Professional Documents
Culture Documents
فتحي يكن
مؤسسة الرسالة
بسم ال الرحمن الرحيم
الهداء
إلى الخوة الدعاة القائمين على ثغور السلم في كل مكان ..
إلى من أحب ..
أقدم بكل تواضع بعضا مما أحب ..فأسأل ال القبول ..
وعلى ال قصد السبيل
فتحي
المقدمة
هذا الكتاب هو في الحقيقة ((محصلة معاناة)) طويلة وثمرة تجارب قاسية ومريرة عشتها أو عايشتها في واقع العمل السلمي في أكثر من
قطر وأكثر من موقع ..
ول قد وض عت ت صميمه خلل غي بة ق سرية عن بلدي ثم كا نت كتاب ته خلل ((إقا مة ش به جبر ية)) في منط قة من منا طق بلدي وخلل ش هر
رمضان المبارك ممن عام 1402همم الموافمق لشهري (حزيران -تموز) ممن عام 1982يهمنمي منمه أن يقرأ بأناة وتمعمن ويدرس بهدوء
وتفكر ليستفاد منه إن كان فيه ثمة ما يفيد وآمل أن يكون جله مفيدا إن لم يكن كله كذلك ..
كما أرجو تجاوز العثرات وبخاصة إن كانت شكلية أو فنية والستغراق في المعاني ل في المباني ..وأن ينالني من قارئه استفاد منه أم لم
يستفد دعوة صالحة هي وأيم الحق من أهم المطالب وأعظم المكاسب ..
سائلً ال تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول أو يقرئونه فيتبعون أحسنه ..
وإلى ال ترجع المور
الضنية -بقاع صفرين -المؤلف
رمضان 1402هم
حزيران -تموز 1982
الستيعاب الخارجي
إن حممل الدعوة إلى الناس وجعلهمم يؤمنون بهما ويثقون ويتأثرون وممن ثمم يلتحقون ويعملون ويجاهدون ويضحون عمليمة صمعبة وشاقمة
وتحتاج إلى قدرات ومتطلبات مختلفة ..
و من توفرت ف يه هذه الشروط أو أكثر ها كان داع ية موفقا ناجحا قادرا على ا ستيعاب الناس وا ستقطابهم حول ال سلم وحول الدعوة وبقدر
تكاثر هذه العينات من الدعوة بقدر ما يكون استيعاب الدعوة للناس أكبر وأثرها فيهم أبعد وأكثر ..
و من خلل كتاب ال تعالى الذي ل يأت يه البا طل من ب ين يد يه ول من خل فه و فى ضوء ال سنة النبوة الشري فة يمكن نا تحد يد أبرز المتطلبات
التي يحتاجها الدعاة في عملية الستيعاب والستقطاب هذه ..
ثالثا :الصبر
واجتذاب الناس واستيعابهم يحتاج من الداعية إلى صبر عليهم ل إلى ضيق بهم وتبر منهم ..
فالناس أصحاب أمزجة شتى وعيوب شتى وطباع شتى وحاجات ومصالح شتى ..والناس مشاكلهم كثيرة وهمومهم كبيرة يحتاجون إلى من
يتسع لهم ..
والناس ير مؤدبين بأدب السلم وغير متخلقين بخلق القرآن وهم بمسيس الحاجة إلى من يعايشهم ويتعايش معهم ليسبر أغوارهم ويعالج
أمراضهم وهذا يحتاج إلى صبر طويل ..
والهداية ل يمكن أن تأخذ طريقها إلى نفوس الناس وقلوبهم دفعة واحدة ول بد لذلك من زمن ومتابعة وجهود تبذل لتؤتى أكلها بإذن ربها
..وهذا يحتاج كذلك إلى صبر ..
والناس أصحاب حاجات مختلفة ومنهم من ل يرى في الكون حاجة أهم من حاجته وصاحب الحاجة أرعن قد ل يلقى بالً إل ما يقول لك وقد
ل يبالي بال ساعة ال تي يقرع في ها با بك من غ ير مو عد أو إشعار و قد تكون هذه الزيارة في و قت طعا مك أو منا مك أو راح تك وهذا يحتاج
لتحمله إلى صبر ع التوجيه الناعم ولفت النظر وإل وقعت بينك وبينه الواقعة وانقلب عدوا حاقدا ل يرعى إ ًل ول ذمة ..
