You are on page 1of 29

‫الستيعاب في حياة الدعوة والداعية‬

‫فتحي يكن‬

‫مؤسسة الرسالة‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الهداء‬
‫إلى الخوة الدعاة القائمين على ثغور السلم في كل مكان ‪..‬‬
‫إلى من أحب ‪..‬‬
‫أقدم بكل تواضع بعضا مما أحب ‪ ..‬فأسأل ال القبول ‪..‬‬
‫وعلى ال قصد السبيل‬
‫فتحي‬

‫المقدمة‬
‫هذا الكتاب هو في الحقيقة ((محصلة معاناة)) طويلة وثمرة تجارب قاسية ومريرة عشتها أو عايشتها في واقع العمل السلمي في أكثر من‬
‫قطر وأكثر من موقع ‪..‬‬
‫ول قد وض عت ت صميمه خلل غي بة ق سرية عن بلدي ثم كا نت كتاب ته خلل ((إقا مة ش به جبر ية)) في منط قة من منا طق بلدي وخلل ش هر‬
‫رمضان المبارك ممن عام ‪ 1402‬همم الموافمق لشهري (حزيران ‪-‬تموز) ممن عام ‪ 1982‬يهمنمي منمه أن يقرأ بأناة وتمعمن ويدرس بهدوء‬
‫وتفكر ليستفاد منه إن كان فيه ثمة ما يفيد وآمل أن يكون جله مفيدا إن لم يكن كله كذلك ‪..‬‬
‫كما أرجو تجاوز العثرات وبخاصة إن كانت شكلية أو فنية والستغراق في المعاني ل في المباني ‪ ..‬وأن ينالني من قارئه استفاد منه أم لم‬
‫يستفد دعوة صالحة هي وأيم الحق من أهم المطالب وأعظم المكاسب ‪..‬‬
‫سائلً ال تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول أو يقرئونه فيتبعون أحسنه ‪..‬‬
‫وإلى ال ترجع المور‬
‫الضنية ‪-‬بقاع صفرين ‪ -‬المؤلف‬
‫رمضان ‪ 1402‬هم‬
‫حزيران ‪ -‬تموز ‪1982‬‬

‫الستيعاب في الدعوة والداعية‬


‫ماذا أعنى بالستيعاب ؟‬
‫أعنى بالستيعاب قدرة الدعاة على اجتذاب الناس وربحهم على اختلف عقولهم وأمزجتهم وطبقاتهم وثقافاتهم الخ ‪...‬‬
‫فالناس يختلفون اختل فا نوعيا في كل شئ ‪ ..‬في ن مط التفك ير في م ستوى الع يش في مر كب المزاج في معيار الذكاء و في كا فة القدرات‬
‫الحسية والنفسية ‪..‬‬
‫والداع ية النا جح هو القادر على اليغال والتأث ير بدعو ته وفكر ته في الناس كل الناس على اختلف مشارب هم وطبائع هم وم ستوياتهم وعلى‬
‫اجتذاب مساحة كبرى من الجماهير واستيعابها فكريا وحركيا ‪.‬‬
‫وبذلك يكون الستيعاب قدرة شخصية ومؤهلة خلية وصفة إيمانية ومنة ربانية تساعد الدعاة وتجعلهم منارات هدى في مجتمعاتهم وأقطاب‬
‫رحى في مواطنهم يستقطبون الناس ويلتف من حولهم الناس ‪..‬‬
‫والحقيقة ‪ ..‬إن القدرة على الستيعاب تعتبر المؤهل الول والهم في شخصية الداعية ‪ ..‬وبدونها ل يكون داعية ول تكون دعوة ‪..‬‬

‫تفاوت القدرة على الستيعاب ‪:‬‬


‫والذي ل شك فيه أن الدعاة كبقية الناس يتفاوتون في قدراتهم على الستيعاب ‪ ..‬ولكن الذي لبد منه كذلك أن يتمتع كل داعية بحد أدنى من‬
‫القدرة على الستيعاب لنه بغيرها ل يكون داعية أو عاملً في إطار الدعوة ‪...‬‬
‫إن عدم توفر الحد الدنى من القدرة على الستيعاب قد ل تجعل الداعية عقيم النتاج عديم الفائدة فحسب بل قد تجعله مسيئا للنتاج مسببا‬
‫الضرر للسلم والحركة على حد سواء ‪...‬‬
‫فكمم ممن أناس اعتمبروا دعاة أو عامليمن فمي الحقمل السملمي أضروا ولم ينفعوا وهدموا ولم يبنوا ونفروا ولم يبشروا وكانوا حجمة على‬
‫الدعوة بين أبنائها وأعدائها ‪..‬‬
‫وكم من آخرين عاشوا في أجواء الدعوة ونهلوا من مبادئها ولكن دون أن ينقلوا أجواءها ومبادئها خطوة واحدة خارج إطارها ‪.‬‬
‫وهناك آخرون كانوا في الدعوة وكا نت ب هم الدعوة وعاشوا في ها وعا شت ب هم ‪ ..‬أولئك هم الدعاة حقا وأولئك هم رجال ها والذ ين يحتاج‬
‫السلم إليهم وإلى أمثالهم لرفع رايته وبناء دولته وإقامة حجته على العالمين ‪..‬‬
‫وتفاوت القدرة على السمتيعاب فمي الناس كتفاوت القدرة على ذلك النيمة فهناك إناء واحمد يمكمن أن يسمتوعب مال تسمتوعبه مئات النيمة‬
‫الخرى كما أن هنالك داعية يمكن أن يستوعب من الناس ما ل يقدر على استيعابه مئات العاملين في الحقل السلمي ‪..‬‬
‫ففي معرض الشارة النبوية إلى تفاوت أثر العلماء مثلً في استيعاب الناس روى معاذ بن جبل رضى ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم أ نه قال ‪(( :‬تعلموا العلم فإن تعل مه ل خش ية وطل به عبادة ومذاكر ته ت سبيح والب حث ع نه جهاد وتعلي مه ل من ل يعل مه صدقه وبذله‬
‫لهله قربة ‪..‬‬
‫ل نه معالم الحلل والحرام ومنار سبل أهل الج نة و هو الن يس في الوح شة وال صاحب في الغر بة والمحدث في الخلوة والدل يل على ال سراء‬
‫والضراء والسلح على العداء والزين عند الخلء يرفع ال به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتص آثارهم ويقتدى بفعالهم وينتهي‬
‫إلى رأيهم ‪ ..‬ترغب الملئكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ويستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لن‬
‫‪...‬‬ ‫العلم حياة القلوب ممن الجهمل ومصمابيح البصمار ممن الظلم يبلغ العبمد بالعلم منازل الخيار والدرجات العلى فمي الدنيما والخرة‬
‫الحديث ))‬
‫و في حد يث آ خر رواه أ بو مو سى الشعرى ر ضى ال ع نه قال ‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم (( م ثل ما بعث نى ال به من الهدى‬
‫والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكل والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع ال بها‬
‫الناس فشربوا و سقوا وزرعوا وأ صاب طائ فة أخرى من ها إن ما هي قيعان ل تم سك ماء ول تن بت كل فذلك م ثل من ف قه في د ين ال تعالى‬
‫ونفعه ما بعثنى ال به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى ال الذي أرسلت به ))‬

‫الستيعاب ونجاح الدعوة ‪:‬‬


‫والعلقة بين الستيعاب ونجاح الدعوة علقة جذرية إذ ل نجاح بدون قدرة على الستيعاب ‪ ..‬والدعوة الغنية بالدعاة القادرين على اجتذاب‬
‫الناس إلى السلم وإلى الحركة يصبح حظها من النجاح ومن تحقيق أهدافها قويا إذا ما توفرت لها المناخات اللزمة والشروط الخرى ‪..‬‬
‫وعكس ذلك كذلك حيث أن الدعوة الفقيرة بالدعاة القادرين على استيعاب من حولهم قد تبقى عقيمة محدودة النتشار والثار إلى أن يقبض‬
‫ال لها رجالً تتوافر لديهم أسباب الهداية والتأثير والستيعاب أو يستبدلها بدعوة أخرى ل تكون مثلها وتلك سنة ال { ولن تجد لسنة ال‬
‫تبديلً } { ولن تجد لسنة ال تحويلً } وصدق ال تعالى حيث يقول { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ل يكونوا أمثالكم } ‪.‬‬
‫الستيعاب الخارجي والداخلي ‪:‬‬
‫أع نى بال ستيعاب الخار جي ا ستيعاب من هم خارج الدعوة والحر كة والتنظ يم أي ق بل مرحلة النتماء والنتظام أ ما ال ستيعاب الداخلي ف هو‬
‫استيعاب الناس داخل التنظيم أي استيعاب المنتظمين والملتحقين بالعمل السلمي والحركة ‪..‬‬
‫إن كل المجاليمن يتممم بعضمه بعضا وكلهمما مهمم ويحتاج إلى قدرة فائقمة على السمتيعاب ونجاح الدعوة والداعيمة مشروط بامتلك زمام‬
‫المجالين والتفوق في المحيطين معا إذ ل قيمة للستيعاب الخارجي إن لم يلزمه استيعاب داخلي ‪..‬‬
‫إن ال ستيعاب الخار جي أش به بت سوق المواد الخام وتهيئت ها وتحضير ها من أ جل أن تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة صناعتها وت صنيعها ‪..‬‬
‫وعمل ية ال ستيعاب الداخلي ‪ ..‬أي الت صنيع هي ال تي تح فظ الخامات من التلف و هي بالتالي ال تي تعطي ها القي مة ح يث ت صبح قادرة على أن‬
‫توظف في مجالت العمل السلمي المتلفة ‪..‬‬
‫وإل ‪ ..‬ف ما قي مة أطنان من الحد يد وال سمنت والر مل إن لم تتو فر (ور شة) الع مل ال تي تحيل ها أبن ية وج سورا ومرا فق عا مة ؟؟ و ما قي مة‬
‫أكداس من الخضار والزيوت والسماك والحبوب إن لم يتوفر الطهاة الذين يصنعون منها الطعمة والمآكل الشهية ‍‬
‫من هنا يمكن القول بأن الستيعاب الخارجي هو عمل استقصائي توجيهي تحضيري في حين أن الستيعاب الداخلي هو عمل تكويني تصنيعي‬
‫أساسي ‪ ..‬وإن لكل مجال من هذين المجالين متطلبات وشروطا تبعا لمهمة وأهداف كل منهما ‪..‬‬

‫الستيعاب الخارجي‬
‫إن حممل الدعوة إلى الناس وجعلهمم يؤمنون بهما ويثقون ويتأثرون وممن ثمم يلتحقون ويعملون ويجاهدون ويضحون عمليمة صمعبة وشاقمة‬
‫وتحتاج إلى قدرات ومتطلبات مختلفة ‪..‬‬
‫و من توفرت ف يه هذه الشروط أو أكثر ها كان داع ية موفقا ناجحا قادرا على ا ستيعاب الناس وا ستقطابهم حول ال سلم وحول الدعوة وبقدر‬
‫تكاثر هذه العينات من الدعوة بقدر ما يكون استيعاب الدعوة للناس أكبر وأثرها فيهم أبعد وأكثر ‪..‬‬
‫و من خلل كتاب ال تعالى الذي ل يأت يه البا طل من ب ين يد يه ول من خل فه و فى ضوء ال سنة النبوة الشري فة يمكن نا تحد يد أبرز المتطلبات‬
‫التي يحتاجها الدعاة في عملية الستيعاب والستقطاب هذه ‪..‬‬

‫أولً ‪ :‬الفقه في دين ال‬


‫إن الخ المسلم كيما يكون داعية إلى ال بحق مستقيما على الصراط راشدا مسترشدا يحتاج أولً وقبل كل شئ إلى قدر مقبول من الفقه في‬
‫دين ال ‪..‬‬
‫فا ستبانت الحلل من الحرام والخ ير من الشمر ومعر فة الفرائض والواجبات وال سنن والعقائد والحكام و هي المنارات الهاد ية على طر يق‬
‫الدعوة والداعية تجتاح كلها إلى فقه في السلم ‪..‬‬
‫من هنا جاءت التوجيهات القرآنية والنبوية تلفتان إلى قيمة الفقه وتحضان عليه ‪.‬‬
‫فمن كتاب ال قوله تعالى { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون } وقوله { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو‬
‫الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد }وقوله { ثم جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون }‬
‫ومن مشكاة النبوة قوله صلى ال عليه وسلم (( يا أيها الناس ‪ :‬إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد ل به خيرا يفقهه في الدين وإنما‬
‫يخشى ال من عباده العلماء )) وقوله ((إذا أراد ال بع بد خيرا فق هه في الد ين وأله مه رشده )) وقوله (( إن م ثل العلماء في الرض كم ثل‬
‫النجوم يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة )) ‪.‬‬
‫ثم هل يمكن أن يكون الداعية داعية إلى ال بصدق كان جاهلً لمبادئ السلم وأصوله وقواعده وأحكامه وتشريعاته وحلله وحرامه ؟‬
‫إن اجتذاب الناس إلى ال سلم أولً هو ال ساس و هو الطر يق ال صحيح ح يث يجعل هم م سلمين مرتبط ين بال سلم متشبث ين به كائنا ما كا نت‬
‫الظروف في حين أن اجتذابهم إلى الحركة أولً سيجعل ولءهم للتنظيم وللحركة وليس لشرع ال ‪.‬‬
‫ولقد ابتلى السلم اليوم بدعاة يدعون الناس إلى تنظيماتهم بدل أن يدعوهم إلى السلم ‪ .‬ويبينون لهم محاسن تنظيماتهم ومزاياها بدل أن‬
‫يبينوا محاسن السلم ومزاياه وهذا ما جعل ارتباط الفرد بالدعوة ارتباطا حزبيا وليس ارتباطا عقائديا بل وجعله في بعض الحيان ارتباطا‬
‫شخصيا وليس مبدئيا وهذا بالتالي جعل ميدان الدعوة السلمية غاصا بالتنظيمات والحزاب والفرق والحركات ‪.‬‬
‫إن معظم ذلك مرده إلى جهل بحقيقة هذا الدين وبالتالي إلى عدم اللتزام بأحكامه وقواعده ‪ ..‬والنتيجة كما نرى وكما أخبر عنها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بقوله ‪ ((:‬إن ال ل ينتزع العلم انتزاعا ولكن ينتزعه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم قط اتخذ الناس رؤوسا جهالً‬
‫فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول ((قليل العلم خير من كثير العبادة وكفي بالمرء‬
‫فقها إذا عبد ال وكفي بالمرء جهلً إذا أعجب برأيه ))‪.‬‬
‫إن الداعية معرض لن يستفتى ويسأل عن أمور كثيرة فهل يفتى ويجيب برأيه أم بالسلم ؟ فإن كان جاهلً بدين ال فهل تنعقد له المامة‬
‫على المسلمين ويكون له الثر فيهم ؟‬
‫ثم إ نه ق بل هذا هل يم كن أن يكون قدوة للناس بعمله إن لم ي كن على علم بشري عة ال سلم ‪ ..‬و هل يكون الع مل بالشري عة من غ ير علم‬
‫للشريعة ‪..‬؟‬
‫إن الف قه في د ين ال والمعر فة العا مة تمكنان الداع ية من مخاط بة الناس على قدر عقول هم ب عد معرف ته لعقول هم و من ملم سة قلوب هم ب عد‬
‫معرفة ما يخالجها وما يساورها ‪..‬‬
‫والداعية الذي ل يملك من المفاتيح ما يفتح به العقول والقلوب لن يتمكن من اجتذاب أصحابها واستيعابهم وستبقى دعوته لهم صيحة في‬
‫واد ونفخة في رماد ‪...‬‬
‫ومن الفقه في دين ال التزود بالثقافات والمعارف المختلفة والتي من شأنها أن تساعد الداعية على اجتذاب كل الناس على مختلف ثقافاتهم‬
‫وميولهم وبخاصة في عصر تعددت فيه التجاهات وكثرت الفلسفات وغدا التأثير في الناس واجتذابهم ليس بالمر السهل بل ويحول دونه‬
‫مائة سؤال وألف شبهة وشبهة مصداقا لقوله تعالى { أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها‬
‫فوق بعض إذا أخرج يده لم يكن يراها ومن لم يجعل ال له نورا فما له من نور }‪.‬‬
‫أعرف ب عض الدعاة م من يعلمون في المجالت ال سياسية والعا مة و هم مقطوعوا ال صلة تماما بالثقا فة والف كر ال سلميين ولي سوا على شئ‬
‫من الف قه في د ين ال ف هل يم كن أن نت صور ك يف أن ي سلكوا بعمل هم ال سياسي ال صراط ال سوي وأن ي صب عمل هم هذا في خد مة ال سلم‬
‫ولمصلحته؟؟‬
‫ثم إن عمل ية إقناع الناس بالسلم واجتذاب هم إل يه وا ستنفاذهم من برا ثن الفكار والت صورات ال تي يحملون ها ك ما أن عمل ية اقتحام عقول هم‬
‫ونفوسهم وحل مشاكلهم العقلية والنفسية تحتاج كلها إلى ثقافة وخبرة ومهارة ‪ ...‬والداعية بحاجة ماسة إلى نصيب كبير منها جميعا في‬
‫عملية الدعوة والستيعاب ‪...‬‬
‫إن اقتحام العقول والنفوس أصعب بكثير من اقتحام المواقع والثغور وإذا كانت تلك تحتاج إلى معدات مختلفة ومهارات فائقة وخبرات واسعة‬
‫فإن هذه تحتاج إلى أكثر في كل المجالت ‪..‬‬
‫في الحرب يوا جه الجندي عدوا واحدا في موا قع محددة وبأ سلحة محددة ‪ ..‬أ ما في ع مل الدعوة فيوا جه الداع ية أنواعا ش تى من الخ صوم‬
‫والعداء بأسلحة شتى وأساليب شتى كما يواجه مرضى بعلل شتى ومعقدين من مشكلت شتى ‪..‬‬
‫فهذا ماركسي ‪ ..‬وذاك قومي وغيره هيبي أو اشتراكي أو رأسمالي أو علماني إلى ما ل نهاية له من النتماءات الخرى ‪..‬‬
‫وهذا عالم مغرور بعلمه ‪ ..‬وذاك جاهل ويجهل أنه جاهل ‪ ..‬والخر غبي أو ذكى ‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫وهذا مريض نفسيا ‪ ..‬وغيره مريض جنسيا ‪ ..‬وسواه مريض عاطفيا ‪ ..‬وآخر مريض عصبيا الخ ‪.‬‬
‫وهذا غنى أبطره غناه والخر فقير سحقه فقره أو جعله حاقدا على الناس جميعا وغيره زاهد في الدنيا متخل عنها لعداء ال ‪.‬‬
‫وهذا عائلي النزعة ‪ ..‬وسواه عرقي الطلعة ‪ ..‬والخر عشائري الشرعة ‪..‬‬
‫وهذا جرئ إلى حد التهور ‪ ..‬وسواه جبان ‪ ..‬وما بينهما من الطباع أشكال وألوان ‪..‬‬
‫وهكذا يجد الداعية نفسه في مستشفي كبير تغص بالمرضى والمعاقين والمشوهين والمعقدين ‪ ..‬وهذا ميدانه وهذه مسئوليته وقدره ‪ .‬وهو‬
‫يحتاج أول مما يحتاج لسملوك هذا الطريمق بعمد اليمان بال والثقمة بمه ولتكال عليمه إلى قدر ممن العلم والثقافمة والدرايمة والفكمر والخمبرة‬
‫والطلع لن ها جميعا تعي نه على ملم سة الداء بالدواء اللزم ومواج هة المشكلة بال حل الحا سم وبغ ير ذلك سيخبط خ بط عشواء ويز يد بلة‬
‫والمشكلة تعقيدا ول حول ول قوة إل بال ‪..‬‬

