عليه أل يستهزئ‪.‬‬

‫‪ ‬ما ألسباب صحة قول من قال أن آية اللستهزاء نزلت في املنافقين؟‬

‫هذه الية نزلت في املنافقين‪ ،‬وبعض أهل العلم قال‪ :‬ليست في املنافقين‪ ،‬وهذا ليس بصواب وذلك أللسباب‪،‬‬

‫ومنها‪ /1 :‬أن هذه السورة هي في حال املنافقين‪.‬‬

‫‪ /2‬أن السياق ِلسباقه ِولحاقه يدل على أن الضمائرفيها ترجع إلى املنافقين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ َ ) َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ ُ َ‬
‫ورة تن ِّب ُئ ُهم َبما في قل ِوب ِهم ق ِل‬ ‫قال جل وعا ‪-‬قبل هذه الية في لسورة براءة‪َ ﴿ :-‬يحذ ُر املنا ِفقون أن تن َّـز َل َعلي ِهم لس‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َّ َّ َ ُ َّ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫الس َتهزُئوا إ َّن َ‬
‫وض َونل َع ُب﴾‪ ،‬فهذه ظاهرة في أن‬ ‫هللا ُمخ ِر )ج َما تحذ ُرون (‪ )64‬ول ِئن لسألتهم ليقولن ِإنما كنا نخ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لسباقها في املنافقين‪ ،‬فالضميرفي قوله‪َ ﴿ :‬ول ِئن َلسأل َت ُهم﴾ يعني من ذكرقبل هذه الية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ َن َ ُ َ َ ُ‬
‫ات َب ُع ُ‬
‫ض ُهم ِمن َبعض َيأ ُم ُرون‬ ‫وكذلك ما بعدها من اليات في املنافقين في قوله جل وعا‪﴿ :‬املنا ِفقو واملنا ِفق‬
‫ُ َ ََ َ َ َ َ ُ ََ ُ َ َ‬
‫ضون أي ِد َي ُهم﴾‪ ،94‬واألدلة على ذلك كثيرة‪.‬‬ ‫ِباملنك ِروينهون ع ِن املعر ِ‬
‫وف ويق ِب‬
‫ً‬
‫‪ )3‬أن أهل التوحيد ل يصدر منهم الستهزاء أصا‪ ،‬ولو الستهزأ أحدهم لعلمنا أنه غير معظم هلل‪ ،‬وأن توحيده قد‬
‫ً‬
‫ذهب أصا؛ ألن اللستهزاء يطرد التعظيم‪.‬‬

‫‪[ 13‬التوبة‪.]66- 65 :‬‬


‫‪[ 14‬التوبة‪.]69:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪ ‬ما ِخطورة اللستهزاء بالدين؟ وما عقوبة ذلك؟‬


‫ً‬
‫جميعا‪ -‬وعلى طلبة العلم ‪-‬بخاصة‪ -‬أن يحذروا من مزالق الكام؛ ألن الكثيرين يتكلمون‬ ‫الواجب على املسلمين ‪-‬‬
‫ً‬
‫بكام ل يلقون له بال‪ ،‬ربما الستهزؤا أو ربما تكلموا بكام فيه ش يء من الهزل‪ ،‬وفيه ش يء من الضحك‪ ،‬وكان في‬

‫أثناء هذا الكام فيه ذكرهللا‪ ،‬أو فيه ذكرالقرآن‪ ،‬أو فيه ذكربعض العلم‪ ،‬وهذا مما ل يجوز‪ ،‬وقد يدِخل أحدهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في قول النبي ﷺ ‪(:‬وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ل يلقي لها بال يهوي بها في النار لسبعين ِخريفا)‪ .95‬نسأل هللا جل‬

‫وعا السامة والعافية‪.‬‬


‫ََ‬
‫فالواجب على العبد أن يعظم هللا‪ ،‬وأن ل يتلفظ بلسانه إل بكام َعقل ُه قبل أن يقوله؛ ألن اللسان هو مورد‬
‫َّ‬
‫الهلكة‪ ،‬قال معاذ للنبي عليه الصاة والسام‪( :‬أو إنا يا رلسول هللا مؤاِخذون بما نقول؟)‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(ثكلتك أمك يا معاذ‪ ،‬وهل يكب الناس في النارعلى مناِخرهم ‪-‬أو قال على وجوههم‪ -‬إل حصائد ألسنتهم؟!)‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِخطرا ِم َّما يتساهل به أكثر الناس‪ ،‬فاحذر ما تقول ِخاصة فيما يتعلق‬
‫فإنه أعظم الجوارح ً‬ ‫فاهلل هللا في اللسان‬
‫ّ‬
‫بالدين أو بالعلم أو بأولياء هللا أو بالعلماء أو بصحابة النبي ﷺ أو بالتابعين‪ ،‬فإن هذا مورده ِخطير‪ ،‬وهللا‬
‫املستعان‪ ،‬وقد عظمت الفتنة‪ ،‬والناجي من َّلس ُ‬
‫لمه هللا جل وعا‪.‬‬

‫َ ُ َ َ‬ ‫باب قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و َلئن َأ َذق َن ُاه َ ح َم ًة ّم َّنا من َبعد َ‬
‫ض َّر َاء َم َّست ُه ل َيقول َّن َهذا ِلي َو َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ َ َ ُ َ ّ َ َّ َّ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ َ َ َ ً َ‬ ‫َ ُ‬
‫ين كف ُروا‬ ‫اعة قا ِئ َمة َول ِئن ر ِجعت ِإلى َرِّبي ِإ َّن ِلي ِعنده للحسنى فلنن ِبئن ال ِذ‬ ‫أظن الس‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ َّ‬
‫ِب َما ع ِملوا ولن ِذيقن ُهم ّ ِمن عذاب غ ِليظ﴾[فصلت‪]50:‬‬

‫‪ - 11‬أخرجه الترمذي (‪.)1314‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لألبواب قبله؟‬


‫ُ‬
‫هذا الباب كاألبواب التي قبله في بيان وجوب تعظيم هللا جل وعا في األلفاظ‪ ،‬وأن النعم تنسب إليه وأن يشكر‬

‫عليها فتعزى إليه‪ ،‬ويقول العبد هذا أنعم هللا علي به‪ ،‬والكذب في هذه املسائل أو أن يتكلم املرء بكام ليس‬
‫ً‬
‫مو افقا للحقيقة‪ ،‬أو هو مخالف ملا يعلمه من أن هللا جل وعا قد أنعم عليه بذلك‪ ،‬هذا قد يؤديه إلى املهالك‬

‫وقد يسلب هللا جل وعا عنه النعمة بسبب لفظه‪.‬‬

‫‪ ‬على ماذا تدل عناية العبد بألفاظه وكلماته التي تتصل باهلل لسبحانه وتعالى؟‬

‫الواجب على العبد أن يتحرز في ألفاظه ِخاصة بما يتصل باهلل جل وعا أو بألسمائه وصفاته أوبأفعاله و إنعامه‬
‫ّ‬
‫أو بعدله وحكمته‪ ،‬والتحرز في ذلك من كمال التوحيد؛ ألنه ل يصدر التحرز إل عن قلب معظم هلل‪ُ ،‬مج ّل هلل‪،‬‬
‫ّ‬
‫مخبت هلل؛ يعلم أن هللا جل جاله مط )لع عليه‪ ،‬و أنه لسبحانه هو ولي الفضل‪ ،‬وهو ولي النعام‪ ،‬وهو الذي‬
‫ّ‬
‫يستحق أن ُي َج ّل فوق كل جليل‪ ،‬وأن ُيحب فوق كل محبوب‪ ،‬وأن ُيعظم فوق كل معظم‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫َ ُ َ ٰ َ‬ ‫َ‬ ‫ً َّ‬ ‫َ ََ َ‬
‫عقد الشيخ هذا الباب (باب ما جاء في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ول ِئن أذقن ُاه َرح َمة ِّمنا ِمن َبع ِد ض َّر َاء َم َّست ُه ل َيقول َّن َهذا‬

‫ِلي﴾‪ ،96‬لتأكيد وجوب توقير هللا جل جاله وتعظيمه في األلفاظ‪ ،‬ولتخليص القلب واللسان من ألفاظ‬

‫واعتقادات باطلة يظن املرء فيها أنه مستحق أشياء على هللا جل وعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫والتوحيد هو أن يكون العبد ً‬
‫ِخاضعا بين يدي هللا‪ ،‬يعلم أنه ل يستحق شيئا على هللا جل وعا و إنما هو‬ ‫ذليا‬

‫فضل هللا يؤتيه من يشاء‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرقول مجاهد في تفسيرالية في ترجمة الباب‪.‬‬

‫قال مجاهد رحمه هللا في تفسيرها‪( :‬هذا بعملي و أنا محقوق به)‪.‬‬

‫‪[ 16‬فصلت‪.]50:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪123‬‬

‫ٰ َ‬
‫﴿ َهذا ِلي﴾ يعني‪ :‬نسب النعمة إلى نفسه‪ ،‬أو نسب الستحقاق النعمة إليه‪ ،‬و أنه يستحق ذلك وأن هللا جل وعا‬
‫لم يتفضل عليه بهذا الش يء‪ ،‬أو أنه َّ‬
‫تفضل عليه ألنه مستحق لهذا النعام‪ ،‬مستحق للمال‪ ،‬مستحق للجاه‪،‬‬

‫مستحق لرفعة القدر عند الناس‪ ،‬فصار إليه ذلك الش يء؛ من املال والرفعة والسمعة الطيبة ألنه مستحق‬

‫لذلك الش يء بفعله وبجهده ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا قد ينسب أحدهم النعمة إلى نفسه وأن هللا لم يتفضل بها عليه؟‬

‫هذا قد يطرأ على قلوب ضعفاء اليمان وضعفاء التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يمكن للعبد أن يتخلص من ذلك الخلل الذي قد يقدح في لسامة عقيدته؟‬

‫الواجب على العبد أن يعلم أنه فقير غير مستحق لش يء على هللا جل وعا‪ ،‬و أنه هللا هو الرب املستحق على‬
‫ً‬
‫العبد أن يشكره وأن يذكره وأن ينسب النعم إليه‪ ،‬وأما العبد فليس مستحقا في الدنيا لحق واجب على هللا جل‬

‫وعا‪ ،‬إل ما أوجبه هللا جل وعا نفسه‪.‬‬

‫‪ ‬يكثربين الناس الستعمال مقولة‪( :‬هذا بعملي و أنا محقوق به)‪ ،‬اذكرمثال و اقعي من حياتنا‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا القول يكثرفي ألفاظ الناس‪ ،‬كقول الطبيب مثا‪ :‬شفاء املريض بسبب عملي‪ ،‬أو نجاحي‪ ،‬وتولي هذا األمر‪،‬‬

‫بسبب جهدي وتعبي‪ ،‬ونحو ذلك من الكام مما يجعل إنعام هللا على العبد بسبب الستحقاقه‪ ،‬أو ينس ى هللا جل‬

‫وعا وينسب األشياء إلى نفسه‪.‬‬


‫َٰ َ‬
‫﴿هذا ِلي﴾؟‬ ‫‪ ‬بماذا فسرابن عباس رض ي هللا عنهما قوله تعالى‪:‬‬

‫قال ابن عباس رض ي هللا عنهما‪( :‬يريد‪ :‬من عندي) يقول من عندي أنا الذي أتيت بهذا املال‪ ،‬أو بهذه النعمة‪،‬‬

‫وهذا من عندي‪ ،‬ولم ُيتفضل علي به‪.‬‬

‫‪ ‬اذكرأنواع الناس الذين ينسبون النعمة ألنفسهم؟‬

‫يدِخل في الوصف الذي جاء في الية نوعان من الناس‪:‬‬


‫ً‬
‫األول‪ :‬من ينسب الش يء إلى نفسه‪ ،‬ول ينسبه إلى هللا جل وعا أصا‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪124‬‬

‫ً‬
‫الثاني‪ :‬من ينسب الش يء إلى هللا تعالى‪،‬لكنه يرى نفسه مستحقا لذلك الش يء على هللا جل وعا‪ ،‬كما يحصل‬

‫من بعض املغرورين أنه إذا أطاع هللا و اتقاه وحصلت له نعمة يقول‪( :‬حصلت لي هذه النعمة من جراء‬
‫ُ‬
‫حالسبه هللا على‬ ‫الستحقاقي للنعمة‪ ،‬فأنا العابد هلل جل وعا)‪ ،‬ول يستحضر أن هللا جل وعا يرحم عباده‪ ،‬ولو‬
‫ُ‬
‫عباداته وأعماله بشكر نعمة من النعم التي ألسداها هللا جل وعا له‪.‬‬ ‫عمله لم تقم‬

‫‪ ‬ما الدعاء الذي علمه النبي ﷺ ألبي بكرالصديق رض ي هللا عنه‪ ،‬والذي فيه بيان فقرالعبد إلى ربه؟‬

‫علم النبي عليه الصاة والسام أبا بكرالصديق رض ي هللا عنه أن يقول في آِخرصاته‪(:‬اللهم إني ظلمت نفس ي‬
‫ً‬
‫ظلما ً‬
‫كثيرا ول يغفر الذنوب إل أنت فاغفر لي)‪ ،‬فكيف بحال املساكين أمثالنا أو أمثال أكثر هذه األمة؟ كيف‬
‫ً‬
‫يظنون في أنفسهم أنهم يستحقون على هللا شيئا؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جميعا هلل‪ ،‬وأن يشعر بأنه ل يستحق شيئا على هللا‪ ،‬و إنما هللا هو‬ ‫فالواجب إذن على العبد أن ينسب النعم‬

‫املستحق للعبودية‪ ،‬وهو املستحق للشكر‪ ،‬وهو املستحق لإلجال‪ ،‬والعبد فقيرمذنب مهما بلغ‪.‬‬

‫فإذن تمام التوحيد أن ُي ِج َّل العبد هللا‪ ،‬وأن يعظمه تبارك وتعالى‪ ،‬وأن ل يعتقد أنه مستحق للنعم أو إنما أوتيها‬

‫بجهده وجهاده وعمله وذهابه ومجيئه؛ بل هو فضل هللا يؤتيه من يشاء وهللا ذو الفضل العظيم‪.‬‬
‫مؤثرا‪ ،‬وكان ً‬
‫مؤثرا بإذن هللا جل وعا‪ ،‬فرجع األمر إلى أنه‬ ‫فعل العبد لسبب وهذا السبب قد يتخلف وقد يكون ً‬

‫فضل هللا يؤتيه من يشاء‪.‬‬


‫َ َ َّ ُ ُ َ‬
‫ال ِإن َما أو ِتيت ُه َعلى ِعلم‬‫‪ ‬بماذا فسر قتادة رحمة هللا قول هللا تعالى الذي جاء في قصة قارون‪﴿ :‬ق‬

‫ِعن ِدي﴾‪49‬؟‬

‫قال قتادة رحمه هللا‪( :‬على علم مني بوجوه املكالسب)‪.‬‬

‫‪[ 17‬القصص‪.]92:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪125‬‬

‫وهذا يحصل لكثير ممن أغناهم هللا جل وعا وصاروا في تجارة عظيمة‪ ،‬ينسب الش يء إلى نفسه‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا‬

‫ِخبير‪ ،‬أنا أفهم‪ ،‬أنا عندي علم بوجوه املكالسب‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وينس ى أن هللا جل وعا هو الذي تفضل‪ ،‬ولو منع‬
‫ً‬
‫هللا السبب الذي فعله من التأثيرلم يصرشيئا‪ ،‬فاهلل جل وعا هو الذي تفضل عليه‪ ،‬وهو الذي وفقه وهو الذي‬
‫ّ‬ ‫ابتداء‪ ،‬وهو املنعم ً‬
‫ً‬ ‫هداه للفكرة‪ ،‬وهو الذي جعل السبب ً‬
‫ِختاما‪ ،‬فالواجب أن يتخلص‬ ‫مؤثرا‪ ،‬فاهلل هو املنعم‬

‫العبد من رؤية نفسه‪ ،‬وأن يعلم أنه ل حول ول قوة إل باهلل فإنها كنزمن كنوز الجنة‪.‬‬

‫‪ ‬على ماذا يدل الحديث الطويل الذي رواه لنا أبو هريرة رض ي هللا عنه؟‬
‫َّ‬
‫الدللة منه ظاهرة‪ :‬وهي أن هللا جل وعا عافى الرجال الثاثة؛ ولكنه ملا عافاهم نسب اثنان منهم النعمة إلى‬
‫أنفسهما‪ ،‬والثالث نسبها إلى هللا َفجزى هللا األِخير ً‬
‫ِخيرا وأدام عليه النعمة‪ ،‬وعاقب الرجلين‪ ،‬وهذا فضل هللا‬
‫َ‬
‫ينعم ثم ُيثبت النعمة فيمن شاء ويصرفها عمن يشاء‪.‬‬

‫ومن ألسباب ثبات النعمة‪ :‬أن يعظم العبد ربه‪ ،‬وأن يعلم أن الفضل بيد هللا‪ ،‬وأن النعمة هي نعمة هللا‪ .‬وأن ل‬
‫ّ‬ ‫)‬ ‫حول ول قوة إل باهلل‪ ،‬ولو لسلبه هللا العناية منه َّ‬
‫هالك ومن الخالسرين‪ ،‬فإن العبد‬ ‫جل وعا طرفة عين لكان‬

‫أحوج ما يكون إلى العتراف والعلم بألسماء هللا وبصفاته وبأثار ذلك في ملكوته‪ ،‬بربوبيته جل وعا على ِخلقه‪،‬‬

‫وبعبادته حق عبادته‪.‬‬

‫اه َما َف َت َعالى ُ‬


‫هللا‬ ‫ص ِال ًحا َج َع َا َل ُه ُش َر َك َاء ف َ‬
‫يما َء َات ُ‬ ‫َ‬
‫﴿فل َّما َء َات ُ‬
‫اه َما َ‬ ‫باب قول هللا تعالى‪:‬‬
‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع َّما يش ِركون﴾ [األعراف‪]190:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪126‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لألبواب قبله؟‬

‫منالسبة هذا الباب لألبواب قبله أنه وتلك األبواب في معنى واحد‪ ،‬وذلك املعنى أن شكرالنعمة هلل جل وعا فيما‬
‫ُ‬
‫أنعم به يقتض ي أن تنسب إليه جل وعا‪ ،‬وأن ُيحمد عليها ُويثنى عليه بها‪ ،‬وأن تستعمل في مراضيه جل وعا‪،‬‬
‫وأن ُيتحدث بنعمة هللا‪ .‬وأن من َّ‬
‫عبد لغيرهللا جل وعا فإن هذا ينافي شكرالنعمة‪ ،‬ولهذا أتبع الشيخ رحمه هللا‬

‫هذا الباب األبواب قبله ملا يشترك معها في هذا املعنى‪ ،‬وأن الواجب على العبد أن يحقق التوحيد‪ ،‬وأن ل ينسب‬

‫النعم لغيرهللا جل وعا‪ ،‬فإن وقع منه ذلك فواجب عليه أن يبادربالتوبة وأن ل يقيم على ذلك‪.‬‬

‫الذي ين سب النعم إلى نفسه هذا لم يحقق التوحيد‪ ،‬فإنه جمع بين ترك تعظيم هللا جل وعا وما بين ادعاء‬

‫ش يء ليس له‪.‬‬

‫كذلك الذي يعتقد في غيره أنه هو املنعم عليه‪ ،‬كقول القائل‪ :‬لول فان لم يكن كذا‪ ،‬أو نحو تلك العبارات التي‬
‫َ ُ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َّ َ َ ً َ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫للا ث َّم‬
‫لِل أندادا و أنتم تعلمون﴾ [البقرة‪ ،]22:‬وفي قوله‪﴿ :‬يع ِرفون ِنعمت ِ‬
‫تدِخل في قوله تعالى‪﴿ :‬فا تجعلوا ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫نك ُرون َها﴾ [النحل‪ ،]83:‬هذه وأمثالها راجعة إلى عدم شكرالنعمة‪ ،‬ومن شكرالنعم أن هللا جل وعا‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫ً‬
‫معافا ثم َّ‬ ‫ً‬
‫عبد هذا الولد لغيرهللا عزوجل؟‬ ‫لسليما‬ ‫‪ ‬ما حكم من إذا أنعم هللا عليه بولد وجعله‬
‫من عدم شكر النعمة تلك نسبتها إلى غير هللا‪ ،‬وأن ُي ّ‬
‫عبد الولد لغير هللا جل وعا‪ ،‬فإن هذا مضاد لاعتراف بأن‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫الولد لولي أو لعبد صالح‪،‬‬ ‫املنعم بذلك الولد هو هللا جل جاله‪ ،‬وقد يصل ذلك إلى حد الشرك األكبر إذا َع َّبد‬

‫وهو يعني حقيقة العبودية التي هي أن هذا عبد لذاك؛ ألن ذاك إله‪ ،‬كمن يعبد لبعض املشايخ فيقول عبد‬

‫السيد ويعنون به‪ :‬السيد البدوي‪ ،‬ويقولون عبد زينب وعبد علي وعبد عمرو‪ ،‬ونحو ذلك من األلسماء التي فيها‬

‫اعتقادات‪.‬‬
‫َ‬
‫﴿ف َل َّما َء َات ُاه َما َ‬
‫ص ِال ًحا﴾؟‬ ‫‪ ‬إلى من يرجع الضميرفي قوله تعالى‪:‬‬

‫الضمير هنا يرجع إلى آدم وحواء‪ ،‬والذي عليه عامة السلف أن القصة في آدم وحواء‪ ،‬حتى قال الشارح الشيخ‬

‫لسليمان بن عبد هللا رحمه هللا‪( :‬إن نسبة ذلك إلى غير آدم وحواء هو من التفالسير املبتدعة)‪ ،‬ولسياق الية ل‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫يقتض ي غيرذلك إل بأوجه من التكلف‪ ،‬ولهذا المام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا اعتمد هذا الذي‬

‫عليه عامة السلف‪ ،‬ففسرهذه الية بأن املراد بها آدم وحواء‪.‬‬

‫‪ ‬ما القصة الواردة في هذه الية‪ ،‬وما املراد منها؟‬


‫َ َ َ َ َ َ ً َّ َ ُ َ َّ َ َّ‬
‫الشاكر َ‬
‫ين﴾‪( ،98‬قال‪ :‬أشفقا أن ل‬ ‫ِ ِ‬ ‫جاء بسند صحيح عن مجاهد‪ ،‬في قوله‪﴿ :‬ل ِئن ءاتيتنا ص ِالحا لنكونن ِمن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إنسانا)‪ ،‬يعني‪ِ :‬خافا أن يكون كما قال الشيطان أنه لسيكون له قرنا ّأيل‪ ،‬أو ِخلقته مختلفة‪ ،‬أو يخرج حيوانا أو‬
‫ً‬
‫لسليما من الخلقة املشينة‪،‬‬ ‫ً‬
‫لسليما من الفات‪،‬‬ ‫ً‬
‫صالحا‬ ‫صالحا‪ :‬يعني ً‬
‫ولدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قردا أو نحو ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬لئن َءاتيتنا‬

‫فوعدا أن يكون من الشاكرين‪.‬‬


‫ً‬
‫صالحا من جهة الخلقة؛ ألنه كان يأتيهما ولد فيموت‪،‬‬ ‫(صالحا) أي‪َ :‬‬
‫ولدا‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وحواء‪،‬‬ ‫آدم‬ ‫(فلما َءاتاهما) يعني آتى ُ‬
‫هللا َ‬

‫أو يكون ً‬
‫معيبا فيموت‪ ،‬فاهلل جل وعا رزقهما هذا الولد الصالح السليم في ِخلقته‪ ،‬السليم في بنيته‪ ،‬وكذلك‬

‫هو صالح لهما من جهة نفعهما‪.‬‬


‫َ‬
‫شركاء) جمع شريك‪ ،‬والشركة في اللغة‪ :‬اشتراك اثنين‬ ‫(جعا له شركاء) جعل آدم وحواء‪ُ ( ،‬له) هلل جل وعا‪( ،‬‬

‫في ش يء‪ ،‬فجعا هلل جل وعا شركاء فيما آتاهما؛ حيث لسميا ذلك الولد "عبد الحارث"‪ ،‬والحارث هو إبليس‪،‬‬

‫فأِخذتهما شفقة الوالد على الولد وِخافا من أن يتسلط عليه الشيطان باملوت أو الهاك‪ ،‬الذي هدد بأن يشق‬
‫بطن األم فتموت ويموت ً‬
‫أيضا الولد‪ ،‬فلما رأت حواء ذلك وأنها قد مات لها عدة بطون فأطاعا الشيطان في‬
‫ذلك‪ ،‬فصارت الشركة (شركة في الطاعة)‪ ،‬وذلك ِخاف شكر تلك النعمة؛ ألن من شكر نعمة الولد أن َّ‬
‫يعبد‬
‫َّ‬
‫وتفضل به‪.‬‬ ‫الولد هلل الذي أنعم به وأعطاه‬

‫وهذه القصة صحيحة‪ ،‬و آثارالسلف الكثيرة ولسياق اليات في آِخرلسورة األعراف يدل عليها‪.‬‬

‫‪ ‬اذكراألثرالوارد في بيان هذه القصة وتفسيرهذه الية‪.‬‬

‫‪[ 18‬األعراف‪.]181 :‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪128‬‬

‫عن ابن عباس رض ي هللا عنهما قال‪( :‬ملا تغشاها آدم‪ ،‬حملت‪ ،‬فأتاهما إبليس‪ ،‬فقال‪" :‬إني صاحبكما الذي‬
‫َ‬
‫أِخرجتكما من الجنة‪ ،‬لتطيعاني أو ألجعلن له قرني ِّأيل‪ ،‬فيخرج من بطنه‪ ،‬فيشقه‪ ،‬وألفعلن وألفعلن ‪-‬يخوفهما‪-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لسمياه عبد الحارث"‪ ،‬فأبيا أن يطيعاه‪ ،‬فخرج ميتا‪ ،‬ثم حملت‪ ،‬فقال مثل قوله‪ ،‬فأبيا أن يطيعاه‪ ،‬فخرج ميتا‪،‬‬
‫ثم حملت فأتاهما‪ ،‬فذكرلهما‪ ،‬فأدركهما حب الولد‪ ،‬فسمياه عبد الحارث‪ ،‬فذلك قوله‪َ ﴿ :‬ج َع َا َل ُه ُش َر َك َاء ف َ‬
‫يما‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َءات ُاه َما﴾‪.100)99‬‬

‫‪ ‬هل وقع آدم وحواء عليهما السام في طاعة الشيطان قبل هذه املرة؟‬

‫آدم وحواء عليهما السام قد أطاعا الشيطان من قبل حيث أمرهما بأن يأكا من الشجرة التي نهاهما هللا جل‬

‫وعا عنها‪ ،‬كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال‪ِ« :‬خدعهما مرتين»‪ 101‬وهذا هو املعروف عند السلف‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا أطلق هللا تعالى لفظ الشرك في قوله‪( :‬شركاء) على ما قام به آدم وحواء؟‬
‫َّ‬
‫قوله (شركاء فيما َءاتاهما) هنا املعنى‪ :‬التشريك في الطاعة‪.‬‬
‫َ‬
‫ومعلوم أن كل عاص مطيع للشيطان‪ ،‬وكل معصية ل تصدر من العبد إل وثم نوع تشريك حصل في الطاعة‪،‬‬

‫ألنه إما أن يطيع هواه وإما أن يطيع الشيطان‪ ،‬ولهذا قال شيخ اللسام وغيره من املحققين‪( :‬إنه ما من معصية‬

‫يعص ي بها العبد ربه إل ولسببها طاعة الشيطان‪ ،‬أو طاعة الهوى‪ ،‬وذلك نوع تشريك)‪.‬‬

‫‪ ‬هل يمكن أن يقع نبي من األنبياء في الشرك؟ فسرذلك‪.‬‬


‫ً‬ ‫هذا الذي حصل من آدم وحواء عليهما السام ل يقتض ي ً‬
‫نقصا في مقامهما‪ ،‬ول يقتض ي شركا باهلل جل وعا‪،‬‬
‫َّ‬
‫و إنما هو نوع تشريك في الطاعة‪ ،‬فإن آدم نبي ُمكلم؛ وكما هو معلوم عند أهل العلم أن صغار الذنوب جائزة‬

‫على األنبياء ول تقدح في كمالهم؛ ألنهم ل يستقيمون عليها‪ ،‬بل يسرعون وينيبون إلى هللا جل وعا‪ ،‬ويكون حالهم‬