أعرف بعض العاملين في الحقل السلمي ل يستقبلون الناس إل ضمن مواعيد مسبقة فإن جاءهم من ليس على موعد صرفوه أو قال لهم
أهله أ نه ل يس موجودا و هو يعلم أ نه موجود ..وت صور عندئذ ك يف ستكون النتي جة ..وأعرف آخر ين يعطلون (الها تف) أثناء قيلولت هم
وليكن من بعد ذلك الطوفان ..وآخرون يمتنعون بالمرة عن استقبال أصناف من الناس لمعرفتهم المسبقة بأنهم متعبون ..
إن هؤلء وأولئك قد يكونوا معذور ين من قر يب أو بع يد ول كن الش يء الذي ل خلف ف يه هو أن هم في الدعوة فاشلون وأن الناس عن هم
سيعرضون ..
إن الداعية بحق هو الذي يعيش لغيره ل لنفسه وتهمه سعادة غيره ولو على حساب سعادته هو ويتجرع الغيظ في ذلك وهو على يقين بأنه
سيتحول في جوفه إيمانا وسيكون له ذخرا عند ال يوم الحساب وصدق إمام الصابرين محمد حيث يقول ((:ما من جرعة أحب إلى ال من
جرعة غيظ كظمها عبد ما كظمها عبد ل إل مل ال بها جوفه إيمانا )).
إن ن قل إن سان من الضلل إلى الهدى وال خذ ب يد إن سان من الظلمات إلى النور ل يس له هذا ال جر الجز يل ع ند ال والمثو بة العظ مى يوم
القيامة كما جاءت به أحاديث كثيرة لول أن هذه العملية تحتاج من الداعية إلى صبر طويل وتحمل واحتمال ..
ف قد تحتاج إلى أن تصمرف معمه أوقاتا طويلة ممن أوقات عملك أو راح تك و قد تحتاج إلى أن تسممع له وتنصمت وتنصمح له وتذكمر وتزوره
وتهاديه كل ذلك من غير ملل أو تبرم أو ما يشعره منك بذلك فإن وقع ذلك حبط العمل وفشلت المحاولة وذهبت الجهود سدى ..
أعرف أحد الدعاة الموفقين الذين يتقربون إلى ال بصبرهم على متاعب الخرين وبخاصة أن كل ذلك طريقا إلى هداية هؤلء والخذ بأيديهم
إلى واحة السلم ..وكان لهذا الداعية قريب أدمن الخمرة إدمانا مفرطا جعله منبوذا من عائلته ومحيطه ل يكاد يجد بيتا يؤويه أو إنسانا
يكلمه إل من كان على شاكلته ..
ومرة قرع الباب على (الداع ية ) ول ما ف تح و جد نف سه وجها لو جه أمام ذلك المنبوذ والذي ي كبره بعشرات ال سنوات ..وبح نو الهدا ية طلب
منه الدخول فدخل الرجل متعثرا بخطاه مستغربا هذا الصنيع وقد تعود أن تركله القدام خارج البيوت ويقذف في وجهه البصاق بل حساب ..
دخل الرجل وبدأت بدخوله مسيرة الصبر الطويلة أياما وأسابيع إلى أن أشرقت شمس اليمان في قلبه وبدأت ثمار الهداية تؤتى أكلها فيه
بإذن ربها ..