‫ثانيا‪ :‬القدوة الحسنة‬


‫والداع ية ل بد وأن يكون قدوة ح سنة في الناس كي ما يتم كن من التأث ير في هم وا ستقطابهم وا ستيعابهم ‪ ..‬فالناس ل يتأثرون بل سان المقال‬
‫بقدر ما يتأثرون بلسان الحال ‪.‬‬
‫فالذي يدعو الناس إلى مكارم الخلق وأخلقه سيئة لن تكون دعوته مستجابة ولن يلقى إل الصد والعراض ‪..‬‬
‫والذي يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل ال دون أن يكون مجاهدا أو على ثغرة من ثغور الجهاد لن يتجاوب الناس مع دعوته وادعاءاته ‪..‬‬
‫والذي يحض الناس على البذل والتضحية والعطاء وهو شحيح لن يلقى أذنا صاغية في الناس أجمعين ‪..‬‬
‫والذي يدعمو الناس إلى التواضمع وهمو مختال فخور وإلى إيثار وهمو صماحب أثرة وإلى الصمدق وهمو كذاب وإلى المانمة وهمو خائن وإلى‬
‫السمتقامة وهمو منحرف وإلى الطاعمة وهمو عاص وإلى التماس الحلل الطيمب وهمو غارق فمي المحرمات والخبائث ‪ ..‬إن إنسمانا كذلك قمد‬
‫يتمكن من خداع الناس حينا ولكنه لن يتمكن من خداعهم في كل حين ‪.‬‬
‫أعرف إنسانا من أصحاب العمائم بل كان صاحب العمة الوحيد في قريته ‪ ..‬كانوا ينتظرون عودته من الدراسة الشرعية بفارغ الصبر ليكون‬
‫فيهم إماما ولهم مرجعا ‪ ..‬وعندما عاد تمنوا لو أنه لم يعد ‪ ..‬كان لسانه فيه سليطا بذيئا ل يتورع عن التلفظ بأبذأ العبارات وعن أكل أموال‬
‫ل ‪ :‬قبل أن‬
‫الناس بالباطل ‪ ..‬حتى بلغ به السوء أنه خرج مع رفيقين له من أبناء القرية لجمع التبرعات من بلد عربي وحدثني أحدهما قائ ً‬
‫تهبط بنا الطائرة في البلد المقصود التفت إلينا (صاحب العمة ) قائلً ‪ :‬أود أن تعلموا منذ الن أنني سأقتطع لنفسي نصف التبرعات ولكما‬
‫ل ‪ :‬أل تت قى ال يا ش يخ وأ نت ب ين يد يه و هو قادر على أن يجعلك‬
‫الر بع والمتب قي يكون لمشروع بناء الم سجد ‪ ..‬والت فت إل يه محد ثي قائ ً‬
‫رمادا في أقل من لحظة ‪..‬‬
‫المهم أن هذا الرجل عندما تكشفت لقريته أخلقه نبذه الناس فارتحل إلى المدينة ‪ ..‬وفي المدينة استمر على نفس السيرة والسريرة دون أن‬
‫يت عظ فنبذه الناس فارت حل إلى بلد أج نبي بع يد وأد خل في ورع الجال ية السلمية هناك أ نه إمام الم سلمين بل منازع ق بل أن يكشفوا حقيق ته‬
‫ويكتشفوا أمره ‪ ..‬والقصة مليئة بالشجون ‪..‬‬
‫إن أمثال هذه الرجل في الناس كثير وهذا ما جعل هؤلء حجة لضعفاء اليمان على السلم وعلى الدعوة بل وجعل أعمالهم وأفعالهم ذريعة‬
‫للمترخصين وفتنة للكثيرين ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ‪..‬‬
‫إن استقامة الداعية هي سر نجاح دعوته وهي المؤهل الهم لمامته وهي العامل القوى في هدايته ‪ ..‬وصدق ال العظيم حيث يقول { فلذلك‬
‫فادع واستقم كما أمرت } ‪.‬‬
‫والقرآن الكريم يذخر بتهديد ووعيد من يخالف فعله قوله والذين يقولون ما ل يفعلون ‪ ..‬ويقول ال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون‬
‫مال تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون } ‪.‬‬
‫{ أتأمرون الناس بالبر وتنسمون أنفسمكم وأنتمم تتلون الكتاب أفل تعقلون } وفمي كتمب الحديمث عشرات الروايات التمي تحمض على تطابمق‬
‫الظاهر مع الباطن والقول مع الفعل ‪ ..‬كما تنذر وتحذر المعرضين عن ذلك بالعواقب الوخيمة والعقوبات العظيمة ‪..‬‬
‫يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم (( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه)) ((إن أناسا من أهل الجنة ينطلقون إلى أناس من أهل النار‬
‫فيقولون ‪ :‬بم دخلتم النار فوال ما دخلنا الجنة إل بما تعلمناه منكم ‪ :‬فيقولون ‪:‬إنا كنا نقول ول نفعل )) ‪.‬‬
‫((مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه )) ‪.‬‬
‫((إ نى ل أتخوف على أم تي مؤمنا ول مشركا ‪ ..‬فأ ما المؤ من فيحجزه إيما نه وأ ما المشرك فيقم عه كفره ‪ ..‬ول كن أتخوف علي كم منافقا عالم‬
‫اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون )) ‪.‬‬
‫(( إن الرجل ل يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواء ويكون لسانه مع قلبه سواء ول يخالف قوله عمله ويأمن جاره بوائقه))‪.‬‬
‫إن الدعوة السملمية حيمن تبتلى بأشخاص ممن هذا الشكمل تصمبح معرضمة للبوار ‪ ..‬أناس فيهما يبنون والخرون يهدمون وأناس يجمعون‬
‫وآخرون يفرقون وآخرون يحببون وغيرهم يكرهن ‪.‬‬
‫من ه نا و جب على الدعوة أن تن قى صفوفها من مر ضى النف صام كائنا ما كا نت مراكز هم ومراتب هم وكائنا ما كا نت قدرات هم التنظيم ية‬
‫والدارية والفكرية لن ضررهم سيكون أكبر من نفعهم ويكفي أنها لن تكون بهم على هدى من ال وتوفيق ‪ {..‬ومن لم يجعل ال له نورا‬
‫فما له من نور}‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الصبر‬
‫واجتذاب الناس واستيعابهم يحتاج من الداعية إلى صبر عليهم ل إلى ضيق بهم وتبر منهم ‪..‬‬
‫فالناس أصحاب أمزجة شتى وعيوب شتى وطباع شتى وحاجات ومصالح شتى ‪ ..‬والناس مشاكلهم كثيرة وهمومهم كبيرة يحتاجون إلى من‬
‫يتسع لهم ‪..‬‬
‫والناس ير مؤدبين بأدب السلم وغير متخلقين بخلق القرآن وهم بمسيس الحاجة إلى من يعايشهم ويتعايش معهم ليسبر أغوارهم ويعالج‬
‫أمراضهم وهذا يحتاج إلى صبر طويل ‪..‬‬
‫والهداية ل يمكن أن تأخذ طريقها إلى نفوس الناس وقلوبهم دفعة واحدة ول بد لذلك من زمن ومتابعة وجهود تبذل لتؤتى أكلها بإذن ربها‬
‫‪ ..‬وهذا يحتاج كذلك إلى صبر ‪..‬‬
‫والناس أصحاب حاجات مختلفة ومنهم من ل يرى في الكون حاجة أهم من حاجته وصاحب الحاجة أرعن قد ل يلقى بالً إل ما يقول لك وقد‬
‫ل يبالي بال ساعة ال تي يقرع في ها با بك من غ ير مو عد أو إشعار و قد تكون هذه الزيارة في و قت طعا مك أو منا مك أو راح تك وهذا يحتاج‬
‫لتحمله إلى صبر ع التوجيه الناعم ولفت النظر وإل وقعت بينك وبينه الواقعة وانقلب عدوا حاقدا ل يرعى إ ًل ول ذمة ‪..‬‬
‫أعرف بعض العاملين في الحقل السلمي ل يستقبلون الناس إل ضمن مواعيد مسبقة فإن جاءهم من ليس على موعد صرفوه أو قال لهم‬
‫أهله أ نه ل يس موجودا و هو يعلم أ نه موجود ‪ ..‬وت صور عندئذ ك يف ستكون النتي جة ‪ ..‬وأعرف آخر ين يعطلون (الها تف) أثناء قيلولت هم‬
‫وليكن من بعد ذلك الطوفان ‪ ..‬وآخرون يمتنعون بالمرة عن استقبال أصناف من الناس لمعرفتهم المسبقة بأنهم متعبون ‪..‬‬
‫إن هؤلء وأولئك قد يكونوا معذور ين من قر يب أو بع يد ول كن الش يء الذي ل خلف ف يه هو أن هم في الدعوة فاشلون وأن الناس عن هم‬
‫سيعرضون ‪..‬‬
‫إن الداعية بحق هو الذي يعيش لغيره ل لنفسه وتهمه سعادة غيره ولو على حساب سعادته هو ويتجرع الغيظ في ذلك وهو على يقين بأنه‬
‫سيتحول في جوفه إيمانا وسيكون له ذخرا عند ال يوم الحساب وصدق إمام الصابرين محمد حيث يقول ‪ ((:‬ما من جرعة أحب إلى ال من‬
‫جرعة غيظ كظمها عبد ما كظمها عبد ل إل مل ال بها جوفه إيمانا ))‪.‬‬
‫إن ن قل إن سان من الضلل إلى الهدى وال خذ ب يد إن سان من الظلمات إلى النور ل يس له هذا ال جر الجز يل ع ند ال والمثو بة العظ مى يوم‬
‫القيامة كما جاءت به أحاديث كثيرة لول أن هذه العملية تحتاج من الداعية إلى صبر طويل وتحمل واحتمال ‪..‬‬
‫ف قد تحتاج إلى أن تصمرف معمه أوقاتا طويلة ممن أوقات عملك أو راح تك و قد تحتاج إلى أن تسممع له وتنصمت وتنصمح له وتذكمر وتزوره‬
‫وتهاديه كل ذلك من غير ملل أو تبرم أو ما يشعره منك بذلك فإن وقع ذلك حبط العمل وفشلت المحاولة وذهبت الجهود سدى ‪..‬‬
‫أعرف أحد الدعاة الموفقين الذين يتقربون إلى ال بصبرهم على متاعب الخرين وبخاصة أن كل ذلك طريقا إلى هداية هؤلء والخذ بأيديهم‬
‫إلى واحة السلم ‪ ..‬وكان لهذا الداعية قريب أدمن الخمرة إدمانا مفرطا جعله منبوذا من عائلته ومحيطه ل يكاد يجد بيتا يؤويه أو إنسانا‬
‫يكلمه إل من كان على شاكلته ‪..‬‬
‫ومرة قرع الباب على (الداع ية ) ول ما ف تح و جد نف سه وجها لو جه أمام ذلك المنبوذ والذي ي كبره بعشرات ال سنوات ‪ ..‬وبح نو الهدا ية طلب‬
‫منه الدخول فدخل الرجل متعثرا بخطاه مستغربا هذا الصنيع وقد تعود أن تركله القدام خارج البيوت ويقذف في وجهه البصاق بل حساب ‪..‬‬
‫دخل الرجل وبدأت بدخوله مسيرة الصبر الطويلة أياما وأسابيع إلى أن أشرقت شمس اليمان في قلبه وبدأت ثمار الهداية تؤتى أكلها فيه‬
‫بإذن ربها ‪..‬‬
‫صلح الر جل وح سن إ سلمه وأ صبح ملزما للداع ية ل يكاد يفار قه ‪ ..‬إلى أن حدث ما لم ي كن بالح سبان ‪ ..‬ف قد أد خل (الداع ية) م ستشفي‬
‫لجراء جراحة عاجلة ‪ ..‬ولقد أجريت الجراحة بالفعل كان الرجل المهتدى خللها على أعصابه يردد الدعوات ويصعد العبرات من شدة خوفه‬
‫على من كان سببا في هدايته ‪ ..‬ولقد أقسم أن يبقى قرب سريره ليل نهار يخدمه بعينه ويرد له بعض ما عليه ‪ ..‬وأخيرا كانت الطامة حين‬
‫منع الرجل من الدخول إلى غرفة الداعية بعد العملية وعندما جاء مستفسرا محتجا على ذلك صفعه كبير أصحاب الداعية على وجهه صفعه‬
‫قوية كانت كافية لهدم كل شئ ولتحويل هذا النسان الذي حطمت بلحظة واحدة مشاعره وأحاسيسه إلى عدو للسلم والمسلمين ‪.‬‬
‫من ه نا كان طر يق هدا ية الناس طريقا صعبا على النفوس الضعي فة والرادات العاجزة والذ ين لم يؤتوا حظا من ال صبر ون صيبا من سعة‬
‫الصدر ‪..‬‬
‫ومن هنا جاءت اليات الكريمة والحاديث الشريفة تحض على الصبر وتعرض لمقام الصابرين ‪:‬‬
‫فمن كتاب ال قوله تعالى ‪:‬‬
‫{ واستعينوا بالصبر والصلة } { فاصبر على ما يقولون } { وبشر المخبتين الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم }‬
‫{يما أيهما الذيمن آمنوا اصمبروا وصمابروا ورابطوا واتقوا ال لعلكمم تفلحون } {إن ال ممع الصمابرين } { وبشمر الصمابرين } { إنمما يوفمي‬
‫الصابرون أجرهم بغير حساب } { أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا } { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا } ‪.‬‬
‫{ ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }‪.‬‬
‫ومن مشكاة النبوية في الصبر يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫(( الصبر معول المسلم ))‬
‫(( ما رزق ال عبدا خيرا له ول أوسع من الصبر ))‬
‫((ومن يتصبر يصبره ال وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ))‬
‫(( الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم ))‬
‫(( الصبر شطر اليمان )) ‪.‬‬
‫(( وعن ابن المسيب رضى ال عنه قال ‪ :‬بينما رسول ال صلى ال عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر رضى ال عنه‬
‫فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثالثة فانتصر أبو بكر ‪.‬‬
‫فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال أبو بكر ‪ :‬أوجدت على يا رسول ال ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬نزل ملك من السماء‬
‫يكذبه بما قال لك ‪ .‬فلما انتصرت ذهب الملك وقعد الشيطان فلم أكن لجلس إذن مع الشيطان ))‬
‫(( ما من جرعة أعظم عند ال من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه ال ))‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الحلم والرفق‬