‫‪[ 11‬األعراف‪.]140:‬‬
‫‪ 100‬رواه ابن أبي حاتم‪.‬‬
‫‪ 101‬انظر تفسير القرطبي ‪.338/7‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫بعد ما وقع منهم ذلك أعظم من حالهم قبل وقوعه؛ ألنه يكون لهم مقامات إيمانية واعتراف بالعبودية أعظم‪،‬‬

‫وِخضوع بين يدي هللا جل وعا أعظم‪ ،‬ومعرفة في تحقيق ما يجب هلل جل وعا وما يستحب أعظم‪.‬‬

‫‪ ‬ما هوالرد على الشكال الذي أورده بعض أهل التفسيرمن املتأِخرين في أن آدم وحواء جعا هلل شركاء؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا نص الية ول يمنع؛ ألن التشريك هنا تشريك فيما يدل عليه املعنى اللغوي ليس شركا أصغر‪ ،‬وليس شركا‬
‫َََ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫أعظم من ذلك‪ ،‬و إنما هو تشريك في الطاعة‪ ،‬كما قال جل وعا‪﴿ :‬أ َرأيت َم ِن اتخذ ِإل َه ُه َه َو ُاه أفأنت تكون َعلي ِه‬
‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ ُ َ‬ ‫ً‬
‫هللا َعلى ِعلم﴾‪ ، 103‬فكل من جعل هواه‬ ‫َو ِكيا﴾‪ ،102‬وقال في آية أِخرى‪﴿ :‬أفر أيت م ِن اتخذ ِإلهه هواه وأضله‬
‫َّ‬ ‫متبعا فقد جعله ُم ً‬ ‫َّ‬
‫طاعا‪ ،‬وهذا نوع تأليه؛ لكن ل يقال أنه عبد غيرهللا‪ ،‬أو أله غيرهللا‪ ،‬أو أشرك باهلل جل وعا؛‬

‫لكن هو نوع تشريك‪ ،‬فكل طاعة للشيطان أو للهوى فيها هذا النوع من التشريك‪ ،‬إذ الواجب على العبد أن‬

‫يعظم هللا جل وعا وأل يطيع إل أمره جل وعا‪ ،‬وأمررلسوله ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬هل ذنبهما في التسمية بـ(عبد الحارث) أعظم من ذنب األكل من الشجرة؟ وملاذا؟‬
‫ظاهرأن هذه القصة ل تقتض ي ً‬
‫نقصا في مقام آدم عليه السام ول في مقام حواء؛ بل هو ذنب من الذنوب تابا‬

‫منه كما حصل لهما أول مرة في األكل من الشجرة‪.‬‬

‫أكلهما من الشجرة ومخالفة أمر هللا جل وعا أعظم من هذا الذي حصل منهما هنا وهو تسمية الولد عبد‬

‫الحارث‪ ،‬وذلك أن هللا ِخاطبه ونهاه عن أكل هذه الشجرة‪ ،‬وهذا ِخطاب متوجه إلى آدم بنفسه‪ .‬وأما هذه‬
‫التسمية فإنه لم ُي َ‬
‫نه عنها مباشرة‪ ،‬و إنما يفهم النهي عنها من وجوب حق هللا جل وعا‪ ،‬فذاك املقام زاد على‬

‫هذا املقام من جهة ِخطاب هللا جل وعا املباشرلدم‪.‬‬

‫وهذا أمر معروف عند أهل العلم ولهذا فسر قتادة رحمه هللا كلمة (شركاء) بقوله‪( :‬شركاء في طاعته‪ ،‬ولم يكن‬

‫في عبادته)‪ ،‬وهذا هو الصحيح في تفسيرالية‪.‬‬

‫‪[ 101‬الفرقان‪.]96:‬‬
‫‪[ 103‬الجاثية‪.]16:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪131‬‬

‫‪ ‬ما حكم التسمية التي فيها تعبيد لغيرهللا؟‬

‫(قال ابن حزم‪ :‬اتفقوا على تحريم كل السم معبد لغير هللا‪ ،‬كعبد عمرو‪ ،‬وعبد الكعبة‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬حاشا‬

‫عبد املطلب) يعني أجمع أهل العلم أن التعبيد لغيرهللا محرم؛ ألن فيه إضافة النعم لغيرهللا وفيه إلساءة أدب‬
‫ً‬
‫أيضا فيه اهتضام أو نوع‬ ‫مع الربوبية واللهية فإن تعبيد الناس لغير هللا جل وعا هذا غلط من جهة املعنى‪ ،‬و‬
‫ً‬
‫جميعا‪.‬‬ ‫اهتضام ملقام الربوبية‪ ،‬فلذلك َح ُرم في هذه الشريعة هذه التسمية‪ ،‬بل وفي شرائع األنبياء‬

‫‪ ‬ما حكم التسمية ب ــ(عبد املطلب)؟‬

‫لم ُيجمع العلماء عليه‪ ،‬فإن من أهل العلم من قال‪ :‬تكره التسمية بعبد املطلب ول تحرم‪.‬‬

‫‪ )1‬ألن النبي ﷺ قال في غزوة حنين‪:‬‬

‫أنا ابن عبد املطلب‬ ‫أنا النبي ل كذب‬

‫‪ )2‬جاء في ألسماء الصحابة من السمه عبد املطلب‪.‬‬

‫الرد على هذا القول‪ :‬هذا القول ليس بصحيح‪ ،‬وما الستدلوا به ليس بوجيه‪ ،‬وذلك أن قول النبي ﷺ‪( :‬أنا ابن‬

‫عبد املطلب) إِخبار‪ ،‬والِخبارليس فيه تعبيرمباشربإضافة ذلك املخلوق إلى غيرِخالقه‪ ،‬وباب الِخبارأولسع من‬

‫باب البتداء ‪-‬كما هو معلوم‪.-‬‬

‫وأما تسمية بعض الصحابة رض ي هللا عنهم بـ(عبد املطلب)‪ ،‬فاملحققون من الرواة يقولون‪ :‬إن من ُلسمي بعبد‬

‫املطلب‪ ،‬صحة السمه (املطلب) بدون التعبيد‪ ،‬ولكن نقل لـ(عبد املطلب) ألنه شاع التسمية به دون (املطلب)‬

‫فوقع ِخطأ في ذلك‪ ،‬وبحث هذه املسائل يطول ومحله كتب الحديث وكتب الرجال‪.‬‬

‫وقال بعده‪( :‬وعن ابن عباس رض ي هللا عنهما في معنى الية‪ ،‬قال‪ :‬ملا تغشاها آدم‪ ،‬حملت‪ ،‬فأتاهما إبليس فقال‪:‬‬
‫َ ََ َ ُ ُ ََ َ َ َ‬
‫يما َءات ُاه َما﴾ [األعراف‪ ،]190:‬قال رواه‬ ‫إني صاحبكما) إلى آِخر القصة‪ ،‬قال‪( :‬فذلك قوله‪﴿ :‬جعا له شركاء ِف‬

‫ابن أبي حاتم‪ ،‬وله بسند صحيح عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬شركاء في طاعته‪ ،‬ولم يكن في عبادته) وهذا دليل على التفريق‬

‫بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪131‬‬

‫‪ ‬ما الفرق بين شرك الطاعة وشرك العبادة؟‬

‫الشرك في العبادة‪ :‬كفر أكبر مخرج من امللة‪ .‬الشرك في الطاعة‪ :‬له درجات يبدأ من املعصية واملحرم وينتهي‬

‫بالشرك األكبر‪ ،‬وقد فرق أهل العلم بين شرك الطاعة وشرك العبادة‪ ،‬مع أن العبادة مستلزمة للطاعة‪،‬‬

‫أيضا للعبادة‪ ،‬لكن ليس في كل درجاتها‪.‬وقد جاء بسند صحيح عن قتادة قال‪( :‬شركاء في‬ ‫والطاعة مستلزمة ً‬
‫َ َ َ ُ َ‬
‫﴿ج َعا ل ُه ش َرك َاء﴾‪.‬‬ ‫طاعته‪ ،‬ولم يكن في عبادته) في تفسيرقوله تعالى‪:‬‬

‫َ‬ ‫وه ب َها َو َذ ُروا َّالذ َ‬ ‫َ َّ َ‬


‫األلس َم ُاء ال ُحس َنى َفاد ُع ُ‬
‫ين ُيل ِح ُدون ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬وِ ِ‬
‫لِل‬
‫َ‬
‫ألس َما ِئ ِه﴾ الية [األعراف‪]180:‬‬

‫‪ ‬ما معنى األلسماء ُ‬


‫الحسنى؟‬

‫األلسماء الحسنى‪" :‬هي الحسنة البالغة في الحسن نهايته"‪.‬‬

‫وهللا جل وعا له األلسماء الحسنى البالغة في الحسن نهايته‪ ،‬وهي األلسماء املشتملة على صفات الكمال والجال‬

‫والجمال والقدرة والعزة والجبروت وغير ذلك‪ ،‬وله من كل السم مشتمل على صفة أعلى وأعظم الصفة واملعنى‬

‫الذي اشتملت عليه الصفة‪.‬‬

‫‪ ‬هل يطلق على ألسماء املخلوقات أنها حسنى؟‬

‫الخلق يتسمون بألسماء قد ل تكون حسنة‪ ،‬أو قد تكون حسنة ولكن ليست بالغة في الحسن نهايته؛ ألن ال ُحسن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫في األلسماء يكون راج ًعا إلى أن الصفة التي اشتمل عليها ذلك اللسم توجد حقا فيمن تسمى بها‪ ،‬ويكون قد بلغ‬

‫نهاية ذلك الوصف‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪132‬‬

‫ً‬
‫صالحا‬ ‫والنسان لو تسمى بالسم فيه معنى فإنه ل ُينظر فيه إلى أن املعنى قد اشتملت عليه ِخصاله‪ ،‬فيسمى‬
‫ً‬
‫محمدا وقد ل يكون كثيرِخصال الحمد‪ ،‬وهكذا‬ ‫ِخالدا وقد ل يكون ً‬
‫ِخالدا‪ ،‬ويسمى‬ ‫صالحا‪ ،‬ويسمى ً‬
‫ً‬ ‫وقد ل يكون‬

‫فإن النسان قد يسمى بألسماء لكن ل تكون في حقه حسنى‪.‬‬

‫‪ ‬هل يمكن لنا إدراك مدى الحسن الذي تبلغه ألسماء هللا تعالى؟‬

‫قال عليه الصاة والسام في دعائه‪« :‬ل نحص ي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»‪.‬‬
‫َ‬
‫العلماء حين يفسرون ألسماء هللا جل وعا فإنهم يفسرونها بما ُيق ِّرب إلى األفهام أصل املعنى‪ ،‬أما حقيقة املعنى‬

‫على كماله فإنهم ل يعونه‪ ،‬وكذلك الكيفية ل يعونها؛؛ ألن ذلك من الغيب ل يعلمه أحد إل هللا جل جاله‪.‬‬

‫‪ ‬ما أقسام ألسماء هللا باعتباركمال حسنها؟‬

‫القسم األول‪ :‬هلل جل وعا األلسماء الحسنى‪ ،‬والصفات العا‪.‬‬


‫ً ً‬
‫القسم الثاني‪ :‬من األلسماء ما ل تكون حسنا كاما إل بقيد مثل‪ :‬الصانع واملتكلم واملريد والفعال أو الفاعل ونحو‬
‫ً‬
‫محمودا‪ ،‬ولهذا ليس‬ ‫)‬
‫متكلم بما شاء إذا شاء‪ ،‬بما تقتضيه الحكمة وتمام العدل‪ ،‬فهذا يكون‬ ‫ذلك‪(.‬املتكلم)‪ :‬هللا‬

‫من ألسماء هللا املتكلم‪( .‬الصانع)‪ :‬قد يصنع ِخ ًيرا وقد يصنع غير ذلك‪ ،‬وهللا جل وعا ليس من ألسمائه الحسنى‬

‫(الصانع) لشتماله على هذا وهذا‪ ،‬فإذا أطلق من جهة الخبرفيعني به ما يقيد باملعنى الذي فيه كمال‪.‬‬

‫مجبرعليها‪ ،‬والكمال‬ ‫فعال)‪ :‬فإن الفعال قد يفعل أشياء ل تو افق الحكمة‪ ،‬وقد يفعل أشياء ل يريدها؛ بل )‬ ‫(ال ّ‬
‫َ َّ ) َ‬
‫ال ِمل ـا ُي ِري ُد﴾ (‪،)104‬‬ ‫أن يفعل ما يريد ول يكون ً‬
‫مجبرا لكمال عزته وقهره‪ ،‬ولهذا قال هللا جل وعا عن نفسه‪﴿ :‬فع‬
‫ً‬
‫ألن تقييد كونه فعال ملا يريد‪ ،‬هذا هو الكمال‪.‬‬

‫(‪ )104‬الربوج‪.11:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫‪ ‬ما أقسام ألسماء هللا باعتباراملعنى؟‬

‫قال طائفة من أهل العلم‪:‬‬

‫ألسماء الجمال‪ :‬وألسماء الجمال هلل جل جاله هي األلسماء املشتملة على ُحسن في الذات‪ ،‬أو ُحسن في املعنى‪ِ ،‬وب ّر‬

‫بالعباد واملخلوقين‪ ،‬فيكون من ألسماء الجمال صفات الذات‪.‬‬

‫مثل السم هللا "الجميل" و"البر" و"الرحيم" و"الودود" و"املحسن" وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫ألسماء الجال‪ :‬هي التي فيها ما يدل العباد على جال هللا‪ ،‬وهو عظمته وعزته جل وعا وجاله حتى ُي َج ّل‪.‬‬

‫مثل‪" :‬القهار" و"الجبار" و"القدير" و"العزيز" و"املقيت" وأشباه هذه األلسماء‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫على العبد املؤمن املوحد أن َّ‬
‫يتعرف إلى هللا جل وعا بألسمائه وصفاته‪ ،‬ول تتم حقيقة التوحيد في قلبه حتى‬

‫يعلم ألسماء وصفات هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي مراتب العلم بألسماء هللا الحسنى؟‬


‫ً‬
‫‪ )1‬أن يعلمها إثباتا؛ يعني يثبت ما أثبت هللا لنفسه‪ ،‬وما أثبته له رلسوله ﷺ‪ ،‬فيؤمن أن هذا اللسم من ألسماء‬

‫هللا‪ ،‬وأن هذه الصفة من صفات هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ )2‬أن يسأل هللا جل وعا بألسمائه وصفاته بما يو افق مطلوبه؛ ألن األلسماء والصفات نتعبد هلل جل وعا بها‬

‫بأن ندعوه بها‪.‬‬

‫‪ )3‬أن ينظر إلى آثار ألسماء هللا وصفاته في امللكوت‪ ،‬فإذا نظر إلى آثار ها وتأمل ذلك علم أن كل ش يء ما ِخا هللا‬

‫باطل‪ ،‬وأن الحقيقة أن الحق الثابت الازم هوهللا جل وعا‪ ،‬وأما ما لسوى هللا فهوباطل وز ائل و آيل إلى الهاك‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫﴿كل ش يء َه ِال )ك ِإل َوج َه ُه﴾‪.105‬‬

‫‪[ 101‬القصص‪.]22:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪134‬‬

‫َ َّ‬
‫‪ ‬ما نوع الام في قوله تعالى‪( :‬وِ ِ‬
‫لِل)؟ وما دللتها؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫مستحقة‬ ‫لِل األلس َم ُاء ال ُحسنى) الام هنا لم اللستحقاق؛ يعني األلسماء الحسنى البالغة في الحسن نهايته‪،‬‬
‫(و ِ ِ‬
‫هلل جل وعا‪ ،‬وهللا مستحق ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬بماذا أمرنا هللا بما يخص ألسماءه الحسنى؟ قال‪َ ( :‬فاد ُع ُ‬
‫وه ِب َها) يعني إذا علمتم أن هللا هو املستحق‬

‫لذلك وآمنتم بذلك فادعوه بها‪ ،‬وهذا أمر‪.‬‬

‫َ‬
‫(فاد ُع ُ‬
‫وه ِب َها)؟‬ ‫‪ ‬ما معنى الدعاء في قوله تعالى‪:‬‬

‫تفسيران‪ ،‬وكاهما صحيح‪:‬‬

‫التفسير األول‪ :‬الثناء والعبادة‪.‬فإننا ندعو هللا بها‪ ،‬أي‪ :‬نحمده ونثني عليه بها‪ ،‬فنعبده متولسلين إليه باأللسماء‬

‫الحسنى وما اشتملت عليه من الصفات العا‪.‬‬

‫التفسير الثاني‪ :‬السؤال والطلب‪ .‬فإذا كان لنا مطلوب نتوجه إلى هللا فنسأله بتلك األلسماء بما يو افق ذلك‬

‫املطلوب‪ ،‬فإذا لسألنا هللا املغفرة نأتي بصفات الجمال‪ ،‬وإذا لسألنا هللا النصرة نأتي بصفات الجال‪ ،‬وهكذا‬
‫فيما ينالسب‪ ،‬وهناك تفصيات ً‬
‫أيضا لهذا األمر‪.‬‬

‫‪ ‬ما نوع الباء في قوله‪ِ ( :‬ب َها)؟ هي باء الولسيلة‪ ،‬يعني‪ :‬ادعوه متولسلين بها‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬
‫﴿وذ ُروا ال ِذ َين ُيل ِح ُدون ِفي ألس َما ِئ ِه﴾؟‬ ‫‪ ‬ما معنى قوله تعالى هنا‪:‬‬

‫(ذروا) أي‪ :‬اتركوا‪ ،‬وهذا يعني أن املسلم واجب عليه أن يبتعد عن حال الذين يلحدون في ألسماء هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما معنى اللحاد في ألسماء هللا تعالى؟‬

‫اللحاد في ألسماء هللا‪ :‬هو امليل والعدول بها عن حقائقها إلى ما ل يليق باهلل جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما مراتب اللحاد في ألسماء هللا تعالى؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪135‬‬

‫‪ )1‬أن يسمي البشر املعبودين يسميهم بألسماء هللا‪ ،‬كما لسموا الات من (الله)‪ ،‬والعزى من (العزيز)‪ ،‬ونحو‬
‫َ َ‬
‫﴿يل ِح ُدون ِفي ألس َما ِئ ِه﴾‪ :‬يشركون)‪ ،‬وعنه‪( :‬يسمون الات من الله‪،‬‬
‫ذلك‪ .‬قال ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ُ ( :‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫والعزى من العزيز)‪ ،‬فينادون "الات"‪ ،‬وعندهم أنهم نادوا "الله"‪ ،‬فصارشركا‪.‬‬
‫‪ )2‬أن ُي َ‬
‫جعل هلل جل وعا ولد‪ ،‬وأن يضاف املخلوق إليه إضافة الولد إلى والده كحال النصارى‪.‬‬

‫‪ )3‬إنكاراأللسماء والصفات‪ ،‬أو إنكاربعضها‪ ،‬كما فعلت الجهمية الغاة فإنهم ل يؤمنون بالسم من ألسماء هللا ول‬

‫بصفة من صفاته إل الوجود واملوجود؛ ألن هذه الصفة هي التي يستقيم معها برهانهم بحلول األعراض في‬

‫األجسام‪ ،‬ودليل ذلك على الوحدانية ‪-‬كما هو معروف في موضعه‪.-‬‬

‫‪ )4‬أن تؤول وتصرف عن ظاهرها إلى معاني ل يجوز أن تصرف إليها‪ ،‬فيكون ذلك من التأويل‪.‬‬
‫‪ )5‬من أدِخل ً‬
‫السما لم يثبت في الكتاب والسنة أنه من ألسماء هللا فقد ألحد؛ ألنه مال وعدل عن الحق الذي‬

‫يجب في األلسماء والصفات إلى غيره‪ ،‬كمن قال في ألسماء هللا‪ :‬املاكر واملستهزئ والصانع‪ ،‬فإطاق هذه األلسماء‬
‫َ‬
‫﴿يل ِح ُدون ِفي‬
‫على هللا جل وعا ل يجوز‪ ،‬ومنها ما يجوز بتقييد في باب الِخبار‪ .‬ذكر عن األعمش في قوله تعالى‪ُ :‬‬
‫َ‬
‫ألس َما ِئ ِه﴾‪( :‬يدِخلون فيها ما ليس منها )‪.‬‬

‫‪ ‬ما األحكام املترتبة على اللحاد بألسماء هللا؟‬

‫اللحاد منه ما هو كفر‪ ،‬ومنه ما هو بدعة‪.‬‬

‫فالتأويل وادعاء املجازفي األلسماء والصفات هذه بدع وإلحاد ل يصل بأصحابه إلى الكفر‪.‬‬

‫أما نفي و إنكاروجحد األلسماء والصفات كحال الجهمية فهذا كفر‪ ،‬وهكذا فعل النصارى ومشركي العرب‪.‬‬

‫‪ ‬ما هو مذهب أهل السلف في العتقاد في ألسماء هللا وصفاته؟‬

‫أن الواجب اليمان باأللسماء والصفات‪ ،‬و إثباتها‪ ،‬واعتقاد ما دلت عليه‪ ،‬وترك التعرض لها بتأويل ونحوه‪ ،‬وهذه‬

‫هي قاعدة السلف‪ ،‬فنؤمن بها ول نصرفها عن حقائقها بتأويل أو بمجاز أو نحو ذلك‪ ،‬كما فعل املعتزلة‪،‬‬

‫واألشاعرة واملاتريدية وطوائف‪ ،‬كل هذا نوع من أنواع اللحاد‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪136‬‬

‫ُ‬
‫والحق هو أن ت ِثبت هلل ما أثبته لنفسه إذ ل أحد أعلم باهلل من هللا جل جاله وتعاظم شأنه‪ ،‬وكذلك ل أحد‬

‫أعلم من الخلق باهلل جل وعا من رلسوله الخاتم محمد ﷺ‪.‬‬

‫باب ال يقال‪ :‬السالم على اهلل‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب للباب الذي قبله؟‬


‫ّ‬
‫منالسبة هذا الباب للباب الذي قبله‪ :‬أن ترك قول (السام على هللا) هو من تعظيم األلسماء الحسنى‪ ،‬ومن العلم‬
‫بها؛ ذلك أن ( َّ‬
‫السام) هو هللا جل جاله‪ ،‬ومن ألسمائه لسبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫منالسبته لكتاب التوحيد‪ :‬أن األدب الواجب في جناب الربوبية مع ألسماء هللا جل وعا وصفاته أل يقال‬
‫ُ‬ ‫(السام على هللا)؛ ألن في هذا ً‬
‫نقصا في تحقيق التوحيد‪ ،‬فتحقيق التوحيد الواجب أن ل تقال هذه الكلمة ألن‬

‫هللا غني عن عباده‪ ،‬والفقراء هم الذين يحتاجون إلى السامة‪.‬‬


‫‪ ‬اذكر ً‬
‫بعضا من معاني السم هللا (السام)؟‬
‫َ‬
‫واملبعد عن كل آفة أونقص أوعيب‪ ،‬فله الكمال املطلق في ذاته وصفاته‬ ‫‪)1‬هو املتصف بالسامة الكاملة واملنزه‬

‫الذاتية والفعلية جل وعا‪.‬‬

‫‪)2‬هو الذي يعطي السامة‪ ،‬ويجعل السام‪ ،‬وكل لسامة في ملكوت هللا من كل شريؤذي الخلق فإنها من آثارهذا‬

‫اللسم "السام"‪ ،‬فإنه لكون هللا جل وعا هو السام فإنه يفيض السامة على العباد‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم قول‪( :‬السام على هللا)؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪137‬‬

‫ُ‬
‫السام)‪ ،‬وهذا النهي للتحريم‪ ،‬ول يجوز ألحد أن يقول‪:‬‬ ‫هو‬ ‫السام على هللا‪ ،‬فإ ّن َ‬
‫هللا َ‬ ‫ُ‬ ‫قال النبي ﷺ‪( :‬ل تقولوا‬
‫ِ ِ‬
‫السام على هللا‪.‬‬

‫‪ ‬ما العلة في تحريم قول‪( :‬السام على هللا)؟‬

‫هللا جل جاله هو الذي يفيض السامة‪ ،‬وليس العباد هم الذين يعطون هللا السامة‪ ،‬فإن هللا جل وعا هو‬
‫َ َّ‬
‫للا َو َّ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ ُ ُ ُ َ‬
‫للا‬ ‫اس أنتم الفق َر ُاء ِإلى ِ‬‫الغني عن ِخلقه‪ ،‬هو الغني بالذات‪ ،‬والعباد فقراء بالذات‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬يا أيها الن‬

‫يد﴾‪ .106‬فذلك القول ُمقتض لهتضام جناب الربوبية‪ ،‬وتوحيد األلسماء والصفات‪.‬‬ ‫ُه َو ال َغني ال َحم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ما الدليل على تحريم قول‪( :‬السام على هللا)؟‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫هللا من‬
‫الصاة قلنا‪( :‬السام على ِ‬
‫ِ‬ ‫في الصحيح عن ابن مسعود رض ي هللا عنه قال‪ :‬كنا إذا كنا مع النبي ﷺ في‬
‫ُ‬
‫السام»‪.‬‬ ‫هو‬ ‫السام على هللا‪ ،‬فإ ّن َ‬
‫هللا َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫السام على فان وفان)‪ ،‬فقال النبي ﷺ‪ « :‬ل تقولوا‬ ‫باده‪،‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِع ِ‬
‫ُ‬
‫باده)؟‬ ‫‪ ‬ما معنى قول الصحابة رضوان هللا عليهم هنا‪( :‬السام على ِ‬
‫هللا من ِع ِ‬
‫ً‬
‫صحيحا من حيث القصد لكنه ليس بصحيح من حيث‬ ‫كأنهم قالوا‪( :‬تحية هلل من عباده)‪ ،‬وهذا املعنى وإن كان‬

‫اللفظ ول يجوز؛ ألن هللا جل وعا هو (السام) كما قال النبي ﷺ‪ ،‬قالوها مع كونهم موحدين عاملين بحق هللا‬
‫ً‬
‫جل وعا‪ ،‬ظنا منهم أنها تحية ل تحوي ذلك املعنى‪.‬‬

‫‪ ‬ما هو املعنى الغيرصحيح في قول‪( :‬السام على هللا)؟‬

‫هللا) أي‪ :‬السامة تكون على هللا من عباده‪ ،‬وهذا ل شك أنه باطل‪ ،‬وإلساءة في األدب مع ما‬ ‫ُ‬
‫معنى (السام على ِ‬
‫يجب هلل جل وعا في ربوبيته وألسمائه وصفاته‪.‬‬
‫َّ‬
‫والعباد ليسوا هم الذين يعطون هللا السام‪،‬بل هم مسلمون يسلمهم هللا جل وعا ويفيض عليهم السام‪،‬‬

‫وهم الفقراء املحتاجون له لسبحانه‪.‬‬

‫‪[ 106‬فاطر‪.]15:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪138‬‬

‫‪ ‬ما معنى تحية املؤمنين لبعضهم‪( :‬السام عليكم ورحمة هللا وبركاته)؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫هذه التحية هي تحية املؤمنين في الدنيا وفي الِخرة ﴿ت ِح َّي ُت ُهم َيو َم َيلقون ُه َلسا )م﴾‪.107‬‬

‫وفي معناها قولن‪ ،‬وكاهما صواب‪:‬‬

‫األول‪ :‬الدعاء لك بالسامة في الدين وفي الدنيا و في األعضاء وفي الصفات والجوارح إلى آِخرذلك ‪ ،‬فكل السم هلل‬
‫ً‬
‫جل وعا عليكم؛ والسم السام عليكم‪ ،‬فيكون ذلك تبركا بكل ألسماء هللا جل وعا وبصفاته‪ ،‬ومنها السم هللا جل‬

‫وعا (السام)‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬تعني السامة التي اشتمل عليها السم (السام) نسأل هللا أن يفيضها عليكم‪.‬‬
‫َُّ‬ ‫ّ‬
‫أو أن يكون املعنى‪ :‬كل لسامة عليكم ِمني‪ ،‬فإنكم لن تجدوا مني إل السامة‪ ،‬وهذا يصدق حين تن ِكر‪ ،‬فتقول‪:‬‬

‫أِخفرك في عرضك‪ ،‬ولن أِخفرك في مال‪ ،‬ولن‬


‫لسام عليكم ورحمة هللا وبركاته؛ يعني كل لسامة مني لستأتيك فلن ِ‬
‫أِخفرك في نفسك‪.‬‬