صلح الر جل وح سن إ سلمه وأ صبح ملزما للداع ية ل يكاد يفار قه ..إلى أن حدث ما لم ي كن بالح سبان ..ف قد أد خل (الداع ية) م ستشفي
لجراء جراحة عاجلة ..ولقد أجريت الجراحة بالفعل كان الرجل المهتدى خللها على أعصابه يردد الدعوات ويصعد العبرات من شدة خوفه
على من كان سببا في هدايته ..ولقد أقسم أن يبقى قرب سريره ليل نهار يخدمه بعينه ويرد له بعض ما عليه ..وأخيرا كانت الطامة حين
منع الرجل من الدخول إلى غرفة الداعية بعد العملية وعندما جاء مستفسرا محتجا على ذلك صفعه كبير أصحاب الداعية على وجهه صفعه
قوية كانت كافية لهدم كل شئ ولتحويل هذا النسان الذي حطمت بلحظة واحدة مشاعره وأحاسيسه إلى عدو للسلم والمسلمين .
من ه نا كان طر يق هدا ية الناس طريقا صعبا على النفوس الضعي فة والرادات العاجزة والذ ين لم يؤتوا حظا من ال صبر ون صيبا من سعة
الصدر ..
ومن هنا جاءت اليات الكريمة والحاديث الشريفة تحض على الصبر وتعرض لمقام الصابرين :
فمن كتاب ال قوله تعالى :
{ واستعينوا بالصبر والصلة } { فاصبر على ما يقولون } { وبشر المخبتين الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم }
{يما أيهما الذيمن آمنوا اصمبروا وصمابروا ورابطوا واتقوا ال لعلكمم تفلحون } {إن ال ممع الصمابرين } { وبشمر الصمابرين } { إنمما يوفمي
الصابرون أجرهم بغير حساب } { أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا } { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا } .
{ ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }.
ومن مشكاة النبوية في الصبر يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم :
(( الصبر معول المسلم ))
(( ما رزق ال عبدا خيرا له ول أوسع من الصبر ))
((ومن يتصبر يصبره ال وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ))
(( الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم ))
(( الصبر شطر اليمان )) .
(( وعن ابن المسيب رضى ال عنه قال :بينما رسول ال صلى ال عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر رضى ال عنه
فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثالثة فانتصر أبو بكر .
فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال أبو بكر :أوجدت على يا رسول ال .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :نزل ملك من السماء
يكذبه بما قال لك .فلما انتصرت ذهب الملك وقعد الشيطان فلم أكن لجلس إذن مع الشيطان ))
(( ما من جرعة أعظم عند ال من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه ال )).
الستيعاب الداخلي
أعني بالستيعاب الداخلي القدرة والهلية على الستيعاب ضمن الدعوة وفي صفوفها سواء كان ذلك من قبل القيادة أم من قبل الفراد ..
فإذا كان الستيعاب الخارجي يحقق اجتذاب الناس إلى السلم وإلى الدعوة والحركة وهو مهم فإن الستيعاب الداخلي هو الذي يحقق حسن
الستفادة من هؤلء في عمل الدعوة والحركة ..
إن المرحلة الولى من العمل أشبه باستخراج المعادن من الرض وهو عمل (المناجم) والعاملين فيها في حين تشبه المرحلة الثانية عملية
تصنيع هذه المعادن والخامات وتحويلها عبر (المانع) إلى أدوات مختلفة ..
وإذا كان مهما أن نستخرج الخامات البشرية من (منجم ) المجتمع الكبير فمن الهم التمكن من تحويل هذه الخامات عبر الدعوة إلى طاقات
فاعلة على كل صعيد ..
فلنرى كيف يجب أن تتم عملية التحويل والتصنيع هذه ..
إن عملية تحويل خامة بشرية إلى طاقة موجهة وقدرة فاعلة ل بد وأن يتم عبر مراحل ووفق أسس وقواعد شأن ما يفرض في ذلك على
التصنيع المعدني فما هي هذه المراحل وتلك القواعد والسس؟
فما هي الجوانب التي يجب أن تستوعبها الدعوة ويستوعبها الداعية في النطاق الحركي :
أولً :الستيعاب الكامل والصحيح للهداف والوسائل ...
وكل لبس أو تشوه أو تناقض في الت صور للهداف والوسائل يترتب عل يه خلف بين العاملين وتباين في تقدير المور وخروج عن الخط
وانحراف عن الهدف ..