‫واستيعاب الناس يحتاج من الداعية إلى أن يكون حليما عليهم رفيقا بهم فالناس يمقتون العنف وأصحابه وينفرون من القسوة وأهله وصدق‬
‫ال العظيم حيث يقول { ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في المر } ‪.‬‬
‫فالداعية ل تكون دعوته بحمل الفكار والنظريات المجردة إلى من حوله قبلوها أم رفضوها وإنما بأن يعيش هذه الفكار معهم ويترجمها لهم‬
‫على أرض الواقع أفعا ًل وأخلقا وممارسات ‪..‬‬
‫والداعية ل تكون دعوته بمفاصلة الناس ولقامة الحجة عليهم وإنما بأخذ كافة السباب التي تؤدى إلى هدايتهم ‪..‬‬
‫فهو من موقع الحب لهم والغيرة عليهم والرحمة بهم يكابد من أجل استنقاذهم من حمأة الجاهلية وشقوتها إلى نعيم السلم ولذلك فهو ل‬
‫يسارع إلى مدابرتهم ومقاطعتهم ومفاصلتهم وهذا كله يحتاج منه إلى حلم ورفق ‪..‬‬
‫إن على الداعية أن يعتبر نفسه مربيا للناس ومعلما لهم وإن عليه ليكون ناجحا في تربيته وتعليمه أن ل يعاملهم كأنداد وأن ل يتعامل معهم‬
‫كند وهو إن فعل ذلك أصبح مثلهم وفقد عنصر القوامة عليهم فالداعية معنى أولً وقبل كل الناس بقوله تعالى { ادفع بالتي هي أحسن فإذا‬
‫الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم } ‪.‬‬
‫والداعية معنى قبل غيره بقوله تعالى { الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وال يحب المحسنين } ‪.‬‬
‫ومن أولى من الداعية بتحقيق قوله تعالى { ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة } وقوله { وعباد الرحمن الذين‬
‫يمشون على الرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما } ‪.‬‬
‫والداعية الول صلى ال عليه وسلم كان أحلم الناس وأرفق الناس وهذا ما فتح قلوب الناس له وجعلهم يدخلون في دين ال أفواجا ‪..‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يعلم أصحابه بأقواله وأفعاله الحلم على الناس والرفق بهم ‪ :‬يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫((إن ال يحب الرفق في المر كله ))‬
‫((إن ال رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق مال يعطى على العنف وما ل يعطى على سواه))‪.‬‬
‫((إن الرفق ل يكون في شئ إل زانه ول ينزع من شئ إل شانه ))‪.‬‬
‫((من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير ))‬
‫(( أل أنبئكم بما يشرف ال به البنيان ويرفع الدرجات ‪ ..‬قالوا ‪ :‬نعم يا رسول ال ‪ .‬قال تحلم على من جهل عليك وتعفو عمن ظلمك وتعطى‬
‫من حرمك وتصل من قطعك ))‪.‬‬
‫(( وجبت محبة ال على من أغضب فحلم ))‬
‫أما أفعال رسول ال صلى ال عليه وسلم في ذلك فكثيرة في ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬عن أنس رضى ال عنه قال ‪ :‬كنت أمشى مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه‬
‫بردائه جذبة شديدة فنظرت إلى صفحة عنق رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال ‪ :‬يا محمد مر‬
‫لي من مال ال الذي عندك ‪ ..‬فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء ‪.‬‬
‫‪ -‬وكان ليهودي اسمه (زيد بن سعنة) دين عند رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬فلما كان قبل محل الجل بيومين أو ثلث جاء إلى رسول‬
‫ال و هو في ن فر من أ صحابه فأ خذ بمجا مع قمي صه وردائه وقال ‪ :‬يا مح مد أل تقضي نى ح قي؟ فوال ما علم تم ب نى ع بد المطلب إل مطلً‬
‫فغ ضب ع مر وقال ‪ :‬يا عدو ال أتقول لر سول ال ما أ سمع؟ وت صنع به ما أرى ؟ فوالذي نف سي بيده لول ما أحاذر فو ته لضر بت ب سيفي‬
‫رأسك ‪ ..‬وكان رسول ال ينظر بسكون وتؤدة فقال ‪ :‬يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا أن تأمرني بحسن الداء وتأمره بحسن الطلب‬
‫ثم أمره أن يعطيه حقه مع زيادة عشرين صاعا من تمر فلما سأل اليهودي عن سبب هذه الزيارة قال له عمر ‪ :‬أمرني رسول ال أن أزيدك‬
‫مكان ما رعتك ‪ .‬عندما قال اليهودي ‪ :‬يا عمر ‪ :‬لم يكن من علمات النبوة شئ إل وقد عرفت في وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم حين‬
‫نظرت إليه إل اثنتين لم أخبرها منه ‪ :‬يسبق حلمه جهله ول تزيده شدة الجهل عليه إل حلما وقد اختبرتهما فأشهدك يا عمر أنى قد رضيت‬
‫بال ربا وبالسلم دينا وبمحمد نبيا وأشهدك أن شطر مالي صدقه على أمة محمد صلى ال عليه وسلم ولقد أسلم هذا اليهودي وشهد مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم مشاهد كثيرة ثم استشهد في غزوة تبوك ‪.‬‬
‫‪ -‬ومما يروى عن المام الشهيد حسن البنا أنه قال ‪ (( :‬كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر فيرميهم بالثمر )) ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬التيسير ل التعسير‬


‫ومن الصفات التي تساعد الدعاة على اليغال بدعوتهم بين الناس معالجة المور باليسر والتيسير وليس بالعسر والتعسير ‪..‬‬
‫ولما كان الناس أصنافا شتى فهم كذلك يتفاوتون في القدرة والحتمال فما يطيقه هذا قد ل يطيقه ذاك وما يتناسب مع هذا قد ل يتناسب مع‬
‫ذاك ولذلك كانت القاعدة النبوية ((سيروا على سير لضعفكم ))‪.‬‬
‫ومن أسوأ ما ابتلى به السلم في هذا العصر دعاة جبلوا على التعسير في كل شأن وكأن اليسر ليس من السلم في شأن ‪..‬‬
‫ف هم في ال صلة مع سرون و في الوضوء مع سرون و في اللباس مع سرون و في بيوت هم مع مع سرون و في المأ كل مع سرون و في المشرب‬
‫مع سرون و في علقات هم مع غير هم مع سرون و في الب يع والشراء مع سرون و في ع مل الدعوة مع سرون و هم في كل ذلك مخالفون للن هج‬
‫النبوي الصريح ‪..‬‬
‫ثم أن هؤلء ل يتقيدون بمنطق الولويات ول يفرقون في الموقف بين ما هو فرض أو واجب أو سنة وبين ما هو حرام أو مكروه وبين ما‬
‫فيه نص أو اجتهاد فتراهم يكيلون للناس التهامات فيكفرون هذا ويفسقون ذاك وكأن ال قد نصبهم حكاما على المة يقضون فيها بكل ما‬
‫هو صعب وعسير فيضيقون سعة السلم ويحجرون مرونة الشريعة وينفرون الناس من الدين أل ساء ما يفعلون ‪...‬‬
‫إن هذا ل يعنى أن يترخص الداعية وأن يتساهل ويداهن في إقامة حدود الدين وإنما أن يستفيد من مساحات المرونة واليسر التي جاء بها‬
‫الدين نفسه ‪ ..‬فإقامة حدود ال أمر ل جدال فيه وليس هو المعنى في كلمنا هنا ‪.‬‬
‫ويكفي أن نذكر هنا بقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ((:‬أقيموا حدود ال في القريب والبعيد ول تأخذكم في ال لومة لئم ))‪.‬‬
‫إن القاعدة النبوية في التعامل مع الخرين والتي يجب أن تحكم أسلوب الدعوة والداعية تبدو واضحة جلية في قوله صلى ال عليه وسلم‬
‫(( يسروا ول تعسروا وبشروا ول تنفروا )) ‪.‬‬
‫وفيما ترويه عائشة رضى ال عنها عن رسول ال صلى ال عليه يؤكد هذه القاعدة ‪ ..‬قالت عائشة رضى ال عنها (( ما خير رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بين أمرين قط إل أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ‪ ..‬فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لنفسه في شئ قط إل أن تنتهك حرمة ال فينتقم ل تعالى )) ‪.‬‬
‫ويحض رسول ال صلى ال عليه وسلم على لين الجانب وسهولة المعشر وبين ذلك عند ال فيقول ‪((:‬أل أخبركم بمن يحرم على النار أو‬
‫بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل هين لين سهل )) ‪.‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلم هذا الخلق لصحابه ويدربهم عليه عمليا ‪ ..‬فعن أبى هريرة رضى ال عنه قال ((بال أعرابي في‬
‫المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى ال عليه وسلم (( دعوه وأريقوا على بوله سجل من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم‬
‫ميسرين ولم تبعثوا معسرين ))‪.‬‬
‫إن سماحة الداعية ولينه وسهولة معشره هي التي تفتح مغاليق القلوب وتنفذ به إلى أعماق النفوس يلمسها بالهداية فتقبل ويدعوها إلى‬
‫الخير فتستجيب ‪..‬‬
‫والخلق هذا يجب أن يغطى مساحة حياة الداعية كلها وأن يكون ملزما له في كل شأن من شأنه وليس أثناء الدعوة فقط ‪..‬‬
‫ففي بيته يجب أن يكون كذلك ‪ ..‬وفي بيعه وشرائه يجب أن يكون كذلك ‪ ..‬وفي تقاضيه يجب أن يكون كذلك ‪..‬‬
‫ويقرر ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم فيقول ‪:‬‬
‫‪(( -‬أفضل المؤمنين ‪ :‬رجل سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء سمح القتضاء ))‬
‫‪ (( -‬رحم ال عبدا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى )) ‪.‬‬
‫‪ (( -‬وعن حذيفة رضى ال عنه قال ‪ ((:‬أتى ال بعبد من عباده آتاه ال مالً فقال له ‪:‬ماذا عملت في الدنيا ؟ قال ول يكتمون ال حديثا ؟‬
‫قال يا رب ‪ :‬آتيتني مالً فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال ال تعالى أنا أحق بذلك منك‬
‫تجاوزوا عن عبدي فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود النصاري ‪ :‬هكذا سمعناه من في رسول ال صلى ال عليه وسلم )‬
‫أعرف أحد الدعاة وهو من كبار العلماء طبعه العسر في كل شئ صعب التعامل مع كل الناس ‪ ..‬مع الزوجة في البيت ومع الولد ‪ ..‬مع‬
‫الجيران مع كل الناس ولقد وصل به المر أن عشرات الدعاوى أقيمت عليه أو أقامها على الناس لدى المحاكم ‪ ..‬هذا النسان أوتى سعة‬
‫في العلم ولم يؤت سعة في النفس ولذلك لم ينفعه علمه ولم يتمكن من اجتذاب حتى أهل بيته إلى السلم واسيتعابهم ‪..‬‬
‫ولقد ذهب السلم في دعوته للسماحة والحسان أبعد من ذلك حتى أنه أوجب أن يكون ذلك مع الحيوان ‪ ...‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ((:‬إن ال كتب الحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ))‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬التواضع وخفض الجناح‬


‫ومن أهم وأبرز الصفات التي تجعل الداعية محبوبا في قومه وبيئته ذا أثر فيهم وقوامه عليهم صفة التواضع وخفض الجناح ‪..‬‬
‫فال كبر يشكل جدارا وحاجزا ب ين الداع ية والناس ‪ ..‬بل ويجعل الداع ية معزولً عن مجتمعه غ ير مألوف م من حوله وإلى هذا المع نى يش ير‬
‫الرسمول صملى ال عليمه وسملم بقوله ((إن أحبكمم إلى أحاسمنكم أخلقا الموطئون أكنافا الذيمن يألفون ويؤلفون وإن أبغضكمم إلى ‪ :‬المشاؤن‬
‫بالنميمة المفرقون بين الحبة الملتمسون للبراء العيب ))‪.‬‬
‫ومظاهر الكبر قد تبدو في صور مختلفة ‪:‬‬
‫‪ -‬فقد تبدو في عدم مخالطة الداعية للفقراء أو لعوام الناس وفي حرصه على مخالطة الغنياء وأصحاب الجاه والسلطان ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تبدو في زيادة اهتمامه بلباسه وتأنقه وفي إعابة التبذل فيمن حوله ‪..‬‬
‫‪ -‬وقد تبدو في استنكافه عن القيام بواجب الدعوة (وعظا وتوجيها وتدريسا ) في عوام من الناس أو قلة قليلة منهم فهو ل يتحدث إل إذا‬
‫كان الجمهور كبيرا ووسطه رفيعا؟؟‬
‫‪ -‬وقد تبدو من خلل تنميق الكلم وتزويق العبارة والمبالغة في ذلك إلى حد يضع المعاني ويبطل الثر وهذا ما عناه رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بقوله ‪ ((:‬إن ال يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة )) ‪.‬‬
‫‪ -‬وقد تبدو في العجاب بالعلم والزهو بالمعرفة والتحدث عن النفس بعجب وفي الحرص على منافسة العلماء ومماراة السفهاء وهي أخلق‬
‫مرذولة نهي رسول ال صلى ال عليه وسلم عنها وحذر منها فقال ‪((:‬ل تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ول تماروا به السفهاء ول تحيروا‬
‫به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار ))‪.‬‬
‫وقال ‪ ((:‬إن ممن أحبكمم إلى وأقربكمم منمى مجلسما يوم القياممة أحاسمنكم أخلقا وإن أبغضكمم إلى وأبعدكمم منمى يوم القياممة الثرثارون‬
‫والمتشدقون والمتفيهقون )) للترمذى ‪.‬‬
‫إن الداعية المتواضع هو الذي يعيش مع كل الناس ويستقبل كل الناس ويكلم كل الناس ويزور كل الناس ويحب كل الناس ‪..‬‬
‫وهو الذي يخدم الناس ول يستخدمهم ‪ ..‬ويتواصل مع الناس ل يقاطعهم أو يجافيهم ‪..‬‬
‫أل فليسمع الدعاة إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وليقتدوا بتواضعه وهو سيد ولد آدم وأكرم إنسان ‪ ..‬فمن أقواله صلى ال عليه وسلم‬
‫‪:‬‬
‫‪ (( -‬ل يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬إن ال أوحى إلى أن تواضعوا حتى ل يفخر أحد على أحد ول يبغي أحد على أحد ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬ل يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم ))‪.‬‬
‫ومن تواضعه صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ -‬عن أنس رضى ال عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال ‪ :‬كان النبي صلى ال عليه وسلم يفعله ‪.‬‬
‫‪ -‬وعنه قال ‪((:‬إن كانت المة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى ال عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت ))‪.‬‬
‫‪ -‬وعن السود بن يزيد قال ‪ :‬سئلت عائشة رضى ال عنها ‪ :‬ما كان النبي صلى ال عليه وسلم ينع في بيته ؟ قالت ‪ :‬كان يكون في مهنة‬
‫أهله (يعنى في خدمتهم ) فإذا حضرت الصلة خرج إلى الصلة ))‪.‬‬
‫‪ -‬وعن أبى رفاعة تميم بن أسد رضى ال عنه قال ‪:‬انتهيت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يخطب فقلت ‪ :‬يا رسول ال رجل‬
‫غريب جاء يسأل عن دينه ل يدرى ما دينه فأقبل علىّ رسول ال وترك خطبته حتى انتهي إلى فأتى بكرسي فقعد عليه وجعل يعلمني مما‬
‫علمه ال ثم أتى خطبته فأتم آخرها))‪.‬‬
‫‪ -‬واخرج الطبرانى عن أبى أمامة أنه قال ‪(( :‬كان حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم القرآن ‪ ..‬يكثر الذكر ‪ ..‬ويكثر الخطبة ‪ ..‬ويطيل‬
‫الصلة ‪ ..‬ول يأنف ول يستكبر أن يذهب مع المسكين والضعيف حتى يفرغ من حاجته ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج البيهقى عن أبى موسى أنه قال ‪(( :‬كان الرجل من العوالى ليدعو رسول ال صلى ال عليه وسلم بنصف الليل على خبز الشعير‬
‫فيجيب ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج الطبرانى عن أبى أمامة قال ‪(( :‬كانت امرأة ترافث الرجال وكانت بذيئة فمرت بالنبي صلى ال عليه وسلم وهو يأكل ثريدا على‬
‫طربال (البناء المرتفع) فقالت ‪ :‬انظروا إليه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد ‪ ..‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬وأي عبد أعبد‬
‫منى ؟ قالت ‪ :‬يأكل ول يطعمني ‪ .‬قال فكلى ؟ قالت ‪ :‬ناولني بيدك ‪ ..‬فناولها ‪ ..‬فقالت أطعمني مما في فيك ‪ ..‬فأعطاها فأكلت فغلبها الحياء‬
‫فلم ترافث أحدا حتى ماتت))‪.‬‬
‫وفيما يلي طائفة مما روى عن تواضع الصحابة رضى ال عنهم ‪:‬‬
‫‪ -‬أخرج ابمن ع ساكر عن أسملم قال ‪ :‬قدم عممر بمن الخطاب رضمى ال عنمه الشام على بعيمر فجعلوا يحدثون بينهمم ‪ .‬فقال عممر ‪ :‬تطممح‬
‫أبصارهم إلى مراكب من ل خلق لهم ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج الدينورى عن الحسن قال ‪ :‬خرج عمر بن الخطاب رضى ال عنه في يوم حار واضعا رداء على رأسه فمر به غلم على حمار‬
‫فقال ‪ :‬يا غلم احملني معك ‪ ..‬فوثب الغلم عن الحمار وقال ‪ :‬اركب يا أمير المؤمنين قال ‪ :‬ل اركب وأركب أنا خلفك تريد أن تحملني على‬
‫المكان الوطىء وتركب أنت على الوضع الخشن فركب خلف الغلم فدخل المدينة وهو خلفه والناس ينظرون إليه ))‬
‫‪ -‬وأخرج ا بن سعد وأح مد وا بن ع ساكر عن ع بد ال الرو مي قال ‪ :‬كان عثمان ر ضى ال ع نه يلي وضوء الل يل بنف سه فق يل ‪ :‬لو أمرت‬
‫بعض الخدم فكفوك ‪ .‬فقال ل إن الليل لهم يستريحون فيه )) ‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج سعد عن ثابت قال ‪ ((:‬كان سلمان رضى ال عنه أميرا على المدائن فجاء رجل من أهل الشام من بنى (تيم ال ) معه حمل تين‬
‫فقال ل سلمان ‪ :‬تعال اح مل (و هو ل يعر فه ) فح مل سلمان ‪ ..‬فرآه الناس فقالوا ‪ :‬هذا الم ير ‪ ..‬قال لم أعر فك ‪ ...‬فقال له سلمان ‪ :‬ل ح تى‬
‫أبلغ منزلك ))‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج العسكري عن على رضى ال عنه قال ‪ :‬ثلث هن رأس التواضع ‪ -1 :‬أن يبدأ بالسلم من لقيه ‪ -2‬ويرضى بالدون من شرف‬
‫المجلس ‪ -3‬ويكره الرياء والسمعة ))‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬طلقة الوجه وطيب الكلم‬