‫‪ ‬ما الذي يجب على املسلم النتباه له في كامه؟‬

‫هنا تنبيه على فائدة مهمة وهي‪ :‬أن طالب العلم بالخصوص؛ بل كل عاقل بعامة‪ ،‬إذا نطق بكام ل بد أن يتبين‬
‫ً‬ ‫معنى هذا الكام‪ ،‬فإن كونه يستعمل ً‬
‫كاما ل يعي معناه هذا من العيب‪ ،‬وليس من أِخاق الرجال أصا أن‬

‫يتكلموا بكام ول يعون معناه‪ ،‬فيأتي بكام ثم ينقضه في فعله أو في قوله‪ ،‬فكثير من املسلمين يقول ملن أتاه‪:‬‬

‫(السام عليكم)‪ ،‬فهو كأنه عاهده بأنه لن تأتيه منه إل السامة‪ ،‬ثم هو يخفر هذه الذمة وربما أضره أو تناول‬
‫ً‬
‫عرضه أو تناول ماله أو نحو ذلك‪ ،‬فهذا ليس من أفعال الذين يعقلون‪ ،‬فضا عن أن يكون من أفعال أهل العلم‬

‫أو طلبة العلم الذين يعون عن هللا جل وعا شرعه ودينه‪.‬‬

‫‪[ 107‬األحزاب‪.]99:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫باب قول‪ :‬اللهم اغفر يل إن شئت‬

‫‪ ‬ما حقيقة التوحيد؟‬


‫هي أن ّ‬
‫يوحد العبد َّربه جل وعا بتمام الذل والخضوع واملحبة‪ ،‬وأن يتضرع إلى هللا جل وعا ويتذلل إليه في‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫إظهارفقره التام إليه‪ ،‬وأن هللا جل وعا هو الغني عما لسواه‪.‬‬
‫َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫في الصحيح عن أبي هريرة أن رلسول هللا ﷺ قال‪« :‬ل َيقل أ َح ُدك ُم‪ :‬الل ُه َّم اغ ِفر ِلي ِإن ِشئت‪ ،‬الل ُه َّم ار َحم ِني ِإن‬
‫َ ُ َ ّ ّ َ َ َ ّ َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫للا ل َيت َعاظ ُم ُه ش ي )ء أعط ُاه)‪.‬‬ ‫هللا ل ُمك ِر َه ل ُه»‪ ،‬وملسلم‪( :‬وليع ِظ ِم الرغبة‪ .‬ف ِإن‬ ‫ِشئت‪ِ .‬ل َيع ِزم املسألة‪ ،‬ف ِإن‬

‫‪ ‬ما حكم قول القائل‪( :‬اللهم اغفرلي إن شئت)‪ ،‬وملاذا؟‬

‫محرم‪ ،‬ألنه ُيظهرمن قائلها عدم تحقيقه للتوحيد‪ ،‬ومنافاته ملا يجب على العبد من إظهار فاقته وحاجته لربه‪،‬‬

‫و أنه ل غنى به عن مغفرة هللا وعن غنى هللا‪ ،‬وعن عفوه وكرمه و إفضاله و ِنعمه طرفة عين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫محتاجا لك ياهلل‪ ،‬إن شئت فحسن‪ ،‬وإن لم تشأ فلست‬ ‫فقوله‪( :‬اللهم اغفر لي إن شئت) كأنه يقول‪ :‬لست‬

‫بمحتاج‪ ،‬وهذا فعل أهل التكبروالعراض عن هللا جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما الذي يتوجب على الداعي عند لسؤاله ملوله؟‬

‫عليه أن يعزم في املسألة‪ ،‬أي يجب عليه أن يسأل لسؤال عازم‪ ،‬لسؤال محتاج‪ ،‬لسؤال متذلل‪ ،‬ل لسؤال مستغن‬
‫ً‬
‫مستكبر‪ ،‬فاهلل لسبحانه ل مكره له لتمام غناه‪ ،‬وتمام عزته وقهره وجبروته‪ ،‬وتمام كونه مقيتا لسبحانه وتعالى‪،‬‬

‫وهذه املعاني التي يستحضرها الداعي إنما هي من آثارفهمه لأللسماء والصفات‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪141‬‬

‫‪ ‬ملاذا أجازبعض العلماء قول‪( :‬رحمه هللا إن شاء هللا‪ ،‬أو غفرهللا له إن شاء هللا) في حين ُح ِّرم قول‬

‫اللهم اغفرلي إن شئت)؟ وما األدب الذي يجب أن يلتزم به الداعي في دعائه؟ وملاذا؟)‬

‫ألن هذا الدعاء‪( :‬رحمه هللا إن شاء هللا‪ ،‬أو غفر هللا له إن شاء هللا) ليس فيه ِخطاب هلل‪ ،‬لذا يكون التعليق‬
‫َ ً‬ ‫ً‬
‫باملشيئة ليس تعليقا ألجل عدم الحاجة أو ُمن َّبئا بعدم الحاجة‪ ،‬بل هو للتبرك‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن األدب يقتض ي أن ل يستعمل هذه العبارة في الدعاء مطلقا؛ ألنها وإن كانت ليست بمواجهة فإنها داِخلة‬

‫في تعليق الدعاء باملشيئة‪ ،‬وهللا جل وعا ل مكره له‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ َّ َ َ‬
‫هللا ل ُمك ِر َه ل ُه) يشمل هذه وهذه‪ ،‬فا شك أن قول‬ ‫فعموم التعليل وعموم املعنى املستفاد من قوله‪( :‬ف ِإن‬
‫ّ‬
‫الل ُه ّم اغفر لي إن شئ َت) أعظم‪ ،‬ولكن القول الِخر داِخل ً‬
‫أيضا في علة النهي ومعنى النهي‪ ،‬ولهذا ل يسوغ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫(‬

‫الستعماله‪.‬‬
‫‪ ‬هل في قوله عليه الصاة والسام ملن عاده وقد أصابته الحمى‪) « :‬‬
‫طهور إن شاء هللا» تعليق الدعاء‬

‫باملشيئة؟ وضح ذلك‪.‬‬


‫ً‬
‫طهورا إن شاء هللا‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬ألن هذا ليس فيه دعاء‪ ،‬و إنما هو ِخبر‪ ،‬فهو يقول‪ :‬يكون‬

‫أيضا من أهل العلم من شراح البخاري‪( :‬وقد يكون قوله‪( :‬طهور إن شاء هللا) للبركة‪ ،‬كقوله جل‬ ‫وقال طائفة ً‬

‫َ‬ ‫مخبرا عن قول يولسف‪﴿ :‬اد ُِخ ُلوا مص َر إن َش َاء َّ ُ‬


‫للا آ ِم ِنين﴾‪ ،108‬وهم قد دِخلوا مصر‪ ،‬وكقوله جل وعا‪:‬‬ ‫وعا ً‬
‫ِ ِ‬
‫َ ُ َّ َ ُُ َ ُ ََُ ّ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ َ‬
‫ام إن َش َاء َّ ُ‬
‫ين ل تخافون﴾‪.)109‬‬ ‫للا ِآم ِنين مح ِل ِقين رءولسكم ومق ِص ِر‬ ‫﴿لتدِخلن املس ِجد الحر ِ‬

‫باب ال يقول‪ :‬عبدي وأمتي‬

‫‪[ 108‬يوسف‪.]44:‬‬
‫‪[ 101‬الفتح‪.]19:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪141‬‬

‫‪ ‬ما عاقة هذا الباب بتحقيق التوحيد؟‬


‫َّ‬
‫ألن التوحيد ل يكون إل بأن ُيعظم هللا جل وعا في ربوبيته وفي إلهيته وفي ألسمائه وصفاته‪ ،‬وتحقيق التوحيد ل‬

‫يكون إل بالحتراس من األلفاظ التي يكون فيها إلساءة أدب مع ربوبية هللا جل وعا على ِخلقه أو مع ألسمائه‬

‫وصفاته‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ما لسبب النهي عن قول (عبدي وأمتي)؟ وبماذا الستبدل هذان اللفظان؟‬
‫ً‬
‫اِختيارا‪ ،‬فكل من في‬ ‫ألن عبودية البشر هلل جل وعا عبودية حقيقية‪ ،‬فاملخلوق عبد هلل جل وعا إما ً‬
‫قهرا أو‬
‫ََ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫األرض إ َّل آ ِتي َّ‬ ‫ُ َ‬
‫الرح َم ِن َعب ًدا (‪ )93‬لقد‬ ‫ات و ِ ِ‬
‫)‬
‫السماوات واألرض عبد هلل جل وعا كما قال‪ِ ﴿ :‬إن كل من ِفي السمو ِ‬
‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َأح َ‬
‫ص ُاهم َو َع َّد ُهم َع َّدا (‪َ )94‬وكل ُهم آ ِت ِيه َيو َم ال ِق َي َام ِة فر ًدا﴾‪ ،110‬فعبودية الخلق هلل جل وعا ظاهرة؛ ألنه هو‬
‫الرب وهو املتصرف وهو لسيد الخلق وهو ّ‬
‫املدبرلشؤونهم‪ ،‬فاهلل جل وعا هو املتفرد بذلك لسبحانه‪.‬‬

‫فإذا قال الرجل لرفيقه‪( :‬هذا عبدي‪ ،‬وهذه أمتي)‪ ،‬كان في نسبة عبوديتهم له منافاة لكمال األدب الواجب مع‬

‫هللا جل وعا‪ ،‬ولهذا كان هذا اللفظان غيرجائزين عند كثيرمن أهل العلم‪ ،‬ومكروه عند طوائف آِخرين‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬هات دليا على عدم جوازإطاق (الرب‪ ،‬والعبد) على السيد وموله؟ وبماذا تم الستبدالهما؟‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬
‫ومول َي‪،‬‬ ‫في الصحيح عن أبي هريرة أن رلسول هللا ﷺ قال‪( :‬ل َيقل أ َح ُدكم‪ :‬أط ِعم َرّب َك‪َ ،‬و ّض ئ َرّب َك‪َ .‬ول َيقل‪َ :‬لس ّي ِدي‪،‬‬
‫ُ َ‬ ‫ََ َ َُ ََ َ ََ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫اي‪ ،‬وفتا ِتي‪ ،‬وغا ِمي)‪.‬‬ ‫َول َيقل أ َح ُدكم‪َ :‬عب ِدي‪ ،‬وأم ِتي‪ ،‬وليقل‪ :‬فت‬
‫َ ُ َ ُ َ‬
‫‪ ‬ما قولي العلماء في النهي الوارد في قوله صلى هللا عليه ولسلم‪( :‬ل َيقل أ َح ُدكم‪ :‬أط ِعم َرّب َك‪َ ،‬و ّض ئ َرّب َك‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ََ َ َُ ََ َ ََ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫اي‪ ،‬وفتا ِتي‪ ،‬وغا ِمي)‬ ‫ومول َي‪َ ،‬ول َيقل أ َح ُدكم‪َ :‬عب ِدي‪ ،‬وأم ِتي‪ ،‬وليقل‪ :‬فت‬ ‫َول َيقل‪َ :‬لس ّي ِدي‪،‬‬

‫هذا النهي في هذا الحديث اِختلف فيه أهل العلم على قولين‪:‬‬

‫‪[ 110‬مريم‪.]45-46:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪142‬‬

‫األول‪ :‬أنه للتحريم؛ ألن النهي األصل فيه للتحريم إل إذا صرفه عن ذلك األصل صارف‪.‬‬

‫وقال آِخرون‪ :‬النهي هنا للكراهة؛ وذلك ألنه من جهة األدب؛ وألنه جاء في القرآن من قول يولسف عليه السام‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ّ َ َ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫ان ذك َر َرّبه َف َلب َث في ّ‬ ‫ُ‬
‫السج ِن ِبض َع ِلس ِنين﴾‪ ،111‬وألن املقصود بالربوبية هنا بما‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿اذكرِني ِعند رِبك فأنساه الشيط‬

‫ينالسب البشر‪ ،‬فرب الدار ورب العبد هو الذي يملك أمره في هذه الدنيا‪ ،‬فلهذا قالوا النهي للكراهة وليس‬

‫للتحريم‪ ،‬مع ما جاء في بعض األحاديث من جوازأو من تجويزإطاق بعض تلك األلفاظ‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫شخصا؟‬ ‫ومول َي) السيد هو هللا‪ ،‬فمتى يجوز أن أعرف به‬ ‫‪َ ( ‬ول َيقل‪َ :‬لس ّي ِدي‪،‬‬

‫السيادة بالضافة ل بأس بها؛ ألن للبشرلسيادة تنالسبه (لسيدي)‪.‬‬


‫َ‬
‫وكذلك َ(مول َي)‪ ،‬املولى يأتي على معان كثيرة‪ ،‬وأن يخاطب البشر بقوله مولي أجازه طائفة من أهل العلم بناء‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ومول َي)‪ ،‬وهما ليسا في مقام (ربك) أو (عبدي) و(أمتي)؛ ألن ذلك أعظم‬ ‫على هذا الحديث قال‪َ ( :‬ول َيقل‪َ :‬لس ّي ِدي‪،‬‬

‫درجة وواضح أن فيها اِختصاص العبودية باهلل جل وعا‪ ،‬وإطاق ذلك على البشرل يجوز‪.‬‬

‫‪ ‬هل يجوز إضافة الربوبية إلى غيراملكلف؟ ملاذا؟‬

‫ل بأس بذلك؛ ألن حقيقة العبودية ل تتصور فيها‪ ،‬كأن نقول‪( :‬رب الدار) و(رب املنزل) و(رب املال) ونحو ذلك‪،‬‬
‫َّ‬
‫فإن الدارواملنزل واملال ليست بأشياء مكلفة باألمروالنهي‪ ،‬فلهذا ل تنصرف األذهان أو يذهب القلب إلى أن ثمة‬

‫نوع من عبودية هذه األشياء ملن أضيفت إليه؛ بل إن ذلك معروف بأنه إضافة ملك؛ ألنها ليست مخاطبة باألمر‬

‫والنهي وليس يحصل منها ِخضوع أو تذلل‪.‬‬

‫ُ‬
‫باب ال يرد من سأل اهلل‬

‫‪[ 111‬يوسف‪.]91:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪143‬‬

‫‪ ‬بم يشابه هذا الباب ما قبله من األبواب؟‬

‫هذا الباب مع الباب الذي قبله ومع ما لسبق كلها في تعظيم هللا جل وعا وربوبيته وألسمائه وصفاته؛ ألن تعظيم‬

‫ذلك من إكمال التوحيد ومن تحقيق التوحيد‪.‬‬

‫ومن لسأل باهلل جل جاله فقد لسأل بعظيم‪ ،‬ومن الستعاذ باهلل فقد الستعاذ بعظيم؛ بل الستعاذ بمن له هذا‬
‫امللكوت وله تدبيراألمر‪ ،‬كل ما تراه وما ل تراه )‬
‫عبد له جل وعا‪.‬‬

‫ً‬
‫‪ ‬ما الذي يدفع املسؤول أل يرد لسائا جعل هللا ولسيلته لبلوغ لسؤله؟‬
‫َ‬
‫تعظيم هللا جل وعا‪ ،‬فالذي في قلبه تعظيم هلل جل وعا ينتفض إذا ذكرهللا‪ ،‬كما قال لسبحانه ﴿ ِإ َّن َما املُؤ ِم ُنون‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ ُ‬
‫للا َو ِجلت قل ُوب ُهم﴾‪ .112‬فكيف ُيرد من جعل مالك كل ش يء ولسيلة حتى تقبل لسؤاله‪.‬‬ ‫ال ِذين ِإذا ذ ِكر‬

‫أحدا جعل‬ ‫رادا له؛ ألنه معظم هلل مجل له جل وعا‪ ،‬فا َيرد ً‬ ‫أحد باهلل فإن قلب املوحد ل يكون ً‬ ‫فإذا لسأل )‬

‫ولسيلته إليه رب العزة لسبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪ ‬ما رأي أهل العلم فيمن لسأل باهلل؟‬

‫أهل العلم قالوا‪ :‬السائل باهلل قد تجب إجابته َويحرم رده‪ ،‬وقد ل يجب ذلك‪ ،‬وهذا القول قول شيخ اللسام‬

‫ابن تيمية واِختيارعدد من املحققين بعده‪ .‬فلهم في هذه املسألة أقوال‪:‬‬


‫ً‬
‫القول األول‪ :‬فهو أن من لسأل باهلل َح ُر َم أن يرد مطلقا‪.‬‬

‫والقول الثاني‪ :‬أن من لسأل باهلل الستحب إجابته‪ ،‬وكره رده‪.‬‬


‫ً‬
‫مستحبا‪ ،‬وقد ل يكون كذلك‪،‬‬ ‫والقول الثالث‪ :‬ما ذكره شيخ اللسام ابن تيمية أنه قد يكون و ً‬
‫اجبا وقد يكون‬
‫يعني يكون ً‬
‫مباحا‪.‬‬

‫‪[ 111‬األنفال‪.]1:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪144‬‬

‫مستحبا‪ ،‬ومتى يكون ً‬


‫مباحا –كما وضحه ابن تيمية‪-‬؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫محرما؟ ومتى يكون‬ ‫‪ ‬متى يكون عدم رد السائل‬

‫‪ o‬يحرم رد السائل باهلل إذا توجه ملعين في أمر معين‪ِ ،‬خصه بهذا التوجه ولسأله باهلل أن يعينه‪ ،‬وهو قادر على أن‬
‫يؤتيه مطلوبه‪ ،‬أي أنه ل يكون قد لسأل ً‬
‫عددا من الناس باهلل ليحصل على ش يء‪ ،‬فلهذا لم يدِخل فيه السائل‬

‫الفقيرالذي يأتي فيسأل هذا ويسأل هذا ويسأل هذا ويسأل هذا‪.‬‬

‫‪ o‬ويستحب فيما إذا كان التوجه ليس ملعين‪ ،‬كان يسأل فان وفان وفان‪.‬‬

‫‪ o‬ويباح فيما إذا كان من لسأل باهلل يعرف منه الكذب‪.‬‬

‫وقوله هنا (باب ل يرد من لسأل باهلل) فيه عموم ألجل الحديث الوارد‪.‬‬
‫َ‬
‫فأع ُط ُ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫تعظيما هلل جل‬ ‫وه) ملاذا؟‬ ‫قال‪( :‬عن ابن عمر رض ي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪َ ( :‬و َمن َلسأ َل باهلل‬
‫َ ُ‬
‫يذ ُ‬ ‫َ َ‬
‫وه) أي‪ :‬من الستعاذ منك باهلل فيجب أن تعيذه‪ ،‬فقال‪" :‬أعوذ باهلل منك"؛‬ ‫وعا‪(َ ،‬و َم ِن الست َعاذ باهلل فأ ِع‬
‫ً‬
‫تعظيما هلل جل جاله‪ ،‬تجيبه إلى ذلك وتتركه؛ ألن من الستعاذ باهلل فقد الستعاذ بأعظم مستعاذ به‪ ،‬ولهذا في‬
‫قصة َ‬
‫الجونية التي دِخل عليها النبي ﷺ‪ ،‬فلما اقترب منها عليه الصاة والسام قالت له‪( :‬أعوذ باهلل منك)‪.‬‬

‫الستعذت َبم َعاذ‪ ،‬الحقي بأهلك»‪ .113‬الستعاذت باهلل منه فتركها‬


‫ِ‬ ‫فابتعد عنها عليه الصاة والسام وقال‪« :‬لقد‬

‫عليه الصاة والسام‪.‬‬


‫ََ َ َ ُ َ‬
‫فأج ُيب ُ‬
‫وه) عامة أهل العلم‪ 114‬على أن هذا مخصوص بدعوة العرس‪ ،‬وليس في كل الدعوات‪،‬‬ ‫قال‪( :‬ومن دعاكم ِ‬
‫وأما لسائرالدعوات فهي على اللستحباب‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫باهلل‬
‫باهلل فأعطوه‪ ،‬م ِن الستعاذ ِ‬ ‫‪ ‬عن ابن عمر رض ي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رلسول هللا ﷺ‪« :‬من لسأ َل ِ‬
‫َُ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ ََ َ َ ُ َ ُ ُ ََ َََ َ ُ َ ُ ً‬
‫وفا َف َكاف ُئ ُ‬
‫وه‪ِ ،‬فإن لم ت ِج ُدوا ما تكا ِفئون ُه فاد ُعوا‬ ‫ِ‬ ‫فأ ِعيذوه‪ ،‬ومن دعاكم فأ ِجيبوه‪ ،‬ومن صنع ِإليكم معر‬

‫موه»‪ .‬رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح‪.‬‬ ‫َل ُه َح ّتى َت َروا َأ ّن ُكم َقد َكافأ ُت ُ‬

‫‪ 113‬أخرجه البخاري (‪.)1114‬‬


‫‪ 114‬وقد خالف الظاهرية فقالوا أنها تجب في كل الدعوات [العثيمين‪ ،‬القول المفيد‪ ،‬ص ‪.]161‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫‪ ‬كيف يمكن أن يكافأ صاحب املعروف؟ وما عاقة ذلك بالتوحيد؟‬

‫يكافأ بجنس معروفه؛ إن كان معروفه من جهة املال فكافئه من جهة املال؛ يعني بما يشمل الهدايا املختلفة‪،‬‬

‫إن كان معروفه من جهة الجاه فكافئه من جهة الجاه‪ ،‬وإذا لم تجد ما تكافئه من جهة الجاه فيكون من جهة‬

‫الهدية‪.‬‬
‫ن ّ‬
‫أن الذي ُ‬
‫صنع له معروف يكون في قلبه ميل ونوع تذلل وِخضوع في‬ ‫وعاقة ذلك بالتوحيد كما قال املحققو ‪:‬‬

‫قلبه والسترواح لهذا الذي صنع إليه املعروف‪.‬‬


‫ومعلوم أن تحقيق التوحيد أن يكون القلب ً‬
‫ِخاليا من كل ما لسوى هللا جل جاله‪ ،‬وأن يكون ذله وِخضوعه‬

‫وعرفانه بالجميل هو هلل جل وعا‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ً‬
‫فخلص القلب من رؤية ذلك‬ ‫وتخليص القلب من ذلك يكون باملكافأة على املعروف‪ ،‬و أنه إذا أدى إليك معروفا ِ‬
‫َ ّ َ َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َُ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫(فإن لم ت ِج ُدوا ما تكا ِفئون ُه فاد ُعوا ل ُه َحتى ت َروا أنكم قد كافأتمو ُه)‪،‬‬
‫املعروف بأن ترد إليه معروفه‪ ،‬ولهذا قال‪ِ :‬‬
‫وذلك ألجل أن يتخلص القلب من أثرذلك املعروف‪ ،‬فا يكون فيه لسوى هللا جل وعا‪ ،‬وهذه مقامات ل يدركها‬

‫إل أرباب الِخاص وتحقيق التوحيد‪ .‬جعلنا هللا و إياكم منهم‪.‬‬

‫ُ‬
‫باب ال يسأل بوجه اهلل إال اجلنة‬

‫‪ ‬فيم يشابه الشيخ محمد بن عبد الوهاب ‪-‬في تبويبه لكتابه‪ -‬الشيخ البخاري؟‬

‫الشيخ رحمه هللا صنع كصنيع البخاري في صحيحه‪ ،‬والبخاري في صحيحه على ثاثة أصناف‪:‬‬

‫باب) ُويكمل أو تقول (باب) وتسكت‪ ،‬ثم تكمل الكام‪.‬‬ ‫● تارة يضيف فيقول ( ُ‬
‫باب كذا) وتارة يقول ( )‬

‫هذه ثاثة أصناف في البخاري جارية في هذا الكتاب ‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪146‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫منالسبته ظاهرة‪ :‬وهي تعظيم صفات هللا جل وعا ‪-‬لسواء في ذلك صفات الذات أو صفات الفعل‪ -‬هذا من‬

‫تحقيق التوحيد ومن كمال األدب والتعظيم هلل جل وعا‪ ،‬فإن تعظيم هللا جل جاله‪ ،‬وتعظيم ألسمائه وتعظيم‬

‫صفاته يكون بأنحاء وأشياء متنوعة‪ ،‬ومن ذلك أنك ل تسأل باهلل أو بوجه هللا أو بصفات هللا جل جاله إل‬

‫املطالب العظيمة التي أعاها الجنة‪ ،‬فقال (باب ل ُيسأل بوجه هللا إل الجنة)‪) ،‬ل ُيسأل) هذا نفي‪ ،‬والنفي هنا‬
‫َ‬
‫متضمن النهي املؤكد كأنه قال‪( :‬ل َيسأل) بوجه هللا إل الجنة‪ ،‬أو (ل تسأل) بوجه هللا إل الجنة‪ ،‬فعدل عن‬

‫النهي إلى النفي لكي يتضمن أن هذا منهي عنه‪ ،‬و أنه ل يسوغ وقوعه أصا‪ ،‬وفي ذلك تعظيم هللا جل جاله‬

‫وتعظيم توحيده وتعظيم ألسماء هللا جل وعا وصفاته‪.‬‬


‫‪(- ‬ل ُيسأل بوجه هللا)‪،‬ما املقصود بالوجه؟ وما الواجب علينا حين نصف أن هلل ً‬
‫وجها؟‬

‫الوجه في اللغة‪ :‬ما يواجه به‪ ،‬وهو مجمع أكثر الصفات في اللغة‪ ،‬ووجه هللا جل جاله صفة ذات من صفاته‬

‫لسبحانه‪ ..‬هلل جل وعا متصف بالوجه على ما يليق بجاله وعظمته‪ ،‬نثبت ذلك إثباتا نعلم أصل املعنى‪ ،‬ولكن‬
‫َ‬
‫كمال املعنى أو الكيفية فإننا ن ِكل ذلك إلى عامله وإلى املتصف به جل جاله؛ ولكن نثبت على أصل عدم التمثيل‬
‫س َكمثله َش ي )ء َو ُه َو َّ‬ ‫َ‬
‫الس ِم ُيع ال َب ِص ُير﴾‪.115‬‬ ‫والتعطيل كما قال جل وعا‪﴿ :‬لي َ ِ ِ ِ‬
‫‪ ‬هل يسأل بوجه هللا بلوغ الجنة؟ اذكررأي العلماء في ذلك‪..‬‬
‫ً‬
‫صالحا‪.‬‬ ‫الجنة هي دارالكرامة التي أعدها هللا جل وعا للمكلفين من عباده الذين أجابوا رلسله ووحدوه وعملوا‬

‫والجنة هي أعظم مطلوب؛ ألن الحصول عليها حصول على أعظم ما يسربه العبد‪ ،‬فلهذا كان من غيرالسائغ‬

‫والائق بل كان من غيرالجائزأن ُيسأل هللا جل وعا بنفسه أو بوجهه أو بصفة من صفاته أو بالسم من ألسمائه‬

‫‪[ 111‬الشورى‪.]11:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪147‬‬

‫الحسنى إل أعظم مطلوب‪ ،‬فإن هللا جل جاله ل ُيسأل بصفاته األشياء الحقيرة الوضيعة؛ بل يسأل أعظم‬

‫املطلوب وذلك لكي يتنالسب السؤال مع ولسيلة السؤال‪.‬‬

‫قال العلماء‪ :‬إن وجه هللا جل جاله ُيسأل به الجنة‪ ،‬ول يجوز أن يسأل به غيرها إل ما كان ولسيلة إلى الجنة أو‬

‫كان من األمور العظيمة التي هي من جنس السؤال بالجنة‪ ،‬أو من لوازم السؤال بالجنة كالنجاة من النار‬

‫وكالتثبيت عند السؤال ونحو ذلك‪ ،‬فاألمراملطلوب الجنة أو ما قرب إليها من قول أو عمل‪ ،‬والنجاة من النارأو‬

‫‪.‬ما قرب إليها من قول وعمل‪ ،‬هذا يجوز أن تسأل هللا جل وعا إياه متولسا بوجهه العظيم لسبحانه وتعالى‬

‫وأما غيرالوجه من الصفات أو من األلسماء فاألدب أن ل تسأل إل في املطالب العظيمة‪ ،‬وإذا كان ثم ش يء من‬

‫املطالب الوضيعة أو التي تحتاجها مما ليس بعظيم فا يكن‪..‬‬

‫‪ ‬ما معنى هذا الباب (ل ُيسأل بوجه هللا إل الجنة)؟‬

‫معناه أن تعظيم صفات هللا جل وعا في أل تدعو هللا بها إل في األمور الجليلة‪ ،‬فا تسأل هللا جل وعا بوجهه أو‬