فمما يترتمب على العتقاد بأن الهدف (تغييري) يختلف جذريا عمما يترتمب عمن كونمه (إصملحي) وتقييمم ودراسمة المور كمل المور أهمهما
وأبسطها والحكم عليها وتحديد المواقف منها يخلف بين أن ينظر إليها بهذا المنظار أو ذاك ولهذا كان ل بد من حديد واستيعاب ..
الثالث :الستيعاب الكامل لطبيعة الصدقاء والعداء ولما يقتضيه ذلك :
إن من الخ طأ الشن يع والخطورة البال غة لي الدعوة وعلى الداع ية الج هل وعدم المعر فة بطبي عة ال صدقاء والعداء وب ما يم يز ال صديق من
العدو وبأهداف كل منهما ووسائله ومبادئه وأدواته وخططه وتحركاته وسياساته ورجاله قيادة وأفرادا ..
فالحركة التي ل تعرف ما يجرى حولها ول تحسن تصنيف الناس من حولها حركة فاشلة مكتوب عليها الخفاق معرضة للتصفية والسحق
من قبل أعدائها ..
أعرف دعاة يحاربون الشيوعييمن وهمم ل يعرفون شيئا عمن الشيوعيمة ..وآخريمن يغازلون القومييمن وهمم ل يفقهون شيئا عمن القوميمة
وآخرين وآخرين يصادقون أو يعادون ويحاربون أو يهادنون من غير معرفة واستيعاب لحقيقة هؤلء أو أولئك ولساليب هؤلء أو أولئك ..
كما أعرف البعض الخر ممن ل يقيمون وزنا لصديق أو عدو ول يكلفون أنفسهم عناء استجلء الفاق أو استكشاف ورصد التحركات من
حولهم معتبرين ذلك جرأة وإقداما وهو في الحقيقة جهل بطبائع المور واحتياجاتها ونحر للدعوة وتدمير لها ..
إن الحر كة ال سلمية تع يش في ع صر تكا ثر ف يه العداء وتعددت وتنو عت أ ساليب الم كر فإن لم ت تبين كريق ها وتتث بت من موا طئ أقدام ها
وتتوسل بالحيطة والحذر مع العمل والقدام والجرأة فستتعرض للسقوط في منتصف الطريق دون أن تحفظ الظهر أو تبلغ الهدف .
الفهرس
الصفحة الموضوع
5 الهداء
7 المقدمة
9 الستيعاب في الدعوة و الداعية
9 ماذا أعنى بالستيعاب ؟
.1 تفاوت القدرة على الستيعاب
13 الستيعاب ونجاح الدعوة
13 الستيعاب الخارجي و الداخلي
15 -الستيعاب الخارجي
16 أولً :الفقه في دين ال
22 ثانيا :القدوة الحسنة
27 ثالثا :الصبر
33 رابعا :الحلم و الرفق
38 خامسا :التيسير ل التعسير
43 سادسا :التواضع وخفض الجناح
49 سابعا :طلقة الوجه وطيب الكلم
55 ثامنا :الكرم والنفاق على الناس
62 تاسعا :خدمة الخرين وقضاء حوائجهم
71 -الستيعاب الداخلي
72 الستيعاب العقائدي و التربوي
77 سنة رسول ال في تكوين المسلم
78 -1تغليب اليجابية على السلبية
79 -2تغليب العتدال على التطرف
81 -3القليل الدائم خير من الكثير المنقطع
83 -4السنة وتغليب الولوية في التكوين
86 -5التكوين من خلل القدوة
88 -6التكوين الكلى ل الجزئي
92 -7سلمة البيئة وأثرها في التكوين
95 -8أثر الثواب و العقاب في التكوين
98 -الستيعاب الحركي
98 الول :ما يتعلق باستيعاب الحركة لفرادها
1.2 الثاني :وما يتعلق باستيعابها هي الحركي
1.6 الثالث :الستيعاب الكامل لطبيعة الصدقاء و العداء
1.7 الرابع :الستيعاب الكامل لمختلف جوانب العمل
1.9 الخامس :عدم الستنكاف شرط الستيعاب