‫ومن الصفات التي تفتح للداعية قلوب الناس وتجعله محل قبول عندهم وألفة منهم طلقة وجهه وطيب كلمه ‪..‬‬
‫فالو جه هو عنوان الداع ية والمرآة ال تي تع كس نف سيته وأعما قه ‪ ..‬فإن كان متجهما أو حى بالض يق والتج هم وإن كان طلقا مبت سما أو حى‬
‫بالبشر والخير ‪..‬‬
‫وليس المقصود بطلقه الوجه جماله أو حسن تقاسيمه ‪ ..‬فقد يكون الوجه جميلً وليس فيه أثر من الطلقة وقد يكون قبيحا ويفيض أنسا‬
‫وبشرا ‪..‬‬
‫والداعية عليه أن يتعود طلقة الوجه ولو أن يدرب نفسه على ذلك وأن يعود نفسه البتسام كائنا ما كانت ظروفه ضاغطة أليمة ‪.‬‬
‫إن نجاح الداع ية يك من في قدر ته على تكي يف نف سه وأن تكون له القوا مة علي ها ول يس الع كس وأن تكون لد يه القدرة على التح كم بنف سه‬
‫حيال الظروف التي يمر بها وأن يعطى لكل مقام مقالً ‪..‬‬
‫أعرف بعض الدعاة يخرجون على الناس والبتسامة تعلو محياهم وقد دفنوا في العماق هموما ومشاكل ل يعلم مداها إل ال ‪..‬‬
‫وأعرف آخرين ل يستطيعون السيطرة على أنفسهم حيال أبسط المشكلت والملمات فترى آثار ذلك بادية في وجوههم ومن خلل تصرفاتهم‬
‫فتشعر حيال ذلك وكأنك أنت المسيء إليهم ؟؟‬
‫سمعت أن أحد الدعاة كان يلقى محاضرة في جمهور غفير في بعض أرياف مصر وكان قد غادر القاهرة تاركا أحد أولده في مرض شديد ‪..‬‬
‫وأثناء المحاضرة دخل القاعة أحد أقرباء الداعية واقترب من المنصة وسلم المحاضر قصاصة من الورق فما كان من الداعية إل أن قرأها‬
‫ثم تابع محاضرته بشكل طبيعي ودون أن يلحظ الحضور عليه أي أثر ‪ ..‬وبعد أن انتهي من حديثه أجاب على كثير من السئلة بطلقة نفس‬
‫ورحابة صدر ‪ ..‬ثم صعق الناس بعد ذلك عندما علموا أن قصاصة الورق التي وصلت الداعية كانت تحمل نبأ وفاة ابنه المريض ؟؟‬
‫هذا عن طلقة الو جه أما عن طيب الكلم فإنه ل يقل أهمية إن لم يكن أك ثر أهم ية من سواه ‪ ..‬فكلم الداع ية هو و سيلة الت صال بالناس‬
‫وو سيلة الت عبير عن المعا ني والفكار فأن كان الداع ية تمنا من ل سانه متحكما بكل مه قادرا على انتقاء الكلم الط يب والت عبير الح سن كان‬
‫بالتالي قادرا على كسب قلوب الناس والولوج إلى نفوسهم وذواتهم وإن كان غير ذلك ل يلقى بالً إلى ما يخرج من بين شدقيه فقد أقام بينه‬
‫وبين الناس حاجزا ل يخترق وسدا ل يمكن النفاذ منه ‪ ..‬بل وجعله ذلك مذموما مكروها تحاشاه الناس ول يألفونه ‪...‬‬
‫فمن كتاب ال تعالى قوله‬
‫‪ { -‬وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم إن الشيطان كان للنسان عدوا مبينا } ‪.‬‬
‫‪ { -‬وقولوا للناس حسنا }‪.‬‬
‫‪ { -‬قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى وال غنى حليم }‬
‫‪ { -‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قو ًل سديدا }‬
‫‪ { -‬وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد }‬
‫‪ { -‬وجادلهم بالتي هي أحسن }‬
‫‪ { -‬فقول له قولً لينا لعله يتذكر أو يخشى}‬
‫ومن توجيهات النبوة قوله صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪(( -‬ل تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت طلق الوجه)) ‪.‬‬
‫‪ (( -‬ل تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إل يه منبسط وإياك وإسبال الزار‬
‫فإنه من المخيلة ول يحبها ال وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فل تشتمه بما تعلم فيه فإن أجره لك ووباله على من قاله ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬والكلمة الطيبة صدقة ))‬
‫‪ (( -‬موجب الجنة ‪ :‬إطعام الطعام وإفشاء السلم وحسن الكلم ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيرا أ‪ ,‬ليصمت ))‬
‫‪ (( -‬إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ))‬
‫‪ (( -‬إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان ال تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب ال له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وأن الرجل ليتكلم‬
‫بالكلمة من سخط ال ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب ال له بها سخطه إلى يوم يلقاه ))‬
‫وإذا كان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم القدوة الح سنة للناس جميعا فإن الدعاة أولى بهذا القتداء من غير هم فلين ظر دعاة ال سلم ك يف‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ -‬أخرج الخرائطى والحاكم عن عمرة قالت ‪ :‬سألت عائشة رضى ال عنها كيف كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا خل مع نسائه ؟‬
‫قالت ‪ :‬كالرجل من رجالكم إل أنه كان أكرم الناس وألين الناس ضحاكا بساما ))كذا في الكنز ج ‪ 4‬ص ‪47.‬‬
‫‪ -‬وأخرج البزار عن جابر رضى ال عنه قال ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت ‪ :‬نذير قوم أتاهم العذاب‬
‫فإذا ذهب عنه ذلك رأيت أطلق الناس وجها وأكثرهم ضحكا وأحسنهم بشرا وعند الطبرانى ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم من أضحك‬
‫الناس وأطيبهم نفسا ))‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬الكرم والنفاق على الناس‬
‫ومن لبرز الشروط اللزمة لنجاح الداعية في دعوته والتي تمكنه من اجتذاب الناس واستيعابهم هي كرمه وإنفاقه على الناس ‪...‬‬
‫فالكرم والسخاء والعطاء دليل أكيد على كرم وسخاء وعطاء نفس النسان فيما البخل والحرص‬
‫والشح دليل على بخل النفس وحرصها وشحها ‪...‬‬
‫في كث ير من الحيان يجد الداعية نفسه أمام مشكلت وقضايا ل حل لها بالنفاق وبذل المال فإن هو ب خل قد يخسر فرضا ل تفوت بل قد‬
‫يتسبب بإحراجات وإساءات بالغة للدعوة نفسها ‪...‬‬
‫اعرف دعاة المال عندهم له شأن كبير وحرصهم عليه يؤدى إلى خسارة كثير من الطاقات كان يمكن أن تكون خيرة ومعطاة فيما لو قوبلت‬
‫بالسماح والكرم والعطاء ‪.‬‬
‫أنا أفهم إنه في سبيل الهداية وعمل الدعوة كل شئ يجب أن يرخص ذلك أن القيمة الساسية هي للنسان الذي سخر ال له ما في السموات‬
‫وما في الرض والمال هو أحد هذه السباب ويجب أن يوضع في خدمة الهداية والدعوة وليس العكس ‪..‬‬
‫‪ -‬إن إكرام الضيف في السلم واجب ‪ ..‬ولقد حض رسول ال صلى ال عليه وسلم على القيام به فقال‪ ((:‬من كان يؤمن بال واليوم الخر‬
‫فليكرم ضيفه ‪ ..‬الحديث )) وهل يتحقق الكرام من غير إنفاق ومن سخاء نفس ويد ؟‬
‫إن السخاء الذي جبلت عليه قلوب الرعيل الول من صحابه الرسول صلى ال عليه وسلم هو الذي جعلهم أئمة مهتدين ‪..‬‬
‫ف عن أ بى هريرة ر ضى ال ع نه قال ‪ :‬جاء إلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقال ‪ :‬إ ني مجهود ‪ ..‬فقال ‪ :‬من يض يف هذا الليلة رح مه‬
‫ال ؟ فقام رجل من النصار فقال ‪ :‬أنا يا رسول ال ‪ ..‬فانطلق به إلى رحله فقال لمرأته ‪ :‬هل عندك شئ ؟ قالت ‪ :‬إل قوت صبياني ‪ ..‬قال‬
‫‪ :‬فعلليهم بشيء فإذا أرادوا العشاء فنوميهم فإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل ‪ ..‬قال ‪ :‬فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين ‪..‬‬
‫فلما أصبح غدا على رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول‪(( :‬الملئكة تصلى على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة )) وقوله ‪ ((:‬الخير‬
‫أسرع إلى البيت الذي يؤكل فيه من الشفرة إلى سنام البعير ))‪.‬‬
‫‪ -‬وإن المهاداة بيمن المسملمين ممن خلق السملم وممن الفعال التمي حمض عليهما الرسمول صملى ال عليمه وسملم ‪ ..‬حيمث قال ‪ ((:‬تهادوا‬
‫تحابوا ))‪ .‬والهدية يهديها الخ لخيه هي رسول خير ومظهر حب ووسيلة قربى ومبعث أنس تقرب البعيد وتصل المقطوع وتشق طريق‬
‫الدعوة إلى النفوس ومن أولى من الداعية بذلك ومن أحوج منه إلى ذلك ؟ ولكن تحقيق ذلك يحتاج إلى بذل وإنفاق وكرم ‪..‬‬
‫‪ -‬ثم أن الفضائل كل ها ال تي أ مر ال سلم ب ها تحتاج للقيام ب ها إلى الجود والكرم وي صعب أن يتح قق في غ ير الجواد الكر يم فالنفاق على‬
‫أ صحاب الحا جة من الفقراء والم ساكين وكفالة اليتام واليثار وإيفاء الك يل والموا ساة والخوة و حق الجار وإ صلح ذات الب ين غيره كل ها‬
‫صفات تتعارض والبخل ول يمكن أن يتحلى بها البخلء ‪..‬‬
‫من هنا جاءت اليات الكريمة والحاديث الشريفة تندد بالبخل والبخلء وتحض على الكرم وتشيد بالكرماء ‪..‬‬
‫فمن قوله تعالى في البخل ‪:‬‬
‫{ ول يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم ال من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون بما بخلوا يوم القيامة ول ميراث السموات‬
‫والرض وال بما تعلمون خبير }‬
‫{ وأحضرت النفس الشح }‬
‫{ من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }‬
‫{ول تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ول تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }‬
‫{ قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لمسكتم خشية النفاق وكان النسان قتورا }‬
‫وفي وصفه تعالى للمؤمنين ‪:‬‬
‫{ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالسحار }‬
‫{والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم }‬
‫{ ل خير في كثير من نجواهم إل من أمر بصدقة أو معروف أو إصلح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات ال فسوف نؤتيه أجرا‬
‫عظيما }‬
‫{ ومما رزقناهم ينفقون } وردت في عشرات اليات في سياق وصف المؤمنين ‪.‬‬
‫وفي أمره تعالى بالنفاق ‪:‬‬
‫وردت عشرات اليات بمختلف الصيغ ‪..‬‬
‫{ أنفقوا من طيبات ما رزقناكم } { وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } {أنفقوا مما رزقكم ال } {قل أنفقوا طوعا أو كرها } { وأنفقوا خيرا‬
‫لنفسكم } { وأنفقوا في سبيل ال } { لينفق ذو سعة من سعته } { وما لكم أل تنفقوا } ‪.‬‬
‫ومن قوله صلى ال عليه وسلم في البخل ‪:‬‬
‫(( ما محق السلم محق الشح شئ))‬
‫((شر ما في الرجل ‪ :‬شح هالع ‪ ،‬وجبن خالع ))‬
‫((ل يجتمع شح وإيمان في قلب عبد أبدا ))‬
‫((خصلتان ل يجتمعان في مؤمن ‪ :‬البخل وسوء الخلق ))‪.‬‬
‫((السخي قريب من ال قريب من الجنة قريب من الناس بعيد عن النار ‪ ..‬والبخيل بعيد من ال بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من‬
‫النار ولجاهل سخي أحب إلى ال من عابد بخيل ))‬
‫((أل أن كل جواد في الجنة حتم على ال وأنا به كفيل ((أل وإن كل بخيل في النار حتم على ال وأنا به كفيل ‪ ..‬قالوا ‪ :‬يا رسول ال من‬
‫الجواد ومن البخيل ؟ قال‪ :‬الجواد من جاد بحقوق ال عز وجل من ماله ‪ .‬والبخيل من منع حقوق ال بخل على ربه ‪ ..‬وليس الجواد من‬
‫أخذ حراما وأنفق إسرافا ))‬
‫((السخاء خلق ال العظم ))‬
‫((إن ال استخلص هذا الدين لنفسه فل يصلح لدينكم إل السخاء وحسن الخلق أل فزينوا دينكم بهما))‬
‫(( أنفق يا بلل ول تخشى من ذي العرش إقلل))‬