‫بالسمه األعظم أو نحو ذلك في أمور حقيرة وضيعة ل تنالسب تعظيم ذلك اللسم‪.‬‬

‫باب ما جاء يف الـ (لو)‬

‫‪ ‬ملاذا عقد املؤلف هذا الباب؟‬

‫عقد املصنف هذا الباب؛ ألن كثيرمن الناس يعترضون على القدرمن جهة أفعالهم؛ يظنون أنهم لوفعلوا أشياء‬
‫قدرالفعل ّ‬
‫وقدرنتيجته فالكل مو افق لحكمته لسبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫لتغيرالحال‪ ،‬وهللا جل وعا قد ّ‬

‫‪ ‬ما الواجب على املسلم أمام قضاء هللا وقدره؟ وما أثرترداده قول (لو) على قلبه؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪148‬‬

‫الواجب عليه أن يعلم أن قضاء هللا نافذ وأن قدره ماض وأن ما لسبق من الفعل قد قدره هللا جل وعا وقدر‬

‫نتائجه‪ ،‬فالعبد ل يمكنه أن يرجع إلى املاض ي فيغير‪..‬‬

‫‪-‬الستعمال لفظ )لو) أو لفظ )ليت) وما أشبهها من األلفاظ التي تدل على الندم وعلى التحسر على ما فات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ُيضعف القلب‪ ،‬ويجعله متعلقا باأللسباب منصرفا عن اليقان بتصريف هللا جل وعا في ملكوته‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يمكن أن يحقق املسلم كمال التوحيد أمام أقدارهللا؟‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪-‬قلب املؤمن ل يكون محققا ِ‬
‫مكما للتوحيد حتى يعلم أن كل ش يء بقضاء هللا جل وعا وبقدره‪ ،‬وأن ما فعله‬

‫لسبب من األلسباب‪ ،‬وهللا جل وعا مض ى قدره في ِخلقه‪ ،‬و أنه مهما فعل فإنه لن يحجز قدرهللا جل وعا‪ ،‬فإذا‬
‫ّ‬
‫معظما هلل جل وعا في تصرفه في ملكوته‪ ،‬وكان القلب ل يخالطه تمني أن يكون ش يء فات‬
‫كان كذلك كان القلب ِ‬
‫على غيرما كان‪ ،‬و أنه لو فعل أشياء لتغيرذلك السابق‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يمكن للمسلم أن يجعل من ماضيه املؤلم منحة يتقلب في أجورها وحسناتها؟‬

‫إن كان قد أصيب بمصيبة فعليه أن يصبر عليها‪ ،‬وأن يرض ى بفعل هللا جل وعا‪ ،‬ويبتعد عن التمني وقول‪ :‬لو‬

‫كان فعلت كذا ملا حصل كذا‪..‬‬

‫وإذا كان ما أصابه في املاض ي معصية فإن عليه أن يسارع في التوبة والنابة‪ ،‬وأن ل يقول لو كان كذا لم يكن‬

‫كذا؛ بل يجب عليه أن يسارع في التوبة والنابة حتى يمحو أثراملعصية‪.‬‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال لسبحانه‪َ ﴿ :‬و إ ّني َل َغ َّف )ارملَن َت َ‬
‫ص ِال ًحا ث َّم اهت َدى﴾‪.116‬‬
‫اب َو َء َام َن َو َعم َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫‪ ‬ما أثرلسوء الظن باهلل على كمال التوحيد؟‬

‫الشيطان قد يدِخل على القلب فيجعله يس يء الظن بربه جل وعا وبقضائه وقدره‪ ،‬وإذا دِخلت إلساءة الظن‬
‫باهلل ُ‬
‫ضعف التوحيد ولم يحقق العبد ما يجب عليه من اليمان بالقدرواليمان بأفعال هللا جل جاله‪..‬‬

‫‪[ 116‬طه‪.]21:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪149‬‬

‫َّ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ ََ‬


‫ين قالوا لِخ َو ِانهم‬‫قال‪ :‬وقول هللا تعالى ‪َ ﴿:‬يقولون لو كان لنا ِم َن األم ِر ش ي )ء َما ق ِتلنا َها ُهنا﴾‪ ،117‬وقوله‪﴿ :‬ال ِذ‬
‫ََ َُ َ َ ُ َ ُ ُ‬
‫اعونا َما ق ِتلوا﴾‪)118‬‬‫وقعدوا لو أط‬

‫‪ ‬ما منالسبة اليتين السابقين ملوضوع الباب؟‬

‫منالسبة اليتين للباب ظاهرة‪ ،‬وهو أن التحسرعلى املاض ي بالتيان بلفظ (لو) إنما كان من ِخصال املنافقين‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ََ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫قال‪( :‬في الصحيح عن أبي هريرة رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪« :‬اح ِرص عل َى ما ينفعك والست ِعن ِب ِ‬
‫الِل‪.‬‬
‫َ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ص َاب َك َش ي )ء َف َا َت ُقل‪َ :‬لو َأ ّني َف َعل ُت كذا َلك َان كذا َوك َذا‪َ .‬و َلكن ُقل‪َ :‬ق َّد ُر ّ ُ‬
‫للا‪َ .‬و َما ش َاء ف َع َل‪ .‬ف ِإن‬ ‫َو َل َتعج َزن‪َ .‬وإن َأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫لو تفت ُح َع َم َل الشيط ِان»)‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الحديث بموضوع الباب؟‬


‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َّ َ ُ ََ‬ ‫وجه منالسبة هذا الحديث قوله‪(َ :‬وإن َأ َ‬
‫ص َاب َك ش ي )ء فا تقل‪ :‬لو أني ف َعلت لكان كذا وكذا) )لو) هنا كانت على‬ ‫ِ‬
‫َ َ ََُ‬ ‫املاض ي َ(أ َ‬
‫ص َاب َك ش ي )ء فا تقل)‬

‫‪ ‬ما حكم قول‪( :‬لو) عند وقوع املصاب؟ وملاذا؟‬

‫(فا تقل) هذا نهي للتحريم‪ ،‬ألن فيه لسوء ظن باهلل‪ ،‬وألنه فتح عمل الشيطان‪ ،‬فالشيطان يأتي املصاب فيغريه‬

‫بـ(لو) حتى إذا الستعملها ضعف قلبه وعجزوظن أنه لسيغيرمن قدرهللا شيئا‪ ،‬وهو ل يستطيع ذلك‪ ،‬بل قدرهللا‬
‫َ َ‬ ‫ماض‪ ،‬ولهذا أرشده عليه الصاة والسام أن يقول‪َ ( :‬ق َّد ُر ّ ُ‬
‫للا َو َما ش َاء ف َع َل)‪.‬‬

‫‪ ‬هل يجوز أن نقول (لو) ألمرقد يحدث في املستقبل؟‬

‫‪[ 117‬آل عمران‪.]159:‬‬


‫‪[ 118‬آل عمران‪.]162:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫الستعمال (لو) في املستقبل إذا كانت في الخير‪ ،‬مع رجاء ما عند هللا بالعانة على ألسباب الخير‪ ،‬فهذا جائزفقد‬

‫الستعملها النبي عليه الصاة والسام حين قال‪« :‬لو الستقبلت من أمري ما الستدبرت ملا لسقت الهدي ولجعلتها‬

‫عمرة»‪ .‬أما إذا كان على وجه التجبرواللستعظام فإنه ل يجوز؛ ألن فيه نوع تحكم على القدر‬
‫ً‬
‫والستعظاما لفعلهم وقدرتهم‪ ،‬فإن هذا‬ ‫كقول بعض الجاهليين‪ :‬لو حصل لي كذا لفعلت كذا‪ً .‬‬
‫تكبرا و أنفة‬

‫يكون من املنهي؛ ألن فيه تجبرا‪ ،‬وفيه تعاظما‪ ،‬والواجب على العبد أن يكون ذليا؛ ألن القضاء والقدرماض‪،‬‬
‫َ ُ َّ َ َ َ َ َ‬
‫هللا ل ِئن‬ ‫وقد يحصل له الفعل‪ ،‬ولكن ينقلب على عقبيه‪ ،‬كحال الذي قال هللا جل وعا فيه‪﴿ :‬و ِمنهم من عاهد‬
‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ص َّد َق َّن َو َل َن َك ُو َن َّن م َن َّ‬ ‫َء َات َانا من َفضله َل َن َّ‬
‫ضون‬ ‫الص ِال ِحين (‪ )75‬فل َّما َءات ُاهم ِّمن فض ِل ِه َب ِخلوا ِب ِه َوت َولوا َّو ُهم مع ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫وه َو ِب َما كانوا َيك ِذ ُبون﴾‪ ،119‬فإنهم قالوا‪ :‬لو‬ ‫(‪َ )76‬ف َأع َق َب ُهم ن َف ًاقا في ُق ُلوبهم إ َلى َيوم َيل َقو َن ُه ب َما َأِخ َل ُفوا َ‬
‫هللا َما َو َع ُد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ضون﴾‪،‬‬ ‫كان لنا كذا وكذا وكذا لفعلنا كذا وكذا‪ ،‬فلما أعطاهم هللا جل وعا املال ﴿ َب ِخلوا ِب ِه َوت َولوا َّو ُهم مع ِر‬

‫فهذا فيه نوع تحكم على القدروتعاظم‪.‬‬

‫باب النهي عن سب الريح‬

‫ما حقيقة الريح؟ وما حكم لسبها؟‬ ‫‪‬‬


‫ً‬
‫الريح مخلوق من مخلوقات هللا مسخر‪ ،‬وهي واحدة الرياح‪ ،‬يجريها هللا جل وعا كما يشاء‪ ،‬وهي ل تملك شيئا‪،‬‬
‫ً‬
‫شيئا ول يدبر ً‬
‫أمرا‪ ،‬فسب الريح كسب الدهر‪ ،‬يرجع في الحقيقة إلى أذية هللا جل وعا؛ ألن هللا‬ ‫كالدهر ل يملك‬

‫‪[ 111‬التوبة‪.]99-95:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫يصرف الريح كيف يشاء‪ ،‬لذا ُح ِرم لسبها‪ ،‬وقد أفرد الشيخ هذا الباب لكثرة وقوعه‪ ،‬وللحاجة إلى التنبيه‬
‫ّ‬
‫هوالذي ِ‬
‫على حكمه‪.‬‬

‫ما الحالت التي تأتي عليها الريح؟‬ ‫‪‬‬


‫ّ‬
‫فيذكر هللا العباد بالتوبة والنابة‪ ،‬ويذكرهم بمعرفة قدرته عليهم‪ ،‬و أنه ل غنى لهم‬
‫قد تأتي الريح بأمر مكروه‪ِ ،‬‬
‫عنه جل وعا طرفة عين‪..‬‬
‫وقد يأتي بالريح فيجعلها ً‬
‫رياحا‪ ،‬فيسخرها جل وعا ملا فيه مصلحة العباد‪..‬‬

‫كيف يكون لسب الناس للريح؟ لسب الريح يكون بشتمها أو بلعنها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫هل وصف الريح‪ ،‬أو وصف األضرارالذي نتجت عنها يعد ً‬
‫لسبا لها؟ هات دليا على ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫صر َعا ِت َية (‪َ )6‬سخ َر َها َعلي ِهم َلسب َع ل َيال‬
‫صر َ‬
‫ل‪ ،‬ليس من لسبها أن توصف بالشدة كقول هللا جل وعا‪﴿ :‬بريح َ‬
‫ِِ‬
‫)‬
‫صر َعا ِت َية﴾ هذا وصف لها‪ ،‬ووصفها باألوصاف التي يكون فيها شر على‬ ‫صر َ‬
‫وما﴾‪﴿ ،110‬بريح َ‬ ‫َو َث َمان َي َة َأ َّيام ُح ُس ً‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الر ِم ِيم﴾‪ ،111‬ليس هذا من املنهي عنه‪.‬‬ ‫من أتت عليه كقوله‪َ ﴿ :‬ما َت َذ ُر ِمن َش يء َأ َتت َع َلي ِه إل َج َع َلت ُه َك َّ‬
‫ِ‬
‫ما الذكرالوارد عن الرلسول ﷺ عند هبوب الريح؟‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫َ َُ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يح‪ِ ،‬فإذا َرأيتم ما تك َر ُهون فقولوا‪ :‬ال ُله ّم ِإنا‬
‫عن أ َب ّي ِبن كعب رض ي هللا عنه‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪( :‬ل ت ُس ّبوا الر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َنس َأ ُل َك من َِخير َه ِذ ِه ّ‬
‫الر ِيح َوِخي ِرما ِف َيها َوِخي ِرما أ ِم َرت ِب ِه)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من الذي يأمرالريح؟ ومن الذين يصرفونها؟‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫الريح ل تكون إل بأمر هللا‪ ،‬وهو الذي يرلسلها كيف يشاء‪َ ،‬ويص ِرفها ‪-‬أيضا‪ -‬جل وعا عمن يشاء‪ ،‬فهي مسخرة‬

‫بأمره جل وعا‪..‬‬

‫‪[ 110‬الحاقة‪.]9-6:‬‬
‫‪[ 111‬الذاريات‪.]91:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪152‬‬

‫ّ‬
‫تصرف الريح بأمره جل وعا‪ ،‬فللريح مائكة تصرفها كيف شاء ربنا جل وعا وتقدس وتعاظم‪،‬‬
‫واملائكة هي التي ِ‬
‫فيها ِخيروقد يكون فيها عذاب‪.‬‬
‫َ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫قال عليه الصاة والسام‪ِ ( :‬إذا َرأيتم ما تك َر ُهون فقولوا) ما الذي قد يكرهه الناس في الريح؟‬

‫قد يكرهون صفة الريح‪ ،‬وقد يكرهون جهة الريح ‪-‬يعني صفتها من جهة السرعة أو التجاه‪ ،-‬وقد يكون من جهة‬

‫لونها‪ ،‬وقد يكون من جهة أثرها‪..‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬ما لسبب ِخوف الرلسول ﷺ وفزعه عند رؤيته شيئا في السماء؟ ومتى يسرى عنه؟ هات دليا على ذلك‪.‬‬

‫ِخشية أن تكون الريح مرلسلة بالعذاب‪ ..‬ويسر عندما تمطر السماء ‪ ،‬والدليل‪ :‬كان النبي عليه الصاة والسام‬
‫كان إذا رأى شيئا في السماء أقبل وأدبرودِخل وِخرج ُورؤي ذلك في وجهه حتى تمطرالسماء ُ‬
‫في َس َّرعنه ويسرعليه‬

‫الصاة والسام‪ ،‬قالت له عائشة‪ :‬يا رلسول هللا ملا ذاك؟ قال‪( :‬ألم تسمعي لقول أولئك ‪-‬أوكما قال عليه الصاة‬
‫يح ف َيها َع َذ )‬
‫)‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ ) ُ‬ ‫ََ َ ُ َ ً ُ َ‬
‫اب‬ ‫والسام‪﴿ -‬فل َّما َرأوه ع ِارضا مستق ِب َل أو ِدي ِت ِهم قالوا هذا ع ِارض مم ِط ُرنا بل هو ما الستعجلتم ِب ِه ِر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َأ ِل )‬
‫يم (‪ )24‬ت َد ِّم ُرك َّل ش يء ِبأم ِر َرِّب َها﴾‪.122‬‬

‫يتعرف إلى عباده بالشدة حتى يعرفوا ويعلموا ربوبيته وقهره‬ ‫يتعرف إلى عباده بالرِخاء‪ ،‬كما أنه َّ‬ ‫هللا جل وعا ّ‬

‫وجبروته ويعلموا حلمه وتودده ورحمته أيضا لعباده‪ ،‬فيجب على املسلم الخوف من هللا جل جاله إذا ظهرت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه الحوادث أو التغيرات في السماء أو في األرض‪ ،‬وعليه أن يدعو هللا ويستغيث به ويسأله بقوله‪( :‬ال ُله ّم ِإنا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫وذ ب َك من َش ّر َه ِذ ِه ّ‬
‫الر ِيح َوش ّر ما ِف َيها َوش ّر ما أ ِم َرت‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫نسألك ِمن ِخي ِر ه ِذ ِه الر ِيح وِخي ِر ما ِفيها وِخي ِر ما أ ِمرت ِب ِه ونع ِ ِ‬
‫ِب ِه) صححه الترمذي‪.‬‬

‫‪[ 111‬األحقاف‪.]15-19:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪153‬‬

‫َ ُ َ َّ َ َ َ ّ َ َّ َ َّ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ‬
‫اه ِلي ِة يقولون هل لنا ِمن األم ِر‬ ‫الِل غير الح ِق ظن الج ِ‬ ‫باب قول هللا تعالى‪﴿ :‬يظنون ِب ِ‬
‫الظ ّان َين باهلل َظ َّن َّ‬
‫َّ‬ ‫َ ُ َّ َ‬
‫األم َر ُك َّل ُه َّ‬
‫السو ِء‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫وقوله‬ ‫‪،‬‬ ‫]‬‫‪154‬‬‫‪:‬‬ ‫ان‬
‫ر‬ ‫عم‬ ‫آل‬ ‫[‬ ‫الية‬ ‫﴾‬ ‫لِل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِمن ش يء قل ِإن‬

‫السو ِء﴾ الية[الفتح‪]6:‬‬ ‫َع َليهم َدائ َر ُة َّ‬


‫ِ ِ‬

‫‪ ‬ما هو ظن السوء الذي ظنه املنافقون واملشركون باهلل لسبحانه وتعالى كما ذكره ابن القيم؟ وملاذا ُعد‬

‫هذا الظن من الظن السوء؟‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قال ابن القيم في الية‪( :‬ف ِ ّسرهذا الظن بأنه لسبحانه‪:‬ل ينصررلسوله ﷺ‪ ،‬وأن أمره لسيضمحل ‪ ،‬وفسربأن‬
‫ما أصابه لم يكن بقدرهللا وحكمته‪ ،‬ففسر بإنكارالحكمة‪ ،‬و إنكارالقدر‪ ،‬و إنكارأن ي ِت َّم َ‬
‫أمررلسوله ﷺ‪ ،‬وأن‬

‫يظهره هللا على الدين كله‪ ،‬وهذا هو ظن السوء الذي ظنه املنافقون واملشركون في لسورة الفتح‪.‬‬

‫و إنما كان هذا ظن السوء؛ ألنه ظن غيرما يليق به لسبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق‪ ،‬أو أنكرأن يكون ما جرى بقضائه‬

‫وقدره‪ ،‬أو أنكرأن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد؛ بل زعم أن ذلك ملشيئة مجردة‪ ،‬فذلك ظن‬

‫الذين كفروا‪ ،‬فويل للذين كفروا من النار‪.‬‬

‫‪ ‬من الذي يسلم من الظن باهلل ظن السوء؟ وماذا يتوجب على الناصح لكي يسلم من الوقوع في هذا‬

‫املزلق؟‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪154‬‬

‫أكثر الناس يظنون باهلل ظن السوء فيما يختص بهم‪ ،‬وفيما يفعله بغيرهم‪ ،‬ول يسلم من ذلك إل من عرف‬

‫فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا‪ ،‬وليتب إلى هللا‪،‬‬


‫ِ‬ ‫هللا وألسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده ‪،‬‬

‫وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬


‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أفعال الحكمة‪ ،‬و أفعال العدل و أفعال الرحمة والبر‬ ‫أن هللا جل وعا موصوف بصفات الكمال‪ ،‬وله جل وعا‬

‫جل وعا‪ ،‬فهو لسبحانه كامل في ألسمائه‪ ،‬كامل في صفاته‪ ،‬كامل في ربوبيته‪ ،‬ومن كماله في ربوبيته وفي ألسمائه‬

‫وصفاته أنه ل يفعل الش يء إل لحكمة بالغة‪ ،‬والحكمة في ذلك هي أنه جل وعا يضع األمور مواضعها التي‬

‫تو افق الغايات املحمودة منها‪ ،‬وهذا دليل الكمال‪ ،‬فاهلل جل وعا له صفات الكمال وله نعوت الجال‬

‫السوء؛ يعني أن ُيعتقد فيه ما‬ ‫والجمال‪ ،‬فلهذا وجب لكماله جل وعا أن ُي ّ‬
‫ظن به ظن الحق‪ ،‬وأن ل يظن به ظن َّ‬

‫يجب لجاله جل وعا من تمام الحكمة وكمال العدل وكمال الرحمة جل وعا‪ ،‬وكمال ألسمائه وصفاته لسبحانه‬
‫َّ‬
‫وتعالى‪ ،‬فالذي يظن به جل وعا أنه يفعل األشياء ل عن حكمة‪ ،‬فإنه قد ظن به ظن النقص وهو ظن السوء‬

‫الذي ظنه أهل الجاهلية‪.‬‬


‫ً‬
‫منافيا لكمال التوحيد‪:‬‬ ‫فإذن يكون الظن باهلل غيرالحق مناف ًيا للتوحيد‪ ،‬وقد يكون‬

‫‪ ‬الظان باهلل ظن السوء على حالين‪ ..‬ما هما؟‬


‫ً‬
‫أصا‪ ،‬كالذي ّ‬ ‫ُ‬
‫يظن باهلل غيرالحق في بعض مسائل القدر‪...‬‬ ‫صاحبه ِخارج عن ملة اللسام‬ ‫‪ ‬منه ما يكون‬

‫‪ ‬ومنه ما هو مناف لكمال التوحيد بأن يكون غيرمؤمن بالحكمة‪ ،‬أو بأفعال هللا جل وعا املنوطة بالعلل التي هي‬
‫َ‬ ‫َ َّ ُ َّ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ‬
‫الب ِالغة فلو ش َاء ل َه َداكم أج َم ِعين﴾‪ ،123‬في‬ ‫منوطة بحكمته لسبحانه البالغة‪ ،‬ولهذا قال جل وعا‪﴿ :‬ف ِلل ِه الحجة‬

‫‪[ 113‬األنعام‪.]194:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪155‬‬

‫ُ‬ ‫) َ) َ ُ‬
‫الرد على القدرية املشركة‪ ،‬وقد قال أيضا جل وعا‪ِ ﴿ :‬حك َمة َب ِالغة ف َما تغ ِن النذ ُر﴾‪ ،124‬فاهلل جل وعا موصوف‬

‫بكمال الحكمة وكمال الحمد على أفعاله‪..‬‬

‫‪ ‬ما أقسام أفعال هللا؟‬

‫أفعال هللا جل وعا قسمان‪ :‬أفعال ترجع إلى الحكمة والعدل و أفعال ترجع إلى الفضل والنعمة والرحمة والبر‬
‫َ‬
‫بالحكم العظيمة ‪.‬‬
‫بالخلق‪ .‬فاهلل جل وعا يفعل هذا وهذا‪ ،‬وحتى أفعاله التي هي أفعال بروإحسان هي منوطة ِ‬
‫‪ ‬ما الذي يتوجب على النسان تجاه أفعال هللا التي قد يظهرله أنها ليست في صالحه؟‬
‫إن َّ‬
‫ظن الحق باهلل جل وعا أن ُيظن به وأن يعتقد أنه ليس ثم ش يء من أفعاله إل وهو مو افق لحكمته جل‬

‫وعا العظيمة إذ هو العزيزالقهارالفعال ملا يريد‪.‬‬


‫تحقيقا للتوحيد أن َي ُظن العبد باهلل جل وعا ظن الحق‪ ،‬وأما ظن َّ‬
‫السوء فهو ظن الجاهلية‬
‫ً‬
‫إذن فالواجب‬

‫الذي هو مناف ألصل التوحيد في بعض أحواله أو مناف لكمال التوحيد‪.‬‬


‫فترجم املؤلف رحمه هللا هذا الباب ليبين لك أن ظن َّ‬
‫السوء باهلل جل وعا من ِخصال أهل الجاهلية وهو مناف‬

‫ألصل التوحيد أو مناف لكماله بحسب الحال ‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ ُ َ َّ َ‬
‫الِل غي َرال َح ِ ّق ظ َّن ال َج ِاه ِل َّي ِة﴾‬
‫قال هللا تعالى ﴿يظنون ِب ِ‬

‫‪ ‬ما املراد بالظن؟ وماذا كان ظن أهل الجاهلية بربهم؟ وما هو ظن أهل التوحيد به لسبحانه؟‬

‫الو َهم؛ أي‪ :‬ما يسبق إلى الذهن‪ ،‬فهم يعتقدون أو يسبق‬
‫الظن يطلق ويراد به‪ :‬العتقاد‪ ،‬أو يراد به‪ :‬ما يسبق إلى َ‬
‫ّ‬
‫إلى أذهانهم ملا معهم من الشرك أن هللا جل وعا ليست أفعاله أفعال حق‪ ،‬وهللا لسبحانه هو الحق و أفعاله كلها‬

‫‪[ 114‬القمر‪.]5:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪156‬‬

‫أفعال الحق‪ ،‬وذلك الظن ظن الجاهلية‪ ،‬فكل من ظن باهلل غير الحق فقد َّ‬
‫ظن ظن الجاهلية؛ بمعنى‪ :‬ظن باهلل‬

‫جل وعا غيرالكمال فهذا هو ظن الجاهلية‪..‬‬

‫‪ -‬وظن أهل التوحيد واللسام ‪-‬يعني يعتقدون ويعلمون ويسبق إلى أذهانهم في أي فعل يحصل لهم‪ -‬أن هللا جل‬

‫وعا موصوف بالكمال وبالحكمة البالغة‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫بماذا يرد على من قال‪َ ﴿ :‬يقولون َه َّل لنا ِمن األم ِر ِمن ش يء﴾؟‬ ‫‪‬‬

‫هذا القول فيه إنكارللحكمة أو إنكارللقدر‪ ،‬فيرد عليهم‪ :‬بإن األمركله هلل‪.‬‬
‫السو ِء َع َليهم َدائ َر ُة َّ‬
‫السو ِء﴾‬ ‫الظ ّان َين باهلل َظ َّن َّ‬
‫َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫قال تعالى‪ِ ِ ِ ﴿ :‬‬
‫ما هو ظن السوء الذي ظنه املنافقون واملشركون باهلل لسبحانه وتعالى كما فسره السلف وذكره ابن‬ ‫‪‬‬

‫القيم؟‬
‫السلف فسروا هذا الظن السوء بأحد ثاثة أشياء‪ ،‬وكلها صحيح‪ ،‬فظن َّ‬
‫السوء الذي يظنه الجاهليون يشمل‬
‫ً‬
‫جميعا‪:‬‬ ‫هذه األشياء الثاثة‬

‫أما األول‪ :‬فهو إنكارالقدر‪.‬‬

‫وأما الثاني‪ :‬فهو إنكارالحكمة‪.‬‬

‫وأما الثالث‪ :‬فهو إنكارنصرهللا جل وعا لرلسوله صلى هللا عليه ولسلم أو لدينه أو لعباده الصالحين‪.‬‬
‫‪ ‬ملاذا ُعد إنكارالقدرمن الظن باهلل ظن َّ‬
‫السوء؟‬

‫ألن فيه نسبة النقص هلل جل وعا‪ ،‬وهللا جل وعا هو الكامل في ألسمائه‪ ،‬الكامل في صفاته جل وعا‪ ،‬الذي‬

‫يجير ول يجار عليه‪..‬‬

‫وألن تقديراألمور قبل وقوعها هذا من آثارعزة هللا جل وعا وقدرته‪.‬‬

‫ما الفرق بين العاجز‪ ،‬وبين من يقدراألمور قبل وقوعها؟‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪157‬‬

‫ً‬
‫الستئنافا عن غير تقدير لسابق‪ ،‬وأما الذي ل يحصل معه أمر حتى ّ‬
‫يقد َره قبل‬
‫ِ‬ ‫العاجز هو الذي تقع معه األمور‬
‫َ‬ ‫أن َ‬
‫يوقعه فيقع على وفق ما قدر‪ ،‬فهو ذو الكمال وهو ذو العزة وهو الذي ل يغالب في ملكوته‪ ،‬ولهذا قال الشاعر‬

‫في وصف رجل كامل قال‪:‬‬

‫وألن ـ ـ َت تفري مـ ـ ـا ِخلق ـ ـ ـ ـ َت وبعض القوم يخلق ثم ل يفري‬

‫الخلق هنا بمعنى التقدير؛ أي‪ :‬ألنت تقطع ما قدرت‪ ،‬وبعض القوم ‪-‬وهم الناقصون إما لعدم قدرتهم أو لعدم‬
‫عزتهم أو لجهلهم‪ -‬وبعض القوم يخلق؛ يعني ّ‬
‫يقدر األشياء ثم ل يفري‪ ،‬ثم ل يستطيع أن يقطعها على وفق ما‬
‫ِ‬
‫يريد‪.‬‬
‫ُ َّ َ ُ َّ ُ َّ‬
‫والذي إليه األمركله‪ ،‬كما قال هنا‪﴿ :‬قل ِإن األم َر كله ِ ِ‬
‫لِل﴾‪ ،‬فلهذا كان كل ما يحصل من الرب جل وعا في بريته‬
‫َ‬
‫هو مو افق لق َد ِره السابق الذي هو دليل كمال حكمته وعلمه وِخلقه وعموم مشيئته‪.‬‬