‫تاسعا ‪ :‬خدمة الخرين وقضاء حوائجهم‬


‫ومن شروط نجاح الداعية في دعوته والتي تمكنه من النفاذ بدعوته في المجتمع الذي يعيش فيه قيامه بخدمة الخرين والعمل على قضاء‬
‫حوائجهم ‪...‬‬
‫فالدعوة لي ست م نبرا لعرض الفكار والنظريات ‪ ..‬والداع ية ل يس (مذياعا) يردد الفكار المجردة فح سب ‪ ..‬بل إن الدعوة والداع ية ي جب أن‬
‫ينتقل نقلة نوعية تجعلهما يعيشان هموم الناس ويحملن بقسط وافر من هذه الهموم ‪..‬‬
‫وهذا ال مر ل يس من قب يل الدعا ية والمتاجرة والستغلل ك ما هو الشأن لدى الجمعيات التبشير ية وغيرها وإن ما هو مبدأ في صلب المنهج‬
‫السلمي ‪ .‬ل يصلح السلم إل به وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث يقول ‪ ((:‬من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ))‬
‫في كثير من الحيان تحول هموم الناس ومشكلتهم بينهم وبين التلقي ‪ ..‬وتصبح هذه الهموم والمشكلت سدا منيعا في وجه ما يردهم من‬
‫أفكار مجردة ونظريات ومن هنا كان من واجب الداعية أن يبادر إلى إزالة العوائق من طريق دعوته وإلى فتح القنوات الموصلة لفكاره إلى‬
‫قلوب الناس وعقولهم ‪..‬‬
‫وإن كان صحيحا أن الداع ية لن ي سع الناس بماله وجهده وخدما ته ول كن ل يس من ال صحة في شئ اعتباره حائلً بي نه وب ين قيا مه ب ما‬
‫يستطيع فالمطلوب منه ابتداء القيام ببذل ما يستطيع من جهد فإن قصر به جهد عوضه وأكمله بحسن الخلق ‪ ..‬وصدق رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حيث يقول ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلقكم))‪.‬‬
‫واليمان نفسه يجب أن يدفع الداعية إلى أن يحب لغيره ما يحب لنفسه ‪ ..‬وهذا لن يكون إل بالسعي في شؤونهم وقضاء حوائجهم ‪..‬‬
‫والخوة ال سلمية نف سها وال تي تقوم على ال حب في ال ل يم كن أن تتح قق على أرض الوا قع ويتح قق نقل ها من ح يز الدعاء إلى ح يز‬
‫التطبيق إل من خلل المساعدة والمساندة والهتمام والسعة وقضاء الحاجة ‪..‬‬
‫وإذا كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتبرأ من إنسان يبات شبعان وجاره جائع وهو يعلم فهو أكثر تبرأ من إنسان يقدر أن يرفع الظلم‬
‫عن أخيه أو يقضى حاجته أو يفرج كربه أو يزيل همه ثم ل يفعل ؟؟‬
‫إن الداعية بحق هو الذي يعيش لسواه ل لنفسه ويكون ديدنه الدوران حول مجتمعه وحول المسلمين وليس حول ذاته ‪ ..‬وهو الذي يعمل‬
‫على توفير الراحة للخرين ولو على حساب راحته بل إن الداعية بحق هو الذي تسعده سعادة الخرين وتشقيه شقاوتهم يرتاح إذا ارتاحوا‬
‫ويطمئن إذا اطمأنوا ويسعد إذا سعدوا ‪..‬‬
‫فإذا قامت هذه الوشائج بين الداعية وبين الناس تحقق الوصال والتصال وتحقق التأثر والثر ونجحت المهمة وآتت الدعوة أكلها بإذن ربها‬
‫وإن كان غير ذلك لم تكن دعوته ولم يكن داعية ‪..‬‬
‫وكي ما يتم كن الداع ية من خد مة الناس وقضاء حوائج هم فإن عل يه أن يكون قريبا من هم مو صولً ب هم غ ير مقطوع عن هم ك ما أن عل يه أن‬
‫يجالسهم ويحادثهم ويستمع إليهم ‪..‬‬
‫ول قد كان من صفاته صلى ال عل يه و سلم إ نه كان يجلس إلى الناس وي ستمع ل هم ح تى و قع ال ظن لدى الب عض وأشاع الب عض ال خر من‬
‫المنافقيمن أن رسمول ال (أذن) يسمتمع إلى هذا ويصمدقه أي تنطلي عليمه المور فنزل فمي ذلك قوله تعالى ‪ { :‬ومنهمم الذيمن يؤذون النمبي‬
‫ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بال ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول ال لهم عذاب أليم }‪.‬‬
‫أعرف داعيمة كثيمر الجلوس إلى الناس والسمتماع إليهمم وإلى مما عندهمم حتمى غدا بيتمه مقصمدا للناس ومرجعا لهمم يبثون فيمه همومهمم‬
‫ويستقضون فيه حوائجهم ويحلون عن طريقه مشاكلهم ولقد شق هذا المر على بعض أصحاب الداعية واعتقدوا أن في ذلك مضيعة لوقته‬
‫ومشغلة عن دعو ته ‪ ..‬ولم يعلم هؤلء وأولئك ح تى الن أن هذا هو ميدان الدعوة العملي وأن هذا هو الطر يق الذي ي صلها بالناس و صلً‬
‫مباشرا وإن التوجيه والتوع ية الذين يمكن أن يكو نا من خلل ذلك أك ثر أثرا من التوجيه العام النظري الذي يكون عادة عن طر يق الخطبة‬
‫والمحاضرة والحديث ‪...‬‬
‫إن من السباب الرئيسية لركود الدعوة أو جمودها أو عقمها أحيانا اكتفاء أصحابها بالطلل على الناس في المناسبات بمكتوبات أو مقولت‬
‫‪-‬‬
‫والدعوة الناجحة هي الدعوة الموصولة بقضايا الناس لنها ستكون عند ذلك موصولة بقلوبهم ومشاعرهم ‪..‬‬
‫إن الفكرة المجردة تدب فيها الحياة وتصبح قضية متحركة إذا ما تجسدت في الواقع وطرحت على أرض الواقع والفكرة تبقى نظرية وبعيدة‬
‫ما لم ترتبط أو تحاكى واقعا معاشا أو بالتالي تكون معالجة ومتعاملة مع هذا الواقع سلبا أو إيجابا ‪..‬‬
‫إن قضايا الناس كثيرة ومتشبعة فمنها الخاص ومنها العام ومنها النفسي ومنها الحسي ومنها التافه ومنها المهم والداعية يجب أن تكون‬
‫معالجته لها بحسب الولويات والهميات ‪..‬‬
‫وال مر الذي ل مناص م نه ول فائدة بدو نه أن يكون ارتباط الحوائج وبذل الم ساعي بف كر الداع ية ودعو ته ل بشخ صه وأن يبدأ بهذا الر بط‬
‫ويسعى له من أول يوم وإل كان الستقطاب حول الشخص وليس حول الفكرة أو الحركة وهذه قضية مهمة يجب التنبه إليها والحذر منها‬
‫قبل أن تصبح بابا للشيطان ووبالً على الدعوة والداعية ‪..‬‬
‫وإذا كان المنهج السلمي قد حض عموم المسلمين وعامتهم على القيام بقضاء حوائج الناس فإن دعاة السلم معنيون بذلك أكثر ‪..‬‬
‫‪ -‬فمما ورد عن رسول ال في الحض على قضاء الحوائج قوله ‪:‬‬
‫(( المسلم أخو المسلم ‪ :‬ل يظلمه ول يسلمه من كان في حاجة أخيه كان ال في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج ال عنه بها كربة‬
‫من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره ال يوم القيامة )‬
‫(( لن يمشى أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته وأشار بإصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين ))‪.‬‬
‫((ل يزال ال في حاجة العبد مادام في حاجة أخيه))‪.‬‬
‫‪ -‬وفي حضه على السعي والسعاية للمسلمين يقول ‪:‬‬
‫((الساعي على الرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل ال وكالقائم الليل الصائم النهار ))‪.‬‬
‫((من كان وصلة (أي شفيعا موصلً)) لخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر أو إدخال سرور رفعه ال في الدرجات العلى من الجنة ))‪.‬‬
‫((من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره بذلك سره ال عز وجل يوم القيامة ))‪.‬‬
‫((من مشى في حاجة أخيه حتى يثبتها له أظله ال عز وجل بخمسة وسبعين ألف ملك يصلون له ويدعون له إن كان صباحا حتى يمسي‬
‫وإن كان مساء حتى يصبح ول يرفع قدما إل حط ال عنه خطيئة ورفع له بها درجات ))‬
‫‪ -‬وفي حضه على إدخال السرور إلى قلب المسلم يقول ‪:‬‬
‫((إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور إلى أخيك المسلم ))‪.‬‬
‫((أفضل العمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت حاجته))‪.‬‬
‫((من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض ال له ثوابا دون الجنة ))‪.‬‬
‫((أحب الناس إلى ال أنفعهم للناس وأحب العمال إلى ال عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضى عنه دينا أو تطرد‬
‫عنه جوعا ولن أمشى مع أخ في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه مل ال‬
‫قلبه يوم القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها ثبت ال قدميه يوم تزل القدام ))‪.‬‬
‫وهكذا تتكا ثر وتك ثر التوجيهات النبو ية ال تي تد عو وت حض على قضاء حوائج الم سلمين وبذل الم ساعي الخيرة ل هم وإدخال ال سرور إلي هم‬
‫ودعاة السلم أولى الناس جميعا في القتداء برسول ال صلى ال عليه وسلم واتباع سنته ‪..‬‬
‫وبذلك نأتي إلى ختام الكلم عن الصفات والشروط التي يحتاجها الداعية ليتمكن من نشر دعوته وتأدية رسالته على أكمل وجه وليتمكن من‬
‫استقطاب الناس حول السلم واستيعابهم في دعوته ‪..‬‬
‫ولننتقل بعد ذلك إلى الستيعاب الداخلي أي ضمن الدعوة وداخل الحركة والتنظيم‬
‫وال ولى التوفيق‬

‫الستيعاب الداخلي‬
‫أعني بالستيعاب الداخلي القدرة والهلية على الستيعاب ضمن الدعوة وفي صفوفها سواء كان ذلك من قبل القيادة أم من قبل الفراد ‪..‬‬
‫فإذا كان الستيعاب الخارجي يحقق اجتذاب الناس إلى السلم وإلى الدعوة والحركة وهو مهم فإن الستيعاب الداخلي هو الذي يحقق حسن‬
‫الستفادة من هؤلء في عمل الدعوة والحركة ‪..‬‬
‫إن المرحلة الولى من العمل أشبه باستخراج المعادن من الرض وهو عمل (المناجم) والعاملين فيها في حين تشبه المرحلة الثانية عملية‬
‫تصنيع هذه المعادن والخامات وتحويلها عبر (المانع) إلى أدوات مختلفة ‪..‬‬
‫وإذا كان مهما أن نستخرج الخامات البشرية من (منجم ) المجتمع الكبير فمن الهم التمكن من تحويل هذه الخامات عبر الدعوة إلى طاقات‬
‫فاعلة على كل صعيد ‪..‬‬
‫فلنرى كيف يجب أن تتم عملية التحويل والتصنيع هذه ‪..‬‬
‫إن عملية تحويل خامة بشرية إلى طاقة موجهة وقدرة فاعلة ل بد وأن يتم عبر مراحل ووفق أسس وقواعد شأن ما يفرض في ذلك على‬
‫التصنيع المعدني فما هي هذه المراحل وتلك القواعد والسس؟‬

‫المرحلة الولى ‪ :‬الستيعاب العقائدي التربوي ‪...‬‬


‫في هذه المرحلة يتعين على الحركة أن تقوم بصياغة الوافدين إليها صياغة نوعية جيدة ‪...‬‬
‫تنقيهم من كل الرواسب الماضية أفكارا وممارسات وتغسل أدمغتهم وعقولهم مما ران عليها أو علق بها من معطيات غير إسلمية ‪..‬‬
‫تصحح عقيدتهم ‪ ..‬تقوم سلوكهم وأخلقهم ‪ ..‬تهذب أحاسيسهم ومشاعرهم ‪ ..‬توجه رغباتهم وتطلعاتهم ‪ ..‬تحدد وتوضح أهدافهم وغاياتهم‬
‫‪..‬‬
‫إن هذه المرحلة هي أهم المراحل على الطلق لنها بمثابة الساس الذي سيبنى عليه العمل كله ويقوم عليه البناء كله ‪..‬‬
‫فإن حصل استيهان في هذه المرحلة وما أكثر ما يحصل فيترتب عليه خطر كبير وشر مستطير على صعيد الفرد والجماعة ‪..‬‬
‫فالذي يكبر من غير تربية والذي يرتفع من غير التزام والذي يتبوأ المسئوليات بغير جدارة وأهلية يكون عبئا على الدعوة وبلءا عليها في‬
‫كثير من الحيان ‪..‬‬
‫إن مهممة (القيادة) فمي هذه المرحلة أن تضمع وتهمي كافمة السمباب والدوات والمناهمج اللزممة لعمليمة السمتيعاب العقائدي هذه وأن تكون‬
‫ساهرة مراقبة دقيقة في إجراء هذه العملية ‪..‬‬
‫أعرف إنسانا تسلق جدار الدعوة بدون جدارة وأصبح داعية قبل الوان ‪ ..‬وكان يشكو ويعانى من علل وأمراض شتى ((أقلها العجب ومنها‬
‫الصلف والفظاظة ‪ ..‬ولما علت منزلته وارتفعت درجته وارتفع معها عجبه وصلفه وفظاظته لم يعد من الممكن السيطرة عليه وضبطه مما‬
‫أدى أخيرا إلى سقوطه وخسارته ‪...‬‬
‫ل له واختصرت به مراحل‬
‫وأعرف غيره ساعدت الدعوة على قتله حين دفعته في طريق وعر قبل أن تعده لسلوكه ورشحته لمر لم يكن أه ً‬
‫قبل الوان فلنتصور كيف كانت النتيجة ؟؟‬
‫فعملية التصنيع إن لم تأخذ مداها الكافي وتتوفر لها كافة الحتياجات كانت عملية فاشلة وأدت إلى بروز صناعات مشوهة مما يتسبب بكساد‬
‫البضاعة والساءة إلى سمعة المصنع وبالتالي إلى فشله وانهياره ؟؟‬
‫وك ما أن ال صناعات المد ية الح سية ل تظ هر حقيقتها ومدى جودتها إل ع ند التجر بة كذلك الحال مع الدعاة والعامل ين ف قد ل تظهر معادن هم‬
‫وتتضمح مؤهلهمم وجداراتهمم إل حيمن وضعهمم على المحمك وممن خلل التجربمة وهذا يفرض وضعهمم على المحمك وتجربهمم قبمل تقليدهمم‬
‫المسئوليات لتكون تجربتهم على حسابهم وليس على حساب الدعوة ‪..‬‬
‫ثم أن التغاضي عن علة في فرد واحد ستدفع إلى التغاضي عن هذه العلة أ غيرها في الصف كله وبذلك يصبح الصف بل ضابط ‪..‬‬
‫صمحيح أن الناس يتفاوتون فمي قدرات الحممل واللتزام ولكمن هذا ل يجوز أن يدفمع إلى التسماهل فمي القواعمد والسمس التمي تقوم عليهما‬
‫الشخصية السلمية ‪ ..‬فمعالم الشخصية يجب أن تكون واحدة لنها إن لم تكن كذلك ستؤدى إلى بروز شخصية غير إسلمية ‪...‬‬
‫إن الستيعاب التربوي يجب أن يكون قويا متينا قائما على إدراك سليم لحكام الشريعة ومعالم الحلل والحرام ومن ثم التزام بذلك كله ‪..‬‬
‫والستيعاب التربوي يجب أن يكون دائما غير محكوم بمرحلة أو ظرف فل يجوز أن يكون قائما عند المبتدئين متعطلً عند المتقدمين ذلك أن‬
‫المتقدمين أخطر في انحرافهم على الدعوة والصف من المبتدئين كما أن أسباب النحراف تكون عندهم أكثر وأوفر ‪..‬؟؟‬
‫وال ستيعاب التربوي ي جب أن يل حظ المتغيرات الحيات ية والمرا حل الطبيع ية وال ستثنائية ال تي ي مر ب ها الفراد فل يكون الن مط وا حد للكبار‬
‫والصغار للمتزوجين وغير المتزوجين للطلب والعمال لمحدودي الثقافة وأصحاب الختصاصات والخريجين ‪..‬‬
‫فالستيعاب التربوي الذي يحتاجه طبيب متخرج غير الذي يحتاجه طالب ثانوي أو صاحب مهنة ‪.‬‬
‫والستيعاب التربوي يجب أن يغطى المساحة التربوية كلها فل يكون فكريا فحسب أو روحيا فقط ((وإنما يسد كافة الحتياجات الفطرية لدى‬
‫النسان ‪..‬‬
‫وال ستيعاب التربوي ي جب أن يكون موزونا محكما بمقاي يس الشرع آخذا بعزائ مه ورخ صه ول يس ول يد انفعالت وتحكمات شخ صية لن من‬
‫شأن ذلك أن يجعل الدعوة الواحدة دعوات والحركة حركات كما من شأنه أن يمزق الصفوف كما حصل في العديد من القطار والتنظيمات ‪..‬‬
‫والحقيقة أن أكثر ما تعانى منه الحركة السلمية من مشكلت وانقسامات ومن تساقط للفراد خلل السير والعمل ومن بروز ظواهر مرضية‬
‫في هذا الجانب أو ذاك سببه الساسي وال صيل عدم نجاحها في الستيعاب التربوي وإخفاقها في تكو ين الشخ صية السلمية وإيجاد الفرد‬
‫المسلم وفق المواصفات التي وردت في كتاب ال تعالى وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فلننظر إلى سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم في تكوين الشخصية السلمية وإيجاد الفرد المسلم لما لهذا الجانب من أهمية بالغة ومن‬
‫أثر جذري على سائر الجوانب ‪..‬‬

‫سنة الرسول صلى ال عليه وسلم في تكوين المسلم‬


‫لقد نهجت السنة النبوية الشريفة نهجا فريدا في تكوين الفرد بما يتناسب مع كمال المنهج السلمي والفطرة التي فطر ال الناس عليها ‪..‬‬
‫فلم يكن المنهج النبوي في تكوين الفرد ذا طابع روحي بحت يسقط من حسابه لحاجات المادية العضوية كما لم يكن منهجا ماديا محضا شأن‬
‫المناهج الوضعية والفلسفات المادية ‪..‬‬
‫ف سنة الر سول صلى ال عل يه و سلم نظرت إلى الن سان وعامل ته كإن سان متكا مل الميول والنوازع والحاجات ‪ ..‬ف هي لم تتعا مل م عه كملك‬
‫كما أنها لم تعتبره حيوانا كبقية الحيوانات ليس إل ‪..‬‬
‫قواعد أساسية من السنة ‪:‬‬
‫فيما يلي سنعرض لعدد من القواعد التي بينتها السنة النبوية الشريفة في نطاق التكوين والتي من شأنها بناء الفرد بناء سليما ل تفريط فيه‬
‫ول إفراط ‪..‬‬
‫‪ -1‬تغليب اليجابية على السلبية‬
‫فقد كانت سنة ر سول ال صلى ال عل يه وسلم حربا على السلبية والجمود والتقوقع والرهبان ية من أول يوم ‪ ..‬فدعوة السلم دعوة ح ية‬
‫متصلة بالحياة بكل ما تعنيه كلمة الحياة من معنى ‪..‬‬
‫فهناك فر يق من الم سلمين فهموا ال سلم فهما ضيقا دفع هم إلى تعط يل طا قة الفرد وحيوي ته وإنتا جه بح جة العزف عن الدن يا المبال غة في‬
‫الز هد القبال على ال ‪ ..‬فمن هم من اعتزل المجت مع من هم من تخلى عن الوظي فة بل إن من هم من دف عه غلوه إلى المتناع عن ال صلة في‬
‫المساجد العامة بحجة أنها تابعة لمؤسسة رسمية كوزارة أوقاف أو ما شاكل ذلك ؟؟‬
‫ل عن كو نه ي صطدم اصطداما مباشرا بطبيعة السلم الحرك ية فإنه ي سهل على أعداء السلم اختلل مراكز القوى في بلد‬
‫وهذا النهج فض ً‬
‫المسلمين والحيلولة دون عودة هذه البلد إلى قيام السلم ومنهجه في الحياة ‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض الشواهد النبوية التي ترفض هذه الظاهرة ‪:‬‬
‫‪-‬لقد رؤى أحد المسلمين في عصر النبوة معتزلً الناس يتعبد على رأس جبل فأتى به إلى الرسول صلى ال عليه وسلم فقال له ‪(( :‬ل تفعل‬
‫أنت ول أحد منكم لصبر أحدكم في بعض مواطن السلم خير له من عبادة أحدكم أربعين عاما ))‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول الر سول صلى ال عل يه و سلم ((إن الشيطان ذئب الن سان كذئب الغ نم يأ خذ الشاة القا صية والناح ية فإيا كم والشعاب وعلي كم‬
‫بالجماعة والعامة والمسجد )) رواه أحمد في مسنده ‪.‬‬
‫‪-‬ويقول الرسول صلى ال عليه وسلم ((الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم ))‪.‬‬

‫‪ -2‬تغليب العتدال على التطرف‬


‫وقاعدة أخرى من قوا عد الترب ية والتكو ين في سنة الر سول صلى ال عل يه و سلم وتتم ثل في ال حض على العتدال والن هي عن التطرف‬
‫والغلو ‪..‬‬
‫‪ -‬ف في إطار اللتزام الشخ صي بالسلم يحذر الر سول صلى ال عل يه و سلم من الغلو والتن طع فيقول ‪(( :‬أل هلك المتنطعون ‪ ..‬أل هلك‬
‫المتنطعون )) ويقول ‪ ((:‬إن هذا الدين شديد فأوغلوا فيه برفق))‬
‫‪ -‬وفي إطار الدعوة واجتذاب الناس إلى السلم يقول الرسول ((يسروا ول تعسروا وبشروا ول تنفروا )) وفي ذلك ترجمة صادقة لقوله‬
‫تعالى ‪ {:‬ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك } وقوله { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن }‬
‫‪.‬‬
‫وأو ضح دل يل يم كن أن ي ساق على ن هج اعتدال ال سنة النبو ية الشري فة في تكو ين الفرد ما رواه أ نس بن مالك ر ضى ال ع نه ح يث قال‬
‫(( جاء ثلثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى ال عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى ال عليه وسلم فلما اخبروا كأنهم تقالوها‬
‫وقالوا أين نحن من النبي صلى ال عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم ‪ :‬أما أنا فأصلى الليل أبدا ‪ ..‬وقال الخر‬
‫وأنا أصوم الدهر أبدا ول أفطر ‪ ..‬وقال الخر ‪ :‬وأنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا ‪ ..‬فجاء الرسول صلى ال عليه وسلم إليهم فقال ‪ :‬أنتم‬
‫الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما وال أنى لخشاكم ل وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى‬
‫‪))..‬‬
‫و عن أ بى هريرة ر ضى ال ع نه قال قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ((إن الد ين ي سر ولن يشاد الد ين أ حد إل غل به ف سددوا وقاربوا‬
‫وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة ))رواه البخاري ‪.‬‬

‫‪ -3‬القليل الدائم خير من الكثير المنقطع‬


‫ومن القواعد النبوية كذلك الحض على الستمرارية والديمومة في أعمال البر والخير مهما كانت ضئيلة لنها تكون بذلك أصيلة ومستطاعة‬
‫وفي مقدور النسان القيام بها من غير عناء ‪..‬‬
‫وفمي أكثمر الحيان تكون اللتزامات القاسمية والعمال الكثيرة التمي يقوم بهما النسمان وليدة ردة فعمل مؤقتمة ل تلبمس أن تخمب تضعمف قمد‬
‫تتلشى تدفع بصاحبها في اتجاه معاكس تماما ‪ ..‬كما قد تكن مدخلً من مداخل العجب إلى النفس في ذلك هلكها كذلك ‪..‬‬
‫من هنا كان توجيه النبي يؤكد على الستمرارية في أعمال البر الخير دونما اهتمام بحجم هذه العمال‬
‫بل من هنا كان الحرص على خواتيم العمال ليس على مطالعها ‪.‬‬
‫‪ -‬فعن عائشة رضى ال عنها أن النبي صلى ال عليه سلم دخل عليها عندها امرأة قال ‪ :‬من هذه ؟ قالت ‪ :‬هذه فلنة تذكر من صلتها قال‬
‫‪((:‬مه ‪ ،‬عليكم بما تطيقن فال ل يمل ال حتى تمل ))‪.‬‬
‫‪-‬وعن عبد ال بن عمرو بن العاص رضى ال عنهما قال ‪ :‬قال لي رسول ال ((يا عبد ال ل تكن مثل فلن كان يقوم الليل فترك قيام‬
‫الليل ))متفق عليه ‪.‬‬
‫‪-‬في رواية عن عائشة رضى ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سئل أي العمال أحب إلى ال ؟ قال ‪(( :‬أدومها وإن قل ))‪.‬‬
‫‪-‬وفي رواية ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ((:‬سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب العمال إلى‬
‫ال أدومها وإن قل )) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪-‬وفي رواية (( كان أحب العمال إلى ال عز وجل الذي يدوم عليه صاحبه ))رواه مالك والبخاري ‪ -‬وفي رواية ((القليل الدائم خير من‬
‫الكثير المنقطع ))‪.‬‬

‫‪ -4‬السنة وتغليب الولوية في التكوين‬


‫ومن سنة الرسول صلى ال عليه وسلم في التكوين تغليب الولوية وتقديم الهم على المهم ‪..‬‬
‫فالخلق الكريمة يجب أن تكون محصلة العبادة والعبادة الحسنة يجب أن تأتى نتيجة العقيدة الصحيحة ‪ ..‬وهكذا يجب أن تبنى العمال لي‬
‫قواعد وأصل فق سلم الولويات ‪..‬‬
‫أما التكوين الذي ل يلتزم بسلم الولويات فهو تكوين كيفي مزاجي هش ل يقوم على قواعد راسخة ول ينهض على أسس قوية متينة ولذلك‬
‫يبقى عرضة للتداعي والتساقط وريشة في مهب الريح وهذا هو الفاصل الجذري والفارق الساسي بين الخلق في مفهوم الفلسفات المادية‬
‫المبينة على المصلحة ‪..‬‬
‫من هنا كان النهج النبوي في تكوين الفرد يعتمد على بناء العقيدة أولً وقبل كل شئ ‪ ..‬بل إن هذا النهج جاء ترجمة عملية لسياق التنزيل‬
‫القرآني ومراحله وآفاقه ‪..‬‬
‫فالقرآن الكريم كان يركز بشكل دائم ومستمر على بناء العقيدة طيلة العهد المكي الذي استمر ما يقرب من ثلثة عشر عاما لتكون بعد ذلك‬
‫سائر الفروع الخرى من عبادات و توجيهات تشريعات مبنية على قاعدة عقائدية صلبة وأسس مبدئية راسخة ‪...‬‬
‫ومن خلل استعراضنا لسياق اليات القرآنية التكليفية يبدو ترتيب اليات واضحا وثابتا ومسمرا ‪ ..‬من ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫‪ {-‬والعصر إن النسان لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } العصر ‪. 3-1‬‬
‫‪{ -‬وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } البقرة ‪. 25‬‬
‫‪ { -‬والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } البقرة ‪. 82‬‬
‫‪ { -‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ول خوف عليهم ول هم يحزنون } البقرة ‪. 277‬‬
‫‪ { -‬وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم } المائدة ‪. 9‬‬
‫‪ {-‬وإذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات } المائدة ‪. 93‬‬
‫‪ { -‬ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب لكن البر من آمن بال واليوم الخر والملئكة والكتاب والنبيين آتى المال على حبه‬
‫ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل السائلين وفي الرقاب وأقام الصلة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في‬
‫البأساء والضراء حين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } البقرة ‪. 177‬‬
‫وهكذا تتكاثر اليات مؤكدة ترتيب الولويات التكليفية حسب الهمية ‪..‬‬
‫تأتى بعد ذلك السنة النبوية الشريفة لتترجم هذه القاعدة من خلل السلوك النبوي في الجانب التكويني ‪:‬‬
‫‪-‬قيل لرسول ال صلى ال عليه وسلم أي العمال أفضل ؟ فقال ((العلم بال عز وجل ))‪.‬‬
‫‪-‬روى ‪ :‬أن رجلً جاء رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬علمني من غرائب العلم فقال له ‪ :‬ما صنعت في رأس العلم ؟ فقال وما رأس‬
‫العلم ؟ فقال صلى ال عل يه و سلم ‪ :‬هل عر فت الرب تعالى ؟ قال ‪ :‬ن عم قال ‪ :‬ف ما صنعت في ح قه ؟ قال ‪ :‬ما شاء ال قال صلى ال عل يه‬
‫وسلم هل عرفت الموت ؟ قال ‪ :‬نعم قال ‪ :‬فما أعددت له ؟ قال ‪ :‬ما شاء ال قال النبي صلى ال عليه وسلم اذهب فأحكم ما هنالك ثم تعالى‬
‫نعلمك من غرائب العلم )) رواه أبو نعيم وابن عبد البر ‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل ال فإن قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم وهذا القول ه‬
‫ترجمة عملية لقوله تعالى { إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دن ذلك لمن يشاء } النساء ‪. 116 -48‬‬
‫من كل ذلك يتضح أن عملية التكوين يجب أن ل تكن كيفية غير مبينة على أسس أو مقيدة بمراحل وأوليات لنها إن كانت كذلك فهي مخالفة‬
‫لسنة الرسول صلى ال عليه وسلم ومكتوب عليها الفشل من أول الطريق ‪ ..‬ما مظاهر التشوه في الشخصية السلمية المعاصرة إل إحدى‬
‫نتائج الخلل في اتباع السنة في أولويات التكوين ‪..‬‬

‫‪ -5‬التكوين من خلل القدرة‬


‫وال سنة النبو ية الشري فة ح ضت على أن يكون التكو ين بالقدوة مع تبرة أن ل سان الحال أو قع من ل سان المقال وأن أ ثر الع مل أقوى من أ ثر‬
‫القول وصدق ال تعالى حيث يقول { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون } ويقول { يا أيها الذين آمنوا لم‬
‫تقولوا مال تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون } ‪.‬‬
‫ور سول ال صلى ال عل يه و سلم هو الم ثل العلى وال سوة الح سنة للم سلمين في كل زمان ومكان ول قد كان صلوات ال و سلمة عل يه‬
‫الترجمة العملية للقرآن الكريم وعندما سئلت عائشة رضى ال عنها عن خلق الرسول قالت ‪((:‬كان خلقه القرآن ))‪.‬‬
‫ولقد بين الرسول صلى ال عليه وسلم أثر القدوة في كثير من توجيهاته وأنها دليل المان وثمرته ‪ ..‬وفي ذلك يقول صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪((.‬ليس اليمان بالتمني ول بالتحلي ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل )) رواه الديلمى في مسند الفردوس ‪.‬‬
‫‪(( -‬ما آمن بالقرآن من استحل محارمه )) رواه الترميذى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬ما من عبد يخطب خطبة إل ال عز وجل سائله عنها )) رواه البيهقى ‪.‬‬
‫‪(( -‬مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضئ على الناس وتحرق نفسها)) رواه البزار ‪.‬‬
‫‪ (( -‬كل بنيان وبال على صاحبه إل ما كان هكذا وأشار بكفه وكل علم وبال على صاحبه إل من عمل به )) رواه الطبرانى‬
‫‪(( -‬إن الرجل ل يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواء ويكون لسانه مع قلبه سواء ول يخالف قوله عمله ويأمن جاره بوائقه ))‬
‫رواه الصبهانى ‪.‬‬
‫وأود أن أ سوق ه نا قو ًل لعلى بن أ بى طالب في ف ضل القدوة وأهميت ها يقول على ر ضى ال ع نه ‪ ((:‬من ن صب نف سه للناس إماما فليبدأ‬
‫بتهذيب نفسه قبل تهذيب غيره وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالجلل من معلم الناس ومهذبهم ))‪.‬‬

‫‪ -6‬التكوين الكلى ل الجزئي‬


‫ومن الخصائص التي تمز بها السلوب النبوي في تكوين الفرد النظرة الكلية الشمولية فسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم لم تهتم بجانب‬
‫من جوانب التكوين أو بجانب واحد من جوانب الشخصية السلمية وإنما عنيت بالجوانب كلها وبالشخصية كلها ‪...‬‬
‫ف هي لم ته تم بتنم ية الف كر على ح ساب الروح ‪ ..‬ول بالروح على ح ساب الج سد ‪ ..‬ول بالج سد على ح ساب الروح ‪ ..‬ول بواحدة من هذه‬
‫على حساب غيرها إنما كان اهتمامها كليا وشاملً ومتوازنا من غير تفريط أو إفراط ومن غير جنوح أو انحراف وبدون تطرف أو مبالغة ‪..‬‬
‫أ‪ -‬ففي معرض عناية السنة النبوية بتكوين (العقلية السلمية ) وتنمية القدرات الفكرية لدى الفرد نسوق طائفة من الحاديث الشريفة ‪:‬‬
‫‪ (( -‬من يرد ال به خيرا يفقهه في الدين )) رواه البخاري ومسلم وابن ماجة ‪.‬‬
‫‪((-‬أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع )) رواه الطبرانى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إلى الجنة ‪ -‬الحديث )) رواه الترمذى ‪.‬‬
‫‪ (( -‬ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدى صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى وما استقام دينه حتى يستقيم عمله )) رواه الطبرانى ‪.‬‬
‫‪ (( -‬ما عبد ال بشيء أفضل من فقه في الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولكل شئ عماد وعماد هذا الدين الفقه ))‬
‫رواه البيهقى والدارقطنى ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وفي معرض عناية السنة النبوية بتكوين (النفسية السلمية ) ورياضة القلب والروح نسوق نماذج من الحاديث الشريفة ‪:‬‬
‫‪(( -‬ل تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء ))‪.‬‬
‫‪ ((-‬إن لكل شئ صقالة وصقالة القلوب ذكر ال وما من شئ أنجى من عذاب ال من ذكر ال قالوا ‪ :‬ول الجهاد في سبيل ال ؟ قال ‪ :‬ولو‬
‫أن يضرب بسيفه حتى ينقطع )) رواه البيهقى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬النسان عيناه هاد وأذناه قمع ولسانه ترجمان ويداه جناحان ورجله بريد والقلب منه ملك فإذا طاب الملك طابت جنوده ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬إذا أراد ال بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه ))‬
‫(( من كان له من قلبه واعظ كان عليه من ال حافظ )) مسند الفردوس ‪.‬‬
‫‪ ((-‬روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬روحوا القلوب ساعة فساعة )) رواه أبو داوود ‪.‬‬
‫ج‪ -‬و في معرض عنا ية ال سنة النبو ية بج سد الفرد ليب قى قويا معا فى جلدا قادرا على النهوض بم سئوليات الحياة وواجبات الر سالة وطا عة‬
‫ال نسوق نماذج من الحاديث والتوجيهات النبوية ‪:‬‬
‫‪ ((-‬ما مل آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ل بد فاعلً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ))‬
‫رواه الترميذى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬لكل داء دواء فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذن ال عز وجل )) رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ (( -‬نعم يا عباد ال تداووا فإن ال عز وجل لم يضع داء إل ووضع له شفاء غير داء واحد قالوا ‪ :‬ما هو ؟ قال ‪ :‬الهرم )) رواه أحمد‬
‫والنسائي ‪.‬‬
‫‪(( -‬المؤمن القوى خير وأحب إلى ال من المؤمن الضعيف )) رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪((-‬علموا أولدكم الرماية والسباحة وركوب الخيل ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا )) رواه الطبرانى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬إن لجسدك عليك حقا ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬والذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار والذي يقتحم يقتحم في النار ))رواه البخاري ‪.‬‬