‫بماذا نرد على من ينكر الحكمة في أفعال هللا؟‬ ‫‪‬‬

‫حكمة هللا جل وعا ثابتة بالكتاب والسنة وبإجماع السلف‪ ،‬والسم هللا (الحكيم) مشتمل على صفة الحكمة‪،‬‬

‫فإنه جل وعا حكيم‪..‬‬

‫ما معاني السم هللا الحكيم؟‬ ‫‪‬‬

‫محكم لألمور‪ ،‬وبمعنى أنه ذو الحكمة البالغة‪ ،‬فهذه ثاث تفسيرات للسم هللا الحكيم‪،‬‬
‫بمعنى حاكم ‪ ،‬وبمعنى ِ‬
‫وكلها صحيحة وكلها يستحقها هللا جل وعا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ ) ُ‬
‫اب أح ِك َمت َآيات ُه﴾‪ ،125‬وقال‪َ ﴿ :‬ما‬ ‫محكم كما قال‪ِ ﴿ :‬كت‬
‫فإنه جل وعا حكيم بمعنى حكم وحاكم‪ ،‬وحكيم بمعنى ِ‬
‫الرح َمن من َت َف ُاوت﴾‪ 126‬ألجل إحكامه‪ ،‬وقال لسبحانه وتعالى أيضا‪ُ ﴿ :‬قل ُان ُظ ُروا َم َاذا في َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫الس َماو ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترى ِفي ِخل ِق َّ ِ ِ‬

‫‪[ 111‬هود‪.]1:‬‬
‫‪[ 116‬الملك‪.]6:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪158‬‬

‫َ َ‬
‫ض﴾‪ ،127‬ونحو ذلك من دليل إحكامه جل وعا ملا ِخلق‪ .‬والثالث أنه ذو الحكمة‪ ،‬والحكمة في صفة هللا جل‬
‫واألر ِ‬
‫َُ‬
‫وعا تف َّس ُر‪-‬كما ذكرت لكم‪ :-‬بأنها وضع األمور في مواضعها املو افقة للغايات املحمودة منها‪.‬‬

‫ماذا قال أهل السنة والجماعة عن أفعال هللا؟ وهل و افقهم املعتزلة واألشاعرة في ذلك؟‬ ‫‪‬‬

‫أهل السنة والجماعة‪-‬أهل األثر‪ ،‬الفقهاء بالكتاب والسنة‪ -‬قالوا‪ :‬إن أفعال هللا جل وعا معللة‪ ،‬وكل فعل‬

‫يفعله هللا جل وعا لعلة من أجلها فعل‪ ،‬وهذه العلة هي حكمته لسبحانه وتعالى‪ ،‬فإن أفعال هللا جل وعا منوطة‬

‫بالعلل‪.‬‬

‫وهذا أنكره املعتزلة ألنهم قدرية‪ ،‬و أنكره األشاعرة ألنهم جبرية‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن أفعال هللا جل وعا ليست مرتبطة‬
‫َ‬
‫بالحكم‪ ،‬وهو يفعل ل عن حكمة‪ ،‬وهذا لسوء ظن باهلل جل وعا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ملاذا أورد الشيخ هذا الباب؟‬ ‫‪‬‬

‫أورد الشيخ رحمه هللا هذا الباب ليبين لك أن تحقيق التوحيد‪ ،‬وتحقيق كمال التوحيد أن توقن بالحكمة‬

‫البالغة هلل جل وعا‪ ،‬ومن نفى الحكمة في أفعال هللا فهو مبتدع‪ ،‬توحيده قد انتفى عنه كماله؛ ألن بدعته‬

‫شنيعة‪ ،‬وكل البدع تنفي كمال التوحيد ومنها ما ينفي أصل التوحيد‪..‬‬

‫بماذا نرد على من ظن باهلل أنه ل ينصر رلسوله‪ ،‬و أنه جل وعا ل ينصر كتابه‪ ،‬أو أنه جل وعا يجعل رلسوله أو‬

‫دينه في اضمحال حتى يذهب ذلك الدين؟‬


‫َّ‬ ‫ّ‬
‫يأت من‬
‫هذا ظن لسوء باهلل جل وعا‪ ،‬ولهذا كان من براهين النبوات أن كل من ادعى النبوة اضمحل أمره‪ ،‬لم ِ‬
‫يقول‪ :‬أنا نبي يوحى إلي من السماء‪ .‬وهو كاذب في دعواه إل ويخذل‪ ،‬إل ويضمحل أمره‪ ،‬فكان من براهين النبوات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عند أهل السنة أن كل نبي قال إنه مرلسل من عند هللا جل وعا أ ِّيد بالبراهين واليات والبينات ونصرعلى عدوه‬
‫َّ َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ َ َّ َ ُ‬
‫ين َآمنوا ِفي ال َح َي ِاة‬ ‫ُ‬
‫وجعل دينه وأهل دينه في عزة على من لسواهم‪ ،‬كما قال جل وعا‪ِ ﴿ :‬إنا لننصر رلسلنا وال ِذ‬

‫‪[ 117‬يونس‪.]101:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪159‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ َ َُ ُ َ‬


‫وم األش َه ُاد﴾‪ ،128‬وقال جل وعا‪َ ﴿ :‬ولقد َلس َبقت ك ِل َمتنا ِل ِع َب ِادنا املر َلس ِلين (‪ِ )171‬إ َّن ُهم ل ُه ُم‬‫الدنيا ويوم يق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫ندنا ل ُه ُم الغ ِال ُبون﴾‪ ،129‬فظن الجاهلية أن الخيرأو الدين لسيضمحل‪ ،‬وأنهم إذا بذلوا‬ ‫ورون (‪ )172‬و ِإن ج‬‫املنص‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محرما بما يشتمل‬ ‫إطفاء ذلك األمر وحاربوه بكل ما أتوا من ولسيلة وقاوموه فإنه لسينتهي‪ ،‬وهذا مع كونه عما‬

‫على الظلم فإنه أيضا لسوء ظن باهلل جل وعا وغروربالقوة وبالنفس‪ ،‬وهللا جل وعا ناصررلسله‪ ،‬وهللا جل وعا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ناصر عباده املؤمنين؛ ولكن قد يبتلي هللا جل وعا املؤمنين بأن يكونوا في غير نصر زمنا طويا‪ ،‬قد يبلغ مئات‬
‫السنين كما حصل في قصة نوح عليه السام لبث في قومه ألف لسنة إل ِخمسين ً‬
‫عاما ثم بعد ذلك نصره هللا‬

‫جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما لسبب الظن باهلل ظن السوء من بعض املنتسبين إلى العلم كما بينه ابن القيم؟‬

‫ذكرابن القيم من كثيرمن أهل الصاح؛ بل من كثيرمن الناس؛ بل قد يحصل من بعض املنتسبين إلى العلم في‬

‫أنواع شتى من لسوء الظن باهلل جل وعا‪ ،‬ولسبب حدوث ذلك الظن الس يء في القلوب عدم العلم بما يستحقه‬

‫هللا جل وعا وما أوجبه هللا جل وعا من الصبرواألناة ونحو ذلك من الواجبات‪.‬‬
‫فإذن املسألة متصل بعضها ببعض‪ ،‬فالذي يخالف ما أمر هللا جل وعا به ً‬
‫شرعا فيما يتصل بنصرة [الدين‬

‫فإنه قد يقع في لسوء ظن باهلل جل جاله‪ ،‬وهذا مما ينافي كمال التوحيد الواجب‪.‬‬

‫فهذه ‪-‬إذن‪ -‬ثاثة أشياء ظنها أهل الجاهلية‪ ،‬وكلها باطلة‪ ،‬وكام ابن القيم رحمه هللا يدور على ذلك‪ ،‬ولهذا يجب‬

‫عليك أن تتحرز كثيرا‪ ،‬وأن تحترس من لسوء الظن باهلل جل وعا‪.‬‬

‫ذكرابن القيم رحمه هللا أحوال الناس من أقدارهللا‪ ..‬عددها‬ ‫‪‬‬

‫بعض الناس قد يحصل له الش يء فيرى‪:‬‬

‫‪[ 118‬غافر‪.]54:‬‬
‫‪[ 111‬الصافات‪.]196-191:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫أنه يستحق أكثر منه‪.‬وقد يحصل له الش يء بقضاء هللا وبقدره فيظن أنه ل يستحق ذلك الش يء‪ .‬أو أن ذلك‬

‫املفروض أن يصاب به غيره‪ .‬و أنه ل يصاب بذلك‪.‬‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ً‬
‫وظاهرا من ذلك‪ ،‬فكثيرون‬ ‫فينظر إلى فعل هللا جل وعا وقضائه وق َدره على وجه التهام‪ ،‬وق َّل من يسلم باطنا‬
‫ظاهرا؛ ولكن في الباطن يقوم بقلوبهم ظن الجاهلية واعتقاد َّ‬
‫السوء‪ ،‬ولهذا قال جل وعا في الية التي‬ ‫ً‬ ‫قد يسلمون‬
‫َ ُ َ َّ َ‬
‫الِل غي َرال َح ِ ّق﴾‪ ،‬والظن محله القلب‪.‬‬
‫في صدرالباب‪﴿ :‬يظنون ِب ِ‬
‫ماذا يتوجب على املسلم ليرض ى عن أقدارهللا؟‬ ‫‪‬‬

‫يجب على املؤمن أن‪:‬‬

‫يخلص قلبه من كل ظن باهلل غير الحق ‪ ،‬وأن يتعلم ألسماء هللا جل وعا وأن يتعلم الصفات‪ .‬وأن يتعلم آثار ذلك‬

‫في ملكوت هللا؛ حتى ل يقوم بقلبه إل أن هللا جل جاله هو الحق‪ ،‬وأن فعله حق‪ ،‬حتى ولو كان في أعظم شأن‪،‬‬
‫ُ‬
‫وأصيب بأعظم مصيبة‪ ،‬أو أهين بأعظم إهانة‪ ،‬فإنه يعلم أنما أصابه لتمام ملك هللا جل وعا و أنه يتصرف في‬

‫ِخلقه كيف يشاء‪ ،‬وأن العباد مهما بلغوا فإنهم يظلمون أنفسهم‪ ،‬وهللا جل وعا يستحق الجال والتعظيم‪.‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬
‫فخلص َ‬
‫طالب العلم من كل ظن َلسوء باهلل جل وعا بأن قلت‪ :‬هذا ل يصلح‪ ،‬وهذا‬
‫َ‬ ‫قلبك أيها املسلم وِخاصة‬ ‫ِ‬
‫الفعل عليه كذا وكذا‪ ،‬ول يصلح أن يعطى هذا املال‪ ،‬أو أن تحسد فانا وفانا فإن كل ذلك لسوء ظن باهلل جل‬

‫وعا‪.‬‬

‫قال ﷺ‪« :‬إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النارالحطب» ما عاقة الحسد بالظن باهلل ظن‬ ‫‪‬‬

‫السوء كما فسره العلماء؟‬

‫قالوا لسبب ذلك‪ :‬أن الحالسد ظن أن هذا الذي أعطاه هللا جل وعا ما أعطاه ل يستحق هذه النعمة‪ ،‬فحسده‬

‫وتمنى زوالها عنه فصارفي ظن لسوء باهلل جل وعا‪ ،‬فلهذا أكل الحسنات ظنه كما أكلت النارالحطب‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫باب ما جاء يف منكري القدر‬

‫ما منالسبة باب‪( :‬ما جاء في منكري القدر) بالباب الذي قبله؟ وما منالسبته لكتاب التوحيد؟‬ ‫‪‬‬

‫ذكرنا أن إنكارالقدرلسوء ظن باهلل جل وعا‪ ،‬ويكون هذا الباب كالتفصيل ملا اشتمل عليه الباب الذي قبله‪.‬‬

‫ومنالسبته لكتاب التوحيد ظاهرة وهي‪ :‬أن اليمان بالقدرواجب‪ ،‬ول يتم توحيد العبد حتى يؤمن بالقدر‪ ،‬و إنكار‬

‫القدركفرباهلل جل وعا ينافي أصل التوحيد‬


‫ُ‬ ‫َّ‬
‫تكذيبه‬ ‫ما املقصود بقول ابن عباس رض ي هللا عنهما‪( :‬القدر نظام التوحيد‪ ،‬فمن كذب بالقدر نقض‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫توحيده)؟‬
‫أي‪ :‬اليمان بالقدر هو النظام‪ ،‬يعني السلك الذي تجتمع فيه مسائل التوحيد حتى يقوم ُ‬
‫عقدها في القلب‪،‬‬

‫فإذا كذب بالقدر معنى ذلك انقطع السلك‪ ،‬فنقض ذلك التكذيب أمور التوحيد‪ ،‬وهذا ظاهر؛ فإن أصل‬

‫اليمان أن يؤمن باألركان الستة التي منها اليمان بالقدركما ذكرذلك الشيخ في حديث ابن عمر‪.‬‬

‫ما املقصود بالقدرلغة؟ وما املراد به في العقيدة؟‬ ‫‪‬‬


‫ً‬
‫تقديرا‬ ‫معناه في اللغة‪ :‬هو التقديركما هو معروف‪ ،‬وهو وضع الش يء على نحو ما بما يريده واضعه‪َّ ،‬‬
‫قدرالش يء‬
‫ً‬
‫وقدرا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وفي العقيدة َّ‬
‫عرفه بعض أهل العلم بقوله‪ :‬إن القدر هو علم هللا السابق باألشياء‪ ،‬وكتابته لها في اللوح‬
‫ُ‬
‫املحفوظ‪ ،‬وعموم مشيئته جل وعا‪ ،‬وِخلقه لألعيان والصفات القائمة بها‪.‬‬

‫وهذا التعريف صحيح؛ ألنه يشمل مراتب القدراألربعة‪..‬‬

‫كم مراتب اليمان بالقدر؟ وما درجاتها؟‬ ‫‪‬‬

‫لإليمان بالقدرأربع مراتب‪ ،‬وهذه املراتب على درجتين‪:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪162‬‬

‫األولى والثانية من املراتب تسبق وقوع َّ‬


‫املقدر‪:‬‬

‫وهي اليمان بالعلم السابق‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪ o‬واليمان بكتابة هللا جل وعا لعموم األشياء‪.‬‬


‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫ض ِبخم ِسين ألف َلسنة»‬ ‫كما قال‪« :‬إن هللا قد َرمق ِاد َيرالخل ِق قبل أن يخلق السماو ِ‬
‫ات واألر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫( ق َّدر َمقاديرالخلق) أي‪ :‬كتبها‪..‬‬

‫وأما ما يقارن وقوع املقدر‪-‬ما يقارن القضاء‪ -‬فهذا له مرتبتان‪:‬‬

‫‪ o‬األولى منهما‪ :‬هي مرتبة عموم املشيئة‪ ،‬فإن هللا جل وعا ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬والعبد ل يشاء‬
‫َ َ َ َ ُ َن َّ َ َ َ َ َّ ُ َّ َّ َ َ َ‬
‫ان َع ِل ً‬
‫يما َح ِك ً‬ ‫ً‬
‫يما﴾‪،130‬‬ ‫شيئا فيحصل إل إذا كان هللا جل وعا قد شاءه ﴿وما تشاءو ِإل أن يشاء للا ِإن للا ك‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ‬
‫املين﴾‪،131‬فمشيئة العبد تابعة ملشيئة هللا جل وعا‪.‬‬ ‫وقال‪﴿ :‬وما تش ُاءون ِإل أن يش َاء للا َرب الع ِ‬

‫‪ o‬وكذلك املرتبة األِخيرة التي تقارن وقوع املقدر‪ :‬اليمان بأن هللا جل وعا ِخالق لكل ش يء‪ ،‬لألعيان‬

‫وللصفات التي تقوم باألعيان ‪.‬‬

‫ما املقصود باألعيان؟ ومن الذي ِخلقها وِخلق صفاتها؟‬ ‫‪‬‬

‫األعيان مثل الذوات هذه هللا جل وعا هو ِخالقها‪ ،‬هذا باتفاق أهل اللسام؛ أي أن هللا جل وعا هو الخالق‬

‫لإلنسان‪ ،‬الخالق للحيوان‪ ،‬الخالق للسماء ولألرض‪ ،‬وكذلك اليمان أن الصفات التي تقوم بتلك األعيان هللا‬

‫جل وعا هو الخالق لها‪ ،‬ومن ذلك أفعال العباد‪ ،‬فأفعال العباد معان‪ ،‬ففعل العبد داِخل في عموم ِخلقه جل‬

‫وعا‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫للا ِخ ِال ُق ك ِ ّل ش يء﴾‪ 132‬؟‬ ‫ما املراد بش يء في قوله تعالى‪﴿:‬‬

‫‪[ 130‬اإلنسان‪.]60:‬‬
‫‪[ 131‬التكوير‪.]14:‬‬
‫‪[ 131‬الزمر‪.]61:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪163‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫كلمة (ش يء) عندنا ت َع َّرف بأنها ما يصح أن يعلم‪ ،‬فكل ما يصح أن يعلم يقال له ش يء ولهذا نقول يدِخل في عموم‬
‫ُ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫﴿للا ِخ ِال ُق ك ِ ّل ش يء﴾ العباد و أفعال العباد‪.‬‬ ‫قوله‪:‬‬

‫هل يشترط اليمان بجميع مراتب القدر؟ وماذا يطلق على من ينكرمرتبة منها؟‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫جميعا لدللة النصوص على ذلك‪.‬‬ ‫ً‬
‫جميعا وآمن بها‬ ‫نعم‪ ،،‬ول يقال عن أحد أنه مؤمن بالقدرإل إذا لسلم بها‬

‫فإنكارالقدرالذي بوب له الشيخ رحمه هللا يصدق على إنكارأي مرتبة من هذه‪ ،‬أنكراملرتبة األولى فهو منكر‪ ،‬أو‬

‫الثانية هو منكر‪ ،‬أو الثالثة أو الرابعة فهو منكرللقدر‪،‬‬

‫ما الذي نفاه (غاة القدرية) من مراتب القدر؟‬ ‫‪‬‬

‫إذا قيل القدرية ‪-‬يعني نفاة القدر‪ -‬الذين نفوا العلم‪ ،‬أنكروا العلم السابق‪ ،‬فهم كفارينافي فعلهم أصل التوحيد‬
‫فمن أنكرالعلم السابق هذا أنكرالقدر ً‬
‫إنكارا انتفى معه أصل التوحيد‪.‬‬

‫ما حكم من ينكر كتابة هللا جل وعا لعموم األشياء؟‬ ‫‪‬‬

‫من ينكرالكتابة مع العلم بالنصوص الدالة عليها مناف ألصل التوحيد ول يستقيم معه اليمان‪.‬‬

‫من الذين أنكروا املرتبتين األِخيرتين من مراتب اليمان بالقدر؟ وهل يحكم عليهم بالكفرلذلك؟‬ ‫‪‬‬

‫املعتزلة هم الذين أنكروا املرتبتين األِخيرتين ‪-‬عموم املشيئة وعموم الخلق‪ -‬وفي ذلك إنكار عموم ِخلق هللا‬
‫ُ‬
‫وظللوا ُ‬
‫وجعل إنكارهم لتلك املرتبة ينافي كمال التوحيد ول ُيحكم عليهم بالكفر‬ ‫لألفعال‪ ،‬وقد ُب ِّدعوا بذلك‬

‫والخروج من اللسام بذلك‪.‬‬

‫فإذن إنكارالقدرصارمنه‪:‬‬

‫ما هو كفر مخرج من التوحيد‪ ،‬مخرج من امللة‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫ً‬
‫منافيا لكمال التوحيد‪ .‬بهذا يظهرصلة هذا الباب بكتاب التوحيد‪.‬‬ ‫ومنه ما هو دون ذلك ويكون‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪164‬‬

‫ً‬
‫ما الذي يشترط لقبول األعمال؟ هات دليا على ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هللا جل وعا ل يقبل إل من مسلم‪ ،‬اللسام شرط لصحة قبول األعمال‪ ،‬ومن أنكرالقدرولم يؤمن بالقدرفإنه‬
‫ل يقبل منه ولو أنفق مثل ُأ ُحد ً‬
‫ذهبا‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫قال ابن عمر‪) :‬والذي نفس ابن عمربيده‪َ ،‬لو كان َ‬
‫ألح ِد ِهم ِمث َل أ ُحد ذ َه ًبا ثم أنفق ُه في لسبيل هللا َما ق ِبل ُه هللا ِمن ُه‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫َحتى ُيؤ ِم َن بالق َد ِر) ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬ما نوعا القدر؟ وماذا يتوجب على النسان تجاه أقدارهللا؟ هات دليا على ذلك‪.‬‬

‫القدرمنه ما هو ِخير‪ ،‬ومنه ما هو شر‪ ،‬ويتوجب على املسلم أن يؤمن بهما‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫الِخ ِر َوتؤ ِم َن بالق َد ِر ِخي ِر ِه َوش ّر ِه) ‪ ،‬هنا في‬ ‫ََ َ َ َُُ َُ ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫وم ِ‬‫قال النبي ﷺ‪( :‬اليمان أن تؤ ِمن باهلل وما ِئك ِت ِه وكت ِب ِه ورلس ِل ِه والي ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله (تؤ ِم َن بالق َد ِرِخي ِر ِه َوش ّر ِه)‬

‫‪ ‬متى نقول أن هذا القدرشر؟ وهل يمكن أن نقول عن أفعال هللا شر؟ ملاذا؟‬
‫َّ‬
‫فاملكلف قد يكون عليه َ‬
‫قدر هو بالضافة‬ ‫إذا اِختص بابن آدم‪ِ ،‬خير بالنسبة لبن آدم وشر بالنسبة لبن آدم‪،‬‬

‫إليه ِخير‪ ،‬وقد يكون عليه القدربالضافة إليه شر‪..‬‬

‫‪-‬ل نقول عن أفعال هللا أنها شر؛ ألن أفعاله كلها ِخير؛ ألنها مو افقة لحكمته العظيمة‪ ،‬فلهذا جاء في الحديث‬

‫أن النبي صلى هللا عليه ولسلم قال في ثنائه على ربه‪« :‬الشرليس إليك» فاهلل جل وعا ليس في فعله شر‪ ،‬فالشر‬

‫بما يضاف إلى العبد‪ ،‬أصيب العبد بمصيبة فهي شر بالنسبة إليه‪ ،‬أما بالنسبة لفعل هللا فهي ِخير؛ ألنها‬

‫مو افقة لحكمة هللا جل وعا البالغة وهللا لسبحانه وتعالى له األمركله‪.‬‬

‫‪ ‬متى يمكن لإلنسان أن يجد طعم اليمان كما بينه عباده بن الصامت رض ي هللا عنه لبنه؟ وملاذ؟‬
‫ّ‬
‫عن عبادة بن الصامت أنه قال لبنه‪ :‬يا بني! إنك لن تجد طعم اليمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك‪،‬‬

‫وما أِخطأك لم يكن ليصيبك)‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪165‬‬

‫ُ‬
‫‪-‬وهذا ألن القضاء والقدرقد فرغ منه ‪-‬أي تقديراألمور قد فرغ منه‪ -‬وهللا جل وعا قد قدراألشياء وقدرألسبابها‪..‬‬

‫‪ ‬هل النسان مخيرأم مسيرفي أفعاله؟ وما عاقة ذلك باليمان بالقضاء والقدر؟‬
‫السبب الذي لسيفعله املختار من عباد هللا ُم َّ‬
‫قدر كما أن نتيجته مقدرة‪ ،‬ومن اليمان بالقدر‪ :‬اليمان بأن هللا‬
‫ً‬
‫مجبورا‪ ،‬فالقول بالجبرمناف للقول بالقدر؛ يعني القول بالجبرل يستقيم‬ ‫ً‬
‫مختارا و أنك لست‬ ‫جل وعا جعلك‬
‫مع اليمان بالقدر‪َّ ،‬‬
‫ألن اليمان بالقدرإيمان معه اليمان بأن العبد مختارليس بمجبر؛ ألن التكليف وقع بذلك‪.‬‬

‫‪ ‬إلى كم طائفة تنقسم الجبرية؟‬

‫الجبرية طائفتان‪:‬‬

‫‪ ‬طائفة غاة‪ :‬وهم الجهمية‪ ،‬وغاة الصوفية الذين يقولون إن العبد كالريشة في مهب الريح‪ ،‬وحركاته حركات‬

‫اضطرارية‪.‬‬

‫‪ ‬ومنهم طائفة ليست بالغاة ‪-‬وهم األشاعرة ونحوهم‪ -‬الذين يقولون‪:‬‬

‫‪ o‬بالجبرفي الباطن‪ ،‬وبالِختيارفي الظاهر‪..‬‬


‫ً‬ ‫‪ o‬ويقولون‪َّ :‬‬
‫إن العبد له كسب؛ وهذا الكسب هو أن يكون العبد في الفعل الذي فعله محا لفعل هللا جل وعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫فيفعل به‪ ،‬فيكون هو محا للفعل‪ ،‬ويضاف الفعل إليه على جهة الكسب على ما هو معروف في موضعه من‬

‫التفاصيل في كتب العقيدة املطولة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ّ َ‬
‫قال في ذلك ذكرمرتبة الكتابة (لسمعت رلسول هللا ﷺ يقول‪ِ « :‬إن أ ّو َل َما ِخل َق هللا القل َم‪ .‬فقال‪ :‬اكتب‪ .‬قال‪ :‬ربي‬

‫تقوم الساعة»)‪ ،‬هذا فيه دليل على مرتبة الكتابة‪.‬‬ ‫وماذا َأك ُت ُب؟ قال‪ :‬اك ُتب مقاديركل ش يء حتى َ‬
‫َ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ّ َ‬
‫‪ ‬ما املقصود بقوله ﷺ‪(ِ :‬إن أ ّو َل َما ِخل َق هللا القل َم)؟ ومن أول املخلوقات التي ِخلقها هللا تعالى؟ هات‬
‫ً‬
‫دليا على ذلك‪.‬‬

‫معناه على الصحيح عند املحققين‪ :‬إنه حين ِخلق هللا القلم‪..‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪166‬‬

‫ّ‬
‫و(إن) السمها ضمير الشأن محذوف‪ ،‬إنه أول ما ِخلق هللا القلم فقال له اكتب؛‬ ‫َّ َ‬
‫فـ(أول) هنا ظرف بمعنى حين‪ِ ،‬‬
‫أي‪ :‬حين ِخلق هللا القلم قال له‪ :‬اكتب‪ ،‬فيكون قول أكتب هذا من جهة الظرفية؛ يعني حين ِخلق هللا القلم قال‬

‫له أكتب‪.‬‬

‫‪ -‬وأما أول املخلوقات فالعرش لسابق في الخلق على القلم‪..‬‬


‫َ َ َ َ ُ َ ّ َ َ َ َ‬
‫األر َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َّ‬
‫ض‬ ‫‪ -‬قال عليه الصاة والسام الحديث الذي في الصحيح «قد َرهللا مق ِاد َيرالخل ِق قبل أن يخلق السماو ِ‬
‫ات و‬
‫ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِبخم ِسين ألف َلسنة وكان عرش ُه على املاء» فهمنا من قوله ِ(إن أ ّو َل َما ِخل َق هللا القل َم‪ .‬فقال‪ :‬أكتب) أنه حين‬

‫ِخلق قال له‪ :‬اكتب‪ ،‬والعرش كان قبل ذلك‪.‬‬


‫ً‬
‫لسابقا ً‬ ‫ً‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫فإذن الكتابة كانت بعد الخلق مباشرة ‪-‬بعد ِخلق القلم‪ -‬أما العرش فكان لسابقا واملاء كان‬

‫ولهذا نقول الصحيح‪ :‬أن العرش مخلوق قبل القلم كما قال ابن القيم رحمه هللا في النونية‪:‬‬

‫كتب القضاء به من الدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان‬ ‫والناس مختلفون في القلم الذي‬

‫قولن عند أبي العا الهمذاني‬ ‫هل كان قبل العرش أو هو بعده‬

‫عند الكتابة كـ ـ ـ ـ ـان ذا أركـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان‬ ‫والح ـ ـ ـق أن العـ ـ ـ ـرش قبـ ـل ألن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬

‫ِّ‬
‫باب ما جاء يف املصورين‬

‫‪ ‬ما املقصود باملصورين؟ وما املراد من قوله (باب ما جاء في املصورين)؟‬


‫ّ‬
‫للمصور‪ ،‬واملصور هو الذي يفعل إحداث الصور‪ ،‬أي‪ :‬هو الذي يقوم بالتصوير‪،‬‬ ‫املصورون جمع تصحيح‬
‫ِ‬
‫والتصوير معناه التشكيل؛ تشكيل الش يء حتى يكون على هيئة صورة‪ ،‬والصورة قد تكون‪ :‬صورة لدمي‪ ،‬أو‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪167‬‬

‫ً‬
‫لغير آدمي من حيوان أو لنبات أو لجماد أو لسماء أو أرض‪ ،‬فكل هذا يقال له مصور‪ ،‬إذا كان يشكل بيده شيئا‬

‫على هيئة صورة ‪-‬صورة معروفة‪ .-‬وأراد بقوله (باب ما جاء في املصورين) أي‪ :‬من الوعيد لهم ‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫التوحيد هو أن ل ُيجعل هلل ند فيما يستحقه جل وعا‪ ،‬والتصويرتنديد من جهة‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫ّ‬
‫املصور في قول هللا جل وعا‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أن املصور جعل فعله ًندا لفعل هللا جل وعا‪ ،‬ولهذا يدِخل عدم الرضا بصنيع‬ ‫‪-‬‬
‫ً‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َّ َ‬
‫ّ‬
‫املصور شريكا هلل جل وعا في هذه‬
‫ِ‬ ‫لِل أ َند ًادا َو أنتم تعل ُمون﴾‪ ،133‬إذ ذلك حقيقته أنه جعل هذا‬
‫﴿فا تجعلوا ِ ِ‬
‫الصفة‪ ،‬مع أن تصويره ناقص‪ ،‬وتصوير هللا جل وعا على جهة الكمال؛ لكن من جهة العتقاد مما جعل هذا‬
‫ّ‬
‫مصو ًرا‪ ،‬وهللا جل وعا هو الذي ينفرد بالتصويرلسبحانه وتعالى ‪-‬يعني بتصويراملخلوقات كما يشاء‪-‬‬ ‫املخلوق‬

‫كان من كمال التوحيد أن ل ُيرض ى بالتصوير‪ ،‬وأن ل يفعل أحد هذا الش يء؛ ألن ذلك هلل جل وعا‪ ،‬فالتصوير‬

‫من حيث الفعل مناف لكمال التوحيد‪ ،‬وهذا هو منالسبة إيراد هذا الباب في هذا الكتاب‪.‬‬

‫واملنالسبة الثانية له‪ :‬أن التصوير ولسيلة من ولسائل الشرك باهلل جل وعا‪ ،‬والشرك وولسائله يجب وصدها‬
‫ُ‬
‫وغلق الباب؛ ألنها تح ِدث في الناس الشراك أو ولسائل الشراك‪.‬‬

‫‪ ‬ما لسبب النهي عن التصوير؟‬

‫التصويرله جهتان‪:‬‬
‫ّ‬
‫الجهة األولى‪ :‬جهة املضاهاة بخلق هللا والتمثل بخلق هللا جل وعا‪ ،‬وبصفته والسمه‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أنه ولسيلة لإلشراك‪ ،‬الصورة من حيث هي ولسيلة‪ ،‬قد ل يشرك بالصورة املعينة التي عملت؛ ولكن‬

‫الصورة من حيث الجنس هي ولسيلة ‪-‬ول شك‪ -‬من ولسائل الشراك‪ ،‬وشرك كثير من املشركين كان من جهة‬
‫الصور‪ ،‬فكان من تحقيق التوحيد أن ل ّ‬
‫تقرالصور ألجل أن الصورة ولسيلة من ولسائل املشركين في عباداتهم‪.‬‬

‫‪[ 133‬البقرة‪.]11:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ‬
‫للا ت َعالى‪َ :‬و َمن أظل ُم ِم ّمن ذ َه َب َيخل ُق كخل ِقي؟ فل َيخلقوا‬ ‫‪ ‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رلسول هللاﷺ ‪" :‬قال‬
‫ُُ َ ً‬ ‫ً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ً َ‬
‫ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا ش ِع َيرة" هذا الحديث فيه معنى‪ ،‬وفيه تمثيل‪ ..‬وضح ذلك‪..‬‬
‫َّ ً‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫املعنى في قوله ﷺ‪َ ( :‬و َمن أظل ُم ِم ّمن ذ َه َب َيخل ُق كخل ِقي) فصار الظلم ُم َعلقا بأن العبد يخلق كخلق هللا جل‬

‫وعا‪ ،‬واملقصود بذلك يصور كتصويرهللا جل وعا لخلقه‪،‬‬


‫َّ‬ ‫ُُ َ ً‬ ‫ً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُ َ ً َ‬
‫الذرة من حيث هي ذرة‪،‬‬ ‫عجزا‪( :‬فل َيخلقوا ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا ش ِع َيرة)‪ ،‬معلوم أن‬
‫التمثيل حين قال ُم ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫هذا يمكن أن تعمل بأي ش يء‪ ،‬وترمى فتراها في الضوء والشمس أنها ذرة‪ ،‬وكذلك الحبة ‪-‬أي حبة الحنطة‪ ،‬أو حبة‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫البر‪ ،‬أو حبة الرز‪ -‬ممكن أن تصنع؛ ولكن ل يمكن أن تكون كخلق هللا جل وعا‪ ،‬وكذلك الشعيرة يمكن أن تصنع‬
‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫شكا‪ ،‬وأن تصور شكا؛ لكن يعجز أن يجعل فيها الحياة‪ ،‬فمثا حب البرأو الشعيرأو الرز ونحو ذلك ِ‬
‫ينبت فيما‬

‫إذا وضع في األرض الذي هومن ِخلق هللا جل وعا‪ ،‬أما ما صنعه املخلوق فإنه ل تكون فيه الحياة‪ ،‬فالرز الصناعي‬
‫ََ‬
‫مثا ‪-‬الذي تأكلونه‪ -‬لو ُرمي في األرض ملا ِخرج منه لساق‪ ،‬وملا ِخرج له جذر‪ ،‬وملا كانت منه حياة‪ ،،‬وأما الذي يكون‬
‫ً‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُ َ ً َ‬
‫من ِخلق هللا جل وعا فهو الذي أودع فيه لسرحياة ذلك الجنس من املخلوقات‪( .‬فل َيخلقوا ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪،‬‬
‫ُُ َ ً‬ ‫َ‬
‫أو ِل َيخلقوا ش ِع َيرة)‬
‫ُُ َ ً‬ ‫ً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُ َ ً َ‬
‫عام يدل قوله ﷺ‪( :‬فل َيخلقوا ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا ش ِع َيرة)؟‬ ‫‪‬‬

‫قال بعض أهل العلم‪ :‬إن هذا على وجه التعجيز‪ ،‬فالذي يخلق كخلق هللا جل وعا فهذا من جهة ظنه‪ ،‬أما من‬

‫مشب ًها نفسه باهلل جل وعا‪ ،‬فصار أظلم الخلق‪.‬‬ ‫جهة الحقيقة فإنه ل أحد يخلق كخلق هللا‪ ،‬ولهذا صارذلك ّ‬
‫ِ‬
‫ً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُ َ ً َ‬
‫ما الحكم الذي الستنبطة مجاهد وغيره من السلف من قوله ﷺ‪( ( :‬فل َيخلقوا ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫ُُ َ ً‬
‫ِل َيخلقوا ش ِع َيرة)؟ وهل و افقهم جمهور العلماء في ذلك؟ ما الدليل الذي الستدلوا به؟‬
‫ُُ َ ً‬ ‫ً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُ َ ً َ‬
‫أن تصويرما ل حياة فيه أو ما ل روح فيه محرم؛ ألنه هنا قال (فل َيخلقوا ذ ّرة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا َح ّبة‪ ،‬أو ِل َيخلقوا ش ِع َيرة)‬
‫فذكرالحبة والشعيرة‪ ،‬قالوا‪ :‬فتصويراألشجاروتصوير َ‬
‫الح ّب ونحو ذلك ل يجوز‪..‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪169‬‬

‫ّ‬
‫‪-‬جمهور العلماء على ِخاف ذلك‪ ،‬فهم يرون أن األمر في هذا الحديث للتعجيز وليس لجهة التعليل‪ ،‬ولهذا قال في‬
‫ُّ َ َ‬ ‫ّ َ ُّ َ َ َ ُ َ َ ّ َ ََ َ َ‬ ‫َ ََّ ُ ًَ‬
‫س ِبنا ِفخ) فلما قال‪( :‬كلف أن‬‫ورة ِفي الدنيا كلف أن ينفخ ِفيها الروح ولي‬‫الحديث الذي بعده قال‪( :‬من صور ص‬

‫نصبا على ما فيه روح‪ ،‬أي على ما حياته بحلول الروح‬ ‫وح) علمنا َّ‬
‫أن النهي من جهة التصوير كان ُم ً‬ ‫َين ُف َخ ِف َيها ّ‬
‫الر َ‬

‫فيه‪ ،‬أما ما حياته بالنماء كاملزروعات واألشجارونحوها فليس داِخا في ذلك‪.‬‬


‫َ‬ ‫ََ ً َ َ َ َ ّ َ ُ َ‬
‫ض ِاهئون‬ ‫َ َ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫س عذابا يوم القيام ِة؛ ال ِذين ي‬‫ِ‬ ‫ا‬‫الن‬ ‫عن عائشة رض ي هللا عنها‪ ،‬أن رلسول هللا ﷺ قال‪" :‬أشد‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫للا") ما هي العلة التي وردت في الحديث والتي من أجلها حرم التصوير؟‬
‫ِبخل ِق ِ‬
‫هذه العلة هي املضاهاة بخلق هللا جل وعا ‪..‬‬

‫‪ ‬ما هما العلتان اللتان من أجلهما حرم التصوير؟‬

‫ألجل أنه‪ :‬يضاهي بخلق هللا جل وعا ‪ ،‬وألن الصورة ولسيلة للشرك‪.‬‬
‫املضاهاة بخلق هللا جل وعا التي ُرّتب عليها بأن يكون فاعلها أشد الناس ً‬
‫عذابا يوم القيامة في هذا الحديث‬ ‫ِ‬
‫عند كثيرمن العلماء أنها ما كانت على وجه الكفر‪..‬‬
‫‪ ‬متى تكون املضاهاة في التصوير ً‬
‫كفرا؟‬

‫‪ o‬الحالة األولى‪ :‬أن يصور صنما ُليعبد‪ ،‬أو يصور إلها يعبد في الو اقع‪ ،‬فيصور ألهل البوذية صورة بوذا‪ ،‬أو يصور‬

‫للنصارى املسيح‪ ،‬أو يصور أم املسيح ونحو ذلك‪ ،‬فتصويرما ُيعبد من دون هللا جل وعا مع العلم بأنه ُيعبد هذا‬
‫ً‬
‫شركا أكبر‪ً ،‬‬ ‫صور ً‬
‫وكفرا باهلل جل وعا‪.‬‬ ‫وثنا ليعبد وهو يعلم أنه يعبد‪ ،‬فيكون‬ ‫كفرباهلل جل وعا؛ ألنه‬

‫‪ o‬والحالة الثانية‪ :‬أن يصور الصورة ويزعم أنها أحسن من ِخلق هللا جل وعا‪ ،‬فيقول هذه أحسن من ِخلق هللا‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫أو أنا فقت في ِخلقي وتصويري ما فعل هللا جل وعا‪ ،‬فهذا كفرأكبر‪ ،‬وشرك أكبرباهلل جل جاله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ً َ َ َ َ ّ َ ُ َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ُ‬
‫اس عذابا يوم القيام ِة؛ ال ِذين يض ِاهئون ِبخل ِق ِ‬
‫للا)‪.‬‬ ‫وهذا هو الذي حمل عليه الحديث وهو قوله (أشد الن ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مخرجا من امللة؟‬ ‫‪ ‬متى يكون التصويركبيرة من الكبائر ول يعد شركا‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪171‬‬

‫حين يرلسم الشخص بيده‪ ،‬أو ينحت التمثال‪ ،‬وينحت الصورة‪ ،‬مما ل يدِخل في الحالتين السابقتين فهو كبيرة‬

‫من الكبائروصاحبها ملعون ومتوعد بالنار‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬هات دليا يبين مآل املصورين في الِخرة‪..‬‬

‫ص َّو َر َها‬
‫ورة َ‬ ‫النار‪ُ ،‬يج َع ُل َل ُه ب ُك ّل ُ‬
‫ص َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫عن ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ :‬لسمعت رلسول هللا ﷺ يقول‪" :‬كل مصور ِفي ِ‬
‫ّ‬ ‫س ُي َع ّذ ُب بها في َج َه ّن َم") قوله‪َ ( :‬نف )‬
‫س) أفاد أن ذلك التصوير وقع لش يء تحله النفس وهو الحيوانات أو‬ ‫َنف )‬
‫ِ‬
‫الدمي‪ ،‬ولهذا صارالوعيد منصبا على ذلك‪..‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬قوله‪ُ ( :‬ك ّل ُم َ‬
‫ص ّور ِفي الن ِار) يفيد أن التصويركبيرة من الكبائر‪.‬‬
‫ّ َ ُّ َ َ َ ُ َ َ ّ َ ََ َ َ‬ ‫َ ََّ ُ ًَ‬
‫س ِبنا ِفخ")؛ ألن الروح إنما هي‬‫ورة ِفي الدنيا كلف أن ينفخ ِفيها الروح ولي‬‫قال‪( :‬ولهما عنه مرفوعا "من صور ص‬

‫هلل جل وعا‪.‬‬
‫َََ َ ُ َ ً‬ ‫َ َّ َُ َ ََ َ َ ََ ََ ُ ُ‬ ‫‪ ‬ملسلم َعن َأبي ال َه ّياج‪ ،‬قال‪َ ( :‬ق َ َ‬
‫ورة‬ ‫ال ِلي ع ِل ّي‪" :‬أل أبعثك عل َى ما بعث ِني علي ِه َرلسول ِ‬
‫هللا ﷺ‪ :‬أن ل تدع ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً ّ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ّ َ‬
‫ِإل ط َمس َت َها‪َ ،‬ول قبرا ُمش ِرفا ِإل َلس ّويت ُه") ما وجه اللستدلل بتحريم التصويرمن هذا الحديث؟‬

‫وجه اللستدلل من هذا الحديث أنه قرن في األمر بين الصورة والقبر املشرف‪ ،‬وبقاء القبر املشرف ولسيلة من‬

‫أيضا ولسيلة من ولسائل الشرك‪ ،‬فالنبي عليه الصاة والسام‬‫ولسائل الشرك‪ ،‬وكذلك لاقتران بقاء الصورة ً‬
‫ً‬ ‫بعث ً‬
‫عليا بأن ل يدع صورة إل طمسها؛ ألن الصورة من ولسائل الشرك‪ ،‬وأل يدع ً‬
‫قبرا مشرفا إل لسواه؛ ألن بقاء‬

‫القبور مشرفة يدعو إلى تعظيمها وذلك من ولسائل الشرك‪.‬‬

‫‪ ‬ما حكم التصويرالحديث؟ وما أنواعه؟‬

‫هناك ِخاف في بعض مسائل التصويرمحله كتب الفقه‪ ،‬والفتوى من جهة التصويرالحديث‪ ،‬هذا الذي يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باللت‪ ،‬إما ما يخرج منها ثابتا كالكاميرا الفورية‪ ،‬أو ما يبقى على الورق‪ ،‬أو ما يكون منها متحركا كالتصوير‬

‫بالفيديو أو التلفزيون أو نحو ذلك‪ ،‬وهذا محل الكام عليه كتب الفقه‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪171‬‬

‫باب ما جاء يف كثرة احللف‬

‫‪ ‬ما العاقة ما بين تعظيم هللا تعالى وكثرة الحلف؟‬

‫من الظاهر والبين أن القلب املعظم هلل جل جاله ‪-‬الذي إذا ذكر هللا َوجل قلبه‪ -‬أنه ل يستعمل الحلف‪ ،‬وكثرة‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫الحلف ل تجامع كمال التوحيد‪ ،‬فإن من ك ُمل التوحيد في قلبه‪ ،‬أو قارب الكمال ل يكون جاعا هلل جل وعا في‬

‫أيمانه‪ :‬يجعل هللا جل وعا في يمينه‪ :‬إذا تكلم تكلم بالحلف‪ ،‬وإذا باع باع بالحلف‪ ،‬وإذا اشترى اشترى بالحلف‬

‫ونحو ذلك‪ ،‬فإن هذا ليس من التعظيم الواجب هلل جل وعا‪.‬‬

‫‪ ‬ما الواجب على العبد لكي يعظم هللا جل وعا حق التعظيم؟ ما املراد باليمين؟ وما حكم اليمين اللغو؟ وما‬

‫املستحب منه؟‬

‫يجب على العبد أل يكثراليمين‪ ..‬واملقصود باليمين والحلف هنا اليمين املنعقدة التي عقدها صاحبها‪ ،‬أما لغو‬
‫ّ‬
‫يخلص املوحد لسانه وقلبه من كثرة الحلف في‬ ‫اليمين فإن هذا معفو عنه مع أن الكمال فيه واملستحب أن ِ‬
‫الكرام ونحوه بلغو اليمين‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟‬

‫منالسبته ظاهرة وهي‪ :‬أن تحقيق التوحيد وكمال التوحيد ل يجامع كثرة الحلف‪ ،‬فكثرة الحلف منافية لكمال‬
‫َّ‬
‫التوحيد‪ ،‬والحلف هو ‪-‬كما ذكرنا‪ -‬تأكيد األمربمعظم وهو هللا جل جاله‪ ،‬فمن أكد وعقد اليمين باهلل جل وعا‬
‫ّ‬
‫وأكثر من ذلك وأكثر فإنه ل يكون ِ‬
‫معظما هلل جل جاله ‪ ،‬إذ هللا لسبحانه وتعالى يجب أن يصان السمه ويصان‬

‫الحلف به واليمين به إل عند الحاجة إليها‪ ،‬أما كثرة مجيئه على اللسان فهو ليس من صفة أهل الصاح‪.‬‬
‫ّ‬
‫هات دليا على وجوب حفظ اليمين‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪172‬‬

‫َ َ ُ َ َُ‬
‫﴿واحفظوا أيمانكم﴾‪ 134‬وهذا األمرللوجوب‪..‬‬ ‫أمرهللا جل وعا بحفظ اليمين‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ملاذا أوجب هللا حفظ اليمين؟ ومتى يجوز له أن يحلف؟‬ ‫‪‬‬


‫َ َ ُ َ َُ‬
‫﴿واحفظوا أيمانكم﴾ هذا إيجاب بأن‬ ‫ألنه ولسيلة لتحقيق تعظيم هللا جل وعا وتحقيق كمال التوحيد‪ ،‬فقوله‪:‬‬

‫يحفظ العبد يمينه‬

‫ل يحلف عاقدا اليمين إل على أمر شرعي ّبين‪ ،‬أما أن يحلف دائما ويجعل هللا جل وعا في يمينه فهذا ليس من‬

‫تعظيم ألسماء هللا جل جاله‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬ما عقوبة من يكثرالحلف؟ هات دليا على ذلك‪.‬‬
‫َ )‬ ‫َ ُ‬
‫ف َمن َف َق )ة ل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ََ َ َ َ ُ ُ َ ّ‬
‫لسل َع ِة‪َ ،‬مم َحقة ِللكسب") ولسبب ذلك أنه‬ ‫ِ‬ ‫للا ﷺ َيقو ُل‪" :‬الح ِل‬
‫ال‪ :‬لس ِمعت َرلسول ِ‬‫وعن أبي هريرة ق‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫نوع عقوبة‪ ،‬أن هذا الذي يبيع بالحلف فإنه تنفق‪ 135‬لسلعته ولكن كس ُبه ُيمحق؛ ألن محق الكسب يكون نوع‬
‫َ ََ ) َ َ ّ‬
‫عقوبة ألجل أنه لم يفعل الواجب من تعظيم هللا جل وعا‪ .‬وعن َلسلمان أن رلسول هللا ﷺ قال‪" :‬ثاثة ل ُيكل ُم ُه ُم‬
‫ََُ َ َ ) َ ) ُ‬ ‫َ ّ‬
‫يم‪ :‬أشيمط زان‪ ،‬وعائل مستكبر‪ ،‬ورجل جعل هللا بضاعته‪ ،‬ل يشتري إل بيمينه‪،‬‬ ‫هللا‪َ ،‬ول ُي َزك ِيهم‪ ،‬ولهم عذاب أ ِل‬
‫ول يبيع إل بيمينه"‪136 .‬‬

‫من هم الثاثة الذين توعدهم الرلسول باحتجاب هللا عنهم‪ ،‬وعدم تزكيتهم‪ ،‬وبالعذاب األليم؟‬ ‫‪‬‬

‫أشيمط زان‪ ،‬وعائل مستكبر‪ ،‬ورجل جعل هللا بضاعته‪ ،‬ل يشتري إل بيمينه‪ ،‬ول يبيع إل بيمينه‪..‬‬

‫ما املقصود باألشيمط الزان؟ وملاذا الستحق هذا العقاب؟‬ ‫‪‬‬

‫أي من شمطه الشيب وقلبه متعلق بالزنا ‪-‬والعياذ باهلل‪ -‬والسبب في هذا العقاب أنه ليس عنده من الدواعي‬
‫َ َ‬
‫للزنا ما يجعله يقبل عليه‪- ،‬ليس كحال من كان شابا‪ ،‬فهو قد َوِخط ُه الشيب)‪ ،(137‬فيكون إذن في قلبه حب‬

‫‪[ 134‬المائدة‪. ]24:‬‬


‫‪ -131‬تنتهي‬
‫‪-136‬رواه الطبراني بسند صحيح‪.‬‬
‫‪-4‬خالط سو َاد شعره‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪173‬‬

‫املعصية وليست مسألة غلبة الشهوة‪ ،‬ولهذا كان من أهل هذا الوعيد العظيم؛ بأن ل يكلمهم هللا ول يزكيهم وله‬

‫عذاب أليم‪.‬‬

‫ما نوعا اللستكبار؟ وما حكم كل منهما مع ذكرالسبب؟‬ ‫‪‬‬

‫قال العلماء‪ :‬يكون الستكبارا للذات‪ ،‬ويكون الستكبارا للصفات ‪ ،‬فإذا كان (الستكبارا للصفات) فهذا محرم‬
‫َ‬
‫ولكنه أهون‪ ،‬كمن يكون ذا جاه ورفعة فيتكبرألجل ما له من الجاه والرفعة‪ ،‬فهذا ل يجوز‪ ،‬لكن عنده ما ُيوقع‬

‫في قلبه الشبهة والفتنة بالتكبرأو اللستكبار‪ ،‬أو يكون ذا مال‪ ،‬أو يكون ذا جمال‪ ،‬أو يكون ذا لسمعة ونحو ذلك‪،‬‬
‫فعنده لسبب يجعله يتكبر ‪،‬وهذا يكثر في أهل الغنى‪ ،‬فإن أهل الغنى يكون ً‬
‫كثيرا عندهم نوع تكبر على من كانوا‬

‫من أهل الفقر‪ ،‬أو ليسوا من أهل الغنى‪ ،‬فهذا عنده وصف جعله يتكبر‪..‬‬

‫لكن األعظم أن يكون تكبره في الذات؛ ألنه ليس عنده صفة تجعله متكبرا‪ ،‬وهذا هو النوع األول وهو (الستكبار‬

‫للذات)‪ ،‬يرى نفسه كبيرا ويتعاظم وهو ليس عنده ش يء من الصفات يجعله كذلك‪ ،‬فهذا يكون ِفعله كبيرة من‬

‫الكبائر العظيمة ويدِخل في هذا الحديث‪ ،‬ولهذا قال‪( :‬وعائل مستكبر)‪ ،‬فهو ليس عنده من الصفات ما يكون‬
‫َ‬
‫اللستكبارشبهة عنده أو ألجل تلك الصفات أو يكون ثم فتنة عنده إل ملا قام في نفسه الخبيثة من الكبر‪.‬‬

‫‪ ‬ما املقصود بالعائل املستكبر؟ هو الفقيرالكثيرالعيال‬

‫"ورجل جعل هللا بضاعته‪ ،‬ل يشتري إل بيمينه‪ ،‬ول يبيع إل بيمينه"‬

‫‪ ‬ملاذا الستحق الصنف الثالث هذه العقوبة؟‬

‫ألنه مذموم وهو صاحب كبيرة؛ ألنه جعل هللا بضاعته يبيع باليمين‪ ،‬ويشتري باليمين وهذا ل يجامع كمال‬
‫ً‬
‫مرتكبا ملحرم‪.‬‬ ‫التوحيد؛ بل ل يجامع تعظيم هللا جل وعا التعظيم الواجب‪ ،‬فيكون‬

‫َ‬
‫بوننا على الشهادة َ‬ ‫َ‬
‫والعهد ونحن صغار)‬ ‫ِ‬ ‫ضر‬
‫قال إبراهيم النخعي‪( :‬كانوا ي ِ‬
‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪174‬‬

‫‪ ‬ما األدب الذي كان السلف حريصين على غرلسه في أبنائهم؟‬

‫كان السلف يؤدبون أولدهم وذراريهم على تعظيم هللا جل وعا‪ ،‬فالشهادة والعهد واجب أن تكون مع التعظيم‬
‫هلل جل وعا والخوف من لقائه والخوف من الظلم‪ ،‬فكانوا ّ‬
‫يؤدبون أولدهم على ذلك حتى يتمرنوا وينشأوا على‬
‫ِ‬
‫تعظيم توحيد هللا وتعظيم أمرهللا ونهيه‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫باب ما جاء يف ذِمة اهلل‪ ،‬وذمة نبيه‬

‫‪ ‬ما عالقة هذا الباب بعلم التوحيد؟‬

‫هذا ابب عظيم من األبواب األخرية يف هذا الكتاب وهو (ابب ما جاء يف ذمة هللا وذمة نبيه صلى هللا عليه وسلم)‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٍن فَأ ََر ُ‬
‫ادو َك أ ْن ََتْ َع َل‬ ‫ت أ َْه َل ح ْ‬
‫اص ْر َ‬
‫وذ ْك ُر اإلمام رمحه هللا هلذا الباب ألجل حديث بريدة الذي ساقه‪ ،‬وفيه‪" :‬وإذا َح َ‬

‫ك‪ ،‬فإنّ ُك ْم أ ْن ُتْ ِف ُروا ِذ ّمت ُك ْم‬


‫أص ََابِ َ‬ ‫ولكن اجعل َهلم ِذمت َ ِ‬
‫ك وذ َمة ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذمةَ هللا وذ ّمةَ نَبيّه فال ََتْ َع َل َهلُْم ذ ّمةَ هللا وذ ّمةَ نَبِيّه ْ ْ َ ْ ُ ْ ّ َ‬
‫هلم َّ‬
‫و ِذ َّمة أصَابِ ُكم أ َْهو ْن ِمن أ ْن ُتِْفروا ِذمةَ هللا ِ‬
‫وذ ّمةَ نبيه"‬ ‫ُ ّ‬ ‫َْ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ما عالقة هذا الباب ابلباب الذي قبله (ابب ما جاء يف كثرة احللف)؟‬ ‫‪‬‬

‫(ابب ما جاء يف كثرة احللف) متعلق بتعظيم هللا جل وعال حني التعامل م الاا‪ ،،‬و(ابب ما جاء يف ذمة هللا وذمة‬

‫الع ِسرة الصعبة وهي حال اجلهاد‪ ،‬فاَ بَّه يف ذلك على أن تعظيم الرب جل‬
‫نبيه) متعلق ابلتعامل م الاا‪ ،‬يف احلاالت َ‬

‫وعال يكون يف التعامل يف أعصب(‪ )1‬احلاالت وهو اجلهاد‪ ،‬فإن العبد يكون ُم َوقِّرا هلل‪ُِ ،‬مال هلل‪ ،‬معظما ألامساهه وصفاته‪،‬‬
‫‪...‬‬
‫ومن ذاك أن يعظم ذمة هللا وذمة نبيه‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪175‬‬

‫ملاذا يتوجب على العبد أال يعطي الاا‪ ،‬بذمة هللا وذمة نبيه ﷺ؛ بل يُعطي بذمته هو؟ وما املقصود ابلذمة؟‬ ‫‪‬‬