‫‪ -7‬سلمة البيئة وأثرها في التكوين‬


‫و من أ جل نجاح عمل ية التكو ين عمدت ال سنة النبو ية إلى الهتمام ب سلمة البيئة بل جعلت لهذه البيئة دورا أ ساسيا وفعالً في تكو ين الفرد‬
‫المسلم تكوينا سليما ومتكافئا ‪..‬‬
‫أ ‪-‬فالبيت ية (أو العائل ية ) تع تبر المح ضن الول المع نى بعمل ية التكو ين ‪ ..‬والبوان م سئولن ابتداء عن إشا عة الجواء الم ساعدة في هذه‬
‫العملية من خلل التربية النظرية والعملية ومنها كانت التوجيهات النبوية واضحة وفاصلة في تبيان مسئولية البوين ‪:‬‬
‫‪(( -‬يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ))(‬
‫‪(( -‬الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها )) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪(( -‬أدبوا أولدكم وأحسنوا أدبهم )) رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫‪(( -‬علموا أولدكم بامتثال الوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم من النار )) رواه ابن جرير ‪.‬‬
‫‪((-‬أدبوا أولدكم على ثلث خصال ‪ :‬حب نبيكم وحب آل بيته وتلوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرش ال يوم ل ظل إل ظله )) رواه‬
‫الطبرانى ‪.‬‬
‫ب‪ -‬واختيار الصمدقاء والصمحاب عاممل مهمم فمي عمليمة التكويمن والسمنة النبويمة الشريفمة بهمت إلى ذلك وحذرت ممن مخالطمة الشرار‬
‫ومصاحبة المنحرفين فقال عليه والصلة والسلم ‪:‬‬
‫‪ ((-‬المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )) رواه الترمذى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير )) فحامل المسك إما أن يحذيك ((أي يعطيك )) أو تشترى منه أو‬
‫تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا منتنة )) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪ ((-‬المرء مع من أحب وله ما اكتسب )) رواه الترميذى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬إياك وقرين السوء فنك به تعرف )) رواه ابن عساكر ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ولقد حضت السنة النبوية بشدة على ضرورة تنظيف المجتمع من عوامل الفساد درءا للمفاسد ومساعدة للفرد على الستقامة وسلوك‬
‫سبيل الصالحين وتحقيقا لقاعدة (درهم وقاية خير من قنطار علج )‪.‬‬
‫وفيما يلي طائفة من التوجيهات النبوية على هذا الصعيد ‪:‬‬
‫‪(( -‬مثل القائم على حدود ال والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا‬
‫استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا ‪ :‬لو خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا‬
‫على أيديهم جوا جميعا )) رواه البخاري والترميذى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان )) رواه مسلم والترميذى وابن ماجة‬
‫والنسائي ‪.‬‬
‫‪(( -‬إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم ال بعقاب ))رواه النسائي ‪.‬‬
‫‪(( -‬ل تزال ل إله إل ال تنفع من قالها وتصرف عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها ‪ ..‬قيل وما الستخفاف بحقها ؟ قال ‪ :‬يظهر‬
‫العمل بمعاصي ال فل ينكر ول يغير )) رواه الصبهانى ‪.‬‬
‫‪ -8‬أثر الثواب والعقاب في التكوين‬
‫ومن السباب المساعدة في عملية التكوين والمتوافقة مع فطرة النسان وتكوينه الخلقي التأثر بمبدأ الثواب والعقاب جاءت السنة النبوية‬
‫تطبيقا عليا لبدأ (الجزاء) التي حفل بها القرآن الكريم ‪ ..‬وفي مقدمتها قوله تعالى ‪ { :‬ولكم في القصاص حياة يا أولى اللباب لعلك تتقون }‬
‫‪.‬‬
‫ولكن هذا ل يعنى أن يكون التكوين (بالعقوبة) ابتداء وإنا في أعقاب استنفاد كل الوسائط والسباب وعلماء التربية المسلمون يرون أنه ل‬
‫ينب غي للمر بى أن يل جأ إلى العقو بة إل ع ند الضرورة الق صوى وأن ل يل جأ إلى الضرب إل ب عد التهد يد والوع يد وتو سط الشفعاء و في قول‬
‫لبن خلدون ‪ ( :‬من كان رباه العسف والقهر سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحله على‬
‫الكذب والخبث خوفا من انبساط اليدي بالقهر وعلمه المكر والخديعة ولذلك صارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني النسانية التي له ))‪.‬‬
‫ولذلك كان ل بد من اتباع الولويات في التكوين ومراعاة الفوارق النسبية والجذرية بين فرد وآخر‬
‫‪ -‬فيكون التكوين ابتداء بالتوجيه ‪..‬‬
‫‪-‬ثم يكون بالملطفة ‪..‬‬
‫‪ -‬ثم يكون بالشارة والتنبيه ‪..‬‬
‫‪ -‬ثم يكون بالتوبيخ ‪..‬‬
‫‪ -‬ثم يكون بالهجر والمقاطعة ‪..‬‬
‫‪ -‬وأخيرا يكون بالعقوبة الرادعة ‪..‬‬
‫وهاكم طائفة من الحاديث النبوية جاءت في معرض التحذير والعقوبة ‪:‬‬
‫‪(( -‬مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ))‪.‬‬
‫‪ (( -‬أقيموا حدود ال في القريب والبعيد ول تأخذكم في ال لومة لئم )) رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫‪(( -‬لعن ال الخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه))رواه أبو داود ‪.‬‬
‫‪ (( -‬في هذه المة خسف ومسخ وقذف قال رجل من المسلمين ‪ :‬يا رسول ال متى ذلك ؟ ‪:‬إذا ظهرت القيان والمعازف وشرب الخمور ))‬
‫رواه الترمذى ‪.‬‬
‫‪ (( -‬من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ))رواه الترميذى وأبو داود ‪.‬‬
‫‪(( -‬إذا استحلت أمتي خمسا فعليهم الدمار ‪ - 1 :‬إذا ظهر التلعن ‪ -2‬وشربوا الخمور ‪ -3‬ولبسوا الحرير ‪ -4‬واتخذوا القيان ‪ -5‬واكتفي‬
‫الرجال بالرجال والنساء بالنساء )) رواه البيهقى ‪.‬‬
‫‪(( -‬الزنا يورث الفقر )) رواه البيهقى ‪.‬‬
‫‪ ((-‬إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب ال )) رواه الحاكم ‪.‬‬
‫وهكذا تتكاثمر فمي سمنة رسمول ال صملى ال عليمه وسملم أسماليب وأسمباب التربيمة والتكويمن تكاثمر المراض والطباع والعادات والتقاليمد‬
‫والمجتمعات تأكيدا لعظمة السلم وإعجاز وقدرته على تغطية كل الحتياجات ومعالجة كل النفوس في مختلف الزمنة والمكنة وسنة رسول‬
‫ال ثاب تة ماض ية ى هذا ال سبيل ل يضر ها من خالف ها ح تى يأ تي أ مر ال و صدق ال تعالى ح يث يقول ‪ {:‬و ما ين طق عن الهوى أن هو إل‬
‫و حي يو حي } و صدق ر سوله الم صطفي صلى ال عل يه و سلم ح ين يقرر‪((:‬تر كت في كم شيئ ين لن تضلوا بعدي ما تم سكتم به ما كتاب ال‬
‫وسنتي ))‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬الستيعاب الحركي ‪:‬‬


‫والمق صود بال ستيعاب الحر كي قدرة الحر كة على ا ستيعاب أفردا ها والمنتظم ين في ها والمنتم ين إلي ها حركيا ‪ ..‬ك ما أن المق صود م نه كذلك‬
‫استيعاب الحركة وأفرادها للشؤون والصول والقواعد الحركية ‪.‬‬

‫الول ‪ ( :‬ما يعلق باستيعاب الحركة لفرادها )‬


‫استيعاب الحركة لفرادها هو الشرط الول والساسي لنجاحها فكم من حركة تضم اللف من الناس لكن من غير استيعاب له واستفادة من‬
‫طاقاتهم وإمكانياتهم مما يجعلها عديمة الثر محدودة السير بينما وجد في المقابل حركات تضم بضعة عشرات ن الفراد مستوعبين بالكلية‬
‫لحركاتهم ومن حركاتهم أصبحت ذات شأن وأثر وفاعلية في المجتمع ‪..‬‬
‫فما هي الشروط التي تمكن الحركة من استيعاب أفرادها ‪:‬‬
‫الشروط الول ‪ :‬أن تكون قد نجح ابتداء في عملية التكوين ومرحلة التربية لن استيعابها للفراد حركيا يجب أن يسبقه الستيعاب التربوي‬
‫والبناء الحركي يجب أن يسبقه بناء تربوي فإن لم يتحقق ذلك أصبح البناء الحركي عملية غير مضمونه النتائج والعواقب ‪..‬‬
‫الشرط الثانمي ‪ :‬أن تكون الحركمة قمد اكتملت لديهما الطاقات والمكانيات اللزممة لعمليمة السمتيعاب هذه كالقدرات التنظيميمة والتربويمة‬
‫والتخطيطية والفكرية والسياسية الخ ‪..‬‬
‫فالحركة كل حركة تب قى قا صرة ومحدودة وضعي فة ح تى تتمكن ن توف ير الجهزة والبدائل اللز مة ل كل جانب من جوا نب الع مل ‪ ..‬وعند ما‬
‫تتمكن من ذلك تصبح حركة أصيلة قادرة على إنجاز عملية الستيعاب الخارجي والداخلي بنجاح وإتقان ‪..‬‬
‫إن التفسير الصحيح لتعثر الحركة أحيانا وتخبطها كونها ل تزال في طور النمو والبناء ولم تصبح بعد قادرة على القيام بواجباتها والنهوض‬
‫بمسئولياتها على الوجه الكمل ‪..‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن تعي حقيقة أفرادها وأن تعرفهم حق المعرفة هذه المعرفة التي تكشف لها طاقاتهم ميولهم مواطن القوة والضعف عندهم‬
‫والتي من خللها يمكنها أن تصنفهم وأن تعين لهم وتحدد مهماتهم ومسئولياته وأن تضعه في المكان المناسب ‪.‬‬
‫إن حسن توظيف المكانات هو الذي يؤدى إلى الثمار والنماء والعطاء أما إذا كان التوظيف عفويا وكيفيا فإن إنتاجه لن يكون موفورا ول‬
‫مشكورا ‪..‬‬
‫الشرط الرابع ‪ :‬أن تقوم بتجنيد كافة أفرادها في العمل وليس فريقا منهم أو المتفوقين فيهم إن إيجاد عمل معين لكل فرد مهما كان بسيطا‬
‫ومحدودا من شأ نه أن يضا عف النتاج وأن يج نب الحر كة الف تن والمشكلت الناج مة عن العاطل ين الذ ين ل يس ل هم دور ومه مة والذ ين‬
‫يصبحون بؤرة ضعيفة يدخل من خللها البلء إلى الجسد كله ‪...‬‬
‫فالحركة الصيلة الناجحة هي التي تحرك أصغر المكانات فضلً عن أكبرها وتحسن الستفادة من أضعف الفراد إمكانية فضلً عن أقواهم كل‬
‫في مجاله وضمن إمكاناته ‪..‬‬
‫ثم أن الحركة بمسيس الحاجة إلى جميع أنواع وأصناف المكانيات واكتفاؤها بنمط معين من المكانيات يعرضها للفشل والخفاق ‪..‬‬
‫فالذين يخططون قد ل يحسنون التنفيذ أو أن من المستحسن أن ل يتولون ذلك والذين يشتغلون في التربية قد ل يحسنون العمل السياسي أو‬
‫العمل العسكري أو العمل الرياضي أو العمل الجتماعي ‪ ..‬وتوزيع المهمات على المجموعة كلها أفضل بكثير من حصرها في نطاق ضيق‬
‫‪...‬‬
‫إن حصر المهمات والمسئوليات في عدد محدود من الفراد له كثير من النتائج السيئة ويكفي من ذلك أنه يعرض الحركة للنهيار لدى أقل‬
‫محنة أو مكروه يصيب القيادة لنه يحول دون توافر البدائل ويبقى الفراد متفرجين وبدل أن تكسبهم اليام خبرة وتجربة وقدرة على تحمل‬
‫ل وعبئا على‬
‫المسئولية وتجشم الصعاب واقتحام العقبات يصابوا بالبلدة في الحركة والتفكير وباللمبالة واللشعور بالمسئولية ويصبحوا ك ً‬
‫الحركة بدل أن يحملوا أعباءها وأثقالها ‪.‬‬
‫الشرط الخامس ‪ :‬أن تقوم الحركة بتوظيف القدرات بشكل جماعي وليس بشكل فردى إن من أخطر المراض التي تعانى منها الحركة ويعانى‬
‫منه العمل السلمي النزعة الفردية في العمل أو بتعبير آخر قيام العمل على كاهل الفراد ل الجهزة وهذا بالتالي يجعل العمل مرتبطا بالفرد‬
‫متأثرا ب طبيعته مرتهنا لمكانيا ته وطاقا ته محكوما بأفكاره وتورا ته واجتهادا ته م ما يجعله عر ضه وبا ستمرار للتع ثر والتو قف وللنحراف‬
‫والتشوه ك ما يعرض القائم به للغرور والنتفاخ ويجعله في الحر كة في مو قع الملء علي ها والتح كم في ها لشعوره بأ نه على ثغرة ل ي سدها‬
‫غيره وبأنه يقدم أكثر مما يقدم سواه وأن الحركة ل تملك حياله شيئا وأنه ل عوض عنه ول بديل ‪..‬‬

‫الثاني ‪ ( :‬ويتعلق باستيعابها هي الحركي )‬


‫إن الدعوة قيادة وأفرادا بحاجة إلى الستيعاب الحركي ابتداء والقيادة يجب أن تكون معينة بذلك قبل غيرها وفاقد الشيء ل يعطيه ‪..‬‬

‫فما هي الجوانب التي يجب أن تستوعبها الدعوة ويستوعبها الداعية في النطاق الحركي ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الستيعاب الكامل والصحيح للهداف والوسائل ‪...‬‬
‫وكل لبس أو تشوه أو تناقض في الت صور للهداف والوسائل يترتب عل يه خلف بين العاملين وتباين في تقدير المور وخروج عن الخط‬
‫وانحراف عن الهدف ‪..‬‬
‫فمما يترتمب على العتقاد بأن الهدف (تغييري) يختلف جذريا عمما يترتمب عمن كونمه (إصملحي) وتقييمم ودراسمة المور كمل المور أهمهما‬
‫وأبسطها والحكم عليها وتحديد المواقف منها يخلف بين أن ينظر إليها بهذا المنظار أو ذاك ولهذا كان ل بد من حديد واستيعاب ‪..‬‬

‫ثانيا‪ :‬الستيعاب الكامل والصحيح للتنظيم وطبيعته ‪..‬‬


‫فعدم وضوح الشؤون التنظيميمة يؤدى إلى عدم معرفمة الحقوق والواجبات وإلى عدم التعاممل وفمق القواعمد والصمول وإلى التجاوزات‬
‫والفرديات وإلى تصادم الصلحيات وإلى نشوء الحساسيات إلى ما ل نهاية له من النتائج الوخيمة المدمرة ‪..‬‬
‫وليمس المهمم أن يكون هذا السمتيعاب نظرياُ ممن غيمر تطمبيق وتنفيمذ فالتنفيمذ همو الذي يجعمل (حركمة التنظيمم ) فاعلة فتتلشمى الفوضمى‬
‫والتعديات والتجاوزات وما يترتب على ذلك كله ‪...‬‬
‫فإذا عرفت طبيعة وصلحية جهاز من الجهزة أصبح من الخطأ الكبير طرح ما ليس من طبيعته وصلحيته عليه ‪...‬‬
‫وإذا تحددت صلحية فرد أصبح من الخطأ تجاوزها منه أو عدم التزامها من سواه ‪..‬‬
‫أذكر أن منطقة من مناطق العمل كانت تعانى جمودا كبيرا بينما تشهد المناطق الخرى نموا وانتشارا ملحوظين ‪..‬‬
‫وبعد البحث والتدقيق تبين أن الجهاز المشرف على العمل والمسئول عن المنطقة يعانى مشكلة تنظيمية تتمثل في (تجاوزه لصلحياته) فبدل‬
‫أن يكون اهتمامه بشؤون منطقته كان يتجاوز ذلك إلى الهتمام بشؤون العالم السلمي كله فينسى ما هو مسئول عنه ويترك ما هو واقع‬
‫ضمن صلحيته ومهمته لينساق وراء العاطفة السلمية التي تشده بعيدا عما يجب أن يشد إليه ‪..‬‬
‫وأذكر أن مكتبا إداريا تشكل من أفراد لم يسبق لهم أن اطلعوا على النظام الداخلي أو اللوائح التنظيمية للقسام والتي تحدد طبيعة العمل في‬
‫كل مجال من المجالت ‪..‬‬
‫وب عد الب حث والتدق يق تبين أن هؤلء لم يمروا عبر القنوات التنظيم ية المحددة ولم يترقوا في التنظ يم وفقا للقوا عد وال صول إلى تؤهل هم‬
‫لمثل هذه المسئوليات وعندما حصل فراغ قيادي لظرف من الظروف سيقوا إلى الهيجا بدون سلح ‪..‬‬
‫من المعروف أن تنف يذ أ ية مه مة حرك ية ي جب أن ت مر بمرا حل ليتح قق في النها ية التنف يذ على أك مل و جه ولت تم الفائدة المرجوة و من‬
‫الستيعاب التنظيمي مرور هذه المهمة وانتقالها عبر المراحل كلها بشكل جيد أو حسن وحين تتعثر هذه المهمة أو تتوقف في مرحلة من‬
‫المراحل أو ل يكون تنفيذها جيدا في إحدى هذه المراحل تكون النتيجة سيئة وغير جيدة ‪..‬‬
‫أذكر أن لقاء من اللقاءات تقرر فيه إقامة احتفال جماهيري كبير ولقد استغرق اللقاء وقتا طويلً بحثت فيه كافة العناصر التي تضمن نجاح‬
‫الحتفال الخطباء مكان الحتفال ترتيبات الستقبال الترتيبات المنية مكبرات الصوت المقاعد بطاقات الدعوة ‪ ...‬الخ ‪..‬‬
‫وبعد أن توزعت العمال وتم التنفيذ وجاء موعد الحتفال كانت المفاجأة مذهلة حيث لم يحضر الخطيب الرئيسي والذي عليه المعول وبعد‬
‫سؤال وجواب تبين أن المكلف بالتصال بالخطباء وتبليغهم لم يعثر على الرجل في بيته فكلف زوجته بذلك على الهاتف دون أن يكلف نفسه‬
‫معاودة التصال به مرة أخرى على القل ودون أن يدرى أنه بهذا التهاون قد عرض ملً كبيرا للفشل والبوار ‪..‬‬
‫وفي احتفال مماثل كانت المفاجئة المذهلة في قلة الحور حيث تبين فيما بعد أن أكداسا من الدعوات الحائطية واليدوية ل تزال في الجوارير‬
‫ولم توزع على الناس ‪..‬‬
‫وأذكر فيما أذكر أن مجموعة من طلبات منح الدراسة كانت قد قدمت من قبل أصحابها إلى أحد المختصين بهذا الشأن وبدل أن يبادر هذا إلى‬
‫إجراء ما يلزم و من ثم تحويل ها إلى من يل يه في هذا الشأن وهكذا ح تى تبلغ المنتهي فقد أل قى ب ها في أ حد الدراج وكا نت النتي جة أن مر‬
‫الوقت وفاتها القطار وضاعت سنة كاملة من عمر أصحابها والذين كانوا ينتظرون وصول القبول دون أن يعلموا أن طلباتهم ل تزال ملقية‬
‫كالمهملت في الجارور ‪..‬‬

‫الثالث ‪ :‬الستيعاب الكامل لطبيعة الصدقاء والعداء ولما يقتضيه ذلك ‪:‬‬
‫إن من الخ طأ الشن يع والخطورة البال غة لي الدعوة وعلى الداع ية الج هل وعدم المعر فة بطبي عة ال صدقاء والعداء وب ما يم يز ال صديق من‬
‫العدو وبأهداف كل منهما ووسائله ومبادئه وأدواته وخططه وتحركاته وسياساته ورجاله قيادة وأفرادا ‪..‬‬
‫فالحركة التي ل تعرف ما يجرى حولها ول تحسن تصنيف الناس من حولها حركة فاشلة مكتوب عليها الخفاق معرضة للتصفية والسحق‬
‫من قبل أعدائها ‪..‬‬
‫أعرف دعاة يحاربون الشيوعييمن وهمم ل يعرفون شيئا عمن الشيوعيمة ‪ ..‬وآخريمن يغازلون القومييمن وهمم ل يفقهون شيئا عمن القوميمة‬
‫وآخرين وآخرين يصادقون أو يعادون ويحاربون أو يهادنون من غير معرفة واستيعاب لحقيقة هؤلء أو أولئك ولساليب هؤلء أو أولئك ‪..‬‬
‫كما أعرف البعض الخر ممن ل يقيمون وزنا لصديق أو عدو ول يكلفون أنفسهم عناء استجلء الفاق أو استكشاف ورصد التحركات من‬
‫حولهم معتبرين ذلك جرأة وإقداما وهو في الحقيقة جهل بطبائع المور واحتياجاتها ونحر للدعوة وتدمير لها ‪..‬‬
‫إن الحر كة ال سلمية تع يش في ع صر تكا ثر ف يه العداء وتعددت وتنو عت أ ساليب الم كر فإن لم ت تبين كريق ها وتتث بت من موا طئ أقدام ها‬
‫وتتوسل بالحيطة والحذر مع العمل والقدام والجرأة فستتعرض للسقوط في منتصف الطريق دون أن تحفظ الظهر أو تبلغ الهدف ‪.‬‬

‫الرابع ‪ :‬الستيعاب الكامل لمختلف جوانب العمل وطبائعها واحتياجاتها ‪:‬‬


‫فالذي يحقق نفاذ الدعوة إلى كافة قطاعات المجتمع استيعاب الدعاة لطبيعة هذه الجوانب وتحديدهم للنهج والسلوب الذي يصلح لكل جانب ‪.‬‬
‫فل بد من درا سة وتحليمل وتفكيمر وابتكار وتجد يد وتنو يع ول بد من ال ستفادة من الظرف والحدث والمنا سبة ‪ ..‬ول بد من المراج عة‬
‫والمحاسبة ونقد الذات واستكشاف العيوب والخطاء ‪..‬‬
‫صحيح أن المبادئ ال تي ي جب أن تع طى وتل قن للجم يع ي جب أن تكون بالنتي جة واحدة ول كن لبلوغ هذه النتي جة الواحدة يحتاج الدعاة إلى‬
‫سلوك سبل مختلفة وإتباع أساليب متعددة ‪..‬‬
‫والداعية الناجح هو الذي يعرف كيف يبدأ ومن أين يبدأ مع ضمان الوصول إلى النتيجة المطلوبة ‪..‬‬
‫والقطاعات المجتمعية أصبح لكل منها في عصرنا هذا خصائص ومعطيات وبالتالي شؤون ومشكلت بعضها خاص وبعضها مشترك فالقطاع‬
‫الطلبي له شؤونه ومشكلته وقضاياه ‪ ..‬والقطاع العمالي له ما يختص به ويميزه ‪ ..‬وكذلك قطاع النساء والخريجين والعلماء والسياسيين‬
‫ورجال العمال وغيرهم ‪ ....‬والمدخل إلى كل قطاع من هذه القطاعات قد يتقارب وقد يتباعد ‪ ،‬أو قد يتقارب في جانب ويتباعد في آخر ‪...‬‬
‫وهذا كله يحتاج من الدعوة و الداعية إلى دراسة وتمحيص واستيعاب كلى لشئون كل قطاع ومشكلته ‪ ،‬ليتحدد بنتيجة ذلك النهج والسلوب‬
‫الذي يحتاجه ويصلح له ‪ ...‬وبغير ذلك يصبح عمل الدعوة خبط عشواء ‪...‬‬
‫أذكر أن موضوع التصنيف هذا طرح في أحد مراكز العمل ‪ ،‬فلم يلق قبولً وتجاوبا من عدد من الدعاة و العاملين ‪ ...‬حيث أصر هؤلء على‬
‫إلغاء القسام وحصر العمل بقسم واحد ‪ ،‬بحجة أن ما يجب إعطاؤه واحد فل داعي للتعدد الذي من شأنه تبديد الطاقات فضلً عما تسببه من‬
‫تصادم للصلحيات ‪.‬‬
‫و النتي جة ستكون عدم تمك ين الدعوة من النفاذ إلى القطاعات المختل فة و من ثم الم ساك ب ها و ال سيطرة علي ها وإن ما الكتفاء بجذب ب عض‬
‫العناصر من هذا القطاع أو ذاك بصفتهم الفردية ‪ ...‬وهذا من شأنه أن يعزل الدعوة و الدعاة عن معترك الصراع ويجعلها عديمة الشأن و‬
‫الفاعلية والثر ‪...‬‬

‫الخامس ‪ :‬عدم الستنكاف شرط للستيعاب ‪:‬‬


‫إن الدعوة حتى تكون مستوعبة للمجتمع ‪ ،‬وأن الدعاة حتى يكونوا مستوعبين للناس ‪ ،‬بحاجة إلى معالجة ظاهرة الستنكاف ‪.‬‬
‫وظاهرة السمتنكاف هذه آخذة فمي التسماع والنتشار فمي محيمط الدعوة وواقمع العامليمن للسملم يوما بعمد يوم ‪ ...‬وفمي بعمض القطار‬
‫السلمية أخذت هذه الظاهرة منحى مخيفا وطابعا خطيرا ‪.‬‬
‫فالستنكاف عن مخالطة الجماهير و التعامل معها بالسلم ودعوتها إليه من شأنه أن يجعل هذه الجماهير عدوة للسلم و الحركة ويجعلها‬
‫مسخرة ضد الدعوة و الدعاة من قبل أعداء السلم ‪.‬‬
‫وال ستنكاف عن الع مل ال سياسي من الدعوة و الدعاة بح جة أن مح يط الع مل ال سياسي فا سد ويف سد من يلج إل يه ‪ ،‬وأن ال سياسة ملعو نة‬
‫ملعون من يمار سها ‪ -‬إلى ما هنالك من أقوال ما أنزل ال ب ها من سلطان ‪ -‬سيجعل سياسة البلد وقياد ته وقرارا ته ب يد أعداء ال سلم ‪،‬‬
‫وموجهة ضد السلم و العاملين له ‪...‬‬
‫واستنكاف الحركة في قطر من القطار عن المشاركة في الجهزة المكونة من تيارات مختلفة لمعالجة مشكلة من المشكلت ‪ ،‬سيجعل تلك‬
‫التيارات هي الحاكمة و الفاعلة وهي المهيمنة حتى على الشارع المسلم ‪ ،‬مسخرة جماهيره لغراضها وأهدافها ‪ ،‬ومحرضة إياه ضد الحركة‬
‫السلمية نفسها ‪...‬‬
‫واستنكاف العاملين عن التوظف في أجهزة الدولة المختلفة ‪ -‬التربوية والعلمية و العسكرية وغيرها ‪ -‬بحجة أن نظامها غير إسلمي ‪،‬‬
‫سميجعل هذه الدولة بكمل أجهزتهما ومؤسمساتها بؤرة لعداء السملم ‪ ،‬ممما يعيمق أو يحول دون تحقيمق أهداف الحركمة القريبمة و البعيدة‬
‫ويجعلها مشلولة مغلولة ‪...‬‬
‫وال ستنكاف عن الختلط بالناس بح جة بعد هم عن ال سلم و سوء أخلق هم وكثرة انحرافات هم من شأ نه أن يز يد المشكلة تعقيدا ‪ ،‬ويو سع‬
‫الهوة بين هؤلء وبين السلم ‪...‬‬
‫وإذا كان الناس مرضى واستنكف الطبيب عن معالجتهم ‪ ،‬فإن هذا المر سوف يستفحل ‪ ،‬وسيقتل الطبيب نفسه فضلً عن المريض ‪.‬‬
‫ثم إنه ما قي مة الدعوة و ما قي مة الدعاة إن كانوا مستنكفين عن خوض عملية التغيير في المجتمع ‪ ...‬وهل يظن هؤلء أن عمل ية التغيير‬
‫يمكن أن تتم من خارج المجتمع وبدون اختراقه و الدخول إليه و التأثير فيه و التعامل معه ؟‪..‬‬
‫إن الدعوة حيال هذا الموضوع أمام خيارين ل ثالث لهما ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن تب قى الدعوة دعوة ل صحابها قا صرة علي هم مهت مة ب هم دون غير هم ‪ ،‬غ ير عابئة بالناس وبهدايت هم ‪ ...‬وع ند ذلك تكون دعوة‬
‫( صالحين ) غير مصلحين ‪ ،‬ودعوة ( صفوة ) ل جماهيرية ‪ ...‬وعليها أن تدرك إن كانت كذلك ‪ ،‬أن نهجها هذا مخالف للسلم ولطبيعة‬
‫الدعوة ‪ ،‬وأن عملها هذا قد ل ينجيها ويعصمها من طغيان الجاهلية وطوفان الفساد ما دامت مستنكفة عن العمل لمواجهته ووقفه أو الحد‬
‫منه ‪...‬‬
‫الثا ني ‪ :‬أن تكون الدعوة للناس كل الناس ‪ -‬المر يض من هم ق بل المعا فى ‪ -‬و المنحرف في هم ق بل الم ستقيم ‪ -‬تح مل الهدا ية إلى الجم يع‬
‫وتحنو على الجميع ‪ ،‬وتريد الخير للجميع ‪ ،‬وتحرص على الستفادة من كل طاقة وتوظيفها في خدمة الدعوة ومعركة السلم ‪...‬‬
‫إن عقائد ية التغي ير ال سلمي يحتاج من الحر كة أن تكون ( صفوية ) قيادة وطلي عة ‪ ،‬ك ما أن الجذر ية التغي ير و الشمول ية يحتاج ها إلى أن‬
‫تكون ( جماهيرية ) كذلك ‪.‬‬
‫أما إن بقيت الحركة تراوح مكانها بعد مرحلة الصطفاء دون أن تخرج بمن اصطفتهم إلى دنيا الناس ‪ ،‬ومن غير أن تدربهم على ذلك ‪ ،‬أو‬
‫تدفعهمم إلى تجربمة ذلك ‪ ،‬أو تقودهمم ممن خلل ذلك فإن مآلهما إلى انعزال ‪ ،‬وإن أثرهما إلى انحسمار ‪ ،‬كمما وأن عناصمرها ( المحنطمة )‬
‫الم ستنكفة عن المخال طة الناس والهتمام بشئون هم وتب نى مشكلت هم ور فع ظلمت هم ستصاب بإدبار ق بل إقبال ‪ ،‬وبتآ كل ب عد تكا مل ‪ ،‬لن ها‬
‫تكون قمد فقدت عنصمر القوة فمي معاركمة ( تصمارع البقاء ) وصمدق ال تعالى حيمث يقول { وإن تتولوا يسمتبدل قوما غيركمم ثمم ل يكونوا‬
‫أمثالكم } ‪.‬‬

‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪5‬‬ ‫الهداء‬
‫‪7‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪9‬‬ ‫الستيعاب في الدعوة و الداعية‬
‫‪9‬‬ ‫ماذا أعنى بالستيعاب ؟‬
‫‪.1‬‬ ‫تفاوت القدرة على الستيعاب‬
‫‪13‬‬ ‫الستيعاب ونجاح الدعوة‬
‫‪13‬‬ ‫الستيعاب الخارجي و الداخلي‬
‫‪15‬‬ ‫‪ -‬الستيعاب الخارجي‬
‫‪16‬‬ ‫أولً ‪ :‬الفقه في دين ال‬
‫‪22‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬القدوة الحسنة‬
‫‪27‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬الصبر‬
‫‪33‬‬ ‫رابعا ‪ :‬الحلم و الرفق‬
‫‪38‬‬ ‫خامسا ‪ :‬التيسير ل التعسير‬
‫‪43‬‬ ‫سادسا ‪ :‬التواضع وخفض الجناح‬
‫‪49‬‬ ‫سابعا ‪ :‬طلقة الوجه وطيب الكلم‬
‫‪55‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬الكرم والنفاق على الناس‬
‫‪62‬‬ ‫تاسعا ‪ :‬خدمة الخرين وقضاء حوائجهم‬
‫‪71‬‬ ‫‪ -‬الستيعاب الداخلي‬
‫‪72‬‬ ‫الستيعاب العقائدي و التربوي‬
‫‪77‬‬ ‫سنة رسول ال في تكوين المسلم‬
‫‪78‬‬ ‫‪ -1‬تغليب اليجابية على السلبية‬
‫‪79‬‬ ‫‪ -2‬تغليب العتدال على التطرف‬
‫‪81‬‬ ‫‪ -3‬القليل الدائم خير من الكثير المنقطع‬
‫‪83‬‬ ‫‪ -4‬السنة وتغليب الولوية في التكوين‬
‫‪86‬‬ ‫‪ -5‬التكوين من خلل القدوة‬
‫‪88‬‬ ‫‪ -6‬التكوين الكلى ل الجزئي‬
‫‪92‬‬ ‫‪ -7‬سلمة البيئة وأثرها في التكوين‬
‫‪95‬‬ ‫‪ -8‬أثر الثواب و العقاب في التكوين‬
‫‪98‬‬ ‫‪ -‬الستيعاب الحركي‬
‫‪98‬‬ ‫الول ‪ :‬ما يتعلق باستيعاب الحركة لفرادها‬
‫‪1.2‬‬ ‫الثاني ‪ :‬وما يتعلق باستيعابها هي الحركي‬
‫‪1.6‬‬ ‫الثالث ‪ :‬الستيعاب الكامل لطبيعة الصدقاء و العداء‬
‫‪1.7‬‬ ‫الرابع ‪ :‬الستيعاب الكامل لمختلف جوانب العمل‬
‫‪1.9‬‬ ‫الخامس ‪ :‬عدم الستنكاف شرط الستيعاب‬

You might also like