‫هذا ألجل تعظيم الرب جل وعال وتعظيم رسوله ﷺ‪ ،‬فإن تعظيم هللا جل وعال يف مااجاته‪ ،‬ويف سؤاله‪ ،‬ويف العبادة له‬

‫جل وعال‪ ،‬ويف التعامل م الاا‪ ،‬هذا كله من كمال التوحيد‪ ،‬والواجب على العبد أن يُ َع ِظّم هللا جل جالله وأن ال خيفر‬

‫عهده وذمته؛ ألنه إذا أعطى بذمة هللا فإنه جيب عليه أن يويف هبذه الذمة مهما كان حىت ال يُاسب الاقص لعدم تعظيم‬

‫ذمة هللا جل جالله من أهل اإلسالم‪.‬‬


‫ّ‬

‫والذمة مبعىن‪ :‬العهد‪ ،‬وذمة هللا أي‪ :‬عهد هللا وعهد نبيه‪ ،‬فإنه إذا كان يعطي بعهد هللا مث خيفر فقد خفر عهد هللا جل‬
‫‪.‬‬ ‫وعال وفجر يف ذلك‪ ،‬وهذا ٍ‬
‫مااف لكمال التوحيد الواجب‬

‫هلذا كان إعطاء مثل هذه الكلمة مثل كثرة احللف‪ ،‬فال جيوز أن َتعل يف العهد ذمة هللا وذمة نبيه صلى هللا عليه وسلم‬

‫كما ال جيوز كثرة األميان؛ ألن يف كل ماهما نَقصا يف تعظيم الرب جل جالله‪.‬‬

‫ُوا األ َْميَا َن ب ع َد تَوكِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫يد َها﴾‪ 162‬؟ ؟ وما‬ ‫َْ ْ‬ ‫اه مْ‬
‫دُّت َوَال تَ ْا ُق ُ‬ ‫ما املقصود ابلعهد يف قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وأ َْوفُوا بِ َع ْهد هللا إِذَا َع َ‬ ‫‪‬‬

‫الواجب على من أعطى عهدا؟ وملاذا؟‬

‫ِ‬
‫سر ابليمني‪ ،‬فالعهد مبعىن العقد كما قال جل وعال‪﴿ :‬وأَ ْوفُوا‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫سر ابلعقد‪ ،‬وفُ ّ‬
‫العهد يف قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وأ َْوفُوا ب َع ْهد هللا﴾ فُ ّ‬
‫ِابلع ْه ِد إِ َّن الع ْهد َكا َن مسئُوال﴾‪ ،139‬وقال جل وعال‪َ﴿ :‬ي أَيمها الَّ ِذين آماُوا أَوفُوا ِابلع ُق ِ‬
‫ود﴾‪ ،140‬فالعقد والعهد مبعىن؛‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فلهذا فسر ﴿وأَوفُوا بِعه ِد ِ‬
‫هللا﴾ أبهنا العقود اليت تكون بني الاا‪.،‬‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ُوا األ َْميَا َن ب ع َد تَوكِ ِ‬
‫يد َها﴾‪.‬‬ ‫ودل عليه قوله بعدها ﴿ َوَال تَ ْا ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫سر العهد هاا أبنه اليمني‪ّ ،‬‬
‫َْ ْ‬ ‫ف ُف ّ‬

‫‪[.138‬النحل‪]19:‬‬
‫‪[. 131‬اإلسراء‪42:‬‬
‫‪[ 140‬المائدة‪9:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪176‬‬

‫وجيب على من أعطى عهدا الوفاء به‪ ،‬وجيب الوفاء ابليمني تعظيما حلق هللا جل وعال‪ ،‬ألن من أعطى اليمني هلل فإن‬

‫معااه أنه َّ‬


‫أكد وفاءه هبذا الشيء الذي تكلم به؛ أكد ذلك ابهلل جل جالله‪ ،‬فإذا خالف وأخَّر فمعىن ذلك أنه مل يعظم‬

‫ُوا‬
‫هللا جل جالله تعظيما خاف بسببه من أن ال يقيم ما جيب هلل جل وعال من الوفاء ابليمني‪ ،‬وهلذا قال‪َ ﴿ :‬وَال تَ ْا ُق ُ‬

‫يد َها َوقَ ْد َج َعلْتُ ُم هللاَ َعلَْي ُك ْم َك ِفيال ﴾ حني استشهدُّت هللا جل جالله أو حني حلفتم ابهلل جل جالله‪،‬‬
‫األ َْميَا َن ب ع َد تَوكِ ِ‬
‫َْ ْ‬
‫وهلذا ك ّفارة اليمني واجبة على ما هو مفصل يف موضعه من كتب الفقه‪.‬‬

‫واحلديث ظاهر ال ِّداللة على ما ذكران؛ ففيه تعظيم هللا جل جالله أبن ال يعطي العبد الاا‪ ،‬بذمة هللا وذمة نبيه صلى‬

‫هللا عليه وسلم؛ بل أن يُعطي بذمته هو‪.‬‬

‫ما التابيه الذي جيب على أهل التوحيد وطالب العلم األخذ به يف تعاملهم م الاا‪،‬؟‬ ‫‪‬‬

‫هذا تابيه عظيم ألهل التوحيد وطلبة العلم الذين يهتمون بعلم التوحيد‪ ،‬ويعرف الاا‪ ،‬ماهم أهنم يهتمون‬

‫تدل على عدم َتََثملِهم ِهبذا العلم‪ ،‬فإن التوحيد هو مقام األنبياء‬
‫هبذا العلم أال يب ُدر ماهم ألفاظ أو أفعال ّ‬

‫واملرسلني ومقام أولياء هللا الصاحلني‪ ،‬فأن يتعلم طالب العلم مساهل التوحيد مث ال تظهر على لسانه‪ ،‬أو على‬

‫جوارحه‪ ،‬أو على تعامله ال شك أن هذا ‪-‬ولو مل يشعر‪ -‬يرج إىل اهتام ذلك الذي محله من التوحيد أو من‬

‫العلم الذي هو علم األنبياء واملرسلني عليهم الصالة والسالم‪.‬‬

‫‪ ‬ما الرادع الذي ميكن أن ميا املوحدين من اإلخفار ابلذمة؟‬

‫وذ ّمةَ نَبيّ ِه فال ََتْ َع َل‬


‫ذمةَ هللا ِ‬ ‫ِ‬
‫وك أ ْن ََتْ َع َل هلم َّ‬ ‫ص ٍن فَأ ََر ُ‬
‫اد َ‬ ‫ت أ َْه َل ح ْ‬ ‫‪ o‬ت َذ َّكر قول الايب صلى هللا عليه وسلم هاا‪" :‬وإذا َح َ‬
‫اص ْر َ‬

‫وذ ّمةَ نَبِيّ ِه" ألجل أنه قد يُدخل على أهل اإلسالم أو على الدين يف نفسه من جهة فعلهم‪ ،‬فيخفرون هذه‬
‫َهلم ِذمةَ هللا ِ‬
‫ُْ ّ‬

‫الذمة‪ ،‬فريج إخفار ذلك إىل اهتام ما محلوه من اإلسالم ومن الدين‪ ،‬فهذه مسألة عظيمة‪ ،‬فتستَُر أن الاا‪،‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪177‬‬

‫ياظرون إليك خاصة يف هذا الزمان ‪-‬الذي هو زمان ُشبه وزمان فنت‪ -‬ياظرون إليك أنك حتمل ُساّة‪ ،‬حتمل توحيدا‪،‬‬

‫حتمل علما شرعيا‪ ،‬فال تعاملهم إال بشيء يكون معه تعظيم الرب جل وعال‪ ،‬وَتعل أولئك يعظمون هللا جل وعال‬

‫بتعظيمك له‪ ،‬وال تفر يف اليمني‪ ،‬وال تفر يف ذمة هللا‪ ،‬أو تكون يف الشهادة حاهفا‪ ،‬أو يف التعامل حاهفا؛ ألن ذلك‬

‫ص ألثر ما حتمله من العلم والدين‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ُم ْاق ٌ‬

‫وك أ ْن تُازهلم على ُح ْك ِم هللا‬ ‫ِ‬


‫اد َ‬ ‫ص ٍن َ‬
‫فأر ُ‬ ‫ت ْأه َل ح ْ‬
‫اص ْر َ‬
‫فتذكر هذا‪ ،‬وتذكر أيُا قوله عليه الصالة والسالم هاا‪" :‬وإذا َح َ‬
‫‪o‬‬

‫يب ُح ْك َم هللا في ِه ْم أم ال" وذلك حىت إذا كان‬ ‫ِ‬ ‫فال تُ ْا ِزُهلُ ْم على ُح ْك ِم هللا ولكن أنْ ِزْهلُ ْم على ُح ْك ِم َ‬
‫ك فَِإنّ َ‬
‫ك الَ تَ ْد ِري أتُص ُ‬
‫غلط فيكون الغلط ماسواب إىل من َح َك َم ‪-‬إىل هذا البشر‪ ، -‬وال يكون ماسواب إىل ُح ْكم هللا‪ ،‬فيصد الاا‪ ،‬عن دين‬

‫هللا‪ ،‬وكم من الاا‪ ،‬ممن محملون ساة‪ ،‬أو علما‪ ،‬أو محملون استقامة يسيئون أبفعاهلم وأقواهلم؛ ألجل عدم تعلمهم أو‬

‫فهمهم ما جيب هلل جل وعال‪ ،‬وما جيب لساة الايب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وما يدعوهم إليه الرب الكرمي جل وعال‬

‫وتعاىل وتقد‪.،‬‬

‫نربأ إىل هللا جل وعال من كل نقص‪ ،‬ونسأله أن يعفو ويتجاوز ويرمحاا مجيعا‪.‬‬

‫باب ما جاء يف اإلقسام على اهلل‬

‫اّللُ لُِفالَ ٍن‪ ،‬فقال هللاُ عز‬ ‫ال رجل‪ :‬و ِّ‬
‫اّلل الَ يَغْ ِف ُر ّ‬ ‫َع ْن ُج ْا َدب بن عبد هللا رضي هللا عاه قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪" :‬قَ َ َ ُ َ‬
‫ك" رواه مسلم‪.‬‬
‫ْت َع َملَ َ‬
‫َحبَط ُ‬ ‫الذي ي تأ ََّىل علَي أَ ْن الَ أَغْ ِفر لُِفالَ ٍن‪ ،‬إِّن قَ ْد غَ َفر ُ ِ‬
‫وجل‪ :‬من ذَا ِ‬
‫ت لهُ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ّ‬ ‫َْ‬
‫ت دنْ ياه و ِ‬
‫آخ َرتَهُ‪.‬‬ ‫ويف حديث أيب هريرة أن القاهل رجل عابد‪ ،‬قال أبو هريرة‪ :‬تَ َكل ِ ِ ٍ‬
‫ّم ب َكل َمة أ َْوبَ َق ْ ُ َ ُ َ‬
‫َ‬
‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪178‬‬

‫‪ ‬ما جهيت اإلقسام على هللا؟‬

‫اإلقسام على هللا يكون على جهتني‪ :‬اجلهة األوىل جهة فيها التأيل والتكرب والتجرب‪ ،‬ورفعة هذا املتأيل نفسه حىت جيعل‬

‫له على هللا حق‪ ،‬وهذا ٍ‬


‫مااف لكمال التوحيد‪ ،‬وقد ياايف أصله‪ ،‬وصاحبه متوعد ابلعقاب الذي جاء يف مثل هذا‬

‫احلديث‪ ،‬فهذا يتأىل‪ ،‬فيجعل هللا جل وعال محكم مبا اختاره هو من احلكم‪ ،‬فيقول‪ :‬وهللا ال محصل لفالن كذا‪ ،‬تكربا‬

‫واحتقارا لآلخرين‪ ،‬فرييد أن جيعل حكم هللا جل وعال كَكمه أتليا واستبعادا أن يفعل هللا جل وعال ما ظاه هو‪ ،‬فهذا‬

‫التأيل واالستبعاد نوع حتكم يف هللا جل وعال ويف فعله‪ ،‬وهذا ال يصدر من قلب معظم هلل جل وعال‪.‬‬

‫‪ ‬واجلهة الثانية ‪ :‬أن يقسم على هللا جل جالله ال على جهة التأيل؛ ولكن على جهة أن ما ظاه صَيح‪ ،‬يف أمر وق‬

‫له‪ ،‬أو يف أمر يواجهه‪ ،‬فهذا يقسم على هللا أن يكون كذا يف املستقبل على جهة التذلل واخلُوع هلل ال على جهة‬

‫ألبره"‬
‫التأيل‪ ،‬وهذا هو الذي جاء فيه احلديث "ومن عباد هللا من لو أقسم على هللا َّ‬

‫‪ ‬ملاذا غُُب على ِ‬


‫املقسم يف احلال األوىل‪ ،‬يف حني يُعطى املقسم سؤله يف احلالة الثانية؟‬

‫َقس َم‬
‫ألن الثاّن أقسم على هللا ال على جهة التعاظم والتكرب والتأيل؛ ولكن على جهة احلاجة واالفتقار إىل هللا‪ ،‬فَني أ َ‬
‫َقس َم حمتاجا إىل هللا‪ ،‬وأكد ذلك ابهلل وأبامساهه من جهة ظاه احلسن ابهلل جل وعال‪ ،‬فهذا جاهز‪ ،‬ومن عباد هللا من لو‬
‫أ َ‬
‫أقسم على هللا ألبره؛ ألنه قام يف قلبه من العبودية هلل والذل اخلُوع ما جعل هللا جل وعال جييبه يف سؤاله ويعطيه‬

‫طلبَ تَه ورغبته‪.‬‬

‫وأما احلال األوىل فهي حال املتكرب املرتفِّ الذي يظن أنه بلغ مقاما حبيث يكون فعل هللا جل وعال تبعا لفعله‪ ،‬فتكرب‬

‫واحتقر غريه‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪179‬‬

‫ِ‬
‫اّلل الَ ي غْ ِفر ّ ِ ٍ‬
‫اّللُ ل ُفالَن‪ ،‬فقال هللاُ‬ ‫ال َر ُجل‪َ :‬و ّ َ ُ‬
‫َع ْن ُج ْا َدب بن عبد هللا رضي هللا عاه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪" :‬قَ َ‬ ‫‪‬‬

‫املقسم عليه يف هذا احلديث؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫عز وجل‪َ :‬م ْن ذَا الذي يَتَأَىل عَلَ َّي أَ ْن الَ أَ ْغف َر ل ُفالَن" ما حال املُقسم؟ وما حال َ‬
‫اّلل لُِفالَ ٍن" كان رجال صاحلا‪ ،‬واآلخر كان رجال فاسقا‪ ،‬فقال هذا الصاحل‪" :‬و ِّ‬
‫اّلل الَ‬ ‫ِ‬ ‫هذا الذي قال‪" :‬و ِّ‬
‫َ‬ ‫اّلل الَ يَغْف ُر ُّ‬ ‫َ‬
‫اّللُ لُِفالَ ٍن"؛ ألن فالن هذا كان رجال فاسقا َم ِريدا كثري العصيان‪ ،‬فتأىل هذا العابد‪ ،‬وعظم نفسه‪ ،‬وظن أنه بعبادته‬
‫يَغْ ِف ُر ّ‬

‫إىل هللا جل وعال بلغ مقاما يكون متَكما فيه أبفعال هللا جل وعال‪ ،‬وأال يُرد شيء طلبه‪ ،‬أو له أن يتَكم يف اخللق‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهذا ياايف حقيقة العبودية اليت هي التذلل هلل جل وعال‬

‫ما املقصود ابلتأيل يف قول هللا تعاىل‪" :‬من ذَا ِ‬


‫الذي يَتَأ ََّىل َعلَ َّي؟!"؟‬ ‫‪‬‬
‫َْ‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫علي؛ ألن يتأىل من األليَّة وهي احللف‪ ،‬وماه قوله تعاىل‪﴿ :‬للَّذ َ‬
‫ين يُ ْؤلُو َن‬ ‫علي‪ ،‬ومحلف علي فيقسم َّ‬
‫أي‪ :‬يتعاظم ويتكرب ّ‬
‫يم﴾‪ ،141‬واإليالء‪ :‬من األلية وهي احللف‪ ،‬ف (يَتَأ ََّىل) أي‪:‬‬ ‫ِمن نِّساهِ ِهم تَربص أَرب ع ِة أَ ْشه ٍر فَِإ ْن فَاءو فَِإ َّن هللا غَ ُف ِ‬
‫ور َرح ٌ‬
‫َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫‪..‬‬
‫محلف على جهة التكرب والتعاظم‬

‫هل أعطى هللا للرجل العابد ما أقسم عليه؟‬ ‫‪‬‬

‫ك" فغُفر للطاحل وأُحبط عمل ذلك الرجل العابد‪.‬‬


‫ْت َع َملَ َ‬
‫َحبَط ُ‬ ‫ال‪ ...‬قال هللا تعاىل‪ " :‬إِّن قَ ْد غَ َفر ُ ِ‬
‫ت لهُ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬

‫ما الدر‪ ،‬الذي ميكن تعلمه من هذا احلديث؟‬ ‫‪‬‬


‫هذا يبني ِعظم شأن خمالفة تعظيم هللا جل جالله‪ِ ،‬‬
‫وعظم خمالفة توحيد هللا سبَانه وتعاىل‪ ،‬فهذا الرجل الفاسق‪ ،‬هذا‬

‫الرجل الطاحل‪ ،‬الرجل الفاسق أاته خري من حيث ال يشعر‪ ،‬وقيلت يف حقه كلمة ‪-‬حبسب الظاهر‪ -‬أهنا مؤذية له‪ ،‬وأهنا‬

‫[‪141‬البقرة‪]442:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪181‬‬

‫فيها من االحتقار و االزدراء له ما جيعله يف ضعة بني الاا‪ ،،‬حيث شهد عليه هذا الصاحل بقوله‪" :‬و ِّ‬
‫اّلل الَ يَغْ ِف ُر ّ‬
‫اّللُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫لُِفالَ ٍن"؛ فكانت هذه الكلمة اليت ساءته‪ ،‬وكان فيها إيذاء له‪ ،‬كانت فيها مصلَة عظيمة له أن غفر له ذنبه‪.‬‬

‫‪ ‬كيف ميكن أن يكون كالم الاا‪ ،‬عن الشخص من أسباب اخلري له؟‬

‫لقد نبه الشيخ يف مساهل الباب مبسألة معااها‪ :‬أن من االبتالء واإليذاء وكالم الاا‪ ،‬يف املكلَّف ‪-‬يف الشخص‪ -‬ما‬

‫يكون أعظم أسباب اخلري له‪ ،‬فالعربة ليس ابحتقار الاا‪ ،،‬وال بكالمهم‪ ،‬وال إبيذاههم‪ ،‬وال بتصايفهم‪ ،‬أو بقوهلم هذا‬

‫فالن كذا‪ ،‬وهذا فالن كذا‪ ،‬العربة حبقيقة األمر مبا عاد هللا جل جالله‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا يتوجب على العباد لياجوا من آفة الكرب والتعاظم؟‬

‫الواجب على العباد مجيعا أن يعظّموا هللا‪ ،‬وأن خيبتوا إليه‪ ،‬وأن يظاموا أهنم أسوأ اخللق حىت يكون يف قلوهبم أهنم أعظم‬

‫حاجة هلل جل وعال‪ ،‬وأهنم مل يوفموا هللا َّ‬


‫حقه‪.‬‬

‫أما التعاظم يف الافس‪ ،‬والتعاظم ابلكالم‪ ،‬واملدح‪ ،‬والثااء وحنو ذلك فليس من صاي اجمللِّني هلل جل وعال‪ ،‬اخلاهفني من‬

‫تقلمب القلوب‪ ،‬فاهلل جل وعال يقلب القلوب‪ ،‬ويصرفها كيف يشاء‪ ،‬فالقلب املخبت املايب محذر وخياف داهما من‬

‫لَظه‪ ،‬وياتبه لسمعه‪ ،‬وياتبه حلركاته؛ لعل هللا جل وعال أن مييته غري مفتون وال‬‫ِ‬
‫أن يتقلب قلبه‪ ،‬فياتبه لافسه‪ ،‬وياتبه ل ْ‬

‫خيزيه‪.‬‬

‫ُ‬
‫باب ال يستشفع باهلل على خلقه‬

‫ما املقصود من قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال يستشف )؟ و ملاذا ال جيوز ؟‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪181‬‬

‫(ال يستشف ) أي‪ :‬ال ُجيعل هللا شفيعا على اخللق‪ ،‬وال جيوز ألن شأن هللا جل وعال أعظم وأجلم من أن يستشف به‪،‬‬

‫وجيعل واسطة لالنتفاع أبحد من اخللق‪ ،‬فالشفاعة املعروفة‪ :‬أتيت إىل أحد وتطلب أن يكون شفيعا عاد آخر؛ ألن ذلك‬
‫ُ‬

‫اآلخر هو الذي ميلك ما تريد والاف عاده‪ ،‬وهذا يكون واسطة وال يستطي أن يافعك هو بافسه إال أبن يتوسط‪ ،‬وهللا‬

‫جل جالله ال جيوز أن يظن به ذلك الظن ألنه ظن َسوء ابهلل جل جالله‪ ،‬وهللا سبَانه ال يصلح أن ُجيعل واسطة ألحد‬

‫أو إىل أحد من اخللق‪ ،‬أو على أحد من اخللق؛ بل هو جل وعال الذي ميلك األمور مجيعا‪.‬‬

‫‪ ‬كيف يكون االستشفاع ابهلل على اخللق؟ وما حكمه؟‬

‫يتوسط العبد بربه على أحد من اخللق‪ ،‬وهذا ٍ‬


‫مااف لكمال التوحيد‪ ،‬وعمل وقول من األقوال‬ ‫أن جيعل هللا واسطة‪َّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫املاافية لتعظيم هللا جل وعال التعظيم الواجب‬

‫ذكر الشيخ رمحه هللا حديث جبري بن مطعم كان الشاهد ماه أنه قال األعرايب للايب عليه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ك َعلَى هللا" ماذا أراد األعرايب من قوله‪( :‬نَ ْستَ ْش ِف ُ ابهلل)؟‬ ‫استَ ْس ِق لَاَا ربَّك فِإ ّان نَ ْستَ ْش ِف ُ ابهلل َعلَْي َ‬
‫ك وبِ َ‬ ‫"فَ ْ‬
‫‪....‬‬
‫أي جنعل هللا جل وعال واسطة يتوسط لاا عادك حىت تدعو‬

‫وهللا جل وعال هو امللك احلي القيوم‪ ،‬امللك احلق املبني‪ ،‬الذي نواصي العباد بيديه يصرفها كيف يشاء‪ ،‬شأن هللا أعظم‬

‫من أن يستشف به على أحد من خلقه؛ بل الرجل أو املكلف يستشف أبحد من اخللق عاد خملوق آخر محتاجه يف‬

‫شيء‪ ،‬وهللا جل وعال هو الذي ميلك األشياء مجيعا‪ ،‬وهو الذي يصرف القلوب‪ ،‬هو الذي بيده امللك وامللكوت‪ ،‬هو‬

‫الذي بيده مقاليد السموات واألرض‪ ،‬وبيده خزاهن كل شيء ﴿ َوإِن ِّم ْن َش ْي ٍء إَِّال ِع ْا َد َان َخ َزاهِاُهُ َوَما نُاَ ِّزلُهُ إَِّال بَِق َد ٍر‬

‫وم﴾‪ ،142‬فالعباد هم احملتاجون إىل هللا‪ ،‬وشأن هللا أعظم من ذلك ِإذ املخلوق حقري وضي ابلاسبة إىل الرب جل‬ ‫معلُ ٍ‬
‫َْ‬

‫‪[ 141‬الحجر‪]49:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪182‬‬

‫جالله‪ ،‬وهو ‪-‬هذا املخلوق‪ -‬ال يصلح أن ُجيعل هللا جل وعال واسطة عاده حىت يقبل هذه الواسطة؛ بل شأن هللا جل‬

‫وعال أعظم من ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬مباذا كان رد الرسول صلى هللا عليه على قول األعرايب؟ وما معىن ذلك وملاذا كرره ؟‬

‫سبّ ُح‪ :‬سبَان هللا؛ يعين تازيها وتعظيما هلل‪ ،‬تازيها وإبعادا هلل‬
‫ال يُ َ‬
‫ول هللا‪" :‬سبَان هللا! سبَان هللا!"‪ ،‬فَ َما َز َ‬
‫قال َر ُس ُ‬
‫َ‬

‫عن كل وصف سوء‪ ،‬أو شاهبة نقص ‪ ،‬وعن كل ظن سوء به جل وعال ‪ ،‬وما زال يكررها حىت ُعرف ذلك يف وجوه‬

‫أصَابه من شدة تسبيَه وتازيهه لربه جل وعال‪ ،‬وهذا من الغُب هلل جل جالله‪ ،‬صلى هللا وسلم على نبياا حممد‪،‬‬

‫‪ ‬أين يظهر لاا دور املريب املوجه يف هذا احلديث؟‬

‫ك أَتَ ْد ِري َما هللا؟ إِ ّن َشأْ َن هللا أَ ْعظَ ُم ِم ْن ذَلِ َ‬


‫ك‪ ،‬إنه ال يُ ْستَ ْش َف ُ ابهلل َعلَى‬ ‫حني قال صلى هللا عليه وسلم لألعرايب‪َ " :‬وْمحَ َ‬

‫َح ٍد"‬
‫أَ‬
‫‪ ‬ما أثر تعلم أامساء هللا وصفاته؟‬

‫َمن علم أامساء هللا جل وعال وصفاته املستَقة له فإنه لن يدور خباطره ظ من َس ْوء به أو استاقاص له جل وعال‪.‬‬

‫إذن هذا الباب فيه كما يف األبواب قبله ما يتَرز به املوحد من األلفاظ اليت فيها ُسوء ظن ابهلل جل وعال‪ ،‬وتاقص‬

‫ملقام الربوبية هلل جل جالله‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪183‬‬

‫ِّ‬
‫باب ما جاء يف محاية النبي ﷺ محى التوحيد وسده طرق الشرك‬

‫‪ ‬ما دور النبي ﷺ في ترلسيخ عقيدة التوحيد؟ وما السبيل لننجو بأنفسنا من الوقوع في الشرك؟‬
‫لقد حمى وحرس جناب التوحيد‪َ ،‬‬
‫وحمى ِحمى التوحيد‪ ،‬ولسد كل طريق توصل إلى الشرك‪.‬‬

‫إن في لسنة النبي عليه الصاة والسام من الدلئل على قاعدة لسد الذرائع ما يبلغ مائة دليل أو أكثر‪ ،‬وأعظم‬

‫الذرائع التي يجب أن تسد ذرائع الشرك التي توصل إليه‪...‬‬


‫ً‬
‫موضحا لم نهى الرلسول ﷺ صحابته من الوقوع فيه؟‬ ‫‪ ‬اذكرذريعة من ذرائع الشرك‪،‬‬

‫من تلك الذرائع قول القائل‪ :‬أنت لسيدنا و ابن لسيدنا‪ ،‬وِخيرنا و ابن ِخيرنا ونحو ذلك‪ ،‬فإن هذا فيها التعظيم‬
‫الذي ل يجوز أن َ‬
‫يواجه به بشر‪ ،‬فإن النبي صلى هللا عليه ولسلم هو لسيد ولد آدم كما أِخبر به عليه الصاة‬
‫‪.‬‬
‫والسام؛ لكن كره املواجهة‬

‫‪ ‬ما الجو انب التي حرص الرلسول ﷺ على حمايتها حماية لجناب التوحيد؟ مع إعطاء مثال على كل جانب ؟‬
‫َ‬
‫كانت حماية النبي ﷺ ِحمى التوحيد ولسده طرق الشرك‪:‬‬

‫في جهة العتقادات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وكان في جهة األعمال واألفعال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وكان في جهة األقوال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فإذا تأملت لسنته وما جاء في هذا الكتاب ‪-‬كتاب التوحيد‪ -‬وجدت أنه عليه الصاة والسام‪ :‬لسد الباب في‬

‫العتقادات الباطلة‪ ،‬ولسد الباب في‪:‬‬

‫اج َد)‬ ‫َ َ‬ ‫ض ُب ّ َ َ َ َ ّ َ ُ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َّ َ َ‬


‫للا على قوم اتخذوا قبور أن ِبي ِائ ِهم مس ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬األفعال الباطلة كقوله )اشتد غ‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪184‬‬

‫‪ ‬األقوال التي توصل إلى الغلو املذموم فقال‪) :‬ل تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم‪ ،‬إنما أنا عبد‪،‬‬

‫فقولوا عبد هللا ورلسوله)‪.‬‬

‫‪ ‬في بيان حماية النبي ﷺ ِحمى التوحيد فيما يتعلق بالقول الذي قد يتبعه اعتقاد‪.‬‬
‫َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫قال‪( :‬عن عبد هللا بن الشخيررض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬انطلقت في َوف ِد َب ِني َع ِامر ِإلى َر ُلسو ِل هللا ﷺ‪ ،‬فقلنا‪ :‬أنت َلس ّي ُدنا‪.‬‬
‫ولوا ب َقولكم َأو َببعض َقول ُ‬
‫كم‬
‫ُ َ َ َُ َ ً ََ ََُ َ ً َ َ َ ُ ُ‬
‫الس ّي ُد هللا تبارك وتعالى)‪ ،‬قلنا‪ :‬و أفضلنا فضا وأعظمنا طول‪ .‬فقال (ق‬ ‫ال ‪ّ (:‬‬ ‫َ‬
‫فق َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ َ ُ‬ ‫َ َ ّ‬
‫َول َيستج ِرَينكم الشيطان)‪ .‬رواه أبو داوود بسند جيد)‬

‫‪ ‬ما الحكم الشرعي الذي يمكن الستنباطه من الحديث الشريف؟‬

‫إن إطاق لفظ (السيد) على البشر هذا مكروه‪ ،‬ومخاطبته بذلك يجب لسدها‪ ،‬فا يخاطب أحد بأن يقال له‪:‬‬

‫أنت لسيدنا‪ ،‬على جهة الجمع؛ وذلك ألن فيها نوع تعظيم‪ :‬من جهة املخاطبة‪ ،‬أي الخطاب املباشر ‪ ،‬والجهة‬

‫الثانية‪ :‬من جهة الستعمال اللفظ‪.‬‬

‫‪ ‬ما لسبب نهي النبي ﷺ للصحابة عن مخاطبتهم له بقولهم‪" :‬لسيدنا" على الرغم من أنه قد قال عن‬

‫نفسه‪« :‬أنا لسيد ولد آدم ول فخر» ؟‬

‫كره عليه الصاة والسام مخاطبته (بسيدنا) مع كونه لسيدهم وِخيرهم؛ لكنه منع ذلك لئا تؤدي إلى ما هو‬

‫أعظم من ذلك من تعظيمه والغلو فيه عليه الصاة والسام‪.‬‬

‫‪ ‬ما منالسبة هذا الحديث للباب؟‬

‫منالسبة هذا الحديث لهذا الباب‪ ،‬أن من صدق قوله ﷺ السيد هللا تبارك وتعالى‪ ،‬مع كونه عليه الصاة والسام‬

‫هو لسيد ولد آدم ما يفيد أنه عليه الصاة والسام حمى ِحمى التوحيد‪ ،‬ولسد الطرق املوصلة الى الشرك ومنها‬

‫طريق الغلو في األلفاظ‪.‬‬

‫‪ ‬ما الحكم في مخاطبة شخص ب(السيد)؟‬

‫القول للرجل بأنه لسيد ونحو ذلك إذا كان على وجه املخاطبة له والضافة إلى الجمع فهذا أشدها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪185‬‬

‫‪...‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا كان بدون املخاطبة له ولفظ الجمع فإنه أهون منه‬
‫ومما َذكر العلماء‪ :‬أن قوله عليه الصاة والسام ّ‬
‫(الس ّي ُد هللا تبارك وتعالى) أنه ُيكره كراهة شديدة أن يقال‬

‫لبشر إنه السيد هكذا باأللف والام وكلمة لسيد؛ ألن هذا قد يفهم منه الستغراق معاني السيادة؛ ألن البشر له‬

‫لسيادة تخصه؛ لكن األلف والام هنا قد ُيفهم منه الستغراق ألفاظ السيادة‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫ولهذا ترى أن الذين يشركون ببعض األولياء كالسيد البدوي يعظمون كلمة السيد‬

‫يكثرعندهم التعبيربالسيد‪ ،‬ويريدون به السيد البدوي‪،‬‬

‫‪ ‬من املقصود بالسيد في ألسماء من تسموا (بعبد السيد)؟ وما اعتقادهم فيمن ِخاطبوه بذلك؟‬
‫ً‬
‫معبودا‪،‬‬ ‫يكثر عندهم (عبد السيد) ونحو ذلك‪ ،‬ول يريدون به هللا جل وعا ولكن يريدون به ذلك الذي اتخذوه‬

‫وتوجهوا إليه ببعض أنواع العبادة‪ ،‬فيفهمون من كلمة السيد أنه ذو السيادة وذو التصرف في األمر‪ ،‬وهذا هو‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الذي اعتقدوه من أن للبدوي وألمثاله أن لهم تصرفا في األرض وقبول للمطالب في الحاجات‪.‬‬
‫َ َُ َ ً َ َ َ َ ً‬
‫‪ ‬لم نهى الرلسول ﷺ عن قولهم‪َ ( :‬و أفضلنا فضا َوأعظ ُمنا طول) ؟‬

‫ألن هذا فيه الثناء واملدح باملواجهة‪ ،‬وهذا من الشيطان‪ ،‬فالشيطان هو الذي يفتح هذا الباب أن ُيمدح أحد‬
‫‪...‬‬ ‫َّ‬
‫ويعظم في مواجهته‪ ،‬وذلك حتى يعظم في نفسه فيأتيه الخذلن‬

‫ولهذا نهى النبي ﷺ أن يقال بمثل ذلك القول مواجهة‪ ،‬ونهى عن املدح؛ ألن فيه إضرارا باملتكلم وإضرارا باملقول‬

‫فيه ذلك الكام‪.‬‬

‫‪ ‬ما أثر اغترارالنسان بنفسه؟‬

‫كل أحد تخلى عن (ل حول ول قوة إل باهلل) وتخلى عن الزدراء بالنفس والذل والخضوع الذي يعلمه هللا من‬
‫َ‬
‫قلبه فإنه ُيخذل ويأتيه األمرعلى ِغرة والعياذ باهلل ‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪186‬‬

‫هات دليا يوضح نهي الرلسول ﷺ عن النجراف ِخلف مغريات الشيطان‪ ،‬م بيان سبب هنيه صلى هللا‬ ‫‪‬‬

‫عن ذلك ؟‬

‫نالسا قالوا‪ :‬يا‬ ‫تعظيم الشخص‪ ،‬ورفعه فوق منزلته إن هو إل من عمل الشيطان‪ .‬عن أنس رض ي هللا عنه‪ :‬أن ً‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ ُ ُ‬
‫قولكم ول َيس َته ِو َينكم‬
‫اس قولوا ِب ِ‬ ‫رلسول هللا‪ ،‬يا ِخيرنا و ابن ِخيرنا! ولسيدنا و ابن لسيدنا! فقال‪( :‬يا ّأيها الن‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫) َ‬ ‫ّ َ ُ‬
‫أح ّب أن ترف ُعوني فوق َمن ِزل ِتي التي أنزلني هللا َع ّز َو َج ّل)‪ .‬رواه النسائي‬ ‫ََ ُ‬
‫الشيطان‪ ،‬أنا محمد عبد هللا ورلسوله‪ ،‬ما ِ‬
‫‪...‬‬
‫بسند جيد‬

‫كان عليه الصاة والسام كما وصفوه؛ هو ِخيرهم وهو لسيدهم ؛ لكنه حمى ذلك الجناب‪ ،‬جناب التوحيد وحمى‬

‫ِحمى التوحيد حتى ل يستدل أحد بعده عليه الصاة والسام بهذا الكام على أنه يجوز أن يقال ملن ظن الناس‬

‫فيه ذلك؛ بل لسد الباب في نفسه وهو لسيد ولد آدم وهو ِخيرهم عليه الصاة والسام و أفضلهم؛ ولكن لسد‬
‫َّ‬
‫املعظم‬
‫ِ‬ ‫الباب حتى ل يدِخل أحد منه بإقراره هذا الفعل فيعظم أحد ويدِخل الشيطان إلى ذلك املعظم وإلى‬
‫فيجعل القلوب تتعلق بذلك املعظم حتى ُي َ‬
‫شرك به‪ ،‬فقد يعظم بما ل يجوز له من التعظيم‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا يتوجب على العبد ليسد الذرائع املوصلة للشرك؟‬

‫كل طريق أو لسبيل يجعل النفس تتعاظم ‪-‬من نفسه لنفسه أو من الخلق له‪ -‬يجب على املسلم أن يسده؛ ألن‬

‫وجل تدعوه‬
‫أعظم مقامات الشرف لك أن يعلم هللا جل وعا منك أنك متذلل ِخاضع بين يديه‪ ،‬و أنك ِخائف ِ‬
‫ُ َّ‬
‫﴿إ َّن ُهم‬
‫راغبا راهبا‪ ،‬هذه صفة الخلص من عباد هللا جل وعا الذين وعدهم هللا جل وعا بالخيرات قال لسبحانه‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ ََ ًَ ََ َ ً ََ ُ ََ َ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ات ويدعوننا َرغبا ورهبا وكانوا لنا ِخ ِ‬
‫اش ِعين﴾‪.143‬‬ ‫كانوا يس ِارعون ِفي الخير ِ‬
‫‪ ‬ما أنواع الخشوع؟ وكيف يمكن بلوغ كل نوع؟‬

‫الخشوع نوعان‪ِ /1 :‬خشوع في القلب‪ِ /2 .‬خشوع في الجوارح‪.‬‬

‫‪[ 143‬األنبياء‪.]40:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪187‬‬

‫وِخشوع القلب بالتطامن والذل والخضوع بين يدي هللا‪.‬‬


‫ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫اش َعة﴾‪.144‬‬ ‫َ‬
‫وِخشوع الجوارح بسكونها كما قال جل وعا ﴿و ِمن آيا ِت ِه أنك ت َرى األرض ِخ ِ‬

‫َ َ َّ َ َ َ ُ َ ً َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ضت ُه‬ ‫باب ما جاء في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و َما ق َد ُروا هللا حق قد ِر ِه واألرض ج ِميعا قب‬
‫ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ َّ ُ ُ َ‬ ‫َّ َ َ ُ َ َ ) َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫يوم ال ِقيام ِة والسموات مط ِويات ِبي ِمي ِن ِه لسبحانه وتعالى عما يش ِركون﴾[الزمر‪]67 :‬‬

‫ُ‬
‫‪ِ ‬ختم املصنف رحمه هللا الكتاب بهذا الباب وتعد منقبة للكتاب يحمد الشيخ عليها‪ ،،،‬ملاذا؟‬
‫َ َ َّ َ َ َ ُ َ ً َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫يعا قبضت ُه‬ ‫لقد أحسن الشيخ حينما جعل باب ما جاء في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و َما ق َد ُروا هللا حق قد ِر ِه واألرض ج ِم‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫ات َمطو َي )‬
‫ات ِب َي ِمي ِن ِه ُلسب َحان ُه َوت َعالى َع َّما ُيش ِركون﴾‪ .)145‬هو آِخرأبواب الكتاب؛ ألن من علم‬ ‫ِ‬ ‫َيو َم ال ِق َي َام ِة والسمو‬
‫ُ ً‬
‫حقيقة ما اشتمل عليه هذا الباب من وصف هللا جل وعا‪ ،‬وعظمة هللا جل وعا فإنه ل يملك إل أن َيذ َّل ذل‬
‫ً‬
‫عظيما للرب جل جاله‪ ،‬والصحيح والو اقع من حال الخلق أنهم لم يوقروا هللا جل‬ ‫ً‬
‫ِخضوعا‬ ‫ً‬
‫حقيقيا ويخضع‬

‫وعا‪ ،‬وما قدروا هللا جل وعا‪ :‬ل من جهة ذاته وقدرته وصفاته ‪ ،‬ول من جهة حكمته وبعثه لرلسله‪ .‬قال جل‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ََ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وعا‪َ ﴿ :‬و َما َق َد ُروا َ‬
‫هللا َعلى َبشر ِمن ش يء﴾‪ ، 146‬فهذا في إنزال الكتاب‪ ،‬وفي إرلسال‬ ‫هللا َح َّق قد ِر ِه ِإذ قالوا ما أنزل‬

‫الرلسول ﷺ‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ ‬ما املقصود من قوله تعالى‪َ ( :‬و َما َق َد ُروا َ‬
‫هللا َح َّق قد ِر ِه (؟‬

‫‪[ 144‬فصلت‪.]64:‬‬
‫‪[ 141‬الزمر‪.]69 :‬‬
‫‪[ 146‬األنعام‪.]41:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪188‬‬

‫َّ‬
‫يعني ما عظموه حق تعظيمه‪ ،‬ولو عظموه حق تعظيمه ملا عبدوا غيره‪ ،‬وملا أطاعوا غيره‪ ،‬ولعبدوه حق العبادة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫دائما و أنابوا إليه بخشوع وِخشية؛ ولكنهم َ(ما ق َد ُروه َح َّق قد ِر ِه) يعني ما عظموه حق‬ ‫ً‬
‫وِخضوعا ً‬ ‫و لذلوا له ذل‬

‫تعظيمه الذي يجب لقدره جل وعا‪ ،‬وعظم ذاته لسبحانه وتعالى وصفاته‪.‬‬

‫َّ َ َ ُ‬
‫ات َمطو َي )‬ ‫َ َ ُ َ ً َ َ‬
‫ض ُت ُه َيو َم الق َي َ‬ ‫َ‬ ‫﴿و َما َق َد ُروا َ‬
‫ات ِب َي ِمي ِن ِه‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫والس‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ام‬ ‫ِ‬ ‫هللا َح َّق قد ِر ِه واألرض ج ِميعا قب‬ ‫‪ ‬في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ُلسب َحان ُه َوت َعالى َع َّما ُيش ِركون﴾ اشتملت الية الكريمة على صفة ذاتية هلل تعالى فماهي ؟‬

‫إن عقل النسان ل يمكن أن يتحمل صفة هللا جل وعا على ما هو عليه‪ ،‬لذا فإن هللا جل وعا ّبين لك بعض‬
‫َّ َ َ ُ‬
‫ات َمطو َي )‬ ‫َ َ ُ َ ً َ َ‬
‫ض ُت ُه َيو َم الق َي َ‬
‫ات ِب َي ِمي ِن ِه﴾‪ ،‬فإذا نظرت إلى هذه‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫والس‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ام‬ ‫ِ‬ ‫صفاته فقال لسبحانه‪﴿ :‬واألرض ج ِميعا قب‬

‫األرض ‪-‬على ِعظمها‪ ،‬وعلى غرور أهلها فيها‪ ،-‬ونظرت إلى حجمها وإلى لسعتها وإلى ما فيها فهي قبضة الرحمن جل‬
‫َ َ ُ َ ً َ َُ‬
‫يعا قبضت ُه َيو َم‬ ‫وعا؛ يعني في داِخل قبضة الرحمن جل وعا يوم القيامة كما وصف ذلك بقوله‪﴿ :‬واألرض ج ِم‬

‫ال ِق َي َام ِة﴾ فنفهم من ذلك أن كف الرحمن جل وعا وأن يد الرحمن جل وعا أعظم من هذا‪ ،‬وكذلك السماوات‬
‫َ َّ َ َ ُ‬
‫ات َمطو َي )‬
‫ات ِب َي ِمي ِن ِه﴾ وقال في‬ ‫ِ‬ ‫مطويات كطي السجل في كف الرحمن جل وعا‪ ،‬كما قال لسبحانه هنا‪﴿ :‬والسمو‬

‫يد ُه﴾‪ ،147‬فهذه صفات هللا‬ ‫السج ّل لل ُك ُتب َك َما َب َدأ َنا َأ َّو َل َِخلق ُنع ُ‬
‫َّ َ َ َ َ ّ ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫آية لسورة األنبياء‪﴿ :‬يوم نط ِوي السماء كط ِي ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫جل جاله‪ ،‬فإن األرض التي يتعاظمها أهلها‪ ،‬والسماوات التي يتعاظمها من نظرفيها هي صغيرة و آيلة في الصغر‬
‫ّ‬
‫وأجل؛ بل هولسبحانه وتعالى الوالسع‬ ‫إلى أن تكون في كف الرحمن جل وعا‪ ،‬وهللا لسبحانه وتعالى أعظم من ذلك‬

‫الحميد‪ ،‬الذي له الحمد كله وله الثناء كله‪ .‬ويبين لك ذلك عظمة الرب جل وعا في ذاته‪ ،‬وعظمة الرب جل‬
‫‪...‬‬
‫وعا في صفاته‬

‫‪ ‬ما حجم األرض مقارنة بالسماء؟‬

‫‪[ 147‬األنبياء‪.]109:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪189‬‬

‫إذا تأملت في األحاديث النبوية‪ ،‬ونظرت إلى هذه األرض‪ ،‬ونظرت إلى لسعتها‪ ،‬وغرورأهلها بها‪ ،‬وبقواهم فيها‪ ،‬نظرت‬

‫إلى أن األرض بالنسبة إلى السماء أنها صغيرة‪ ،‬وأن بين األرض وبين السماء األولى مسيرة ِخمسمائة لسنة في مسير‬

‫الراكب السريع‪ ،‬وكذلك بين السماء األولى والسماء الثانية مسيرة ِخمسمائة لسنة‪ ،‬وهكذا حتى تنتهي السبع‬

‫السماوات‪.‬‬

‫‪ ‬كيف بين لنا النبي صلى هللا عليه ولسلم عظمة الكرس ي؟‬
‫َّ‬
‫مثل النبي عليه الصاة والسام السماوات السبع في الكرس ي ‪-‬الذي هو فوق ذلك وهو أكبربكثيرمن السماوات‪-‬‬

‫بقوله (إن السماوات السبع كدراهم لسبعة ألقيت في ترس) أي‪ :‬هذه السماوات صغيرة جدا بالنسبة إلى‬

‫الكرس ي؛ بل كدراهم لسبعة ألقيت في ترس‪ ،‬والترس مكتنفها متقوس عليها‪ ،‬فهي صغيرة فيه‪ ،‬وهو والسعها‪ ،‬كما‬
‫ُ‬ ‫الس َم َاو َ َ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫ود ُه حفظ ُه َما﴾ ‪148‬‬ ‫قال جل وعا عن الكرس ي ﴿ َولس َع ُكرلسي ُه َّ‬
‫ات واألرض ول يؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاألرض التي أنت فيها‪ ،‬و أنت فيها في نقطة صغيرة‪ ،‬صغيرة هي بالنسبة إلى السماء‪ ،‬هذا وصفها‪ ،‬واألرض‬
‫‪....‬‬
‫والسماوات بالنسبة للكرس ي هذا وصفه‪ ،‬والكرس ي أيضا فوقه ماء‪ ،‬وفوق ذلك عرش الرحمن جل وعا‬

‫‪ ‬ما حجم الكرسي مقارنة م العرش؟‬

‫الكرس ي بالنسبة إلى العرش كحلقة ألقيت في فاة من األرض‪ ،‬فهو متناهي الصغر بالنسبة إلى عرش الرحمن‪،‬‬

‫الذي الرحمن جل وعا مستو عليه‪ ،‬وهو فوقه لسبحانه وتعالى‪.‬‬


‫‪‬‬
‫وضح كيف أن عظمة املخلوقات عندما تتناهى في الصغردليل على عظمة هللا لسبحانه ؟‬

‫هذه املخلوقات جميعا تتناهى في الصغر‪ ،‬فأنت على هذه األرض التي تتعاظمها تتناهى في الصغر‪ ،‬فما بقي إل‬

‫أن تعلم أن هللا جل جاله املستوي على عرشه الذي له علو الذات على ِخلقه‪ ،‬وعلو الصفات‪ ،‬وعلو القهر‪،‬‬

‫وعلو القدر‪ ،‬أنه هو العظيم وهو الوالسع وهو الحميد‪ ،‬وأن الخلق ما قدروه حق قدره جل وعا‪ ،‬كما قال‬

‫‪[ 148‬البقرة‪.]155:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪191‬‬

‫لسبحانه‪( :‬وما قدروا هللا حق قدره) ما عظموه حق تعظيمه؛ ألنهم تعاظموا وتكبروا وتجبروا‪ ،‬ونظروا ألنفسهم‬

‫أنهم كذا وكذا من الصفات‪.‬‬

‫‪ ‬ما أثرمعرفة العبد بصفات هللا؟‬

‫لو تأمل العباد صفة الرب جل وعا وما يجب له من الجال‪ ،‬وما هو عليه لسبحانه وتعالى من صفات الذات‪،‬‬
‫َ‬
‫ومن صفات الفعل‪ ،‬وما هو في ذلك على الكمال األعظم‪ ،‬فإنهم لسيحتقرون أنفسهم‪ ،‬ولسيعلمون أنه ما ثم‬

‫ينجيهم ويشرفهم إل أن يكونوا عبيدا له وحده دونما لسواه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫فهل يعبد املخلوق املخلوق؟ الواجب أن يعبد املخلوق هذا الذي هو متصف بهذه الصفات العظيمة‪ ،‬فهو‬

‫الحقيق بأن يذل له‪ ،‬وان يطاع و أن ُيجل أن ُيسأل‪ ،‬وأن يبذل كل ما يملكه العبد في لسبيل مرضاته جل وعا‪،‬‬

‫إذ هذا من قدره حق قدره ومن تعظيمه حق تعظيمه‪.‬‬

‫فإذا تأمل العبد صفات الربوبية وصفات الجال وصفات الجمال هلل جل وعا‪ ،‬وأن ذات هللا جل وعا عظيمة‪،‬‬
‫َ‬
‫و أنه لسبحانه وتعالى مستو على عرشه‪ ،‬بائن من ِخلقه على هذا العظم‪ ،‬وجد أنه ما ثم إل أنه يتوجه إليه‬

‫بالعبادة وأل يعبد إل هو‪.‬‬

‫‪ ‬ملاذا الستحق العذاب من َع َبد املخلوق من دون هللا؟‬

‫إن من عبد املخلوق الحقير الوضيع فإنه قد نازع هللا جل وعا في ملكه‪ ،‬و في إلهيته‪ ،‬ولهذا يحق أن يكون من‬
‫أهل الناراملخلدين فيها ً‬
‫عذابا دائما؛ ألنه توجه إلى هذا املخلوق الضعيف وترك الرب العلي القادرعلى كل ش يء‬

‫لسبحانه وتعالى‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪191‬‬

‫‪ ‬كيف يكون تأملك ومعرفتك باهلل لسبيل لنجاتك؟‬

‫َ‬
‫إذا تأملت ربك العزيزالحكيم املتصف بصفات الجال وهو جل وعا فوق عرشه يأمروينهى في ملكوته الوالسع‬

‫ويصرف الباء عمن شاء‪ ،‬وهولسبحانه‬


‫ِ‬ ‫يفيض رحمته‪ ،‬ويفيض نعيمه على من شاء‪ ،‬ويرلسل عذابه على من شاء‪،‬‬

‫ولي النعمة والفضل‪ ،‬فترى أفعال هللا جل وعا في السماوات‪ ،‬وترى عبودية املائكة في السماوات‪ ،‬تراها متجهة‬
‫َ َ َ ّ‬ ‫إلى هذا الرب العظيم املستوي على عرشه‪ ،‬كما قال عليه الصاة والسام‪َ « :‬أ ّطت ّ‬
‫الس َم ُاء َو ُح ّق ل َها أن ت ِئط‪َ ،‬ما‬ ‫ِ‬
‫اجد» وهذا ألجل تعظيمهم ألمر هللا‪ ،‬فتنظر إلى‬ ‫ََ ) َ‬ ‫ََ )‬ ‫ّ َََ )‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ِفيها مو ِضع أرب ِعة أص ِابع ِإل وملك قائم أو ملك راكع أو ملك لس ِ‬
‫نفوذ أمرهللا في ملكوته الوالسع الذي ل نعلم منه إل ما حولنا من هذه األرض‪ ،‬وما هو قريب منها؛ بل نعلم بعض‬

‫ذلك‪ ،‬وهللا جل وعا هو املتصرف‪.‬‬

‫ثم تنظرإلى أن هللا جل وعا‪ ،‬هذا الجليل العظيم املتصف بهذا امللك العظيم أنه يتوجه إليك أيها العبد الحقير‬

‫الوضيع فيأمرك بعبادته‪ ،‬وهي شرف لك لو شعرت‪ ،‬ويأمرك بتقواه و بطاعته وذاك شرف لك لو شعرت‪ ،‬فإنه‬

‫إذا علمت حق هللا‪ ،‬وعلمت صفات هللا‪ ،‬وما هو عليه من العلو املطلق في ذاته وصفاته جل وعا‪ ،‬وفي نفوذ أمره‬

‫في هذه السموات السبع التي هي في الكرس ي كدراهم ألقيت في ترس‪ ،‬ثم ما فوق ذلك‪ ،‬والجنة والناروما في ذلك‪،‬‬

‫وجدت أنك ل تتمالك إل أن تخضع له جل وعا ِخضوعا اِختياريا‪ ،‬وأن تذل له‪ ،‬وأن تتوجه إلى طاعته‪ ،‬وأن‬

‫تتقرب إليه بما يحب‪ ،‬و أنك إذا تلوت كامه تلوت كام من يخاطبك به ويأمر وينهى به‪ ،‬فيكون عندك حينئذ‬

‫التوقيرغيرالتوقير‪ ،‬ويكون التعظيم غيرالتعظيم‪.‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪192‬‬

‫اذكرلسببا من ألسباب رلسوخ اليمان في القلب‪ ،،‬وهات دليا يدعو املؤمنين لألِخذ بهذا السبب ؟‬ ‫‪‬‬

‫من ألسباب رلسوخ اليمان في القلب وتعظيم الرب جل وعا أن يتأمل العبد ويتفكرفي ملكوت السموات واألرض‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ض﴾‪ ،149‬وقال جل وعا‪﴿ :‬أ َولم َينظ ُروا‬ ‫ات و ِ‬
‫ر‬‫األ‬ ‫كما أمرهللا جل وعا بذلك حين قال‪﴿ :‬ق ِل انظ ُروا ماذا ِفي السماو ِ‬
‫ُ َّ‬ ‫هللا من َش يء﴾‪ ،150‬وقال ً‬ ‫األ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫ََُ‬
‫أيضا جل وعا في وصف الخلص من عباده‪ِ ﴿ :‬إ َّن‬ ‫ض وما ِخلق ِ‬ ‫ات و ر ِ‬ ‫وت السماو ِ‬ ‫ِفي ملك ِ‬
‫ودا‬‫للا ق َي ًاما َو ُق ُع ً‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون َّ َ‬ ‫اب (‪ )190‬ال ِذين يذكر‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ض واِخ ِتا ِف اللي ِل والنه ِار ليات ِألو ِلي األلب ِ‬‫ات واألر ِ‬
‫ِفي ِخل ِق السماو ِ‬
‫َّ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ً ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ‬
‫اب النا ِر (‪)191‬‬ ‫اطا لسبحانك ف ِقنا عذ‬ ‫ض ربنا ما ِخلقت هذا ب ِ‬ ‫وعلى جن ِوب ِهم ويتفك ُرون ِفي ِخل ِق السماو ِ‬
‫ات واألر ِ‬
‫نصار﴾‪ ،151‬إلى آِخر دعواتهم وهم يذكرون هللا ً‬
‫قياما‬ ‫لظامل َين من َأ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َّ َ َّ َ َ ُ‬
‫ربنا ِإنك من تد ِِخ ِل النار فقد أِخزيته وما ِل ِ ِ ِ‬
‫وقعودا وعلى جنوبهم يتفكرون‪ ،‬ومع ذلك يسألون النجاة من النار‪ ،‬فهم في ذل وِخضوع ملا عرفوا من آثارتوحيد‬ ‫ً‬

‫الربوبية وملا عرفوا من آثارتوحيد األلوهية في القلب وفي النفس‪.‬‬

‫‪[ 141‬يونس‪.]101:‬‬
‫‪[ 110‬األعراف‪.]125:‬‬
‫‪[ 111‬آل عمران‪.]141 -140:‬‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬
‫‪.‬‬
‫‪193‬‬

‫متت حبمد اهلل املرحلة الثانية‬

‫دورة‬

‫شرح كتاب التوحيد‬

‫لفضيلة الشيخ ‪ :‬صاحل بن عبدالعزيز آل الشيخ‬

‫حفظه اهلل‬

‫عرب مواقع التواصل االجتامعي دورة رشح كتاب التوحيد‪ -‬املرحلة الثانية‪ /‬لفضيلة الشيخ ‪ :‬صالح آل الشيخ‬

You might also like